(1)الفضيلة االسالمية

آية الله العظمى السيد محمد الشيرازيقدس سره

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم على محمد وآله الطيبين

.الطاهرين

الفصل االول:صراع الفضائل والرذائلالباب االول

الروح والبدن اإلنسان له روح ول++ه ب++دن، واألول مص++در العلم والفض++يلة، والرض+++ا والغض+++ب، والح+++زن والس+++رور، والجبن والش+++جاعة،

والسخاء والبخل... وما إليها... والثاني مصدر اإلدراك والذوق، والسمع والبص++ر، والش++باب

والهرم، والصحة والسقم وما إليها... ولك++ل من ه++ذين اس++تقامة وانح++راف: ف++انحراف الجس++د: المرض، واستقامته: العافية، وانحراف الروح: البخ++ل والجبن...

وما إليها، واستقامته: الكرم والشجاعة.. وما إليها. وكما أن بدن اإلنسان ال يقوم إال بالوقود، من أك++ل وش++رب

وهواء وضوء... ك+++ذلك روح اإلنس+++ان ال تق+++وم، إال بعلم وع+++دل، وم+++روءة

وفضيلة..وكما أن المريض يحتاج إلى الطبيب الجسماني وإال هلك..

كذلك المريض النفسي يحت++اج إلى الط++بيب الروح++اني، وإالهلك.

و)األخالق( إنما وضعت إلصالح الروح، كما إن )الطب( إنم++ا وض++ع إلص++الح الجس++م. فعلين++ا إذا أن ن++زود أنفس++نا ب++الوقود

الخلقي، كما نزود أجسامنا بالوقود البدني.

( مالحظة: أخذنا نص هذا الكتاب من االنترنيت موقع اإلمام الشيرازي قدس سره، والبد ?)1من مطابقته مع األصل المطبوع للتأكد من سالمته وعدم التغيير والحذف والتبديل فيه.

وعلين++ا أن نع++الج أرواحن++ا المريض++ة، كم++ا علين++ا أن نع++الجأجسامنا المريضة.

الفضيلة والرذيلة لكل شيء كمي++ة مح++دودة من الص++الحية، إن تجاوزه++ا ك+ان وباال عليه، مثال: من يكون أكله رغيفا من الخبز، إن تجاوزه إلى رغيفين كان الرغيف الث++اني موجب++ا لفس++اد معدت++ه وربم++ا أودى بحياته، وإن تجاوز الرغيف + في طرف القلة + بأن تناول نص++ف الرغي++ف، أوجب ذل++ك ض++عفا في بدن++ه وربم++ا آل ب++ه األم++ر إلى

المرض... وهكذا.. وهكذا. والروح ليس بدعا من األمور، فلها ميزان خاص وقس++طاس مستقيم، إن تعداه الشخص أوجب ذلك اختالال في توازنه، وخ++ذ مثال: يحتاج الشخص إلى قدر من الش++جاعة لمواجه++ة مص++اعب ال++دهر ومتاعب++ه وت++أمين حيات++ه قب++ال الك++وارث، ف++إن زادت الشجاعة إلى الق++در المعين ك++ان ذل++ك )ته++ورا( ي++وجب اقتح++ام المهالك + بال جدوى + وإن نقصت عن القدر المعين كان )جبن++ا( يوجب الفرار عن المشاكل وفي++ه من المهان++ة والذل++ة والهالك +

أحيانا + ما هو معلوم. إن المته++ور يلقي بنفس++ه في الهلك++ة، والجب++ان يجبن عن

فأرة وهرة.إذا فالفضيلة هي القدر المعين من الشجاعة.

وهكذا قل: بالنسبة إلى الجود، والغيرة، والحب.. وأضرابها. ومن هذا نستنتج إن الفضيلة هي الحد الوس++ط بين الزي++ادة والنقصان وهذان هما الرذيل++ة. وربم++ا يك++ون ق++ول ن++بي األخالق

( إش++ارة1)صلى الله عليه وآله وسلم(: )خير األمور أوس++طها()إلى هذا.

الرذيلة تحجب.. الم++ترف ال++ذي ال ي++زال ي++دور في ترف++ه، مح++روم عن ل++ذة الس++يطرة على النفس. والجب++ان ال++ذي يجبن ح++تى عن خيال++ه، محروم عما للشجاعة من فضيلة وثناء. والبخيل ال++ذي ال يعطي

لفقير درهما، محروم من آثار الجود وفوائد السخاء. وهكذا قل في كل رذيلة.. إنها تحجب عن الفض++ائل فتك++ون النفس بها كالغرفة المظلمة التي حرمت من أشعة الض++ياء، أو

كاألرض القاحلة المحرومة من بهجة الرياض، ونظرة األزهار.

2

يق++ول الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ل++وال إن الش++ياطين يحرم++ون إلى قل++وب ب++ني آدم لنظ++روا إلى ملك++وت

(.2السماوات واألرض() إن الجاه++ل ينظ++ر إلى اله++واء، لكن الع++ارف يعلم إنه++ا مم++ا ركبت والغبي يحسب العطاء سفها، والعاقل يراه جودا وفض++ال، فشياطين المن++ع والبخ++ل واالس++تهتار.. تمن++ع عن إدراك حق++ائق األش++ياء مم++ا خلقه++ا الل++ه في الك++ون من آث++ار المل++ك ولطي++ف الصنع، إنها تحتاج إلى قطع دابر الشياطين ح++تى ي++رى اإلنس++ان

حقائق العالمين.يقول الله تعالى: )والذين جاهدوا فين++ا لنه++دينهم س++بلنا...()

( إن العلم سبيل من سبل الله وال يحصل بمجرده، انه يحت++اج3 إلى جهاده مع الجهل واإليثار بسبيل من سبل الل++ه، وال يحص++ل إال بعد مجاهدة مع النفس األم++ارة بالبخ++ل وق++ل مث++ل ذل+ك في

سائر الصفات. وبهذا نفسر ما يقوله الرسول العظيم )صلى الله عليه وآله

( وهذا4وسلم(: )من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم() ناموس جار في جميع الكون فإن األمور كالحلقات يتب++ع بعض++ها بعضا، فمن عمل بما عرف، بأن جعله في موضع اعتنائ++ه، ازداد شوقا إلى مجهول آخر وحيث عرفه وعمل ب++ه ازداد ش++وقا إلى

مجهول ثالث وهكذا دواليك. كما أن من تمرن على رفع عشرين كيلوا، ازداد ق++وة ح++تى

يتمكن من رفع ثالثين وهكذا. وليست الفضيلة مما تلقي على اإلنسان بمجرد التمني وإال ألصبح كل فرد فاضال يقول الله: )ليس بأمانيكم وال أماني أه++ل

(.5الكتاب من يعمل سوءا يجز به...() بل إنما تحتاج إلى تبصر في األمور، واكتس++اب دائم ودؤوب

في التحصيل. يقول اإلمام )عليه السالم(: )ليس العلم بكثرة التعلم وإنما هو نور يقذفه الل++ه في قلب من يش++اء( لكن ال يقذف++ه اعتباط++ا كما ال ينمي الشجرة واألرض مالحة، والماء أجاج، وإنم++ا يقذف++ه

في قلب من أخلص وجد واجتهد.

3

ويفسر ذلك اإلمام أمير المؤمنين )علي++ه الس++الم(: )إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن

وتجلبب الخوف. فزهر مصباح الهدى في قلبه(.الى أن قال:

... قد خلع س++رابيل الش++هوات، وتخلى عن الهم++وم إال هم++ا واحدا، انفرد به فخرج من صفة العمى ومش++اركة أه++ل اله++وى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى، قد أبص++ر طريقه، وسلك سبيله وعرف مناره، وقط++ع غم++اره واستمس++ك من الع++رى بأوثقه++ا ومن الحب++ال بأمتنه++ا، فه++و من اليقين على

(.6مثل ضوء الشمس() وقال )عليه السالم(: )قد أحيا قلبه وأمات نفس++ه ح++تى دق جليله، ولط+ف غليظ+ه، وب+رق ل+ه الم++ع كث+ير ال+برق، فأب+ان ل+ه الطريق وسلك به السبيل وتدافعته األب++واب إلى ب++اب الس++المة ودار اإلقام+++ة، وثبتت رجاله لطمأنين+++ة بدن+++ه في ق+++رار األمن

(.7والراحة بما استعمل قلبه وأرضى ربه() انه كذلك. فالفاضل في قرار وراح++ة، ي++رى طري++ق العم++ل،

وال تزل قدمه من المزالق.ويقول )عليه السالم( في كالم ثالث:

)هجم بهم العلم على حقيقة البص++يرة وباش++روا روح اليقين واستالنوا ما استوعره الم++ترفون، وأنس++وا بم++ا اس++توحش من++هالجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل األعلى()

8.) ال بأبدان البهائم همتها بطونها، أما جارها الجائع، أما قريبه++ا الطاوي، أما... أما.. فال تش++عر ب++ذلك أب++دا. ب++ل أرواحه++ا معلق++ة

بالمحل األعلى أعلى من ذلك مرات ومرات...دنيا وآخرة

ينس++لخ بعض الن++اس عن ال++دنيا في++ترهب، وينس++لخ بعضالناس عن اآلخرة فيلحد، وكالهما على خطأ.

إن البدن والروح إذا ش++بها بالحص++ان وراكب++ه لم ي++ك بعي++دا، والغاي++ة من ه++ذا الوص++ول إلى دار آخ++رة هي جن++ات عرض++ها السماوات واألرض. وكما أن على الراكب أن يتعاهد أمر فرسه بالعلف والسقي حتى يوصله إلى مقصده، كذلك على اإلنس++ان

4

أن ينظم أمور جسده من أكل وشرب ونوم وراحة ح++تى يكم++لفضائله استعدادا لمقصده.

فأولئك الذين يتكالبون عل+++ى الحط++ام دون اعتن++اء بالناحي++ة الروحية يكون حالهم كراكب أغفل نفسه، واعتن+ى بأم+ر دابت++ه، حت+ى م+ات جوع+++ا وعطش++ا.. وليس قول++ه، إال كم+++ا حكى الل++ه

(.9عنه:)... يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله...() وأولئ++ك ال++ذين تبع++د أعينهم عن الب++دن ويش++تغلون ب++اآلخرة المجردة + في زعمهم + يك++ون ح++الهم ك++الراكب إذا أغف++ل أم++ر دابته واش++تغل بنفس++ه فإن++ه ينقط++ع في الطري++ق وال يص++ل إلى المقصود وفي ذلك يقول النبي )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(:

(.10كالراكب المنبت ال سفرا قطع، وال ظهرا أبقى()++ا من وفي الح++ديث عن الص++ادق )علي++ه الس++الم(:)ليس من

(.11ترك آخرته لدنياه، وليس منا من ترك دنياه آلخرته()الدنيا

عرف أمير المؤمنين )عليه السالم( الدنيا في كلمة وجيزة، فقال: )الدنيا تغر وتضر، وتمر(، فيا له++ا من عب++ارة ليس فوقه++ا

تعريف! وهك++ذا تك++ون ال++دنيا في األغلب: س++ببا للظلم والع++دوان، والتعدي عن الموازين، والجري وراء الشهوات! أما الدنيا ال++تي هي مزرع++ة العلم والعم++ل والفض++يلة والع++دل. فهي ممدوح++ة ومن ل++وازم البش++رية. إن ال++دنيا كالكهرب++اء إن أحس++ن الف++رد استعماله انتف++ع بض++يائه ودفئ++ه ومروحت++ه ومس++جلته وان أس++اء اس++تعماله: أهل++ك نفس++ه وب++دد جمع++ه، أو كالم++اء إن ش++ربه العطشان على قدر ارتوى وانتعش جسمه، وج++رت الحي++اة في عروقه وشرايينه، وإن أغرق نفسه فيه فنصيبه الموت وعاقبت++ه

وبال. وهكذا الدنيا ولذا قال اإلمام زين العاب++دين )علي++ه الس++الم(:

(.12)الدنيا دنياآن: دنيا بالغ، ودنيا ملعونة() وما ورد من األحاديث في مدح الدنيا فإنها ن++اظرة إلى دني++ا البالغ، وما ورد في ذمها فهي ناظرة إلى دني++ا الظلم والع++دوان

والخروج عن المقاييس...فمن األخبار المادحة للدنيا وطلبها:

5

قال رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(:)العب++ادة(.13سبعون جزءا: أفضلها طلب الحالل()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( + بصدد طلبها +: )ملعون(.14من ألقى كله على الناس()

وق++ال اإلم++ام الب++اقر )علي++ه الس++الم(: )من طلب ال++دنيا استعفافا عن الناس وسعيا على أهل++ه وتعطف++ا على ج++اره لقي

(.15الله عز وجل يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر() وق++ال اإلم++ام الص++ادق )علي++ه الس++الم(: )الك++اد على عيال++ه

(.16كالمجاهد في سبيل الله() وق+++ال )علي+++ه الس+++الم(: )إن الل+++ه تب+++ارك وتع+++الى ليحب

(.17االغتراب في طلب الرزق() وقال )عليه السالم(: )ليس من++ا من ت++رك دني++اه آلخرت++ه وال

(.18آخرته لدنياه() وقال )عليه السالم(: )ال تكسلوا في طلب معايش++كم، ف++إن

(.19آباءنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها() وقال رجل له )عليه الس++الم(: )إن++ا لنطلب ال++دنيا ونحب أن نؤتاها فقال )عليه السالم(: تحب أن تصنع بها ماذا؟ قال: أع++ود بها على نفسي وعيالي وأصل بها وأتصدق، وأحج واعتمر فق++ال أبو عبد الله )عليه الس++الم(: ليس ه++ذا طلب ال++دنيا، ه++ذا طلب

(.20اآلخرة() وهك++ذا ي++رى اإلس++الم ال++دنيا المطل++وب منه++ا أعم++ال ال++بر والتعفف من طلب اآلخرة، فإنه ال فرق بين الدنيا وبين اآلخ++رة فكلتاهم++ا مملك++ة مل++ك ق++دير وإل++ه عظيم وإنم++ا قض++اء ال++دنيا واآلخرة في أعمال الشر واإلثم، فه++ذه ال++دنيا ليس++ت من الل++ه، وإنم++ا هي من الش++يطان:)... إنم++ا الخم++ر والميس++ر واألنص++اب

(.21واألزالم رجس من عمل الشيطان...() وقد كان النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( وهو الشخص++ية اإلسالمية العظيمة يعمل تاجرا، وأمير المؤمنين )عليه الس++الم(

يعمل زارعا، وفاطمة، )عليها السالم( تعمل غازلة. وفي الحديث: أن أبا الحسن )عليه السالم( ك+ان يعم+ل في أرض وقد استنقعت قدماه في العرق فقيل ل++ه: )جعلت ف++داك أين الرجال؟ فقال: قد عمل باليد من هو خير مني + في أرض++ه + ومن أبي فقيل: ومن هو؟ فقال: رسول الله )صلى الله علي++ه

6

وآل++ه وس++لم( وأم++ير المؤم++نين وآب++ائي كلهم ك++انوا ق++د عمل++وا بأي+++ديهم وه+++و من عم+++ل النب+++يين والمرس+++لين واألوص+++ياء

(.22والصالحين() ألم ي++زرع آدم )علي++ه الس++الم(؟ ألم يخي++ط إدريس )علي++ه السالم(؟ ألم يتجر نوح )علي++ه الس++الم(؟ ألم يص++نع ال++درع داود

)عليه السالم(؟. وهن++اك أح++اديث كث++يرة ت++ذم ال++دنيا وهي ن++اظرة إلى ال++دنيا

الفاتنة الخادعة، منها: قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو أن ال++دنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة أو ذبابة ما سقى الكافر منه++ا

(.23شربة ماء() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الدنيا ملعون++ة، ملع++ون

(.24ما فيها، إال ما ابتغي به وجه الله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال++دنيا س++جن الم++ؤمن

(.25وجنة الكافر() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أصبح والدنيا أك++بر همه فليس من الله في شيء، وأل++زم الل++ه قلب++ه أرب++ع خص++ال: هما ال ينقطع عنه أبدا وشغال ال يتفرغ من++ه أب++دا، وفق++را ال ين++ال

(.26غناه أبدا، وأمال ال ينال منتهاه أبدا() وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )ي++ا عجب++ا ك++ل العجب

(.27للمصدق بدار الخلود، وهو يسعى لدار الغرور() وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )لت++أتينكم بع++دي دني++ا،

(.28تأكل إيمانكم كما تأكل النار الحطب() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أله++اكم التك++اثر، يق++ول ابن آدم: م++الي م++الي... وه++ل ل++ك من مال++ك إال م++ا تص++دقت

(.29فأبقيت؟ أو أكلت فأفنيت؟ أو لبست فأبليت؟() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أوحى الل++ه تع++الى إلى موس++ى: ال ت++ركنن إلى حب ال++دنيا فلن ت++أتين بكب++يرة هي أش++د

(.30عليك منها() وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )حب ال++دنيا رأس ك++ل

(.31خطيئة()

7

وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )من أح+++++ب دني++اه أض+++ر بآخرته ومن أح+++ب اخرته أضر ب++دنياه، ف++آثروا م++ا يبقى

(.32على ما يفنى() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله لم يخلق خلق++ا

(.33أبغض إليه من الدنيا وإنه لم ينظر إليها منذ خلقها() ومر )صلى الله عليه وآله وسلم( على مزبلة فوقف عليه++ا، وقال: )هلموا إلى الدنيا، وأخذ خرقا قد بليت على تلك المزبلة،

(.34وعظاما قد نخرت، فقال: هذه الدنيا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: الدنيا دار من ال دار ل++ه، ومال من ال مال له، ولها يجمع من ال عق++ل ل++ه، وعليه++ا يع++ادي من ال علم عنده، وعليها يحسد من ال فقه له، وله++ا يس++عى من

(.35ال يقين له() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )لم++ا هب++ط آدم من

(.36الجنة إلى األرض قيل له: إبن للخراب ولد للفناء() وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )لتج++يئن أق++وام ي++وم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى الن++ار( فقي++ل: ي++ا رسول الله، أمص++لين؟ ق++ال: )نعم ك++انوا يصوم+++++ون ويص++لون، ويأخذون هنيئة من اللي+++ل، فإذا عرض لهم م+++ن ال++دنيا ش++يء

(.37وثبوا عليه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )هل منكم من يري++د أن++ه من رغب في ي++ذهب الل++ه عن++ه العمى، ويجعل++ه بص++يرا؟ أال إن الدنيا وطال فيها أمله أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زه++د في الدنيا وقصر أمله فيها أعط++اه الل++ه علم++ا بغ++ير تعلم وه++دى

(.38بغير هداية() وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ف++و الل++ه م++ا الفق++ر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم إن تبسط عليكم الدنيا، كم++ا بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم

(.39كما أهلكتهم() ولقد صدق ما قال++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: فلق++د اخ++تزن بعض من ك++ان ي++دعي خالفت++ه أم++واال ترب++و على كن++وز ق++ارون، ووقعت المنافس++ات العجيب++ة بين أرب++اب األم++وال من المسلمين بما س++ود ص++فحات حي++اة أولئ++ك النف++ر. وق++د ت++وارث أولئ++ك الش++واذ نف++ر من أثري++اء المس++لمين في ه++ذه العص++ور،

8

متنكبين طريقة اإلسالم في األموال والثروة، فتراهم يته++الكون ويتنافس++ون على زه++رة الحي++اة ال++دنيا وال يتورع++ون عن أي++ة معصية، يستغلون ويحتكرون ويستثمرون، وو. ك++ل ذل++ك تكالب++ا على الحط++ام وبه++ذا انحطت نف++وس كث++ير منهم عن الم++وازين اإلسالمية وأخيرا ك++انوا هم الس++بب في إس++تعمار كث++ير من بالد

المسلمين فكريا وماديا. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أكثر م++ا أخ++اف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات األرض، فقيل: ما برك++ات األرض؟

(.40قال: زهرة الدنيا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )دعوا ال++دنيا الهله++ا من

(.41أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه فقد أخذ حتفه وهوال يشعر() وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )س++يأتي ق++وم بع++دي يأكلون أطايب الطعام وأنواعها وينكحون أجمل النساء وألوانه++ا ويلبسون ألين الثياب وألوانها ويركب++ون أق++وى الخي++ل وألوانه++ا، لهم بطون من القليل ال تشبع، وأنفس بالكثير ال تقنع، ع++اكفين على ال++دنيا يغ++دون ويروح++ون إليه++ا، اتخ++ذوها آله++ة دون إلههم، وربا دون ربهم، إلى أمرهم ينتهون وهواهم يلعبون، فعزيمة من محمد بن عب++د الل++ه لمن أدرك ذل++ك الزم++ان: من عقب عقبكم وخلف خلفكم، أبدا ال يس++لم عليهم وال يع++ود مرض++اهم وال يتب++ع جنائزهم وال يوقر كبيرهم ومن فعل ذلك فق++د أع++ان على ه++دم

(.42اإلسالم() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )م++الي ولل++دنيا؟! إنم++ا مثلي ومثله++ا: كمث++ل راكب رفعت ل++ه ش++جرة في ي++وم ص++ائف

(.43فقال تحتها، ثم راح وتركها() وقال )صلى الله عليه وال++ه وس++لم(: )اح++ذروا ال++دنيا، فإنه++ا

(.44أسحر من هاروت وماروت() وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )ح++ق على الل++ه أن ال

(.45يرفع شيئا من الدنيا إال وضعه()إلى غير ذلك من إرشادات. وإرشادات.

فهل ترى المسلمين عملوا بذلك وساروا على الوس++ط؟ إن الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( ال زال يوع++ظ ويج++ر المس++لمين إلى الزه++د كي يتوس++طوا كمن تغلب علي++ه الحمى،

9

فيصف له الطبيب المبردات الكثيرة، كي يعتدل مزاج++ه.. فه++لتوسط المسلمون واعتدلوا؟ كال إال من عصمه الله تعالى.

ا بن++بي اإلس++الم )ص++لى الل++ه وليس التزهيد في ال++دنيا خاص++ عليه وآله وسلم( بل يشاركه في هذا سائر إخوانه، من الرسل.

وأهل بيته الطاهرين. في الحديث: )مر موسى )عليه السالم( برج++ل وه++و يبكي، ورجع وهو يبكي، فقال موس++ى )علي++ه الس++الم(: ي++ا رب عب++دك يبكي من مخافتك؟! فقال تعالى: يا ابن عمران لو ن++زل دماغ++همع عينيه ورفع يديه حتى تسقطا لم أغفر له وهو يحب ال++دنيا()

46.) ويروى عن عيسى بن م++ريم )عليهم++ا الس++الم( ق++ال: )وي++ل لصاحب الدنيا كيف يموت ويتركها! ويأمنه++ا وتغ++ره؟! ويث++ق به++ا وتخذله؟! ويل للمغترين كيف ألزمهم م++ا يكره++ون؟! وف++ارقهم ما يحب++ون؟! وج++اءهم م++ا يوع++دون؟! وي++ل لمن أص++بحت ال++دنيا

(.47همه، والخطايا عمله، كيف يفتضح غدا بذنبه() أما األئم++ة )عليهم الس++الم( وفي مق++دمتهم أم++ير المؤم++نين )عليه السالم( فما أك++ثر كلم++اتهم في التزهي++د في ال++دنيا ومن++ع

الناس من أن يقعوا في حبائلها، مما تؤدي بدنياهم وآخرتهم. قال أمير المؤمنين )عليه السالم( + بعد ما قيل له: صف لنا

الدنيا +: )وما أصف لك من دار من صح فيه++ا س++قم، ومن أمن فيه++ا ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها افتتن، في حاللها

(48الحساب وفي حرامها العقاب!()++ة: م++ا ألين وقال )عليه السالم(: )إنما مثل الدنيا كمثل الحي مسها، وفي جوفها السم الناقع، يحذرها الرجل العاقل، ويه++وي

(.49إليها الصبي الجاهل() وقال )عليه السالم(: )ما أصف من دار أولها عن++اء، وآخره+ا فناء، في حاللها حساب، وفي حرامها عقاب، من استغنى فيه++ا فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها فاتته، ومن قعد عنه++ا

(.50أتته، ومن بصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته() وقال )عليه الس++الم(: )ارفض ال++دنيا ف++إن حب ال++دنيا يعمي ويصم، ويبكم وي++ذل الرق++اب، فت++دارك م++ا بقي من عم++رك، وال

10

تقل غدا وبع++د غ++د! فإنم++ا هل++ك من ك++ان قبل++ك بإق++امتهم على األماني والتس++ويف، ح++تى أت++اهم أم++ر الل++ه بغت++ة وهم غ++افلون، فنقل++وا على أع++وادهم إلى قب++ورهم المظلم++ة الض++يقة، وق++د أس++لمهم األوالد واألهل++ون، ف++انقطع إلى الل++ه بقلب م++نيب من

(.51رفض الدنيا وعزم ليس فيه انكسار وال انخذال() وق++ال )علي++ه الس++الم(: )ال تغ++رنكم الحي++اة ال++دنيا فإنه++ا دار بالبالء محفوفة، وبالفناء معروف++ة، وبالغ++در موص+وفة، فك++ل م++ا فيها إلى زوال، وهي بين أهله++ا دول وس++جال، ال ت++دوم أحواله++ا وال يسلم من شرها نزالها، بينا أهلها منها في رخاء وس+رور، إذا هم منه++ا في بالء وغ++رور، أح++وال مختلف++ة وت++ارات متص++رمة،

العيش فيها مذموم والرخاء فيها ال يدوم. وإنم++ا أهله++ا فيه++ا أغ++راض مس++تهدفة، ت++رميهم بس++هامها،

وتفنيهم بحمامها. واعلموا عباد الله: إنكم وم++ا أنتم في++ه من ه++ذه ال++دنيا على سبيل من قد مضى، ممن كان منكم أطول أعمارا، وأشد منكم بطش+ا، وأعم++ر دي++ارا، وأبع+د آث++ارا، فأص+بحت أص+واتهم هام++دة خامدة من بع++د ط++ول تقلبه++ا، وأجس++ادهم بالي++ة ودي++ارهم على عروش++ها خاوي++ة وأث++ارهم عافي++ة، اس++تبدلوا بالقص++ور المش++يدة والنم++ارق الممه++دة، الص++خور واألحج++ار المس++ندة، في القب++ور الالطئ++ة الملح++دة فمحله++ا مق++ترب وس++اكنها مغ++ترب بين أه++ل عم+++ارة موحش+++ين، وأه+++ل محل+++ة متش+++اغلين، ال يستأنس+++ون ب++العمران، وال يتواص++لون تواص++ل الج++يران واألخ++وان على م++ا

بينهم من قرب الجوار ودنو الدار. وكي+++ف يك+++ون بينهم تواص+++ل وق+++د طحنهم بكلكل+++ه البالء، وأكلتهم الجنادل والثرى وأصبحوا بعد الحياة أمواتا وبعد نض++ارة العيش رفاتا؟ فجمع بهم األحباب وسكنوا تحت التراث وظعن++وا

فليس لهم إياب، هيهات! هيهات. )... كال إنه++ا كلم++ة ه++و قائله++ا ومن ورائهم ب++رزخ إلى ي++وم

(.52يبعثون() فكأن قد صرتم إلى ما ص++اروا إلي++ه من البلى والوح++دة في دار المث++++وى وارتهنتم في ذل++++ك المض++++جع وض++++مكم ذل++++ك المس++تودع وكيف بكم لو عاينتم األمور، وبعثرت القبور وحصل ما في الص++دور وأوق++++فتم للتحص++يل بين ي++دي المل++ك الجلي++ل،

11

فطارت القلوب إلش++فاقها من س++الف ال++++ذنوب، وهتكت عنكم الحجب واألستار وظهرت منكم العيوب واألس++رار؟! هنال+ك )...

(.54(.)53لتجزى كل نفس بما كسبت...() وقال )عليه السالم(: )أوصيكم بتق++وى الل++ه، وال++ترك لل++دنيا التاركة لكم وإن كنتم ال تحبون تركها، المبلية أجس++امكم، وأنتم تري++دون تجدي++دها فإنم++ا مثلكم ومثله++ا: كمث++ل ق++وم في س++فر، سلكوا طريقا وكأنهم قد قطعوه وأفض++وا إلى علم فك++أنهم ق++د بلغوه، وكم عس++ى أن يج++ري المج++رى ح++تى ينتهي إلى الغاي++ة، وكم عسى أن يبقى من له يوم في الدنيا، وطالب حثيث يطلبه حتى يفارقها، فال تجزعوا لبؤس++ها وض++رائها، فإن++ه إلى انقط++اع، وال تفرح++وا بمتاعه++ا ونعمائه++ا فإن++ه إلى زوال، وعجبت لط++الب

(.55الدنيا والموت يطلبه. وغافل وليس بمغفول عنه!!() وقال اإلم++ام زين العاب++دين )علي++ه الس++الم(: )إن ال++دنيا ق++د ارتحلت مدبرة، وإن اآلخ++رة ق++د ارتحلت مقبل++ة، ولك++ل واح++دة منهما بنون، فكونوا من أبناء اآلخرة، وال تكونوا من أبناء ال++دنيا، أال وكونوا من الزاهدين في ال++دنيا الراغ++بين في اآلخ++رة، أال إن الزاه++دين في ال++دنيا: اتخ++ذوا األرض بس++اطا، وال++تراب فراش++ا، والماء طيب++ا، وقرض++وا من ال++دنيا تقريض++ا، أال ومن اش++تاق إلى الجن++ة س++ال عن الش++هوات، ومن أش++فق من الن++ار رج++ع عن

المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات! أال أن لله عب++ادا كمن رأى أه++ل الجن++ة في الجن++ة مخل++دين، وكمن رأى أه++ل الن++ار في الن++ار مع++ذبين، ش++رورهم مأمون++ة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وح++وائجهم خفيف++ة، ص++بروا أياما قليلة، فص++اروا بعق++بى راح++ة طويل+ة، أم++ا اللي++ل فص++افون أق++دامهم، تج++ري دم++وعهم على خ++دودهم، يج++أرون إلى ربهم يسعون في فك++اك رق++ابهم، وأم++ا النه++ار فحلم++اء علم++اء، ب++ررة أتقياء كأنهم القداح ق++د ب++رأهم الخ++وف من العب++ادة، ينظ++ر لهم الناظر فيقول: مرضى، وم++ا ب++القوم من م++رض، أم خولط++وا؟!

(.56فقد خالط القوم أمر عظيم: من ذكر النار وما فيها() وقال )عليه الس++الم(: )م++ا من عم++ل بع++د معرف++ة الل++ه ع++ز وجل، ومعرفة رسوله )صلى الله عليه وآله وس++لم( أفض++ل من بغض الدنيا، وأن لذلك لشعبا كثيرة، وللمعاصي شعبا: فأول م++ا عصي الله به: الكبر معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من

12

الكافرين، ثم الحرص: وهي معص++ية آدم وح++واء حين ق++ال الل++ه عز وجل لهما: )... فكال من حيث شئتما وال تقربا هذه الش++جرة

( فأخذا ما ال حاجة بهم++ا إلي++ه، ف++دخل57فتكونا من الظالمين() ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة، وذلك إن أكثر ما يطلب ابن

(.58آدم ما ال حاجة به إليه) ثم الحسد: وهي معصية ابن آدم، حيث حس++د أخ++اه فقتل++ه، فتش++عب من ذل++ك حب النس++اء، وحب ال++دنيا، وحب الرئاس++ة، وحب الراحة، وحب الكالم، وحب العل++و وال++ثروة، فص++رن س++بع خصال فاجتمعن كلهن في حب ال++دنيا فق++ال األنبي++اء والعلم++اء +

بعد معرفة ذلك +: حب الدنيا رأس كل خطيئة.(.59والدنيا: )دنياآن: دنيا بالغ، ودنيا ملعونة()

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم( لجابر: )ي++ا ج++ابر! ان++ه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغل قلبه عما سواه، يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون الدنيا؟؟ هل هي إال طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها؟؟ يا جابر إن المؤمنين لم يطمئن++وا إلى ال++دنيا ببق++ائهم فيه++ا ولم ي++أمنوا ق++دومهم اآلخ++رة، ي++ا ج++ابر اآلخرة دار قرار وال+دنيا دار فن+اء وزوال ولكن أه+ل ال+دنيا أه+ل غفلة وكان المؤمنون + وهم الفقه++اء +++ أه++ل فك++رة وع++برة، لم يصمهم عن ذكر الله جل اسمه ما س++معوا ب++آذانهم، ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة ب++أعينهم فف++ازوا بث++واب اآلخ++رة

(.60كما فازوا بذلك العلم() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )مثل الدنيا كمث++ل م++اءالبحر كلما ش++رب من++ه العطش++ان ازداد عطش++ا، ح++تى يقتل++ه()

61.) وقال )عليه السالم(: )فيما ناجى الله عز وجل ب++ه موس++ى: يا موسى ال تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من اتخذها أبا وأما، يا موسى لو وكلت++ك إلى نفس++ك لتنظ++ر له++ا إذن لغلب علي++ك حب ال++دنيا وزهرته++ا، ي++ا موس++ى ن++افس في الخ++ير أهل++ه واستبقهم إليه فإن الخير كأسمه! واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه، وال تنظ++ر عين++ك إلى ك++ل مفت++ون به++ا وموك++ل إلى نفس++ه، واعلم إن كل فتنة بدؤها حب الدنيا، وال تغبط أحدا بكثرة المال فإن مع كثرة الم++ال تك++ثر ال++ذنوب ل++واجب الحق++وق وال تغبطن أحدا يرضى الناس عنه حتى تعلم إن الله راض عنه، وال تغبطن

13

مخلوقا بطاعة الناس له ف++إن طاع++ة الن++اس ل++ه واتب++اعهم إي++اه(.62على غير الحق هالك له ولمن تبعه()

و أوحى الله إلى موسى وهارون + لما أرسلهم إلى فرعون +: )ولو شئت أن أزينكما بزينة من الدنيا، يعرف فرع++ون ++ حين يراها + إن مقدرتها تعجز عم+ا أوتيتم++ا لفعلت ولكن أرغب لكم+ا عن ذلك وأزوي ذلك عنكما وكذلك أفع++ل بأولي++ائي إني ألزويهم عن نعيمها كما يزوي الراعي الشفيق غنم++ه عن مواق++ع الهلك++ة وإني ألجنبهم عيش سلوتها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مواقع الغرة، وما ذلك له++وانهم علي ولكن ليس++تكملوا نص++يبهم من كرام++تي س++الما م++وفرا. إنم++ا ي++تزين لي أولي++ائي بال++ذل

(.63والخشوع والخوف والتقوى() وقال اإلم++ام الك++اظم )علي++ه الس+الم(: )ق++ال أب++و ذر رحم++ه الله: ج++زى الل++ه ال++دنيا ع++ني مذم++ة، بع++د رغيفين من الش++عير: أتغدى بأحدهما، وأتعشى ب++اآلخر، وبع++د ش++ملتي الص++وف: اتـزر

(.64بإحداهما، وأتردى باألخرى() وقال لقمان البنه:)يا بني بع دنياك بآخرت++ك تربحهم++ا جميع++ا

وال تبع أخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا(. وقال له: )يا بني إن الدنيا بحر عميق ق++د غ+رق فيه+ا أن++اس كث++ير، فلتكن س++فينتك فيه++ا تق++وى الل++ه ع++ز وج++ل، وحش++وها اإليم++ان، وش++راعها التوك++ل على الل++ه، لعل++ك ن++اج.. وم++ا أراك

(.65ناجيا!!!() وقال أب++و عب++د الل++ه )علي++ه الس++الم(: )ك++ان فيم++ا وع++ظ ب++ه لقمان ابنه: يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك ألوالدهم فلم يب++ق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا ل++ه وإنم++ا أنت عب++د مس++تأجر ق++د أمرت بعمل، ووعدت عليه أجرا فأوف عملك واس+توف أج++رك، وال تكن في ه++ذه ال++دنيا بمنزل++ة ش++اة وقعت في زرع أخض++ر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها، ولكن اجعل ال++دنيا بمنزلة قنطرة على نهر، ج++زت عليه++ا وتركته++ا ولم ترج++ع إليه++ا

(.66آخر الدهر، أخربها وال تعمر فانك لم تؤمر بعمارتها() واعلم إنك ستسأل غدا إذا وقفت بين ي++دي الل++ه ع++ز وج++ل

عن أربع:شبابك فيما ابليته؟

وعمرك فيما أفنيته؟

14

ومالك مما اكتسبته؟وفيما أنفقته؟

فتأهب لذلك! وأعد ل++ه جواب++ا! وال ت++أس على م++ا فات++ك من الدنيا فإن قليل الدنيا ال يدوم بقاؤه وكثيرها ال يؤمن بالؤه فخ++ذ ح++ذرك وج++د في أم++رك واكش++ف الغط++اء عن وجه++ك وتع++رض لمعروف ربك، وجدد المتوبة في قلبك واكمش في فراغك قبلأن يقصد قصدك ويقضي قضاؤك ويح++ال بين+ك وبين م+ا تري+د()

67.) أتريد أكثر من هذا؟ وإن تعجب.. فأعجب من اإلنسان كيف يصم عن جميع هذه الحكم... ويسرع وراء هالكه؟! يجمع ال++دنيا من الغش والخيان++ة.. والرب++ا والغل++ول.. والغص++ب والفج++ور..

والعاقبة: القبر والنهاية: الحساب...العلم والجهل

ق++د يتعلم اإلنس++ان العلم، لكن علم++ه يص++بح وب++اال علي++ه لتجاوزه ح++دود العق+ل والع+رف، فال ي+زال يس+تخرج أش+ياء ++ ال واق+++ع له+++ا ++++ ح+++تى ي+++ورده العلم المط+++اطي إلى الوسوس+++ة

والسفسطة، وهذا هالك للروح والجسد والدنيا واآلخرة. وقد ال يتعلم شيئا فيكون جاهال وهذا كأخيه في المصيبة! إال أن الجاهل ال++ذي يعلم بجهل++ه أه++ون مص++يبة من الجاه++ل ال++ذي يزعم نفسه عالما، وهذا ما يسمى ب+: )الجه++ل الم++ركب( إذ من يعلم أنه جاهل، ربما يطلب العلم ويستمع إلي كالم العلماء، أما من يرى نفسه عالما وهو جاهل فإنه ال يزال يرتطم في جهل++ه، وكلما أراد أحد انتش++اله من هوت++ه اس++تكبر واس++تعال، فيبقى في

الجهل.++ه ق++ال: )إني ال وينقل عن عيسى المسيح )عليه السالم( أن أعجز عن معالجة األكمه واألبرص، وأعجز عن معالجة األحمق( فإن الله سبحانه جعل مفتاح شفاء المرضى في يده، أما شفاء

الحمقى فكان بالطرق العادية وانه مما يعجز عنه المسيح! والعلم في نظ++ر ن++بي اإلس++الم وأوص++يائه )عليهم الس++الم( شيء ح++تى أن++ه ربم++ا ي++دهش اإلنس++ان م++ا ورد في فض++له على لس++ان الرس++ول واألئم++ة )عليهم الس++الم( لكن الحقيق++ة تنفي الدهشة، أليس بالعلم تقوم الدنيا وتعمر اآلخ++رة؟ إذا فمس++توى

العلم رفيع جدا وجدا.

15

والي++ك نب++ذ مم++ا ورد في العلم يق++ول الل++ه تع++الى: )... ه++ل (. انهم ال68يس++توي ال+++ذين يعلم+++ون وال++ذين ال يعلم+++ون...()

يستوون. وقال: )... ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا...( (. وأي خير أعظم. من الحكمة التي هي معرف++ة وض+ع ك+ل69)

شيء في موضعه الالئ++ق ب++ه؟! وق++ال: )وتل++ك األمث++ال نض++ربها ( ض++رب المث++ل ع++ام أم++ا70للن++اس وم++ا يعقله++ا إال الع++المون()

التعقل فه++و خ++اص بأه++ل العلم، إن الجاه++ل يم++ر على الش++يء م++رور الك++رام، أم++ا العاق++ل الع++الم فه++و وح++ده ي++درك المغ++زى

المراد. وق++ال الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )اللهم ارحم خلفائي، قيل: يا رسول الل++ه من خلف++اؤك؟ ق++ال: ال++ذين ي++أتون

( أليس من ي+++روي71من بع+++دي وي+++روون ح+++ديثي وس+++نتي() الحديث خليفة رسول الله؟ وهل خليفت++ه إال من يعلم س++ننه ثم ينشرها بين الناس؟ وهن++اك ح++ديث قال++ه الرس++ول )ص++لى الل++ه عليه وآله وسلم( ألبي ذر الصحابي الجلي++ل بش++أن العلم وربم++ا يس++تغربه من ال خ++برة ل++ه: )أم++ا والعلم ه++و أس++اس االجتم++اع والتمدين، وبه تناط س++عادة اآلخ++رة( فال غراب++ة في++ه وإن ك++انت

األرقام كبيرة جدا وجدا. قال رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( ألبي ذر: )جلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله تعالى من قيام ألف ليلة يصلي في ك++ل ليل++ة أل++ف ركع++ة وأحب إلي++ه من أل++ف غزوة ومن قراءة القرآن كله اثني عش++ر أل++ف م++رة، وخ++ير من عبادة سنة صام نهارها وقام ليلها، ومن خ++رج من بيت++ه ليلتمس بابا من العلم كتب الله عز وج+ل ل+ه بك++ل ق++دم ث+واب ن++بي من

األنبياء وثواب ألف شهيد من شهداء بدر...(.وهنا ينبغي أن نقف قليال ثم نعود إلى الحديث.

إن تراب قدم مبتغي العلم تراب قدم نبي وتراب قدم ألف شهيد من شهداء بدر، فلو أخ++ذنا أن نبي++ا تخطى خط++وة واح++دة في سبيل العلم كان خط++وة ه++ذا الط++الب تعادله++ا وك++ذا خطى ألف شهيد، أليس بالعلم يحفظ تراث األنبياء وبالعلم يحف++ظ م++ا قصده الشهداء من إعالء كلمة الله ورفاه البشر وس++عادته؟ إذا

ليس ذلك غريبا.

16

وكذا األرقام التي ذك++رت للعب++ادات إن العب++ادة ب++دون العلم مثلها مثل ما يصنعه الحيوان انه ال قيمة له، أما ب++العلم فه++و ذو

قيمة كبيرة فالعلم أحب من العبادات الكثيرة. واستطرد الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( في حديث++ه يقول: )... وأعطاه الله بك++ل ح++رف يس++مع أو يكتب مدين++ة في الجنة وطالب العلم يحبه الله وتحبه المالئكة والنبيون، وال يحب العلم إال السعيد وطوبى لطالب العلم والنظر في وج++ه الع++الم خ++ير من عت++ق أل++ف رقب++ة، ومن أحب العلم وجبت ل++ه الجن++ة، ويصبح ويمسي في رضى الله، وال يخرج من الدنيا حتى يشرب من الك++وثر، ويأك++ل من ثم++رة الجن++ة، وال يأك++ل ال++دود جس++ده،

(.72ويكون في الجنة رفيق الخضر )عليه السالم() إن العالم ال++ذي ك++ان لعلم++ه وزن عن++د الل++ه تع++الى ال يأك++ل جسده الدود، أما كل عالم فال، ومن هذا الس++ياق يعلم إن ه++ذه

المثوبات إنما هي لبعض العلماء؛ قال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )أيه++ا الن++اس اعلم++وا أن كمال ال++دين طلب العلم والعم++ل ب++ه أال وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب الم++ال، إن الم++ال مقس++وم مض++مون لكم، ق++د قسمه عادل بينكم وض++منه وس++يفي لكم، والعلم مخ++زون عن++د

( أرأيت حي++ا ب++دون73أهله قد امرتم بطلبه من أهله فاطلبوه() رزق؟ أما الجهال فكثيرون فالرزق مقسوم يطلبه كل أحد حتى ينال حصته أم++ا العلم فه+و خ+اص ال يطلب+ه إال البعض وه+ذا ه+و

الفارق الذي يشير إليه الحديث. وقال )عليه السالم(:)إذا م++ات م++ؤمن وت++رك ورق++ة واح++دة عليها علم كانت تلك الورقة سترا بينه وبين النار، وأعطاه الل++ه

(.74بكل حرف عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات() وما أحوج اإلنسان إلى مدن كثيرة هن++اك ان++ه يص++بح ملك++ا + كما في الحديث + وخدمه وحشمه المالئكة، وهل للملك ارت++واء

من سعة البالد وكثرة المدن؟. وقال اإلمام زين العابدين )عليه الس++الم(: )ل++و يعلم الن++اسما في طلب العلم، لطلبوه ول+و بس+فك المهج وخ+وض اللجج()

75.) وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )عالم ينتفع بعلمه أفضل

(. إن الكلي++ني والص++دوق والش++يخ76من س++بعين أل++ف عاب++د()

17

والمفي++د والمرتض++ى وأض++رابهم ال يقاس++ون بملء ال++دنيا عب++اد، فالعباد ولو كانوا ماليين يذهبون، وال ينتف++ع بهم، أم++ا ه++ؤالء فهم نش+++روا العلم في ماليين وماليين وماليين، فل+++و ك+++ان أح+++دهم

أفضل من سبعين ألف عابد لم يكن ببعيد. وي++روي اإلم++ام الرض++ا )علي++ه الس++الم( عن آبائ++ه )عليهم السالم( عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( أنه قال: )طلب+++ه العلم فريض+++ة على ك+++ل مس+++لم، ف+++اطلبوا العلم في مظان واقتبسوه من أهله، فإن تعلمه ++ لل+ه ++ حس+نة، وطلب++ه عب+ادة، والمذاكرة به تس+بيح، والعم+ل ب+ه جه+اد، وتعليم+ه من ال يعلم+ه++ه مع++الم الحالل والح++رام، صدقة، وبذله ألهله قربة إلى الله ألن ومن++ار س++بيل الجن++ة، والم++ؤنس في الوحش++ة، والص++احب في الغربة والوحدة، والمح++دث في الخل++وة، وال++دليل على الس++راء والضراء والسالح على األعداء، والزين عن++د اإلخالء، يرف++ع الل++ه ب++ه أقوام++ا ويجعلهم في الخ++ير ق++ادة، تقتبس آث++ارهم ويقت++دى بأفع++++الهم وينتهى إلى آرائهم، ت++++رغب المالئك++++ة في خلتهم، وبأجنحتها تمسهم، وفي صالتها تبارك عليهم، ويستغفر لهم ك++ل

رطب ويابس، حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه. إن العلم حي++اة القل++وب من الجه++ل، وض++ياء األبص++ار من الظلمة وقوة األبدان من الض++عف، يبل++غ بالعبي++د من++ازل األخي++ار ومجالس األب++رار وال++درجات العلى في اآلخ++رة واألولى، ال++ذكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الرب ويعبد، وبه توصل األرح++ام ويع++رف الحالل والح++رام، العلم إم++ام، والعم++ل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه األشقياء فط++وبى لمن لم يحرم++ه

(.77الله من حظه) إذا: على اإلنس++ان أن يتعلم ويتعلم.. ح++تى تب++دو ل++ه آف++اق جدي++دة من المعرف++ة، وي++رتقي في م++راقي رفيع++ة من اإلدراك، والعالم بقدر علمه تكون سعة نفس++ه، ورحاب++ة ذهن++ه، فالجاه++ل

مطبق الفؤاد كاألعمى الذي ال يبصر.المعلم والمتعلم

العلم فضيلة، والفضيلة ال تكون فضيلة إال إذا اريد بها ذاتها، أما لو اري++د به++ا غيره++ا ب++أن جعلت قنط++رة إلى ل++ذة ع++ابرة، أو شهوة طارئة أو مال أو جاه.. فهي بالرذيلة أشبه. أليس الج++ود حسنا؟ ومع ذلك فإذا أراد المنفق غير الجود ذاته بأن أراد مدحا

18

أو ش++هرة أو م++ا إليهم++ا إنقلب الج++ود رذيل++ة بعي++دة عن القيماإلنسانية والمثل العالية.

وهكذا العلم، فمن تعلم لتكمل نفسه وليخدم الن++اس أو م++ا أشبه، فهو حقا طلب العلم لذاته ول++ه من الل++ه المثوب++ة، ول++دى الناس ال++ذكر الحس++ن أم++ا ل++و طلب++ه لج++اه أو م++ال، أو م++راء أو مباهاة فيكيل له الناس اإلهان++ة واالزدراء، ويجزي++ه الل++ه الج++زاء

السيء. قال اإلمام الباقر )علي++ه الس++الم(: )من طلب العلم ليب++اهي به العلماء أو يماري ب++ه الس++فهاء، أو يص++رف ب++ه وج++وه الن++اس

(.78فليتبوأ مقعده من الن++ار، إن الرياس++ة ال تص++لح إال ألهله++ا() فالعلم المراد به المباهاة والمماراة، والج++اه، ال يؤه++ل اإلنس++ان للرئاسة، إنه بعكس ذلك يبعد عن هذا المقام فالناس تب++ع لك++ل

متواضع مجامل، ال كل متكبر مباه... وقد قسم اإلم++ام الص++ادق )علي++ه الس+الم( طلب++ة العلم إلى ثالثة أقسام وبين عالئم كل واحد كي ال يغتر الن++اس بمن جع++ل صدره صندوق الكتب وهو فارغ عن بهاء العلم وفضله، ويك++ون حاله حال من حفظ كتاب البخاري فقيل ألحد العلماء: إن فالن++ا حفظ كتاب البخ++اري، ق++ال: ازدادت نس++خة في البل++د! يري++د أن حفظه إياه ليس إال كنسخة مطبوع++ة وم++ا قيم++ة النس++خة: إنه++ا

على أكثر الفروض ثالثة دنانير أو ما يقاربها. قال )عليه السالم(: )طلبة العلم ثالث++ة، ف++اعرفهم بأعي++انهم وص+++فاتهم، ص+++نف يطلب+++ه للجه+++ل والم+++راء، وص+++نف يطلب+++ه

لالستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل. فصاحب الجه++ل والم+راء: م++ؤذ مم++ار متع++رض للمق++ال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم وقد تس++ربل بالخش++وع، وتخلى من ال++ورع، ف++دق الل++ه من ه++ذا خيش++ومه وقط++ع من++ه

حيزومه. وصاحب االستطالة والختل: ذو خب ومل++ق، يس++تطيل على مثل++ه من أش++باهه، ويتواض++ع لألغني++اء من دون++ه، فه++و لحل++وانهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله على ه++ذا خ++بره، وقط++ع من

آثار العلماء أثره.++ك في وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحن برنس++ه وق++ام اللي++ل في حندس++ه، يعم++ل ويخش++ى وجال داعي++ا

19

مش++فقا مقبال على ش++أنه، عارف++ا بأه++ل زمان++ه، مستوحش++ا من أوثق إخوانه، فشد الل++ه من ه++ذا أركان++ه وأعط++اه ي++وم القيام++ة

(.79أمانه() ونتوقف عند هذا الحديث + ال للشرح فشرحه طوي++ل +++ ب++ل ألن نقول:إن من الظري++ف أن الن++اس بط++بيعتهم يعرف++ون ه++ذه األقسام فيعاكسون األولين ويلتفون ح++ول القس++م الث++الث ومن

نظر إلى العلماء في كل زمان رأى صدق ما ذكرناه.وكفى هذا خزيا لألولين ورفعة وسموا للثالث!

ثم إن العلم مهما كان نوع++ه فإن++ه يحت++اج إلى العم++ل بخ++ط مستقيم ال غير، وإال فسرعان ما ي++ذهب العلم وتبقى الحس++رة، مثال: علم الطب والهندسة والرياضيات وم++ا إليه++ا... تحت++اج إلى أعمال مباشرة، وعلم أصول الدين والحكمة والفلسفة ونحوه++ا تحتاج إلى الممارسة والتكرار والعمل بمقتضاها، فالعالم ينبغي

له أن يراعي هذا الجانب المهم من العلم. ق++ال اإلم++ام الص++ادق )علي++ه الس++الم(: )العلم مق++رون إلى العم++ل، من علم عم++ل ومن عم++ل علم، والعلم يهت++ف بالعم++ل

( وكيف ال يرتحل وال يستمد م++ا80فإن أجابه! وإال ارتحل عنه() يقض++ي بق++اءه؟ وق++ال اإلم++ام زين العاب++دين )علي++ه الس++الم(: )ومكتوب في اإلنجيل: ال تطلبوا علم ما ال تعملون ولما تعمل++وا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إال كف++را،

( إن من يعلم أن الشيء الفالني81ولم يزدد من الله إال بعدا()++ه يبتع++د عن الل++ه أك++ثر مم++ا يبتع++د مح++رم ثم ال يب++الي بفعل++ه إن الجاهل، فمن يعرف القانون ثم يخترقه أكثر جرما ممن ال يعلم

بالقانون. وقد اشتد اللوم على ت++ارك العم++ل ح++تى ق++ال رس++ول الل++ه )صلى الله عليه وآله وسلم(: )العلماء رجالن: رج++ل ع++الم أخ++ذ بعلمه فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه فهذا هال++ك، وأن أه++ل الن++ار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندام++ة وحسرة رجل دع++ا عب++دا إلى الل++ه فاس++تجاب ل++ه، وق++++بل من++ه، فأطاع الله، فأدخله الله الجنة، وأدخل الداعي النار بترك علم++ه واتباع++ه الهوى وطول األمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الح++ق،

(.82وطول األمل ينسي اآلخرة()

20

ومم++ا يزي++د العلم به++اء والع++الم س++ؤددا أن يتحلى ب++الحلم والتواضع فالتواضع والحلم يزينان كل ش++يء، والتك++بر والخ++رق يشينان كل شيء، يقول اإلمام الصادق )عليه السالم(: )اطلبوا العلم وتزين++وا مع++ه ب++الحلم والوق+++ار، وتواض++عوا لمن تعلمون++ه العلم، وتواض+++عوا لمن طلبتم من+++ه العلم، وال تكون+++وا علم+++اء

(.83جبارين فيذهب باطلكم بحقكم() وما يجدر اإلشارة إليه: إن العلم ثمين جدا فعلى الع++الم أن يتحرى موضع وضع هذا الجوهر الغالي فكثير من العلوم يسبب الدمار والهالك إذا وضع بين يدي الس++فاكين، وب++العكس يس++بب العمران وال++رقي إذا ب++ذل لمن يري++د خ++ير البش++رية وازدهاره++ا، فمثال علم )ج++راثيم األوبئ++ة( س++بب لنش++ر األم++راض، إذا تعلم++ه أعداء البشرية، وبالعكس هو بذاته سبب لقتل األمراض، ونج++اة

الناس من فتكها، إذا تعلمه الطبيب الشفيق. والى هذه النقطة المهمة يشير النبي الع++++ظيم عيس++ى بن مريم )عليه السالم( كما يرويه اإلم++ام الص++ادق )علي++ه الس++الم( قال: )قام عيسى بن مريم خطيبا في بني إس++رائيل، فق++ال: ي++ا بني إسرائيل! ال تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها وال تمنعوه++ا

(.84أهلها فتظلموهم() واإلسالم يريد الصدق في كل شيء، ويكره االلت++واء والزي++غ والجل هذا يحرم القول بغير العلم ويحرم التجديف بدون دراي++ة ق++ال اإلم++ام الب++اقر )علي++ه الس++الم(: )ح++ق الل++ه على العب++اد أن

( فال يبخل++وا85يقول++وا م++ا يعلم++ون ويقف++وا عن++دما ال يعلم++ون() بالعلم + كي يتسع + وال يسخو بالجهل + كي ال يستشري ض++رره + فإن كل جهل ض++ار وك++ل علم ن++افع، وفي مع++نى ذل++ك م++ا عن ولده اإلمام الصادق )عليه الس++الم( ق++ال:)إن الل++ه تع++الى خص عباده بآيتين من كتابه: أال يقولوا ح++تى يعلم++وا وال ي++ردوا م++ا لم يعلموا فقال: )... ألم يؤخ++ذ عليهم ميث++اق الكت++اب أن ال يقول++وا

( وق++ال )ب++ل ك++ذبوا بم++ا لم يحيط++وا86على الل++ه إال الح++ق...()(.88( )87بعلمه ولما يأتهم تأويله...()

وليس األمر يقف على هذا الحد بل أبع++د من ه++ذا فال يري++د اإلسالم أن يقول الرجل ما يوهم أنه يعلم + والحال أنه ال يعلم + تحفظا على موازين الصدق ومق++اييس االس++تقامة، ق++ال اإلم++ام الص++ادق )علي++ه الس++الم(: )إذا س++ئل الرج++ل منكم عم++ا ال يعلم

21

فليق++ل: ال أدري. وال يق++ل: الل++ه أعلم فيوق++ع في قلب ص++احبه(.89شكا، وإذا قال المسؤول: ال أدري، فال يتهمه السائل()

ليص++فو قلب الط++رفين: ه++ذا ص++ادق في قول++ه، والس++ائلمصدق له.

.541، ص6 + الكافي: ج1.1/44 + جامع السعادات: 2.69 + سورة العنكبوت: آية 3.1/44 + جامع السعادات: 4.123 + سورة النساء: آية 5.1/45 + جامع السعادات: 6.1/46 + جامع السعادات: 7.1/46 + جامع السعادات: 8.56 + سورة الزمر: آية 9

.2/86 + أصول الكافي: 10.2/22 + جامع السعادات: 11.2/21 + جامع السعادات: 2/130 + أصول الكافي: 12.2/21 + جامع السعادات: 13.2/21 + جامع السعادات: 14.2/21 + جامع السعادات: 15.2/22 + جامع السعادات: 16.2/22 + جامع السعادات: 17.2/22 + جامع السعادات: 18.2/22 + جامع السعادات: 19.2/22 + جامع السعادات: 20.90 + سورة المائدة: آية 21.2/22 + جامع السعادات: 22.2/27 + جامع السعادات: 462 + مكارم األخالق: 23.2/27 + جامع السعادات: 462 + مكارم األخالق: 24.2/27 + جامع السعادات: 461 + مكارم األخالق: 25.2/27 + جامع السعادات: 26.2/27 + جامع السعادات: 27.2/27 + جامع السعادات: 28

22

.2/27 + جامع السعادات: 29.2/27 + جامع السعادات: 30.2/27 + جامع السعادات: 2/131 + أصول الكافي: 31.2/27 + جامع السعادات: 32.2/27 + جامع السعادات: 33.2/27 + جامع السعادات: 34.2/28 + جامع السعادات: 35.2/28 + جامع السعادات: 36.2/28 + جامع السعادات: 37.2/28 + جامع السعادات: 38.2/28 + جامع السعادات: 39.2/28 + جامع السعادات: 40.2/28 + جامع السعادات: 41.2/28 + جامع السعادات: 42.2/28 + جامع السعادات: 2/134 + أصول الكافي: 43.2/29 + جامع السعادات: 44.2/29 + جامع السعادات: 45.2/29 + جامع السعادات: 46.2/29 + جامع السعادات: 47.2/29 + جامع السعادات: 48.2/29 + جامع السعادات: 2/136 + أصول الكافي: 49.2/29 + جامع السعادات: 50.2/30 + جامع السعادات: 2/136 + أصول الكافي: 51.100 + سورة المؤمنون: آية 52.22 + سورة الجاثية: آية 53.2/30 + جامع السعادات: 54.2/31 + جامع السعادات: 55.2/32 + جامع السعادات: 2/131 + أصول الكافي: 56.19 + سورة األعراف: آية 57 + )العصيان في اللغة مخالف++ة األم++ر ول++و ك++ان إرش++اديا58

كما يقول الطبيب أمرته فعصاني، واألمر بتجنب الش++جرة ك++ان إرشاديا للبقاء في الجنة كما في سورة ط++ة: )إن ل++ك أال تج++وع

فيها وال تعرى وانك ال تظمأ فيها وال تضحى(.

23

.2/32 + جامع السعادات: 2/130 + أصول الكافي: 59.2/33 + جامع السعادات: 2/132 + أصول الكافي: 60.2/33 + جامع السعادات: 2/136 + أصول الكافي: 61.2/33 + جامع السعادات: 2/135 + أصول الكافي: 62.2/34 + جامع السعادات: 63.2/34 + جامع السعادات: 2/134 + أصول الكافي: 64.2/34 + جامع السعادات: 65 + عمارة المترفين من كل حل وحرام.66.2/34 + جامع السعادات: 2/134 + أصول الكافي: 67.9 + سورة الزمر: آية 68.269 + سورة البقرة: آية 69.43 + سورة العنكبوت: آية 70.1/137 + جامع السعادات: 71.1/137 + جامع السعادات: 72.1/138 + جامع السعادات: 1/31 + أصول الكافي: 73.1/138 + جامع السعادات: 74.1/138 + جامع السعادات: 1/35 + أصول الكافي: 75.1/138 + جامع السعادات: 76.1/139 + جامع السعادات: 1/30 + أصول الكافي: 77.1/140 + جامع السعادات: 1/47 + أصول الكافي: 78.1/140 + جامع السعادات: 79.1/141 + جامع السعادات: 80.1/141 + جامع السعادات: 1/44 + أصول الكافي: 81.1/141 + جامع السعادات: 1/44 + أصول الكافي: 82.1/142 + جامع السعادات: 1/36 + أصول الكافي: 83 1/143 +++ ج++امع الس++عادات: 1/42 +++ أص++ول الك++افي: 84

الهاء..1/143 + جامع السعادات: 1/43 + أصول الكافي: 85.169 + سورة األعراف: آية 86.39 + سورة يونس: آية 87.1/143 + جامع السعادات: 1/43 + أصول الكافي: 88.1/144 + جامع السعادات: 1/43 + أصول الكافي: 89

24

الباب الثاني

الغنى والفقر بين المدح والذم اإلس++الم ال يبغض الغ++نى، وال يحب الفق++ر ب++ذاتهما.. وإنم++ا++ا +++ بعي++د عن المث++ل يبغض ويحب م++ا يقارنهم++ا ف++الغني +++ أكثري اإلسالمية يبخل بمعروفه ويمنع رفده ويؤذي الناس بثروته، إن++ه بما اوتي من ثروة، يزعم أن ل++ه وزن++ا، فيتع++الى ويتك++بر، ويجثم على الدنيا والدرهم، ك+األفعى ف++وق الك++نز. وهك++ذا غ++نى عدم++ه خ++ير من وج++وده، وأي عاق++ل ي++رجح لنفس++ه المث++ل الس++فلى،

ولعامة الناس اإليذاء واإلهانة؟ مما يصاحب الغنى دائما. وهناك الفقر، يصهر في اإلنسان غ++الب الص++فات الذميم++ة: ك++الكبر والنخ++وة والغ++رور... كم++ا يمن++ع اإلنس++ان عن كث++ير من++ه ال ي++ؤذي الموبقات: كالفساد والرياء واالعتالء باإلضافة إلى أن

المجتمع. إن هاتين لما كانت مالزمتين + في األغلب +++ للغ++نى والفق++ر وردت األح+++اديث ب+++ذم الغ++نى وم+++دح الفق+++ر. ال ل+++ذاتهما ب+++ل لعوارض++هما يق++ول الق++رآن الحكيم: )... إن اإلنس++ان ليطغى أن

( فالطغيان عل++ة ذم الغ++نى ال بذات++ه، ب++ل الغ++نى1رآه استغنى() محبوب في نظر اإلسالم بذاته، والفقر مذموم بذات++ه، إذ الغ++نى بنفسه سبب لكل بر وخير، والفقر سبب للحرمان من كثير من

المثوبات. فالصدقة، والض++يافة، وعم++ارة المس++اجد، وبن++اء الم++دارس، والخمس، والزك+++++اة، والص+++++لة، وال+++++بر، وتش+++++ييد المالجئ والمستشفيات، وإعالء شعائر المش+اهد والحج والزي+ارات، وم+ا إليها ال تكون إال بالمال. والفقير محروم من غالبه++ا ول++ذا يق++ول الرسول األعظم )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )نعم الع++ون

(.2على الدين الغنى( وفي الحديث )كاد الفقر إن يكون كفرا() أما حيث ان طبيعة الغ++نى والفق++ر يتالزم++ان +++ في األغلب + صفات ذميمة بالنسبة إلى األول، وخص++ال حس++نة بالنس++بة إلى الث++اني، كم++ا يش++هد ب++ذلك أق++ل نظ++رة إلى المجتمع++ات، ق++ورن

الغنى في كثير من األحاديث بالضعة، والفقر بالرفعة. وهاك جملة من األحاديث التي ترى في كث++ير منه++ا اإللم++اح

إلى ما ذكر:

25

قيل لرسول الله )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )أي أمت++ك(.3أشر؟ قال )صلى الله عليه واله وسلم( األغنياء()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( لبالل: )إل++ق الل++ه فق++يرا(.4وال تلقه غنيا()

وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ي++دخل فق++راء أم++تي(.5الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام()

وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إطلعت على الجن++ة، فرأيت أك++ثر أهله++ا الفق++راء، وإطلعت على الن++ار، ف++رأيت أك++ثر

(.6أهلها األغنياء() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )خ++ير ه++ذه األم++ة

(.7فقراؤها، وأسرعها تصعدا في الجنة ضعفاؤها() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )اللهم أحي++ني مس++كينا

(.8وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن لي حرفتين اثنتين،++ني ومن أبغض++هما فق++د أبغض++ني: الفق++ر فمن أحبهم++ا فق++د أحب

(.9والجهاد() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الفق++ر أزين للمؤم++نين

(.10من العذار الحسن على خد الفرس() وسئل )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( عن الفق++ر؟ فق++ال:

(.11)خزانة من خزائن الله() وسئل ثانيا؟ فقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )كرام++ة

(.12من الله() وسئل ثالثا؟ فقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )ش++يء ال

(.13يعطيه الله إال نبيا مرسال أو مؤمنا كريما على الله() وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن في الجن++ة غرف++ة من ياقوتة حمراء ينظر إليها أهل الجنة، كما ينظ++ر أه++ل األرضإلى نجوم السماء، ال يدخل فيها إال نبي فقير أو م++ؤمن فق++ير()

14.) وقال )عليه الس++الم(: )الن++اس كلهم مش++تاقون إلى الجن++ة،

(.15والجنة مشتاقة إلى الفقراء()(.16وقال )عليه السالم(: )الفقر فخري()

وقال )ص+لى الل+ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )تحف+ة الم+ؤمن في(.17الدنيا الفقر()

26

وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ي++ؤتى بالعب++د ي++وم القيامة، فيعتذر الل++ه تع+الى إلي++ه كم++ا يعت++ذر األخ إلى أخي++ه في الدنيا، فيق++ول: وع++زتي وجاللي، م++ا زويت ال++دنيا عن++ك لهوان++ك علي، ولكن لم++ا أع++ددت ل++ك من الكرام++ة والفض++يلة اخ++رج ي++ا عبدي إلى هذه الصفوف، فمن أطعمك في أو كساك في، يريد ب+ذلك وجهي، فخ++ذ بي++ده فه+و ل++ك، والن+اس يومئ++ذ ق++د ألجمهم الع++رق، فيتخل++ل الص++فوف، وينظ++ر من فع++ل ذل++ك ب++ه ويدخل++ه

(.18الجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أكثروا معرفة الفقراء، واتخذوا عندهم األيادي فإن لهم دولة، وق++الوا: ي++ا رس++ول الل++ه، وما دولتهم؟ قال: إذا كان يوم القيام++ة فقي++ل لهم: انظ++روا إلى من أطعمكم كسرة. أو سقاكم ش++ربة أو كس++اكم ثوب++ا، فخ++ذوا

(.19بيده، ثم امضوا به إلى الجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أخبركم بملوك أهل

( ق++الوا: بلى ي++ا رس++ول الل++ه، ق++ال: )ك++ل ض++عيف20الجن++ة؟() مستضعف، أغبر أشعث ذي طمرين،، ال يؤبه به لو أقس++م على

(.21الله ألبره() ودخل رسول الله )صلى الله عليه وآله وس++لم( على رج++ل فقير، ولم ير له شيئا فقال: )لو قسم نور هذا على أهل األرض

(.22لوسعهم() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إذا أبغض الن++اس فقراءهم، وأظهروا عمارة ال++دنيا، وتك++البوا على جم++ع ال++دراهم والدنانير، رماهم الله بأربع خصال: بالقحط من الزمان، والجورمن السلطان، والجناية من والة الحكام، والشوكة من األع++داء(

(23.) وروي: إنه ما من يوم إال وملك ينادي من تحت الع++رش: ي++ا

ابن آدم قليل يكفيك خير من كثير يطغيك.++ه ق++ال: )بش++دة وروي عن عيسى المسيح )عليه السالم( أن

(.24يدخل الغني الجنة() وقال )عليه السالم(: )إن أحب األس++امي إلي: أن يق++ال: ي++ا

(.25مسكين() وقال لقمان البنه: )ال تحقرن أحدا لخرقان ثيابه، ف++إن رب++ك

وربه واحد(.

27

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إذا كان يوم القيامة أمر ( أين الفقراء؟ فيقوم عن++ق26الله تعالى مناديا ينادي بين يديه)

من الناس كثير فيقول: عبادي فيقولون: لبيك ربنا، فيقول: إني لم أفقركم لهون بكم علي ولكن إنما اخترتكم لمثل هذا الي++وم، تصفـحوا وج++وه الن++اس فمن ص++نع إليكم معروف++ا لم يص++نعه إال

(.27في، فكافوه عني بالجنة() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ل++وال إلح++اح المؤم++نين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيه++ا إلى

(.28حال أضيق منها() وق++ال )علي++ه الس++الم(: )إن فق++راء المؤم++نين يتقلب++ون في ري++اض الجن++ة قب++ل أغني++ائهم ب++أربعين خريف++ا. ثم ق++ال )علي++ه السالم(: سأضرب لك مثل ذلك. إنما مثل ذل++ك مث++ل س++فينتين م++ر بهم++ا على عاش++ر، فنظ++ر في أح++دهما فلم ي++ر فيه++ا ش++يئا، فق++ال: إس++ربوها ونظ++ر في األخ++رى، ف++إذا هي م++وقرة، فق++ال:

(.29احبسوها() وقال )عليه السالم(: )إن الله ج++ل ثن++اؤه ليعت++ذر إلى عب++ده المؤمن المح++وج في ال++دنيا، كم++ا يعت++ذر األخ من أخي++ه فيق++ول: وعزتي وجاللي، ما أحوجتك في الدنيا من ه+ون ك++ان ب+ك علي، ف++أرفع ه++ذا الس++جف ف++انظر إلى م++ا عوض++تك من ال++دنيا ق++ال:

(.30فيرفع فيقول: ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني؟!() وقال )عليه السالم(: )إذا ك++ان ي++وم القيام++ة ق++ام عن++ق من الناس حتى يأتوا باب الجنة، فيض++ربوا ب++اب الجن++ة، فيق++ال لهم: من انتم؟ فيقولون: نحن الفقراء، فيقال لهم: أقبل++وا الحس++اب، فيقولون: ما أعطيتمونا شيئا حتى تحاس++بونا علي++ه فيق++ول الل++ه

(.31عز وجل: صدقوا. ادخلوا الجنة() وقال )عليه السالم( + لبعض أصحابه +: )أما تدخل الس+وق؟ أما ترى الفاكهة تباع والشيء مما تشتهيه؟ فقلت: بلى، فق++ال:

(.32أما إن لك بكل ما تراه فال تقدر على شرائه، حسنة() وق+ال اإلم++ام الك+اظم )علي+ه الس+الم(: )إن الل+ه ع++ز وج+ل يق++ول: اني لم أعن الغ++ني لكرام++ة ب++ه علي ولم أفق++ر الفق++ير له++وان ب++ه علي، وه++و مم++ا ابتليت ب++ه األغني++اء ب++الفقراء ول++وال

(.33الفقراء لم يستوجب األغنياء الجنة()

28

وقال اإلمام الرضا )عليه السالم(: )من لقي فق++يرا مس++لما وسلم عليه خالف سالمه على الغني لقي الله يوم القيامة وه+و

(.34عليه غضبان() ولكن الالزم على الفقير أن يكون صابرا راضيا بقس++م الل++ه تع++الى وال يكس++ل عن التحص++يل. وإال فليس الفق++ر بمج++رده ممدوحا، وإنما مدحه لما يالزمه من رقة القلب وص++فاء ال++روح، والتواضع وما إليها أما إذا كان الفقير ناقما على الله أو جزوع++ا أو يكسل عن الطلب، ويلقي كله على الناس فه+و من مص+داق

ما ورد )الفقر سواد الوجه في الدارين(. ولذا قال رسول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ي++ا معشر الفقراء أعطوا الرضا من قلوبكم تظفروا بثواب فق++ركم

(.35فإن لم تفعلوا فال ثواب لكم() وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن أحب العب++اد إلى

(.36الله الفقير القانع برزقه الراضي عن الله تعالى() وق+ال )ص+لى الل+ه علي+ه وآل+ه وس+لم(: )ال أح+د أفض+ل من

(.37الفقير إذا كان راضيا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يقول الله تعالى + يوم القيامة + أين ص++فوتي من خلقي؟ فيق++ول المالئك++ة: من هم ي++ا ربن++ا؟ فيق++ول: فق++راء المس++لمين الق++انعين بعط++ائي الراض++ين بقدري أدخلوهم الجن++ة في++دخلونها وي++أكلون ويش++ربون والن++اس

(.38في الحساب يترددون() وقال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ط++وبى للمس++اكين

(.39بالصبر، وهم الذين يرون ملكوت السموات واألرض() وقال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )من ج++اع أو احت++اج فكتمه عن الناس، أفشاه إلى الله تعالى، ك++ان حق++ا على الل++ه:

(.40أن يرزقه رزق السنة من الحالل() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن لكل ش++يء مفتاح++ا ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء والص++ابرين وهم جلس++اء

( بمع++نى أنهم ك++الجليس ال++ذي يق++در ح++ق41الله يوم القيامة()قدره.

وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم( +++ لعلي أم++ير المؤم++نين )عليه السالم( +: )يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عن++د خلق++ه، فمن ستره أعطاه الل++ه تع++الى مث++ل أج++ر الص++ائم الق++ائم، ومن

29

أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجت++ه، فلم يفع++ل فق++د قتل++ه!أما أنه ما قتله بسيف وال برمح ولكنه قتله بم++ا نكى من قلب++ه()

42.) وروي: )إن الل+++ه أوحى إلى إس+++ماعيل )علي+++ه الس+++الم(: اطلبني عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، قال: ومن هم؟ ق++ال:

(.43الفقراء الصادقون() وق++ال أم++ير المؤم++نين )علي++ه الس++الم(: )إن لل++ه عقوب++ات بالفقر ومثوبات بالفقر فمن عالمات الفق++ر إذا ك++ان مثوب++ة: أن يحسن عليه خلقه ويطيع به رب++ه، وال يش+كو حال+ه ويش+كر الل+ه تعالى على فقره، ومن عالماته إذا كان عقوب++ة أن يس++وء علي++ه خلق++ه، ويعص++ى رب++ه ب++ترك طاعت++ه ويك++ثر الش++كاية ويتس++خط

(.44بالقضاء()الثروة

يرى اإلسالم المال مال الله، جعل عب++اده مس++تخلفين في++ه،ليمتحنهم أيهم أحسن عمال؟.

وقد جعل سبحانه + حسب حكمت++ه البالغ++ة +++ الم++ال موزع++ا بين الناس توزيعا متفاضال. فمنهم من ال يملك ومنهم من يملك قليال ومنهم من يمل++ك كث++يرا، ذل++ك ليتس++بب النظ++ام ويص++لح المجتم++ع، فل++و ك++ان الك++ل أغني++اء بقيت ك++ثرة من األعم++ال بال عامل، فمن يكنس ومن يغس++ل ومن ي++رحض ومن يس++هر ليل++ه كله لدراهم قليل++ة؟؟ ومن؟ ومن؟ ول++و ك++ان الك++ل فق++راء فمن يجلب الطعام؟ ومن يستورد البضائع؟ ومن يص++در الف++ائض من

األموال؟ ومن؟ ومن؟. وبمثل هذه النسبة تتعطل األعمال لو كان الكل متوسطين، فإن ذلك يوجب وقوف بعض األعمال المتطلب++ة لطائ++ل ال++ثروة وبعض األعمال التي ال يأتيه++ا إال من اش++تدت فاقت++ه وب++أي ح++ال

يقف رحى الكون ودوالب االجتماع عن الدوران.وهكذا جعل الله وهكذا تقتضي الحكمة.

ولكن قد علم الله سبحانه إن هذا التوزيع ينجم عنه أم++رانيسببان انهيار المجتمع:

+ ترف األغنياء.1 + مسكنة الفقراء.2

30

فإن الغني إذا رأى ثروته الطائلة ال ب+د وأن يطغى ويص+رف فاض++ل مال++ه في الله++و واللعب، والخم++ور والفج++ور وأحض++ان

الترف وأعطاف السرف. والفقير إذا لم يحصل على عمل أو م++رض أو عطب ال ب++++د وأن يبقى بال غ++ذاء وكس++اء ومس++كن ومص++ح ومن ج++راء ه++ذين العاملين يتوزع المجتمع إلى طبقتين داني++ة وقاص++ية، ال ب++د وأن ينجم عن ذلك حزازات وشحناء وعداء وبغضاء باإلضافة إلى أن بقاء الفق++ير يكاب++د المس++كنة تع++د وظلم، وإطالق س++راح الغ++ني

يعمل ما يشاء جور وإجحاف بالمجتمع.فما هو العالج؟.

إن الله كان قد عرف األمرين وحل المشكلتين من ي++وم أنخلق العالم. وكيف الحل؟.

انه تعالى + أوال + حرم السرف والترف، والخمور والفج++ور، وصب كل لعنته ونقمت++ه على من يتع++اطى ه++ذه األم++ور، وذل++ك ليس ألجل الفقير والمجتمع فحسب، بل ألجل الغني نفسه، إن ال++ترف والس++رف يوجب++ان التره++ل، والبطال++ة مفت++اح اآلف++ات.. والخمور والفجور توجب++ان األم++راض واألس++قام واألدواء واآلالم، فتحريمه++ا وجع++ل العقوب++ات الص++ادقة لمتعاطيه++ا وقاي++ة للغ++ني

والفقير والمجتمع على حد سواء عن كل انحراف ومرض. و +++ ثاني++ا +++ أوجب للفق++راء والمس++اكين والمص++الح العام++ة حقوق++ا، في أم++وال األغني++اء تتكاف++أ وح++وائجهم، فال يبقى، في

المجتمع فقير وال مصلحة معطلة.وبهذه الخطة الحكيمة، جمع اإلسالم بين:

+ حرية العمل والتجارة وجمع الثروة.1 +++ والمس++ايرة م++ع الرغب++ة األص++لية في النفس من حب2المال. + وحفظ األغنياء من اإلفراط في الترف والترهل.3 +++ وض++مان الطبق++ة الض++عيفة فق++يرا ك++ان أم مريض++ا أم4

عاجزا. + سد فراغ المصالح العامة حتى ال تبقى مصلحة من غير5

رص++يد في++ا له++ا من خط++ة حكيم++ة، وش++ريعة عادل++ة وق++انونعظيم!!!.

الشك واليقين

31

اإليمان بالله أول الفض++ائل وه++ل فض++يلة أرقى من اإليم++ان بالخالق الرازق الحي المميت المعطي الوهاب..؟ لكن النفوس الضعيفة ربما يخالجها الش+ك كاألب++دان الض++عيفة ال++تي تمرض++ها اإلسقام، فعلى الشخص أن يتعاه++د نفس++ه كم++ا يتعاه++د جس++مه كي ال تقع في أحابيل األوهام حتى تنجر إلى الش++ك ثم اإلنك++ار، فإنه من أقبح الرذائل، وهل أقبح من نكران الل++ه العظيم ال++ذي بيده أزمة الخلق واألمور، والى ه++ذا الت++درج: وسوس++ة، فش++ك، فجحود يشير اإلمام أمير المؤمنين )عليه الس++الم( حيث يق++ول:

(.45)ال ترتابوا، فتشكوا، وال تشكوا، فتكفروا() ومن كفر أو شك ال ينفعه عمل++ه، إذ العم++ل بال يقين كالبن++اء من دون أساس وم++تى اس++تقام البن++اء ب++دون األس++اس اس++تقام العمل بدون اليقين، قال اإلمام الباقر )عليه الس++الم(: )ال ينف++ع

( وقال ولده اإلمام الصادق )عليه46مع الشك والجحود عمل()++ا وال إلين++ا() السالم(: )إن الش++ك والمعص++ية في الن++ار، ليس من

( لم يخرج هذان األمران الخبيث++ان، من األئم++ة الطي++بين، وال47يعودان إليهم )... الخبيثات للخبي++ثين... والطيب++ات للطي++بين...()

48.) والثالث ال يرجى منه خير، كيف وقد أوصد باب الخ++ير على نفسه؟ وابتلى بمرض ال يرجى ل++ه ال++برء ق++ال )علي++ه الس++الم(: )من شك في الله تعالى بعد مولده على الفط++رة لم يفيء إلى

( لكن المح++ذور ليس ه++و مج++رد الش++ك إذ ربم++ا49خ++ير أب++دا() يوس++وس الش++يطان في نفس اإلنس++ان بم++ا ال يري++د، وإنم+++ا المحذور البقاء على الشك ولذا قال )عليه الس++الم(: )من ش++ك أو ظن فأقام على أحدهما أحبط الل++ه عمل++ه إن حج++ة الل++ه هي

(.50الحجة الواضحة() وأية حجة أوضح من احتياج هذا الخلق الوسيع العظيم، إلى

خالق ومدبر؟!.ة ف++اليقين وكلم++ا يك++ون الش++ك م++وغال في ال++دناءة والخس++ بعكسه فضيلة ال أفضل منها إذ الفضائل كلها من فروعه، يقول الن++بي العظيم محم++د )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )اليقين

( فالمتيقن ال بد وأن يعم++ل إذ ال يجتم++ع اليقين51اإليمان كله() والعطالة، فهل سمعت بمن يتيقن أن خلفه األسد وال يفر منه؟ أو هل تعلم أحدا علم دواءه ثم أحجم عن ش++ربه؟ كال! ال يك++ون

32

ذل++ك إال في الس++فهاء، والكالم في العاق++ل. إذا ف++اليقين ه++و اإليمان ولو أخذنا أنه لم يعمل بمقتضى اليقين فهو عرض زائل ومثله ال يضر، قال رسول الله )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ما آدمي إال وله ذنوب، ولكن من كانت غريزته العقل وس++جيته اليقين، لم تضره الذنوب، ألنه كلم++ا أذنب ذنب++ا، ن++دم واس++تغفر،

(.52فتكفر ذنوبه، ويبقى له فضل يدخل به الجنة() واليقين باإلضافة إلى ذلك يوجب الهدوء والسكينة إنه يعلم أن مقادير األمور بيد الله تعالى وأنه لو أصابته مصيبة في م++ال أو ولد أو نفس فإنما هي بأمر الله تعالى وس++يجزيه على ذل++ك، فلم يحزن؟ قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن الله تع++الى بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرض++ا، وجع++ل

(.53الهم والحزن في الشك والسخط() لكن ه++ذا اليقين بم++ا ل++ه من فض++ل ليس كث++ير الوج++ود وإن كثرت دعاوي الناس بأنهم اوتوه بل هو قليل وقليل جدا، وقليله أيضا نافع فهو كالماء قليله يمنع الهالك وإن ك++ان كث++يره أفض++ل يروي ويوجب النشاط والحياة، قال النبي )صلى الله عليه وآل++ه وسلم(: )أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر، ومن أوتي حظ++ه

( إن54منهما لم يبال ما فات++ه من ص++يام النه++ار وقي++ام اللي++ل() هذين مس++تحبان ففوتهم++ا غ++ير مض++ر أم++ا ف++وت اليقين فمعن++اه فوت اإليم++ان كل++ه، وليس++ت قل++ة اليقين وعزيم++ة الص++بر لج++ور

القسمة وإنما هي لكون هذين باالكتساب وقل من يطلبهما. وأخيرا فالعم++ل ناش++ئ عن اليقين فكلم++ا ازداد اليقين ازداد العمل وبالعكس فهو كالضوء كلما ازداد، ازداد المضيء، وكيف ال والعمل ناشئ عنه ومن ثمراته؟ قال لقمان البنه: )ي++ا ب++ني ال يستطاع العمل إال باليقين، وال يعمل الم++رء إال بق++در يقين++ه، وال يقصر عام++ل إال ح++تى ينقص يقين++ه( وم++ع ذل++ك فالعم++ل القلي++ل باليقين أفضل من العمل الكثير م++ع الش++ك إذ العم++ل ال يق++اس حجم++ه وإنم+ا يق++اس روح+ه، ف++األول كالم++اس والث+اني ك+الحجر وقليل من الماس خير من كثير من الحجر، قال اإلمام الص++ادق )عليه السالم(: )إن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند

(.55الله تعالى، من العمل الكثير على غير يقين()اللسان

33

لس++انك ال تب++دي ب++ه س++وأة ام++رئ فك+++++لك س++وآتولل+++ناس ألسن

وفي الحقيقة إن اللسان عضو عجيب يفس++د ويص++لح، ف++إذا أفسد لم يقم شيء بإصالح ما فسد، وإذا أصلح لم يق++در ش++يء

على إفساد ما صلح. وعلى اإلنس++ان أن يخ++زن لس++انه كم++ا يخ++زن ج++وهره ب++ل أك++ثر... ف++إن الج++وهر ال ين++اط ب++ه ع++ز اإلنس++ان وس++عادته بينم++ا

اللسان يعز ويذل ويسعد ويشقي. ومن اللسان يأتي كثير من الخيرات.، كم++ا ي++أتي من++ه كث++ير من الش+++رور فالهداي+++ة واإلرش+++اد واإلص+++الح والتعلم، وال+++ذكر والتسبيح واألم++ر ب++الخير والنهي عن الش++ر... وغيره++ا كله++ا من ثم++رات اللس++ان، كم++ا أن اإلض++الل والكف++ر واإلفس++اد والس++ب

والغيبة والنميمة والكذب والقذف وغيرها من آفات اللسان. وكثير من آف+ات اللس+ان متف+رق في غض+ون ه+ذا الكت+اب. والمقص++ود هن++ا ذك++ر رذيل++تين من رذائل++ه: التكلم بالفض++ول والخوض في الباطل، فهما من أضرار اللس++ان ويفس++دان على

المرء دنياه وأخراه. ق++ال رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )أعظم

(.56الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل() وبهذا يجيب أهل النار حين يسألون: )ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض

( ان++ه في ع++داد ت++رك57مع الخائضين وكنا نكذب بيوم ال++دين()الصالة والزكاة والتكذيب بالمعاد!

وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن الرج++ل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ م++ا بلغت، فيكتب الل++ه بها رض++وانه إلى ي++وم القيام++ة، وإن الرج++ل ليتكلم بالكلم++ة من س++خط الل++ه م++ا يظن أن تبل++غ م++ا بلغت، فيكتب الل++ه علي++ه به++ا

(.58سخطه إلى يوم القيامة() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )من حس++ن إس++الم

(59المرء تركه ما ال يعنيه() وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ط++وبى لمن أمس++ك

( أشار إلى ذل++ك60الفضل من لسانه وأنفق الفضل من ماله()بعض الحكماء حيث يقول:

34

++ه، وف++ك كفـه، ووي++ل لمن ك++ف كفـه، ط++وبى لمن ك++ف فكوفك فكه

وروي: إنه استشهد يوم أحد غالم من أصحاب النبي )ص++لى الله عليه وآله وسلم( ووجد على بطنه حجر مربوط من الج++وع فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت: هنيئا لك الجنة ي++ا ب++ني! فقال النبي )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )وم++ا ي++دريك؟ لعل++ه

(.61كان يتكلم فيما ال يعنيه، ويمنع ما ال يضره!() ويروى أن رسول الله )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( ق++ال لبعض أصحابه + وهو م++ريض –: )أبش++ر فق++الت أم++ه: هنيئ++ا ل++ك الجنة، فقال رسول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: وم++ا

(. ف++إن الجن++ة62يدريك؟ لعله قال ما ال يعنيه أو منع ما يعني++ه()اليتهنأ بها إال من ال يحاسب بما كلمه مما ال يعنيه.

وروي ان++ه تكلم رج++ل عن++د الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وسلم( فأكثر، فقال له النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كم دون لسانك من حجاب؟ فقال: شفتاي وأسناني، فق++ال )ص++لىالله عليه وآله وسلم(: أفما ك++ان في ذل++ك م++ا ي++رد كالم++ك؟!()

63.) وروي أن رجال أث++نى على الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وسلم( فاستهتر في الكالم، فق++ال ل++ه الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )كم دون لس++انك من حج++اب؟ فق++ال: ش++فتاي وأسناني. فقال: أفما كان في ذلك ما يرد كالمك؟! ثم قال: م++ا

(.64أوتي رجل شرا من فضل في لسانه() وروي أنه قدم رهط من بني عامر على رسول الله )ص++لى الله علي++ه وآل++ه وس++لم( فش++رعوا بالم++دح والثن++اء علي++ه، فق++ال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )قول++وا ق++ولكم، وال يس++تهوينكم

(.65الشيطان() وروي أنه )صلى الله عليه وآله وسلم( ق++ال ذات ي++وم: )إن أول من يدخل من هذا الباب رجل من أه++ل الجن++ة، فلم++ا دخ++ل هذا الرجل قالوا له: أخبرنا بأوثق عملك في نفس++ك ترج++و ب++ه؟ فقال: إني رجل ضعيف العمل، وأوثق ما أرجو الل++ه ب++ه س++المة

(.66الصدر وترك ما ال يعنيني() وق++د جم++ع الن++بي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( ألبي ذر

مفاتيح أبواب الخير في كلمات قصار

35

قال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( ل++ه: )أال أعلم++ك بعم++ل خفيف على البدن ثقيل في الميزان؟ قال: بلى يا رس++ول الل++ه.

(.67قال: هو الصمت، وحسن الخلق وترك ما ال يعنيك() والشخص بادئ األمر يحب الكالم وكثرته والخ++وض فيم++ا ال يعنيه فإذا تجشم مرات عديدة السكوت وأش++غل نفس++ه ع++وض الكالم بال++ذكر والتس++بيح وم++ا إليهم++ا اطفئت الش++هوة ت++دريجيا وانقلبت إلى حب السكوت ف++إذا ه++و ملك++ة يلت++ذ من++ه الش++خص أكثر من التذاذ المه++ذار ب++الكالم، فيجم++ع ب++ذلك بين خ++ير ال++دنيا

وسعادة العقبى.الخواطر واألفكار

اإلنس++ان م++ركب عجيب تتس++ع في++ه اآلف++اق وتس++تحكم في++ه األجه++زة فه++و ذو أدوات وآالت ال يع++رف كنهه++ا، وإنم++ا الق++در المع++روف ه++و ظواهره++ا فل++ه جس++م وص++فات جس++م، وروح وصفات روح، ولكل ميدان وس++يع وأط++راف مترامي++ة رحب++ة وال يكاد يعلم من هذه كلها إال القليل النادر، وان ك++ان ربم++ا ي++دعي++ه كالم ف++ارغ تش++هد ب++ذلك أدعياء العلم أنهم وصلوا الكنه، إال أن ق++رارة أنفس++هم، وخ++ذ مثال: ه++ذا ال++ذي نس++ميه خ++واطر +++ في اليقظة + وأحالما + في النوم +++ مجه++ول الكن++ه إلى ي++وم الن++اس هذا، وإن كان )فرويد( ومن ح++ذا ح++ذوه، من المج++ازفين ي++رون

انهم وصلوا العمق!. وهناك حديث عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( يفسر الخواطر نقبله ألنه )صلى الله عليه وآله وس++لم( ك++ان يعلم م++ا وراء الظواهر وان كنا نحن ال نلمس ذلك لضيق ح++دود م++داركنا وانحصارها في المحسوسات وما إليها، ق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآله وسلم(: )في القلب لمت++ان: لم++ة من المل++ك إيع++اد ب++الخير وتص++ديق ب++الحق، ولم++ة من الش++يطان إيع++اد بالش++ر وتك++ذيب

( وق++ريب من++ه قول++ه اآلخ++ر )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه68بالحق() (69وسلم(: )قلب الم++ؤمن بين إص++بعين من أص++ابع ال++رحمن()

فكما إن الش++يء المح++اط بإص++بعين يقلب كي++ف يش++اء ص++احبها كذلك يقلب قلب المؤمن حسب مشيئة الرحمن وإلق++اء المل++ك

المتمركز هناك. وعلى أي، فالخواطر يل+زم أن ته+ذب وإال ط++الت السلس+لة حتى تؤدي إلى الوسوسة، وتوجيه الخواطر إلى الخير، هو الذي

36

يس++مى ب++التفكير، وق++د ن++دب إلي++ه اإلس++الم ألن++ه مجلي العل++وم، وكاشف الرموز والداعي إلى العمل الصالح، قال الن++بي )ص++لى

( وق+ال:70الله عليه وآله وسلم(: )التفكر حي+اة قلب البص+ير() ( إن فك++رة س++اعة ربم++ا71)فكرة ساعة خير من عبادة س++نة()

أدت إلى خير الدنيا واآلخرة، كم++ا ن++رى ذل++ك في ش++هيد الط++ف)حر الرياحي( فهي إذا أفضل من عبادة سنوات.

قال أمير المؤم++نين )علي++ه الس++الم(:)إن التفك++ر ي++دعو إلى(.72البر والعمل به()

وقال )عليه السالم(:)نبه ب++التفكر قلب++ك، وج++اف عن اللي++ل(.73جنبك واتـق الله ربك()

وقال اإلمام الب++اقر )علي++ه الس++الم(:)باجال+ة الفك++ر، يس++تدر(.74الرأي المعشب()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )الفكر مرآة الحسنات وكفارة السيئات، وضياء للقلوب، وفس++حة للخل++ق، وإص++ابة في صالح المعاد، وإطالع على العواقب، واس++تزادة في العلم، وهي

(.75خصلة ال يعبد الله بمثلها() وقال اإلمام الرضا )عليه الس++الم(:)ليس العب++ادة ك++ثرة في

(76الصالة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل() إذ ب++التفكر ترس++ى دع++ائم اإليم++ان، وإال فكم من ص++ام وص++لى يتزعزع بعاصفة واحدة تهشم إيمانه كم++ا تهش++م ال++ريح الي++ابس

من األعشاب. أم++ا الخ++واطر المذموم++ة فعلى اإلنس++ان أن يجتنبه++ا مهم++ا هجمت عليه وإال أودت بجس++مه ونفس++ه، تحطم ص++حته البدني++ة++ه ربم++ا أوجبت الكف++ر واإللح++اد. وق++د والعقلي++ة باإلض++افة إلى أن أشفق من هذا األخير أحد الصحابة فعن )الكافي( أنه جاء رجل إلى النبي )صلى الله عليه وآله وس++لم( فق++ال:)ي++ا رس++ول الل++ه هلكت، فق++ال ل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: ه++ل أت++اك

الخبيث، فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله تعالى خلقني. فقال لك: الله من خلق++ه؟ فق++ال له: إي والذي بعثك بالحق لكان كذا، فقال رس++ول الل++ه )ص++لى

(.77الله عليه وآله وسلم(: ذاك والله محض اإليمان() ألنه قطع سلسلة الوساوس، بلجوئه إلى النبي )ص++لى الل++ه عليه وآله وس+لم(، ل+دفع م+ا دهم+ه، وك+ون ه+ذا محض اإليم+ان

37

واضح إذ لو لم يكن مؤمنا بالله لما اعتقد أن اآلتي إبليس يري++دأن يخدعه عن دينه.

ثم إن هذه الشبهة، أع++ني ش++بهة: من خل++ق الل++ه؟ س++خيفة جدا إذ كل ما بالغير ال بد وأن يستند إلى ما بالذات فهو بنفسه، واليك مثال: نور كل شيء وضياءه مستفاد من الش++مس +++ كم++ا أثبت ذلك العلم + أما ن++ور الش++مس فه++و بنفس++ه لم تأخ++ذه عن شيء آخر، أي في سلسلة النور هي المصدر دون سواها + أم++ا الخلق فهي مخلوقة كما ال يخفى + وكذا دهون++ة ك++ل ش++يء من

الدهن، أما الدهن فهو دسم بنفسه ال عن غيره. وهذا القدر من الخ++واطر المذموم++ة معف++و عن++ه إذ ال يخل++و عنه أحد قال النبي )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )وض++ع عن أمتي تس+ع خص++ال: الخط++أ، والنس++يان، وم++ا ال يعلم++ون، وم++ا ال يطيقون، وم++ا اض++طروا إلي++ه، وم++ا اس++تكرهوا علي++ه، والط++يرة، )والوسوس++ة في التفك++ر في الخل++ق(، )والحس++د م++ا لم يظه++ر

( وكتب رجل إلى اإلمام الباقر )عليه الس++الم(78بلسان أو يد() يشكو إليه لمما؟ فأجابه )علي++ه الس+الم(: )إن الل+ه تع++الى +++ إن شاء ثبتك، فال يجعل إلبليس عليك طريقا + قد ش++كى ق++وم إلى النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( لمما يعرض لهم، ألن ته++وي بهم الريح، أو يقطعوا أحب إليهم من أن يتكلموا ب++ه فق++ال لهم رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أتجدون ذلك؟ قالوا: نعم، ق++ال: وال++ذي نفس++ي بي++ده إن ذل++ك لص++ريح اإليم++ان ف++إذاوجدتموه قولوا: آمنا بالله ورسوله وال حول وال ق++وة إال بالل++ه()

79.) والوسوسة معف++و عنه++ا ح++تى عن الكث++ير منه++ا، لكونه++ا من دون اختيار الشخص، والله أعدل من أن يع++اقب أح++دا على م++ا ص++در من++ه كره++ا، س++ئل اإلم++ام الص+++ادق )علي++ه الس++الم( ع+++ن الوسوسة، وإن ك+ثرت؟ فق+ال: )ال ش++يء فيه++ا تق++ول:ال إل++ه إال

( وقال جميل بن دراج: قلت للصادق )علي++ه الس++الم(:80الله() إنه يقع في قلبي أمر عظيم! فق++ال: ق++ل: ال إل++ه إال الل++ه، ق++الجميل: فكلما وقع في قلبي، قلت: ال إله إال الله، فيذهب ع+ني(

(81.)اليأس والرجاء

38

الرجاء هو توقع الشيء المطلوب، م++ع تهيئ++ة الش++خص ك++ل مقدم++ة يتمكن من الحص++ول عليه++ا: ال++زارع، ي++زرع األرض، ثم يسقي البذر ثم يحفظ الزرع من اآلفات ويأتي بكل ما لديه من حول وطول، للحفاظ على الثمار... وبعد ذلك يرجو لط++ف الل++ه في بل++وغ الثم++رة كماله++ا المنش++ود. وإنم++ا ذل++ك: ألن عوام++ل الطبيعة التي س++خرها الل++ه تع++الى ليس++ت تحت ق++درة اإلنس++ان وط+وع إرادت+ه فهن+اك إعص+ار يتل+ف ال+زروع، وحش+رات تفس+د البذور، وبرد ينزل أحيانا فيقصف األشجار، ودود يأك++ل الثم++ار...

وهكذا. أما من ال يزرع ثم يرجو الحاصل، فهو أحم++ق، أو من ي++زرع ثم ال يهيئ المقدمات المقدورة ومع ذلك يقول: إني أرجو، فهو

كاذب أو مخدوع. إن الكون يبدره الله تعالى بقدرته الكاملة، ولكن جعل لكل شيء سببا واألسباب منها ما في متناول الشخص، ومنها ما هو خارج عن إرادته، فالراجي هو ال++ذي يعم++ل م++ا في متناول++ه، ثم يرجو جريان المقادير على اإللفة والعادة، حتى يؤتي كل ش++يء

حاصله، ويصل كل سبب إلى نتيجته. وهك++ذا الرج++اء بالنس++بة إلى المقام++ات العلي++ا، وال++درجات الرفيع++ة في اآلخ++رة واألولى مثال: ل++و بع++د الش++خص عن طلب العلم، ثم رجا أن يص++بح عالم++ا فه++ذا حم++ق كم++ا أن تهاون++ه في العمل ورجاءه التقدم جهل.. والعبادة هك++ذا فمن لم يط++ع الل++ه ثم يقول: أرجو أن أكون من أصحاب الدرجات الرفيعة، أو ذوي

المراتب السامية لدى الله تعالى جاهل أو مغرور. كما إن من يعمل قدر المقدور، ثم ال يرجو بعيد عن الع++ادة

والعقل. وكالهما خارج عن الحد المقرر لدى العق++ل والش++ريعة: من

يرجو وال يعمل، ومن يعمل ثم ييأس. وقد وردت طائفتان من اآلثار لتقويم ه++ذين ال++رجلين من ال

يرجو ومن ال يعمل. قال تعالى:)ق++ل ي++ا عب++ادي ال++ذين أس+رفوا على أنفس+هم ال

(.82تقنطوا من رحمة الله...()

39

وقال علي )عليه السالم( + لرج+++++ل أخرج++ه الخ+++++وف إلى القنوط، ل+++كثرة ذنوبه +: )أيا هذا! يأسك من رحمة الل++ه أعظم

(.83من ذنوبك() ورأى )علي++ه الس++الم( رجال عن++د ال++نزع ك++ان يق++ول: أج++دني أخاف ذن++وبي، وأرج++و رحم++ة ربي، فق++ال )علي++ه الس++الم(: )م++ا اجتمعا في قلب عبد في هذا الموطن إال أعطاه الل++ه م++ا رج++اه

(.84وآمنه مما يخاف() وقال الباقر )علي++ه الس++الم(: وج++دنا في كت++اب علي )علي++ه السالم(: أن رسول الله )صلى الله عليه واله وسلم( قال وه++و على منبره: )وال++ذي ال إل++ه إال ه++و م++ا أعطي م++ؤمن ق++ط خ++ير الدنيا واآلخرة إال بحسن ظنه بالل++ه ورج++اءه ل++ه وحس++ن خلق++ه، والكف عن اغتياب المؤمنين. والذي ال إله إال هو ال يع++ذب الل++ه مؤمنا بعد التوبة واالستغفار إال بسوء ظن++ه بالل++ه وتقص++يره من رجاءه وس+وء خلق+ه واغتياب+ه للمؤم++نين وال+ذي ال إل+ه إال ه+و ال يحسن ظن عبد مؤمن بالله إال كان الله عند ظن عبده المؤمن ألن الل++ه ك++ريم بي++ده ال+++++خيرات يستح+++++ي أن يك++ون عب++ده ال++مؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظن++ه ورج++اءه فأحس++نوا

(.85بالله الظن وارغبوا إليه() هذا وأضرابه إنم++ا ورد لتث++بيت الرج++اء في القل++وب الواهن++ة

والنفوس الضعيفة التي لم تذق حالوة رجاء رحمة ربها. وأما ما ورد لزجر النفوس المتكاسلة التي ال تعم++ل وترج++و نهيا عن غيها وإرشادا لها إلى الصراط المس++تقيم فكث++يرة وق++د حصر الله الرجاء الص++حيح في قول++ه: )إن ال++ذين آمن++وا وال++ذينهاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئ++ك يرج++ون رحم++ة الل++ه...()

( وذم أقوام+++ا يرجون ب+++ال عمل بقوله تعالى: )فخل++ف من86 ب++ع++++++دهم خل++ف ورث++وا الكت++اب يأخ++ذون ع++رض ه++ذا األدنى

( ومثل هذا في لس++ان ن++بي اإلس++الم87ويقولون سيغفر لنا...() يس++مي ب+++)األحم++ق( ق++ال رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وسلم(: )الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت واألحمق

( وكي++ف ال88من أتب++ع نفس++ه هواه++ا وتمنى على الل++ه الجن++ة()يكون أحمق ويريد الثمرة بدون غرس الشجرة؟.

قي+++ل لإلم+++ام الص+++ادق )علي+++ه الس+++الم(: )ق+++وم يعمل+++ون بالمعاص++ي ويقول++ون نرج++وا فال يزال++ون ك++ذلك ح++تى ي++أتيهم

40

الموت؟ فقال )عليه السالم(: هؤالء قوم يترجحون في األم++اني كذبوا ليس براجين إن من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شيء

(.89هرب منه() ولقد صدق اإلمام )عليه السالم( إن من يرج++و منص++با إنم++ا يصح أن يق++ال ل++ه: راج إذا طلب++ه، أم++ا من يقص++د ويتم++نى فه++و كاذب غير راج، ومن يخاف من األسد يهرب منه أما من يق++ول: أخاف، وهو يعترضه فهو كاذب، فمن يق++ول: أخ++اف ال++ذنوب ثم يعملها، فهو كاذب ومن يقول: أرج++و الرحم++ة، ثم يعم++ل ض++دها

فهو مخدوع. وقد بين اإلمام )عليه السالم( مقياس الخوف والرجاء حيث قال: )ال يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائف+ا راجي+ا وال يك+ون

(.90خائفا راجيا حتى يكون عامال لما يخاف ويرجو()كبر النفس وصغرها

النفس كالوع++اء، منه++ا واس++عة، ومنه++ا ض++يقة، فالواس++عة ال يمأله++ا ش++يء قلي++ل، من م++ال أو علم أو منص++ب أو م++ا إليه++ا. والضيقة تفيض منه++ا مق++ادير قليل++ة، ح++تى تب++دو على أطرافه++ا، مثال: إذا تعلم بعض العلم، يق+++وم بإظه+++اره في ك+++ل مجتم+++ع ومنتدى، وإذا رزقه الله قليال من المال، أعرض وتكبر، وحس++ب لنفسه أل++ف حس++اب، وإذا تس++لم رتب++ة متواض++عة، رأيت++ه وكأن++ه يمش++ي على اله++واء، يص++عر خ++ده للن++اس وهك++ذا يك++ون ص++غير النفس وبالعكس من ذلك من كبرت نفسه، واتسع آفاق فكره، فإنه كلما نال من خير، رأى بعده افقا، وفوقه متسعا فتتض++اءل لديه نفسه، ويزدري بما حصل، ال ازدراء الك++افر للنعم، الجاح++د للفضل، بل ازدراء الفطن الحكيم، فال يقيم لما أوتي وزن++ا، كي تبط+++ره النعم+++ة، ان+++ه يطلب المزي+++د من العلم، والزي+++ادة من الفضل... فكي+ف يجتم+ع ه++ذا م++ع كون++ه ي++رى م+ا عن++ده عظيم++ا

كثيرا؟. إن كل أحد رأى في حياته، رجال ازداد م++اال، فلم ي++زده ذل++ك إال تواضعا والف++ة، كم++ا رأى من ازداد علم++ا، فلم ي++زده ذل++ك إال طلبا واجته++ادا، كم++ا رأى من ارتف++ع منص++به، ووص++ل إلى مق++ام عال، فلم يزده ذل++ك إال عمال ب++الخير وحال للمش++اكل، وبشاش++ة

وابتسامة.

41

وب++العكس رأى آخ+++رين ك+++افرين على ط+++رفي نقيض م+++عهؤالء...!

فاألولون كبراء النفس، واآلخرون صغراءها. واإلسالم يحب أالولين، يقول اإلمام الباقر )علي++ه الس++الم(:

( ال ينه++ار بمص++يبته، وال تبط++ره91)المؤمن أصلب من الجب++ل() نعم++ة، كالجب++ل ال++ذي ال يتح++رك بالعواص++ف، فكي++ف بالري++اح االعتيادية؟ وفي حديث آخر عنه )علي++ه الس++الم( ق++ال:)إن الل++ه تع++الى أعطى الم++ؤمن ثالث خص++ال: الع++ز في ال++دنيا واآلخ++رة،

(.92والفالح في الدنيا واآلخرة، والمهابة في صدور الظالمين()فلوال كبر نفسه لم يكن عزيزا مهابا.

إن صغير النفس ذليل مهان. وكما يحث اإلسالم على الع++زة وك+++++بر النفس، فه++و يزج++ر عن ص++غر النفس والمهان++ة، فق++د ق++ال اإلم++ام الص++ادق )علي++ه السالم(: )إن الله عز وجل فوض إلى المؤمن أموره كله++ا. ولم يفوض إليه أن يكون ذليال، أما تسمع الله تعالى يقول: )... ولله

(.94( )93العزة ولرسوله وللمؤمنين...() واإلنسان وان خلق مختلفا في جميع ش++ؤونه، إال إن ص++غير النفس يتمكن من اس++تبدال ملكت++ه، فيج++بر نفس++ه على الك++بر، واالتزان، حتى ال تحركه كل ريح، والعزة وكبر النفس متالزمان،

كما أن الذلة وصغر النفس قرينان.الظرافة بين المدح والذم

ينقص اإلنسان +++ مهم++ا ك++ان مرح++ا +++ لط++وارئ خارجي++ة، أورة، كالس+ياحة، نفسية، وتنشيط النفس انما يكون بعوامل ميس+ والنظ++ر إلى الخض++رة، واالس++تماع إلى ص++وت محب++وب. أو م++اأشبه! ومن العوامل المؤثرة: الظرافة والمطايبة.. ولكن بقدر.

إنه إن كان مزاحا، خاليا عن الكذب، فهو ممدوح غايته.++ه وإن لم يكن ل++ه إثم وإن ك++ان مزاح++ا يخ++الف الواق++ع، فإن

الكذب لكنه مذموم في نظر اإلسالم. أما إذا خرج عن حده، فهو سخرية واستهزاء، وق++دح حرم++ه

اإلسالم، ووعد عليه عذابا شديدا. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إني ألم++زح،

(.95وال أقول إال حقا()

42

ويروى: )أنه، قيل للرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: يا رسول الله، إنك تداعبنا! فقال: )إني وإن داعبتكم، فال أقول إال

(.96حقا() وروي: أنه )صلى الله عليه وآله وسلم(: كسا +++ ذات ي++وم + واح++دة من نس++ائه ثوب++ا واس++عا؟ وق++ال له++ا: إلبس++يه واحم++دي،

(97وجرى منه ذيال كذيل العروس() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم( يوم+ا لعج++وز: )ال ت+دخل الجن++ة عج++وز! فبكت العج++وز... فق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه

(.98وسلم(: إنك لست يومئذ بعجوز()وجاءت إليه امرأة وقالت: )إن زوجي يدعوك..

فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: زوجك ه++و ال++ذي بعين++هبياض؟.

قالت: والله ما بعينه بياض؟.فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: بلى إن بعينه بياضا.

فقالت: ال والله... فقال )صلى الله علي+ه وآل+ه وس+لم(: م+ا من أح+د إال بعين+ه

( وأراد به البياض المحيط بسواد العين.99بياض() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم( +++ ذات ي++وم +++ لص++هيب،

وكان يأكل التمر وبه رمد: )أتأكل التمر وأنت أرمد..فقال: أنا آكل بالشق اآلخر؟.

فتبسم رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( حتى ب++دت(.100نواجذه()

)وجاءت++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( إم++رأة، وق++الت:احملني يا رسول الله على بعير!

فقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: ب++ل نحمل++ك على ابنالبعير فقالت: ما أصنع به، انه ال يحملني..

فقال )صلى الله عليه وآل+ه وس+لم(: ه+ل من بع+ير إال وه+و(.101ابن بعير()

وروي: )أن خوات بن جبير، كان جالسا إلى نس+وة من ب+ني كعب بطريق مكة وكان ذلك قبل إس+المه، فطل+ع علي+ه رس+ول الله )صلى الله علي++ه وآل++ه وس+لم( فق++ال: مال++ك م++ع النس+وة؟ قال: يفتلن ضفيرا لجمل لي شرود.. فمضى رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( لحاجته، ثم عاد، فقال: ي++ا أب++ا عب++د الل++ه،

43

أما ترك ذلك الجمل الشراد بع++د؟ فق++ال: فس++كت واس++تحييت، وكنت بع++د ذل++ك أس++تخفي من++ه حي++اء، ح++تى أس++لمت، وق++دمت المدينة، فاطلع علي يوما وأنا أص++لي في المس++جد، فجلس إلي

فطولت الصالة، فقال: ال تطول، فإني بانتظارك فلما فرغت. قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: يا أبا عبد الله، أم++ا ت++رك

ذلك الجمل الشراد بعد؟.قلت: والذي بعثك بالحق نبيا، ما شرد منذ أسلمت.

فقال )صلى الله عليه واله وس++لم(: الل++ه أك++بر، الل++ه أك++بر،(.102اللهم اهد أبا عبد الله، فحسن إسالمه...()وكان نعيمان األنصاري رجال مزاحا...

ف++إذا دخ++ل المدين++ة ش++يء نفيس، من اللب++اس والمط++اعم، اشترى منه، وجاء ب++ه إلى رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه

وسلم( ويقول: هذا هدية لك؟! ف+إذا ج+اء ص+احبه يطالب++ه بثمن++ه، ج++اء ب++ه إلى رس+ول الل+ه

)صلى الله عليه وآله وسلم(:وقال: يا رسول الله، أعطه ثمن متاعه.

فيقول له النبي )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: أو لم ته++دهلنا؟.

فيقول: لم يكن عندي والله ثمنه وأحببت أن تأكل منه. فيبتسم رسول الله )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( وي++أمر

(.103لصاحبه بثمنه) وفي عنوان ذم االستهزاء تأتي اآلية الكريمة: )يا أيها ال++ذين آمنوا ال يسخر ق++وم من ق++وم عس++ى أن يكون++وا خ++يرا منهم وال

(.104نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن...() ولم يستهزأ اإلنسان بأخيه؟ إال لخبث انط++وت علي++ه نفس++ه، فه++ل ه++و أفض++ل من++ه ح++تى ينتقص++ه؟... أم ه++ل ال ينط++وي

المستهزىء على نقائص؟. ثم أليست الدنيا دار جزاء ومكافأة، يوم للمستهزىء، وي++وم عليه ولو تصفح اإلنسان أحوال المستهزئين، لرأى كي++ف يقليهم الداني والقاصي، ويكرههم الق+ريب والبعي++د.. وبع+د ذل+ك، ليس من مستهزىء، إال وتدور به الفلك، وإذا به رمية ك++ل س++هم من

سهام األقدار.

44

هذا في الدنيا، أما في اآلخرة، فاستمع إلى الرسول )ص++لىالله عليه وآله وسلم( يقول:

)إن المس++تهزئين بالن++اس، يفتح ألح++دهم ب++اب من الجن++ة، فيقال: هلم هلم فيجيء بكربه وغمه، فإذا أتى أغلق دونه، فم++ايزال كذلك حتى يفتح له الباب، فيقال له: هلم هلم.. فما يأتيه(

(105.) ثم.. ان بعض النف+++وس ق+++د انطبعت على االس+++تهزاء فال تتمكن من ترك++ه إال بالمجاه++دة، ومهم++ا جاه++د اإلنس++ان، لقل++ع

رذيلة، وغرس فضيلة، كان حريا وإن أوجب ذلك سنين طواال. واإلنس++ان ال يع++رف م++ا للفض++يلة من قيم++ة، وللرذيل++ة من

ضعة، إال إذا رأى المتحلي بهذين، قارن بينهما، يقال: إن رجلين كانا يعاشران المرد من الول++دان وكان++ا مش++غفين ب++أن ي++دخل الم++اء معهم للتمت++ع بمالمس++تهم، ف++اتفق ان أح++د الرجلين خرج من الماء لبعض شؤونه، فاخذ ينظر إلى ص++احبه، وهو يلعب مع الولدان بهيئ+ة منك+رة، فاستبش+ع المنظ+ر، وق+ال لصاحبه: اخرج من الماء، وانظر لع++بي م++ع ه++ؤالء، فلم++ا خ++رج، ورأى الصورة البشعة من لعب رجل كبير مع صبيان م++راهقين،

كره نفسه وما كان يفعله.فتابا عما كانا فيه، وتركا ما كانا يقترفان من العمل.

ا برذيل++ة فك++ل ص++فة بش++عة، مكروه++ة وليس القبح خاص++ ومنفرة وإن كان المرتكب ال يراها إال من زاوية نفسه، ف++الجبن والبخل والرياء وص++غر النفس، وم++ا أش++به.. كله++ا رذائ++ل بش++عة

تؤتي ثمارا فجة ال يزدردها إال ذو ذائقة مريضة. اتفق ذات يوم أن جاءني رج++ل كنت أق++دره لعلم++ه وورع++ه فاشتكى شكاية عميقة من كتاب بغير إمضاء أرسل إليه، يق++ول في++ه: أن++ه ال يلي++ق ب++ك ك++ذا.. ال أك++ثر من ه++ذا وال أق++ل.. ولكن صديقنا ذاك، كاد أن ينفجر أسى وحزنا، وكان يقول: أري++د ت++رك++ه المجتمع! فقد أثبت بهذا العمل ضيق نفسه، وصغر روح++ه وإن بهذه المثابة من العمل والورع، ال يتحمل أقل كلمة نقدية توجه

إليه، وإن كانت من كاتب مجهول. ورأيت رجال حفي حدادا على اإلمام الحسين )عليه السالم( ليوم عاشوراء لكنه كان يصر على أن يري نفسه ك++ذلك حافي++ا!

45

فكم ترى لهذا الشخص من إخالص في عمل++ه..! وكم يك++بر فينفسك لو رأيته، وهو يرائي في هذا العمل الطفيف؟.

ورأيت رجال ك++ان يب++دي ض++جره من المجتم++ع، ويت++أفف و..ولماذا؟ ألنه اشتغل أياما قالئل إلصالح شأن من الشؤون.

إن اإلنسان مهما أوتي من أدب ونزاه++ة، وفض++يلة وخل++ق ال تزال في++ه ج++وانب من النقص ال++روحي، تحت++اج إلى العالج، كم++ا

يحتاج المريض إلى العقاقير. ولربم++ا.. ب++ل إنم++ا: أن++ا بنفس++ي ال++ذي اس++طر م++ا رأيت من المعايب، مشحن بالنواقص الخلقية، لكني ال أرى أو ب++األحرى ال أريد أن أرى نواقصي.. وهذا غير مبرر بالنسبة إلي والى غيري، فكل إنس++ان م++أمور بقل++ع نواقص++ه، مهم++ا أوتي من علم وورع،

ومكانة وجاه وثروة ومال. وكلما تقدم اإلنسان، في هذا المضمار، كانت إنسانيته أك++ثر ومقام++ه أس++مى وإن ص++غرت ي++ده من الحط++ام، وقلت وجاهت++ه لدى الحكام وهؤالء هم الذين يفتخر بهم التأريخ إلى أبد ال++دهر، سواء كانوا من األنبي++اء والمرس++لين، أم األئم++ة والقديس++ين، أم

الحكماء والمصلحين.

.7 + 6 + سورة العلق: اآليتان 1.2/82 + جامع السعادات: 2/307 + أصول الكافي: 2.2/78 + جامع السعادات: 3.2/78 + جامع السعادات: 4.2/78 + جامع السعادات: 5.2/78 + جامع السعادات: 6.2/83 + جامع السعادات: 7.2/83 + جامع السعادات: 8.2/83 + جامع السعادات: 9

.2/84 + جامع السعادات: 2/265 + أصول الكافي: 10.2/84 + جامع السعادات: 11.2/84 + جامع السعادات: 12.2/84 + جامع السعادات: 13.2/84 + جامع السعادات: 14.2/84 + جامع السعادات: 15

46

.2/84 + جامع السعادات: 16.2/84 + جامع السعادات: 17.2/84 + جامع السعادات: 18.2/85 + جامع السعادات: 19.2/85 + جامع السعادات: 20.2/85 + جامع السعادات: 21.2/85 + جامع السعادات: 22.2/85 + جامع السعادات: 23.2/78 + جامع السعادات: 24.2/88 + جامع السعادات: 25 + أي من الناحية التي يتوجه األمر منها.26.2/85 + جامع السعادات: 2/263 + أصول الكافي: 27.2/86 + جامع السعادات: 2/261 + أصول الكافي: 28.2/86 + جامع السعادات: 2/260 + أصول الكافي: 29.2/87 + جامع السعادات: 2/265 + أصول الكافي: 30.2/87 + جامع السعادات: 2/264 + أصول الكافي: 31.2/87 + جامع السعادات: 2/265 + أصول الكافي: 32.2/87 + جامع السعادات: 2/264 + أصول الكافي: 33.2/87 + جامع السعادات: 34.2/88 + جامع السعادات: 35.2/88 + جامع السعادات: 36.2/88 + جامع السعادات: 37.2/88 + جامع السعادات: 38.2/88 + جامع السعادات: 39.2/88 + جامع السعادات: 40.2/88 + جامع السعادات: 41.2/89 + جامع السعادات: 2/260 + أصول الكافي: 42.2/88 + جامع السعادات: 43.2/94 + جامع السعادات: 44.1/152 + جامع السعادات: 2/399 + أصول الكافي: 45.1/152 + جامع السعادات: 2/400 + أصول الكافي: 46.1/152 + جامع السعادات: 2/400 + أصول الكافي: 47.26 + سورة النور: آية 48

47

.1/152 + جامع السعادات: 2/400 + أصول الكافي: 49.1/152 + جامع السعادات: 2/400 + أصول الكافي: 50.1/154 + جامع السعادات: 51.1/154 + جامع السعادات: 52.10/154 + جامع السعادات: 53.1/154 + جامع السعادات: 541/154.0 + جامع السعادات: 55.2/184 + جامع السعادات: 56.46 + 42 + سورة المدثر: اآليات 57.2/184 + جامع السعادات: 58.2/189 + جامع السعادات: 59.2/189 + جامع السعادات: 60.2/186 + جامع السعادات: 61.2/186 + جامع السعادات: 62.2/186 + جامع السعادات: 63.2/186 + جامع السعادات: 64.2/190 + جامع السعادات: 65.2/190 + جامع السعادات: 662/190 + جامع السعادات: 67.1/178 + جامع السعادات: 68.1/179 + جامع السعادات: 69.1/201 + جامع السعادات: 70.1/201 + جامع السعادات: 71.1/202 + جامع السعادات: 2/55 + أصول الكافي: 72.1/202 + جامع السعادات: 2/54 + أصول الكافي: 73.1/202 + جامع السعادات: 74.1/202 + جامع السعادات: 75.1/202 + جامع السعادات: 2/55 + أصول الكافي: 76.1/195 + جامع السعادات: 2/425 + أصول الكافي: 77.1/196 + جامع السعادات: 78.1/195 + جامع السعادات: 2/425 + أصول الكافي: 79.1/195 + جامع السعادات: 2/424 + أصول الكافي: 80.1/196 + جامع السعادات: 2/424 + أصول الكافي: 81

48

.53 + سورة الزمر: آية 82.1/282 + جامع السعادات: 83.1/282 + جامع السعادات: 84.1/283 + جامع السعادات: 2/71 + أصول الكافي: 85.218 + سورة البقرة: آية 86.169 + سورة األعراف: آية 87.1/288 + جامع السعادات: 88.1/288 + جامع السعادات: 2/68 + أصول الكافي: 89.1/288 + جامع السعادات: 2/71 + أصول الكافي: 90.1/296 + جامع السعادات: 91.1/296 + جامع السعادات: 92.8 + سورة المنافقون: آية 93.1/295 + جامع السعادات: 94.2/291 + جامع السعادات: 95.2/291 + جامع السعادات: 96.2/292 + جامع السعادات: 97.2/292 + جامع السعادات: 98.2/292 + جامع السعادات: 99

.2/292 + جامع السعادات: 100.2/292 + جامع السعادات: 101.2/292 + جامع السعادات: 102.2/292 + جامع السعادات: 103.11 + سورة الحجرات: آية 104.2/288 + جامع السعادات: 105

49

الثالث الباباألناة والعجلة

إذا هبت الرياح اضطربت الحشائش أما األشجار الباسقة فإنها ال تهاب اإلعصار فكيف بالريح؟ والنفوس مثلها كمثل

غيرها من األشياء، فيها الرزين المتين وفيها األجوف الهواء. فمن النفوس ما يحركه أقل شيء فتستعجل باألمر

ومنها ما تعمل بتروي وأناة وذو األناة في غالب األحيان يدرك ما ال يدركه ذو العجلة إذ بالتأني يرى اإلنسان طريقه

ويهتدي لصالحه والمستعجل محروم عن هذه الفائدة فكثيراما ينزلق حيث ال ينجيه ولقد أحسن الشاعر حيث قال:

قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون معالمستعجل الزلل

واألناة غير التكاسل، فالمتكاسل بعد معرفة طريق الحركة ال يتحرك، والمتأني إنما ال يقدم حتى يعرف وجه الحركة

وكيف ينبغي. واإلسالم يحب األنـــاة ويكــــره العجلة، قـــال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:)العجلة من

(.1الشيطان والتأني من الله() وفي الحديث: انه لما ولد عيسى )عليه السالم( أتت الشياطين إبليس فقالوا:أصبحت األصنام قد نكست

رؤوسها؟ فقال: هذا حادث قد حدث، مكانكم! فطار حتى جاء خافقي األرض فلم يجد شيئا، ثم وجد عيسى قد ولد،

وإذا المالئكة قد حفت حوله، فرجع إليهم، فقال: إن نبيا قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط وال رضعت إال وأنا بحضرتها إال هذا فايأسوا أن تعبد األصنام بعد هذه الليلة، ولكن ائتوا

(.2بني آدم من قبل العجلة والخفة() فإن من يعجل في الكالم أو الحركة أو العمل ربما أفسد أكثر مما يفسد عباد األصنام وكثيرا ما يقع العجول في

أغالط ومشكالت ال ينجو منها مدى عمره فالالزم أن يجنح اإلنسان العاقل إلى األناة والتأني ويترك االستعجال

والخفة.الجبن والتهور

قد يجبن اإلنسان حتى عن مواجهة مشكالت الحياة وهذا ليس بإنسان يستحق التقدير، كما أن الشخص قد يكون

متهورا يقتحم المهالك ال لمبرر، وهذا شخص أشبه بالسفهمنه إلى العقل.

50

واإلسالم حذر منهما جميعا وإنما يجب الوسط وهوالشجاعة.

(3يقول الله تعالى: )... وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة...() فإن اإلنسان الذي يلقي بنفسه في المخاوف والمهالك، ال

لغاية شريفة ـ كالجهاد ونحوه ـ ألقى بنفسه إلى التهلكةلكنه لهواه ال ألمر عقالني يستحسن في العرف والشرع. ويقول نبي اإلسالم العظيم )صلى الله عليه وآله وسلم( (4بصدد الجبن: )ال ينبغي للمؤمن أن يكون بخيال وال جبانا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( في كالم آخر له: )اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن

( فهو والبخيل بمنزلة واحدة، هذا5ارد إلى أرذل العمر() بخل بماله، وهذا بخل بحركته وكالهما سبب وقوف الحياة،

فبالمال يزدهر العالم ويخطو نحو األمام، وبالحركة والشجاعة يسحق الظالم ويخلص المظلوم من براثنه بكافة ألوانه والجبان ال يخاف إال مما يخافه البخيل، فالثاني يخاف

الفقر، واألول يخاف صدمة جاه أو مال أو نفس، وكالهما وقعا في ما فرا منه، فالبخيل ـ بغريزته ـ لهم نهم الفقير

وأكثر.. والجبان ـ بفطرته ـ في صدمة المال والجاهوالنفس...

يقول الله تعالى في وصف المؤمنين: )... أشداء على(.6الكفار...()

ويقول:)يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ ( إن من يجبن عن الحق معين للظالم، وهو7عليهم...()

يرسم نصف خطة الظلم، إذ الظلم إقدام من الظالم، وإحجام من المظلوم، فالظالم دبر نصف الخطة، والمظلوم

رسم النصف اآلخر. يقول اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم( في وصف

( ويقول اإلمام8المؤمنين )نفسه أصلب من الصلد() الصادق )عليه السالم(: )المؤمن أصلب من الجبل، إذ الجبل

( فالمؤمن9يستفل منه، والمؤمن ال يستفل من دينه() يحافظ على إيمانه مهما تبدلت الظروف وتغيرت األحوال

أما الجبل فالزمان والفأس فأنهما يستفالن منه ويقطعانبعضه.

إذا ال جبن وال تهور بل شجاعة وإقدام. وكما أن الجبن مذموم، كذلك الخوف الذي ال سبب له وال

مبرر، كخوف كثير من الناس من الدخول في مواقع الظلمة أو ركوب نحو الطائرة أو خوفهم من الجن أو من

51

الميت أو ما إلى ذلك، وإنما يكون هذا الخوف نقيصة ألنه شل لقسم من الحركة بأوهام وخياالت تدل على خفة

النفس، فإن النفس الرزينة، ال تحركها األوهام، كما إن النفس الراسبة، ال تحركها الحقائق وكال الطرفين تعد عن

الحق، وتجاوز إلى الباطل. وهناك قسم من الخوف محبوب، وهو الخوف من الله

تعالى إذ بذلك تتوازن قوى الخير وتندحر قوى الشر، إن من يخاف الله ويخشى عقابه ال بد وأن يجتنب عما نهى الله

عنه، من ظلم وخيانة، وسرقة وغيبة، وفحش وتهمة وأكل أموال الناس بالباطل والجور في الحكم والرشوة والربا

والغش والغلول... فمن يخشى من الحكومة، ال يرتكب ما يخالف القانون،

وكذلك من يخشى من الله حق خشيته، والخوف من الله تعالى ال يكون إال لمن علم أن الله بكل شيء محيط، ولكل

شيء رقيب، ولــذا ورد في القرآن الحكيم: )... إنما يخشى ( فالعلماء بالله هم الذين10الله من عباده العلماء...()

يخشونه، أما الجاهل بالله فال يراه رقيبا حتى يخاف منهفهو كمن ال يعرف األسد فإنه ال يفر منه.

وقد ورد في مدح الخوف من الله تعالى آيات وأخبار..قال تعالى: )... هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون()

11.)وقال: )... رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه(

(12.)وقال: )إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم...()

13.) فمن ال يخاف من الله ليس بمؤمن، يعمل ما يشاء، أما من

يخاف فهو مؤمن، ال يعمل إال على طبق أوامر الله، التيهي الصالح الكامل للدنيا والسعادة الرابحة لآلخرة.

ولذا ورد في آية أخرى: )... وخافون إن كنتم مؤمنين()14.)

(.15وقال تعالى: )سيذكر من يخشى() والخائفون هم ورثة الجنة ألنهم ـ وحدهم ـ هم المطيعون

ألوامر الله وقد ورد في اآلية الكريمة: )وأما من خاف مقام (.16ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى() خوف من الله ثم صالح للنفس ثم جنة وهكذا... يكون

ترتيب الخير، ومن الطبيعي أن من يخاف الله في الدنيا ال يخافه في اآلخرة، ألن خوفه هنا سبب لعمله الصالح فلم

52

يخاف هناك؟ وبالعكس من لم يخف الله هنا خافه في اآلخرة، ألن أمنه هنا سبب فساده وطغيانه فال أمن له

هناك، والى هذا يشير الحديث القدسي عن الله تعالى: )وعزتي ال أجمع على عبدي خوفين، وال أجمع له أمنين،

فإذا آمنني في الدنيا، أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في(.17الدنيا، آمنته يوم القيامة()

ثم اإلنسان ال يحكم أمره وال يضع األمور مواضعها، إال إذا خاف الله. إن الحكومة التي تستعمر البالد ظلما ال تخاف

عدل الله وإال لم تكن تستعمر المظلومين، والقاضي الذي يرتشي ال يخاف الله وإال كف عن الرشوة، والبنوك التي

تخاف الله ال تأخذ الربا ـ الفائض ـ وإال لم تجمع دماء الفقراء بمحاجم الصكوك... وهكذا الرجل ال يؤذي امرأته لو

كان يخاف الله، والمرأة لم تنشز على زوجها لو كانتخائفة من الله.. وهكذا.. وهكذا...

فالخوف يوجد الحكمة في اإلنسان، حتى يعطي كل شيءحقه ويضع كل شيء موضعه.

يقول النبي العظيم محمد )صلى الله عليه وآله وسلم(: ( فالمخافة تورث الحكمة18)رأس الحكمة مخافة الله()

والعدل لكل فرد ولكل مجتمع. وهنا حديث عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( يزعم

الغر أنه شطط في الكالم، لكنه عند الذكر في غاية الوضوح، كوضوح الشمس في رابعة النهار، قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من خاف الله أخاف الله منه كل شيء،

( إن الخائف19ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء() يعمل على الموازين، فلهذا يخافه كل معتد أثيم، وغير

الخائف يعمل على خالف المقاييس فلهذا يخاف من كل أحد، ولذا نرى إن المنافق والغاشم والظالم يخاف حتى من ظله وإذا تصفحت أحوال الحكام الظالمين رأيتهم في خوف

دائم وقلق وانهيار ولهذا يظلمون ويظلمون...وقد ورد لتأكيد هذه المعاني السالفة أحاديث، نسرد منها: قال الصادق )عليه السالم(: )من عرف الله خاف الله ومن

(.20خاف الله سخت نفسه عن الدنيا() وقال )عليه السالم(: )إن من العبادة شدة الخوف من الله

تعالى يقول سبحانه وتعالى: )... إنما يخشى الله من عباده( وقال: )... فال تخشوا الناس واخشون...()21العلماء...()

(.24( )23( وقال:)...ومن يتق الله يجعل له مخرجا()22

53

وقال )عليه السالم(: )إن حب الشرف والذكر ال يكونان في(.25قلب الخائف الراهب()

الحلم والغضب إذا هبت الرياح طارت األوراق وما شابهها من األشياء

الرقاق.. أما الثقال فال تحركها الرياح وال األعاصير.. وكذلك النفس منها حليمة ال تتحرك بشتم شاتم أو نهب لص أو

إيذاء أحمق.. ومنها خفيفة تزعجها أدق شوكة وأقل كلمة.. واإلنسان كالغطاء على مواهبه وكوامنه وربما رأى الشخص غطاء براقا وقالبا مزخرفا فإذا بحث تحته أذهله ما انطوى عليه من شيء تافه وأمر ال ثمن له والعكس صحيح وكذلك

اإلنسان فقد يكون مزودا بمنظر جميل ولباقة أخاذة وإذا به عند الشدائد كحشيش في بحر مواج ال يقر له قرار وال

يسكن له هائج وقد يكون على الضد من ذلك فال منظر له بهيج وال منطق له خالل وهو في الشدائد والمشكالت

كالجبل الراسي، ال يتحرك كأنما فطر من صلد، وكأن فؤادهمن زبر الحديد.

واإلسالم يريد من اإلنسان، تنقية ملكاته، وتقويم ما أعوج منها، حتى يكون إنسانا... ولذا يحرص على كل فضيلة

وينفر عن كل رذيلة.. وبما أن الحلم من أفضل الفضائل نرى األحاديث كالقطر

تنهال على مسامع البشر من النبي وآله الطاهرين تحريضا على هذه الفضيلة وتحذيرا عن الغضب، قال رسول الله

)صلى الله عليه وآله وسلم( في دعاءه: )اللهم أغنني بالعلم وزيني بالحلم( فإنه زينة ونعم الزينة هي إن اإلنسان

بالحلم يرتقي مستوى اجتماعيا ولهذا زود الله أنبياءه بالحلم فيما زودهم بها من فضائل ومحاسن ولذا قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )خمس من سنن

( إن الناس ليفرون من26المرسلين... وعد منها الحلم() الغضوب فرارهم من األسد فإنه ينكد عيشهم ويكدر

صفوهم ويخرق هدوءهم بأخالقه الشرسة فكيف يكون مثله نبيـا؟ أم كيف يرتفع مثله عند الله منزلة وعند الناس مكانة،

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ابتغوا الرفعة عند الله! قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: تصل

من قطعك وتعطي من حرمك وتحلم عمن جهل عليك()27.)

إنها جواهر األخالق أن يقطعك إنسان وأنت تصله؟! إننا ال نصل من يصلنا فكيف بمن يقطع عنا؟! وإننا لنحرم من

54

يعطينا فكيف بمن يحرمنا؟! وإننا نجهل على من يحلم عنا فكيف بمن يجهل علينا؟! ولكن اإلسالم يريدنا على غير ما

نكون عليه من صفات ذميمة وانه يريد أن نكون من عبادالله الصالحين والبشر الخيرين.

فهذا هو الذي يحبه اإلسالم ويريد أن يكون المسلم هكذا ويحبه الله تعالى قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(:

(28)إن الله يحب الحيي الحليم ويبغض الفاحش البذيء() وهذا ليس لله فقط. بل عامة الناس يحبون الحيي الحليم، ويبغضون الفاحش البذيء، ولو لم يقابلوه سوى مرة في

عمرهم، أرأيت لو قيل لك: فالن حليم، فأنت تحبه لهذه الصفة الحسنة، ولو قيل: فالن فاحش أبغضته ولو لم

تعرفه! والحلم يؤدي باإلنسان إلى درجة العبادة، وأية عبادة أفضل

من الحلم؟ قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن ( بل29الرجل المسلم ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم()

العبادة منوطة بالحلم فمن ال حلم له ال يعد عابدا لله تعالى وإن صلى وصام، قال اإلمام الرضا )عليه السالم(:)ال يكون

( وبهذا المعنى ما ورد30الرجل عابدا حتى يكون حليما() عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث من لم تكن

فيه واحدة منهن فال تعتدوا بشيء من عمله: تقوى تحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به السفيه، وخلق يعيش به

( إن من ال تقوى له يعصى والعاصي ال31في الناس() (32يقبل منه قال تعالى: )... إنما يتقبل الله من المتقين()

وان من ال يحلم، ال بد وأن يقع في سباب وافتراء وباطل، ومن ال خلق له يعيش مع الناس في جو مكفهر من سوء

األخالق وكل هذه نقص في اإلسالم وثلم لتعاليمه. والناس غالبا يرون أن الخير في كثرة المال والولد، كال! إن

كثير المال والولد ربما يعيش نكدا في الدنيا بسوء خلقه وفي اآلخرة بسوء عمله ولذا يقول اإلمام أمير المؤمنين

)عليه السالم(: )ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن(.33الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك()

ومن الظريف أن الدنيا حليف الحليم وان تزود ضده بكل نشب وسبب وهذا مودع في فطرة اإلنسان، فإذا رأيت أحدا يسب صاحبه ويغلظ في الكالم معه، ورأيت صاحبه يحلم، ال بــد وأن تميل إلى جانب الحليم، قال اإلمام الصادق )عليه

( وفي الحقيقة انه افضل34السالم(: )كفى بالحلم ناصرا() الناصرين، إن من يرد، وإن تشفى صدره، لكنه في خاتمة

55

المطاف لم يربح، أما من يحلم فإنه لم يتشف، لكن لهعاقبة األمر!

وقد ذم اإلسالم الغضب وزجر الغاضب ونصحه بترك هذهالصفة الخبيثة.

قال اإلمام الباقر )عليه السالم(:)إن هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم. وان أحدكم إذا غضب

احمرت عيناه، وانتفخت أوداجه، ودخل الشيطان فيه، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم األرض فإن رجز

(.35الشيطان ليذهب عنه عند ذلك() ولزوم األرض لئال يصطدم الطرفان فيحدث من ذلك جرح

أو قتل أو ما إليها. وربما جر الغضب أشياء لم يكن بالحسبان حتى انه لو خير الغاضب بين كظم غضبه وبين هذه العواقب السيئة لرأى

األول أهون بكثير، قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )كان أبي )عليه السالم( يقول: أي شيء أشد من الغضب؟ إن

الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرم الله، ويقذف(.36المحصنة()

والغالب إن القتل ال يقع إال من جراء غضب، وهكذا كل مفسدة ومكروه، ولذا قال اإلمام الصادق )عليه السالم(:

( بمعنى: إن الغضب ينتهي إلى37)الغضب مفتاح كل شر()كل شر، ال أن كل شر ينتهي إلى الغضب.

والغضب إذا فسح له المجال سيطر على جميع القوى فشلها حتى انه ال يبقي معه سلطان للعقل إذ إي عاقل يقدم على ما يقدم عليه الغضبان من سب وقذف وجرح

وضرب وقتل وما يظهر في مالمحه من آثار منكرة؟ ولذا يقول اإلمام )عليه السالم(: )من لم يملك غضبه لم يملك

( ويقول في كالم آخر:)الغضب ممحقة لقلب38عقله() الحكيم( إن قلب الحكيم وعاء للحكمة فإذا طاف به الغضب

لم يبق للحكمة مجال. إنه يظهر في الدنيا بأبشع منظر ويكون في اآلخرة من

أصحاب النار، قال )عليه السالم(:)إن الرجل ليغضب فما ( انه لو رضي ورجع39يرضى أبدا حتى يدخل النار()

وتخلص مما اقترفه من آثام لكنه يمتد به الغضب فيرتكبإجرامات أخر وهكذا.. حتى يرد الجحيم.

هذا حال الغضب لألمور الدنيوية ـ كما هو الغالب ـ أما الغضب لله تعالى ـ حسب حدوده ـ فهو من الفضائل: قال

أمير المؤمنين )عليه السالم( ـ في وصف النبي )صلى الله

56

عليه وآله وسلم(: )كان النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( ال يغضب للدنيا، وإذا أغضبه الحق لم يصرفه أحد، ولم يقم

( واالنتصار يكون ـ طبعا ـ40لغضبه شيء حتى ينتصر له()بإعالء كلمة الله.

بين الكالم والصمتمن أعجب آيات الله ـ وكل آياته عجيبة ـ اللسان!!

فهذه اللحمة المستدليــة التي ال تبلغ قدر نصف الكف سعة، تصنع العجائب المتضادة فخيرها ال يثمن، وشرها ال

يقدر، وزمامها ـ إطالقا ـ من أشكل المشكالت ـ أما تعديلها بأن تلزم الجادة، فال تنحرف يمينا وشماال، فيكاد يكون من

المستحيل.أما فوائدها:

فالصدق، وقول الحق، وشهادة الحق، واإلرشاد، والهداية، وإنارة الطريق، والذكر، والتسبيح، والتعليم، واألمر

بالمعروف، والنهي عن المنكر و... بل أصل اإليمان إنما يؤتى باللسان. أليس هو قوله: )ال إله إال الله. محمد رسول

الله(.وأما أضرارها:

فأضدادها تقدم.. والهمز واللمز والطعن واللعن والغيبةوالنميمة واالستهزاء والخوض في الباطل والتغني و...

واإلسالم.. بعد ما يؤكد على فوائدها ويأمر بمالزمة كل فرد فرد منها وبعدما يؤكد على أضرارها، ويحث على ترك كل

فرد فرد منها يشير إشارة إجمالية مطلقة على إن آية اللسان لها فوائد ولها أضرار، ويأمر بحفظها عن كل إثم

ومنكر، وإطالقها في كل معروف وخير. يقول القرآن العظيم: )ما يلفظ من قول إال لديه رقيب

(.41عتيد() ويقول: )ال خير في كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو

(.42معروف أو إصالح بين الناس...() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من يتكفل

(.43لي بما بين لحييه ورجليه أتكفل له بالجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من وقى شر قبقبه،

(.44وذبذبه، ولقلقه فقد وقى() القبقب: البطن. والذبذب: الفرج. واللقلق: اللسان. وذلك

ألن هذه األعضاء الثالثة هي التي تمضي غالبا، فالبطن: ألكل الحرام، واللسان: الحتقاب اآلثام، والفرج: محط أبشع

اإلجرام.

57

وقيل للنبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما النجاة، قال:(.45أملك عليك لسانك()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أكبر ما يدخل الناس(.46النار إال جوفان... الفم والفرج()

والفم ـ في الحديث ـ يجمع بين األكل والكالم. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )وهل يكب الناس على

(.47مناخرهم في النار، إال حصائد ألسنتهم() وقيل له )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما أخوف ما يخاف

علي؟(.48فاخذ بلسانه وقال هذا...()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يستقيم إيمان عبد،حتى يستقيم قلبه، وال يستقيم قلبه، حتى يستقيم لسانه()

49.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا أصبح ابن آدم،

أصبحت األعضاء كلها تكفر اللسان، فتقول: إتقي الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت

اعوججنا(.وقال له )صلى الله عليه وآله وسلم( رجل )أوصني؟

فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: اعبد الله كأنك تراه، وعد بنفسك في الموتى، وإن شئت أنبأتك بما هو أملك لك

(.50من هذا كله؟ وأشار بيده إلى لسانه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله عند لسان كل

(.51قائل، فليتق الله امرؤ على ما يقول() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من لم يحسب كالمه

(.52من عمله، كثرت خطاياه، وحضر عذابه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يعذب الله اللسان

بعذاب ال يعذبه شيئا من الجوارح. فيقول: أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا من

الجوارح؟ فيقال له: خرجت منك كلمة بلغت مشارق األرض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال

الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي وجاللي، ألعذبنك(.53بعذاب ال أعذب به شيئا من جوارحك()

هذا العذاب لمثل هذا اللسان، أما كل لسان فال، والعذاب في اآلخرة كاألمراض في الدنيا قسم منه يعم الجسم كله، وقسم يخص بجارحة من الجوارح، فكما ترمد العين، وتوجع السن وما أشبه. كذلك عذاب اآلخرة، فللسان ما اقترف من

58

اإلثم، ولليد ما اجترحت من العصيان، وللعين ما احتقبتمن الجرم، وهكذا...

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم( ـ لرجل كان يتكلم بفضول الكالم ـ: )يا هذا! انك تملي على حافظيك كتابا إلى

(.54ربك، فتكلم بما يعنيك، ودع ما ال يعنيك()ما أروع الكالم، وما دهشته!

أليس اإلنسان إذا تكلم، كتب الكاتبان ما قال؟ وأليسالكتاب يرفع إلى الله تعالى؟.

(.55وقال )عليه السالم(: )المرء مخبوء تحت لسانه()فإن تكلم تبين إنه عالم أو جاهل، فصيح أو ألكن.

وقال االمام السجاد )عليه السالم(: )إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه، كل صباح، فيقول: كيف

أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا ويقولون: الله الله الله(.56فينا ويناشدونه، ويقولون: انما نثاب ونعاقب بك()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما من يوم إال وكل عضو من أعضاء الجسد، يفكر اللسان، يقول: نشدتك الله

(.57أن نعذب فيك() وهل الحوار بين األعضاء ـ التي منها اللسان ـ حقيقة ال

ندركها أم تشبيه؟.محتمل لألمرين.

وكيف يمكن حقيقة ال ندركها؟. الى ما ال يحصى.. أنعرف ما في أجسامنا من أجهزة وآالت؟

كال! وهل نعرف ما فينا من جراثيم؟ وهل نعرف منطق الطير؟ وهل نعرف عالئم األمراض التي تنتابنا؟ وهل؟

وهل؟. قد يظن الظان إن السكوت خير من الكالم، إن هذا الظن

خطأ على قدر خطأ ظن إن الكالم ـ إطالقا ـ خير منالسكوت.

إن اإلسالم يحب في كل أمر معتدله، فالكالم في نظر االسالم خير من السكوت إن نفع، والسكوت خير من الكالم

إن ضر. أما إن االسالم يختار الصمت والسكوت، أو التكلم والقول،

فليس بحسن.يقول نبي االسالم )صلى الله عليه وآله وسلم(:

)رحم الله عبدا تكلم خيرا فغنم، أو سكت عن سوء فسلم()58.)

59

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إخزن لسانك إال من(.59خير، فإنك بذلك تغلب الشيطان()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( حينما جاء اليه إعرابي وقال: دلني على عمل يدخلني الجنة ـ: )أطعم الجائع،

واسق الظمآن وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم(.60تطق فكف لسانك إال من خير()

ولكن حيث إن غالب الناس، انما يحتقبون خير الكالم وشره، ويهذرون ليل نهار، ويرمون فارغ القول على

عواهله، يؤكد االسالم الحكم على ترك الكالم ـ إطالقا ـ يريد بذلك تقليله على قدر، كما أن من يرى ميالن الحمل

الثقيل من جانب، يجر الحمل بقوة إلى الجانب اآلخر حتى يعتدل، وإن عمل من القوة ما يكفي ميله إلى الجانب

الثاني لو كان معتادا بالنسبة إلى الجانبين. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من صمت

(.61نجا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الصمت حكم، وقليل

(.62فاعله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كف لسانه، ستر

(.63الله عورته() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أخبركم بأيسر(.64العبادة وأهونها على البدن: الصمت، وحسن الخلق()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )اذا رأيتم المؤمن(.65صموتا وقورا، فادنوا منه، فإنه يلقن الحكمة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الناس ثالثة: غانم، وسالم، وشاحب: فالغانم: الذي يذكر الله، والسالم:

(.66الساكت، والشاحب: الذي يخوض في الباطل() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن لسان المؤمن وراء

قلبه، فإذا أراد أن يتكلم بشيء تدبره بقلبه ثم أمضاه بلسانه، وإن لسان المنافق أمام قلبه، فإذا هم بشيء

(.67أمضاه بلسانه، ولم يتدبره() وهاتان ملكتان يكسبهما االنسان بطول الممارسة، فمن

اعتاد على أن يتكلم بعد التدبر، اشتد عليه ذلك أول األمر، حتى إذا اتخذه دأبا سهل عليه ثم يصبح ملكة يصعب عليه

تركه، فاذا أراد أن يتكلم سبقه التدبر والتفكر والروية عفوا وبال إعمال جهد بخالف من ترك الكالم مرسال فإنه يصعب

عليه التدبر.

60

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك، ثم قال: وال يعرف عبد

(.68حقيقة االيمان حتى يخزن من لسانه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( ـ لرجل أتاه ـ: )أال أدلك

على أمر يدخلك الله به الجنة؟.قال: بلى يا رسول الله.

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أنل مما أنالك الله.قال: فإن كنت أحوج ممن أنيله؟.

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: فانصر المظلوم.قال: فإن كنت أضعف ممن أنصره؟.

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: فاصنع لألخرق، يعنيأشر عليه.

قال: فإن كنت أخرق ممن أصنع له؟. قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: فأصمت لسانك إال من

خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك(.69إلى الجنة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )نجاة المؤمن حفظ(.70لسانه()

وجاء رجل اليه )صلى الله عليه وآله وسلم( فقال: )يا رسول الله أوصني! قال احفظ لسانك. وقال: يا رسول

الله أوصني؟ قال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانك. ويحك! وهل يكب الناس على

(.71مناخرهم في النار إال حصائد ألسنتهم؟() ان اللسان اذا أطلق. اغتاب وخاض في الباطل، وكذب

وبهت واستهزأ و.. وكلها مما يسبب دخول النار. و االنسان الساكت يغنم وال أقل من أنه ال يلقي بنفسه

إلى التهلكة، وهل هذا قليل؟. أما من اعتاد الحق والذكر فما أحسنه، وكالمه خير من

سكوته ألف مرة! وقيل ـ لعيسى بن مريم )عليهما السالم( ـ: )دلـنا على

عمل ندخل به الجنة؟ قال: ال تنطقوا أبدا، قالوا: ال نستطيع(.72ذلك.. قال: فال تنطقوا إال بخير()

وقوله )عليه السالم(: مبالغة وجذب للزمام ليعتدل الكالم وإال فالنطق بخير، دأب عيسى )عليه السالم(: )ويكلم

(.73الناس في المهد وكهال...() وقال )عليه السالم(: )العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في

(.74الصمت وجزء في الفرار من الناس()

61

وعن أبي عبد الله )عليه السالم( قال: )كان المسيح )عليه السالم( يقول: ال تكثروا الكالم غير في ذكر الله فإن الذين

يكثرون الكالم في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن ال(.75يعلمون()

وعن االمام الباقر )عليه السالم( أنه قال: )كان أبو ذر )رحمه الله( يقول: يا مبتغي العلم ان هذا اللسان مفتاح

خير، ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك(.76وورقك()

فإن الذهب والورق، كما ال ينفعان إال لخير فعلى االنسانأن ال يتكلم إال الخير.

(.77وقال )عليه السالم(: )إنما شيعتنا الخرس() وقال االمـــام الصـــادق )عليه السالم(: )في حكمـــة آل

داود: على العـــاقل أن يكون عارفا بزمانه مقبال على(.78شأنه، حافظا للسانه()

وفي الحقيقة: إن من جمع هذه الخصال الثالث كان مكتملالعقل.

وقليل ما هم! وقال )عليه السالم(: )ال يزال العبد يكتب محسنا، ما دام

(.79ساكتا، فاذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا() وقال )عليه السالم(: )النوم راحة للجسد، والنطق راحة

(.80للروح، والسكوت راحة للعقل() إن الروح تريد اإلنطالق، فإنطالقها الكالم، أما العاقل

العارف بمغبة كثير من الكالم فراحته السكوت. وقال )عليه السالم(: )الصمت كنز وافر، وزين الحليم،

(.81وستر الجاهل() وقال الرضا )عليه السالم(: )إحفظ لسانك تعز، وال تمكن

(.82الناس من قيادك فتذل رقبتك() وقال )عليه السالم(: )من عالمات الفقه: الحلم والعقل والصمت. إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت

(.83يكسب المحبة، إنه دليل على كل خير() وقال )عليه السالم(: )إن الرجل من بني اسرائيل إذا أراد

(.84العبادة صمت قبل ذلك بعشر سنين()وللسكوت من الفضيلة أكثر من ذلك وأكثر:

يقال: إن أحد النساجين نسج قطيفة ثمينة وأهداها إلى ملك من الملوك، فأستحسنها الملك وأمر بإجازته جائزة

كبيرة. ثم سأل وزراءه، عما يصلح له هذه القطيفة، فقال كل بما يرتأيه من الصالح، لكنه استثنى وقال: ال بد وان

62

ناسجها أعرف بما يمكن ان تصلح له فسأله الملك عن ذلك؟. ففكر الناسج طويال، ثم قال: انها تصلح لطرحها

على جنازة الملك! غضب الملك من مقاله وأمر بقتله، لكن أحد الحاضرين

استمهل الملك قائال: كنت الليلة البارحة أترقب النساج كي أتمكن من سرقة قطيفته وكنت أراه طول الليل يقول: اللهم إحفظ رأسي من لساني.. انه غير عامد بل لسانهليس بأمره ينطلق إلى المهاوي من غير خبث في ذاته.

فعفى الملك عنه.. وأكرمه!االنتقام والعفو

اإلنسان قد ينقصه الغير في عرض أو مال أو ما أشبه، فيهتاج لما فعله ويريد االنتقام منه لكن لالنتقام في نظر العقل والعاطفة معياران مختلفان، فالعقل ال يجيزه في كل مورد إذ كثيرا ما يكون دليال على صغر النفس ومهانة

الذات، مثال: الرجل الحكيم ال يقابل السب بالسب، وال القذف بالقذف، انه أمر سيئ سواء صدر بدءا أو مقابلة،

وهذا بخالف العاطفة فإنها تميل نحو التنكيل بالبادئ، وإنكان في ذلك حطـا من قدر المنتقم نفسه.

واإلسالم النظيف ال يحب االنتقام إال في حدود معقولة انه ال يحب االنتقام حسب العاطفة، وإنما يحبه حسب العقل

يقول النبي )صلى الله عليـه وآله وسلم(: )إن امرؤ عيرك ( وفي حديث آخر قال )صلى85بما فيك فال تعيره بما فيه()

(.86الله عليه وآله وسلم(:)المتسابان شيطانان يتهاتران() نعم ال يريد اإلسالم أن يكون اإلنسان خنوعا ذليال خصوصا

إذا كان سكوته موجبا لتجري المعتدي ولذا يقرر الله الحكيم رد االعتداء بالمثل يقول: )فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه

(.88( )أن النفس بالنفس...()87بمثل ما اعتدى عليكم...() ومع ذلك... فكلما كان مجال للعفو، فهو أفضل في نظر

اإلسالم وأسمى في نظر الدين يقول الله تعالى: )خذ ( فليعفوا89العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين() (. إن90وليصفحوا )... وأن تعفوا أقرب للتقوى...()

المنتقم ربما يجاوز قدر االعتداء، فيكون عمله أبعد عن التقوى، أما العافي فإنه في نجوة من اإلفراط، فهو أقرب

إلى التقوى وأبعد عن نوازع النفس. وقد حرض نبي اإلنسانية وآله األطهار، على العفو، مهما

وجد اإلنسان سبيال إليه، يقول رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث ـ والذي نفسي بيده إن كنت حالفا

63

لحلفت عليهن ـ ما نقصت صدقة من مال فتصدقوا، وال عفا رجل عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إال زاده الله بها عزا يوم القيامة، وال فتح رجل على نفسه باب مسألة إال

(.91فتح الله عليه باب فقر() إن أقبلت الدنيا فال تنقص الصدقة ماال، وان أدبرت فهو

في نقص تصدق أم ال. والعفو محبوب لله فهو تعالى يزيد عز الرجل ليس في

اآلخرة فحسب بل في الدنيا أيضا ـ وان كان النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( لم يذكره هنا لعله ألمور ـ حتى إن

الظالم ليجل العافي، ويعلم زنة نفسه ورجاحة عقله، ولذا قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )العفو ال يزيد العبد إال

( وقال )صلى الله عليه وآله92عزا فاعفوا يعزكم الله() وسلم(:)قال موسى: يا رب أي عبادك أعز عليك؟ قال:

الذي إذا قدر عفى(. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أخبركم بخير خالئق

الدنيا واآلخرة؟! العفو عمن ظلمك وصلة من قطعك، (93واإلحسان إلى من أساء إليك، وإعطاءك من حرمك()

أما ما يراه مثل هذا المتخلق في الدنيا فهو شيء ملموس عز ورفعة حتى عند األعداء والخصماء وعيش هنيء رغد...

وأما ما يراه في اآلخرة فيقول اإلمام السجاد )عليه السالم(: )إذا كان يوم القيامة جمع الله األولين واآلخرين

في صعيد واحد ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟! قال: فيقوم عنق من الناس، فتلقاهم المالئكة فيقولون: وما

فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمناونعفو عمن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة(

(94.) ولذا قال اإلمام الصادق: )ثالث من مكارم الدنيا واآلخرة:

تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك((95.)

ومهما فعل اإلنسان من عفو أو انتقام فإنه كثيرا ما يندم: لماذا ما عفوت؟! أو: لماذا ما عاقبت؟! لكن ندم العفو

أيسر، إنه ندم ولم يجرح عواطف، ولم يؤذ أحدا، بخالف ندم العقوبة، قال اإلمام الباقر )عليه السالم(:)الندامة على

(.96العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة() والعافي ينتصر أخيرا، وإن كان المنتقم يشفي غيظه، لكن

ما فائدة تشفي ال يعقبه نصر؟ قال أبو الحسن )عليه

64

السالم(:)ما التقت فئتان قط إال نصر أعظمهما عفوا()97.)

.1/309 ـ جامع السعادات: 1.1/309 ـ جامع السعادات: 2.195 ـ سورة البقرة: آية 3.1/241 ـ جامع السعادات: 4.1/241 ـ جامع السعادات: 5.29 ـ سورة الفتح: آية 6.73 ـ سورة التوبة: آية 7.1/242 ـ جامع السعادات: 8.1/242 ـ جامع السعادات: 9

.28 ـ سورة فاطر: آية 10.154 ـ سورة األعراف: آية 11.8 ـ سورة البينة: آية 12.2 ـ سورة األنفال: آية 13.175 ـ سورة آل عمران: آية 14.10 ـ سورة األعلى: آية 15.41 و40 ـ سورة النازعات: آية 16.1/259 ـ جامع السعادات: 17.1/259 ـ جامع السعادات: 18.1/259 ـ جامع السعادات: 19.1/261 ـ جامع السعادات: 20.28 ـ سورة فاطر: آية 21.44 ـ سورة المائدة: آية 22.2 ـ سورة الطالق: آية 23.1/261 ـ جامع السعادات: 24.1/261 ـ جامع السعادات: 25.1/331 ـ جامع السعادات: 26.1/331 ـ جامع السعادات: 27.1/331 ـ جامع السعادات: 28.1/331 ـ جامع السعادات: 29.1/332 ـ جامع السعادات: 2/111 ـ أصول الكافي: 30.1/331 ـ جامع السعادات: 31.27 ـ سورة المائدة: آية 32.1/331 ـ جامع السعادات: 33.1/331 ـ جامع السعادات: 34

65

.1/323 ـ جامع السعادات: 2/304 ـ أصول الكافي: 35.1/323 ـ جامع السعادات: 2/302 ـ أصول الكافي: 36.1/323 ـ جامع السعادات: 2/303 ـ أصول الكافي: 37.1/323 ـ جامع السعادات: 2/303 ـ أصول الكافي: 38.1/323 ـ جامع السعادات: 2/302 ـ أصول الكافي: 39.1/325 ـ جامع السعادات: 40.18 ـ سورة ق: آية 41.114 ـ سورة النساء: آية 42.2/342 ـ جامع السعادات: 43.2/342 ـ جامع السعادات: 44.2/342 ـ جامع السعادات: 45.2/342 ـ جامع السعادات: 46.2/342 ـ جامع السعادات: 47.2/342 ـ جامع السعادات: 48.2/342 ـ جامع السعادات: 49.2/342 ـ جامع السعادات: 50.2/342 ـ جامع السعادات: 51.2/342 ـ جامع السعادات: 2/115 ـ أصول الكافي: 52.2/342 ـ جامع السعادات: 2/115 ـ أصول الكافي: 53.2/343 ـ جامع السعادات: 54.2/343 ـ جامع السعادات: 55.2/343 ـ جامع السعادات: 2/115 ـ أصول الكافي: 56.2/343 ـ جامع السعادات: 2/115 ـ أصول الكافي: 57.2/344 ـ جامع السعادات: 58.2/345 ـ جامع السعادات: 59.2/344 ـ جامع السعادات: 60.2/344 ـ جامع السعادات: 61.2/344 ـ جامع السعادات: 62.2/344 ـ جامع السعادات: 63.2/344 ـ جامع السعادات: 64.2/345 ـ جامع السعادات: 65.2/345 ـ جامع السعادات: 66.2/345 ـ جامع السعادات: 67.2/345 ـ جامع السعادات: 2/114 ـ أصول الكافي: 68.2/345 ـ جامع السعادات: 2/113 ـ أصول الكافي: 69.2/345 ـ جامع السعادات: 2/114 ـ أصول الكافي: 70.2/345 ـ جامع السعادات: 2/115 ـ أصول الكافي: 71

66

.2/345 ـ جامع السعادات: 72.46 ـ سورة آل عمران: آية 73.2/346 ـ جامع السعادات: 74.2/346 ـ جامع السعادات: 2/114 ـ أصول الكافي: 75.2/346 ـ جامع السعادات: 2/114 ـ أصول الكافي: 76.2/346 ـ جامع السعادات: 2/113 ـ أصول الكافي: 77.2/346 ـ جامع السعادات: 2/116 ـ أصول الكافي: 78.2/346 ـ جامع السعادات: 2/116 ـ أصول الكافي: 79.2/346 ـ جامع السعادات: 80.2/346 ـ جامع السعادات: 81.2/346 ـ جامع السعادات: 82.2/346 ـ جامع السعادات: 2/113 ـ أصول الكافي: 83.2/346 ـ جامع السعادات: 2/111 ـ أصول الكافي: 84.1/334 ـ جامع السعادات: 85.1/334 ـ جامع السعادات: 86.194 ـ سورة البقرة: آية 87.45 ـ سورة المائدة: آية 88.199 ـ سورة األعراف: 89.237 ـ سورة البقرة: 90.1/336 ـ جامع السعادات: 91.1/336 ـ جامع السعادات: 2/109 ـ أصول الكافي: 92.2/107 ـ أصول الكافي: 93.1/337 ـ جامع السعادات: 94.1/337 ـ جامع السعادات: 2/109 ـ أصول الكافي: 95.1/337 ـ جامع السعادات: 2/108 ـ أصول الكافي: 96.1/337 ـ جامع السعادات: 2/108 ـ أصول الكافي: 97

67

الرابع الباب

التآلف والتباعد من الناس من فطر على األلفة فتراه يألف من الحيوان والجماد،

فكيف باإلنسان! ومنهم من جبل على الهجرة، فهو كالصخرة الصماء ال تلصق بشيء،

وإن ألصقت فسرعان ما هجرت وابتعدت.وإذا نظرنا إلى مجتمع اإلنسان رأيناه أحوج ما يكون إلى االلفة:

إن الجماد يتمكن أن يحتفظ على كيانه وحده، فالحصاة ال تحتاج إلىحصاة أخرى.

والنبات يتمكن أن ينبت وحده في الصحراء ويبقى على ريه وبهجته إلى أن يصير هشيما. والحيوان، إذا سرح في واحة، أخذ ما يكفيه من

النبات ولو ترك في صحراء تحرى جهده، حتى يصل إلى ماء وكأل،فيعيش حتى يخترمه الموت.

أما اإلنسان فهل يمكن أن يعيش بال لباس؟ أو هل يمكن أن يبقى بال قوت؟ أو هل يمكن أن يظل بغير مسكن؟ وهكذا قل: في دوائه إذا

مرض وسفره برا وبحرا إذا احتاج.ثم انظر قليال إلى ما تستعمله!

فثريد تأكله احتاج إلى ألوف من األفراد فمن هيأ األرض للزرع؟.ومن أجرى فيها الماء، ومن ربى الثيران ومن نجر المحراث؟ ومن صنع

حديدته ومن أخذ البذر؟ ومن زرعه؟ ومن حرسه؟ ومن سقاه؟ ومن؟ومن؟

هذا ثريد تأكله، وقل: في دار تسكنه، ولباس تلبسه، وزوجة تتمتع بها،وآلة تستعملها ولو كانت قلما للكتابة وهكذا.. وهكذا.

إذ ا:فاإلنسان محتاج إلى االلفة من قرنه إلى قدمه ومن مهده إلى لحده.

والذي يفيض على هذه االحتياجات صبغة الكمال هو االلفة بعد أن يكون قدر منها ضرورية ألصل العيش فمن الناس من يخضع إلى القدر الضروري طوعا أو كرها ثم يبتعد عن الناس وهذا إنسان ناقص، أخذه

عن المجتمع كثير، وإعطاؤه له قليل. ومنهم من يعطي أكثر مما يأخذ يألف أكثر من الحاجات اإلنسانية وهذا

مستكمل يأخذ بالمجتمع إلى األمام.ومنهم من يعطي قدر ما يأخذ وهذا إنسان فحسب، أما أنه يخدم فال.

واإلسالم يحرص على القسم الثاني فإنه يريد الرقي والصعود، والحبوالطهارة.

ألم يقل الحكماء: إن اإلنسان اشتق من اإلنس؟

68

وما تراه معتبرا في ثنايا الشريعة المطهرة، من الضيافة، والهدية، والصلة، والبر، وحسن الخلق، والتزوار، والمشايعة، واالستقبال و.. و..و... كلها مرتبطة بهذا السلك العام وهو إيجاد االلفة + بمعناها الواسع +

فاسمع إلى شطر من األحاديث الواردة بهذا الصدد. قال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )لقاء األخوان مغنم جسيم،

(.1وإن قلوا() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )ان لله عز وجل جنة ال يدخلها إال

ثالثة: رجل حكم على نفسه بالحق، ورجل زار أخاه المؤمن في الله،(.2ورجل آثر أخاه المؤمن في الله()

وقال )عليه السالم(: )إن المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره، فيوكل الله عز وجل به ملكا فيضع جناحا في األرض، وجناحا في السماء يظله،

فإذا دخل إلى منزله ناداه الجبار تبارك وتعالى: أيها العبد المعظم لحقي المتبع آلثار نبيي، حق علي إعظامك، سلني أعطك، إدعني

أجبك، اسكت أبتدئك، فإذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتى يدخل إلى منزله، ثم يناديه تبارك وتعالى: أيها العبد المعظم لحقي حق

(.3علي إكرامك، قد أوجبت لك جنتي وشفعتك في عبادي() إنه زار أخا وكسب صداقة وشد عروة الوداد ومع ذلك يعطيه الله من

الثواب هذا المقدار الهائل! فأي إسالم هذا الذي ال يأتي مثله أبدا؟ وماأعظمه وأسماه؟ وهل يجد اإلنسان بديال منه؟.

وإن شئت المزيد فاسمع: قال )عليه السالم(: )أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقه كتب

الله له بكل خطوة حسنة، ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة فإذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه ثم باهى بهما المالئكة، فيقول: انظروا إلى عبدي

تزاورا وتحابا في، حق علي أن ال أعذبهما بالنار، بعد ذا الموقف. فإذا انصرف شيعه مالئكة عدد نفسه وخطاه وكالمه يحفظونه عن بالء

الدنيا وبوائق اآلخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل، فإن مات فيما بينهماأعفي من الحساب.

وإن كان المزور يعرف من حق الزائر، ما عرفه الزائر من حق المزور،(.4كان له مثل أجره()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من زار أخاه لله ال لشيء غيره، إللتماس ما وعد الله وتنجز ما عنده، وكل الله به سبعين ألف ملك

(.5ينادونه: أال طبت وطابت لك الجنة() وقال )عليه السالم(: )من زار أخاه في الله قال عز وجل: إياي زرت

(.6وثوابك علي ولست أرضى لك ثوابا دون الجنة() وقال )عليه السالم(: )من زار أخاه في الله في مرض أو صحة ال يأتيه خداعا وال استبداال وكل الله به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه: أن

69

طبت وطابت لك الجنة، فأنتم زوار الله وأنتم وفد الرحمن حتى يأتيمنزله.

فقال له يسير: جعلت فداك فإن كان المكان بعيدا؟ قال: نعم يا يسير، وإن كان المكان مسيرة سنة، فإن الله جواد والمالئكة كثيرة يشيعونه

(.7حتى يرجع إلى منزله()وربما يخطر على بال بعض الناس: كيف يكون المالئكة بهذه الكثرة؟

إنهم غافلون عن خلق الله وهل من مانع أن يخلق الله ماليين منالمالئكة بكلمة )كن(؟

إسمع:26يقول العلم الحديث: عند التناسل يفرز الرجل ) ( مليون حيوانا منويا

صغير الحجم. ( مليون حيوان في قطرة ماء ال يقدر200فهل من يقدر على خلق )

على خلق باليين الباليين من المالئكة في أقطار األرض وآفاقالسماء؟.

وحقا: إن من ينكر الشرع لسخافات وهمية، بعيد عن موازين المنطقوالعقل!

وباألخص بعدما ظهر من أسرار األحاديث كثرة كبيرة وتبين أنهامطابقة للواقع والحقيقة.

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من زار أخاه في الله تعالى ولله، جاء يوم القيامة، يخطر بين قباطي من نور، ال يمر بشيء إال أضاء له حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيقول الله عز وجل له: مرحبا وإذا

(.8قال: مرحبا أجزل الله عز وجل له العطية() ومعنى الوقوف بين يدي الله: حيث توجه خطابه وإال فليس لله مكان

كما ذكر في العقائد. وقال )عليه السالم(: )لزيارة مؤمن في الله، خير من عتق عشر

رقبات مؤمنات، ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى كل عضو عضوا من النار(.9حتى إن الفرج يقي الفرج()

وقال )عليه السالم( + ألبي خديجة +:كم بينك وبين البصرة؟

قال: في الماء خمس إذا طابت الريح.. وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك. فقال )عليه السالم(: ما أقرب هذا! تزاوروا وتعاهدوا بعضكم بعضا فإنه

(.10ال بد + يوم القيامة + يأتي كل إنسان بشاهد شهد له على دينه() وقال )عليه السالم(: )إن المسلم إذا رأى أخاه كان حياة لدينه إذا ذكر

(.11الله() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )مثل األخوين إذا التقيا:

مثل اليدين.. تغسل إحداهما األخرى ما التقى المؤمنان قط إال أفاد(.12الله أحدهما من صاحبه خيرا()

70

وفي القرآن نص األحاديث على األلفة بلفظها: )... لو أنفقت ما في األرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف

(.13بينهم...() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن إلف مألوف

(.14وال خير فيمن ال يألف وال يؤلف() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )فرحم الله امرء ألف بين وليين لنا

(.15يا معشر المؤمنين تآلفوا وتعاطفوا()كما أن في األحاديث ترغيب إلى أسباب اإللفة:

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أولى الناس بالله(.16وبرسوله: من بدأ بالسالم()

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ال تغضبوا وال تقبضوا، إفشواالسالم وأطيبوا الكالم وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسالم()

( وقال الباقر )عليه السالم(: إن الله يحب إطعام الطعام وإفشاء17(.18السالم()

(.19وقال )عليه السالم(: )من التواضع أن تسلم على من لقيت()وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة()

20.)وقال )عليه السالم(: )مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة المالئكة()

21.) ومن الطبيعي أن يكره اإلسالم الهجرة + بعد ذلك + ويندد في النكير

على من هجر أخاه. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثالثا ال يصطلحان إال كانا خارجين من اإلسالم ولم يكن بينهما

والية فأيهما سبق الكالم ألخيه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب()22.)

(.23وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال هجرة فوق ثالث() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ال يفترق رجالن على الهجران إال

استوجب أحدهما البراءة واللعنة وربما استحق ذلك كالهما، فقال لهمعتب: جعلني الله فداك هذا للظالم فما بال المظلوم؟

قال )عليه السالم(: ألنه ال يدعو إلى صلة أخيه، وال يتعامى له عن(.24كالمه()

سمعت أبي )عليه السالم( يقول: )اذا تنازع اثنان فعاز أحدهما اآلخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه، حتى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم

حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه فإن الله تبارك وتعالى حكم عدل(.25يأخذ للمظلوم من الظالم()

وقولة المظلوم: أنا الظالم خال عن المتعلق فال يوجب الكذب.

71

وقال )عليه السالم(: )ال يزال إبليس فرحا ما اهتجر مسلمان فإذا التقيا اصطكت ركبتاه وتخلعت أوصاله، ونادى يا ويله: ما لقي من

(.26الثبور() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما

لم يرجع أحدهم عن دينه. فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه، وتمدد،(.27ثم قال: فزت()

واإلنسان المبتعد عن االجتماع، ال بد وأن تهتاج في نفسه عوامل أكثر إنه يراهم، وكلهم إثم، أليسوا يهمزون ويلمزون؟ ويمنعون حقا؟

ويخوضون في باطل؟ ولذا تراه يهجرهم هجرا غير جميل وفي ههنايكمن انفصام المجتمع الخير.

لكن اإلسالم يريد اإللفة واالجتماع، حتى اذا رأى اإلنسان الشر رأىالخير إلى جانبه، فال يكون مبتعدا سيء الظن.

رفق وعنف ربما يعالج اإلنسان األمور + أيا ما كان + برفق ومداراة وخليق بهذا

اإلنسان أن ينجح آخر األمر وإن بدأ في النظر بطيئا أو سخيفا وربما يعالجه بشدة وعنف وجدير بمثله أن يخفق ولو نجح. فإنه أتعب نفسه وعنف وأزعج اآلخرين، فالنجاح ال يقدر بما يقدر به نجاح الرفيق وفي

غالب األحيان يكون العنيف مبتعدا مجانبا فال يحظى بما حظي به اللين المداري ولذا يقول الله تعالى + مخاطبا لرسوله +: )فبما رحمة من الله

( إن28لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك...() اللين والرفق يفعالن ما ال يفعله الدينار والدرهم إن الفظ العنيف ال صديق له وإن أنفق حتى أسرف، واللين الرفيق يكتنفه األخالء وإنكان فقيرا معدما كيف ال والدينار حظ الجسم، واللين حظ الروح؟.

وفي أحاديث النبي واألئمة )عليهم الصالة والسالم( كثرة مهولة من الحث على الرفق والمداراة ألنهما أساس كثير من السعادات الدنيوية

واألخروية واليك بعضها: قال )صلى الله عليه وآله وسل+م(:)لو كان الرفق خلقا يرى، ما ك+ان

(.29فيما خلق الله شيء أحسن منه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)إن الرفق لم يوضع على شيء إال

(.30زانه، وال ينزع من شيء إال شانه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)إن لكل شيء قفال وقفل اإليمان

( فمن رفق أقفل على إيمانه ال يسرقه شيطان أو نفس31الرفق()أما العنيف فإيمانه عرضة للسرقة والنهب.

ويقول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله عز وجل رفيق يحب(.32الرفق ويعطي على الرفق ما ال يعطي على العنف()

ويقول )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ما اصطحب اث+++نان إال ك+++ان(.33أعظمه+++ما أجرا وأحبهما إلى الله عز وجل: أرفقهما بصاحبه()

72

(.34ويقول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الرفق يمن والخرق شؤم() ويقول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من ك+ان رفيقا في أمره، نال ما

(.35يريده من الناس() ويقول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا أحب الله أهل بيت أدخل

(.36عليهم الرفق() ويقول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أعطي حظه من الرفق،

أعطي حظه من خير الدنيا واآلخرة، ومن حرم حظه من الرفق حرم(.37حظه من الدنيا واالخرة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن في الرفق الزيادة والبركة،(.38ومن يحرم الرفق يحرم الخير()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)أتدرون من يح+رم على النار؟ كل(.39هين لين سهل قريب()

( إذ40وقال االمام الكاظم )عليه السالم(: )الرفق نصف العيش() العيش بالروح والجسد والرفق يؤمن الناحية الروحية، فتبقى الناحية

الجسدية. وجرى بين رجل وبين قوم كالم فقال له )عليه السالم(:)إرفق بهم فإن

(.41كفر أحدكم في غضبه، وال خير فيمن كان كفره في غضبه() وهذه األحاديث ال تحتاج إلى تحليل فلسفي، أو تقريب منطقي إنها

أمور محسوسة ملموسة، منتهى األمر: إن تطبيق الرفق العملي صعبجدا.

المدح والذم كل إنسان ال بد وأن تكون له مساوئ + إال من عصمه الله تعالى + كما

أنه ال بد وأن يكون له محاسن. فمن الناس من يزال يذكر المساوئ وهذا إنسان خبيث فطر على ذكر

العيوب مثله مثل الذباب الذي يحط على القيح والدم، تاركا المواضعالحسنة من الجسد وما أقذر عمله!

ومن الناس من ال يزال يذكر المحاسن. وهذا خير من صاحبه وإن كان موجبا لألغراء + فيما إذا لم يلحظ شرائط المدح + فرب رجل إذا قلت

عنه: إنه عالم شمخ بأنفه، وترك العلم، ظنا فيه أنه قد كفاه ما حصل. أو لو

قلت عنه: إنه حسن األخالق، صار مغرورا بمقالتك وأساء خلقه، وهكذا. ومنهم: من يعدل في األمر، وهو المصلح، يمدح بقدر، ويرشد بقدر،

وهذا هو الوسط الذي يحبه اإلسالم + وهو يحب في كل شيء: الوسط.+

واألحاديث الواردة في ذم المدح أو حسنه، ناظرة إلى هذين الطرفين: فمدح من ال يستحق، أو يوجب مدحه كبرا أو إخالء أو ما أشبه..

مذموم..

73

ومدح من يستحق، أو يوجب مدحه إصالحا وصالحا.. مرغوب... في أحاديث متفرقة: أثنى رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(

على أمير المؤمنين )عليه السالم( وأبي ذر، وعمار، وأشباههم. وأثنى بعض الص++حابة على بعض ال++موت+++ى، فقال )صلى الله عليه

(42وآله وسلم(: )وجبت لكم الجنة، وأنتم شهداء الله في األرض() وفي الحديث: )إن لبني آدم جلساء من المالئكة، فإذا ذكر أحد أخاه

المسلم بخير، قالت المالئكة: ولك مثله. وإذا ذكره بسوء قالت المالئكة: يا ابن آدم المستور عورته، أربع على نفسك، واحمد الله إذ

(.43ستر عورتك()أما المدح المذموم..

فقد قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله ليغضب اذا(.44مدح الناس الفاسق()

ومدح رجل + بمحضر من النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( + رجال، فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ويحك، قطعت عنق صاحبك، لو

(.45سمعها ما أفلح() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا مدحت أخاك في وجهه، فكأنما

(.46أمررت على حلقه الموسى() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( + لمن مدح رجال +: )عقرت الرجل!

(.47عقرك الله!() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو مشى رجل إلى رجل بسكين

(.48مرهف، كان خيرا له من أن يثني عليه في وجهه() ثم إن الرجل كل الرجل، أن ال يهشه الثناء، وال يغريه اإلطراء + وقليل

ما هم + وهكذا وإن كان صعبا غاية الصعوبة، إال إن اإلنسان إذا الزم مراجعة نقائصه، وراقب نفسه مراقبة منظمة مستمرة، وجعل ذاته

قاضيا في مساوئه ومحاسنه انطبعت نفسه بالوسط، فال يغريه مدح،وال يعصف به ذم.

وفوق هذا... أن يأخذ اإلنسان من كل ذم ومدح مرقاتا للرقي والتقدم، فيجعل

المدح محفزا لتحصيل الكمال. أليس مدح ألن فيه ناحية من الصالح؟ فلو صلح من جميع النواحي + بالقدر الممكن + كان بالمدح أجدر

وبتعظيم الناس أقرب وكذا يجعل الذم رمادا يصقل به مرآة نفسه، فيفكر هل فيه ما قيل بالنسبة إليه من الذم؟ فإن كان أصلحه، وإن لم

يكن راقب ذاته، حتى ال يقع فيه. وفي هذا الحديث المروي عن االمام أمير المؤمنين )عليه السالم(

درس بليغ، بالنسبة إلى من يمدح في وجهه.فقد روي: ان االمام )عليه السالم( أثني عليه في وجهه، فقال:

74

)اللهم اغفر لي ما ال يعلمون، وال توأخذني بما يقولون، واجعلني خيرا(.49مما يظنون()

وهكذا أدب اإلسالم أتباعه، حتى ال يطغى بهم اإلطراء، بل + بالعكسمن تلك + يوجد فيهم نوعا من التواضع والتحفيز على التقدم.

هل تحب أن تمدح؟نعم.. كلنا نحب أن نمدح.. ونكره أن نذم.. وهل ذلك مذموم؟.

كال! أليس الله أحب أن يمدح وكره أن يذم؟ أليس األنبياء واألئمة حثواعلى ذكر فضائلهم، والتجنب عن ذمهم؟.

أجل.. فرق بين من يحب المدح ويكره الذم لذاتهما، وبين من يجعلهما لغاية كما إنه فرق بين من يعمل ألجلهما، وبين من يعمل إخالصا من

دون نظر إلى مدح وذم. إن األنبياء واألئمة أحبوا المدح غاية ال ذاتيا، إنهم أحبوا ان يذكروا

بالصدق واألمانة، والورع والتقوى. ليتخذهم الناس أسوة فيسعدوا فيالحياة، وهم إنما يعملون إخالصا وحسب، ال ألن يمدحوا.

وفرق بين من أحب أن يتبعه الناس في الطريق، ليوصلهم إلىالطريق.. وبين من أحب أن يتبعوه ليسمع خفق النعال من خلفه.

واإلنسان الذي يحب المدح وسيلة، نراه يعمل للغاية وهي الحق، وإن ذمه الناس وازدروه وقالوا فيه مقاالت.. وذلك بخالف اإلنسان الذي يتخذه غاية فإنه ال يفتىء يعمل للمدح سواء كان عمله حقا أو باطال، مثوبة أو إثما، فهو يذبح المثل السامية على مذابح الشهرة والصيت،

بينما الشخص األول، يضحي بكل ما لديه ألجل الحق والفضيلة. لكن لما كان غالب الناس يحبون المدح غاية، ال وسيلة.. صب اإلسالم

ذمه المقذع على من أحب المدح: قال رسول الله )صلى الله عليه(.50وآله وسلم(: )إنما هلك الناس باتباع الهوى، وحب الثناء()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )رأس التواضع أن تكره أن تذكر(.51بالبر والتقوى()

ثم.. ان المدح + في الغالب + يغري الممدوح، فيتكبر + أوال + ويترهل عن الخير + ثانيا + ولذا يكره اإلسالم المادح، إلى جنب كرهه من احب

المدح. أثنى رجل على رجل + والنبي )صلى الله عليه وآله وسلم( حاضر +

فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو كان صاحبك حاضرا، فرضى(.52بالذي قلت، فمات على ذلك، دخل النار()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( + لمادح آخر +: )ويحك قطعت(.53ظهره، ولو سمعك ما أفلح إلى يوم القيامة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال ال تمادحوا وإذا رأيتم المداحين،(.54فاحثوا في وجوههم التراب()

75

ومن الظريف: إن األقدار تعاكس من يحب المدح ويكره الذم، فيذمه الناس أليس يعمل للمدح؟ فهو ليس بمخلص وسرعان ما يعرف

الناس دخيلة قلبه، فال يمدحوه أبدا... ولو مدحوه كرها، كان أقرب إلى الذم، وال يذهب زمان حتى ينقضوا عليه، ينقضوه وينقضوه كفاء ما

مدحوه. نعم.. يجب مدح المصلحين والصالحين.. ليتأسى بهم الناس،كما يلزم ذم المفسدين والفاسدين ليتجنبهم الناس.

كما أن المدح على شخص، ال يغتر وال يتكبر بالمدح، بل يكون محفزا له على المضي في الخير أكثر فأكثر.. ال بأس به، بل هو من التشجيع

والمعاونة في الخير المأمور به في اآلية الكريمة: )... تعاونوا على البر(.55والتقوى...()

التكبر والتواضع إن النفس البشرية تحب السمو المادي واألدبي. وال يخلو من هذه

الغريزة فرد وال جماعة.. ولكنه قد يسيء في استغالل هذه الملكة، فيصرفها في مصارف ضارة ال تؤتي ثمارها إال بشعة مرة وكأنها من

رؤوس الشياطين، وبذلك تتقهقر الكماالت والملكات الخيرة إلى الوراءبالعكس مما زعم صاحبها من إنها تدفعه إلى اإلمام.

وللنفس ميزان يوزن بها السمو واالنحطاط والرفعة والضعة فإذا دخله نقص أو انحراف، أوجب خلال في الكيل والوزن وخياال في المقايسة

والموازنة... إن كل نفس ال بد وأن يكون لها مقدار من الثقل أو الخفة، فإرادة أن ترى أثقل أو أخف مدارات ورياء ومع ذلك فصعوبة

يتحملها اإلنسان بال أي فائدة.ومصيبة المتكبر هذه:

انه ضيع مقياس نفسه، فيريد أن ينفعها من حيث يعاكسه القدر،فيضرها.

وال يقال: كبر أو تكبر أو كبرياء، إال إذا زاد الشخص في مقداره زيادة باطلة ال يسندها الحق وال يقرها المنطق... كما ال يقال: مهانة وذلة

وابتذال، إال إذا نقص الشخص في مقداره نقصانا مخالفا للحقيقة والواقع.. وكالهما انحراف عن الواقع وزيغ عن الوسط العدل وال

يجران إلى المتصف بهما إال ضعة وانحطاطا!. فالمتكبر يريد أن يسمو بنفسه، حيث يضعها برغمه. والمتبذل يريد أن

يخدم ذاته حيث ينقصها. وفرق بين العزة والتكبر، كما انه فرق بين التواضع واالبتذال فاألوالن

ممدوحان واآلخران مذمومان. واإلسالم حيث يتطلب الحقيقة ويأمر بها، ويكره كل مدارات ورياء

وكذب وانحراف، يأمر بالعزة )... ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين...()( من غير كبر وينهي عن االبتذال والمهانة دون التواضع.56

ونسرد بعض اآلثار في ذم التكبر والمتكبر.

76

(.57قال الله تعالى: )... كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار()(.58وقال تعالى: )سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون...()

وقال تعالى: )... والمالئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم... وكنتم(.59عن آياته تستكبرون()

وقال تعالى: )ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين()60.)

وقال تعالى: )فالذين ال يؤمنون باآلخرة قلوبهم منكرة وهم(.61مستكبرون()

وقال تعالى: )...إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم(.62داخرين()

(.63وقال تعالى: )... إن في صدورهم إال كبر ما هم ببالغيه...() قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يدخل الجنة من كان

(.64في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من تعظم في نفسه واختال في

(.65مشيته لقي الله وهو عليه غضبان() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال ينظر الله إلى رجل يجر إزاره

(.66بطرا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال الله تعالى: الكبرياء ردائي

(.67والعظمة إزاري، فمن نازعني في واحد منهما ألقيته في جهنم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يزال الرجل يذهب بنفسه حتى

(.68يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم من العذاب() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أخبركم بأهل النار؟ كل عتل

(.70( متكبر()69جواظ جعظري) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يدخل الجنة جبار، وال بخيل، وال

(.71سيئ الملكة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يخرج من النار عنق له أذنان

تسمعان، وعينان تبصران، ولسان ينطق، يقول: وكلت بثالثة: بكل جبار(72عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالثة ال يكلمهم الله، وال ينظر إليهم يوم القيامة، وال يزكيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك جبار،

(.73ومقل مختال() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )بئس العبد عبد تجبر واعتدى ونسى الجبار األعلى، بئس العبد عبد تبختر واختال ونسي الكبير

المتعال، بئس العبد عبد غفل وسها ونسي المقابر والبلى، بئس العبد(.74عبد عتا وبغى ونسي المبدأ والمنتهى()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أبغضكم إلينا وأبعدكم عنا في( أي المتكبرون.75اآلخرة الثرثارون المتشدقون المتفيقهون()

77

وقال )صلى الله عليه واله وسلم(: )يحشر الجبارون والمتكبرون يوم(.76القيامة في صور الذر تطأهم الناس لهوانهم على الله تعالى()

انهم أرادوا أن يظهروا لألعين فوق حقائقهم التي هم عليها فعاكستهم األقدار، فهم في الدنيا مهانون يجتنب عنهم لكبرهم ونخوتهم فال يوقر

لهم مجلس وال يحترم لهم مشهد وال يحفظ فيهم مغيبهم بل تشرع عليهم األلسنة من كل مكان بالذم واالزدراء وفي اآلخرة في صورة

الذر تطأهم الناس! يا للحقارة والهون!!. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يحشر المتكبرون يوم القيامة في

مثل صور الذر تطأهم الناس ذرا في مثل صور الرجال يعلوهم كل شيء من الصغار، ثم يساقون إلى سجن في جهنم يقال له )يولس(تعلوهم نار شر أنيار، يسقون، من طينة الخبال وعصارة أهل النار()

77.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن في جهنم واديا يقال له

(.78)هبهب( حق على الله أن يسكنه كل جبار() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن في النار قصرا يجعل فيه

(. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:79المتكبرون، ويطبق عليهم() )إذا مشت أمتي المطيطاء )مشية فيها اختيال( وخدمتهم فارس

(.80والروم سلط الله بعضهم على بعض() وقد ضرب المسيح )عليه السالم( أروع األمثلة لقبول قلوب

المتواضعين الحكمة دون المتكبرين. قال )عليه السالم(: )كما إن الزرع ينبت في السهل وال ينبت على الصفاء، كذلك الحكمة تنبت في قلب المتواضع، وال تعمر في قلب

المتكبر، أال ترون أنه من يتشمخ برأسه إلى السقف شجه ومن(.81يطأطىء أظله وأكنه()

وليس التحذير عن الكبر خاصا بنبينا محمد )صلى الله عليه وآله وسلم( أو المسيح )عليه السالم( وإنما حذر منه كل األنبياء لعواقبه الوخيمة

ومضادته للفطرة اإلنسانية. في الحديث: )إن نوحا )عليه السالم( لما حضرته الوفاة، دعا إبنيه فقال:إني آمركما باثنتين، وأنهاكما عن اثنتين: أنها كما عن الشرك

(.82والكبر، وآمركما بال إله إال الله، وسبحان الله وبحمده() ثم المتكبر لماذا يتكبر؟ انه يجد خفة في وزنه فيريد إن يسدها بالكبر،

ولكن األقدار تعاكسه دائما، قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما من ( فهو ذليل يريد أن83رجل تكبر أو تجبر إال لذلة وجدها في نفسه()

يتعزز بالكبر ولكن هيهات!... وبالعكس من التكبر: التواضع، فهو رأس الفضائل، ودليل على كبر

النفس وسموها، ولذا كان النبي العظيم محمد )صلى الله عليه وآله

78

وسلم( متصفا بهذه الصفة الرفيعة وينبغي للمسلم أن يجتهد كييحتذي به )صلى الله عليه وآله وسلم(.

قال أبو سعيد الخدري:)كان )صلى الله عليه وآله وسلم( يعلف الناضح.

ويعقل البعير.ويقم البيت.

ويحلب الشاة.ويخصف النعل.

ويرقع الثوب.ويأكل مع خادمه.

ويطحن عنه إذا أعيى. ويشتري الشيء من السوق وال يمنعه الحياء أن يعلقه بيده أو يجعله

في طرف ثوبه وينقلب إلى أهله.يصافح الغني والفقير والصغير والكبير.

ويسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير أو كبير، أسود أو أحمر،حر أو عبد: من أهل الصالة.

ليست له حلة لمدخله وال لمخرجه.ال يستحي من أن يجيب إذا دعي وان كان أشعث أغبر.

قل. وال يحقر ما دعي إليه وان لم يجد إال حشف الرال يرفع غداء لعشاء وال عشاء لغداء.

هين المؤنة.لين الخلق.

كريم الطبيعة.جميل المعاشرة.

طلق الوجه.بساما من غير ضحك.

محزونا من غير عبوس.شديدا في غير عنف.

متواضعا في غير مذلة.جوادا من غير سرف.رحيما لكل ذي قربى.

قريبا من كل ذمي ومسلم.رقيق القلب.

دائم اإلطراق.لم يبشم قط من شبع.(.84وال يمد يده إلى طمع()

79

وهذه الملكات الفاضلة كانت بعض ما اتصف به نبي اإلسالم العظيم، الذي يجب على المسلم أن يقتدي به كما يقول الله تعالى: )... لكم

(.85في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم األخر...() وحيث إن التواضع من الصفات الحسنة أرصد اإلسالم له جملة من

األحاديث. قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما تواضع أحد لله إال رفعه

(.86الله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)طوبى لمن تواضع في غير مسكنة وأنفق ماال جمعه من غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة وخالط

(.87أهل الفقه والحكمة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( + ألصحابه +: )مالي ال أرى عليكم حالوة العبادة؟! قالوا: وما حالوة العبادة؟ قال )صلى الله عليه وآله

(.88وسلم(:التواضع() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا تواضع العبد رفعه الله إلى

( كناية عن مرتبة ليست فوقها مرتبة.89السماء السابعة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا هدى الله عبدا لإلسالم حسن

صورته، وجعله في موضع غير شائن له، ورزقه مع ذلك تواضعا، فذلك(.90من صفوة الله()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أربع ال يعطيهن الله إال من يحبه: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع، والزهد في

(.91الدنيا() وق+++ال )صلى الله ع+++ليه وآله وسلم(: )ليع++جبني أن يحمل ال+++رجل

(.92الش+++يء في يده يكون مهنة ألهله يدفع به الكبر عن نفسه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من تواضع لله رفعه الله، ومن

تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله، ومن أكثر ذكر الله أظله الله في

(.93جنته() وفي الحديث: )أتى رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( ملك

فقال: إن الله تعالى يخبرك أن تكون عبدا رسوال متواضعا أو ملكا رسوال؟ فنظر إلى جبرائيل )عليه السالم( فأومى بيده أن تواضع،

فقال: عبدا متواضعا رسوال فقال الملك: مع أنه ال ينقصك مما عند ربك(.94شيئا، قال: ومعه مفاتيح خزائن األرض()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)إن التواضع يزيد صاحبه رفعة(.95فتواضعوا يرفعكم الله()

وقال عيسى بن مريم )عليه السالم(: )طوبى للمتواضعين في الدنيا، هم أصحاب المنابر يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس في

الدنيا، هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة، طوبى للمطهرة قلوبهم

80

في الدنيا هم الذين ينظرون إلى الله تعالى )أي إلى رحمته وفضله((.96يوم القيامة()

وفي الحديث أوحى الله تعالى إلى داود: )يا داود كما أن اقرب الناس(.97إلى الله المتواضعون، كذلك أبعد الناس من الله المتكبرون()

وروي: )أن سليمان بن داود إذا أصبح تصفح وجوه األغنياء واألشرافحتى يجيء إلى المساكين، فيقعد معهم ويقول: مسكين مع مساكين()

98.) وأئمة المسلمين عليهم السالم كانوا الزم الناس لهذه الخصلة الحميدة

قوال وعمال. فقد روي: )انه ورد على أمير المؤمنين )عليه السالم( أخوان مؤمنان:

أب وابن فقام إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين أيديهما ثم أمر بطعام فأحضر فأكال منه، ثم جاء قنبر بطست وإبريق

خشب ومنديل وجاء ليصب على يد الرجل فوثب أمير المؤمنين )عليه السالم( واخذ اإلبريق ليصب على يد الرجل فتمرغ الرجل في التراب وقال: يا أمير المؤمنين الله يراني وأنت تصب على يدي؟! قال: اقعد واغسل فإن الله عز وجل يراك وأخوك الذي ال يتميز منك وال يتفضل

عليك يخدمك يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا، فقعد الرجل وقال له علي )عليه السالم(: أقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته وبحلته وتواضعك لله حتى جازاك عنه بأن

ندبني لما شرفك به من خدمتي لك، لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبر، ففعل الرجل ذلك فلما فرغ ناول

اإلبريق )إبنه( محمد بن الحنفية وقال: يا بني لو كان هذا االبن حضرني دون أبيه لصببت على يده ولكن الله عز وجل يأبى أن يساوي بين ابن وأبيه، إذا جمعهما مكان، لكن قد صب األب على األب، فليصب االبن

(.99على االبن، فصب محمد بن الحنفية على اإلبن()والمتواضع ال يزال متواضعا حتى يكون من الصديقين.

قال اإلمام العسكري )عليه السالم(: )أعرف الناس بحقوق إخوانهم وأشدهم قضاء لها، أعظمهم عند الله شأنا، ومن تواضع في الدنيا

إلخوانه فهو عند الله من الصديقين ومن شيعة علي بن أبي طالب(.100حقا()

وقد حدد اإلسالم التواضع تحديدا دقيقا حتى ال يقال: ما هو؟ وال يعتذربتركه معتذر قائال: لم أك أعرفه.

سئل أبو الحسن )عليه السالم(: )عن حد التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟ فقال: التواضع درجات منها: أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، ال يحب أن يأتي إلى أحد إال مثل ما يؤتى إليه أن رأى سيئة درأها بالحسنة كاظم الغيظ، عاف عن الناس، والله

(.101يحب المحسنين()

81

وفي حديث آخر قال )عليه السالم(: )التواضع أن تعطي الناس ما(.102تحب أن تعطاه()

وإذا كان التواضع ممدوحا فإن المذلة مذمومة فإن كال طرفي التواضع خارج عن االعتدال وعن الموازين اإلنسانية فإفراطهما: التكبر،

وتفريطهما:المذلة، والالزم على اإلنسان أن ال يبذل نفسه حتى يهان ويحتقر، بل يكون متواضعا في غير مهانة ولذا فإذا كان هناك متكبر

طاغ يذل اإلنسان ويزدريه فاألليق أن ال يبالي به الشخص ويتكبر عليه،اعتزازا بالنفس عن مساقط الهوان وإرغاما لكبريائه المصطنع.

والى هذا ينظر ما ورد عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا رأيتم المتواضعين من أمتي، فتواضعوا لهم وإذا رأيتم المتكبرين،

(.103فتكبروا عليهم فإن ذلك لهم مذلة وصغارا()العفة والشره

اإلنسان بطبعه ميال، إلى مالذ الدنيا، تواق إلى تحصيل أكبر، قدر ممكن منها، فالبطن ال يمل من الطعام، كاآلتون المتطلب للوقود..

والغريزة الجنسية دائمة االشتعال، تستعمل ما تجد، وتطلب ما ال تجد. حتى إنه كثيرا ما يعجز عن الزيادة في األكل أو الغريزة، ولكنه يدخر

أعظم قدر ممكن منهما لمجرد الشره. أرأيت من يجمع الطعام قدر ما يسد به جوعة بلدة؟ وهل سمعت أن

أحدا من الملوك كانت له من األزواج اثنت++ي عشرة ألف؟!. وكما إن النقيصة في هذين تورث خلال في األجهزة الحيوية من الجسم فيسبب الجوع الزائد ضعفا وخباال في البدن، والكف الناهز عن الجنس

أمراضا فتاكة، من جراء اختزان المواد المنوية في األجهزة بلوانقطاعا للنسل وخرابا للعمران.

كذلك الزيادة فيهما، فإنها مفسدة للجسم، ومورثة للضعف واالختاللفي التوازن.

واإلسالم يحب الوسط في كل شيء وفي هذين فال شيء يفسد، والكف يخل.

وربما يتراءى للغر تضارب في األحاديث، فمن مانع عن الشهوات الدنيا إلى حد التفريط.. كأخبار الزهد والجوع وحفظ الفرج وما إليها ومن

دافع إلى المالذ إلى حد اإلفراط. كأخبار أكل الطيب ونكاح النبي واألئمة بعديد من الزوجات، وما إليها، لكن هذا نظر خاطئ يتالشى

أمام التدقيق، فاإلنسان حيث بطبعه يميل إما إلى طرف أو إلى آخر ال بد وأن يصلح طرفاه مرة هذا وأخرى ذاك إلى أن يعتدل كالميزان

الذي تميل إحدى كفتيه، ثقال وخفة إلى أن يعتدل ويستقيم. فأحاديث الزهد للمكثرين وأخبار التمتع للمقلين.. وهناك آثار للوسط

(.104وهو االعتدال: )وكلوا واشربوا وال تسرفوا()

82

وعلى أي حال، فقد ورد الذم األكيد، من تسليم القيادة إلى البطنوالفرج.. إلى حيث يشاء واليك نبذ منها:

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من وقى شر قبقبه ( واألول البطن والثاني الفرج والثالث105وذبذبه ولقلقه فقد وقى()

اللسان. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ويل للناس من القبقبين. فقيل:

(.106وما هما يا رسول الله؟ قال: الحلق والفرج() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)أكثر ما تلج به أمتي النار األجوفان:

(.107البطن والفرج() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث أخافهن على أمتي من

بعدي: الضاللة بعد المعرفة ومضالت الفتن وشهوة البطن والفرج()108.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ما مأل ابن آدم وعاء شرا من بطنه، فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ال بد فاعال! فثلث

(.109لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه() وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ال تم++يتوا الق+++لوب بكث+++رة

ال++طع+++ام والشراب، فإن القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء()110.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضلكم منزلة عند الله: أطولكم(.111جوعا وتفكرا وأبغضكم عند الله تعالى: كل نؤوم أكول شروب()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن يأكل في معاء واحد، ( فالمؤمن ال يمأل إال سبع بطنه،112والمنافق يأكل في سبعة أمعاء()

والمنافق يمال بطنه كله. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أبغض الناس إلى الله

المتخمون المالء، وما ترك عبد أكلة يشتهيها إال كانت له درجة في(.113الجنة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )بئس العون على الدين: قلب(.114نخيب، وبطن رغيب، ونعظ شديد()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أطول الناس جوعا يوم القيامة:(.115أكثرهم شبعا في الدنيا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يدخل ملكوت السماوات من(.116مأل بطنه()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش، فإن األجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله، وأنه ليس من عمل

(.117أحب إلى الله من جوع وعطش() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضل الناس من قل مطعمه

(.118وضحكه ورضي بما يستر عورته()

83

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)سيد األعمال: الجوع، وذل النفس:(.119لباس الصوف()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)اشربوا وكلوا في أنصاف البطون، ( فإن بعض النبوة مجموعة كماالت نفسية،120فإنه جزء من النبوة()

ومنها قلة األكل والشرب.(.121وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قلة الطعام هي العبادة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله يباهي المالئكة بمن قل مطعمه في الدنيا، يقول: انظروا إلى عبدي ابتليته بالطعام والشراب

في الدنيا فصبر وتركهما، اشهدوا يا مالئكتي ما من أكلة يدعها إال(.122أبدلته بها درجات في الجنة()

وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أق+++رب الن++++اس من الله ع+++ز(.123وج++++ل يوم القيامة من طال جوعه وعطشه وحزنه في الدنيا()

ولم يكن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( ككثير من القادة يقول ما ال يعمل، بل كان أشد الناس ورعا والتزاما بما يقول ولذا كان أسوة

(.124للمسلمين)ولكم في رسول الله اسوة حسنة() قالت بعض أزواج النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: إن رسول الله لم يمتأل قط شبعا، وربما بكيت رحمة مما أدى به من الجوع، فامسح

بطنه بيدي وأقول: نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقويك ويمنعك من الجوع؟ فيقول: )إخواني من أولي العزم من الرسل، قد صبروا على ما هو أشد من هذا، فمضوا على حالهم

فقدموا على ربهم، فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم فأجدني استحي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم، فأصبر أياما يسيرة، أحب

ألي من أن ينقص بي حظي غدا في اآلخرة، وما من شيء أحب إلي(.125من اللحوق بأصحابي وإخواني()

وفي خبر: )أن فاطمة )عليها السالم( جاءت ومعها كسيرة من خبز، فدفعتها إلى النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( فقال: ما هذه

الكسيرة؟ قالت: قرص خبزت++ه للحسن والح+++سين ج++ئت++ك منهب+++هذه الكسيرة، فقال: اما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثالث()

126.) ومن الناس من يتعجب من هذا الحديث: فكيف يمكن لإلنسان

اإلمساك عن الطعام ثالث؟ لكن أولئك غافلون عن مبادئ الصحة والطب!. وأعجب من هؤالء: من يصدق أن )غاندي( مثال صام تسعة

أيام.. وأكثر، ويشك في صحة إمساك النبي )صلى الله عليه وآلهوسلم( ثالثة أيام!

(.127وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إذا شبع البطن طغى() وقال )عليه السالم(: )ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بطن

(.128مملوء()

84

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن البطن ليطغى من أكلة، وأقرب ما يكون العبد إلى الله: إذا خف بطنه، وأبغض ما يكون العبد

(.129إلى الله: إذا امتأل بطنه() وليست قلة األكل زهدا في الدنيا، وورعا فحسب، وإنما هي مصحة

للبدن، فإن القلب ال بد وأن يعمل، ويعمل لتشغيل األجهزة والحواس، وكلما كان حمله أقل كان أنشط في الشغل، وأبعد عن التعب، مثله

مثل العامل الذي يحمل حمال إلى مسافات، فإنه كلما كان الحمل أخفيكون العامل أبعد عن التعب، وأكبر استعدادا لالستمرار.

قال الصادق )عليه السالم(: )كل داء من التخمة إال الحمى فإنها ترد ورودا( والمعلوم إن كل واحد من المستثنى والمستثنى منه غالبي ال

دائمي.(.130وقال )عليه السالم(: )األكل على الشبع يورث البرص()

وقد قال أحد الحكماء: )ال ينبغي لإلنسان أن يأكل الشتهاء فكه، بل يأكل الشتهاء جسده( وقال حكيم آخر: )األكل للبقاء ال أن البقاء

لألكل(. ومن الناس من يسلم قياده إلى الشهوة الجنسية، فتراه يكثر من

التزود بها، حتى ليكاد يجعل نفسه من الهالكين، تضعف قواه وتركد نشاطاته. ومنهم من يزم هذا النشاط بزمام من المنع والتجنب فيبقى

عزبا. أو قريبا منه إلى أن يدركه األجل المحتوم. وكالهما خارجان عن نطاق االعتدال، مائالن إلى اليمين أو اليسار.

واإلسالم يحب اإلكثار من الشهوة الجنسية + ال بحد اإلفراط + بل في حدود المصلحة والتوقي من المحرمات، فإن الشهوة الجنسية لو لم

تشبع من الحالل لطلب الحرام. ولو بنظرة أو لمسة أو كلمة. ولذا منع الشريعة عن أسبابها ومهيجاتها.. قال تعالى: )قل للمؤمنين

يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم... وقل للمؤمنات يغضضن من(.131أبصارهن ويحفظن فروجهن...()

وق+++ال الن+++بي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لكل ع+++ضو م+++ن(.132أعضاء اب+++ن آدم حظ من الزنا: فالعينان تزنيان وزناهما النظر()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تدخلوا على المغيبات: أي التي(.133غاب عنها زوجها، فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم()

إلى غير ذلك. هذا كله بالنسبة إلى الوقاية، أما العالج فاإلسالم يحبذالتزويج ويكره العزوبة كراهة شديدة.

قال تعالى:)وأنكحوا األيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم...()134.)

وقال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )النكاح سنتي فمن رغب عنسنتي فليس مني(.

85

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من تزوج فقد أحرز نصف دينه،(.135فليتق الله في النصف الباقي()

(.136وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أراذل موتاكم العزاب() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ليتخذ أحدكم لسانا ذاكرا، وقلبا

(. إلى غيرها.137شاكرا وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته() و أخيرا: فإن العفة التي هي وسط بين تسليم القياد للبطن والفرج..

وذمهما بالمنع من المقدار المعتاد، أفضل األمور:(.138قال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )أفضل العبادة العفاف()

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )ما من عبادة أفضل من عفة بطن(.139وفرج()

وقال )عليه السالم(: )ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج()140.)

(.141وقال )عليه السالم(: )أي االجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج()

.2/253 + جامع السعادات: 21، ب74/350 + بحار األنوار: 1.2/253 + جامع السعادات: 21، ب74/348 + بحار األنوار: 2.2/253 + جامع السعادات: 2/178 + أصول الكافي: 3.2/253 + جامع السعادات: 4.2/254 + جامع السعادات: 21، ب74/355 + بحار األنوار: 5.2/254 + جامع السعادات: 21، ب74/345 + بحار األنوار: 6.2/254 + جامع السعادات: 21، ب74/345 + بحار األنوار: 7.2/254 + جامع السعادات: 21، ب74/347 + بحار األنوار، 8.2/254 + جامع السعادات: 21، ب74/349 + بحار األنوار، 9

.2/254 + جامع السعادات: 10.2/254 + جامع السعادات: 11.2/254 + جامع السعادات: 12.63 + سورة األنفال: اآلية، 13.2/255 + جامع السعادات: 2/106 + أصول الكافي: 14.2/344 + أصول الكافي: 15.2/255 + جامع السعادات: 16.2/255 + جامع السعادات: 17.2/255 + جامع السعادات: 21، ب74/361 + بحار األنوار: 18.2/255 + جامع السعادات: 51، ب75/120 + بحار األنوار: 19.2/256 + جامع السعادات: 2/183 + أصول الكافي: 20.2/256 + جامع السعادات: 2/183 + أصول الكافي: 21.2/251 + جامع السعادات: 2/345 + أصول الكافي: 22.2/251 + جامع السعادات: 2/344 + أصول الكافي: 23

86

.2/251 + جامع السعادات: 2/344 + أصول الكافي: 24.2/251 + جامع السعادات: 2/344 + أصول الكافي: 25.2/252 + جامع السعادات: 2/346 + أصول الكافي: 26.2/252 + جامع السعادات: 2/345 + أصول الكافي: 27.159 + سورة آل عمران: آية 28.1/338 + جامع السعادات: 2/120 + أصول الكافي: 29.1/338 + جامع السعادات: 2/119 + أصول الكافي: 30.1/338 + جامع السعادات: 2/118 + أصول الكافي: 31.1/338 + جامع السعادات: 2/119 + أصول الكافي: 32.1/339 + جامع السعادات: 2/120 + أصول الكافي: 33.1/339 + جامع السعادات: 2/119 + أصول الكافي: 34.1/339 + جامع السعادات: 2/120 + أصول الكافي: 35.1/339 + جامع السعادات: 36.1/339 + جامع السعادات: 37.2/119 + أصول الكافي: 38.1/339 + جامع السعادات: 39.1/339 + جامع السعادات: 2/120 + أصول الكافي: 40.1/339 + جامع السعادات: 2/119 + أصول الكافي: 41.2/316 + جامع السعادات: 42.2/316 + جامع السعادات: 43.2/317 + جامع السعادات: 44.2/317 + جامع السعادات: 45.2/317 + جامع السعادات: 46.2/317 + جامع السعادات: 47.2/317 + جامع السعادات: 48.2/318 + جامع السعادات: 49.2/368 + جامع السعادات: 50.2/368 + جامع السعادات: 51.2/368 + جامع السعادات: 52.2/368 + جامع السعادات: 53.2/368 + جامع السعادات: 54.2 + سورة المائدة: آية 55.8 + سورة المنافقون: آية 56.35 + سورة غافر: آية 57.146 + سورة األعراف: آية 58.93 + سورة األنعام: آية 59.72 + سورة الزمر: آية 60

87

.22 + سورة النحل: آية 61.60 + سورة غافر: آية 62.56 + سورة غافر: آية 63.1/381 + جامع السعادات: 2/310 + أصول الكافي: 64.1/381 + جامع السعادات: 65.1/381 + جامع السعادات: 66.1/381 + جامع السعادات: 67.1/381 + جامع السعادات: 68 + والجواظ: المتكبر الجافي، والجعظري: الفظ الغليظ.69.1/382 + جامع السعادات: 70.1/382 + جامع السعادات: 71.1/381 + جامع السعادات: 72.1/382 + جامع السعادات: 2/311 + أصول الكافي: 73.1/382 + جامع السعادات: 74.1/382 + جامع السعادات: 75.1/382 + جامع السعادات: 76.1/382 + جامع السعادات: 77.1/382 + جامع السعادات: 78.1/382 + جامع السعادات: 79.1/382 + جامع السعادات: 80.1/382 + جامع السعادات: 81.1/383 + جامع السعادات: 82.1/383 + جامع السعادات: 83.1/392 + جامع السعادات: 84.21 + سورة األحزاب: آية 85.1/394 + جامع السعادات: 51 ب 1/120 + بحار األنوار: 86.1/394 + جامع السعادات: 87.1/394 + جامع السعادات: 88.1/394 + جامع السعادات: 89.1/394 + جامع السعادات: 90.1/394 + جامع السعادات: 91.1/394 + جامع السعادات: 92.1/394 + جامع السعادات: 2/122 + أصول الكافي: 93.1/394 + جامع السعادات: 51 ب 75/128 + بحار األنوار: 94.2/121 + أصول الكافي: 95.1/394 + جامع السعادات: 96.1/395 + جامع السعادات: 2/123 + أصول الكافي: 97

88

.1/395 + جامع السعادات: 98.1/395 + جامع السعادات: 51 ب 75/118 + بحار األنوار: 99

.1/397 + جامع السعادات: 100.1/393 + جامع السعادات: 51 ب75/135 + بحار األنوار: 101.1/393 + جامع السعادات: 51 ب75/135 + بحار األنوار: 102.1/398 + جامع السعادات: 103.31 + سورة األعراف: آية 104.2/6 + جامع السعادات: 105.2/6 + جامع السعادات: 106.2/6 + جامع السعادات: 2/79 + أصول الكافي: 107.2/6 + جامع السعادات: 2/79 + أصول الكافي: 108.2/7 + جامع السعادات: 109.2/7 + جامع السعادات: 110.2/7 + جامع السعادات: 111.2/7 + جامع السعادات: 112.2/7 + جامع السعادات: 113.2/7 + جامع السعادات: 114.2/7 + جامع السعادات: 115.2/7 + جامع السعادات: 116.2/9 + جامع السعادات: 117.2/9 + جامع السعادات: 118.2/9 + جامع السعادات: 119.2/9 + جامع السعادات: 120.2/9 + جامع السعادات: 121.2/9 + جامع السعادات: 122.2/9 + جامع السعادات: 123.21 + سورة األحزاب: آية 124.2/9 + جامع السعادات: 125.2/9 + جامع السعادات: 126.2/7 + جامع السعادات: 127.2/7 + جامع السعادات: 128.2/8 + جامع السعادات: 129.2/8 + جامع السعادات: 130.31 + 30 + سورة النور: اآليتان 131.2/14 + جامع السعادات: 132.2/14 + جامع السعادات: 133.32 + سورة النور: آية 134

89

.2/16 + جامع السعادات: 196 + مكارم األخالق: 135.197 + مكارم األخالق: 136.2/16 + جامع السعادات: 137.2/18 + جامع السعادات: 2/79 + أصول الكافي: 138.2/18 + جامع السعادات: 2/80 + أصول الكافي: 139.2/18 + جامع السعادات: 2/79 + أصول الكافي: 140.2/18 + جامع السعادات: 2/79 + أصول الكافي: 141

90

الخامس الباب

المال الحالل والمال الحرام وهل هناك أحد ال يحب الم++ال؟ كال! ك++ل يحب الم++ال ولكن ف++رق بين حب الم++ال بم++يزان وحب للم++ال بغ++ير م++يزان!! إن الحب الذي يكون في إطار من الحكمة: ب++أداء الحق++وق، وع++دم السرف وعدم جعله شبكة لصيد أموال المع++وزين فض++يلة، وإال لم يكن تقام الدنيا، أما الحب الذي يعمي ويصم ويفسد ويخبل،

فإنه رأس الرذائل. وق++د ح++دد اإلس++الم موق++ف الم++ال من الس++عادة األخروي++ة بكلمات قال رسول الله )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )يج++اء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها وما له بين يديه كلما يكفأ به الصراط قال له ماله: إمض وق++د أديت ح++ق الل++ه في. ثم يج++اء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيه++ا، وم++ا ل++ه بين كفي++ه كلم++ا يكفأ به الصراط قال له ما له: ويلك أم++ا أديت ح++ق الل++ه في؟!

(.1فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور!!() وفي اآليات واآلث++ار ك++ثرة هائل++ة من الط++رفين، ففي جمل++ة منها مدح للمال، ويقصد به القس++م األول.. وفي جمل++ة ذم ل++ه،

ويقصد به القسم الثاني. ( ف++الخير ه++و2يق++ول الل++ه تع++الى: )... إن ت++رك خ++يرا...()

المال. ويقول تعالى + ممتنا على البشر +: )ويمددكم بأموال وبنين

(.3ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا() ويقول الرسول )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )نعم الم++ال

(.4الصالح للرجل الصالح()إلى غير ذلك.

وأما القسم الثاني فإليك جملة منها: يقول تع++الى: )ي++ا أيه++ا ال++ذين آمن++وا ال تلهكم أم++والكم وال أوالدكم عن ذك++ر الل++ه ومن

(.5يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون() ويقول: )وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائم++ا

(.6قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة...()(.7ويقول:)... أنما أموالكم وأوالدكم فتنة...()

(.8ويقول:)المال والبنون زينة الحياة الدنيا...()

91

وق++د رأيت التلميح في جميعه++ا إلى الم++ال الش++ائن، أم++ااألخبار في ذم هكذا أموال فهذه نبذة منها:

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )حب الم++ال(.9والشرف: ينبتان النفاق كما ينبت الماء البقل()

وقال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )م++ا ذئب++ان ض++اريان ارسال في زريب++ة غنم ب++أكثر فس++ادا من حب الم++ال والج++اه في

(.10دين الرجل المسلم()وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )ش++ر أمتي األغني++اء()

( أت++دري لم ذاك؟ ألن++ك ال تج++د من ك++ل أل++ف منهم إال بعض11نفر يؤدون الحقوق التي فرضتها الشريعة اإلسالمية.

وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )يق++ول الل++ه تع++الى: يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل ل++ك من مال++ك إال م++ا تص++دقت

(.12فأبقيت؟! أو أكلت فأفنيت؟ أو لبست فأبليت؟() وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )اخالء ابن آدم ثالث++ة: واحد يتبعه إلى قبض روحه: وهو ماله، وواحد يتبع++ه إلى ق++بره:

(.13وهو أهله، وواحد يتبعه إلى محشره: وهو عمله() وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن ال++دينار وال++درهم

(.14أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لكل أمة عجل، وعجل

(.15هذه األمة: الدينار والدرهم() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ي++ؤتى برج++ل ي++وم القيامة، وقد جم++ع م++اال من ح++رام، وأنفق++ه في ح++رام، فيق++ال:

اذهبوا به إلى النار. وي+ؤتى برج++ل ق++د جم++ع م++اال من حالل، وأنفق+ه في ح++رام،

فيقال: اذهبوا به إلى النار. وي+ؤتى برج++ل ق++د جم++ع م++اال من ح++رام، وأنفق+ه في حالل، فيقال: اذهبوا به إلى النار، ويؤتى برجل قد جمع ماأل من حالل،

وأنفقه في حالل، فيقال له: قف!! لعلك قصرت في طلب هذا لشيء مم++ا فرض++ت علي++ك من ص+++الة لم تص+++لها لوقته+++ا، وف+++رطت في ش+++يء من ركوعه+++ا وس+++جودها ووض+++وئها؟! فيق+++ول: ال ي+++ا رب كس+++بت من حالل

وأنفقت في حالل ولم اضيع شيئا مما فرضت!!

92

فيقال: لعلك اختلت في هذا الم++ال في ش++يء، من م++ركبأو ثوب باهيت به؟! فيقول: ال يا رب لم اباه في شيء!!

فيق++ال: لعل++ك منعت ح++ق أح++د أمرت++ك أن تعطي++ه من ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن الس++بيل؟! فيق++ول: ال ي++ا رب لم اض+++يع ح+++ق أح+++د أمرت+++ني أن أعطي+++ه!! فيجيء أولئ+++ك فيخاص++مونه، فيقول++ون: ي++ا رب أعطيت++ه وجعلت++ه بين أظهرن++ا

وأمرته أن يعطينا؟! فإن كان قد أعطاهم، وما ضيع مع ذلك شيئا من الف++رائض، ولم يختل في شيء، فيقال: قف اآلن، هات شكر نعمة أنعمته++اعليك: من أكلة أو شربة أو لقمة أو ل++ذة..!! فال ي++زال يس++ئل()

16.)أكل هذا حق؟ فأين نحن من هذا الحق؟.

وال يزعم أحد إن هذه الرواي+ات تزه+د في اكتس+اب الم+ال، إنها ليست كذلك بل تزهد في االكتساب المحظ++ور. ق++ال أم++ير المؤمنين )عليه السالم(: )لو أن رجال أخذ جمي++ع م++ا في األرض وأراد به وجه الله، فهو زاهد!! ولو ترك الجمي++ع، ولم ي++رد وج++ه

الله، فليس بزاهد(.القناعة والحرص

من الن+++اس من تمكن الفق+++ر من قلب+++ه، فال ي+++زال يطلب المزيد وإن كانت مفاتيح خزائنه تن++وء بالعص++بة ذات الق++وة وإن سألته: لم هذا الطلب؟ رأيته يتمتم في الجواب وأي جواب له؟

ولو كشفت عن أحشائه لرأيتها مطوية على الفقر. وبالعكس من هذا من تمكن الغنى في قلب++ه إن++ه غ++ني وإن صفرت يده عن حطام الدنيا ف++تراه ال يب++الي بم++ا ف++ات من++ه إذا

حصل على أيسر عيش وما أهناه من معيشة؟!. والش++خص األول يس++مى ب+++ )الح++ريص( كم++ا أن الش++خص

الثاني يسمى ب+ )القنوع(.و اإلسالم يذم الحرص أبلغ ذم.

كما وإنه يمدح القناعة أفضل مدح. إن++ه يري++د أن يقل++ع ج++ذور الفق++ر من القلب، ح++تى ال يك++ون للشخص باعث داخلي يوخز ضميره ويقلق راحت++ه ويس++هد ليل++ه

ثم ما المنفعة؟ إنها ال شيء!!.

93

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو كان البن آدم واديان من ذهب لتمنى وادي++ا ثالث++ا! وال يمأل ج++وف ابن آدم

(.17إال التراب ويتوب الله على من تاب() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )منهوم++ان ال يش++بعان:

(.18منهوم العلم، ومنهوم المال() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يشيب ابن آدم وتشب

(.19فيه خصلتان: الحرص وطول األمل()++ل اإلم++ام الب++اقر )علي++ه الس++الم( للح++ريص بأحس++ن وقد مث

مثال: قال )ص++لى الل++ه علي++ه وال++ه وس++لم(: )مث++ل الح++ريص على الدنيا كمثل دودة القز كلما ازدادت على نفس++ها لف++ا ك++ان أبع++د

(.20لها من الخروج حتى تموت غما() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(:)رب ح++ريص على أم++رقد شقي به حين أتاه ورب كاره ألمر ق++د س++عد ب++ه حين أت++اه()

21.) وق++ال اإلم++ام الص++ادق )علي++ه الس++الم(: )إن فيم++ا ي++نزل ب++ه الوحي من السماء لو أن البن آدم واديين يس++يالن ذهب++ا وفض++ة البتغى لهما ثالثا، يا ابن آدم، إنم++ا بطن++ك بح++ر من البح++ور وواد

(.22من األودية ال يمأله شيء إال التراب()إلى غيرها...

وليس الف++رق بين الح++ريص والقن++وع إن األول ي++ركض في طلب الدنيا دون الث++اني إنم++ا الف++رق: إن الح++ريص يجم++ع ق++واه لطلب الدنيا ويمنع رفده خوفا من اإلنف++اق وليس هك++ذا القن++وع إنه يطلب الدنيا بقدر وي++ؤدي مم++ا يحم++د إداؤه ف++الحريص يض++ر

نفسه أوال، وغيره ثانيا، بينما القنوع ينفع نفسه ويفيد غيره. وقد وردت اآلثار في مدح القناعة إنها صحة للجسم، وراحة

للنفس، وبذل للغير فلم ال تكون ممدوحة؟. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ط++وبى لمن

(.23أسلم وكان عيشه كفافا() وقال )صلى الله عليه وآله وس+لم(: )م+ا من أح+د من غ+ني

(.24وال فقير إال ود يوم القيامة انه كان اوتي قوتا في الدنيا()

94

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أيها الناس أجمل++وا في الطلب فإنه ليس للعبد إال ما كتب له في الدنيا ولن يذهب عبد

(.25من الدنيا حتى يأتيه ما كتب له في الدنيا وهي راغمة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )نفث روح الق++دس في روعي: انه لن تم++وت نفس ح++تى تس++تكمل رزقه++ا ف++اتقوا الل++ه

(.26وأجملوا في الطلب() وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )كن ورع++ا تكن أعب++د الن++اس وكن قانع++ا تكن أش++كر الن++اس وأحب للن++اس م++ا تحب

(.27لنفسك تكن مؤمنا() وفي الخبر القدسي إحتج++اج ظري++ف ق++ال: )ي++ا ابن آدم ل++و ك++انت ال++دنيا كله++ا ل++ك لم يكن ل++ك منه++ا إال الق++وت، ف++إذا أن++ا أعطيت++ك منه++ا الق++وت وجعلت حس++ابها على غ++يرك فأن++ا إلي++ك

(.28محسن() وفي الحديث: )أن موسى )عليه السالم( سأل رب++ه تع++الى،

(.29وقال: أي عبادك أغنى؟ قال: أقنعهم لما أعطيته() وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ابن آدم إن كنت تري++د من الدنيا ما يكفيك، فإن أيس++ر م++ا فيه++ا يكفي++ك وإن كنت إنم++ا

(.30تريد ما ال يكفيك، فإن كل ما فيها ال يكفيك() وقال اإلمام الباقر )عليه الس++الم(: )إي++اك أن تطمح بص++رك إلى من هو فوقك فكفى بما قال الله عز وجل لنبيه )صلى الله

(31علي++ه وآل++ه وس++لم(: )فال تعجب++ك أم++والهم وال أوالدهم...() وقال: )وال تم++دن عيني++ك إلى م++ا متعن++ا ب++ه أزواج++ا منهم زه++رة

( ف++إن دخل++ك من ذل++ك ش++يء ف++اذكر عيش32الحياة الدنيا...() رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم( فإنم++ا ك++ان قوت++ه

( وق++ال33الشعير وحل+واه التم++ر ووق++وده الس+عف إذا وج++ده() )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من قنع بما رزق++ه الل++ه فه++و من

(.34أغنى الناس() وهذه قاعدة عامة لراحة الدنيا: فإن من نظر إلى من فوقه ال يزال يبغض عيش++ه وي++راه نك++دا فه++و في ع++ذاب دائم، وقل++ق مس++تمر ف++إن األف++راد ال يزال++ون مختلفين من حس++ب الم++راتب والمعيشة.. أم++ا من رض++ي بم++ا قس++م الل++ه ل++ه فه++و في رض++ى

وراحة ويا لها من معيشة هنيئة سائغة؟!.

95

وقال اإلمام الص++ادق )علي++ه الس++الم(: )من رض++ي من الل++ه بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العم++ل ومن رض++ي باليسير من الحالل خفت مؤنته وزكت مكسبته وخرج من ح++دة

(.35الفجور() وق++ال )علي++ه الس++الم(: )مكت++وب في الت++وراة: ابن آدم كن كيف شئت؟ كم++ا ت++دين ت++دان، من رض++ي من الل++ه بالقلي++ل من

(.36الرزق قبل الله منه اليسير من العمل() وقال )عليه السالم(: )إن الله عز وجل يقول: يحزن عب++دي المؤمن إن قترت علي++ه، وذل+ك أق+رب ل+ه م+ني، ويف+رح عب++دي

(.37المؤمن إن وسعت عليه وذلك أبعد له مني()وغيرها... وغيرها

وربما يسأل اإلنسان: وما عالج الحرص لمن ابتلي به؟. والج++واب: إن عالج++ه عالج س++ائر الملك++ات الرديئ++ة ف++إن النفس كالورق األبيض، يلونه المجتمع والمحيط وما يتطبع فيها من المدرسة والكتب وما إليها... وربم++ا س++اعدت ذل++ك الهواي++ة النفس++ية، ف++إن األش++خاص مختلف++ون من حيث الفط++رة. وإذا تلونت النفس بلون، فال بد من المجاهدة إلزالتها، والحرص بم++ا

إنه يالئم الطبائع الزائفة وما أكثرها؟! فالجهاد إلزالته كبير.... فلي++ذكر الح++ريص: إن++ه ال ين++ال م++ا يري++ده ب++الحرص فلم

الحرص؟. وليراجع اآليات والروايات الناهية عن الحرص، ولينظ++ر إلى

من هو دونه في المعيشة كي يرضى بعيشه. قال رسول الله )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إذا نظ++ر أحدكم إلى من فضله الله عليه في المال والخلق، فلينظ+ر إلى

(.38من هو أسفل منه() وق++ال أب++و ذر )رحم++ه الل++ه(: )أوص++اني خليلي رس++ول الل++ه )صلى الله عليه وآله وسلم( وقال: انظر إلى من هو تحت++ك وال تنظر إلى من ه++و فوق++ك، فإن++ه أج++در أن ال ت++زدري نعم++ة الل++ه

(.39عليك()بخل وسخاء

لو سألت البخيل: لماذا تبخل؟ ألجابك:+ ألني أخشى على نفسي وعلى عقبي الفقر.

+ ألني أحتاج إلى زيادة سمعة، والمال يوفرها لي.

96

+ ألني احب المال لذاته. ( فلماذا يحب اإلنس++ان1إن ثالث األقسام هو البخيل )رقم

المال وال يحب اإلحسان والمدح واألجر؟.++ه إذا ك++ان لألولين بعض المنط++ق +++ المزع++وم +++ فليس إن

للثالث أي منطق، ثم نأتي على األولين: فهل الفق++ر والغ++نى بي++دك؟ كال.. إن أناس++ا بخل+وا، ولكن لم يغن بخلهم شيئا فوقعوا فريسة فقر مدقع.. وأناسا كرم++وا ولم

يسيء إليهم كرمهم، بل زادهم ماال وماال.يقول الشاعر:

إذا جادت ال++دنيا علي++ك فج++د به++ا على الن++اس ط++راقبل أن تتفلت

فال الجود مفنيها إذا هي أقبلت وال البخل م+++بقيها إذاه+++ي أدبرت

+ ثم هل السمعة تزداد بالغنى فق++ط؟ أليس++ت الس++معة منعوامل وفرتها ذكرى حسنة وحب من الناس ووالء؟.

وهناك: + سرف..1 + وبخل..2 + وجود...3

وكال األولين مذمومان، فمن يبس++ط ي++ده، ح++تى ال يبقى ل++ه شيء يسد به رمق+ه، ويقيم ب+ه أوده ممالق+ا منحرف+ا... كم+ا إن من يقبض ي+++ده، فال ي+++رحم ح+++تى أص+++حاب الصفـة، بعي+++د عن

موازين اإلنسانية مقلوب الفؤاد. واإلس+++الم يري+++د العدل والوسط من ك+++ل ش+++يء يق++ول القرآن الحكيم: )وال تجعل يدك مغلولة إلى عنق++ك وال تبس++طها

(.40كل البسط...() ويقول: )وال++ذين إذا أنفق++وا لم يس++رفوا، ولم يق++تروا وك++ان

(.41بين ذلك قواما()أما البخل، فاإلسالم يصب نقمته عليه.

)وال يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيرالهم بل هو شر لهم س+يطوقون م++ا بخل+وا ب+ه ي+وم القيام++ة...()

42.)

97

ق++ال رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إي++اكم والشح! فإن++ه أهل++ك من ك+ان قبلكم دع++اهم فس++فكوا دم++اءهم،

(.43ودعاهم فاستحلوا محارمهم، ودعاهم فقطعوا أرحامهم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال ي+دخل الجن++ة بخي+ل،

(.44وال خب، وال خائن، وال سيئ الملكة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )البخيل بعي++د من الل++ه، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، وجاهل س++خي

(.45أحب إلى الله من عابد بخيل، وأدوى الداء البخل() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )الموبق++ات ثالث: ش++ح

(.46مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الل++ه يبغض الش++يخ

(.47الزاني، والبخيل المنان، والمعيل المختال()++ة الفلس++فة، ال تحت++اج إلى ش++رح ه++ذه األح++اديث كله++ا جلي وإيضاح ولذا نسردها سردا وما أجمل ه++ذا الح++ديث األخ++ير: إن الش++يخ أبع++د م++ا يك++ون عن الش++هوات الجس++دية.. فلم ي++زني؟ والبخيل مبتعد عن الناس لبخله، فما امتنانه والفق++ير ليس في++ه

من دواعي الكبر شيء فما اختياله؟. وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إي++اكم والش+ح فإنم+ا هلك من ك++ان قبلكم بالش++ح أم++رهم بالك++ذب فك++ذبوا، وأم++رهم

( إذ من أركان48بالظلم، فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا()الصلة والعدل: المال، فالشح قطع وظلم!.

وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )البخ++ل ش++جرة تنبت(.49في النار، فال يلج النار إال بخيل()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )خلق البخل من مقت، وجع++ل رأس++ه راس++خا في أص++ل ش++جرة الزق++وم، ودلي بعض أغصانها إلى الدنيا، فمن تعلق بغص++ن منه++ا أدخل++ه الن++ار، أال إن

(.50البخل من الكفر، والكفر في النار() قتل في الجهاد رجل من أصحاب رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه عليه وآله وسلم( فبكته باكي+ة وق+الت: واش+هيداه، فق+ال الن+بي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )وما يدريك إنه شهيد؟ فلعله كان

(.51يتكلم بما ال يعنيه، أو يبخل بما ال ينقصه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الل++ه يبغض البخي++ل

(.52في حياته والسخي عند موته()

98

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )السخي الجه++ول أحب(.53إلى الله عز وجل من العابد البخيل()

وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )الش++ح واإليم++ان ال(.54يجتمعان في قلب واحد()

وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )خص++لتان ال تجتمع++ان(.55في مؤمن: البخل وسوء الخلق()

وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ال ينبغي للم++ؤمن أن(.56يكون بخيال وال جبانا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يقول قائلكم: الشحيح أعذر من الظالم! وأي ظالم أظلم عند الل++ه من الش++ح؟ حل++فالله بعزته وعظمته وجالل++ه ال ي++دخل الجن++ة ش++حيح وال بخي++ل()

57.) وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )اللهم إني أع++وذ ب++ك

(.58من البخل() وقال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )البخي++ل مبغض في السماوات، مبغض في األرض++ين خل++ق من طين++ة س++بخة، وم++اء

(.59عينيه من ماء عوسج() وفي الحديث: )إن الله تعالى وكل ملكين، ينادي++ان في ك++ل

صباح، اللهم اجعل لكل ممسك تلفا، ولكل منفق خلفا(.إلى غيرها.. وغيرها...

والبخل قد يكون تطبعا. أما التطبع ف++أمره هين، ليس أك++ثر من تش++ذيب ش++جره واجتث++اث أص++له، والطب++ع وإن ك++ان ص++عب العالج، لكنه ليس عديمه فعلى اإلنسان أن يجاهد ويجاهد، حتى يفك أسره من هذه الصفة الخبيثة، التي ما تأتي على ش++يء إال

تذره كالرميم. أما الجود فما أحسنه من صفة، وأجمل++ه من أروم++ة ينتحل++ه حتى البخيل ويعذب لفظه عند الجميع، وبع++د ذل++ك كل++ه ال يزي++د

المرء إال علوا، وال يحصل الرجل المتصف به إال ارتفاعا. واإلس++الم يح++رص علي++ه، حرص++ه على مك++ارم الص++فات

ومحاسن األخالق. قال النبي )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن الل++ه ج++واد

(.60يحب الجود، ويحب معالي األخالق ويكره سفاسفها()

99

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن السخي ق++ريب من(.61الله، قريب من الناس قريب من الجنة، بعيد من النار()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لش++اب س++خي مره++ق(.62في الذنوب، أحب إلى الله من شيخ عابد بخيل()

وال غرابة في ذلك فإن البخل مرض قاس، ومن ينتق++ل بين أمراض ي++رجى ل++ه األبالل، أم++ا من الزم++ه م++رض فال ي++رجى ل++ه

زوال... وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )الس++خاء ش++جرة من شجر الجنة أغصانها متدلية إلى األرض، فمن أخ++ذ منه++ا غص++نا،

(.63قاده ذلك الغصن إلى الجنة() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن الس++خاء من

(.64اإليمان، واإليمان في الجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )الس++خاء ش++جرة تنبت

(.65في الجنة فال يلج الجنة إال سخي() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال الل++ه س++بحانه: إن ه++ذا دين ارتض++يته لنفس++ي ولن يص++لحه إال الس++خاء، وحس++ن

(.66الخلق، فأكرموه بهما ما استطعتم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما جعل الله أولياءه إال

(.67على السخاء وحسن الخلق() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن من موجب++ات

(.68المغفرة بذل الطعام، وإفشاء السالم وحسن الكالم() وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )تج++افوا عن ذنب

(.69السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر() وهك++ذا يك++ون في المجتم++ع، ف++إن الس++خي يغطي س++خاؤه سيئاته، وبالعكس تماما من البخيل فإن البخل يب++دي الع++ورات. أرأيت لو زاحمك أحد في المجلس لكنه كان محسنا إليك، تب++دو مزاحمته كال ش++يء وب++العكس من ذل++ك ل++و ك++ان بخيال لم يس++دإليك معروفا أبدا، فإنك تراه أثقل من الجبال، وهكذا... وهكذا.. وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )طع++ام الج++واد دواء،

(.70وطعام البخيل داء() إن نفسه ت++ؤثر في الطع++ام، وللنفس ت++أثير كب++ير، كم++ا ثبت

في علم النفس باإلضافة إلى التأثيرات الواقعية.

100

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضل األعمال الص++بر(.71والسماحة()

وقال )صلى الله علي++ه وآل++ه وس++لم(: )خلق++ان يحبهم++ا الل++ه(.72وهما: حسن الخلق، والسخاء()

وقال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ال++رزق إلى مطعم الطعام أس++رع من الس++كين إلى ذروة البع++ير، وإن الل++ه تع++الى

(.73ليباهي مطعم الطعام المالئكة عليهم السالم() وقال )صلى الله عليه واله وسلم(: )إن لل++ه عب++ادا يخص++هم بالنعم لمنافع العباد، فمن بخل بتل++ك المن++افع من العب++اد، نقله++ا

(.74الله عنه، وحولها إلى غيره()وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الجن++ة دار األس++خياء()

75.)++ه وهل يريد الش++خص أك++ثر من ه++ذا ح++تى يك++ون س++خيا؟ إن ينفعه في دينه ودنياه حسنا، مع الغض عن هذه األح++اديث. وم++ا أجمل قوانين اإلسالم وشرائع السماء.. وهل ف++وق ه++ذا مزي++د؟

نعم فاسمع: وقال )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم(: )اص++نع المع++روف إلى من هو أهله والى من ليس بأهله، فإن أصبت أهله، فقد أص++بت

(.76أهله، وإن لم تصب أهله، فأنت من أهله() إن هذا الحديث + على وجازته +++ يس+توقف اإلنس+ان ليتأم+ل مدى إصابته لكبد الحق، وكيف أنه يسد طري++ق البخالء وت++اركي المعروف لعلل مختلفة تفي++دهم الف++رار عن إس++داء الع++ون إلى

العباد. وقال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن ب++دالء أم++تي لم ي++دخلوا الجن++ة بص++الة وال ص++يام ولكن دخلوه++ا بس++خاء األنفس،

(.77وسالمة الصدور، والنصح للمسلمين() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله عز وجل جع++ل للمعروف وجوها من خلق++ه، حبب إليهم المع++روف وحبب إليهمر عليهم إعط++اءه كم++ا فعاله ووجه طالب المع++روف إليهم ويس++

(.78ييسر الغيث إلى البلدة الجدبة فيحييها ويحيي بها أهلها() وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )الس++خي محبب في السماوات ومحبب في األرضين خل++ق من طين++ة عذب++ة، وخل++ق

(.79ماء عينيه من ماء الكوثر()

101

وق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إن أفض++ل الن++اس(.80إيمانا: أبسطهم كفا()

وقال )صلى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )ي++ؤتى ي++وم القيام++ة برجل، فيقال: احتج، فيقول: يا رب، خلقتني وهديتني وأوس++عت علي، فلم أزل أوسع على خلقك وأنشر عليهم لكي تنش++ر علي هذا اليوم رحمتك وتيسره، فيق++ول ال++رب تع++الى ذك++ره: ص++دق

(.81عبدي أدخلوه الجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )ك++ل مع++روف ص++دقة،والدال على الخير كفاعله، والل++ه تع++الى يحب إغاث++ة اللهف++ان()

82.) وقال )صلى الله عليه وآله وس++لم(: )ك++ل مع++روف ص++دقة، وكلما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له ص++دقة، وم++ا وقى المرء به عرضه فهو له صدقة، وما أنفق الرجل من نفقة فعلى

(.83الله خلفها() وفي الحديث: )إن النبي )صلى الله عليه وآله وس++لم( أت++اه وف++د من اليمن وفيهم رج++ل ك++ان أعظمهم كالم++ا، وأش++دهم استقصاء في محاجة النبي )صلى الله عليه وآل++ه وس++لم( ح++تى التوى عرق الغضب بين عينيه، وتربد وجهه وأط++رق إلى األرض فأتاه جبرائيل )عليه السالم( فقال: ربك يقرؤك السالم ويق++ول لك: هذا رجل سخي يطعم الطع++ام، فس++كن عن الن++بي )ص++لى

الله عليه واله وسلم( الغضب ورفع رأسه، وقال: لوال أن جبرائيل أخبرني عن الله عز وجل إنك سخي تطعم

الطعام لشردت بك، وجعلتك حديثا لمن خلفك.!فقال له الرجل: إن ربك يحب السخاء؟ فقال: نعم.

فقال: إني أشهد أن ال إله إال الله، وإنك رسول الله، والذي(.84بعثك بالحق ال رددت عن مالي أحدا()

ويعضد هذا الحديث ما روي: )إن الله أوحى إلى موسى )عليه السالم(:ال تقتل السامري

(.85فانه سخي() وقال المسيح )عليه السالم(: )استكثروا من شيء ال تأكل++ه

(.86النار، قيل:وما هو؟ قال: المعروف()

102

وق++ال أم++ير المؤم++نين )علي++ه الس++الم(: )ومن يبس++ط ي++ده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه، ويض++اعف

(.87له في آخرته() وق++ال اإلم++ام الب++اقر )علي++ه الس++الم(: )إن الش++مس لتطل++ع ومعها أربعة أمالك: ملك ين++ادي: ي++ا ص++احب الخ++ير أتم وأبش++ر. وملك ينادي: يا صاحب الشر أنزع واقصر. ومل++ك ين++ادي: أع++ط منفقا خلفا وآت ممسكا تلفا. وملك ينض++ح األرض بالم++اء ول++وال

(.88ذلك اشتعلت األرض() وربما ينبري بعض المثقفين! قائال: وما الملك؟ فإن++ا ال ن++راه ثم ما نزح األرض بالماء، واإلجابة بسيطة جدا: فليس كل شيء يرى. فما هو العقل؟ وما هي الروح التي يستحضرها التن++ويم؟.

وما هو األثير؟ وما هو؟ وما هو؟! ونضح األرض بالماء بواسطة ه++ذه المي++اه ال++تي تتك++ون في الليل وتتساقط بالنهار وغيرها.. إن لهذه األمور علال، وما المانع

من أن يكون الفاعل لهذه ملكا؟. إن من يؤمن بالله واليوم اآلخر ال ي++تردد في قب++ول ك++ل م++ا جاء به الوحي أو فاه به الرس++ول واألئم++ة )عليهم الس++الم( وإن لم يعرف++ه وكي++ف ل++ه ح++ق اإلنك++ار، وه++و ال يعلم أك++ثر م++ا في

السماوات واألرض وال يعرف أجزاء بدنه الذي هو هو؟! وقال اإلمام الصادق )عليه السالم( + لبعض جلس++ائه +++: )أال أخبرك بشيء تقرب به من الله، وتقرب من الجن++ة وتباع++د من

(.89النار()فقال: بلى، فقال: عليك بالسخاء(.

وقال: )خياركم س+محاؤكم وش+راركم بخالؤكم ومن خ++الص األيم+++ان: ال++بر ب+++اإلخوان والس+++عي في ح+++وائجهم. وإن الب+++ار باإلخوان ليحبه الرحمن، وفي ذلك مرغمة للش++يطان، وتزح++زح

(.90عن النيران، ودخول الجنان() وق++ال اإلم++ام الك++اظم )علي++ه الس++الم(: )الس++خي الحس++ن الخلق في كنف الله ال يستخلي الله منه حتى يدخل الجنة، وم++ا بعث الله نبيا وال وصيا إال سخيا، وال كان أح++د من الص++الحين إال

(.91سخيا، وما يزال أبي يوصيني بالسخاء حتى مضى() أم++ا الس++رف فإن++ه حم++ق وتع++ريض ب++النفس إلى المذل++ة والمهانة وتحطيم للمس++تقبل، إن من أس++رف ال ي++زال يس++رف،

103

حتى تخلو يده من المال وهنا ال بد له من س++ؤال لقم++ة العيش وكم في ذاك من ذلة ومهانة. ولذا ف++إن اإلس++الم ي++ذم الس++رف++ه يري++د إنس++انا وس++طا ال متالف++ا وال على ح++د ذم++ه لل++ترف، إن ممسكا، وعلى ضوء هذه القاعدة نرى إن اإلسالم جع++ل قانون++ا إلبقاء المال في صناديق المبذرين على حد جعله قانونا الخ++راج المال من صناديق البخالء فمن يسرف سفها يحجر علي++ه، كم++ا

إن من يمنع عن الزكاة والخمس يؤخذ منه المال قسرا.وإذا فكر المسرف قليال، واستجوب نفسه ساعة:

لم يسرف؟ لم يبدد ثروته ش++ذر م++ذر؟ لم يض++ع الم++ال فيغير موضعه؟ لم يجد إال ألنه سفيه والعمل سفهائي.

إن المال قيام األنفس، به يص++لح اإلنس++ان معاش++ه ومع++اده ومنه يحصل غ++ذاءه ولباس++ه ومس++كنه فلم++اذا يه++دره في م++ا ال

يصلح بل يفسد والى هذا تشير اآلية الكريمة:)وال تؤتوا السفهاء أموالكم التي جع++ل الل++ه لكم قيام++ا...()

92.)االستغناء والطمع

ق++د يبتلي اإلنس++ان بم++رض الطم++ع. كم++ا ق++د يبتلي بم++رض الجذام فينظر في أيدي الناس، ويترقب عونهم، ويراقب حرك++ة أيديهم إذا تحركت نح++و ص++ناديقهم. وال يف++رق في المبتلي به++ذا الداء أن يكون غنيا أو فقيرا، فهو مرض ينشب في النفس، كما أن الجذام ينشب في الجسم، فيفسد األعض++اء: ف++إذا رأى م++اال تمناه، أو لمس ش++يئا أخ++ذه أو س++مع ب++دار طلبه++ا وطم++ع فيه++ا،

وهكذا. والمبتلي بهذا الداء مهان في المجتمع، معذب النفس، دائم

الحركة نحو األوهام.ولذا ينهى اإلسالم عنه أشد النهي:

ق++ال رس++ول الل++ه )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وس++لم(: )إي++اك(.93والطمع، فإنه الفقر الحاضر()

وقال أمير المؤمنين )علي++ه الس++الم(: )إس++تغن عمن ش++ئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، وأحسن إلى من

(.94شئت تكن أميره() وقال اإلم++ام الب++اقر )علي++ه الس++الم(: )بئس العب++د: عب++د ل++ه

(.95طمع يقوده، وبئس العبد: عبد له رغبة تذله()

104

وقيل لإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما الذي يثبت اإليم++ان(.96في العبد؟ قال: الورع، والذي يخرجه منه: الطمع()

وب++العكس من ه++ذه الص++فة الخبيث++ة: االس++تغناء عن الن++اس فإنه عز الدنيا، وراح++ة النفس، ومبعث األمن واالطمئن++ان. ول++ذا

رغب إليه اإلسالم آكد ترغيب. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ليس الغ++نى

(.97عن كثرة العروض، إنما الغنى غنى النفس() وطلب أعرابي منه موعظة، فق++ال )ص++لى الل++ه علي++ه وآل++ه وسلم(: )إذا صليت فصل صالة مودع وال تحدثن بح++ديث تعت++ذر

(.98منه غدا، واجمع اليأس عما في أيدي الناس() وقال أبو جعفر الباقر )عليه السالم(: )اليأس مما في أيدي

(.99الناس عز المؤمن في دينه() وق++ال أم++ير المؤم++نين )علي++ه الس++الم(: )ليجتم++ع في قلب++ك االفتقار إلى الناس واالستغناء عنهم! فيكون افتقارك إليهم في لين كالمك، وحسن بشرك، ويك++ون اس+تغناؤك عنهم في نزاه++ة

(.100عرضك وبقاء عزك() وه++ذا من أع++اجيب األخالق وقلم++ا يتص++ف ب++ه الن++اس. ف++إن كث++يرا ممن يس++تغنون عن الن++اس بالم++ال يث++ني اس++تغناؤه ذاك باستغنائه عنهم في اللين والبشاشة، فال يعتني بهم، وهكذا كثير ممن يرطب الكالم ويفتح أسارير وجهه للناس يعقب+ه بالمس+ألة

وإراقة ماء العز. أما لين الكالم وطيب المجالسة مقرونا بالتعفف واالستغناء

فذاك خلق كريم، ودأب العظماء، وقليل ما هم!. وقال اإلمام السجاد )عليه الس++الم(: )رأيت الخ++ير كل++ه ق++د اجتم++ع في قط++ع الطم++ع عم++ا في أي++دي الن++اس، ومن لم ي++رج الناس في شيء ورد أم++ره إلى الل++ه تع++الى في جمي++ع ام++وره،

(.101استجاب الله تعالى له في كل شيء() وليس معنى هذا عدم التوسل باألسباب + كما ربما يت++وهم + بل معن++اه ع++دم الطم++ع كم++ا ق++ال اإلم++ام، ف++إن الطم++ع ش++يء،

والتوسل باألسباب الالئقة شيء آخر. وقال اإلمام الباقر )عليه الس++الم(: )س++خاء الم++رء عم++ا في أيدي الناس أكثر من سخاء النفس والبذل. ومروءة الص++بر في

105

حال الفاقة والحاجة والتعفف والغنى أكثر من مروءة اإلعط++اء.(.102وخير المال: الثقة بالله، واليأس مما في أيدي الناس()

وق++ال )علي++ه الس++الم(: )الي++أس مم++ا في أي++دي الن++اس ع++ز(.103المؤمن في دينه()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ش++رف الم++ؤمن قي++ام(.104الليل وعزه استغناؤه عن الناس()

وانظر إلى هذا الحديث واعجب! قال اإلمام الصادق )علي++ه(.105السالم(: )شيعتنا من ال يسأل الناس ولو مات جوعا()

ولم؟ ألن++ه أبي النفس، رفي++ع الش++أن، ش++ريف عزي++ز، وه++ليوجد هكذا شيعي؟.

وكم عدده؟. وقال )عليه الس++الم(: )ثالث هن فخ++ر الم++ؤمن، وزينت++ه في الدنيا واآلخ++رة: الص++الة في آخ++ر اللي++ل، ويأس++ه مم++ا في أي++دي

(.106الناس، وواليته لإلمام من آل محمد عليهم السالم() وقال )عليه السالم(: )إذا أراد أحدكم أن ال يسأل ربه ش++يئا إال أعطاه فلييأس من الناس كلهم، وال يك++ون ل++ه رج++اء إال عن++د الل++ه.. ف++إذا علم الل++ه ذل++ك من قلب++ه، لم يس++أل الل++ه ش++يئا إال

(.107أعطاه()

.2/48 + جامع السعادات: 1.180 + سورة البقرة: آية 2.12 + سورة نوح: آية 3.2/51 + جامع السعادات: 4.9 + سورة المنافقون: آية 5.11 + سورة الجمعة: آية 6.28 + سورة األنفال: آية 7.46 + سورة الكهف: آية 8.2/48 + جامع السعادات: 9

.2/48 + جامع السعادات: 10.2/48 + جامع السعادات: 11.2/48 + جامع السعادات: 12.2/48 + جامع السعادات: 13.2/49 + جامع السعادات: 14

106

.2/49 + جامع السعادات: 15.2/49 + جامع السعادات: 16.2/101 + جامع السعادات: 17.2/102 + جامع السعادات: 18.2/102 + جامع السعادات: 19.2/102 + جامع السعادات: 20.2/102 + جامع السعادات: 21.2/102 + جامع السعادات: 22.2/103 + جامع السعادات: 2/140 + أصول الكافي: 23.2/103 + جامع السعادات: 24.2/103 + جامع السعادات: 25.2/103 + جامع السعادات: 26.2/103 + جامع السعادات: 27.2/103 + جامع السعادات: 28.2/103 + جامع السعادات: 29.2/103 + جامع السعادات: 30.55 + سورة التوبة: آية 31.131 + سورة طه: آية 32.2/103 + جامع السعادات: 2/137 + أصول الكافي: 33.2/104 + جامع السعادات: 2/139 + أصول الكافي: 34.2/104 + جامع السعادات: 2/138 + أصول الكافي: 35.2/104 + جامع السعادات: 2/138 + أصول الكافي: 36.2/104 + جامع السعادات: 37.2/107 + جامع السعادات: 38.2/107 + جامع السعادات: 473 + مكارم األخالق: 39.29 + سورة االسراء: آية 40.67 + سورة الفرقان: آية 41.180 + سورة آل عمران: آية 42.2/111 + جامع السعادات: 43.2/111 + جامع السعادات: 44.2/111 + جامع السعادات: 45.2/111 + جامع السعادات: 46.2/111 + جامع السعادات: 47

107

.2/112 + جامع السعادات: 48.2/112 + جامع السعادات: 49.2/112 + جامع السعادات: 50.2/112 + جامع السعادات: 51.2/112 + جامع السعادات: 52.2/112 + جامع السعادات: 53.2/112 + جامع السعادات: 54.2/112 + جامع السعادات: 55.2/112 + جامع السعادات: 56.2/112 + جامع السعادات: 57.2/112 + جامع السعادات: 58.2/116 + جامع السعادات: 59.2/115 + جامع السعادات: 60.2/115 + جامع السعادات: 61.2/115 + جامع السعادات: 136 + مكارم األخالق: 62.2/114 + جامع السعادات: 63.2/114 + جامع السعادات: 64.2/114 + جامع السعادات: 65.2/114 + جامع السعادات: 66.2/114 + جامع السعادات: 67.2/114 + جامع السعادات: 68.2/115 + جامع السعادات: 69.2/115 + جامع السعادات: 70.2/115 + جامع السعادات: 71.2/115 + جامع السعادات: 72.2/115 + جامع السعادات: 73.2/115 + جامع السعادات: 74.2/115 + جامع السعادات: 75.2/115 + جامع السعادات: 76.2/115 + جامع السعادات: 77.2/115 + جامع السعادات: 78.2/116 + جامع السعادات: 79.2/116 + جامع السعادات: 80

108

.2/116 + جامع السعادات: 81.2/117 + جامع السعادات: 82.2/116 + جامع السعادات: 83.2/116 + جامع السعادات: 84.2/117 + جامع السعادات: 85.2/117 + جامع السعادات: 86.2/117 + جامع السعادات: 87.2/117 + جامع السعادات: 88.2/117 + جامع السعادات: 89.2/117 + جامع السعادات: 136 + مكارم األخالق: 90.2/117 + جامع السعادات: 91.5 + سورة النساء: آية 92.2/108 + جامع السعادات: 2/149 + أصول الكافي: 93.2/108 + جامع السعادات: 94.2/108 + جامع السعادات: 2/320 + أصول الكافي: 95.2/108 + جامع السعادات: 2/320 + أصول الكافي: 96.2/108 + جامع السعادات: 97.2/109 + جامع السعادات: 98.2/109 + جامع السعادات: 2/149 + أصول الكافي: 99

+++ ج++امع الس++عادات:49، ب75/106 + بح++ار األن++وار: 1002/109.

+++ ج++امع الس++عادات:49، ب75/110 + بح++ار األن++وار: 1012/109.

.2/109 + جامع السعادات: 102 +++ ج++امع الس++عادات:49، ب75/108 + بح++ار األن++وار: 1032/109.

+++ ج++امع الس++عادات:49، ب75/109 + بح++ار األن++وار: 1042/109.

.2/109 + جامع السعادات: 105 +++ ج++امع الس++عادات:49، ب75/107 + بح++ار األن++وار: 1062/109.

+++ ج++امع الس++عادات:49، ب75/107 + بح++ار األن++وار: 1072/109.

109

الثاني: الفصلاالخالق ومكروهات النفس عيوب

االول الباب

العيوبما أجود قول الشاعر:

لسانك ال تبدي بها سوءة إمرىء فك++++++لك سوءات وللن++++اسألسن

وعين++ك إن أهدت إليك م++++++عايب من الناس قل يا عين للناسأعين

فكم منا + ترى + خاليا من العيوب؟.ال أحد إطالقا!

إذا: فما هذا الهمز، واللمز، وكشف عيوب الناس وإبانة مواضع النقصفيهم؟.

وهل أنت خال من العيب حتى تكشف عن عيوب الناس؟.أو هل تراك تظهر عيوب الناس، ثم يسكت عن عيوبك الناس؟.

ال ذا.. وال ذاك..وإنما من أظهر للناس عيبا أظهروا له ألف عيب!!فمن الخير لنفسك: أن تسكت عن العيوب إطالقا.

ثم: ما الفائدة في إبدائك لعيوبهم؟ فإن أردت إصالحا فليس من طريقة النقد بصورة سافرة انظر إلى هذه اآلية الكريمة: )... وإنا أو

(.1إياكم لعلى هدى أو في ضالل مبين() نعم انما يفيد إصرار المرتكب وعداؤه لك وإبداء عيوبك على المأل

وكثيرا ما أضاف إلى عيوبك عيوبا مكذوبة. ولذا نرى اإلسالم العظيم يحرم طلب العورات وإبدائها ويوجب ستر

العيوب وكتمانها. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من ستر على مسلم،

(.2ستره الله في الدنيا واآلخرة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يستر عبد عيب عبد إال ستره

(.3الله يوم القيامة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يرى امرؤ من أخيه عورة

(.4فيسترها عليه إال دخل الجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أذاع فاحشة كان كمبتدئها

(.5ومن عير مؤمنا بشيء ال يموت حتى يركبه()

110

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كل أمتي معافى إال المجاهرين()6.)

يريد )صلى الله عليه وآله وسلم( بذلك: إنه ال يحق الحد أن يفشيعيب أحد، إال اذا كان المرتكب مجاهرا، فإنه ال حرمة له.

وال يقنع اإلسالم بهذا الحد، بل يريد ان ال يكشف سر أحد وإن لم يكنإثما، إذ لعل له مأربا ولذا أخفاه.

اسمع إلى الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( يقول: )من استمع (7خبر قوم وهم له كارهون، صبت في أذنيه اآلنك يوم القيامة()

واآلنك: السرب. وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه

وآله وسلم(: يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يسلم بقلبه، ال تتبعوا عثرات المسلمين فانه من يتتبع عثرات المسلمين، يتتبع الله عثراته،

(.8ومن تتبع الله عثراته يفضحه() وقال )عليه السالم(: )إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر، أن يؤاخيالرجل الرجل على الدين، فيحصي عليه عثراته ليعنـفه بها يوما ما()

9.) وقال )عليه السالم(: قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:

)إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى ع++ن++ه، وأن يعير الن++اس بما ال

(.10يس+++تطي+ع ت+++ركه، وأن يؤذي جليسه بما ال يعنيه() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من أنب مؤمنا، أنبه الله عز وجل

(.11في الدنيا واآلخرة() والعيوب التي يجب سترها شاملة للعيوب الخلقية: كالعنن.. والخلقية:

كالجبن. والعادية: كالقذارة. والشرعية: ككون الرجل العبا للقمار. أما العيوب الظاهرة، فال بأس بعدم ستر ما حرمه اإلسالم، فمن جاهر

بشرب الخمر، ال يحرم أن يقال عنه: انه شارب. أما سائر العيوبفيحرم ألنه يعتبر إيذاء أو ما أشبه.

والسر: ال يحب اإلسالم كشفه، وإن لم يكن عيبا.. فللناس مقاصد يريدون كتمانها، واإلسالم يتحفظ على مشاعرهم، ولذا ينهي عن كشف

السر كائنا ما كان. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )اذا حدث الرجل

(.12الحديث، ثم التفت فهي أمانة() ومعنى: ثم التفت، انه نظر، ليرى عدم وجود أجنبي.. واألمانة يراد بها،

هنا حرمة إفشائه، كما يحرم خيانة األمانة.(.13وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الحديث بينكم أمانة()

111

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )طوبا لعبد نؤمة، عرفه الله، ولم يعرفه الناس، أولئك مصابيح الهدى، وينابيع العلم، تتجلى عنهم كل فتنة

(.14مظلمة، ليسوا بالمذاييع البذر، وال الجفاة المرابين()النؤمة، بالضم والسكون: الذي ال يؤبه له.

ولماذا يحبذ اإلسالم هذه الخصلة.. أليست شرائع الدين تؤكد علىاالختالط واالئتالف؟.

نعم.. إنه كذلك.. ولكن ال منافاة، ففي حث اإلسالم على هذه الصفة كبح لجماح نفوس تريد علوا في األرض وفسادا، إن لهذا الحديث

وأشباهه سياط لنفس حتى ال تجمح، ثم يأتي بعد ذلك دور التعديل..أرأيت الحديد يحمى بالنار، ثم يصنع منه ما يراد؟.

ثم.. إن من الناس خاملين، فينسيهم اإلسالم بهذا الحديث، حتى ال تذهب نفوسهم على خمولهم حسرات، وحتى ال يطلبوا نباهة بكل إثم

وباطل.. أليس اإلسالم مدح الخمول؟. وليس معنى الحديث أن يطلب اإلنسان الخمول + كما يزعم + فإن

اإلسالم ال يطلب من الناس إال األلفة والوداد والتفاف اإلخوان والمعارف، والعمل والجد في معترك ال+++حياة، وف+++ي القرآن(.15ال+++كريم حكاية دع+++اء الصالحين: )... واجعلنا للمتقين إماما()

بل هو بيان لفضيلة طبيعة هذه الصفة.نقول: وكيف؟.

أقول: أرأيت كم مدح اإلسالم المرض.. فهل معنى ذلك أن يطلبه اإلنسان؟ كال، بل معناه فضيلة طبيعة المرض، وان كانت الصحة في

نظر اإلسالم من جالئل نعم الله تعالى. وفي سورة النور، جعل الله تعالى قصة اإلفك، الذي دعي به زوج

النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(.. خيرا للمسلمين: )ال تحسبوه شرا لكم، بل هو خير لكم( فهل معنى ذلك: ان اإلفك أمر حسن؟ كال؟

وألف كال؟ بل معناه: إن هذا األمر الواقع يعود بالنفع على المسلمين بما ينطوي عليه من تميز المنافق من المؤمن، ولما فيه من المشوبة

اآلجلة... وغير ذلك. ومثل الحديث المتقدم عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( مقالة

اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(. قال )عليه السالم(: )طوبى لعبد نؤمة، ال يؤبه له، يعرف الناس، وال

يعرفه الناس، ليعرفه الله منه برضوان، اولئك مصابيح الهدى، تتجلى عنهم كل فتنة، ويفتح لهم باب كل رحمة، ليسوا بالبذر المذاييع، وال

(.16الجفاة المرائين()وقال )عليه السالم( في مدح الكتمان:

)قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا الخير تكونوا من أهله، وال تكونوا عجلى مذاييع، فإن خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله، وشراركم

112

المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين األحبة، المبتغون للبراء المعايب()17.)

الغيرة لإلنسان في الحياة شؤون ومتعلقات، نفسية وبدنية.. وأضرابهما وحيث إن في االجتماع تجاذب وتدافع، فالبد لكل من صفة دافعة تحفظ كيانه وتدافع عن متعلقاته حتى ال تقع نهبا في أيادي الطامعين، وفرضا لكل

منتهز. فالدين، والفضيلة، واأله++ل والولد، والمال والعرض، وما إليها من

شؤون اإلنسان ولوازمه، فالالزم المدافعة عنها والوقوف أمام الناهبين والطامعين وإال لم يمض زمان إال يكون حاله كحال )خواجة نصر

الدين( في األسطورة المشهورة: )حيث كانت له زوجة ودار ونعجة ومالبس فاتفقت اللصوص على أن يسلبوه ممتلكاته فجاء األول وأقام عليه الدعوى حول زوجته وحيث أنها مالت مع اللص الشاب سقط في يد الخواجة وإذا هو بال زوجة

وجاء الثاني ونازعه في داره وأقام اللصين شاهدين فلم يمض زمان إال وهو بال دار وجاء الثالث مهرجا: ان النعجة خيالية وإنما هي كلب اشتبه

على الخواجة. وحيث شهد له لصوص اخر أطلق سراح النعجة إلى حيث أخذها اللص الثالث!! وجاء دور الرابع فقعد على بئر في طريق الخواجة ولما أن مر على البئر قال له الرابع: بالله عليك خذ مني هذا

الدينار وغص في البئر كي تخرج خاتمي الثمين الذي وقع فيها فاخذ الدينار ثم نزع ثيابه وفيها ديناره المعطى له فاخذ اللص المالبس وهو بعد في البئر ولما أن خرج علم بالمكيدة فاخذ عصا وجعل يدور حول

نفسه فقيل له: ما السر في ذلك؟ قال: خوفا من أن يسرقنيالخامس!

وهذه الصفة المحافظة على الشؤون، تسمى بالغيرة، واإلسالم يحرص الحرص كله على تحلي الشخص بها فهناك سلسلتان من األحاديث

تمدح الغيرة وتذم عدمها: قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا لم يغر الرجل فهو

(.18منكوس القلب() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)وكان إبراهيم غيورا وأنا أغير منه

(.19وجدع الله أنف من ال يغار على المؤمنين والمسلمين() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( في حديث عجيب، يمثل كيفية نداء

الضمير باإلنسان ثم خمود صوته حتى ال يسمع له ركزا: )إذا غير الرجل في أهله أو بعض مناكحه من مملوكته فلم يغر، بعث الله إليه طائرا يقال له: القندر.حتى يسقط على عارضة بابه ثم يمهله أربعين يوما يهتف به: إن الله غيور، يحب كل غيور فإن هو غار وغير وأنكر ذلك

أكبره، وإال طار حتى يسقط على رأسه فيخفق بجناحيه على عينيه ثم

113

يطير عنه، فينزع الله منه بعد ذلك روح اإليمان وتسميه المالئكة:(.20الديوث()

وهكذا تكون الصفات الفاضلة: إنها إذا ديست تحت األقدام ال يزال الضمير يهتف ويهتف، حتى ييأس وهنالك يستحوذ الشيطان، ويخمد

الضمير فال يزال يرتطم في الرذيلة حتى يرتكس فيها فال منجي له وال مالذ، أرأيت من يعمل القبيح؟ إنه ألول مرة يأبى عليه ضميره، وتزجره نفسه، ثم يقل اإلباء والزجر في الثانية والثالثة حتى يكون القبيح لديه

حسنا جميال! وقد شدد اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم( النكير على بعض

الرجال، الذين سلبت منهم الغيرة، فقال في كالم له: يا أهل العراق نبئت إن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق أما تستحون.. وقال )عليه السالم(: )أما تستحون؟! وال تغارون؟! نساؤكم يخرجن إلى

(.21األسواق ويزاحمن العلوج...؟!() قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( لفاطمة عليها السالم:

)أي شيء خير للمرأة؟ قالت: أن ال ترى رجال وال يراها رجل( فضمهاإليه، وقال:)ذرية بعضها من بعض(.

لكن ربما أفرط الجاهل فيضع الغيرة في غير موضعها ولذا قال النبي)صلى الله عليه وآله وسلم(:

)من الغيرة غيرة يبغضها الله ورسوله: وهي غيرة الرجل على أهله،من غير ريبة(.

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(:)ال تكثر الغيرة على أهلك، فترمى(.22بالسوء من أجلك()

وقال )عليه السالم( لولده الحسن )عليه السالم(: )إياك والتغاير في غير موضع الغيرة فإن ذلك يدعو منهن إلى السقم، ولكن احكم أمرهن

فإن رأيت عيبا فعجل النكير ع+++لى الصغير وال++كبير ب++أن تعاقب(.23من++هن البريئة فتعظم الذنب وتهون العيب()

طلب الحرام يتكالب الناس على المادة أين وجدوها، ويسهلون في سبيلها كل إثم

وباطل. وقد قال لي أحد هؤالء: الحالل ما حل بالكف!وأية قيمة للمادة التي ال تحصل إال بتضحية المثل اإلنسانية؟.

المادة التي تحصل بالربا، واالحتكار، والسرقة، والغلول، والخيانة، والغش، وتعاطي الفواحش ما ظهر منها وما بطن وهكذا هل تقيم حياة

سعيدة أم تهدم من الحياة كل ركن ودعامة؟. لذا يحذر اإلسالم من طلب الحرام تحذيره من كل إثم وفسق، ويرصد لذلك أضخم األرصدة، إن هذا هو الميزان للمجتمع فإن تنزه الناس عن

الحرام سعدوا وارتقوا في مدارج اإلنسانية، وان كانت األخرى فهمأحط من البهائم وأرذل من الشيطان.

114

والشخص إذا اعتاد على الحرام جره ذلك إلى كل محذور ومحظورفهو كمفتاح للشرور واآلثام.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن لله ملكا على بيتالمقدس ينادي كل ليلة: من أكل حراما لم يقبل منه صرف وال عدل()

( أي ال نافلة وال فريضة.24 وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من لم يبال من أين اكتسب المال

(.25لم يبال الله من أين أدخله النار() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كل لحم نبت من حرام فالنار

(.26أولى به() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أصاب ماال من مأثم فوصل به

رحما أو تصدق به أو أنفقه في سبيل الله، جمع الله ذلك جميعا ثم(.27أدخله في النار()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أخوف ما أخاف على أمتي من(.28بعدي، هذه: المكاسب الحرام، والشهوة الخفية، والربا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من اكتسب ماال من الحرام فإن(.29تصدق به لم يقبل منه، وإن تركه وراءه كان زاده إلى النار()

ة ثم وقال الصادق )عليه السالم(: )إذا اكتسب الرجل ماال من غير حلة نودي لبيك حج فلبى نودي ال لبيك وال سعديك وإن كان من حل

(.30وسعديك() وقال )عليه السالم(: )في قوله تعالى: )وقدمنا إلى ما عملوا من عمل

(. إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي،31فجعلناه هباء منثورا() فيقول الله عز وجل لها: كوني هباء وذلك أنهم كانوا إذا شرع لهم

(.32الحرام أخذوه() وقال اإلمام الكاظم )عليه السالم(: )إن الحرام ال ينمى، وإن نمى لم

يبارك فيه، وإن أنفقه لم يؤجر عليه، وما خلفه كان زاده إلى النار()33.)

إلى غير ذلك من األخبار فهل كفت هذه األحاديث لكف الناس عنالحرام؟.

إنك إن اعترضت األسواق رأيت الربا والغش والخيانة والتطفيف واالحتكار وأكل مال الناس بالباطل وغيرها.. وغيرها.. وهل عادت هذه

اآلثام إلى الناس بخير؟ كال أن األمور ال تزال تتعقد وسبيل الحياة التنفك تتوعر والناس يرتطمون في الفقر أكثر فأكثر فهل من مدكر؟.

الحسدوما معنى الحسد؟.

إنه معنى بشع مر المذاق في الحاسد والمحسود.. إنه: أن تتمنى زوال نعمة أخيك، بغير مبرر أو سبب، إال أنك تريد أن تراه عديم النعمة،

والرجل العاقل ال بد وأن يخلو من هذه الرذيلة الهوجاء.. ولماذا تريد

115

زوال نعمته؟ هل ألنه بنعمته ضيق لك المسالك؟ فما ذنبه؟ ثم: إن غاية األمر أن تتمنى أن تكون مثله + وهذا هو الغبطة الممدوحة + إن من

يكون في الدرجة األولى في سلم الرقي، ال بد وأن يسعى للرقي إلى الدرجة الثانية، ال أن يسعى أن يتمنى إنزال الصاعد إليها نحو الدرجة

األولى. وعلى أي فالحاسد معذب النفس، كليم القلب، مهان في المجتمع،

مبغوض عند الله تعالى، مكروه لدى الناس، وأبشع بها من صفة. واإلسالم يريد أن يكون المرء طاهر القلب، محبا للخير نظيف الفؤاد

والمشاعر، فال يرضى بالحسد، ويذم المتصف به، ويطلب منه أن يطهر قلبه من هذا اإلثم، بكل وسيلة ممكنة، وإال أهلكه من حيث يشعر أو ال

يشعر.قال الله تعالى: )أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله...()

34.) وقال تعالى: )ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم

(.35كفارا حسدا من عند أنفسهم...() وقال تعالى: )إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا

(.36بها...() ويقول الرسول )صلى الله عليه واله وسلم(: )الحسد يأكل الحسنات،

(.37كما تأكل النار الحطب()وكيف ذلك؟.

إن الحسود ال بد وأن يظهر حسده بيد ولسان، وحركة وسكون.. فهو يسب المحسود، ويذكر معايبه ويبهته، ولو سنحت له الفرصة ضربه

وآذاه، وال يحترمه وال يتفقد حاله، وكثيرا ما يهجره هجرا قبيحا.. وهكذا، فهل تبقى بعد هذه المآثم من حسنة؟ باإلضافة إلى إن طبيعة الحسد

كاألعشاب الطفيلية إذا نبتت في روض أفسدت الخضر والبقول، والحسد ال يزال ينمو حتى يفسد + في القلب + كل معاني النبل

والفضل. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال الله عز وجل لموسى: يا ابن

عمران ال تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي، وال تمدن عينيك إلى ذلك وال تتبعه نفسك، فإن الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي(.38الذي قسمت بين عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )وال تحاسدوا وال تقاطعوا وال

(.39تدابروا وال تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا() وما نتيجة هذه األمور؟ إنها تنتج شيئا واحدا هو فساد االجتماع بما في

ذلك األفراد. ويتعقبه سوء العقبى. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )دب إليكم داء األمم من قبلكم: البغضاء، والحسد هي الحالقة. حالقة الدين وال حالقة الشعر، والذي

116

نفس محمد بيده ال تؤمنوا حتى تحابوا، أال أنبئكم بأمر إذا فعلتموه(.40تحاببتم؟ أفشوا السالم بينكم()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كاد الفقر أن يكون كفرا! وكاد(.41الحسد أن يغلب القدر!()

أليس كذلك؟. إن الفقر إذا ضغط على اإلنسان ال بد وأن يشك في عدالة الله +

والعياذ بالله + إذا كان ضعيف اإليمان، كما هو المشاهد في كثير ممنلم يرسخ اإليمان في قلبه. وهل بعد ذلك من كفر؟

والحسد ال بد وأن يثمر ثمرته البشعة من إيذاء اللسان وما أشبه وكثيرا ما يقف لسان المتكلم دون ما يريده اإلنسان من مجرى أو عمل مما

قدر الله تعالى له، لوال ما يقف أمامه من السدود والحواجز.نعم.. كاد الفقر وكاد الحسد.

أنهما ليسا بعلة تامة للكفر، والوقوف دون األقدار وإنما كادا أن يكوناكذلك.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سيصيب أمتي داء األمم، قالوا: وما داء األمم، قال: األشر، والبطر، والتكابر، والتنافس في الدنيا،

(.42والتباعد، والتحاسد، حتى يكون البغي، ثم الهرج() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أخوف ما أخاف على أمتي أن

(.43يكثر فيهم المال، فيتحاسدون ويقتتلون() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن لنعم الله أعداء، فقيل: ومن

(.44هم؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إن الرجل ليأتي بأدنى بادرة فيكفر

(.45وإن الحسد ليأكل اإليمان كما تأكل النار الحطب() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )آفة الدين الحسد، والعجب

(.46والفخر() وقال )عليه السالم(: )إن المؤمن يغبط وال يحسد والمنافق يحسد وال

(.47يغبط() والغبطة أن تتمنى اللحاق بمن نال الدرجات العلى، وهذه صفة حسنة

تحدو اإلنسان إلى نيل المراتب العالية، فهي من صفات المؤمنين، وأما الحسد الذي هو تمني زوال نعمة اآلخرين فهو من صفات المنافقين

وتوجب انحطاط المجتمع. وقال )عليه السالم(: )الحاسد مضر بنفسه قبل أن يضر بالمحسود،

كإبليس أورث بحسده لنفسه اللعنة، وآلدم االجتباء والهدى، والرفع إلى محل حقائق العهد واالصفاء، فكن محسودا وال تكن حاسدا فإن ميزان الحاسد أبدا خفيف بثقل ميزان المحسود، والرزق مقسوم فماذا ينفع الحسد الحاسد؟ ماذا يضر المحسود الحسد؟ والحسد أصله من عمى القلب والجحود بفضل الله تعالى، وهما جناحان للكفر، وبالحسد وقع

117

ابن آدم في حسرة األبد وهلك مهلكا ال ينجو منه أبدا، وال توبة للحاسد ألنه مصر عليه معتقد به مطبوع فيه يبدو بال معارض به وال سبب وال

(.48الطبع ال يتغير عن األصل وإن عولج() والحاسد + كما في الحديث +: يضر نفسه قبل المحسود، فإن اإلنسان إذا حسد هاج دمه وثارت نفسه وتوترت أعصابه وقلق وارتعد وال يزال

يفكر في معايب المحسود وكيفية التنقيص منه وهذا كاف في سلب راحته ثم ماذا عساه يفعل؟ فإن الحاسد تنم عن نفسه الدنيئة لهجته

فال يقبل منه الناس لهجته وتعييبه للمحسود، بل تنقلب له األقدار ظهرالمجن، فإذا به مذموم ممقوت.

وكفى بهذا كله عقوبة للحاسد في دنياه.مع قطع النظر عما أعد الله له من الخزي يوم القيامة.

وقوله )عليه السالم(: )والطبع ال يتغير( غالبي، ال دائمي. فإن الطبععسر العالج إال بالمجاهدة.

إحتقار الغير شجرة خبيثة تثمر أبشع الثمار كأنها رؤوس الشياطين إنها تنبت في

القلب فال تزال تنمو حتى تؤتي أكلها المر، وتظهر ثمارها الفجة، من العين واللسان والحركة والجري.. إن الشخص إذا احتقر أحدا سبه

بلسان حاد وهمزه ولمزه وآذاه وأهانه.وهذه األمور من نتائج تلك!

وكلها محرمة في الشريعة المطهرة متوعد عليها العقاب األليم وتفسداالجتماع وتورد الناس موارد الهلكة.

والمحتقر ال بد وأن يحتقر. فإنه كيف يعظم من نظر إلى الناسباالزدراء؟.

كما تدين تدان، وكما تعمل يعمل بك. قال الله تعالى: )الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا

(.49فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا()(.50وقال تعالى: )ويل لكل همزة لمزة()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من آذى مؤمنا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فهو ملعون في التوراة

(.51واإلنجيل والزبور والفرقان() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المسلم من سلم المسلمون من

(.52يده ولسانه() وهل يسلم أحد من يد السارق أو الباطش بغير حق، أو الكاتب

المبطل، أو ما أشبه أو يسلم من يستغيب أو يبهت أو يؤذي أو يسرق أو نحو ذلك؟ وهل من يعمل هذه األعمال بمسلم؟ وكم كان ربح

المجتمع اإلسالمي لو عمل كل مسلم بهذا الحديث فقط؟

118

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يحل للمسلم أن يشير إلى أخيه(.53بنظرة تؤذيه()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أنبئكم بالمؤمن؟.. من أئتمنهالمؤمنون على أنفسهم وأموالهم..

أال أنبئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه، أو يخذله، أو يغتابه، أو يدفعه

(.54دفعة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضل المسلمين من سلم

(.55المسلمون من لسانه ويده() وقال االمام الصادق )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه

وآله وسلم( قال الله عز وجل: قد نابذني من أذل عبدي المؤمن()56.)

وقال )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:(.57قال الله تبارك وتعالى: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي()

وقال )عليه السالم(: )قال الله عز وجل: ليأذن بحرب مني من آذى(.58عبدي المؤمن()

وقال )عليه السالم(: )اذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين المؤذون ألوليائي؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم. فيقال: هؤالء الذين آذوا

المؤمنين، ونصبوا لهم، وعاندوهم، وعنفوهم في دينهم، ثم يؤمر بهم(.59إلى جهنم()

وقال )عليه السالم(: )إن الله تبارك وتعالى يقول: من أهان لي وليا(.60فقد أرصد لمحاربتي، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي()

وربما يظن الظان إن الله لم ينصر أولياءه، وإال فكيف ضرب وسب علي )عليه السالم( أو قتل الحسين )عليه السالم( أو أهين األنبياء؟ وهذا ظن قاصر النظر، إن النصرة ليس معناها إنقاذ الحياة المادية

فحسب من األخطار، وأية قيمة للحياة المادية فقط؟ وهل نصر علي أمير المؤمنين )عليه السالم( الذي يذكر في جميع العالم بكل تجلة وإعظام، أم نصر غريمه المأفون معاوية، والشقي ابن ملجم اللذين

يسبان مدى األجيال، وهل نصر اإلمام الحسين )عليه السالم( أم نصريزيد.

إن النصرة ليس معناه أن يوفرالله الرفاه على المرء، بل معناها أن يغلب اإلنسان على أعدائه إن عاجال أو آجال: )وإنا لننصر رسلنا والذين

(.61آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد() وقال اإلمام )عليه السالم(: )من حقر مؤمنا مسكينا أو غير مسكين لم

(.62يزل الله عز وجل حاقرا له ماقتا حتى يرجع عن محقرته إياه() وهذا الحديث يشير إلى أمر يعاكسه الناس غالبا، إنهم كثيرا ما يحقرون

ذوي السلطة والثروة بال مبرر، غير إنه من الطبقة العليا، واألغرب

119

إنهم يتقربون إلى الله بذلك! لكن اإلسالم ينهي عن ذلك أشد نهي، إن التحقير في نظر اإلسالم ليس لهذه األمور، كما إن التعظيم ليس للجاه

أو المال. فكال األمرين خارجان عن الموازين المنطقية، وإنما التحقيروالتعظيم يجب أن يكونا لموازين عادلة، وبقسطاس مستقيم.

ثم أن التحقير له مصاديق عديدة. فمن التحقير أن ال تقوم لمن يستحق القيام + في المجلس + ومن

التحقير أن ال تسلم على الكبير أو ال ترد السالم برد جميل. ومن التحقير أن تشير إلى شخص + مهما كان عمله حقيرا، أو مرتبته

منحطة باإلزدراء. ومن التحقير أن تصعر خدك للناس وتمشي في األرض مرحا، وترى

نفسك فوق الناس إلى غير ذلك. واإلسالم ليس سلبيا فحسب ينهي عن اإليذاء واإلهانة، بل في الطرف

اإليجابي، يأمر برد األذى ودفع العادية. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من رد عن قوم من

(.63المسلمين عادية ما أو أذى وجبت له الجنة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )رأي+++ت رجال يتق++++لب في

ال+++جنة في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين()64.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( + بعد أمره بالفضائل +: ).. فإن لمتقدر، فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك(.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من زح+++زح من ط++ري+++قالمسلمي+++ن شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة أوجب له بها الجنة()

65.) أما إكرام المسلم وتعظيمه، وتوقيره وتجلته، فما يأمر بها اإلسالم،

حسب طبيعته األولية، فإن اإلكرام يورث المحبة، ويوجب األلفة. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أكرم أخاه المسلم

بكلمة يلطفه بها، وفرج عنه كربته، لم يزل في ظل الله الممدود،(.66وعليه الرحمة، ما كان في ذلك()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما في أمت++ي عبد، أل+++طفأخ+++اه في الل++++ه، بشيء من لطف، إال أخدمه الله من خدم الجنة()

67.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أيما مسلم خدم قوما من

(.68المسلمين إال أعطاه الله مثل عددهم خداما في الجنة() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )قال الله سبحانه: ليأمن من

(.69غضبي من أكرم عبدي المؤمن()

120

وقال )عليه السالم(: )من أخذ من وجه أخيه المؤمن قذاة، كتب اللهعز وجل له عشر حسنات، ومن تبسم في وجه أخيه كانت له حسنة()

70.) وقال )عليه السالم(: )من قال ألخيه مرحبا! كتب الله له مرحبا إلى

(.71يوم القيامة() وقال )عليه السالم(: )من أتاه أخوه المؤمن فأكرمه، فإنما أكرم الله

(.72عز وجل() وقال )عليه السالم( + إلسحاق بن عمار +: )أحسن يا إسحاق إلى

أوليائي ما استطعت، فما أحسن مؤمن إلى مؤمن وال أعانه، إال خمش(.73وجه إبليس وقرح قلبه()

ومن أكرم الناس اكرم، فال يتلقى اإلنسان إال جزاء ما عمل يقولالشاعر:

و من هاب الرجال تهيبوه ومن وهن الرجال فلن يهابا فيرجع إكرام األخ + في المسائل + إلى إكرام النفس.. وأي عاقل ال

يحب إكرام نفسه؟. إنك إن وقرت حيوانا شاعرا وقرك، فكيف بإنسانعاقل؟...

وبعد هذه الخطوط العامة، يؤكد اإلسالم على إكرام كل ذي مزيةتأكيدا أكبر.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من عرف فضل كبير(.74لسنه فوقره آمنه الله من فزع يوم القيامة()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن من إجالل الله عز وجل:(.75إجالل ذي الشيبة المسلم()

وقال )عليه السالم(: )ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا()76.)

وقد خصص اإلسالم الذرية الطاهرة بتأكيد أكبر... ولماذا؟. هل ألن اإلسالم يحابي اإلكرام، ويضع القانون عبثا؟ كال! إن اإلسالم الذي

( ، فلم إذا.. يا ترى؟.77يقول: )... إن أكرمكم عند الله أتقاكم...() إن توقير هؤالء توقير للصادع بالوحي؟! وهل ال يستحق كبير + كالنبي )صلى الله عليه وآله وسلم( + لهذا المقدار من اإلحترام؟ إن اإلنسان

يحترم عبدا لتقى أو علم، ألنه مربوط به، واحترام العبد احترام السيد، فكيف ال يحترم من هو من صلب النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(

الذي أضاء العالم بتعاليمه؟. نعم اإلسالم يبرأ من الذي ال يؤمن بالله واليوم اآلخر و فيمن نزلت

(.78)تبت يدا أبي لهب وتب() وهناك علة أخرى لتوقير المنسوبين إلى النبي )صلى الله عليه وآله

وسلم( وهي:

121

إن التوقير لشخص أو ذويه، يرجع بالمآل إلى توقير المبدأ الذي أتى به ذلك الشخص. فهل المسلم يوقر عبدا لكافر؟ كال! إذ يحتوي هذا

التوقير على توقير مبدأ الكفر، إذا: فتوقير الذرية الطاهرة توقير لمبدأاإلسالم.. وما أعظم هذا من فائدة؟.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حقت شفاعتي لمن(.79أعان ذريتي بيده ولسانه وماله()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم

(.80عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أكرموا أوالدي: الصالحون لله،

(.81والطالحون لي() أما خدمة الناس، وإيصال النفع إليهم.. فمما يحبذه اإلسالم ويجعل له

قسطا كبيرا من الثواب. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الخلق عيال الله! فأحب الخلق إلى الله: من نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيته

(.82سرورا() وسئل )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أحب الناس إلى الله...؟ قال

(.83)صلى الله عليه وآله وسلم(: أنفع الناس للناس() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )خصلتان من الخير، ليس فوقهما

شيء من البر: اإليمان بالله.. والنفع لعباد الله، وخصلتان ليس فوقهما(.84شيء من الشر: الشرك بالله.. والضر لعباد الله()

هذا شطر من األخالق اإلسالمية؟.فهل تجد فيها رجعية أو جمودا؟ أو هل تجد فيها تزمتا أو ميوعة؟

كال! وألف كال!! إنه اإلسالم... واإلسالم وحده.. واإلسالم العظيم. الذي امتألت جوانبه

رحمة وشفقة، وعطفا وحنانا، وحبا وإحسانا وألفة واجتماعا، وخيراوصالحا وحقائق أبدية، وفضائل فردية واجتماعية.

لم يمت. ولن يموت إلى أبد الدهر. وال تجد. ولن تجد. مثله أبدا سواء في األديان السالفة أم في المبادئ

المعاصرة أم في الطرق المختلفة.وهذا هو الطريق لسعادة اإلنسان وخالصه من كل عناء وشقاء.

( في دنياه، أما في85)ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقبل منه...()آخرته فهو من الخاسرين!..

ترك اإلعانة انتهى بنا المطاف في نهاية الجزء الثاني إلى قضاء الحوائج، وهناك

سردنا بعض األحاديث الواردة في مثوبة من يعين المسلمين في حوائجهم ولكن لما نقض من مأربنا وطرا فهناك أحاديث أخر تؤكد على

122

إعانة المسلمين كما وإن في المقام آثارا تدل على ذل من يتجافى عنإعانتهم فال يهتم بأمور إخوانه.

واليك جملة منها: قال األمام الصادق )عليه السالم(: )لقضاء حاجة امريء مؤمن أحب

إلى الله تعالى من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة(.86ألف...!()

وقال )عليه السالم(: )إن الله تعالى خلق خلقا من خلقه، إنتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة، فإن استطعت أن

(.87تكون منهم فكن، ثم قال: لنا والله رب نعبده وال نشرك به شيئا() وقال )عليه السالم(: )قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة

(.88وخير من حمالن ألف فرس في سبيل الله() وقال )عليه السالم(: )من طاف بالبيت طوافا واحدا، كتب له ستة آالف حسنة، ومحى عنه ستة آالف سيئة، ورفع له ستة آالف درجة حتى إذا كان عند الملتزم، فتح له سبعة أبواب من الجنة. قلت له:

جعلت فداك هذا الفضل كله في الطواف؟.قال: نعم وأخبرك بأفضل من ذلك؟.

قضاء حاجة المؤمن المسلم، أفضل من طواف، وطواف، وطواف،(.89حتى بلغ عشرا!!()

وقال )عليه السالم(: )تنافسوا في المعروف إلخوانكم وكونوا من أهله فإن للجنة بابا يقال له: المعروف، ال يدخله إال من اصطنع المعروف

في الحياة الدنيا فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن، فيوكل الله به عز وجل ملكين: واحدا عن يمينه، وآخر عن شماله يستغفران له

ربه، ويدعوان بقضاء حاجته. ثم قال: والله لرسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( أسر بقضاء

(.90حاجة المؤمن اذا وصلت إليه من صاحب الحاجة() وقال )عليه السالم(: )ما قضى مسلم لمسلم حاجة، إال ناداه الله

(.91تعالى، علي ثوابك، وال أرضى لك بدون الجنة() وقال )عليه السالم(: )أيما مؤمن أتاه أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه، وسببها له فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنما رد عن نفسه رحمة من الله عز وجل ساقها إليه، وسببها له، وذخر الله تلك الرحمة

إلى يوم القيامة، حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إنشاء صرفها إلى نفسه وان شاء صرفها إلى غيره.

فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة الله تعالى قد شرعت له فإلى من ترى يصرفها؟ قال الراوي: ال أظن يصرفها عن نفسه، قال:

(.92ال تظن ولكن استيقن، فإنه لن يردها عن نفسه()

123

أرأيت فوق هذا ترغيبا؟ إن قضاء الحاجة رحمة من الله ساقها وإن لم يقضها خسر رحمة مدخرة في وقت هو أحوج ما يكون إليها فهل يرد

الحاجة بعد ذلك نبيه؟ وترى كم من الحوائج التي ال تقضى إذا أخذالمسلمون بهذه الرواية فقط؟ إنها صفر أو تحت الصفر!!

أما اليوم حيث بعد المسلم عن إسالمه ومثله الرفيعة، فكم منالحوائج تقضى؟ إنها صفر أو تحت الصفر!

وقال )عليه السالم(: )من مشى في حاجة أخيه المؤمن يطلب بذلك ما عند الله حتى تقضى له، كتب الله عز وجل له بذلك مثل أجر حجة

وعمرة مبرورتين وصوم شهرين من أشهر الحرم واعتكافهما في المسجد الحرام ومن مشى فيها بنية ولم تقض كتب الله له بذلك مثل

(.93حجة مبرورة فارغبوا في الخير() وقال )عليه السالم(: )لئن أمشي في حاجة أخ لي مسلم أحب إلي من

أن أعتق ألف نسمة، وأحمل في سبيل الله على ألف فرس مسرجة(.94ملجمة()

وقال )عليه السالم(: )من سعى في حاجة أخيه المسلم، وطلب وجه الله كتب الله عز وجل له ألف ألف حسنة، يغفر له فيها ألقاربه وجيرانه ومعارفه ومن صنع إليه معروفا في الدنيا فإذا كان يوم

القيامة، قيل له: أدخل النار فمن وجدته فيها صنع إليك معروفا في(.95الدنيا فأخرجه باذن الله عز وجل، إال أن يكون ناصبيا()

وقال أبو الحسن )عليه السالم(: )إن لله عبادا في األرض يسعون في حوائج الناس هم اآلمنون يوم القيامة، ومن أدخل على مؤمن سرورا

(.96فرح الله قلبه يوم القيامة()إلى غيرها.. من األخبار..

وقد جعل الله تعالى + بحكمته الكاملة + في قضاء الحوائج عز الدنيا مع الغض عن أجره في اآلخرة فإن من يقضي الحوائج ال يزال يقضي حتى

يعظم في أعين الناس ويجل وال يفتىء يسعى للناس حتى يكون مرموقا يفتح له كل باب اذا طرقه وتأتيه األمور طوعا وأسباب القضاء

طواعية. وأقل نظرة فاحصة إلى المجتمع كفيل للبرهنة على هذه الحقيقة، فإن

قضاة الحوائج من أعز الناس، وأكبرهم في النفوس، وأعظمهم فيالعيون.

هذا ثوابه في الدنيا، أما في اآلخرة فقد تقدم شطر منه.أما ترك الحوائج وعدم المباالة بها فاإلسالم يذمه.

قال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )من بخل بمعونة أخيه المسلموالقيام له في حاجته إال ابتلى بالقيام بمعونة من يأثم عليه وال يؤجر()

97.)

124

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )أيما رجل من شيعتنا أتاه رجل من إخوانه فاستعان به في حاجة فلم يعنه وهو يقدر إال ابتاله الله بأن

(.98يقضي حوائج عدة من أعدائنا يعذبه الله عليها يوم القيامة() وهل هذا طبيعي أم يبتلى به من وراء ال++غيب؟ وال مانع من األول فإن اإلنسان الذي يقضي حاجة المؤمن يتركز على اإلسعاف للمؤمن وهو

بدوره يمنعه عن قضاء حاجة غيره أما العمل الذي لم يتركز على اإليمان، فال يقضي حاجة أخيه المؤمن، فأي مانع له من قضاء حاجة

العدو؟. وقال )عليه السالم(: )أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه وهو

يقدر عليه من عنده، أو من عند غيره أقامه الله عز وجل يوم القيامة مسودا وجهه، مزرقة عيناه، مغلولة يداه إلى عنقه، فيقال: هذا الخائن

(.99الذي خان الله ورسوله ثم يؤمر به إلى النار() وقال )عليه السالم(: )من كانت له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها

فمنعه إياها! قال الله تعالى: يا مالئكتي أبخل عبدي على عبدي بسكنى(.100الدار؟ وعزتي وجاللي ال يسكن جناتي أبدا()

فهل يعمل المسلمون بهذا الحديث؟. وقال )عليه السالم( لنفر عنده: )مالكم تستخفون بنا؟ فقام إليه رجل من أهل خراسان فقال: معاذا لوجه الله أن نستخف بك أو بشيء من

أمرك!. فقال )عليه السالم(: إنك أحد من استخف بي فقال: معاذا لوجه الله

أن أستخف بك! فقال )عليه السالم(: ألم تسمع فالنا ونحن بقرب الجحفة يقول لك:

احملني قدر ميل، فقد والله أعييت! ولله ما رفعت به رأسا لقد استخففت به ومن استخف بمؤمن فبنا استخف وضيع حرمة الله عز

(.101وجل() وقال )عليه السالم(: )من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم

يقضها له، سلط الله عليه شجاع ينهش إبهامه في قبره إلى يوم(.102القيامة، مغفورا له أو معذبا()

وقال أبو الحسن )عليه السالم(: )من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله، فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع

(.103والية الله عز وجل() هذه وعود وتهديدات لمن ال يقضي الحاجة فهل نهتم بقضاء حوائج

اإلخوان؟ وقد جمع رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( كل ذلك وأكثر منها

في كلمة قصيرة فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أصبح ال يهتم بأمور المسلمين فليس منهم! ومن سمع رجال ينادي يا للمسلمين فلم

(.104يجبه فليس بمسلم()

125

أصدقا نعتقد بهذا الحديث؟فأين اهتمامنا بأمور المسلمين؟.

أترى، لو كان كل مسلم يصبح مهتما ولو بقضاء أمر من أمور الناس كم كان من األمور غير مقضية؟ مع العلم ان االهتمام باألمور ال يشغل

من اإلنسان وقتا يذكر وال يسحب من ماله شيئا يعتد به إنما هو االهتمام وكم أمر يقضى بمجرده! ولو احتاج القضاء إلى مادة وزمان

فإن القاضي بدوره يستقضي نفس المادة والزمان من مسلم آخر أليس كل مسلم يقضي حاجة إخوانه؟ وهل هذا القاضي ال يحتاج إلى

آخر إلى األبد؟.ثم: إن من الجاه ما يجلبه الثراء أو العلم أو السلطة.

وهل تنفع هذه الوجاهات اذا لم تشتمل على قضاء الحوائج؟ كال بل هي مسبة الدنيا، ومنقصة اآلخرة، فالثري الذي ال يقضي حاجة الفقير

والمستعطي.. والعالم الذي ال يقضي حاجة المتعلم والجاهل والسلطةالتي ال تحل المشاكل.. مزدراة األعين، مسبة األلسن.

بخالف قاضي الحوائج فإنه محترم ممدوح... وإن لم يصحب عمله ثروة وعلم وسلطة وهذا من لطف الله تعالى، حيث جعل قضاء

الحوائج مقرونا بالعز وجعل تركه مقرونا باإلهانة واالزدراء.

.24 + سورة سبأ: آية 1.2/271 + جامع السعادات: 2.2/271 + جامع السعادات: 3.2/271 + جامع السعادات: 4.2/270، ب: الغيبة + جامع السعادات: 2/255 + بحار األنوار: 5.2/270 + جامع السعادات: 6.2/270 + جامع السعادات: 7.2/270 + جامع السعادات: 2/355 + أصول الكافي: 8 ، ب: تتبع عيوب الناس + جامع السعادات:75/215 + بحار األنوار: 9

2/270..2/270، ب: البغي + جامع السعادات: 75/273 + بحار األنوار: 10.2/270 + جامع السعادات: 11.2/273 + جامع السعادات: 12.2/273 + جامع السعادات: 13.2/273 + جامع السعادات: 14.74 + سورة الفرقان: آية 15.2/273 + جامع السعادات: 16.2/273 + جامع السعادات: 17.1/300 + جامع السعادات: 18

126

.1/300 + جامع السعادات: 19.1/300 + جامع السعادات: 20.1/300 + جامع السعادات: 21.1/304 + جامع السعادات: 22.1/304 + جامع السعادات: 23.2/167 + جامع السعادات: 24.2/167 + جامع السعادات: 468 + مكارم األخالق: 25.2/167 + جامع السعادات: 26.2/167 + جامع السعادات: 27.2/167 + جامع السعادات: 28.2/167 + جامع السعادات: 29.2/167 + جامع السعادات: 30.23 + سورة الفرقان: آية 31.2/168 + جامع السعادات: 32.2/168 + جامع السعادات: 33.54 + سورة النساء: آية 34109 + سورة البقرة: آية 35.120 + سورة آل عمران: آية 36.2/194 + جامع السعادات: 37.2/194 + جامع السعادات: 38.2/194 + جامع السعادات: 39.2/194 + جامع السعادات: 2/306 + أصول الكافي: 40.2/194 + جامع السعادات: 2/307 + أصول الكافي: 41.2/194 + جامع السعادات: 42.2/195 + جامع السعادات: 43.2/195 + جامع السعادات: 2/306 + أصول الكافي: 44.2/195 + جامع السعادات: 45.2/195 + جامع السعادات: 2/307 + أصول الكافي: 46.2/195 + جامع السعادات: 2/307 + أصول الكافي: 47.2/195 + جامع السعادات: 48.58 + سورة األحزاب: آية 49.1 + سورة الهمزة: آية 50.2/214 + جامع السعادات: 51.2/214 + جامع السعادات: 472 + مكارم األخالق: 52.2/214 + جامع السعادات: 53.2/214 + جامع السعادات: 54.2/216 + جامع السعادات: 55

127

.2/215 + جامع السعادات: 2/352 + أصول الكافي: 56.2/215 + جامع السعادات: 2/352 + أصول الكافي: 57.2/215 + جامع السعادات: 2/350 + أصول الكافي: 58.2/215 + جامع السعادات: 2/351 + أصول الكافي: 59.2/215 + جامع السعادات: 2/351 + أصول الكافي: 60.51 + سورة غافر: آية 61.2/215 + جامع السعادات: 2/351 + أصول الكافي: 62.2/216 + جامع السعادات: 63.2/216 + جامع السعادات: 64.2/216 + جامع السعادات: 65.2/216 + جامع السعادات: 20، ب74/299 + بحار األنوار: 66.2/216 + جامع السعادات: 20، ب74/298 + بحار األنوار: 67.2/217 + جامع السعادات: 22، ب74/357 + بحار األنوار: 68.2/216 + جامع السعادات: 69.2/217 + جامع السعادات: 20، ب74/297 + بحار األنوار: 70.2/217 + جامع السعادات: 20، ب74/298 + بحار األنوار: 71.2/217 + جامع السعادات: 20، ب74/298 + بحار األنوار: 72.2/217 + جامع السعادات: 73.2/217 + جامع السعادات: 74.2/217 + جامع السعادات: 2/165 + أصول الكافي: 75.2/217 + جامع السعادات: 2/165 + أصول الكافي: 76.13 + سورة الحجرات: آية 77.1 + سورة المسد: آية 78.2/218 + جامع السعادات: 79.2/218 + جامع السعادات: 80.2/218 + جامع السعادات: 81.2/218 + جامع السعادات: 20، ب74/339 + بحار األنوار: 82.2/218 + جامع السعادات: 20، ب74/339 + بحار األنوار: 83.2/218 + جامع السعادات: 84.85 + سورة آل عمران: آية 85.2/230 + جامع السعادات: 20، ب74/324 + بحار األنوار: 86.2/230 + جامع السعادات: 20، ب74/323 + بحار األنوار: 87.2/230 + جامع السعادات: 20، ب74/324 + بحار األنوار: 88.2/230 + جامع السعادات: 20، ب74/326 + بحار األنوار: 89.2/231 + جامع السعادات: 20، ب74/328 + بحار األنوار: 90.2/231 + جامع السعادات: 20، ب74/306 + بحار األنوار: 91.2/231 + جامع السعادات: 20، ب74/324 + بحار األنوار: 92

128

.2/231 + جامع السعادات: 20، ب74/327 + بحار األنوار: 93.2/231 + جامع السعادات: 20، ب74/332 + بحار األنوار: 94.2/231 + جامع السعادات: 20، ب74/333 + بحار األنوار: 95.2/232 + جامع السعادات: 20، ب74/332 + بحار األنوار: 96.2/228 + جامع السعادات: 97.2/228 + جامع السعادات: 98.2/228 + جامع السعادات: 99

.2/228 + جامع السعادات: 100.2/228 + جامع السعادات: 101.2/229 + جامع السعادات: 102.2/229 + جامع السعادات: 103.2/229 + جامع السعادات: 20، ب74/339 + بحار األنوار: 104

129

الثاني: الباب

النميمةومن هو النمام؟.

انه رجل منفرد، خبيث، يرتعد المجتمع من ظله.. انه الذي يحكي كالم هذا لذاك، ليلقي الفتنة بينهم.. فإذا رآك، قال: تكلم فالن فيك بالسوء..

واذا رأى صديقك، قال: تكلمت أنت فيه بالسوء، وهلم جرا. إنه كالحنظل، يفسد صداقة حلوة، ويلقي الفتن بين األحبة من حيث

يشعر أو ال يشعر.. وربما كان النمام الشعوريا، بل ربما يكون ناصحا +بنظر نفسه + لكنه يفسد بالنتيجة.

ثم.. لنأتي نحاسب النمام على مقالته: لم ينم؟إال أنه يريد تحطيم المنقول عنه؟ فما أجدر بك أن ال تسمع إلى كالمه.

أم ألنه يريد الفرقة بينك وبين صديقك؟ فالمفرق يجتنب، ال أنه يقترب. أم ألنه ناصح لك في أن تتجافى عن المنقول عنه؟ وهل الناصح يفرق،

أم يجمع؟. إنه أضر من الدابة التي تحمل النفايات، ثم تلقيها عليك، فإن الماء

يغسل مواضع اللطخ من الجسم أما القلوب إذا تنافرت، فال يغسلهاألف ماء وماء.

ولذا ترى اإلسالم يحذر من النمام، ويحرم النميمة بكل شدة فانظر إلى الشدة التي انطوت عليها هذه اآلية الكريمة: )هماز مشاء بنميم

(.1مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم()وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يدخل الجنة قتات()

(، وهو النمام.2(.3وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يدخل الجنة نمام()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أشار ع++ل+++ى مسل+++م كلمة(.4ليشين+++ه بها في الدنيا بغير حق، شانه الله في النار يوم القيامة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أحبكم إلى الله: أحسنكم أخالقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، وأن أبغضكم إلى الله:

المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين األحبة، الملتمسون للبراء العثرات((5.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أخبركم بشراركم؟قالوا: بلى، يا رسول الله..

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين(.6األحبة الباغون للبراء العيب()

130

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أيما رجل أشاع على رجل كلمة، وهو منها بريء ليشينه بها في الدنيا، كان حقا على الله: أن يدينه بها

(.7يوم القيامة في النار() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله لما خلق الجنة، قال لها:

تكلمي، قالت: سعد من دخلني... قال الجبار جل جالله: وعزتيوجاللي ال يسكن فيك ثمانية نفر من الناس:

ال يسكنك مدمن خمر، وال مصر على الزنا، والقتات )وهو النمام( وال ديوث، وال شرطي، وال مخنث، وال قاطع رحم، وال الذي يقول: علي

(.8عهد الله أن أفعل كذا وكذا... ثم لم يف به() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )الجنة محرمة على المغتابين،

(.9والمشائين بالنميمة()وانظر إلى هذا الحديث، وكم ترى حظه من المجتمعات اليوم.

قال )عليه السالم(: )ويحشر العبد يوم القيامة، وما ندا دما )أي ما سفك دما( فيدفع إليه شبه المحجمة، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فالن.. فيقول: يا رب، إنك لتعلم أنك قبضتني وما

سفكت دما، فيقول: بلى، سمعت من فالن رواية كذا وكذا، فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فالن الجبار، فقتله عليها، وهذا سهمك

(.10من دمه() إن المسلمين مذ حين وقعوا في مخالب الغرب، وضاعت قيم اإلسالم عندهم وصاروا من مصاديق هذه اآلية الكريمة: )قل هو القادر على أن

يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا(.11ويذيق بعضكم بأس بعض...()

تراهم.. شيعا وأحزابا، وأعداء ومناوئين، يهجم بعضهم على بعض، ويسعى بعضهم على بعض، فشاعت فيهم الجواسيس من أنفسهم،

وكثرت فيهم السعاية والنميمة.. وكثير من السجون يرتادها أناسسعي بهم، كما أن بعض المقتولين بأيادي السلطات، إنما وشي بهم.

وقال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الساعي بالناس إلى الناس( أي ليس بولد حالل.12لغير رشده()

ثم بعد ذلك.. هل صلحت دنياهم؟. كال! بل بالعكس: امتألت السجون، وظهرت الفرقة والعداء وطاردت

السلطات الشعوب، وقلت الشعوب السلطات، وبالنتيجة قامت ثورات وانتفاضات أطاحت بالحكومات، وأراقت دماء وتربصت بما بقي منها

الدوائر... ان الدنيا بغير اإلسالم ال تصلح، والشعوب في غير ظل اإلسالم ال

تستريح والسلطات بغير مناهج اإلسالم ال تتمكن من ترفيه العيش لنفسها ولسائر أممها، حتى ترى وترى... حتى يأذن الله بقيام اإلسالم

على ساق + من جديد +

131

)اللهم إنا نرغب إليك، في دولة كريمة، تعز بها اإلسالم وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك،

وترزقنا بها كرامة الدنيا واآلخرة(: )من دعاء االفتتاح(. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من روى رواية على مؤمن، يريد

بها شينه وهدم مروءته، ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله من(.13واليته إلى والية الشيطان، وال يقبله الشيطان!!()

وروى ابن الفضل، عن اإلمام الكاظم )عليه السالم(، أنه قال له: )جعلت فداك، الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه! فأسأله عنه؟ فينكر ذلك؟ وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال )عليه

السالم(: يا محمد، كذب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة. فقال لك قوال، فصدقه وكذبهم! وال تذيعن عليه شيئا تشينه به، وتهدم مروءته، فتكون من الذين قال الله: )إن الذين يحبون

(.15( )14أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم...() المراد بخمسين قسامة: خمسون رجال يشهدون على شيء، ثم يحلف

كل واحد منهم على طبق شهادته، هذا إن كانت القسامة + في لفظ الحديث + بدال عن الخمسين.. أما إن كان باإلضافة فهي ألفان

وخمسمائة رجل يشهدون ويحلفون!! ان القسامة خمسون، فخمسونقسامة: ألفان وخمسمائة.

فيكون من سفه الكالم، حتى أن هذا العدد الضخم، ال يعتني بقوله،قبال قول المشهود عليه.

وكيف يمكن ذلك؟!ألم يعتبر اإلسالم شاهدين الثبات الحقوق + غالبا +؟

والجواب:إن هناك مقامين:

ا + مقام الشهادة، وفيها يعتبر شاهدان، كما ذكر. ب + مقام ترتيب اآلثار على أقوال الناس، في غير مقام الشهادة والحقوق فمثال: لو قيل لك: فالن كاذب.. أو يغش.. أو أكل أموال

الناس بالباطل، فال يعتني بأقوال هؤالء إال في مقام الشهادة والحقوق، فالصفاء اإلسالمي ال يكدره أقوال عابرة، وإن تراكمت إلى حد

القسامة. نعم.. المؤمن كيس يقدر اموره حتى ال يقع في مهوى أو يسقط في مغر.. فعليه أن يتحرى في اموره، فال يعتمد على من تلوكه األلسنة،

بالسوء، وال يسلطه على مال أو عرض أو أمر.وهذا أمر ثالث غير المقالين السابقين

فإذا سمعت إن فالنا شارب الخمر.. ال تقطع صلتك عنه ألقوالالناس... أما إنه إذا خطب كريمتك، فال تعطه حتى تتحقق.

132

كما قال اإلمام الصادق )عليه السالم( لولده إسماعيل، في القصةالمشهورة...

وعالج النمام ما صنعه اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم( بمن نم إليه: فقد روي: )أن رجال أتى أمير المؤمنين )عليه السالم( يسعى إليه

برجل، فقال )عليه السالم(: يا هذا، نحن نسأل عمن قلت، فإن كنتصادقا مقتناك، وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك.

(.16قال: أقلني يا أمير المؤمنين() والنميمة من الفساد الذي نهى الله عنه، فقال: )الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في

(.17األرض أولئك هم الخاسرون()الشماتة

من الناس من يتربص بأخيه الدوائر حتى إذا وقع فيها أظهر الفرحوالسرور وسلقه بألسنة حداد.

ولماذا؟ ألنه أساء إليه + إساءة حقيقية أو خيالية + أو ألنه لم يتبع نظرهفي حركة أو عمل.

وهل الشامت لم يسئ إلى أحد؟ أو هل هو تتبع نظر الناس في حركاته وأعماله؟ ثم هل يأمن من طوارق الدهر وحوادث األيام فتدار كأس

الشماتة عليه؟.كال.. ال ذا وال ذاك وال ذلك وإنما هو مغرور.

واإلسالم يبشره بأن الدائرة عليه إن شمت بأخيه والتجربة تدل علىمدى صدق هذه األخبار وكل أخبار اإلسالم صادقة.

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ال تبدي الشماتة ألخيك، فيرحمه(.18الله ويحلها بك()

وقال )عليه السالم(: )من شمت بمصيبة نزلت بأخيه، لم يخرج من(.19الدنيا حتى يفتتن()

وقل للشامتين بنا رويدا سيلقى الشامتون كما لقيناثم.. لنفرض أنه فرح ورقص وعربد. فماذا؟.

إنه يدل على خفة نفسه، وقلة عقله، وضآلة عاطفته وأخيرا: على عدمإنسانيته فاإلنسان يألم أللم اإلنسان ال إنه يفرح.

وكذلك الصفات الرذيلة كلها تدل على ضآلة نفسية المتصف وضحالةروحه،! قبل أن تدل على شيء آخر.

أرأيت الجبن والبخل والحسد؟ أليست تدل على نقص المتصف قبل أن يضر الفقير والمحسود، وقبل أن يفت الجبان في عضد من ينصره..

وهكذا الشماتة تضر الشامت قبل أن تؤذي المشموت به.المجادلة

الجدال: هو أن تريد التغلب في الكالم على طرف الحديث، فتقولوتقول إلثبات ما ارتأيته حقا كان أم باطال + في قرارة نفسك +

133

وما يبغي المجادل من جداله؟. إنه يريد أوال وآخرا + انتصار نفسه.. أما أنه يريد إظهار الحق ودحض

الباطل فال تجد له في عشرة آالف مجادل شخصا واحدا. والدليل على ذلك: إنك إن راجعت ما سبق لك من مجادالت تيقنت أن

العامل الظاهر + والخفي + كان حب الغلبة فحسب.وعلى أي.. فما نفع المجادلة؟.

هل تزعم بأن طرفك يعترف بأنك على حق؟. نعم تزعم أنت ذلك + إذا كنت نيا غير ناضج + أما الخبراء بعلم النفس

فال يشكون بأن الجدال ال يزيد المخالف إال إصرارا، وربما أمكن إقناعهبالحق لوال الجدال أما مع الجدال فال يقتنع وإن رأى الحق رؤي العين.

أو هل تزعم أنه يعترف بقدرتك على الكالم؟نعم.. تزعم ذلك إن كنت قليل الحظ من اإلدراك.

فاعلم.. إنه ال يقوم من عندك إال وأنه يردد في نفسه إنك سخيف وإنكالمك هراء وإن منطقك فارغ عن كل ميزان.

أو هل تزعم إنه يعترف بعظمتك وعلمك؟.نعم.. تزعم ذلك إن كنت من البدو الجاهلين؟!

أما اذا كنت تعرف حقائق النفوس فال تشك أنك بالمجادلة، تصغر نفسك في نظر الطرف اآلخر وتبرهن أنك قليل الحظ من الثقافة

واألخالق. ولذا نرى اإلسالم يؤكد على ترك الجدال أشد تأكيد، إنه بنظر الواقع + مع عدم جدواه + يهيج العواطف ويثير العداء والبغضاء وربما جر إلى

أبشع عاقبة وأوخم فساد. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من جادل في الخصومة

(.20بغير علم لم يزل في سخط حتى ينزع() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أبغض الرجال إلى الله: األلد

(.21الخصم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما أتاني جبرائيل قط إال وعظني،

فآخر قوله لي إياك ومشادة الناس فإنها تكشف العورة وتذهب بالعز()22.)

وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )إياكم والمراء والخصومة،(.23فإنهما يمرضان القلوب على اإلخوان وينبت عليهما النفاق()

فإن الشخص إذا جرح كبرياء أخيه لم يزل حتى ينقلب عليه عدوا وإن كان أخاه من أبيه وأمه، وقد قيل + ألحد الحكماء + هل صديقك أحب

إليك أم أخوك، قال: إنما احب أخي ألنه صديقي! وتجربة واحدة كافيةلمعرفة مدى المجادلة في تعكير صفو األخوان.

وهل تعلم مدى كلمة )اآلن أبين لك( في تجريح العاطفة مع بساطتها جدا وأنها أقل كلمة تقال عند الجدال؟ إن معناها: )إنك أيها المخاطب

134

ال تعلم وإني أعلم ولي القدرة على بيان ما قلت وتبين بعد ذلك إنككنت على خطأ وأنا على صواب(.

وهل ترضى أنت بأن يقول لك المخاطب هذه المقالة؟ كال! فاعلم أنالمخاطب مثلك ال يرضى!!

وقال اإلمام زين العابدين )عليه السالم(: )ويل امه فاسقا من ال يزال مماريا، ويل امه فاجرا من ال يزال مخاصما، ويل امه آثما من كثر

(.24كالمه في غير ذات الله() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ال تمارين حليما وال سفيها، فإن

(.25الحليم يقليك والسفيه يؤذيك() وقال )عليه السالم(: )إياكم والمشادة فإنها تورث المعرة وتظهر

( وقال )عليه السالم(: )إياكم والخصومة فإنها تشغل26العورة()(.27القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن()

لكن هل يقلع اإلنسان؟. كال! إن حبه للظهور ورغبته في إظهار علمه يمنعانه من ترك الجدال،

وكثيرا ما يقول: إنه إلظهار الحق! فليسمع إلى كالم رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث من

لقي الله تعالى بهن دخل الجنة من أي باب شاء:ا + من حسن خلقه.

ب + وخشي الله في المغيب والمحضر.(.28ج + وترك المراء وإن كان محقا()

فهل سمعت؟ لكن حب الظهور مانع عن العمل بهذا الحديث.. وكيف نتمكن من قلع جذور حب الظهور؟ بالمجاهدة الطويلة فإن اإلنسان يحب أن يعرف نفسه بقلم أو لسان أو جاه أو جمال، أو.. فليجاهد طويال! جهارا أهون منه الجهاد مع األعداء بالسيف والرمح

حتى يموت حب الظهور. وبعد ذلك. فليطب اإلنسان الكالم فإنه مجلبة للحب وسبب لأللفة ولذا

أكد اإلسالم عليه غاية التأكيد حتى قال رسول الله )صلى الله عليه(.29وآله وسلم(: )يمكنكم من الجنة: طيب الكالم، وإطعام الطعام()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وأطاب

(.30الكالم()(.31وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الكلمة الطيبة صدقة()

ويروى عن المسيح العظيم )عليه السالم(: )أنه مر به خنزير، فقال: مر بسالمة، فقيل له: يا روح الله تقول هذا للخنزير؟ فقال: أكره أن

(.32أعود لساني الشر()وكم في المجتمع + اليوم + من يطيب الكالم ويطعم الطعام؟.

قليل.. وقليل جدا وكذا ترى الضغائن واألحقاد والعداوات والمهاترات.

135

االغتياب (. هكذا يقول33)أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه...()

القرآن الحكيم في ذم الغيبة.. وما هي الغيبة؟. انها كما حددها النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ذكرك أخاك بما

(.34يكره() فلو قلت: إنه كذوب، أو مغتاب، أو شريب أو مقامر أو وسخ أو جبان أو

بخيل أو متكبر أو صغير النفس أو أناني أو.. أو.. كان غيبة وتنقيصا..أليس يكره هذا الكالم؟.

وبعض الناس الذين أولعوا بالغيبة يقولون + تبريرا لموقفهم +: ال نتحاشى من ذكر هذه الصفات أمام من نتكلم عليه.. وهل هذا من

المبررات؟ كال! بل انهم جاهلون أو متجاهلون.. فليست معصية تبرر معصية، إن ذكر األخ بالسوء في حضرته إهانة + وهي محرمة + وذكره في غيبته اغتياب وهو محرم + فهل يبرر أحدهما اآلخر؟ كال! بل عقابه

ضعفان. ومنهم من يقول: إن األخ ال يكره، فهل تصح مقالته؟ كال إن كل أحد

يكره ذكر مساوئه.. ولو فرض أنه ال يكره.. أفليس هذا تنقيصا للمسلم؟ وهو بدوره محرم وإن كان المذكور فيه ال يكره.. أفليس

التنقيص مخالفا لألخوة اإلسالمية؟ وهل تحب أنت أن ينتقصك أحد؟ألم يأمر اإلسالم )أحب ألخيك ما تحب لنفسك(؟.

وقد حذر اإلسالم من الغيبة تحذيرا كبيرا. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المسلم على المسلم

حرام: دمه وماله وعرضه، ومن العرض االغتياب. وقال )صلى الله عليه واله وسلم(: إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا، فإن الرجل قد يزني ويتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة

(.35ال يغفر له حتى يغفر له صاحبه()ولنقف قليال لنعرف معنى الحديث...

هذا الحديث يدل على إن الغيبة أشد من الزنا.وحديث آخر يدل على أن درهما من الربا كسبعين زنية.

وحديث آخر يدل على أن كذا. أشد من القتل.وهكذا أحاديث...

فهل هذه األحاديث على ظاهرها؟ إذا: فما معنى ما ارتكز في أذهان المسلمين من بشاعة الزنا بما ال يوصف بينما ال يروى للربا والغيبة

مثل هذه البشاعة؟ هل ألنهم جاهلون بالشريعة، أم ألنهم يستسهلون ما يرتطمون فيه من المآثم + كالغيبة + دون غيرها مما اعتادوا على

التجنب عنه + كالزنا +؟ أم ألنهم يعرفون لحن الكالم فال يحملون هذه األحاديث إال على القدر الذي يالئم روح الشريعة من المعنى

والمغزى؟.

136

إن الذي يقرب + بنظري + هو األمر الثالث، وإن هذه األحاديث يراد بهاأحد أمرين:

أ + المجاز بالمبالغة في اإلثم تحذيرا من االقتراف فإن الناس يستسهلون أمر محرمات ألفوها، فال بد للشرع + مقدمة لإلقالع + أن يحذر بما أوتي من طول وحول وهذا ليس من الكذب بل سيله سيل سائر أقسام المجاز. أرأيت لو خرج أكثر أهل البلدة الستقبال قادم..

ثم قيل: خرج أهل البلدة، فهل ذلك من الكذب؟ كال! إنه مجاز وعالقته المشابهة بين الجميع والغالب، كما إن عالقة جري الميزاب: الحال

والمحل، وعالقة عتق رقبة: الجزء والكل، وهكذا.. ومثل هذا التعبير:أي كون شيء أشد من شيء.

إنما يعبر إلفادة الرفع الشديد على الشرع من اإلثم الكذائي.. يقال: ان األمر الكذائي أثر في أكبر األثر تعبيرا لما القاه اإلنسان من الصعوبة،

ال أنه أثـر أكبر األثر حقيقة. والسر في هذا النحو من المجاز، إفادة مرتبة شديدة، بحيث لوال هذا

التأكيد لظن أن األثر ضعيف. أرأيت لو قال الشارع: اإلغتياب محظور. لم يعرف السامع تأكد حرمته، بينما لو قال: إنه أكبر من الزنا، عرف

أنه محرم شديد. ب + أن يراد من هذه األحاديث: كون الغيبة مثال أشد من الزنا، من

بعض النواحي. كما قال الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: في الحديث األخير. وذلك ألن األمور إنما تعتبر المفاضلة بينها من بعض الجهات، ال كل

الجهات + غالبا + فلو قال الصياد: إن هذه الغابة أفضل من تلك الغابة، أراد من حيث الصيد. ولو قال الحشاش: إن هذه البيداء خير من تلك

أراد من حيث الحشيش. ولو قال المكاري: إن هذه الجادة أحسن منتلك أراد من حيث السير، وهكذا.

وال يريد هؤالء المفاضلة من جميع الحيثيات. وهكذا يحمل كالم الرسول واألئمة )عليهم السالم(: إنهم يريدون

المفاضلة من حيث.. ال على اإلطالق. أرأيت لو قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: حمزة سيد الشهداء،

أو قال ما أظلت الخضراء وال أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق منأبي ذر. أو قال أو قال.. ال يريد الفضل بقول مطلق بل بالنسبة.

وهكذا هذه األحاديث التي تفضل اإلطعام على الصالة.. أو تشدد فيتحريم الربا والغيبة حتى تجعلهما أشد من الزنا...

ولنرجع إلى ما كنا بصدده: وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )مررت ليلة اسري بي على قوم

يخمشون وجوههم بأظافرهم! فقلت: يا جبرائيل من هؤالء؟ قال:(.36هؤالء الذين يغتابون الناس، ويقعون في أعراضهم()

137

وخطب )صلى الله عليه وآله وسلم( يوما + حتى أسمع العواتق في بيوتها، فقال: )يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص اإليمان إلى قلبه ال

تذموا المسلمين وال تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله(.37عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته()

وهذا طبيعي قدر ما هو عيني. فإن طبيعة الحال قاضية على أن من يتطلع إلى عورات الناس وخفايا أمورهم، يتتبع الناس عورته وسره فإن رأوا سيئة + واإلنسان ال يخلو من سيئة + أذاعوها، كما أذاع هو

سيئاتهم جزاء وعقابا. وخطب )صلى الله عليه وآله وسلم( + يوما +: )فذكر الربا وعظم شأنه،

فقال: إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثالثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل

(.38المسلم()ومر )صلى الله عليه وآله وسلم( على قبرين يعذب صاحباهما، فقال:

)إنهما ليعذبان في كبيرة أما أحدهما فكان يغتاب الناس، وأما اآلخر فكان ال يستبرىء من بوله، ودعا بجريدة رطبة أو جريدتين، فكسرهما ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر، وقال: أما انه يهون من عذابهما

(.39ما كانتا رطبتين() إن الجريدة الرطبة تهون العذاب كما في أحاديث. ولم ذاك؟ األحسن

ان نعترف بأنه لم يصل العلم بعد ذلك إلى كشفه، وكم للعلم من مضمار لم يصل بعد إلى آخره إن عذاب البشر أمر كشف عنه الشرع، وطرده بالجريدة أمر كشف عنه الشرع أيضا. أما كيف ذلك؟ فال نعلمه

وكم كان الجاهلون ينكرون أشياء ثم وصل إليها العلم فاعترفوا بها، بينما سبقهم اإلسالم إلى الكالم عنها قبل قرون والعلم الذي ال نبصره

وال نعلم منه إال أمورا بسيطة مما يعترف به العلم انظر )القرآنوالعلم الحديث( تحت عنوان )عالم نراه وعالم ال نراه(.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من مشى في غيبة أخيه وكشف عورته، كانت أول خطوة خطاها وضعها في جهنم، فكشف الله عورته على رؤوس الخالئق ومن اغتاب مسلما بطل صومه ونقض وضوءه،

(.40فإن مات وهو كذلك، مات وهو مستحل لما حرم الله() بطالن الصوم والوضوء: عبارة عن عدم قبولهما كما يأتي في حديث

آخر، واستحالله لما حرم الله: بمعنى ارتكابه محرما. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الغيبة أسرع في دين الرجل

(.41المسلم، من اآلكلة في جوفه()وكم تفسد اآلكلة في الجوف؟ بقدر ذلك تفسد الغيبة من الدين.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الجلوس في المسجد إنتظاراللصالة عبادة، ما لم يحدث.

فقيل: يا رسول الله، وما الحدث؟.

138

(.42قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: االغتياب() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من اغتاب مسلما أو مسلمة، لميقبل الله صالته وال صيامه أربعين يوما وليلة إال أن يغفر له صاحبه()

43.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من اغتاب مسلما في شهر

(.44رمضان، لم يؤجر على صيامه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع

الله بينهما في الجنة أبدا ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت(.45العصمة بينهما، وكان المغتاب في النار خالدا فيها وبئس المصير()

واالغتياب بما ليس فيه هو االتهام. وإنما نطلق عليه الغيبة ألنه كالمفي غيبة المتكلم عليه.ويوضحه هذا الحديث:

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )هل تدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: له: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: إن كان

(.46فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته() وروي )أنه ذكر رجل عند النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( فقالوا: ما

أعجزه؟ فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: اغتبتم أخاكم! قالوا: يا رسول الله قلنا ما فيه! قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: إن قلتم ما

(.47ليس فيه فقد بهتموه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما النار في اليبس بأسرع من

(.48الغيبة في حسنات العبد() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما عمر مجلس الغيبة إال خرب

في الدين فنزهوا أسماعكم من استماع الغيبة، فإن القائل والمستمع(.49لها شريكان في اإلثم()

ويؤكد كون المستمع شريكا في اإلثم أحاديث أخر. روي: )أنه )صلى الله عليه وآله وسلم( لما رجم ماعزا في الزنا، قال رجل آلخر: هذا أقعص كما يقعص الكلب. فمر النبي )صلى الله عليه

وآله وسلم( معهما بجيفة فقال: انهشا من هذه الجيفة! فقاال: يا رسول(.50الله ننهش جيفة؟ فقال: ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه()

وروي: )إن أحد الصحابة قال لآلخر: إن فالنا لنؤوم، ثم طلبا من رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( أداما ليأكال به الخبز، فقال )صلى الله

عليه وآله وسلم(: قد أئتدمتما! فقاال: ما نعلمه؟! فقال )صلى الله(.51عليه وآله وسلم(: بلى إنكما أكلتما من لحم صاحبكما()

وكثيرا ما يقول المغتاب: أنا رأيت منه ذلك أو سمعت تبريرا لغيبته فليسمع إلى اإلمام الصادق )عليه السالم( حيث يقول: )من قال في

139

مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عز وجل:)إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم...(

(52( )53.) وقال )عليه السالم(: )من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم

مروءته ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله من واليته إلى والية(.54الشيطان، فال يقبله الشيطان()

وقال )عليه السالم(: )من اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو(.55شرك شيطان()

وقال )عليه السالم(: )الغيبة حرام على كل مسلم، وإنها لتأكل(.56الحسنات كما تأكل النار الحطب()

ومن أشد األحاديث المحذرة عن الغيبة قوله )عليه السالم(: )كذب من(.57زعم أنه ولد من حالل وهو يأكل من لحوم الناس بالغيبة()

والظاهر أن يراد بذلك إشراك الشيطان في نطفته فدوام الغيبة منعالئم ذلك.

هذا في الغيبة.أما البهتان فهو أعظم منها وأعظم..

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من بهت مؤمنا أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه الله على تل من نار حتى يخرج

(.58مما قال فيه()وهل له مخرج؟ هيهات هيهات؟!؟!

وقال االمام الصادق )عليه السالم(: )من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليسفيه بعثه الله عز وجل في طينة خبال حتى يخرج مما قال.

قال الراوي:قلت: وما طينة خبال.

( أي الزانيات59قال: صديد يخرج من فروج المومسات()نعم...

قد استثني من حرمة الغيبة موارد: ككون المتكلم مظلوما أو مريدا لالستعانة لدفع منكر أو نصح مستشير أو قدح مقالة باطلة أو الشهادة

على فاعل المحرم. أو ما أشبه لكن كل ذلك بقدر وشروط مذكورةفي كتب الفقه.

الكذبكل التواء في قول أو عمل، يمقته اإلسالم، كما يذمه العقل.

والكذب من أبشع مصاديق اإللتواء، فإنه أم كل شيء وجرثومة كثير من الرذائل، فالنفاق، وذو الوجهين، والتملق، ومدح من ال يستحق

المدح، وأشباه ذلك.. والئد الكذب. وال يكذب اإلنسان إال لخفة في نفسه، والتواء في باطنه، وانهزام في

روحه وإال فالصريح المستقيم، ال يحتاج إلى الكذب.

140

ولم يكذب؟ألنه يريد ابتزاز مال، أو إحتكار جاه، أو إبقاء خير أو تجنب خطر.

وهل يوفر الكذب ما ظنه؟. كال! بل + بالعكس + الكذب فيه كل هلكة وانحطاط وانهيار، والصدق +

وهو ضده + فيه كل نجاة ورفعة وسمو وقديما قيل:)النجاة في الصدق، والهالك في الكذب(.

نعم.. ربما وفر الكذب خيرا مزعوما، ولكن الكذوب سرعان ما يزول عنه جلباب االلتواء، فينظر إليه الناس على صورته البشعة، فيقليه القريب، ويتجنب عنه البعيد، ويلفظه كل دان وقاص، وال يقم أحد

لكالمه وزنا، ولمقاله اعتبارا وقيمة.وعلى أي، فاإلسالم يحارب الكذاب والكذابين حربا شعواء.

ففي القرآن الحكيم: )إنما يفتري الكذب الذين ال يؤمنون بآيات الله...((60.)

وقال سبحانه: )فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا(.61الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إياكم والكذب! فإن(.62الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار()

وهذا شيء واضح، فإن الكذب يوجب االلتواء، وال مانع لدى الكذوب أن يعمل إجراما، ألنه يأمن من مغبته، أليس يقدر على الكذب؟ إذا سئل

عنه؟. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن إذا كذب من غير عذر،

لعنه سبعون ألف ملك، وخرج من قلبه نتن حتى يبلغ العرش، فيلعنه حملة العرش وكتب الله عليه بتلك الكذبة سبعين زنية، أهونها كمن

(.63زنى مع أمه()وقد تقدم معنى هذه المفاضلة وأسبابها في بحث سابق.

وفي أمثال هذه المفاضالت إحتمال ثالث لم نذكره هناك، ال بأسبذكره:

وهو إن لألمور المندوبة أجرين، ولألشياء المبغوضة عقابين: األصل،واللوازم.

فمثال: لقراءة القرآن كامال أجر ألف دينار، وتفضل مائة ألف دينار.. وللزنا عقوبة مائة سوط، وزيادة عشرة آالف لما يكتنفه من انتهاك

حرمة الله تعالى، وإفساد المرأة وإضاعة النسل وما أشبه. ( ثالث مرات64فإذا ورد في الحديث: إن قارىء )قل هو الله أحد()

يعطي من األجر قدر قارىء تمام القرآن، يراد به األصل ال التفضل. كما لو أن الكذب عقابه أشد من الزنا، كان المراد اشد من عقوبة الزنا

األصلية.

141

وهذا موجود في العرف، فإن سب رئيس السلطة، وان كان بما هو سب ال يستحق أكثر من غرامة أو عقوبة ضئيلة، ولكنه بما هو سب

الرئيس المالزم لهنات وانتهاك حرمات، يستحق مرتكبه عقوبة كبيرةوغرامة ثقيلة.

كما إن إهداء ضئيال إلى كريم، إن كان بما هو هو، ال يقابل إال بقدره أو أكثر من قدره بقليل إال ان اإلهداء بما هو إلى كريم يكون مقابله

أضعاف أضعاف ذلك. إذا فما ورد في األحاديث من بعض المفاضالت، محمول على هذا

المعنى.ونعود ثانيا إلى الكذب وعقابه وذمه.

سئل رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يكون المؤمن جبانا؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: نعم.. قيل: ويكون بخيال؟ قال: نعم،

(.65قيل: ويكون كذابا؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: ال() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا

(.66هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب()(.67وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الكذب ينقص الرزق()

وكيف؟ إن الكاذب يجنب، وتجنب الناس + بدوره + يوجب قلة الكسب وهي تنقص الرزق. وهذه القضايا قضايا حقيقية )في اصطالح

المنطقيين( ككون الدواء الفالني يوجب الصحة من المرض الكذائي،فال ينافي ذلك عدم االطراد واالنعكاس.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك(.68به القوم ويل له، ويل له!!!()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )رأيت )من الرؤيا في النوم( كأن رجال جاءني، فقال لي: قم. فقمت منه، فإذا أنا برجلين أحدهما قائم واآلخر جالس وبيد القائم كلوب من حديد يلقمه في شدق الجالس،

فيجذبه حتى يبلغ به كاهله! ثم يجذبه فيلقمه الجانب اآلخر فيمده. فإذامده رجع اآلخر كما كان!

فقلت للذي أقامني: ما هذا؟ !(.69فقال: هذا رجل كذاب يعذب في قبره إلى يوم القيامة!()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أخبركم بأكبر الكبائر؟( أي الكذب.70اإلشراك بالله، وعقوق الوالدين... وقول الزور...()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن العبد ليكذب الكذبة، فيتباعد(.71الملك منه مسيرة ميل من نتن ما جاء به()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن للشيطان كحال، ولعوقا،ونشوقا. فأما لعوقه فالكذب، وأما نشوقه فالغضب، وأما كحله النوم()

72.)إن الحديث تشبيه.. أو حقيقة، وكم من حقائق ال ندركها!.

142

ثم إن اإلنسان قد يكذب في الهزل، زاعما إنه هزل فأي ضرر يتولد منه؟ لكن الهزل كثيرا ما صار ملكة، ثم بقي بعده دور الجد.. ثم أي دافع يدفع اإلنسان للكذب ولو في الهزل، أليس يمكن المزاح بغير

الكذب؟ يقول االمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ال يجد العبد طعم اإليمان

(.73حتى يترك الكذب هزله وجده() وقال )عليه السالم( + لعبد ذم الكذب +: )أعظم الخطايا عند الله:

(.74اللسان والكذب، وشر الندامة: ندامة يوم القيامة() وقال االمام السجاد )عليه السالم(: )إتقوا الكذب الصغير منه والكبير،في كل جد وهزل، فإن الرجل اذا كذب في الصغير، اجترأ على الكبير(

(75.) وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إن الله عز وجل جعل للشر أقفاال،

(.76وجعل مفاتيح تلك األقفال الشراب، والكذب شر من الشراب() إن من شرب الخمر، فلعبت برأسه، ال مانع لديه من انتهاك أي حرمة،

واقتراف أي جريمة، وارتكاب أي منكر. أليس المانع كان هو العقل؟إذا: ذهب بذهابه.

ثم.. كلما يأتي من الشرب ليس مثل ما يأتي من الكذب، أليس بالكذب يقتل األلوف وتهتك أعراض؟ إن القائد الذي يكذب + تحفظا

على كيان نفسه + فيرسل العساكر باسم إنهم أعداء، أليس يفعل كلذلك لكذب كذبه؟. وهكذا...

وقال )عليه السالم(: )إن أول من يكذب الكذاب: الله عز وجل، ثم:(.77الملكان اللذان معه، ثم: هو يعلم إنه كاذب()

وقال اإلمام العسكري )عليه السالم(: )جعلت الخبائث كلها في بيت،(.78وجعل مفتاحها الكذب()

هذا شأن الكذب بصورة عامة. أما الكذب على الله والرسول واألئمة )عليهم السالم( فهو أشد أنواع

الكذب وسببه واضح، فإن قولهم وفعل النبي واألئمة )عليه السالم(وتقريرهم حجة يلزم أن يؤخذ بها فالكذب عليهم ذو أثر كبير.قال االمام الصادق )عليه السالم(: )إن الكذبة لتفطر الصائم.

قال الراوي: وأينا ال يكون ذلك منه؟. قال )عليه السالم(: ليس حيث ذهبت، إنما الكذب على الله تعالى،

(.79وعلى رسوله، وعلى األئمة عليهم السالم()(.80قال )عليه السالم(: )الكذب على الله، وعلى رسوله من الكبائر()

وذكر عند االمام الصادق )عليه السالم( الحائك، وكونه ملعونا... فقال )عليه السالم(: )إنما ذلك الذي يحوك الكذب على الله وعلى

(.81رسوله()

143

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )ال تكذب علينا كذبة فتسلب( أي اإلسالم.82الحنفية()

ومن الكذب الذي يتساهل بشأنه: الكذب في حكاية المنام مع أنه ال يفرق عن سائر أقسام الكذب، فإن الكذب قول خالف الواقع سواء

كان حكاية عن يقظة أو منام أو عن أمر ماض أو مستقبل. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن من أعظم الفرية

فرية: أن يدعى الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينيه في المنام ما لم ير،(.83أو يقول علي ما لم أقل()

ولعل جعله من أعظم الفرية ما كانوا يرتبون على المنام من شحناءوقطيعة، وما أشبه كما هو مذكور في محله.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كذب في حلم كلف يوم(.84القيامة: أن يعقد بين شعيرتين()

وليس الكذب خاصا بالقول، بل اإلشارة والكتابة والمرض، كلها منأقسام الكذب.

كما أن من أقسام الكذب: شهادة الزور، بل هذا الكذب من أشد المحرمات، ألنه ليس كذبا

فحسب، بل سبب لنقل الحقوق من مكانها، وإلحاق األوالد بغير آبائهم.وهكذا.. وهكذا.

يقول القرآن الحكيم في مدح المؤمنين:(.85)والذين ال يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )شاهد الزور كعابد(.86الوثن()

ومن أقسام الكذب: اليمين الكاذبة:قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )التجار هم الفجار.

فقيل: يا رسول الله، أليس الله قد أحل البيع؟(.87فقال: نعم.. ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث نفر ال يكلمهم الله يوم القيامة، وال ينظر اليهم، وال يزكيهم: المنان بعطيته، والمنفق سلعته

(.88بالحلف، والفاجر المسبل إزاره()وإسبال األزار كبرياء محرم في الشريعة + كما ال يخفى +.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما حلف حالف بالله، فأدخل فيها(.89مثل جناح بعوضة، إال كانت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث يشنأهم الله: التاجر أو البائع(.90الحالف، والفقير المختال، والبخيل المنان()

ومن أقسام الكذب خلف الوعد. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كان يؤمن بالله

(.91واليوم اآلخر فليف إذا وعد()

144

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت فيه خلة منهن، كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث

(.92كذب وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر() وقال االمام الصادق )عليه السالم(: )عدة المؤمن أخاه نذر ال كفارة له

فمن أخلف فبخلف الله تعالى بدر، ولمقته تعرض. وذلك قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ال تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا

(.94( )93ما ال تفعلون()

.13 + 11 + سورة القلم: آية 1 ، ب: النميمة والسعاية + جامع السعادات:75/265 + بحار األنوار: 2

2/275. ، ب: النميمة والسعاية + جامع السعادات:75/268 + بحار األنوار: 3

2/275..2/275 + جامع السعادات: 4.2/275 + جامع السعادات: 5 ، ب: تتبع عيوب الناس + جامع السعادات:75/212 + بحار األنوار: 6

2/275..2/275 + جامع السعادات: 7.2/275 + جامع السعادات: 8.2/276 + جامع السعادات: 9

.2/276 + جامع السعادات: 10.65 + سورة األنعام: آية 11.2/279 + جامع السعادات: 12 ، ب: تتبع عيوب الناس + جامع السعادات:75/216 + بحار األنوار: 13

2/276..19 + سورة النور: آية 14.2/278 + جامع السعادات: 15 ، ب: النميمة والسعاية + جامع السعادات:75/266 + بحار األنوار: 16

2/279..27 + سورة البقرة: آية 17.2/281 + جامع السعادات: 18.2/281 + جامع السعادات: 19.2/284 + جامع السعادات: 20.2/285 + جامع السعادات: 21.2/285 + جامع السعادات: 22.2/285 + جامع السعادات: 23.2/285 + جامع السعادات: 24

145

.2/285 + جامع السعادات: 2/301 + أصول الكافي: 25.2/285 + جامع السعادات: 2/301 + أصول الكافي: 26.2/285 + جامع السعادات: 2/301 + أصول الكافي: 27.2/286 + جامع السعادات: 2/300 + أصول الكافي: 28.2/286 + جامع السعادات: 29.2/286 + جامع السعادات: 30.2/286 + جامع السعادات: 31.2/286 + جامع السعادات: 32.12 + سورة الحجرات: آية 33.2/293 + جامع السعادات: 34.2/302، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/252 + بحار األنوار: 35.2/302، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/222 + بحار األنوار: 36 ، ب: تتبع عيوب الناس + جامع السعادات:75/208 + بحار األنوار: 37

2/303..2/303، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/222 + بحار األنوار: 38.2/303 + جامع السعادات: 39.2/303 + جامع السعادات: 40.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/220 + بحار األنوار: 41.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/220 + بحار األنوار: 42.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/258 + بحار األنوار: 43.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/259 + بحار األنوار: 44.2/293، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/248 + بحار األنوار: 45.2/293، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/222 + بحار األنوار: 46.2/293 + جامع السعادات: 47.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/259 + بحار األنوار: 48.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/259 + بحار األنوار: 49.2/297 + جامع السعادات: 50.2/294 + جامع السعادات: 51.19 + سورة النور: آية 52.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/248 + بحار األنوار: 53 ، ب: تتبع عيوب الناس + جامع السعادات:75/216 + بحار األنوار: 54

2/305..2/305، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/251 + بحار األنوار: 55.2/305 + جامع السعادات: 56.2/304، ب: الغيبة + جامع السعادات: 75/248 + بحار األنوار: 57.2/315 + جامع السعادات: 58.2/315 + جامع السعادات: 75/244 + بحار األنوار: 59

146

.105 + سورة النحل: آية 60.77 + سورة التوبة: آية 61.2/322 + جامع السعادات: 62.2/322 + جامع السعادات: 63.1 + سورة اإلخالص: آية 64.2/322 + جامع السعادات: 65.2/322 + جامع السعادات: 66.2/322 + جامع السعادات: 67.2/322 + جامع السعادات: 68.2/322 + جامع السعادات: 69.2/322 + جامع السعادات: 70.2/322 + جامع السعادات: 71.2/323 + جامع السعادات: 72.2/323 + جامع السعادات: 73.2/323 + جامع السعادات: 74.2/323 + جامع السعادات: 75.2/323 + جامع السعادات: 76.2/323 + جامع السعادات: 2/339 + أصول الكافي: 77.2/323 + جامع السعادات: 78.2/323 + جامع السعادات: 2/339 + أصول الكافي: 79.2/323 + جامع السعادات: 2/339 + أصول الكافي: 80.2/324 + جامع السعادات: 2/340 + أصول الكافي: 81.2/324 + جامع السعادات: 82.2/331 + جامع السعادات: 83 ، ب: جوامع نواهي76/359، البحار: 2/331 + جامع السعادات: 84

النبي )ص(..72 + سورة الفرقان: آية 85.2/331 + جامع السعادات: 86.2/331 + جامع السعادات: 87.2/331 + جامع السعادات: 88.2/331 + جامع السعادات: 89.2/331 + جامع السعادات: 90.2/331 + جامع السعادات: 2/364 + أصول الكافي: 91.2/332 + جامع السعادات: 47، ب75/94 + بحار األنوار: 92.3 + 2 + سورة الصف: آية 93.2/331 + جامع السعادات: 47، ب75/96 + بحار األنوار: 94

147

الثالث البابالعصيان

من الناس من يواظب على أمره، حتى ال يخرج عن المنهاج المستقيم، والجادة التي عبدت له، والدستور المقرر، فيكون ذلك ملكة له، ال

يصدر إال عنها، وال يواظب إال عليها، وال يزيغ قيد شعرة وإن مالت به نفسه ذات مرة، أو غلبت هواه حتى تنكب، رجع وتاب، ولزم الشارع

مرة ثانية. ومن الناس من كان أمره فرطا، إن أطاع فال عن ملكة واستقامة وإن

عصي فال يبالي بالمعصية. وهاتان الحالتان توجدان عند كل فئة من الناس الذين لهم منهج خاص،

وأمامه طريق مسلوك.وإنما الكالم هنا حول إطاعة الله ومعصيته.

فاإلطاعة: جمال واستراحة ونجاح، والعصيان: تنكب وانحراف وفشل..فإن الله سبحانه الذي خلق االنسان والكون هو الذي وضع

الدستور والمنهاج على طبق الفطرة، وعلى وفق الحكمة والمصلحة، فكل زيغ عن منهاجه سبحانه خبال وخسارة، خسارة في الدنيا، وفي

الدين، ولذا قال تعالى: )والعصر إن اإلنسان لفي خسر إال الذين آمنوا(.1وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر()

قسما بالعصر والزمان، الذي هو سبب خسر االنسان أو ربحه ألنه إذا مر واالنسان مشغول بالطاعة كان في ربح، وإن مر واالنسان اله أو

مشغول بالمعصية كان في خسارة: كل إنسان في خسارة، إال المؤمن العامل بما أمر الله سبحانه، وحيث يمل االنسان كان محتاجا إلى

التواصي بكل من الحق والصبر، حتى يلزم الجادة فال ينحرف، وحتىيستمر في العمل فال يقف.

فمن الضروري على االنسان أن يهيئ نفسه للطاعة، ويجنب نفسه عنالعصيان.

واإلسالم قد حذر من المعصية غاية الحذر، في نتف متفرقة من األدلة،وبين لكل عصيان عقابا + كما يظهر + من اآليات واألحاديث.

كما حذر عن العصيان والذنب، جملة وإجماال. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( + في حديث طويل +: )إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام، وإنه لينظر إلى أزواجه في

(.2الجنة يتنعمن() وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ال تبدين عن واضحة وقد عمتك

(.3األعمال الفاضحة وال تأمنن البيات، وقد عملت السيئات() فعلى االنسان أن ال يظهر سوأة غيره، وإن كانت واضحة بادية للعيان،

وإال انكشفت عورته، وهل هنالك أحد ال جريرة له، وال ذنب عليه.

148

لسانك ال تبدي به سوأة امريئ فكلك سوءات وللن++++اس ألسن أما البيات فهو العقاب الذي يأخذ االنسان بليل. إن المسيء يجب أن ال يأمن العذاب الذي ينزل به ليال، وإال فليقلع عن الذنب أو يمحوه بالندم

واالستغفار. ومن أعجب األحاديث ما قاله اإلمام الباقر )عليه السالم(: فليتنبه

اإلنسان لذلك، قال )عليه السالم(: )إن الله قضى قضاء حتما إال ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك

( وقد أخذ هذا الكالم الشاعر، فقال:4النقمة()اذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل الن++عموحافظ عليها بشكر اإلله فإن اإلله شدي+++د النق++++++م

وقال )عليه السالم(: )ما من شيء أفسد للقلب من خطيئته، إن القلب ليواقع الخطيئة، فما يزال به حتى يغلب عليه فيصير أعاله

(.5أسفله() إن الخطيئة قد تكون عمال عابرا، وقد تكون عن ملكة قلبية باعثة على

الذنب فإذا صارت الخطيئة حالة للقلب، انقلب القلب عن صفائهونظافته إلى كدرة نجسة، ويكون حينذاك مبعث كل شر وإثم.

(.6وقال )عليه السالم(: )إن العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )يقول الله تعالى إن أدنى ما أصنع

( أرأيت7بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي() كيف يلتذ اإلنسان بالتكلم مع الملوك والكبراء، أو العلماء والصلحاء +

حسب مجانسة اإلنسان وإلفته مع كبير أو صالح +؟! إن لذة مناجاة الله تعالى، أكبر وأكبر، كيف واإلنسان في ذاك الحال يناجي أعظم الملوك وأكبر الكبراء؟ فإذا عصى اإلنسان اإلله، حرم هذه اللذة حتى انه يكون

كالمريض الذي ال يعرف طعم األكلة الشهية. وقال )عليه السالم(: )من هم بسيئة فال يعملها، فإنه ربما عمل العبد

السيئة فيراه الرب تعالى، فيقول: وعزتي وجاللي ال أغفر لك بعد ذلك(.8أبدا()

وقال )عليه السالم(: )أما إنه ليس من عرق يضرب، وال نكبة وال صداع، وال مرض إال بذنب، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: )وما

(.10( )9أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير()(.11وقال )عليه السالم(: )وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به()

إن المعصية ال بد لها في الدنيا من جزاء، فكيف باآلخرة؟ ولذا يجب على االنسان العاقل أن يتجنب العصيان مهما كلف األمر، وانظر إلى

هذا الحديث المروي عن اإلمام الكاظم )عليه السالم( قال: )حق على(.12الله أن ال يعصى في دار إال أضحاها للشمس حتى يطهرها()

فالعاصي منقوص الرزق، معرض للنكبات، وداره معرضة للخراب، وهل يبطئ به الجزاء؟ كال، فاسمع إلى هذا الحديث الشريف: )إن

149

( فأي13العمل السيء أسرع في صاحبه من السكين في اللحم()عاقل يقدم على مثل هذا العمل الذي يسيء إليه في دنياه وآخرته.

وقد يغتر العاصي بما يرى من تأخير العقوبة، أال فال يغترر لذلك. فلرب معصي++++ة أتاك عقابها من بعد ألي حي++++ن تلهو غافال

فاحذر عقاب الذنب حين أتيته واقلع عن العصيان إن تك عاقالهذي ديار الظالم++ين بالقع++++ا م+ن بعد ما كانت ثوى مع++++اقال

و االنسان مهما كان نظيفا نزيها، ال بد وأن تصدر منه المعصية + ما خال المعصومين ومن يتلو تلوهم + فإن دواعي الشهوات، ونوازع النفس،ومغريات الحياة، تجذب االنسان مهما كان قويا، ولذا يقول الشاعر:نفسي وشيطاني ودنيا والهوى كيف الخالص وكلهم أعدائي

وانما الفرق بين النزيه وغيره: إن النزيه بطيء الخطأ نحو العصيان، سريع االستغفار واإلنابة، وغيره: سريع الخطأ نحو اإلثم بطيء اإلنابة

والرجوع، قال سبحانه: )إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطانتذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم ال يقصرون()

14.) ولذا يلزم على االنسان مراقبة نفسه، فإذا زل، تدارك الزلة بالتوبة،

وقد أرصد اإلسالم رصيدا كبيرا للتوبة والتجسيد اليها. (15قال الله تعالى: )... إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين()

(. وقال16وقال عز اسمه: )... توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون...() رسول اإلسالم )صلى الله عليه وآله وسلم(: )التائ+++ب حبيب ال+++له

(.17والتائب م+++ن الذن++ب كمن ال ذنب له() وانظر إلى هذا الحديث الذي يقطر عطرا وندى، قال اإلمام الباقر

)عليه السالم(: )إن الله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذاك

(.18الرجل براحلته حين وجدها() إن الله سبحانه ال يفرح مثل فرحنا، وال يحزن مثل حزننا، وإنما المراد

بهذا الحديث، وأمثاله، فعله، تعالى بالعبد فعل الفرح أو الحزين، أو الغاضب أو ما أشبه، ولذا قيل بالنسبة إليه تعالى )خذ الغايات، واترك المبادئ( فما هي الغاية التي ينتهي إليها الفرح؟ إنها اإلحسان إلى من

أفرحه... وغاية الغضبان عقاب من أغضبه وهكذا، والله يفعل اإلحسان،أو العقاب، بالنسبة إلى من أطاع أو عصى.

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )التائب م+++ن الذنب كم+++ن ال (19ذن+++ب له، والمقيم على الذنب، وهو مستغفر منه كالمستهزئ()

أرأيت من قال لك: إني نادم من إساءتي إليك. ثم أساء ثانيا وثالثا فإن كالمه هراء واستهزاء، وكذلك من يذنب ويستغفر انه + وإن لم يقصد

االستهزاء + لكنه كالمستهزئ، فليقلع االنسان من الذنب حتى ال يكون عاصيا وال كالمستهزئ... نعم تكرر الذنب الذي يعقبه الندم حقيقة ال

150

يضر، فإن االنسان ضعيف، وكيد الشيطان مغر فربما أذنب االنسان ثم ندم حقيقة، ثم وقع في إحبولة الشيطان ثانيا، وثالثا وهكذا، ولذا قال

اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ان الله يحب من عباده المفتن التواب( ( يعني كثير الذنب كثير التوبة فكلما أصابته فتنة ندم وتاب توبة20)

حقيقية. وقال )عليه السالم(: )إذا تاب العبد توبة نصوحا، أحبه الله فستر عليه( قال الراوي: وكيف يستر عليه؟ قال )عليه السالم(: )ينسي ملكيه، ما

كانا يكتبان عليه، ويوحي إلى جوارحه والى بقاع األرض أن اكتمي عليه ذنوبه، فيلقى الله عز وجل حين يلقاه، وليس شيء يشهد عليه بشيء

(.21من الذنوب() إنه غاية الفضل أن ينسي الله الملكين وما أشبه حتى ذنب عبده حتى ال يكون مهانا لديهم، أرأيت إن االنسان قد يذنب إلى أحد ذنبا ثم يغفر

ذلك له ذنبه، لكن االنسان يبقى خجال لديه، ألنه اقترف إساءة في حقهفي زمان؟.

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم( في حديث: إن الله أعطى التائبينثالث خصال، ثم قرأ اآليات الكريمات:

(.22 + )... إن الله يحب التوابين...()1 + )الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم...فاغفر2

(.23للذين تابوا.... وذلك هو الفوز العظيم() + )والذين ال يدعون مع الله إلها آخر.. +.. يضاعف له العذاب يوم3

القيامة ويخلد فيه مهانا إال من تاب وآمن... وكان الله غفورا رحيما()24.)

وقال اإلمام موسى بن جعفر )عليه السالم(: )أحب العباد إلى الله(.25المفتـنون التوابون()

ثم ان االنسان اذا أساء إلى شخص أو حكومة أو ما أشبه، كان الغالب عدم غفران المسيء إليه، اذا ندم المسيء وأظهر الندم لكن الله سبحانه بفضله وكرمه، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات. ولو كانت

(.26كثيرة، فعن القرآن الحكيم: )وهو الذي يقبل التوبة عن عباده() وفي آية أخرى: )ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد

(.27الله غفورا رحيما() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو عملتم الخطايا حتى

(.28تبلغ السماء، ثم ندمتم لتاب الله عليكم() لو كانت الخطايا أجساما، فكم من هذه األجسام تتكدس حتى تبلغ

السماء؟ انها لو كانت بهذا المقدار الهائل تكفيه التوبة الصادقة في نسفها ومحوها، بل يبدل الله سبحانه سيئاتهم حسنات + في بعض األحيان + فهل رأيت أكرم من الله سبحانه، إنه أوال: تفضل بدون استحقاق، ثم إذا أذنب االنسان لم يقطع لطفه عنه، ولم يعاجله

151

بالعقوبة وبعد ذلك لو ندم أو اتاب عفى عنه وستر عليه وأعطاه حسنات... إن األم واألب وهما أرأف الناس بالولد، ثم عصاهما الولد،

قطعا لطفهما عنه، ولو خالفهما ثم جاء معتذرا لم يقبال عذره في كثير من األحيان، لكن الله هو وحده أرحم الراحمين الذي من صفاته األبدية

اللطف واإلحسان، حتى بالنسبة إلى أعظم المذنبين. اسمع إلى هذا الحديث الذي قاله رسول الله )صلى الله عليه وآله

وسلم(: )إن العبد ليذنب الذنب، فيدخل في الجنة. قيل: كيف ذلك يارسول الله؟ قال: يكون نصب عينيه تائبا منه فارا حتى يدخل الجنة()

29.) ومثله ما قاله اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن الرجل ليذنب الذنب

فيدخله الله به الجنة، قيل: يدخله الله بالذنب الجنة؟ قال )عليه السالم(: نعم إنه ليذنب فال يزل منه خائفا ماقتا لنفسه فيرحمه الله،

(.30فيدخله الجنة() أما بالنسبة إلى كتابة الذنب، فإنه ال يسجل بمجرد إن أذنب االنسان بل

يؤجل لعله يتوب ويؤدب. قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )العبد المؤمن إذا أذنب أجله الله سبع ساعات، فإن استغفر الله لم يكتب

عليه شيء، وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة، وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإن

( إن الكافر ال يعد الذنب معصية حتى31الكافر لينسى من ساعته() تخز ضميره وتبقى في ذاكرته ويخاف منها، ولذا ينسى الذنب من

ساعته. وقد روي عن الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( حديث يدل على كثرة فضل الله سبحانه بالتائب، وإنه يقبل توبته إلى آخر لحظة من

حياته، قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثير، من تاب قبل موته بشهر قبل الله

توبته؟ ثم قال: إن الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال: إن الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بيوم قبل توبته، ثمقال: إن يوما لكثير، من تاب قبل أن يعاين ملك الموت قبل الله توبته(

(32.) فهل بعد هذا من مفزع والتوبة عبارة عن الندامة، فال حاجة حتى إلى

االستغفار اللفظي، ولذا قال الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كفارة الذنب الندامة( لكن للندامة آثار، فإن من يندم على نهب مال

زيد، من آثار ندامته أن يرد المال إلى صاحبه، ومن ندم على تركالصالة أو الخمس، من أثار ندمه القضاء واإلعطاء، وهكذا.

واسمع إلى هذا الحديث لترى كثرة فضل الله سبحانه، قال اإلمام الباقر )عليه السالم( لمحمد بن مسلم: )ذنوب المؤمن اذا تاب منها

مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله

152

إنها ليست إال ألهل اإليمان، قال محمد بن مسلم: فقلت له: فإن عاد بعد التوبة واالستغفار من الذنوب، وعاد في التوبة؟ قال: يا محمد بن مسلم! أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم ال يقبل الله توبته، قال: فإن فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب ويستغفر؟ فقال )عليه السالم(: كلما عاد المؤمن باالستغفار والتوبة، عاد الله

عليه بالمغفرة، وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات(.33فإياك أن تقنط المؤمن من رحمة الله()

وقد كان من فضل الله سبحانه على االنسان أن تفضل عليه بقبول التوبة ووسع له في ذلك أكبر توسعة، فاسمع إلى هذا الحديث المروي عن الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( قال: )إن آدم )عليه السالم( قال: يا رب سلطت علي الشيطان وأجريته مني مجرى الدم، فاجعل

لي شيئا! فقال تعالى: يا آدم جعلت لك إن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة، ومن هم منهم بحسنة، فإن لم يعملها كتبت له حسنة، فإن هو عملها كتبت له عشرا: قال: يا رب زدني، قال: جعلت لك إن من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له،

قال: يا رب زدني، قال: جعلت لهم التوبة وبسطت لهم التوبة حتى(.34تبلغ النفس هذه، قال: يا رب حسبي()

وأعجب من هذا الحديث أكثر فأكثر، وإن لم يكن فضل الله عجبا. قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما من مؤمن يقارف في يوم

وليلته أربعين كبيرة، فيقول وهو نادم: استغفر الله الذي ال إله إال هو الحي القيوم، بديع السماوات واألرض ذا الجالل واإلكرام وأسأله أن يصلى على محمد وآل محمد وأن يتوب علي، إال غفرها الله له، وال

( وال عجب من35خير فيمن يقارف في يومه أكثر من أربعين كبيرة() فضل الله سبحانه، أن يغفر للمذنب ولو تكررت منه الخطايا أربعين

مرة، في يوم وليلة، أليس الله غفار الذنوب؟ أو أليس يتوب على المذنب، ولو انقلع بعد سبعين سنة من الذنب؟ لكن العجب أن يفوت

االنسان مثل هذا الغفران الذي وسع كل شيء.ولقد عجبت لهالك ونجاته موجودة ولقد عجبت لمن نجى

إن كل واحد منهما يورث العجب، فكيف يهلك االنسان مع هذه السعة في المغفرة والرحمة؟ وكيف ينجو االنسان مع هذه المغريات

والمهلكات؟. فعلى االنسان أن يهتم كل اهتمام حتى ال يذنب، فإذا أذنب + والعياذ

بالله + فعليه أن يهتم في أن يتوب وال يعود، فإن زلت قدمه، فال ييأس من روح الله، وإنما على االنسان أن يجدد التصميم، ويبدأ الدور من

جديد، ويتوب توبة نصوحا.حب الجاه

أي منا ال يحب مقاما مرموقا، ومنصبا خطيرا ومكانة إجتماعية رفيعة؟.

153

كلنا يحب ذلك. ولكن االسالم يحدد ذلك تحديدا في صالح الفرد والمجتمع. تحديدا يضر هذا الحب + لواله + بنفس الشخص أوال وبسائر

الناس ثانيا.وما تحديده؟.

تحديده: أن ال يحصل الجاه بالحرام، وال يحافظ عليه بالحرام ويكون مقصده من الجاه خدمة اإلسالم المنطوي على خير الدنيا واآلخرة

(.36وفي القرآن الكريم: )... واجعلنا للمتقين إماما() لكن لما كان االنسان + غالبا + يحصل الجاه بالحرام، أو يحافظ عليه

بالحرام، أو يطلبه ألجل غايات مادية بحتة التي بدورها تؤدي إلى عدم خدمة الناس والدين ذم االسالم حبه ذما قارصا أورصد لمحبيه أكبر

القدح واالزدراء. قال سبحانه: )تلك الدار اآلخرة نجعلها للذين ال يريدون علوا في األرض

(.37وال فسادا...() وقال سبحانه: )من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف اليهم أعمالهم

فيها وهم فيها ال يبخسون اولئك الذين ليس لهم في اآلخرة إال النار(.38وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حب المال والجاه(.39ينبتان النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل()

إن الشخص يريد أن يتحفظ على جاهه أو ماله، فال بد أن يرضي الناس بما هو خالف الواقع، يقول: ال مال لي + إبقاء على ماله + وهو نفاق

وتملق بما ال يستحق الممدوح وهو يعلم انه ليس يستحق، وهو نفاق...وهكذا...

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما ذئبان ضاريان في زريبة غنم،(.40قد تفرق رعاتها بأضر في دين الرجل المسلم من الرئاسة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حسب امرىء من الشر + إال من(.41عصم الله + أن يشير الناس اليه باألصابع()

وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )تبذل وال تشتهر وال ترفع شخصك لتذكر وتعلم، واكتم واصمت تسلم، تسر األبرار، وتغيظ

(.42الفجار() وقال االمام الباقر )عليه السالم(: )ال تطلبن الرياسة، وال تكن ذنبا، وال

(.43تأكل الناس بنا، فيفقرك الله() وقال االمام الصادق )عليه السالم(: )إياكم وهؤالء الرؤساء، الذين

(.44يترأسون، فوالله ما خفقت النعال خلف رجل إال هلك وأهلك()هذا اذا كان يحب ذلك رئاسة للدنيا.

أما ما كان يصنعه النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( من إلتفاف أصحابه حوله أينما توجه فقد كان لآلخرة + واآلخرة فقط + وقد كان

يرسل أناسا من المحتفين به إلى أعماله )صلى الله عليه وآله وسلم(

154

ولذا كانوا حوله لنشر الدعوة حتى في الطريق والسفر ال للكبروالرياسة.

وقال )عليه السالم(: )ملعون من ترأس، ملعون من هم بها، ملعون(.45من حدث بها نفسه()

(.46وقال: )من طلب الرياسة هلك() وقال )عليه السالم(: )أترى ال أعرف خياركم من شراركم؟! بلى والله

إن شراركم من أحب أن يوطأ عقبه إنه ال بد من كذاب أو عاجز الرأي((47.)

وكم تقدر نزاهة الرؤساء لو اتبع ميزان االسالم فتجنب الرئاسة كلرئيس حتى ألقت بأزمتها + على كره منه + إليه؟.

وفي الحقيقة إن المنهج االسالمي في الرياسة أفضل المناهج التي عرفها العقل البشري.. إنه االسالم الحكم من عند إله عليم فهل يماثله شيء؟ كال! وألف كال!! جعلنا الله ممن فقه االسالم وعمل به، ونشره

بين المجتمع وأسعده باالسالم في الدنيا واآلخرة وهو المستعان.الخمول

إنتهى بنا المطاف إلى ما للشهرة وحبها من آفات...فهل معنى ذلك إن اإلسالم يأمر بالخمول، واإلنزواء؟

كال! انه ال رهبانية في االسالم.وقد اختلط األمر على كثير:

إنهم يرون ذم الغني والشهرة والرئاسة وما أشبه.. فيظنون أن الذممنصب على ذات هذه األمور.

وقد تقدم + في بعض األجزاء + إن النفس حيث تنقاد إلى الرذائل بسهولة ويسر إحتاط االسالم في جذب الزمام، حتى يعتدل األمر،

ويستقيم الطبع. فالغنى حسن، لكن حيث يالزمه االعتالء والكبر واالحتكار ونحوها يذمه

االسالم. والشهرة حسنة، ولكن حيث كان الغالب مقارنتها لصفات رديئة ورذائل

خلقية يكرهها االسالم. والرئاسة التي تقضى بها الحوائج حسنة، لكنها تالزم + في غالب

النفوس + التعدي عن الحق والتجاوز عن الحدود، ولذا يمقتها االسالم. وهل غير الشهير الرئيس الثري.. يتمكن من قضاء الحوائج وإفراج

المضيقات؟. ولذا نرى أنبياء الله تعالى وأوصياءهم.. حازوا شهرة كاملة ورئاسة

مطلقة... ولم؟ ألن هذه فقط تشق الطريق أمام الرساالت والفضائل الفردية واالجتماعية.. أرأيت: إن رسول الله )صلى الله عليه وآله

وسلم( حيث لم تعضده الشهرة والرئاسة والقوة والمال.. لم يدخلفي دينه اإلسالمي إال أنفار قالئل.

155

أما حيث أتته الشهرة والمنعة، والقوة والثروة، نزلت: بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين

(.48الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا() وهناك فرق بين من يجعل هذه األمور وسائل لنشر الفضيلة، وإعالء

كلمة الحق، والعمل بالعدل.. وبين من يجعلها غاية، يكد ويجهد، ويتعبويسهر لالغتراف من أكبر قدر ممكن منها.

وعلى أي فاإلسالم انما يمدح الخمول، جذبا للزمام، وتعديال للسير، ال أنه يمدحه بذاته، وبهذه النظرة الواقعية على المرء أن ينظر إلى أخبار

ذم الشهرة والمال وما أشبه. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن اليسير من الرياء

شرك، وان الله يحب األتقياء األخفياء، الذين إذا غابوا لم يفقدوا، واذا حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يتحول من كل غبراء

(.49مظلمة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )رب ذي طمرين ال يؤبه له، لو

أقسم على الله ألبره، لو قال: اللهم أسألك الجنة ألعطاه الجنة، ولم(.50يعطه من الدنيا شيئا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أال أدلكم على أهل الجنة؟ كل(.51ضعيف مستضعف، لو أقسم على الله ألبره()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أهل الجنة: كل أشعث أغبر ذي طمرين ال يؤبه له، الذين إذا استأذنوا على األمراء، ال يؤذن لهم، وإذا

خطبوا النساء لم ينكحوا، وإذا قالوا: لم ينصت لهم، حوائج أحدهمتتخلخل في صدره، لو قسم نوره يوم القيامة على الناس لوسعهم()

52.) ثم.. أليس تسلي هذه األحاديث األتقياء األخفياء، الذين لم يسعهم

الجري في مجاري الحياة، خوفا من جائر، أو تجنبا عن آثم؟...و أليس من حق اإلسالم أن يشمل الغني والفقير، والشهير والخامل.. بعطفه ولطفه، حتى ال يقتل الفقير والخامل اليأس، وال يطغي الغني

والشهير المال والجاه؟.حتى إن اإلسالم يسلي من بهت أو قذف بخير الدنيا واآلخرة.

أليس في اآلية الكريمة، في قصة القذف الشائنة، قوله تعالى: )إن الذين جاؤوا باإلفك عصبة منكم ال تحسبوه شرا لكم بل هو خير

(.53لكم...() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن من أمتي من لو أتى أحدكم يسأله دينارا، لم يعطه إياه، أو يسأله درهما لم يعطه إياه، ولو سأل

الله تعالى الجنة ألعطاها إياه، ولو سأله الدنيا لم يعطها إياه، وما منعها إياه لهوانه عليه(. بل منعهما إياه ألنه علم: )... إن اإلنسان ليطغى أن

(.55( )54رآه استغنى()

156

وفي الحديث: )إن من الناس من ال يصلحه إال الفقر، ولو أغنيتهلطغى(.

وكم رأينا خامال اشتهر، فتتجاوز الحدود!. أو فقيرا أثرى فطغى وكذبوتولى.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال الله عز وجل: إن من أغبط أوليائي عندي رجال خفيف الحال، ذا حظ من صالة، أحسن عبادة ربه

بالغيب، وكان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا فصبر عليه، عجلت(.56منيته، فقل تراثه، وقل بواكيه()

ثم: بعد ذلك، ال يبقى مجال للتساؤل: فهل يحق لنا أن نطلبالخمول؟.

فإن اإلجابة على هذا السؤال، كاإلجابة على سؤال: هل يحق لنا أننطلب من يقذف أعراضنا؟.

انه ال يحق لنا ذلك، ولو طلبناه كنا معاقبين، وليس معنى اآلية: )... بل ( إنه خير مطلوب، بل معناه: إن هذا، األمر57هو خير لكم...()

المكروه، يطهر نفوسكم ويجزل ثوابكم، كما نقول لمن قتل ظالمبعض ذويه: انه خير لك، فال تغتم.

وكما ال يحق لنا أن نطلب القذف... ال يحق لنا أن نطلب الخمول. نعم.. لو خملنا بظروف قاسية، يلزم علينا أن ال نحسبه شرا بل هو خير

لنا!!النفاق

هل رأيت أحدا يحب النفاق والمنافقين؟.كال! إنك لم تره، ولم يره بشر، ولن يراه.

فلم كلنا ينافق؟ ولم ترى الظاهر في الناس على خالف الباطن فكليشرب حسوا في ارتغاء؟.

إنه النفاق: هو أن يظهر اإلنسان للناس بمظهر حسن جميل وينطوي على باطن سيء قبيح، أما أن يخفي عن الناس صالته وصالته، تقربا

وزلفى، أو يمدحك خلف ظهرك، ثم يتورع عن الرياء فيصمت أمامك.. فليس هذا من النفاق، بل من أحسن الخصال الذي ال يتحصل عليه

الشخص إال بمجاهدات نفسية شاقة، ال يحصل عليها إال ذو حظ عظيم. أما النفاق، سواء كان في اإليمان والدين، أم في العبادة والطاعة، أم في العشرة واالجتماع... وسواء كان لطلب ثروة أو صيت أو زوجة أو

منصب.. فهو من أرذل الصفات، وأقبح األعمال! والملكات. وفي كل إنسان + إال من عصم + بذرة من النفاق، فإن سقاها ورباها، وعنى بها ورعاها.. أتت أكلها المرة، وأصبح صاحبها منافقا.. أما من

راقب نفسه، حتى أخرجها من قلبه، ثم حصن نفسه باإلخالص والصراحة.. لم تمض مدة إال ونقى قلبه نقاء اللجين وصارت الفضيلة

المتمثلة: في الصدق واإلخالص والصراحة + ملكة + له.

157

وهناك ينهال عليه المدح والثناء، من األقرباء والبعداء، يوضع موضع العز واالحترام واإلجالل واإلعظام.. بخالف المنافق، فإنه مهان مرذول،

يجتنب عنه اجتناب اإلنسان عن الحية الملساء، التي ظاهرها مليح،وباطنها سم نقيع.

ومن هنا نرى اإلسالم العظيم، يذم النفاق، ويلعن المنافقين ويجعل مكانهم أسفل السافلين: )إن المنافقين في الدرك األسفل من

( )... ولكن59(. )... والله يشهد إن المنافقين لكاذبون()58النار...()(. وغيرها وغيرها.60المنافقين ال يفقهون()

يروى )إن الله تعالى أوحى إلى عيسى المسيح )عليه السالم(: يا عيسى، ليكن لسانك في السر والعالنية، لسانا واحدا، وكذلك قلبك،

إني أحذرك نفسك، وكفى بي خبيرا، ال يصلح لسانان في فم واحد، وال(.61سيفان في غمد واحد، وال قلبان في صدر واحد وكذلك األذهان()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كان له وجهان في(.62الدنيا، كان له لسانان من نار يوم القيامة()

وجه يطريك، ووجه يزريك، فإذا شهدت مدحك وأثنى عليك، وإذا غبت انتقصك وأهانك... ومن المعلوم إن لسانه المادح، أو لسانه الذام ليس إثما بذاته + ألن من يستحق المدح، ال إثم في مدحه، ومن يستحق الذم

ال إثم في ذمه + وإنما صار له لسانان من نار، ألن هذا العمل بذاته، يجعل الحسن قبيح أال ترى أن الناس يكرهون حتى مدح من يذمهم،

وقد ورد)من مدح وذم كذب مرتين(. واليك المشهد الهائل المخزي الذي يتقزز منه اإلنسان، ويقف شعر

جلده، ولو لم يكن للمنافق عقوبة إال هذه لكفت هوال وتنفرا وهذا هوالمشهد:

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يجيء يوم القيامة ذو الوجهين، دالعا لسانه في قفاه، وآخر من قدامه يلتهبان نارا، حتى

يلهبان خده، ثم يقال: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين،(.63يعرف بذلك يوم القيامة()

وماذا يريد ذو الوجهين: هل خير الدنيا؟ والحال أنه في الدنيا ممقوت منفور ال يؤبه له، وما حال من يرى مدحه قدحا وثناءه ذما، وإطراءه نفاقا وكذبا؟ أو خير اآلخرة؟ وقد رأيت مشهده الفظيع المخزي من

ثنايا كالم رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(. وقد أردف اإلمام الباقر )عليه السالم( هذه الصفة المخزية، بما يالزمها غالبا وهو الحسد فإن المنافق ال بد وأن يكون حسودا إذ النفاق ال يكون

إال عن صغير النفس، وكل صغير النفس حسود، ال يتمكن أن يرىالنعمة لغيره، فهو دائما يريد زوال النعمة.

158

قال االمام )عليه السالم(: )لبئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا، إن أعطي حسده، وإن ابتلى

(.64خذله() والمنافق بطبعه النفاقي ليس أمينا، ولو كان أمينا لكان أمينا في لسانه

ولذا ورد في التوراة: )بطلت األمانة، والرجل مع صاحبه بشفتين (. فال يأمن65مختلفتين يهلك الله يوم القيامة كل شفتين مختلفتين()

االنسان المنافق، وال يودعه ماال أو عرضا أو ما أشبه، فإنه يخون فيه. إن الصفات الذميمة حلقات متسلسلة، آخذة بعضها برقاب بعض،

فالنفاق، والحسد والخيانة كلها مقترنة في سلسلة واحدة. ولذا يلزم على اإلنسان أن يجاهد ويجاهد إلزالة هذه الصفات من

نفسه، بقلع جذور النفاق، فليتكلمه شاهدا أو غائبا بحق، وإال فإن كان جبانا ال يقدر على المجاهرة بالحق، أو كان هناك مصلحة تقتضي

الرفق والمداراة فليسكت، ال يطري شاهدا، وال يذم غائبا.ومن غريب الصفات )عكس النفاق(.

فإن من الناس من يذم حاضرا، ويطري غائبا.. إنها صفة سبعية تطاولية، فإذا رأى الصديق ذمه، إثباتا العتالئه عليه وإظهارا، لشجاعته

وجرأته، فإذا غاب الصديق، مدحه، حيث ال يجد مانعا عن المدح. وهذه الصفة، وإن كانت أهون من األولى، إال أنها مهلكة، ورذيلة،

فالصديق من صدقك، وحفظك شاهدا وغائبا، ال من أطراك في حال، وذمك في حال مهما كان سبب اإلطراء والذم، وكيفما وضع الوصفين

في المشهد والمغيب.العجب

اإلنسان مجبول على حب الخير والسعي على تحصيله أيما كان نوعه دنيويا أو أخرويا فهو يسعى لتحصيل الشرف والمجد والعز والجاه كما

يسعى لتحصيل الثواب والرضوان والفضيلة والملكات الحسنة وهذه الفطرة هي التي تسوق اإلنسان نحو الكمال وتسبب رقي المجتمعات، وتباري األمم في الفضيلة أو الجاه ولوالها الندثر عقد االجتماع وتالشت

المدنية وأخذت اإلنسانية تتقهقر إلى حيث الفناء واالنهيار. واإلسالم يحث على تربية هذه الفطرة في النفس مع توجيهها نحو

الخير فهو يرغب في أن يرى اإلنسان نفسه دون كماله المنشود، حتى يجاهد ويجتهد ويكد ويعمل مدى حياته وقد أرصد اإلسالم لهذه الغاية

آيات وروايات وذم ما يخالف هذه الفطرة التي تسمى ب+ )العجب( ومعناه: أن يرى اإلنسان لنفسه كماال من غير فرق بين أن يكون

متخيله حاصال له أم مجرد خيال!. إن العجب يشل القوى الخيرة ويوجب الكسل والبطالة ويوقف

النشاط عن العمل وبذلك يتدهور اإلنسان إلى حيث النقص! أليس من يرى أنه علم القدر الكافي من العلوم يقف عند حده وال يتعلم؟ أم

159

أليس من يرى إنه حصل كماله المنشود، ال يجري نحو الكمال؟ أم أليس من يتخيل أنه عبد الله حق عبادته، يتكاسل عن الطاعة بعد

ذلك؟ وهكذا. إذا فليس عجيبا من اإلسالم أن يجعل العجب من المهلكات، إنه مهلكة

للدين والدنيا قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث ( ويلزم66مهلكات شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه()

على اإلنسان أن يفر من هؤالء، حتى ال يتلوث بجرعتهم، وال يكتسب من أخالقهم، قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا رأيت شحا

(.67مطاعا وهوى متبعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك() والعجب في نظر اإلسالم أعظم من الذنب إن المذنب يذنب وهو يعلم انه مذنب فال يفتي حتى ينقلع ويتوب. أما المعجب بنفسه، فأنه ال يرى لنفسه ذنبا حتى يتوب فهو كالجاهل جهال مركبا الذي يرى نفسه عالما فال يتعلم! وخير منه الجاهل جهال بسيطا المعترف بجهله، قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو

( المذنب يرى نفسه مقصرا فيجاهد68أكبر من ذلك: العجب العجب()لرفع ذنبه ويتذكر ربه أما ذو العجب فهو ال يتذكر الله إال قليال!.

واألحاديث في ذم العجب كثيرة واليك نبذا منها: في الحديث: )بينما موسى )عليه السالم( جالس إذ أقبل عليه إبليس

وعليه برنس ذو ألوان، فلما دنا منه خلع البرنس وقام إلى موسى )عليه السالم( فسلم عليه فقال له موسى )عليه السالم(: من أنت؟

فقال: أنا إبليس. قال )عليه السالم(: أنت؟! فال قرب الله دارك، قال: إني إنما جئت ألسلم عليك لمكانك من الله، فقال له موسى )عليه السالم(: فما هذا البرنس؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم، فقال

موسى )عليه السالم(: فاخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في

(.69عينيه ذنبه() وفي حديث عن رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال الله عز

وجل يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين؟! قال: كيف أبشر المذنبين، وانذر الصديقين؟! قال: يا داود بشر المذنبين: أني أقبل

التوبة وأعفو عن الذنب! وأنذر الصديقين أن ال يعجبوا بأعمالهم، فأنه ( والصديق ما لم يبلغ العصمة ال70ليس عبد أنصبه للحساب إال هلك()

بد وانه اقترف إثما في حضرة الملك العلي الكبير واإلثم إذا اخذ بههلك صاحبه.

قال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )دخل رجالن المسجد أحدهما عابد واآلخر فاسق فخرجا من المسجد، والفاسق صديق، والعابد فاسق.

وذلك انه يدخل العابد المسجد مدال بعبادته يدل بها فتكون فكرته في ذلك، وتكون فكرة الفاسق في الندم على فسقه ويستغفر الله عز

160

( فيأثم العابد، ويطهر الفاسق. وقال71وجل مما صنع من الذنوب() اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن الله علم أن الذنب خير للمؤمن من

( وقال )عليه السالم(:72العجب ولوال ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا() ( وقال )عليه السالم(: )إن الرجل ليذنب73)من دخله العجب هلك()

الذنب فيندم عليه.. ويعمل العمل فيسره ذلك، فيتراخى عن حاله ( وقال74تلك... فلئن يكون على حاله تلك خير له مما دخل فيه()

)عليه السالم(: )العجب ممن يعجب بعمله وهوال يدري بما يختم له!!()75.)

وقيل له )عليه السالم(: )الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه من العجب به؟ فقال )عليه

السالم(:هو في الحالة األولى وهو خائف أحسن منه في حال عجبه()76.)

وبالعكس من العجب انكسار النفس ورؤيتها دون مرتبة الكمال فإنه فطري للبشر، وهو سبب رقيهم في ميادين العلم والعمل والعبادة

والزهادة... في الحديث: )أن الله تعالى أوحى إلى موسى )عليه السالم( أن يا موسى أتدري لم اصطفيتك بكالمي دون خلقي؟ قال: يا

رب ولم ذلك فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: أني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذل نفسا لي منك، يا موسى، إنك إذا صليت

(.77وضعت خدك على التراب()الغرور

(79( و)... من كل شيء موزون()78)... وكل شيء عنده بمقدار() هكذا يقول الله سبحانه في القرآن الحكيم، فكل شيء مقدر بمقداره،

وكل شيء موزون بوزن. وحيث ان اإلنسان ناقص بالطبع، وأمامه درجات ال تتناهى، دنيا وآخره،

فكل ظن كمال، خالف الوزن والتقدير، وخالف الحق والحقيقة. وهذا هو)الغرور( إنك إن اغتررت بمالك + والمال عرضة الزوال + كنت مغرورا ألنه تقدير للمال، بغير قدرة، وإن اغتررت بجمالك + والجمال ظل زائل + كنت مغرورا ألنه تقدير للجمال بالدوام وإمكان االعتماد عليه، بينما ليس هو كذلك، بل يكون حينا ويعدم أحيانا. وإن اغتررت

بعلمك + والعلم بحر لجي، وال يتمكن اإلنسان من احتوائه إال كمن يقدر من اغتراف غرفة من البحر + كنت مغرورا، ألنك ظننت الكمال، وأنتبعد في أول المراحل.. وهكذا من اغتر بسلطانه، وقوته وسائر مزاياه. أما ان اغتر بما ليس بمزية واقعية، فهو )مغرور مركب( مثل )الجاهل

المركب( إنه مرة مغرور ألنه حسب النقص كماال، ومرة أخرى مغرور،ألنه حسب الوصول إلى النهاية في كماله المزعوم.

من هذه الجهة، كان الغرور مذموما، + إنه كذب وخالف الواقع.

161

من جهة أخرى يكون مذموما، ألنه يوقف باإلنسان إلى المراتب الدانية من الكمال ويجمد الفكر عن االنطالق نحو آفاق الكماالت الواسعة،

ونحو أبعاد الفضيلة الشاسعة.ولذا ذمه اإلسالم ذما قارصا، وأرصد له أكبر قدر من التنفير والذم.

( فتقعدون عن80قال القرآن الحكيم: )... فال تغرنكم الحياة الدنيا...() اكتساب الكمال الالئق بكم اعتمادا على الدنيا، وما قدمت اليكم من

(.81بهارجها وزيفها )... وال يغرنكم بالله الغرور() فالغرور هو الشيء الذي يسبب غرور االنسان سواء كان ماال أو جاها

أو علما أو عمال.. فإن هذه األمور تغر االنسان بالله، فال يدرك ما أرادهالله سبحانه في السير السريع الدائب نحو الفضيلة والعمل الصالح.

وفي آية أخرى، تذم أهل الغرور، يقول سبحانه: )... ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم األماني حتى جاء أمر الله وغركم

(.82بالله الغرور() ولنقف قليال عند قوله تعالى: )وغرتكم األماني( إن االنسان يتمنى)بقاء المال( و)بقاء العمر( و)بقاء األوالد( و)بقاء المنصب( كما يتمنى األمور المستقبلة، من جاه يترقبه، أو مال ينتظره، أو ما أشبه، وهذه األماني

هي التي تحول بين االنسان وبين الطاعة، فإذا قلت له:. لم ال تحج؟ قال: في السنة المقبلة + ألنه يتمنى بقاء العمر + وإذا قلت له: لم ال تزكي؟ قال: سوف أزكي + ألنه يتمنى بقاء ماله أو وفرته.. وإذا قلت له: لم تصرف عمرك باطال؟ قال: سأتجرد للعلم والعمل + ألنه يظن أن العمر سيمتد به حتى يفعل ما يريد وهكذا )و إذا عصارة كل ذاك

أنامه(. ان الخير ال يحصل باألمنية، والشر ال يذهب باالمنية: )ليس بأمانيكم وال

(.83أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به...()ولذا ورد الرصيد الكبير من الروايات حول ذم الغرور.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حبذا نوم األكياس وفطرهم كيف يغبنون سهر الحمقى واجتهادهم، ولمثقال ذرة من

(.84صاحب تقوى ويقين أفضل من مالء األرض من المغترين() أرأيت كيف يربح المهندس الذي يشتغل ساعة، وينام طول ليله بمأل

جفنيه، حينما يخسر العامل وإن كدليل نهار، إن األول يأخذ بتصميم بناء في نصف ساعة خمسة دنانير، بينما الكادح يأخذ دينارا لعمل اثني

عشرة ساعة؟. وهكذا الفرق بين )المتقي( الذي يصلي واجبه، وينام ليله وبين

)المغرور( الذي يصلي ليل نهار يظن أن صالته عظيمة، وأنه قد أسدىبذلك خدمة كبرى لله سبحانه.

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )المغرور في الدنيا مسكين، وفي اآلخرة مغبون، ألنه باع األفضل باألدنى، وال تعجب من نفسك، فربما

162

اغتررت بمالك وصحة جسدك، أن لعلك تبقى، وربما اغتررت بطول عمرك وأوالدك وأصحابك، لعلك تنجو بهم، وربما اغتررت بجمالك

ومنيتك وإصابتك مأمولك وهواك، فظننت أنك صادق ومصيب، وربما اغتررت بما ترى من الندم على تقصيرك في العبادة، ولعل الله يعلم اإلخالص، وربما افتخرت بعلمك ونسبك وأنت غافل من مضمرات ما في غيب الله تعالى، وربما توهمت انك تدعو الله تعالى وأنت تدعو

سواه، وربما حسبت أنك ناصح للخلق، وأنت تريدهم لنفسك أن يميلوا(.85إليك، وربما ذممت نفسك وأنت تمدحها على الحقيقة()

وهناك نوع آخر من الغرور يبتلي به كثير من الناس، يدعون بناتهم كيما يحصلون على زوج مرغوب فيه ماال أو جاها أو ما أشبه. أو يتربصون

بأنفسهم وهم في ريعان الشباب إبتغاء زوجة يتخيلونها أو يتركون معلما الئقا طلبا لغيره، أو ال يهتبلون فرصة ثمينة تربصا ألحسن منها،

وهكذا. واذا بهن عوانس وبهم كهوال، ويبقون بال معلم، وقد ذهبت الفرصة،

وبان الغرور سرابا خادعا، وخياال باطال، فيقولون:أال ليت الشباب يعود يوما فنخبره بما فعل المشيب

والجواب: ليت، وهل ينفع شيئا ليت؟. ونوع آخر من الغرور، االعتماد على النفس أو القوة أو ما أشبه، مما

يحول دون التهيؤ الكامل، لمواجهة األمر المترقب، وغالبا ما يسبب هذا النوع من الغرور انحطاط األمم وتأخر األذكياء، وانكسار التجار، بينما

الذي ليس بمغرور يجد ويجتهد لئال يبقى في آخر القافلة. وقصة )األرنب والسلحفاة( مشهورة، حيث تشارطا على قطع المسافة من مبدأ معلوم إلى شجرة معينة، فأيهما سبق صاحبه كان له السبق، فأشتغل األرنب بلعبه ولهوه، اعتمادا على سرعته وقفزه، بينما اهتمت

السلحفاة في المشي، وإذا باألرنب يتلفت، ليرى السلحفاة عندالشجرة، حيث السبق لها إذ تقدمت في السبق.

وفي مقابل )الغرور( الفطانة والكياسة. الفطن الكيس، هو الذي يقدر األمور حق قدرها، وينظر إلى األشياء

بالمنظار الصحيح، ولذا يدأب أبدا، وإن كان أحسن الناس علما وعمال وماال وجماال وجاها ومنصبا.. ومثله حري بالتقدم والفوز، سواء كان

كيسا في أمور دنياه أو في أمور آخرته.نعم الكياسة الحقة، هي التي كانت بالنسبة إلى أمور اآلخرة.

قال االمام الصادق )عليه السالم(: )إعلم انك لن تخرج من ظلمات الغرور والتمني، إال بصدق االنابة إلى الله، وإالخبات له، ومعرفة عيوب أحوالك، من حيث ال يوافق العقل والعلم، وال يحتمله الدين والشريعة

وسنن القدوة، وأئمة الهدى، وإن كنت راضيا بما أنت فيه، فما أحد(.86أشقى بعملك منك، وأضيع عمرا، فأورثت حسرة يوم القيامة()

163

فإنه ليس متاع الحياة الدنيا في اآلخرة إال قليل، والدنيا ليست إال لعبا ولهوا... فالكيس الفطن هو الذي يهيء نفسه ألخرته، ويدأب ليل نهار

لتحصيل المقامات الرفيعة هناك. وليس معنى هذا أن االنسان يترك الدنيا، فان الدنيا مزرعة اآلخرة،

ولقد قال أحد الملحدين: )إن المسلمين حيث كانوا متوجهين إلى السماء، أتتهم األرض منقادة، وحيثما توجهوا إلى األرض، فأتتهم

السماء واألرض( فمن الجدير باإلنسان أن يواظب على نفسه حتى اليغتر.

ومن المشهور أن سبب فناء أمة وقيام أمة، أو بوار حكومة أو تجدد حكومة: هو إن األولى من األمة أو الحكومة تكسل وتترهل فتفقد

عنصر البقاء ويأخذها الغرور، فال تعمل، بينما تعمل األمة الثانية وتنشطنواة الحكومة المستقبلة، فتأخذ الثانية مكان األولى.

.3 + 1 + سورة العصر: آية 1.3/49 + جامع السعادات: 2.3/49 + جامع السعادات: 3.3/49 + جامع السعادات: 4.3/49 + جامع السعادات: 5.3/49 + جامع السعادات: 6.3/49 + جامع السعادات: 7.3/49 + جامع السعادات: 8.30 + سورة الشورى: آية 9

.3/49 + جامع السعادات: 10.3/50 + جامع السعادات: 11.3/50 + جامع السعادات: 12.3/50 + جامع السعادات: 13.202 + 201 + سورة األعراف: آية 14.222 + سورة البقرة: آية 15.31 + سورة النور: آية 16.3/66 + جامع السعادات: 17.3/66 + جامع السعادات: 18.3/66 + جامع السعادات: 19.3/66 + جامع السعادات: 20.3/67 + جامع السعادات: 21.222 + سورة البقرة: آية 22.9 + 7 + سورة غافر: آية 23.70 + 68 + سورة الفرقان: آية 24

164

.2/432 + أصول الكافي: 25.25 + سورة الشورى: آية 26.110 + سورة النساء: آية 27.3/68 + جامع السعادات: 28.3/68 + جامع السعادات: 29.3/69 + جامع السعادات: 30.3/69 + جامع السعادات: 31.3/68 + جامع السعادات: 32.3/69 + جامع السعادات: 33.3/69 + جامع السعادات: 34.3/70 + جامع السعادات: 35.74 + سورة الفرقان: آية 36.83 + سورة القصص: آية 37.16 + 15 + سورة هود: آية 38.2/350 + جامع السعادات: 39.2/350 + جامع السعادات: 2/297 + أصول الكافي: 40.2/350 + جامع السعادات: 41.2/350 + جامع السعادات: 42.2/350 + جامع السعادات: 43.2/350 + جامع السعادات: 2/297 + أصول الكافي: 44.2/350 + جامع السعادات: 2/298 + أصول الكافي: 45.2/350 + جامع السعادات: 2/297 + أصول الكافي: 46.2/350 + جامع السعادات: 2/299 + أصول الكافي: 47.3 + 1 + سورة النصر: آية 48.2/366 + جامع السعادات: 49.2/366 + جامع السعادات: 50.2/367 + جامع السعادات: 51.2/367 + جامع السعادات: 52.11 + سورة النور: آية 53.7 + 6 + سورة العلق: آية 54.2/367 + جامع السعادات: 55.2/367 + جامع السعادات: 2/140 + أصول الكافي: 56.11 + سورة النور: آية 57.145 + سورة النساء: آية 58.1 + سورة المنافقون: آية 59.7 + سورة المنافقون: آية 60.2/413 + جامع السعادات: 61

165

.2/412 + جامع السعادات: 62.2/412 + جامع السعادات: 63.2/413 + جامع السعادات: 64.2/413 + جامع السعادات: 65.1/358 + جامع السعادات: 2/313 + أصول الكافي: 66.1/358 + جامع السعادات: 67.1/358 + جامع السعادات: 68.1/358 + جامع السعادات: 2/314 + أصول الكافي: 69.1/358 + جامع السعادات: 2/314 + أصول الكافي: 70.1/359 + جامع السعادات: 2/314 + أصول الكافي: 71.1/359 + جامع السعادات: 2/313 + أصول الكافي: 72.1/359 + جامع السعادات: 2/313 + أصول الكافي: 73.1/359 + جامع السعادات: 2/313 + أصول الكافي: 74.1/359 + جامع السعادات: 75.1/359 + جامع السعادات: 2/314 + أصول الكافي: 76.1/378 + جامع السعادات: 2/123 + أصول الكافي: 77.8 + سورة الرعد: آية 78.19 + سورة الحجر: آية 79.33 + سورة لقمان: آية 80.33 + سورة لقمان: آية 81.14 + سورة الحديد: آية 82.123 + سورة النساء: آية 83.3/7 + جامع السعادات: 84.3/7 + جامع السعادات: 85.3/34 + جامع السعادات: 86

166

الرابع البابطول أألمل

)إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل آلخرتك كأنك تموت غدا()حديث شريف( وهذا الحديث هو عنوان المؤمن الفطن حقا، يعمل إلصالح الدنيا وتقدم الحضارة، عمل من يرى أن الدنيا أبدية دائمية، فيعبد

األرض، ويشق األنهار، ويزرع الفيافي، ويعمر البالد، وما إلى ذلك من زينة الحياة الدنيا، وبهجة الحضارة البشرية... هذا من جانب، ومن

جانب آخر يعمل لآلخرة، كأنه يموت غدا، فيصلي لربه الفرائض، ويؤدي الصدقة الواجبة، ويحج البيت إن استطاع إليه سبيال، وي++صوم الصوم

الواجب، ويأمر بالمعروف ويتحلى بالفضيلة، ويجتنب المح++رماتوالمآثم، حتى ال يبالي أمات غدا أو بعد ألف سنة.

وهكذا إنسان هو الجامع بين خير الدنيا وخير اآلخرة. أما الذي يؤخر أمر اآلخرة كأنه يعيش أبدا، ويقدم أمر الدنيا فهو الذي له )أمل خاطئ( ومثل هذا األمل مذموم مهلك، إنه يعتقد بقاءه مدة

متمادية، فيهيء لنفسه لوازم لهذه المدة من مال ودار وأثاث ورياش، ثم ال يلتفت إلى اآلخرة يرجئ الحج ويؤخر الخمس، وال يخرج عن

المظالم، وال يبادر بقضاء ما فاته من صالة وصيام وهكذا فجأة يأتيه (1الموت، فيقول: )... رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت...()

فيجاب ب+ )كال!(.يقول الشاعر:

يا من بدنياه اشتغل قد غ++ره ط++ول األملوالموت يأت++ي بغتة والقبر صندوق العمل

وهذه الصفة أعني )طول األمل( تفسد الدنيا، قبل إفسادها لآلخرة، إن من طال أمله لم يجعل الموت واآلخرة نصب عينيه ال بد وأن يتعدى عن الحدود المصلحة لالجتماع، والموازين المقررة إلصالح النفس،

وقتله يفسد ويسبب التأخر واالنحطاط.ولذا حذر اإلسالم من طول األمل أشد تحذير.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أشد ما أخاف عليكم خصلتان: إتباع الهوى وطول األمل، فأما إتباع الهوى فإنه يصد عن

( إتباع الهوى يصد عن2الحق، وأما طول األمل فإنه الحب للدنيا() الحق، وكيف؟ فإنه من اتبع هواه كان الهوى قائده، ولم ينظر إلى

الحق، انه يتبع هواه في تحصيل المال، فيغضب ويرابي ويحتكر، ويظلم الفقراء واأليتام والضعفاء في سلبهم لقمة العيش هكذا، ويتبع هواه

في تحصيل الجاه، فيقتل الناس بغير الحق، ويضرب، ويحبس، ويبعد، وهكذا، أما من كان الحق رائده، فإنه مقيد بالحق، إن أباح له الحق

تبع، وإن خطر عليه الحق اجتنب.

167

وأما طول األمل، فإنه الحب للدنيا فقط، وهذا ميزان مائل فإن أحب يجب أن يقسم بين الدنيا واآلخرة، فيجعل للدنيا من الحب: مقدار

العبور واالنتقال، ولآلخرة من الحب: مقدار البقاء واالستقرار، كمن يريد أن يعبر قنطرة إلى روضة، إنه يحب القنطرة ويصلحها، وإال كيف

يمكن العبور عليها وكفى حبه لها حب عرضي مرحلي، ال حب ذاتي أصلي، أما حبه للروضة التي يقصدها، فهو حب بالذات، وهذا هو

الميزان العادل. وقد قال اإلمام المرتضى هذا الكالم مع اختالف يسير في اللفظ

واالحتفاظ بجوهر المعنى، قال )عليه السالم(: )إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتين: اتباع الهوى وطول األمل، أما اتباع ال+++هوى: فإنه يص+++د

(.3عن الحق، وام+++ا طول األمل: فإنه ينسي اآلخرة() ثم.. أردف الرسول األعظم بكلمته السابقة قوله: ).. إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض، وإذا أحب عبدا أعطاه اإليمان، إال أن للدين

أبناء، وللدنيا أبناء، فكونوا من أبناء الدين، وال تكونوا من أبناء الدنيا، أال أن الدنيا قد ارتحلت مولية، إال إن اآلخرة قد أتت مقبلة، أال وأنكم في

يوم عمل ليس فيه حساب، أال وأنكم يوشك أن تكونوا في يوم حساب(.4ليس فيه عمل()

والمراد بأبناء الدين، من ينظر إلى كل من الدنيا واآلخرة كما قال سبحانه: )ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي اآلخرة

( فإن العمل للدنيا أيضا من الدين، أما المراد بأبناء الدنيا،5حسنة...() فهم الذين يتكالبون على حبها والتزود منها، كيفما كان، ناسين اآلخرة:

(.6)... وهم عن اآلخرة هم غافلون() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( في كلمة أخرى يذم فيها األمل:

)نجا أول هذه األمة باليقين والزهد، ويهلك آخر هذه األمة بالبخل (.. ولعل مراده )صلى الله عليه وآله وسلم( من )النجاة(7واألمل()

نجاة الدنيا واآلخرة، ومن الهالك )هالك( الدنيا واآلخرة، فإن الزاهد المتيقن، ال يترك الدنيا لكي يستغلها الفساق والظالمون، فيملؤنها فسادا وتبارا، بل يجاهد في سبيل الله والمستضعفين وبذلك تعمر

الدنيا، كما يعمر آخرته بالعمل الصالح، الذي يحفز إليه زهده ويقينه، بخالف البخيل الطويل األمل، فإنه حيث يحب الدنيا وزينتها وال يكافح

في سبيل الحق، وكيف يكافح؟ أليس الكفاح قد يؤدي باإلنسان، فيهلك وقد يؤدي بماله فيتلفه، ولذا يستغل الدنيا اآلثمون، الذين يفسدون

ويفسدون. وقال الرسول األعظم في كلمة أخرى: )اذا أصبحت فال تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فال تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل

(.8سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنك ال تدري ما اسمك غدا()

168

وسمع الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: أن أسامة اشترى وليدة بمائة دينار إلى شهر، فقال: )إن أسامة لطويل األمل، والذي نفسي

بيده، ما طرفت عيناي إال ظننت أن شفري ال يلتقيان، حتى يقبض الله روحي، وال رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض، وال لقمت

حتى ظننت إني ال أسيغها حتى أغض بها من الموت ثم قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من

(.9الموتى، والذي نفسي بيده إن ما توعدون آلت وما أنتم بمعجزين()ما أروعها من كلمة، وما أجملها من حكمة، وما أصدقها من قولة.. ألم تر + وخصوصا في هذه االي++ام التي انطوت فيها مناهج الصحة

اإلسالمية عن المجتمع + أناسا ماتوا بالفجأة، حيث يضحكون أو يتكلمون، أو يأكلون أو ما أشبه.. وقد كان أبي، رحمه الله، يتوضأ

عصرا، تهيؤا لصالة المغرب والعشاء، وفي أثناء الوضوء لبى داعية الموت، ولم يمهله األجل حتى يكمل وضوءه.. وأخت لي كانت في

ريعان الشباب، ذهبت أول الليل إلى سطح الدار لتنام، وفي الصباح أتينا بها جثة هامدة، حيث لم يعرف الذين كانت نائمة في وسطهم في

أية لحظة، سلمت روحها إلى بارئها، وهكذا، وهكذا.. فبعد ذلك يكون االنسان طويل األمل إذا رجا بقاءه شهرا؟ وليس معنى ذلك ان تبطل المعامالت والمداينات، بل معناه أن يهتم االنسان بإتقان اموره حتىإذا مات في اللحظة حيث ال يحتسب ال يكون بدون تهيئة واستعداد.

وفي حديث آخر: إن رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( قال: )يا أبا ذر أتحب أن تدخل الجنة؟ قال: نعم، فداك أبي. قال: أقصر من

( ان10األمل، واجعل الموت بين عينيك، واستح من الله حق الحياء() االستحياء من الله حق الحياء كافي في سوق االنسان إلى أعلى

مراتب الجنان، لكن الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( أكد على )قصر األمل( و)ذكر الموت( ألنهما من أهم المحفزات لصالح االنسان،

المنتهى به إلى الجنة قطعا. وكان رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( يقول في دعائه: )اللهم

إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير اآلخرة، وأعوذ بك من حياة تمنع خير(.11الممات، وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل()

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ما أطال عبد األمل، إال أساء(.12العمل()

فليقصر االنسان من أمله ويهتم بعمله، وإذا حدثته نفسه باآلمال، فليزمها بزمام الزهد والموعظة، فإن قصر األمل موجب لخير الدنيا

وسعادة اآلخرة. من أهم ما يوجب قصر األمل، واإلقبال على العمل )ذكر الموت(

والذهاب إلى المقابر، وتذكر أحوال الماضي من األقارب واألصدقاء،ومطالعة كتب السابقين الذين عاشوا في الدنيا طويال، ثم:

169

جرت الرياح على محل ديارهم فكأنه+++++م كان+++++وا على ميعاد أحسنوا أم أساؤوا، بنوا أو هدموا، أصلحوا أو أفسدوا، كسلوا أم

نشطوا، ثم ذهبوا، ولم تبق منهم باقية، فهم رهائن القبور، ومضامين اللحود، ورهائن التراب، ال يتنفس منهم أحد، وال يعمل منهم إنسان، وال

يفرحون بأفراح الدنيا وال يحزنون بأحزانها، فكأنهم لم يكونوا، وكأنهملم يأتوا ولم يذهبوا.

وكذلك التفكير في أحوال األموات الذين يموتون من أقارب اإلنسانوأصدقائه أو من األبعدين.

فإذا حم++++لت إلى القبور جنازة فاعل+م بأنك بعدها م++++حمولكل ابن أنثى وإن طالت سالمته يوما على آلة حدباء محمول وخصوصا اذا صاروا جماعة من أهل التقوى، وأخذوا في تذكر أحوال

األموات، وتفكروا في الفناء وتذاكروا قصص الماضين، وبكوا وتباكوا، وانتحبوا وأكثروا من االسترجاع، فإنه ينبت في القلب حب اآلخرة والزهادة في الدنيا، والتهيؤ للعمل الصالح، والتجافي عن زخارف

الحياة، والكف عن الظلم والفساد. ولذا يقال: إن الصالحين من السابقين كانوا يعقدون مثل هذه

المجالس، ويكثرون الترداد على المقابر، وقد نقل لي أحد الثقات: إنه ذات مرة ذهب إلى المقبرة حيث هي مقفرة + حتى من الزائرين + واذا

به يسمع صوتا ضعيفا من قبر، قال فدنوت، واذا بقبر غير مصموم، وأسمع من داخله إنسانا يقول: )... رب ارجعون لعلي أعمل صالحا

( وبعد اإللحاح والترداد والتكرار، وإذا بالقائل يرد13فيما تركت...() على نفسه: قد رجعناك فاعمل صالحا، قال الرواي: واذا بي أرى

)السيد ميرزا مهدي( + ويقصد والدي، رحمه الله + قد خرج من القبر وهو مغبر مترب كاسف البال، قال: فلما رآني أخذ مني العهود

والمواثيق أن ال أذكر ذلك ألحد ما دام في الحياة. ويروى أن أحد الملوك كان جالسا في قصره وحوله وزراؤه، وإذا به

يرى أن زاهدا يريد الدخول في القصر والخدم يدفعونه فيحتج عليهم، بأنه لم يمنعوه عن االستراحة برهة في هذا )الخان( + أي محل

المسافرين + فاستشاط السلطان غضبا، وأمر من يحضر الزاهد لديه، فلما حضر، قال له: وكيف تقول هذا خان؟ قال الزاهد: فما هذا؟ قال

الملك: إنه قصر ملوكي. قال الزاهد: لمن كان قبلك؟ قال الملك: لجدي، قال الزاهد: ثم لمن؟ قال الملك: ألبي، قال الزاهد: ثم لمن؟

قال الملك: لي، قال الزاهد: ثم لمن؟ قال الملك: لولدي. فقال الزاهد: فقد أقررت انه خان أليس الخان محل المسافرين؟ وأليس

أبوك وجدك كانا مسافرين نزال فيه ثم ارتحال؟ وهكذا أنت تعترف بنزولك فيه وارتحالك بعد قليل ليخلفك ابنك؟ فانتبه الملك، ثم تسلل

ليال عن القصر، والتحق بالزاهد.

170

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أكثروا ذكر هادم اللذات قيل: وما هو يا رسول الله؟؟ قال: الموت، فما ذكره عبد على الحقيقة

(.14في سعة إال ضاقت عليه الدنيا، وال في شدة إال اتسعت عليه() إن االنسان ربما تضيق عليه الدنيا، بسبب فقر أو مرض، أو موت

قريب أو ذهاب جاه، أو ما أشبه فإذا ذكر الموت، وتذكر فناء الدنيا، وإن كان حاله إلى زوال، البد وأن ينشرح، وأن تتسع نفسه، ويجلو

همه.. وبالعكس، ربما تتسع الدنيا إلنسان، ويفرح فرحا كثيرا، حتى انه اذا بقيت له تلك الحالة، سببت طغيانا، وخباال، فإذا تذكر وتفكر، وذكر الموت والبالء، ال بد وأن يحزن النه يعلم عدم بقاء الحالة، وعدم مبرر

للفرح بما أوتي من مال أو جاه أو ما أشبه، فحبذا تذكر الموت دواءناجعا للحالتين.

(15وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )تحف+++ة المؤمن الم+++وت()(.16وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الموت كفارة لكل مسلم()

ومن الطبيعي أن يكون الموت تحفة للمؤمن، أليست الدنيا سجن المؤمن؟ كما أن من الطبيعي أن يكون الموت كفارة، فإن شدائدها

وأهوالها تذهب بالذنوب التي اقترفها المؤمن جهال وخطأ. وسئل الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: هل يحشر مع الشهداء

أحد؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )نعم من يذكر الموت في ( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:17اليوم والليلة عشرين مرة()

(.18)أكثروا من ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا()(.19وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كفى بالموت واعظا()

فإن آخر ما يعظ الواعظ أن يقول: إعمل الصالح، واترك الفساد، فإن وراءك موتا وحسابا... والموت + تفكره وتذكره + يولد في النفس نفس

هذا الشعور الذي يولده الواعظ الخبير. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الموت الموت، أال وال بد من

الموت، جاء الموت بما فيه، وجاء بالروح والراحة، والكرة المباركة إلىجنة عالية، ألهل دار الخلود، الذين كان لها سعيهم، وفيها رغبتهم()

20.) ان االنسان هبط من الجنة + كما في قصة آدم )عليه السالم( + فإذا

ذهب االنسان إلى الجنة كانت كرة إلى ما اهبط منه، وفيها من البركةوالخير الدائم، ما ليس لشيء غيره إطالقا.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا استحقت والية الله والسعادة، جاء األجل بين العينين، وذهب األمل وراء الظهر، وإذا استحقت والية

الشيطان والشقاوة جاء األمل بين العينين، وذهب األجل وراء الظهر()21.)

تشبيه لطيف.. واالستحقاق ال يكون إال بالمقدمات التي يهيئ االنسانلها، من تفكر وتذكر وعمل وما أشبه.

171

ولنقف قليال عند هذا الحديث لننظر كيف ذكر الموت يؤثر في ميزان اإلنسان؟.. فقد ذكر عند الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( رجل،

فأحسن الحاضرون الثناء عليه، فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: كيف ذكر صاحبكم للموت؟ قالوا: ما كنا نكاد نسمعه يذكر الموت..

(.22قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: فإن صاحبكم ليس هنالك() انه ليست له مرتبة راقية، وكيف تكون له، وهو ال يذكر الموت؟ إن من ال يعد نفسه للحساب ال يعمل عمل من يعد نفسه للحساب، والذي يعد

نفسه للحساب ال بد وأن يذكر الحساب كثيرا، أرأيت من يكون له مستقبل خطر، كيف يكون دائما في ذكره، وإعداد العدة له؟ فإذا رأيت

من له مستقبل خطير ثم ال يفكر وال يتذاكر حوله، فاعلم أنه أبلهوليس بحازم عاقل.

وسئل الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أي المؤمنين أكيس وأكرم؟ فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أكثرهم ذكرا للموت

وأشدهم استعدادا له، أولئك هم األكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة(.23اآلخرة()

إن اآلخرة شيء مدهش ثوابها ومدهش عقابها، حتى أن أشد الناس اغتباطا ومقاما في الدنيا، ال يصل إلى أقل مستويات الصالحين في اآلخرة، كما أن أشد الناس عذابا وسوءا في الدنيا ال يصل إلى اقل

الناس عذابا في اآلخرة.. ولذا كان األكيس هو الذي يحصر أمره في اآلخرة، وليس معنى هذا أن يترك الدنيا فإن تارك الدنيا بنظر اإلسالم

ممقوت، بل معناه أن يترك الدنيا التي هي وبال وخبال. وقال االمام الباقر )عليه السالم(: )أكثروا ذكر الموت فإنه لم يكثر

(.24ذكره إنسان إال زهد في الدنيا() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إذا أنت حملت جنازة، فكن كأنك أنت المحمول، وكأنك سألت ربك الرجوع إلى الدنيا ففعل، فانظر ماذا

( ثم قال )عليه السالم(: )عجبا لقوم حبس أولهم عن25تستأنف() ( لقد حبس األموات26آخرهم، ثم نودي فيهم بالرحيل، وهم يلعبون()

الذين قبلنا، عن االرتحال إلى اآلخرة، حتى نلحق بهم، فإذا التحق البشر كلهم بقافلة األموات كانت القيامة الكبرى، ثم الجنة أو النار + وقد علمنا إنا نموت جميعا، فكأنه نودي فينا بالموت + فهذان سببان

ألن نجد في العمل الصالح: األموات الذين قبلنا وهم عبرة، وعلمنا بأنا نموت لكنا مشغولون باللعب واللهو، بالدنيا التي ليست إال لهوا ولعبا.

أليس في هذا ما يستدعي أشد العجب؟! وقال االمام الصادق )عليه السالم( ألبي بصير: )اذكر يا أبا محمد،

تقطع أوصالك في قبرك، ورجوع أحبائك عنك، اذا دفنوك في حفرتك، وخروج نبات الماء من منخريك، وأكل الدود لحمك، فإن ذلك يسلي

172

عليك ما أنت فيه قال أبو بصير: فو الله ما ذكرته إال سلى عني ما أنا(.27فيه من هم الدنيا)

)نبات الماء( هي الدود، وما أهوله من فجيعة.من كان ال يطأ التراب برجله يطأ الت++راب بناع+++++م الخد

)تقطع األوصال(: يالله، لقد كنا نداوي بألف دواء جرحا صغيرا في جسمنا، فما أهوننا حتى تتقطع أوصالنا وال دواء؟ )رجوع األحباء(: أين هم، وقد كانوا يهتمون بأمورنا، ويفدون أنفسهم ألقل كارثة تنزل بنا؟ لقد أصبح االنسان في القبر وحيدا فريدا، فال قريب وال صديق، إنهم اشتغلوا بأنفسهم، ونسوا من كان يكدح ويتعب ويسهر لهم )خروج

نبات الماء( لقد كنا نطارد البعوض وذرة من التراب إذا سقطت على وجوهنا، فما هذه الديدان التي تختلف ذاهبة وراجعة من أعز موضع هو

المخ إلى أجمل موضع هو الوجه، ثم ال نملك حوال وال طوال حتى في الذب والدفع، وأخيرا أخذت الديدان تأكل اللحوم بكل اطمئنان... يا لها

من فجيعة؟ ويا له من هول؟ لو بكينا له طول العمر لم نؤد حقه. ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا أي++++ن األسرة والتي+++++جان

والحلل فأصبح القبر عنهم حين سائلهم تلك ال+وجوه علي++++++ها الدود

تنتقل قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا فأصبحوا بعد طول األكل قد

أكلوا وقال )عليه السالم(: )ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، ويقلع منابت الغفلة ويقوي القلب بمواعيد الله، ويرق الطبع، ويكسر أعالم

(.28الهوى، ويطفي نار الحرص، ويحقر الدنيا()فالالزم على االنسان أن يهيئ برنامجا للموت:

أوال: فيتذكر كل يوم صباحا الموت، ولو مقدار خمس دقائق. ثانيا: ثم يعمل بما يقتضي االستعداد له من اإليمان والعمل الصالح

واالنقالع عن المأثم والمظالم.ثالثا: أن يذكر الناس بالموت.

رابعا: أن يزور المقابر أسبوعيا ولو مرة.خامسا: أن يكتب وصيته ويحضر كفنه.

سادسا: أن يطالع الكتب التي تتعرض لهذا الشأن كل أسبوع ولو مرة.سابعا: أن يحضر الجنائز والمغتسالت والمآتم والفواتح، وما أشبه.

ثامنا: ولو تمكن أن يعقد المجالس الدورية المنعقدة من أهل التقوىوالصالح كل أسبوع مرة.، لتذاكر الموت فيها ونعي الدنيا.

ذهبت ذات مرة إلى زيارة ثري كان مريضا، فسألت عن عمره، فقال: ما يقارب المائة، ثم أردف قائال: ولكن ليس بي من مرض إال رخاوة

في الركبتين، وهي التي أجلستني عن الخروج عن المنزل!!

173

وذهبت ذات مرة أخرى إلى ثري آخر كان قد أصيب بالفالج، وعمره ما يقارب التسعين + كما قال أهله + فقال + بلسان يتلعثم من أثر المرض

فال يكاد يفهم كالمه إال نتفا مبعثرة +: لقد ذهبت إلى األطباء فقالوا لي: ليس بك من مرض، إال )نوم بعض األعصاب( وقد نذرت أن لو رجعت

إلى حالتي السابقة + ويقصد قبل عشرين سنة + أن أفعل كذا!! ونقل أحد األصدقاء... إن إمرأة معمرة، في دارهم، أصيبت بالسكتة، حتى لم تتمكن أن تحرك من جسدها شيئا إال الوسطى والبنصر من

أصابعها، تحريكا بكل صعوبة.. قالوا لها: أوصي.. فقالت: ماذا تريدون مني وليس بي شيء من المرض أال ترون كيف أحرك أصابعي!!

عجيب أمر االنسان، وعجيب جدا!!!يرجي المرء ما أن ال يراه وبين يديه عزرائيل حاضر

انه يهرب حتى من ذكر الموت، وكأن الهرب ينفع؟ لكن القلب اذاقسى، وأطبق الجهل على العقل، تكون النتيجة كهذه!

فانظر البون الشاسع بين القصص المتقدمة وبين قول االمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من

( وقول االمام الصادق )عليه السالم(: )ما من أهل بيت شعر29أجله() (30وال وبر إال وملك الموت ي++تصفحه كل ي+++وم خمس مرات()

وق+++ول اإلم+++ام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )والله البن أبي طالب(.31آنس بالموت من الطفل بمحالب أمه()

وقد كان الصالحون ينتظرون الموت، إنتظارهم لمن وعدهم بعدساعة.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أحب لقاء الله، وال تكرهلقاءه، فإن الله يحب لقاء من يحب لقاءه، ويكره لقاء من يكره لقاءه(

(32.)المكر والخديعة

ربما يتطلب اإلنسان شيئا لكن ال يتمكن من التوصل إليه بالطرق المستقيمة، وهنا يلتجئ لنيله بالطرق الملتوية وهذه الطرق وإن كانت ربما تهدف المقصد إال أن بها يلتاث الضمير وتخدش كرامة الحق وهذا االلتواء يسمى بالمكر والخدعة + وقد نهى اإلسالم عنهما لما لهما من الضرر، فاإلسالم يريد كل شيء مستقيما صريحا، أما المكر والخدعة فهما بعيدان عن الحق، فإنه ال بد للماكر من الرياء والنفاق، والكذب

والغش.. وما إليها وكلها محرمة في نظر اإلسالم. يقول رسول الله )صلى الله عليه واله وسلم(: )ليس منا من ماكر

( ويقول تلميذه اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )لوال33مسلما() ( وال يزال الماكر34أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس()

يمكر.. ويمكر... حتى يتجلى للناس مكره وخديعته فيجتنب ويرمى بكل شر، وصحيح أن من ال يمكر تفوته منافع عظيمة، إال إن اإلبقاء على

174

طهارة النفس وسالمة الضمير، وحسن السمعة، والذكر الجميل فياألجيال، منافع تتضاءل أمامها كل منفعة.

واليك مثال: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب )عليه السالم( عاصره معاوية وكان اإلمام يتجنب عن المكر وربما كان فوت بعض

المنافع عنه )عليه السالم( مستندا إلى هذا التحرج، أما معاوية فما من طرق ملتوية إال كان يتبعها رغبة في االستعالء وطلبا لعلو الكلمة، حتى

إن التاريخ يحدثنا )بأنه كلما غضب على بطريق من علماء الروم + النصارى + كان يهدي إليه هدايا، ويكتب إليه كتابا يتشكر منه مواقفه

تجاه معاوية على ضد حكومته، وكان يوصي الرسول، بأن يتعرض إلىمواقع الشرطة وأمثالهم كي يقع في أيديهم.

وهناك الطامة الكبرى على ذلك البطريق، فرسول معاوية كان يقع في أيدي السلطة، وبعد التفتيش كانوا يظنون بذلك العالم كل شر وله

الصلب أو الحبس أو ما إليهما! فيتشفى معاوية ويستلقي ضاحكا!(.وأخيرا: من حاز حسن الذكر؟ أمعاوية أم اإلمام )عليه السالم(؟.

كان اإلمام )عليه السالم(: )كثيرا ما يتنفس الصعداء ويقول: واوياله يمكرون بي ويعلمون أني بمكرهم عالم، وأعرف منهم بوجوه المكر

ولكني أعلم إن المكر والخديعة في النار، فأصبر على مكرهم وال(.35أرتكب مثل ما ارتكبوا()

ثم أليس الله رقيب األعمال؟ وأليس هو ال يصلح عمل المفسدين، وإذا مكر اإلنسان فهل يخفى ذلك على الله؟ وإذا مكر الشخص فالله أقوى

مكرا، وهو يقول في كتابه الحكيم: )ومكروا ومكر الله والله خير ( وليس المراد من مكر الله معناه المصطلح عندنا بل36الماكرين()

معناه نقض المكر بما يخفى سببه.العداوة وفروعها

اإلنسان الكبير ال يشتغل بالمحقرات إنه أكبر من ذلك وال وقت له يصرفه في التوافه، إن وقته أثمن منها ولذا نرى إن العظماء ال يأبهون بكلمة تجرح كرامة النفس أو عداوة أورثتها نفس صغيرة، وكلما كانت النفس أكبر وكان الشخص أعظم كان عفوه وصفحه أكثر، وبالعكس

صغار الناس ذو نفوس ضيقة وعقول خفيفة ال تشتغل إال بمعاداة فالنوتتبع عورات فالن...

والعداوة غالبا ال تقطن إال في النفوس العفنة وال تورق إال في األرواح القذرة وهي وفروعها، من حقد وضرب وفحش ولعن وطعن وتربص لالنتقام إلى غيرها.. كلها دليل على وساخة النفس والتياثها باألقذار

مما ليس إال من شأن رجل الشارع العديم الشرف.قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن ليس بحقود()

37.)

175

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما كان جبرائيل يأتيني إال قال: يا(.38محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما عهد إلى جبرائيل قط في(.39شيء ما عهد إلي في معاداة الرجال()

الرجل العادي يحتاج إلى اتقاء شحناء الرجال حتى يعيش فكيف بنبي عظيم يريد أن يبث الدعاية إلى كل خير وفضيلة؟ وهذا تعليم جليل لمن يريد توجيه الناس، إنه يلزم جهده أن يجتنب عن معاداتهم، إذ القيام بالتوجيه كاف في جلب عداوات من صغار النفوس وضعاف

األرواح، فليتق عن جلب العداوات بما يصنعه بنفسه! ثم إن العداوة ال تسبب إال الخسارة يقول الشاعر: إنك ال تجني من

الشوك العنب، ولذا قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من زرع(.40العداوة حصد ما بذر()

وقد أرصد اإلسالم لمكافحة العداوة وثمراتها أحاديث كثيرة ترغيبيةوترهيبية ليأمن المجتمع اإلسالمي من هذه الثمار البشعة.

قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ليس المؤمن بالطعان، وال(.41اللعان، وال الفاحش، وال البذيء()

وقال )صلى الله علي+ه وآله وسلم(: )إياكم والفحش، فإن الله ال يحب(.42الفحش والتفحش()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الجنة حرام على كل فاحش أن(.43يدخلها()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الفحش والتفحش ليسا من(.44اإلسالم في شيء()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )البذاء والبيان شعبتان من شعب( والبيان كشف ما ال يجوز كشفه.45النفاق()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من األذى + وعد منهم + رجال يسيل فوه قيحا وهو من كان في

(.46الدنيا فاحشا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تسبوا الناس فتكسبوا العداوة

(.47منهم() وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله حرم الج+++نة على كل

(.48فح++ـاش بذيء، قليل الحياء ال يبالي ما قال وال ما قيل له...() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا رأيتم الرجل ال يبالي ما قال

(.49وال ما قيل فيه فإنه لغيه أو شرك شيطان() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله ليبغض الفاحش البذيء

(.50والسائل الملحف() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن من شرار عباد الله من تكره

(.51مجالسته لفحشه()

176

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سباب المؤمن كالمشرف على(.52الهلكة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المتسابان شيطانان متعاديان(.53ومتهاتران()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر(.54وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )شر الناس عند الله تعالى يوم(.55القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم()

(.56وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن ليس بلعان() أتريد أكثر من هذا؟ إن من يقوم الحق تكفيه واحدة منها، ومن ال

يعتدل لم تكفه مجلدات. ولألئمة من أهل البيت )عليهم السالم( أحاديث بهذا النسق وإليك

بعضها: ق+++ال ال++صادق )عليه السالم(: )من عالم+++ات شرك الشيطان ال++ذي

(.57ال ي+++شك فيه أن يكون فحاشا ال يبالي ما قال وال ما قيل فيه()(.58وقال )عليه السالم(: )البذاء من الجفاء، والجفاء في النار()

(.59وقال )عليه السالم(: )من خاف الناس لسانه فهو في النار() وقال )عليه السالم(: )إن أبغض خلق الله تعالى عبد اتقى الناس

(.60لسانه() وقال الكاظم )عليه السالم(: )في رجلين يتسابان البادئ منهما أظلم

(.61ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم() وقال الباقر )عليه السالم(: )إن اللع+++نة إذا خرج+++ت من فم

صاحبه++++ا ترددت بينهما فإن وجدت مساغا وإال رجعت إلى صاحبها()62.)

(.63وقال )عليه السالم(: )إياكم والطعن على المؤمنين() وقال )عليه السالم(: )ما من إنسان يطعن في عين مؤمن إال مات شر

(.64ميتة وكان قمنا أال يرجع إلى خير() وليس عدم اللعن والطعن مختصا باإلنسان بل اإلسالم ينزه الفرد من

أن يخرج من فيه لعن أصال وإن كان على حيوان أو جماد، أليس اإلسالم دين النظافة والطهارة في اللسان والعمل والقلب؟ وأليس

اللعن قذرا مهما كان الملعون جمادا أو حيوانا أو إنسانا؟ إذا فاإلسالم يمنع عنه فقد روي: إن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( أنكر على

( بل فوق ذلك، ففي65امرأة لعنت ناقة وعلى رجل لعن بعيرا() (66الحديث: )انه ما لعن أحد األرض إال قالت: اللعن على أعصانا لله() ومن أعصاهما؟ انه الالعن، فاألرض مطيعة ألمر ربها: )... فقال لها

(.67ولألرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين()

177

وهكذا يريد اإلسالم أن يهذب أمته حتى ال يبدر منهم وال لفظ جاف وليس هذا فحسب، بل يأخذ اإلسالم جانب اإليجاب شوطا آخر، فيحبذ

دعاء الشخص لآلخر وبذلك تتأكد االخوة وتقوى الصلة وينقلع جذر العداوة عن النفوس، فإن من يتعاهد نفسه بالدعاء لشخص ال بد وأن تلين نفسه إلى ذكره، وتتصل بنفسه، فللنفوس أمواج تتصل كما إن

إلقاء الحجر في الماء يحدث أمواجا، ولذا من دعا ألخيه بظهر الغيب، ال يمضي زمان، حتى يحبه وبذلك يربح خير اآلخرة، مع ارتياح النفس في الدنيا: )المؤمن يدعو ألخيه بظهر الغيب فيقول له الملك: آمين ويقول

العزيز الجبار: ولك مثال ما سألت وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه()68.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يستجاب للرجل في أخيه، ما ال(.69يستجاب له في نفسه()

وقال علي بن الحسين )عليهما السالم(: )إن المالئكة إذا سمعوا المؤمن يدعو ألخيه المؤمن بظهر الغيب، أو يذكره بخير قالوا: نعم األخ

أنت ألخيك تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بالخير وقد أعطاك الله عز وجل مثلي ما سألت له وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه، ولك

(.70الفضل عليه() وأفضل من الدعاء للحي الدعاء للميت إذ إنه انقطع عن الدنيا ويتحسر

على ما قدمت يداه، وليس له مغيث وال مجير، ولذا قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )مثل الميت في قبره مثل الغريق،

يتعلق بكل شيء، ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب، وانه ليدخل على قبور األموات من دعاء األحياء من األنوار مثل الجبال، وهو

لألموات: بمنزلة الهدايا لألحياء، فيدخل الملك على الميت، معه طبق من نور عليه منديل من نور فيقول: هذه هدية لك من عند أخيك فالن

(.71أو من عند قريبك فالن فيفرح كما يفرح الحي بالهدية()وبالعكس الدعاء على األموات ولعنهم فإن وزره عظيم!

قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تسبوا األموات فإنهم قد(.72أفضوا إلى ما قدموا()

ثم لعن الميت والدعاء عليه: يدل على خسة نفس الداعي الالعن وإالفما يأتي من الميت؟ وأي نفع في الدعاء عليه ولعنه؟.

السؤال يكره اإلسالم السؤال أشد كراهية ويذم السائل ذما كبيرا، ولم يسأل اإلنسان؟ وقد أتاح له القدر فرصة االكتساب والخدمة نعم إذا اضطر

( وفي الحديث: )ما73فال بأس عمال بقوله تعالى: )إال ما اضطررتم()من شيء حرمه الله تعالى إال وقد أحله لمن اضطر إليه(.

178

أما غالب الفقراء الذين يسعهم الكسب والعمل ويحبون البطالة ويلقون كلهم على الناس، فهم في نظر اإلسالم مجرمون من حيث

البطالة ومن حيث إلقاء أنفسهم على الناس. ومن ظرائف ما ينقل: )إن الميرزا الشيرازي الكبير الحاج السيد محمد

حسن )رحمه الله( مر على فقير تام الخلقة، وافر النشاط، فأعطاه درهما ليمد يده، ففعل ودرهما ثانيا ليمد رجله ففعل، ودرهما ثالثا

ليقوم ويمشي ففعل، فقال له الميرزا: فلماذا تكسل عن العمل وتلقيكلك على الناس؟!(.

أما اإلعانة مع مثل هؤالء + إن علم الشخص بحالهم ال أن يعمل بالظن + فإن لم يكن من اإلعانة على الحرام فإنه إعانة على المكروه وموجبة

لتماديهم في الغنىوعلى أي فاإلسالم ينهي عن هكذا سؤال.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )مسألة الناس من(.74الفواحش()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سأل عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم، ومن سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ووجهه

(.75عظم يتقعقع ليس عليه لحم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سأل الناس وعنده قوت ثالثة

(.76أيام لقى الله يوم يلقاه وليس على وجهه لحم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما من عبد فتح على نفسه بابا من

(.77المسألة إال فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن المسألة ال تحل إال لفقر مدقع

(.78أو غرم مفظع() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )السؤال عن ظهر غنى: صداع في

(.79الرأس وداء في البطن() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سأل الناس أموالهم تكثرا،

(.80فإنما هي جمرة، فليستقل منه أو ليستكثر() وكان )صلى الله عليه وآله وسلم( غالبا يأمر بالتعفف عن السؤال

ويقول: )من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله ومن لم يسألنا فهو(.81أحب إلينا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما قل من السؤال فهو خير( قالوا: ومنك يا رسول الله؟ قال: )ومني ولو أن أحدكم أخذ حبال فيأتي

بحزمة حطب على ظهره فيبيعها ويكف بها وجهه خير له من أن يسأل((82.)

وتدري لم السؤال مكروه حتى من النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(؟ إنه يوجب مهانة النفس وضعف الثقة بالذات، أما من يعتمد على نفسه، ويلقي بذاته في ضوضاء العمل فإنه قلما يفشل، ولو كان

179

العمل االحتطاب واالحتشاش أما رأيت عميانا يعملون؟ إنهم لثقتهم بأنفسهم وصلوا إلى هذا الحد وأمام نظري اآلن صورة رجل عمي

بالجدري في الرابعة من عمره ومع ذلك فهو يعد من أكبر الكتاب اآلنوله كتب جنى منها ثروة طائلة.

وقال اإلمام السجاد )عليه السالم(: )ضمنت على ربي انه ال يسأل أحدأحدا من غير حاجة، إال اضطرته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة(

(83.) ونظر )عليه السالم( يوم عرفة إلى رجال ونساء يسألون فقال: )هؤالءشرار خلق الله!! الناس مقبلون على الله، وهم مقبلون على الناس()

84.) وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )اقسم بالله وهو حق: ما فتح رجل

(.85على نفسه باب مسألة إال فتح الله عليه باب فقر() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من سأل من غير حاجة فكأنما

(.86يأكل الجمر() واإلسالم يكره السؤال مطلقا ولو سؤال عن المال باستثناء العلم، (87الذي مدح السؤال فيه كما قال تعالى: )... فسئلوا أهل الذكر...() وذلك ألن اإلسالم يريد من الناس النشاط والعمل واالعتماد على

النفس واالعتزاز بالذات أما السؤال عن السؤال وإلقاء النصب عليهمفهو خالف الرجولة والمروءة.

روي: )انه جاء فخذ من األنصار إلى رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( فسلموا عليه فرد عليهم السالم فقالوا: يا رسول الله إن لنا إليك حاجة؟ فقال: هاتوا حاجتكم، فقالوا: إنها حاجة عظيمة؟ فقال:

هاتوها ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة! فنكس رأسه ثم نكث في األرض ثم رفع رأسه، فقال: أفعل ذلك بكم على أال تسألوا أحدا

(.88شيئا() فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول

إلنسان: ناولنيه، فرارا من المسألة وينزل فيأخذه ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه، فال يقول: ناولني حتى يقوم

فيشرب. وبايع )صلى الله عليه وآله وسلم( قوما على اإلسالم، فاشترط عليهم السمع والطاعة ثم قال )صلى الله عليه وآله وسلم( لهم خفية: )وال

تسألوا الناس شيئا.. فكان بعد ذلك تقع المخصرة من يد أحدهم،فينزل لها، وال يقول ألحد: ناولنيها(.

وقد حدثني سماحة السيد محسن الحكيم )دام ظله(: )انه كان بخدمة الميرزا الشيرازي الثاني الشيخ ميرزا محمد تقي )رحمه الله(، حين

تشرفه إلى السهلة، ومعه جم غفير، قال: ولما خرج من المسجد ومشى ما يقرب من غلوة سهم وإذا به يرجع قافال وسألوا عنه: هل

180

من حاجة؟ فلم يقل شيئا حتى وصل إلى مكانه الذي بارحه + من المسجد + وإذا به قد نسي شيئا هناك فأخذه وخرج إلى مقصده وكان

ذلك منه )رحمه الله( كراهية أن يكلف أحدا ولو بمثل هذا التكليفالبسيط(.

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(:)طلب الحوائج إلى الناس استالب للعز مذهبة للحياء، واليأس مما في أيدي الناس عز للمؤمن في دينه،

(.89والطمع هو الفقر الحاضر() وقد يأخذ بعض الناس + وخصوصا األغنياء + هذه األحاديث حجة لبخلهم

وعدم إعطائهم للفقير والسائل شيئا. ( وقوله تعالى:90فليتذكروا هؤالء قوله تعالى: )وأما السائل فال تنهر()

( وقوله تعالى:91)وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم()(.92)وأطعموا القانع والمعتر()

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تردوا السائل ولو(.93بشق تمرة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لوال أن السائل يكذب ما قدس(.94من رده()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )للسائل حق وان جاء على فرس()95.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تردوا السائل ولو بظلف(.96محترق()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )لو يعلم السائل ما عليه من الوزرما سأل أحد أحدا ولو يعلم المسؤول ما عليه إذا منع ما منع أحد أحدا()

97.)فهناك تكليفان:

+ الشخص أن ال يسأل.1 + المسؤول أن ال يمنع.2

أما أن يعتذر به البخالء من أن الفقراء يكذبون ويلفقون لذلك قصصا وخرافات فليس ذلك إال التستر وراء المعاذير تبريرا لموقفهم السلبي

وشحهم الكامن وهل ليس في السائلين من ال يملك شيئا وقد اضطرتهالظروف إلى السؤال؟.

يقال: )إن فقيرا سأل غنيا فنهره وبعد أيام تفقده الغني وإذا به فيغرفته ميتا من الجوع وقد أغلق على نفسه الباب!!(.

.100 + 99 + سورة المؤمنون: آية 1.3/36 + جامع السعادات: 2، الهامش.3/36 + جامع السعادات: 2/336 + أصول الكافي: 3.3/36 + جامع السعادات: 4

181

.201 + سورة البقرة: آية 5.7 + سورة الروم: آية 6.3/36 + جامع السعادات: 7.3/37 + جامع السعادات: 459 + مكارم األخالق: 8.3/37 + جامع السعادات: 9

، نحوه.3/38 + جامع السعادات: 465 + مكارم األخالق: 10.3/38 + جامع السعادات: 11.3/37 + جامع السعادات: 12.100 + 99 + سورة المؤمنون: آية 13.3/40 + جامع السعادات: 14.3/40 + جامع السعادات: 15.3/40 + جامع السعادات: 16.3/40 + جامع السعادات: 17.3/40 + جامع السعادات: 18.3/40 + جامع السعادات: 19.3/40 + جامع السعادات: 20.3/40 + جامع السعادات: 21.3/40 + جامع السعادات: 22.3/40 + جامع السعادات: 23.3/40 + جامع السعادات: 24.3/41 + جامع السعادات: 25.3/41 + جامع السعادات: 26.3/41 + جامع السعادات: 27.3/41 + جامع السعادات: 28.3/42 + جامع السعادات: 29.3/42 + جامع السعادات: 30.3/42 + جامع السعادات: 31 نحوه.3/45 + جامع السعادات: 453 + مكارم األخالق، 32.1/237 + جامع السعادات: 2/337 + أصول الكافي: 33.1/237 + جامع السعادات: 2/336 + أصول الكافي: 34.1/238 + جامع السعادات: 35.54 + سورة آل عمران: آية 36.1/346 + جامع السعادات: 37.1/347 + جامع السعادات: 2/301 + أصول الكافي: 38.1/347 + جامع السعادات: 2/301 + أصول الكافي: 39.1/347 + جامع السعادات: 2/302 + أصول الكافي: 40.1/349 + جامع السعادات: 41

182

.1/349 + جامع السعادات: 42.1/349 + جامع السعادات: 43.1/349 + جامع السعادات: 44.1/349 + جامع السعادات: 45.1/349 + جامع السعادات: 46.1/349 + جامع السعادات: 2/360 + أصول الكافي: 47.1/349 + جامع السعادات: 2/323 + أصول الكافي: 48.1/349 + جامع السعادات: 49.1/349 + جامع السعادات: 2/325 + أصول الكافي: 50.1/349 + جامع السعادات: 2/325 + أصول الكافي: 51.1/350 + جامع السعادات: 2/359 + أصول الكافي: 52.1/350 + جامع السعادات: 53.1/349 + جامع السعادات: 470 + مكارم األخالق: 54.1/350 + جامع السعادات: 2/327 + أصول الكافي: 55.1/351 + جامع السعادات: 56.1/350 + جامع السعادات: 2/323 + أصول الكافي: 57.1/350 + جامع السعادات: 2/325 + أصول الكافي: 58.1/350 + جامع السعادات: 2/327 + أصول الكافي: 59.1/350 + جامع السعادات: 60.1/350 + جامع السعادات: 2/360 + أصول الكافي: 61.1/351 + جامع السعادات: 2/360 + أصول الكافي: 62.1/355 + جامع السعادات: 2/361 + أصول الكافي: 63.1/355 + جامع السعادات: 2/361 + أصول الكافي: 64.1/354 + جامع السعادات: 65.1/354 + جامع السعادات: 66.11 + سورة فصلت: آية 67.2/507 + أصول الكافي: 68.1/354 + جامع السعادات: 69.1/354 + جامع السعادات: 2/508 + أصول الكافي: 70.1/355 + جامع السعادات: 71.1/354 + جامع السعادات: 72.119 + سورة األنعام: آية 73.2/97 + جامع السعادات: 74.2/97 + جامع السعادات: 75.2/97 + جامع السعادات: 76.2/98 + جامع السعادات: 77.2/98 + جامع السعادات: 78

183

.2/98 + جامع السعادات: 79.2/98 + جامع السعادات: 80.2/98 + جامع السعادات: 81.2/98 + جامع السعادات: 82.2/99 + جامع السعادات: 83.2/99 + جامع السعادات: 84.2/99 + جامع السعادات: 137 + مكارم األخالق: 85.2/99 + جامع السعادات: 86.43 + سورة النحل: آية 87.2/98 + جامع السعادات: 88.2/99 + جامع السعادات: 89.10 + سورة الضحى: آية 90.25 + 24 + سورة المعارج: اآليتان 91.36 + سورة الحج: آية 92.2/99 + جامع السعادات: 93.2/99 + جامع السعادات: 94.2/99 + جامع السعادات: 95.2/99 + جامع السعادات: 96.2/99 + جامع السعادات: 97

184

الثالث الفصلاالسالمية االخالق مكارم

االول: الباباألمر بالمعروف

إسعاف المريض معروف..وإعطاء الفقير معروف..وحسن الخلق معروف..

وتعليم الجاهل معروف...وإرشاد الضال معروف..

والصدق، واألمانة، والحياء، والسخاء، والصدقة، والغيرة، والشجاعة معروف.. والصالة، والصيام، والحج، والزكاة، والخمس، والجهاد،

واالعتكاف معروف. والزواج، وصلة الرحم، وبر الوالدين، والضيافة، والهدية، وحسن الجوار معروف.. أليست هذه أمور حسنة؟. والعقل

يحكم: إن األمر بالحسن حسن أترى إنك لو أمرت الممرضة بإسعاف المريض الست تمدح عند العرف والعقل؟. أو أمرت الثري باعطاء

الفقير؟ أو ما أشبه. واإلسالم + الذي هو مجمع الفضائل + ال يغفل هذه الناحية العامة من

الحياة السعيدة إنه يأمر الناس بأن يأمروا بالمعروف، حتى يشيعالمعروف في المجتمع كما إنه يأمر أيضا: بالنهي عن المنكر.

وما هو؟.المنكر: هو القتل..المنكر: هو الظلم..

المنكر: هو السرقة..المنكر: هو الزنا...المنكر: هو الربا...

المنكر: هو الشتم والسب والقذف واإلهانة وسوء الخلق...المنكر: هو القمار واللواط، وسحق النساء والقيادة والدياثة...

المنكر: هو الكذب، والخيانة، والغش، وأكل أموال الناس بالباطل...المنكر: هو ترك الصالة ومنع الزكاة وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم.

وحيث أن المجتمع ال يخلو من مجرمين يتعدون الحدود وينتهكون الحرمات فقد أوجب اإلسالم ردعهم، وأمرهم بالمحاسن وشدد في

ذلك أكبر تشديد. وقد أبدع اإلسالم في هذا المجال، ويظهر ذلك بالمقايسة إلى القوانين األرضية إن القانون إنما يوجب التنفيذ على أناس خاصة ولذا ترى خرق

القوانين، حيث ال تبصر عين السلطة أهون من الماء.

185

أما اإلسالم المبدع + وكل حكم في اإلسالم إبداع + فقد أوجب األمربالمعروف والنهي عن المنكر على الكل.

اسمع إلى هذه اآلية المباركة: )كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون(.1بالمعروف وتنهون عن المنكر()

واسمع إلى هذا الحديث: قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ما أعمال البر عند الجهاد في سبيل الله إال كنفثة في بحر لجي! وما جميع أعمال البر والجهاد في سبيل الله عند األمر بالمعروف

(.2والنهي عن المنكر إال كنفثة في بحر لجي!() وألي سبب هذا؟ إنه واضح جدا: فبالجهاد يشق الطريق أمام أعمال

البر..وطبعا يكون الجهاد أفضل من أعمال البر. ثم.. الجهاد إلبتداء أعمال البر، أما االستمرار بها فإنما يكون باألمر

بالمعروف والنهي عن المنكر. أترى، لو أن حكومة وضعت القوانين، وأجرتها بالقوة. فهل ينفع ذلك

في استمرار الناس باتباع المنهج؟ كال! فاالستمرار يحتاج إلى قوة دائمة: إذا: فاألمر والنهي اللذان هما عماد االستمرار أفضل من الجهاد

الذي هو بدء السير. ولهذا السبب نفسه يفضل اإلسالم مداد العلماء على دماء الشهداء فإن مداد العالم يوجب بقاء الدين، ولواله لذهب دم الشهيد أدراج

اإلهمال. فالمداد امتداد لدم الشهيد وإال فما قيمة الدم إذا اندرس ماألجله جاهد الشهيد؟.

أرأيت لو لم تكن هذه الكتب التي يعتمد عليها الفقهاء والمسلمون أجمعون فماذا الذي كان يوصل أقوال النبي )صلى الله عليه وآله

وسلم( واألئمة )عليهم السالم( إلى الناس بعد وفاتهم )عليهم السالم( وحيث ذاك يندرس الدين، ويرجع الناس الى الجاهلية، فتذهب دماء

أهل بدر واحد واألحزاب. شذر مذر. وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: إياكم والجلوس على

الطرقات قالوا: ما لنا بد منها. إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: فإذا أبيتم إال ذلك فأعطوا الطريق

حقه، قالوا: وما حق الطريق؟. قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: غض البصر، وكف األذى، ورد

(.3السالم، واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر()واسمع إلى هذا الحديث وما أعجبه من حديث؟!

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما بعث الله نبيا إال وله حواري، فيمكث النبي بين أظهرهم ما شاء الله يعمل فيهم بكتاب الله وبأمره حتى اذا قبض الله نبيه، مكث الحواريون، يعملون بكتاب الله وبأمره

وبسنة نبيهم، فإذا انقرضوا كان من بعدهم قوم يركبون رؤوس المنابر يقولون ما يعرفون، ويعملون ما ينكرون، فإذا رأيتم ذلك فحق على كل

186

مؤمن جهادهم بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه(.4وليس وراء ذلك إسالم()

إنه تحريض على تنزيه جهاز التبليغ والتوجيه فإنه إذا فسد أفسد وليس بعد ذلك من خير أبدا.. وما أوجب النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(

في قبال هؤالء؟.الجهاد!

وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )إن من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرىء. ومن أنكره بلسانه فقد أوجر وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله العليا، وكلمة الظالمين السفلى، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام

(.5على الطريق، ونور في قلبه اليقين() وقال )عليه السالم(: )فمنهم: المنكر للمنكر بقلبه ولسانه ويده فذلك

المستكمل لخصال الخير. ومنهم: المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده. فذلك متمسك بخصلتين من

خصال الخير ومضيع خصلة. ومنهم: المنكر بقلبه، والتارك بيده ولسانه فذلك الذي ضيع أشرف

الخصلتين من الثالث وتمسك بواحدة. ومنهم: التارك إلنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت اإلحياء. وما

أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند األمر بالمعروف، والنهيعن المنكر، إال كنفثة في بحر لجي.

وان األمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ال يقربان من أجل وال ينقصانمن رزق.

(.6وأفضل من ذلك كلمة عدل عند إمام جائر() وقد نبه اإلمام )عليه السالم( إلى حقيقة، تسد الطريق أمام

المعتذرين. فإنهم يعتذرون بالخوف من القتل أو ما أشبه وقلة الرزق المسببة من انصراف الناس عن األمر الزاجر لكنه كذب في القول وفرار عن الحق

باألهم.فهل رأيت آمرا يقتل أو زاجرا ينقص رزقه؟

ولعلك تقول: ألم يقتل اإلمام الحسين )عليه السالم( حين خرج إلى كربالء مريدا األمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ والجواب: إنه لما

خرج الحسين من المدينة خائفا كخروج موسى )عليه السالم( خائفا يتكتم، ولم كان الخوف؟ من شياطين بني أمية الذين أمروا بسفك دمه

ولو كان متعلقا بأستار الكعبة! ولإلمام الباقر )عليه السالم( كالم ظريف حول هذين الواجبين جمع العلة والدليل، قال )عليه السالم(: )إن األمر بالمعروف والنهي عن

المنكر سبيل األنبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض،

187

وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر األرض،وينتصف من األعداء ويستقيم األمر!

فانكروا بقلوبكم.وألفظوا بألسنتكم.وصكوا بها جباههم.

وال تخافوا في الله لومة الئم. فإن اتعظوا والى الحق رجعوا فال سبيل عليهم: )إنما السبيل على

الذين يظلمون الناس ويبغون في األرض بغير الحق اولئك لهم عذاب(.7اليم()

هنالك.. فجاهدوا بأبدانكم وابغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا وال باغين ماالوال مريدين لظلم ظفرا حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته()

8.) واإلسالم ينهي أشد النهي عن ترك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر

والتهاون والمداهنة فيهما فإن في ذلك زيغ المجتمع عن سنن العدلوتحريف الشرائع عن نصابها وجنوح المبطلين إلى العبث والنساء.

يقول القرآن الكريم: )لوال ينهاهم الربانيون واألحبار عن قولهم اإلثم(.9وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم، فلم يفعل إال يوشك أن

(.10يعمهم الله بعذاب من عنده() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله تعالى ليبغض المؤمن الضعيف الذي ال دين له فقيل له: ما المؤمن الذي ال دين له؟ قال

(.11)صلى الله عليه وآله وسلم(: الذي ال ينهي عن المنكر() وقيل له )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أتهلك القرية وفيها الصالحون؟

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: نعم. قيل: بم يا رسول الله؟ قال: (. وقال )صلى الله عليه وآله12بتهاونهم، وسكوتهم عن معاصي الله()

وسلم(: )لتأمرن بالمعروف ولتنهين عن المنكر أو ليستعملن عليكم(.13شراركم فيدعو خياركم فال يستجاب لهم()

وهذه األحاديث مع الغض عن األمور ما وراء الطبيعة، تدل على مدى مطابقتها للواقع وللبراهين والحوادث: إن المنكر هو الشيء الضار

بالمجتمع والفرد.. فشرب الخمر يوجب المرض، والزنا يوجب الفسادالعام، والمقامرة توجب العداوة.. وهكذا!

فإذا ترك النهي عن المنكر في مجتمع، ال بد وأن ينهار، واالنهيار هو العذاب، فإن العذاب ليس منحصرا في الصاعقة أو نحوها أنظر إلى

هذه اآلية: )قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من(.14تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض...()

188

فاآليات: شيعا وعذابا في عداد الصاعقة والخسف! أما الدعاء.. كما في الحديث األخير، فله شرائط، وهل ينفع دعاء بال

شروط.. أرأيت من يدعو أن يثريه الله أو يمأل صدره علما.. بغير تعبوعمل وطلب، يجاب دعاؤه؟.

(. ولكن قال في15قال تعالى: )وقال ربكم ادعوني أستجب لكم...()آية أخرى:

(.16)... وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم...() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله تعالى ليسأل

(.17العبد: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكر() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله تعالى ال يعذب الخاصة بذنوب العامة حتى يظهر المنكر بين أظهرهم وهم قادرون على أن

(.18ينكروه فال ينكروه() وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )إنما هلك من كان قبلكم، حيث عملوا بالمعاصي ولم ينههم الربانيون واألحبار عن ذلك.. وأنهم

لما تمادوا في المعاصي، ولم ينههم الربانيون واألحبار عن ذلك نزلت(.19بهم العقوبات. فأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر()

وقال )عليه السالم(: )من ترك إنكار المنكر بقلبه، ويده، ولسانه فهو(.20ميت بين اإلحياء()

وهناك أناس ال يتمكنون من شجب المنكر لضعف في مقامهم أو كالمهم أو ما أشبه. فهل يمرون بالمنكر وكأنه ال شيء؟ كال! بل يلزم عليهم باإلضافة إلى إنكار القلوب، كلح الوجه أمام المنكر، فإنه مرتبة

من مراتب اإلنكار. قال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )أمرنا رسول الله )صلى الله

(.21عليه واله وسلم( أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة() لكن ليس معنى ذلك أن يلقى اإلنسان كل آت بالمنكر كذلك، فإنه ربما

يزيده إصرارا وعنادا، بل البشر الحسن القرين بالقول اللين أنجح في كثير من الموارد، فعلى المريد أمرا وزجرا أن يكون حكيما في

التطبيق فقول اللين ال ينفع لمن ال بد له من العصا، والعصا ال تنفع لمن يلزم ان يقال له لين الكالم، وبين الناس من ال ينفعه إال العصا

وقول اللين، اسمع إلى هاتين اآليتين:(.22)فقوال له قوال لينا لعله يتذكر أو يخشى()

(.23)قال ألقها يا موسى() وقد أشار اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم( إلى عصر إنحطاط

المسلمين في كل دور وزمان فقال )عليه السالم(: )إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد: الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم! فمن لم

(.24يعرف بقلبه معروفا، ولم ينكر منكرا، قلب، فجعل أعاله أسفله()

189

وهكذا يتدرج المجتمع إلى اإلنحطاط يحدث المنكر، فينكر بيد، ثم يترك، ثم ينكر بلسان، ثم يترك، ثم ينكر بقلب، حتى يكون مألوفا فال

يعرف كونه منكرا وهناك العقاب!. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما قدست أمة لم يؤخذ لضعيفها

(.25من قويها بحقه غير متعتع() وقال )عليه السالم(: )ويل لقوم ال يدينون الله باألمر بالمعروف،

(.26والنهي عن المنكر() وهناك أناس يظنون أنه يكفيهم صالح أنفسهم، فما لهم والدخول في المجتمع، حتى يبتلوا بتلوثه ويكلفوا باألمر والنهي؟ ولذا يمشون ناحية

ويبتعدون عن الناس. لكن.. اإلسالم ال يرضى بذلك، بل يريد من كل إنسان، أن يدخل

المجتمع، فيقوم المعوج، ويأمر ويزجر، وإال كان شريكا في اإلثم، وانكان هو طاهر الذيل، نزيه القلب، ونظيف الجوارح.

قال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )أوحى الله عز وجل إلى شعيب النبي )عليه السالم( إني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من

شرارهم، وستين ألفا من خيارهم، فقال )عليه السالم(: يا رب هؤالء األشرار، فما بال األخيار، فأوحى الله عز وجل إليه: داهنوا أهل

(.27المعاصي، ولم يغضبوا لغضبي() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )حق لي أن آخذ البريء منكم

بالسقيم، وكيف ال يحق لي ذلك؟ وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح(.28فال تنكرون عليه وال تهجرونه، وال تؤذونه حتى يتركه()واسمع إلى هذا الحديث، وهو أشد لهجة من سابقه:

قال )عليه السالم(: )ألحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم ما يمنعكم إذا بلغ الرجل منكم ما تكرهون، وما يدخل علينا به األذى: أن تأتوهفتؤنبوه، وتعذلوه وتقولوا له قوال بليغا؟ قيل له: إذا ال يقبلون منا.

(.29قال )عليه السالم(: اهجروهم واجتنبوا مجالستهم()وبعد هذا كله.. فكم ترى منكرا في المجتمعات اإلسالمية؟

وان كنت ال تدري فاستمع:األغاني.. دور السينما.. المالهي..الخمور، الزنا، القمار.

التبرج. وعدد أكبر إلى آخر المحرمات.وكم قدر ما نقوم باألمر والزجر؟.

انه ال شيء إطالقا!صلة الرحم

اإلسالم حبذ الصلة + إطالقا + كما مر بنا في الفصل المتقدم.إذا: فمن حقه أن يوجب صلة الرحم + بالخصوص +

ومن الرحم؟.

190

إنه الذي جمعك وإياه رحم واحدة قريبة: كاإلخوة واالخوات، أو متوسطة كاألعمام واألخوال، أو بعيدة كسائر من يمت اإلنسان اليهم

بصلة. واألرحام ال بد وان يتقاربوا في الجوار، أو في الدار أو في الكسب،

أوفي المدينة أو ما إليها ألنهم اشتقوا من فرع واحد. والى جنب ذلك: ال بد وان تكون بينهم إحن وعداوات وسوابق أليسوا

بشرا أو ليس البشر إنما يسري شره إلى األقرب منه فاألقرب.ولهذين العاملين: قرب الجوار.. والغضاضة ال بد وأن تقع بينهم هنات.

ولذا يسرع اإلسالم إلى التوصية الكافية باألرحام بصورة عامة منناحيتين:

إيجابية: فيلزم أن يتواصلوا، ويتباروا، ويتراحموا ويتفقد بعضهم بعضا. وسلبية: فيحرم القطيعة بشتى أشكالها، ويوجب غسل القلوب عن

ضغائن ربما تستشري بينهم فال تدع وال تذر. وبعد ذلك، فالصلة تعود بالنفع الكبير إلى األرحام أنفسهم أليست

الرحم عضد الرحم وساعدها؟ ومحل سرها ونجواها؟ والتي تحن علىاإلنسان حنوا ذاتيا؟ فيتم القطيعة؟.

يقول القرآن الحكيم: )واعبدوا الله وال تشركوا به شيئا وبالوالدين(.30إحسانا وبذي القربى()

ويقول: )... واتقوا الله الذي تساءلون به واالرحام إن الله كان عليكم(.31رقيبا()

ويقول: )والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل.. اولئك لهم عقبى(.32الدار()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أعجل الخير ثوابا(.33صلة الرحم()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أوصي الشاهد من أمتي والغائب، ومن في أصالب الرجال وأرحام النساء، إلى يوم القيامة ان يصل

(.34الرحم وان كان منه على مسيرة سنة، فإن ذلك من الدين()مسيرة سنة؟.

نعم: إن اإلسالم يبالغ حتى في مسيرة سنة، كي ال تقطع الرحم، وهيفي البلدة، فبقدر بعد المرمى يستعد الرامي ويجمع قواه.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سره النسأ )التأخير( في(.35األجل والزيادة في الرزق، فليصل رحمه()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن القوم ليكونون فجرة، وال يكونون بررة فيصلون أرحامهم، فتنمى أعمالهم وتطول أعمارهم،

(.36فكيف اذا كانوا أبرارا بررة؟() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الصدقة بعشرة، والقرض بثماني

(.37عشرة، وصلة اإلخوان بعشرين، وصلة الرحم بأربع وعشرين()

191

إنها صدقة، وصلة أخ، وصلة رحم، فلم ال تكون بأربعة وعشرين؟. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سره أن يمد الله في عمره،

وأن يبسط في رزقه، فليصل رحمه، فإن الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق يقول: يا رب صل من وصلني واقطع من قطعني، فالرجل ليرى بسبيل خير، إذا أتته الرحم التي قطعها، فتهوي به في أسفل قعر في

(.38النار() والمد في العمر، والبسط في الرزق، طبيعي إلى درجة ما، فإن

الوصول هادئ النفس، مرتاح الخاطر، والطمأنينة القلبية تبعث علىالعمر الطبيعي كما تفرغ اإلنسان للمكسب.

وقيل للرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: أي الناس أفضل؟. فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أتقاهم لله، وأوصلهم للرحم،

(.39وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن القوم ليكونون فجرة وال

يكونون بررة فيصلون أرحامهم فتنمي أموالهم وتطول أعمارهم فكيف(.40اذا كانوا أبرارا بررة()

وهل تدري أفضل الفضائل؟. اسمعه من لسان الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( يقول )صلى

الله عليه وآله وسلم(: )أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك وتعفو عمن

(.41ظلمك()وهل نتمكن من ذلك؟.

نعم. بعد جهد جهيد!! فإن اإلنسان قابل لكل فضيلة كما إنه قابل لكل ثروة وجاه، ولكن هل يبلغ الجاه األقصى من كسل ولم يعمل أو يثرى

الثروة القصوى من نام عن العمل؟ إن الثروة تأتي بعد سهر ليلونهار، والجاه يتحصل بعد جد وجهد.

فهل تحصل األخالق الفاضلة، وباألخص )أفضل الفضائل( في ظرفساعة، أو مطالعة كتاب؟ إنه ظن خاطئ وإن ظنه كثير من الناس!!. إن من الناس من يرى نفسه كاملة، وهذا من يرثى لحاله فهو جاهل

جهال مركبا، ويصدق في حقه قولة حمار الحكيم:قال حم+++++++ار الحكي+++++م يوما لو أنصف الدهر كنت أركب

فإنن+++++ي جاه+++++++ل بسي++++++ط وصاحبي ج+اهل م+++++++ركب ومنهم: من يرى نفسه ناقصة، ولكن ال يهتم بالكمال أو يهتم بقدر وهذا

أحسن من أخيه األول إال إن الفارق بينه وبين اإلنسان كبير جدا. ومنهم: من يرى نفسه ناقصة، وال يزال يهتم باإلصالح + وهذا نادر + إال

انه ينطبق عليه قول الشاعر:ال ت+قول+++++ن مضت أيام+++++ه إن من جد على الدرب وصل

وفي المقام...

192

هل نتحصل أفضل الفضائل؟ نعم بعد جهد جهيد ومن يقدر على انيصل من قطعه! أو يعطي من حرمه! أو يعفو عمن ظلمه!؟

وهل يعود النفع إلى الطرف المقابل فقط؟ كال! إن النفع الذي يجنيه الوصول المعطي العافي. من هذه الخصال أكثر بكثير من النفع الذي

يربحه القاطع المانع الظالم انه ينفع + أوال + ودا في القلوب، وثناء على في األلسنة، وصيتا في المجتمع وينفع + ثانيا + راحة القلب وهدوء

الخاطر، وارتياح الضمير.(.42)وما يلقاها إال الذين صبروا وما يلقاها إال ذو حظ عظيم()

واإلسالم ال يكلف الناس فوق طاقتهم، فال يريد من ذي الرحم الفقير، أن يبذل ماال، أو ينفق نفقة إنه يكتفي ولو بالسالم فإن سالم المعوز

يقوم مقام ثراء المثري. قال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )صلوا أرحامكم ولو بالسالم

يقول الله تبارك وتعالى: )واتقوا الله الذي تساءلون به واألرحام إن(.44( )43الله كان عليكم رقيبا()

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إن الرحم متعلقة يوم القيامةبالعرش.

(.45تقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني() وقال )عليه السالم(: )صلة األرحام تحسن الخلق، وتسمح الكف،

(.46وتطيب النفس، وتزيد في الرزق، وتنسئ في األجل() وقال )عليه السالم(: )صلة االرحام تزكي األعمال، وتنمي األموال

(.47وتدفع البلوى، وتيسر الحساب، وتنسئ في األجل() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )صلة الرحم، والبر، ليهونان

الحساب، ويعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم، وبروا بإخوانكم، ولو(.48بحسن السالم ورد الجواب()

وقال )عليه السالم(: )صلة الرحم تهون الحساب، يوم القيامة وهي(.49منسأة في العمر، وتقي مصارع السوء()

وقال الباقر )عليه السالم(: )صلة الرحم، وحسن الجوار: زيادة في(.50األموال()

وانظر إلى هذا الحديث الصريح، مما ال يدع ليد التأويل في األخبارالسابقة مجال.

قال )عليه السالم(: )إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثالث سنين، فيصيرها الله عز وجل ثالثين سنة، ويقطعها وقد بقي من عمره

ثالثون سنة في+++صيرها الله ث+++الث سنين ث+++م ت++++ال )عليه السالم(:(.52( )51)يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب()

أما قطع الرحم، فقد جعل اإلسالم له لعنا وبيال وعذابا أليما. أليس األلفة، والوداد من قواعد المجتمع الذي يبني )عليه اإلسالم( كل

خير وازدهار؟ وأليست االرحام هي القطعة الكبرى أللف المجتمع

193

بعضه مع بعض: أبوان. فعائلة. فأرحام. فاجتماع. والمجتمع ال يصح إال اذا صحت االرحام واالرحام ال تتشابك إال اذا اشتبكت العائلة بعضها مع بعض، والعائلة ال تتشابك إال اذا صلح األبوان.. واإلسالم يؤكد على كل

ذلك، ويتوعد ترك الصلة والود، فيما بين مرتبة من هذه المراتب،واستمع إلى الوعيد والتهديد، في لسان اآليات واألخبار:

يقول القرآن الحكيم: )والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في األرض اولئك لهم

(.53اللعنة ولهم سوء الدار()(.54ويقول: )... وتقطعوا أرحامكم()

وقال رسول اإلسالم العظيم )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أبغض األعمال إلى الله الشرك بالله، ثم قطيعة الرحم، ثم األمر بالمنكر،

(.55والنهي عن ا لمعروف()وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تقطع رحمك وإن قطعتك()

56.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال تعالى: أنا الرحمن وهذه

الرحم شققت لها إسما من إسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها(.57قطعته()

و االشتقاق انما هو االشتراك في المادة فكل منهما )ر. ح. م( ومعنى المادة التراحم والتعاطف. ولعل تسمية رحم األنثى أيضا لهذه العلة،

بعالقة الحال والمحل، أو بعالقة األول أو ما أشبه! وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حافتا الصراط + يوم القيامة +

الرحم واألمانة فإذا مر الوصول للرحم المؤدي لألمانة نفذ إلى الجنة، وإذا مر الخائن لألمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل، ويكفأ به

(.58الصراط في النار()ما أبدع التشبيه؟.

إن طرفي الشارع لو وقف فيها أعداء المسلمون هل يمكن المرور منالشارع؟.

كال! وبالعكس: لو كان على الطرفين األصدقاء األوفياء إنهم وإن رامهعدو بشر حفظوه وكذلك هاتان الفضيلتان.

وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء!(، فقام إليه عبد الله بن الكواء اليشكري، فقال: يا أمير

المؤمنين أو تكون ذنوب تعجل الفناء؟. فقال: )نعم ويلك! قطيعة الرحم، إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون،

وهم فجرة فيرزقهم الله. وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم(.59بعضا، فيحرمهم الله وهم أتقياء()

أتقياء بالنسبة إلى سائر المآثم، أما القطيعة فهم من أهلها ومرتكبيجريمتها.

194

وقال )عليه السالم(: )إذا قطعت األرحام، جعلت األموال في أيدي(.60االشرار()

وقال اإلمام محمد الباقر )عليه السالم(: )في كتاب علي )عليهالسالم( ثالث خصال ال يموت صاحبهن + أبدا + حتى يرى وبالهن:

+ البغي.1 + وقطيعة الرحم.2 + واليمين الكاذبة يبارز الله بها.3

وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم وإن القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمو أموالهم ويثرون، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم

لتذران الديار بالقع من أهلها ويثقالن الرحم وان التثقـل في الرحم(.61انقطاع النسل()

جاء رجل إلى اإلمام الصادق )عليه السالم( فشكا أقاربه، فقال )عليه السالم( له: أكظم، فقال: انهم يفعلون ويفعلون..! فقال: أتريد ان

(.62تكون مثلهم، فال ينظر الله اليكم؟() وال يغفل اإلسالم عن حقيقة مجربة، وهي: إن التجاور يوجب القطيعة

في غالب الناس، ولذا فمن األفضل ان ال يتجاور األرحام خوفا منالوقوع في هذا اإلثم العظيم.

كتب اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم( إلى بعض عماله: )مروا(.63األقارب أن يتزاوروا وال يتجاوروا()وهنا قصة ظريفة ال بأس بإيرادها:

قص لي بعض من توطن الغرب من المسلمين، قال: )مرض ذات مرة ابن خال لي فذهبنا به إلى المستشفى وكنت أختلف إليه، كما هو عادة

المسلمين. فحدث أن سألني + ذات مرة + جماعة من األهالي، عن سبب اختالفي إلى المستشفى بهذه الكثرة، فقصصت لهم القصة، قال: ثم رأيتهم ال يميزون بين ابن الخال والخال، وابن العم والعم

فيطلقون لفظا واحدا على كال الطائفتين فاستغربت، وكنت أعلم أن في اللغة لفظين للمعنيين كسائر اللغات. لكنهم لما رأوا استغرابي

اعتذروا: بأن نسيان اللغة نتيجة عدم االرتباط بين هذه الطبقات البعيدة! وهل يحتاج المرء إلى أزيد من أبويه وإخوانه.. أما األباعد فهم

كسائر الناس، إن جمعهم مادة أو صداقة أو ما إليهما فهو، وإال فأيماحاجة إلى إطالق خاص عليهم!(.

ومن هذه القصة + على بساطتها + تتجلى حقيقة هامة، وهي ان اإلسالم له اليد الطولى في بناء المجتمع الصحيح، فكما إن الدار ال تبنى إال

باستمساك بعض أجزائها مع بعض استمساكا متينا، كذلك المجتمع ال يتشابك تشابكا صحيحا يشوبه العطف والحنان واأللفة والتعاون إال إذا

تشابك كل جزء منه تشابكا وثيقا باألجزاء االخرى. ولذا ترى اإلسالم يقرره + بكل مناسبة + عطفا وودا وألفة وحقوقا: من جار أو صديق، أو

195

شريك أو رحم + حتى إلى أربعين ظهر + أو مصاهرة أو رضاع أو ما أشبه وحيث ال يجد أي ارتباط بجعل ربط الدين كافيا في إيجاب

( وبعد ذلك: )والناس... أو شبيه64الحقوق: )إنما المؤمنون إخوة...()لك في الخلق(.

ولذا ترى السعادة في ظل اإلسالم فقط بينما ال تجد في ظل غيره إال(.65الشقاء والتعاسة)

بر الوالدين إنك إن حكم عليك بالشنق فأنقذك رجل منه فكم تقدره؟ وألست ترى

نفسك رهينة إحسانه ما دمت حيا؟.نعم تراه أنت ويراه كل ذي ضمير!

ثم لنا أن نتساءل: ولم هذا التقدير؟. والجواب: إن الرجل المنقذ حفظ الشخص المحكوم عليه باإلعدام فله حق الحياة على المحكوم عليه، وحيث ان الحياة أجل من جميع النعم

فشكر المحسن بها يلزم أن يكون أجزل من جميع أنحاء الشكر. إن معنى إنقاذ الحياة أن المحكوم عليه رهين إحسان المنقذ في كل

لحظة من لحظات حياته أال يحق له شكره في كل آن؟. إن هذا المنطق الواضح يدل على مدى لزوم اإلحسان إلى الوالدين

بمقايسة بسيطة، وهي إن المنقذ من اإلعدام لو استحق كل تجلة واحترام فاألبوان اللذان سببا حياة الشخص من أولها إلى آخرها

يستحقان أضعاف ذلك اإلحسان. أرأيت الفرق الواضح بين من وهبك دارا وبين من أنقذ دارك من يد

غاصب؟.إن األول أحق بالشكر من الثاني.

وهذا هو الفرق بين من أعطاك حياة وبين من أنقذ حياتك. ولذا نرى اإلسالم + اإلسالم العظيم العارف بالحقوق + يمنح الوالدين

قسطا كبيرا من اإلحسان واإلكرام، ووجوب الطاعة واإلتباع وحتى لو كانا مشركين! والمشرك بنظر اإلسالم معلوم حاله + وحتى لو جاهدا

إلشراك الولد فإن اإلسالم ال يمنعهما رفده والتوصية بهما: )وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فال تطعهما وصاحبهما

(.66في الدنيا معروفا...()هكذا يقول القرآن الكريم.

ويقول: )واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما(.67ربياني صغيرا()

(.68ويقول: )واعبدوا الله وال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا...()ويقول... ويقول.

وفي األحاديث كثرة هائلة للتوصية بالوالدين وبرهما والحذر منمعصيتهما وعقوقهما.

196

قال رس+++ول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ب+++ر الوال++++دينأف+++ضل من الصالة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله()

69.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أصبح مرضيا ألبويه، أصبح له

(.70بابان مفتوحان إلى الجنة()وانظر إلى هذا الحديث، ومدى اهتمام اإلسالم برضا األبوين:

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )جاء رجل إلى النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( فقال: يا رسول الله، من أبر؟ قال: أمك.. قال: ثممن؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك()

(.. )وأتاه رجل آخر، وقال: إني رجل شاب نشيط وأحب الجهاد،71 ولي والدة تكره ذلك، فقال له النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(:

ارجع، فكن مع والدتك، فو الذي بعثني بالحق، ألنسها بك ليلة، خير من(.72جهاد في سبيل الله سنة..!()

وهكذا يقدر اإلسالم األبوين، ويفضل انس األم بابنها ليلة على الجهاد في سبيل الله سنة.. وما هو الجهاد؟ الجهاد الذي يقول فيه اإلسالم:

)ما أعمال البر عند الجهاد في سبيل الله إال كنفثة في بحر لجي(. لكن من الخطأ أن يظن الظان، ان هذه المقايسة بين انس األم

والجهاد... إنما هي بالنسبة إلى الجهاد الواجب العيني، فإن الواجب العيني ال يسقط بأمر مندوب كانس األم + وانما يراد بالجهاد: الجهاد

الكفائي! حيث يوجد من فيه الكفاية.وهل تريد شاهدا لذلك؟.

اقرأ قول الله عز وجل: )قل ان كان آباؤكم.. أحب إليكم من الله(.73ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا...()

ويروي اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إنه جاء رجل إلى رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(، فقال: يا رسول الله، أوصني، فقال: ال

تشرك بالله شيئا، وإن حرقت بالنار، وعذبت، إال وقلبك مطمئن باإليمان ووالديك.. فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن

(.74تخرج من أهلك ومالك فافعل، فإن ذلك من اإليمان() وهنا تنبيه ال بأس بإيراده، وهو: انه ربما يقال: ان المراد بالخروج من

األهل، طالق الزوجة، لكنه بعيد جدا عن مبادئ اإلسالم الحكيمة.. وليس في لفظ الحديث الطالق، وإال لكان من الممكن ان يقال: وان

أمراك بطالق زوجتك... إذا فالمراد من الخروج عن األهل: االبتعادعنهم لغاية.

وروى اإلمام الصادق )عليه السالم( قال: )ان رسول الله )صلى الله عليه واله وسلم(: أتته أخت له من الرضاعة، فلما نظر إليها سر بها،

وبسط ملحفته لها فأجلسها عليها، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها! ثم قامت فذهبت فجاء أخوها، فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل: يا

197

رسول الله، صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل؟؟! فقال: ألنها(.75كانت أبر بوالديهما منه()

إن الجار يستحق من االحترام ما ال يستحقه غير العباد.. وهو منطقي في نفسه، باإلضافة إلى إنه متالئم مع طبيعة اإلسالم، فإن فاعل

المعروف لو رأى من المجتمع: اإلحسان، وفاعل المنكر: اإلهانة، كانذلك محفزا على فعل الخير واإلقالع عن الشر أكثر فأكثر!

وقيل لإلمام الصادق )عليه السالم(: )أي األعمال أفضل؟ قال )عليه(.76السالم(: الصالة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله()

وقال له رجل: )إن أبي قد كبر جدا وضعف، فنحن نحمله إذا أرادالحاجة؟.

فقال: إن استطعت ان تلي ذلك منه، فافعل، ولقمه بيدك فإنه جنة لك(.77غدا()

وهل يخص اإلسالم بر الوالدين بما إذا كانا مسلمين مؤمنين؟كال! إن األبوين تحمال ما تحمال، فليبرهما، سواء كانا عارفين أم ناكرين. قال رجل لإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن لي أبوين مخالفين؟ فقال

(.78)عليه السالم(: برهما كما تبر المسلمين ممن يتوالنا() وقال رجل لإلمام الرضا )عليه السالم(: )أأدعو لوالدي إذا كانا ال

يعرفان الحق؟ قال )عليه السالم(: أدع لهما وتصدق عنهما، وان كانا حيين ال يعرفان الحق، فدارهما. فإن رسول الله )صلى الله عليه وآله

(.79وسلم( قال: إن الله بعثني بالرحمة ال بالعقوق() واإلسالم الذي يعتقد بالدار اآلخرة، مثل ما يعتقد بالدار الدنيا يرى بر

الوالدين بعد مماتهما، مثل ما يرى برهما في حياتهما. قال )عليه السالم(: )ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين

ويصلي عنهما ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذيصنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيده الله عز وجل ببره وصالته خيرا كثيرا(

(80.) ثم الدنيا دار مكافأة، فمن عمل عمال خيرا وشرا، عمل به مثله + غالبا +

فمن أحسن إلى أبويه وبرهما، أحسن إليه أوالده وبروه، ومن عقهما وأساء اليهما تلقى الكيل بالكيل، والصاع بالصاع.. وهذا ما يمكن

لإلنسان الفحص عنه فاسأل اآلباء؟ فمن قال + صادقا + انه بر بوالديهرأيت أوالده يبرونه.. والعكس صحيح.

أليس من الجدير باإلنسان + والحال هذه + أن يبر بالوالدين رجاء ثواباآلجل والعاجل؟

هذا لمن ال يحفزه ضميره على مقابلة إحسان الوالدين باإلحسان أما من له ضمير نقي ووجدان صحيح فالثواب شيء إضافي حتى انه لو لم

يكن لزم عليه اإلحسان كفاء لما أسدى األبوان إليه من معروفوأتعاب.

198

أما العقوق فهو بنظر اإلسالم من أكبر الجرائم! وكيف ال يكون كذلك والحال إنه مقابلة اإلحسان باإلساءة؟ فعقابه ضعف. إنه لم يشكر

النعم.. ثم قابلها بالكفران.. إن اإلسالم ال يرضى بعدم الشكر فكيفيرضى بالكفران؟.

وقد نهى اإلسالم عن أقل مراتب العقوق وهو كلمة أف فحرم أنيقابل األبوين بهذه الكلمة

)وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبرأحدهما أو كالهما فال تقل لهما أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما()

81.) وفي التخصيص بحال الكبر، مع إن العقوق محرم إطالقا، بيان نكتة

وهي إن الكبير النحراف خلقه + كثيرا ما يتطلب فوق حقوقه ويتخاشنبغير حق، فما أجدره بالنهر، وبالكلمة النابية التي توقفه عند حده!

لكن اإلسالم ال يرضى بذلك بل: )قل لهما قوال كريما( ال هذا فحسب. بل: أجر معهما مجرى المتواضع المتطلب، كما كنت أبان صغرك ونشاطهما )واخفض لهما جناح الذل

(.82من الرحمة...()أما األحاديث في باب العقوق فكثيرة كثرة هائلة.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كن بارا واقصر على(.83الجنة، وإن كنت عاقا فاقصر على النار()

ويروي اإلمام الباقر )عليه السالم( عن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( انه قال: )إياكم وعقوق الوالدين! فإن ريح الجنة توجد من

مسيرة ألف عام، وال يجدها عاق، وال قاطع رحم، وال شيخ زان، وال جار(.84إزاره خيالء إنما الكبرياء لله رب العالمين()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أصبح مسخطا أبويه، أصبح له(.85بابان مفتوحان إلى النار()

وقال الباقر )عليه السالم(: )إن أبي + يعني اإلمام زين العابدين )عليه السالم( + نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي، واالبن متكئ على ذراع

(.86األب! فما كلمه أبي مقتا له، حتى فارق الدنيا() وال بد ان نحمل هذا الحديث على ان االبن كان مصرا على هذه الرذيلة

وإال فالتائب من الذنب كمن ال ذنب له.. وعلى أي: فداللة هذا الخبر على جرم العقوق، كبيرة جدا فاالتكاء على ذراع األب مقت يستحق المقاطعة من اإلمام الذي هو معدن اللطف واإلحسان فكيف بسائر

أقسام العقوق؟. ومن الناس من يزعم: إن العقوق يحتاج إلى لفظ كأن يقول األب: أنت

عاق ولكنه ظن خطأ فإنما العقوق كل ما يؤذي األبوين وإن تحمالهبرحابة!

واسمع إلى هذا الحديث:

199

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من نظر إلى أبويه نظر ماقت،(.87وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صالة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة

عام إال صنفا واحدا، فقيل له: من هم؟ قال )عليه السالم(: العاق(.88لوالديه()

وروي: )إن أول ما كتب الله في اللوح المحفوظ: إني أنا الله ال إله إال أنا، من رضي عنه والداه فأنا عنه راض، ومن سخط عليه والداه فأنا

عليه ساخط(. وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كل المسلمين يروني يوم القيامة إال عاق الوالدين، وشارب الخمر، ومن سمع إسمي ولم

(.89يصل علي() والظاهر أنه يراد بعدم الصالة عليه )صلى الله عليه وآله وسلم( تركها

تعنتا وكبرياء، فإن الصالة مندوبة عند المشهور من الفقهاء. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )لو علم الله شيئا هو أدنى من أف

لنهى عنه وهو أدنى العقوق ومن العقوق ان ينظر الرجل إلى والديه،(.90فيحد النظر إليهما()

وسئل اإلمام الكاظم )عليه السالم(: )عن الرجل يقول إلبنه أو ابنته: بأبي أنت وأمي، أو: بأبوي أترى بذلك بأسا؟ فقال: ان كان أبواه حيين،

(.91فأرى ذلك عقوقا، وإن كانا قد ماتا فال بأس() وفي حديث قدسي: )بعزتي وجاللي وارتفاع مكاني، لو أن العاق

(.92لوالديه يعمل بأعمال األنبياء جميعا لم أقبلها منه() وهذا الحديث ربما يثير الدهشة ابتداء، لكن في القرآن الكريم ما يدل

( وهل العاق متق؟ كال! اذا ال93عليه: )إنما يتقبل الله من المتقين...()يقبل الله منه ولو بلغت ضخامة عمله كل مبلغ.

وبعد هذا لنا أن نتساءل: كم من األوالد يبرون آباءهم في هذا العصر؟. والجواب: واحد من مائة.. لم؟ ألن مناهج الغرب تبعث على العقوق إن

البر من الفضائل الروحية والغرب ال يؤمن + عمليا + إال بالمادة فكيف يعمل بما للروح من مثل وفضائل؟ وهذا هو سر نضوب األخالق + بتمام

معنى الكلمة + عن قاموس الغرب والمستغربين.

.110 + سورة آل عمران: آية 1.2/238 + جامع السعادات: 2.2/238 + جامع السعادات: 3.2/238 + جامع السعادات: 4.2/238 + جامع السعادات: 5.2/238 + جامع السعادات: 6

200

.42 + سورة الشورى: آية 7.2/239 + جامع السعادات: 8.63 + سورة المائدة: آية 9

.2/233 + جامع السعادات: 10.2/233 + جامع السعادات: 11.2/233 + جامع السعادات: 12.2/234 + جامع السعادات: 13.65 + سورة األنعام: آية 14.60 + سورة غافر: آية 15.40 + سورة البقرة: آية 16.2/234 + جامع السعادات: 17.2/234 + جامع السعادات: 18.2/234 + جامع السعادات: 19.2/234 + جامع السعادات: 20.2/234 + جامع السعادات: 21.44 + سورة طه: آية 22.19 + سورة طه: آية 23.2/234 + جامع السعادات: 24.2/234 + جامع السعادات: 25.2/235 + جامع السعادات: 26.2/234 + جامع السعادات: 27.2/235 + جامع السعادات: 28.2/235 + جامع السعادات: 29.36 + سورة النساء: آية 30.1 + سورة النساء: آية 31.22 + 21 + سورة الرعد: آية 32 ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/121 + بحار األنوار: 33

2/259. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/105 + بحار األنوار: 34

2/259. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/121 + بحار األنوار: 35

2/259. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/126 + بحار األنوار: 36

2/259. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/104 + بحار األنوار: 37

2/259.

201

، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/130 + بحار األنوار: 382/260.

.2/260 + جامع السعادات: 39.2/259 + جامع السعادات: 2/155 + أصول الكافي: 40 ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/101 + بحار األنوار: 41

2/260..35 + سورة فصلت: آية 42.1 + سورة النساء: آية 43 ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/104 + بحار األنوار: 44

2/260. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/115 + بحار األنوار: 45

2/260. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/114 + بحار األنوار: 46

2/260. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/111 + بحار األنوار: 47

2/260. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/131 + بحار األنوار: 48

2/260. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/132 + بحار األنوار: 49

2/260.، ب: صلة الرحم.74/97 + بحار األنوار: 50.39 + سورة الرعد: آية 51، ب: صلة الرحم.74/93 + بحار األنوار: 52.25 + سورة الرعد: آية 53.22 + سورة محمد: آية 54.2/257 + جامع السعادات: 55 ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/104 + بحار األنوار: 56

2/257..2/257 + جامع السعادات: 57 ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/105 + بحار األنوار: 58

2/257. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/137 + بحار األنوار: 59

2/257. ، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/137 + بحار األنوار: 60

2/257..2/257، ب: صلة الرحم + جامع السعادات: 74/99 + بحار األنوار: 61

202

، ب: صلة الرحم + جامع السعادات:74/137 + بحار األنوار: 622/258.

.2/258 + جامع السعادات: 63.10 + سورة الحجرات: آية 64 + انظر: دع القلق لديل كارنيجي كي ال تتعجب من هذه الكلمة65

الجريئة وانظر غيره ممن يتعرضون إلى كيفية العيش في البالد غيراإلسالمية.

.15 + سورة لقمان: آية 66.24 + سورة اإلسراء: آية 67.36 + سورة النساء: آية 68.2/264 + جامع السعادات: 69.2/264 + جامع السعادات: 70 ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/47 + بحار األنوار: 71

2/264. ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/59 + بحار األنوار: 72

2/264..24 + سورة التوبة: آية 73.2/264 + جامع السعادات: 2/158 + أصول الكافي: 74 ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/55 + بحار األنوار: 75

2/265. ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/85 + بحار األنوار: 76

2/265..2/265 + جامع السعادات: 2/162 + أصول الكافي: 77 ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/56 + بحار األنوار: 78

2/265. ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/47 + بحار األنوار: 79

2/265..2/265 + جامع السعادات: 2/159 + أصول الكافي: 80.23 + سورة اإلسراء: آية 81.24 + سورة اإلسراء: آية 82.2/262 + جامع السعادات: 2/348 + أصول الكافي: 83 ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/62 + بحار األنوار: 84

2/262..2/262 + جامع السعادات: 85 ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/64 + بحار األنوار: 86

2/262..2/262، جامع السعادات: 2/349 + أصول الكافي: 87

203

.2/263، جامع السعادات: 2/348 + أصول الكافي: 88.2/263 + جامع السعادات: 89 ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/64 + بحار األنوار: 90

2/263. ، ب: بر الوالدين واألوالد + جامع السعادات:74/69 + بحار األنوار: 91

2/263..2/263 + جامع السعادات: 92.27 + سورة المائدة: آية 93

204

الثاني: الباب

حسن الخلق الصفات الحسنة تجمعها ملكة في النفس تبعث على االستقامة في

كل مورد وتسمى تلك ب+ )حسن الخلق( كما إن الصفات الذميمةتشملها صفة عامة هي )سوء الخلق(.

واإلسالم كما يحث على كل صفة صفة من الفضائل ويزجر عن كل صفة صفة من الرذائل. كذلك يحرض على تجميع الصفات الحسنة

وينهي عن تجميع الصفات الذميمة. وهذه الصفة أعني )حسن الخلق( من أشد الملكات الحسنة صعوبة

على النفس إذ طيب الكالم وحسن الجوار والرفق والمداراة وحسن العشرة، وما إليها كلها تتحمل مسؤولية نفسها أما حسن الخلق فإنه

يتحمل مسؤولية جميع الصفات.ولذا ورد في مدحه الشيء الكثير:

قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( + ألم حبيبة +:)إن حسن الخلق(.1ذهب بخير الدنيا واآلخرة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسل+م(: )إن حسن الخ+لق يبلغ بصاحب+ه(.2درج+ة الصائ+م القائ+م()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أكثر ما تلج به أمتي الجنة، تقوى(.3الله، وحسن الخلق()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفاضلكم: أحسنكم أخالقا(.4الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حسن الخلق خلق الله األعظم()5.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أحبكم إلي وأقربكم مني(.6مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الخلق الحسن يميت الخطيئة،( ومعنى يميت الخطيئة: يذيبها.7كما تميت الشمس الجليد()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن ال+عب+++د ليبلغ ب+حسن خ+++لقه(.8عظيم درجات اآلخرة وأشرف المنازل وإنه يضعف العبادة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ما يوضع في ميزان امرئ يوم(.9القيامة أفضل من حسن الخلق()

وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يا بني عبد المط+++لب إنكمل+++ن ت+++سعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطالقة الوجه وحسن البشر()

10.)

205

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله استخلص هذا الدين لنفسه، وال يصلح لدينكم إال السخاء وحسن الخلق أال فزينوا دينكم

(.11بهما() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ثالث من لم يكن فيه واحدة منهن

فال يعتد بشيء من علمه: تقوى تحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف (. وسألته أم حبيبة: عن12به السيئة، وخلق يعيش به في الناس()

امرأة، يكون لها زوجان في الدنيا، فتموت ويموتان، ويدخالن الجنةأليهما هي؟ فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إنها ألحسنهما خلقا()

13.) وقد مثل )صلى الله عليه وآله وسلم( لحسن الخلق وسوء الخلق أروع

األمثلة: قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: لما خلق الله اإليمان قال: اللهم قوني! فقواه بحسن الخلق والسخاء. ولما خلق الله الكفر، قال:

( فاإليمان يتقوى بحسن14)اللهم قوني! فقواه بالبخل وسوء الخلق() الخلق والسخاء، ولم ال يكون كذلك؟ أليسا من اإليمان. والكفر يتقوى

بسوء الخلق والبخل، ولم ال يكون كذلك؟ أليسا من رغبات النفسوالشيطان.

وال يقف األمر عند هذا الحد، بل فوق ذلك إن األخالق السيئة ال بد وأن تجر اإلنسان إلى النار، قيل للنبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: إن

فالنة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال خير فيها هي من أهل

( ولم ال؟ أليست األذية محرمة والحرام يجر إلى النار.15النار() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن العبد ليبلغ من سوء خلقه

(.16أسفل درك جهنم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سوء الخلق ليفسد العمل كما

(.17يفسد الخل العسل() (18وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سوء الخلق ذنب ال يغفر()

ألنه ال يقلع صاحبه عنه فيموت عاصيا. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أبى الله عز وجل لصاحب الخلق السيء بالتوبة! قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: ألنه إذا تاب من

( إنه يتوب من إيذائه أهله، ويتوب19ذنب وقع في ذنب أعظم منه() من ذلك فيقع في إيذاء أبويه... وهكذا.. وليس هذا من الترتيب العقلي

بل الترتيب الطبعي الخارجي، ولذا فليس له غفران إال باالنقالع عنأصل سوء الخلق.

وفي كالم األئمة )عليهم السالم( الشيء الكثير عن هذين الوصفين. قال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم

(.20خلقا()

206

وقال )عليه السالم(: )أتى رجل رسول الله )صلى الله عليه وآلهوسلم(

فقال: يا رسول الله أوصني فكان في ما أوصاه أن قال: إلق أخاك(.21بوجه منبسط()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما يقدم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس

(.22بخلقه() وقال )عليه السالم(: )البر وحسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في

(.23األعمار() وقال )عليه السالم(: )إن الله تبارك وتعالى، ليعطي العبد من الثواب

على حسن الخلق، كما يعطي المجاهد في سبيل الله، يغدو عليه(.24ويروح()

وقال )عليه السالم(: )ثالث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله لهالجنة: اإلنفاق من إقتار، والبـشر لجميع العالم، واإلنصاف من نفسه()

25.) وقال )عليه السالم(: )صنائع المعروف وحسن البشر، يكسبان المحبة

ويدخالن الجنة، والبخل وعبوس الوجه، يبعدان من الله ويدخالن النار()26.)

إلى غير ذلك من األحاديث الكثيرة.اإليثار

اإلنسان قد يجود بشيء من مال أو كساء أو غذاء وهو غني عن ذلك وهذا هو الجود الممدوح عند العقل والشرع وقد يجود اإلنسان بشيء

وهو محتاج إليه وهذا أفضل من األول ألنه جاد عن ظهر غنى، وهذا جاءعن واقع حاجته، ويعبر عن هذه الخصلة ب+ )اإليثار(.

وما أجملها من صفة وأكرمها من فضيلة: انه يعطي ما يحتاج إليه! وكمبين هذا الشخص وبين من ال يعطي وهو ال يحتاج!.

واإلسالم يؤكد على اإليثار تأكيدا بليغا ويعد عليه من الثواب والجزاء ماال يجده لألسخياء يقول القرآن الحكيم في الثناء على هؤالء:

(.27)ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أيما إمرىء اشتهى

(.28شهوة فرد شهوته وآثر على نفسه، غفر له() وسئل عن الصادق )عليه السالم(: أي الصدقة أفضل؟ قال )عليه

السالم(: )جهد المقل، أما سمعت قول الله عز وجل: )ويؤثرون على أنفسهم

(.29ولو كان بهم خصاصة() إن المقل الذي يجهد فيبذل ما عنده لمرضاة الله وبه خصاصة واحتياج

لهو من أفضل الناس إنه آثر غيره على نفسه.

207

وقد كان النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( وعلي والزهراء واألئمة )عليهم السالم( من أروع األمثلة لإليثار فقد كانوا يؤثرون على أنفسهم

بقوتهم ولباسهم ومسكنهم وضياعهم مما هو مذكور في كتب السير والتواريخ فعلى المسلم أن يقتدي بهم: )لقد كان لكم في رسول الله

(.30اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم اآلخر()اإلصالح

الدنيا ناقصة من يوم كونت، وكذا شاء الله تعالى: شاء لها النقص،ليمتحن العباد وليبلوهم أيهم أحسن عمال.

ناقصة من حيث األعمار واألثمار، ناقصة من حيث العمل والحركة،ناقصة من حيث الصفات والملكات...

وال تزال موجة من السحب إلى الوراء، تجتاح العالم، في كل وقت وزمان، فكل كمال يؤول إلى النقص، وكل كون يؤوب إلى الفساد..

ولذا سمى الحكماء الدنيا ب+ )عالم الكون والفساد(. أرأيت كيف إن الهواء والشمس تجعل النبات األخضر هشيما تذروه

الرياح؟.أرأيت كيف إن اإلنسان يجعل له من بعد قوة ضعفا وشيبة؟.

أرأيت كيف إن الغذاء يتحول إلى قاذورات؟.أرأيت كيف إن الحيوان بعد بهجة الحياة تطرأ عليه وحشة الموت؟.

وهكذا و... وهكذا.والدنيا تحتاج إلى اإلصالح في جميع شؤونها:

فعمارة األرض بالبناء والبساتين وشق األنهار وحفر اآلبار وتعبيد الطرقوإيجاد وسائل الزراعة والتبليط: إصالح..

وتعليم الجاهل وتنبيه الغافل وإرشاد الضال وهداية الزائغ: إصالح. ونشر الفضيلة واجتثاث جذور الرذيلة وبث الخلق الحسن:

إصالح.وتنظيم األمور وإقامة الدولة الصالحة وتعديل المعوج منالقوانين: إصالح.

وجمع كلمة الناس وتوحيد األهواء نحو الحق وتنظيم الصفوف: إصالح. وكفاح الجهل والفقر والمرض واإللحاد حتى يسود العلم والغنى

والصحةواإليمان: إصالح..

و. و. و: إصالح. وقد أكد اإلسالم على اإلصالح بكل أنحائه ولكل نحو من أنحاء اإلصالح

باب خاص في الشريعة اإلسالمية:(.31يقول القرآن الحكيم: )... وال تفسدوا في األرض بعد إصالحها...()

(.32ويقول: )... فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم...() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضل الصدقة صالح

(.33ذات البين()

208

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فان(.34الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة()

وقال اإلمام الص+++ادق )عليه السالم(: )صدقة ي+++حبها الله تعال++++ى:(.35إصالح بين ال+++ناس إذا تفاسدوا، وت+++قارب بينهم إذا تباعدوا()

وفوق ذلك:إن اإلسالم يحرص على اإلصالح وإن أدى ذلك إلى الكذب.

إلى الكذب؟..نعم.. إلى الكذب، ولكن بقدر.

أرأيت لو كان بين قبيلتين خصام، ولو لم تكذب كذبة أدى إلى قتال وإهراق دماء ألم يكن األفضل أن تفدى الدماء واألعراض بكذبة

مصلحة؟. قال اإلمام الصادق )عليه السالم( إلبن عمار: )أبلغ عني: كذا وكذا )في

أشياء أمر بها(. قال ابن عمار: فأبلغهم عنك، وأقول عني ما قلت لي وغير الذي

قلت؟.(.36قال: نعم إن المصلح ليس بكذاب()

كما ان اإلسالم يؤكد على اإلصالح ولو لم يتم إال بصرف مال من أموالاإلمام )عليه السالم(.

قال اإلمام الصادق )عليه السالم( للمفضل: )إذا رأيت بين اثنين من(.37شيعتنا منازعة فافتديها من مالي()

الصدق الصدق حسن محبوب حتى عند الكاذب نفسه، وهو ممدوح وإن تركه

الناس، كما أن العلم ممدوح حتى عند الجهال وإن تركه الناس. وهو مرآة النفس النزيهة، فالصادق يكشف عن نزاهة نفسه، وطهارة

روحه وسالمة ما انطوت عليه أضالعه، فليس فيه أي التواء أو اعوجاج، بل هو مستقيم استقامة البان، عطر كالزهرة الفواحة نير كالمصباح

المتأللىء. هذا هو الصدق عند الجميع، ال فرق بين المؤمن والجاحد والكبير

والصغير، والشريف والوضيع، والملك والسوقة. فضيلة قلما تتوفر في إنسان، إال رفعته إلى أوج السعادة النفسية

وذروة الكمال الذاتي، ومنتهى مراقي اإلنسانية. نعم، ربما يجر الصدق إلى الصدوق ويالت، ولكن ال يفتىء األمر حتى

يجر إليه أضعاف اإلساءة: اإلحسان، وأضعاف الشر: الخير. وليس بين الصدق والكذب إال أن الصدق ملكة بعد جهد، والكذب

استرسال عفوي ال يحتاج إلى أكثر من ترك النفس وهواها.كما أن بين العلم والجهل نفس النسبة.

وكما ال يرضى إنسان أن يكون جاهال، فال يرضى أن يكون كذوبا.

209

وإذا حاسبنا الكذوب، وقلنا له: لم تكذب؟. أجاب: بأنه يريد بقاء ماء وجهه. أو در ربح أكثر. أو دفع ضرر محتمل أو

مقطوع. أو ما أشبه. هذا ما يريد هو؟ ولكن هل يصح زعمه؟ كال! بل الغالب: ان الكذوب

ليس بمتجنب ماء الوجه واألضرار التي ترد عليه أكثر من األضرارالواردة على الصدوق.

يقال: إن رجال أجرم، فالحقته السلطة مدة مديدة، لكنها لما يئست أخيرا من الظفر به، فاستشارت جماعة من الباطنة؟ قالوا: إن له أبا

صدوقا، فلو أرسلت إليه واستعلمتيه، علمك بمكانه + إن كان األببنفسه يعلم مكانه +.

فاستحضرته، واستعلمته؟ فقال: ان ابني في البيت الكذائي، متخففي بعض سراديبه.

ولما أرسلت السلطة بعض الشرطة، ظفروا به، كما قال أبوه فشخص عند السلطة، لكنها تعجبت من صدق مقالة أبيه، حتى على ضرر ولده،

وصار ذلك سببا للعفو عن الولد، وتحسين الوالد وإكرامه.هذه قضية وهناك قضايا، كلها تشير على فوائد الصدق.

ولم يقولوا جزافا: )النجاة في الصدق(. ولهذا ترى اإلسالم يؤكد على الصدق أكبر تأكيد، ويحث الناس على

مالزمته، ولو كان مظنة ألضرار يسيرة وقد رصد حشدا كبيرا منالمدح والثناء على الصادقين.

يقول القرآن الكريم: )من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله(.38عليه...()

(.39ويقول: )يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وكونوا مع الصادقين()(.40ويقول: )الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين...()

ويقول: )... ولكن البر من آمن بالله واليوم اآلخر... اولئك الذين(.41صدقوا...()

ويقول: )إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله... اولئك هم(.42الصادقون()

إلى غيرها.. من اآليات.. وقال رسول اإلسالم العظيم )صلى الله عليه وآله وسلم(: )تقبلوا إلي بست، أتقبل لكم بالجنة: إذا حدثتم فال تكذبوا. وإذا وعدتم فال تخلفوا،

وإذا أئتمنتم فال تخونوا.. وغضوا أبصاركم. وكفوا أيديكم وألسنتكم.(.43واحفظوا فروجكم()

قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما يزال الرجل يصدق(.44ويتحرى عن الصدق، حتى يكتبه الله صديقا()

ومعنى ليصدق: يستمر في الصدق، ال أنه يصدق مرة أو مرات.

210

وقال اإلم+++ام الصادق )عليه السالم(: )كون+++وا دعاة الن+++اس بالخير،(.45ب++غ+++ي++ر ألسنتكم، ليروا منكم االجتهاد.. والصدق.. والورع()

وال يخفى ما في هكذا نوع من الدعوة، من التأثير البليغ، بما ال يؤثر ألف مقول ويراع، فإن الناس جبلوا على اإلقتداء والتأسي، فإذا رأوا

عدوانا يعمل، عملوا.. وإذا رأوا شخصا تقيا ورعا صادقا، انتهجوامنهاجه، واقتفوا أثره، فاتقوا وتورعوا وصدقوا.

أما اذا رأوا من يدعوا إلى الصدق، ولكنه يكذب، أو يدعو إلى األمانة، ولكنه يخون. أو ما أشبه. قالوا: لو كان خيرا ما خالفه ولو كان حسنا ما

أتى بعده. ولذا حذر الق+++رآن الحكيم وال+++سنة من الدعوة الم+++جردة: )... لم

(.46تقولون ما ال تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما ال تفعلون() )لعن الله اآلمرين بالمعروف التاركين له، الناهين عن المنكر العاملين

به(. وقال االمام الصادق )عليه السالم(: )من صدق لسانه زكى عمله، ومن

حسنت نيته زيد رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته مد له في عمره()47.)

هذا هو اإلسالم الذي يجمع كل خير: صدق اللسان، وحسن النية، والبر باألهل، وهل هناك ما يشابه اإلسالم في هذه اآلداب الرفيعة ومئات

األلوف أمثالها؟! وقال )عليه السالم(: )ال تنظروا إلى طول ركوع الرجل، وسجوده، فإن

ذلك شيء اعتاده ولو تركه الستوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق(.48حديثه، وأداء أمانته()

ومن أغرب األحاديث هذا الحديث اآلتي. ولكنه غريب بادئ النظر، ال عند من عرف طبيعة اإلسالم الذي يهتم بالفضائل ويجعلها غاية بعثة

الرسول: انما بعثت ألتم مكارم األخالق، ثم يجعل المقام عند الله وعندالرسول، لمن ارتقى في مراقي األخالق الفاضلة.

وما هو الحديث؟.هذا، فاستمع...

قال اإلمام الصادق )عليه السالم( + لبعض أصحابه +: )انظر إلى ما بلغ به علي )عليه السالم( عند رسول الله )صلى الله عليه واله وسلم(

فالزمه. فإن عليا )عليه السالم( إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله(.49)صلى الله عليه وآله وسلم( بصدق الحديث وأداء األمانة()

ولعلك تقول: هذان أمران سهالن، يتمكن كل أحد من مالزمتهما، إذااجتهد قليال!

ولكن هذا مقالة من ال يعرف صعوبة مالزمة هذين في كل صغير وكبير، طيلة العمر، أما من يعرف ذلك يعلم أن مالزمة الصدق وأداء

األمانة أصعب من الجبال.

211

فمن يتمكن أن يصدق في كل مكان وزمان، وبكل صراحة ووضوحولكل خطير وصغير؟

أما األمانة، فاستمع إلى اآلية الكريمة: )إنا عرض+++نا األمانة على ال+++سماوات واألرض والج++++بال فأبين أن

(.50يحملنها وأشفقن منها وح+++ملها االنسان إنه كان ظلوما جهوال()حملها جاهال بثقلها، ثم ظلم نفسه، لعدم األداء.

وق++++ال االم++++ام الصادق )عليه السالم( + بصدد الصدق +: )إن اللهل+++م يبع++++ث نبيا، إال بصدق الحديث وأداء األمانة إلى البر والفاجر()

51.) وقال )عليه السالم(: )أربع من كن فيه كمل إيمانه + ولو كان ما بين

قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك +: الصدق... وأداء األمانة...(.52والحياء.. وحسن الخلق()

وكيف ال يضره كل نقص؟ إقرأ: (. وقوله تعالى )وهو الذي53)... إن الحسنات يذهبن السيئات...()

(.54يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات...() فمن منا يطيعه؟ قليل، بل أقل من القليل. فهل الصدق يسود

األسواق؟ أو هل الصدق له مكان في الدوائر؟ أو هل الصدوق يديردفة الحياة؟

أما من يدعي باإلسالم فشعاره:)اكذب.. ثم اكذب.. ثم اكذب.. حتى يصدقك الناس(

لكنه اشتبه، من كذب وكذب وكذب، عرف عند الناس بأنه كذوب، فاليقبلون حتى صدقه.

اإلخالص األرض إنما تعمر بالعمل... والنفوس إنما تستقيم بالعمل.. والحضارة

إنما تزدهر بالعمل.. والفضيلة إنما تحصل بالعمل.. والفضاء إنما تغزى بالعمل.. والمشاكل إنما تحل بالعمل.. إذا: فالعمل هو الجهاز الوحيد الذي يؤمن مختلف ميادين الحياة، ويعبد جميع طرق الدنيا واآلخرة.

ولكن.. كما أن في العملة صحيحا وزيفا، وكما أن من األرض، خصبة وسبخة.. كذلك من العمل ما هو ال يوصل إلى النتيجة المطلوبة، بل

كثيرا ما يوجب إنعكاس األمر، ومنه ما هو يؤدي إلى األمر المطلوب. أما العمل المزيف فهو العمل المرائى فيه، الذي يؤتى لسماع الناس

أو رؤيتهم. وأما العمل الصحيح فهو الذي يؤتى بقصد اإلخالص، وخدمة الحقيقة،

فحسب.والبون بين العملين )كبعد األرض من جو السماء(.

إن البناء لو بنى الدار بقصد أن يقال عنه: إنه بان ماهر، تراه ال يهتم بالحقيقة وإنما يبني ما ظهر وبان، وجلب انتباه الناس، أما األساس فهو

212

بمعزل عن قصده.. فال تمر إال أيام قالئل، وإذا بالدار تنهدم، والمبالغ المصروفة تكون وباال مزدوجا على صاحبها فإنه مضافا إلى ما خسر ولم يحصل على غاية طيبة يحتاج إلى استئجار عمال أو وسائل نقل،

الخراج األنقاض المنهدمة من أرضه ليبنيها من جديد! وهو بخالف الباني المخلص، فإنه يهتم باألساس اهتمامه بالمظاهر،

فيربح ربحا مزدوجا، عكس ذاك.وهكذا األمر، في جميع شؤون الدنيا واآلخرة.

ولذا نرى اإلسالم + الذي يحب الحق والحقيقة + أكد على اإلخالص في األعمال كلها، وكره الرياء كراهة عميقة، وطاردها حتى عما لو كانت

كدبيب النمل في الليل المظلم على الصفا الصلد.(55قال الله تعالى: )وما أمروا إال ليعبدوا الله مخلصين له الدين...()

(.56وقال تعالى: )أال لله الدين الخالص...() وقال تعالى: )إال الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم

(.57لله...() وقال تعالى: )فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صالحا وال يشرك

( ففي التفسير: إنها نزلت في من يعمل لله،58بعبادة ربه أحدا()ويحب أن يحمد عليه.

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )اخلص العمل، يجزك(.59منه القليل()

إن العمل الكثير من غير إخالص كالماء الكثير المالح، فهل ينفع أو يروي الغلة؟. إن الماء القليل العذب يروي بقدره، أما المالح الكثير،

فال يروي من الظمأ، بل يزيد العطش وهكذا العمل المخلص فيهبالنسبة للعمل الريائي.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما من عبد يخلص العمل لله(.60تعالى أربعين يوما، إال ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه() إن الذي يخلص + بتمام معنى الكلمة + في هذه المدة الطويلة ال بد

وأن يتلقى من اآليات الكونية، والدساتير الشرعية، قدرا ال بأس به من المعارف والحكم، فيكون قلبه كمعين عذب، ال بد وأن يجري منه على

لسانه. ولكن.. هل اإلخالص التام + وخصوصا أربعين يوما + يأتي ارتجاال وبدون

مقدمات؟ كال! إنه يحتاج إلى مجاهدات طويلة، حتى يتمكن اإلنسان: أن يأكل وينام ويلبس مخلصا.. ويتكلم ويتحرك ويسكن مخلصا.. ويقرأ

ويكتب وينظر مخلصا، ويعطي ويمنع ويقصد مخلصا.. وهكذا.وخصوصا يستمر اإلخالص التام، أربعين يوما.

وهل ترى ذلك عمال هينا؟ إنه تزول الجبال الرواسي، قبل هذا العمل الجهادي المضني.. فهل ترى بعد ذلك: يصح قول القائل: إني أخلصت فلم لم تجر الحكمة على لساني؟. أو فالن أخلص، فلم نراه كما نرى

213

سائر الناس؟. ولذا يقول األمام الباقر )عليه السالم(: )ما أخلص عبد اإليمان بالله أربعين يوما، إال زهده الله تعالى في الدنيا، وبصره داءها

ودواءها، وأثبت الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه(. و اإلخالص هو الذي ينبغي للمرء أن يهتم به.. فما فائدة طن من

الحصاء، إزاء مثقال من الماس؟ يقول االمام أمير المؤمنين )عليه(.61السالم(: )ال تهتموا لقلة العمل، واهتموا للقبول()

ويقول )عليه السالم(: )طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم

(.62يحزن صدره بما أعطي غيره() ويقول اإلمام الصادق )عليه السالم( في قول الله عز وجل: )...

(: )ليس يعني أكثركم عمال ولكن63ليبلوكم أي+كم أحسن عمال...() (. ثم قال64أصوبكم عمال، وإنما اإلصابة خشية الله، والنية الصادقة()

)عليه السالم(: )اإليفاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص: الذي ال تريد أن يحمدك عليه أحد، إال الله عز وجل،

والنية أفضل من العمل ثم تلى قوله عز وجل: )قل كل يعمل على(.66( يعني على نيته()65شاكلته...()

والذي يريد اإلخالص، احتاج بدء األمر إلى مراقبة دقيقة وتعب مستمر، فيالحظ كل عمل من أعماله، وينقدها نقد الصراف للدرهم المشكوك،

فإن رآه زيفا، طرحه، وإال حفظه.. وهكذا من يريد اإلخالص.. حتى يتيقن من حصول ملكة اإلخالص، وفي هذه الحال تقع األعمال منه

متصفة باإلخالص، عفويا، من غير إحتياج إلى دقة المراقبة. قال تعالى: )والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس وال يؤمنون بالله وال

(.67باليوم اآلخر...() أما الرياء.. وما أدراك ما الرياء، انه يسبب تبار العمل وفساده، ويذر

الحقائق بال تعب، ال يصلح دنيا، وال ينفع آخرة. أرأيت لو علمت أن المصلي يصلي رياء، فهل تقيم لصالته تلك وزنا؟ أو لو علمت أن الثري بنى داره الفخمة، ليقال عنه: إنه غني ذو مال، فهل

تراه نظيف القلب؟ كال! إن اإلنسان جبل على ذم الرياء والمرائي، وازدراء العمل المرائى فيه، ومن يأتي بذلك العمل.. هذا إضافة إلى

إن العمل لو كان رياء، ابتعد عن الحقيقة، وكان أقرب إلى النفاق، فالمزكي الذي يزكي رياء، ال يزكي إذ ال يراه أحد، ومن يبني ليقال

عنه: إنه ثري... ال يبني إذا علم عدم هذه المقالة في حقه. ولذا ترى اإلسالم يمقت الرياء، ويذم صاحبه، وينظر إلى عمله نظره

إلى السراب المخادع، وال يقيم لطاعاته وعباداته وزنا بل بالعكس يعدالمرائي كل عقاب وعذاب.

يقول القرآن الحكيم في ذم أناس: )... يراءون الناس وال يذكرون الله(.68إال قليال()

214

(.69ويقول: )... كالذي ينفق ماله رئاء الناس...() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أخوف ما أخاف عليكم: الشرك األصغر، قالوا: وما الشرك األصغر؟ قال )صلى الله

(.70عليه وآله وسلم(: الرياء() يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين، إذا جازى العباد بأعمالهم: )اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون لهم في الدنيا، فانظروا هل تجدون

(.71عندهم الجزاء؟() إنه شرك! ولم ال يكون شركا؟ أليس أشرك بالله تعالى غيره من

الذين ينظرون إلى عمله، ويأتي المرائي العمل لله ولهم؟. إذا: فليس لهم عند الله ثواب.. إنه يريد العمل الخالص، وعمل المرائي

ليس بخالص، وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إستعيذوا بالله من جب الحزن!! قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال )صلى الله عليه وآله

(.72وسلم(: واد في جهنم أعد للقراء المرائين() ومن هم القراء المراؤون؟ الذين يقرأون القرآن، رياء ال عبادة، وما

أكثرهم في هذا الزمان! وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يقول الله تعالى: من عمل لي

عمال، أشرك فيه غيري، فهو له كله، وأنا منه بريء، وأنا أغنى األغنياء(.73من الشرك()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يقبل الله تعالى عمال، فيه(.74مثقال ذرة من الرياء()

وكم مثقال الذرة؟ وما هي الذرة؟ الذرة: هي التي ترى في الشمس، اذا دخلت أشعتها الغرفة أو نحوها، من الكوة.. والمراد بالمثقال:

ثقلها.. فكم تقدر ثقل الذرة؟.(.75وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أن أدنى الرياء شرك()

أليس جعل الله وغيره شريكا في العمل؟ وإن كان المجعول لغيره مقدار واحد في عشرة آالف. وأليس من أعطى عشرة آالف إال واحدا

شريكا لمن أعطى واحدا ضمن ما أعطى األول؟ وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن المرائي ينادى عليه يوم

القيامة، يا فاجر! يا غادر! يا مرائي..! ضل عملك وحبط أجرك، اذهب(.76فخذ أجرك ممن كنت تعمل له()

وكان )صلى الله عليه وآله وسلم( يبكي! فقيل له: ما يبكيك؟ قال: )إني تخوفت على أمتي الشرك.. أما إنهم ال يعبدون صنما وال شمسا،

(.77وال قمرا، وال حجرا، ولكنهم يراؤون بأعمالهم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سيأتي على الناس زمان تخبث

فيه سرائرهم، وتحسن فيهم عالنيتهم، طمعا في الدنيا، ال يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم ري+++اء، وال يخال+++طهم خوف، يعمه+++م الله

(.78بع+++ق+++اب، فيدعونه دعاء الغريق، فال يستجيب لهم()

215

وما دعاء الغريق؟ انه دعاء المنقطع + بتمام معنى الكلمة + ومع ذلك اليستجاب له!.

وهل يستجاب دعاء من يلقي نفسه من شاهق، فيدعو في وسطالطريق + وهو يهبط + أن يحفظه الله من الوقوع!!.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به! فإذا صعد بحسناته، يقول الله عز وجل: إجعلوها في

(.79سجين، إنه ليس إياي أراد به() وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )اخشوا الله خشية ليست بتعذير، واعملوا بغير رياء وسمعة، فانه من عمل لغير الله وكله الله

(.80إلى عمله يوم القيامة() والفرق بين الرياء والسمعة: أن الرياء هو ان يعمل الشخص عمال

ليراه الناس، فيمدحوه أو يقع من نفوسهم موقعا حسنا.. والسمعة هي أن يعمل اإلنسان عمال، ليسمع بعمله الناس، من دون أن يروه فعال،

فيحصل على مدحهم وإعجابهم، وكالهما شرك، مذموم، ومعاقب عليه.أما هذه الرواية، فتنسف غالب األعمال الخيرية!

فمن منا من ال يذكر عمله؟استمع:

قال االمام الباقر )عليه السالم(: )اإلبقاء على العمل أشد من العمل.قيل: وما اإلبقاء على العمل؟.

قال )عليه السالم(: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده. ال شريك له، فتكتب له سرا، ثم يذكرها، فتمحى... فتكتب له عالنية، ثم يذكرها،

(.81فتمحى، فتكتب له رياء() نعم.. إن ذلك ال بد وأن يحمل: على ما اذا ذكرها مباهاة وافتخارا، أما اذا ذكرها لتشجيع الغير، من دون أن يخطر بخاطره المباهاة + وقليل

جدا من ال يخطر بخاطره + فذلك من اإلعانة على البر والتقوى. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )قال الله تعالى: أنا خير شريك،

(.82فمن عمل لي ولغيري، فهو لمن عمل له غيري() وهذا تشبيه ظريف: أليس الشريكان في التجارة، لو فوض الشريك

حصته إلى شريكه كان خير شريك؟.. وكذلك العمل الذي يؤتى به لله تعالى ولغيره + رياء + فالله سبحانه يفـوض حصته من العمل إلى

شريكه الذي روئي ألجله.إذا: فليأخذ المرائي ثوابه وأجره من ذلك الشريك.

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )كل رياء شرك، إنه من عمل(.83للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله()

وقال )عليه السالم( + لعباد البصري +: )ويلك يا عباد! إياك والرياء، فإنه(.84من عمل لغير الله وكله الله من عمل له()

216

قال )عليه السالم(: )اجعلوا أمركم هذا لله، وال تجعلوه للناس، فإنه ما(.85كان لله، فهو لله، وما كان للناس، فهو ال يصعد إلى الله()

ثم.. هل يحتاج الله إلى عمل حتى يقبل الرياء..؟ انه تعالى ال يحتاج إلى العمل الخالص فكيف بغيره.. لكنه سبحانه تطهيرا للنفوس وتنزيها

لها عن األوهام وما أشبه.. أمر بالعبادة ويثيب عليها، أما العملالخليط، فهو تعالى غني عنه:

يقول اإلمام الصادق )عليه السالم(: )قال الله تعالى: أنا أغنى األغنياء عن الشريك، فمن أشرك معي غيري في عمل، لم أقبله، إال ما كان

(.86لي خالصا() وقد أبى الله سبحانه لصاحب الرياء، إال أن يظهره على الناس، ويقلل

في أعينهم عمله بخالف ما كان له تعالى، فإنه يظهره للناس حسنا عظيما... أرأيت المجتمع يعرف المرائي من المخلص؟ فمن أين ذلك؟

إنه من الله تعالى الذي يظهر الخير ويكثره، ويري المرائي ويقللعمله.

قال االمام الصادق )عليه السالم(: )في قول الله عز وجل: )... فمنكان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صالحا وال يشرك بعبادة ربه أحدا()

87) الرجل يعمل شيئا من الثواب، ال يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية

الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت األيام أبدا، حتى يظهره الله له

خيرا، وما من عبد أسر شرا، فذهبت األيام، حتى يظهره الله له شرا()88.)

وقال )عليه السالم(: )ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا، ويسر سيئا؟ أليس يرجع إلى نفسه، فيعلم أن ذلك ليس كذلك..؟ والله عز وجل

( إن السريرة إذا صحت89يقول: )بل اإلنسان على نفسه بصيرة()(.90قويت العالنية()

وقال )عليه السالم(: )من أراد الله عز وجل بالقليل من عمله، أظهره الله له أكثر مما أراده به، ومن أراد الناس بالكثير من عمله، في تعبمن بدنه، وسهر من ليله، أبى الله إال أن يقلله في عين من سمعه()

91.) وسر ذلك واضح، إذ المرائي ال ينفك يرائي حتى يظهر رياءه من فلتات

لسانه، أو جوانب أعماله.. وإذا عرف الناس منه رياء واحدا + فكيف بالكثير+ ازدروه حتى أن أعماله الخالصة، لتحترق في أعين الناس،

ألجل ذلك الرياء الواحد. كالرجل الكذوب الذي ال يفتأ يكذب، حتى يطلع الناس على كذبة واحدة

في كالمه، فال يصدقون، حتى فيما صدق فيه.

217

وقال اإلمام الرضا )عليه السالم( + لمحمد بن عرفة +: )ويحك يا ابن عرفة! إعملوا لغير رياء وال سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله

إلى ما عمل، ويحك! ما عمل أحد عمال، إال أراده الله به إن خيرا فخيرا(.92وإن شرا فشرا()

.1/343 + جامع السعادات: 1.1/343 + جامع السعادات: 2/103 + أصول الكافي: 2.1/344 + جامع السعادات: 2/100 + أصول الكافي: 3.1/344 + جامع السعادات: 2/102 + أصول الكافي: 4.1/343 + جامع السعادات: 5.1/343 + جامع السعادات: 6.1/343 + جامع السعادات: 2/100 + أصول الكافي: 7.1/343 + جامع السعادات: 8.1/343 + جامع السعادات: 2/99 + أصول الكافي: 9

.1/343 + جامع السعادات: 2/103 + أصول الكافي: 10.1/343 + جامع السعادات: 11.1/343 + جامع السعادات: 12.1/343 + جامع السعادات: 13.1/341 + جامع السعادات: 14.1/341 + جامع السعادات: 15.1/342 + جامع السعادات: 16.1/341 + جامع السعادات: 2/321 + أصول الكافي: 17.1/342 + جامع السعادات: 18.1/342 + جامع السعادات: 2/321 + أصول الكافي: 19.1/344 + جامع السعادات: 2/99 + أصول الكافي: 20.1/344 + جامع السعادات: 2/103 + أصول الكافي: 21.1/344 + جامع السعادات: 2/100 + أصول الكافي: 22.1/344 + جامع السعادات: 2/100 + أصول الكافي: 23.1/344 + جامع السعادات: 2/100 + أصول الكافي: 24.1/344 + جامع السعادات: 2/103 + أصول الكافي: 25.1/344 + جامع السعادات: 2/103 + أصول الكافي: 26.9 + سورة الحشر: آية 27.2/120 + جامع السعادات: 28.2/120 + جامع السعادات: 29.21 + سورة األحزاب: آية 30.85 + سورة األعراف: آية 31.1 + سورة األنفال: آية 32

218

.2/280 + جامع السعادات: 33.2/280 + جامع السعادات: 34.2/280 + جامع السعادات: 35.2/281 + جامع السعادات: 2/210 + أصول الكافي: 36.2/280 + جامع السعادات: 2/209 + أصول الكافي: 37.23 + سورة األحزاب: آية 38.119 + سورة التوبة: آية 39.17 + سورة آل عمران: آية 40.177 + سورة البقرة: آية 41.15 + سورة الحجرات: آية 42.2/333 + جامع السعادات: 47، ب75/94 + بحار األنوار: 43.2/104 + أصول الكافي: 44.2/334 + جامع السعادات: 2/105 + أصول الكافي: 45.3 + 2 + سورة الصف: آية 46.2/334 + جامع السعادات: 2/105 + أصول الكافي: 47.2/334 + جامع السعادات: 2/105 + أصول الكافي: 48.2/334 + جامع السعادات: 51، ب75/116 + بحار األنوار: 49.72 + سورة األحزاب: آية 50.2/334 + جامع السعادات: 51، ب75/106 + بحار األنوار: 51.2/334 + جامع السعادات: 2/99 + أصول الكافي: 52.114 + سورة هود: آية 53.25 + سورة الشورى: آية 54.5 + سورة البينة: آية 55.3 + سورة الزمر: آية 56.146 + سورة النساء: آية 57.110 + سورة الكهف: آية 58.2/404 + جامع السعادات: 59.2/405 + جامع السعادات: 60.2/405 + جامع السعادات: 61.2/405 + جامع السعادات: 62.7 + سورة هود: آية 63.2/405 + جامع السعادات: 64.84 + سورة اإلسراء: آية 65.2/405 + جامع السعادات: 66.38 + سورة النساء: آية 67.142 + سورة النساء: آية 68.264 + سورة البقرة: آية 69

219

.2/376 + جامع السعادات: 70.2/376 + جامع السعادات: 71.2/376 + جامع السعادات: 72.2/376 + جامع السعادات: 73.2/376 + جامع السعادات: 74.2/377 + جامع السعادات: 75.2/377 + جامع السعادات: 76.2/377 + جامع السعادات: 77.2/377 + جامع السعادات: 78.2/377 + جامع السعادات: 79.2/378 + جامع السعادات: 80.2/378 + جامع السعادات: 81.2/378 + جامع السعادات: 82.2/378 + جامع السعادات: 83.2/379 + جامع السعادات: 84.2/379 + جامع السعادات: 85.2/378 + جامع السعادات: 86.110 + سورة الكهف: آية 87.2/378 + جامع السعادات: 88.14 + سورة القيامة: آية 89.2/379 + جامع السعادات: 90.2/379 + جامع السعادات: 91.2/379 + جامع السعادات: 92

220

الثالث: الباباإلخالص بين السر والعالنية

هذا سؤال يسأله الكثير، في هذا الصدد.. كيف نصنع بما فطرنا عليه من حب إطالع الناس، وإن كنا نكره هذه الحالة من أنفسنا، أليس

اإلنسان يسر بإطالع الناس على أعماله الخيرية؟.والجواب: إن اإلسالم ال يكره هذا، بل يجعل له ثوابا ضعفا.

روي: )إن رجال جاء إلى النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( فقال: إنيأسر العمل.. ال احب أن يطلع عليه أحد، فيطلع عليه، فيسرني؟.

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: لك أجران: أجر السر وأجر العالنية()1.)

أجر السر واضح، إنه عمل مخلص فيه، وكم له من أجر، وأما أجرالعالنية فألنه يسبب إقتداء الناس، وقوة الدين، وإشاعة الخير.

وسئل اإلمام الباقر )عليه السالم(: )عن الرجل يعمل الشيء منالخير، فيراه إنسان، فيسره ذلك.

قال )عليه السالم(: ال بأس، ما من أحد إال وهو يحب أن يظهر الله له(.2في الناس الخير، اذا لم يكن صنع ذلك لذلك()

وعن لسان النبي إبراهيم )عليه السالم( يحكي القرآن الكريم: )واجعل(.3لي لسان صدق في اآلخرين()

لكن مقام استواء الناس بنظر العامل، حتى أنه ال يفرح بإطالعهم، وال يحزن بعدمه + إال من جهة األسوة وما أشبه: مما هو راجع إلى الله

تعالى أيضا + مقام رفيع ومنزلة سامية ال يلقاها إال الذين جاهدواوراقبوا، حتى لم يروا إال الله تعالى.

ودعاء إبراهيم )عليه السالم( سؤال لألجل األسوة واإلقتداء واللهالعالم، وهو المستعان.

الحياء إن من األمور ما يقبح كون االنسان عليه سواء أطلع عليه أحد أم ال؟

ومن األمور ما يقبح أن يرى االنسان عليه، ومن األمور ما يقبح أنيتكلم االنسان به.

و )الحياء( هو التحفظ من األمور الثالثة.. نعم أخذ في معنى )الحياء( فرض طرف مقابل، ففي الوحدة والخلوة، يكون الحياء من )النفس(

كمن يلعب بلحمه فإنه خالف الحياء من النفس، أو من )الرب( سبحانه أو )المالئكة( مثال.. وفي المجلس، يكون الحياء من )الطرف المقابل

الحاضر( والقبيح، قد يكون قبيحا ذاتا + كالقبائح التي تطابق العقل والشرع على قبحها + وإن زالت قباحتها لدى الناس النحراف في

عاداتهم، كالتضارط عند الفساق.. وقد يكون قبيحا لعرف خاص...

221

وعلى أي حال ف+ )الحياء( محبوب و)الوقاحة( وهي ضد الحياءمذمومة.

قال االمام الصادق )عليه السالم(: )الحياء من األيمان، واإليمان في(.4الجنة()

وقال )عليه السالم(: )الحياء والعفاف والعي + أعني عي اللسان ال عي(.5القلب + من اإليمان()

و )العي( السكوت، تشبيها له بالذي ال يفصح.. فقد قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )وهل يكب الناس على مناخرهم في

(.6النار إال حصائد ألسنتهم() وقال االمام الصادق )عليه السالم( أيضا: )الحياء واإليمان مقرونان في

(.7قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه() فمن ذهب حياؤه ال أيمان له، ومن ذهب إيمانه ال حياء له، فإن اإليمان

عبارة عن مجموعة من الفضائل، فإذا انتقص أحدها لم يكن اإليمان،كما أن المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه.

(.8وقال )عليه السالم( + بهذا المعنى: )ال إيمان لمن ال حياء له() وقد وكل الله سبحانه حب الناس بالحي العفيف، بخالف الوقح

المستهتر، فإنه لدى الناس مذموم ممقوت.. ولذا يلزم على االنسان أن يواظب حتى يتصف بهذه الصفة الحسنة، وحتى يطرد من نفسه

صفة الوقاحة، إن كان متصفا بها لينال مرضات الله سبحانه، ومرضاتالناس.الرقابة

أرأيت كيف يراقب الشريك شريكه لئال يبخسه حقه؟ والعدو عدوه لئاليغلبه ويهضم حقه.

إن الرقابة طبيعية لإلنسان، ألجل جلب المنفعة ودفع المضرة وهل هناك أعظم من الخير العام لنفسه وللبشر أجمع في الدنيا واآلخرة؟

وهل هناك ضرر، أنكر من الشر العام لنفسه ولإلنسانية جمعا في األولى واألخرى؟ كال! والخير العام يتمثل في خطوط اإلسالم التي

وضعها إلسعاد البشر، والشر العام يتمثل في مخالفة تلك الخطوط. لذا كان من الالزم على االنسان أن يراقب نفسه ويراقب مجتمعه لئال تحيد نفسه عن منهاج اإلسالم ولئال يزيغ المجتمع عن الخطوط المبينة

في اإلسالم.(.9يقول الله سبحانه: )... ولتنظر نفس ما قدمت لغد...()

وقال رسول الله )صلي الله عليه وآله وسلم(: )حاسبوا أنفسكم قبل(.10أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إذا أراد أحدكم أن ال يسأل ربه شيئا إال أعطاه فلييأس من الناس كلهم، وال يكون له رجاء إال من عند الله تعالى، فإذا علم الله تعالى ذلك من قلبه ال يسأله شيئا إال أعطاه

222

فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة، ثم تال: )... في يوم كان مقداره خمسين

(.12( )11ألف سنة() وهل تنقضي خمسون ألف سنة؟ إن عمر االنسان في الدنيا بمعدل

خمسون سنة ويراها طويلة، فكيف بمقام القيامة وحدها، وهي خمسون ألف سنة، أال يجب على االنسان أن يحاسب نفسه في هذه

االيام القالئل ليأتي آمنا يوم الفزع األكبر؟. والمحاسبة والمراقبة، بمعنى أن تكون نوايا االنسان وأعماله تحت

الحساب فال يعمل عمال وال ينوي نية إال ويراقب: هل أن ذلك يعود إليه بالنفع أو الضرر؟ ثم إذا أفلت العمل أو النية عن يده وجاء بما يعود

عليه باإلثم تداركه فورا بالتوبة والعمل الصالح، وقد كان الزهاد يراقبون أنفسهم في كل عمل، ثم إذا جاء الليل حاسبوها ليروا هل

ربحوا أم خسروا.نية العمل لله

( حتى13القلب مبعث الخير والشر، ولذا قال سبحانه )... آثم قلبه...() إن العمل الصالح الصادر من االنسان بدون قصد نية، ال يعد حسنا

فاعليا، وإن كان حسنا بذاته، وكذلك العمل السيء الصادر من الشخص بدون نية وعزم، ال يعد قبيحا فاعليا، وان كان في نفسه

قبيح... فلو أنك في مشيك قتلت عقربا تريد لدغ إنسان،، وأنت لم تشعر بذلك، ال يقال لك: أحسنت، وإن كان قتلك حسنا ولو إنك في

مشيك كسرت إناء فقير بدون أن تشعر، ال يقال لك: أسأت، وإن كانالفعل سيئا بنفسه.

ولذا يجب االهتمام البالغ بأمر القلب، فهو ميزان الخير والشر والحسن والقبح والجميل والمشوه، فالعمل الصالح إن كان خالص لوجه الله

سبحانه، كان خيرا وثوابا، وإن كان مشوبا باألغراض الدنيوية، كالرياء والسمعة، وحب االستعالء، والشهرة واألنانية وجلب المادة، وما أشبه

كان باطال وموجبا للعقاب كثيرا. فعلى االنسان أن يصرف إرادته كلها لله سبحانه... وال يظن ظان إنه أقل ربحا من الذين يخالط بإرادته األغراض إن األمر بالعكس تماما، أما خير اآلخرة فهو للذين ال يريدون إال وجه الله سبحانه، وأما خير

الدنيا فقد فطر الله الناس على حب المخلص، وكره المرائي والذيأشبهه من الذين يعمل لغير الله تعالى.

أرأيت لو علم الناس بأن أكبر العلماء إنما تعلم وعلم وألف لغير الله.. ولو علموا بأن أعظم الزهاد إنما تعبد وصلى وصام ألجل دنيا أو جاه أو ما أشبه، سقط ذلك العالم والزاهد عن أعينهم ولم تكن لهما قيمة في

نفوسهم؟.ولهذا السبب أكد اإلسالم تأكيدا بليغا حول تصفية النية وتخليص العمل.

223

قال الله سبحانه: )وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي(.14يريدون وجهه...()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )انما األعمال بالنيات، ولكل إمرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى

الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إمرأة يتزوجها،(.15فهجرته إلى ما هاجر إليه()

ان كانت الهجرة لله، كان أجر المهاجر على الله، وإن كانت الهجرة للدنيا، كان ثواب الهجرة هي الدنيا، وليس لهذا المهاجر عند الله منخالف، إنه هاجر للدنيا، فهل يصح أن يطلب ثواب الهجرة من الله؟. وقد أطلق الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( هذه الكلمة الذهبية حين سمع أن بعض الذين هاجروا إلى المدينة المنورة، حفزهم على الهجرة تحصيل دنيا مرفهة، من مال أو جاه أو ما أشبه... إنهم وإن

كانوا عدوا في جهاز اإلسالم خصوصا في يوم غربته، وحين كان يحتاج إلى أكبر قدر من الناصر والسواد لكن الرسول لم يبعث لسادة الدنيا كالفاتحين، وإنما بعث إلنقاذ الناس من الظلمات إلى النور، فإذا كان

من ينصره يريد الدنيا لم يكن له في مقياس الرسول أية قيمة. وهذه الكلمة الذهبية إكليل على رأس كل من يعمل عمل اآلخرة من تعلم العلم إلى التبليغ لرساالت السماء، إلى األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى إعانة الضعفاء والمعوزين، إلى تأسيس المؤسسات وتكوين المشاريع إلى غير ذلك، فإن كانت أعماله لله ورسوله، أثابه

الله جنات تجري من تحتها األنهار، وإن كانت أعماله لشهرة أو صرف وجوه الدنيا إلى نفسه، فعمله لما عمل له وماله في اآلخرة من خالق،

وشر الناس من عمل بإسم الله، وهو يريد غير الله. وقد روي أنه فيما أوحى الله سبحانه إلى داود النبي )عليه السالم( أنه

قال: )يا داود ال تتطاول على المريدين ولو علم أهل محبتي منزلة المريدين عندي، لكانوا لهم أرضا يمشون عليها، يا داود لئن تخرج

مريدا من كربة هو فيها تسعده، كتبتك عندي حميدا، ومن كتبته حميدا(.16ال يكون له وحشة وال فارقة إلى المخلوقين()

إن المريد هو الذي جعل إرادته رضى الله سبحانه، وهذا أعظم من الكبريت األحمر، وأهل المحبة هم الذين يحبون الله سبحانه ولم يصلوا

تلك المرتبة ودرجة )حميد( كدرجة )مشير( في الجيش رتبة رفيعة جدا، مما ال تصل جميع رتب الدنيا إلى أقل مستواها، ولكن هل

باإلمكان تحصيل مثل هذه الرتبة بسهولة؟ إن االنسان كثيرا ما يتمكنعلى زمام جسمه، ولكن النادر النادر أن يتمكن على زمام قلبه.

واسمع هذا الحديث الذي فاه به الرسول األعظم )صلى الله عليه وآله وسلم( حيث قال: )إن الله ال ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر

(17إلى قلوبكم وأعمالكم وانما ينظر إلى القلوب ألنها مظنة النية()

224

إن القلب إذا استقام استقامت الصورة وكان المال بميزان، أمااستقامة الصورة وكثرة المال فليستا بميزان صحة االنسان.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن العبد ليعمل أعماال حسنة، فتصعد بها المالئكة في صحف مختـمة، فتلقي بين يدي الله تعالى،

فيقول إلقوا هذه الصحيفة فإنه لم يرد بما فيها وجهي، ثم ينادي المالئكة: اكتبوا له كذا وكذا فيقولون: يا ربنا إنه لم يعمل شيئا من

(.18ذلك؟! فيقول الله تعالى: إنه نواه() العمل الذي ال يراد به وجهه تعالى ال فائدة فيه، أما النية لعمل خير

ففيها كل الفائدة، فإذا وفق االنسان أن يحفظ عمله عن الزيغ، فكم لهمن فائدة؟.

وكما أن نية الخير فيها ثواب، فكثيرا ما يكون لنية الشر عقاب، فقد قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الناس أربعة: رجل آتاه

الله عز وجل علما وماال، فهو يعمل بعلمه في ماله، فيقول رجل: لو آتاني الله مثل ما آتاه لعملت كما يعمل، فهما في األجر سواء، رجل

آتاه الله ماال، ولم يؤته علما، فهو يتخبط بجهله في ماله، فيقول رجل:لو آتاني الله مثل ما آتاه لعملت كما يعمل، فهما في الوزر سواء()

19.) وقد قال القرآن الحكيم: )... وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه،

(.20يحاسبكم به الله...() وفي زيارة عاشوراء المأثورة: )ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت

به(. وفي الحديث إن الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( لما خرج إلى

غزوة تبوك، قال: )إن بالمدينة أقواما، ما قطعنا واديا، وال وطئنا موطئا يغيظ الكفار وال أنفقنا نفقة، وال أصابتنا مخمصة، إال شاركونا في ذلك،

وهم في المدينة، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله وليسوا معنا؟ قال:(.21حبسهم العذر، فشاركونا بحسن النية()

وفي الحقيقة أن األمر في اإلسالم في باب الخير ليوسع جدا، إن القاعدة المطردة عند الناس، بالنسبة إلى األعمال الدنيوية، إنهم

يعطون االجراء األجر بعد تمام العمل، لكن اإلسالم يضع الثواب لمجردالنية.

وورد في خبر: )إن رجال قتل في سبيل الله بأيدي بعض الكفار، وكان يدعى بين المسلمين؟ )قتيل الحمار( ألنه قاتل رجال من الكافرين، نية أن يأخذ حماره ويسلبه، فقتل على ذلك فأضيف إلى نيته، وهاجر رجل إلى الجهاد مع اصحاب النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( وكانت نيته

من المهاجرة أن يأخذ إمرأة كانت في عساكر الكفـار ويتزوجها، وتسمى أم قيس، فاشتهر هذا الرجل عند أصحاب النبي )صلى الله

عليه وآله وسلم( ب+ )مهاجر أم قيس((.

225

وفي حديث: )إن مسلمين تقاتال، فقتل أحدهما اآلخر، فقال الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: القاتل والمقتول كالهما في النار، قيل: يا

رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال )صلى الله عليه والهوسلم(: ألنه أراد قتل صاحبه(.

وال منافاة بين األحاديث التي دلت على أن من هم بالسيئة فلم يعملها لم يكتب له وزر، وبين ما دل على كتابة الوزر إذ الطائفة األولى فيما

لم يأت بالمظهر لما نواه من اإلثم، والطائفة الثانية فيما إذا أتى بالمظهر، كما رأينا في هذا الحديث األخير: إنه أراد قتل صاحبه وتقاتل

معه... وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا التقى الصفـان،

نزلت المالئكة تكتب الخلق على مراتبهم: فالن يقاتل للدنيا، فالن يقاتل حمية، فالن يقاتل ع+++صبية، أال ف++++ال ت+++قولوا: قتل فالن في

( إن الله ال22سبيل الله، إال لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا()يريد إال تقدم الله بالدين، وليس عند اإلسالم )الغاية تبرر الواسطة(.

وقال الرسول األعظم )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من تزوج إمرأة على صداق وهو ال ينوي إداءه، فهو زان، ومن استدان دينا، وهو ال

ينوي قضاءه فهو سارق، ومن تطيب لله تعالى، جاء يوم القيامة وريحه أطيب من المسك، ومن تطيب لغير الله جاء يوم القيامة وريحه أنتن

(.23من الجيفة() ولعل المراد من التطيب لغير الله، التطيب المحرم، كتطيب المرأة

لغير زوجها أو الرجل الغراء النساء األجنبيات، أما التطيب للمسلمينفهو من النظافة والطيب الذي أمر الله تعالى به.

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن العبد المؤمن الفقير ليقول: يا رب، ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عز وجل ذلك منه بصدق النية كتب الله له من األجر مثل ما يكتب له

(.24لو عمله، إن الله واسع كريم()وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )نية المؤمن خير من عمله(.

(25وذلك ألنه ينوي من الخير ما ال يدركه، )ونية الكافر شر من عمله()وذلك ألن الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر ما ال يدركه(.

فعلى االنسان العاقل أن: )ا( يعمل الخير )ب( ويكثر من عمل الخير ج + وينوي الخير د + ويكثر من نية الخير، كأن ينوي: أنه لو كان بإمكانه

هدي العالم كلهم إلى اإليمان والعمل الصالح، وما أش++به، ليكون منأوفى البرية عند الله سبحانه في الحسنات يوم يلقاه.

حب الله والحب لله إن كل خير أصاب االنسان، أو يصيبه في المستقبل، إنما هو من الله

سبحانه.

226

وإن كل شر دفع عن االنسان في الماضي، أو يدفع عن االنسان فيالمستقبل إنما يدفعه الله سبحانه.

إذا.. فالله سبحانه أحق بالحب، من كل شيء وكل شخص وإذا أحب االنسان الله عن معرفة خال قلبه عن حب سواه، إذ كل محبوب ما خاله مجازي ال حقيقة له، وإن شئت قلت يلزم ان تحب االنسان ما

عدا الله سبحانه حبا بالعرض أما حب الله فهو حب بالذات، فمثال: إن االنسان يحب أبويه لكن حبه لهما دون حب الله تعالى إذ أن الله هو

الموجد الحقيقي واألبوان واسطة، واإلنسان يحب األنبياء والصالحين،ألنهم مرتبطون بالله ومقربون إليه، وهكذا سائر أقسام الحب.

أما الحب لله، فهو أن يحب االنسان كل شيء محسوب لله سبحانه، أما ما يكرهه الله تعالى، فالالزم على االنسان أن ال يحبه وإن وصل إلى الشخص من ذلك االنسان خير وإحسان وأي عاقل يترك األهم

ويأخذ بغيره؟ مثال: إذا أحسن إليك كافر، كان الالزم إن ال تحبه إلحسانه ألنه ال يجمع بين حب الله وبين حب ذلك الكافر، والله أولى بالحب ألنه مصدر كل خير، حتى ان الخير الذي وصل إليك من ذلك

الكافر، مصدره الحقيقي هو الله تعالى. وقد أمر اإلسالم بحب الله وح+++ب من أمر الله بحبه، إرشادا إلى هذه

الحقيقة ففي القرآن الحكيم في وصف المؤمنين: )... يحبهم (27( وفي آية أخرى: )... والذين آمنوا أشد حبا لله...()26ويحبونه...()

وفي آية ثالثة: )قل إن كان آباؤكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن

ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا...()28.)

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يؤمن أحدكم حتى(.29يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)

(.30وقال )صلى الله عليه واله وسلم(: )الحب من شروط اإليمان() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه

( وفي دعائه له )صلى الله عليه وآله وسلم(:31وأحبوني لحب الله() )اللهم أرزقن+++ي حبك وحب من يح+++بك، وحب من يقربني إل+++ى

(.32حبك، واجعل حبك احب الي من الماء البارد() أرأيت كيف يشتاق االنسان إلى بعض مطالب الروح، حتى أن مطالب

الجسد تكون في جنبه كالصفر بما للنسبة إلى العدد؟ وهكذا يكون االنسان المحب لله تعالى، إن المالذ الجسدية كالماء البارد، والطعام الشهي، والزوجة الجميلة، والقصر الفخم وما أشبه كلها تكون حينئذ بمنزلة األصفار بالنسبة إلى حب الله حتى أنه يرجح رضى الله على

تلك األشياء ال ترجيحا عقليا فقط، بل ترجيحا خالط روحه ومأل نفسه، إن االنسان قد يرجح شرب الدواء على أكل الطعام اللذيذ لكنه ترجيح

227

عقلي، أما ترجيحه لحب ولده على حب إنسان بعيد عنه ترجيح روحيعاطفي باإلضافة إلى كونه عقليا أيضا.

واسمع إلى هذا الحديث الذي يكاد يسيل رقة ولطفا: )لقد نظر الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( إلى أحد أصحابه مقبال، وعليه إهاب كعبش، فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )انظروا إلى هذا الرجل قد نور الله قلبه، لقد رأيته بين أبويه يغذيانه بأطيب الطعام

( انه ترك33والشراب فدعاه حب الله وحب رسوله إلى ما ترون() عطف األبويين، وما فيه من الرفاه، ألجل الله تعالى، وأخذ يقاسي

الشدائد ألجل محبوبه. وروي: )إنه جاء أعرابي إلى النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( فقال:

يا رسول الله متى الساعة؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها كثير صالة وال صيام، إال إني احب الله

ورسوله، فقال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: المرء مع من أحب((34.)

وال يغرن االنسان ما يزعمه من ظاهر هذا الحديث، من أن المرء مع من أحب ولو خالفه في الطريقة إذ المخالف في الطريقة ال يسمى محبا وإن زعم الحب، أرأيت أن اليهود الذين يزعمون حبهم لموسى )عليه السالم( والنصارى الذين يزعمون حبهم لعيسى )عليه السالم( وربما أحبوهما عاطفيا حبا غامرا تسيل معه دموعهم + إذا ذكروهما +

هل يحشرون معهما وهل يكونون في زمرتهما؟. إن الحب كاذب إذا لم يكن معه عمل، ولو كان هناك عاطفة ورقة،

فإن الحب شيء والعاطفة شيء آخر. وفي دعاء كميل بن زياد: )فهبني يا إلهي وسيدي وموالي وربي:

صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك؟( إن علم االنسان أن من يحبه ساخط عليه، أشد ألما من اآلالم الجسدية، إذ الروح أكبر تألما

من الجسد، ومعنى الفراق البعيد روحا، ال البعد جسما فإن الله سبحانه منزه عن الجسم والجسمانية، وفي دعاء عرفة لسيد الشهداء

)عليه السالم(: )أنت الذي أذللت األغيار عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك، ولم يلجأوا إلى غيرك( وقال )عليه السالم(: )يا من أذاق

أحباؤه حالوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين(. وليعلم االنسان الذي يريد تحصيل حب الله تعالى انه ال يحصل الحب

إال بالعلم والفكر، فمن المحال ان يحب االنسان من ال يعرفه، أوال يفكر في لطفه. وحسنه وإحسانه! ولذا يلزم على االنسان أن ينمي

ملكة حب الله في نفسه أوال: بالعلم بالله وبسعة فضله وكمال قدرته وسائر محامده، وثانيا: بالتفكر والتذكر في لطفه، وإن ما عداه ال يعد

شيئا في قباله، أرأيت لو إنك كنت تحب جنديا واحدا ألنه يدافع عن بالدك ثم علمت أن الحكومة العليا هي التي تدافع وإنما هذا الجندي

228

فرد واحد صغير في جنب تلك القوة الهائلة التي تدير البالد يجب النفع لها ودفع الضرر عنها كيف تنصرف عن حب الجندي إلى حب

الحكومة؟ حتى إنك تقدم رضاها على رضاه، وهكذا يكون من عرفالله سبحانه + وال مناقشة في األمثال +.

وقد روي: )إن عيسى )عليه السالم( مر بثالثة نفر، قد نحلت أبدانهم، وتغيرت ألوانهم، فقال لهم: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ فقالوا: الخوف من النار، فقال: حق على الله أن يؤمن الخائف، ثم جاوزهم إلى ثالثة أخر، فإذا هم أشد نحوال وتغيرا، فقال لهم: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟

فقالوا: الشوق إلى الجنة، فقال: حق على الله أن يعطيكم ما ترجون، ثم جاوزهم إلى ثالثة أخر، فإذا هم أشد نحوال وتغيرا، كأن على

وجوههم المرايا من النور، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ قالوا: حب(.35الله عز وجل، فقال: أنتم المقربون()

الجنة نعيم جسدي، والنار عذاب جسمي، أما حب الله فهو نعيم روحي، ومن ذاق ذلك كان أشد فرحا وانبساطا وانشراحا ممن ذاق

حالوة النعيم الجسدي، كما أن من خاف قوته وعدم الوصول إليه، كانأشد نحوال وتغيرا وهوال، ممن خاف حرمان، الجنة، أو االبتالء بالنار.

وحب الله الذي ال يمكن أن يتصور لذته، من ال نصيب له منه، كالطفل الذي ال يمكن أن يدرك لذة الوجاهة عند السلطان، أو كالجاهل الذي ال يمكن أن يدرك لذة حل المسألة المستعصية، لدى العالم، أو كاألعمى

من األم، الذي ال يمكن أن يدرك لذة المبصرات الجميلة. أما الحب لله، فهو أيضا مما حرض )عليه اإلسالم( أبلغ تحريض، وبقدر

أنه يوجب رفعة االنسان، مشكل وصعب، فإن االنسان بحكم ميوله واتجاهاته ومصالحه، يذهب يمينا وشماال في حبه، أما أن يصرف حبه

كله في الله، فال يحب إال الله، وال يكره إال في الله، فذلك صعب،مشكل جدا.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ود المؤمن للمؤمن في الله أعظم شعب اإليمان، أال ومن أحب في الله، وأبغض في الله،

(.36وأعطى في الله، ومنع في الله، فهو من أصفياء الله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( يوما ألصحابه: )أي عرى اإليمان

أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصالة، وقال بعضهم: الزكاة، وقال بعضهم: الصيام، وقال بعضهم: الحج والعمرة، وقال

بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: لكل ما قلتم فضل، وليس به، ولكن أوثق عرى اإليمان: الحب في الله

(.37والبغض في الله، وتولي أولياء الله والتبري من أعداء الله() إن كان األمر كذلك فإن الحب في الله والبغض في الله، ال يكون إال إذا

كانت وجهة االنسان مصروفة إلى الله تماما ومن المعلوم إن من

229

صرفت وجهته إلى الله، يتأتى العمل الصالح تلقائيا، فالجهاد والصالةوالصيام وما أشبه أثر من آثار الحب في الله.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المتحابون في الله يوم القيامة على أرض زبرجد خضراء في ظل عرشه عن يمينه + وكلتا يديه يمين +

وجوههم أشد بياضا من الثلج وأضوء من الشمس الطالعة، يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب ونبي مرسل يقول الناس: من هؤالء؟ فيقال:

(.38هؤالء المتحابون في الله() المراد ب+ )عن يمينه(: إنه لو فرض شخص في العرش مقبال بوجهه على الناس، كان طرفه األيمن محل هؤالء، ولما كان الكالم مشار

شبهة الجسمية، ضرب )صلى الله عليه وآله وسلم( بقوله: )كلتا يديهيمين( دفعا إليهام الجسمية.

وقال االمام السجاد )عليه السالم(: )إذا جمع الله األولين واآلخرين قام مناد فينادي بنداء يسمع الناس، فيقول: أين المتحابون في الله؟ قال:

فيقوم عنق من الناس، فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنة بغير حساب، قال: فتلقاهم المالئكة، فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة بغير

حساب، فيقولون: أي ضرب أنتم من الناس؟ فيقولون: نحن المتحابون في الله، قال: فيقولون: وأي شيء كانت أعمالكم؟ قالوا: كنا نحب في

(.39الله ونبغض في الله، قال: فيقولون: نعم أجر العاملين() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا،

فانظر إلى قلبك، فإن كان يحب أهل طاعة الله، ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك، وإذا كان يبغض، أهل طاعة الله، ويحب أهل

(.40معصيته، فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب() وانظر إلى هذا الحديث الذي قاله االمام الباقر )عليه السالم( لترى

قيمة المحبة في الله، قال )عليه السالم(: )لو أن رجال أحب رجال لله أثابه الله على حبه إياه وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النار،

ولو أن رجال أبغض رجال لله ألثابه الله على بغضه إياه، وإن كان(.41المبغض في علم الله من أهل الجنة()

إن الحب في الله، موضوعي، ال طريقي، إذ الحب هو الباعث للخير في الدنيا والسعادة في اآلخرة، فأيهم أن يكون المحبوب من آل الله

أو من أعداء الله، وكذلك البغض في الله موضوعي وليس طريقيا. ثم إن ملكة الحب في الله والبغض في الله، كسائر الملكات التي

تكون قابلة لإليجاد ثم تكون قابلة لإلنماء، فإنك اذا أكثرت التفكر في الكون، وإن جميع الخيرات من الله سبحانه، وجميع الشرور ليست من

الله سبحانه، ثم تذكرت عظمة الله سبحانه وسعة ملكه، ألحببته حبا يشغف قلبك ويمتزج بروحك ويخالط نفسك، فإن االنسان مجبول على

حب المحسنين وعلى حب العظماء... ثم إذا أحببت الله سبحانه، أحببت كل ما يتعلق بالله، فقد قالوا: )كل شيء من الحبيب حبيب(

230

وإذا غمر قلبك حب الله وحب ما يتعلق به + وهو الحب في الله + كأنه ال بد وأن تبغض ما هو على خالف الله، وعلى خالف محبوب الله،

وهناك كمال اإليمان والخير في الدارين. قال الصادق )عليه السالم(: )من أحب لله، وأبغض لله وأعطى لله،

( وقال )عليه السالم(: )إن المتحابين في الله42فهو من كمل إيمانه() يوم القيامة، على منابر من نور، قد أضاء نور أجسادهم ونور منابرهم

(.43كل شيء حتى يعرفوا به، فيقال: هؤالء المتحابون في الله() فإذا نظم االن++سان كل يوم، ولو ربع ساعة، للتفكر حول هذا

الموضوع، لم تنته سنة إال ويرى نفسه متصفا بهذه الملكة الثمينة التي هي مبعث سائر الفضائل والكماالت، فإذا أحب اإلنسان ربه، لم يأت

بمحرم ولم يترك واجبا، فإن الحب يؤسر صاحبه حتى ال يأتي بما يكرهالمحبوب.

العزلةيقول الشاعر الفارسي:

)الصمت والجوع والسهر والعزلة ودوام ذكر الله( هذه الخمسة تكمل الناقصين. واألمر كما قال هذا الشاعر، فإن البدن كلما ربي ضعف

جانب الروح وقويت البهيمية في االنسان، وبالعكس كلما ريض البدن، قويت الحالة الملكوتية في االنسان، وصفى الروح، واألمور الخمسة

المذكورة هي التي تريض البدن وتقوي الروح. فحفظ اللسان عن الكالم، وتخلية المعدة عن الطعام، وإفراغ العين

عن المنام، واالنعزال عن األنام، وذكر الله على الدوام، كلها منمصفيات الروح، ومضعفات البدن.

لكن هل يجوز حفظ اللسان عن اإلرشاد واألمر بالمعروف والنهي عنالمنكر والتعليم والوعظ وما أشبه؟.

وهل يجوز عدم األكل حتى يضعف االنسان عن الواجبات، ويكون بدنهمعرضا لألمراض؟.

وهل يجوز عدم النوم حتى يمرض االنسان، وينعس عند أداء الواجبات،ويكسل عن إقامة السنن؟.

وهل يجوز ترك الناس بدون واعظ منذر، والفرار إلى الكهوفوالثغور؟.

كال! واإلسالم ينهي عن ذلك، ويأمر بخالفه، إنما المهم الرقابة الكاملة على النفس، حتى ال تنزلق إلى حضيض البهيمية. واألئمة الطاهرون خير أسوة في تطبيق الحياة المتوسطة بين اإلفراط والتفريط، فهم

كانوا يتكلمون بخير أو يصمتون وكانوا يأكلون بمقدار تقوية أالبدان وتقويم األجساد ويجوعون، وكانوا ينامون شطرا ويسهرون شطرا:

( وكانوا44)كانوا قليال من الليل ما يهجعون وباألسحار هم يستغفرون()

231

يخالطون الناس إلرشادهم، ويعتزلون بقدر، أما ذكر الله قلبا ولسانا،فقد كان يغمر أوقاتهم.

نعم مختلف الظروف واألحوال في تقدير هذه األمور، فربما كان الظرف مالئما للصمت، فال مجال للكالم، وربما كان العكس، فال مجال للصمت وهكذا سائر األمور المذكورة، فالعزلة التي كالمنا فيها اآلن إن

كانت موجبة لحفاظ االنسان من المعاصي والمحرمات فيما لم يكن اختالطه سبب هداية وإصالح تكون واجبة... وان كانت بالعكس كانت

محرمة، ولذا ورد قسما من األدلة في هذا الباب. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله يحب العبد

( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضل الناس45التقي الخفي() مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، ثم رجل معتزل في شعب

( وسأل رجل الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(46من الشعاب() عن طريق النجاة؟ فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ليسعك بيتك،

( وقال اإلمام الصادق47وامسك عليك دينك، وابك على خطيئتك() )عليه السالم(: )فسد الزمان، وتغير اإلخوان، وصار اإلنفراد أسكن

( وقال )عليه السالم(: )أقلل معارفك، وانكر من تعرف48للفؤاد() ( وقال )عليه السالم(: )صاحب العزلة متحصن بحصن الله49منهم()

(50تعالى، ومتحرس بحراسته، فيا طوبى لمن تفرد به سرا وعالنية() إلى غيرها من األحاديث التي هي بهذه اللهجة واألسلوب... وفي

الحقيقة إن بعض الظروف تتطلب العزلة إذ االختالط ال يوجب أال الفساد واإلفساد، كما إن لبعض الناس العزلة لهم خير، ألنهم في

المجتمع يفسدون ويفسدون. أما الظروف العادية، بالنسبة إلى االنسان العادي، فاألختالط هو الالزم

حتى إن العزلة + الستلزامها ترك اإلرشاد، وترك األمر بالمعروفوالنهي عن المنكر + تكون محرمة.

ولذا وردت األحاديث في ذم العزلة، ومدح االختالط، قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن ألف مألوف، وال خير فيمن ال

( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من فارق51يألف وال يؤلف() ( فإن رهبان الجاهلية كانوا يفارقون52الجماعة مات ميتة الجاهلية()

الجماعة وال رهبانية في اإلسالم، بل سيرة النبي واألئمة الطاهرين )عليهم السالم( خير شاهد لإللفة واالختالط، لكن االنسان يجب أن

يحافظ على دينه، لئال يغمره تيار اإلنحرافات التي ينخرط الناس فيمسلكها في كل زمان ومكان خصوصا في زماننا الحاضر.

إن المجتمع قبل سقوط الدولة اإلسالمية، كانت قمتها الزهاد، وبعدهم العدول وباقي الهرم العاديون الذين قد تأتي منهم المعاصي األولية،

كالغيبة والكذب، وما أشبه، ولذا كان المخالط يجد + من ناحية األسوة الصالحة + ومن ناحية المتدينين... أما اليوم فالقمة: العدول، وبعدهم:

232

الفساق + بلوني الفسق البدائية والمغلظة، كالزنا والخمر والقمار وترك الصالة وما أشبه + وباقي الهرم المنحرفون عقائديا، والمنكرون

للضروريات، وما أشبه، ولذا كانت االستقامة في مثل هذا المجتمع من أشكل األمور، لكن، من الضروري على المتدين أن يبقى في المجتمع،

ويأخذ زمام اإلرشاد والهداية وإال كان مسؤوال أمام الله سبحانه.

.2/383 + جامع السعادات: 1.2/383 + جامع السعادات: 2.84 + سورة الشعراء: آية 3.3/47 + جامع السعادات: 2/106 + أصول الكافي: 4.3/47 + جامع السعادات: 2/106 + أصول الكافي: 5.3/47 + جامع السعادات: 2/115 + أصول الكافي: 6.3/47 + جامع السعادات: 2/115 + أصول الكافي: 7.3/48 + جامع السعادات: 2/106 + أصول الكافي: 8.18 + سورة الحشر: آية 9

.3/93 + جامع السعادات: 10.4 + سورة المعارج: آية 11.3/93 + جامع السعادات: 12.283 + سورة البقرة: آية 13.52 + سورة األنعام: آية 14.3/113 + جامع السعادات: 15.3/113 + جامع السعادات: 16.3/114 + جامع السعادات: 17.3/114 + جامع السعادات: 18.3/114 + جامع السعادات: 19.284 + سورة البقرة: آية 20.3/114 + جامع السعادات: 21.3/115 + جامع السعادات: 22.3/115 + جامع السعادات: 23.3/115 + جامع السعادات: 24.3/122 + جامع السعادات: 25.54 + سورة المائدة: آية 26.165 + سورة البقرة: آية 27.24 + سورة التوبة: آية 28.3/153 + جامع السعادات: 29.3/153 + جامع السعادات: 30.3/153 + جامع السعادات: 31

233

.3/153 + جامع السعادات: 32.3/153 + جامع السعادات: 33.3/153 + جامع السعادات: 34.3/153 + جامع السعادات: 35.3/185 + جامع السعادات: 2/125 + أصول الكافي: 36.3/185 + جامع السعادات: 2/125 + أصول الكافي: 37.3/185 + جامع السعادات: 28، ب74/399 + بحار األنوار: 38.3/185 + جامع السعادات: 2/126 + أصول الكافي: 39.3/185 + جامع السعادات: 2/126 + أصول الكافي: 40.3/185 + جامع السعادات: 2/127 + أصول الكافي: 41.3/186 + جامع السعادات: 2/124 + أصول الكافي: 42.3/186 + جامع السعادات: 28، ب74/399 + بحار األنوار: 43.18 + 17 + سورة الذاريات: آية 44.3/197 + جامع السعادات: 45.3/197 + جامع السعادات: 46.3/197 + جامع السعادات: 47.3/197 + جامع السعادات: 48.3/197 + جامع السعادات: 49.3/197 + جامع السعادات: 50.3/198 + جامع السعادات: 51.3/198 + جامع السعادات: 52

234

الرابع: البابالرضا

الكون كله خاضع تحت إرادة الله الواحد القهار، ال يحيد عنها قيد ( وجزء من هذا الكون + وهو1شعرة، فقد: )قالتا أتينا طائعين()

االنسان + خاضع لهذه اإلرادة اإللهية ال يتمكن أن يحيد عنها قيد شعرة، إال بقدر ما أراد الله سبحانه فأعطاه الزمام، وأثر االنسان في الكون

أقل من أثر النملة على الصفاة الملساء. إن االنسان يتمكن من )البناء( ومن )الطيران( ومن السير بوسائل مختلفة، لكن كم تقدر نسبة هذه األمور إلى األرض التي تسكنها؟

فكيف بالكون كله؟.ثم إنه قد:

جرى قلم القضاء بما يكون***فسيان التحرك والسكون إال في حدود ضيقة جدا شاءت اإلرادة الكلية أن يكون لإلنسان بعض

(.2المصيب )... لنبلوهم أيهم أحسن عمال() فإذا رضي االنسان بما قدره الله سبحانه، من حياة وموت، وصحة وسقم، وغنى وفقر، وارتفاع وانخفاض، أو ما أشبه، كان مطمئن

الخاطر في الحياة، مثابا بعد الممات وإال لم يحصل إال االضطراب في هذه الدنيا، والعقاب في اآلخرة، ولذا يلزم على االنسان أن يدرب

نفسه على )الرضا( وينمي في نفسه هذه الملكة الشريفة. وليس معنى الرضا االستسالم والكسل وعدم العمل، بل معناه: أن يعمل االنسان حسب المستطاع، وكما أمر الله، في مختلف شؤون

الحياة، ثم إذا جاء القدر لم يغضب ولم يسخط وإنما يتقبله بقبولحسن، حتى يوفي في أجره غير منقوص.

وقد أرصد اإلسالم لهذه الناحية المهمة أكبر رصيد، ففي الخبر القدسي: )أنا الله ال إله إال أنا، من لم يصبر على بالئي، ولم يشكر

( وفي خبر3على نعمائي، ولم يرض بقضائي، فليتـخذ ربا سواي() قدسي آخر: )قدرت المقادير ودبرت التدبير، أحكمت الصنع، فمن

رضي، فله الرضا مني حين يلقاني، ومن سخط فله السخط مني حين ( وقال موسى )عليه السالم( في مناجاته لله سبحانه: )إي4يلقاني()

رب أي خلقك أحب إليك؟ قال: من إذا أخذت منه المحبوب سالمني، قال )عليه السالم(: فأي خلقك أنت عليه ساخط؟ قال: من يستخيرني

(.5في األمر، فإذا قضيت له سخط قضائي() ولعل معنى )يستخيرني في األمر( أنه يطلب مني أن أجعل الخير في

عمله فإذا عمل بذلك، ورأى ضررا سخط ما قدرت له! وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )ومن سخط القضاء، مضى عليه

( وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(:6القضاء، وأحبط الله أجره()

235

)كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمته، ويحقر منزلته، والحاكم عليه الله، وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إال الرضا أن يدعو الله

( إن هذا الضمان كبير جدا، لكن الشرط أيضا مشكل،7فيستجاب له()فإن الرضا المطلق ال يحصل إال بعد طول المجاهدة.

وانظر إلى هذا الحديث الذي فيه التحذير والترغيب على حد سواء، روي إنه أوحى الله تعالى إلى داود )عليه السالم(: )تريد وأريد وإنما

يكون ما أريد، فإن أسلمت لما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لما(.8أريد، أتعبتك فيما تريد، ثم ال يكون إال ما أريد()

وفي الحديث: )إن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( سأل أصحابه: ما أنتم؟ فقالوا: مؤمنون، فقال: ما عالمة إيمانكم؟ فقالوا: نصبر على

البالء، ونشكر عند الرضاء، ونرضى بمواقع القضاء، فقال )صلى الله ( وفي خبر آخر أنه )صلى9عليه وآله وسلم(: مؤمنون ورب الكعبة()

الله عليه وآله وسلم( قال: )حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا(.10أنبياء()

وقال )صلى الله عليه واله وسلم(: )إذا أحب الله عبدا ابتاله، فإن صبر ( ولنقف قليال عند هذا الحديث فالله11اجتباه، فإن رضي اصطفاه()

سبحانه ال يحب العبد إال إذا كان مطيعا، فإذا أطاع أحبه وهناك درجة أرقى من درجة الحب وال ينالها إال الذي يبتلي فيصبر ولذا يدرج الله محبوبه باالبتالء والشدائد إلى هذه الدرجة، فإن نجح وذلك بأن صبر

في البالء فلم يجزع ولم يعمل عمال يكرهه الله تعالى )اجتباه( أي اختاره، والمختار + كما نشاهد + قسمان: قسم مصفى من جميع

الشوائب، وهذا هو)المصطفى( وقسم ليس بهذه المنزلة فالمبتلى أن رضي باالبتالء + وهو فوق االصطبار + كان جديرا باالصطفاء، وهذه

درجة رفيعة جدا ال ينالها إال األوحدي من الناس وقليل ما هم! وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا كان يوم القيامة، أنبت الله

لطائفة من أمتي أجنحة، فيطيرون من قبورهم إلى الجنان، يسرحون فيها ويتنعمون كيف شاؤوا؟ فتقول لهم المالئكة: هل رأيتم الحساب؟

فيقولون: ما رأينا حسابا، فتقول لهم: هل جزتم الصراط؟ فيقولون: ما رأينا صراطا، فتقول لهم: هل رأيتم جهنم؟ فيقولون: ما رأينا شيئا،

فتقول المالئكة: من أية أمة أنتم؟ فيقولون: من أمة محمد )صلى الله عليه وآله وسلم( فتقول: ناشدناكم الله، حدثونا: ما كانت أعمالكم في

الدنيا؟ فيقولون: خصلتان كانتا فينا، فبلغنا الله هذه المنزلة، بفضل رحمته فيقولون: وما هما؟ فيقولون: كنا إذا خلونا نستحي أن نعصيه،

(.12ونرضى باليسير مما قسم لنا فتقول المالئكة: يحق لكم هذا() إن هاتين الصفتين )االستحياء في الخالء( و)الرضى باليسير( في قمة الفضائل، التي ما وراءها قمة، فإن الحياء في الخالء، يدل على ملكة راسخة في القلب تبعث على الخوف والخجل من الله سبحانه ومن

236

المعلوم: إن الذي يخجل من الله تعالى ال يعصيه وإنما يفعل ما يأمره الله. والرضا باليسير ال يتسنى لكل أحد، وانما هو صفة راسخة في

النفس يرى اإلنسان لسبب هذه الصفة إن الله محسن إليه، وإن أعطاه اليسير، وإن ذلك لمصلحة وحكمة، ولو دققت اليوم في

المسلمين لوجدت قلة قليلة منهم بهذه الصفة. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ان الله بعدله وحكمته وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضى عن الله تعالى، وجعل الهم

(.13والحزن في الشك والسخط() إن المتيقن بثواب الله، والراضي بفعل الله، ال بد وأن يرتاح ويفرح بما يأتيه بخالف الشاك الساخط، فهذه الفضيلة + اعني الرضا + توجب خير

الدنيا قبل خير اآلخرة، وأي خير احسن من الروح والفرح؟. وقال اإلمام السجاد )عليه السالم(: )الصبر والرضا رأس طاعة الله،

ومن صبر ورضي عن الله فيما قضي عليه، فيما أحب أو كره، لم يقض(.14الله عز وجل له فيما أحب أو كره إال ما هو خير له()

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )أحق خلق الله أن يسلم لما قضى الله عز وجل، من عرف الله عز وجل، ومن رضي بالقضاء، أتى عليه

القضاء، وعظم الله أجره، ومن سخط القضاء، مضى عليه القضاء،(.15وأحبط الله أجره()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )أعلم الناس بالله، أرضاهم لقضاء ( وقال )عليه السالم(: )قال الله عز وجل عبدي المؤمن ال16الله()

أصرفه في شيء إال جعلته خيرا له فليرض بقضائي، وليصبر على(.17بالئي، وليشكرنعمائي، أكتبه يا محمد من الصديقين عندي()

إن الله سبحانه ال يريد بالعبد شرا فإذا وصل إليه شيء مما يكره، مما ال يدله في ذلك الشيء، كان له من الله أجرا جزيال وثوابا جميال، أما

اذا لم يرض فما الفائدة؟ إنه خسر الدنيا، كما خسر اآلخرة، وأقل خسران اآلخرة ان ال ينال نصيبه من الثواب، أليس ذلك خسارة كبيرة،

ولذا كان أعلم الناس بالله وبحكمه في اموره أرضاهم لقضائه. انظر إلى هذا الحديث المروي عن اإلمام )عليه السالم(: انه سبحانه

أوحى إلى موسى بن عمران )عليه السالم(: )يا موسى بن عمران ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، فإني إنما ابتليته لما هو خير

له، وأعافيه لما هو خير له، وأزوي عنه ما هو شر له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بالئي، وليشكر نعمائي، وليرض

بقضائي، اكتبه في الصديقين عندي، إذا عمل برضائي وأطاع أمري()18.)

وقال )عليه السالم(: )عجبت للمرء المسلم، ال يقضي الله عز وجل له قضاء إال كان خيرا له، إن قرض بالمقاريض كان خيرا له، وإن ملك

(.19مشارق األرض ومغاربها كان خيرا له()

237

وهنا نكتة ال بد من التنبيه عليها، وهي إن بعض الناس يظنون أن الرضا بالقضاء يالزم االتكال وترك األسباب، واالنفالت عن قبضة العلل

والمعلول، أليس كل شيء بقضاء وقدر؟ أليس من رضي فله من اللهالرضا ومن لم يرض جرى عليه القضاء وال أجر له؟.

ولكن هذا من أعظم االشتباه، إن الله سبحانه جعل الدنيا دار السبب والمسبب وأمر بالتوصل باألسباب إلى مسبباتها، لكن هناك شيئين خارجين عن مقدور االنسان )األول( بعض األسباب )الثاني( األمور

االتفاقية، مثال االنسان الذي ليست له قوة، ال يتمكن من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يزرع الزارع ولكن الرياح الخارجة

عن قدرته تسبب فساد الزرع. فمحل الرضا بالقضاء، هذان األمران، ومحل العمل والكد والجد، األمور

اإلختيارية التي لإلنسان شأن فيها وله قدرة عليها. وكل واحد من االتكال على القضاء + المزعوم + بعدم العمل والكد،

فيما بيد االنسان طريقه ويتمكن من سببه. ومن عدم الرضا بالقضاء فيما ال إرادة لإلنسان فيه، خروج عن سنن الكون وتضييع للواقع، فإذا

أصاب االنسان مرض مثال، يلزم أن يذهب إلى الطبيب ويستعمل الدواء، فإذا لم ينجح الدواء وأزمن المرض يلزم ان يرضى بالقضاء، أما

عدم الذهاب إلى الطبيب + بزعم انه قضاء وعليه أن يرضى + أو إذاذهب ولم يبل يغضب وال يرضى، فكال األمرين خبال واشتباه.

ولكن ليعلم أن هناك من الناس من يشط عن جادة الصواب، ويتكل على األسباب فقط ناسيا رب الكون وأنه المقدر والمسير والموصل

إلى النتيجة، هذا جهل وزيغ وانحراف. ولو مثلنا الواقع + وال مناقشة في األمثال + بإنسان يريد الوصول إلى

النجف األشرف، فالالزم أن يركب السيارة ويسوقها السائق حتى يصل، )ا( فإذا لم يركب السيارة، بزعم أن وصوله إلى النجف وعدم وصوله بقضاء وقدر، فلم يتعب نفسه؟ كان إغراقا من جهة اإلتكال

)ب( وإذا ركب السيارة وزعم أنها هي السائرة بال وساطة سائق، كان زيغا وظالال )ج( وإذا ركب واعتقد بالسائق، لكنها خربت في الطريق

ثم لم توصله، فغضب وأبدى عدم رضاه كان من عدم معرفة بالواقع،وال يفيد غضبه وسخطه.

والنفس المتوسطة التي ال تكون منحرفة إلى أحد األطراف الثالثة الزائفة، ال تحصل إال بعد طول الفكر والروية، وإعمال القوة الروحية، وإذا حصلت كان االنسان متوسطا عدال، لم يتحسر على ما ال حيلة له فيه، وال يحزن لما يصيبه حزن أهل الدنيا، وال يعتمد على األسباب مما

يفسد عليه جمال التوكل وسعة الروح المتطلعة إلى عالم الغيب. ولذا ورد في القرآن الحكيم: )أال إن أولياء الله ال خوف عليهم وال هم

( فإنه ليس المراد عدم الحزن مطلقا، وإال فقد حزن20يحزنون()

238

الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( على ولده إبراهيم )عليه السالم( وحزن اإلمام الحسين )عليه السالم( على ولده علي األكبر )عليه

السالم( إلى غيرهما، بل المراد حزن أهل الدنيا الذين يرون األسباب والمسببات وال يرون الحكم والمصالح والفوائد اآلجلة والعاجلة،

والثواب والجزاء، وهكذا الكالم بالنسبة الى )ال خوف عليهم( فإنه ال ينافي خوف موسى )عليه السالم( من فرعون ومالئه، فإن المراد

خوف أهل الدنيا الذين يرون )ما وراء عبادان قرية(. وقد ورد في الحديث القدسي ان الله سبحانه قال لداود )عليه

السالم(: )يا داود ما ألوليائي والهم بالدنيا، إن الهم يذهب حالوة مناجاتي من قلوبهم إن محبتي من أوليائي أن يكونوا روحانيين ال

(.21يغتـمون() كما أن ما ورد من إن األمور كلها بيد الله تعالى كقوله تعالى: )... وما

( وقوله سبحانه: )إن الله هو22رميت إذ رميت ولكن الله رمى...() ( وما أشبه وكلها ناظرة إلى جهة السير وواقع المسير23الرزاق...()

والموصل، فالله هو الموصل ولكن باألسباب.التوكل

إيكال األمور إلى الله من أفضل المقامات التي يصل إليها االنسان، وال يصل االنسان إلى هذا المقام إال بعد جد وجهد، ولذا كثير من الناس + بل أكثرهم + ال يرون للتوكل معنى + أو ال يتمكنون أن يصلوا إلى هذا

المقام. ومعنى إيكال األمر إليه سبحانه، أن ال يحرص االنسان باإلتيان على أكثر من األسباب الظاهرية، وال يغتم لما فاته وال يحزن إذا لم يصل إلى النتيجة، مثال اذا عقل االنسان رجل بعيره في المحل اآلمن من

السبع واللص ووكل األمر بعد ذلك إليه سبحانه كان معنى التوكل إنه يهدأ باله، فال يتفكر في أمر بعيره هل يصيبه شيء أم ال؟ وإذا أصابه

شيء، لم يحزن حزنا ال يرى في ذلك له مصلحة وأجرا. أما من ال يعقل بعيره، ويقول: )توكلت عليه تعالى( فهذا خالف ميزان التوكل، إذ التوكل في األمر الزائد على األسباب ولذا لما رأى الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( بعيرا بغير عقال، سأل صاحبه عن السبب وحيث أجاب اإلعرابي: بأنه توكل على الله، زجره الرسول )صلى الله

عليه وآله وسلم( وقال له: إعقل وتوكل. كما أن من يعقل لكنه ال يرى لله سبحانه دخال في حفظه أو يرى أن له

دخال، لكنه ال يستقر قلبه، أو إذا أصابه شيء حزن وجزع، فهو خالفالتوكل.

وقد يزعم بعض الناس المفرطين: إن التوكل عبارة عن عدم التماس األسباب، وهذا خبال وجهل، كما إنه قد يزعم بعض الناس المفرطين: إن التوكل ال معنى له إذ الدنيا دار أسباب، وهذا أيضا جهل وزيغ، فإن

239

األسباب ليست هي وحدها الموصلة إلى المسببات، وانما هناك إرادة قوية فوق األسباب، هي المقررة للمصير أرأيت من يزرع، هل هو الذي

يأتي بالثمر أومن يباشر هو الذي يأتي بالولد،؟ أومن يتجر هو الذي يأتي باألرباح؟ وهكذا، وإن كان األمر كذلك فلم كثيرون ممن يزرع وال

يحصد؟؟ أو يباشر وال ينجب؟؟ أو يتجر ويخسر؟؟؟. التوكل إضافة إلى انه أمر واقعي، وإن من الجهل عدم التوكل، فإنه

يوجب االرتياح وهدوء البال، واطمئنان النفس. ثم التوكل باعتبار كونه ملكة من النفس تبعث على إيكال األمور إلى الله + بعد تحصيل األسباب الالئقة + يحتاج االنسان في تحصيلها إلى

المجاهدة، وإال فالجزع والحزن والحرص هي الغالبة على االنسان في كثير من األحيان واألشخاص، كما أن الكسل وعدم العمل واإلهمال هي

الغالبة على بعض الناس الذين يزعمون انه التوكل، فالالزم على االنسان أن يسلك السبيل األوسط ويمارس هذا المسلك حتى يكون له

ملكة، وهناك التوازن واالعتدال واالطمئنان وارتياح البال، وقد أرصد اإلسالم لهذا الموضوع المهم في حياة االنسان جدا، رصيدا كبيرا من

اآليات واألحاديث. قال القرآن الحكيم: )... وعلى الله فتوكلوا إن كنتم ( وقال:25( وقال: )... وعلى الله فليتوكل المؤمنون()24مؤمنين()

( وقال: )... ومن يتوكل على الله فهو26)... إن الله يحب المتوكلين()( وقال: )... ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم()27حسبه...()

28.) وقال الرسول األكرم )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من انقطع إلى

الله كفاه كل مؤنه، ورزقه من حيث ال يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا ( ولنقف قليال عند هذا الحديث الذي به يتبين سائر29وكله الله إليها()

األحاديث أيضا، لنرى الفرق بين المتوكل وغيره، إذ كثيرا ما يخطر ببال بعض الناس إنا نرى عدم الفرق بين المتوكل وغير المتوكل ففي هؤالء

أغنياء وفقراء وفي أولئك أغنياء وفقراء؟ فكيف يكفي الله مؤنةالمتوكل دون من عداه؟.

والجواب إن في األمر مراحل ثالث: أ + مرحلة الهدوء النفسي، وال شك أن المتوكل هادئ النفس بخالف

غيره، كما تقدم. ب + مرحلة األجر والثواب، وال إشكال في إن المتوكل مأجور دون غير

المتوكل. ج + مرحلة األمور الدنيوية كالربح والمنصب وما أشبه + وهذه المرحلة

هي مرحلة اإلشكال واإلشتباه + فنقول: إن التوكل على الله يورث االستقامة التي هي بدورها تعطي كل أمر حقه من العالج والتسبيب والجهد له، بخالف عدم التوكل فإنه يورث عدم االستقامة الذي هو

بدوره يوجب الزيغ واإلفراط والتفريط.

240

مثال، التوكل يوجب الطلب بقدر، واإلنفاق في المصارف المقررة بقدر،وهذا

يسبب الغنى واالستقامة في العيش، أما عدم التوكل فإنه يورث التكالب، المنجر إلى الربا واالحتكار والحروب التجارية وغالء األسعار

واالختالل في التوازن االقتصادي في البالد، وما أشبه. فاالنقطاع إلى الله بالتوكل بقدر، والعمل والتسبيب + كما أمر تعالى + بقدر، موجب لكفاية كل مؤونة، والعيش السعيد، بخالف االنقطاع إلى

الدنيا، فإنه يوجب كل شر وبؤس. وحيث ان بعض الناس يفهم من هذا الحديث وبعض األحاديث اآلتية،

تعطيل األسباب، فلنقدم جملة من األدلة الدالة على لزوم التسبيب، ثم نرجع إلى ما كنا بصدده من فضيلة التوكل، بعد ما تقدم حديث )إعقل وتوكل( قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )أوجب الله على عباده أن يطلبوا منه مقاصدهم باألسباب التي سببها لذلك، وأمرهم بذلك( وفي

القرآن الحكيم آيات دالة على لزوم األخذ باألسباب، كقوله سبحانه: )يا ( و)وال تحاضون على30أيها النبي حرض المؤمنين على القتال...()

( و)أعدوا لهم ما استطعت++م من قوة وم+++ن31طعام المسكين()( و)... قل اعملوا...(33( و)... خذوا حذركم...()32رباط الخي++++ل...()

(. إلى غيرها...34) وقد يزعم بعض الناس ان الله هو الذي يأتي بالسبب، أليس هو

سبحانه مسبب األسباب؟ وهذا اشتباه فإن معنى مسبب األسباب انه جعل السبب سببا، ال أن معناه انه تعالى يأتي بالسبب + مثال + الله

سبحانه جعل المباشرة سببا إلنجاب األوالد، ال إن معناه أنه يأتي باألوالد ب++دون مباشرة، وفي المشهورة أبى الله أن يجري األمور إال

بأسبابها وعمل النبي واألئمة الطاهرين )عليهم السالم( من أقوىالشواهد للزوم التمسك باألسباب.

فالتحريض بالتوكل، في مقابل م++ن ال يتوكل + وهم غالب أهل المادة + ال في مقابل، من يأتي باألسباب، كما أم+++ر الله تعالى، ثم يتوكل في

األمور الخارجية عن يده. إذا عرفت هذا، فلنرجع إلى سائر أدلة التوكل المرشدة إليه،

والمحرضة للتمسك به، قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند الله أوثق منه بما في

( إن ما في يد االنسان قد يتلف، أما خزائن الله فال تنفد: )ما35يده() ( و)ولله خزائن السماوات36عندكم ينفد وما عند الله باق...()

( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو أنكم تتوكلون37واألرض...() على الله حق توكله، لرزقتم كما ترزق الطيور، تغدو خماصا وتروح

( وليس معنى هذا أن يبقى االنسان في بيته، بل معناه أن38بطانا() يغدو في طلب الرزق، كما تغدو الطيور، ومن المعلوم أن الغدو مع

241

التوكل يوجب سوق الرزق الحالل الهنيء + كما هو كذلك بالنسبة إلى الطيور + فال يقال: إن الغدو ال يحتاج إلى التوكل، ألنا نرى غير المتوكل

أيضا يرزق؟. واسمع إلى هذا الحديث الطريف المروي عن االمام السجاد )عليه السالم( قال )عليه السالم(: )خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط

فاتكأت عليه، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان، ينظر في اتجاه وجهي ثم قال: يا علي بن الحسين، مالي أراك كئيبا حزينا، أعلى الدنيا؟ فرزق

الله حاضر للبر والفاجر، قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول، قال: فعلى اآلخرة، فوعد صادق يحكم فيه ملك قاهر قادر، قلت: ما على هذا أحزن، وإنه لكما تقول فقال: مم حزنك؟ قلت: مما نتخوف من

فتنة ابن الزبير وما فيه الناس! قال: فضحك، ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا سأل الله فلم يجبه؟ قلت: ال، قال: فهل رأيت أحدا توكل على الله، فلم يكفه؟ قلت: ال، قال: فهل رأيت أحدا، سأل

(.39الله فلم يعطه؟ قلت: ال، ثم غاب عني() ولعل الرجل كان الخضر )عليه السالم( أو من األرواح الطاهرة وإنما جاء ليقول لإلمام السجاد )عليه السالم( تعليما للناس، فإنهم كثيرا ما

كانوا ال يتمكنون من إظهار علومهم إال باإلسناد. وهنا كالمان )األول( أن الخوف كيف يالئم مع علم اإلمام بالمستقبل، فإنك إذا علمت أن مريضك يموت أو علمت أنه ال يموت، ال يصح أن

تقول: أخاف من موت مريضي، بل الخوف لألمر المترقب المشكوك فيه )الثاني( أنه على تقدير صحة الخوف مع العلم، فاإلمام المطلع

على الثواب واألجر، ال وجه لخوفه. والجواب )أوال( إن في بعض األحاديث: إن األئمة )عليهم السالم، اذا شاءوا علموا.. فحالهم في علم المستقبل حالنا في رؤية األشياء، اذا

أردنا فتحنا العين لنرى، وإذا لم نشأ لم نفتحها فال نرى، إذا فمن الممكن عدم مشيئتهم لعلم المستقبل، لمصلحة في عدم العلم )ثانيا(

يصح الخوف مع العلم بالمضر المستقبل، ولذا يصح أن تقول أخاف من الموت، مع إنك تعلم أنه يأتيك ال محالة )ثالثا( من المحتمل قريبا

أن يكون العلم بواسطة األسباب العادية هي التي تؤثر في الحاالت النفسية المعتادة، أما العلم بواسطة األسباب غير العادية فتارة تؤثر

وتارة ال تؤثر مثال إنك إذا علمت بأن عملية جرح الولد تسبب له راحة، ال تحزن وانما تفرح، ألنه علم بواسطة السبب العادي، أما األمام

الحسين )عليه السالم( حيث كان علمه بأن قتل علي األكبر يوجب له راحة كاملة وكان )عليه السالم( يرى الجنة ونعيمها التي ينعم فيه ابنه الشهيد، بواسطة السبب الخارق للعادة، لم يكن ذلك العلم يؤثر في فرح االمام )عليه السالم( وإنما كان يحزن ويبكي لقتل ولده + وهذا

242

الجواب دقيق جدا وبه يمكن أن يحل كثيرا من هذا القبيل مناالشكاالت +.

)رابعا( إن العلم بالثواب ال يسبب عدم الخوف، بل الخوف كاأللم نتيجة لعالم الجسم، فكما أن العلم بالثواب ال يسبب عدم ألم الجسم من سيف العدو، كذلك العلم بالثواب ال يسبب عدم الخوف الحاصل من

مقدمات الخوف، كالفتنة وما أشبه... وال يخفى أن هذا المبحث مربوط بالفلسفة انسقنا إليه انسياقا دفعا، لم يتبادر إلى بعض األذهان، من

أمثال هذا الحديث من األشكال، والله العالم بحقيقة الحال. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من أعطي ثالثا لم يمنع ثالثا من

أعطي الدعاء: أعطي اإلجابة، ومن أعطي الشكر: أعطي الزيادة، ومن أعطي التوكل: أعطي الكفاية، ثم قاألتلوت كتاب الله عز وجل؟: )ومن

(41( وقال: )لئن شكرتم ألزيدنكم...()40يتوكل على الله فهو حسبه()(.43( )42وقال: )... ادعوني أستجب لكم...()

وقال )عليه السالم(: )إن الغنى والعز يجوالن، فإذا ظفرا بموضع ( وقال )عليه السالم(: )أوحى الله إلى داود )عليه44التوكل أوطنا()

السالم(: ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السموات واألرض ومن فيهن، أال جعلت له

المخرج من بينهن وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته إال قطعت أسباب السموات واألرض من يديه وأسخت

(.45األرض من تحته ولم أبال بأي واد هلك() ثم إن كثيرا من الناس يزعمون أن التوكل، لقلقة لسان، وقوله.

)توكلت على الله(. وهذا زعم باطل، أرأيت المريض، لو تلفظ بالدواء ألف مرة، هل كان يكفي ذلك، ويبله من مرضه؟ حتى يستعمل الدواء

كذلك )التوكل( ال ينفع لفظه، إال اذا عمل به االنسان، وأنمى ملكته في نفسه، نعم قولة: )توكلت على الله( إظهار وإيحاء، وما أكثر فائدتهما، أما )اإلظهار( فألنه شعار والشعار مهم جدا، شرعا وعقال وعرفا، وأما

)اإليحاء( فألن االنسان إذا كرر شيئا، خصوصا إذا كان بصوت، أوحى ذلك الشيء المكرر إلى نفسه بااللتزام بذلك الشيء ولعل هذا هو سر

ما ورد في األحاديث الكثيرة من استحباب التلفظ بالفاظ الذكروالدعاء والقرآن وما أشبه، باإلضافة إلى فائدة )التعلم( و)التذكر(.

ولذا اعتاد الناس إمالء أذهانهم بالمحفوظات، وإن كان وقت الحفظ قد ال يستفيد االنسان من حفظه شيئا، إال إن ذلك تذكرة وإيحاء، وما أكثر

فائدتهما!الشكر

هل رأيت إنسانا تقدم إليه )ماء( ثم يشرب، وال يقول لك شيئا، كيفتمتعض؟ إنه ليس بإنسان كامل، وإال لشكرك وأقال، باللفظ فقط؟.

243

ثم إئت إلى األزيد فاألزيد، حتى تصل إلى من أنعم عليك بكل شيء وكل شيء، أال يحق أن تشكره ليل نهار، وسرا وجهارا وإن لم تشكر،

فأنت جاحد كافر، وال أعني بالكفر كفر العقيدة، فإنه خاص بمن ينكر أو يرتاب في أصول الدين فقط، وإنما أقصد بالكفر كفر العمل، فإن من

ال يصلي كافر، ومن ال يحج كافر، ومن ال يشكر كافر، ولذا وردت اآليات واألحاديث في نسبة الكفر إلى هؤالء وأمثالهم! في حديث ينقله

شيخنا المرتضى في كتاب المكاسب: إن الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( قال لعلي )عليه السالم(: )يا علي كفر بالله العظيم من

هذه األمة عشرة النمام و....(. والشكر فضيلة جميلة، يوجب كمال إنسانية االنسان، وإال فالخالي عن

الفضيلة، ليس بإنسان إطالقا، وإن كان ماشيا على رجلين، فالدب وبعض القردة أيضا تمشي على رجلين، ولذا قال اإلمام المرتضى )صلوات الله عليه(: ابني: إن م+++ن ال+رجل+++ين بهيمة في صورة

الرجل السميع المبصر.والشكر على ثالثة أنواع:

+ الشكر باللسان، بأن يتلفظ االنسان بلفظه )الشكر لله أو أشكر1 الله( أو ما أشبه، بل كل حمد ومدح له سبحانه فهو داخل في إطار

الشكر وإن لم يكن بلفظ الشكر. + الشكر بالقلب، بأن يعرف االنسان بقلبه، إن النعم منه سبحانه،2

وينوي له شكرا ومدحا، ويخضع قلبا، أمام منعمه والمتفضل عليه، حتىيكون القلب ذا ملكة للشكر.

+ الشكر بال++جوارح، بأن يأتي االنسان بما يليق بالنعم، من االطاعة،3 واالجتناب عن المعصية، ولذا قال سبحانه: )... اعملوا آل داود

( أي آتوا بالعمل الذي هو شكر.46شكرا...() (47قال الله تعالى: )ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم...()

( وقال: )فاذكروني أذكركم48وقال: )... لئن شكرتم ألزيدنكم...() ( إلى50( وقال: )سنجزي الشاكرين()49واشكروا لي وال تكفرون()

غيرها من اآليات ولكن هل كل أحد يعرف قدر النعم، ويأتي بالشكر(.51حقـه؟ كال، قال سبحانه: )... وقليل من عبادي الشكور()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الطاعم الشاكر، له من األجر كأجر الصائم المحتسب( أليس كل واحد قد أتى بشرائط

العبودية، وواجب حق الله تعالى؟ واستطرد الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( في بقية الحديث السابق قوله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )و المعافى الشاكر، له من األجر كأجر المبتلي الصابر،

( وما ألطف52والمعطي الشاكر، له من األجر كأجر المحروم القانع() هذا الحديث الذي فاه به الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( حيث

( وقال53قال: )إن للنعم أوابد كأوابد الوحش، فقيدوها بالشكر()

244

)صلى الله عليه وآله وسلم(: )ينادي مناد يوم القيامة: ليقوم الحمادون! فيقوم زمرة، فينصب لهم لواء، فيدخلون الجنة، فقيل: من

(.54الحمادون؟ فقال: الذين يشكرون على كل حال() وهل من الصحيح أن نشكره على بالئه والبؤس كما نشكره على

فضله؟ نعم، فان الله تعالى ال يفعل بعبده إال خيرا سواء كان نعمة أو نقمة قل: كل من عند الله، والنقمة في المؤمن أما تأديب أو تخفيف

ذنب أو رفع درجة؟ وأي الثالثة ال يستحق شكرا؟. وقال اإلمام السجاد )عليه السالم(: )إن الله سبحانه يحب كل قلب

( والظاهر: إن المراد بالحزين، الذي55حزين، ويحب كل عبد شكور() يحزن ألمر آخرته، أو يحزن لضالل الناس وانحرافهم، وقال اإلمام

الباقر )عليه السالم(: )كان رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر الله

لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة، أال أكون عبدا شكورا؟ قال عليه الصالة والسالم: وكان يقوم على أطراف أصابع

(56رجليه، فأنزل الله تعالى: )طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى() وفي الحديث تنبيه على انه ال يلزم أن يكون العمل الجل غفران

الذنب، بل ولو علم االنسان أن ذنبه مغفور، كان من شرائط الطاعة أن يعمل شكرا لله تعالى، ثم إن الظاهرأن المراد بالذنب ذنب النبي

)صلى الله عليه وآله وسلم( أمام قريش، فقد فتح الله سبحانه للنبي فتحا مبينا، ومن نتائج الفتح غفران ذنبه السابق على الهجرة والمتأخر عنها، كما هي العادة من الناس ينظرون إلى الرؤساء نظرة اإلعظام

واإلكبار، فيغتفرون بذلك ما يعدونه ذنبا، وهذا استعمال عادي كثير في المحاورات، أما كون المراد بالذنب ذنب األمة كما ورد، فذلك من

المصاديق لكل غفران الذنب، الصادق على ذنب الرسول بالنسبة إلى قريش + كما هو الظاهر من سياق اآليات + وعلى ذنب األمة، حيث إن

ذنب الشعوب يعد ذنب الرؤساء، وكيف كان فللكالم محل آخر. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما أنعم الله على عبد من نعمة، عرفها بقلبه، وحمد الله ظاهرا بلسانه، فلم يتم كالمه، حتى يؤمر له

( وقال )عليه السالم(: )ثالث ال يضر معهن شيء: الدعاء57بالمزيد() ( فال كرب58عند الكرب، واالستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة()

مع الدعاء، وال ذنب مع االستغفار، وال خوف من زوال النعمة معالشكر.

وقال )عليه السالم(: )شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عز ( وليس المراد الحمد باللسان فقط، بل الحمد بقول59وجل عليها()

مطلق، ولذا قال )عليه السالم( في حديث آخر: )شكر النعم: اجتناب (60المحارم، وتمام الشكر قول الرجل: الحمد لله رب العالمين()

وسئل )عليه السالم(: )هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال

245

)عليه السالم(: نعم، قيل: ما هو؟ قال )عليه السالم(: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم الله عليه في ماله

(.61حق أداه() وقال )عليه السالم(: )كان رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( إذا

ورد عليه أمر يسره قال: الحمد لله على هذه النعمة، وإذا ورد عليه ( وقال )عليه السالم(:62أمر يغتم به، قال: الحمد لله على كل حال()

)اذا ذكر أحدكم نعمة الله فليضع خده على التراب، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة، فليضع خده على قربوسه، وإن لم يقدر فليضع

(.63خده على كفه، ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه() ومن الجدير باإلنسان أن يعود نفسه الحمد لله، بل ذكره سبحانه في

كل مناسبة، نحو: )في أمان الله( و)إن شاء الله( و)عافاك الله( و)أصلحك الله( وما أشبه. وقد روي ان النبي )صلى الله عليه وآله

وسلم(: سأل رجال قائال: )كيف أصبحت؟ فقال: بخير، فأعاد )صلى الله عليه وآله وسلم( فأعاد الرجل الجواب، فأعاد )صلى الله عليه وآله

وسلم( السؤال، فقال الرجل: بخير أحمد الله وأشكره، فقال )صلى ( وقد كانت عادة64الله عليه وآله وسلم(: هذا الذي أردت منك()

المسلمين اإلتيان بذكره سبحانه، وبما أمر حتى جاءت المناهج الغربيةفبدلوا كل شيء، حتى هذا.

فقد كان للقاء )السالم عليكم ورحمة الله(... واآلن: أهال، أو )هلو(. وللتحية بعد اللقاء: )صبحكم الله بالخير( أو ما أشبه... واآلن: صباح

الخير...وللتوديع )في أمان الله(... واآلن: في األمان.

وللوعد )إن شاء الله(... واآلن: صار.. وللجواب عن سؤال الصحة: )الحمد لله(: واآلن: ال بأس أو ينقضي،

وهكذا وهكذا... ثم ليعرف االنسان، ان التوفيق للشكر، والتمكن على الشكر، من نعم

الله التي تستحق أن يشكر الله سبحانه من وفق له، ولذا ورد: )إن الله أوحى إلى موسى )عليه السالم(: يا موسى اشكرني حق شكري،

فقال: يا رب، كيف أشكرك حق شكرك، وليس من شكر أشكرك به إال وأنت أنعمت به علي؟ قال: يا موسى اآلن شكرتني، حيث علمت أن

( وورد مثل ذلك بالنسبة إلى داود )عليه السالم(..65ذلك مني()وقد أخذه بعض العلماء فقال في منظومة له:

شكرا، وأنى لي بلوغ ما وجب من شكره والشكر للشكر سبب ثم إن الشكران كما يوجب المزيد من النعمة، فالكفران يوجب

المنقصة والزوال، قال الله تعالى: )... لئن شكرتم ألزيدنكم ولئن ( وقال سبحانه: )... فكفرت بأنعم الله66كفرتم إن عذابي لشديد()

( وما أعجب هذا التعبير، حتى67فأذاقها الله لباس الجوع والخوف...()

246

كان الجوع والخوف لباس يشتمل على جميع أعضاء الجسم، فكل عضو وكل جزء من البدن خائف جائع وهو كذلك فإن الخوف إذا اشتد

يحس الشخص إن كل جزء من بدنه خائف، وكذلك الجوع. وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )مكتوب في التوراة: اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه ال زوال للنعماء إذا شكرت،

(68وال بقاء لها إذا كفرت، الشكر: زيادة في النعم، وأمان من الغير()أي تغير الحال من الحسن إلى السيء.

الصبر لقد مر بنا مرارا، أن الفضيلة هي الوسط بين اإلفراط والتفريط،

والتحفظ على الوسط مشكل جدا، فإن االنسان غالبا يميل إلى أحدحافتي الطريق.

واألشياء لها موازين خاصة، ينبغي لإلنسان، أن ال يخرج عن تلكالموازين.

فالصبر الذي هو محل الكالم + في هذا المبحث + اعتدال في السلوك، ال عجلة لسبب الخبال والزيغ، وال تلكؤ يوجب اإلنحطاط والتأخر، مثال،

إن أسرع الرجل في زواج ولده قبل البلوغ، كان عجلة وإن أخر الزواج إلى بعد البلوغ بسنوات كان تفريطا لألوان، أما اذا بلغ، زوجه مع صبر

وتوئدة وروية، ليختار الزوجة الصالحة، فهذا هو الصبر المحبوب. وبعض الناس يزعم أنه ليس في عمل الخير صبر! وهذا غفلة عن

معنى الصبر، فالصبر ليس معناه التأخير، بل معناه االنتقاء واالختيار، مثال: إن من الضروري أن تسرع في محاربة من يريد االنقضاض على البالد اإلسالمية، لكن ليس معنى ذلك إال أن تبادر قبل فوات األوان، ال أن معنى ذلك أن ال تعمل الروية والفكر في اختيار األنقى من الطرق،

واألنجح من السبل، فالصبر في كل شيء بحسبه. والصبر باإلضافة إلى ما ورد فيه من الفضل في اآليات واألحاديث،

فضيلة إنسانية تأتي بنتائج مدهشة، في اإلتقان وصحة العمل وإصالح الفاسد، ولذا يلزم على االنسان أن يواظب على هذه الفضيلة، ويقوي

ملكتها في نفسه، وقد قسم العلماء الصبر إلى ثالثة أقسام: + الصبر على الطاعة، كالصالة، والصيام، والحج، وإيتاء الزكاة وما1

أشبه. + الصبر على المعصية، كأن يصبر نفسه عن ارتكاب الجريمة2

واقتراف الحرام. + الصبر على المصيبة، بأن ال يخرج، وال يعمل عمال ينافي الشرع أو3

العقل أو العرف، انسياقا وراء العاطفة. أما الصبر على األعمال حتى يأتي بالثمر الشهي، فالغالب دخوله في

باب الصبر في الطاعة.

247

بل لو دقق االنسان في أعمال البر لوجد كثيرا منها من أقسام الصبر فالتعفـف عن الزنا، والربا، وأكل المال الحرام، وسائر الجنايات يحتاج

إلى الصبر، وإقام الصالة واإلتيان بالواجبات والمندوبات يحتاج إلى الصبر والتعلم والتفقه والوفاء والحياء، وما إلى ذلك يحتاج إلى الصبر،

والمشي مع الناس حتى يصلحهم ويرشدهم يحتاج إلى الصبر، وعدم الجزع في النوائب والمصائب والنوازل يحتاج إلى الصبر، وهكذا، ولذا

لما سئل رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( عن اإليمان؟ قال)صلى الله عليه وآله وسلم(: هو الصبر!.

وقد حرض اإلسالم على الصبر أكبر تحريض، وأرصد له من اآليات واألحاديث أكبر رصيد، ففي القرآن الحكيم أكثر من سبعين آية حول

هذه الفضيلة الرفيعة كقوله سبحانه: )وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا ( وقال: )... وتمت كلمة رب+++ك الحسن+++ى على بني69لما صبروا...()

( وقال: )... ولنجزين الذين صبروا70إس+++رائيل ب+++ما صبروا...() ( وقال: )اولئك يؤتون أجرهم71أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون()

( وقال: )... واصبروا إن الله مع الصابرين()72مرتين بما صبروا...() ( وقال: )بلى إن74( وقال: )... وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر()73

تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آالف من ( قال: )يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا75المالئكة مسومين()

( وقال: )... وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة76ورابطوا...() قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة

(.77واولئك هم المهتدون() وكل ذلك حقيقة كونية، باإلضافة إلى اإلمدادات الغيبية التي يتلقاها الصابرون، فإن الصبر مفتاح الفرج، وقد قال الشاعر الفارسي: إن

الصبر والظفر صديقان من القديم، ففي أثر الصبر يأتي الظفر، وقبله ( وهو78قال تعالى: )ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم األمور()

كذلك فإن العزم األكيد هو الذي يوفق االنسان بسببه على الصبر، وانك اذا رأيت العلماء الكبار، والشعراء العظام، والكتاب النابهين،

والمكتشفين الكبراء والخطباء البارعين، وغيرهم من الطبقة العلية من الناس، ترى السمة البارزة فيهم التي أوصلتهم إلى تلك المرتبة

الرفيعة والمنزلة العالية، هي الصبر، وقد قال أحد الكبار من الساسة: )إن اإلصالح يحتاج إلى الصبر الالنهائي( هذا كله في الدنيا، أما في

(.79اآلخرة ف+ )... إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب() و األحاديث الواردة في فضيلة الصبر، والسيرة النبوية المنهاج العملي

لالئمة الطاهرين )عليهم السالم(، في باب الصبر كثيرة جدا، قال (80رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الصبر نصف اإليمان()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أقل مما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر، ومن أعطى حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام

248

النهار، ولئن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحب إلي من أن يوافيني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم، ولكني أخاف أن تفتح عليكم الدنيا

بعدي، فينكر بعضكم بعضا، وينكركم أهل السماء عند ذلك فمن صبر واحتسب ظفر بكمال ثوابه، ثم قرأ )صلى الله عليه وآله وسلم( قوله

(.82( )81تعالى: )ما عندكم ينفد وما عند الله باق...() (83وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الصبر كنز من كنوز الجنة()

فكما ان الكنز يوجب رفعة صاحبه في الدنيا، ماال وجاها كذلك الصبر يوجب رفعة صاحبه في الجنة وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:

( فعدم التكلم باللغو مع84)أفضل األعمال ما أكرهت عليه النفوس() شدة رغبة االنسان إلى الكالم وعدم تناول الطعام الزائد فكيف

بالحرام مع وفرة رغبة االنسان إليه والقيام في أخريات الليل مع غلبة المنام وأمثال ذلك مما تكره النفس عليه من أفضل األعمال الموجبة

للقرب والزلفى لدى ذي الجالل.وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )في الصبر على ما تكره خير كثير(

( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الصبر من األيمان بمنزلة85) الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك اذا ذهب

( وسئل )صلى الله عليه وآله وسلم( عن86الصبر ذهب اإليمان() ( وروي: )أن فيما أوحى الله87اإليمان؟ فقال: )الصبر والسماحة()

تعالى إلى داود )عليه السالم( أنه قال: تخلق بأخالقي، وإن من أخالقي(.88إني أنا الصبور()

واستمع إلى هذا الحديث قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما تجرع عبد قط جرعتين أحب إلى الله، من جرعة غيظ ردها بحلم، وجرعة مصيبة يصبر الرجل لها، وال قطرت بقطرة احب إلى الله تعالى من قطرة دم أهرقت في سبيل الله، وقطرة دمع في سواد الليل وهو

ساجد وال يراه إال الله، وما خطا عبد خطوتين أحب إلى الله تعالى، من(.89خطوة إلى الصالة الفريضة وخطوة إلى صلة الرحم()

وهذه األمور باإلضافة إلى ما لها من الثواب توجب خير الدنيا والسعادة فيها، فالصبر عند الغيظ والمصيبة يوجب مهابة االنسان في النفوس،

والدم في سبيل الله يوجب التقدم والشوكة، وقطرة الدمع توجب قوة االتصال بالله مما هو رأس كل فضيلة، فإن قوة اإليمان تمنع صاحبها من الدنايا، وهكذا الخطوة إلى الصالة، اتصال بالله وهيبة عند الناس

وصلة الرحم تأليف وقوة ونظام. وروي + عن المسيح )عليه السالم( انه قال للحواريين: )إنكم ال تدركون

( وهذه حقيقة بقدر ما هو90ما تحبون إال بصبركم على ما تكرهون() تأييد من الغيب، فهل رأيت عالما لم يسهر، وتاجرا لم يكدح، وملكا

يتلقى البشر من شعبه بدون نصب وعدل..و ؟

249

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الصبر ثالثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على

المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثالثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى األرض، ومن صبر على

الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم األرض إلى العرش، ومن صبر ع++لى المعصية كتب ال+++له له تسعمائة درج+++ة ما بين الدرج+++ة إلى الدرجة كما بين تخوم األرض

( والله وحده يعلم هذه المسافات، ويعلم ما91إلى منتهى العرش()ألصحاب الدرجات األرقى من االبتهاج والسرور.

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )بني اإليمان على أربع دعائم: اليقين، والصبر، والجهاد، والعدل، وقال )عليه السالم(: الصبر، وحسن

( وقال اإلمام الباقر )عليه92الخلق، والبر، والحلم، من أخالق األنبياء() السالم(: )الجنة محفوفة بالمكاره، والصبر، فمن صبر على المكاره

في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات، فمن أعطى( والمراد الشهوة المحرمة.93نفسه لذتها وشهوتها دخل النار()

الى غيرها وغيرها من الروايات الواردة بهذا الشأن. ثم أن معنى الصبر على الطاعة، عدم إطاعة الكسل، والخور في عدم اإلتيان بالطاعة.. ومعنى الصبر على المعصية، أن يصبر نفسه فال يأتي بالعصيان وإن كان فيه لذة وتاقت نفسه إلى االقتراف.. ومعنى الصبر على المصيبة، أن ال يجزع بقول سيء أو عمل منافي للحلم.. ومعنى

الصبر على العمل، أن يستمر بدون إعارة أهمية للتعب أو كالم الناسوالمصادمات.

وما في الروايات، من أن الصبر: اإليمان، أو جزءه، أو نصفه، وكرأسه، أو أمثال ذلك، يراد به مراتب الصبر... والصبر من أهم أسس النجاح

في الدنيا واآلخرة، فعلى االنسان أن يهتم لتحصيل هذه الفضيلة، أوال، ثم إنماؤها حتى يأتي بأحسن الثمار وأجمل اآلثار، والله الموفق وهو

المستعان.حسن الظن

القلب كاألرض منها مالحة أجاجة، ومنها عذبة طيبة فاألرض المالحة ال تنبت إال نكدا والطيبة تؤتي نباتا خضرا... وهكذا القلب منه طيب ال

ينبت إال الطيب ومنه خبيث ال يخرج إال الخبيث، فالقلب الطيب قولهطيب ونبته طيب وفكره طيب والخبيث، بالعكس.

ومن شؤون القلب الظن بالنسبة إلى الناس والى خالق الناس، فذو القلب الطيب ال يظن بالناس إال خيرا وال يظن بإله الناس إال خيرا

وعلى ضده خبيث القلب. إن رأى األول شيئا مريبا حمله على محمل صحيح وإن سمع كالما بذيئا

قال: لعلي لم أفهم معنى الكالم والمتكلم يريد غير ما فهمت، وإن

250

نظر إلى سيئة عفى وقال في صاحبه خيرا.. وهكذا وبذلك يصفو قلبه وتنير نفسه ويخلص ذهنه فهو في راحة والناس منه في راحة وكذا

بالنسبة إلى خالق األرض والسماء اإلله الحكيم العليم. وإن سمع شيئاسلم أمره إلى الله وقال: الله أعلم بما يعمل وإن ذاق شيئا مرا قال:

( وهكذا... وهكذا...94).. وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم...() وذو القلب الخبيث على الضد من ذلك كله، فهو سيء الظن بالناس،

سيء الظن بالله تعالى وهو بهذا يؤذي نفسه أكثر مما يؤذي من أساءبهم الظن.

واإلسالم يحب الطيب من كل شيء:)وهدوا إلى الطيب من القول() ( وهكذا يريد أن يكون المسلم حسن الظن، يقول الله تعالى:)يا95

(96أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم...() اجتنبوا الكثير من الظن ألن بعضه رديء، كمن يجت+++نب أدوية

معي+++ن++ة، ألنه يعلم أن ف+++يها سم+ا قاتال وقال تعالى في آية أخرى:)... ( هذا بالنسبة إلى سوء الظن97وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا()

بالناس، أما سوء الظن بالله تعالى فاستمع: )وذلكم ظ+++نكم الذي ( ، إن الظن السيء بالرب يردي98ظنن+++تم بربكم أرداك+++م...()

اإلنسان! ثم ماذا يستفيد سيء الظن، إنه يسيء إلى نفسه من حيث يحتسب

أنه يحسن فإذا استفسرت منه! عن وجه هذه الظنون؟ يقول: لئال أقع في البئر!عجبا، انه في البئر وقع، وافترسه األسد الذي هرب منه إذ ال

يزال اإلنسان ليسيء الظن حتى يظهر أمره على الناس وعند ذلكينفر منه كل قريب وبعيد ويبقى في وحشة وعزلة...

ولو نظرت إلى أحوال الناس، رأيت هذا الكالم صادقا فكل سيء الظن، بعيد متنفـر منه، وبالعكس، كل حسن الظن قريب محبوب لدى

الجميع. فإذ يوصينا اإلسالم بحسن الظن، ال يريد من وراء ذلك اإلحسان إلى

اآلخرين فقط، وإنما يهتم باإلحسان إلينا، أكثر.. فأكثر. يقول اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه وال تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا، وأنت

(.99تجد لها في الخير محمال() وال يزال سيء الظن يمادي في غيه حتى يظن كل خير شرا فمن سلم عليه رآه هازئا، أو متكبرا في سالمه ومن ترك السالم عليه أقام الدنيا

وأقعدها نقمة عليه فبالله قل له: ماذا يصنع من يالقيك إذا؟ وهذا بالعكس من وصية اإلمام )على أحسنه( فإن ترددت: إنه سب+ك أو

رحب بك، أو سلم عليك، فقل: سالم، ألنه أحسن من الترحيب.. وهكذا يلقى السالم في القلوب المحبة ويحصد الشوك والحسد كي يسلم

المجتمع من االنهيار والبوار.

251

والى جنب ما وصى اإلسالم بحسن الظن، يوصي بالتنكب عن مواضع التهمة، فهذا ال يضع نفسه موضعا مثيرا للشكوك وذلك ال يسيء الظن، أية جنة أحسن من هذه؟ قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: اتقوا

( وفي الحديث )ومن جلس مجالس السوء أتهم(.100مواقع التهم()وفي الحديث اآلتي أروع األمثلة، لحياطة اإلسالم عن مثار الشكوك. روي:)أن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( كان يكلم زوجته صفية

بنت حي بن أخطب فمر به رجل من األنصار فدعاه رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( وقال: يا فالن! هذه زوجتي صفية، فقال: يا

رسول الله، أفنظن بك إال خيرا؟! قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم(.101مجرى الدم، فخشيت أن يدخل عليك()

وقد حدث قريبا حادث يدل على مدى االشتباهات التي تقع من جراء سوء الظن، واليك القصة:)كنت رجال أسكن إحدى الغرف في المحالت

المعدة للسكنى وذات ليلة بينما كنت نائما، سمعت صوتا رقيقا كأنه صوت شاب يستغيث استغاثة مشجية ويقول: ال تفعل ال تفعل آخ آخ خلني خلني. احترقت احترقت وهكذا كان يكرر مثل هذه العبارات.. فلم أشك في انه عمل قبيح فقمت من فراشي وذهبت إلى الغرفة

التي كانت فيها القصة، ومن شق الباب نظرت فإذا رجل يقلع الزفت الذي كان وضعه على قرعة ولده.! قال: وهنالك تيقنت أن كل شيء

هو خالف الواقع(. لكن ينبغي للعاقل أن ال يوقع نفسه في مثل هذه المآزق حتى يساء به

الظن وإن فعل فهو السبب ولذا ورد عن اإلمام )عليه السالم(:)من(.102عرض نفسه للتهمة فال يلومن من أساء به الظن()

إنه هو السبب فكيف يلوم غيره؟كظم الغيظ

اإلنسان بطبعه يهتاج بما ال يالئمه، قديسا كان أو شريرا إذ لكل أحد ما ال يالئم ملكاته ونظرياته، وهذا التوتر واالهتياج أول سلسلة من العمل فالرجل الهائج ال بد وان يبدي ما يكنه عصبه بلسان أو يد أو منجل أو

تغيير قيافة. وإذا كان الشخص مالكا ألعصابه، مسيطرا على أجهزته يتمكن من

إخماد هذه الثائرة: حتى تصبح النار رمادا تذروه الرياح وهذا ما يسمىبكظم الغيظ فهو تحلم ال حلم.

وكظم الغيظ فضيلة كما أن الحلم والعلم.. وما إليهما فضيلة، يمدحالله عباده المؤمنين.

(. ويقول نبي اإلسالم العظيم:103بقوله: )... والكاظمين الغيظ...() من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، مأل الله قلبه يوم القيامة

(.104رضا()

252

وكظم الغيظ يعقب روحا وراحة، وبالعكس الطيش والهياج فأنهما يعقبان حسرة وندامة إذ ال أقل: من انهيار النفس وتعب البدن ودع

عنك ما ينجم عن ذلك كثيرا.. من جرح وأذى وربما حبس وقتل ولذا يقول اإلمام السجاد )عليه السالم(: )ما تجرعت جرعة أحب إلي من

( ويقول ولده اإلمام الباقر105جرعة غيظ ال اكافىء بها صاحبها() )عليه السالم( + لبعض ولده +: )يا بني ما من شيء أقر لعين أبيك من

جرعة غيظ عاقبتها صبر وما يسرني أن لي بذل نفسي حمر النعم()106.)

فإن في شفاء الصدر ذال عاجال في الدنيا ومرارة آجلة في اآلخرة فإن من ينفذ غيظه ال بد وان يقابل بالمثل وفيه مذلة قال اإلمام الصادق )عليه السالم(:)ما من عبد كظم غيظا إال زاده الله عز وجل عزا في

الدنيا واآلخرة، وقد ق+++ال الله عز وج+++ل )... والكاظمين الغيظ ( وأثابه الله مكان107والعافين عن الناس والله يحب المحسنين()

(.108غيظه ذلك()أما ثواب اآلخرة فحدث وال حرج:

ق+++ال رس+++ول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ما ج++++رع عبدجرع++++ة أعظم أجرا من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله تعالى()

109.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن لجهنم بابا ال يدخله إال من

( وانه كذلك فربما هاجه أحد110شفي غيظه بمعصية الله تعالى() فيريد االنتقام منه بالغيبة والتهمة وكيل اللوم والذم والتشهير والقذف،

وما إليها.. إلى من أغضبه فهو شفاء للغيظ بالمعصية وال يكون محلهذا إال النار.

.11 + سورة فصلت: آية 1.7 + سورة الكهف: آية 2.3/201 + جامع السعادات: 3.3/201 + جامع السعادات: 4.3/201 + جامع السعادات: 5.3/202 + جامع السعادات: 2/62 + أصول الكافي: 6.3/202 + جامع السعادات: 2/62 + أصول الكافي: 7.3/202 + جامع السعادات: 8.3/204 + جامع السعادات: 9

.3/204 + جامع السعادات: 10.3/205 + جامع السعادات: 11.3/205 + جامع السعادات: 12.3/205 + جامع السعادات: 13

253

.3/205 جامع السعادات: 2/60 + أصول الكافي: 14.3/206 جامع السعادات: 2/62 + أصول الكافي: 15.3/206 جامع السعادات: 2/60 + أصول الكافي: 16.3/206 جامع السعادات: 2/61 + أصول الكافي: 17.3/206 جامع السعادات: 2/61 + أصول الكافي: 18.3/206 جامع السعادات: 2/62 + أصول الكافي: 19.62 + سورة يونس: آية 20.3/216 + جامع السعادات: 21.17 + سورة األنفال: 22.58 + سورة الذاريات: آية 23.23 + سورة المائدة: آية 24.122 + سورة آل عمران: آية 25.159 + سورة آل عمران: آية 26.3 + سورة الطالق: آية 27.49 + سورة األنفال: آية 28.3/222 + جامع السعادات: 29.65 + سورة األنفال: آية 30.18 + سورة الفجر: آية 31.60 + سورة األنفال: 32.102 + سورة النساء: آية 33.105 + سورة التوبة: آية 34.3/222 + جامع السعادات: 35.96 + سورة النحل: آية 36.7 + سورة المنافقون: آية 37.3/222 + جامع السعادات: 38.3/223 + جامع السعادات: 2/63 + أصول الكافي: 39.3 + سورة الطالق: آية 40.7 + سورة إبراهيم: آية 41.60 + سورة غافر: آية 42.3/223 + جامع السعادات: 2/65 + أصول الكافي: 43.3/223 + جامع السعادات: 2/65 + أصول الكافي: 44.3/223 + جامع السعادات: 2/63 + أصول الكافي: 45.13 + سورة سبأ: آية 46.147 + سورة النساء: آية 47.7 + سورة إبراهيم: آية 48.152 + سورة البقرة: آية 49.145 + سورة آل عمران: آية 50

254

.13 + سورة سبأ: آية 51.3/240 + جامع السعادات: 2/94 + أصول الكافي: 52.3/240 + جامع السعادات: 53.3/240 + جامع السعادات: 54.3/240 + جامع السعادات: 2/99 + أصول الكافي: 55.3/240 + جامع السعادات: 2/95 + أصول الكافي: 56.3/240 + جامع السعادات: 2/95 + أصول الكافي: 57.3/240 + جامع السعادات: 2/95 + أصول الكافي: 58.3/237 + جامع السعادات: 2/95 + أصول الكافي: 59.3/237 + جامع السعادات: 2/95 + أصول الكافي: 60.3/237 + جامع السعادات: 2/96 + أصول الكافي: 61.3/237 + جامع السعادات: 2/97 + أصول الكافي: 62.3/238 + جامع السعادات: 2/95 + أصول الكافي: 63.3/238 + جامع السعادات: 64.3/243 + جامع السعادات: 2/99 + أصول الكافي: 65.7 + سورة إبراهيم: آية 66.112 + سورة النحل: آية 67.3/242 + جامع السعادات: 2/94 + أصول الكافي: 68.24 + سورة السجدة: آية 69.137 + سورة األعراف: آية 70.96 + سورة النحل: آية 71.54 + سورة القصص: آية 72.46 + سورة األنفال: آية 73.3 + سورة العصر: آية 74.125 + سورة آل عمران: آية 75.200 + سورة آل عمران: آية 76.157 + 155 + سورة البقرة: آية 77.43 + سورة الشورى: آية 78.10 + سورة الزمر: آية 79.3/287 + جامع السعادات: 2/87 + أصول الكافي: 80.96 + سورة النحل: آية 81.3/287 + جامع السعادات: 82.3/288 + جامع السعادات: 83.3/288 + جامع السعادات: 84.3/288 + جامع السعادات: 85 نحوه.3/288 + جامع السعادات: 2/87 + أصول الكافي: 86.3/288 + جامع السعادات: 87

255

.3/288 + جامع السعادات: 88.3/288 + جامع السعادات: 89.3/288 + جامع السعادات: 90.3/289 + جامع السعادات: 2/91 + أصول الكافي: 91.3/291 + جامع السعادات: 92.3/292 + جامع السعادات: 2/89 + أصول الكافي: 93.216 + سورة البقرة: آية 94.24 + سورة الحج: آية 95.12 + سورة الحجرات: آية 96.12 + سورة الفتح: آية 97.23 + سورة فصلت: آية 98.1/315 + جامع السعادات: 99

.1/317 + جامع السعادات: 100.1/317 + جامع السعادات: 101.1/317 + جامع السعادات: 102134 + سورة آل عمران: آية 103.1/332 + جامع السعادات: 2/110 + أصول الكافي: 104.1/333 + جامع السعادات: 2/109 + أصول الكافي: 105.1/333 + جامع السعادات: 2/110 + أصول الكافي: 106.134 + سورة آل عمران: آية 107.1/333 + جامع السعادات: 2/110 + أصول الكافي: 108.1/332 + جامع السعادات: 109.1/332 + جامع السعادات: 110

256

الخامس: البابالمداراة

ومن الرفق المداراة مع الناس بحسن صحبتهم واحتمال أذاهم، وعدم مجابهتهم بما يكرهون، وليس هذا من النفاق كما يزعمه الغر، فالنفاق هو أن يكون اإلنسان ذا وجهين، يلقى صاحبه بوجه ويغيب عنه بوجه...

والمداراة ليست منه في شيء، إنها اللين مع الناس. والمداراة تحتاج إلى نفس جسور، وعقل رزين، وحجى راجح، فأنه

كيف يتسنى لإلنسان أن يالقي الناس برفق، وفيهم الخرق والتحامل؟ ولكن عاقبة المداراة حلوة، كعواقب األخالق الفاضلة بصورة عامة. إن من ال يتحمل من الناس جفاهم وخرقهم ال بد وان يختار أحد طرفين:

إما الفرار عن الناس، وفيه كبت مواهب نفسه التي تنمو باالجتماع والتعاون، وانسحاب عن ميدان اإلنسانية، إلى غاب الحيوان! وإما

االصطدام بالناس في كل صغيرة وكبيرة وفيه من اإلرهاق والنصبقدر كبير، يضئل أمامه تحمل خرقهم.

ثم إن المداري نفسه في راحة إذ النفس المتفضلة فرحة مسرورة،أما غيره فقد خسر راحة الروح وفضيلة النفس.

ولذا نرى اإلسالم حث على هذه الفضيلة آكد الحث قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المداراة نصف اإليمان والرفق بهم نصف

( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)ثالث من لم يكن فيه1العيش() لم ير له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس،

( وقال:)أمرني ربي بمداراة الناس كما2وحلم يرد به جهل الجاهل()(.3أمرني بأداء الفرائض()

وقال الباقر )عليه السالم(: )في التوراة مكتوب: فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران )عليه السالم(: يا موسى! اكتم مكتوم

سري في سريرتك واظهر في عالنيتك المداراة عني لعدوي وعدوك(.4من خلقي...()

وقال الصادق )عليه السالم(: )جاء جبرائيل إلى النبي )صلى الله عليهوآله وسلم( فقال: يا محمد! ربك يقرؤك السالم ويقول: دار خلقي()

5.) وقال )عليه السالم(: )إن قوما من الناس قلت مداراتهم للناس فالقوا من قريش، وأيم الله ما كان بأحسابهم بأس. وإن قوما من غير قريش

حسنت مداراتهم فالحقوا بالبيت الرفيع... ثم قال: من كف يده عن(.6الناس، فإنما يكف عنهم يدا واحدة ويكفون عنه أيدي كثيرة()

إنه الحق، فإن المداري يداري وهو واحد ويداريه كثيرون. وكذلك من خرق مع الناس جر على نفسه خرق جماعات، وإن قابلهم بخرقه وهو

فرد.. ومن كان على شك من مدى صدق هذا الكالم فلينظر إلى

257

المداري وغيره ثم يرى أيهما في راحة وسعادة وأيهما في شقاءوهدى.

ترفيع النفس والمتكبر ال بد وأن ينفس عن كبريائه، بقول أو عمل، فيجر ذيل

الخيالء، ويتصدر المجلس ويستهين بكل أحد ويفتخر، ويبغي ويزكينفسه. و. و...

وكلها من فروع شجرة الكبر المرة، وتوجب هونا وضعة في أعينالناس.

وقد ورد النهي األكيد في اإلسالم عن جميع ذلك. في الحديث: )إن رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( صعد المنبر

+ يوم فتح مكة + فقال: أيها الناس، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتفاخرها بآبائها أال إنكم من آدم وآدم من طين، أال أن خير

(.7عباد الله عبد اتقاه() وقال له )صلى الله عليه وآله وسلم( عقبة بن بشير األسدي: أنا في

الحسب الضخم عزيز في قومي فقال له )صلى الله عليه وآله وسلم(: )تمن علينا بحسبك؟! إن الله تعالى رفع باإليمان من كان الناس

يسمونه وضيعا، إذا كان مؤمنا ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه(.8شريفا، إذا كان كافرا، فليس ألحد فضل على أحد إال بتقوى الله()

وأتى رجل إلى النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )فقال: يا رسول الله، أنا فالن بن فالن... حتى عد تسعة، فقال رسول الله )صلى الله

(.9عليه وآله وسلم(: أما إنك عاشرهم في النار() لم يتكبر الفخور، هل ألنه صاحب مال أو جاه أو أوالد أو نفوذ؟؟ إنها

كلها طوارئ، أال ينظر إلى نفسه المليئة باألقذار؟! قال سيد الساجدين )عليه السالم(: )عجبا للمتكبر الفخور الذي كان باألمس نطفة، ثم هو

(. وقال ولده الباقر )عليه السالم(: )عجبا للمختال10غدا جيفة() الفخور! وإنما خلق من نطفة، ثم يعود جيفة وهو فيما بين ذلك ال يدري

(.11ما يصنع به() ولقد فهم اإلسالم سلمان الفارسي أحسن فهم ولذا ورد إن قريشا تفاخروا عنده فقال: )ولكني خلقت من نطفة قذرة، ثم أعود جيفة

(.12منتنة، ثم إلى الميزان، فإن ثقل فأنا كريم وإن خف فأنا لئيم() وتنجم عن ترفيع النفس خالل كلها قذرة وكلها تنافي اإلنسانية الرفيعة

والنفس الكريمة. من تلك الخالل: البغي، فيصعب لإلنسان أن ينقاد لكبيره، ويكون طوع

أمره ونهيه وبذلك يضيع على نفسه وعلى رئيسه ثمرات الطاعة الحلوة، ولذا يكون عقاب البغي مزدوجا: عقاب الهالك وعقاب تضييع

الحقوق.

258

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أعجل الشر عقوبة ( وهذا أمر مشاهد: إن من ال يطيع آمره ال بد وان يتضرر13البغي()

حسب الوقت المحدد للضرر الناجم من العصيان، وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حق على الله أن ال يبغى شيء على شيء، إال أذله

(. لكن هذا14الله، ولو أن جبال بغى على جبل لهد الله الباغي منهما()البغي هو قسم من الظلم ليس بالمعنى األول.

وعلى أي فكال البغيين تعد على الحق وسدور في الغي بغي على اآلمرأو بغي على الغير.

قال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )أيها الناس إن البغي يقود أصحابهإلى النار + إلى أن قال:

(.15وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم، وآمن ما كانوا() ومن هنا المثل المشهور: )السلطنة مع الكفر تدوم، ومع الظلم ال

تدوم(. وهذا منطقي مائة في المائة: إن الظالم ال بد وأن يأتي يوم يثور عليه

المظلوم أو من يقظ مضجعه تفشي الظلم وكم أطاحت الظالماتبالتيجان ونكست بالعروش!

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم (. وكتب )عليه16الحسد والبغي، فأنهما يعدالن عند الله الشرك()

السالم( إلى بعض أصحابه: )انظر أال تكلمن بكلمة بغي أبدا، وإن(.17أعجبتك نفسك وعشيرتك()

وهكذا يريد اإلسالم مجتمعا خاليا من البغي ويريد الفرد مهذبا عنالظلم ال يبغي وال يظلم!.

ومن الخالل الناجمة عن ترفيع النفس: تزكية الذات بذكر المحاسن، ونفي القبائح، فهناك جملة من الناس بل كثرة غالبة منهم، ال يفتئون

من ذكر مناقبهم، ونفي المساوئ عن أنفسهم تعطشا إلى الرفعة ومن الجدير بهم أن يسقطوا عن األعين فإن كل مدح للنفس يورث صدمة في نفوس اآلخرين فتريد أن تعاكس المادح حتى فيما له من المزايا، ولذا قيل: )إذا أردت أن يمدحك الناس فامسك عن مدح نفسك، وإذا

مدحت نفسك فال تترج قبول الناس(.قال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(:)تزكية المرء لنفسه قبيحة()

18.) ومن الخالل الناجمة عن ترفيع النفس: العصبية، فتهاجم األعصاب لنيل

محبوب أو دفع مكروه مهما كلف األمر إن حقا وإن باطال. واإلنسان قد يتعصب لنفسه وقد يتعصب لما يتعلق به من أثاث أو

رياش، أو ذوي لحمة وقرابة، أو أهل محلة أو بلد أو قطر... أو ما إلىذلك...

259

قال النبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من تعصب أو تعصب له فقد ( إنه مؤمن ما دام يمشي باإلنصاف19خلع ربق اإليمان من عنقه()

ويضع الحق في نصابه أما إذا تعصب فخرج عن الحق أو تعصب له فرضي فهو يسلك سبيل الباطل، وأجدر به أن يخرج عن عداد

المؤمنين. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كان في قلبه حبة

(20من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية) وقال اإلمام السجاد )عليه السالم(: )لم يدخل الجنة حمية غير حمية

حمزة بن عبد المطلب، وذلك حين أسلم عصبا للنبي )صلى الله عليه وآله وسلم( في حديث السال الذي القي على النبي )صلى الله عليه

( إنها دخلت الجنة لما ترتب عليها من نصرة اإلسالم21وآله وسلم(() إذ هو غريب وتعزيز مقام النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( إذ هو

كالمنفرد، وإعالء كلمة الله في األرض، حيث لم يكن يعبد إالباالضطهاد.

وكثيرا ما تكون الحمية مقدمة لسلسلة من اآلثام والجرائم فيلزم على اإلنسان أن يجتثها من جذورها حتى ال يقع في موبقات ال منجي منها

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن المالئكة كانوا يحسبون إن إبليس منهم وكان في علم الله انه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه

( )22بالحمية والعصب، فقال: )... خلقتني من نار وخلقته من طين()23.)

اإلنصاف جدير بمن دخل في اإلسالم أن ينتهج على منهاجه ويمشي في سبيله

وإال فليس المسلم ب+ )م. س. ل. م( إنما هو من يمتثل أوامره ويتحلىبمثله وقيمه.

ومن أفضل المثل اإلسالمية التي يجب أن يتحلى بها المرء: اإلنصاف، أنه يساير اإلنسان من يوم عقل إلى حين يقبر، فاالنحراف عنه معناه

االنحراف عن الحق طول الخط وليس هو باألمر الهين، انه صفة وملكة ومن ال يتصف بها يجنح إلى الباطل كل يوم مائة مرة واإلنسان

يحتاج إليها في الدار وفي السوق وفي الطريق وفي المدرسة.. معاألهل والصديق والمعلم والمتعلم والحاكم والمحكوم.. و.. و...ولذا أرصد اإلسالم لها أكبر قدر ممكن من الترغيب والترهيب.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يا علي ثالث من دقائق اإليمان: اإلنفاق من اإلقتار، وإنصاف الناس من نفسك، وبذل العلم

(.24للمتعلم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )طوبى لمن طاب خلقه وطهرت

سجيته وصلحت سريرته، وحسنت عالنيته وأنفق الفضل من ماله(.25وأمسك الفضل من قوله وأنصف الناس من نفسه()

260

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سيد األعمال: إنصاف الناس من ( إن األعمال بدون اإلنصاف فوضى، كما إن الناس بدون26نفسك()

السيد المطاع فوضى. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من واسى الفقير من ماله

(.27وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا() وقال )صلى الله عليه واله وسلم(: )ثالث خصال، من كن فيه أو واحدة

منهن، كان في ظل عرش الله، يوم ال ظل إال ظله: رجل أعطى(.28الناس من نفسه ما هو سائلهم... الحديث()

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(:)... إال إنه من ينصف من نفسه، لم(.29يزده الله إال عزا()

وقال حفيده اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق وال تخف فقرا! وأفش السالم في

(30العالم! واترك المراء وإن كنت محقا! وأنصف الناس من نفسك() إنها جماع خير الدنيا واآلخرة بها يتحبب المرء إلى الله والى الناس

ولكن هل العمل بها هين؟ إنها تحتاج إلى تدريب طويل وقوة فيالنفس حديدية.

وقال )عليه السالم( + في كالم آخر له +: )أال أخبركم بأشد ما فرضالله على خلقه؟! + فذكر ثالثة أشياء + أولها: إنصاف الناس من نفسك(

(31.) وقال )عليه السالم(: )من أنصف الناس من نفسه، رضي به حكما

(.32لغيره() وقال )عليه السالم(: )ما تدارى إثنان في أمر قط فأعطى أحدهما

(.33النصف صاحبه فلم يقبل منه إال أديل منه() وقال )عليه السالم(: )ثالثة هم أقرب الخلق إلى الله تعالى يوم

القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه على أن يحيف على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع

( إنها34أحدهما على اآلخر بشعيرة، ورجل قال بالحق فيما له وعليه()اثقل من الجبال الراسيات وهل هناك من يتمكن من حملها؟!.

وقال )عليه السالم(: )إن لله جنة ال يدخلها إال ثالثة: أحدهم من حكم(.35في نفسه بالحق()

واإلنسان كثيرا ما يحاول أن ال يدين نفسه لكنه يرجع بعكس ما يتوخاه، فيبوء بالضعة عوض ما كان يترقبه من الرفعة.. أما إذا أنصف، وقال ما له وما عليه، وأدان ذاته كما يدين غيره، فال تذهب أيام وليال إال ويأخذ

في السمو ويكون موضع ثقة الناس وأي مقصد أنبل من هذا؟.الرحمة

هي مبعث الخيرات، ومعدن الفضائل، فبالرحمة تتجمع الصالت وتتوحد البشرية، بها يبر الولد أباه، وبها يصل المرء قريبه، وبها يألف الزوجان

261

أحدهما على اآلخر... وبها.. ولشد ما يدهش اإلنسان لو يتأمل في أول السور: )بسم الله الرحمن الرحيم( فلم تبتدأ اآلية إال بصفتين كلتاهما

من الرحمة، وكذلك سورة الحمد:)الحمد لله رب العالمين. الرحمن(.36الرحيم()

واإلسالم يهتم بإيجاد هذه الصفة في القلوب، ويؤكد لتركيزها في أعماق النفس، حتى تعطي ثمارها الحلوة: صلة الرحم، بر الوالدين، العطف على األوالد، إشباع األفواه الجائعة، إكساء األجساد العارية،

حسن الجوار.. وكل خير.. وكل خير... قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:)يقول الله تعالى: اطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي! تعيشوا في أكنافهم، فإني جعلت فيهم

رحمتي وال تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإني جعلت فيهم سخطي()37.)

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )اتقوا الله، وكونوا إخوة بررة(.38متحابين في الله متواصلين، متراحمين()

وقال )عليه السالم(: )تواصلوا وتباروا وتراحموا، وكونوا إخوة بررة كما(.39أمركم الله()

وقال )عليه السالم(: )يحق على المسلمين االجتهاد في التواصل، والتعاون على التعاطف، والمواساة ألهل الحاجة، وتعاطف بعضهم

على بعض، حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل )رحماء بينكم( متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم، على ما مضى عليه

معشر األنصار، على عهد رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(()( إلى أحاديث وأحاديث.40

وبالعكس من الرحمة: القساوة، فهي مبعث القذارات الروحية، ومجمع الرذائل الخلقية، ولذا ورد في الحديث القدسي المتقدم: )وال تطلبوها

من القاسية قلوبهم فإني جعلت فيهم سخطي(. والله ال يجعل سخطه في أحد اعتباطا، وإنما هو لما ران على قلبه وتبع شهوته وأسلم قياده إلى المعاطب والمهالك، وبذلك يستحق اللعنة في الدنيا بما يطبع عليه من القساوة التي هي منبع لذمائم

الصفات.تزكية البدن

لكل ما وهب لإلنسان من بدن وروح ومال تزكية وتنمية. وليس القصد من تنمية البدن وتزكيته التوصل إلى اكتناز العضالت بالرياضة البدنية وإنما القصد تطهير الجسم عن القذارات المعنوية

وتطهير الروح باآلالم واألسقام فإن من يصرف أجهزة جسمه إلى حيث الفضيلة واألخالق يزكي جسمه وروحه ومن يصاب باآلم وأوصاب يزكي روحه ونفسه ولذا يتوسم اإلسالم الخير في الطوارئ المؤذية إذا تمكن

الشخص من االستفادة منها واالستقاء من وحيها األليم.

262

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( + يوما ألصحابه +: )ملعون كل مال ال يزكى، ملعون كل جسد ال يزكى، ولو في كل أربعين يوما

مرة(.قيل له: يا رسول الله أما زكاة المال فقد عرفناها، فما زكاة األجساد؟

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أن يصاب بآفة!!(فتغيرت وجوه الذين سمعوا منه ذلك.

فلما رآهم قد تغيرت ألوانهم قال:)هل تدرون ما عنيت بقولي؟(

فقالوا: ال يا رسول الله!؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الرجل يخدش الخدشة وينكب النكبة، ويعثر العثرة، ويمرض المرضة ويشاك الشوكة وما أشبه هذا..

(.41حتى ذكر في حديثه اختالج العين() إنها زكاة األبدان وتطهير لها عن الغلظة والقسوة والتهور.. إنها تعلم

اإلنسان الرأفة والرقة والرحمة إنها توحي إلى اإلنسان بالهدوءوالسكينة وحب المسكين واألرملة.

وإضافة إلى ذلك. إن اإلنسان إذا علم بهذه الحقيقة المهمة استغلها لتشفيف روحه وترقيقها بالفضيلة والخير، وترقية مشاعره وترقيق

حواسه وما أعظمها + إذا + من نعمة وزكاة!!. والى هذا يشير النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( في قوله: )لكل

(.42شيء زكاة وزكاة األبدان الصيام()إن الصيام ترقيق وتطهير وتنمية!!.

ويروى عن اإلمام الصادق )عليه السالم( تفصيل لهذه الحقيقة قال)عليه السالم(: )على كل جزء من أجزائك زكاة واجبة لله عز وجل.

بل على كل منبت شعر من شعرك.بل على كل لحظة من لحظاتك زكاة!

فزكاة العين: النظرة بالعبرة، والغض عن الشهوات، وما يضاهيها وزكاة األذن إستماع العلم، والحكمة، والقرآن، وفوائد الدين من

الموعظة والنصيحة، وما فيه نجاتك، وباإلعراض عما هو ضده منالكذب والغيبة وأشباههما!

وزكاة اللسان: النصح للمسلمين، والتيقظ للغافلين، وكثرة التسبيح،والذكر، وغيرها!

وزكاة اليد: البذل، والعطاء، والسخاء بما أنعم الله عليك به، وتحريكها بكتابة العلم ومنافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى، والقبض

عن الشر! وزكاة الرجل: السعي في حقوق الله: من زيارة الصالحين، ومجالس

الذكر، وإصالح الناس، وصلة األرحام، والجهاد، وما فيه صالح قلبك(.43وسالمة دينك()

263

هذه األمور زكاة، وشكر، وترقية + على حد سواء + وما أحوج للمسلمين + اليوم + إلى هذه التعاليم الحية المتحركة. التي

هي أساس سعادة اآلخرة ورفاه الدنيا وبها يتكون المجتمع الصالحالعام، ولكن!

الزهد جاء أحد الزهاد إلى سلطان مترف وهو في بذخه وسرفه وجاهه

وإمرته فالتفت إليه السلطان قائال: أنت زاهد؟ قال الزاهد: وأنت أزهد مني! قال الملك: وكيف؟ قال الزاهد: ألني زهدت في الدنيا الفانية،

وأنت زهدت في اآلخرة الباقية! إن القصة على قصرها تعرفنا بمعنى الزهد: إنه ترك لشيء رغبة

عنه... ويراد من الزهد في الدنيا، االنصراف عن مالذها المحظورة وشهواتها الممقوتة.. أما ترك الدنيا فليس من الزهد، إنما هو حمق

وانحراف. ولكن حيث إن الناس يتهافتون على الدنيا ولذاتها تهافت الفراش في

النار، جذب األنبياء واألئمة عليهم الصالة والسالم الزمام كثيرا حتىيعتدل السير، كراكب الدابة الجاذب زمامها بشدة في مواطن الهلكة. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أصبح وهمه الدنيا شتت الله عليه أمره وفرق عليه صنيعته، وجعل فقره بين عينيه ولم

يؤته من الدنيا إال ما كتب له، ومن أصبح وهمه اآلخرة جمع الله له همه، وحفظ عليه ضيعته، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي

(.44راغمة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا

(.45فاستمع منه فإنه يلقن الحكمة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أراد أن يؤتيه الله علما بغير

(.46تعلم وهدى بغير هداية فليزهد في الدنيا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إزهد في الدنيا يحبك الله، وازهد

(.47فيما في أيدي الناس يحبك الناس() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يا علي، من عرضت له دنياه

وآخرته، فاختار اآلخرة وترك الدنيا، فله الجنة، ومن اختار الدنيا(.48إستخفافا بآخرته فله النار()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )سيأتي على الناس زمان ال ينال الملك فيه إال بالقتل والتجبر، وال الغنى إال بالغصب والبخل، وال المحبة

إال باستخراج الدين واتـباع الهوى، أال فمن أدرك ذلك الزمان منكم، فصبر على الفقر، وهو يقدر على الغنى، وصبر للبغضاء وهو يقدر على

المحبة، وصبر على الذل، وهو يقدر على العز، ال يريد بذلك إال وجه(.49الله، أعطاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي()

264

قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يا ابن مسعود! فمن شرح الله صدره لإلسالم فهو على نور من ربه فإن النور إذا وقع في القلب

انشرح وانفسح، قيل يا رسول الله: وهل لذلك من عالمة؟ قال: نعم.. التجافي عن دار الغرور واإلنابة إلى دار الخلود واالستعداد للموت قبل

(.50نزوله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )استحيوا من الله حق الحياء،

قالوا: إنا لنستحي منه تعالى! قال: ليس كذلك، تبنون ما ال تسكنون؟(.51وتجمعون ما ال تأكلون؟()

وقدم إليه )صلى الله عليه وآله وسلم( بعض الوفود.. فقالوا: إنا مؤمنون! قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )وما عالمة إيمانكم؟(

فذكروا: الصبر عند البالء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمواقع القضاء، وترك الشماتة بالمصيبة إذا نزلت باألعداء!! فقال )صلى الله عليه وآله

وسلم(: )إن كنتم كذلك فال تجمعوا ما ال تأكلون، وال تبنوا ما ال(.52تسكنون، وال تنافسوا فيما عنه ترحلون()

فهذه الخصال هي الزهد وقد جعلها )صلى الله عليه وآله وسلم( منمكمالت اإليمان.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من جاء ب+ )ال إله إال الله( ال يخلط(.53معها غيرها وجبت له الجنة()

وفسر )غيرها( بحب الدنيا وطلبها. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما زهد عبد في الدنيا إال أنبت الله

الحكمة في قلبه، فأنطق بها لسانه، وبصره بعيوب الدنيا ودائها(.54ودوائها، وأخرجه منها سالما إلى دار السالم()

وروي: )إن بعض زوجاته بكت مما رأت به من الجوع، وقالت له: يا رسول الله أال تستطعم الله فيطعمك؟ فقال: والذي نفسي بيده لو سألت ربي أن يجري معي جبال الدنيا ذهبا ألجراها حيث شئت من

األرض، ولكني اخترت جوع الدنيا على شبعها وفقر الدنيا على غناها وحزن الدنيا على فرحها، إن الدنيا ال تنبغي لمحمد وال آلل محمد، إن

الله لم يرض ألولي العزم من الرسل إال الصبر على مكروه الدنيا، والصبر عن محبوبها، ثم لم يرض لي إال أن يكلفني مثل ما كلفهم

( والله ما لي بد55فقال: )فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل...()من طاعته وإني والله ألصبرن كما صبروا بجهدي وال قوة إال بالله()

56.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يستكمل العبد اإليمان، حتى

يكون أال يعرف أحب إليه من أن يعرف، وحتى يكون قلة الشيء أحب(.57إليه من كثرته()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا أراد الله بعبد خيرا فقـهه في(.58الدين، وزهده في الدنيا، وبصره بعيوب نفسه()

265

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، ومن خاف من النار ترك الشهوات، ومن ترقب الموت(.59أعرض عن اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن ربي عز وجل عرض علي: أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبا؟ فقلت: ال يا رب، ولكن أجوع يوما وأشبع يوما، فأما اليوم الذي أجوع فيه، فأتضرع إليك، وأدعوك، وأما اليوم

(.60الذي أشبع فيه، فأحمدك واثني عليك() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )قال الله تعالى: إن من أغبط

أوليائي عندي: رجال خفيف الحال، ذا حظ من صالة، أحسن عبادة ربه بالغيب وكان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا فصبر عليه عجلت

(.61منيته فقل تراثه وقل بواكيه() وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ثالثة: زاهد، وصابر، وراغب، فأما

الزاهد فقد خرجت األحزان واألفراح من قلبه، فال يفرح بشيء من الدنيا، وال يأسى بشيء منها فاته فهو مستريح، وأما الصابر فإنه يتمناها بقلبه، فإذا نال منها ألجم نفسه عنها بسوء عاقبتها وشنأتها ولو اطلعت

على قلبه، لعجبت من عفته وتواضعه وحزمه، وأما الراغب فال يبالي من أين جاءته الدنيا من حلها أو حرامها، وال يبالي ما دنس فيها عرضه

وأهلك نفسه وأذهب مروءته فهم في غمرتهم يعمهون ويضطربون()62.)

وقال )عليه السالم(: )إن من أعوان األخالق على الدين: الزهد في(.63الدنيا()

وقال )عليه السالم(: )من جمع ست خصال، لم يدع للجنة مطلبا وال عن النار مهربا: عرف الله فأطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف

الدنيا فتركها، وعرف اآلخرة فطلبها، وعرف الباطل فاتقاه، وعرف(.64الحق فاتبعه()

وقال )عليه السالم(: )من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن خاف النار لهى عن الشهوات ومن ترقب الموت ترك اللذات ومن زهد

(.65في الدنيا، هانت عليه المصيبات() وقال )عليه السالم(: )إن عالمة الراغب في ثواب اآلخرة: زهده في

عاجل زهرة الدنيا. أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا ال ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد، وإن حرص الحريص على عاجل

زهرة الدنيا ال يزيده فيها وإن حرص، فالمغبون من حرم حظه من(.66اآلخرة()

وقال زين العابدين )عليه السالم(: )ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( أفضل من بغض

(.67الدنيا()

266

وقال الباقر )عليه السالم(: )أكثر ذكر الموت فإنه لم يكثر إنسان ذكر(.68الموت إال زهد في الدنيا()

وقال )عليه السالم(: )قال الله تعالى: وعزتي وجاللي وعظمتي وبهائي وعلو ارتفاعي ال يؤثر عبد مؤمن هواي على هواه في شيء من أمر

الدنيا إال جعلت غناه في نفسه، وهمته في آخرته، وضمنت السماوات(.69واألرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر()

وقال )عليه السالم(: )أعظم الناس قدرا من ال يتناول الدنيا في يد من كانت، فمن كرمت عليه نفسه صغرت الدنيا في عينيه، ومن هانت

(.70عليه نفسه كبرت الدنيا في عينيه() وقال الصادق )عليه السالم(: )جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه

(.71الزهد في الدنيا() وقال )عليه السالم(: )ما أعجب رسول الله )صلى الله عليه وآله

(.72وسلم( شيء من الدنيا إال أن يكون فيها خائفا جائعا() وقال )عليه السالم(: )إذا أراد الله بعبد خيرا: زهده في الدنيا وفقههفي الدين، وبصره عيوبها ومن اوتيهن فقد اوتي خير الدنيا واآلخرة()

73.) وقال )عليه السالم(: )لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في

( أي الرغبة فيها.74الدنيا، وهو ضد لما طلب أعداء الحق() وقال )عليه السالم(: )أال من صبار كريم؟ فأنما هي أيام قالئل إال أنه

(.75حرام عليكم إن تجدوا طعم اإليمان حتى تزهدوا في الدنيا() وقال )عليه السالم(: )الزهد مفتاح باب اآلخرة والبراءة من النار، وهو

تركك كل شيء يشغلك عن الله من غير تأسف على فوتها، وال إعجاب في تركها، وال انتظار فرج منها، وال طلب محمدة عليها، وال عوض منها، بل يرى فوتها راحة، وكونها آفة، ويكون أبدا هاربا من اآلفة

معتصما بالراحة. والزاهد الذي يختار اآلخرة على الدنيا، والذل على العز، والجه+++د على ال+++راحة، والجوع ع++ل+ى الشبع، وعافي+++ة اآلجل على محبة العاجل، والذكر على الغفلة، وتكون نفسه في الدنيا وقلبه

(.76في اآلخرة() وقال الرضا )عليه السالم(: )من أص++++بح وأمسى معاف+++ا في بدنه،

(.77آم+++نا في سربه، عنده ق+++وت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا()هذه جملة من روايات الزهد.

وقد أكثر األنبياء واألئمة )عليهم السالم( قوال وعمال في هذا الباب حتى ليظن الظان أنهم يسوقون الناس إلى تخريب الدنيا كما زعمت

الصوفية، ولكن األمر بالعكس إنهم يريدون عمارة الدنيا عمارة معتدلة ال غلو فيها وال تفريط فكل غلو وتفريط تنكب عن الطريق وإهالك

عاجل مع الغض عما يترتب عليه من خسارة الدار اآلخرة.

267

فالماديون يتكالبون على الحطام وبذلك تصبح الدنيا بؤرة من القذارات الخلقية، واتونا من الحروب المدمرة والكنيسيون الراهبون وأهل

التصوف يطوون عن الدنيا كشحا، وبذلك تخرب األرض وقد أرادها اللهعامرة.

أما اإلسالم فأنه يحب الوسط وفي سيرة الرسول واألئمة )عليهم السالم( خير شاهد لذلك أنهم )عليهم السالم( وإن أخذوا أنفسهم

بالزهد ولكنهم لم ينسوا نصيبهم من الدنيا. وفي ظل من عمرت الدنيا وازدهرت الحضارة الحقيقية التي لم ير

العالم لها مثيال قبل اإلسالم وال من حين خلعت ربقة اإلسالم من عنقه منذ نصف قرن + تقريبا +؟! إنه في ظل اإلسالم )... ربنا آتنا في الدنيا

(.78حسنة وفي اآلخرة حسنة...() وليس معنى هذه األحاديث ترك الدنيا وإنما معناها عدم التكالب عليها وهذا هو مقتضى الجمع بين هذه األخبار وبين غيرها أما من ينظر إلى هذه فقط أو تلك + مما تدل على الغنى والدنيا + فقط فهو كبناء يريد أن يبني دارا من اآلجر فقط أو الجص فقط، عمارته موهومة وبناؤه

مزعوم. )سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد لله

(.79رب العالمين()التورع عن الحرام

الحرام بمنزلة العقرب يلدغ اإلنسان ويفسد دنياه وأخراه، وإن كان مذاقه حلوا ومنظره بهيجا، لكنه كالحية لين مسها قاتل شمها،

والمتعمقون يعرفون حقيقة ما ذكرنا. يغتر برونقه الجاهلون ويعرف مآله العارفون. وبما يحصل الحرام؟ إنه ال يحصل إال بأعمال دنيئة

ورذائل فردية أو اجتماعية وسرقة الناس ونهب الضعفاء... ونحوها.ولذا يحذر اإلسالم عن الحرام، ويمدح التورع.

(.80قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )خير دينكم الورع() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من لقي الله سبحانه ورعا أعطاه

(.81الله ثواب اإلسالم كله()(.82وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )وإن أشد العبادة: الورع()

وقال )عليه السالم(: )ما شيعتنا إال من اتـقى الله وأطاعه فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى

(.83الله تعالى وأكرمهم عليه: أتقاهم وأعملهم بطاعته() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )أوصيك بتقوى الله، والورع،

(.84واالجتهاد، واعلم أنه ال ينفع اجتهاد ال ورع فيه()(.85وقال )عليه السالم(: )اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع()

وقال )عليه السالم(: )إن الله ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى(.86ما يحب، ويرزقه من حيث ال يحتسب()

268

وقال )عليه السالم(: )عليكم بالورع فإنه ال ينال ما عند الله إال بالورع((87.)

وقال )عليه السالم(: )إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير بال(.88تقوى()

وقال )عليه السالم(: )ما نقل الله عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إال أغناه من غير مال، وأعزه من غير عشيرة، وآنسه من غير

(.89بشر() وقال )عليه السالم(: )أال وإن من اتـباع أمرنا وارادته: الورع، فتزينوا

(.90به يرحمكم الله وكيدوا أعداءنا به ينعشكم الله() وقال )عليه السالم(: )إنما أصحابي من اشتد ورعه، وعمل لخالقه،

(.91ورجا ثوابه، فهؤالء أصحابي() وسئل )عليه السالم(، عن: )الورع من الناس؟ فقال: الذي يتورع عن

(.92محارم الله عز وجل() وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )أعينونا بالورع، فإن من لقي الله

تعالى منكم بالورع كان له عند الله فرجا، إن الله عز وجل يقول: )ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين

( فمنا النبي،93والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا()(.94ومنا الصديق، والشهداء، والصالحون()

وقال )عليه السالم(: )قال الله عز وجل: يا ابن آدم اجتنب ما حرمت(.95عليك تكن من أورع الناس()

والورع ذو أعضاء وفصول وأحناء ووصول: ورع في البيع، ورع في الشراء، ورع في الرهن واإلجارة، ورع في

المأكل والمشرب، ورع في الكالم والخطابة ورع في اللباس والمنزل، ورع في الحركة والسكون.. وبالجملة حفظ الحواس من المسة

وباصرة وسامعة وذائقة... عن كل انحراف وزيغ وإثم وعصيان والورع: قلبه في راحة، ونفسه في هدوء، وباله في اطمئنان. أما غيره، فهو

شارد اللب، مختبط العقل يدور وال يجد راحة، ويركض وال ينتهي إلىمراح.

االكتساب يريد اإلسالم أن يكون الشخص ذا نشاط في العمل وجد في إكتساب

الرزق ليدير شؤون نفسه ويحمل كل عائلته وبعد ذلك ينفق الفضلمما أتاه الله لذوي الحاجة والمسكنة.

لكن اإلسالم ال يريد المال من أين اكتسب من حل أو حرام كما يذهب إليه الرأسمالي الغربي، إنه يريده من طريق الحالل بغير غش وخيانة

واحتكار وغلول وربا وفساد. إن اإلسالم يقول: إكتسب واجتهد في الطلب ولك ثمرة عملك وأنتتملك ما تجد ولك أن تتصرف فيما ملكت بشرط أن يكون من حلة.

269

إنه منطق صحيح معتدل بين إفراط الرأسماليين الذين يحللون كل ما اكتسبه اإلنسان ولو كان الكاسب من تجار الحروب ولو حصل + على

درهمه بإراقة دم جاره وبين تفريط الشيوعيين الذين يقولون: إن اإلنسان آلة في معمل كبير ال حق له في أزيد من قوت ومسكن

ولباس، حسب ما تفرضه الحكومة! ولذا يؤكد اإلسالم على االكتساب إلى جنب تأكيده الملكية الفردية إلى

جنب تأكيده طلب الحالل. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )طلب الحالل فريضة

(.96على كل مسلم ومسلمة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من بات كاال من طلب الحالل بات

(.97مغفورا له() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب

(.98الحالل()ولنقف أمام هذا الحديث بخشوع، لنعرف مغزاه:

الصالة: التي هي عامود الدين، عبادة.الصيام: الذي هو جنة من النار، عبادة.الزكاة: التي بها تحقن الدماء، عبادة.

الحج: الذي هو أحد أركان الدين الخمس، عبادة.وهل تعلم األفضل من كل ذلك ومن سائر العبادات؟.

إن األفضل + بنص الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( +: هو طلبالحالل.

فكم ترى اإلسالم يعتني بهذين األمرين: الطلب وكونه من حالل؟! فإن كنت ال تطلب، فاطلب وإن كنت تطلب كيفما كان فخصص طلبك

بالقسم الحالل. إن العبادة وملء بطن اإلنسان حرام ال ثقل.. والعبادة ويدي اإلنسان ملوثة بمال الفقير واليتيم وبالربا واحتكار أقوات الناس وب+... وب+... ال

( وإنما يصعد إليه العمل99ترفع )... إنما يتقبل الله من المتقين()الصالح )لن ينال الله لحومها وال دماؤها ولكن يناله التقوى منكم...()

( وعلى ضوء هذا نفهم معنى هذا الحديث أيضا.100 قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )العبادة عشرة أفضل

(.101أجزاءها في طلب الحالل() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أكل من كد يده مر على

(.102الصراط كالبرق الخاطف() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أكل من كد يده نظر الله إليه

(.103بالرحمة، ثم ال يعذبه أبدا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أكل من كد يده حالل فتح الله

(.104له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء()

270

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أكل من كد يده كان في(.105القيامة في عداد األنبياء ويأخذ ثواب األنبياء()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من طلب الدنيا استعفافا عن الناس، وسعيا على أهله، وتعطفا على جاره، لقي الله عز وجل يوم

(.106القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سعى على عياله من حلة فهو

(.107كالمجاهد في سبيل الله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من طلب الدنيا حالال في عفاف

(.108كان في درجة الشهداء() وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أك+++ل الحالل أرب++ع+++ين

يوما ن++++ور الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه()109.)

وكان )صلى الله عليه وآله وسلم(: إذا نظر إلى الرجل وأعجبه، قال: )هل له حرفة؟ فإن قيل: ال. قال: سقط من عيني. قيل: وكيف ذاك يا

رسول الله؟.(.110قال: ألن المؤمن إذا لم تكن له حرفة يعيش بدينه)

وطلب منه )صلى الله عليه وآله وسلم( بعض الصحابة أن يجعله الله(.111مستجاب الدعوة، فقال له: )أطب طعمتك تستجب دعوتك()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )أقرئوا من لقيتم من أصحابكم السالم وقولوا لهم: إن فالن بن فالن يقرئكم السالم ويقول لكسم:

عليكم بتقوى الله عز وجل وما ينال به ما عند الله، إني والله ما آمركم إال بما نأمر به أنفسنا فعليكم بالجد واالجتهاد وإذا ص+++ليتم الصبح

وان+++صرفتم فبكروا ف+++ي طلب ال++++رزق، واطلبوا الحالل فإن الله عز(.112وجل سيرزقكم ويعينكم عليه()

وربما يتساءل البعض ما ميزان الحالل والحرام في شريعة اإلسالم؟. والجواب: إن الله تعالى جمع ذلك كله في كلمتين ضمن أوصاف النبي

)صلى الله عليه وآله وسلم( فقال: )... يحل لهم الطيبات ويحرم(.113عليهم الخبائث...()

فكل طيب ال يضر دينا وال دنيا فهو حالل وكل خبيث يهدم الدنيا أويفسد اآلخرة فهو حرام. أما التفاصيل فمذكورة في كتب الفقه.

.1/340 + جامع السعادات: 75/440 + بحار األنوار: 1.1/340 + جامع السعادات: 75/437 + بحار األنوار: 2.1/340 + جامع السعادات: 75/440 + بحار األنوار: 3.1/340 + جامع السعادات: 75/438 + بحار األنوار: 4.1/340 + جامع السعادات: 75/438 + بحار األنوار: 5.1/340 + جامع السعادات: 75/441 + بحار األنوار: 6

271

.1/398 + جامع السعادات: 7.1/399 + جامع السعادات: 2/328 + أصول الكافي: 8.1/399 + جامع السعادات: 2/329 + أصول الكافي: 9

.1/398 + جامع السعادات: 2/328 + أصول الكافي: 10.1/398 + جامع السعادات: 2/329 + أصول الكافي: 11.1/399 + جامع السعادات: 12.1/399 + جامع السعادات: 2/327 + أصول الكافي: 13.1/399 + جامع السعادات: 14.1/400 + جامع السعادات: 15.1/400 + جامع السعادات: 2/327 + أصول الكافي: 16.1/400 + جامع السعادات: 17.1/401 + جامع السعادات: 18.1/401 + جامع السعادات: 2/308 + أصول الكافي: 19.1/401 + جامع السعادات: 2/308 + أصول الكافي: 20.1/402 + جامع السعادات: 2/308 + أصول الكافي: 21.12 + سورة األعراف: آية 22.1/402 + جامع السعادات: 2/308 + أصول الكافي: 23.35، ب75/27 + بحار األنوار: 24 ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/30 + بحار األنوار: 25

1/403. ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/31 + بحار األنوار: 26

1/403. ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/25 + بحار األنوار: 27

1/403..1/403 + جامع السعادات: 35، ب75/39 + بحار األنوار: 28 ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/33 + بحار األنوار: 29

1/403. ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/30 + بحار األنوار: 30

1/403..1/403 + جامع السعادات: 35، ب75/34 + بحار األنوار: 31 ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/25 + بحار األنوار: 32

1/403..1/403 + جامع السعادات: 35، ب75/40 + بحار األنوار: 33 ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/26 + بحار األنوار: 34

1/404. ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:75/40 + بحار األنوار: 35

1/404.

272

.2 + 1 + سورة الحمد: اآليتان 36.1/404 + جامع السعادات: 37.1/404 + جامع السعادات: 28، ب74/401 + بحار األنوار: 38.1/404 + جامع السعادات: 28، ب74/399 + بحار األنوار: 39.1/405 + جامع السعادات: 40.2/139 + جامع السعادات: 41.2/139 + جامع السعادات: 42.2/139 + جامع السعادات: 43.2/59 + جامع السعادات: 44.463 + مكارم األخالق: 45.2/59 + جامع السعادات: 46.2/59 + جامع السعادات: 47.2/59 + جامع السعادات: 48.2/59 + جامع السعادات: 2/91 + أصول الكافي: 49.2/59 + جامع السعادات: 447 + مكارم األخالق: 50.2/60 + جامع السعادات: 51.2/60 + جامع السعادات: 52.2/60 + جامع السعادات: 53.2/60 + جامع السعادات: 463 + مكارم األخالق: 54.35 + سورة األحقاف: آية 55.2/60 + جامع السعادات: 56.2/60 + جامع السعادات: 57.2/61 + جامع السعادات: 463 + مكارم األخالق 58.2/61 + جامع السعادات: 447 + مكارم األخالق 59.2/61 + جامع السعادات: 60.2/61 + جامع السعادات: 2/140 + أصول الكافي: 61.2/62 + جامع السعادات: 62.2/62 + جامع السعادات: 63.2/62 + جامع السعادات: 64.2/62 + جامع السعادات: 65.2/63 + جامع السعادات: 2/129 + أصول الكافي: 66.2/63 + جامع السعادات: 2/130 + أصول الكافي: 67.2/63 + جامع السعادات: 2/131 + أصول الكافي: 68.2/63 + جامع السعادات: 2/137 + أصول الكافي: 69.2/63 + جامع السعادات: 70.2/63 + جامع السعادات: 2/128 + أصول الكافي: 71. )نحوه(.2/63 + جامع السعادات: 2/129 + أصول الكافي: 72

273

.2/63 + جامع السعادات: 2/130 + أصول الكافي: 73.2/63 + جامع السعادات: 74.2/64 + جامع السعادات: 2/130 + أصول الكافي: 75.2/64 + جامع السعادات: 76.2/64 + جامع السعادات: 77.201 + سورة البقرة: آية 78.182 إلى 180 + سورة الصافات: اآليات 79.2/176 + جامع السعادات: 468 + مكارم األخالق: 80.2/176 + جامع السعادات: 81.2/176 + جامع السعادات: 2/77 + أصول الكافي: 82.2/176 + جامع السعادات: 2/74 + أصول الكافي: 83.2/176 + جامع السعادات: 2/76 + أصول الكافي: 84.2/176 + جامع السعادات: 2/76 + أصول الكافي: 85.2/177 + جامع السعادات: 86.2/176 + جامع السعادات: 2/76 + أصول الكافي: 87.2/177 + جامع السعادات: 2/76 + أصول الكافي: 88.2/177 + جامع السعادات: 2/76 + أصول الكافي: 89.2/177 + جامع السعادات: 2/78 + أصول الكافي: 90.2/177 + جامع السعادات: 2/77 + أصول الكافي: 91.2/177 + جامع السعادات: 2/77 + أصول الكافي: 92.69 + سورة النساء: آية 93.2/177 + جامع السعادات: 2/78 + أصول الكافي: 94.2/177 + جامع السعادات: 2/77 + أصول الكافي: 95.2/178 + جامع السعادات: 96.2/178 + جامع السعادات: 97.2/178 + جامع السعادات: 98.27 + سورة المائدة: آية 99

.37 + سورة الحج: آية 100.2/178 + جامع السعادات: 101.2/178 + جامع السعادات: 102.2/178 + جامع السعادات: 103.2/178 + جامع السعادات: 104.2/178 + جامع السعادات: 105.2/178 + جامع السعادات: 106.2/178 + جامع السعادات: 107.2/179 + جامع السعادات: 108.2/179 + جامع السعادات: 109

274

.2/179 + جامع السعادات: 110.2/179 + جامع السعادات: 111.2/179 + جامع السعادات: 112.157 + سورة األعراف: آية 113

275

السادس: الباباألمانة

األمين محبوب لدى الجميع، ضميره ال يخزه، وصديقه ال يكله، ومجتمعهال يلفظه.

باإلضافة إلى ما لألمانة من األجر والثواب والمنزلة العظمى عند اللهتعالى.

واألمانة والخيانة ملكتان قبل أن تبرزا إلى الوجود: فلألمين صفة نفسية باعثة على إرجاع األمانة إلى أهلها قلت أم كثرت بينما الخائن

متصف بضد هذه الصفة فهو ال يخون ألنه محتاج + وإن كان كثيرا بسبب االحتياج إلى الخيانة + وإنما يخون ألنه مريض وأي مرض أعظم من هذا المرض الفردي االجتماعي الذي ال يبرء بأي عقار!! إنه مرض

نفسي يحتاج إلى أطباء النفوس دون أطباء األجسام.واإلسالم يذم الخيانة بأقسى ذم كما يمدح األمانة بما ليس فوقه مدح.

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إال(.1بصدق الحديث وأداء األمانة إلى البر والفاجر()

وقال )عليه السالم(: )ال تغتروا بصالتهم وال بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصالة والصوم حتى لو تركه استوحش ولكن اختبروهم عند صدق

(.2الحديث، وأداء األمانة() وقال )عليه السالم(: )انظر إلى ما بلغ به علي )عليه السالم( عند

رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( فالزمه! فإن عليا إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( بصدق الحديث

(.3وأداء األمانة()وما معنى هذا الحديث؟.

إن معناه يكاد يعجز عن فهمه أولو األلباب.! فهل إن عليا )عليه السالم( كان مبلغه عن النزاه عند النبي بصدق الحديث وأداء األمانة؟

إن حروبه ومغازيه إن علمه وفضله إن نبله وتقاه، إن صالته وخشوعه.وغيرها وغيرها، لم تكن بمنزلة هاتين الصفتين!!

نعم: إن المعاني اإلنسانية تحتاج إلى قوة في النفس والمعاني الجسدية تحتاج إلى مزايا في الجسد والنفس أشرف، فصفاتها أعلى. إنك ربما ترى الشجاع ثم تراه يركع أمام مومسة فيسقط من عينيك،

وربما تنظر إلى صائم الدهر يعجبك خلقه فإذا علمت أنه مفسد لم تقم له وزنا. وهكذا.. أما إذا نظرت إلى ضعيف البدن ال يأتي من الصالة والصيام إال بقدر، ثم علمت أنه ال يحرف كلما عن موضعها، وال يزيد

في حديث وال ينقص من كالم أعجبك خلقه وبهرتك صفته. وكذا بالنسبة إلى األمين: األمين في عينه وأذنه، األمين في جسده ويده،

األمين في األمانة والعارية.

276

فهل بعد ذلك يبقى للتعجب مجال إذا قيل: إن اإلمام المرتضى تبوأ أفضل مقام عند رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( بهاتين

الصفتين اللتين تزول الجبال الراسيات من ثقلهما!!!.وأي إنسان يملك نفسه في كل نظرة ولفظة ودرهم ودينار؟

وأي إنسان ال يكذب ولو في مزاح أو كلمة عابرة؟. ولو سبر اإلنسان أغوار الناس حتى األتقياء منهم لوجد الصادق األمين

بما في الكلمتين من معنى أندر من كل نادر. ثم بعد ذلك: يحتاج اإلنسان إلى تطهير وتطهير ومراقبة ومراقبة حتى

يتمكن من نيل بعض هاتين الفضيلتين: صدق الحديث وأداء األمانةوأعظم بهما من فضيلة!!.

وقال اإلمام )عليه السالم(: )ثالث ال عذر فيها ألحد أداء األمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد إلى البر والفاجر وبر الوالدين برين كانا أو

(.4فاجرين() وقال )عليه السالم(: )أربع من كن فيه كمل إيمانه وان كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا لم ينقصه ذلك: الصدق، وأداء األمانة، والحياء، وحسن

(.5الخلق() وقال )عليه السالم(: )أهل األرض لمرحومون ما تحابوا، وأدوا األمانة

(.6وعملوا بالحق() وقيل له )عليه السالم(: إن امرأة بالمدينة كان الناس يضعون عندها الجواري فيصلحن، ومع ذلك ما رأينا مثل ما صب عليها من الرزق؟

(.7فقال: )إنها صدقت الحديث وأدت األمانة وذلك يجلب الرزق() وقد كان من صفات النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( التي يضرب بها

المثل: الصدق واألمانة فكان يسمى الصادق واألمين: )لقد كان لكم (8في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم اآلخر...()

فمن شاء أن يعز ويعظم في أعين الناس فليتمسك بهاتين الخصلتين ال يقول إال صدقا وال يالزم إال األمانة فإن النجاة في الصدق والسعادة في

أداء األمانة.نصيحة المسلم

من الناس من تسمو نفسه عن النقائص، فال يزال يحب الخير والعلو لنفسه ولسائر الناس بل للوجود قاطبة. وألجل ذلك يتحرك ويسكن، ويغضب ويرضى ويعقل ويكمل ومثل هذا الشخص من أفضل الناس فإنه ال ينفك يصلح ويصلح حتى يأتي باآلخرة بقسط مهم من عمارة

األرض وتوجيه النفوس وستر الخلل. فيحرز + بذلك + شرف الدنيا وسعادة اآلخرة، يحبه الناس ويمدحه

القريب والبعيد، وكل من تجده من العظماء والمصلحين في غضونالتاريخ، كانت ميزته األولى هذه الخصلة الرفيعة والطبيعة السامية.

277

واإلسالم + الذي يحب كل خير، ويأمر بكل فضيلة، يؤكد على المسلمأن يكون هكذا ويتحلى بهذه الحلية اإلنسانية النبيلة.

ويسمي هذه الصفة السامية ب+ )النصيحة(. روى اإلمام الصادق )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( إن أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في

(.9أرضه، بالنصيحة لخلقه() وق+++ال اإلم+++ام الباقر )عليه السالم(: )ق++++ال رس+++ول الله )صلى(.10الله عليه وآله وسلم(: لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه()

(.11وقال )عليه السالم(: )يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )يجب للمؤمن على المؤمن

(.12النصيحة له في المشهد والمغيب() وقال )عليه السالم(: )عليك بالنصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل

(.13أفضل منه()ولم ال ينصح اإلنسان أخاه؟

األنه يبخل بلسانه أم بفكره؟ وما نفع هذا البخل؟. إنه لو نصح وأراه الصواب شكره وقدره ونصحه هو بدوره فيما احتاج الناصح إليه، وال يزال ينصح حتى يعرف بالخير واستقامة الرأي فيحبه

الناس، ويعيشون في كشف أفكاره وتدبيره.. وهل فوق ذلك من سيادة؟. إن اإلنسان ربما ال ينصح، الحسد أو بخل أو حقد وهل ينفعه

ترك نصحه؟ انه يجمع إلى صفاته الذميمة صفة ذميمة أخرى.. ثميهجره المجتمع وال يقيمون لرأيه وزنا، فهل هذا خير أم ذاك؟.

وقد نهى اإلسالم أشد النهى عن الخيانة في مقام النصح فإنه باإلضافة إلى كونه من الصفات الذميمة، توجب إلقاء الناس في المكاره،وإضاللهم عن الطريق، وأقبح بها من صفة بشعة، ورذيلة تافهة.

قال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: من سعى في حاجة ألخيه المسلم، فلم يناصحه فقد خان

(.14الله ورسوله() وقال )عليه السالم(: )من مشى في حاجة أخيه، ثم لم يناصحه فيها

(.15كان كمن خان الله ورسوله وكان الله خصمه() وقد دحض اإلسالم الغيبة + التي هي أكل لحم األموات + في مورد

النصح فقد أوجب نصح المستشير فإن الكشف عن دخيلة أمره أهونفي نظر اإلسالم من إلقاء بريء في مأزق.

والنصيحة في الغالب وليدة حب الخير للناس، الذي هو بدوره ال يسكن إال في القلوب الخالية من الحسد والغل. والذي يمدح اإلسالم طهارة القلب من رذيلة الحسد كما يمدح حب الخير، وحب أهل الخير وحب

الصلحاء.

278

قيل لرسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الرجل يحب القوم(.16ولما يلحق بهم؟ فقال: المرء مع من أحب()

وقال رجل بحضرته )صلى الله عليه وآله وسلم( بعد ما ذكرتالساعة:

)ما أعددت لها م+++ن كثير ص+++الة وال صيام إال أني اح++++ب اللهورسول+++ه، فقال )صلى الله عليه وآله وسلم( أنت مع من أحببت()

17.) ويروى أنه قيل له )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الرجل يحب المصلين

وال يصلي، ويحب الصوام وال يصوم حتى عد أشياء؟ فقال )صلى الله(.18عليه وآله وسلم(: هو مع من أحب()

والمنطق يؤيد هذه األحاديث إن من أحب شخصا ال يزال يدنوه حبه إلى أعماله حتى يأتي بمثل عمله، إن خيرا وإن شرا. ومن هنا أوجب

اإلسالم مواالة األولياء ومعاداة أعداء الله، فإن من والى شخصا تشبهبه في أعماله وأقواله من عادى أحدا تبرأ من عمله.

وهذا وذاك يوجبان رفعة المجتمع، وإصالح الفاسد، وتقوية أواصراألفراد بعضهم إلى بعض.

أما بالنسبة إلى تطهير القلب من أدران الحسد ونحوه مما يمنع عن نمو الملكات الفاضلة: فقد روي: )أن رسول الله )صلى الله عليه وآله

( فلما فحصوا19وسلم( شهد لرجل من األنصار: إنه من أهل الجنة() عن سببه؟ وجدوا أن العلة تعود إلى انه ال يغش أحدا، وال يحسد على

خير أعطي إلى أحد من المسلمين! ويروى: )أن موسى الكليم )عليه السالم( لما تعجل إلى ربه، رأى في

ظل العرش رجال، فغبطه بمكانه، وقال: إن هذا لكريم على ربه فسأل ربه أن يخبره بإسمه؟ فلم يخبره بإسمه، وقال: أحدثك من عمله، كان

ال يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله وكان ال يعق والديه، وال(.20يمشي بالنميمة()

العدللفظة: ع. د. ل

أما معناه: فأحلى من كل حلو، وأعذب من كل عذب، يجري على اللسان، كما يجري الماء الرقراق في النهر ويطعمه اإلنسان كما يطعم

الفاكهة الهنيئة. وال شيء مثله في صعوبة التطبيق وشدة مشقة المالزمة في جميع جوانب الحياة، وهل يتمكن اإلنسان من االستقامة

في شؤونه عامة، ومن إقامة كل أحد على حقه، ومن كف األذى والظلم + ولو كان الظلم مثل جلب جلد شعيرة من فم نملة + عن كل

ذي حياة؟!انه صعب جدا وصعب!

279

واإلسالم يريده ويريده بالتأكيد فال يرضى بالظلم مهما صغر ويخصص فصلين بارزين من فصول إرشاداته لهذين األمرين فيزجي نصائح

متتالية بصدد وجوب العدل، كما يسرد عقوبات وتوجيهات لغرض حرمةالظلم.

يقول الله تعالم: )إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في(.21األرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم()

(.22ويقول: )وال تحسبن الله غافال عما يعمل الظالمون...()(.23ويقول: )... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون()

وقال نبي اإلسالم محمد )صلى الله عليه وآله وسلم(: )اتقوا الظلم(.24فإنه ظلمات يوم القيامة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن أهون الخلق على الله من ولي(.25أمر المسلمين فلم يعدل فيهم()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )جور ساعة في حكم، أشد وأعظم(.26عند الله من معاصي تسعين سنة()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إنما خاف القصاص من كف عن(.27ظلم الناس()

وق+++ال اإلمام زي+++ن العابدين + ل+++ولده الب++++اق+++ر )عليه السالم( حينحضرته الوفاة: )يا بني إياك وظلم من ال يجد عليك ناصرا إال الله()

28.) إنه أشد الظلم وأقساه فمن يجد الناصر كان رفع الظلم عليه أقل، إذ يحلم باالنتقام بمن يستظهره من ناصريه أما من ال يجد فمذاق الظلم

في فيه أحر من الحنظل، واتكائه كال على الله تعالى وهيهات أن يخيبالله رجاء من انكسر قلبه وتوجه بكله إليه!

وقال اإلمام باقر العلوم )عليه السالم(: )ما من أحد يظلم بمظلمة إال(.29أخذه الله تعالى بها في نفسه أو ماله()

وقال له )عليه السالم( رجل: )إني كنت من الوالة فهل لي من توبة؟(.30فقال: ال، حتى تؤدي إلى كل ذي حق حقه()

وقال )عليه السالم(: )الظلم ثالثة: ظلم يغفره الله تعالى، وظلم اليغفره الله تعالى، وظلم ال يدعه الله...

فأما الظلم الذي ال يغفره الله عز وجل: فالشرك. وأما الظلم الذي يغفره الله عز وجل: فظلم الرجل نفسه فيما بينه

وبين الله.(.31وأما الظلم الذي ال يدعه فالمداينة بين العباد()

فالقسمان األوالن من الظلم يكون مدار األمر فيهما على العقاب وعدمه، أما ظلم الناس فإنه باإلضافة إلى العقاب ال بد وان يقاضيه

الله في الدنيا.

280

وق++++ال اإلمام الص++++ادق )عليه السالم( في ق+++وله تعالى: )إن ربك(.33( قنطرة على الصراط ال يجوزها عبد بمظلمة()32لبالمرصاد()

وقال )عليه السالم(: )ما من مظلمة أشد من مظلمة ال يجد صاحبها(.34عليها عونا إال الله تعالى()

وقال )عليه السالم(: )من أكل من مال أخيه ظلما ولم يرده إليه أكل(.35جذوة من النار يوم القيامة()

وقال )عليه السالم(: )إن الله عز وجل أوحى إلى نبي من أنبيائه + في مملكة جبار من الجبارين + أن ائت هذا الجبار فقل له: إني لم

أستعملك على سفك الدماء، وإتخاذ األموال وإنما استعملتك لتكفعني أصوات المظلومين فإني لم أدعهم لظالمتهم وإن كانوا كفارا()

36.) فالكافر انما يظلم نفسه أما أن يظلمه غيره فلماذا؟ والله الذي خلقه ال يرضى بظلمه وإن كان لظلم نفسه + كما في اآلية الكريمة: )... إن

( يستحق نكاال من الله وعذابا.37الشرك لظلم عظيم() وقال )عليه السالم(: )أما أن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما

يأخذ الظالم من مال المظلوم، ثم قال: من يفعل الشر بالناس فال ينكر الشر إذا فعل به، أما أنه يحصد ابن آدم ما يزرع وليس يحصد أحد

(.38من المر حلوا وال من الحلو مرا() انه ميزان دقيق ودقيق جدا. فهل رأيت ثمار الحنطة شعيرا أو ثمار

الحنظل شهدا؟ وهذا الميزان جاء في خطرات القلب وفلتات اللسان وإعمال األجهزة فمن ظن سوءا بالناس ظن به سوءا، ومن همز الناس بلسانه أو أشار إليهم بعينه، أو سطا عليهم بيده، ال بد وأن يتلقى مثل ذلك إن لم يتلق

أضعافه أرأيت حنطة واحدة تثمر سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة؟. وهناك حديث عجيب + بادي ذي بدء + وان كان لدى التحليل يظهر معناه

كالشمس الضاحية. عن عبد األعلى: قال )عليه السالم(: )من ظلم سلط الله عليه من

يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه. فذكرت في نفسي قلت: + هو يظلم فيسلط الله على عقبه أو على

عقب عقبه؟! فقال لي قبل أن أتكلم: قال: فإن الله تعالى يقول: )وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا

(.40( )39الله وليقولوا قوال سديدا()وموضع التساؤل في هذه الرواية واآلية أمران:

األول: كيف يسلط الله على عقبه أو عقب عقبه؟ أليس يقول القرآن:( إن األب ظلم فما للولد يظلم؟.41)... ال تزر وازرة وزر أخرى...()

الثاني: أي ارتباط عادي بين ظلم األب وتسلط الظالم على األوالد؟.

281

لكن الجواب سهل جدا: أليس مدمن الخمر يسبب ضعف أوالده عقليا؟أو ليس قد جعل الله هذه الخاصية في الخمر؟.

إن الله جعل أمور الكون الطبيعية بعضها مرتبطا ببعض، أما اإلثموالعقاب فال يتحملهما إال الفاعل.

وهذا هو وجه الجمع بين آية )وال تزر( وآية )وليخشى( فعدم التحمل انما هو بالنسبة إلى العقاب.. أما الخشية فهي بالنسبة إلى ما جرى

من سنن الكون. وأما ارتباط الظلم باألعقاب.. فالوجه فيه واضح: فإن من يظلم ال بد

وأن يثير على ضده المظلومين ومن إليهم، والمظلوم أو الموالي له ال بد وأن ينتقم أن عاجال أو آجال فاالنتقام العاجل يقع على نفس الظالم

واالنتقام اآلجل يقع على عقبه. إذا على اإلنسان العاقل المحب لذاته وعقبه: أن ال يظلم فإن ظلمه

يصيب نفسه وذويه.هذا هو شأن الظلم في نظر اإلسالم.

أما العدل فاإلسالم يؤكد عليه كل تأكيد وقد أرصد لهذه الفضيلة السامية حشدا

كبيرا من اآليات واآلثار واألقوال واألعمال. وعنوان اإلسالم البارز الذي يتجلى به غرة هذا الدين المبارك قوله

(.42تعالى: )إن الله يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى...()وينهى عن الفحشاء والمنكر.. والبغي...

واإلحسان فوق العدل. فلو رددت الدين كان عدال، ولو وهبت له مننفسك متعة فوق طلبه كانت إحسانا!

وفي آية أخرى: )أن الله يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا(.43حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل()

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )عدل ساعة خير من(.44عبادة سبعين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من أصبح ال ينوي ظلم أحد غفرالله تعالى له ذلك اليوم، ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما()

45.) وليس المراد بالظلم هو اإليذاء فحسب بل كل تعد لساني أو عرضي

أو مالي أو ما أشبه ظلم. إذا: معنى الحديث: ال يهم التاجر بالغش

والكاسب بالتطفيف، والحاكم بالجور، والمقرض بالربا وهكذا. وهكذا... وقال )عليه السالم(: )العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ما أوسع

(.46العدل إذا عدل فيه: وإن قل() وقال )عليه السالم(: )العدل أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأطيب

(.47ريحا من المسك()

282

إنه كذلك.. فبالعدل يرتاح النفس، ويطمئن الخاطر ويأمن العباد وتتقدمالبالد، وأي شهد وزبد ومسك، بهذه المشابهة؟.

وقال )عليه السالم(: )اتقوا الله واعدلوا، فإنكم تعيبون على قوم ال(.48يعدلون()

وما أقبح أن يعيب اإلنسان صفة ثم يأتي هو بها.وقال الشاعر:

ال تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظي++مسرور المؤمن

في اإلسالم أهمية كبرى للقلب. وقد اعتنى به أكبر اعتناء على قدر ما اعتنى باألعضاء والجوارح إذ القلب مصدر الخيرات والشرور ومبعث

األعمال واألفعال. ويندب اإلسالم إلى ادخال السرور على المؤمن وتفريج فؤاده سواء

أكان ذلك بخط مستقيم، أم بقضاء حاجة له ورفع مشكلة أحاطت به، كما انه في الوقت نفسه يحذر من إخافة المؤمن، وإدخال الكرب

عليه. وهذان األمر والنهي يعودان إلى الفاعل على حد ما يعودان إلى

المفعول ألجله، فإذا أفرح اإلنسان قلبا فرح هو بنفسه، وإذا أحزن شخصا حزن هو بنفسه، وهذا من جالئل نعم الله تعالى الذي به تحفظ

على اإللفة واالجتماع فلو كان فاعل الخير كفاعل الشر من حيث نفسالفاعل.

فلم يكن يفرح فاعل الخير، ولم يكن يحزن فاعل الشر، لكثرتالشرور واآلثام وانتشرت الرذائل واإلجرام.

أما إدخال السرور على المؤمن + كيفما كان + فقد ندب اإلسالم: قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من فرج عن مغموم أو

(.49أعان مظلوما غفر الله له ثالثا وسبعين مغفرة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من حمى مؤمنا من ظالم، بعث

(.50الله له ملكا يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )انصر أخاك ظالما أو مظلوما

(.51فقيل: كيف ينصره ظالما؟ قال: تمنعه من الظلم() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من أغاث أخاه المؤمن اللهفان اللهثان، عند جهده فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته، كتب الله

تعالى بذلك اثنتين وسبعين رحمة يعجل له منها واحدة يصلح بها أمرمعيشته ويدخر له إحدى وسبعين رحمة ألفزاع يوم القيامة وأهواله()

52.) وقال )عليه السالم(: )من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كرب

(.53اآلخرة وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد()

283

وقال )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(:(.54إن أحب األعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن()

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرفه القذى عنه حسنة، وما عبد الله بشيء أحب إلى الله من

(.55إدخال السرور على المؤمن() إن ادخال السرور على المؤمنين مصدر اإللفة التي هي بدورها توجب

رقي االجتماع مما يسبب كل طاعة وعبادة وتهدم كل فساد وخبال.فلم ال يكون أحب العبادات إلى الله تعالى؟

وقال )عليه السالم(: )ال يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سرورا أنه عليه فقط بل + والله + علينا؟ بل + والله + على رسول الله )صلى الله

(.56عليه وآله وسلم(() وقال اإلمام الرضا )عليه السالم(: )من فرج عن مؤمن، فرج الله عن

(.57قلبه يوم القيامة() وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سر مؤمنا فقد

(.58سرني، ومن سرني فقد سر الله() وروى أبان بن تغلب، قال: سألت أبا عبد الله )عليه السالم(: عن حق

المؤمن على المؤمن؟.فقال: )حق المؤمن على المؤمن أعظم من ذلك؟ لو حدثتكم

لكفرتم! إن المؤمن إذا أخرج من قبره، خرج معه مثال من قبره،يقول له: ابشر بالكرامة من الله والسرور.

فيقول له: بشرك الله بخير. ثم يمضي معه يبشره بمثل ما قال.. واذا مر بهول، قال: ليس هذا لك. وإذا مر بخير قال: هذا لك، فال يزال معه

يؤمنه ما يخاف، ويبشره بما يحب حتى يقف معه بين يدي الله عز وجل، فإذا أمر به إلى الجنة، قال المثال: أبشر فإن الله عز وجل، أمر

بك إلى الجنة؟. قال: فيقول: من أنت رحمك الله تبشرني من حين خرجت من قبري

وأنستني في طريقي وخبرتني عن ربي؟ قال: فيقول: أنا السرور الذي كنت تدخله على إخوانك في الدنيا خلقت منه ألبشرك وأونس

(.59وحشتك() وروى ابن سنان، قال: )كان رجل عند أبي عبد الله )عليه السالم(

فقرأ هذه اآلية: )والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ( قال أبو عبد الله )عليه السالم(:60فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا()

فما ثواب من أدخل عليه السرور؟ فقلت: جعلت فداك عشر حسنات؟(.61قال: إي والله وألف ألف حسنة()

ومن هنا يعلم نظر اإلسالم بالنسبة إلى إيذاء المؤمن وإضراره وما أشبه، قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من نظر إلى

(.62مؤمن نظرة ليخيفه بها، أخافه الله تعالى يوم ال ظل إال ظله()

284

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من روع مؤمنا ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار، ومن روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه

(.63فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار() وقال )عليه السالم(: )من أدخل السرور على مؤمن أدخله على رسول

الله )صلى الله عليه وآله وسلم( ومن أدخله على رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( فقد وصل ذلك إلى الله تعالى وكذلك من أدخل

(.64عليه كربا()إلى غيرها من األخبار.

وقد تقدم بعضها لكن ليعلم ان ليس من تفريح المؤمن + الممدوح + تفريحه بعصيان الله + كما يتوهمه الجاهل + فإنه ال مشوبة في سخط

الخالق.قضاء الحوائج

من لوازم كون اإلنسان اجتماعيا: إن لكل فرد حوائج ال تقوم إال باآلخرين فكل فرد في المجتمع مثله كل جزء في الجسد، ال يتمكن من

استيفاء مصالحه إال بالتعاون، فالعين + مثال + تحتاج إلى أيد في تناول الطعام، والفم في اإلزدراد، والمعدة في الهضم وهكذا وتلك األعضاء +

بدورها + تحتاج إلى العين، في اإلكتساب واالهتداء، وتجنب مواقعالخطر.

وإذ كان كل فرد محتاجا، ومحتاجا إليه + في آن واحد + فمن الالزم أنيعين اآلخر ويعاني باآلخرين حتى يدور رحى المجتمع.

هذا أصل أولي، ال يشك فيه إال من انقطع عن اإلنسانية وسكن الغاب. وهنا يأتي اإلسالم ليوجه الناس إلى هذا األصل، ويحرضهم على قضاء

حوائج اآلخرين فإن ذلك يؤدي وظائف ثالث: تنظيم االجتماع، ووصول ذي الحاجة إلى حاجته، وتهيئة الظروف

الستيفاء قاضي الحاجة من المحتاج حاجة فيما بعد. ولذا فإن اإلسالم يؤكد على قضاء الحوائج، أكبر تأكيد ويعد من الثواب

واألجر لقاضي حوائج الناس قدرا كثيرا: ( والبر في65ففي القرآن الكريم: )... وتعاونوا على البر والتقوى...()

نظر اإلسالم كل عمل إنساني يقوم به اإلنسان تجاه أخيه، فيما لميكن معصية الله عز اسمه.

وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من قضى ألخيه(.66المؤمن حاجة فكأنما عبد الله دهره()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من مشى في حاجة أخيه، ساعةمن ليل أو نهار، قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين()

67.) وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )أوحى الله إلى موسى )عليه

السالم(: إن من عبادي من يتقرب إلي بالحسنة، وأحكمه في الجنة،

285

فقال موسى )عليه السالم(: يا رب وما تلك الحسنة؟ قال: يمشي مع(.68أخيه المؤمن، في قضاء حاجته قضيت أم لم تقض()

وتحكيمه في الجنة: معناه جعله حاكما. فالقاضي لحوائج الناس بل وغيره ممن يهتم بالقضاء حاكم الجنة، كما إن الفقهاء حكام الدنيا،

وأعظم بها من منصب خطير؟ أما معنى الحكومة هناك فليس فضل الخصومات، فالجنة ال خصومة فيها وإنما هي السيادة والرفعة

والسلطنة. وقال )عليه السالم(: )من مشى في حاجة أخيه المسلم أظله الله

بخمسة وسبعين ألف ملك ولم يرفع قدما إال كتب الله له حسنة، وحط عنه بها سيئة، ويرفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته كتب الله عز

(.69وجل له بها أجر حاج ومعتمر() وقال )عليه السالم(: )إن المؤمن لترد عليه الحاجة ألخيه فال تكون

(.70عنده فيهتم بها قلبه، فيدخله الله تبارك وتعالى بهم+ته الجنة() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )من قضى ألخيه المؤمن حاجته

قضى الله تعالى له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك + أولها +: الجنة ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد ان ال

(.71يكونوا نصابا()وما تلك المائة ألف حاجة؟ وهل بعد دخول الجنة حاجة؟.

هذا سؤال يرد على الذهن + باديء ذي بدء +. لكن الجواب سهل يسير: أرأيت من يريد السفر + في هذه األزمنة +

كم دائرة يلزم عليه دخولها والخروج منها؟ إنه سفر بسيط يحتاج إلى عشرة دوائر على األقل فكيف بيوم مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون وفيه الحساب لكل صغيرة وكبيرة حتى وجيفات القلوب ولو

كان العمل مثقال حبة من خردل؟! هذا آخر الجزء الثاني من )الفضيلة اإلسالمية( التي كتبتها إطاعة ألمر

سيدي الوالد طاب ثراه، أسأل الله تعالى ان ينفعني بها وسائر المؤمنين ويجعلها ذخيرة ليوم الدين ويوفقني للعمل بمرضاته وهو

المستعان.اإلنفاق على العيال

ان اإلنفاق على العائلة في نظر االسالم من الواجبات.. لكن مع ذلك يرى االسالم له أجرا كبيرا، وثوابا عظيما، كما هو شأن االسالم في

جميع واجباته ومندوباته، فإنه ال يلزم بشيء، إال إذا كان ذا فائدة دنيويةواخروية.. وذلك جلي لدى من درس االسالم باستيعاب وعمق!. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الكاد على عياله،

( ولم ال يكون كذلك؟ كالهما يوجبان72كالمجاهد في سبيل الله()عمارة االرض، وإزدهار الحياة، وإطاعة ألمر الله...

(.73وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )خيركم: خيركم ألهله()

286

ليس هذا فحسب بل جعل االسالم النزول عند رغبات االهل فيالمأكل... من سمات المؤمنين، وعكسه من سمات المنافقين.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )المؤمن يأكل بشهوة(.74أهله، والمنافق يأكل أهله بشهوته()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أفضل الصدقة: صدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول! واليد العليا خير من اليد السفلى، وال يلوم الله

(.75على الكفاف() غرر من الحكم، ودرر من الكلم، جمعتها هذه االلفاظ السهلة العذبة

القليلة!!! فكيف يتصدق االنسان وهو فقير معدم، ال يملك شيئا يسيرا؟! وهل

الصدقة اال لرفع الفقر عن المجتمع، وإزالة السخائم؟ وصدقة من يفقر بصدقته ال تنتج شيئا منها، يقول القرآن الحكيم: )... وال تبسطها كل

( أما االيثار، وما كان يفعله النبي76البسط فتقعد ملوما محسورا() )صلى الله عليه وآله وسلم( واالئمة )عليهم السالم( من تقديم غيرهم

على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة.. فله بحث آخر، وجمع وجيه...إذا: فأفضل الصدقة عن ظهر غنى يتصدق وهو غني...

وإبدأ بمن تعول.! إنه ليس له أحد سواك.. أما غيره فكثيرا ما يجد غيرك، باالضافة إلى أن القيام بمهام العائلة يقوي الصالت العذبة،

ويفشي الحب والوداد بين االسرة.. ومن يشك في أن اليد العليا خير من اليد السفلى؟ فإذا صاحب

االنسان أحدا فليجهد ألن تكون يده العليا. وهذا بدوره تحفيز للرقي والتقدم وشد الناس بعضهم ببعض، ونشر الفضيلة والخير فيهم،

والكفاف هو الحد الوسط في العيش، والله هو الذي يأمر بالقصد. إنه يكره السرف والقتر، أما الكفاف فال لوم من الله عليه، بل وال من

الناس... وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )دينارا أنفقته على أهلك... ودينارا

أنفقته في سبيل الله... ودينارا أنفقته في رقبة.. ودينارا تصدقت به(.77على مسكين.. وأعظمها أجرا الدينار الذي أنفقته على أهلك!!() إنه يجمع الخير كله فاألهل: مسكين، ورقبة، وسبيل الله، وأهل..

فلماذا ال يكون اإلنفاق عليه أعظم أجرا؟ وق+++ال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما أنفق ال+++رجل على أه+++له،

فه+++و صدق+++ة، وإن الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى فم امرأته()78.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من الذنوب ذنوب ال يكفرها إال(.79الهم بطلب المعيشة()

287

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كان له ثالث بنات، فانفق عليهن وأحسن عليهن، حتى يغنيهن الله عنه، أوجب الله تعالى له

( إال أن يعمل عمال ال يغفر الله له.80الجنة()وقال )صلى الله عليه وآله وسلم( + يوما ألصحابه +: )تصدقوا...

فقال رجل: إن عندي دينارا؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أنفقهعلى نفسك.

فقال: إن عندي آخر؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أنفقه علىزوجتك.

قال: إن عندي آخر؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أنفقه علىولدك.

قال: إن عندي آخر؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أنفقه علىخادمك.

قال: إن عندي آخر؟ قال )صلى الله عليه وآله وسلم(: أنت أبصر به()81.)

هنا موضع اإلنفاق في سبيل الله، من صدقة أو عمارة مسجد أو بناء مدرسة أو إكساء مسكين أو ما أشبه...أما الواجب فهو مقدم على المستحب، وقد قال االمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ال قربة

بالنوافل إذا أضرت بالفرائض(.ه على وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ملعون ملعون من ألق كل

( إن اإلسالم يريد أن82الناس! ملعون ملعون من ضيع من يعوله!() يقوم كل فرد بعمل مضاعف لنفسه ولغيره وأقله من يعوله.. أما أن

ينعكس المطلب وال يقوم االنسان حتى بنفقة نفسه، بل يلقي كلهعلى الناس، فهو ملعون ملعون!!!

وقال االمام السجاد )عليه السالم(: )أرضاكم عند الله أسبغكم على(.83عياله()

نعم: إنه كذلك بنظر اإلسالم، اإلسالم الذي يريد الخير والرفاهوالسعادة، للبشر كافة، وللعائلة خاصة إن أسبغهم أرضاهم وال تعجب.

وق+++ال )عليه السالم(: )لئن أدخل الس+++وق ومعي دراه+++م، أبتاع(.84لعيال+++ي لحما، وقد قرموا اليه، أحب إلي من أن أعتق نسمة()

وقال االمام الصادق )عليه السالم(: )كفى بالمرء إثما أن يضيع من(.85يعوله()

وقال )عليه السالم(: )من سعادة الرجل: أن يكون القيم على عياله()86.)

وقال االمام الكاظم )عليه السالم(: )إن عيال الرجل اسراؤه فمن أنعم الله عليه نعمة، فليوسع على اسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن

(.87تزول النعمة()

288

وقال االمام الرضا )عليه السالم(: )ينبغي للرجل أن يوسع على عياله،(.88لئال يتمنوا موته()

وقال عليه السالم: )صاحب النعمة يجب عليه التوسعة على عياله()89.)

الى غير ذلك من االحاديث، التي كلها تشير إلى هذا المعنى: وجوباالنفاق وندب التوسعة.

.2/182 + جامع السعادات: 50، ب75/116 + بحار األنوار: 1.2/182 + جامع السعادات: 2.2/182 + جامع السعادات: 50، ب75/116 + بحار األنوار: 3.2/182 + جامع السعادات: 74، ب75/92 + بحار األنوار: 4.2/183 + جامع السعادات: 2/99 + أصول الكافي: 5.2/183 + جامع السعادات: 50، ب75/117 + بحار األنوار: 6.2/183 + جامع السعادات: 7.21 + سورة االحزاب: آية 8.2/213 + جامع السعادات: 22، ب74/358 + بحار األنوار: 9

.2/213 + جامع السعادات: 22، ب74/358 + بحار األنوار: 10.2/213 + جامع السعادات: 22، ب74/357 + بحار األنوار: 11.2/213 + جامع السعادات: 22، ب74/358 + بحار األنوار: 12 ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/338 + بحار األنوار: 13

.2/213السعادات: .2/213 + جامع السعادات: 20، ب74/287 + بحار األنوار: 14.2/213 + جامع السعادات: 2/363 + أصول الكافي: 15.2/212 + جامع السعادات: 16.2/212 + جامع السعادات: 17.2/212 + جامع السعادات: 18.2/213 + جامع السعادات: 19.2/213 + جامع السعادات: 20.42 + سورة الشورى: آية 21.42 + سورة ابراهيم: آية 22.227 + سورة الشعراء: آية 23.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/330 + بحار األنوار: 24.2/220 + جامع السعادات: 25.2/220 + جامع السعادات: 26.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/313 + بحار األنوار: 27.2/220 + جامع السعادات: 2/331 + أصول الكافي: 28.2/220 + جامع السعادات: 2/332 + أصول الكافي: 29

289

.2/220 + جامع السعادات: 2/331 + أصول الكافي: 30.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/322 + بحار األنوار: 31.14 + سورة الفجر: آية 32.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/312 + بحار األنوار: 33.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/329 + بحار األنوار: 34.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/313 + بحار األنوار: 35.2/220، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/331 + بحار األنوار: 36.13 + سورة لقمان: آية 37.2/221، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/328 + بحار األنوار: 38.9 + سورة النساء: آية 39.2/221، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/315 + بحار األنوار: 40.15 + سورة االسراء: آية 41.90 + سورة النحل: آية 42.58 + سورة النساء: آية 43.2/223 و1/121 + جامع السعادات: 44.2/223، ب: الظلم + جامع السعادات: 75/324 + بحار األنوار: 45 ، ب: اإلنصاف والعدل + جامع السعادات:74/36 + بحار األنوار: 46

2/223..2/223 + جامع السعادات: 47.2/223 + جامع السعادات: 48.2/225 + جامع السعادات: 49.2/225 + جامع السعادات: 50.2/225 + جامع السعادات: 51 ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/319 + بحار األنوار: 52

.2/225السعادات: .2/226 + جامع السعادات: 23، ب74/386 + بحار األنوار: 53 ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/319 + بحار األنوار: 54

.2/226السعادات: ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/288 + بحار األنوار: 55

.2/226السعادات: ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/290 + بحار األنوار: 56

.2/226السعادات: ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/321 + بحار األنوار: 57

.2/226السعادات: ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/287 + بحار األنوار: 58

.2/226السعادات:

290

، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/294 + بحار األنوار: 59.2/226السعادات:

.58 + سورة االحزاب: آية 60 ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/296 + بحار األنوار: 61

.2/227السعادات: .2/225 + جامع السعادات: 62.2/225 + جامع السعادات: 63.2/225 + جامع السعادات: 64.2 + سورة المائدة: آية 65 ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/302 + بحار األنوار، 66

.2/229السعادات: .2/229 + جامع السعادات: 67 ، ب: قضاء حاجة المؤمن + جامع74/329 + بحار األنوار: 68

.2/230السعادات: .2/230 + جامع السعادات: 20، ب74/332 + بحار األنوار: 69.2/230 + جامع السعادات: 70.2/230 + جامع السعادات: 2/193 + أصول الكافي: 71.2/142 + جامع السعادات: 72.2/142 + جامع السعادات: 73.2/142 + جامع السعادات: 74.2/142 + جامع السعادات: 75.29 + سورة االسراء: آية 76.2/142 + جامع السعادات: 77.2/142 + جامع السعادات: 78.2/142 + جامع السعادات: 79.2/143 + جامع السعادات: 80.2/143 + جامع السعادات: 81.2/143 + جامع السعادات: 82.2/144 + جامع السعادات: 83.2/144 + جامع السعادات: 84.2/144 + جامع السعادات: 85.2/144 + جامع السعادات: 86.2/144 + جامع السعادات: 87.2/144 + جامع السعادات: 88.2/144 + جامع السعادات: 89

291

الرابع: الفصلواالداب الشرعية الحقوق

االول: البابالزكاة

إنها إحدى تشريعات اإلسالم التي جعلها لسد فراغ الفقر والمصالحالعامة وهي تتعلق + على نحو الوجوب + بتسعة أشياء وهي:

الغالت األربع: الحنطة، الشعير، التمر، الزبيب.األنعام الثالثة: اإلبل، البقر، الغنم.

النقدان: الذهب، والفضة.وتستحب في مال التجارة، والخيل وغيرهما.

ولها مقادير معينة، وأنصبة معلومة وأوقات محدودة ومصارف خاصة، يفصلها الفقه اإلسالمي.. وليس هنا محل تفصيلها وإنما القصد اإللماح

إلى أصل وجوب هذه الفريضة المالية التي قررها اإلسالم كضريبةعلى هذه األشياء المعينة.

وفي اآليات القرآنية والسنة المطهرة تأكيدات حول هذا التشريع وقد كانت الزكاة + أيام الدولة اإلسالمية التي انهارت منذ نصف قرن +

تجنى بصورة منظمة تحت نظام الدولة. أما بعد دخول المستعمرين بالد المسلمين وتبديلهم قوانين األجانب بقوانين اإلسالم! فقد تخلت

مكانها ليقع شاغرا: وتجبى بدلها الضرائب المستوردة!!.وعلى أي فقد حث اإلسالم على هذه الفريضة العظيمة.

(.1وقال سبحانه: )وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة...() وقال تعالى: )... والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل

الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم

(.2تكنزون() وعن النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( أنه قال: )إذا منعت الزكاة

(.3منعت األرض بركاتها() إن منع األرض بركاتها طبيعية بمقدار كونه بإرادة خارقة من الله تعالى

إذ الزكاة نظام االجتماع وبها ينظر الفقير + ومنه الفالح ونحوه + إلى المثري نظر احترام، وتنشطه إلى العمل أكثر فأكثر وهذه بدورها

سبب لزيادة النشاط الذي يسبب وفرة اإلنتاج. وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )إن الله عز وجل قرن الزكاة

بالصالة فقال: )وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة( فمن أقام الصالة ولم يؤت(.4الزكاة، فلم يقم الصالة()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما من ذي مال ذهب وفضة، يمنع زكاة ماله، إال حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر! وسلط عليه شجاعا

292

أقرع يريده وهو يحيد عنه، فإذا رأى انه ال يتخلص منه، أمكنه من يده، فقضمها كما يقضم الفجل! ثم يصير طوقا في عنقه وذلك قول الله

(.5عز وجل: )... سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة...() وما من ذي مال إبل أو غنم أو بقر، يمنع زكاة ماله إال حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر تطأه كل ذات ظلف بظلفها وتنهشه كل ذات ناب

بنابها. وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاتها إال طوقه الله تعالى

(.6ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة() وقال )عليه السالم(: )ما فرض الله على هذه األمة شيئا أسد من

(.7الزكاة وفيها تهلك عامتهم() انه مال! ومتى يسخو اإلنسان بماله؟ وهذا الكالم من الصدق بمكان:إنا

نرى الناس + اليوم + يحجون ويصلون ويصومون وهكذا + بكثرة + أماالمزكي فقليل وقليل جدا.

وقال )عليه السالم(: )من منع قيراطا من الزكاة، فليس بمؤمن وال مسلم وهو قوله تعالى: )... قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما

(.9( )8تركت...() وال عجب من هذا الحديث فإن المؤمن هو الذي يعمل بشرائط اإليمان

والمسلم هو الذي يعمل بشرائط اإلسالم والزكاة من اإلسالم ومناإليمان فتاركها ليس بهما.

وقال )عليه السالم(: )إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها، وإنما هي شيء ظاهر، حقن بها دمه وسمي بها مسلما ولو لم يؤدها لم تقبل له

(.10صالة() وقال )عليه السالم(: )إنما وضعت الزكاة اختبارا لألغنياء، ومعونة

للفقراء ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا والستغنى بما فرض الله له وإن الناس ما افتقروا وال احتاجوا وال

جاعوا وال عروا إال بذنوب األغنياء، وحقيق على الله أن يمنع رحمتهممن منع حق الله في ماله.

وأقسم بالذي خلق الخلق، وبسط الرزق: إنه ما ضاع مال في بر وال بحر إال بترك الزكاة، وما صيد صيد في بر وال بحر إال بتركه التسبيح في

ذلك اليوم. وإن أحب الناس إلى الله تعالى: أسخاكم كفا وأسخى الناس من أدى

زكاة ماله، ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله لهم في ماله()11.)

إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة.ولكن.. كم تقدر من يؤدي هذا الواجب؟ إنه قليل وأقل من القليل!.

293

وهل نفع المنع؟ كال بل عاد بالضرر على المالك وعلى الفقير + على حد سواء + فالمالك يعاني الضرائب المرهقة وغيض الفقراء وغضبهم

وانتقامهم في ثارات. والفقير يعاني آالم الفقر ووخزات المسكنة. ولماذا يمنعون + بعد كل ذلك +؟ ليس له سبب إال الشره والتكالب على

الحطام!!.كيف تعطي

قد حد اإلسالم حدود كل شيء، لم يترك صغيرا وال كبيرا إال أحصاه وهذا من خواص اإلسالم وحده. فال األديان وال المبادئ بهذا الشمول

واالستيعاب!. وقد جعل اإلسالم لكل من معطي الزكاة وسائر الصدقات ومن أخذها

موازين وحدودا نذكر بعضها استطرادا: من الالزم على من يدفع الصدقة أن يجتنب المن واألذى فال يمن على

الفقير وال يؤذيه بيد وال لسان وال همز وال لمز، حتى إنه يكره له أن يتوقع من الفقير احتراما فوق ما كان يتوقع منه حال عدم دفعها له

ولم يتوقع؟ إنه جلب لنفسه مرضاة الله وخير الدنيا. إنك إذا أعطيت المهندس ثمنا لتعبه على دارك فهل تتوقع منه احترامك؟ كال! ألنه ثمن

إزاء عمل وكذا الصدقة إنها مال إزاء أجر في األولى واألخرى فلماذاالمن واألذى؟.

إنه ترك الصدقة بقول حسن أفضل من الصدقة بإيذاء!.يقول الله تعالى: )قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى...()

12.) وهو كذلك: إن الصدقة لقلع الغل من الصدور وثواب اآلخرة واإليذاء

يكثر الغل، ويذهب باألجر، فتركها أفضل. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله تبارك وتعالى

كره لي ست خصال، وكرهتهن لألوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي: + العبث في الصالة.1 + والرفث في الصوم.2 + والمن بعد الصدقة.3 + وإتيان المساجد جنبا.4 + والتطلع في الرفد.5(.13 + والضحك بين القبور()6

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ومن علم إن ما صنع انما صنع لنفسه، لم يستبطىء الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم،

فال تلتمس من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك، ووقيت به عرضك، واعلم إن الطالب إليك لحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك، فأكرم وجهك

(.14عن رده()

294

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )رأيت المعروف ال يصلح إال بثالثخصال: تصغيره، وتستيره وتعجيله!!!.

فأنت إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه.و إذا سترته تممته.

وإذا عجلته هنأته.(.15وإن كان غير ذلك محقته ونكدته()

وقال )عليه السالم(: )إذا أعطيته فأغنه(. وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )إذا ناولتم السائل، فليرد الذي

(.16ناوله يده إلى فيه فليقبلها فإن الله عز وجل يأخذ الصدقات() ومعنى أخذه تعالى أنه يتقبلها بقبول حسن، ولذا ورد في الحديث: إن

الصدقة تقع في يد الله!!. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما تقع صدقة المؤمن

(.17في يد السائل حتى تقع في يد الله() ثم تال هذه اآلية: )ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ

(.18الصدقات...() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن الله تعالى يقول: ما من شيء

إال وكلت به من يقبضه غيري، إال الصدقة فإني أتلقفها بيدي تلقفا، حتى إن الرجل ليتصدق بالتمر أو بشق تمرة، فأربيها له كما يربي الرجل فلوه وفصيله. فتأتي يوم القيامة وهي مثل أحد وأعظم من

(.19أحد() ثم إن اإلسالم قد ندب إلى المعطي أن يطلب من السائل الدعاء

له.وفي ذلك فائدتان: طبيعته وتفضيلته، أما الطبيعة فألن للكالم إيحاء نفسيا، يسير على هديه اإلنسان + ولو كان قلبه، بادئ ذي بدء مخالفا

لما فاه به + فإن للكالم أثرا في القلب من غير فرق بين الملقي والملقى إليه وهذا + بدوره + يكفي لغسل السخائم، ودحض البغضاء، وقلع الشحناء عن القلوب، وتكرار مثل هذا اإليحاء كفيل بأن يفيض

على النفس ملكة للمجتمع وأكبر بهذا من أثر عظيم!!.وأما التفضيلة فألن الله تعالى وعد بذلك وهو ال يخلف الميعاد:

روي: )كان علي بن الحسين )عليهما السالم( يقول للخادم إذا أعطىالسائل أن يأمره بأن يدعو بالخير.

وكان يقول + للخادم +: أمسك قليال حتى يدعو فإن دعوة السائل الفقير(.20ال ترد()

وعن أحد ال+++باقرين عليهما السالم: )إذا أعط++يتموه+++م فل++قنوهم(.21الدع+++اء فإنه يستجاب لهم فيكم وال يستجاب لهم في أنفسهم()

واألفضل تخصيص األقارب واألرحام والمؤمنين ومن أشبه بالصدقاتقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال يأكل طعامك إال تقي(

(22.)

295

(.23وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إطعموا طعامكم األتقياء()وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أضف بطعامك من تحبه في الله()

24.) وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )لئن أصل أخا من إخواني بدرهم،

أحب إلي من أن أتصدق بعشرين درهما، ولئن أصله بعشرين درهما أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم، ولئن أصله بمائة درهم أحب إلي

(.25من أن أعتق رقبة()(.26وفي الخبر: )ال صدقة وذو رحم محتاج()

وفي خبر آخر: )إن أفضل الصدقات اإلنفاق على ذي الرحم الكاشح() ( والكاشح: هو الذي طوى كشحه معرضا وأفضليته معلومة إنه27

رحم وكاشح وفقير فاإلنفاق عليه يزيح علته وصلة لرحمه ودحضلغضبه ودخيلة نفسه!!.

ثم إنه ينبغي للفقير اآلخذ: أن يشكر المعطي ويدعو له، إنه إحسان في مقابلة إحسان وتأليف للقلوب وتبادل للوداد فالغني يشبع حاجة

الفقير الجسدية والفقير يشبع روح المعطي فرحا وابتهاجا. ولذا قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من لم يشكر

(.28الناس لم يشكر الله() فإنه لم يشكر الله ألنه أمره بالشكر فلم يمتثل ثم النفس الشكور تشكر كل منعم ومتفضل فعدم الشكر كاشف عن ملكة سيئة في

النفس وهي تبعث على عدم شكر الله وبين هذين الشكرين تالزم كماإن بين كفران نعم الخالق وكفران فضل المخلوق أيضا تالزما!!.

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )لعن الله قاطعي سبيل المعروف قيل: وما قاطعو سبل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف

(.29فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره() وليس هذا خاصا بالفقير بل اإلسالم يرى المكافأة بالحسنى أدبا راقيا

ويأمر به حتى تستحكم وشائج االجتماع المتحاب وأنما يأمر بالشكر اللساني وما أشبه من حيث ال يتمكن الفقير على أزيد من ذلك وإال

فيندب إلى المكافأة بالمثل وأكثر: ( هكذا يقول30)وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها...()

القرآن الحكيم!!!. ويقول اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )من صنع بمثل ما صنع

(.31إليه فإنما كافاه، ومن ضعفه كان شكورا ومن شكر كان كريما()الخمس

من الفرائض المالية التي جعلها الله تعالى لمحو الفقر وإصالحالمجتمع: الخمس.

وذلك ضريبة بسيطة واضحة مصدرها وموردها ومقدارها.

296

فمصدرها الغنائم وكل فائدة يستفيدها اإلنسان والغوص والكنزوالمعدن وقسم من األرض، وما اختلط من الحالل والحرام.

وموردها: اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من ذرية الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( والمصالح اإلسالمية بنظر اإلمام ونائبه + على

تفصيل +ومقدارها: من الخمسة واحد!

يقول القرآن الحكيم: )واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم

(.32آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا...() وقال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )هلك الناس في بطونهم

(.33فروجهم ألنهم ال يؤدون إلينا حقنا()يأكلون حراما.. وينكحون بمال حرام إذا يهلكون!!

وربما يظن الغر إنه مجعول لذرية الرسول جزافا! كال إن اإلسالم الحكيم ال يشرع أمرا جزافيا. بل جعلت الزكاة لسائر الفقراء وجعل

الخمس لفقراء آل بيت الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( وبهذين الغرضين سدت خلة الفقراء عامة. وسهم اإلمام: الذي هو نصف

الخمس يصرف في مصالح المسلمين على حد صرف الزكاة فيها،فهما:

فريضتان تقومان بتنظيم المصالح المالية خير قيام.وهنا أمر ال بأس بإيراده استطرادا في الموضوع وهو:

إن اإلسالم حبذ إلى الناس توقير ذرية الرسول )صلى الله عليه وآلهوسلم( واحترامهم ولكن ليس ذلك جزافا بل ألمرين:

أ + توجيه الناس إلى ناحية الرسول فإنه احترام أحد مثار السؤال عن سائر الناس: لم يوقر؟ فيقال: إنه من ذرية الرسول.. ومن الرسول؟ وبهذا يحيي الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( في األذهان ويتحرك

الشخص نحو االقتداء به )صلى الله عليه وآله وسلم( طلبا للسمو، وبذلك يكون تقريب للناس نحو الخير والفضيلة والسالم واإلسالم.

وأعظم بها من فائدة!. ب + حفظ مقام النبوة في الذرية وهذا أمر منطقي معقول، أن

اإلنسان يرى احترام األوالد من لوازم احترام اآلباء كما أن إهانتهمإهانة بالنسبة إلى اآلباء وبهذا ينظر الحديث: )المرء يحفظ في ولده(. إذا فليس اإلحترام لذرية الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم( جزافا

بل إنه نوع من الدعوة إلى الفضيلة والخير. كما إن اإلسالم ال يغفل عن طبيعة البشر التي تتعالى إذا وجد جاها وتوقيرا فيتقدم إلى النهي األكيد عن الكبرياء والبطالة بالنسبة إلى

السادة وقد نهى نبي اإلسالم )صلى الله عليه وآله وسلم( إياهم عن أن يأتوا بأنسابهم بينما يأتي سائر الناس بأعمالهم. وأبو لهب القرشي

297

عم النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( خير مثال لنظرة اإلسالم إلى األشخاص انه قد ورد فيه آي من الذكر الحكيم ذما له ولزوجته:)تبت

(.34يدا أبي لهب وتب() ولتفصيل الكالم مجال آخر وانما المقصود اإلشارة إلى بعض ما ورد

في احترام السادة من آل الرسول )صلى الله عليه وآله وسلم(: قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )حقت شفاعتي لمن أعان

(.35ذريتي بيده ولسانه وماله() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم

(.36عند ما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من اصطنع إلى أحد من أهل بيتي

(.37يدا، كافيته يوم القيامة() وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إذا كان يوم القيامة نادى مناد:

أيها الخالئق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فتنصت الخالئق. فيقوم النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( فيقول: يا معشر الخالئق من

كانت له عندي يد، أو منة، أو معروف فليقم حتى اكافيه؟. فيقولون: بآبائنا وأمهاتنا وأي يد، وأي منة، وأي معروف لنا؟! بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخالئق فيقول لهم: بلى

من آوى أحدا من أهل بيتي، أو برهم أو كساهم من عري أو أشبعجائعهم فليقم حتى اكافيه.فيقوم أناس قد فعلوا ذلك.

فيأتي النداء من عند الله: يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت، قال: فيسكنهم في)الوسيلة( حيث ال

(.38يحجبون عن محمد وأهل بيت محمد، صلوات الله عليهم() وهذا الحديث للعاملين باإلسالم المتقين عن المحارم أما من يعمل ما يعمل! ثم يحترم سيدا أو يكسوه أو يطعمه فال يقبل ذلك منه أسمعت

( وإنما: كلمة حصر!!39قول الله تعالى: )إنما يتقبل الله من المتقين()الصدقات

ندب اإلسالم إلى الصدقة، وأكد إيتاءها ووعد من تصدق الثواب الجزيل، واألجر الكبير ولفظة الصدقة مشتقة من الصدق كأنها

لمالزمتها تصديق الله والرسل اشتقت منها، وعلى أي فاإلسالم يرىاستحبابها بكل ما أمكن، ولو بشق تمرة!.

وليس الصدقة خاصة بنحو من المال بل تشمل بذل النقود واإلسكان، واإلكساء، واإلطعام، والقيام بخدمات أحد، كما أنها ليست خاصة بتلك

األمور المذكورة بل: إن بناء المدارس، والمالجئ، والرياض، والمستشفيات والمساجد، والعتبات وحفر اآلبار وإكساء الطرق، ومد

298

الجسور، وإضاءة الشوارع والبيوت وما إليها، وبناء المساكن للفقراءوالعجزة، وطبع الكتب ووقف المطابع والمكائن والسيارات ونحوها.

كلها من الصدقة المندوبة، إذا كانت فيها مصلحة للمسلمين أو ماأشبه.

واإلسالم وسع في معنى الصدقة، فلم يقتنع بما ذكر، بل جعل الكلمةالطيبة وتنحية األذى عن الطريق وأشباه هاتين من الصدقة.

وفي القرآن الحكيم، واألحاديث... تأكيد عجيب حول الصدقة.(.40)... أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض()

(.41)قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين()(.42)الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقناهم ينفقون()

إلى غيرها.. وغيرها.. مما يزخر به القرآن الكريم. وقال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )تصدقوا ولو بتمرة

(.43فإنها تسد من الجائع وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )اتقوا النار، ولو بشق تمرة، فإن

(.44لم تجدوا فبكلمة طيبة() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة

من كسب طيب + وال يقبل الله إال طيبا + إال كان الله أخذها بيمينه،(.45فيربيها له، كما يربي أحدكم فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما أحسن عبد الصدقة، إال أحسن(.46الله عز وجل الخالفة على تركته()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كل إمرىء في ظل صدقته، حتى(.47يقضى بين الناس()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أرض القيامة نار، ما خال ظل(.48المؤمن، فإن صدقته تظله()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله ال إله إال هو، ليدفع(.49بالصدقة: الداء والدبيلة، والحرق، والغرق، والهدم، والجنون...()

وعد سبعين بابا من الشر. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )صدقة السر تطفئ غضب الرب

(.50عز وجل() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا أطرقكم سائل ذكر بالليل فال

(.51تردوه() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أعط السائل، ولو على ظهر

فرس( وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال تقطعوا على السائل مسألته،

(.52فلوال إن المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم() وفي الحديث: )إن الله سبحانه، أوحى إلى موسى بن عمران: يا

موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل، إنه يأتيك من ليس بإنس

299

وال جان، بل مالئكة من مالئكة الرحمن، يبلونك فيما خولتك، ويسألونك(.53فيما نولتك، فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران؟()

وقال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )البر والصدقة ينفيان الفقر،(.54ويزيدان في العمر، ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا البالء بالدعاء، واستنزلوا الرزق بالصدقة، فإنها تفك من بين لحى

سبعمائة شيطان!! وليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على(.55المؤمن وهي تقع في يد الرب، قبل أن تقع في يد العبد()

وهذا كناية عن أن الله تعالى يقبلها، قبل ما تصل إلى يد الفقير! وقال )عليه السالم(: )الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين

نوعا من البالء وتفك من لحى سبعين شيطانا، كلهم يأمره: أن ال(.56يفعل()

ولعل الفرق بين السبعين والسبعمائة، باختالف المتصدقين أوالمتصدق عليهم، أو الصدقات أو األزمان واألمكنة أو ما أشبه.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )يستحب للمريض: أن يعطي(.57السائل بيده ويأمره أن يدعو له()

وقال )عليه السالم(: )باكروا بالصدقة، فإن البالء ال يتخطاها، ومن تصدق بصدقة أول النهار، دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في

ذلك اليوم، فإن تصدق أول الليل دفع الله شر ما ينزل من السماء في(.58تلك الليلة()

)وقد كان اإلمام الصادق )عليه السالم( إذا صلى العشاء، وذهب من الليل شطره، اخذ جرابا فيه خبز ولحم ودراهم. فحمله على عنقه ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم، وال يعرفونه، فلما مضى أبو عبد الله )عليه السالم( فقدوا ذلك! فعلموا انه كان أبا

عبد الله )عليه السالم(.حق معلوم

(.59)وفي أموالهم حق للسائل والمحروم()هكذا يقول القرآن فما ذلك الحق المعلوم يا ترى؟.

إن ابتعاد المسلمين عن القرآن والسنة أوجب اختفاء هذا الحق عن األذهان حتى انك تكاد تجد الكثرة الغالبة من المسلمين ال يعلم بهذاالحق وأجدر بهم أن ال يؤدوها وكيف يؤدي حق من ال يعلم ما هو؟ !

روى سماعة بن مهران عن الصادق )عليه السالم( قال: )الله عز وجل فرض في أموال األغنياء حقوقا غير الزكاة فقال الله عز وجل: )والذين

( فالحق المعلوم غير60في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم() الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله ونفسه يحب له

( فيؤدي الذي فرض على61أن يفرضه على قدر طاقته ووسعة ماله()نفسه إن شاء في كل جمعة وان شاء في كل شهر.

300

(62وقد قال الله عز وجل أيضا: )... وأقرضوا الله قرضا حسنا...()وهذا غير الزكاة.

وقد قال الله عز وجل أيضا: )... وينفقوا مما رزقناهم سرا وعالنية...()63.)

والمانعون أيضا وهو القرض يقرضه، والمتاع يعيره والمعروف يصنعه ومما فرض الله عز وجل أيضا في المال غير الزكاة قوله عز وجل:

(.64)والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل...() ومن أدى ما فرض الله عليه فقد قضى ما عليه وأدى شكر ما أنعم

الله عليه في ماله إذا هو حمده على ما أنعم الله عليه فيه مما فضله به من السعة على غيره ولما وفقه ألداء ما فرض الله عز وجل عليه

وأعانه عليه. وعن أبي بصير، عن الصادق )عليه السالم()في حديث(: )قلت: ماذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: هو والله الشيء الذي يعمله الرجل

في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو الشهر قل أو كثر غير أنه(.65يدوم عليه()

وروى إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله )عليه السالم(: في قول الله عز وجل: )والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم( أهو سوى الزكاة؟ فقال: هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال فيخرج منه األلف واأللفين والثالثة آالف واألقل واألكثر فيصل به رحمه ويحمل به

(.66الكل عن قومه() أليست هذه معاني إنسانية نبيلة، وأمور توثق عرى االجتماع وتربط

الناس بعضهم ببعض باإلضافة إلى كونها توجب الثواب والجنة في الدار اآلخرة؟ وهل تجد ما يشابه اإلسالم في مبادئه ودساتيره في قوانين

األرض واألديان المنتسبة إلى السماء؟ كال، إنه اإلسالم وحده الذي فيهكل خير ولو عمل به اإلنسان حاز رفاه الدنيا وسعادة اآلخرة.

ولو لم يعلم المسلم بهذه الشرائع فهل لوم التأخر واإلنحطاط عليه أمعلى دينه.؟.

(.67)... وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون()القرض

المجتمع عادل والناس ظلمة كما أن التوزيع لخيرات األرض عادلوالقائمون على التقسيم جائرون.

ترى مكانا من األرض يحمل ذهبا وعقيانا يكفيان حاجات كل البشر، ومكانا خاليا منهما ولكنه مشحن بالفواكه والنخيل واألشجار، ومكانا آهال بالحيوانات التي يحتاجها اإلنسان بينما تراه محتاجا إلى األمرين

األولين... وهكذا.

301

هذا توزيع عادل جعله الله سببا للتآلف والتعارف يحتاج ذاك إلى هذا في ذهبه وجوهره... وهذا إلى ذاك في تينه وزيتونه وهما إلى ثالث في

الصوف والوبر.. وهكذا. وهكذا في المجتمع كمية من المال وزعت باالختالف، هذا تاجر وهذا

عامل فلو كان الجميع أصحاب أموال فمن يعجن ويخبز ويحصد ويزرع؟ ولو كان الجميع عملة فمن يجلب البضائع بأموال طائلة؟ ومن يدخر

من الشتاء للصيف ومن الربيع للخريف؟. هذا هو سر االختالف في خيرات األرض واالختالف في أنصبة الناس

من األموال. وكما إن الله أمر بعمارة األرض واستخراج كنوزها وتوزيعها بالعدل

ليعيش الناس مرفهين. كذلك أمر بالتعاون في األموال هذا يقرض، وذاك يبذل وذلك يعمل

ليسعد الناس أجمعين.)من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة...()

68.) إن القرض كان في قاموس المسلمين يوم كان يحكم فيهم القرآن

وتسود فيهم السنة أما اليوم فقد ذهب القرض حيث ذهبت سائرشرائع اإلسالم من خمس وزكاة. وخير وصالت.

لكن اإلسالم يقول. ويقول. ويقول. اقرضوا، اقرضوا إن أردتم العيش الهنيء والسعادة في الدنيا.. اقرضوا الله وأدوا القرض لله وال تقرضوا

ربا وال تأكلوا أموال الناس باطال.فهل من أذن سامعة؟.

قال اإلمام الباقر )عليه السالم(: )من أقرض رجال قرضا إلى ميسرة،(.69كان ماله في زكاة، وكان هو في صالة مع المالئكة حتى يقبضه()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )مكتوب على باب الجنة: الصدقة(.70بعشرة، والقرض بثمانية عشر()

ولنقف أمام هذا الحديث، لنتساءل: وماذا الذي فضل القرض على الصدقة مع أن المال في الصدقة تذهب بال عودة، بخالف القرض؟ أما

إذا علمنا أن الصدقة + غالبا + تكون بأموال يسيرة دون القرض فإنه يشمل األلوف المؤلفة.. وعلمنا أن القرض يكافح الربا دون الصدقة.

وعلمنا أن الصدقة تخص جماعات معوزين فقط والقرض يفك مشاكل الحياة عند كل طبقة وأخيرا علمنا أن )المصارف( تؤدي عمل القرض +بربا + وأخذنا عن ذلك صورة إجمالية من أعمال القرض في المجتمع.

كان الجواب: إن القرض وتر المجتمع الحساس والصدقة + المتبرع بها كما هو الظاهر من سياق الحديث + يأتي دورها في هامش الحياة

وأجدر بالوتر أن يكون أفضل من الهامش وأفضل؟.

302

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )ما من مؤمن أقرض مؤمنا يلتمس به وجه الله، إال حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع

(.71إليه ماله() وإذا أقرض اإلنسان فال يكدر صفو قرضه باالستعجال في الطلب إنه

أقدم على أمر جميل، فلماذا يكدره باإللحاح في األداء وكثيرا ما ال يجدالمقترض سبيال إلى دفعه.

كما ينبغي للمقترض أن يعجل األداء مهما أمكن وال يقطع سبيلالمعروف بمماطلته.

فعلى المقرض أن يعمل بقوله تعالى: )وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى(.72ميسرة...()

وعلى المقترض أن يسعى في األداء حسب اإلمكان وال يماطل مع المكنة. كما أن من المندوب أن يهب المقرض المقترض ما يطلبه إن

كان المدين معوزا ال يقدر على األداء.وقد وردت في هذه المعاني آيات وروايات:

روى اإلمام الصادق )عليه السالم(: )إن رسول الله )صلى الله عليهه +: من أحب أن يستظل من وآله وسلم( قال في يوم حار + وحنا كف+

فور جهنم؟ قالها ثالث مرات، فقال الناس + في كل مرة +: نحن يا(.73رسول الله. فقال: من أنظر غريما، أو ترك لمعسر()

وروى الصادق )عليه السالم( أيضا: )إن رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم( صعد المنبر ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على

أنبيائه، ثم قال: أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب منكم: أال ومن أنظر معسرا كان له على الله في كل يوم ثواب صدقة بمثل ماله حتى

(.74يستوفيه() وقال الصادق )عليه السالم(: )من أراد أن يظله الله يوم ال ظل إال

(.75ظله، فلينظر معسرا أو يدع له من حقه() وقيل له )عليه السالم(: )أن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل قد

مات وقد كلمناه أن يحلله فأبى؟ فقال: )ويحه! أما يعلم أن له بكل(.76درهم عشرة إذا حلله وإن لم يحلله فإنما هو درهم بدرهم()

.110 + سورة البقرة: آية 1.35 + 34 + سورة التوبة: اآليتان 2.2/125 + جامع السعادات: 3.2/125 + جامع السعادات: 4.180 + سورة آل عمران: آية 5.2/125 + جامع السعادات: 6.2/125 + جامع السعادات: 7.100 + 99 + سورة المؤمنون: اآليتان 8

303

.2/126 + جامع السعادات: 9.2/126 + جامع السعادات: 10.2/126 + جامع السعادات: 11.263 + سورة البقرة: آية 12.2/131 + جامع السعادات: 13.2/132 + جامع السعادات: 14.2/133 + جامع السعادات: 15.2/134 + جامع السعادات: 16.2/134 + جامع السعادات: 17.104 + سورة التوبة: آية 18.2/135 + جامع السعادات: 19.2/135 + جامع السعادات: 20.2/135 + جامع السعادات: 21.2/136 + جامع السعادات: 22.2/136 + جامع السعادات: 23.2/136 + جامع السعادات: 24.2/137 + جامع السعادات: 25.2/137 + جامع السعادات: 26.2/137 + جامع السعادات: 27.2/138 + جامع السعادات: 28.2/138 + جامع السعادات: 29.86 + سورة النساء: آية 30.2/138 + جامع السعادات: 31.41 + سورة األنفال: آية 32.2/140 + جامع السعادات: 33.1 + سورة المسد: آية 34.2/140 + جامع السعادات: 35.2/141 + جامع السعادات: 36.2/141 + جامع السعادات: 37.2/141 + جامع السعادات: 38.27 + سورة المائدة: آية 39.267 + سورة البقرة:آية 40.44 + 43 + سورة المدثر: اآليتان 41.3 + سورة البقرة: آية 42.2/146 + جامع السعادات: 43.2/146 + جامع السعادات: 44.2/146 + جامع السعادات: 45

304

.2/146 + جامع السعادات: 46.2/146 + جامع السعادات: 47.2/146 + جامع السعادات: 48.2/147 + جامع السعادات: 49.2/147 + جامع السعادات: 50.2/147 + جامع السعادات: 51.2/147 + جامع السعادات: 52.2/147 + جامع السعادات: 53.2/147 + جامع السعادات: 54.2/147 + جامع السعادات: 55.2/147 + جامع السعادات: 56.2/148 + جامع السعادات: 57.2/148 + جامع السعادات: 58.19 + سورة الذاريات: آية 59.25 + 24 + سورة المعارج: اآليتان 60.2/158 + جامع السعادات: 61.20 + سورة الزمل: آية 62.31 + سورة ابراهيم: آية 63.21 + سورة الرعد: آية 64.2/159 + جامع السعادات: 65.2/159 + جامع السعادات: 66.33 + سورة النحل: آية 67.245 + سورة البقرة: آية 68.2/160 + جامع السعادات: 69.2/160 + جامع السعادات: 70.2/160 + جامع السعادات: 71.280 + سورة البقرة: آية 72.2/161 + جامع السعادات: 73.2/161 + جامع السعادات: 74.2/161 + جامع السعادات: 75.2/161 + جامع السعادات: 76

305

الثاني: البابحق الحصاد

من األحكام اإلسالمية ما قلت حصته من العاملين، فال عامل له، أو قل العاملون به، كما إن من األحكام ما كثر من يطبقه.. سواء في ذلك

الواجب والمستحب واألحكام الثالثة األخر. فترى الصالة تقام بكثرة، بينما الزكاة وهي شقيقتها ال تعطى إال نادرا والزنا ال يستباح إال بشذوذ، بينما الغيبة وهي أخته في الحرمة تتعاطى

في غالب المجامع واألندية. والقنوت في الصالة مستحبة في ذات جد وحظ، بينما تقليب الكفين

حالته + كما كان النبي )صلى الله عليه وآله وسلم( يفعله + ال يرى أصال. ومن المندوبات + أو الواجب على بعض األداء + التي ال حظ لها

من المسلمين إال نادرا: حق الحصاد والجذاذ.وما ذاك؟.

إن اإلسالم قرر أن يعطى حين حصاد الحب، وجذاذ التمر.. وما أشبه:قبضات وحفنات.. إلى الفقراء الذين يحضرون..فكم ترى حظ هذا األمر اإلسالمي من التنفيذ؟.

بينما ترى األخبار تؤكد هذا الحق بضروب من التأكيد. روى زرارة ومحمد بن مسلم وأبو بصير عن الباقر )عليه السالم(: )في

( ، قال: هذا من1قول الله عز وجل: )... وآتوا حقه يوم حصاده() الصدقة تعطي المسكين القبضة بعد القبضة، ومن الجذاذ الحفنة بعد

(.2الحفنة، حتى يفرغ() وعن أبي مريم، عن أبي عبد الله )عليه السالم( في قول الله عز

وجل: )وآتوا حقه يوم حصاده( قال: )تعطي المسكين يوم حصادك الضغث،

ثم إذا وقع في البيدر، ثم إذا وقع في الصاع العشر ونصف العشر(. وعن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله )عليه السالم( عن قول الله عز وجل: )وآتوا حقه يوم حصاده( قال: )الضغث من السنبل، والكف من التمر إذا خرص، وسألته: هل يستقيم إعطاؤه إذا دخله؟ قال: ال، هو

أسخى لنفسه قبل أن يدخله بيته(. وسأل الحلبي اإلمام الصادق )عليه السالم(: عن قول الله عز وجل

)وآتوا حقه يوم حصاده( كيف أعطي؟ قال: )تقبض بيدك على الضغث،فتعطيه المسكين والمسكين حتى تفرغ منه(.

إلى غير ذلك من األحاديث الكثيرة. وقد أكد اإلسالم على هذا الحق، حتى جعل الصرم بالليل مكروها

شديدا، مخافة أن ال يحضر المساكين:

306

روى أبو بصير عن الصادق )عليه السالم( قال: )ال تصرم بالليل وال تحصد بالليل، وال تضح بالليل، وال تبذر بالليل، فإنك إن فعلت لم يأتك

القانع والمعتر، فقلت: ما القانع والمعتر؟ قال: القانع الذي يقنع بما أعطيته، والمعتر الذي يمر، فيسألك، وان حصدت بالليل لم يأتك

السؤال، وهو قول الله: )وآتوا حقه يوم حصاده( عند الحصاد يعني: القبضة بعد القبضة إذا حصدته، فإذا خرج فالحفنة بعد الحفنة، وكذلك

عند الصرام، وكذلك ال++بذر، ال تبذر بالل+++يل ألنك تعطي ف+++ي البذر(.3كم++++ا تعطي في الحصاد()

وهنا سؤال يفرض نفسه، هو أن المسكين كيف ينتفع بالقبضة وماأشبهها؟ ولم يجعل اإلسالم أكثر من الحفنة حقا للسائل؟.

واإلجابة على هذا السؤال: إن من يمر من السائلين كثيرون، ومن يصرم ويحصد ويبذر كثيرون أيضا، فوزعت الحاجة على المالكين كي ال

يتضرر المالك، وال يبقى الفقير معوزا إن الفقير يجمع من بساتين متعددة ما يكفيه، والمالك يعطي للسائلين حفنات إذا جمعت صارت شطرا من ماله ال يستهان به. وهذا من حكمة اإلسالم وكل اإلسالم

حكمة. ثم أن اإلسالم لم يخصص هذا الحق بالمسلم، فإنه اإلسالم الذي يرأف

حتى بالكافر والمشرك، انه مبدأ إنساني يحب لإلنسان كل خير ويعطف على كل إنسان ولو كان معتنقا لمبدأ غير مبدأه، ودين غير

دينه. قال هاشم بن المثنى: قلت ألبي عبد الله )عليه السالم(: )وآتوا حقه

يوم حصاده(؟ قال: أعط من حضرك من مشرك أو غيره(. وعن عبد الله بن سنان: )سئل الصادق )عليه السالم( عن قوله تعالى:

)وآتوا حقه يوم حصاده(؟ قال: أعط من حضرك من المسلمين، وإنلم يحضرك إال مشرك فأعطه(.

وفي حديث آخر عنه: )تعطي منه المساكين الذين يحضرونك ولو لم(.4يحضرك إال مشرك()

الهدايا إن الهدية مما ندب إليها اإلسالم، لما فيها من تقوية الصالت وتوثيق

عرى الحب والوداد، وإيجاد األلفة والمحبة بين أفراد المجتمع. وال تختص الهدية بالفقير، بل الهدية تعم الغني أيضا، كما إنها ال تختص

بشيء خاص بل تشمل كل ما توجب األلفة والوداد. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )تهادوا تحابوا فإنها

(.5تذهب بالضغائن() وهذا من خطط اإلسالم الحكيمة، لبث الحب في المجتمع فإن الهدية

تسبب تقارب القلوب، وتآلف األفراد، وترخص الضغائن الكامنة،واألحقاد والعداوات.

307

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )لئن أهدي ألخي المسلم هدية(.6أحب إلي من أن أتصدق بمثلها()

ثم إن اإلسالم، يؤكد اإلهداء وقبول الهدية ولو كانت ضئيلة ثم ردهابمثلها أو أحسن منها، كل ذلك إلشاعة الحب وبث األلفة.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )لو اهدي إلي ذراع لقبلت(. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم: )من تكرمة الرجل ألخيه

(.7المسلم أن يقبل تحفته، وأن يتحفه بما عنده وال يتكلف له شيئا()الضيافة

من بواعث االلفة الضيافة فإن اإلنسان يحنو نحو أخيه إذا حني األخ إليه ولهذا العطف القلبي الذي هو السر في الوداد والحب آثار وعالئم

كحسن البشر والتحية واإلهداء والضيافة. ولذا أكد اإلسالم على الضيافة، تأكيده على سائر بواعث الحب

واألئتالف. إضافة إلى أن اإلنسان قد يكدر قلبه على أخيه لهناتاجتماعية والضيافة صيقل يجلو القلب وينير الفؤاد عن الكدورات.

قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال خير فيمن ال يضيف()8.)

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الض+++يف إذا ج+++اء فنزلبالق++++وم جاء برزقه معه من السماء فإذا أكل غفر الله لهم بنزوله()

9.) وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما من ضيف حل بقوم، إال ورزقه

(.10في حجره() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كان يؤمن بالله واليوم اآلخر

(.11فليكرم ضيفه()وما الربط بين اإليمان بالمبدأ والمعاد وبين إكرام الضيف؟.

أليس ان الله الذي بيده البدء والعود أمر بذلك؟ إذا: فإكرام الضيف يالزم اإليمان بالله واليوم اآلخر وما أجمله من أسلوب؟ آكده من

حث؟. ومر )صلى الله عليه وآله وسلم( برجل له إبل وبقر كثير فلم يضيفه،

ومر بامرأة لها شويهات، فذبحت له، فقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )انظروا إليهما فإنما هذه األخالق بيد الله عز وجل، فمن شاء

أن يمنحه خلقا حسنا فعل(. وهل يمنح الله اعتباطا؟ تقول اآلية الكريمة: )والذين جاهدوا فينا

(.13(.. وتقول: )وإن ليس لإلنسان إال ما سعى()12لنهدينهم سبلنا() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ما تزال أمتي بخير، ما تحابوا وأدوا األمانة واجتنبوا الحرام وأقرأوا الضيف، وأقاموا الصالة وآتوا

(.14الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين()

308

فهل يصح ذلك؟ نعم: ألسنا نحن المسلمين اليوم في قحط؟ ان من يقيس أسعارنا اليوم بعد ما تركنا ما قاله النبي )صلى الله عليه وآله

وسلم( بأسعارنا قبل نصف قرن، حينما كنا نعمل بأوامر النبيوإرشاداته، يعرف مدى كوننا في قحط!.

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إذا أراد الله بقوم خيرا، أهدى إليهم هدية، قالوا: وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ينزل برزقه، ويذهب

(.15بذنوب أهل البيت() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )كل بيت ال يدخل فيه الضيف، ال

تدخله المالئكة(.(.16وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الضيف دليل الجنة()

وقال أمير المؤمنين )عليه السالم(: )ما من مؤمن يحب الضيف إال ويقوم من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر، فينظر أهل الجمع فيقولون: ما هذا إال نبي مرسل! فيقول ملك: هذا مؤمن يحب الضي+++ف ويكرم

(.17الضي+++ف وال سب+++يل له إال أن يدخل الجنة() إنه مؤمن يحب الضيف ال إنه يرى ال مفر له من الضيف ولك أن تسأل

وهل يمكن أن يحب اإلنسان الضيف إذا كان يخل بشؤونه أو يأكلقوته؟.

والجواب: نعم يمكن ان اإلنسان إذا فكر في فوائد الضيف الدنيوية واألخروية، ونظر إلى أولئك الذين يضيفون الناس والى الذين ال

يضيفون ثم رأى عدم الفرق بينهما من أي ناحية ال المادية وال المعنويةيذعن بأن الضيافة حسنة وإذا أذعن بذلك لم يفتىء إال ويحب الضيف. وقال )عليه السالم(: )ما من مؤمن يسمع همس الضيف وفرح بذلك،

(.18إال غفرت له خطاياه، وإن كانت مطبقة بين السماء واألرض() وبكى )عليه السالم( يوما فقيل له: )ما يبكيك؟ قال: لم يأتني ضيف

منذ سبعة أيام. أخاف أن يكون الله قد أهانني!(. ومعنى اإلهانة عدم إرسال الهدية، فقد تقدم في الحديث: إن الضيف

هدية. عن أبي محمد الوابشي، قال: )ذكر أصحابنا عند أبي عبد الله )عليه السالم( فقلت: والله ما أتغدى وال أتعشى إال ومعي منهم اإلثنان أو الثالثة أو أقل أو أكثر، فقال )عليه السالم(: فضلهم عليك أكثر من

فضلك عليهم قلت: جعلت فداك كيف؟! وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم من مالي ويخدمهم خادمي، فقال: إنهم إذا دخلوا عليك دخلوا

(.19برزق من الله عز وجل وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك() ويروى: )ان إبراهيم الخليل )عليه السالم( كان إذا أراد أن يأكل خرج

ميال أو ميلين يلتمس من يتغذى معه وكان يكنى: أبا الضيفان(.وانما كان يخرج ألنه كان ساكنا في البادية برهة من عمره الشريف.

309

ثم انه كما يستحب الضيافة يستحب إطعام الطعام وسقي الماء وما أشبه وإن لم يكن بطلب الضيف إلى الدار فإن في ذلك ما في

اإلضافة من خير وبر وإحسان وائتالف وود وحب. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أطعم ثالثة نفر من

المسلمين، أطعمه الله من ثالث جنان في ملكوت السماوات: الفردوس، وجنة عدن، وطوبى: شجرة تخرج في جنة عدن غرسها ربنا

(.20بيده() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، يسكنها من أمتي من أطاب الكالم،

(.21وأطعم الطعام، وأفشى السالم وصلى بالليل والناس نيام() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أحب األعمال إلى الله تعالى: إشباع جوعة المؤمن، وتنفيس كربته، وقضاء دينه، وإن من يفعل ذلك

(.22لقليل() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )إن الله يحب اإلطعام، ويحب الذي

يطعم في الله، والبركة في بيته أسرع من الشفرة في سنام البعير()23.)

(.24وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )خيركم من أطعم الطعام() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من أطعم الطعام أخاه المؤمن

حتى يشبعه، وسقاه حتى يرويه، بعده الله من النار سبع خنادق ما بين(.25كل خندقين مسيرة خمسمائة عام()

وقد حرض اإلسالم على اإلطعام ح++تى جعل إطعام فقير مؤمن بمثوبة إطعام إله الكون! وكيف ذاك؟ انظر إلى هذه الرواية: )إن الله تعالى يقول للعبد + يوم القيامة +: يا ابن آدم جعت فلم تطعمني؟! فيقول:

كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! فيقول: جاع أخوك فلم تطعمه، ولو(.26أطعمته كنت أطعمتني()

وكما يندب اإلسالم إلى اإلطعام يحبذ سقي الماء. وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(:)من سقى مؤمنا من ظمأ، سقاه

(.27الله من الرحيق المختوم() وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من سقى مؤمنا شربة من ماء، من حيث يقدر على الماء، أعطاه الله بكل شربة سبعين ألف حسنة، وإن سقاه من حيث ال يقدر على الماء، فكأنما أعتق عشر رقاب من

(.28ولد إسماعيل()وهل بعد ذلك من مزيد؟.

لكن المسلمين + اليوم + حيث ضعف اإلسالم في نفوسهم وابتعدوا عن مناهجه القويمة، أثر الضعف في كثير من األحكام اإلسالمية ولذا ترى

قلة الضيافة واإلطعام.. ولم؟ ألن ذلك مما يضر بالماديات! وهلالمسلم مادي؟ نعم: انه حيث فقد الروح، لم يبق لديه إال المادة!!.

310

حقوق الجاروهل للجار من حق؟.

نعم. يرى اإلسالم للجار أعظم الحقوق. قال اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم(: )إن رسول الله كتب بين

المهاجرين واألنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب: ان الجار كالنفس(.29غير مضار وال آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه()

فهل فوق هذا من حق؟ ان الجار مرة كالنفس ومرة كاألم، وهل هناكأعظم حقا من النفس واألم؟ كال! وهكذا يريد اإلسالم:انه يريد تقوية الروابط بين األفراد واألمم والشعوب.

فللوالدين الحق..

ولألرحام الحق...وللجيران الحق...وللمعلم الحق...

وللفقير والمريض والقادم و... الحق.ثم: المسلمون تتكافأ دماؤهم ثم: الناس نظير لك في الخلق.

وهل رأيت مثل اإلسالم منهجا؟ كال! لم يره أحد ولن يراه أحد، إلى يوميبعثون!!

انظر إلى هذه اآلية: )واعبدوا الله وال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب

بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله ال يحب من كان مختاال(.30فخورا()

واألصناف الثالثة من الجيران، تشمل جميع صنوف من بجوار اإلنسان قريبا أم بعيدا شريكا أم مصاحبا في سفر أم جارا في مهنة، أم ما

يشبه ذلك. قال رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم(: )الجيران ثالثة: فمنهم

من له ثالثة حقوق: حق الجوار، وحق اإلسالم، وحق القرابة.ومنهم من له حقـان: حق اإلسالم، وحق الجوار.(.31ومنهم من له حق واحد: الكافر له حق الجوار()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )أحسن مجاورة من جاورك تكن(.32مؤمنا()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )من كان يؤمن بالله واليوم اآلخر،(.33فال يؤذ جاره()

وقال )صلى الله عليه وآله وسلم(: )ال إيمان لمن لم يأمن جاره(.34بوائقه()

وقال اإلمام الصادق )عليه السالم(: )قال رسول الله )صلى الله عليه(.35وآله وسلم( ما آمن بي من بات شبعانا وجاره المسلم جائع()

311

وقيل للنبي )صلى الله عليه وآله وسلم(: )فالنة تصوم النهار وتقوم الليل وتتصدق وتؤذي جارها بلسانها؟ فقال )صلى الله عليه وآله

( وربما يتعجب بعض من ال36وسلم(: ال خير فيها هي من أهل النار()خبرة له من

أمثال هذه األحاديث، فكيف تكون من أهل النار امرأة ال ذنب لها إالأنها تلوك جيرانها بلسانها؟.

لكن األمور كونيها وشرعيها كذلك. أرأيت طائرة تطير بدون كمال أجهزتها، أو رأيت من يحبس ألجل مخالفة يسيرة مع أنه ممتثل لسائر

القوانين؟. وهكذا اإلسالم انه كل ال يتبعض، فصالته وصيامه، وصدقه وأمانته،

وزكاته وصالته، وحسن خلقه وفضيلته كلها مرتبطة بعضها ببعض، واليغني بعضها دون بعض.

وحسن الجوار في نظر اإلسالم ليس سلبيا فقط كما يزعم الزاعمونبل له جانبان:

إيجابي: وهو أن يتفقد اإلنسان الجيران بالخير والمعروف والعونوالزيارة.

وسلبي: وهو أن يكف أذاه + بما في الكلمة من سعة وشمول + عنهم حتى انه لو سبب ترفيع داره نقصا في الهواء والضياء الداخلة على

الجار، لم يفعله.

.141 + سورة األنعام: آية 1.2/160 + جامع السعادات: 2.2/159 + جامع السعادات: 3.2/159 + جامع السعادات: 4.2/152 + جامع السعادات: 38، ب75/44 + بحار األنوار: 5.2/152 + جامع السعادات: 6.2/152 + جامع السعادات: 38، ب75/45 + بحار األنوار: 7.2/152 + جامع السعادات: 8.2/152 + جامع السعادات: 9

.2/153 + جامع السعادات: 10.2/153 + جامع السعادات: 11.69 + سورة العنكبوت: آية 12.39 + سورة النجم: آية 13.2/153 + جامع السعادات: 14.2/153 + جامع السعادات: 93، ب75/461 + بحار األنوار: 15.2/153 + جامع السعادات: 93، ب75/460 + بحار األنوار: 16.2/153 + جامع السعادات: 93، ب75/461 + بحار األنوار: 17

312

.2/153 + جامع السعادات: 93، ب75/460 + بحار األنوار: 18.2/153 + جامع السعادات: 23، ب74/375 + بحار األنوار: 19.2/154 + جامع السعادات: 23، ب74/371 + بحار األنوار: 20.2/154 + جامع السعادات: 21.2/154 + جامع السعادات: 23، ب74/369 + بحار األنوار: 22.2/154 + جامع السعادات: 23، ب74/368 + بحار األنوار: 23.2/154 + جامع السعادات: 23، ب74/361 + بحار األنوار: 24.2/154 + جامع السعادات: 25.2/154 + جامع السعادات: 26.2/154 + جامع السعادات: 23، ب74/373 + بحار األنوار: 27.2/154 + جامع السعادات: 23، ب74/374 + بحار األنوار: 28.2/267 + جامع السعادات: 29.36 + سورة النساء: آية 30.2/267 + جامع السعادات: 31 ، ب: حسن المعاشرة + جامع السعادات:74/159 + بحار األنوار: 32

2/267..2/267 + جامع السعادات: 33.2/267 + جامع السعادات: 9، ب74/152 + بحار األنوار: 34.2/268 + جامع السعادات: 9، ب74/151 + بحار األنوار: 35.2/267 + جامع السعادات: 36

313

خاتمةتم كتاب )الفضيلة اإلسالمية(، والحمد لله رب العالمين.

وقد فكرت ذات مرة، إنه لو كان للوقت متسع، وللتوفيق سعة، لكان باإلمكان إتمام محتوى الكتاب إلى كل ما للفضيلة من عرض عريض،

كما ال يخفى لمن راجع )الوسائل( و)المستدرك( و)البحار( و)جامعالسعادات( ومكارم األخالق وغيرها.

ومن الضروري على كل مسلم + فكيف بطالب العلوم الدينية؟ + التملي من هذا العلم، ثم إقرانه بالعمل باإلضافة إلى سائر العلوم

اإلسالمية التي هي: + تفسير القرآن الحكيم.1 + فقه اإلسالم.2 + علم الحديث الوارد عن النبي واألئمة الطاهرين )عليهم السالم(3

في مختلف الشؤون كاألمور الكونية والطب وما أشبه. + علم الكالم.4 + التاريخ اإلسالمي، بشقيه: أعني تاريخ الرسول )صلى الله عليه5

وآله وسلم( واألئمة الطاهرين )عليهم السالم( وتاريخ حضارة اإلسالمبصورة عامة.

+ اآلداب اإلسالمية، وهي من قبيل آداب المأكل والمجلس والحمام6والزواج وما أشبه.

+ األخالق + التي وضع الكتاب ألجل اإللمام بجانب منه.7 + فلسفة األحكام، وتطبيق العصر الحاضر على المنهاج اإلسالمي8

والمقارنة بين األحكام والقوانين وبين النظام اإلسالمي والنظام غيراإلسالمي.

+ المقارنة بين اإلسالم وسائر األديان المنحرفة، والمذاهب المخترعة9كالبابية وما أشبه.

+ الدعاء وما يتبعه: فلسفة وقراءة وتطبيقا.10 والله المسؤول أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، ويتقبل هذا الكتاب

بقبول حسن، وهو المستعانكر بالء المقدسة

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازيمصادر الكتاب

، طبعة3+ 1 + جامع السعادات: للشيخ محمد مهدي النراقي، جزء 1م.1988بيروت

ه+.1375، طبعة بيروت 2+ 1 + أصول الكافي: للشيخ الكليني، جزء 2م.1972 + مكارم األخالق: للشيخ الطبرسي، طبعة بيروت 3 + بحار األنوار: للشيخ محمد باقر المجلسي، طبعة إيران وهي مزيدة4

م بثالثة أجزاء.1983على طبعة بيروت

314