162
1 داريون القانز في ا الوجيلو راضيلدكتور مازن لي المشاركم العاون القانذ ا أستا مقدمة عامةية تنظمعد قانونني إلى قواجتمع إنسا كل مي تنظمنونية التلقا تنقسم القواعد الخاص ومنون اسميتها بالقان ، وقد أصطلح على تشأ بين امفرادي تن التقات العفعاتون المرالتجاري وقانون القان المدني واونلقان فروعه ا. خر من النوع ام أماي تنشأ التقاتد فينظم الع القواع ناحيةلعامة من ايأتها أو بين الدولة وهدول بين اللعامةسلطة ا تظهر الدولة بمظهر الاحية أخرى عندما نفراد من وام. ، ومن فروعهلعامون القانونية بالقان من القواعد اى هذا النوع وقد أصطلح عللماليون القانداري واون القانري واون الدستولقانم والعان الدولي القانو ا. داخليم اللعاون القاني فرع من فروع ادارون القان المعروف أن ا ومن له تمييزادولت بين القا ينظم الع الذيلخارجيم العاون القان عن ام بسلطات يهت والذيلعامة منلمصلحة اشاطها وضمان تحقيقها لها ونة تكوين ناحيلعامة مندارة ا ائية استثنازات امتيال ا خداريون القان قواعد ارهاي تقر لت. لخاصون القان عن افا جوهرياتلف اخت يخداريون القانى ذلك فإن ا وعلستخدمهاي ت التوسائلف ال ، واخت يحكمهاة التيلقانونيت اقاف العخت ة ومادية وبشريةوسائل قانوني من الئها لوظيفتهاة في أداداريت اسلطا ال. هم ا وقد سازديادسية ، والسيادية واقتصاعية واجتماي الظروف ا الكبير ف لتطورلحفاظبق في السا اا بدورها وعدم كفاءتهتلمجاذه اا في هة وتدخلهط الدول نشاساهمة فيداري ومون القانعف دور الخارجي ، في تضاداخلي وامن ال على املعاسلطة اط ال دفة نشادارة لمناسبةئل الوسا وضع ا مة. داري ،ون القان اقوم عليها يمة التيلعادئ المبااسة نتشرف بتقديم اذه الدر وفي هونلقانت ا كلياة فيلثانيلمرحلة ا المنهج الدراسي ل يمثل والذي. لتاليةذه الدراسة خطة البحث اتبعنا في ه وقد ا: - ديب التمهيلبا ا: داريون القان طبيعة ا. ب اموللبا ا: التنظيم اداري . لثانيب البا ا: لعامةدارة اط ا نشا. الثب الثلبا ا: لعامة الوظيفة ا. الرابعاب لب: داريةارات ا القر. لخامسب البا ا: دارية العقود ا. ديب التمهيلبا اداريون القان طبيعة اي تلقي التمسائلين بعض ال نتبداري أنون القان البحث في موضوع اد قبلب

الوجيز في القانون الإداري

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: الوجيز في القانون الإداري

1

الوجيز في القانون اإلداري

الدكتور مازن ليلو راضي

أستاذ القانون العام المشارك

مقدمة عامة

تنقسم القواعد القانونية التي تنظم كل مجتمع إنساني إلى قواعد قانونية تنظم

العالقات التي تنشأ بين األفراد ، وقد أصطلح على تسميتها بالقانون الخاص ومن

أما النوع األخر من . فروعه القانون المدني والقانون التجاري وقانون المرافعات

بين الدول أو بين الدولة وهيأتها العامة من ناحية القواعد فينظم العالقات التي تنشأ

. واألفراد من ناحية أخرى عندما تظهر الدولة بمظهر السلطة العامة

وقد أصطلح على هذا النوع من القواعد القانونية بالقانون العام ، ومن فروعه

. القانون الدولي العام والقانون الدستوري والقانون اإلداري والقانون المالي

تمييزا له –ومن المعروف أن القانون اإلداري فرع من فروع القانون العام الداخلي

والذي يهتم بسلطات –عن القانون العام الخارجي الذي ينظم العالقات بين الدول

اإلدارة العامة من ناحية تكوينها ونشاطها وضمان تحقيقها للمصلحة العامة من

. لتي تقررها قواعد القانون اإلداري خالل اإلمتيازات االستثنائية ا

وعلى ذلك فإن القانون اإلداري يختلف اختالفا جوهريا عن القانون الخاص

الختالف العالقات القانونية التي يحكمها ، واختالف الوسائل التي تستخدمها

. السلطات اإلدارية في أدائها لوظيفتها من الوسائل قانونية ومادية وبشرية

لتطور الكبير في الظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية ، وازدياد وقد ساهم ا

نشاط الدولة وتدخلها في هذه المجاالت وعدم كفاءتها بدورها السابق في الحفاظ

على األمن الداخلي والخارجي ، في تضاعف دور القانون اإلداري ومساهمة في

. مة وضع الوسائل المناسبة إلدارة دفة نشاط السلطة العا

وفي هذه الدراسة نتشرف بتقديم المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون اإلداري ،

. والذي يمثل المنهج الدراسي للمرحلة الثانية في كليات القانون

-:وقد اتبعنا في هذه الدراسة خطة البحث التالية

. طبيعة القانون اإلداري :الباب التمهيدي

. إلداري التنظيم ا: الباب األول

. نشاط اإلدارة العامة : الباب الثاني

. الوظيفة العامة : الباب الثالث

. القرارات اإلدارية : لباب الرابع

. العقود اإلدارية :الباب الخامس

الباب التمهيدي

طبيعة القانون اإلداري

البد قبل البحث في موضوع القانون اإلداري أن نتبين بعض المسائل التي تلقي

Page 2: الوجيز في القانون الإداري

2

فنبين التعريف بالقانون اإلداري ونشأته , الضوء على هذا القانون من حيث طبيعته

في دولته األم فرنسا ثم في مصر التي كان لها دور الريادة في العالم العربي وبعد

. ثم نذكر خصائص ومصادر هذا القانون, ذلك في العراق

داري ونطاق تطبيقه ولعل من أهم ما سنبحثه في هذا الباب أساس القانون اإل

ومن خالل هذا الموضوع نبين المعيار الذي , ومعيار اختصاص القضاء اإلداري

نستطيع أن نقرر فيه أن نشاط اإلدارة يدخل ضمن نطاق هذا القانون ويختص به

. القضاء اإلداري أم ال

: وعلى ذلك سنقسم هذا الباب إلى فصول خمس

. داري التعريف بالقانون اإل: الفصل األول

. نشأة القانون اإلداري : الفصل الثاني

. خصائص ومصادر القانون اإلداري : الفصل الثالث

. أساس القانون اإلداري : الفصل الرابع

الفصل األول

التعريف بالقانون اإلداري

درج أغلب الفقهاء على تعريف القانون اإلداري بأنه ذلك الفرع من فروع القانون

لداخلي الذي يتضمن القواعد القانونية التي تحكم السلطات اإلدارية في الدولة العام ا

من حيث تكوينها ونشاطها بوصفها سلطات عامة تملك حقوقا وامتيازات استثنائية

.) ( في عالقاتها باألفراد

أو قانون , بينما عرفه آخرون بأنه فرع من فروع القانون العام الذي يحكم اإلدارة

أو قانون السلطة اإلدارية Administration Publiqueالعامة اإلدارة

Pouvoir Administratif ) ( .

في حين عرفه البعض بأنه القانون الذي يتضمن القواعد التي تحكم إدارة الدولة

. ) ( من حيث تكوينها ونشاطها باعتبارها سلطة عامة

قانون , إلى قسمين رئيسيين ونجد هنا أنه من المناسب أن نبين أن القانون يقسم

القانون العام هو القانون الذي ينظم نشاط الدولة وسلطاتها , عام وقانون خاص

ويحكم العالقات القانونية التي تكون الدولة أو إحدى هيئاتها العامة طرفا , العامة

وتظهر فيها الدولة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية , فيها

. مقابل لها في عالقات األفراد ال

أما القانون الخاص فينظم نشاط األفراد ويحكم العالقات بينهم أو بينهم وبين الدولة

أو إحدى هيئاتها عندما تظهر بمظهر األفراد العاديين أي ليس بوصفها سلطة عامة

. تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية

ة فروع فيشتمل القانون العام على ويشتمل كل قسم من هذين القسمين على عد

والقانون العام الداخلي , القانون العام الخارجي ويتضمن القانون الدولي العام

. ويتضمن القانون الدستوري والقانون اإلداري والقانون المالي

في حين ينقسم القانون الخاص إلى القانون المدني والقانون التجاري وقانون

Page 3: الوجيز في القانون الإداري

3

. غيرها من القوانين األخرى المرافعات المدينة و

وكما بينا فأن القانون اإلداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي يحكم نشاط

. اإلدارة العامة وهو موجود في كل دولة أيا كان مستواها وتطورها الحضاري

, وفي هذا المجال يسود مفهومان لإلدارة العامة المفهوم العضوي أو الشكلي

. لموضوعي أو الوظيفي والمفهوم ا

فيعرف اإلدارة العامة , يهتم بالتكوين الداخلي لإلدارة العامة : المفهوم العضوي

وجميع الهيئات التابعة , بأنها السلطة اإلدارية سواء المركزية منها أو الالمركزية

. لها

ا فيعرف اإلدارة العامة بأنه, بينما يهتم المفهوم الموضوعي بالجانب الوظيفي

. النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية إلشباع الحاجات العامة

وتبعا لذلك فإن القانون اإلداري بمعناه العضوي هو القانون الذي يحكم السلطة

بينما يمكننا أن نعرف القانون اإلداري , اإلدارية أو األجهزة اإلدارية في الدولة

لذي يحكم النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة بمعناه الموضوعي بأنه القانون ا

. اإلدارية لتحقيق المصلحة العامة

وقد اختلف الفقه في ترجيح أحد المفهومين إال أن االتجاه الحديث يقوم على الجمع

القانون الذي ينظم األجهزة والهيئات : " بينهما ويعرف القانون اإلداري بأنه

م النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية ويحك, اإلدارية في الدولة

" . لتحقيق المصلحة العامة

: عالقة القانون اإلداري بفروع القانون األخرى

من المهم أن نبين استقالل القانون اإلداري عن فروع القانون األخرى من خالل

ا ثم بيان عالقته بيان عالقته بهذه القوانين وتحديد أوجه االتفاق واالختالف بينه

. بعلم اإلدارة العامة

العالقة بين القانون اإلداري والقانون الدستوري . 1

أوضحنا أن القانون اإلداري هو القانون الذي ينظم األجهزة والهيئات اإلدارية في

ويحكم النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية لتحقيق المصلحة , الدولة

. العامة

والذي ينظم , فهو القانون األعلى واألساس في الدولة : القانون الدستوري أما

القواعد القانونية التي تتعلق بنظام الحكم في الدولة والسلطات العامة فيها والعالقة

. والضمانات التي تكفلها , بينهما وحقوق وحريات األفراد

فإذا كان القانون , لدستوري وعلى هذا فإن القانون اإلداري وثيق الصلة بالقانون ا

فإن القانون الدستوري , اإلداري يحكم السلطة اإلدارية المركزية وغير المركزية

هو القانون األساسي والذي يسمو على كافة القوانين األخرى التي يجب أن تتقيد به

. وتحترم نصوصه

, ة التنفيذية وبمعنى آخر يضع القانون الدستوري األحكام الكلية أو العامة للسلط

بينما يضع القانون اإلداري القواعد التفصيلية التي تكفل تشغيل األجهزة اإلدارية

. ) ( فالقانون اإلداري يكون بذلك امتدادا للقانون الدستوري , وأدائها لوظيفتها

Page 4: الوجيز في القانون الإداري

4

في معرض تمييزه بين القانون اإلداري والقانون ( بارتلمي)وهو ما أبرزه الفقيه

أما , أن القانون الدستوري يبين لنا كيف شيدت اآللة الحكومية : " ل الدستوري فقا

" . القانون اإلداري فيبين كيف تسير هذه اآللة وكيف تقوم كل قطعة منها بوظيفتها

) (

وبسبب تداخل كل من القانونين لتعلقهما بالشؤون الداخلية للمجتمع كونهما يمثالن

نجد أن الفقه اإلنجليزي ال يفرق بين , لي فرعين من فروع القانون العام الداخ

. القانون الدستوري والقانون اإلداري ويدرس موضوعات القانونين معا

فإن جانبا في الفقه ذهب إلى , ومع أن الفقه الفرنسي في معضمه يميز بينهما

ودعى إلى , انتقاد محاوالت التمييز بين القانون اإلداري والقانون اإلداري

, Jezeوجيز Duguiوتزعم هذا االتجاه الفقيه دوجي , ا معا دراستهم

. ) ( Bonnaedوبوتار

-:ويمكن إجمال أوجه التمييز بين القانونين باآلتي

يبحث القانون الدستوري في التنظيم السياسي للدولة من -:من حيث الموضوع -أ

بحث القانون اإلداري في حين ي, حيث تكوين سلطات الدولة الثالث والعالقة بينهما

. في أعمال السلطة التنفيذية اإلدارية منها دون الحكومية

يحتل القانون الدستوري قمة الهرم القانوني في -:من حيث تدرج القوانين -ب

الدولة ألنه يقرر المبادئ األساسية التي ال يمكن أن تتعداها القوانين األخرى بما

بعض المسائل المتفرعة في المبادئ التي أقرها فيها القانون اإلداري الذي يحكم

. الدستور

عالقة القانون اإلداري بالقانون المالي -2

القانون المالي هو مجموعة القواعد القانونية الخاصة بإدارة األموال العامة في

, وهو مكمل للقانون اإلداري الذي يتعلق بتنظيم األجهزة والهيئات اإلدارية , الدولة

النظام القانوني الذي يحكم األموال العامة والحماية القانونية المقررة لهذه ويوضح

ومن موضوعات هذا القانون كل ما يدخل ضمن , وكيفية االنتفاع بها , األموال

إعداد الميزانية العامة في الدولة وسياسة وأنواع الضرائب المفروضة واألشراف

. والرقابة عليها

داري بعلم اإلدارة العامة عالقة القانون اإل -3

يتميز القانون اإلداري عن علم اإلدارة العامة من حيث زاوية اهتمام كل منهما

فالقانون اإلداري يبحث في التنظيم القانوني للجهاز اإلداري ووظيفة كل عنصر في

بينما تبحث اإلدارة العامة في النواحي الفنية والتنظيمية , عناصره وعالقته باألفراد

لجهاز اإلداري ويمكن تعريفها بأنها ذلك العلم الذي يهتم بدراسة تنظيم وتوجيه ل

. وتنسيق نشاط المنظمة اإلدارية لتحقيق أهدافها العامة على أكمل وجه

يهتم بدراسة , مفهوم عضوي , وكما بينا تشتمل اإلدارة العامة على مفهومين

, طبيعة النشاط الصادر منها دون البحث في, هيكل المنظمات اإلدارية وفروعها

ومفهوم موضوعي يهتم بدراسة النشاط اإلداري لهذه المنظمات بصرف النظر عن

. شكل المنظمة التي صدر النشاط عنها

Page 5: الوجيز في القانون الإداري

5

ويظهر االختالف بين اإلدارة العامة والقانون اإلداري من خالل طريقة دراسة

بحث في تعريف القرار فالقانون اإلداري عندما ي, الموضوع اإلداري محل البحث

اإلداري فإنه يركز عليه كعمل قانوني صادر باإلرادة المنفردة للسلطة اإلدارية

كذلك يبحث في مشروعية القرار اإلداري وشروط صحته , ويتضمن أثرا قانونيا

. وكيفية الطعن باإللغاء والتعويض ضد القرارات غير المشروعة , ونفاذه

العامة القرار اإلداري في خالل البحث في الكيفية العلمية في حين يعرف علم اإلدارة

والواقعية التي صدر على أساسها القرار وعملية صنعه والمراحل المختلفة التي

مرت بها تلك العملية واكتشاف العيوب والمشاكل التي قد تعيق هذه العملية واقتراح

. ) ( سبل إصالحها

انون اإلداري في المركز القانوني للموظف العام وفي مجال الوظيفة العامة يبحث الق

وطبيعة عالقته بالدولة وشروط تعيينه وحقوقه وواجباته والعقوبات التأديبية التي

, ويبحث في طرق انتهاء عالقته الوظيفية , يمكن إيقاعها عليه وضماناته تجاهها

. وما إلى ذلك من أمور تنظمها في الغالب نصوص قانونية

الناحية التنظيمية فيدرس , ارة العامة فتبحث الوظيفة العامة من ناحيتين أما اإلد

وتحديد , علم اإلدارة العامة طبيعة الوظيفة العامة وأسس ترتيب الوظائف العامة

. اختصاص ومواصفات كل وظيفة

والناحية البشرية حيث تبحث اإلدارة العامة عن أفضل نظام إداري لتطبيقه على

ووسائل رفع كفاءتهم ,وتعرض لطرق اختيارهم , المنظمة اإلدارية العاملين في

كما تهتم اإلدارة العامة بالحوافز المادية , واالرتفاع بمستوى أدائهم , وتدريبهم

والبحث في سبل , والمعنوية لموظفي الدولة ودراسة مشاكلهم الوظيفية والنفسية

. ) ( إصالحها

عامة تخضع من حيث األصل إلى قواعد متميزة عن ومن الجدير بالذكر أن اإلدارة ال

إال أنها قد تنزل في أحيان أخرى عن استخدام هذه القواعد , قواعد القانون الخاص

والقانون اإلداري بمعناه , وتطبق قواعد لقانون الخاص , فتنزل منزلة األفراد

مها قواعد أيا كانت القواعد القانونية التي تحك" قانون اإلدارة"الواسع يعني

والقانون , " قواعد القانون العام"القانون الخاص أم قواعد قانونية متميزة عنها

اإلداري بهذا المعنى موجود في كل مجتمع سواء اخذ بمبدأ االزدواج القانون أم لم

. يأخذ

أما القانون اإلداري بمعناه الفني أو الضيق فينحصر دوره بما يطبق على اإلدارة

نونية متميزة ومغايرة لقواعد القانون الخاص وال يوجد بهذا المعنى إال من قواعد قا

. في الدول إلى تأخذ بنظام االزدواج القانوني

ومع أوجه االختالف بين القانون اإلداري واإلدارة العامة فإن بينهما الكثير من

داري من حيث أنها يتعلقان بالبحث في موضوع واحد هو الجهاز اإل, أوجه التقارب

حتى أننا نجد أنه في , في الدولة وأن انحصرت دراسة كل منها بجانب من جوانبه

تشتمل دراسة " النظم االنجلوسكسونية "الدول التي ال تأخذ باالزدواج القانوني

اإلدارة العامة على النواحي القانونية التي يحكمها من حيث األصل القانون اإلداري

. الفنية والتنظيمية باإلضافة إلى دراسة الناحية

Page 6: الوجيز في القانون الإداري

6

الفصل الثاني

نشأة القانون اإلداري وتطوره

ويرجع الفضل في , تعد فرنسا مهد القانون اإلداري ومنها انتشر إلى الدول األخرى

ظهور هذا القانون إلى عوامل تاريخية تأتي في مقدمتها األفكار التي جاءت بها

ى أساس الفصل بين السلطات، ومن التي قامت عل, م 1871الثورة الفرنسية عام

مقتضياته منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات

. اإلدارية للحفاظ على استقالل اإلدارة تجاه السلطة القضائية

وأدى هذا االتجاه إلى وجود نظام القضاء المزدوج الذي كان مهدا لنشؤ االزدواج

. انون اإلداري القانوني وظهور الق

المبحث األول

نشؤ القانون اإلداري في فرنسا

كانت سلطات الحكم قبل الثورة الفرنسية مركزة في يد الملك حيث ساد نظام الملكية

ولم تكن الدولة تخضع للمساءلة أو الرقابة أمام القضاء بواسطة دعاوى , المطلقة

. ) ( مالتها للقانون المدني وهي إن تعاملت مع األفراد خضعت معا, األفراد

أنشئت Parlementsوفي هذه الفترة كانت توجد محاكم قضائية تدعى البرلمانات

وكانت الدعاوى تستأنف أمامها ما لم , لتكون ممثلة للملك في وظائفه القضائية

كما وجدت محاكم مختصة ببعض , سند الملك ذلك االختصاص إلى جهة أخرى

. ) ( المنازعات اإلدارية

وقد كانت البرلمانات تمارس سيطرة رجعية على اإلدارة وتتدخل في شؤونها

مما حدى برجال الثورة الفرنسية إلى منع ) ( وتعارض وتعرقل كل حركة إصالحية

المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات اإلدارية للحفاظ

من خالل تبنيهم لمبدأ الفصل بين , قضائية على استقالل اإلدارة تجاه السلطة ال

. السلطات

Administration Juge: مرحلة اإلدارة القاضية . 1

22-11تأكيدا التجاه الثورة الفرنسية في الفصل بين السلطات صدر قانون

وإنشاء ما ( البرلمانات ) الذي نص على إلغاء المحاكم القضائية , 1811أغسطس

لقاضية أو الوزير القاضي كمرحلة أولى قبل إنشاء مجلس الدولة يسمى باإلدارة ا

ومنع القضاء العادي من النظر في المنازعات التي تكون اإلدارة طرفا , الفرنسي

فيها و أصبحت الهيئات اإلدارية هي صاحبة االختصاص في الفصل بهذه المنازعات

.

إلى اإلدارة نفسها للتظلم إليها وفي مرحلة اإلدارة القاضية كان على األفراد اللجوء

فكانت اإلدارة هي الخصم والحكم في الوقت ذاته وكان هذا األمر , وتقديم الشكوى

. مقبوال إلى حد ما في ذلك الوقت بسبب السمعة السيئة لقضاء البرلمانات التعسفية

Page 7: الوجيز في القانون الإداري

7

: إنشاء مجلس الدولة الفرنسي . 2

ي عهد نابليون بونابرت وضعت ف 1818ديسمبر 12بنشوء مجلس الدولة في

اللبنة األولى للقضاء اإلداري الفرنسي مع أن اختصاص المجلس كان أو األمر

. استشاريا يتطلب تصديق القنصل

Les Conseils deوفي الوقت ذاته تم إنشاء محاكم أو مجالس األقاليم

Préfecture ة عليا ، التي كانت تصدر أحكاما ال تحتاج إلى تصديق سلطة إداري

. إال أن أحكامها تستأنف أمام مجلس الدولة الذي كانت أحكامه تعرض على القنصل

فقد كان عمل المجلس يقتصر على فحص المنازعات اإلدارية وإعداد مشروعات

ولذا سمى قضاؤه في هذه , فلم يكن يملك سلطة القضاء وإصدار األحكام , األحكام

وقد استمرت هذه Justice Retenueجوز أو المح" القضاء المقيد" المرحلة

. حيث أصبح قضاؤه مفوضا 1782المرحلة إلى عام

Justice délégúeeمرحلة القضاء المفوض . 3

صدر قانون منح مجلس الدولة الفرنسي اختصاص البت نهائيا 1782مايو 22في

. في المنازعات اإلدارية دون تعقب جهة أخرى

ول المجلس سلطة البت النهائي في المنازعات اإلدارية فإنه ومع أن هذا القانون خ

أبقي على اختصاص اإلدارة القاضية فال يملك األفراد اللجوء إلى مجلس الدولة إال

, وفيما عدا ذلك تختص به اإلدارة القاضية , في األحوال التي ينص عليها القانون

1771ديسمبر 13تاريخ واستمر هذا الوضع حتى , مما أوجد ازدواجا قضائيا

عندما قبل مجلس الدولة دعوى قدمها أحد األفراد مباشرة من دون المرور على

وترتب على حكمه فيها أن أصبح مجلس الدولة صاحب Cadotاإلدارة في قضية

. االختصاص العام في المنازعات اإلدارية

ختصاص مجلس وبسبب تراكم العديد من القضايا أمام مجلس الدولة حدد المشرع ا

, 1193سبتمبر 31الدولة على سبيل الحصر بموجب المرسوم الصادر في

وأصبحت المحاكم اإلدارية التي كانت تسمى مجالس األقاليم صاحبة االختصاص

. العام في المنازعات اإلدارية

ثم أعقب ذلك بعض المراسيم التي تضمنت اإلصالحات منها المراسيم األربعة

المتعلقة بتحديد النظام األساسي للعاملين في المجلس 1113يوليو 31الصادرة في

وتم تعديل هذا التنظيم بثالثة مراسيم أخرى في , وتنظيمه الداخلي ونشاطه الداخلي

ديسمبر 11وآخر في , 1171يناير 19وبمرسوم في , م 1189أغسطس 21

االستئنافية ووسع إلصالح القضاء اإلداري أنشأ بموجبه المحاكم اإلدارية 1178

. نطاق الطعن بالنقض أمام مجلس الدولة

وقد أصبح مجلس الدولة خالل تاريخه الطويل قاضي المنازعات اإلدارية دون

وساهم في إرساء مبادئ القانون اإلداري وقواعده المتميزة عن قواعد , منازع

وأكد , العامةالقانون الخاص وابتدع الحلول المناسبة لمقتضيات حسن سير اإلدارة

. على وجود واستقالل القانون اإلداري

Page 8: الوجيز في القانون الإداري

8

المبحث الثاني

نشوء القانون اإلداري في مصر

وقد , لم تعرف مصر القضاء اإلداري 1121قبل نشوء مجلس الدولة في مصر عام

كانت المحاكم المختلطة واألهلية السائدة قبل هذا التاريخ في النظام القضائي

, لقوانين على المنازعات بين األفراد أو بينهم وبين اإلدارة المصري تطبق بعض ا

. ولم يكن من بينها القانون اإلداري

وقد ذهب جانب من الفقه اإلداري المصري إلى أن أساس القانون اإلداري ومبادئه

بينما خالف , قد بدأت تظهر من خالل أحكام المحاكم المختلطة والمحاكم األهلية

وذهب إلى أن مبادئ القانون اإلداري لم تنشأ حقيقة إال من خالل , جانب آخر منهم

. ) ( 1121أحكام مجلس الدولة بعد أن إنشاؤه عام

وكان مجلس الدولة وقت إنشاؤه يتمتع بصالحيات محددة وبمحكمة قضاء إداري

1121لسنة 1ثم ما لبث أن توسعت اختصاصاته إذ صدر القانون رقم , واحدة

, 1192لسنة 128صاصاته ثم أنشأت المحاكم اإلدارية بالقانون رقم الذي وسع اخت

تم إنشاء المحكمة اإلدارية العليا لتكون في قمة القسم 1199وبعد ذلك في عام

. القضائي بمجلس الدولة

وقد مر مجلس , بشأن تنظيم مجلس الدولة 1191لسنة 99ثم صدر القانون رقم

. وتعديالته 1182لسنة 28لقانون الحالي رقم الدولة بتطورات عدة حتى صدر ا

ويتكون , ووفقا لهذا القانون يعد مجلس الدولة هيئة قضائية ملحقة بوزير العدل

من رئيس وعدد من نواب الرئيس والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين

. ومن مندوبين مساعدين

الله في ممارسة وظيفته إذ ال هذا ولم تؤثر تبعية المجلس لوزير العدل في استق

تتعدى هذه التبعية منح الوزير األشراف اإلداري وضمان حسن سير العمل الوظيفي

مجلس الدولة " 1182لسنة 28وهو ما أكدته المادة األولى من القانون رقم ,

" . هيئة قضائية مستقلة

الوالية العامة في ولم يولد المجلس قويا منذ نشأته فقد كان القضاء اإلداري صاحب

نظر المنازعات اإلدارية وكانت اختصاصات مجلس الدولة محددة على سبيل

. الحصر في القوانين التي سبقت القانون الحالي

كان 1121لسنة 1والمعدل بالقانون رقم 1121لسنة 112ففي ظل القانون رقم

المادية ويختص القضاء العادي ينفرد بنظر دعاوى مسؤولية اإلدارة عن أعمالها

باالشتراك مع المجلس في نظر طلبات التعويض عن القرارات اإلدارية ، ويترتب

على رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية وإذا ما رفعت دعوى اإللغاء أو

التعويض إلى مجلس الدولة عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية

. لدولة فإنه يمتنع رفعها أمام مجلس ا

كما كانت المحاكم العادية تنفرد بنظر المنازعات الخاصة بالعقود اإلدارية حتى

الذي منح المجلس النظر في منازعات عقود 1121لسنة 1صدور القانون رقم

Page 9: الوجيز في القانون الإداري

9

. االلتزام واألشغال العامة وعقود التوريد باالشتراك مع المحاكم العادية

استمرت المحاكم العادية 1191لسنة 99و 1199لسنة 119وفي ظل القانونين

تنفرد بالنظر في دعوى مسؤولية اإلدارة عن أعمالها المادية في الوقت الذي استقل

به مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالتعويض عن القرارات اإلدارية

. والعقود اإلدارية

العامة أصبح مجلس الدولة صاحب الوالية 1182لسنة 28وبصدور القانون

بالنظر في المنازعات اإلدارية ما لم ينص القانون على خالف ذلك ، فقد ورد في

مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة " 1182لسنة 28من القانون رقم 182المادة

، ويختص بالفصل في المنازعات اإلدارية ، وفي الدعاوى لتأديبية ويحدد

" . اختصاصاته األخرى

الدولة قاضي القانون العام المختص بالفصل في المنازعات وبذلك أصبح مجلس

وكان له دور رائد في , اإلدارية والتأديبية وساهم بإرساء مبادئ القانون اإلداري

حماية حقوق األفراد وحرياتهم من عسف اإلدارة وإلغاء قراراتها المعيبة

. والتعويض عنها

الفصل الثالث

ري خصائص ومصادر القانون اإلدا

نبين في هذا الجزء من الدراسة الخصائص التي يتميز بها القانون اإلداري

. والمصادر التي يستمد منها أحكامه وذلك في مبحثين

المبحث األول

خصائص القانون اإلداري

يتميز القانون اإلداري ببعض الخصائص منها أنه قانون سريع التطور ، وقانون

. لقضاء وأنه من صنع ا, غير مقنن

. قانون سريع التطور : أوال

يستم القانون اإلداري بأنه قانون يتطور بسرعة تفوق التطور االعتيادي في

القوانين األخرى ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة المواضيع التي يعالجها ، فقواعد

القانون الخاص تتميز بالثبات واالستقرار ، وقد ثمر فترة طويلة قبل أن ينالها

ديل أو التغيير ، ويعود ذلك إلى أن العالقات التي ينظمها القانون الخاص التع

تتعلق بقواعد " قانون مدني ، قانون تجاري ، قانون مرافعات " بفروعه المختلفة

عامة تتطلب قدرا من االستقرار مع ترك الحرية لألفراد من تسيير األمور األخرى

امة المنصوص عليها على عكس القانون ذات الطابع المتغير في حدود القواعد الع

اإلداري الذي يعالج مواضيع ذات طبيعة خاصة لتعلقها بالمصلحة العامة وحسن

تسيير وإدارة المرافق العامة وجانب من أحكامه غير مستمدة من نصوص تشريعية

وإنما من أحكام القضاء وخاصة القضاء اإلداري الذي يتميز بأنه قضاء يبتدع

ازعات اإلدارية وال يتقيد بأحكام القانون الخاص إنما يسعى إلى خلق ما الحلول للمن

Page 10: الوجيز في القانون الإداري

10

يتالئم مع ظروف كل منازعة على حده تماشيا مع سرعة تطور العمل اإلداري

. ومقتضيات سير المرافق العامة

ولعل من أسباب سرعة تطور القانون اإلداري أنه يتأثر بالعوامل االقتصادية

ة في الدولة وهي عوامل متغيرة باستمرار وغير مستقرة واالجتماعية والسياسي

نسبيا ، فاتساع نشاط الدولة ونزعتها التدخلية وانتشار الحروب واالزمات

وما إلى ذلك من ظواهر اقتصادية , االقتصادية وظهور المرافق العامة االقتصادية

ت ومواجهتها وسياسية وإدارية ، وضرورة استيعاب القانون اإلداري لهذه المتغيرا

. أدى بالضرورة إلى التطور المستمر في أحكامه

. قانون من صنع القضاء : ثانيا

يتميز القانون اإلداري أيضا بأنه قانون قضائي نشأ عن طريق المبادئ والقواعد

اإلدارية التي خلقها القضاء ، وقد ساعد على ذلك عدم تقنين أغلب قواعد القانون

. للقضاء أن ينهض بهذه المهمة من خالل وضع أسسه ونظرياته اإلداري فكان البد

وإذا كان التشريع ينهض في الحقيقة ببعض مواضيع القانون اإلداري خاصة ما

يتعلق ببعض النصوص الدستورية والتشريعية والالئحية التي تحكم جوانب مهمة

عقود اإلدارية ، فأن من عالقات اإلدارية العامة مثل قانون الخدمة المدنية والئحة ال

التشريع ال زال قاصرا عن مجاالت أخرى كثيرة من قبل قواعد القرار اإلداري

وما إلى ذلك من مجاالت الزال , وقواعد المسؤولية اإلدارية وشروط الطعن باإللغاء

. القضاء يمثل المصدر الرسمي الرئيس ألحكامه

بادئ األساسية التي يقوم وقد كشف مجلس الدولة الفرنسي عن النظريات والم

عليها القانون اإلداري وأستلم عنه القضاء اإلداري في مصر العديد من أحكامه ،

حتى أصبح دور المشرع في كثير من األحيان مقتصرا على تسجيل ما توصل إليه

. ) ( القضاء اإلداري من أحكام

اء العادي ، الذي ودور القضاء اإلداري في هذا المجال كان متميزا عن دور القض

ينحصر بتطبيق القانون على المنازعة دون أن يتعداه لخلق الحلول المناسبة التي

تتفق مع طبيعة منازعات القانون اإلداري ، األمر الذي أضفى على قواعد القانون

اإلداري الطابع العملي الذي يتماشى مع ظروف واحتياجات المرافق العامة

. ورها المستمر ومقتضيات سيرها الحسن وتط

ومع ذلك يتقيد القضاء في أداء مهامه وابتداعه لمبادئ وقواعد القانون اإلداري

يعدم مخالفة النصوص التشريعية القائمة على أساس أن القضاء أنما يعبر عن

أما إذا أفصح عن إرادته تلك بنصوص تشريعية فأنه يلتزم , إرادة مفترضة للمشرع

. ) ( كامه بتطبيق تلك النصوص في أح

. قانون غير مقنن : ثالثا

يقصد بالتقنين أن يصدر المشرع مجموعة تشريعية تضم المبادئ والقواعد العامة

والتفصيلية المتعلقة بفرع من فروع القانون كما هو الحال في مدونة القانون

. المدني أو مدونة قانون العقوبات

Page 11: الوجيز في القانون الإداري

11

صيلة لقانون ما من أهمية من حيث وال يخفى ما لتدوين القواعد العامة والتف

. إضفائه الثبات واالستقرار على نصوص التشريع وسهولة الرجوع إلى أحكامه

وقد نشأ القانون اإلداري في فتره انتشرت فيها حركة التقنين في أعقاب الثورة

. ) ( الفرنسية وتم تدوين قواعد القانون المدني في مدونة نابليون

داري لم تشمله هذه الحركة رغم رسوخ مبادئه واكتمال نظرياته إال أن القانون اإل

ويرجع عدم تقنينه إلى سرعة تطوره وتفرع وسعة مجاالته مما يجعل من الصعوبة

جمع أحكامه في مدونه واحدة خاصة وان أحكامه في الغالب ذات طبيعة قضائية ،

ع االقتصادي وال يخفى ما في أحكام القضاء اإلداري من مرونة تتأثر بالواق

. واالجتماعي والسياسي السائد في المجتمع

وإذا كان عدم التقنين يعني عدم جمع إحكام القانون اإلداري في مجموعة أو مدونة

واحدة فإن ذلك ال ينفي وجود تقنينات جزئية لبعض موضوعات القانون اإلداري ،

ملكية للمنفعة من ذلك وجود تشريعات خاصة بالموظفين وتشريعات خاصة بنزع ال

العامة وقوانين خاصة بالتنظيم اإلداري أو القضاء اإلداري إلى غير ذلك من

. مواضيع يتعذر جمعها في تقنين شامل

المبحث الثاني

مصادر القانون اإلداري

تشتمل مصادر القانون اإلداري على مصادر القانون بصورة عامة ، وهي عادة

" . الفقه –القضاء – العرف –التشريع " أربعة مصادر

وإذا كان التشريع والعرف يعدان المصدران الرسميان للقوانين األخرى ، بينما

يمثل القضاء والفقه المصدران التفسيريان للقواعد القانونية ، فإن القانون اإلداري

بل يعده أهم مصادر القانون اإلداري على اإلطالق ، , يمنح القضاء دورا هاما

بينما يبقى الفقه , التشريع والعرف مصدرا رسميا للقانون اإلداري ويكون مع

. مصدرا تفسيرا له

. وفيما يلي نعرض لهذه المصادر وبشيء من التفصيل

. التشريع : أوال

يقصد بالتشريع كمصدر للقانون اإلداري مجموعة القواعد القانونية المكتوبة

لة ، وقد تكون هذه السلطة سلطة تأسيسة الصادرة من السلطة المختصة في الدو

فيكون التشريع دستوريا، أما إذا كانت السلطة تشريعية فيكون التشريع عاديا

ويطلق عليه اصطالح القانون ، وأخيرا إذا كانت هذه السلطة تنفيذية فإننا نكون

ير أمام ما يمكن تسميته بالتشريعات الفرعية أو اللوائح ، ويتميز التشريع عن غ

. من المصادر األخرى بوضوحه وتحديده وسهولة تعديله

-:التشريع الدستوري . 1

تعد التشريعات الدستورية المصدر األساسي والرسمي للقانون اإلداري ، وتقع

التشريعات الدستورية الدستورية في قمة الهرم القانوني ، وتسمو على القواعد

ل الدولة ونظام الحكم فيها وعالقتها القانوينة األخرى جميعا ، فهي تحدد شك

بالمواطنين ، وتتضمن التشريعات الدستورية بعض الموضوعات المتعلقة بالقانون

Page 12: الوجيز في القانون الإداري

12

. اإلداري ، كتنظيم الجهاز اإلداري في الدولة ونشاطه وحقوق األفراد وحرياتهم

ويتوجب على اإلدارة بوصفها جهاز السلطة التنفيذية أن تلتزم بالمبادئ التي جاء

بها الدستور وال يحق لها مخالفتها وإال عدت أعمالها مخالفة لمبدأ المشروعية مما

. يعرضها لإللغاء والتعويض عما تسببه من أضرار

والقواعد الدستورية يقصد بها مجموعة القواعد المكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق

ظل دستور دستورية فحسب فمن الممكن أن تكون تلك القواعد غير مكتوبة في

. عرفي يتمتع بسمو القواعد الدستورية المكتوبة ذاتها

كذلك تتمتع إعالنات الحقوق ما تضمنته هذه اإلعالنات في حقوق وحريات األفراد

. بقوة النصوص الدستورية فال يجوز مخالفتها

. التشريع العادي . 2

ور ، من حيث التدرج يأتي التشريع العادي أو القانون بالمرتبة الثانية بعد الدست

التشريعي باعتباره صادرا من الهيئة التشريعية المعبرة عن اإلرادة العامة وهي

. صاحبة االختصاص في ذلك

واإلدارة بوصفها السلطة التنفيذية تخضع ألحكام القوانين فإذا خالفت حكم القانون

. ) ( العمل أو صدر عمل إداري استنادا إلى قانون غير دستوري وجب إلغاء ذلك

. التشريع الفرعي أو اللوائح . 3

يطلق على القواعد القانوينة التي تصدرها السلطة التنفيذية التشريع الفرعي ،

وتسمى في مصر اللوائح اإلدارية ، وهي قواعد عامة مجردة واجبة االحترام تلي

لقضاء وتخضع لرقابة ا, التشريع العادي في مرتبتها في سلم التدرج القانوني

اإلداري على أعمال اإلدارة باعتبارها قرارات إدارية يجب أن تكون متفقة مع

. القانون

: اللوائح التنفيذية / أ

تصدر الوزارات بصفتها الهيئة لتنفيذية في الدوله اللوائح التنفيذية المتعلقة بتنفيذ

ض وتسهيل القوانين الصادرة عن السلطه التشريعيه لتوضيح ما يكتنفها من غمو

. تطبيقها

. اللوائح التنظيمية / ب

تمارس االداره أيضا اختصاص إصدار اللوائح التنظيمية التي تتعدى تنفيذ القوانين

, إلى تنظيم بعض األمور التي يتطرق إليها القانون فتقترب وظيفتها من التشريع

ها وشؤونها ومن ذلك قيامها بما يتعلق بتنظيم الجهات اإلدارية ونظام العمل ب

وهو من صميم عمال الوزاره بصفتها المختصة بتنظيم الجهاز , اإلدارية والمالية

. اإلداري في الدولة

. اللوائح الضبطية أو البوليسية / ج

تختص الهيئة التنفيذية بإصدار لوائح الضبط اإلداري المتعلقة بالمحافظة على

ن ذلك اللوائح الخاصة بمكافحة األمن العام والصحة العامة والسكنية العامة م

. الضوضاء أو غلق المحال المضرة بالصحة العامة

Page 13: الوجيز في القانون الإداري

13

. اللوائح التفويضية / د

تصدر الهيئة التنفيذية هذا النوع من اللوائح بتفويض من الهيئة التشريعية التي

يمثلها البرلمان في العراق في موضوعات تدخل أصال ضمن اختصاصه ، ومن ذلك

دار اللوائح الخاصة بإنشاء وتنظيم المؤسسات والهيئات والمصالح اختصاصها بإص

والشركات العامة لممارسة االختصاصات ذات الطبيعة االستراتيجية وتحديد أهدافها

. واختصاصاتها

. لوائح الضرورة / ه

تصادف الهيئة التنفيذية في بعض األوقات ظروفا استثنائية تجبرها على إصدار

ضمن حماية النظام العام وحسن سير المرافق العامة لتعذر صدروها لوائح إدارية ت

من الهيئة التشريعية المختصة فعال بإصدارها ، لغيبتها أو لحصولها في غير فترة

. انعقادها على أن تعرض على الهيئة التشريعية خالل مدة معينة لكي تقرها

-:العرف : ثانيا

التي درجت اإلدارة على إتباعها في أداء العرف اإلداري هو مجموعة القواعد

وظيفتها في مجال معين من نشاطها وتستمر فتصبح ملزمة لها ، وتعد مخالفتها

. مخالفة للمشروعية وتؤدي إلى أبطال تصرفاتها بالطرق المقررة قانونا

ويأتي العرف اإلداري في مرتبة أدني من مرتبة القواعد القانونية المكتوبة مما

م إال يخالف نصا من نصوص القانون فهو مصدر تكميلي للقانون يفسر يستلز

ويكمل ما نقص منه ولكي يصبح سلوك اإلدارة عرفا إداريا و مصدرا من مصادر

. ركن مادي و ركن معنوي : القانون اإلداري ، يجب أن يتوافر فيه ركنان

: الركن المادي . 1

دارة على إتباع سلوك معين في نشاط معين ويتمثل الركن المادي باعتياد جهة اإل

وقد يكون هذا االعتياد ايجابيا يظهر في صورة القيام بعمل ، كما يمكن أن يكون

سلبيا في صورة االمتناع عن القيام بعمل ما ،على أن يكون هذا العمل أو االمتناع

كافي بشكل ثابت ومستقر ويتكرر في الحاالت المماثلة بشرط أن يمضى الزمن ال

الستقراره ، وتقدير ما إذا كانت هذه المدة كافيه لوجود العرف من عدمه أمر

. مرجعه إلى القضاء

: الركن المعنوي . 2

أما الركن المعنوي فهو اعتقاد اإلدارة واألفراد بإلزامية القاعدة المتبعة وضرورة

ء ، وبهذا المعنى احترامها وعدم مخالفتها واعتبار ذلك مخالفة قانونية تتطلب الجزا

تكون القرارات اإلدارية التي تصدر مخالفة للعرف اإلداري غير مشروعة وعرضه

. لإللغاء إذا طعن في مشروعيتها أمام القضاء

إلى جانب ذلك يجب أن يكون العرف اإلداري عاما تطبقه اإلدارة بشكل منتظم

روعا وغير مخالف ومستمر بال انقطاع في جميع الحاالت المماثلة وان يكون مش

. لنص قانوني أو الئحي

ومن الجدير بالذكر أن التزام اإلدارة باحترام العرف ال يحرمها من أمكان تعديله أو

Page 14: الوجيز في القانون الإداري

14

تغييره نهائيا إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة فاإلدارة تملك تنظيم القاعدة التي

ابقين فال يتكون يحكمها العرف بيد أن قيام العرف الجديد يتطلب توفر الركنين الس

. ) ( بمجرد مخالفة اإلدارة للعرف المطبق

أما إذا خالفت اإلدارة العرف في حالة فردية خاصة دون أن تستهدف تعديله أو

تغييره بدافع المصلحة العامة فإن قرارها أو إجراءها المخالف للعرف يكون باطال

. ) ( لمخالفته مبدأ المشروعية

كمصدر رسمي للقانون اإلداري أقل أهمية من المصادر ومع ذلك فأن دور العرف

وألن اإلدارة في , الرسمية أخرى لصعوبة االستدالل على القاعدة العرفية من جهة

. الغالب تلجأ إلى اللوائح كوسيلة لتنظيم نشاطها اإلداري من جهة أخرى

. القضاء : ثالثا

ي المنازعات المعروضة أمامه األصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل ف

، وهو ملزم قانونا بالفصل في المنازعة الداخلة في اختصاصه وإال اعتبر منكرا

للعدالة ، لذلك رسم المشرع للقاضي األسلوب الذي يسلكه لفض المنازعة إذا لم

. يجد في القواعد القانونية حال للمنازعة

انون لدوره المتعلق بتطبيق النصوص وعلى ذلك ال يعد القضاء مصدرا رسميا للق

التشريعية وتفسيرها وإزالة غموضها وإزالة التعارض المحتمل بينها ، وال يتعدى

. ) ( القاضي هذا األمر ليصل إلى حد خلق قواعد قانونية خارج نصوص التشريع

إال أن الطبيعة الخاصة لقواعد القانون اإلداري من حيث عدم تقنينه وظروف نشأته

عدد مجاالت نشاطه ، أدى إلى أن يتجاوز القضاء اإلداري دور القضاء العادي وت

كام القانون اإلداري ليتماشى مع متطلبات الحياة اإلدارية فيعمد إلى خلق مبادئ وأح

فيصبح القضاء مصدر رسمي للقانون اإلداري بل من أهم مصادرها الرسمية ،

. ويتعدى دوره التشريع في كثير من األحيان

وتتميز أحكام القضاء اإلداري بعدم خضوعها للقانون المدني ، فالقاضي اإلداري إذا

يتولى لم يجد في المبادئ القانونية القائمة نصا ينطبق على النزاع المعروض عليه

. بنفسه إنشاء القواعد الالزمة لذلك دون أن يكون مقيدا بقواعد القانون المدني

ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية نسبية تقتصر على أطراف

النزاع وموضوعه ولهذا تحدد قيمتها بوصفها مصدرا تفسيرا على النقيض من

. ها حجة على الكافة أحكام القضاء اإلداري التي تتميز بكون

وفي ذلك يتبين أن للقضاء دورا إنشائيا كبيرا في مجال القانون اإلداري ومن ثم

. فهو يشكل مصدرا رئيسيا من مصادر المشروعية

. المبادئ العامة للقانون : رابعا

تعد المبادئ العامة للقانون مصدرا مهما من مصادر القانون اإلداري ويقصد

دئ العامة للقانون تلك المبادئ التي ال تستند إلى نص مكتوب ، وإنما يكون بالمبا

. مصدرها القضاء وهي تختلف عن المبادئ القانونية التي يكون مصدرها التشريع

) (

وقد لجأ القضاء اإلداري إلى المبادئ العامة للقانون للفصل في العديد من

. نون اإلداري المنازعات اإلدارية لعدم تقنين قواعد القا

Page 15: الوجيز في القانون الإداري

15

كمبدأ دوام , وتستمد أغلب هذه المبادئ من الطبيعة المتميزة للحياة اإلدارية

استمرار سير المرافق العامة بانتظام واطراد ، والمساواة بين المنتفعين بخدمات

أو تستمد في فكرة العدل والمنطق , المرافق العامة ، ونظرية الظروف االستثنائية

رس القضاء اإلداري رقابته على الوجود المادي للوقائع وصحة والتي بمقتضاها ما

التكييف القانوني لها وضرورة التناسب بين جسامة الذنب اإلداري والعقوبة

. ) ( المقررة لها

والقضاء اإلداري بهذا المعنى ال يخلق المبادئ العامة للقانون إنما يقتصر دوره

ر القانوني لألمة ، ولذلك فمن الواجب على كشفها والتحقيق من وجودها في الضمي

على اإلدارة والقضاء احترامها والتقيد بها باعتبارها قواعد ملزمة شأنها في ذلك

. شأن القواعد المكتوبة

الفصل الرابع

أساس القانون اإلداري

سعى الفقه والقضاء نحو إيجاد أساس أو فكرة عامة تصلح أن تكون دعامة تقوم

ونظريات القانون اإلداري وتحديد المعيار المميز لموضوعاته عن عليها مبادئ

. موضوعات القوانين األخرى

وإذا كان القانون اإلداري في معناه التقليدي قد نشأ في ظل النظام القضائي

المزدوج فإن البحث عن أساس القانون اإلداري يساهم باإلضافة إلى بيان األساس

إلى وضع األسس الكفيلة بتعيين , ئ القانون اإلداري النظري والفني ألحكام ومباد

االختصاص بين القضاء اإلداري والقضاء المدني خاصة وقد فشل المشرع في

تحديد معاني أو موضوع المنازعة اإلدارية وإعداد قائمة باختصاص القضاء

ة ، لعدم تمكنه من التنبؤ مسبقا بمختلف المنازعات ذات الطبيعة اإلداري, اإلداري

كما أن القضاء اإلداري لم يعد جهة قضاء استثنائي كما نشاء ابتداء إنما أصبح

. نظام قضائي موزاي لنظام القضاء المدني وله أهميته وأصالته

وعلى ذلك كان البد من وضع معيار ثابت ومستقر لتحديد أساس القانون اإلداري ،

ددها لم تعش طويال إنما راح وظهر في هذا المجال عدة نظريات أو معايير رغم تع

بعضها يغلب على بعض تباعا واندماج بعضها بالبعض اآلخر لسد ما انكشف فيها

. من نقص أو قصور

… وسنعرض فيما يلي ألهم هذه المعايير

المبحث األول

معيار أعمال السلطة وأعمال اإلدارة

Acteفين أعمال سلطة يقوم هذا المعيار على أساس تقسيم أعمال اإلدارة إلى صن

d’autorite وهي األعمال التي تظهر فيها اإلدارة بمظهر السلطة العامة وتتمتع

بحق األمر والنهي وهذا النوع من األعمال تحكمه قواعد القانون اإلداري ويخضع

. الختصاص القضاء اإلداري

Page 16: الوجيز في القانون الإداري

16

اإلدارة وهي األعمال التي تباشرها Actte de gestionوأعمال اإلدارة العادية

وتحكمها قواعد القانون , بذات األساليب التي يلجأ إليها األفراد وفي نفس ظروفهم

. الخاص ويختص بها القضاء العادي ألنها ال تتصف بطابع السلطة

وقد سادت هذه النظرية حتى نهاية القرن التاسع عشر وكان من أنصارها الفقيه

، واعتمد القضاء الفرنسي ) ( Berthelemyوبارتلمي Laferrlereالفيرير

. عليها فترة من الزمن أساسا وحيدا للقانون اإلداري

إال أن القضاء اإلداري لم يلبث أن هجر هذا المعيار بفعل االنتقادات الموجه إليه ،

وكان النقد األساسي يتمثل في أنه ضيق إلى حد كبير من نطاق القانون اإلداري

اري ، فطبقا لهذه النظرية تقتصر أعمال السلطة على ومن اختصاصات القضاء اإلد

القرارات اإلدارية واألوامر التي تصدرها سلطات الضبط اإلداري لحفظ النظام العام

، وتستبعد من نطاق تطبيقها جميع األعمال األخرى من قبيل العقود اإلدارية

. وأعمال اإلدارة المادية

ته ووضوحه صعب التطبيق في الواقع أو كما أن هذا المعيار وبالرغم من بساط

ليس من السهل التمييز بين أعمال السلطة وتصرفات اإلدارة العادية نظرا لطبيعته

. وتداخل النشاط اإلداري

المبحث الثاني

معيار المرفق العام

ظهر هذا المعيار وتبلور ابتداء من الربع األخير من القرن التاسع عشر ، وأصبح

ساسية التي اعتمدت عليها أحكام مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع الفكرة األ

كأساس للقانون اإلداري ومعيار الختصاص القضاء اإلداري ، وكان حكم روتشليد

Rotchild وديكستر 1799الصادر عامDekester من 1711الصادر عام

. األحكام األولى في تقرير هذه الفكرة

يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر 1783الصادر عام Blancoإال أن حكم بالنكو

وتتخلص وقائع Theorie de Service Publicالزاوية في نظرية المرفق العام

هذا الحكم في انه صدمت عربة صغيرة تتبع مصنع تبغ بوردو طفلة فأوقعتها

لدولة فرفع والد الطفلة النزاع إلى القضاء العادي طالبا التعويض من ا, وجرحتها

إال أن , باعتبارها مسؤولة مدنيا عن الخطاء الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها

محكمة التنازع قررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء اإلداري

ال تختص المحاكم العادية أطالقا بنظر " وقضى بأنه , وليس القضاء العادي

حتى لو , المرافق العامة أيا كان موضوعها الدعاوى المقامة ضد اإلدارة بسبب

كانت تستهدف قيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبالغ مالية تعويضا عن

" . األضرار الناشئة عن عملياتها دون إلغاء أو تعديل أو تفسير قرارات اإلدارة

التي ومن جانب آخر قرر هذا الحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن األضرار

ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن األضرار التي " تسببها المرافق العامة فورد

تسببها لألفراد بفعل األشخاص الذين تستخدمهم في المرفق العام ال يمكن أن

تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدني لتنظيم الروابط بين الفراد بعضهم

ال مطلقة ، بل لها قواعدها الخاصة وبعض ، وأن هذه المسؤولية ليست عامة و

Page 17: الوجيز في القانون الإداري

17

ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة والحقوق , التي تتغير تبعا لحاجات المرفق

" . ) ( الخاصة

وتطبيقا لهذه النظرية فإن أساس القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري ،

حقيق إنما يتعلق بكل نشاط تديره الدولة أو تهيمن على إدارته ويستهدف ت

. المصلحة العامة

والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذي تتواله الدولة أو األشخاص العامة

األخرى مباشرة أو تعهد به إلى جهة أخرى تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها

. ) ( وذلك إلشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقا للصالح العام

ألسس نظريته عن المرافق Duguit( ديجي) وقد عزز هذا االتجاه أن وضع العميد

العامة التي كان لها شأن كبير بين نظريات القانون اإلداري حتى باتت تقوم على

اعتبار المرفق العام ومقتضيات سيره المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن

. المألوف في قواعد القانون الخاص

تي وجهت لمعيار التفرقة بين أعمال السلطة وقد تجاوزت هذه النظرية االنتقادات ال

وأعمال اإلدارة العادية ، فشملت جميع نشاطات اإلدارة المتصلة مباشرة بالمرافق

. العامة التي يحكمها القانون اإلداري

ويختص القضاء اإلداري في نظر المنازعات الناشئة عنها من قبيل القارات والعقود

اء أصدرت عن الدولة أو األشخاص العامة األخرى اإلدارية واألعمال المادية سو

ما دامت تستهدف من هذه األعمال إشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقا , التابعة لها

. للصالح العام

مع ضرورة اإلشارة إلى استثنائين محدودين في هذا المجال يتعلق األول بإدارة

تكون في نكون في هذه الحالة الدولة أو األشخاص التابعة لها ألموالها الخاصة فال

أما االستثناء األخر فيتعلق بعدول اإلدارة عن استعمال وسائل , أمام مرفق عام

القانون العام واستعمالها قواعد القانون الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها وفي

ويختص القضاء العادي بنظر , هاتين الحالتين تطبق قواعد القانون الخاص

. ناشئة عنها المنازعات ال

وقد أيد جانب كبير من فقهاء القانون اإلداري هذه النظرية كأساس للقانون اإلداري

مدرسة " وأطلق على أنصارها " قانون المرافق العامة " الذي أصبح يسمى

" . المرافق العامة

وبونار , Duguitديجي , Teissierومن أبرز فقهاء هذه المدرسة تيسيه

Bonnard وجيزJeze .

أزمة نظرية المرفق العام

رغم النجاح الكبير الذي حققته هذه النظرية كأساس للقانون اإلداري ومبادئه

واحتاللها مركز الصدارة , وأحكامه ومعيارا لتحديد اختصاصات القضاء اإلداري

بين النظريات األخرى خالل الربع األخير من القرن التاسع عشر وبدايات العشرين

والتغييرات التي طرأت في , تلبث أن تراجعت بفعل تطور الحياة اإلدارية لم ,

بتأثير من سياسة االقتصاد الموجه , القواعد التي قامت عليها فكرة المرافق العامة

Page 18: الوجيز في القانون الإداري

18

والمبادئ االشتراكية وزيادة تدخل الدولة في النشاط االقتصادي واالجتماعي وما

االجتماعية والصناعية والمرافق المهنية رافق ذلك من ظهور المرافق االقتصادية و

. ) ( المختلفة

ومن األسباب األخرى لتراجع نظرية المرفق العام كما اصطلح على تسميتها ظهور

. مرافق عامة ذات نفع عام يديرها األفراد أو األشخاص المعنوية الخاصة

مما دعى , وأدت هذه التطورات مجتمعة إلى صعوبة تحديد مضمون المرفق العام

إال أنه مع ما أصاب هذه , الفقه والقضاء إلى البحث عن معيار آخر للقانون اإلداري

النظرية من نقد بقيت أحكام مجلس الدولة الفرنسي تؤكد دور المرفق العام كأساس

للقانون اإلداري إال أن هذا الدور لم يعد كافيا أو حجر زاوية كما كان في تحديد

. اإلداري واختصاص القضاء اإلداري نطاق تطبيق القانون

المبحث الثالث

معيار السلطة العامة وأمتياراتها

طرح جانب من الفقه معيارا آخر , إزاء االنتقادات الموجة إلى معيار المرفق العام

هي األقدر في , ومقتضاه أن فكرة السلطة , بديل عنه هو معيار السلطة العامة

ون اإلداري ونطاق اختصاص القضاء اإلداري ، ذلك أن تحديد نطاق تطبيق القان

العنصر المهم في نظام القانون اإلداري المميز له عن القانون الخاص ال يتعلق

باألهداف أو الغايات التي تسعى اإلدارة إلى تحقيقها المتمثلة بالمنفعة العامة كما

وسائل التي تستعملها ذهبت نظرية أو معيار المرفق العام، وإنما يقوم على أساس ال

اإلدارة في سبيل تحقيق تلك األهداف، فإذا كانت هذه الوسائل تتميز بسلطات

وامتيازات استثنائية ال نظير لها في عالقات األفراد، كنا أمام نشاط يحكمه القانون

.) ( اإلداري ويختص بالمنازعات الناشئة عنه القضاء اإلداري

الذي أنشاء مدرسة Hauriouريس هوريو وقد أسس هذا المعيار العميد مو

، ومبادئ " مدرسة السلطة العامة " مناهضة لمدرسة المرفق العام أطلق عليها

هذه النظرية متميزة عن نظرية السلطة العامة التقليدية والتي تفرق بين أعمال

. السلطة وأعمال اإلدارة العادية

باألوامر والنواهي إنما تشمل كل فنظرية السلطة العامة كما ذهب هوريو ال تتعلق

نشاط إداري تمارسه اإلدارة مع استعمالها لوسائل القانون العام غير المألوفة في

. القانون الخاص

لم ينكر فكرة المرفق العام ، إنما جعلها ثانوية " هوريو " ومن الجدير بالذكر أن

عيار لتحديد اختصاص بالمقارنة مع دور السلطة العامة كأساس للقانون اإلداري وم

فهو غلب عنصر الوسائل التي تستخدمها اإلدارة على عنصر , القضاء اإلداري

.) ( الغاية أو الهدف

المبحث الرابع

معيار المنفعة العامة

الذي كان من أشد المدافعين عن Walineنادى بهذه الفكرة األستاذ مارسيل فالين

Page 19: الوجيز في القانون الإداري

19

أثير األزمة التي مر بها هذا المعيار ، معيار المرفق العام ثم تخلى عنه تحت ت

. واقترح محله فكرة المنفعة العامة

وتقوم هذه الفكرة على أن أساس القانون اإلداري ومعيار اختصاص القضاء

اإلداري إنما يقوم على تحقيق المنفعة العامة والمصلحة العامة ، فالنشاط اإلداري

. ) ( النشاط الخاص يستهدف تحقيق النفع العام وهو ما يميزه عن

وقد اعتمد فالين في تأسيس نظريته على حكم مجلس الدولة في قضية بلدية

وتتلخص 11/1/1121الصادر في Commune de Monsegurمونسيجور

" وقائع القضية أنه وقع حادث لصغير حرج في كنيسة مونسيجور بسقوط حوض

، مما أصابه بعاهة مستديمة تسبب فيه بتعلقه واثنين من زمالئه به " ماء مقدس

تمثلت بقطع ساقه ، وقد حصل والد الطفل على حكم من مجلس اإلقليم بإلزام البلدية

المسئولة عن صيانة الكنيسة بالتعويض ، وقد استئنفت البلدية هذا الحكم من ناحية

لم تعد البلدية مسؤولة عن دور العبادة النفصال الدين عن 1119أنه منذ عام

ولم تعد الكنائس منذ هذا التاريخ مرافق عامة ، وبالتالي 1/1/1119بقانون الدولة

. ال تدخل دعوى التعويض في اختصاص القضاء اإلداري

غير أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذا الدفع وأسس قضائه على أنه وأن لم تعد مرافق

ئس تحت تصرف العبادة مرفقا عاما منذ انفصال الدين عن الدولة ، فإن ترك الكنا

المؤمنين والمكلفين بإقامة شعائر العبادة لممارسة ديانتهم إنما يكون تنفيذا لغرض

. ) ( ذي نفع عام

وفكرة المنفعة العامة هذه أكثر اتساعا من فكرة المرفق العام إال أنها لم تسلم من

ة أو النقد الشديد من حيث أن جل عمل الدولة إنما يتعلق بتحقيق المنفعة العام

. المصلحة العامة

كما أن تحقيق النفع العام ليس حكرا على الدولة وأجهزتها اإلدارية ، وإنما قد

يساهم األفراد في تحقيقها وذلك من خالل المؤسسات والمشروعات الخاصة ذات

النفع العام وهي مشاريع تخضع ألحكام القانون الخاص ويختص القضاء العادي

. نها بالمنازعات الناشئة ع

لذلك لم تعش هذه الفكرة طويال ولم تصلح أساسا للقانون اإلداري ومعيارا لتحديد

اختصاص القضاء اإلداري لسعتها وعدم تحديدها وسرعان ما تخلى عنها فالين

. نفسه واتجه نحو معيار آخر

المبحث الخامس

معيار السلطة العامة الحديث

سلطة العامة وتجديدها لتصلح أساسا وحيدا حاول جانب من الفقه إحياء فكرة ال

للقانون اإلداري ومعيارا لتحديد اختصاص القضاء اإلداري ، ومن هؤالء األستاذ

الذي ذهب إلى أن فكرة السلطة العامة ال تعني فقط George Vedelجورج فيدل

نما استخدام اإلدارة المتيازات وسلطات القانون العام باعتبارها سلطة آمره ، وإ

تشمل أيضا القيود التي تحد من حرية اإلدارة وتفرض عليها التزامات أشد من

.) ( االلتزامات المفروضة على األفراد في ظل القانون الخاص

ومن هذه القيود عدم أمكان تعاقد اإلدارة إال بإتباع إجراءات وشروط معينة ال نظير

Page 20: الوجيز في القانون الإداري

20

ات أو المزايدات عند اختيار لها في القانون الخاص ، كأتباعها أسلوب المناقص

. المتعاقد معها

ومن ثم ال يكفي اتصال نشاط اإلدارة بمرفق عام حتى تكون بصدد تطبيق القانون

اإلداري إنما يجب أن تكون إلدارة قد استخدمت في نشاطها امتيازات وسلطات

في استثنائية ال مثيل لها في القانون الخاص أو التزمت بقيود وحدود غير مألوفة

هذا القانون ، وفي الحالتين يختص القضاء اإلداري بالمنازعات الناشئة عن

. مباشرة هذا النشاط

وعلى عكس ذلك يختص القضاء العادي ويطبق القانون الخاص على كل نشاط

تؤديه اإلدارة مستخدمة أساليب مشابهة لتلك التي يستخدمها األفراد أو ال تتضمن

. ئية امتيازات أو شروط استثنا

وقد صادف هذا المعيار نجاحا وقبوال في الفقه والقضاء اإلداريين وانحاز إليه فالين

. بعد أن تخلى عن معيار المرفق العام وبعده معيار النفع العام

المبحث السادس

معيار الجمع بين المرفق العام والسلطة العامة

السابقة وعجزها في أن تكون إزاء االنتقادات الموجهة لكل معيار من المعايير

أساسا وحيدا للقانون اإلداري ومعيارا لتحديد اختصاص القضاء اإلداري ، لم يعد

واتجها نحو الجمع بين فكرتي السلطة , الفقه والقضاء يتمسكان بفكره واحدة

. العامة والمرفق العام

ق العام بعد ما تجديد معيار المرف De Laubadereوفي هذا المجال حاول األستاذ

أصابه من تفكك نتيجة األزمات التي تعرض لها وذلك عن طريق الجمع بين فكرتي

المرفق العام والسلطة العامة ، لكنه جعل األولوية للمرفق العام ، ثم يأتي استخدام

أساليب القانون العام في المرتبة الثانية لسد الفراغ في المجاالت التي عجز معيار

. ) ( عن القيام بدوره فيها المرفق العام

إلى تغليب فكرة السلطة العامة على فكرة Chapusبينما ذهب األستاذ شابي

السلطة العامة " المرفق العام فقال أنه يجب أن ال نعتقد أن معيار الشروط المخالفة

دائما معيارا مساعدا ، فالمعيار المأخوذ من الموضوع هو دائما معيار مبدأ ، "

كثير من األحيان يفضل القاضي استخدام معيار الشرط غير المألوف وهذا ففي

. ) ( يكون أسهل أو مناسبا أكثر

وعلى هذا األساس فإن المرفق العام وأن كان عنصرا مهما في تحديد أساس

القانون اإلداري إال أنه ال يكفي ألداء هذا الدور بعد أن أتضح سعة مفهومة وعدم

لمرافق اإلدارية فظهرت فكرة المعيار المزدوج التي أيدها جانب كبير اقتصاره على ا

. ) ( من الفقه وأخذ بها القضاء اإلداري في فرنسا في أغلب أحكامه

, وعلى ذلك فإن أساس القانون اإلداري ال يرجع لمعيار واحد من المعايير السابقة

السلطة العامة ، ومن ثم إنما يجب الجمع بين المعياريين المهمين المرفق العام و

ليكون العمل إداريا وخاضعا للقانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري ، يجب

Page 21: الوجيز في القانون الإداري

21

" . نظرية المرفق العام " أوال أن يكون عمال إداريا أو نشاطا متعلقا بمرفق عام

أن تكون اإلدارة في هذا النشاط قد استخدمت امتيازات أو وسائل وسلطات : وثانيا

ـ مع ضرورة " نظرية السلطة العامة " تثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص اس

التنبيه أن السلطة العامة ال تبرز من خالل االمتيازات الممنوحة لإلدارة حسب وإنما

. تشمل القيود االستثنائية المفروضة عليها في أحيان أخرى

الباب األول

التنظيم اإلداري

ل من الدراسة موضوع التنظيم اإلداري الذي نبين فيه الوسائل نبحث في هذا المجا

التي تؤدي من خاللها اإلدارة وظيفتها التنفيذية وتستدعي الدراسة البحث في

األشخاص المعنوية العامة باعتبارها األداة التي تجمع السلطات اإلدارية في إطارها

التنظيم وفقا لما يسمى ، ومن ثم البحث في األساليب الرئيسية المتبعة في هذا

. بأسلوب المركزية اإلدارية وأسلوب الالمركزية اإلدارية

الفصل األول

األشخاص المعنوية العامة

يتمتع اإلنسان منذ والدته بالشخصية القانونية التي تمكنه من اكتساب الحقوق

الشخصية وتحمله بااللتزامات ألداء دوره في المجتمع وأداء رسالته ، واألصل أن

القانونية نسبت لإلنسان فقط إال أن عجز اإلنسان عن النهوض بكافة متطلبات

المجتمع النتهاء شخصيته بالوفاة وحاجة المجتمع إلى دوام استمرار مرافقه ، كان

البد من منح األهلية القانونية ألشخاص أخرى ، فظهرت نظرية الشخصية المعنوية

القانونية إلى جانب اإلنسان الذي بات يطلق عليه ومقتضاها منح القانون الشخصية

مجموعة من األفراد أو مجموعة من : الشخص الطبيعي إلى نوعين من التجمعات

األموال تهدف لتحقيق هدف معين ويكون كيان ذاتي مستقل عن األفراد المكونين

. لها يسمح بتحقيق هدفها ، وأطلق عليها اصطالح الشخصية المعنوية االعتبارية

وعلى ذلك يمكن تعريف الشخص المعنوي بأنه مجموعة من األموال أو األشخاص

. تستهدف تحقيق هدف معين اعترف لها القانون بالشخصية القانونية

المبحث األول

أنواع األشخاص المعنوية

األشخاص المعنية العامة ، : يوجود نوعين رئيسيين من األشخاص المعنوية هي

عنوية الخاصة ، مع ما تتمتع به األشخاص المعنوية الخاصة من واألشخاص الم

أهمية في نطاق القانون الخاص فتظهر بشكل الشركات والمؤسسات والجمعيات

التي تنشأ بمبادرات األفراد لتحقيق الربح أحيانا وتحقيق النفع العام أو المصلحة

Page 22: الوجيز في القانون الإداري

22

. العامة في أحيان أخرى

أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي ال و الشخصية المعنوية العامة تحتل

يعرف غير هذا النوع من األشخاص المعنوية رغم أن نظرية الشخصية المعنوية

وقد درج الفقه والقضاء على تقسيم األشخاص . نشأت في ظل القانون الخاص

: المعنوية العامة إلى ثالث أنواع

األشخاص المعنوية اإلقليمية : أوال

األشخاص المعنوية أو االعتبارية التي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي وهي

. منعين من الدولة وهي تشمل الدولة والوحدات المحلية األخرى

الدولة -1

وهي أهم األشخاص المعنوية على اإلطالق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون

. المدني على أن الدولة هي أول األشخاص االعتبارية

والدولة هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه األشخاص المعنوية األخرى

وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة لألفراد والهيئات الخاصة وتمارس

. الرقابة عليها

السلطة : والدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثالث

إال أن هذه . ، باعتبارها شخص معنوي واحد التشريعية والتنفيذية والقضائية

. الوحدة في شخصية الدولة لم تكن أمرا مسلما به فقد اختلف الفقه في شأنها

فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن االعتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر

في على مجال معين من نشاط الدولة وهو الحقوق المادية والتصرفات التي تندرج

القانون الخاص ، أما بالنسبة لتصرفات الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها

فما هي إال اختصاصات يمارسها ممثلوا الدولة في الحدود التي رسمها القانون

. تحقيقا للمصلحة العامة

ولعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات

بينما ذهب رأي آخر إلى , إذا ما اعتبرت تصرفات الدولة حقا من حقوقها العامة

ثنائية شخصية الدولة ، فتكون شخصا معنويا خاصا إذا ما تصرفت في مجال

الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشابهة لتصرفات األفراد وينطبق عليها

بعمل بدخل في ضمن نطاق القانون الخاص وتعتبر شخصا معنويا عاما إذا قامت

.) ( السلطة العامة وهنا تخضع تصرفاتها ألحكام القانون العام

إال أن هذه اآلراء لم تلبث أن انتهت ، وأصبح الرأي السائد فقها وقضاء أن

شخصية الدولة وحدة ال تتجزأ وهي تشمل جميع تصرفات الدولة وأعمال الخاصة

وهو رأي يتماشى مع المنطق القانوني . امة منها والتي تتسم بطابع السلطة الع

. السليم

. الوحدات المحلية المحافظات -2

وترتبط فكرة األشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم

من أقاليم الدولة أن يدير شؤونه المحلية من خالل ممثليه من سكان اإلقليم في

. المحافظات

شخاص االعتبارية العامة المرفقية األ: ثانيا

Page 23: الوجيز في القانون الإداري

23

ويطلق عليها أيضا أال مركزية المصلحة أو المرفقية ، وتنشأ لتحقيق مصالح عامة

وتسمى هذه . لألفراد تحت رقابة الدولة أو أحد األشخاص المعنوية التابعة لها

. األشخاص بالهيئات العامة أو المؤسسات أو الشركات العامة

إنشاء هذه األشخاص لتباشر أدارة المرافق العامة التي تتطلب وقد لجأ المشرع إلى

. نوعا من االستقالل الفني عن الحكومة المركزية ضمان فاعلية وكفاءة اإلدارة

وتختلف هذه األشخاص عن األشخاص االعتبارية اإلقليمية في أنها مقيدة بالهدف

د الجغرافية لإلقليم الذي الذي أنشأت من أجله، في حين تكون األخيرة مقيدة بالحدو

. تمثله

وحيث أن األشخاص االعتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها

ما هو إداري أو اجتماعي أو اقتصادي ، فإن هذا االختالف يقود إلى اختالف

أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتواله ، أما األشخاص اإلقليمية فالقاعدة

. ا تتمتع بذات التنظيم القانوني العامة أنه

كذلك تفترق األشخاص االعتبارية المرفقية عن األشخاص االعتبارية اإلقليمية في

أن األخيرة تقوم على فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان الوحدات المحلية

بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ، بينما تقوم فكرة الشخصية االعتبارية المرفقية

ى ضرورة ضمان الكفاءة اإلدارية وحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع الفني عل

كما هو الحال في الجامعات والهيئة العامة للمياه . وال عالقة للديمقراطية في ذلك

. والهيئة العامة لإلذاعة

األشخاص المعنوية المهنية : ثالثا

ية واالقتصادية في مختلف الدول بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة االجتماع

وتأثير هذا التطور على القانون اإلداري وأحكامه ظهرت فكرة جديدة ألشخاص

معنوية أخرى تتمثل في المنظمات واالتحادات ذات الطابع المهني ، تتولى إدارة

مرافق عامة ينشأها المشرع لتحقيق مصالح عامة ، ومن ذلك االتحاد العام لطلبة

وتتمتع هذه . واتحاد األدباء والكتاب والمؤتمر المهني للمعلمين الجماهيرية

األشخاص باالستقالل ولها إصدار اللوائح الخاصة بتأديب أعضائها وممارسة

. المهنة التي تشرف عليها

المبحث الثاني

النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية

قوق إال ما كان منها مالزما لصفة اذا اعترف بالشخص االعتباري يتمتع بجميع الح

. اإلنسان الطبيعي ، وذلك في الحدود التي قررها القانون

: فيكون لها

: الذمة المالية المستقلة -1

يتمتع الشخص المعنوي العام ، بذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة ولها الحق

قاتها ، والذمة المالية في االحتفاظ بالفائض من إيراداتها ، كما أنها تتحمل نف

. للشخص المعنوي مستقلة عن الذمة المالية لألشخاص المكونين له

: األهلية القانونية -2

Page 24: الوجيز في القانون الإداري

24

يتمتع الشخص المعنوي العام بأهلية قانونية في الحدود التي رسمها القانون تمكنه

لية من اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات ، غير أن هذه األهلية أضيق نطاقا من أه

الشخص الطبيعي فهي مقيدة بممارسة التصرفات القانونية التي تدخل في ميدان

نشاطه وتخصصه ، ومفيدة كذلك بحدود الهدف الذي يسعى الشخص االعتباري

وهذه الشخصية القانونية مستقلة عن شخصية األعضاء المكونين . العام لتحقيقه

. ه من أشخاص طبيعيتين بالشخص االعتباري العام ويباشرها عنه من يمثلون

: حق التقاضي -3

للشخص المعنوي العام أهلية التقاضي ، فله مقاضاة الغير ، كما يكون من حق

الغير أن يقاضيه ، كما يجوز أن تقاضي األشخاص المعنوية بعضها ببعض ،

ويباشر هذا الحق عن الشخص المعنوي العام أشخاص طبيعيتين يمثلونه أو

رون عن إرادته في التقاضي ينوبون عنه ويعب

: موطن مستقل -2

للشخص االعتباري موطن خاص به يختلف عن موطن األشخاص المكونين له ،

من 93/2وهو عادة المقر أو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته ، فقد بينت المادة

.. " . يعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته " القانون المدني أن

وللموطن أهمية خاصة بالنسبة للشخص االعتباري فيجب إعالن األوراق الرسمية

والقضائية إليه فيه و يتم تحديد المحكمة المختصة بالنظر بالدعاوي التي ترفع

. ضده

تمارس األشخاص المعنوية العامة جانبا من سلطة الدولة باعتبارها من -9

سلطة التي يقررها القانون للجهات أشخاص القانون العام فتتمتع بامتيازات ال

اإلدارية فتعتبر قراراتها إدارية ، ويجوز تنفيذها جبرا دون االلتجاء إلى القضاء ،

كذلك تملك حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو االستيالء المباشر كما يجوز لها إبرام

ي عن العقود اإلدارية ، وحيث توجد هذه السلطة توجد مسؤولية الشخص المعنو

. أفعاله الضارة التي قد يتسبب بها موظفيه

المال الذي تملكه األشخاص المعنوية العامة يعتبر ماال عاما إذا كان مخصصا -1

للمنفعة العامة ، وبذلك فهو يحظى بالحماية المقررة للمال العام ، ومع ذلك يمكن

ءا من الدومين أن تملك األشخاص المعنوية العامة أمواال أخرى خاصة تعد جز

. الخاص وال تعتبر أمواال عامة وتخضع ألحكام القانون الخاص

موظفو األشخاص المعنوية العامة يعدون موظفين عامين ويرتبطون بعالقة -8

تنظيمية مع الشخص المعنوي إال إذا نص القانون على خالف ذلك، وال يمنع ذلك

موظفيها ولوائح خاصة من أن يكون لبعض األشخاص المعنوية نظام خاص ل

. بتأديبهم

ال يترتب على منح الشخصية المعنوية العامة االستقالل التام عن الدولة إذ -7

التي تمارسها السلطة المركزية " الوصاية اإلدارية"تخضع هذه األشخاص لنظام

في الدولة لضمان احترام هذه األشخاص للقانون والسياسة العامة للدولة وعدم

. رض الذي من أجله أ نشأت هذه المرافق تجاوز الغ

نتيجة لتمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة وبالتالي اعتباره -1

Page 25: الوجيز في القانون الإداري

25

شخصا من أشخاص القانون العام ، فإن القضاء اإلداري يكون هو المختص في

نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطه ، ويخضع كذلك للقيود التي يفرضها

نون اإلدراي من ضرورة إتباع إجراءات خاصة في التعاقد أو الطعون في القا

القرارات الصادرة منه وغير ذلك من أمور تفرضها الطبيعة الخاصة بنظام القانون

. العام

نهاية الشخص المعنوي العام

الدولة باعتبارها أهم األشخاص المعنوية العامة تنقضي شخصيتها بزوال أو فقد

كانها التي تقوم عليها كما لو تفتت إلى عدة دول أو اندمجت بدولة ركن من أر

. أخرى أو فقدانها إلقليمها أو انعدام السلطة السياسية بسبب الفوضى

أما األشخاص المعنوية اإلقليمية فتنتهي بذات األداة التي نشأت بها ، كما لو صدر

المعنوية اإلقليمية قانون يعيد تقسيم الوحدات المحلية فيلغي بعض األشخاص

. ويستحدث غيرها أو يدمجها في بعضها

أما إذا صدر قانون بحل مجلس إدارة الشخص المعنوي فيظل الشخص المعنوي

. قائما حتى يتم اختيار الشخص الجديد

وتنقضي الشخصية المعنوية المرفقية والمهنية بإلغائها أو حلها بذات طريقة

. عنوي مرفقي آخر إنشائها أو باندماجها بشخص م

وعند نهاية الشخص المعنوي العام أيا كانت صورته تنتقل أمواله إلى الجهة التي

حددها القانون أو القرار الصادر بإلغائه أو حله ، وإال فإن هذه األموال تنتقل إلى

. الجهة التي يتبعها هذا الشخص

لفصل الثاني

أساليب التنظيم اإلداري

المركزية اإلدارية : ختلفة أسلوبين في تنظيمها اإلداري هما تنتهج الدول الم

يتجه األسلوب األول واألقدم في الظهور نحو حصر الوظيفة . والالمركزية اإلدارية

اإلدارية في أيدي السلطة التنفيذية وحدها في العاصمة دون وجود سلطات إدارية

دارية نحو توزيع الوظيفة بينما يتجه أسلوب الالمركزية اإل. أخرى مستقلة عنها

. اإلدارية ومشاركة هيئات وسلطات المركزية

وفيما يلي سنتناول بالدراسة المركزية اإلدارية ثم الالمركزية اإلدارية وذلك في

. مبحثين

المبحث األول

المركزية اإلدارية

وتقوم المركزية اإلدارية هي أول النظم التي اتبعتها الدول في الحكم واإلدارة ،

المركزية على أساس التوحيد وعدم التجزئة ، وفي المجال اإلداري يقصد بها

. ) ( توحيد النشاط اإلداري وتجميعه في يد السلطة التنفيذية في العاصمة

Page 26: الوجيز في القانون الإداري

26

وتقوم السلطة التنفيذية في هذا النظام بالسيطرة على جميع الوظائف اإلدارية من

ام المركزي تلتزم السلطة الدنيا توجيه وتخطيط ورقابة وتنسيق ، وفي النظ

بالقرارات التي تصدر عن السلطة العليا ويساعد على هذه الخاصة الترتيب الذي

يسود السلطة التنفيذية وتقسيم الموظفين رؤساء ومرؤوسين إلى درجات يعلو

بعضها بعضا في سلم إداري منتظم ، يخضع كل مرؤوس فيه لرئيسه خضوعا تاما

. يعمل تحت إشرافه وتوجيهاته وينفذ أوامره و

وال تعني المركزية أن تقوم السلطة التنفيذية في العاصمة بجميع األعمال في أنحاء

الدولة ، بل تقتضي وجود فروع لهذه السلطة غير أن هذه الفروع ال تتمتع بأي قدر

من االستقالل في مباشرة وظيفتها وتكون تابعة للسلطة المركزية في العاصمة

. طة بها ومرتب

أركان المركزية اإلدارية :المطلب األول

تركيز الوظيفة اإلدارية في يد : تقوم المركزية اإلدارية على ثالثة عناصر هي

. الحكومة والتدرج الهرمي والسلطة الرئاسية

تركيز الوظيفة اإلدارية في يد الحكومة المركزية : أوال

يفة اإلدارية في يد السلطة التنفيذية تتركز في هذا النظام سلطة مباشرة الوظ

بالعاصمة، وتعاونها في ذلك الهيئات التابعة لها في األقاليم األخرى تحت إشراف

ورقابة السلطة المركزية، وال توجد في هذا النظام أشخاص معنوية عامة محلية أو

. مرفقية مستقلة عن السلطة المركزية

و هيئات عامة يمكن أن تدير المرافق ومن ثم ال توجد مجالس محلية منتخبة أ

العامة ، وتتركز سلطة اتخاذ القرارات وأداء المرافق العامة في يد الوزراء

. وممثليهم التابعين لهم والمعنيين منهم تحت رقابتهم وإشرافهم

التدرج الهرمي : ثانيا

اه أن يقوم النظام المركزي على أساس التدرج الهرمي في الجهاز اإلداري ومقتض

يخضع موظفي الحكومة المركزية بشكل متدرج ومتصاعد ، تكون الدرجات الدنيا

. تابعة لألعلى منها تحت قمة الجهاز اإلداري وهو الوزير

وللسلطات العليا حق إصدار األوامر والتعليمات للجهات الدنيا ويخضع كل مرؤوس

زي إلى درجة كبيرة خضوعا تاما ، ويتجه مجال الطاعة في داخل النظام المرك

فالرئيس يباشر رقابة سابقة والحقة على أعمال المرؤوس كما أن للرئيس صالحية

. تعديل القرارات الصادرة من مرؤوسيه وإلغائها بالشكل الذي يراه مناسبا

وهذه الدرجات تكون ما يسمى بنظام التسلسل اإلداري الذي يبين التمايز بين طبقتي

. ويبرز عالقة التبعية والسلطة الرئاسية الرؤساء والمرؤوسين

السلطة الرئاسية : ثالثا

ضمانه معترف بها للرؤساء le pouvior herachiqueالسلطة الرئيسية

وتعتبر . ) ( اإلداريين ينضمها القانون فيوفر وحدة العمل وفعاليته واستمراريته

قرر بدون نص وبشكل السلطة الرئاسية الوجه المقابل للتبعية اإلدارية وهي تت

طبيعي غير أنها من جانب آخر ترتب مسؤولية الرئيس عن أعماله مرؤوسية

.) ( وبالتالي عدم إمكانية تهربه من هذه المسؤولية

Page 27: الوجيز في القانون الإداري

27

والسلطة الرئاسية من أهم ركائز النظام المركزي ، إال أنها سلطة ليست مطلقة

ة ومركزه في السلم وليست على درجة واحدة من القوة فهي تتأثر بصاحب السلط

. اإلداري وبنوع الوظيفة التي يمارسها

والسلطة الرئاسية تتحلل إلى مجموعة من االختصاصات بعضها يتعلق بشخص

: المرؤوس واآلخر منها يتعلق بأعماله

سلطة الرئيس على شخص مرؤوسيه -أ

تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسه الكثير من االختصاصات منها ما

علق بالحق في التعيين واالختيار ، وحق الرئيس في تخصيص مرؤوسيه ألعمال يت

كما تتضمن سلطة نقل الموظف وترقيته وإيقاع العقوبات التأديبية عليه . معينة

والتي قد تصل إلى حد عزله أو حرمانه من حقوقه الوظيفية ، في حدود ما يسمح

. به القانون

يه سلطة الرئيس على أعمال مرؤوس -ب

تشمل هذه السلطة في حق الرئيس في توجيه مرؤوسيه عن طريق أصدار األوامر

والتوجيهات إليهم قبل ممارسة أعمالهم وسلطة مراقبة تنفيذهم لهذه األعمال

. والتعقيب عليها وتشمل هذه السلطات

: سلطة األمر -1

أهم مميزات يملك الرئيس إصدار األوامر والتعليمات ، ويعتبر اختصاصه هذا من

السلطة الرئاسية ، ذلك أن إصدار األوامر عمل قيادي له أهمية كبرى في سير

األعمال اإلدارية ، وعلى وجه العموم نجد أن السلطة الرئاسية تتصف أساسا بأنها

.) ( سلطة آمره لكونها تقوم على إصدار أوامر ملزمة للمرؤوسين

سلطة الرقابة والتعقيب -2

ي الرقابة على أعمال مرؤوسية تتمثل بحقه في إجازة أعمالهم أو سلطة الرئيس ف

تعديلهم قراراتهم أو إلغائها وسحبها كما يملك أيضا الحلول محلهم إذا اقتضى العمل

وتمتدد رقابة الرئيس على أعمال مرؤوسية لتشمل مالئمة هذا العمل أو . ذلك

. ) ( التصرف ومقتضيات حين سير المرفق العام

لة الرئيسي في رقابته على مرؤوسيه تتمثل بالتقارير التي يقدمها الموظفين ووسي

عن أعمالهم بصورة دورية أو بوساطة التقارير التي يضعها المفتشون ويطلعون

السلطة الرئاسية عليها ، قد يمارسها الرئيس عن طريق الشكاوي التي يقدمها إليه

. رؤوسيه األفراد الذين أصابهم الضرر نتيجة تصرفات م

صور المركزية اإلدارية : المطلب الثاني

التركيز اإلداري وعدم التركيز اإلداري : تتخذ المركزية اإلدارية صورتان

la concentrationالتركيز اإلداري : أوال

وهي الصورة البدائية للمركزية اإلدارية ، ويطلق عليها أيضا المركزية المتطرفة

.) ( دور الوزارة في هذا النظام أو الوزارية، إلبراز

ومعنى التركيز اإلداري أن تتركز سلطة اتخاذ القرارات في كل الشؤون اإلدارية بيد

الوزراء في العاصمة ، بحيث ال يكون ألية سلطة أخرى تقرير أي أمر من األمور ،

Page 28: الوجيز في القانون الإداري

28

إنما يتعين على كافة الموظفين في األقاليم الرجوع إلى الوزير المختص إلصدار

. القرار

وينحصر دور الموظفين في الجهاز اإلداري في تقديم المقترحات واآلراء في

المساءل المطروحة عليهم وانتظار ما يقرره الوزير المختص بشأنها ، وتنفيذ هذه

. القرارات

وال شك أن هذه الصورة من التركيز الشديد تضر بمصالح األفراد وتعرقل عمل

ر أن تتخذ جهة إدارية واحدة كافة القرارات في كل أنحاء اإلدارة فمن غير المتصو

الدولة وتكون هذه القرارات مالئمة ومناسبة لظروف العمل اإلداري وتوفر حال

. لمشاكل األفراد

لذلك هجرت أغلب الدول هذه الصورةمن المركزية اإلدارية إلى الصور المعتدلة

. للمركزية اإلدارية وهي عدم التركيز اإلداري

la deconcentrationعدم التركيز اإلداري : ثانيا

. ) ( يطلق على هذه الصورة من المركزية اإلدارية أال وزارية أو المركزية المعتدلة

ومقتضاها تخفيف العبء عن الحكومة المركزية بتخويل بعض الموظفين في

ن الحاجة األقاليم المختلفة سلطة البت في بعض األمور ذات الطابع المحلي دو

. للرجوع للوزير المختص في العاصمة

إال أن هذه الصورة من المركزية ال تعني استقالل هؤالء الموظفين عن الوزير ،

فهم يبقون خاضعين لسلطته الرئاسية وله أن يصدر إليهم القرارات الملزمة وله أن

يخفف من يعدل قراراتهم أو يلغيها ، وكل ما في األمر أن عدم التركيز اإلداري

العبء على الوزارات واإلدارات المركزية وأن بعض القرارات اإلدارية أصبحت

. تتخذ من ممثلي الوزراء في األقاليم بدال من أن تتخذ من الوزراء أنفسهم

ومن ثم يختلف عدم التركيز اإلداري عن الالمركزية اإلدارية إذ تتعدد السلطات

ظرا لتعدد األشخاص المعنوية ، وتختص كل اإلدارية في الالمركزية اإلدارية ن

سلطة بجانب من الوظيفة اإلدارية في الدولة ، حيث يتم توزيع االختصاصات على

.) ( هذا األساس

وعلى أي حال فإن هذه الصورة من المركزية أفضل من التركيز اإلداري وهي

ة في إطار نظام مرحلة انتقال صوب نظام الالمركزية اإلدارية ، وهي الصورة الباقي

. المركزية اإلدارية

ولعل من أبرز وسائل تحقيق عدم التركيز اإلداري نظام تفويض االختصاص ، الذي

. سنتناوله في هذا الجزء من الدراسة

تفويض االختصاص : المطلب الثالث

تستلزم ضرورات العمل اإلداري وحسن سير المرافق العامة أن يفوض بعض

بعض أعمالهم إلى موظفين آخرين غالبا ما يكونون الموظفين المختصين

ويقصد بالتفويض أن يعهد صاحب االختصاص بممارسة . مرؤوسين بالنسبة لهم

بشرط أن يسمح القانون بإجراء هذا . جزء من اختصاصاته إلى أحد مرؤوسيه

التفويض وأن تكون ممارسة االختصاص المفوض تحت رقابة الرئيس اإلداري

Page 29: الوجيز في القانون الإداري

29

. صاص األصيل صاحب االخت

وللتفويض مزايا عدة فهو من جانب يخف

وللتفويض مزايا عدة فهو من جانب يخفف العبء عن الرئيس صاحب االختصاص

األصيل ، فهو يقوم بنقل جزء من اختصاصه في مسألة معينة إلى أحد مرؤوسيه أو

. جهة أو هيئة ما

ء األعمال مما يسهل ويؤدي من جانب آخر إلى تحقيق السرعة والمرونة في أدا

على األفراد قضاء مصالحهم ويدرب المرؤوسين على القيام بأعمال الرؤساء،

. ) ( فينمي فيهم الثقة والقدرة على القيادة

شروط التفويض : أوال

للتفويض شروط عامة استقر على إبرادها الفقه وأحكام القضاء، يجب مراعاتها

: حتى يكون التفويض صحيحا هي

يلزم حتى يكون التفويض صحيحا أن يسمح : فويض ال يكون إال بنص الت -1

القانون بالتفويض ، فإذا منح القانون االختصاص إلى جهة معينة ليس لهذه الجهة

التنازل عن هذا االختصاص أو تفويضه إلى سلطة أخرى إال إذا أجاز القانون ذلك

تصاص األصيل عن ومن الضروري أن يصدر قرار صريح من الجهة صاحبة االخ

. رغبتها في استخدام التفويض الذي منحه لها القانون

فال يجوز أن يفوض الرئيس اإلداري جميع : التفويض يجب أن يكون جزئيا -2

اختصاصاته ألن هذا يعد تنازال من الرئيس عن مزاولة جميع أعماله التي أسندها

. إليه القانون

ن األعمال التي فوضها باإلضافة إلى مسؤولية يبقى الرئيس المفوض مسؤوال ع -3

. المفوض إليه ، تطبيقا لمبدأ أن التفويض في السلطة وال تفويض في المسؤولية

والمرؤوس المفوض إليه ال يسأل عن تصرفاته بشأن السلطات المفوضة إليه إال

منه وال تنصرف المسؤولية إلى أعلى ) ( أمام رئيسه المباشر الذي قام بالتفويض

. وفقا لمبدأ وحدة الرئاسة واألمر

ال يجوز للمفوض إليه أن يفوض غيره ، فالتفويص ال يتم إال لمرة واحدة، -2

ومخالفة هذه القاعدة تجعل القرار اإلداري الصادر من المفوض إليه الثاني معيبا

. بعدم االختصاص

صل هو عدم التفويض مؤقت وقابل للرجوع فيه من جانب الرئيس ألن األ -9

التفويض واالستثناء هو التفويض الذي ال يستطيع الرئيس دائما إلغاءه بقرار

. ويسترد اختصاصه

على " بكسرلواو " وتثار بشأن التفويض مشكلة سلطة الجهة المفوضة

فهل للسلطة صاحبة االختصاص األصلي " المرؤوس " اختصاصات المفوض إليه

. إليها أن تلغي قرارات السلطة المفوض

ذهب جانب من الفقهاء إلى عدم السماح بتوجيه تعليمات إلى المرؤوسين تتعلق

باالختصاص المفوض إليهم على أساس أن الموظف الذي قام بالتفويض ال يعتبر

رئيسيا إداريا بالنسبة للقرارات الصادرة طبقا للتفويض على أساس أن المرؤوس

Page 30: الوجيز في القانون الإداري

30

. ) ( قراراته واجبة االحترام يعتبر كأنه الرئيس نفسه وعندئذ فإن

بينما ذهب جانب آخر من الفقهاء إلى أن األصيل يبقى له الحق في التعقيب على

القرارات الصادرة عن المفوض إليه إذا كان األخير مرؤوسا له ، ألن التفويض ال

يقطع العالقة الرئاسية بين الرئيس والمرؤوس وال يحول دون ممارسة الرئيس

. ي التوجيه والرقابة السابقة والالحقة على أعمال مرؤؤسالختصاصه ف

وقد يحصل بعض الخلط بين التفويض والحلول ألن االثنين يساهمان في تسهيل

سير العمل اإلداري وضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد كما أن كل منهما

. يعني ممارسة أحد الموظفين الختصاصات موظف آخر

لكثير من أوجه االختالف بين الحلول والتفويض فالحلول يكون في إال أن هناك ا

حالة غياب صاحب االختصاص األصيل أيا كان سبب الغياب اختياريا كما في حالة

اإلجازة أو إجباريا كما في حال المرض فيحل محل الموظف في ممارسة هذه

المفوض يكون أما في حالة التفويض فإن الرئيس. االختصاصات من حدده المشرع

. حاظرا وليس غائبا

كما أن التفويض يتحقق بقرار يصدر من الرئيس المفوض إلى المفوض إليه في

حين البد للحلول أن يقترن بنص وأن تكون أسبابه صحيحة ويصبح الحلول

.) ( مستحيال إذا لم ينظمه المشرع

، أما في الحلول وفي تفويض االختصاص يأخذ القرار الصادر درجة المفوض إليه

. فتكون القرارات الصادرة في مرتبة قرارات األصيل الغائب

وفي التفويض يكون الرئيس المفوض مسؤوال عن أخطاء المفوض إليه ألن

الرئيس يمارس الرقابة الرئاسية على المفوض إليه بينما ال يكون األصيل الغائب

لطة رئاسية بالنسبة لتصرفات مسؤوال عن أخطاء من حل محله ألنه ال يملك أي س

األخير وألن مصدر سلطته القانون وليس األصيل وحيث توجد السلطة توجد

. المسؤولية

ومن المالحظ أن تفويض االختصاص ال يعدو أن يكون تخفيفا عن كاهل الرؤساء

ومساعدتهم في تسيير أعمالهم وهذا الغرض ال يجعل المرؤوس ممارسا

ب والرقابة ، ونرى أنه ال مانع من قيام الرئيس المفوض الختصاص مانع للتعقي

بمراجعة قرارات مرؤوسيه وتوجيههم من خالل إصدار األوامر والتعليمات التي

تتعلق باالختصاص المفوض ليطمئن إلى سالمة العمل من الناحية القانونية ،

اص خاصة وإن مسؤولية الرئيس المفوض تبقى قائمة عما قام بتفويضه من اختص

. ، ألن ال تفويض في المسؤولية كما بينا سابقا

أنواع التفويض :ثانيا

" تفويض اختصاص و تفويض توقيع " التفويض على نوعين

هذا النوع من التفويض ينقل السلطة بأكملها إلى : تفويض االختصاص -1

المفوض إليه ، وهذا يمنع األصيل المفوض من ممارسة االختصاص الذي تم

. ضه أثناء سريان التفويض تفوي

وفي هذه الصورة من التفويض تكون قرارات المفوض إليه في نطاق التفويض

منسوبه إلى المفوض إليه وتأخذ مرتبة درجته الوظيفية ، ويوجه تفويض

Page 31: الوجيز في القانون الإداري

31

االختصاص إلى المفوض إليه بصفتة ال بشخصية فال ينتهي التفويض بشغل موظف

آخر لوظيفة المفوض إليه

وهو تفويض شخصي يأخذ بعين االعتبار شخصية المفوض : التوقيع تفويض-2

إليه ، فهو ينطوي على ثقة الرئيس به ومن ثم فهو ينتهي بتغير المفوض أو

المفوض إليه ، كما أن هذا التفويض يسمح للمفوض إليه بممارسة االختصاصات

يس المفوض وال يمنع ذلك من ممارسة الرئ" بكسرالولو " المفوضة باسم السلطة

ذات االختصاص رغم التفويض كما أن القرارات الصادرة في نطاق التفويض تأخذ

. مرتبة قرارات السلطة المفوضة

: التفويض والحلول

يقتصر بالحلول أن يصبح صاحب االختصاص األصيل عاجزا لسبب من األسباب

محله في عن ممارسة اختصاصه كأن يصاب بعجز دائم أو بمرض أو غيره ، فيحل

. مباشرة كافة اختصاصاته موظف آخر حدده القانون سلفا

وقد يحصل الحلول بان تحل إحدى الجهات اإلدارية محل جهة إدارية أخرى

تقييم المركزية اإلدارية : المطلب الرابع

درج بعض الفقهاء على إبراز مزايا النظام المركزي بينما ذهب البعض نحو إبراز

. يما يلي أهم تلك المزايا والعيوب عيوبه ، ونعرض ف

-:مزايا المركزية اإلدارية : أوال

النظام المركزي يقوي سلطة الدولة ويساعدها في تثبيت نفوذها في كافة أنحاء -1

الدولة ، وال شك أن هذا النظام له ما يبرره في الدول الناشئة حديثا ، والتي تحتاج

. ) ( لتقوية وتدعيم وحدتها

لمركزية أسلوب ضروري إلدارة المرافق العامة القومية التي ال يتعلق نشاطها ا -2

. بفئة معينة أو إقليم معين كمرفق األمن أو الدفاع أو المواصالت

المركزية تؤدي إلى توحيد النظم واإلجراءات المتبعة في كافة أنحاء الدولة -3

إللمام بكافة األوامر كونها تتأتى من مصدر واحد ، مما يمكن الموظفين من ا

. والتعليمات الالزمة لتنفيذ الوظيفة اإلدارية

يؤدي هذا األسلوب إلى التقليل من النفقات والحد في اإلسراف لعدم الحاجة إلى -2

. المجالس والهيئات الالمركزية وخبرة موظفي السلطة المركزية وقلة عددهم

الحكومة المركزية على المرافق تحقيق العدل والمساواة في المجتمع إلشراف -9

. العامة ونظرتها الشمولية البعيدة عن المصالح المحلية

-:عيوب المركزية اإلدارية : ثانيا

يؤدي هذا النظام إلى إشغال اإلدارة المركزية أو الوزراء بمسائل قليلة األهمية -1

. على حساب المهام األكثر أهمية في رسم السياسة العامة لوزاراتهم

المركزية اإلدارية ال تتماشى مع المبادئ الديمقراطية القائلة بضرورة أن تدار -2

الوحدات المحلية من خالل سكان هذه الوحدات عن طريق مجالس منتخبة من بينهم

.

المركزية اإلدارية وبسبب تركز السلطة بيد الوزراء وفئة قليلة من الرؤساء -3

Page 32: الوجيز في القانون الإداري

32

لى قتل روح المثابرة واإلبداع لدى الموظفين واإلداريين في العاصمة تؤدي إ

اآلخرين ألن دورهم ينحصر بتنفيذ األوامر والتعليمات الصادرة من السلطة

. المركزية ، وعدم مشاركتهم فيها

المركزية تؤدي إلى زيادة الروتين والبطء في اتخاذ القرارات اإلدارية المناسبة -2

المركزية بسلطة اتخاذ كافة القرارات في وفي الوقت المناسب ، الستئثار السلطة

الدولة وبعد مصدر القرار في أكثر األوقات عن األماكن المراد تطبيق القرار فيها ،

. وغالبا ما تأتي هذه القرارات غير متالئمة مع طبيعة المشكالت المراد حلها

المبحث الثاني

الالمركزية اإلدارية

يع الوظيفة اإلدارية بين الحكومية المركزية في يقوم هذا النظام على أساس توز

العاصمة وبين أشخاص اإلدارة المحلية في األقاليم ، وتتمتع هذه األشخاص

. بالشخصية المعنوية المستقلة ، مع خضوعها لرقابة الحكومة المركزية

ففي هذا النظام تتمتع السلطة المحلية بقدر من االستقالل في ممارسة اختصاصاتها

حتفظ اإلدارة المركزية بإدارة بعض المرافق العامة القومية وتمنح األشخاص فت

. المعنوية المحلية سلطة إنشاء وإدارة بعض المرافق العامة ذات الطابع المحلي

وعلى ذلك تظهر في هذا النظام إلى جانب الدولة أو اإلدارة المركزية أشخاص

ة الالمركزية أو السلطات اإلدارية معنوية محلية أو مرفقية يطلق عليها باإلدار

. الالمركزية

صور الالمركزية اإلدارية : المطلب األول

الالمركزية المحلية أو اإلقليمية ، " هناك صورتان أساسيتان لالمركزية اإلدارية

" . والالمركزية المصلحية أو المرفقية

: الالمركزية اإلقليمية أو المحلية: أوال

السلطات المركزية إلى جزء من إقليم الدولة جانب من ومعناها أن تمنح

اختصاصاتها في إدارة المرافق والمصالح المحلية مع تمتعها بالشخصية المعنوية

. واالستقالل المالي واإلداري

وتستند هذه الصورة إلى فكرة الديمقراطية التي تقتضي إعطاء سكان الوحدات

فقهم بأنفسهم عن طريق مجالس منتخبة المحلية الحق في مباشرة شؤونهم ومرا

. منهم

: وتقوم الالمركزية اإلقليمية أو المحلية على ثالث عناصر

: مصالح محلية أو إقليمية متميزة -1

يتم منح الشخصية المعنوية للوحدات المحلية العتبارات إقليمية أو محلية ، يجد

وإسناد إدارتها إلى سكان المشرع أن من األفضل أن تباشرها هيئات محلية معينة

والشك أن سكان هذه الوحدات أدرى من غيرهم بواجباتهم . هذه الوحدات أنفسهم

وأقدر على إدارة هذه المرافق وحل مشكالتها ، كما أن هذا األسلوب يمنح اإلدارة

ويتم تحديد اختصاصات الهيئات . المركزية فرصة التفرغ إلدارة المرافق القومية

نون وال يتم االنتقاص منها إال بقانون آخر ، وهي تشمل مرافق متنوعة المحلية بقا

Page 33: الوجيز في القانون الإداري

33

وتتضمن كافة الخدمات التي تقدم لمكان الوحدات المحلية كمرفق الصحة والتعليم

. والكهرباء والماء وغيرها

: أن يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذه المرافق -2

رة هذا النوع من المرافق بأنفسهم وان يجب أن يتولى سكان الوحدات المحلية إدا

يتم ذلك باختيار السلطات المحلية من هؤالء السكان وليس عن طريق الحكومة أو

ويذهب أغلب الفقهاء إلى ضرورة أن يتم اختيار أعضاء ... اإلدارة المركزية

المجالس المحلية عن طريق االنتخابات تأكيدا لمبدأ لديمقراطية وإن كان هذا هو

صل فإنه ليس هناك مانع من مشاركة أعضاء معينين ضمن هذه المجالس لتوفير األ

عناصر ذات خبرة وكفاءة شرط أن تبقى األغلبية للعناصر المنتخبة ،خاصة وإن

االنتخاب يتطلب قدر كبير من الوعي والثقافة مما ال يتوفر غالبا في سكان الوحدات

. المحلية

: استقالل الوحدات المحلية -3

إذا كان من الضروري في هذه األيام أن يكون اختيار أعضاء المجال المحلية عن

طريق سكان هذه الوحدات فإن األكثر أهمية أن تستقل الهيئات الالمركزية في

مباشرة عملها عن السلطة المركزية ، فالمرافق الالمركزية ال تخضع لسلطة رئاسة

م للهيئات المحلية عن السلطات المركزية ، إال أن ذلك ال يعني االستقالل التا.أعلى

فاألمر ال يعدو أن يكون االختالف حول مدى الرقابة التي تمارسها السلطات

المركزية على الهيئات المحلية في النظم الالمركزية إذ البد من تمتع هذه الهيئات

. باستقالل كاف في أدائها لنشاطها

مارسها السلطة المركزية على الهيئات وقد أطلق الفقهاء على الرقابة التي ت

. la tutelle administrativeالالمركزية الوصاية اإلدارية

: الالمركزية المرفقية: ثانيا

يجد المشرع في أحيان كثيرة أنه من الضروري أن يمنح بعض المشاريع والمرافق

المركزية مع والمصالح العامة الشخصية المعنوية وقدر من االستقالل عن اإلدارية

خضوعها إلشرافها ، كمرفق البريد والتلفون والكهرباء واإلذاعة والجماعات ،

. لتسهيل ممارستها لنشاطاتها بعيدا عن التعقيدات اإلدارية

وتمارس الالمركزية المرفقية نشاطا واحدا أو أنشطة متجانسة كما هو الحال في

زية المحلية التي تدير العديد من الهيئات والمؤسسات العامة على عكس الالمرك

. ) ( المرافق أو األنشطة غير المتجانسة

وال يستند هذا األسلوب على فكرة الديمقراطية إنما هي فكرة فنية تتصل بكفاءة

إدارة المرفق وعلى ذلك ليس من حاجة لألخذ بأسلوب االنتخابات في اختيار

. ة رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة هذه الهيئات العام

هذا ويحرص المشروع دائما تكون ممارسة هذه المؤسسات لنشاطها ضمن الحدود

واالختصاصات التي أجازها وال يمكن مباشرة نشاط آخر أو التوسيع من

. اختصاصاتها

التمييز بين الوصاية اإلدارية والسلطة الرئاسية :المطلب الثاني

السلطات المركزية على الهيئات أطلق جانب من الفقه على الرقابة التي تمارسها

Page 34: الوجيز في القانون الإداري

34

إال إن هذا المصطلح منتقد عند جانب آخر ) ( الالمركزية مصطلح الوصايا اإلدارية

le controlمن الفقهاء ويرون أن يستبدل بمصطلح الرقابة اإلدارية

administrative وذلك لوجود اختالف بين المراد بالوصاية في القانون الخاص

دارية في القانون العام ، فاألولى تتعلق بحماية األفراد ناقصي ، وبين الوصاية اإل

األهلية أما الوصايا اإلدارية فتترتب على الهيئات المحلية، وهذه الهيئات تتمتع

. بأهلية كاملة بصفتها شخصية معنوية معتبرة

ونرى إزاء هذا االختالف البين أن مصطلح الرقابة اإلدارية هو األجدر على وصف

. قة بين السلطة المركزية والهيئات المحلية العال

والرقابة اإلدارية في النظام الالمركزي تختلف عن السلطة الرئاسية التي تعتبر أحد

فالسلطة الرئاسية كما سبقت اإلشارة عالقة التبعية , عناصر المركزية اإلدارية

فإن الموظفين أما في النظام الالمركزي . والتدرج الرئاسي بين الموظف ورئيسه

في الدوائر والهيئات المحلية ال يدينون بالطاعة ألوامر السلطة المركزية على

خالف األمر في السلطة الرئاسية ، ألن هذه الهيئات تتمتع بشخصية معنوية تجعلها

بمنأى عن الخضوع التام لتوجيهات السلطة المركزية ، ولكنها ال تتخلى عن الرقابة

. ا على أعمال الهيئات المحلية الالحقة التي تمارسه

وال يمكن اعتبار هذا االستقالل منحه من الهيئات المركزية بل هو استقالل مصدره

ويقود هذا االستقالل إلى أعضاء الرئيس الذي يملك ) ( القانون أو الدستور

الوصايا من المسؤولية المترتبة من جراء تنفيذ المرؤوس لتوجيهاته إال المرؤوس

. ) ( اته غال في األحوال التي يحددها القانونلتوجيه

عن السلطة الرئاسية في أنه ال يجوز للسلطة ( الوصاية اإلدارية ) كما تختلف

المركزية تعديل القرارات التي تصدرها الهيئات المحلية وكل ما تملكه توافق عليها

. ) ( بحالتها أو ترفضها

على المرافق الالمركزية بالتعرض فإن حاولت السلطة المركزية فرض رئاستها

لقراراتها بالتعديل أو إلغائها في غير الحدود القانونية كان لهذه األخيرة االعتراض

. على ذلك

إن من المسلم به فقها " وفي ذلك ورد في حكم لمحكمة القضاء اإلداري المصري

ي إال وصاية وقضاء إن عالقة الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية إن ه

إدارية وليست سلطة رئاسية ، وبناء على ذلك فإن األصل إن وزير الشؤون البلدية

والقروية ال يملك بالنسبة لقرارات هذا المجلس سوى التصديق عليها كما هي ، أو

".) ( عدم التصديق عليها كما هي ، دون أن يكون له حق تعديل هذه القرارات

ملك الحلول محل الوحدات المحلية عندما تهمل األخيرة وأخيرا فإن سلطة الوصايا ت

في ممارسة اختصاصاتها أو تخل بالتزاماتها فترفض اتخاذ إجراء معين كان

الواجب عليها طبقا للقوانين واللوائح ، حتى ال يتعطل سير المرافق العمامة تحرير

وذلك باسم السلطة المركزية محل الوحدات الالمركزية لتتخذ اإلجراء المطلوب

. الوحدات الالمركزية ولحسابها

ولخطورة هذه السلطة وحتى ال تتعسف السلطة المركزية في ممارسة حق الحلول ،

درج القضاء على القول بضرورة وجود نص قانوني صريح يلزم الوحدة

Page 35: الوجيز في القانون الإداري

35

الالمركزية بالقيام بالعمل أو بإجراء التصرف وامتناعها عن ذلك ، وقيام السلطة

توجيه إنذار مكتوب إلى الوحدة الالمركزية الممتنعة تدعوها إلى وجوب الوصايا ب

) ( القيام بالعمل أو اإلجراء الذي يفرضه القانون

تقييم الالمركزية اإلدارية :المطلب الرابع

نظام الالمركزية اإلدارية له الكثير من المزايا إال أن من الفقهاء من أبرز له بعض

: هذه الدراسة العيوب وهو ما نبينه في

: مزايا الالمركزية اإلدارية : أوال

ألنه يهدف إلى اشتراك الشعب في اتخاذ : يؤكد المبادئ الديمقراطية في اإلدارة -1

. القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية

إذ أن توزيع الوظيفة اإلدارية بين اإلدارة . يخفف العبء عن اإلدارة المركزية -2

والهيئات المحلية أو المرفقية يتيح لإلدارة المركزية التفرغ ألداء المهام المركزية

. األكثر أهمية في رسم السياسة العامة وإدارة المرافق القومية

سيما وأن . النظام الالمركزي أقدر على مواجهة األزمات والخروج منها -3

واألزمات المحلية الموظفين في األقاليم أكثر خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف

كالثورات واختالل األمن ، لما تعودوا عليه وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم

. تعليمات السلطة المركزية التي غالبا ما تأتي متأخرة

تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء -2

حظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية الدولة ، على عكس المركزية اإلدارية حيث ت

. أكبر على حساب المدن واألقاليم األخرى

تقدم الالمركزية اإلدارية حال لكثير من المشاكل اإلدارية والبطء والروتين -9

والتأخر في اتخاذ القرارات اإلدارية وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات المصالح

. المحلية وأقدر على رعايتها

-:عيوب الالمركزية اإلدارية : نيا ثا

يؤدي هذا النظام إلى المساس بوحدة الدولة من خالل توزيع الوظيفة اإلدارية -1

. بين الوزارات والهيئات المحلية

قد ينشأ صراع بين الهيئات الالمركزية والسلطة المركزية لتمتع االثنين -2

ا ما تقدم المصالح المحلية على بالشخصية المعنوية وألن الهيئات المحلية غالب

. المصلحة العامة

غالبا ما تكون الهيئات الالمركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن -3

. ثم فهي أكثر إسرافا في اإلنفاق بالمقارنة مع اإلدارة المركزية

ق وال شك أن هذه االنتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن عالجها عن طري

الرقابة أو الوصايا اإلدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات

الالمركزية والتي تضمن وحدة الدولة وترسم الحدود التي ال تتجاوزها تلك الهيئات

.

وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات الالمركزية من خالل التدريب

فرص اإلسراف في النفقات واألضرار ومعاونة الحكومة المركزية مما يقلل من

. بخزينة الدولة

Page 36: الوجيز في القانون الإداري

36

ويؤكد ذلك أن اغلب الدول تتجه اليوم نحو األخذ بأسلوب الالمركزية اإلدارية على

. اعتبار أنه األسلوب األمثل للتنظيم اإلداري

الباب الثاني

نشاط اإلدارة العامة

د باالهتمام رجال الدولة حضيت مشكلة تحديد نشاط اإلدارة العامة ونشاط األفرا

والمفكرين منذ نشأت الدولة وحتى الوقت الحاضر ، وقد اختلفت غلبة أحد

. النشاطين على األخر تبعا لألفكار السياسية السائدة في المجتمع

ولعل التطور االقتصادي واالجتماعي والسياسي وازدياد تدخل الدولة في هذه

وضع الوسائل المناسبة إلدارة الدولة في هذه المجاالت المختلفة قاد بالضرورة إلى

المجاالت المختلفة قاد بالضرورة إلى وضع الوسائل المناسبة إلدارة الدولة

. ونشاطها ، وفقا للفلسفة السياسية التي تؤمن بها األنظمة السياسية

وقد برز دور الدولة من خالل وظيفتين أساسيتين تقوم بهما اإلدارة األولى منها

ية تتمثل بالضبط اإلداري والذي يقوم على مراقبة وتنظيم نشاط األفراد حفاظا سلب

أما الوظيفة الثانية فهي وظيفة إيجابية تتمثل بإدارة المرافق . على النظام العام

. العامة والوفاء بحاجات األفراد وإشباع رغباتهم

. وسنبين في هذا الباب هاتين الوظيفتين في فصلين متتاليين

. الضبط اإلداري : فصل األولال

. المرفق العام : الفصل الثاني

الفصل األول

الضبط اإلداري

نتناول في هذا القسم في الدراسة الجوانب المختلفة للضبط اإلداري ، فنعرض

وذلك في ثالثة ) ( لماهيته وأغراضه ووسائل وحدود سلطات الضبط اإلداري ،

-:مباحث كما يلي

ماهيته الضبط اإلداري : ول المبحث األ

أغراض ووسائل الضبط اإلداري : المبحث الثاني

حدود سلطات الضبط اإلداري : المبحث الثالث

المبحث األول

ماهية الضبط اإلداري

لبيان ماهية الضبط اإلداري نعرض أوال لتعريفه وتمييزه عما يشتبه به وأخيرا نبين

. أنواعه

Page 37: الوجيز في القانون الإداري

37

. بالضبط اإلداري التعريف: المطلب األول

يقصد بالضبط اإلداري بمعناه العام مجموعة اإلجراءات واألوامر والقرارات التي

–األمن " تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلوالته الثالثة

" . السكينة –الصحة

محددا ويالحظ أن المشرع سواء في فرنسا أو مصر أو في العراق ، لم يضع تعريفا

. للضبط اإلداري ، وإنما اكتفى بتحديد أغراضه ، وترك تعريفه للفقه والقضاء

مظهر من : " الضبط اإلداري بأنه De laubadereوفى هذا المجال يعرف

( 1. )مظاهر عمل اإلدارة يتمثل في تنظيم حريات األفراد حماية للنظام العام

وظيفة " طعيمة الجرف إلى تعريفه بأنه بينما يتجه الفقهاء العرب ومنهم الدكتور

من أهم وظائف اإلدارة تتمثل أصال في المحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة

األمن العام والصحة العامة والسكنية العامة عن طريق إصدار القرارات الالئحية

ات والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يتبع ذلك من فرض قيود على الحري

بينما يعرفه الدكتور صبيح بشير " ) ( الفردية تستلزمها الحياة االجتماعية

مظهر من مظاهر نشاط اإلدارة العامة يراد به ممارسة هيئات " مسكوني بأنه

".) إدارية معينة اختصاصات فرض قيود على حريات األفراد وحماية للنظام العام

)

وقائي تتولى فيه اإلدارة حماية المجتمع من وأيا كان األمر فان الضبط اإلداري نظام

كل ما يمكن أن يخل بأمنه وسالمته وصحة أفراده وسكينتهم ، ويتعلق بتقييد

وبهذا المعنى يتميز . حريات وحقوق األفراد بهدف حماية النظام العام في الدولة

. الضبط اإلداري عن الضبط التشريعي والضبط القضائي

والضبط التشريعي الضبط اإلداري: أوال

يلجأ المشرع في كثير من األحيان إلى إصدار القوانين التي تقيد حريات األفراد

وحقوقهم حفاظا على النظام العام ، وفى ممارسته لهذا االختصاص إنما يستند

الختصاصه التشريعي ، الذي يجد مصدره في الدستور والمبادئ العامة للقانون،

تميزا له عن " بالضبط التشريعي" ة في هذا الشأن وتسمى التشريعات الصادر

الضبط اإلداري الذي يصدر من جانب اإلدارة في شكل قرارات تنظيميه أو فردية

. يترتب عليها تقييد حريات األفراد

مع ضرورة اإليضاح بان سلطة الضبط اإلداري يجب أن تتم في إطار القوانين

ال يمنعها من اتخاذ إجراءات مستقلة تتضمن والتشريعات وتنفيذا لها ، غير أن ذلك

.) ( قيودا على الحريات الفردية بواسطة ما تصدره من لوائح الضبط

. الضبط اإلداري والضبط القضائي: ثانيا

يقصد بالضبط القضائي ، اإلجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن

دا للقبض عليه، وجمع األدلة الجرائم بعد وقوعها ، والبحث عن مرتكبها تمهي

. الالزمة للتحقيق معه ومحاكمته وانزال العقوبة به

ومن ثم فان الضبط القضائي يتفق مع الضبط اإلداري في انهما يستهدفان المحافظة

على النظام العام ، إال انهما يختلفان من حيث السلطة المختصة بإجرائه والغرض

. منه وطبيعته

Page 38: الوجيز في القانون الإداري

38

بينما تتولى السلطة . لطة التنفيذية وظيفة الضبط اإلداري فمن جهة تتولى الس

. القضائية ممثلة بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة وممثليها وظيفة الضبط القضائي

ومن حيث الغرض فان مهمة الضبط اإلداري وقائية تسبق اإلخالل بالنظام العام

الجية والحقة وتمنع وقوع االضطراب فيه، في حين مهمة الضبط القضائي ع

لوقوع اإلخالل بالنظام العام وتهدف إلى ضبط الجرائم بعد وقوعها والبحث عن

. مرتكبيها وجمع األدلة الالزمة إلجراء التحقيق والمحاكمة وإنزال العقوبة

وأخيرا يتميز الضبط اإلداري في طبيعة إجراءاته التي تصدر في شكل قرارات

ضاء اإلداري إلغاء وتعويضا ، أما الضبط تنظيميه أو فردية تخضع لرقابة الق

, القضائي فانه يصدر في شكل قرارات قضائية ال تخضع لرقابة القضاء اإلداري

.) ( وخضوعها لسلطات القضاء العادي محل نظر

. أنواع الضبط اإلداري: المطلب الثاني

الضبط و -الضبط اإلداري العام: يطلق مصطلح الضبط اإلداري ويقصد به معنيان

. اإلداري الخاص

يقصد بالضبط اإلداري العام المحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن

وحماية جميع األفراد في المجتمع من خطر انتهاكاته . والصحة والسكنية العامة

. واإلخالل به

نة أما الضبط اإلداري الخاص فيقصد به حماية النظام العام من زاوية أو ناحية معي

من نشاط األفراد من ذلك القرارات الصادرة بتنظيم نشاط صيد بعض الحيوانات

النادرة ، وتنظيم عمل في بعض المحالت العامة المضرة بالصحة أو المقلقة

أو في مكان أو أماكن محددة، حيث يعهد بتولي سلطة الضبط في هذه . للراحة

طة اآلثار بمهمة المحافظة على األماكن إلى سلطة إدارية معينة ، كان يعهد إلى شر

. النظام العام في األماكن األثرية

ويالحظ أن الضبط اإلداري الخاص قد يستهدف أغراضا أخرى بخالف أغراض

الضبط اإلداري العام التقليدية ، إذ يملك أن يفرض القيود التي يراها لتحقيق أهداف

على األفراد لحماية اآلثار أو أغراض أخرى خالف النظام العام كالقيود التي تفرض

. أو تنظيم السياحة وتجميل المدن

ومن ثم فان الضبط اإلداري الخاص أضيق حدودا من نطاق الضبط اإلداري العام

إال أن ذلك ال يعنى محدودية تأثيره في . لتقيده بمكان أو نشاط أو أغراض معينه

ض الدولة ينحو إلى استبعاد المجاالت التي يتوالها ، بل أن االتجاه التشريعي في بع

نظام الضبط اإلداري العام وانفراد هيئات الضبط اإلداري الخاص في تنظيم نشاطات

مثلما هو الحال في الضبط الخاص بشؤون السكك الحديدية والمنشات . معينة

. ) ( الخطيرة والمقلقة للراحة والصحة في فرنسا

المبحث الثاني

أغراض ووسائل الضبط اإلداري

نتناول فيما يلي أغراض الضبط اإلداري ثم نبين الوسائل أو األساليب التي يستعين

. بها لتحقيق هذه األغراض

Page 39: الوجيز في القانون الإداري

39

أغراض الضبط اإلداري : المطلب األول

بينا أن الهدف من الضبط اإلداري هو حماية النظام العام ومنع انتهاكه واإلخالل به

وجدت ذلك ضروريا ولو لم ينص وتمارس اإلدارة سلطة الضبط اإلداري متى.

. القانون على إجراء معين لمواجهه هذا االنتهاك أو اإلخالل

والنظام العام فكرة مرنة تختلف باختالف الزمان والمكان فيما يعتبر مخالفا للنظام

كما : العام في زمان أو مكان معينين قد ال يعد كذلك في زمان أو مكان آخرين

. سفة السياسية واالقتصادية واالجتماعية السائدة في الدولة يختلف باختالف الفل

لذلك يجمع الفقه على ضرورة ربط فكرة النظام العام بالمصلحة العامة العليا

. المجتمع في كل دولة على حده

غير أن معظم الفقهاء يتفقون على أن النظام العام يهدف إلى تحقيق ثالثة أغراض

. لصحة العامة والسكنية العامة األمن العام وا: رئيسية هي

األمن العام : أوال

يقصد باألمن العام تحقيق كل ما من شأنه اطمئنان اإلنسان على نفسه وماله من

خطر االعتداءات واالنتهاكات واتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع وقوع الكوارث

، واالنتهاكات الطبيعية كالكوارث واألخطار العامة كالحرائق والفيضانات والسيول

التي قد تسبب بها اإلنسان كجرائم القتل والسرقة والمظاهرات وأحداث الشغب

. وحوادث المرور

. الصحة العامة: ثانيا

ويقصد بها حماية صحة األفراد من كل ما من شانه أن يضر بها من أمراض أو

اإلجراءات التي أوبئة إذ تعمد اإلدارة إلى تطعيم األفراد من األمراض المعدية وتتخذ

. تمنع انتشارها

كما تشرف على توفير المياه الصالحة للشرب وتراقب صالحية األغذية لالستهالك

. البشرى ومدى تقيد المحال العامة بالشروط الصحية

والشك أن وظيفة الدولة في مجال الصحة العامة قد توسعت إلى حد كبير بفعل

مواد الكيماوية في الصناعة وتأثير ذلك على انتشار التلوث وكثرة االعتماد على ال

. صحة األفراد

. السكنية العامة: ثالثا

ويقصد بها توفير الهدوء في الطرق واألماكن العامة ومنع كل ما من شأنه أن يقلق

راحة األفراد أو يزعجهم كاألصوات والضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت

ومن الجدير بالذكر أن . منبهات المركباتوالباعة المتجولين ومحالت التسجيل و

وأمكن . مفهوم النظام العام قد اتسع ليشمل النظام العام األدبي واألخالق العامة

بالتالي استعمال سلطة الضبط اإلداري للمحافظة على اآلداب واألخالق العامة،

ع عرض وفى هذه االتجاه تملك اإلدارة من. فتجاوز بذلك العناصر الثالثة السابقة

وكذلك حماية المظهر العام للمدن وحماية الفن . المطبوعات المخلة باآلداب العامة

. والثقافة

وفى ذلك ال يجوز تقديم العروض المسرحية أو التمثيلية أو الموسيقية أو الراقصة

أو الغنائية في المالهي أو المحال العامة إال بعد الترخيص بها من الجهة المختصة

Page 40: الوجيز في القانون الإداري

40

اخلية والحكم المحلى وال يجوز الترخيص بالعروض الخليعة أو الفاضحة بوزارة الد

. أو المخلة بالحياء أو التي يقصد بها اإلثارة الجنسية أو التي تنطوي على ذلك

. وسائل الضبط اإلداري: المطلب الثاني

في سبيل تحقيق أهداف الضبط اإلداري البد لإلدارة أن تستخدم وسائل أو أساليب

. وهى لوائح الضبط وأوامر الضبط الفرية وأخيرا التنفيذ الجبريمعينة

. لوائح الضبط اإلداري: أوال

تتضمن لوائح الضبط اإلداري قواعد عامة مجردة تهدف إلى المحافظة على النظام

العام بعناصره الثالثة ، وتتضمن تقييد حريات األفراد ، لذلك نشأ خالف شديد حول

اعتبار أن تقييد الحريات ال يجوز إال بقانون ووظيفة مدى مشروعيتها ، على

. اإلدارة تنحصر بوضع هذه القوانين موضوع التنفيذ

غير أن االتجاه السليم في القضاء و الفقه يعترف لإلدارة بتنفيذ هذه القوانين

إلى " سامي جمال الدين " وتحميلها، وقد تقضى هذه التكملة كما يذهب الدكتور

حريات ، كما قد تقتصر مهمة هذا الضبط اإلداري على تطبيق النظم تقييد بعض ال

.) ( العامة الضبطية التي نصت عليها القوانين

ومن ثم تعد لوائح الضبط أهم أساليب الضبط اإلداري وأقدرها في حماية النظام

العام، ومنها لوائح تنظيم المرور وتنظيم العمل في المحال العامة ، وتتخذ عدة

. في تقييدها النشاط األفراد منها الحظر ، واآلذن المسبق واألخطار والتنظيممظاهر

. الحظر -1

يقصد بالحظر أن تتضمن لوائح الضبط منع مزاولة نشاط معين منعا كامال أو

. جزئيا

واألصل أن ال يتم الحظر المطلق لنشاط ما الن ذلك يعنى انتهاك للحرية ومصادرة

القضاء استثناء الحظر الكامل للنشاط عندما يشكل إخالال ولكن أجاز. للنشاط

. بالنظام العام كمنع إنشاء مساكن للبغاء أو للعب الميسر

. اإلذن المسبق -2

قد تظهر لوائح الضبط في ضرورة الحصول على إذن مسبق من جهة اإلدارة قبل

الحصول على مزاولة النشاط ، ومن الضروري أن يشترط القانون المنظم للحرية

هذا اإلذن ، إذا أن القانون وحدة الذي يملك تقييد النشاط الفردي بإذن سابق وعكس

. هذا يسمح بالتمييز بين األفراد

. األخطار عن النشاط -3

ويحصل بان تشترط الالئحة ضرورة أخطار السلطة المختصة بمزاولة نشاط معين

مثال ذلك . ماية النظام العام حتى تتمكن من اتخاذ ما يلزم من إجراءات تكفل ح

ففي هذه الحالة ال يكون االجتماع محظورا وليس . األخطار عن تنظيم اجتماع عام

. من الضروري الحصول على إذن مسبق

. تنظيم النشاط -2

قد ال تتضمن لوائح الضبط على حظر نشاط معين أو اشتراط الحصول على أذن

تفي بتنظيم النشاط الفردي وكيفية ممارسته ، وإنما قد تك. مسبق أو األخطار عنه

. كما لو تم تحديد سرعة المركبات في الطرق العامة أو تحديد أماكن وقوفها

Page 41: الوجيز في القانون الإداري

41

. أوامر الضبط اإلداري الفردية: ثانيا

قد تلجأ سلطات الضبط إلى إصدار قرارات إدارية أو أوامر فردية لتطبق على فرد

من هذه القرارات أوامر بالقيام بأعمال معينه أو وقد تتض. أو أفراد معينين بذواتهم

مثال ذلك األوامر الصادرة بمنع عقد اجتماع . نواهي باالمتناع عن أعمال أخرى

عام أو األمر الصادر بهدم منزل آيل للسقوط أو القرار الصادر بمصادرة كتاب أو

. صحيفة معينة

. واللوائح فتكون تنفيذا لها واألصل انه يجب أن تستند هذه القرارات إلى القوانين

إال انه استثناء من ذلك قد تصدر القرارات اإلدارية دون أن تكون مستندة إلى قانون

فالالئحة أو التشريع ال يمكن أن ينصا على جميع . أو الئحة تنظيميه عامة

كما أن مفهوم النظام العام متغير ، فإذا ظهر . التوقعات أو التنبؤات التي قد تحث

ديدا أو إخالل لم يكن التشريع أو الالئحة قد توقعاه فان طلب أن يكون القرار ته

.) ( الفردي مستندا إلى قاعدة تنظيميه يؤدى إلى تجريد سلطة الضبط من فاعليتها

. التنفيذ الجبري: ثالثا

قد تستخدم اإلدارة القوة المادية إلجبار األفراد على تنفيذ القوانين واللوائح

وتعد هذه الوسيلة اكثر وسائل . ارات اإلدارية لمنع اإلخالل بالنظام العام والقر

الضبط شدة وعنفا باعتبارها تستخدم القوة الجبرية وال يخفى ما لذلك من خطورة

. على حقوق األفراد وحرياتهم

ويعد التنفيذ الجبري لقرارات الضبط اإلداري أحد تطبيقات نظرية التنفيذ المباشر

ت اإلدارية ، واستنادا لذلك ال يتم الحصول على أذن سابق من السلطات للقرارا

. إال انه يجب أن تتوافر فيه ذات شروط التنفيذ المباشر. القضائية لتنفيذه

ومن الحاالت التي يمكن فيها اللجوء إلى التنفيذ الجبري أن يبيح القانون أو اللوائح

يذ القوانين واللوائح وال يوجد أسلوب استعمال هذا الحق ، أو يرفض األفراد تنف

أخر لحمل األفراد على احترام القوانين واللوائح غير التنفيذ الجبري ، كما يتم اللجؤ

.) ( إلى هذا األسلوب في حالة الضرورة

ويشترط في جميع الحاالت أن يكون استخدام القوة المادية متناسبا مع جسامة

. له النظام العام الخطر الذي من الممكن أن يتعرض

ويجب التنويه أخيرا بان استخدام القوة المادية ال يعنى حتما مجازاة األفراد عن

وإنما يقصد بالقوة المادية تلك القوة المستخدمة لمنع . أفعال جرمية ارتكبوها

.) ( وقوع أي إخالل بالنظام العام بعناصره الثالثة

المبحث الثالث

. ريحدود سلطات الضبط اإلدا

من الضروري وضع حدود الختصاصات اإلدارة في ممارستها لسلطات الضبط

اإلداري يتم من خاللها الموازنة بين تحقيق متطلبات النظام العام وضمان حقوق

وحريات األفراد، وقد درجت أحكام القضاء اإلداري على منح اإلدارة حرية واسعة

خضعتها في ذلك لرقابة القضاء في ممارسة سلطات الضبط اإلداري ، غير أنها أ

. اإلداري من نواح عدة

وفى هذا المجال نبين حدود سلطات الضبط اإلداري في األوقات العادية ثم نعرض

Page 42: الوجيز في القانون الإداري

42

. لحدود هذه السلطة في الظروف االستثنائية

. حدود سلطات الضبط اإلداري في الظروف العادية: المطلب األول

ف العادية لمبدأ المشروعية الذي يستدعى تخضع سلطة الضبط اإلداري في الظرو

أن تكون اإلدارة خاضعة في جميع تصرفاتها للقانون ، وإال كانت تصرفاتها وما

وتتمثل رقابة القضاء على سلطات اإلدارة . تتخذه من قرارات باطال وغير مشروعا

: في هذه الظروف فيما يلي

. أهداف الضبط اإلداري: أوال

ارة بالهدف الذي من اجله قرر المشرع منح هيئات الضبط هذه يجب أن تتقيد اإلد

السلطات ، فليس لإلدارة تخطى هذا الهدف سواء كان عاما أم خاصا ، فإذا

أوسعت إلى . استخدمت سلطتها في تحقيق أغراض بعيدة عن حماية النظام العام

فان تحقيق مصلح عامة لكي ال تدخل ضمن أغراض الضبط التي قصدها المشرع

. ذلك يعد انحرافا بالسلطة ويخضع قرار اإلدارة لرقابة القضاء المختص

. أسباب الضبط اإلداري: ثانيا

يقصد بسب الضبط اإلداري الظروف الخارجية التي دفعت اإلدارة إلى التدخل

وإصدار قرارها، وال يعد تدخل اإلدارة مشروعا إال إذا كان مبنيا على أسباب

ن شأنها أن تخل بالنظام العام بعناصره الثالثة األمن العام صحيحة وجدية م

. والصحة العامة والسكنية العامة

. وسائل الضبط اإلداري: ثالثا

يجب أن تكون الوسائل التي استخدمتها سلطات وهيئات الضبط اإلداري مشروعة ،

وسائل وفى القيود التي استقر القضاء على ضرورة اتباعها واستخدام اإلدارة ل

الضبط اإلداري ال يجوز أن يترتب على استعمال هذه الوسائل تعطيل التحريات

العامة بشكل مطلق الن ذلك يعد إلغاء لهذه الحريات ، والحفاظ على النظام العام ال

ومن ثم يجب أن يكون الحظر نسبيا ، . يلتزم غالبا هذا اإللغاء وإنما يكتف بتقيدها

. زمان أو مكان معينينإي إن يكون قاصرا على

وعلى ذلك تكون القرارات اإلدارية التي تصدرها سلطة الضبط اإلداري بمنع

. ) ( ممارسة نشاط عام منعا عاما ومطلقا غير مشروعة

. مالئمة قرارات الضبط اإلداري: رابعا

سباب ال يكفى أن يكون قرار الضبط اإلداري جائزا قانونا أو انه قد صدر بناء على أ

جدية ، إنما تتسع رقابة القضاء لبحث مدى اختيار اإلدارة الوسيلة المالئمة للتدخل

، فيجب أن ال تلجأ إلى استخدام وسائل قاسية أو ال تتالئم مع خطورة الظروف التي

. صدر فيها

ومن الضروري أن نبين أن سلطة القضاء في الرقابة على المالئمة هي استثناء

مة في الرقابة على أعمال اإلدارة فاألصل هو استقالل اإلدارة في على القاعدة العا

تقدير مالئمة قراراتها ، لكن بالنظر لخطورة قرارات الضبط على الحقوق والحريات

. ) ( فان القضاء يبسط رقابته على المالئمة

وفى هذا المجال ال يجوز مثال لرجال األمن أن يستخدموا إطالق النار لتفريق

ه في الوقت الذي كان استخدام الغاز المسيل للدموع أو خراطيم المياه كافيا تظاهر

Page 43: الوجيز في القانون الإداري

43

. لتحقيق هذا الغرض

. حدود سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية: المطلب الثاني

قد تطرأ ظروف استثنائية تهدد سالمة الدولة كالحروب والكوارث الطبيعية ،

نظام العام باستخدام القواعد واإلجراءات وتجعلها عاجزة عن توفير وحماية ال

وفى هذه الحالة البد أن تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه . السابق بيانها

الظروف من خالل تمكينها من اتخاذ إجراءات سريعة وحازمة لمواجهة الظرف

. االستثنائي

يجعل اإلدارة على أن الظرف االستثنائي أيا كانت صورته حربا أو كوارث طبيعية ال

في منأى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فال يعدو أن يكون األمر توسعا لقواعد

المشروعية ، فاإلدارة تبقى مسؤولة في ظل الظروف االستثنائية على أساس الخطأ

الذي وقع منها، غير أن الخطأ في حالة الظروف االستثنائية يقاس يميزان آخر غير

. لخطأ في الظروف العاديةأن ذلك الذي يقاس به ا

. التنظيم القانوني لسلطة الضبط في الظروف االستثنائية: أوال

وحيث أن نظام الظروف االستثنائية من شأنه المساس المباشر بحقوق وحريات

األفراد التي يكفلها الدستور ، فالبد أن يتدخل المشرع لتحديد ما إذا كان الظرف

األول أن تصدر قوانين تنظيم سلطات : باتباع أسلوبين ويتم ذلك, استثنائيا أو ال

اإلدارة في الظروف االستثنائية بعد وقوعها ، ويتسم هذا األسلوب بحماية حقوق

األفراد وحرياتهم ألنه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء إلى سلطات الظروف

من الظروف االستثنائية إال بعد موافقة السلطة التشريعية ، ويعيبه أن هناك

االستثنائية ما يقع بشكل مفاجئ ال يحتمل استصدار تلك التشريعات باإلجراءات

بينما يتمخض األسلوب الثاني عن وجود قوانين منظمة سلفا , ) ( الطويلة المعتادة

لمعالجة الظروف االستثنائية قبل قيامها ويرخص الدستور للسلطة التنفيذية بإعالن

. ية والعمل بمقتضى هذه القوانين حالة الظروف االستثنائ

وال يخضى ما لهذا األسلوب من عيوب تتمثل في احتمال إساءة اإلدارة سلطتها في

إعالن حالة الظروف االستثنائية في غير أوقاتها لالستفادة مما يمنحه لها المشرع

. من صالحيات في تقييد حريات األفراد وحقوقهم

ب األخير إذا منحت المادة السادسة عشرة من وقد اخذ المشرع الفرنسي باألسلو

رئيس الجمهورية الفرنسية 1197دستور الجمهورية الخامسة الصادر عام

. سلطات واسعة من اجل مواجهه الظروف االستثنائية

الفصل الثاني

المرفق العام

يعد المرفق العام المظهر اإليجابي لنشاط اإلدارة وتتواله اإلدارة بنفسها أو

وتعد فكرة . وتسعى من خالله إلى إشباع الحاجات العامة , االشتراك مع األفراد ب

المرافق العامة من أهم موضوعات القانون اإلداري وترد إليها معظم النظريات

والمبادئ التي ابتدعها القضاء اإلداري كالعقود اإلدارية واألموال العامة والوظيفة

Page 44: الوجيز في القانون الإداري

44

. العامة

لدراسة مفهوم المرفق العام والمبادئ التي تحكم المرافق ونبين في هذا الجزء من ا

: العامة وأخيرا طرق إدارة المرافق العامة وذلك في ثالثة مباحث على النحو التالي

. مـاهيــة المــرفــق العام : المبحث األول

. المبادئ التي تحكم المرافق العامة : المبحث الثاني

. المـرافـق العامة طـرق إدارة : المبحث الثالث

الفصل األول

ماهية المرفق العام

البحث في ماهية المرفق العام يستدعي منا أن نبين تعريفه وعناصره ، ثم

. نستعرض أنواع المرافق العامة ونوضح أخيرا إنشاء وإلغاء هذه المرافق

تعريف وعناصر المرفق العام : المطلب األول

فق العام، ولعل صعوبة تعريفه تعود إلى أن عبارة ليس من السهل تعريف المر

. ) ( المرفق العام مبهمة ولها معنى عضوي و أخر موضوعي

المعنى العضوي ويفيد المنظمة التي تعمل على أداء الخدمات وإشباع الحاجات

أما المعنى الموضوعي . العامة، ويتعلق هذا التعريف باإلدارة أو الجهاز اإلداري

شاط الصادر عن اإلدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم فيتعلق بالن

. وإشراف ورقابة الدولة

وعلى ذلك يمكن القول بأن المرفق العام هو في حالة السكون المنظمة التي تقوم

بنشاط معين ، أما في حالة الحركة فهو النشاط الذي يهدف إلى إشباع حاجات عامة

. تؤديهبغض النظر عن الجهة التي

وقد تراوح التعريف بين هذين المعنيين فقد أكد بعض الفقهاء على العنصر

العضوي للمرفق العام، بينما تناوله البعض األخر من الناحية الوظيفية أو

وبعد أن كان القضاء اإلداري في فرنسا ومصر يتبنى المعنى , الموضوعية

ستقر فيما بعد على المعنى العضوي، تطورت أحكامه للجميع بين المعنيين، ثم ا

الموضوعي فعرف المرفق العام بأنه النشاط الذي تتواله الدولة أو األشخاص

العامة األخرى، مباشرة أو تعهد به ألخرين كاألفراد أو األشخاص المعنوية

الخاصة، ولكن تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك إلشباع حاجات ذات نفع

.) ( م عام تحقيقا للصالح العا

المرفق العام بمعناه الوظيفي بأنه نشاط يهدف " رفيرو"وفي ذلك يعرف األستاذ

.) ( إلى تحقيق الصالح العام

نشاط تتواله اإلدارة بنفسها أو يتواله فرد " ويعرفه الدكتور طعيمة الجرف بأنه

" . ) ( عادي تحت توجيهها ورقابتها وإشرافها بقصد إشباع حاجة عامة للجمهور

وفي الحقيقة يمكن الجمع بين المعنى العضوي والوظيفي للوصول إلى تعريف سليم

للمرفق العام لوجود التقاء بين المعنيين ، عندما تسعى الهيئات العامة التابعة

Page 45: الوجيز في القانون الإداري

45

لشخص من أشخاص القانون العام إلى تحقيق النفع العام وإشباع حاجات األفراد،

. داريةوهذا يحصل دائما في المرافق العامة اإل

غير أن تطور الحياة اإلدارية، والتغيرات الكبيرة التي طرأت في القواعد التي تقوم

عليها فكرة المرافق العامة أدى إلى ظهور المرافق العامة االقتصادية أو التجارية

التي يمكن أن تدار بواسطة األفراد أو المشروعات الخاصة مما قاد إلى انفصال

وضوعي وأصبح من حق اإلدارة أن تنظم نشاط معين في العنصر العضوي عن الم

صورة مرفق عام وتعهد به إلى األفراد فيتوافر فيه العنصر الموضوعي دون

. العضوي

وقد اعترف مجلس الدولة في فرنسا للمرافق االقتصادية والتجارية بصفة المرفق

لعام التي العام، بل أطلق هذه الصفة على بعض المشروعات الخاصة ذات النفع ا

تخضع لترخيص أداري مقيد ببعض الشروط، وفق ما يعرف بفكرة المرافق العامة

.) ( الفعلية

وفي االتجاه ذاته اعترف القضاء اإلداري في مصر للمرافق االقتصادية بصفة

. ) ( المرافق العامة وأخضعها لنظام القانون العام

عناصر المرفق العام

ن هناك ثالثة عناصر يجب توافرها حتى يكتسب من التعريف السابق يتضح أ

المشروع صفة المرفق العام ويعود العنصر األول إلى الهدف الموكل إلى المرفق

الذي يقوم بالنشاط والثاني ارتباط المشروع باإلدارة ورقابتها لسير العمل فيه

. وأخيرا استخدام امتيازات السلطة العامة

. عنصر الهدف : أوال

أن يكون الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات البد

األفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد األفراد

. بالمياه والكهرباء أو معنوية كتوفير األمن والعدل للمواطنين

للمرفق العام عن غيره وعلى ذلك يعد تحقيق النفع العام من أهم العناصر المميزة

في المشروعات التي تستهدف تحقيق النفع الخاص أو تجمع بين هذا الهدف وهدف

. إشباع حاجة عامة أو نفع عام

ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح ال يعني حتما فقدها صفة المرفق

ع العام كما أن العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النف

تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين كما هو

الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء ال يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما بعد

.) ( وسيلة لتوزيع األعباء العامة على كل المواطنين

لقضاء اإلداري به عنصرا من ومع ذلك فان هدف المنفعة العامة الذي اعترف ا

عناصر المرفق العام ال يمكن تحديده بدقة ، فهو الهدف قابل للتطور ويتوقف على

. تقدير القاضي إلى حد كبير

وفي هذا السبيل ذهب جانب من الفقه إلى أن الذي يميز المرفق العام، أن

تحقيق وجها المشروعات التي تنشئوها الدولة تعتبر مرافق عامة ألنها تستهدف

من وجوه النفع العام الذي عجز األفراد وأشخاص النشاط الخاص عن القيام بها،

Page 46: الوجيز في القانون الإداري

46

.) ( أوال يستطيعون القيام بها على أكمل وجه

إال أن المتتبع ألحكام القضاء اإلداري الفرنسي يجد أنه اعتبر الكثير من النشاطات

سهل أن يتواله األفراد، تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة، رغم إن نشاطها من ال

Therond 1111المتعلق بقتل الثعابين ، وحكم Terrier 1903ومن ذلك حكم

.) ( الخاص برفع جثث الحيوانات

عنصر اإلدارة : ثانيا

تقوم الدولة بإنشاء المرافق العامة ويجب أن يكون نشاط المرفق العام منظما من

ابتها، وخاضعا لتوجيهها لضمان عدم جانب اإلدارة وموضوعا تحت إشرافها ورق

) (. انحرافه عن المصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة

وإذا عهدت اإلدارة إلى أحد األشخاص المعنوية العامة بإدارة المرافق فإن هذا ال

يعني تخليها عن ممارسة رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة

لألفراد، ونفس األمر إذا أصبحت اإلدارة بيد هيئة خاصة وإشباع الحاجات العامة

بمقتضيات المصلحة العامة تقتضي النص على إخضاع هذه الهيئة الخاصة كاملة

. فال نكون أمام مرفق عام

مع إن هناك جانب من الفقه تؤيده بعض أحكام مجلس الدولة الفرنسي يذهب إلى

وتخضع لبعض أحكام المرافق , الفعلية أن هناك ما يمكن تسميته بالمرافق العامة

العامة، ألن هذا االتجاه يتعارض والمستقر في مبادئ وأحكام القانون اإلداري التي

. تقضي بضرورة وجود نص يخول اإلدارة إنشاء المرافق العامة

-:وجود امتيازات السلطة العامة : ثالثا

ة بإدارة المرفق العام بامتيازات يلزم لقيام المرافق العامة أن تتمتع الجهة المكلف

غير مألوفة في القانون الخاص تالئم الطبيعة الخاصة للنظام القانوني الذي يحكم

. المرافق العامة

غير أن هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء على اعتبار أن التطورات االقتصادية

مرافق عامة وتشعب أنشطة اإلدارة أفرزت إلى جانب المرافق العامة اإلدارية

صناعية وتجارية تخضع في الجانب األكبر من نشاطها إلى أحكام القانون الخاص

كما أن خضوع المرفق للقانون العام هو مجرد نتيجة لثبوت الصفة العامة للمرفق ،

.) ( ومن غير المنطقي أن تعرف الفكرة بنتائجها

ة الصناعية والتجارية غير أننا ال نتفق مع هذا الرأي من حيث أن المرافق العام

وأن كنت تخضع في بعض جوانبها ألحكام القانون الخاص فأنها ال تدار بنفس

الكيفية التي تدار بها المشروعات الخاصة كما أن إرادة المشرع في إنشائها تضعها

في إطار نظام قانوني غير مألوف وأن لم تتضمن امتيازات غير مألوفة في القانون

. الخاص

رى ضرورة خضوع المرافق العامة لنظام قانوني متميز عن نظام ومن هنا ن

القانون الخاص بسبب طبيعتها المتميزة واستهدافها المصلحة العامة ومن قبيل ذلك

حقها في التنفيذ المباشر وحقها في استيفاء الرسوم، وهذا ما استقر عليه قضاء

.) ( مجلس الدولة الفرنسي

Page 47: الوجيز في القانون الإداري

47

مرافق العامة أ نـواع ال:المطلب الثاني

ال تأخذ المرافق العامة صورة واحدة بل تتعدد أنواعها تباعا للزاوية التي ينظر

منها إليها ، فمن حيث طبيعة النشاط الذي تمارسه تنقسم إلى مرافق إدارية ومرافق

اقتصادية، ومرافق مهنية، ومن حيث استقاللها تنقسم إلى مرافق ذات شخصية

تتمتع بالشخصية المعنوية، ومن حيث نطاق نشاطها إلى معنوية مستقلة ومرافق ال

. مرافق قومية وأخرى محلية

. ومن حيث مدى االلتزام بإنشائها إلى مرافق اختيارية ومرافق إجبارية

. المرافق العامة من حيث طبيعة نشاطها : أوال

الثة لى ث‘تنقسم المرافق العامة من حيث موضوع نشاطها أو طبيعة هذا النشاط

: أنـواع

-:المرافق العامة اإلدارية . 1

يقصد بالمرافق العامة اإلدارية تلك المرافق التي تتناول نشاطا ال يزاوله األفراد

عادة أما بسبب عجزهم عن ذلك أو لقلة أو انعدام مصلحتهم فيه، ومثالها مرافق

.) ( الدفاع واألمن والقضاء

ألصل ألحكام القانون اإلداري، فعمالها يعتبرون وتخضع المرافق اإلدارية من حيث ا

موظفين عموميين وأموالها أمواال عامة، وتصرفاتها أعماال إدارية، وقراراتها تعد

قرارات إدارية وعقودها عقودا إدارية، وبمعنى أخر تتمتع المرافق العامة اإلدارية

ها قد تخضع في بعض إال أن. باستخدام امتيازات السلطة العامة لتحقيق أهدافها

األحيان استثناء ألحكام القانون الخاص، وذلك عندما يجد القائمون على إدارتها أن

. هذا األسلوب يكفي لتحقيق أهداف المرفق وتحقيق المصلحة العامة

-:المرافق االقتصادية . 2

بفعل األزمات االقتصادية وتطور وظيفة الدولة ظهر نوع أخر من المرافق العامة

يزاول نشاطا تجاريا أو صناعيا مماثال لنشاط األفراد و تعمل في ظروف مماثلة

لظروف عمل المشروعات الخاصة، وبسبب طبيعة النشاط الذي تؤديه هذه المرافق

دعا الفقه والقضاء إلى ضرورة تحرير هذه المرافق من الخضوع لقواعد القانون

. العام

ومنها مرفق النقل والمواصالت ومرفق توليد واألمثلة على هذه المرافق كثيرة

. المياه والغاز ومرفق البريد

وقد اختلف الفقه حول معيار تمييز المرافق العامة االقتصادية عن المرافق العامة

-:اإلدارية وعلى النحو التالي

المعيار الشكلي -أ

تخذ يعتمد هذا المعيار على أساس شكل المشروع أو مظهره الخارجي فإذا ا

المشروع شكل المشروعات الخاصة كما لو تمت إدارته بواسطة شركة فأنه مرفق

وبعكس ذلك لو تمت إدارته بواسطة اإلدارة أو تحت رقابتها وإشرافها , اقتصادي

. وباستخدام أساليب السلطة العامة فهو مرفق عام إداري

. معيار الهدف -ب

Page 48: الوجيز في القانون الإداري

48

ق اإلدارية والمرافق االقتصادية على أساس اتجه هذا المعيار إلى التمييز بين المراف

الغرض الذي يستهدفه المرفق، فالمرافق االقتصادية تقوم بنشاط صناعي أو

. تجاري يهدف إلى تحقيق الربح مثلما هو الحال في المشروعات الخاصة

في حين ال تسعى المرافق اإلدارية إلى تحقيق الربح بل تحقيق المنفعة العامة

. األفراد وإشباع حاجات

غير أن هذا المعيار يتسم بالقصور من حيث أن الربح الذي تحققه المرافق

االقتصادية ليس الغرض األساسي من إنشائها بل هو أثر من آثار الطبيعة الصناعية

.) ( أو التجارية التي تمارسها فهي تستهدف أساسا تحقيق المنفعة العامة

حقق ربحا من جراء ما تتقاضاه من رسوم تقوم كما أن المرافق اإلدارية يمكن أن ت

. بتحصيلها مقابل الخدمات التي تقدمها

معيار القانون المطبق -ج

ذهب جانب من الفقه إلى التمييز بين المرافق العامة االقتصادية والمرافق العامة

. اإلدارية على أساس النظام القانوني الذي يخضع له المرفق

م القانون الخاص اعتبر المرفق اقتصاديا وعلى العكس من فإذا كان يخضع ألحكا

. ذلك إذا كان يخضع ألحكام القانون العام فهو مرفق عام إداري

غير أن هذا المعيار غير سليم وال يتفق مع المنطق ألن المطلوب هو تحديد نوع

المرفق العام قبل إخضاعه لنظام قانوني معين، وليس العكس أي أن خضوع

االقتصادي لقواعد القانون الخاص هو نتيجة لثبوت الصفة االقتصادية المرفق

. للمرفق

كما أن خضوع المرفق العام للقانون الخاص مجرد قرينة على أن هذا المرفق ذو

.) ( صفة اقتصادية ولكن ال يمكن االعتماد عليها بثبوت هذه الصفة قطعا

-:معيار طبيعة النشاط –د

لفقه وهو الرأي الراجح إلى أن المرفق يكون اقتصاديا إذا كان ذهب رأي أخر من ا

النشاط الذي يقوم به يعد نشاطا تجاريا بطبيعته طبقا لموضوعات القانون التجاري،

ويعتبر المرفق مرفقا عاما إداريا إذا كان النشاط الذي يمارسه نشاطا إداريا ومما

. يدخل في نطاق القانون اإلداري

خذ بهذا الرأي جانب كبير من الفقهاء، ومع أن القضاء اإلداري في فرنسا لم وقد أ

-:يعتمد معيارا واحدا منها وإنما أخذ بمعيار يقوم على فكرتين أو عنصرين

ويعتمد على موضوع وطبيعة النشاط الذي يمارسه المرفق : العنصر األول

. االقتصادي الذي يتماثل مع النشاط الخاص

يتعلق باألساليب وطرق تنظيم وتسيير المرفق في ظل ظروف : لثاني العنصر ا

.) ( مماثلة لظروف عمل المشروعات الصناعية

أما بخصوص القانون الذي تخضع له المرافق االقتصادية فقد استقر القضاء

اإلداري على أن تخضع لقواعد القانون الخاص في نشاطها ووسائل إدارتها، مع

القانون العام من قبيل انتظام سير المرافق العامة خضوعها لبعض قواعد

والمساواة بين المنتفعين بخدماتها وقابليتها للتغيير بما يتالئم مع المستجدات

وتمتعها ببعض امتيازات السلطة العامة الالزمة لحسن أدائها لنشاطها مثل نزع

Page 49: الوجيز في القانون الإداري

49

ي هذا الجانب من الملكية للمنفعة العامة، واالستيالء المؤقت، وينعقد االختصاص ف

. نشاطها الختصاص القضاء اإلداري

وبهذا المعنى فهي تخضع لنظام قانوني مختلط يجمع بين أحكام القانون الخاص

والقانون العام معا، إال أن العمل قد جرى في القضاء الليبي على استثناء المرافق

من تطبيق أحكام العامة االقتصادية التي تدار من قبل الشركات والمنشآت العامة

القانون اإلداري فلم يعتبر العاملين فيها موظفين عامين كما أن األعمال الصادرة

منها ال ترقى إلى مرتبة القرارات اإلدارية ويخضع نظامها المالي لحكام القانون

. ) ( الخاصة، وتعتبر العقود التي تبرمها عقودا خاصة

-:المرافق المهنية -3

تي تنشأ بقصد توجيه النشاط المهني ورعاية المصالح الخاصة وهي المرافق ال

بمهنة معينة، وتتم إدارة هذه المرافق بواسطة هيئات أعضائها ممن يمارسون هذه

مثل نقابات المهندسين .المهنة ويخولهم القانون بعض امتيازات السلطة العامة

. والمحامين واألطباء وغيرها من النقابات المهنية األخرى

قد ظهر هذا النوع من المرافق عقب الحرب العالمية الثانية لمواجهة المشاكل و

التي كان يتعرض لها أصحاب هذه المهن والدفاع عنهم وحماية مصالحهم، ال سيما

. 1121في فرنسا التي ظهرت فيها لجان تنظيم اإلنتاج الصناعي عام

القانون العام وتخضع هذه المرافق لنظام قانوني مختلط فهي تخضع لنظام

واختصاص القضاء اإلداري في بعض المنازعات المتعلقة بنشاطها غير أن الجانب

. الرئيس من نشاطها يخضع ألحكام القانون الخاص

فالمنازعات المتعلقة بنظامها الداخلي وعالقة أعضائها بعضهم ببعض وشؤونها

ا المنازعات المالية تخضع للقانون الخاص والختصاص المحاكم العادية، أم

المتصلة بمظاهر نشاطها كمرفق عام وممارستها المتيازات السلطة العامة فتخضع

.) ( ألحكام القانون العام واختصاص القضاء اإلداري

ومن ثم فإن المرافق المهنية تتفق مع المرافق العامة االقتصادية من حيث

طبق بشكل أوسع في خضوعها لنظام قانوني مختلط، غير أن نظام القانون العام ي

نطاق المرافق المهنية ويظهر ذلك في امتيازات القانون العام التي يمارسها

. المرفق، في حين ينحصر تطبيقه في مجال تنظيم المرفق في المرافق االقتصادية

المرافق من حيث استقاللها : ثانيا

ية المعنوية أو تنقسم المرافق العامة من حيث استقاللها إلى مرافق تتمتع بالشخص

. االعتبارية ومرافق ال تتمتع بالشخصية المعنوية

وهي المرافق التي يعترف لها : المرافق العامة التي تتمتع بالشخصية المعنوية -1

قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويكون لها كيان مستقل كمؤسسة عامة مع

. خضوعها لقدر من الرقابة أو الوصاية اإلدارية

وهي المرافق التي ال : رافق العامة التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية الم -2

يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويتم إلحاقها بأحد أشخاص القانون

العام وتكون تابعة لها، كالدولة أو الوزارات أو المحافظات، وهي الغالبية العظمى

. من المرافق العامة

Page 50: الوجيز في القانون الإداري

50

قسيم في مجال االستقالل المالي واإلداري وفي مجال وتبدو أهمية هذا الت

المسؤولية ، إذ تملك المرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية قدرا كبيرا من

االستقالل اإلداري والمالي والفني في عالقتها بالسلطة المركزية مع وجود قدر من

ها بما تخضع له المرافق الرقابة كما أوضحنا ، غير أن هذه الرقابة ال يمكن مقارنت

غير المتمتعة بالشخصية المعنوية من توجيه وإشراف مباشرين من السلطات

المركزية ،أما من حيث المسؤولية فيكون المرفق المتمتع بالشخصية المعنوية

مستقال ومسؤوال عن األخطاء التي يتسبب في إحداثها للغير في حين تقع هذه

ي الذي يتبعه المرفق العام في حالة عدم تمتعه المسؤولية على الشخص اإلدار

. بالشخصية المعنوية

المرافق العامة من حيث نطاق نشاطها : ثالثا

تنقسم المرافق العامة من حيث نطاق أو مجال عملها إلى مرافق قومية ومرافق

. محلية

المرافق القومية -1

. ليشمل كل أقليم الدولة يقصد بالمرافق القومية تلك المرافق التي يتسع نشاطها

كمرفق الدفاع ومرفق القضاء ومرفق الصحة، ونظرا لعمومية وأهمية النشاط الذي

تقدمه هذه المرافق فأنها تخضع إلشراف اإلدارة المركزية في الدولة من خالل

الوزارات أو ممثليها أو فروعها في المدن، ضمانا لحسن أداء هذه المرافق

. مساواة في توزيع خدماتهالنشاطها وتحقيقا لل

وتتحمل الدولة المسؤولية الناتجة عن األضرار التي تتسبب فيها المرافق القومية

. بحكم إدارتها لها واإلشراف على شؤونها

-:المرافق المحلية -2

ويقصد بها المرافق التي يتعلق نشاطها بتقديم خدمات لمنطقة محددة أو إقليم معين

،ويعهد بإدارتها إلى الوحدات المحلية، كمرفق النقل،أو مرفق من أقاليم الدولة

. توزيع المياه أو الكهرباء وغيرها من المرافق التي تشبع حاجات محلية

وتتميز المرافق المحلية باالختالف والتنوع في أساليب إدارتها بحكم اختالف وتنوع

مسؤولية الناتجة عن حاجات كل وحدة محلية أو إقليم تمارس نشاطها فيه كما أن ال

األضرار التي تتسبب بإحداثها المرافق المحلية أو موظفيها ويتحملها الشخص

.) ( المعنوي المحلي أو اإلقليمي

المرافق العامة من حيث مدى االلتزام بإنشائها : رابعا

تنقسم المرافق العامة من حيث حرية اإلدارة في إنشائها إلى مرافق اختيارية

-:ارية وأخرى إجب

. المرافق االختيارية -1

وتملك . األصل في المرافق العامة أن يتم إنشائها بشكل اختياري من جانب الدولة

اإلدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار وقت ومكان إنشاء المرفق ونوع الخدمة

. أو النشاط الذي يمارسه وطريقة إدارته

على إنشاء مرفق عام معين وال يملكون ومن ثم ال يملك األفراد إجبار اإلدارة

Page 51: الوجيز في القانون الإداري

51

الوسائل القانونية التي يمكنهم حملها على إنشاء هذا المرفق أو مقاضاتها لعدم

ويطلق الفقه على المرافق العامة التي تنشئها اإلدارة بسلطتها . إنشائها له

) (. التقديرية اسم المرافق العامة الختيارية

: المرافق العامة اإلجبارية -2

ذا كان األصل أن يتم إنشاء المرافق العامة اختياريا فأن اإلدارة استثناء تكون إ

ملزمة بإنشاء بعض المرافق العامة عندما يلزمها القانون أو جهة إدارية أعلى

بإنشائها ومثال ذلك إنشاء اإلدارة لمرفق األمن والصحة فهي مرافق إجبارية

. امة وغالبا ما تصدر القوانين بإنشائهابطبيعتها وتهدف لحماية األمن والصحة الع

إنشاء وإلغاء المرافق العامة : المطلب الثالث

. نعرض في هذا المطلب المبادئ المتعلقة بإنشاء وإلغاء المرافق العامة

: إنشاء المرافق العامة : أوال

اعها عندما تجد السلطة المختصة أن حاجة الجمهور تقتضي إنشاء مرفقا عاما إلشب

ويعجز األفراد عن ذلك، فإنها تتدخل مستخدمة وسائل السلطة العامة وتنشئ

. المرفق العام

وحيث إن إنشاء المرافق العامة يتضمن غالبا المساس بحقوق األفراد وحرياتهم

العتمادها أحيانا على نظام االحتكار الذي يمنع األفراد من مزاولة النشاط الذي

ان أخرى يقيدهم بممارسة نشاطات معينة بحكم تمتع يؤديه المرفق وفي أحي

المرافق العامة بوسائل السلطة العامة وامتيازاتها التي تجعل األفراد في وضع ال

يسمح لهم بمنافسة نشاطات هذه المرافق وألن إنشاء المرافق العامة يتطلب

. وإدارتهااعتمادات مالية كبيرة في الميزانية لمواجهة نفقات إنشاء هذه المرافق

فقد درج الفقه والقضاء على ضرورة أن يكون إنشاء المرافق العامة بقانون أو

بناء على قانون صادر من السلطة التشريعية أي أن تتدخل السلطة التشريعية

مباشرة فتصدر قانونا بإنشاء المرفق أو أن تعهد بسلطة إنشاء المرفق إلى سلطة

. أو هيئة تنفيذية

عندما صدر الدستور الفرنسي 1197لوب سائدا في فرنسا حتى عام وكان هذا األس

دون أن يذكر أن إنشاء المرافق العامة ضمن الموضوعات المحجوزة للقانون،

وأصبح إنشاء هذه المرافق في اختصاص السلطة التنفيذية دون تدخل من جانب

) ( . إلنشاء المرفقالبرلمان إال في حدود الموافقة على االعتمادات المالية الالزمة

: مع ضرورة التنبيه إلى أن إنشاء المرافق العامة يتم بأسلوبين

. أن تقوم السلطة المختصة بإنشاء المرفق ابتداء : األول

أن تعمد السلطة إلى نقل ملكية بعض المشروعات الخاصة إلى الملكية : والثاني

. ل تعويض عادل العامة، كتأميمها العتبارات المصلحة العامة مقاب

إلغاء المرافق العامة : ثانيا

بينا أن األفراد ال يملكون إجبار اإلدارة على إنشاء المرافق العامة وال يستطيعون

إجبارها على االستمرار في تأدية خدماتها إذا ما قدرت السلطة العامة إن إشباع

Page 52: الوجيز في القانون الإداري

52

العام أو العتبارات الحاجات التي يقدمها المرفق يمكن أن يتم بغير وسيلة المرفق

. أخرى تقدرها هي وفقا لمتطلبات المصلحة العامة

والقاعدة أن يتم اإللغاء بنفس األداة التي تقرر بها اإلنشاء ، فالمرفق الذي تم

إنشاؤه بقانون ال يتم إلغاؤه إال بنفس الطريقة وإذا كان إنشاء المرفق بقرار من

. ال إذا نص القانون على خالف ذلكالسلطة التنفيذية فيجوز أن يلغى بقرار إ

وعندما يتم إلغاء المرفق العام فإن أمواله تضاف إلى الجهة التي نص عليها

فإن أموال المرفق تضاف إلى , القانون الصادر بإلغائه، فإن لم ينص على ذلك

. أموال الشخص اإلداري الذي كان يتبعه هذا المرفق

ديرها أشخاص معنوية عامة مستقلة فإن مصير أما بالنسبة للمرافق العامة التي ي

أموالها يتم تحديده من خالل معرفة مصدر هذه األموال كأن تكون الدولة أو أحد

. أشخاص القانون العام اإلقليمية األخرى فيتم منحها لها

أما إذا كان مصدرها تبرعات األفراد والهيئات الخاصة فإن هذه األموال تأول إلى

عامة التي تستهدف نفس غرض المرفق الذي تم إلغاؤه أو غرضا أحد المرافق ال

. ) ( مقاربا له، احتراما إلرادة المتبرعين

المبحث الثاني

المبادئ التي تحكم المرافق العامة

تخضع المرافق العامة لمجموعة من المبادئ العامة التي استقر عليها القضاء

المرافق وأدائها لوظيفتها في إشباع حاجات والفقه والتي تضمن استمرار عمل هذه

األفراد ، وأهم هذه المبادئ مبدأ استمرار سير المرفق العام ومبدأ قابلية المرفق

. للتغيير ومبدأ المساواة بين المنتفعين

مبدأ استمرار سير المرفق العام : المطلب األول

ات عامة وجوهرية في تتولى المرافق العامة تقديم الخدمات لألفراد وإشباع حاج

حياتهم ويترتب على انقطاع هذه الخدمات حصول خلل واضطراب في حياتهم

. اليومية

لذلك كان من الضروري أن ال تكتفي الدولة بإنشاء المرافق العامة بل تسعى إلى

ضمان استمرارها وتقديمها للخدمات، لذلك حرص القضاء على تأكيد هذا المبدأ

األساسية التي يقوم عليها القانون اإلداري ومع أن المشرع واعتباره من المبادئ

يتدخل في كثير من األحيان إلرساء هذا المبدأ في العديد من مجاالت النشاط

اإلداري، فإن تقريره ال يتطلب نص تشريعي ألن طبيعة نشاط المرافق العامة

. تستدعي االستمرار واالنتظام

تحريم اإلضراب، وتنظيم استقالة : تائج منهاويترتب على تطبيق هذا المبدأ عدة ن

وعدم , الموظفين العموميين ونظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة

. جواز الحجز على أموال المرفق

تحريم اإلضراب : أوال

Page 53: الوجيز في القانون الإداري

53

يقصد باإلضراب توقف بعض أو كل الموظفين في مرفق معين عن أداء أعمالهم

دارة على تلبية طلباتهم دون أن تنصرف نيتهم إلى ترك لمدة معينة كوسيلة لحمل اإل

. العمل نهائيا

ولإلضراب نتائج بالغة الخطورة على سير العمل في المرفق وقد تتعدى نتائجه إلى

األضرار بالحياة االقتصادية واألمن في الدولة وليس هناك موقف موحد بشأن

. ) ( به في نطاق ضيق اإلضراب، ومدى تحريمه فهناك من الدول التي تسمح

. غير أن أغلب الدول تحرمه وتعاقب عليه ضمانا لدوام استمرار المرافق العامة

تنظيم االستقالة : ثانيا

في تطبيقات هذا المبدأ تنظيم استقالة الموظفين بعدم جواز إنهائهم خدمتهم

التصرف بإرادتهم عن طريق تقديم طلب يتضمن ذلك قبل قبوله لما يؤدي إليه هذا

. من تعطيل العمل في المرفق

الموظف الفعلي : ثالثا

يقصد بالموظف الفعلي ذلك الشخص الذي تدخل خالفا للقانون في ممارسة

.) ( اختصاصات وظيفية عامة متخذا مظهر الموظف القانوني المختص

نونية وال شك أنه ال يجوز لألفراد العاديين أن يتولون وظيفة عامة بصورة غير قا

.) ( ألنهم يكونون مغتصبين لها وجميع تصرفاتهم تعتبر باطلة

غير أنه استثناء على هذه القاعدة وحرصا على دوام استمرار سير المرافق العامة

في ظروف الحروب والثورات عندما يضطر األفراد إلى إدارة المرفق دون أذن من

ية لألعمال الصادرة منهم السلطة اعترف القضاء والفقه ببعض اآلثار القانون

كموظفين فعليين، فتعتبر األعمال الصادرة عنهم سليمة ويمنحون مرتبا لقاء أدائهم

. لعملهم إذا كانوا حسنى النية

نظرية الظروف الطارئة : رابعا

تفترض نظرية الظروف الطارئة أنه إذا وقعت حوادث استثنائية عامة غير متوقعة

ء تنفيذه وخارجه عن إرادة المتعاقد وكان من شأنها أن تؤدي بعد إبرام العقد وأثنا

إلى إلحاق خسائر غير مألوفة وإرهاق للمتعاقد مع اإلدارة فان لإلدارة أن تتفق مع

المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه بطريقة تخفف من إرهاق المتعاقد وتتحمل بعض

تمرار بتنفيذ العقد فإن لم عبئ هذا اإلرهاق بالقدر الذي يمكن المتعاقد من االس

. يحصل هذا االتفاق فإن للقضاء أن يحكم بتعويض المتعاقد تعويضا مناسبا

وهذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي ،أقرها خروجا على األصل في عقود

ضمانا " العقد شريعة المتعاقدين " القانون الخاص التي تقوم على قاعدة

ق العامة وللحيلولة دون توقف المتعاقد مع اإلدارة عن تنفيذ الستمرار سير المراف

. التزاماته وتعطيل المرافق العامة

. عدم جواز الحجز على أموال المرفق العام : خامسا

خالفا للقاعدة العامة التي تجيز الحجز على أموال المدين الذي يمتنع عن الوفاء

ق العامة وفاء لما يتقرر للغير من ديون بديونه، ال يجوز الحجز على أموال المراف

Page 54: الوجيز في القانون الإداري

54

. في مواجهتها لما يترتب على ذلك من تعطيل للخدمات التي تؤديها

ويستوي في ذلك أن تتم إدارة المرافق العامة بالطريق المباشر أو أن تتم إدارتها

بطريق االلتزام مع أن أموال المرفق في الحالة األخيرة تكون مملوكة للملتزم، فقد

قرت أحكام القضاء على أنه ال يجوز الحجز على هذه األموال تأسيسا على مبدأ است

دوام استمرار المرافق العامة وألن المرافق العامة أيا كان أسلوب أو طريقة إدارتها

. ) ( تخضع للقواعد الضابطة لسير المرافق العامة

مبدأ قبلية المرفق للتغيير : المطلب الثاني

رافق العامة تهدف إلى إشباع الحاجات العامة لألفراد وكانت هذه إذا كانت الم

الحاجات متطورة ومتغيرة باستمرار فإن اإلدارة المنوط بها إدارة وتنظيم المرافق

العامة تملك دائما تطوير وتغيير المرفق من حيث أسلوب إدارته وتنظيمه وطبيعة

رات التي تطرأ على المجتمع النشاط الذي يؤديه بما يتالءم مع الظروف والمتغي

ومسايرة لحاجات األفراد المتغيرة باستمرار ومن تطبيقات هذا المبدأ أن من حق

الجهات اإلدارية القائمة على إدارة المرفق كلما دعت الحاجة أن تتدخل لتعديل

بإدارتها المنفردة لتعديل النظم واللوائح الخاصة بالمرفق أو تغييرها بما يتالءم

دات دون أن يكون ألحد المنتفعين الحق في االعتراض على ذلك والمطالبة والمستج

باستمرار عمل المرافق بأسلوب وطريقة معينة ولو أثر التغيير في مركزهم

. الشخصي

وقد استقر القضاء والفقه على أن هذا المبدأ يسري بالنسبة لكافة المرافق العامة

. المباشرة أم بطريق االلتزام أيا كان أسلوب إدارتها بطريق اإلدارة

. كما أن عالقة اإلدارة بالموظفين التابعين لها في المرافق عالقة ذات طبيعة الئحية

فلها دون الحاجة إلى موافقتهم نقلهم من وظيفة إلى أخرى أو من مكان إلى أخر

. تحقيقا لمقتضيات المصلحة العامة

ي تعديل عقودها اإلدارية بإرادتها ومن تطبيقات هذا المبدأ أيضا حق اإلدارة ف

إذ أن الطبيعة " بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين " المنفردة دون أن يحتج المتعاقد

الخاصة للعقود اإلدارية وتعلقها بتحقيق المصلحة العامة، تقتضي ترجيح كفة

ة اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها، ومن مستلزمات ذلك أن ال تتقيد اإلدارة بقاعد

العقد شريعة المتعاقدين وأن تتمكن من تعديل عقودها لتتمكن من تلبية التغير

.) ( المستمر في المرافق التي تديرها

وسلطة اإلدارة في تعديل عقودها اإلدارية أثناء تنفيذها تشمل العقود اإلدارية

جميعها دونما حاجة إلى نص في القانون أو شرط في العقد وقد اعترف القضاء

لفقه بهذه الفكرة والقت القبول تأسيسا على أن طبيعة احتياجات المرافق العامة وا

المتغيرة باستمرار هي التي تقضي بتعديل بعض نصوص العقد، على أن ال يمس

. هذا التعديل النصوص المتعلقة باالمتيازات المالية

وم عليه إن األساس الذي تق" سليمان الطماوي"وفي هذا االتجاه يذكر الدكتور

سلطة التعديل مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن أولها قاعدة

قابلية المرفق العام للتغيير والمرفق العام يقبل التغير في كل وقت متى ثبت أن

Page 55: الوجيز في القانون الإداري

55

التغير من شأنه أن يؤدي إلى تحسين الخدمة التي يقدمها إلى المنتفعين وفكرة

. ) ( دة السابقةالتعديل هي فكرة مالزمة للقاع

مبدأ المساواة بين المنتفعين : المطلب الثالث

يقوم هذا المبدأ على أساس التزام الجهات القائمة على إدارة المرافق بأن تؤدي

خدماتها لكل من يطلبها من الجمهور ممن تتوافر فيهم شروط االستفادة منها دون

ين أو المركز االجتماعي أو تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو الد

. االقتصادي

ويستمد هذا المبدأ أساسه من الدساتير والمواثيق وإعالنات الحقوق التي تقتضي

. بمساواة الجميع أمام القانون وال تمييز بين أحد منهم

غير أن المساواة أمام المرافق العامة مساواة نسبية وليست مطلقة، ومن

االنتفاع بخدمات المرفق فيمن يطلبها، وأن يتواجد مقتضياتها أن تتوافر شروط

األفراد في المركز الذي يتطلبه القانون والقواعد الخاصة يتنظيم االنتفاع بخدمات

المرفق ثم يكون لهم الحق بالمعاملة المتساوية سواء في االنتفاع بالخدمات أو في

. تحمل أعباء هذا االنتفاع

م مبدأ المساواة بين المنتفعين متى تماثلت وبمعنى أخر على اإلدارة أن تحتر

أما إذا توافرت شروط , ظروفهم وتوافرت فيهم شروط االنتفاع التي حددها القانون

االنتفاع في طائفة من األفراد دون غيرهم فإن للمرفق أن يقدم الخدمات للطائفة

ختالف األولى دون األخرى أو أن يميز في المعاملة بالنسبة للطائفتين تبعا ال

ظروفهم كاختالف رسوم مرفق الكهرباء والمياه بالنسبة لسكان المدينة وسكان

. القرى

ومع ذلك فإن هذا المبدأ ال يتعارض مع منح اإلدارة بعض المزايا لطوائف معينة من

األفراد العتبارات خاصة كالسماح للعجزة أو المعاقين باالنتفاع من خدمات مرفق

رسوم مخفضة أو إعفاء أبناء الشهداء من بعض شروط النقل مجانا أو بدفع

. االلتحاق بالجامعات

أما إذا أخلت الجهة القائمة على إدارة المرفق بهذا المبدأ وميزت بين المنتفعين

بخدماته فإن للمنتفعين أن يطلبوا من اإلدارة التدخل إلجبار الجهة المشرفة على

ا كان المرفق يدار بواسطة ملتزم ،فإن إدارة المرفق على احترام القانون ، إذ

امتنعت اإلدارة عن ذلك أو كان المرفق يدار بطريقة مباشرة فإن من حق األفراد

اللجوء إلى القضاء طالبين إلغاء القرار الذي أخل بمبدأ المساواة بين المنتفعين وإذا

. أصابهم ضرر من هذا القرار فإن لهم الحق في طلب التعويض المناسب

بحث الثالث الم

طرق إدارة المرافق العامة

تختلف طرق إدارة المرافق العامة تبعا الختالف وتنوع المرافق وطبيعة النشاط

الذي تؤديه، وأهم هذه الطرق هي االستغالل المباشر أو اإلدارة المباشرة وأسلوب

) المختلط المؤسسة أو الهيئة العامة وأسلوب االلتزام وأخيرا اإلدارة أو االستغالل

Page 56: الوجيز في القانون الإداري

56

.)

اإلدارة المباشرة : المطلب األول

يقصد بهذا األسلوب أن تقوم اإلدارة مباشرة بإدارة المرفق بنفسها سواء أكانت

سلطة مركزية أم محلية مستخدمة في ذلك أموالها وموظفيها ووسائل القانون العام

. وال يتمتع المرفق الذي يدار بهذه الطريقة بشخصية معنوية مستقلة

ويترتب على ذلك أن يعتبر موظفي المرافق التي تدار بهذا األسلوب موظفين

عموميين وتعد أموال المرفق أمواال عامة تتمتع بالحماية القانونية المقررة للمال

.العام

وتتبع هذه الطريقة في إدارة المرافق العامة اإلدارية القومية بصفة أساسية ويرجع

افق واتصالها بسيادة الدولة كمرفق األمن والدفاع والقضاء ذلك إلى أهمية هذه المر

وفي الوقت الحاضر أصبحت الكثير من المرافق اإلدارية تدار بهذه الطريقة وكذلك ,

بعض المرافق الصناعية والتجارية متى وجدت اإلدارة أن من المناسب عدم ترك

. إدارتها ألشخاص القانون الخاص

مح لإلدارة باإلدارة المباشرة لنشاط المرفق ويوفر وال شك أن هذا األسلوب يس

المقدرة المالية والفنية والحماية القانونية واستخدام أساليب السلطة العامة مما ال

لكن اإلدارة المباشرة منتقدة من حيث أن اإلدارة عندما تقوم . يتوفر لدى األفراد

راءات الحكومية التي تعيق باإلدارة المباشرة للمرفق تتقيد بالنظم واللوائح واإلج

. ) ( هذه المرافق عن تحقيق أهدافها في أداء الخدمات وإشباع الحاجات العامة

غير أننا نرى أن هذا األسلوب ال يفيد أهمية بالنسبة للمرافق اإلدارية القومية

بالنظر لخطورتها وتعلقها بسيادة وأمن الدولة والتي ال يمكن أن تدار بأسلوب أخر،

. فق اإلدارية التي يعرف عن إدارتها األفراد النعدام أو قلة أرباحها والمرا

أسلوب المؤسسة أو الهيئة العامة : المطلب الثاني

قد يلجأ المشرع إلى أسلوب أخر إلدارة المرافق العامة ، فيمنح إدارتها إلى

أشخاص عامة تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة ويسمح لها باستخدام وسائل

القانون العام ويكون موظفيها موظفين عموميين وأموالها أمواال عامة وأعمالها

. أعماال إدارية

ويطلق على هذه األشخاص اإلدارية الهيئات العامة إذا كان نشاط المرفق الذي

تديره تقديم خدمات عامة و يطلق عليها المؤسسات العامة إذا كان الموضوع نشاط

. اعيا أو زراعيا أو مالياالمرفق تجاريا أو صن

كما تتميز الهيئات العامة عن المؤسسات العامة من حيث أن المؤسسات العامة لها

ميزانية مستقلة ال تلحق في الغالب بالميزانية العامة للدولة وتوضع ميزانيتها على

نمط المشاريع االقتصادية والتجارية وتكون أموالها مملوكة للدولة ملكية خاصة ،

. في حين تعد أموال الهيئات العامة أمواال عامة وتلحق ميزانيتها بميزانية الدولة

كذلك تتميز رقابة الدولة على الهيئات العامة بأنها أكثر اتساعا من رقابتها على

المؤسسات العامة نظرا لطبيعة نشاط الهيئات العامة وتعلقه بتقديم الخدمات العامة

. ) (

Page 57: الوجيز في القانون الإداري

57

التزام أو امتيازات المرافق العامة : المطلب الثالث

بمقتضى هذه الطريقة تتعاقد اإلدارة مع فرد أو شركة إلدارة واستغالل مرفق من

المرافق العامة االقتصادية لمدة محددة بأمواله وعمالة وأدواته وعلى مسئوليته

مقابل التصريح له بالحصول على الرسوم من المنتفعين بخدمات المرفق وفق ما

. مى بعقد التزام المرافق العامة أو عقد االمتيازيس

وقد استقر القضاء والفقه على اعتبار عقد االلتزام عمال قانونيا مركبا يشمل على

، األول منه يتعلق بتنظيم المرفق العام وبسيره وتملك ) ( نوعين من النصوص

ني من النصوص اإلدارة تعديل هذه النصوص وفقا لحاجة المرفق أما النوع الثا

العقد شريعة " فيسمى بالنصوص أو الشروط التعاقدية التي تحكمها قاعدة

ومنها ما يتعلق بتحديد مدة االلتزام و االلتزامات المالية بين , " المتعاقدين

. ) ( المتعاقدين وال تتعدى ذلك لتشمل أسلوب تقديم الخدمات للمنتفعين

دار بهذا األسلوب يتمتع بذات امتيازات وعلى أي حال فإن المرفق العام الذي ي

فهو يخضع لنفس , المرافق العامة األخرى كونه يهدف إلى تحقيق النفع العام

المبادئ األساسية الضابطة لسير المرافق العامة وهي مبدأ إقرار سير المرافق

بانتظام واطراد ومبدأ قابلية المرفق للتعديل ومبدأ المساواة في االنتفاع بخدمات

المرفق، كما يتمتع الملتزم بحق شغل الدومين العام أو طلب نزع الملكية للمنفعة

. العامة

غير أن من يعمل في المرفق الذي يدار بهذا األسلوب ال يعد موظفا عاما بل يخضع

في عالقته بالملتزم ألحكام القانون الخاص، وتمارس اإلدارة في مواجهة الملتزم

على ممارسة عمله وفقا لشروط العقد والقواعد األساسية سلطة الرقابة واإلشراف

لسير المرافق العامة، على أن ال تصل سلطة اإلدارة في الرقابة حدا يغير من طبيعة

وتعديل جوهرة أو أن تحل محل الملتزم في إدارة المرفق وإال خرج عقد , االلتزام

.) ( المباشرة االلتزام عن مضمونه وتغير استغالل المرفق إلى اإلدارة

غير أن اإلدارة تملك إنهاء عقد االلتزام قبل مدته بقرار إداري ولو لم يصدر أي

خطأ من الملتزم كما قد يصدر االسترداد بموجب قانون حيث تلجأ اإلدارة إلى

المشرع إلصدار قانون باسترداد المرفق وإنهاء االلتزام وهو ما يحصل غالبا عند

. ين للملتزم الحق في المطالبة بالتعويض وفي الحالت. التأميم

وفي مقابل إدارة الملتزم للمرفق العام وتسييره يكون له الحق بالحصول على

المقابل المالي المتمثل بالرسوم التي يتقاضاها نظير الخدمات التي يقدمها للمنتفعين

مزاولة كما يكون له الحق في طلب اإلعفاء من الرسوم الجمركية ومنع األفراد من

. النشاط الذي يؤديه المرفق

االستغالل المختلط : المطلب الرابع

يقوم هذا األسلوب على أساس اشتراك الدولة أو أحد األشخاص العامة مع األفراد

. في إدارة مرفق عام

ويتخذ هذا االشتراك صورة شركة مساهمة تكتتب الدولة في جانب من أسهمها

. الكتتاب بالجزء األخرعلى أن يساهم األفراد في ا

وتخضع هذه الشركة إلى أحكام القانون التجاري مع احتفاظ السلطة العامة بوصفها

Page 58: الوجيز في القانون الإداري

58

ممثلة للمصلحة العامة بالحق في تعيين بعض أعضاء مجلس اإلدارة وأن يكون

الرأي األعلى لها في هذا المجلس ويأتي هذا من خالل الرقابة الفعالة التي تمارسها

. خص العام المشارك في هذه الشركة على أعمالها وحساباتهاالدولة أو الش

وتتم إدارة المرفق إدارة مختلطة من ممثلي اإلدارة و توفر هذه الطريقة نوع من

التعاون بين األفراد والسلطة العامة في سبيل الوصول إلى إدارة ناضجة وربح

.) ( معقول

الدول األوربية كوسيلة إلدارة وقد انتشرت شركات االقتصاد المختلط في كثير من

المرافق العامة ذات الطابع االقتصادي ال سيما فرنسا في إدارة مرافق النقل والطاقة

لما يحققه هذا األسلوب في فائدة تتمثل في تخليص المرافق العامة من التعقيدات

بء واإلجراءات اإلدارية التي تظهر في أسلوب اإلدارة المباشرة، كما أنه يخفف الع

عن السلطة العامة ويتيح لها التفرغ إلدارة المرافق العامة القومية، ويساهم في

. توظيف رأس المال الخاص لما يخدم التنمية االقتصادية

الباب الثالث

الوظيفــة العامة

تمارس الدولة نشاطها المرفقي من خالل موظفيها فهم أداة الدولة لتحقيق أهدافها

ويتحدد دور , لعامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف الدول وتحضى الوظيفة ا,

الموظف العام ضيقا واتساعا حسب الفلسفة االقتصادية واالجتماعية لكل دولة

فاتساع نشاط الدولة وعدم اقتصار دورها على حماية األمن الداخلي والخارجي

ازدياد تدخلها في وقيامها ببعض األشغال العامة و, وحل المنازعات بين األفراد

مجاالت اقتصادية واجتماعية شتى ، قاد بالضرورة إلى ازدياد عدد الموظفين

. واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز اإلداري

ومن ثم فقد أصبح للوظيفة العامة نظاما خاصا بها يحدد حقوق وواجبات الموظفين

. العامين وشروط التحاقهم بالوظيفة وأيضا مسائلتهم تأديبيا

وال لقاء الضوء على نظرية الموظف العام نقسم هذا الباب إلى خمسة فصول على

-:النحو التالي

. ماهية الموظف العام -:الفصل األول

. التعيين في الوظيفة العامة -:الفصل الثاني

. حقوق وواجبات الموظف العام -:الفصل الثالث

.تأديب الموظف العام -:الفصل الرابع

. انتهاء خدمة الموظف العام -:الفصل الخامس

الفصل األول

ماهية الموظف العام

للوقوف على ماهية الموظف العام البد من تعريف وتحديد المقصود بالموظف العام

. وبيان طبيعة العالقة التي تربطه باإلدارة

Page 59: الوجيز في القانون الإداري

59

المبحث األول

. تعريف الموظف العام

.) ( ات تعريف منظم يحدد المقصود بالموظف العام لم يرد في معظم التشريع

ويرجع ذلك إلى اختالف الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وإلى

. صفة التجدد المضطرد للقانون اإلداري

واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة العامة بتحديد معني الموظف

.) ( العام في مجال تطبيقها

هذا النظام يطبق " د نصت المادة األولى من نظام الموظفين الفرنسي على أن فق

على الموظفين الذين يعينون في اإلدارات المركزية للدولة والمصالح التبعة لها

والمؤسسات العامة للدولة ، وال يطبق على القضاة والعسكريين والعاملين في

" . ) ( ابع الصناعي والتجاري اإلدارات والمصالح والمؤسسات العامة ذات الط

ويختلف هذا , ويبدو أن المشرع قد ترك أمر تعريف الموظف العام للفقه والقضاء

التعريف في مجال القانون اإلداري عنه في المجاالت األخرى كالقانون المدني

والقانون الجنائي واالقتصاد السياسي فإن معناه في هذه المجاالت قد يكون أوسع

. ) ( من معناه في القانون اإلداري أو أضيق

: ونبين فيما يلي مفهوم الموظف العام في التشريعات والفقه المقارن

. في فرنسـا : أوال

لم تعط التشريعات الفرنسية تعريفا محددا للموظف العام ، إنما اكتفت بتحديد

األولى من األشخاص الذين تسرى عليهم أحكام تلك التشريعات ، فقد نصت الفقرة

يسرى على " 1121اكتوبر 11الصادرفى 2212قانون التوظيف الفرنسي رقم

األشخاص الذين يعينون في وظيفة دائمة ويشغلون درجة من دراجات الكادر في

إحدى اإلدارات المركزية للدولة أوفي إحدى اإلدارات الخارجية التابعة لها أوفي

" . المؤسسات القومية

الذي حل محل 1191 -2-2فى 222/19ظفين الصادر باالمروقد نص نظام المو

132والقانون الخاص بحقوق والتزامات الموظفين رقم 1121اكتوبر11قانون

. على نفس المفهوم 1173يوليو 13الصادر في

ويتبين من ذلك أن المشرع الفرنسي يطبق أحكامه على من تتوافر فيهم الشروط

-:اآلتية

. مة الوظيفة الدائ. 1

. الخدمة في مرفق إداري عام . 2

وبذلك فهو يخرج عن نطاق الخضوع ألحكام الوظيفة العامة موظفوا البرلمان

ورجال القضاء ورجال الجيش والعاملون في مرافق ومنشآت عامة ذات طابع

. صناعي أو تجاري

الموظفين Hauriou" هوريو" أما على صعيد الفقه والقضاء فقد عرف األستاذ

كل الذين يعينون من قبل السلطة العامة تحت اسم موظفين أو " العامين بأنهم

Page 60: الوجيز في القانون الإداري

60

مستخدمين أو عاملين أو مساعدي عاملين يشغلون وظيفة في الكوادر الدائمة

" . ) ( لمرفق عام تديره الدولة أو اإلدارات العامة األخرى

م في إدارة مرفق كل شخص يساه" بأنه Debeyreوديبير, Duezوعرفه دويز

عام يدار باالستغالل المباشر من قبل الدولة ويوضع بصورة دائمة في وظيفة داخله

" . ) ( في نطاق كادر إداري منظم

كل شخص يعهد إليه بوظيفة " وقضى مجلس الدولة الفرنسي بأن الموظف هو

واشترط المجلس أن يكون , " دائمة في المالك وتكون في خدمة مرفق عام

. ) ( مرفق العام إداريا ال

أما المرافق الصناعية والتجارية فقد فرق فيها بين شاغلي الوظائف اإلدارية

واعتبر العاملين في النوع األول من Subalterneوالوظائف األقل أهمية

الوظائف موظفين عامين أما الوظائف األخرى فأخضعها للقانون الخاص وعزى

شاغلي وظائف المحاسبة واإلدارة أكثر ارتباطا المجلس هذه التفرقة إلى أن

. ) ( بالمرفق العام

في مصر : ثانيا

اكتفى المشرع المصري شأنه شأن الفرنسي بتحديد الموظفين الذين يخضعون

. لألحكام الواردة في القوانين واللوائح الصادرة في شأن الموظفين العموميين

بشأن نظام موظفي 1191لسنة 211قم فقد نصت المادة األولى من القانون ر

تسري أحكام هذا الباب على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء " الدولة بأنه

" . كانون مثبتين أم غير مثنتين

ويعتبر موظفا في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الداخلة

ر من مجلس الوزراء أو من أية في الهيئة بمقتضى مرسوم أو أمر جمهوري أو قرا

. هيئة أخرى تملك سلطة التعيين قانونا

يعتبر " فقد ورد في المادة الثانية منه 1112لسنة 21أما في ظل القانون رقم

عامال في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الدائمة أو

" . المؤقتة بقرار من السلطة المختصة

بينما ورد , القانون أزال المشرع التفرقة بين الوظائف الدائمة والمؤقتة وفي هذا

يعتبر " 1181لسنة 97في نظام العاملين المدنيين بالدول الصادر بالقانون رقم

عامال في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف المبينة بموازنة

مؤقتة للمتمتعين بالجنسية المصرية أو كل وحده ويكون التعيين في الوظائف ال

األجانب وفقا للقواعد التي تتضمنها الالئحة التنفيذية مع مراعاة األحكام الخاصة

" . بتوظيف األجانب

فقد جاء أكثر إيجازا ولم يتطرق للوظائف 1187لسنة 28أما القانون الحالي رقم

ت الفقرة األخيرة من المادة األولى إذا نص, الدائمة والمؤقتة وال إلى تعيين األجانب

كل من يعين في إحدى , يعتبر عامال في تطبيق أحكام هذا القانون " منه على أنه

وفي مكان آخر في المادة نفسها نص على " . الوظائف المبينة بموازنة كل وحدة

سريان هذا القانون على العاملين بوازرات الحكومة ومصالحها واألجهزة التي لها

والعاملين بالهيئات العامة فيما لم , ووحدات الحكم المحلي , وازنة خاصة بهام

Page 61: الوجيز في القانون الإداري

61

. ) ( تنص عليه اللوائح الخاصة بها

كل شخص " بينما ذهب غالبية الفقهاء المصريين إلى تعريف الموظف العام بأنه

يعهد إليه بعمل دائم في خدمة أحد المرافق العامة يتولي إدارتها ، الدولة أو أحد

شخاص القانون العام اإلقليمية أو المرفقية ، وذلك بتولي منصبا دائما يدخل في أ

" . ) ( نطاق التنظيم اإلداري للمرفق

الموظف العام هو الذي " وقد عرفت المحكمة اإلدارية العليا الموظف العام بقولها

نون العام يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القا

" . ) ( األخرى عن طريق شغله منصبا يدخل في التنظيم اإلداري لذلك المرفق

ويبدو من ذلك أن الفقه والقضاء المصري يشترط توافر عنصرين في المرفق العام

-:هما

. العمل في خدمة مرفق عام أو أحد أشخاص القانون العام . 1

. أن يقوم بعمل منتظم غير عارض . 2

: في العراق فقد استقر القضاء والفقه على انه يشترط في الموظف العام ما يلي اما

: أن يعهد إليه بعمل دائم . 1

يشترط إلضفاء صفة الموظف العام أن يشغل العامل وظيفة دائمة داخلة في نظام

وبذلك ال يعد العاملون بصورة مؤقتة أو موسمية كالخبراء , المرفق العام

. انونيون موظفين والمشاورين الق

ومن متممات العمل الدائم أن تكون الوظيفة داخله ضمن المالك الدائم في الوحدة

. اإلدارية

ومن الواجب عدم الخلط بين الموظف الذي يعمل بعقد مؤقت في وظيفة دائمة

والوظيفة المؤقتة أو الموسمية ألن شاغل الوظيفة األولى يعد موظفا عاما ولو

. انتهاء مدة العقد أمكن فصله ب

أما الثانية فال يعد شاغلها موظفا عاما تغليبا للطبيعة الالئحية لعالقة شاغل الوظيفة

. الدائمة باإلدارة على العالقة التعاقدية

أن يعمل الموظف في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون -2

: العام

ما أن يعمل في وظيفة دائمة إنما يلزم أن يكون ال يكفى العتبار الشخص موظفا عا

: وللمرفق العام معنيان Le Service Publicعمله هذا في خدمة مرفق عام

المعنى العضوي ويفيد المنظمة التي تعمل على أداء الخدمات وإشباع الحاجات

. العامة ، ويتعلق هذا التعريف باإلدارة أو الجهاز اإلداري

فهو المعنى الموضوعي ويتمثل بالنشاط الصادر عن اإلدارة أما المعنى اآلخر

. ) ( بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة

وقد كان المعنى العضوي المعنى الشائع في القضائين الفرنسي والمصري ثم جمعا

. بين المعنيين بتطور أحكامهما ومن ثم استقرا على المعنى الموضوعي

ويشترط الكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة أو أحد أشخاص القانون العام

Page 62: الوجيز في القانون الإداري

62

وبذلك ال يعد الموظفون في المرافق التي تدار بطريقة . هذا المرفق إدارة مباشرة

وكذلك العاملون في الشركات والمنشآت التي ال تتمتع . االلتزام موظفين عموميين

. ولو تم إنشائها بقصد إشباع حاجات عامة بالشخصية االعتبارية العامة

: أن تكون تولية الوظيفة العامة بواسطة السلطة المختصة -3

الشرط األخير الالزم الكتساب صفة الموظف العام هو أن يتم تعيينه بقرار من

. السلطة صاحبة االختصاص بالتعيين

. لتعيين كالموظف الفعلي فال يعد موظفا عاما من يستولي على الوظيفة دون قرار با

كما أن مجرد تسليم العمل أو تقاضي المرتب ال يكفي العتبار المرشح معينا في

. ) ( الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بإدارة القانونية ممن يملك التعيين

المبحث الثاني

طبيعة العالقة التي تربط الموظف باإلدارة

فى فرنسا حول طبيعة العالقة التى تربط الموظف ثارالخالف فى الفقة والقضاء

بالدولة ، هل هى عالقة تعاقدية ينظمها العقد ام هى عالقة قانونية تنظيمية تحكمها

. القوانين واللوائح

تكييف عالقة الموظف باإلدارة على أنها عالقة تعاقدية : أوال

بالدولة في مركز كان الرأي السائد في الفقه والقضاء أن الموظف في عالقته

تعاقدي وعلى هذا األساس ظهرت العديد في النظريات التعاقدية التي تتفق على أن

فالبعض اعتبره , العقد هو أساس هذه العالقة إال أنها تختلف في طبيعة هذا العقد

من عقود القانون الخاص ، بينما كيفه البعض اآلخر على انه من عقود القانون

. العام

: عقد المدني نظرية ال.1

مفاد هذه النظرية وجود عقد مدني بين الموظف والدولة يلتزم الموظف بموجبه

بتقديم خدمه لقاء قيام الدولة بتنفيذ اإلعباء المناطه بها من تقديم األجر الالزم

. تحقيقا للمصلحة العامة

خاص وتكييف العالقة بين الموظف والدولة بأنها عالقة خاصة يحكمها القانون ال

إنما يقوم على افتراض أن إبرام العقد إنما يتم بمفاوضات بين الموظف والدولة ،

وأن هذه المفاوضات تهدف إلى تحديد مضمون العقد من حيث موضوعه وشروطه

. ) ( وآثاره

ويبدو أن هذه النظرية مازالت تجد نوعا من الرواج في البالد أال نجلوسكسونية

. ) ( حدة األمريكية كإنجلترا والواليات المت

: نظرية عقد القانون العام . 2

بعد أن ظهر عجز نظرية العقد المدني عن تبرير العالقة بين الموظف والدولة

ظهرت من جانب أصحاب النظريات التعاقدية ترجع العالقة إلى عقد من عقود

واجهة القانون العام على اعتبار أن هذه العقود تخول اإلدارة سلطات واسعة في م

المتعاقد معها لتحقيق المصلحة العامة ،وحيث أن هذا العقد يهدف إلى حسن سير

Page 63: الوجيز في القانون الإداري

63

المرافق العام فأنه يكون قابال للتعديل من قبل الدولة ، وبذلك ال تتقيد اإلدارة بقاعدة

.) ( العقد شريعة المتعاقدين

الناشئة عن كما تملك اإلدارة الحق بمسائلة الموظف إذا أخل بالتزاماته الوظيفية

. العقد تأديبيا دون موافقة مسبقة من الموظف

ومن أنصار هذه النظرية في مصر الدكتور عبد الحميد حشيش الذي يرى أن نظرية

عقد القانون العام قد أكسبت الفكرة العقدية األصلية مرونة ، إذا أصبح في مكنه

قا لمشيئتها أعماال لمبدأ اإلدارة تعديل النصوص التعاقدية بإرادتها المنفردة ، ووف

. ) ( قابلية قواعد المرفق للتعديل والتغيير لمطابقة حاجات الناس المتغيرة

وقد اعتنق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظرية حتى وقت قريب ليحرم الموظفين

. المضربين من ضمانات التأديب

ق العام هو أساس بينما اتجه بعض أنصار هذه النظرية إلى القول بأن عقد المرف

" جيلينك "الرابطة التعاقدية بين الموظف والدولة ومن أنصار هذا االتجاه الفقيه

الذي ذهب إلى أن الموظف وفقا لهذا العقد يخضع لسلطة المرفق كأي سلطة محددة

تلتزم بقواعد القانون ، غير أن األوامر ال تنفذ مباشرة بموجب قانون موضوعي

ي ، مكتسب بموجب هذا العقد وهو ال يتفرع عن سلطة وإنما وفقا لحق شخص

. ) ( رئاسية عليا ، وإنما تنبثق منه السلطات الخاصة لرئيس المرفق

وقد تعرض تكيف العالقة بين الموظف والدولة على هذا األساس للنقد أيضا شأن

ق النقد الموجه لنظرية العقد المدني ألنه وأن أخرج عالقة الموظف من نطاق تطبي

. ) أحكام القانون الخاص إال أنه لم يتحرر نهائيا من األساس التعاقدي لهذه العالقة

)

وبالنظر إلى كثرة عيوب النظريات التعاقدية فقد هجرها القضاء والفقه والتشريعات

, Duguitالمختلفة ، وكان من أبرز الرافضين للنظريات التعاقدية الفقيهان

Hauriou , في رفضه هذا على تحليله لعملية تعيين " يو هور" وقد استند

الموظف ، مبينا أنها ال تتضمن مقومات التعاقد ال من حيث عناصره الشكلية وال

.) ( من حيث الموضوع

-:النظرات التنظيمية : ثانيا

بدأ الفقه الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشر في االتجاه نحو تكييف العالقة بين

. ) ( دارة بأنها عالقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح الموظف واإل

ومضمون هذه النظريات أن القوانين واللوائح هي التي تحدد شروط وأحكام

. الوظيفة العامة وحقوق الموظف وواجباته

ويترتب على هذه النظرية أن اإلدارة حرة في تعديل أحكام الوظيفة بإرادتها

ولو كان في هذا التعديل إنقاص في , ارة الموظف المنفردة دون حاجة الستش

االمتيازات المادية واألدبية مما يتعذر معه إسباغ الصفة التعاقدية على عالقة

. ) ( الموظف بالدولة في هذه الحالة

على ان يكون هذا التعديل بإجراء عام بناء على تعديل في قوانين التوظيف أما

. األدبية بقرار فردي فال يكون إال بإجراء تأديبي التعديل في المزايا المادية و

Page 64: الوجيز في القانون الإداري

64

ومن النتائج التي تترتب على هذا المركز الالئحي ، أن قرار تعيين ونقل الموظف

وترقيته وعزله هي قرارات إدارية تصدر من اإلدارة وحدها ، بإرادتها المنفردة

. دون مشاركة من الموظف

تقديم استقالته من العمل وإنما تظل هذه كما النقطع صلة الموظف بالوظيفة بمجرد

. الصلة قائمة إلى يتم قبول استقالته من السلطة المختصة

وقد أخذ المشرع الفرنسي بالمركز التنظيمي للموظف العام منذ صدور قانون

إذ نصت المادة الخامسة منه 1112أكتوبر 11الصادر في 2212التوظيف رقم

" . العمل عالقة تنظيمية والئحية عالقة الموظف بجهة" على أن

في 222وكذلك نصت المادة الخامسة من النظام العام للموظفين الصادر باألمر رقم

يكون الموظف اتجاه اإلدارة في مركز تنظيمي والئحي " على أن 1191فبراير 2

. "

المتعلق بحقوق والتزامات 1173يوليو 13في 132وأخيرا جاء في القانون رقم

الموظف اتجاه اإلدارة في مركز الئحي " الموظفين في المادة الرابعة منه أن

" . وتنظيمي

الخاص بنظام 1191لسنة 211ولم يحدد المشرع المصري في القانون رقم

الخاص بنظام العاملين المدنيين 1212لسنة 21موظفي الدولة وال في القانون رقم

1181لسنة 97عام غير أن القانون رقم بالدولة المركز القانوني للموظف ال

الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة جعل الموظف في مركز نظامي إذ نصت

الوظائف العامة تكليف للقائمين بها ، هدفها خدمة المواطنين " منه على 92المادة

" . تحقيقا للمصلحة العامة طبقا للقوانين واللوائح والنظم المعمول بها

لسنة 28من القانون الحالي رقم 81ردد المشرع نفس النص في المادة وقد

. الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة 1187

الفصل الثاني

التعيين في الوظيفة العامة

لكي يلتحق الشخص بالوظيفة العامة يجب توافر بعض الشروط العامة ليتسنى بعد

.ذلك اختباره واصدار قرار بتعيينه

, ونقسم هذا الفصل إلى ثالث مباحث نتناول في أولهما الشروط العامة في التعيين

أما , ونوضح في ثانيهما الطرق المختلفة المتبعة في تعيين الموظفين العموميين

. المبحث الثالث فنخصصه للبحث في حركة الموظف أثناء الخدمة

المبحث األول

: الشروط المتبعة في التعيين

الحرص على االرتقاء بالوظيفة العامة يجعل من الضروري العناية باختبار أن

الموظفين واشتراط توفر قدرة وكفاية فيمن يعين في الوظائف العامة تحقيقا

. للصالح العام

Page 65: الوجيز في القانون الإداري

65

: وفي العراق مثال يتطلب المشرع في تولي الوظائف العامه مايلي

: تعا بحقوقه المدنية أن يكون متمتعا بالجنسية العراقيه ومتم. 1

تطبيقا لمبدأ السيادة الوطنية ورغبة الدولة في حماية أمنها وضمانا للوالء لها ،

. فإن الدول تشترط فيمن يتولى الوظائف العامة أن يكون ممن يحملون جنسيتها

إال أن هذا المبدأ ال يجري على إطالقه إذ غالبا ما تستعين الدولة ببعض األجانب في

وغالبا ما يتم . لة الضرورة أو عدم االكتفاء بالعناصر الوطنية المتوفرة لديها حا

. ذلك لفترة مؤقتة وبعقود خاصة

وال يكفى لتقلد الوظيفة العامة أن يكون المرشح مواطناعراقيا ، إنما يجب أن .

. يكون متمتعا بالحقوق المدنية

بعية تترتب على األحكام التي يتم ويفقد الشخص تمتعه بالحقوق المدنية كعقوبة ت

. إيقاعها عليه في بعض الجرائم

: حسن السيـرة والسلوك . 2

السيرة والسلوك الحسن هي مجموعة الصفات الحميدة التي يتمتع فيها الفرد

. وتشيع عنه فيكون موضع ثقة عند اآلخرين

عن الشبهات ومقتضى هذا الشرط أن يكون المرشح لتولي الوظيفة العامة بعيدا

. التي تثير الشك لدى اآلخرين وتؤدي إلى اإلخالل بنزاهة الوظيفة العامة

واألصل أن كل شخص حسن السيرة والسلوك إال إذا ثبت العكس ويقع عبء اإلثبات

على اإلدارة العامة التي يجب عليها أن تسبب قرارها ، عندما تستبعد المرشح

. ) ( لرقابة القضاء للوظيفة ويكون قرارها هذا خاضعا

ومن الجدير بالذكر أن تقدير حسن السيرة والسلوك أمر نسبي يختلف من مجتمع

إلى آخر فشرب الخمر ولعب القمار ال يعد سوء السيرة في المجتمعات األوربية

. بينما هو كذلك في المجتمعات الشرقية

: جنحة مخله بالشرف أن ال يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية أو في جناية أو. 3

أن ال يكون قد سبق وأن حكم على الموظف : يتفرع هذا الشرط إلى شقين ، األول

يتعلق بعدم الحكم عليه بجناية أو جنحة مخلة : والثاني , بعقوبة عن جناية

. بالشرف

" بالنسبة إلى الشق األول اعتبر المشرع أن الحكم على الشخص بعقوبة الجناية

مانعا من التعيين في أحد الوظائف العامة ، " د أو المؤقت أو السجن السجن المؤب

على اعتبار أن الحكم على هذا الشخص بمثل هذه العقوبة الجسيمة قرينة قاطعة

على عدم صالحيته لتولى الوظائف العامة وخطورته على المجتمع ، ويبدو أن

بجناية سواء في المشرع قد نظر إلى نوع العقوبة فسحب النص على المعاقب

. قانون العقوبات الليبي أو القوانين األخرى

أما الشق الثاني من هذا الشرط فيتعلق بالحكم على الشخص بعقوبة الجناية أو

الجنحة المخلة بالشرف وهنا ينظر المشرع إلى طبيعة هذه الجريمة سواء كان

Page 66: الوجيز في القانون الإداري

66

تتعلق باإلخالل الحكم على الشخص بعقوبة الجناية أو الجنحة مادامت الجريمة

. بالشرف

وفي جميع األحوال يشترط في الحكم أن يكون نهائيا الستبعاد المرشح من شغل

الوظيفة العامة ، وتتحقق اإلدارة في توافر هذا الشرط من خالل طلبها من المرشح

. تقديم شهادة الحالة الجنائية من الجهات المختصة

: تأديبي نهائي إال يكون قد فصل من الخدمة بقرار . 2

ويعود هذا الشرط لكون أن قرار الفصل يؤكد عدم صالحية الموظف لتولي الوظيفة

ألخالله إخالال جسيما بأحكامها مما أدى إلى صدور قرار تأديبي نهائي بفصله

. واستبعاده عن الوظيفة

أو ويجب أن يكون قرار الفصل نهائيا أي ال يتطلب نفاذه إجراءات أخرى من اعتماد

. تصديق من جهة إدارية عليا

: إال يقل سن المرشح عن ثماني عشر سنة . 9

من الضروري للقيام بأعباء الوظيفة العامة أن يكون المرشح قد بلغ سنا من

ويتم إثبات سن المرشح بشهادة ميالد .النضج تؤهله لتحمل تبعات منصبه

ديمها جاز استثناء تقدير مستخرجة من سجالت األحوال المدنية أما إذا تعذر تق

السن بإحالة المرشح على لجنة طبية ويكون قرارها غير قابل للطعن فيه بأي

. ) ( طريق من طرق الطعن ولو قدمت شهادة ميالد غير ذلك

: أن يكون المرشح الئقا صحيا . 1

يجب أن يتوافر لدي المرشح للوظيفة العامة اللياقة الصحية التي تؤهله القيام

أعباء وظيفته ، ويتم التأكد من ذلك بشهادة تثبت خلوه من األمراض ولياقته ب

. . الصحية أو تتم إحالته إلى لجنة طبية مختصة

واللياقة الصحية تختلف من وظيفة إلى أخرى فمن ال يكون الئقا صحيا لوظيفة قد

. يكون الئقا ألخرى حسب طبيعة الوظيفة وظروفها

: ا للشروط الالزم توافرها فيمن يشغل الوظيفة أن يكون مستوفي. 8

يجب أن تتوافر في المرشح للوظيفة العامة المؤهالت العلمية التي تحفظ كفاءة

. ) ( معينة للقيام بالوظيفة

المبحث الثاني

طرق اختيار الموظفين العموميين

اليب اإلدارة في وأس.تسعى اإلدارة إلى اختيار افضل العناصر لشغل الوظائف العامة

اختيار موظفيها تختلف من مجتمع إلى أخر حسب الظروف االقتصادية واالجتماعية

ولعل أهم األساليب أو الطرق التي تتبعها اإلدارة في .والسياسية التي يعيشها

االختيار الحر ، األعداد والتأهيل ، : اختيار موظفيها إنما تتم بأربعة أساليب

Page 67: الوجيز في القانون الإداري

67

. وأسلوب المسابقة واالمتحان .االختيار الديمقراطي

أسلوب االختيار الحر :أوال

. تتمتع اإلدارة في هذا األسلوب بحرية اختيار الموظفين ، دون قيود أو ضوابط

فاإلدارة وحدها من يملك تحديد المعايير والمقومات التي يستند عليها االختيار دون

اختيارها لفئة دون أخرى من أن تكون ملزمة باإلعالن عن هذه المعايير أو تبرير

. ) ( المرشحين

وقد سادت هذه الطريقه قديما فقد كان يتمتع الحاكم بسلطه مطلقه فىاختيار

العاملين ، اذ يتم اختيارهم على اساس الثقه الشخصيه دون تطلب اى شروط

. ) ( موضوعيه اخرى

الوظائف التي وتتبع هذه الطريقة في اختيار كبار الموظفين نظرا ألهمية هذه

. تتطلب فيمن يشغلها الثقة والمقدرة الفنية والكفائه السياسية

وقد كان التعيين بهذه الطريقة منتشرا في الواليات المتحدة األمريكية حتى

والتي كان مؤداها أن الحزب " نظام االسالب و الغنائم " ويعرف باسم , 1773عام

حق شغل الوظائف المهمة في اإلدارات المنتصر في االنتخابات الرآسيه يكون له

. االتحادية بعد طرد أنصار الحزب المنافس

ومع ذلك فأن هذا األسلوب ال يعنى أن اإلدارة تملك السلطة المطلقة في االختيار،إذ

يجب أن تراعى اعتبارات المؤهالت والكفآت العلمية األزمة لشغل هذه الوظائف

. تحقيقا للصالح العام

: أسلوب األعداد والتأهيل : ثانيا

في هذه الطريقة تقوم الدولة بإنشاء الكليات والمعاهد المتخصصة ومراكز التعليم

وعلى . ألعداد األشخاص الراغبين في تولى الوظائف العامة . المهني و األكاديمي

الرغم من أهمية هذا األسلوب في األعداد للوظائف العامة فأنه يتطلب الكثير من

. فقات والجهود من الدولة الن

وهذه الطريقة شائعة في تأهيل الكوادر الفنية واإلدارية في الجماهيرية ، ومن

. أمثلتها مراكز إعداد المدربين ومعاهد المهن الشاملة و معاهد التمريض و البريد

: أسلوب االختيار الديمقراطي : ثالثا

عن طريق األفراد في الوحدات ويقصد بهذا األسلوب أن يتم اختيار الموظفين

. اإلدارية التي يراد شغل الوظيفة العامة فيها

ويؤدى اتباع هذا األسلوب إلى شعور األفراد بأهميتهم لمشاركتهم في اختيار

الموظفين ،كما أنها تشعر الموظف بأن األفراد قد وضعوا ثقتهم فيه مما يتوجب

. عليه احترامهم وتأدية رغباتهم

: أسلوب المسابقة واالمتحان:رابعا

يعد هذا األسلوب افضل الطرق لشغل الوظيفة العامة فهو يحقق مبدأ تكافؤ الفرص

والمساواة بين األفراد ، كما يؤدى إلى وصول من هم أهل لتولى المسؤولية في

Page 68: الوجيز في القانون الإداري

68

. المناصب اإلدارية

الوقت الحاضر ويعتبر اختيار الموظفين بهذا األسلوب األكثر انتشارا بين الدول في

فهو ينطوي على الموضوعية في االختيار بعيدا عن األهواء السياسية والمحسوبية

إال أن الدول تتفاوت في مدى تطبيقية فبعض الدول . واالعتبارات الشخصية

تستخدم نظام االمتحان والمسابقة في شغل الوظائف الدنيا في السلم اإلداري ، بينما

ة عامه في االختيار في الوظائف الدنيا والوظائف العليا تستخدمه دول أخرى كقاعد

. على حد سواء

ولكي يجرى االمتحان أو المسابقة في ظروف تمكن من اختيار افضل المرشحين

. البد من أحاطته بضمانات وضوابط تكفل العدالة و الموضوعية في االختيار

كل الدول وإنما تتخذ صور وال تجرى االمتحانات أو المسابقات على نمط واحد في

متعددة فأما أن يكون االمتحان شفويا أو تحريريا أو بمقابالت شخصية ويمكن

. الجمع بين هذه الصور

: السلطة المختصة بالتعيين

بعد انتهاء إجراءات الترشيح والتأكد من توافر شروط شغل الوظيفة العامة ، يجب

ن الشخص في الوظيفة المرشح لها وفقا ان يصدر قرار من السلطة المختصة بتعيي

. لألوضاع المقررة قانونا

وعلى ذلك فال يعتبر موظفا عاما الشخص الذي يتولى واجبات وظيفية قبل صدور

وال يعد موظفا من يغتصب الوظيفة , قرار تعيينه ولو تقاضي مرتبا لقاء عمله هذا

. ن في السلطة المختصة ويقحم نفسه عليها دون أن يصدر له قرار بالتعيي

إال أنه استثناء استقر القضاء والفقه على إضفاء صفة المشروعية على األعمال

التي يجريها الموظف الفعلي وهو شخص يباشر مهام الوظيفة العامة بقرار تعيين

ويتم ذلك في حالتين األولى األحوال العادية , معيب أو لم يصدر قرار بتعيينه أصال

قرار بتعيين شخص في الوظيفة العامة دون اتباع الشروط عندما يصدر

واإلجراءات التي يتطلبها القانون ، فيكون قرار التعيين باطال في هذه الجهة وتبعا

. ) ( لذلك تكون كافة تصرفات هذا الشخص باطلة حتما

إال أن القضاء والفقه درج على االعتراف بشرعية هذه التصرفات حماية للجمهور

فمن غير المتصور أن يطلب , سن النية الذي يعتمد على المظاهر الخارجية ح

. الجمهور من الموظف إثبات صحة شغله للوظيفة العامة

و الثانية األحوال االستثنائية فقد يتولى بعض األشخاص ممارسة بعض الوظائف

مة مؤقتا نتيجة لحصول ثورة أو حرب أو حالة طوارئ لضمان سير المرافق العا

مما يقتضي االعتراف بشرعية األعمال التي يجرونها ويحق , بانتظام واطراد

. ) ( للموظف الفعلي في هذه الحالة أن يطالب اإلدارة بمقابل قيامه بالعمل

أما في غير الحالتين السابقتين فإن كل ممارسة للوظيفة العامة دون حق مشروع

صفة يعاقب عليه القانون وتكون تعد بمثابة اغتصاب للوظيفة العامة وانتحال

. ) ( تصرفات من يباشره منعدمة وليس لمن يمارسها الحق في تقاضي أي مقابل

Page 69: الوجيز في القانون الإداري

69

: اآلثار المترتبة على صدور قرار التعيين

يترتب على صدور قرار التعيين تولي مهام وظيفته المعين بها وما يستتبع ذلك من

تبدأ من تاريخ صدور قرار التعيين ، حقوق والتزامات ، إذ أن العالقة الوظيفية

ويخضع الموظف للقوانين واللوائح الخاصة بالوظيفة العامة ، ويبدأ في هذا

. التاريخ حق الموظف بالترقية واألقدمية

ويترتب على صدور قرار التعيين جواز الطعن باإللغاء ممن له مصلحة في ذلك

تعيين غير متوافرة أو أنه حق ويعتقد أن قرار التعيين غير مشروع وأن شروط ال

. ) (بالتعيين في الوظيفة التي تم شغلها

فإن , و إذا صدر قرار التعيين باطال الحتوائه على عيب من عيوب المشروعية

السلطة المختصة بالتعيين تملك سلطة سحب قرارها الباطل ، أما األعمال التي

تطبيقا لنظرية الموظف صدرت عن الموظف الذي تم تعيينه فإنها تعد مشروعة

. الفعلي

المبحث الثالث

حركة الموظف أثناء الخدمة

قد تطرأ على الحياة الوظيفية للموظف تغييرات معينة طبقا لمتطلبات العمل

فقد ينقل الموظف نقال نوعيا أو مكانيا أو ينتدب إلى , الوظيفي والمصلحة العامة

-: وسوف نبين هذه المواضيع تباعا , ادته إليها وظيفة أخرى لمدة معينة أو تتم إع

. النقــل : أوال

األصل أن اإلدارة تملك سلطة تقديرية واسعة في نقل موظفيها من وظيفة إلى

أخرى بحكم خضوعهم إلى مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت ولها حرية

ن بقرار النقل قضائيا تقدير ظروف العمل ومقتضياته وليس للموظف الحق في الطع

اللهم إال بطريق التظلم أو خالل خمسة عشر يوما من تاريخ إبالغه أمام الجهة التي

. أصدرت القرار أو لجنة التظلمات المختصة

: والنقل نوعان ، فهناك النقل المكاني والنقل النوعي

: النقل المكاني . 1

ل الموظف من مكان إلى آخر مع يقصد بالنقل المكاني أن يتم تغيير مكان عم

ممارسته لذات الوظيفة التي كان يمارسها سواء أكان النقل داخل الدائرة التي يعمل

. فيها الموظف أم خارجها

: النقل النوعي . 2

ويقصد به أن يسند إلى الموظف وظيفة أخرى غير وظيفته األصلية التي تم تعيينه

سواء أكان النقل في داخل الوحدة , المرتب فيها من حيث الدرجة أو األقدمية أو

. اإلدارية التي كان يعمل فيها أو إلى إدارة أخرى

وفي هذه الحالة تختص دوائر القضاء اإلداري بالرقابة على قرار اإلدارة بنقل

Page 70: الوجيز في القانون الإداري

70

والحتمال أن تسعي , موظفيها النطواء القرار على آثار سلبية تلحق الموظف

. لنقل إلى معاقبة الموظف كوسيلة مقنعة لتأديبه اإلدارة من وراء قرارها با

. الندب : ثانيا

يقصد بالندب أن يسند إلى الموظف مؤقتا وظيفة أخرى خارج الجهة التي يعمل

. فيها مع احتفاظه بدرجته الوظيفية

وتتمتع اإلدارة بسلطة تقديرية بشأن انتداب موظفيها دون معقب من القضاء

فإذا انحرفت اإلدارة في استعمال , ساءة استعمال هذه السلطة اإلداري بشرط عدم إ

سلطتها وسعت من وراء قرارها بالندب إلى معاقبة الموظف بغير الطريق التأديبي

. فإن قرارها يعد بمثابة القرار التأديبي ويختص القضاء اإلداري بنظر الطعن فيه

. اإلعارة : ثالثا

عن أداء وظيفته والتحاقه بعمل آخر لدى إدارة اإلعارة هي توقف الموظف مؤقتا

أخرى يخضع لشروطها ويتقاضى مرتبها أو مرتبه الكامل مضافا إليه نسبة مئوية

معينة مع بقاء عالقة الموظف بجهة عمله األصلية من حيث العالقات واألقدمية

. والترقيات

رة أو بناء على طلب ويترتب على انتهاء اإلعارة قبل مدتها بقرار من الجهة المعي

عودة الموظف المعار ليشغل وظيفته , الجهة المستعيرة أو طلب الموظف نفسه

. األصلية إذا كانت شاغرة أو أي وظيفة أخرى من ذات درجته

الفصل الثالث

. حقوق وواجبات الموظف العام

في كفل المشرع للموظف العام جملة من الحقوق حددها في القوانين واللوائح و

مقابل ذلك ألزمه بواجبات محددة ال يجوز مخالفتها أو االتفاق على ما يخالفها

وسنتطرق في هذا الفصل إلى الحقوق والواجبات التي , باعتبارها من النظام العام

. يلتزم بها الموظف العام وفي مبحثين

. حقوق الموظف العام : المبحث األول

لتوفير االطمئنان للموظف العام فقد حدد المشرع تأمينا لفاعلية الوظيفة العامة و

جملة من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الموظف منها ما هو ذي طبيعة مالية

: نتناولها تباعا , ومنها ما هو ذي طبيعة أدبية

. المرتب وملحقاته -

الترقية -

. اإلجازات -

. المرتب وملحقاته : أوال

المالي الذي يتقاضاه الموظف شهريا نظير القيام بمهام يقصد بالمرتب المبلغ

وظيفته ، ويحض ويدخل ضمن معنى المرتب كافة المزايا المالية األخرى الملحقة

. به كالمرتب اإلضافي وبدل السفر واإلقامة وعالوة السكن والعالوات األخرى

Page 71: الوجيز في القانون الإداري

71

لرئيس في ويعد حق الموظف في تقاضي المرتب أهم حقوق الموظف ألنه السبب ا

فمن , التحاقه بالوظيفة غالبا ، وألهميته تلك فقد أضفى عليه المشرع حماية خاصة

جهة تختص دوائر القضاء اإلداري دون غيرها في نظر المنازعات المتعلقة

. بالمرتبات التي يتقاضاه الموظفون

.

-:وتقسم العالوات إلى نوعين

نويا اعتبارا من أول الشهر التالي وتمنح للموظف س -:العالوات الدورية . 1

. النقضاء سنة من تاريخ التعيين أو منح العالوة السنوية السابقة

ويستحق الموظف العالوة السنوية بصفة اعتيادية ولو تمت ترقية الموظف إلى

. إال أن المشرع اشترط أن يؤدي الموظف خدمته بصورة مرضية ’ درجة أخرى

أجاز المشرع منح الموظف مكافأة تشجيعا على بذل أقصى : العالوة التشجيعية . 2

قدر ممكن من الجهد في العمل تعادل العالوة الدورية المقررة له و ال يؤثر منح هذه

. العالوة على منح العالوة الدورية في موعدها السنوي

. الترقية : ثانيا

ه القانوني يكون من يقصد بالترقية كل ما يطرأ على الموظف من تغيير في مركز

. شأنه تقديمه وتميزه عن أقرانه

والترقية تحقق للموظف مزايا مادية ومعنوية فهي تفسح المجال للموظف في

الوصول إلى المناصب العليا فيحقق بذلك طموحه في الحصول على درجة مالية

. أكبر واختصاصات أكثر أهمية

. اإلجـازات : ثالثا

الراحة من عناء العمل لتجديد نشاطه ، كما أن ظروفه كل موظف البد له من

. الصحية واالجتماعية قد تضطره لطلب اإلجازة

كما أن المصلحة العامة تقتضي في كثير من األحيان منح الموظف فترة من الراحة

. ليعود بعدها نشيطا وكفوء لممارسة عمله

. اإلجازة السنوية . 1

نويا من أجل الراحة من عناء العمل ولتجديد نشاط وهي اإلجازة التي تتقرر س

. الموظف مما ينعكس على كفاءته في تأدية وظيفته

. اإلجازات الطارئة . 2

اإلجازات الطارئة أو العارضة كما تسمى أحيانا هي تلك التي ينقطع فيها الموظف

ئه ويجب أن يستأذن الموظف رؤسا, عن عمله ألسباب تمليها عليه الضرورات

. للترخيص له بالغياب

. اإلجازة المرضية . 3

من المهم الحفاظ على صحة الموظف العام ليتمكن من القيام بمهامه الوظيفية على

أكمل وجه ، وعلى ذلك كان من الواجب على المشرع أن يوفر العناية األزمة

Page 72: الوجيز في القانون الإداري

72

للموظف من خالل منحه إجازة إذا لحق به مرض يحول دون قيامه بعمله على

. لوجه المطلوب ا

المبحث الثاني

واجبات الموظف العام

في مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام يجب أن يؤدي مهام معينة ضمانا

والبد من . وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين, لحسن سير الوظيفة العامة

ما هي واجبات وإن, اإلشارة إلى أن هذه الواجبات ليست محددة على سبيل الحصر

وقد نص المشرع على األساسية منها , عامة ناتجة عن طبيعة الوظيفة العامة

: والتي سنبينها تباعا

. أداء العمل -

. طاعة الرؤساء -

. احترام القوانين واللوائح -

. عدم إفشاء أسرار الوظيفية -

. المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة -

. ن الوظيفة وأي عمل آخر عدم جواز الجمع بي -

. عدم ممارسة األعمال السياسية والمناهضة للدولة -

. أداء العمل : أوال

الواجب األول والجوهري الذي يلتزم به الموظف هو أن يؤدي العمل بنفسه وفي

الوقت والمكان المخصصين لذلك ، وهذا الواجب من النظام العام ال يجوز للموظف

. ) ( و ينيب غيره فيه لتعلقه بقواعد االختصاص المحددة قانونا أن يتنازل عنه أ

ويتفرع من هذا الواجب أن يقوم الموظف بالعمل بدقة وأمانة ،وأن يبذل غاية جهده

. فيه تحقيقا للمصلحة العامة

ويلزم أن يكون عمل الموظف خالل ساعات العمل منتجا فال يعنى هذا الواجب أن

ر وظيفته دون أن يؤدي عمال ، كما يجوز أن يكلف الموظف يتواجد الموظف بمق

بعمل في غير األوقات الرسمية المحددة سلفا إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك وله

. أن يحصل على أجر إضافي مقابل ذلك

. طاعة الرؤساء : ثانيا

اتق ويمثل واجب إطاعة المرؤوس لرؤسائه أحد الواجبات الهامة التي تقع على ع

الموظف العام ويتوقف نجاح التنظيم اإلداري على كيفية تلقي األوامر وكيفية

. تنفيذها

والطاعة الرآسية مناطها السلم اإلداري أو التدرج الرآسي الذي يقوم على أساس

. ) ( خضوع كل طبقة من الموظفين لما يعلوها من طبقات

تصاصات بعضها يتعلق وتتضمن سلطة الرئيس على مرؤوسيه مجموعة من االخ

Page 73: الوجيز في القانون الإداري

73

. ) ( بشخص المرؤوس واألخر يتعلق بأعماله

تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسيه الكثير من االختصاصات منها ما

يتعلق بالحق في التعيين واالختيار وحق الرئيس في تخصيص مرؤوسيه ألعمال

. معينه أو نقلهم وترقيتهم وإيقاع العقوبات التأديبية عليهم

سلطة على أعمال مرؤوسيه فتتضمن حقه في توجيه مرؤوسيه عن طريق أما

إصدار األوامر والتوجيهات إليهم قبل ممارسة أعمالهم وسلطة مراقبة تنفيذهم

لهذه األعمال والتعقيب عليها ، فيملك الرئيس سلطة إصدار األوامر والتعليمات

. ) ( الملزمة للمرؤوسين

طبيعة الوظيفة العامة وضرورة استمرارها إال وطاعة الموظف أمر مفروض تمليه

أن هذه الطاعة يجب أن تكون مقصورة على ما يتعلق بالعمل وحده وال تمتد إلى

خارجه كالحياة الخاصة للموظف إال إذا كانت الحياة الخاصة تؤثر على أداء

. الموظف لعمله

فس الوزارة أو ويجب أن يكون األمر صادرا للموظف عن رؤسائه المباشرين في ن

وللموظف أن يتجاهل األمر الصادر إليه من موظف آخر ) ( . المصلحة أو اإلدارة

. ) ( أعلى منه درجه لكن ال تربطه به أي صله رئاسية مباشرة أو غير مباشرة

إال أن هذه األوامر يجب أن تكون مشروعه حتى تكون محال للطاعة فإذا كانت غير

غير ملزم بتنفيذها إال إذا نبه رئيسه كتابه إلى أن ما مشروعه فاألصل أن الموظف

أصدره إليه من أوامر تتعارض مع مبدأ المشروعية ، فإذا أصر الرئيس على موقفه

كتابة وطلب تنفيذ أوامره ، ففي هذه الحالة يكون واجبا على الموظف التقيد بهذه

. األوامر التعليمات ويتحمل الرئيس المسؤولية الناتجة عن تنفيذ هذه

الصادر في 132بينما نجد أن المشرع الفرنسي في قانون التوظيف الفرنسي رقم

أكد ضرورة االمتثال لجميع التعليمات الصادرة من الرئيس 1173يوليو 13

اإلداري إلى موظفيه ، حتى لو كانت هذه األوامر غير مشروعه إال إذا كان من

وهذا ما أكده مجلس الدولة . ) ( جسيما شأنها أن تهدد المصلحة العامة تهديدا

. ) ( الفرنسي في العديد من أحكامه

وفى جميع األحوال ليس للرئيس أن يكلف أحد مرؤوسيه بارتكاب جريمة وليس

للمرؤوس أن يطيع األمر الموجه إليه إذا كان يعلم انه ينطوي على ارتكاب جريمة

، فمن حق الرئيس بل من واجبه وليس له أن يدفع بجهله للقانون بهذا الشأن

االمتناع عن تنفيذ األوامر التي تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، وإال تعرض

. للمسؤولية الجنائية فضال عن مسئوليته التأديبية

ويتفرع من واجب الطاعة التزام آخر هو احترام الموظف رؤسائه وتمسكه بآداب

ام يحد من حرية تعبير المرؤوس عن مشاعره اللياقة في مخاطبتهم ، وهذا االلتز

.) ( وأفكاره

فالموظف يجب أن يتقيد بالحدود الالزمة للمحافظة على كرامة رؤسائه وحرمة

. الوظيفة عندما يجد نفسه مجبرا على ابدأ آرائه ومقترحاته بشأن مسألة معينه

ة أخالقية ، أن الطاعة فضيل" في هذا الشأن catherine(كاترين)تقول األستاذة

Page 74: الوجيز في القانون الإداري

74

عندما يتعلق األمر بطلب تضحيات شخصيه ، فيجب أحيانا التنازل عن آراء وقيم

" . ) ( متمسك بها والتدريب على السيطرة على اإلرادة وهذا يتم أحيانا بالقسوة

: احترام القوانين واللوائح : ثالثا

احترام الدستور يلتزم الموظف بواجب احترام القانون بمعناه الواسع فيشمل ذلك

. واللوائح والتعليمات واألوامر الرآسية

أما فيما يتعلق بالمحظورات على الموظف العام فانه يحظر على الموظف بالذات أو

بالواسطة أن يقوم بأي عمل من األعمال المحظورة أو المحرمة بمقتضى القوانين

. أو اللوائح أو األنظمة المعمول بها

موظف هذا الواجب فانه يعرض نفسه للمسئولية التأديبية وفى حالة مخالفة ال

. والجنائية إذا ما توافرت شروطها

. عدم إفشاء أسرار الوظيفة: رابعا

يطلع الموظف بحكم وظيفته على أمور وأسرار يتعلق بعضها بمسائل تمس

المصلحة العامة للدولة كاألسرار العسكرية واالقتصادية والسياسية وبعضها يتعلق

. بمصلحة األفراد وحياتهم الخاصة

وفى الحالتين يلتزم الموظف بعدم إفشاء هذه األسرار ويبقى هذا االلتزام ساريا

. حتى بعد انتهاء خدمة الموظف العام

ويزول هذا الواجب إذا فقد الموضوع سريته أو صار معروفا بطبيعته ، أو إللغاء

السلطات المختصة بإفشاء السر أو أو سمحت ) ( . األمر الذي فرض هذه السرية

. ) ( أذن صاحب السر بإفشائه أو إذا كان من شأن إذاعة السر منع ارتكاب جريمة

ويترتب على مخالفه الموظف لهذا الواجب تعرضه للمسؤولية التأديبية

والمسؤولية الجنائية إذا يشكل إفشاء أسرار الوظيفة جريمة بنص قانون العقوبات

. العراقي

. المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة: ساخام

حرصت التشريعات على عدم قصر مسؤولية الموظف على االخالل بواجباته فى

داخل نطاق الوظيفة ، انما اخذت تتدخل فى سلوكه وتصرفاته فى الحياة الخاصة

. والعامة لتمنع كل مايخل بشرف وكرامة الوظيفة العامة

ات أن يبعد الموظف عن مواطن الشبهات والريبة وغاية المشرع من هذه المحظور

. وهى محظورات وردت على سبيل المثال ال الحصر

. عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر: سادسا

حفاظا على نشاط الموظف وأداء عمله بدقه وكفائه حظر المشرع في قانون الخدمة

ال التي يجوز فيها لذوى المدنية الجمع بين الوظيفة وأي عمل اال في األحو

. المؤهالت المهنية والعلمية مزاولة هذه المهن في غير أوقات العمل الرسمي

الفصل الرابع

تأديب الموظف العام

إذا اخل الموظف العام بواجب من واجبات الوظيفة ، البد أن يعاقب أو يجازى

Page 75: الوجيز في القانون الإداري

75

. تأديبيا

المبحث األول

مفهوم الجريمة التأديبية

كما هو الشان في ) ( العادة ال يضع المشرع تعرفا محددا للجريمة التأديبية في

الجريمة الجنائية ويكتفي غالبا بإيراد الوجبات والمحظورات وينص على أن كل

. موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل بها

التأديبية يعود إلى ولعل خشية المشرع في إضفاء وصف الجريمة على المخالفات

: التشابه الذي قد يحصل بينها وبين الجريمة في المجال الجنائي

لكن الفقه من جانبه قد سد النقص في هذا المجال فقد عرف الدكتور مغاورى محمد

شاهين الجريمة التأديبية بأنها إخالل بواجب وظيفي أو الخروج على مقتضاها بما

. ) ( ينعكس عليها

انها كل فعل أو امتناع يرتكبه : " ستاذ الطماوى تعريفا مقاربا فقال وعرفها اال

كما عرفها االستاذ محمد مختار محمد عثمان , ") ( العامل ويجافى واجبات منصبه

بانها كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية أو لمقتضى الواجب يصدر

. ) ( ينعكس عليها بغير عذر مقبول من العامل اثناء اداء الوظيفة أو خارجها مما

ومن المالحظ ان هذه التعاريف قد جاءت خالية من االشارة الى دور االرادة

بوصفها ركن من اركان الجريمة التأديبية اليمكن ان تقوم الجريمة بدونه وان هذا

االتجاه لو اصبح اتجاها عاما فانه سيؤدى الى مساواه حسن النية من الموظفين

ئ النيه والشك ان ذلك يقود الى التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك بسي

. اثرا سلبيا على العمل فى المرفق

ويمكننا تعريف الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف

من شانة اإلخالل بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا

لتعريف يجمع بين جنباته أركان الجريمة التأديبية كافة من ركن مادي ومعنوي ا

. وشرعي وركن الصفة

: الخطأ أو اآلثم التأديبي : أوال

الخطأ التأديبي ال يخضع لقاعدة ال جريمة وال عقوبة إال بنص كما هو الشان في

بر أخالال منه الجريمة الجنائية فالموظف عليه أن يتجنب الواقع في كل ما يعت

بواجب من الواجبات الوظيفية سوا كان هذا اإلخالل بفعل ايجابي أو كان بفعل سلبي

. ويكون هذا الخطأ مستوجبا لقيام المسوؤلية اإلدارية سواء نتج عنه ضرر أم ال

فالضرر يكون مفترضا لكونه اثر لإلخالل بواجبات الوظيفة باعتباره إخالال بالصالح

( . ) العام

أما تقدير ما إذا كان فعل الموظف يشكل خطأ تأديبيا أم ال فاألمر ال يخرج عن

. معيارين استند إليهما الفقه في قياس سلوك الموظف المنحرف

فالخطأ قد يقاس بمعيار شخصي ومضمونة أن ينظر إلى سلوك الموظف المخطئ

Page 76: الوجيز في القانون الإداري

76

تاد منه في مثل تلك ويوزن في ظروف معينة فيعتبر مخطئا إذا كان سلوكه دون المع

والشك أن هذا المعيار منتقد فهو يجعل الموظف النشيط الدائب في ) ( الظروف

العمل يؤاخذ على اهمالة اليسير غير المعتاد منه أما الموظف المهمل فال يسال عن

إخالله بواجبه ما دام إهماله معتاد وهذه نتيجة غريبة ال يمكن معها االعتماد على

قياس الموظف أما المعيار األخر وهو المعيار الموضوعي فينظر هذا المعيار في

فيه إلى الفعل الذي ارتكبه الموظف ويقاس وفق المألوف من سلوك الموظف

في ذات فئة الموظف الذي يراد قياس سلوكه فيعتبر الموظف مخطأ إذا , المعتاد

, ) ( ضاء خرج عن هذا المألوف وهذا المعيار هو السائد العمل فيه فقها وق

فالمعيار الموضوعي معيار واقعي يراعى في التطبيق الظروف التي صدر فيها

التصرف من ناحية الموظف الذي قام بالفعل من حيث سن الموظف وحالته الصحية

وجنسه ومن ناحية الزمان والمكان والبيئة وافتراض أن الموظف المعتاد أحاطت

ينسب الخطأ إليه ويوزن التصرف في به نفس الظروف التي أحاطت الموظف الذي

هذا األساس فإذا كان تصرف الموظف المعتاد مشابها لتصرف الموظف المخطئ

فال مسؤولية على األخير أما لو حصل العكس فان الموظف يعتبر مرتكبا لخطأ

فالمعيار الموضوعي لم يعد معيار موضوعيا خالصا , يستوجب المسألة التأديبية

األساس إال انه شخصي عندما يقيس ظروف الموظف المخطئ فهو موضوعي في

الذي يتعين االعتماد عليه وهذا المعيار هو األقدر على تقرير متى يعتبر الموظف

. مخالفا لواجباته الوظيفية ومتى يمكن مساءلته تأديبيا

: التمييز بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية : ثانيا

لتأديبية عن الجريمة في المجال الجنائي من حيث الطبيعة تختلف الجريمة ا

.) ( واألركان

ويمكن أن نوجز ما تتميز به الجريمة التأديبية عن الجريمة في النظام الجنائي بما

: يلي

: من حيث األشخاص . 1

يشترط لوقوع الجريمة التأديبية أن يكون الفعل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف

. ) ( ارة برابطه وظيفية مرتبط باإلد

اى انه يتعلق " طائفي " وهذا مادعى الفقه إلى القول بان نظام التأديب نظام

. ) بطائفة في المجتمع على عكس النظام العقابي الذي يتصف بالعموميه و الشمول

)

: من حيث األفعال المكونة للجريمة . 2

ال " ر لذلك فهي ال تخضع لمبدأ أن الجرائم التأديبية ليست محدده على سبيل الحص

و إنما مددها اإلخالل بكرامة الوظيفة و الخروج على " جريمة و عقوبة إال بنص

. ) ( مقتضيات الواجب وتقرير قيام الجريمة من عدمه خاضع لتقرير اإلدارة

. اما الجريمه فى المجال الجنائى فحدده على سبيل الحصر

: من حيث الهدف . 3

م التاديبى الى حسن اداء الموظفين العمالهم وضمان سير المرافق يهدف النظا

اما فى النظام الجنائى فاالمر يتعلق بحماية المجتمع كله . العامه بانتظام واطراد

Page 77: الوجيز في القانون الإداري

77

. وضمان استقراره وامنه

: من حيث المسؤوليه .2

تستقل الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من حيث المسؤولية ، فان إعفاء

الموظف من المسؤولية الجنائية وإلغاء التهمه الجنائية المنسوبة إليه ال يمنع من

، فالمخالفة التأديبية أساسا قائمة على ذاتها مستقلة عن ) ( مساءلته تأديبيا

وهذا , قوامها مخالفة الموظف العام لواجبات وظيفته ومقتضياتها , التهمة الجنائية

ان هناك ارتباط بين الجريمتين ، فالموظف قد يسأل االستقالل قائم حتى ولو ك

تأديبيا لمخالفته النصوص التشريعية أو العرف اإلداري ومقتضيات الوظيفة العامة

. ، في حين أن الجريمة الجنائية ال تتقوم إال إذ خالف الفاعل نصا تشريعيا

-:من حيث نوع العقاب المفروض . 9

المساس بمركز الموظف ومتعلقاته ، ويكون بإيقاع أن العقاب التأديبي بتعلق ب

مجموعة من الجزاءات محددة على سبيل الحصر ، وأثارها محددة سلفا أما في

النظام الجنائي فإن العقاب يتعلق بالمساس بحرية الشخص أو حياته أو ماله ،

بها وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة وفق الواقعة المنظورة في الحدود المسموح

. قانونا

: من حيث اإلجراءات . 1

تتميز الجريمة التأديبية في الجريمة في المجال الجنائي ، من حيث اإلجراءات

الواجب اتباعها منذ ارتكاب الموظف للجريمة ومساءلته عنها وحتى إيقاع الجزاء

. عليه ، وهذه اإلجراءات تنظمها قوانين خاصة بالوظيفة العامة والموظفين

الجريمة في المجال الجدنائي فلها أصولها الخاصة التي تنظمها القوانين العامة أما

. ) ( كقانون اإلجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية

غال أن االختالفات السابقة ال تنفي وجود نوع الترابط والصلة بين الجريمتين

يعاقب عليه القانون ويجب التأديبية والجنائية ، فالجريمتان عبارة عن سلوك شاذ

تجنبه تحقيقا للمصلحة العامة ، ومن يرتكبه بعرض نفسه للمساءلة والعقاب

. المناسب

كما أن هذا السلوك المنسوب إلى الموظف قد يشكل جريمتين جريمة تأديبية

وأخرى جنائية ، ولكن المساءلة التأديبية ال تتقيد بالمحاكمة الجنائية إال فيما يتعلق

وفضال عن ذلك قد , وع الفعل المكون للجريمة من الموظف أو عدم وقوعه بوق

تعتبر بعض الع عقوبات التأديبية بمثابة عقوبة تكميلية للعقوبات في المجال

. الجنائي

المبحث الثاني

أركان الجريمة التأديبية

لك اختلف الفقهاء في تحديد أركان الجريمة التأديبية بصورة عامة ولهم في ذ

. مذاهب كثيرة فكان لكل فقيه رأيه الخاص

فذهب األستاذ الطماوي إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين هما الموظف

. ) ( والخطأ أو الذنب اإلداري

Page 78: الوجيز في القانون الإداري

78

وذهب األستاذ ماجد راغب الحلو إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ركنين هما

. ) ( الركن المادي والركن المعنوي

ينما ذهب األستاذ عبد الفتاح حسن إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثالثة أركان ب

. ) ( أو عناصر العنصر المادي والعنصر المعنوي ونصر الصفة

والراجح أن أركان الجريمة التأديبية هي نفس األركان في أي جريمة أخرى هي

الخاصة التي تتميز بها الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي وللطبيعة

. الجريمة التأديبية يكون الركن الرابع فيها ركن الصفة

: الركن المادي : اوال

يتعلق هذا الركن بماديات الجريمة ومظهرها الخارجي ةال خالف في عدم قيام أي

. جريمة أو تأديبية دون توافر هذا الركن

رتداء على رئيس في العمل ظن سواء كان تمثل بمسلك إيجابي ، كما لو كان بشكل ا

. أو بمسلك سلبي كاالمتناع عن تنفيذ أمر رئاسي واجب الطاعة

ولكي يكون فعل الموظف مسوغا للمساءلة التأديبية يجب أن يكون محددا وثابتا فال

قيام للركن المادي استنادا للظن أو الشائعات ، لذلك فإن تهامات العامة أو النعوت

. ) ( ن تعتبر مكونة لهذا الركن المرسلة ال يمك

كما أن مجرد التفكير دون ان يتخذها هذا التفكير مظهرا خارجيا ملموسا ال يشكل

. ) ( مخالفة تنجيز المساءلة التأديبية

كما أن األعمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة ، وال يعاقب

. ) ( اته جريمة تأديبية مستقلة عليها إال إنها قد تعتبر في حد ذ

: الركن المعنوي : ثانيا

الركن المعنوي هو اإلرادة اآلثمة للموظف الذي يرتكب الفعل أو الترك الذي يشكل

وال يكفي للمساءلة التأديبية أن يرتكب , إخالال بواجبات الوظيفة ومقتضياتها

أن يتوافر عنصر نفسي الموظف ما يعتبر منه مخالفة لواجب وظيفي ، وإنما يجب

واع يتجه إلى ارتكاب الفعل أو االمتناع وهذا العنصر هو اإلرادة اآلثمة أو الركن

. المعنوي

والركن المعنوي في الجريمة التأديبية يختلف في الجريمة العمدية عنه في جريمة

الخطأ ففي الجريمة العمدية ال يكفى أن يحيط الموظف علما بالفعل الذي يرتكبه

. وإنما يجب أن يقصر تحقيق النتيجة المترتبة على تصرفه

أما في الجريمة غير العمدية أو جريمة الخطأ فيتمثل الركن المعنوي في تقصير

الموظف وعدم اتخاذه الحيطة والحذر الالزمين لداء واجباته الوظيفية ، ويكون

. ة المترتبة عليه بانصراف إرادة الموظف إلى ارتكاب العمل دون الرغبة في النتيج

والبد الرتكاب الجريمة سواء كانت جنائية أو تأديبية من توافر الركن المعنوي فإذا

تخلفت بأن انعدمت إرادة الموظف لقوة قاهرة أو مرض أو إكراه أو أمر رئاسي

. مكتوب فال قيام للجريمة

بي في غير أن البعض ذهب إلى ضرورة توافر الركن المعنوي في المجال التأدي

بعض الجرائم التأديبية المقننة ، وفي مجال األخطاء التي حددها المشرع وجرمها

. بنصوص خاصة

Page 79: الوجيز في القانون الإداري

79

إال انه في جرائم أخرى لم يصنعها المشرع على سبيل الحصر ، فاإلرادة اآلثمة ال

. ) ( تعنى أكثر من أن الموظف قد ارتكب الفعل أو االمتناع دون عذر شرعي

ئب هو ان المساءلة التاديبية تتطلب فين يحاسب غدراكا ووعيا إال أن الرأي الصا

لما يقترفه لذلك قيل بأن يلزم لقيام الجريمة التأديبية أن يكون الفعل راجعا إلى إرادة

. ) ( العامل إيجابا أو سلبا

: الركن الشرعي : ثالثا

عية به ، يتعلق الركن الشرعي بخضوع الفعل للجرائم وتعلق صفة عدم المشرو

والبد من القول بأن األفعال المكونة للذنب التأديبي ليست محددة على سبيل الحصر

، وإنما مردها اإلخالل بواجبات الوظيفة ومقتضايتها ال غير ، وهذا ما دعا البعض

إلى القول بأنىالجريمة التأديبية ال تخضع لمبدأ شرعية الجرائم وال يتوافر فيها

. ) ( الركن الشرعي

إال أن المالحظ أن شرعية الجرائم التأديبية هي غيرها بالقياس لشرعية الجرائم في

" . جريمة وال عقوبة إال بنص " المجال الجنائي حيث الخضوع لمبدأ

فالمبدأ في الجرائم التأديبية أن الموظف يعاقب إذا ما خالف القواعد والواجبات

. ) ( مة والتعليمات الوظيفية المنصوص عليها في القوانين واألنظ

وال يعني ذلك عدم خضوعها لمبدأ المشروعية ، فالمشروعية في مجال الجرائم

التأديبية ال تقتصر على النصوص االقنونية وإنما تلعب فيها أحكام القضاء اإلداري

. دورا كبيرا يفوق دور النصوص القانونية

تعاقب عند اإلخالل بها وأحكام فالنصوص القانونية التي تحدد الواجبات الوظيفية و

القضاء التي تمارس رقابتها على تطبيق هذه النصو صكفيلة لتقرير مبدأ شرعية

. الجرائم التأديبية

كأي –أن الجزاء التأديبي : " وفي ذلك نقول محكمة القضاء اإلداري المصرية

ي هو يجب أن يقوم على سبب يبرره ن والسبب في الجزاء التأديب -قرار إداري

الجريمة التاديبية التي تدفع الرئيس اإلداري إلى التدخل بسلطته العامة ليحدث في

حقالموظف مركزا قانونيا معينا هو العقوبة التي يقوقعها عليه ابتغاء مصلحة عامة

هو -ناحية السبب –هي حسن سير العمل، وقد يكون مشار النزاع من هذه الناحية

عال المنسوبة إلى الموظف ، أو التكييف القانوني لهذه التحقق من صحة قيام األف

األفعال على فرض حصولها ، وهل تكون الجريمة التأديبية طبقا للقانون ، وليس

من شك في أن سلطة اإلدارة في هذه الناحية أو تلك ليست سلطة تقديرية ، بل هي

".) ( سلطة محددة بحدود القانون مقيدة بقيوده

أن المشرع لم يعدد : " قضت المحكمة العليا الليبية بقولها وفي ذات االتجاه

الجرائم التأديبية علىسبيل الحصر كما فعل في الجرائم الجنائية حيث تخضع

األخيرة لمبدأ ال جريمة وال عقوبة إال بنض ، وإنما ترك لسلطة التأديب حرية

عالة وواسعة واسعة في تقديرها وهذه الحرية يجب أن يقابلها رقابة قضائية ف

" . ) ( ضمانا لجدية ركن السبب في القرار اإلداري

: ركن الصفة : رابعا

ركن الصفة أو الركن الشخصي هو الركن الرابع الذي ال يمكن قيام الجريمة

Page 80: الوجيز في القانون الإداري

80

التأديبية بدونه، وهو شرط الزم في الجرائم التأديبية دون سواها في الجرائم جنائية

الفعل المكون للجريمة من أحد العاملين المرتبطين كانت أم مدنية،فال بد أن يقع

.) ( بجهة اإلدارة برابطة وظيفية

ويثار في هذا المجال سؤال حول األفعال التي تصدر من الموظف الفعلي أو الظاهر

، وهو شخص تدخل خالفا للقانون في ممارسة اختصاصات وظيفة عامة متخذا

جوز مساءلته تأديبيا في مثل هذه الحالة مظهر الموظف القانوني النختص ، فهل ي

. ؟

قبل اإلجابة على هذا السؤال البد من القول أن القاعدة كما بينا سابقا أنه ال يجوز

لألفراد العاديين أن يتولوا وظيفة علمة بصورة غير قانونية ، ألنهم بذلك يكونون

ف الفعلي استثناء مغتصبين لها وجميع تصرفاتهم تعد باطلة ، إال في حالة الموظ

حفاظا على دوام سير المرافق العامة في ظروف الحروب واتلثورات عندما يضطر

األفراد إلى إدارة المرفق بدون أذن من السلطة ، أو حفاظا على الوضع الظاهر أمام

الجمهور عندما يشغل الشخص وظيفة معينة بناء على أمر بالتعيين لم يتخذ الشكل

ب لصدوره أو استمراره يشغل الوظيفة رغم انتهاء صفته كموظف القانوني المطلو

عام ، أو في حالة سكوت اإلدراة عن تجاوز الموظف اختصاصاته واستقرار العمل

. على ذلك

ففي هذه الحاالت اعترف القضاء والفقه ببعض اآلثار القانونية للوظيفة الفعلية

. إذا كان حسن النية كمنح الموظف الفعلي راتبا مقابل إدائه لعمله

أما حول إمكانية مساءلة الموظف الفعلي تأديبيا ، فقد ثار خالف فقهي بهذا الشأن،

فذهب جانب من الفقه إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف

الرسمي ، وأنه ال يخضع للجزاءات التأديبية ألن مسؤوليته عادية ال مسلكة ، فإذا

خصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ، فإن المراجعة بشأن صدر خطأ ش

. ) ( تصرفاته هي من اختصاص المحاكم العادية جنائي أو مدنية

لذلك ال يمكن حسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبيا ، أما الجانب

طاع األول هم األخر من الفقه فذهب إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين الق

الموظفين الفعليون فى االوقات االستثنائيه ، اى أوقات الحرب واالزمات والتورات

وفى هذه الحاله يكون من تولى الوظيفه فردا عاديا ال تجوز مساءلته تأديبياعن .

. اعماله اثناء شغله للوظيفه

ا معينا فى اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون اختصاص

الظروف العاديه ، بسبب بطالن التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفه أو حالة

االستمرار غير المشروع فى العمل أو سكون االدارة عن اختصاص الموظف

فهؤالء يخضعون الحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة . الظاهر

. ) ( الوظيفه بشكل جريمه تأديبيه

هذا الراى هو االصوب ذلك ان نظام التاديب ال يسري اال على االفراد ونرى ان

المرتبطين مع االداره برابطه وظيفيه والموظف الفعلى ال يكون مرتبطا بهذه العالقه

. فى ظل الظروف االستثنائيه

أن مناط " وقد أيد القضاء اإلداري هذا الرأي فقالت المحكمة اإلدارية العليا

Page 81: الوجيز في القانون الإداري

81

وظف اإلخالل بالواجبات العامة ، وتتحقق هذه المخالفة وال اثر لكون مسؤولية الم

الموظف الذي وقع منه اإلخالل مستوفيا شروط الوظيفة أم ال ، مادام قائما بعمله

إذ أن األمانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع النظر عن .فعال كأصيل أو منتدب

بهذا ، أو يمحو عن اإلخالل بالمسئولية ظروف إسناد العمل إليه ، وال يبيح اإلخالل

المترتبة عليه، عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به اختصاصاته ، كما أن تطوع

" . ) ( الموظف للقيام بعمل موظف أخر ال يعفيه من المسؤولية عن أخطائه

الباب الخامس

القرار اإلداري

, حيوية في القانون اإلداري موضوع القرار اإلداري من أكثر المواضيع أهمية و

وال نظير له في مجال القانون , فهو األسلوب األكثر شيوعا في أعمال اإلدارة

فمن شأنه أحداث آثار قانونية على عاتق المخاطبين به دون أن يتوقف , الخاص

. ذلك على قبولهم

ي وأعمال وفي هذا الجزء من الدراسة نجد أنه من المناسب تمييز بين القرار اإلدار

ونبين أركانه أو عناصره وأنواعه والشروط الالزم توافرها في , الدولة األخرى

القرار اإلداري ليكون صحيحا وسليما من الناحية القانونية وأخيرا نبحث في نهاية

. القرارات اإلدارية

: وفي هذا السبيل سنقسم هذا الباب إلى

. أعمال الدولة األخرى تمييز القرار اإلداري عن: الفصل األول

. مفهوم وعناصر القرار اإلداري : الفصل الثاني

. تصنيف القرارات اإلدارية : الفصل الثالث

. النظام القانوني للقرارات اإلدارية : الفصل الرابع

.نهاية القرارات اإلدارية : الفصل الخامس

الفصل األول

ألخرى تمييز القرار اإلداري عن أعمال الدولة ا

تمارس الدولة وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات ثالث مهام أو وظائف هي الوظيفة

فالوظيفة التشريعية تتضمن , التشريعية والوظيفة القضائية والوظيفة التنفيذية

مهمة وضع القواعد السلوكية العامة والمجردة وتختص بممارستها السلطة

ضمن الفصل في المنازعات وتختص بها أما الوظيفة القضائية فتت, التشريعية

. السلطة القضائية

أما الوظيفة لتنفيذية فتختص بها السلطة التنفيذية التي تمارس أعمال مختلفة منها

كما تصدر , األعمال المادية كبناء المنشآت العامة وتعبيد الطرق أو بناء الجسور

المنفردة دون مشاركة األفراد أعماال قانونية وهذه األخيرة منها ما يصدر بإرادتها

ومنها األعمال القانونية التعاقدية التي تصدر باتفاق , وهذه القرارات اإلدارية

. أرادتين

Page 82: الوجيز في القانون الإداري

82

فالفصل بين السلطات ال , ومن ثم فإن تمييز القرار اإلداري ليس باألمر السهل

إنما تمارس, يعني الفصل التام إذ تقتصر كل هيئة على ممارسة وظيفة خاصة

. ) ( بعض األعمال الداخلة أصال في نشاط الهيئات األخرى

فالسلطة التشريعية تمارس عمال إداريا عندما تصدر الميزانية والسلطة التنفيذية قد

بينما , تفصل في خصومة عن طريق المجالس اإلدارية ذات االختصاص القضائي

الهيئات القضائية يمارس القضاء بعض االختصاصات اإلدارية المتعلقة بموظفي

. فضال عن وظيفته األصلية في الفصل في المنازعات

لذلك كان من الواجب تمييز القرار اإلداري عن أعمال السلطة التشريعية والسلطة

. ثم نبحث في تمييز القرار اإلداري عن العمل المادي , القضائية

المبحث األول

القرارات اإلدارية واألعمال التشريعية

القرارات اإلدارية تقبل الطعن باإللغاء أمام القضاء اإلداري وعلى العكس من ذلك

. ) ( فإن القوانين ال يمكن الطعن فيها إال بالطريق الدستوري المقرر

: ويتردد الفقه الحديث بين معيارين لتحديد صفة العمل تشريعية أم إدارية

: المعيـار الشكلي : اوال

لشكلي أو العضوي يتم الرجوع إلى الهيئة التي أصدرت العمل أو وفقا للمعيار ا

اإلجراءات التي اتبعت في إصداره دون النظر إلى موضوعه فإذا كان العمل صادرا

أما إذا كان صادرا من أحدى الهيئات , من السلطة التشريعية فهو عمل تشريعي

. مل إداري اإلدارية بوصفها فرعا من فروع السلطة التنفيذية فهو ع

ومن ثم يمكن تعريف العمل اإلداري وفق هذا المعيار بأنه كل عمل صادر من فرد أو

. هيئة تابعة لإلدارة أثناء أداء وظيفتها

فهذا المعيار يقف عند صفة القائم بالعمل دون أن يتعدى ذلك إلى طبيعة العمل ذاته

شاطها وأخذت بمبدأ وهو معيار سهل التطبيق لو التزمت كل سلطة بممارسة ن,

إال أن طبيعة العمل تقتضي في أحيان كثيرة وجد نوع , الفصل التام بين السلطات

من التداخل والتعاون بين السلطات مما دعى بالفقه إلى البحث عن معيار آخر

. للتمييز بين القرارات اإلدارية واألعمال التشريعية

: المعيـار الموضوعي : ثانيا

ر الموضوعي على طبيعة العمل وموضوعه بصرف النظر عن الجهة يعتمد المعيا

التي أصدرته أو اإلجراءات التي اتبعت في إصداره فإذا تمثل العمل في قاعدة عامة

مجردة فأنشأ مركزا قانونيا عاما اعتبر عمال تشريعيا أما إذا تجسد في قرار فردي

. كزا قانونيا خاصا اعتبر عمال إداريا يخص فردا أو أفرادا معينين بذواتهم فأنشأ مر

) (

وينقد أنصار هذا االتجاه المعيار الشكلي ألنه يقف عند الشكليات وعدم االهتمام

ويأتي في مقدمة أنصار االتجاه الموضوعي الفقيه دوجي , بطبيعة العمل وجوهره

. وبونار وجيز

Page 83: الوجيز في القانون الإداري

83

أساسيتين هما فكرتا المراكز ويؤمن هؤالء الفقهاء بأن القانون يقوم على فكرتين

: ) ( القانونية واألعمال القانونية

وهي الحالة التي يوجد فيها الفرد أزاء القانون وتقسم إلى : المراكز القانونية . 1

: قسمين

وهو كل مركز يكون محتواه واحد : المراكز القانونية العامة أو الموضوعية -أ

فترسم حدوده ومعالمه قواعد مجردة متماثلة ,بالنسبة لطائفة معينة من األفراد

لجميع من يشغلون هذا المركز ومثله مركز الموظف العام في القانون العام والرجل

. المتزوج في القانون الخاص

وهي المراكز التي يحدد محتواها : المراكز القانونية الشخصية أو الفردية -ب

من شخص إلى آخر وال يمكن أن وهي بهذا تختلف, بالنسبة لكل فرد على حده

يحدد القانون مقدما هذه المراكز ألنها تتميز بـأنها خاصة وذاتية ومثله مركز الدائن

. أو المدين في القانون الخاص ومركز المتعاقد مع اإلدارة في القانون العام

وتمتاز بأنها متغيرة ومتطورة بحسب الحاجة ويتم هذا : األعمال القانونية . 2

هذه األعمال إلى " دوجي " تغيير أما بإرادة المشرع أو بإرادة شاغلها ويقسم ال

: ثالثة أقسام

وهي كل عمل قانوني ينشئ أو يعدل أو يلغى مركزا قانونيا : أعمال مشرعة -أ

والتي , عاما أو موضوعيا من هذه األعمال القوانين المشرعة واللوائح واألنظمة

. امة وغير شخصية تتضمن قواعد تنظيمية ع

وهي األعمال القانونية التي تنشئ أو تتعلق بمراكز : أعمال شخصية أو ذاتية -ب

. شخصية ال يمكن تعديلها إال بإرادة أطرافه وأوضح مثال على هذه األعمال العقود

وهي األعمال الصادرة بصدد فرد معين وتسند إليه مركزا عاما : أعمال شرطية -ج

ومثاله في القانون العام , لقاعدة عامة على حالة أو واقعة فردية فهي تجسيد ,

فهذا القرار يعد عمال شرطيا ألنه ال ينشئ للموظف , قرار التعيين في وظيفة عامة

. ألن هذا المركز كان قائما وسابقا على قرارا التعيين , مركزا شخصيا

هو الذي يتضمن قاعدة عامة " دوجي " وبهذا المعنى فإن العمل التشريعي عند

بغض النظر عن الهيئة أو اإلجراءات المتبعة " قوانين أو اللوائح " موضوعية

في حين يعد إداريا إذا اتسم بطابع الفردية وهذا يصدق على القرارات , إلصداره

. ) ( واألعمال الفردية واألعمال الشرطية

معيار الشكلي فاألصل أن ال يقبل ويبدو أن المشرع والقضاء الفرنسيان يأخذان بال

الطعن باإللغاء ضد أعمال السلطة التشريعية سواء في القوانين أو القرارات

واعتمد المشرع على ذلك في األمر الصادر في , الصادرة من البرلمان

إذ نص على أن محل الطعن بسبب تجاوز , المنظم لمجلس الدولة 31/8/1129

. ن السلطات اإلدارية المختلفة السلطة هو األعمال الصادرة م

إال أن القضاء الفرنسي لجأ في بعض الحاالت إلى األخذ بالمعيار الموضوعي

للتمييز بين األعمال اإلدارية واألعمال التشريعية قابال الطعن باإللغاء في أعمال

ت البرلمان المتعلقة بتسيير الهيئة التشريعية كاللوائح الداخلية للبرلمان والقرارا

18/11/1197ال سيما بعد صدور األمر النظامي في , الصادرة بتعيين موظفيه

Page 84: الوجيز في القانون الإداري

84

الذي سمح لموظفي المجالس برفع المنازعات ذات الطابع الفردي إلى القضاء

. ) ( اإلداري

وهو االتجاه الذي اعتمده القضاء اإلداري المصري فهو وأن اعتمد المعيار الشكلي

امه إال انه اعتبر في أحكام أخرى القرارات الصادرة قاعدة عامة في الكثير من أحك

من مجلس الشعب بإسقاط عضوية أحد أعضاءه عمال إداريا يقبل الطعن فيه

. ) ( باإللغاء

المبحث الثاني

القرارات اإلدارية واألعمال القضائية

يشترك القضاء مع اإلدارة في سعيهما الحثيث نحو تطبيق القانون وتنفيذه على

فهما ينقالن حكم القانون من العمومية والتجريد إلى الخصوصية , الحاالت الفردية

. ) ( والواقعية وذلك بتطبيقه على الحاالت الفردية

ويظهر التشابه بينهما أيضا في أن اإلدارة شأنها شأن القضاء تسهم في معظم

فراد وفي األحيان بوظيفة الفصل في المنازعات من خالل نظرها في تظلمات األ

الحالتين يكون القرار اإلداري الصادر من اإلدارة والحكم القضائي الصادر من

. السلطة القضائية أداة لتنفيذ القانون

ومع هذا التقارب سعى الفقه والقضاء إلى إيجاد معيار للتمييز بين العمل القضائي

القرارات اإلدارية ف, والعمل اإلداري لخطورة النتائج المترتبة على الخلط بينهما

أما األحكام القضائية فطرق الطعن , يجوز بصورة عامة إلغاؤها وتعديلها وسحبها

. فيها محددة تشريعيا على سبيل الحصر

وبرزت في مجال التمييز بين القرارات اإلدارية واألعمال القضائية نظريات عدة

: يمكن حصرها في ضمن معيارين

. المعيــار الشكلي: أوال

يقوم هذا المعيار على أساس أن العمل اإلداري هو ذلك العمل أو القرار الذي يصدر

عن فرد أو هيئة تابعة لجهة اإلدارة بصرف النظر عن مضمون وطبيعة العمل أو

بينما يعد العمل قضائيا إذا صدر عن جهة منحها القانون والية القضاء , القرار ذاته

. النظر عن مضمون وطبيعة العمل بصرف, وفقا إلجراءات معينة

بل أن منها ما , وهذا المعيار منتقد من حيث أنه ليس جل األعمال القضائية أحكاما

ومن جانب آخر نجد أن المشرع كثيرا ما يخول , يعد أعماال إدارية بطبيعتها

الجهات اإلدارية سلطة الفصل في بعض المنازعات فيكون لهذه الجهات اختصاص

. قضائي

وعلى هذا األساس فإن المعيار الشكلي ال يكفي لتمييز األعمال اإلدارية عن األحكام

. القضائية

: المعيار الموضوعي : ثانيا

المعيار الموضوعي أو المادي يقوم على أساس النظر في موضوع وطبيعة العمل

دة يتم من واعتمد هذا المعيار عناصر ع, نفسه دون اعتبار بالسلطة التي أصدرته

إذ تضمن على , فيكون العمل قضائيا , خاللها التوصل إلى طبيعة ومضمون العمل

Page 85: الوجيز في القانون الإداري

85

, وحل قانوني للمسألة المطروحة يصاغ في تقرير , أدعاء بمخالفة القانون "

" . ) ( وقرار هو النتيجة الحتمية للتقرير الذي انتهي إليه القاضي

لطة تتمتع باختصاص تقديري وليس من في حين يكون العمل إداريا إذا صدر من س

وأن يصدر بشكل تلقائي , سلطة تتمتع باختصاص مقيد كما في أحكام القضاء

وليس بناء على طلب من األفراد وأن يكون الغرض من العمل إشباع حاجات عامة

.

ألن , وال شك أن هذه العناصر ال تكفي لتمييز األعمال اإلدارية عن أعمال القضاء

وكثيرا منها ال يصدر إال , من قرارات اإلدارة إنما يصدر عن اختصاص مقيد الكثير

. بطلب من األفراد

واإلدارة عندما تفصل في المنازعات باعتبارها جهة ذات اختصاص قضائي إنما

. يقترب نشاطها من نشاط القضاء ويهدف إلى حماية النظام القانوني للدولة

وم على أساس المزج بين المعيارين الشكلي إزاء ذلك نشأ معيار مختلط يق

والشكل الذي يظهر فيه العمل , والموضوعي إذ ينظر إلى طبيعة العمل من ناحية

. واإلجراءات المتبعة لصدوره من ناحية أخرى

والمتتبع ألحكام مجلس الدولة في فرنسا يجد أنه يأخذ في الغالب بالمعيار الشكلي

قرار اإلداري إال أنه يتجه في بعض األحيان إلى المعيار لتمييز العمل القضائي عن ال

الموضوعي فهو يمزج بين المعيارين الشكلي والموضوعي ألن العمل القضائي

الذي ال يعد قرارا إداريا وال يخضع للطعن أمام القضاء اإلداري ال يشمل حتما كل ما

. ) ( يصدر عن الجهة القضائية

المصري قد واكب هذا االتجاه فقد قضت محكمة القضاء يبدو أن القضاء اإلداري ,

أن شراح القانون العام قد اختلفوا في وضع معايير التفرقة بين القرار : " اإلداري

ويتضمن أن القرار , اإلداري والقرار القضائي فمنهم من أخذ بالمعيار الشكلي

منهم من أخذ و, القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها القانون والية القضاء

بالمعيار الموضوعي وهو ينتهي إلى أن القرار القضائي هو الذي يصدر في

–خصومة لبيان حكم القانون فيها و بينما رأى آخرون أن يؤخذ بالمعيارين معا

وقد اتجه القضاء في فرنسا ثم في مصر إلى هذا الرأي –الشكلي والموضوعي

وبيان ذلك , ارين معا مع بعض الضوابط األخير وعلى أن الراجح هو األخذ بالمعي

أن القرار القضائي يفترق عن القرار اإلداري في أن األول يصدر من هيئة قد

استمدت والية القضاء من قانون محدد الختصاصها مبين إلجراءاتها وما إذا كان

ما تصدره من أحكام نهائيا أو قابال للطعن مع بيان الهيئات التي تفصل في الطعن

أي في نزاع بين , في الحالة الثانية وأن يكون هذا القرار حاسما في خصومة

".) ( طرفين مع بيان القواعد التي تطبق عليه ووجه الفصل فيه

المبحث الثالث

القرارات اإلدارية واألعمال المادية

, العمل المادي مجرد واقعة مادية غير مؤثرة في المراكز القانونية التي تتصل بها

Page 86: الوجيز في القانون الإداري

86

فإن غيبة هذا األثر , فإذا كان وجود األثر القانوني هو معيار القرارات اإلدارية

. ) ( تصبح هي معيار األعمال المادية

مثل , واألعمال المادية أما أن تكون أفعاال إرادية أرادتها اإلدارة وتدخلت لتحقيقها

م المنازل اآليلة اإلجراءات التنفيذية التي ال تسمو لمرتبة القرار اإلداري كهد

. للسقوط تنفيذا لقرار اإلدارة بالهدم

وقد تكون أفعاال غير إرادية تقع بطريق الخطأ واإلهمال مثل حوادث السير التي

. يسببها أحد موظفي اإلدارة

واألعمال المادية ال تعتبر من قبيل األعمال القانونية اإلدارية ألنها ال ترتب آثارا

تخرج هذه األعمال عن نطاق الطعن باإللغاء أمام القضاء اإلداري قانونية مباشرة و

.

محل العمل المادي الذي ال : " وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا في مصر بأن

يختص به القضاء اإلداري يكون دائما واقعة مادية أو أجراء مثبتا لها دون أن

إرادة المشرع مباشرة ال أرادة يقصد به تحقيق آثار قانونية إال ما كان منها وليد

" . ) ( جهة اإلدارة

وبهذا يتميز محل العمل القانوني عن العمل المادي الذي يكون دائما نتيجة مادية

" . ) ( واقعية

وعلى الرغم من ذلك فإن عدم اعتبار العمل المادي قرارا إداريا وأن كان يمنع

محال لمنازعة إدارية تمس مصالح األفراد فأنه يصح أن يكون , الطعن فيه باإللغاء

. فيكون محال لطلب التعويض على أساس دعوى القضاء الكامل

ومن المستقر في القضاء اإلداري أن كل قرار لم يصدر عن أرادة اإلدارة في أحداث

أثر قانوني سلبيا كان أن إيجابيا ال يعد قرارا أداريا صالحا للطعن فيه باإللغاء وال

. يعدو أن يكون أجراء تنفيذيا أو عمال ماديا

الفصل الثاني

مفهوم القرار اإلداري وعناصره

في هذا الجزء من الدراسة نبحث في تعريف القرار اإلداري والعناصر األزمة

. لوجوده صحيحا وسليما من الناحية القانونية

المبحث األول

تعريف القرار اإلداري

كما أسهم القضاء اإلداري , القرار اإلداري عناية الكثير من الفقهاء نال موضوع

ومع اختالف تعريفات الفقه والقضاء للقرار , في الكشف عن الكثير من مالمحه

. اإلداري من حيث األلفاظ فأنه ينم عن مضمون واحد

بأنه كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل األوضاع " دوجي " فقد عرفه العميد

. نونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة القا

Page 87: الوجيز في القانون الإداري

87

بأنه كل عمل إداري يحدث تغييرا في األوضاع القانونية " بونار " وعرفه

.) ( القائمة

بأنه العمل الذي بواسطته تقوم اإلدارة باستعمال سلطتها في " رفيرو " وعرفه

. ) ( فردة تعديل المراكز القانونية بإرادتها المن

بأنه تعبير عن " سامي جمال الدين " فقد عرفه الدكتور , أما في الفقه العربي

. ) ( اإلرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد أحداث أثر قانوني معين

بأن القرار اإلداري هو إفصاح عن " ماجد راغب الحلو " وجاء في تعريف الدكتور

. ) ( يرتب آثارا قانونية إرادة منفردة يصدر عن سلطة إدارية و

أما القضاء اإلداري المصري فقد استقر على تعريفه أنه أفصاح اإلدارة عن إرادتها

الملزمة بما لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح بقصد أحداث أثر قانوني

. ) ( معين ابتغاء مصلحة عامة

نكون أمام قرار إداري ويتضح من هذا التعريف أن هناك عدة شروط يجب توافرها ل

: وهي

. أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية -

. أن يصدر باإلرادة المنفردة لإلدارة -

. ترتيب القرار ألثار قانونية -

: أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية : أوال

يشترط في القرار اإلداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل

, حدود الدولة أو خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها

والعبرة في تحديد ما إذا كانت الجهة التي أصدرت القرار وطنية أم ال ليس بجنسية

. وإنما بمصدر السلطة التي تستمد منها والية إصدار القرار , أعضائها

لقرار من شخص عام له الصفة ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا ا

وهو ما يميز القرار اإلداري , اإلدارية وقت إصداره وال عبرة بتغير صفته بعد ذلك

إذ يتم النظر , عن األعمال التشريعية والقضائية التي بيناها وفقا للمعيار الشكلي

. إلى صفة الجهة التي قامت بالعمل واإلجراءات المتبعة في إصداره

ا الشرط ال يمكن اعتبار القرارات الصادرة عن أشخاص القانون الخاص ووفقا لهذ

قرارات إدارية إال في حالتين اعترف فيهما القضاء اإلداري بالصفة اإلدارية

تتعلق الحالة األولى بالقرارات , للقرارات الصادرة من أشخاص القانون الخاص

خالفا للقانون في وهو شخص تدخل , الصادرة عن الموظف الفعلي أو الظاهر

. ) ( متخذا مظهر الموظف القانوني المختص , ممارسة اختصاصات وظيفة عامة

. ) ( أما في الحالة الثانية فتتعلق بالقرارات الصادرة من ملتزم المرافق العامة

. صدور القرار باإلدارة المنفردة لإلدارة : ثانيا

وهو ما يميز القرار اإلداري عن , يجب أن يصدر القرار من جانب اإلدارة وحدها

العقد اإلداري الذي يصدر باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين اإلرادتين لشخصين

. من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص القانون الخاص

Page 88: الوجيز في القانون الإداري

88

والقول بضرورة أن يكون العمل اإلداري صادرا من جانب اإلدارة وحدها ليكتسب

فقد يشترك في , اإلداري ال يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد صفة القرار

تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من مراحل تكوينه ألن الجميع

. ) ( يعملون لحساب جهة إدارية واحدة

. ترتيب القرار آلثار قانونية : ثالثا

ذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء لكي يكون القرار إداريا يجب أن يرتب آثارا قانونية و

. فإذا لم يترتب على العمل اإلداري ذلك فإنه ال يعد قرارا إداريا , مركز قانوني معين

لهذا نجد القضاء اإلداري الفرنسي يشترط في القرار المطعون فيه باإللغاء أن ينتج

ويتطلب ومن ثم تكون له مصلحة في إلغاء هذا القرار. ) ( ضررا برافع الدعوى

: توفر عنصرين أساسين للقول بوجود مصلحة للطاعن هما

ومن ثم يجب استبعاد , وجوب تولد آثار قانونية عن القرار المطعون فيه . 1

. ) ( القرارات التي ال يحدث آثارا قانونية من نطاق دعوى اإللغاء

. ) ( أن يحمل القرار قابلية أحداث آثار قانونية بنفسه . 2

على ذلك فإن األعمال التمهيدية والتقارير والمذكرات التحضرية التي تسبق وبناء

ونجد أنه من , اتخاذ القرار ال تعد قرارات إدارية لعدم تحقق هذين العنصرين

: المناسب أن نبين مضمون بعض هذه األعمال

رة وهي مجموعة من القرارات التي تتخذها اإلدا: األعمال التمهيدية والتحضرية -أ

وتتضمن رغبات واستشارات وتحقيقات تمهيدا إلصدار قرار إداري وهذه األعمال

. ال تولد آثارا قانونية وال يجوز الطعن فيها باإللغاء

وهي األعمال التي تتضمن تعليمات : المنشورات واألوامر المصلحية -ب

لوائح وتوجيهات صادرة من رئيس الدائرة إلى مرؤوسيه لتفسير القوانين أو ال

ما دامت هذه المنشورات لم تتعد هذا المضمون أما إذا , وكيفية تطبيقها وتنفيذها

تضمنت أحداث آثار في مراكز األفراد فأنها تصبح قرارات إدارية يقبل الطعن فيها

. باإللغاء

األصل أن هذه األعمال ال ترتب آثرا قانونيا : األعمال الالحقة لصدور القرار -ج

أن تكون بمثابة إجراءات تنفيذية لقرارات سابقة فال يقبل الطعن فيها ألنها أما

وال تشير إلى , باإللغاء ألنها تنصب على تسهيل تنفيذ القرار اإلداري السابق

. قرارات مستقبلة فال يكون األثر المترتب عليها حاال

ي تضمن حسن وتشمل إجراءات التنظيم للمرافق العامة الت: اإلجراءات الداخلية -د

واإلجراءات التي يتخذها الرؤساء اإلداريون في مواجهة , سيرها بانتظام واطراد

موظفيهم المتعلقة بتقسيم العمل في المرفق وتبصير الموظفين بالطريق األمثل

. لممارسة وظائفهم

وهذا النوع من اإلجراءات ال يدخل من ضمن القرارات اإلدارية التي يجوز الطعن

. دوائر القضاء اإلداري ألنها ال تؤثر في المراكز القانونية لألفراد بها أمام

المبحث الثاني

Page 89: الوجيز في القانون الإداري

89

عناصر القرار اإلداري

يقوم القرار اإلداري على عناصر أساسية إذا لم يستوفها يكون معيبا أو غير

وقد درج الفقه والقضاء على أنه يلزم أن يتوافر للقرار اإلداري باعتباره , مشروع

, الشكل , االختصاص : مال قانونيا خمس عناصر لينتج آثاره ويكون صحيحا هي ع

. الغاية , المحل , السبب

. االختصـاص : أوال

أن توزيع االختصاصات بين الجهات اإلدارية من األفكار األساسية التي يقوم عليها

يتم تقسيم العمل نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة اإلدارة التي تستدعي أن

كما أن قواعد , حتى يتفرغ كل موظف ألداء المهام المناطة به على أفضل وجه

االختصاص تحقق مصلحة األفراد من حيث أنه يسهل توجه األفراد إلى أقسام

اإلدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية الناتجة عن ممارسة اإلدارة

. لوظيفتها

على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة ويقصد باالختصاص القدرة

. ) ( األعمال والتصرفات التي يكون لإلدارة أن تمارسها قانونا وعلى وجه يعتد به

والقاعدة أن يتم تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين واألنظمة وال

. ضو باطال يجوز تجاوز هذه االختصاصات و إال اعتبر القرار الصادر من هذا الع

لذلك ال يجوز لصاحب االختصاص أن , وقواعد االختصاص تتعلق بالنظام العام

و إال فإن القرار الصادر مخالفا لهذه , يتفق مع األفراد على تعديل تلك القواعد

ويكون لصاحب الشأن أن يطعن بهذا , القواعد يكون معيبا بعيب عدم االختصاص

بدعوى اإللغاء وال يسقط الدفع بهذا العيب بالدخول في العيب أمام القضاء اإلداري

وعلى القاضي أن , ويجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحلها , موضوع الدعوى

. يحكم بعدم االختصاص تلقائيا لو لم يثيره طالب اإللغاء

وقد شبه بعض الفقهاء قواعد االختصاص في القانون العام بقواعد األهلية في

ص ألن كالهما يقوم في األساس على القدرة على مباشرة التصرف القانون الخا

. القانوني

فالهدف من قواعد االختصاص , ويتضح االختالف من حيث المقصود في كل منها

, حماية المصلحة العامة أما قواعد األهلية فالهدف منها هو حماية الشخص ذاته

عدم األهلية فاستثناء على هذه أما , وأن األهلية في القانون الخاص هي القاعدة

ويختلف االختصاص عن ذلك في أنه يستند دائما إلى القانون الذي يبين , القاعدة

وأن سبب عدم األهلية يتركز في عدم كفاية , حدود أمكان مباشرة العمل القانوني

النضوج العقلي للشخص بينما يكون الدافع في تحديد االختصاص هو العمل على

. ) ( تقسم العمل بين أعضاء السلطة اإلدارية التخصيص و

: والقواعد القانونية المتعلقة باالختصاص يمكن حصرها بالعناصر اآلتية

يشترط لصحة القرار اإلداري أن يصدر : قواعد االختصاص من حيث األشخاص . 1

فال يملك هذا الشخص أو تلك الجهة , من الشخص أو الهيئة المنوط بها إصداره

اختصاصها للغير إال في األحوال التي يجيزها القانون بناء على تفويض أو حل نقل

Page 90: الوجيز في القانون الإداري

90

. قانوني صحيح و إال كان القرار الصادر مشوبا بعيب عدم االختصاص

يحدد القانون اختصاصات كل موظف : قواعد االختصاص من حيث الموضوع . 2

إلدارة اختصاصاته أو جهة إدارية بموضوعات معينة فإذا تجاوز هذا الموظف أو ا

ويكون , تحقق عيب عدم االختصاص , تلك فتعدى على اختصاصات جهة أخرى

هذا االعتداء أما من جهة إدارية على اختصاصات جهة إدارية أخرى موازية أو

أو من جهة إدارية دنيا على اختصاصات جهة إدارية عليا أو من جهة , مساوية لها

أو اعتداء السلطة المركزية , جهة أدنى منهاأخرى إدارية عليا على اختصاصات

. على اختصاصات الهيئات الالمركزية

يتم من خاللها تحديد النطاق المكاني الذي : قواعد االختصاص حيث المكان . 3

فإن قراراته , فإذا تجاوز هذا النطاق , يجوز لرجل اإلدارة أن يباشر اختصاصه فيه

ذا العيب قليل الحدوث في العمل ألن وه, كون مشوبة بعيب عدم االختصاص

المشرع كثيرا ما يحدد وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل اإلدارة أن يمارس

. اختصاصه فيه وغالبا ما يتقيد األخير بحدود هذا االختصاص وال يتعداه

وذلك بأن يتم تحديد فترة زمنية معينة : قواعد االختصاص من حيث الزمان . 2

فإذا أصدر قرار خارج النطاق , ل اإلدارة أن يباشر اختصاصه فيها يكون لرج

كما لو أصدر رجل اإلدارة قرارا إداريا قبل صدور قرار , الزمني المقرر لممارسته

. تعيينه أو بعد قبول استقالته أو فصله من الوظيفة أو إحالته على التقاعد

معين أو إلصدار قرار محدد كذلك إذا حدد المشرع مدة معينة لممارسته اختصاص

فإن القرار اإلداري الصادر بعد انتهاء المدة الزمنية المعينة إلصداره يعد باطال

فإن لم يفعل فقد درج القضاء , ومعيبا بعدم االختصاص إذا اشترط المشرع ذلك

. ) ( اإلداري في فرنسا ومصر على عدم ترتيب البطالن

, تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية ومخالفة قواعد االختصاص أما أن

فتكون المخالفة إيجابية عندما يصدر الموظف أو الجهة اإلدارية قرارا من

. اختصاص موظف آخر أو جهة إدارية أخرى

وتكون المخالفة سلبية عندما يرفض الموظف أو اإلدارة إصدار قرار معين ظنا

. اصاتهما منهما بأن القرار غير داخل في ضمن اختص

. الشكــل : ثانيـا

الشكل هو المظهر الخارجي أو اإلجراءات التي تعبر بها اإلدارة عن إرادتها الملزمة

. لألفراد

واألصل أن اإلدارة غير ملزمة بأن تعبر عن إرادتها بشكل معين إال إذا نص القانون

, لمقررة لصدورهوفي هذه الحالة يجب أن يتخذ القرار الشكلية ا, على خالف ذلك

أو استشارة جهة متخصصة , كأن يشترط القانون ضرورة أن يكون القرار مكتوبا

. قبل إصداره أو تسبيبه إلى غير ذلك من أشكال أخرى

ويحدد القانون بمعناه العام قواعد الشكل واإلجراءات بما ينص عليه الدستور أو

القانونية العامة دورا مهما في التشريع العادي أو األنظمة و كذلك تؤدي المبادئ

ابتداع قواعد شكلية غير منصوص عليها في القانون واألنظمة باالستناد إلى روح

. ) ( التشريع وما يمليه العقل وحسن تقدير األمور

Page 91: الوجيز في القانون الإداري

91

وعندما يشترط القانون إتباع شكل أو إجراء معين إنما يسعى من جهة إلى تحقيق

لإلدارة إلصدارها قرارات مجحفة بحقوقهم مصلحة األفراد وعدم فسح المجال

ومن جهة أخرى يعمل على تحقيق المصلحة العامة في ألزام , بصورة ارتجالية

. اإلدارة بإتباع األصول والتروي وعدم التسرع في اتخاذ قرارات خاطئة

وقد درج القضاء اإلداري على التمييز بين ما إذا كانت المخالفة في الشكل

تعلقت بالشروط الجوهرية التي تمس مصالح األفراد وبين ما إذا واإلجراءات قد

كانت المخالفة متعلقة بشروط غير جوهرية ال يترتب على إهدارها مساس

. بمصالحهم ويترتب البطالن بالنسبة للنوع األول دون النوع الثاني

: األشكال التي تؤثر في مشروعية القرار اإلداري . 1

كال واإلجراءات التي يترتب على مخالفتها بطالن القرار ال يمكن أن نحصر األش

اإلداري إال أن المستقر في الفقه والقضاء اإلداري أن أهم هذه الشكليات تتعلق

واألشكال , وتسبيبه واإلجراءات التمهيدية السابقة على إصداره , بشكل القرار ذاته

في الضمانات المقرر المقررة لحماية مصالح المخاطبين بالقرار أو التي تؤثر

. ) ( لألفراد في مواجهة اإلدارة

: األشكال التي ال تؤثر في مشروعية القرار اإلداري . 2

في المستقر في القضاء اإلداري أنه ال يترتب البطالن على كل مخالفة للشكليات

دون النظر إلى طبيعة هذه المخالفة فقد أطرد القضاء على التمييز بين األشكال

رية واألشكال الثانوية أو غير الجوهرية ورتب البطالن على األولى دون الجوه

. الثانية

والتمييز بين أشكال الجوهرية واألشكال غير الجوهرية مسألة تقديرية تتقرر في

وبصورة عامة يكون اإلجراء جوهريا , ضوء النصوص القانونية ورأي المحكمة

أما إذا , رتب البطالن كجزاء على مخالفته أو إذا , إذا وصفه القانون صراحة بذلك

وبعكس ذلك فإنه يعد , صمت القانون فإن اإلجراء يعد جوهريا إذا كان له أثر حاسم

. ) ( أجراء ثانويا ومن ثم فإن تجاهله ال يعد عيبا يؤثر في مشروعية ذلك القرار

يترتب على وقد استقر القضاء اإلداري على أن اإلجراءات الثانوية والتي ال

النوع األول يتمثل في األشكال : مخالفتها بطالن القرار اإلداري على نوعين

أما النوع الثاني فيتعلق باألشكال , واإلجراءات المقررة لمصلحة اإلدارة

واإلجراءات الثانوية التي ال تؤثر في مضمون القرار كإغفال اإلدارة ذكر النصوص

. ) ( صداره القانونية التي كانت األساس في إ

. السبــب : ثالثا

سبب القرار اإلداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار وتدفع

فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر لإلدارة التدخل بإصدار , اإلدارة إلصداره

. القرار وليس عنصرا نفسيا داخليا لدى من إصدار القرار

ملزمة بتسبيب قراراتها استنادا إلى قرينة المشروعية التي فاألصل أن اإلدارة غير

تفترض أن قرارات اإلدارة تصدر بناء على سبب مشروع وعلى صاحب الشأن

أما إذا أفصحت اإلدارة عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فإنه يجب أن , إثبات العكس

Page 92: الوجيز في القانون الإداري

92

. لقرار قانونا ما لم تكن اإلدارة ملزمة بذكر سبب ا.) ( يكون صحيحا وحقيقيا

: وقد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار اإلداري

ويتفرع من هذا , أن يكون سبب القرار قائما وموجودا حتى تاريخ اتخاذ القرار . 1

الشرط ضرورتان األولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعال وإال

والثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور , ا في سببه كان القرار اإلداري معيب

القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية إلصدار القرار إال أنها زالت قبل إصداره

كذلك ال يعتد بالسبب الذي , فإن القرار يكون معيبا في سببه وصدر في هذه الحالة

أن جاز يكون مبررا و, لم يكن موجودا قبل إصدار القرار إال أنه تحقق بعد ذلك

. ) ( لصدور قرار جديد

وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة , أن يكون السبب مشروعا . 2

عندما يحدد المشرع أسبابا معينة يجب أن تستند إليها اإلدارة في إلصدار , لإلدارة

ر تلك التي فإذا استندت اإلدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غي, بعض قراراتها

بل أن .) ( حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقا لإللغاء لعدم مشروعية سببه

القضاء اإلداري درج على أنه حتى في مجال السلطة التقديرية ال يكفي أن يكون

. ) ( السبب موجودا بل يجب أن يكون صحيحا ومبررا إلصدار القرار اإلداري

ركن السبب في القرار اإلداري من الرقابة على وقد تطورت رقابة القضاء على

الوجود المادي للوقائع إلى رقابة الوصف القانوني لها إلى أن وصلت إلى مجال

: المالئمة أو التناسب

وهي أول درجات الرقابة القضائية على ركن : الرقابة على وجود الوقائع . 1

مطعون فيه ال يقوم على سبب فإذا تبين أن القرار ال, السبب في القرار اإلداري

أما إذا صدر , يبرره فأنه يكون جديرا باإللغاء النتفاء الواقعة التي استند عليها

القرار باالستناد إلى سبب تبين أنه غير صحيح أو وهمي وظهر من أوراق الدعوى

. ) ( أن هناك أسباب أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك األسباب

وهنا تمتد الرقابة لتشمل الوصف القانوني للوقائع : على تكييف الوقائع الرقابة. 2

التي استندت إليها اإلدارة في إصدار قرارها فإذا تبين أن اإلدارة أخطأت في تكييفها

, القانوني لهذه الوقائع فأنه يحكم بإلغاء القرار اإلداري لوجود عيب في سببه

الوقائع المادية التي استندت إليها اإلدارة في بمعنى أنه إذا تحقق القاضي من وجود

إصدار قرارها يتنقل للبحث فيما إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقيا إلى القرار

. المتخذ

األصل أن ال تمتد رقابة القضاء اإلداري : الرقابة على مالئمة القرار للوقائع . 3

ألن تقدير , بناء عليها لتشمل البحث في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر

. أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل ضمن نطاق السلطة التقديرية لإلدارة

إال أن القضاء اإلداري في فرنسا ومصر أخذ يراقب المالئمة بين السبب والقرار

المبني عليه ال سيما إذا كانت المالئمة شرطا من شروط المشروعية وخاصة فيما

ثم امتدت الرقابة على المالئمة لتشمل . ت المتعلقة بالحريات العامة يتعلق بالقرارا

. ميدان القرارات التأديبية

Page 93: الوجيز في القانون الإداري

93

. المحـل : رابعا

يقصد بمحل القرار اإلداري األثر الحال والمباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء

. بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه

فإذا كان القرار , مكنا وجائزا من الناحية القانونية ويجب أن يكون محل القرار م

معيبا في فحواه أو مضمونه بأن كان األثر القانوني المترتب على القرار غير جائز

أو مخالف للقانون أيا كان مصدره دستوريا أو تشريعيا أو الئحيا أو عرفا أو مبادئ

. ع ويكون القرار بالتالي باطال ففي هذه الحاالت يكون غير مشرو, عامة للقانون

: ومخالفة القرار للقواعد القانونية تتخذ صورا متعددة وهي

وتتحقق هذه عندما تتجاهل اإلدارة : المخالفة المباشرة للقاعدة القانوينة . 1

, وقد تكون هذه المخالفة عمدية , القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة

دية نتيجة عدم علم اإلدارة بوجود القاعد القانونية بسبب كما قد تكون غير عم

. ) ( تعاقب التشريعات وعدم مواكبة اإلدارة للنافذ منها

وتتحقق هذه الحالة عندما تخطأ اإلدارة في : الخطأ في تفسير القاعدة القانونية . 2

. تفسير القاعدة القانونية فتعطي معنى غير المعنى الذي قصده المشرع

خطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير متعمد من جانب اإلدارة فيقع وال

, واحتمال تأويلها إلى معان عدة, بسبب غموض القاعدة القانونية وعدم وضوحها

وقد يكون متعمدا حين تكون القاعدة القانونية المدعى بمخالفتها من الوضوح

إلدارة تتعمد التفسير الخاطيء فيختلط ولكن ا, بحيث ال تحتمل الخطأ في التفسير

. عيب المحل في هذه الحالة بعيب الغاية

ويحصل هذا الخطأ في حالة مباشرة اإلدارة : الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية . 3

بالنسبة لغير الحاالت التي نص عليها القانون أو , للسلطة التي منحها القانون إياها

. ) ( حددها القانون لمباشرتها دون أن تتوفر الشروط التي

ويتخذ الخطأ في تطبيق القانون صورتين األولى تتمثل في حالة صدور القرار دون

ومثال ذلك أن يصدر الرئيس اإلداري جزاءا , االستناد إلى وقائع مادية تؤيده

. تأديبيا بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز هذا الجزاء

وهنا توجد وقائع , فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار اإلداري أما الثانية

, معينة إال أنها ال تكفي أو لم تستوف الشروط القانونية الالزمة التخاذ هذا القرار

كأن تكيف اإلدارة جريمة معينة بأنها مرتكبة ضد اإلدارة العامة فتصدر قرارا بإنهاء

. ) ( هذا التكييف خدمات الموظف ثم يتبين عدم صحة

. الغاية : خامسـا

والغاية , يقصد بالغاية من القرار اإلداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه

فالهدف من إصدار قرار بتعيين موظف هو , عنصر نفسي داخلي لدى مصدر القرار

صدار والهدف من إل, لتحقيق استمرار سير العمل في المرفق الذي تم تعيينه فيه

, قرارات الضبط اإلداري هو حماية النظام العام بعناصره الثالث السكينة العامة

. و األمن العام , والصحة العامة

فإذا , وغاية القرارات اإلدارية كافة تتمثل في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع

Page 94: الوجيز في القانون الإداري

94

مع انحرفت اإلدارة في استعمال سلطتها هذه بإصدار قرار لتحقيق أهداف تتعارض

المصلحة العامة فإن قراراها يكون مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة أو

ويعد هذا العيب من أسباب الطعن باإللغاء التي ترد على القرار , االنحراف بها

. اإلداري

, ويفترض فيه ذلك, واألصل أن كل قرار إداري يستهدف تحقيق المصلحة العامة

وعيب االنحراف بالسلطة أو الغاية عيب قصدي وعلى من يدعي خالف ذلك اإلثبات

أو عمدي يتعلق بنية مصدر القرار الذي يجب أن يكون سيء النية يعلم أنه يسعى

. إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة أو غير تلك التي حددها القانون

وإثباته يتطلب أن , وألن هذا العيب يتصل بالبواعث النفسية الخفية لجهة اإلدارة

فقد أضفى القضاء , يبحث القضاء في وجود هذه البواعث وهو أمر بعيد المنال

على هذا العيب الصفة االحتياطية فال يبحث في وجوده طالما أن هناك عيب آخر

. مثل عدم االختصاص أو عيب الشكل أو مخالفة القانون , شاب القرار اإلداري

: ثالثة اعتبارات ويمكن تحديد الغاية من القرار اإلداري وفقا ل

السلطة التي تتمتع بها اإلدارة ليست غاية في ذاتها : استهداف المصلحة العامة . 1

فإذا حادت اإلدارة عن , إنما هي وسيلة لتحقيق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة

هذا الهدف لتحقيق مصالح شخصية ال تمت للمصلحة العامة بصلة كمحاباة الغير أو

اسي أو استخدام السلطة بقصد االنتقام فإن قراراتها تكون معيبة تحقيق غرض سي

. ) ( وقابلة لإللغاء

على الرغم من أن اإلدارة تستهدف تحقيق : احترم قاعدة تخصيص األهداف . 2

المصلحة العامة دائما فقد يحدد المشرع لإلدارة هدفا خاصا يجب أن تسعى قراراها

هدف فإن قراراتها يكون معيبا بإساءة استعمال لتحقيقه وإذا ما خالفت هذا ال

وهذا ما , السلطة ولو تذرعت اإلدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة

يعرف بمبدأ تخصيص األهداف ومثال ذلك قرارات الضبط اإلداري التي حدد لها

ام و القانون أهدافا ثالثة ال يجوز لإلدارة مخالفتها وهي المحافظة على األمن الع

فإذا خالفت اإلدارة هذه األهداف في قرارات الضبط , السكينة العامة والصحة العامة

. ) ( اإلداري فإن قرارها هذا يكون معيبا وجديرا باإللغاء

يتعين على اإلدارة احترام اإلجراءات التي بينها : احترام اإلجراءات المقررة . 3

فإذا انحرفت اإلدارة في اإلجراءات , القانون لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه

اإلدارية الالزمة إلصدار قرار معين بإجراءات أخرى لتحقيق الهدف الذي تسعي

إليه فإن تصرفها هذا يكون مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة في صورة

. االنحراف باإلجراءات

تبعته ال يؤدي وتلجأ اإلدارة إلى هذا األسلوب أما ألنها تعتقد أن اإلجراء الذي ا

لتحقيق أهدافها أو أنها سعت إلى التهرب من اإلجراءات المطولة أو الشكليات

ومثال ذلك أن تلجأ اإلدارة إلى االستيالء المؤقت على العقارات بدال من , المعقدة

سيرها في طريق إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة تفاديا لطول إجراءات نزع

رر اإلدارة ندب موظف وهي تستهدف في الحقيقة معاقبته فتلجأ أو أن تق, الملكية

إلى قرار الندب لتجريده من ضمانات التأديب

Page 95: الوجيز في القانون الإداري

95

الفصل الثالث

تصنيف القرارات اإلدارية

تنقسم القرارات اإلدارية إلى أنواع متعددة حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار

) ( . أو حسب األساس الذي يقوم عليه التقسيم

فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبة ومن حيث أثرها تقسم إلى

قرارات منشئة وقرارات كاشفة ومن زاوية رقابة القضاء توجد قرارات خاضعة

لرقابة القضاء وقرارات ال تخضع لرقابة القضاء وفي حيث نفاذها في مواجهة

أخرى غير نافذة في حقهم وأخيرا األفراد تقسم إلى قرارات نافذة في حق األفراد و

من حيث مدى القرارات وعموميتها توجد قرارات فردية وأخرى تنظيمية

المبحث األول

القرارات اإلدارية من حيث التكوين

( قرارات بسيطة وقرارات مركبة )

تنقسم القرارات اإلدارية من هذه الجهة إلى قسمين األول القرارات البسيطة أو

وهي تلك القرارات التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلي عملية قانونية المستقلة

واحده غير مرتبطة بعمل قانوني أخر كالقرار الصادر بتعين موظف أو ترقيته أو

.نقلة وهي الصورة األكثر شيوعا في القرارات اإلداري

التي تدخل أما النوع أو القسم الثاني فيسمى بالقرارات المركبة وهي تلك القرارات

في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن هذه القرارات قرار نزع الملكية

. للمنفعة العامة وقرار إرساء المزاد أو أجراء المناقصة في العقود اإلدارية

فالقرار اإلداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى

رة أو الحقه له وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير قد تكون سابقة أو معاص

المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية ثم أعداد كشوف الحصر لها وأخيرا

. صدور قرار نقل الملكية أو تقرير المنفعة العامة

ولهذا التقسيم أهمية تاريخية في فرنسا إذ أن القرارات التي تدخل في تكوين عمل

كانت ال تقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء إمام مجلس الدولة تطبيقا إداري مركب

لنظرية الدعوى الموازية على أساس أن القانون قد نظم لصاحب الشأن طريقا

قضائيا أخر يستطيع به تحقيق ما توفره دعوى اإللغاء من مزايا وقد تخلى مجلس

اإللغاء استقالال في الدولة عن هذه النظرية بصورة تدريجية عندما سمح بالطعن ب

األعمال القابلة لالنفصال عن العملية المركبة ولو انه مازال يأخذ بها في دائرة

. ) ( ضيقة

ومن جانب أخر تظهر أهمية هذا التقسيم في أن القرارات البسيطة يمكن الطعن فيها

يجوز باإللغاء باعتبارها قرارات إدارية نهائيه أما في حالة القرارات المركبة فال

الطعن بالقرارات التمهيدية أو التحضيرية التي تتطلب تصديق جهات إدارية أخرى

. ) ( وال يمكن الطعن باإللغاء إال بالقرار اإلداري النهائي نتاج العملية المركبة

Page 96: الوجيز في القانون الإداري

96

ومع ذلك فقد سمح القضاء اإلداري كما بينا بفصل القرار اإلداري الذي يساهم في

باألعمال القابلة لالنفصال وقبل الطعن فيها بصفة عملية مركبة وفق ما يسمي

. مستقلة وبشروط معينة

فقد استقر القضاء اإلداري في فرنسا ومصر على أن القرارات اإلدارية السابقة

على أبرام العقد أو الممهدة النعقاده مثل قرارات لجان فحص العطاءات ولجان البث

ن وقرار إرساء المزايدة أو إلغائها هي في العطاءات وقرار استبعاد احد المتقدمي

قرارات إدارية مستقلة عن العقد يجوز الطعن بها بدعوى اإللغاء وسمحت نظرية

األعمال اإلدارية المنفصلة لمن له مصلحة من الغير أن يطعن باإللغاء في هذه

قد القرارات أما المتعاقدون فليس لهم أن يطعنوا في هذه القرارات إال أمام قاضي الع

. وعلى أساس دعوى القضاء الكامل

المبحث الثاني

القرارات اإلدارية من حيث آثارها

( قرارات منشئة وقرارات كاشفة )

قرارات منشئة : يمكن تقسيم القرار اإلدارية من حيث طبيعة آثارها إلى قسمين

ر في وهي القرارات التي يترتب عليها أنشاء مراكز قانونية جديدة أو أحداث تغيي

كالقرار الصادر بتعيين موظف عام أو , المراكز القانونية القائمة تعديال أو إلغاء

. فصله أو معاقبته

أما القسم الثاني من القرارات فيسمى بالقرارات الكاشفة ويقصد بها القرارات التي

ال تحدث مركزا قانونيا جديدا وإنما تقرر حالة موجودة أو تكشف عن مركز قانوني

مثل القرار الصادر بفصل موظف لصدور حكم ضده بعقوبة جنائية أو , قائم مسبقا

بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو القرار الذي يتضمن تأكيد أو

. تفسير قرار سابق دون أن يضيف إليه

ويتبين من ذلك أن أثر القرارات الكشافة ينحصر في إثبات وتقرير حالة موجودة

. بل وال يتعدى ذلك إلى أنشاء مراكز قانونية جديدة من ق

وتبدو أهمية التفرقة بين القرارات اإلدارية الكشافة والقرارات اإلدارية المنشئة في

: أمرين

أن القرارات المنشئة ترتب آثارها منذ صدورها أما القرارات الكاشفة فترجع . 1

إال أن , نونية التي كشف عنها القرار آثارها إلى التاريخ الذي ولدت فيه اآلثار القا

ألن أثر القرارات الكاشفة , ذلك ال يعتبر إخالال بمبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية

. فوري إذ تكشف عن العمل القانوني المنشئ للمركز القانوني محل القرار الكاشف

) (

أما , دد مطلقا القرارات الكاشفة يجوز لإلدارة سحبها دون التقيد بميعاد مح. 2

. القرارات اإلدارية المنشئة فإن سحبها يكون مقيد بميعاد الطعن باإللغاء

المبحث الثالث

القرارات اإلدارية من حيث رقابة القضاء

( قرارات تخضع للرقابة وقرارات ال تخضع للرقابة )

Page 97: الوجيز في القانون الإداري

97

تخضع إلى قرارات , تنقسم القرارات اإلدارية من زاوية خضوعها لرقابة القضاء

وقرارات ال تخضع لرقابة القضاء وهي القرارات , لرقابة القضاء وهذا هو األصل

. المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء

. القرارات الخاضعة لرقابة القضاء : أوال

األكثر ضمانا تعد رقابة القضاء على أعمال اإلدارة أهم وأجدى صور الرقابة و

لحقوق األفراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقالل وما تتمتع به

. أحكام القضاء من قوة وحجية تلزم الجميع بتنفيذها و احترامها

واألصل أن تخضع جميع القرارات اإلدارية النهائية لرقابة القضاء أعماال لمبدأ

نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال ومن المستقر وجود , المشروعية

. أما الثاني فيسمى نظام القضاء المزدوج , اإلدارة األول يسمى القضاء الموحد

في هذا النظام من القضاء تنحصر الرقابة القضائية في : نظام القضاء الموحد . 1

من يتمثل في التعويض عن األضرار التي قد تنتج , نطاق ضيق من جانب القضاء

. ) ( جراء تطبيق القرارات اإلدارية

, ويسود هذا النظام في إنكلترا والواليات المتحدة األمريكية وبعض الدول األخرى

ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين

. األفراد أنفسهم أو بينهم وبين اإلدارة أو بين الهيئات اإلدارية نفسها

وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقا مع مبدأ المشروعة إذ يخضع األفراد واإلدارة إلى

قضاء واحد وقانون واحد مما ال يسمح بمنح اإلدارة أي امتيازات في مواجهة

. ) ( األفراد

باإلضافة إلى اليسر في إجراءات التقاضي إذا ما قورنت بأسلوب توزيع

. قضاء العادي واإلداري في نظام القضاء المزدوج االختصاصات القضائية بين ال

ومع ذلك فقد وجه النقد إلى هذا النظام من حيث أنه يقضي على االستقالل الواجب

مما يدفع اإلدارة إلى , لإلدارة بتوجيهه األوامر إليها بما يعيق أدائها ألعمالها

ما لهذا من أضرار وال يخفي , استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها

. بحقوق األفراد وحرياتهم

ومن جانب آخر يؤدي هذا النظام إلى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين

. مما يدفعهم إلى الخشية من أداء عملهم بالوجه المطلوب خوفا من المساءلة

يقوم هذا النظام على أساس وجود جهتين قضائيتين : نظام القضاء المزدوج . 2

جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين , مستقلتين

األفراد أو بينهم وبين اإلدارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص

. ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص ,

د وجهة القضاء اإلداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين األفرا

واإلدارة عندما تظهر األخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات ال يتمتع

. بها األفراد ويطبق القضاء اإلداري على المنازعة قواعد القانون العام

ووفقا لهذا النظام تخضع جميع القرارات اإلدارية لرقابة القضاء اإلداري إلغاء

تعلق بأعمال السيادة والقرارات التي حصنها إال في استثناءات معينة ت, وتعويضا

Page 98: الوجيز في القانون الإداري

98

. المشرع من رقابة القضاء

ومن الدول التي أخذت بهذا األسلوب فرنسا التي تعد مهد القضاء اإلداري ومنها

. انتشر هذا النظام في كثير الدول كبلجيكا واليونان ومصر والعراق

. القرارات غير خاضعة لرقابة القضاء : ثانيا

ت اإلدارية التي ال تخضع لرقابة القضاء تتمثل في صنفين األول يتعلق القرارا

أما الثاني فيشمل القرارات اإلدارية التي , بأعمال السيادة أو األعمال الحكومية

. يحصنها المشرع من رقابة القضاء العتبارات خاصة

وهي في , اختلف الفقه والقضاء في تعريف أعمال السيادة: أعمــال السيـــادة . 1

وتتميز بعد خضوعها لرقابة , حقيقتها قرارات إدارية تصدر عن السلطة التنفيذية

. ) ( القضاء سواء أكان باإللغاء أو التعويض

وقد نشأت نظرية أعمال السيادة في فرنسا عندما حاول مجلس الدولة الفرنسي أن

عن الرقابة على يحتفظ بوجوده في حقبة إعادة الملكية إلى فرنسا عندما تخلى

. ) ( بعض أعمال السلطة التنفيذية

غير أن االنتقادات الموجهة لهذا المعيار دفعت مجلس الدولة إلى التخلي عنه

واألخذ بمعيار طبيعة العمل الذي يقوم على أساس البحث في موضوع العمل

تور اإلداري فإذا تعلق بتحقيق مصلحة الجماعة السياسية والسهر على احترام الدس

وسير الهيئات العامة وعالقات الدولة مع الدول األجنبية فإن العمل يكون من

أما إذا كانت األعمال اإلدارية التي تتعلق , األعمال الحكومية أو أعمال السيادة

بالتطبيق اليومي للقوانين واإلشراف على عالقات األفراد بالهيئات اإلدارية مركزية

. ) ( ون إداريا ويخضع لرقابة القضاء إلغاء وتعويضا أو غير مركزية فإن العمل يك

يقوم , في حين اتجه جانب من الفقه إلى األخذ بمعيار آخر يسمى القائمة القضائية

على أن تحديد أعمال السيادة يعتمد على ما يقرره القضاء فهو يبين هذه األعمال

لتنازع في وضع قائمة وقد أسهم مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة ا, ويحدد نطاقها

: ألعمال السيادة أهمها

. اإلعمال المتعلقة بعالقة المحكومة بالبرلمان -

. القرارات الخاصة بانتخاب المجالس النيابية والمنازعات الناشئة عنها -

قرارات رئيس الجمهورية المتعلقة بالعالقة بين السلطات الدستورية ،وممارسة -

قرار اللجوء إلى السلطات االستثنائية المنصوص عليها الوظيفة التشريعية مثل

.) ( الفرنسي 1197من الدستور 11المادة

.) ( األعمال المتصلة بالعالقات الدولية والدبلوماسية -

.) ( األعمال المتعلقة بالحرب -

من مظاهر سيادة القانون أن تخضع -:القرارات المحصنة في الرقابة القضاء -2

اإلدارية جميعا لرقابة القضاء ، فهو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على حقوق قرارات

.) ( األفراد في مواجهة الدولة بهيئاتها المختلفة التشريعية والتنفيذية

فالقضاء يملك تقويم اإلداري وإجبارها على احترام المشروعة إذا ما حادث عنها

وحرياتها ،وتتم من خالل والشك أن في ذلك ضمان مهمة لحماية حقوق األفراد

Page 99: الوجيز في القانون الإداري

99

السماح لألفراد بالطعن في قرارات اإلدارية إذا مست مصالحهم طالبين إلغائها أو

. التعويض عنها

وإذا كان األصل خضوع اإلدارة لرقابة القضاء فان مستلزمات المصلحة العامة قد

ل تقتضي التخفيف من صرامة هذا المبدأ فتسمح بموازنة مبدأ المشروعية من خال

. نظرية السلطة التقديرية والظروف االستثنائية

إال أن الدول تبالغ أحيانا في استعاد الكثير من القرارات اإلدارية من الخضوع

. للطعن أمام القضاء لالعتبار مختلفة

والشك ان هذا االتجاه خطير من المشرع ألن تحصينة للقرارات االدارية من الطعن

. مهمه في مواجهة عسف االدارة وذلك ،يجرد االفراد من ضمانه

المبحث الرابع

القرارات اإلدارية من حيث نفاذها في مواجهة األفراد

( قرارات نافذة وقرارات غير نافذة )

تنقسم القرارات اإلدارية من حيث أثرها بالنسبة لألفراد إلى قرارات ملزمة لألفراد

في ذلك اجبروا على التنفيذ ، وهذا ونافذة بحقهم ،وعليهم احترامها وإذا قصروا

. األصل في القرارات اإلدارية

وقرارات إدارية ويقتصر أثرها على اإلدارة تسمي اإلجراءات الداخلية ومنها

المنشورات والتعليمات على اختالف أنواعها وتعليمات شارحة ،أو آمره أو ناصحه

فذ في حق األفراد وغير ملزم وهذا النوع من القرارات غير نا) ( أو مقرره ومؤكده

. له ،وال يحتج بها عليهم

بل ان من القضاء من أنكر على التعليمات صفتها القانونية وأعتبرها من قبيل

االعمال المادية محللين ذلك بانها موجهة من الرؤساء االداريين الى موظفين

ق غير مباشر وليس من الواجب على هؤالء اطاعتها واليمكن الزامهم بها اال بطري

. عن طريق العقوبات التأديبية

بيد ان هذا القول اليمكن االعتداد به الن مخالفة التعليمات بنتج عنها بطبيعة الحال

التهديد بالمساس بالمركز الشخص للموظف ونعتقد ان هذا كاف الضفاء طابع

.) ( العمل القانوني على التعليمات

رات هو انها غير موجهه لالفراد وال ترتب أثار اال ان مايميز هذا النوع من القرا

. قانوني في مواجهتهم النها تخاطب الموظفين فقط

ويترتب على هذا التقييم ان االجراءات الداخلية أو التعليمات اليمكن ان تكون

موضوعا لدعوى اإللغاء ،فال يقبل من االفراد الطعن باإللغاء ضدها النها غير نافذة

ما انه اليقبل من الموظف الذي تخاطبه هذه القرارات الطعن فيها في مواجهتهم ،ك

. باإللغاء النه يقع على عاتقه أطاعتها والعمل بها واالتعرض للعقوبات التأديبية

المبحث الخامس

القرارات اإلدارية من حيث مداها أو عموميتها

( القرارات تنظمية ،قرارات فردية)

Page 100: الوجيز في القانون الإداري

100

ن حيث مداها الى قرارات تنظيمية أو لوائح ،وقرارات تنقسم القرارات االدارية م

فردية ،ويعد هذا التقسيم من أهم تقسيمات القرارات االدارية لما يترتب عليه من

نتائج تتعلق بالنظام القانوني الذي يخضع له كل من القرارات التنظيمية والقرارات

. الفردية

: القرارات التنظيمية : أوال

مية هي تلك القرارات التي تحتوي على قواعد عامة مجرد تسري القرارات التنظي

. على جميع االفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القاعدة

وعمومية المراكز القانونية التي يتضمنها القرار التنظيمي التعني انها تنطبق على

مجتمع معيينين كافة االشخاص في المجتمع ،فهي تخاطب فرد أو فئة معينة في ال

.) ( بصفاتهم البذواتهم

والقرارات التنظيمية هي في حقيقتها تشريع ثانوي يقوم الى جانب التشريع

العادي، اال أنه يصدر عن االدارة ،وعلى ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من

يستوفي شروطا معينة تضعها القاعدة مسبقا وال تسنفذ الالئحة موضوعها

. مع انها اقل ثباتا من القانون) ( تظل قائمة لتطبق مستقبال، بتطبيقها ،بل

وعلى الرغم من اشتراك الالئحة مع القانون من حيث انهما يتضمنان قواعد عامة

مجرده ،فانهما يختلفان في مضمون كل منهما فالقانون يضع او يقرر مبادئ عامة

تفصيلية التي يتعرض اليها اساسية ،بينما يقتصر دور الالئحة على ايراد االحكام ال

القانون كما ان القانون يصدر بعد إقراره من السلطة التشريعية ،اما القرارات

. التنظيمية أو اللوائح فتصدر عن السلطة التنفيذية

-:وتتنوع اللوائح الى عدة انواع أهما

وهي التي تصدرها االدارة بغرض وضع القانون موضع -:اللوائح التنفيذية -1

لتنفيذ ، وهي تخضع تماما للقانون وتقيد به وتتبعه ، فال تملك ان تعدل فيه او ا

. تضف اليه او تعطل تنفيذه

وهي تلك اللوائح التي تصدرها االدارة بقصد المحافظة على -:لوائح الضبط -2

النظام العام بعناصره المختلفة، االمن العام ،والصحة العامة والسكنية العامة ،وهي

بالغة االهمية لتعلقها مباشرة بحياة االفراد وتقيد حرياتهم النها تتضمن اوامر مهمه

ونواهي و توقع العقوبات على مخالفيها ،مثل لوائح المرور وحماية االغذية

. والمشروبات والمحال العامة

وتسمى ايضا اللوائح المستقلة وهي اللوائح التي تتعدى -:اللوائح التنظيمية -3

لقوانين الى تنظيم بعض االمور التي لم يتطرق اليها القانون فتقترب وظيفتها تنفيذ ا

. من التشريع

وهي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية في غيبة -:لوائح الضرورة -2

البرلمان أو السلطة التشريعية لمواجهة ظروف استثنائية عاجلة تهدد أمن الدولة

تنفيذية من خاللها ان تنظم امور ينظمها القانون اصال وسالمتها ، فتمتلك السلطة ال

. ويجب ان تعرض هذه القرارات على السلطة التشريعية في اقرب فرصة القرارها

وهي القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض -:اللوائح التفويضية -9

التشريع ويكون من السلطة التشريعية لتنظيم بعض المسائل الداخلة اصال في نطاق

Page 101: الوجيز في القانون الإداري

101

لهذه القرارات قوة القانون سواء اصدرت في غيبة السلطة التشريعية أو في حالة

. انعقادها

. القرارات الفردية : ثانيا

وهي القرارات التي تنشئ مراكز قانونية خاصة بحاالت فردية تتصل بفرد معين

. بيقها مرة واحدة بالذات أو أفرادا معيين بذواتهم و وتستنفذ موضوعها بمجرد تط

. مثل القرار الصادر بتعيين موظف عام أو ترقية عدد من الموظفين ) (

: ويظهر االختالف بين القرارات التنظيمية أو اللوائح والقرارات الفردية فيما يلي

, تسري القرارات الفردية على فرد معين بالذات أو أفراد أو حاالت معينة بالذات . 1

رارات التنظيمية قواعد عامة مجردة تطبق على كل من تتوافر بينما تتضمن الق

. فيهم شروط معينة دون أن يتم تحديد هؤالء األشخاص مقدما بذواتهم أو أسمائهم

في حين , يسري القرار الفردي من تاريخ إعالن صاحب الشأن به كقاعدة عامة . 2

. في الجريدة الرسمية يبدأ سريان القرارات اإلدارية التنظيمية من تاريخ نشرها

تملك اإلدارة الحق في تعديل القرارات التنظيمية أو إلغائها أو سحبها دون أن . 3

في , على اعتبار أنها تنظم قواعد عامة , يكون ألحد الحق بالتمسك بحقوق مكتسبة

حين تخضع اإلدارة في سحبها وإلغائها أو تعديلها للقرارات اإلدارية الفردية

.) ( ة حددها القانون لشروط معين

كما هو الحال في تفسير , تختص المحاكم العادية في تفسير القرارات التنظيمية . 2

. ) ( في حين يختص القضاء اإلداري بتفسير القرارات اإلدارية الفردية , القوانين

الفصل الرابع

النظام القانوني للقرارات اإلدارية

Le Regim des decision administratives

, يتضمن النظام القانوني للقرارات اإلدارية على امتيازات مهمة مقررة للسلطة

وفي هذا الجانب من الدراسة , مثلما يحتوى على قيود ترد على حرية اإلدارة

: نتناول هذه االمتيازات والقيود في ثالثة مباحث

. سلطة اإلدارة في إصدار القرارات اإلدارية : المبحث األول

. نفاذ القرارات اإلدارية : المبحث الثاني

تنفيذ القرارات اإلدارية : المبحث الثالث

المبحث األول

سلطة اإلدارة في إصدار القرارات اإلدارية

األول أن تمارس : تمارس اإلدارة سلطتها في إصدار القرار بإتباع أسلوبين

, تصرف على النحو معين اختصاصا مقيدا عندما يلزمها المشرع بوجوب ال

عندما يترك لها , واألسلوب الثاني يتمثل بممارسة اإلدارة اختصاصا تقديريا

Page 102: الوجيز في القانون الإداري

102

. المشرع قدرا من حرية التصرف

. االختصاص المقيد : أوال

يقصد باالختصاص المقيد أن ال تكون اإلدارة حرة في اتخاذ القرار أو االمتناع عن

ها عند توفر شروط معينة أو قيام عناصر واقعية فالقانون يفرض علي, اتخاذه

وقد يحدد الهدف الذي يتعين على اإلدارة أن تعمل على , إصدار قرار معين , محددة

. تحقيقه أو الوقت المناسب إلصداره

وفي هذه الحالة تكون مهمة اإلدارة مقصورة على تطبيق القانون على الحاالت

. ) ( فال يترك لها أية حرية في التقدير , ا التي تصادفها عندما تتحقق أسبابه

ومثال االختصاص المقيد حالة ترقية الموظف باألقدمية فإذا توفرت هذه األقدمية

. فإن اإلدارة مجبرة على التدخل وإصدار قراراتها بالترقية

ومع ذلك فإن المشرع قد ال يكبل اإلدارة بجميع هذه القيود فمن المستحيل أن تكون

ألن المهم أن يسير القرار اإلداري الصادر , عناصر القرار اإلداري مقيدة جميع

ضمن االختصاص المقيد لإلدارة في مجال النطاق القانوني الذي رسمه المشرع

. حتى ال يكون مشوبا بعدم مشروعيته

فال , ويتمثل االختصاص المقيد في بعض عناصر القرار اإلداري أكثر من األخرى

حيث يكون قراراها باطال أو , ارة بحرية في مجال عنصر االختصاص تتمتع اإلد

وكذلك في عنصر الشكل عندما يرسم , معدوما إذا لم تحترم قواعد االختصاص

كما يرد , المشرع القواعد واإلجراءات الواجب إتباعها عند إصدار القرار

داري فيجب أن االختصاص المقيد أحيانا في العناصر الموضوعية من القرار اإل

وأن تهدف اإلدارة من إصداره إلى , يكون للقرار اإلداري سبب ومحل مشروعان

. تحقيق المصلحة العامة

السلطة التقديرية : ثانيا

يقصد بالسلطة التقديرية أن تكون اإلدارة حرة في اتخاذ القرار أو االمتناع عن

مشرع يترك لإلدارة حرية اختيار أي أن ال, اتخاذه أو في اختيار القرار الذي تراه

. وقت وأسلوب التدخل في إصدار قرارها تبعا للظروف

فالمشرع يكتفي بوضع القاعدة العامة التي تتصف بالمرونة تاركا لإلدارة تقدير

شريطة أن تتوخى الصالح العام في أي قرار تتخذه وأن ال , مالئمة التصرف

. ) ارها مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة و إال كان قر, تنحرف عن هذه الغاية

. مثال ذلك سلطة اإلدارة في إصدار قرار الترقية باالختيار على أساس الكفاءة (

وتتجلى سلطة اإلدارة التقديرية في عنصر السبب وهو الحالة الواقعية والقانونية

, حاال ومباشرة والمحل وهو األثر القانوني المترتب عنه , التي تبرر اتخاذ القرار

أما باقي عناصر القرار اإلداري وهي االختصاص والشكل والغاية فإنها تصدر بناء

. على اختصاص مقيد

. مدى رقابة القضاء على السلطة التقديرية

Page 103: الوجيز في القانون الإداري

103

إذ أن المشرع منح اإلدارة , ترتبط السلطة التقديرية بفكرة مالئمة القرار اإلداري

ا أقدر على اختيار الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ هذه السلطة شعورا منه بأنه

وأنه مهما حاول ال يستطيع أن يتصور جميع , القرار المالئم في ظروف معينة

. الحاالت التي قد تطرأ في العمل اإلداري ويضع الحلول المناسبة لها

رة ألن اإلدا, في حين يقوم االختصاص المقيد على فكرة مشروعية القرار اإلداري

ويترتب على ذلك أن القضاء يملك بسط رقابته , مقيدة دائما بما يفرضه القانون

ويملك إلغاؤه إذا , على مشروعية القرار الصادر بناء على اختصاص اإلدارة المقيد

. ما تبين أنه مخالف للقانون

ويتضح مجال الرقابة على عنصر السبب في أن اإلدارة تملك تقدير أهمية وخطورة

في حين يمارس القضاء رقابته على , لوقائع وال تخضع في ذلك لرقابة القضاء ا

وكذلك فيما يتعلق بالتكييف , صحة قيام الوقائع المادية التي قام عليها القرار

. القانوني لهذه الوقائع

أما بالنسبة لعنصر المحل فمن الممكن القول بأن معظم االختصاص فيه هو

وبعد أن تكيفها , تتحقق اإلدارة من قيام الوقائع المادية اختصاص تقديري فبعد أن

تنتقل إلى عنصر , وتقدر مدى خطورة هذه الوقائع , التكييف القانوني الصحيح

المحل متمتعة بسلطة تقديرية واسعة في أن تتدخل أو ال تدخل واختيار وقت هذا

ما لم ينص , تريد ترتيبه التدخل كما تتمتع اإلدارة بسلطة تحديد األثر القانوني الذي

. ) ( المشرع على ضرورة تدخلها ووقته واألثر المترتب عليه

وقد برز في مجال رقابة القضاء على السلطة التقديرية اتجاهان فقد ذهب جانب من

الفقه إلى أن القضاء يمتنع عن بسط رقابته على أعمال اإلدارة المستندة إلى

ب رأيهم يمارس المشروعية وليس رقابة فالقاضي بحس, سلطتها التقديرية

. المالئمة وال يجوز له أن يمارس سطوته على اإلدارة فيجعل من نفسه رئيسا لها

) (

في حين يذهب الجانب اآلخر إلى جواز تدخل القاضي لمراقبته السلطة التقديرية

على أساس ما يتمتع به القاضي اإلداري من دور في الكشف عن قواعد القانون

اإلداري فيمكن له أن يحول بعض القضايا المدرجة في السلطة التقديرية والمرتبطة

بالمالئمة إلى قضايا تندرج تحت مبدأ المشروعية تلتزم اإلدارة بأتباعها و إال

.) ( تعرضت أعمالها للبطالن

والرأي األكثر قبوال في هذا المجال يذهب على أن سلطة اإلدارة التقديرية ال تمنع

رقابة القضاء وإنما هي التي تمنح اإلدارة مجاال واسعا لتقدير الظروف المالئمة من

التخاذ قراراتها وهذه الحرية مقيدة بأن ال تتضمن هذه القرارات غلطا بينا أو

وهي بذلك ال تتعارض مع مبدأ المشروعية بقدر ما تخفف من , انحرافا بالسلطة

. اختصاصات اإلدارة المقيدة

بحث الثاني الم

نفاذ القرارات اإلدارية

األصل أن يكون القرار اإلداري نافذا من تاريخ صدروه من السلطة المختصة قانونا

Page 104: الوجيز في القانون الإداري

104

ولكنه ال يسري في حق األفراد المخاطبين به إال إذا علموا به عن طريق , بإصداره

القرارات ومن ثم فهناك تاريخان رئيسيان لنفاذ . أحدى الوسائل المقررة قانونا

, وتاريخ العلم به أو سريانه في مواجهة األفراد , اإلدارية هما تاريخ صدور القرار

وسنبحث هذين التاريخان ثم نبحث في مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية و أمكان

. أرجاء آثاره إلى المستقبل

. تاريخ صدور القرار اإلداري ذاتـه : أوال

ومن ثم فإنه , ي يعد صحيحا ونافذا من تاريخ صدوره األصل أن القرار اإلدار

يسرى في حق اإلدارة من هذا التاريخ ويستطيع كل ذي مصلحة أن يحتج بهذا

التاريخ في مواجهتها غير أن هذا القرار ال يكون نافذا بحق األفراد إال من تاريخ

. علمهم به

ذلك أن هناك من القرارات ما من, إال أن هذه القاعدة ترد عليها بعض االستثناءات

فال ينفذ , يلزم لنفاذها إجراءات أخرى من قبيل التصديق أو وجود اعتماد مالي

كما قد تعمد اإلدارة إلى أرجاء أثار , القرار إال من تاريخ استيفاء هذه اإلجراءات

. القرار إلى تاريخ الحق لتاريخ صدوره وهو ما يعرف بإرجاء أثار القرار اإلداري

) (

. سريان القرار اإلداري في مواجهة األفراد : ثانيا

فإنه ال يكون كذلك في , إذا كان القرار اإلداري ينفذ في حق اإلدارة بصدوره

وهي , فيلزم لذلك علمهم به بأحدى وسائل اإلعالم المقررة قانونا , مواجهة األفراد

. يا أو بعلم صاحب الشأن علما يقين, النشر, اإلعالن :

: اإلعالن . 1

واألصل أن اإلعالن , يقصد باإلعالن تبليغ القرار اإلداري إلى المخاطب به بالذات

يتم بكافة الوسائل المعروفة والتي من خاللها يمكن أن يتحقق علم صاحب الشأن

أو لصقه في , كتسليمه القرار مباشرة أو بالبريد أو عن طريق محضر , بالقرار

. لإلعالن المكان المخصص

واإلعالن هو الوسيلة الواجبة لتبليغ القرارات الفردية الصادرة بصدد فرد معين

كما هو الحال , بالذات أو أفرادا معينين بذواتهم أو بخصوص حالة أو حاالت معينة

وعلى ذلك ال , بالنسبة لقرار تعيين موظف أو منح رخصة مزاولة مهنة معينة

. ) ( لعلم به يكفي نشر القرار الفتراض ا

وهذا اإلعالن قد يكون تحريريا كما يصح شفهيا و فاإلدارة غير ملزمة بإتباع

وسيلة معينة لإلعالن إال أن الصعوبة تكمن في إثبات التبليغ الشفهي لذلك نجد

اإلدارة تسعى دائما إلى أن يكون إعالنها كتابة حتى تتجنب مخاطر التبليغ ألن من

. التبليغ الكتابي السهل عليها إثبات

إال أن عدم تطلب شكلية معينة في اإلعالن ال ينفي ضرورة احتواء اإلعالن على

مقومات تتمثل في ذكر مضمون القرار والجهة الصادر منها وأن يوجهه إلى ذوي

. ) ( المصلحة شخصيا أو من ينوب عنهم

Page 105: الوجيز في القانون الإداري

105

: النشر . 2

الشأن بالنسبة للقرارات النشر هو الطريقة التي يتم من خاللها علم أصحاب

. اإلدارية التنظيمية أو الالئحية

وعادة ما تتضمن القرارات التنظيمية قواعد عامة مجردة تنطبق على عدد غير

. مما يتطلب علم الكافة به من خالل نشره , محدد من الحاالت أو األفراد

يلة أخرى للنشر ويتم النشر عادة في الجريدة الرسمية إال إذا نص القانون على وس

فيجب على اإلدارة أتباع تلك الوسيلة كأن يتم في الصحف اليومية أو عن طريق

. لصق القرار في أماكن عامة في المدينة

وحتى يؤدي النشر مهمته يجب أن يكشف عن مضمون القرار بحيث يعلمه األفراد

هذا الملخص علما تاما وإذا كانت اإلدارة قد نشرت ملخص القرار فيجب أن يكون

حتى يتسنى , يغني عن نشره كله فيحوي على عناصر القرار اإلداري كافة

. ألصحاب الشأن تحديد موقفهم من القرار

العلم اليقيني . 3

أضاف القضاء اإلداري إلى النشر واإلعالن العلم اليقيني بالقرار كسبب من أسباب

. ) ( باإللغاء من تاريخه علم صاحب الشأن بالقرار اإلداري وسريان مدة الطعن

والعلم اليقيني يجب أن يكون متضمنا المضمون الكامل لعناصر القرار اإلداري

فيصبح صاحب الشأن في مواجهة القرار , ومحتوياته فيقوم مقام النشر واإلعالن

فيتبين مركزه القانوني من , في حالة تسمح له باإللمام بكافة ما تجب معرفته

فال عبره بالعلم الظني أو , وما يمس مصلحته , مواطن العيب فيه القرار وإدراك

. ) ( االفتراض مهما كان احتمال العلم قويا

ويمكن أن يستمد هذا العلم من أية واقعة أو قرينه تفيد حصوله دون التقيد بوسيلة

معينة لإلثبات وللقضاء اإلداري أن يتحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة وهل

وال يبدأ سريان مدة الطعن إال من اليوم الذي يثبت فيه هذا , هي كافية للعلم أم ال

. العلم اليقيني

ويلزم أخيرا أمكان ثبوت العلم اليقيني في تاريخ معين حتى يمكن حساب ميعاد

ومن ثم فال عبره بالعلم اليقيني بالقرار حتى وأن ثبتت , الطعن باإللغاء من تاريخه

. ) ( قرينة العلم به طالما أنها تمت دون أن يوضع تاريخها واقعة أو

. مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية : ثالثا

وال تسري بأثر رجعي على , األصل أن تسرى آثار القرارات اإلدارية على المستقبل

الماضي احتراما للحقوق المكتسبة والمراكز القانونية التي تمت في ظل نظام

. و احتراما لقواعد االختصاص من حيث الزمان , سابق قانوني

والمسلم به في القضاء اإلداري أن قاعدة عدم رجعية القرارات اإلدارية هي قاعدة

ويقوم مبدأ عدم , آمره وجزاء مخالفتها بطالن القرار اإلداري ذي األثر الرجعي

: رجعية القرارات اإلدارية على عدة اعتبارات تتمثل في

إذا اكتسب األفراد حقا في ظل نظام قانوني معين أو : احترام الحقوق المكتسبة . 1

فأنه ال يجوز المساس بهذا المركز إال , رتب لهم قرار إداري مركزا قانونيا معينا

Page 106: الوجيز في القانون الإداري

106

بنص خاص و ويسرى التغيير أو التعديل في هذا المركز بأثر حال ومباشر من

. تاريخ العمل به وليس بأثر رجعي

المصلحة العامة تقتضي أن ال يفقد األفراد الثقة : استقرار المعامالت بين األفراد . 2

واالطمئنان على استقرار حقوقهم و مراكزهم الذاتية التي تمت نتيجة لتطبيق

. أوضاع القانوينة السابقة

تقوم قاعدة عدم رجعية القرارات إلدارية على : احترام قواعد االختصاص . 3

. اء مصدر القرار على اختصاص سلفه ضرورة اعتد

ومن الجدير بالذكر أن بطالن القرار اإلداري الذي يصدر خالفا لقاعدة عدم الرجعية

كما لو صدر قرار بترقية موظف عام من , على الماضي قد ال يكون بطالنا كليا

ما يتعلق فإذا كان القرار سليما فأنه يلغي جزئيا في, تاريخ ال يستحق فيه الترقية

وتعتبر الترقية من التاريخ الذي استكمل فيه المدة , بالتاريخ المحدد للترقية

. ) ( أما إذا كان القرار غير قابل للتجزئة فأن البطالن يشمله كله , القانونية

غير أن قاعدة عدم رجعية القرارات اإلدارية على الماضي ال تسري على إطالقها

خفف من حدتها فظهرت بعض االستثناءات التي يمكن فقد بدأ القضاء اإلداري ي

-:ردها إلى ما يلي

يجوز للمشرع أن يخول اإلدارة بنص صريح أن : إباحة الرجعية بنص القانون . 1

تصدر قرارات معينة بأثر رجعي على اعتبار أن المشرع يمثل المصلحة العامة التي

. تسعى اإلدارة إلى تحقيقها

الحكم القضائي الصادر بإلغاء قرار إداري : ي تنفيذ األحكام إباحة الرجعية ف. 2

وحتى تنفذ اإلدارة حكم , يؤدي إلى إعدام هذا القرار بالنسبة للمستقبل والماضي

كما لو حكم , اإللغاء البد لها من إصدار قرارات متضمنة بالضرورة آثارا رجعية

تلتزم بإعادته إلى وظيفته القضاء بإلغاء قرار اإلدارة بفصل موظف فإن اإلدارة

السابقة مع منحه االمتيازات والحقوق التي فاته التمتع بها في فترة انقطاعه عن

. الوظيفية

درج القضاء على أن قرار اإلدارة بسحب : رجعية القرارات اإلدارية الساحبة . 3

القرارات اإلدارية يتم بأثر رجعي نظرا إلعدامه القرار المسحوب من تاريخ

فاإلدارة تملك حق سحب قراراتها التنظيمية في كل وقت سواء كانت , دروهص

وكذلك يجوز لها سحب قراراتها الفردية الغير , مشروعة أو غير مشروعة

. مشروعة والمرتبة لحقوق ذاتية خالل مدة الطعن باإللغاء

قرار إذا صدر قرار بقصد تأكيد أو تفسير : رجعية القرارات المؤكدة والمفسرة . 2

سابق و فإن القرار المؤكد أو المفسر يسرى حكمه من تاريخ تطبيق القرار األول

. ألنه ال يضيف أثرا جديدا له بل يقتصر على تأكيده أو تفسيره

استقر القضاء اإلداري في : رجعية القرارات اإلدارية لمقتضيات المرافق العامة . 9

قرارات اإلدارية كلما تعارض فرنسا ومصر على عدم تطبيق قاعدة رجعية ال

. ) ( تطبيقها مع مقتضيات سير المرافق العامة

. أرجاء آثار القرار اإلداري للمستقبل : رابعا

في مقابل قاعدة عدم الرجعية القرارات اإلدارية على الماضي تملك اإلدارة في

Page 107: الوجيز في القانون الإداري

107

اء اإلداري ودرج القض, بعض األحيان أرجاء تنفيذ القرار اإلداري إلى تاريخ الحق

على التمييز في ذلك بين القرارات اإلدارية التنظيمية أو اللوائح والقرارات اإلدارية

: الفردية

تملك اإلدارة أرجاء آثار القرارات التنظيمية إلى : القرارات اإلدارية التنظيمية . 1

ألن هذا , ألن ذلك ال يتضمن اعتداء على سلطة الخلف , تاريخ الحق لصدورها

لف يملك دائما حق سحب أو إلغاء أو تعديل قراراته التنظيمية ألنها ال ترتب الخ

. حقوقا مكتسبة بل تنشئ مراكز تنظيمية عامة

األصل في القرارات اإلدارية الفردية أن ال يجوز : القرارات اإلدارية الفردية . 2

القائمة في لإلدارة أن ترجئ آثارها للمستقبل ألن ذلك يمثل اعتداء على السلطة

يستطيع األفراد أن يحتجوا بها في , المستقبل ألنه يولد عنها مراكز قانونية خاصة

. مواجهة اإلدارة استنادا إلى فكرة الحقوق المكتسبة

كما لو أصدرت السلطة اإلدارية الحالية قرارا بتعيين موظف وأرجئت تنفيذ هذا

ة اإلدارية في المستقبل بقرار التعيين فتكون قد قيدت السلط, القرار إلى فترة الحقة

. خالفا لقواعد االختصاص

ومع ذلك يجوز أحيانا ولضرورات سير المرافق العامة تأجيل آثار القرار اإلداري

ويكون الحكم , فيكون المرجع هنا هو الباعث وليس التأجيل ذاته , إلى تاريخ الحق

فإن , حتى اللحظة المحددة للتنفيذ على مشروعية هذا القرار أن يكون محله قائما

. ) ( انعدم هذا الركن أصبح القرار منعدما النعدام ركن المحل فال يرتب أثرا

المبحث الثالث

تنفيذ القرارات اإلدارية

منها قرينة , تتمتع اإلدارة بامتيازات وسلطات استثنائية في تنفيذ قراراتها

وتمتع , اتها اإلدارية حتى يثبت العكس التي تفترض سالمة قرار, المشروعية

وهو ما يجعل اإلدارة في مركز , قراراتها بقوة الشيء المقرر وقابليته للتنفيذ

. ويفرض على األفراد احترام القرارات الصادرة عنها , المدعى عليها باستمرار

شر الذي كما تتمتع اإلدارة في مجال تنفيذ قراراتها اإلدارية بامتياز التنفيذ المبا

. يتيح لها تنفيذ القرارات اإلدارية التي تصدرها بنفسها

مفهوم التنفيذ المباشر : أوال

يقصد بالتنفيذ المباشر السلطة االستثنائية التي تملكها اإلدارة في تنفيذ قراراتها

بنفسها تنفيذا جبريا عند امتناع األفراد عن تنفيذها اختياريا دون اللجوء إلى

وتقوم هذه السلطة على أساس افتراض أن كل ما تصدره اإلدارة من , القضاء

قرارات يعد صحيحا ومطابقا للقانون إلى أن يثبت العكس لوجود قرينة المشروعية

ومن ثم ال يقبل من أحد االمتناع عن , التي تعفى اإلدارة من إثبات صحة قراراتها

. تنفيذها لمطابقتها للقانون

يز بين نفاذ القرار اإلداري وتنفيذه فالنفاذ يتعلق باآلثار القانونية وهنا يجب التمي

في حين يكون تنفيذ القرار , للقرار اإلداري وهي عنصر داخلي في القرار اإلداري

Page 108: الوجيز في القانون الإداري

108

بإظهار آثاره في الواقع وإخراجه إلى حيز العمل وتحويله إلى واقع مطبق يؤدي

.) ( إلى تحقيق الهدف من اتخاذه

ك من القرارات اإلدارية ما يكفي فيها القوة التنفيذية أو النفاذ وال ومن ثم فهنا

, تتطلب إجراءا تنفيذيا خارجيا كقرار اإلدارة بتوقيع عقوبة اإلنذار على موظف عام

. أو قرارات اإلدارة التي تنفذ طوعية من األفراد المخاطبين بها

ن األمر يستدعي التنفيذ المادي أما إذا تعنت األفراد في تنفيذ قرارات اإلدارة فإ

وحيث أن طريق التنفيذ المباشر هو طريق استثنائي فإنه يتم اللجوء إلى , للقرار

القضاء للحصول على حكم بالتنفيذ إذا لم يقبل األفراد بتنفيذ القرار اختياريا ويتم

. ذلك عن طريق استخدام الدعوى الجنائية أو الدعوى المدنية

باعتبارها سلطة عامة قائمة على حماية المصلحة العامة وتحقيق غير أن اإلدارة

أتاح لها المشرع , مصالح األفراد وضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد

الحق في أن تنفيذ قراراتها بالقوة الجبرية إذا رفض األفراد تنفيذها اختيارا دون

.) ( حاجة إلى أذن من القضاء

. نفيذ المباشر حاالت الت: ثانيا

ألن التنفيذ المباشر يعد وسيلة استثنائية فإن اإلدارة ال تلجأ إلى استخدامه إال في

: حاالت معينة هي

قد يخول المشرع اإلدارة سلطة تنفيذ قراراتها تنفيذا : النص من جانب المشرع . 1

ى المرتب مثال ذلك حجز اإلدارة عل, جبريا دون الحاجة إلى أذن سابق من القضاء

والعالوات والمعاشات والمكافآت وسائر المزايا المالية التي يستحقها الموظف في

. حدود معينه

إذا لم يكن لإلدارة : عدم وجود وسيلة قانونية أخرى لتنفيذ القرار اإلداري . 2

كان لها أن تنفذه جبريا لتكفل , وسيلة قانونية تلجأ إليها لتنفيذ القرار اإلداري

. مه ولو لم ينص القانون على ذلك احترا

فإذا نص المشرع على جزاءات جنائية تترتب على األفراد في حالة امتناعهم عن

. فإنه يمنع على اإلدارة استعمال سلطة التنفيذ المباشر , تنفيذ القرار اإلداري

يجوز لإلدارة أن تلجأ إلى التنفيذ المباشر في حالة وجود خطر: حالة الضرورة . 3

, يهدد النظام العام بعناصره الثالثة األمن العام و السكينة العامة و الصحة العامة

ونظرا لخطورة , بحيث يتعذر عليها مواجهة هذا الخطر باستخدام الطرق العادية

اللجوء إلى التنفيذ المباشر في هذه الحالة فقد جرى القضاء والفقه على أن حالة

: شروط معينة يمكن إجمالها بما يلي الضرورة ال تقوم إال بتوافر

". السكينة, الصحة ,األمن"وجود خطر جسيم يهدد النظام العام بعناصره الثالثة -أ

. تعذر دفع هذا الخطر بالوسائل القانونية العادية -ب

. أن يكون هدف اإلدارة من تصرفها تحقيق الصالح العام -ج

. تقتضيها الضرورة أن يكون تصرف اإلدارة في الحدود التي -د

. شروط تطبيق التنفيذ المباشر : ثالثا

Page 109: الوجيز في القانون الإداري

109

: يشترط للجوء اإلدارة إلى التنفيذ الجبري في الحاالت السابقة توافر الشروط اآلتية

أن يستند القرار المراد تنفيذه إلى نص تشريعي إذ أن الفكرة األساسية التي تبرر . 1

ومن ثم ال يمكن استعمال هذا األجراء إال , التنفيذ المباشر هي وجوب تنفيذ القانون

. ) ( لتنفيذ نص تشريعي أو قرار إداري صادر تنفيذا للقانون

ومن ثم على اإلدارة , اصطدم تنفيذ القانون أو القرار بامتناع من جانب األفراد . 2

فإذا رفضوا جاز لإلدارة , أن تنذرهم بوجوب تنفيذ حكم القانون أو القرار طوعا

. ) ( عمال طريق التنفيذ المباشر است

دون , يجب أن يقتصر التنفيذ المباشر على اإلجراءات الضرورية لتنفيذ القرار . 3

. أن تنصرف وتستعمل ما يتجاوز الضروري

فأنها تتحمل ما قد , وتذرعت بالتنفيذ المباشر , فإذا خالفت اإلدارة هذه الشروط

ويعد إجراءاها اعتداء ماديا مع , باألفراد ينشأ عن تنفيذ القرار من أضرار تلحق

. عدم المساس بالقرار اإلداري الذي من الممكن أن يكون مشروعا في ذاته

الفصل الخامس

نهاية القرارات اإلدارية

وقد تنتهي القرارات , بقصد بنهاية القرارات اإلدارية انتهاء كل أثر قانوني لها

أو , أو تنتهي المدة المحددة لسريانها , ا ينفذ مضمونها اإلدارية نهاية طبيعية عندم

استنفاذ الغرض الذي صدر ألجله أو يستحيل تنفيذه النعدام محله أو وفاة المستفيد

. إلى غير ذلك من أسباب ال دخل ألي سلطة في تقريرها , منه

طات وقد تكون نهاية القرارات اإلدارية نهاية غير طبيعية بأن تتدخل أحدى السل

كما قد يصدر قرار , الثالث إلنهائها كأن يتدخل المشرع أو القضاء إللغاء القرار

. اإلنهاء من اإلدارة وذلك بسحب القرار أو إلغاؤه

: وسنبحث فيما يلي الصور المختلفة لنهاية القرارات اإلدارية وذلك في مبحثين

. رة نهاية القرارات اإلدارية بغير عمل اإلدا: المبحث األول

نهاية القرارات اإلدارية بعمل من جانب اإلدارة: المبحث الثاني

المبحث األول

نهاية القرارات اإلدارية بغير عمل اإلدارة

أو عن , ينتهي القرار اإلداري نهاية ال دخل لإلدارة فيها أما بنهايتها الطبيعية

موضوع رقابة وألن الحالة األخيرة تدخل ضمن , طريق القضاء بحكم قضائي

القضاء على أعمال اإلدارة فأننا سنقصر البحث في هذا الجانب من الدراسة على

. النهاية الطبيعية للقرار اإلداري

وتنتهي القرارات اإلدارية نهاية طبيعية مهما طالت مدة سريانها في الحاالت التالية

:

Page 110: الوجيز في القانون الإداري

110

. تنفيذ القرار اإلداري : أوال

كتنفيذ القرار بإبعاد , جرد تنفيذه أو استنفاذ الغرض منه ينتهي القرار اإلداري بم

والقرار الصادر بهدم منزل , فإن القرار ينتهي بمغادرة ذلك األجنبي البالد , أجنبي

. آيل للسقوط ينتهي بهدم ذلك البيت

كالقرار , وقد تستدعي طبيعة بعض القرارات استمرارها لمدة طويلة من الزمن

بل يستمر ما دام المستفيد , فال ينتهي القرار بإنشاء المحل , الصادر بترخيص محل

إال إذا تدخلت اإلدارة وقامت بسحب الترخيص , من الترخيص مزاوال لنشاطه

. لمقتضيات المصلحة العامة أو لمخالفة المستفيد لشروط االستفادة منه

: انتهاء المدة المحددة لسريان القرار : ثانيا

كما في , ع مدة معينة لسريان القرار اإلداري يتوقف أثره بانتهائها قد يحدد المشر

ففي ,أو قرار منح جواز سفر , حالة الترخيص باإلقامة األجنبي لمدة معينة

. الحالتين ينتهي القرار بانتهاء المدة المحدد سلفا لنفاذ الترخيص وجواز السفر

تي تعلق عليها استمرار نفاذ القرار زوال الحالة الواقعية أو القانونية ال: ثالثا

: اإلداري

كما لو منحت اإلدارة األجنبي الترخيص باإلقامة ألنه يعمل في جهة أو مصلحة

. ) ( حكومية فإذا انتهت خدمته في هذه الجهة انتهى معها الترخيص له باإلقامة

: استحالة تنفيذ القرار : رابعا

ثم يتوفى المستفيد من الرخصة أو , معينة كالقرار الصادر بترخيص مزاولة مهنة

. القرار الصادر بتعيين موظف يتوفى قبل تنفيذه لقرار التعيين

فاألصل في هذه األحوال أن يرتبط مصير القرار بمصير من صدر لصالحهم إال في

بعض الحاالت االستثنائية التي تسمح بترتيب بعض آثار القرار على ورثة المستفيد

.

: تحقق الشرط الفاسخ الذي يعلق عليه القرار : خامسا

غير , وهو قرار كامل وتكون آثاره نافذة , قد يصدر القرار معلقا على شرط فاسخ

أن تحقق الشرط الفاسخ يؤدي إلى زوال القرار من تاريخ صدروه وليس من تاريخ

. ) ( تحقق الشرط

سخ يتمثل في رفض صاحب كما في قرار التعيين فهو قرار فردي مقترن بشرط فا

أما إذا رفض , الشأن فإذا لم يتحقق الرفض استمر القرار صحيحا ومنتجا آلثاره

التعيين زالت آثار القرار بأثر رجعي من تاريخ صدوره وليس من تاريخ تحقق

. الشرط

: اقتران القرار بأجل فاسخ : سادسا

ا حل هذا األجل زال القرار اإلداري فإذ, قد تقرن اإلدارة القرار اإلداري بأجل فاسخ

من تاريخ حلول األجل على خالف القرار المعلق على شرط فاسخ الذي تزول آثاره

. بأثر رجعي في تاريخ صدروه

ومن , فالقرار في هذه الحالة يكون نافذا ومنتجا آلثاره حتى يتحقق األجل الفاسخ

بالدولة والتي تنتهي حكما ببلوغ ذلك القرارات اإلدارية التي تحدد عالقة الموظف

. الموظف سن التقاعد

Page 111: الوجيز في القانون الإداري

111

: الهالك المادي للشيء الذي يقوم عليه القرار : سابعا

, كما لو صدر قرار بالترخيص ألحد األشخاص باستعمال جزء من المال العام

. أو فقده لصفة العمومية , فينتهي القرار بهالك هذا الجزء من المال العام

: تغير الظروف التي دعت إلى إصدار القرار :ثامنا

, القرار الصادر تنفيذا لقانون معين من الطبيعي أن ينتهي بزوال أو إلغاء القانون

. إال إذا نص على غير ذلك

المبحث الثاني

نهاية القرارات اإلدارية بعمل من جانب اإلدارة

: دارة و يتم ذلك بوسيلتين قد ينتهي القرار اإلداري نتيجة لتصرف من جانب اإل

. اإللغاء والسحب

اإللغـاء : أوال

أن سرعة تطور الحياة اإلدارية وتغيرها يؤدي إلى ضرورة تطور القرارات اإلدارية

. ) ( لتساير هذا التطور وتجاوب مع ألوضاع المتغيرة , وتغيرها في كل وقت

لتطبيق قراراتها غير المناسبة لذلك تلجأ اإلدارة في كثير من األحيان إلى وضع حد

. وفق ما يسمى اإللغاء ,

واإللغاء بهذا المعنى هو العمل القانوني الذي يصدر عن اإلدارة متضمنا إنهاء أثر

القرار اإلداري بالنسبة للمستقبل مع ترك آثاره التي رتبها منذ لحظة صدوره وحتى

. إلغاءه

لطة التي أصدرت القرار أألصلي أو واألصل أن يتم اإللغاء بقرار صادر من الس

ومن , ما لم ينص المشرع على منح سلطة أخرى هذا الحق , السلطة الرئاسية لها

, الضروري أيضا أن يتخذ قرار اإللغاء نفس شكل وإجراءات صدور القرار األصلي

. ) ( فإذا كان األخير كتابيا يجب أن يكون قرار اإللغاء كتابيا أيضا

اإلدارة في إلغاء قراراتها اإلدارية باختالف قراراتها تنظيمية أو فردية ويختلف حق

.

. إلغاء القرارات اإلدارية التنظيمية . 1

فإن اإلدارة تملك في كل , لما كانت القرارات التنظيمية تنشئ مراكز عامة ال ذاتية

, ح العام وقت أن تعدلها أو تلغيها أو تستبدل بها غيرها وفقا لمقتضيات الصال

. وليس ألحد أن يحتج بوجود حق مكتسب

فإن ذلك ال يعني عدم إلزامية , وإذا كان إلغاء القرارات التنظيمية يتم بهذه المرونة

فهذه القواعد ملزمة لكل السلطات العامة في الدولة بما فيها , القواعد التنظيمية

بيقات الفردية غير جائز وان الخروج على أحكامها في التط, السلطة التي أصدرتها

. إال إذا تقرر ذلك في القاعدة التنظيمية ذاتها

ومن ناحية أخرى يجب أن يتم إلغاء القرار التنظيمي أو تعديله بقرار تنظيمي مماثل

وأن تظل القرارات الفردية التي اتخذت بالتطبيق للقرار الملغي نافذة ومنتجة ,

. آلثارها

Page 112: الوجيز في القانون الإداري

112

. رية الفردية إلغاء القرارات اإلدا. 2

تلزم التفرقة في هذا المجال بين القرارات الفردية التي ترتب حقوقا لألفراد وتلك

. التي ال تولد حقوقا

: القرارات التي ترتب حقوقا لألفراد -أ

األصل أن القرارات اإلدارية الفردية إذا ما صدرت سليمة مستوفية للشروط التي

فإن اإلدارة ال تملك , حق شخصي أو مركز خاص يتطلبها القانون وترتب عليها

. المساس بها إال في الحاالت التي يجبرها القانون

, ويقرر القفه أن احترام المراكز الخاصة التي تنشأ عن القرارات اإلدارية الفردية

. ) ( يعتبر مثله في ذلك مثل مبدأ المشروعية من أسس الدولة القانونية

فاإلدارة تملك أحيانا أن تلغي قرارا ترتيب , يجري على إطالقه إال أن هذا ألصل ال

ومن ذلك القرار الصادر بتعيين شخص في وظيفة عامة فهذا , عليه حقوق مكتسبة

فإن اإلدارة تستطيع , القرار ون أكسب هذا الشخص حقا في تقلده الوظيفة العامة

.فصل الموظف في حالة ارتكابه خطأ يبرر هذا الجزاء

أما إذا القرار الفردي المنشئ لحقوق مكتسبة , هذا إذا كان القرار الفردي سليما

فإن اإلدارة تملك أن تلغيه أو تعدل فيه وإلغائها له يمثل جزاء لعدم , غير سليم

. مشروعيته

فقد استقرت , إال أن اإلدارة ال تستطيع أن تجري هذا اإللغاء أو التعديل في أي وقت

ء على أن القرار اإلداري غير المشروع يتحصن ضد رقابة اإللغاء أحكام القضا

وليس من المقبول أن يباح لإلدارة ما , القضائية بفوات مدة الطعن المحددة قانونا

مما يتعين معه حرمان اإلدارة من سلطة إلغائه بفوات مدة الطعن , ال يباح للقضاء

. اعتبارا من تاريخ صدوره

. ارية التي ال ترتب حقوقا لألفراد القرارات اإلد -ب

, تستطيع اإلدارة إلغائها أو تعديلها, القرارات اإلدارية التي ال ترتب حقوقا لألفراد

: وقد استقر الفقه على عدة أنواع منها

وهي القرارات التي ال تنشئ حقوقا بالمعنى القانوني لتعلقها : القرارات الوقتية -

ومن ذلك القرارات الصادرة , ينص على سريانها لمدة معينة بأوضاع مؤقتة ولو لم

. بندب موظف عام أو بمنح تراخيص مؤقتة

وهي القرارات التي تخول األفراد مجرد رخصة من اإلدارة ال : القرارات الوالئية -

تترتب عليها أي أثار قانونية أخرى مثل منح أحد الموظفين أجازة مرضية في غير

فهذا القرار ال يمكن اعتباره حقا مكتسبا وبالتالي , حتمها القانون الحاالت التي ي

. تملك اإلدارة إلغاؤه في أي وقت

القرار السلبي هو ذلك القرار الذي ال يصدر في شكل اإلفصاح : القرارات السلبية -

بل , الصريح عن إرادة جهة اإلدارة بإنشاء المركز القانوني أو تعديله أو إنهائه

اإلدارة موقفا سلبيا من التصرف في أمر كان الواجب على اإلدارة أن تتخذ تتخذ

فسكوت اإلدارة عن اإلفصاح عن أرادتها بشكل , أجراء فيه طبقا للقانون واللوائح

وهذا القرار ال يرتب حقوقا أو مزايا لألفراد , صريح يعد بمثابة قرار سلبي بالرفض

Page 113: الوجيز في القانون الإداري

113

قرار اإلدارة برفض منح رخصة ألحد األفراد مثل , ويجوز إلغاؤه في أي وقت

. لمزاولة مهنة معينة

وهي القرارات التمهيدية التي تصدر بقصد اإلعداد : القرارات غير التنفيذية -

مثل قرار اإلدارة بإيقاف موظف عن عمله بقصد أحالته إلى , إلصدار قرار معين

.) ( يق من السلطة الرآسيةوالقرارات التي تحتاج إلى تصد, المحاكمة التأديبية

فهذه القرارات جميعا يمكن لإلدارة العدول عنها وإلغاؤها بالنسبة للمستقبل في أي

. وقت ودون التقيد بميعاد معين

. السحــب : ثانيـا

وكأن , يقصد بسحب القرارات اإلدارية إعدامها بأثر رجعي من تاريخ صدورها

. أية آثار قانونية القرار لم يولد مطلقا ولم يرتب

إذ يترتب عليه إنهاء جميع , والسحب بهذا المعنى كاإللغاء القضائي من حيث أثره

وإذا , اآلثار القانونية المترتبة على القرارات اإلدارية اعتبارا من تاريخ صدورها

كان من حق القضاء إلغاء القرارات اإلدارية المعيبة خالل مدة معينة هي مدة الطعن

فإن المنطق يحتم أن تتمتع اإلدارة بحق سحب قراراتها المعيبة خالل هذه , لغاء باإل

كما أن سحب اإلدارة قرارها المعيب أكرم , توقيا إلجراءات التقاضي المطولة , المدة

. لها من إلغائه قضائيا

وفي هذا المجال يجب التمييز بين سحب القرارات اإلدارية المشروعة وسحب

. إلدارية غير المشروعة القرارات ا

. سحب القرارات المشروعية . 1

القاعدة العامة المستقرة فقها وقضاء أنه ال يجوز سحب القرارات اإلدارية

سواء , حماية لمبدأ المشروعية وضمان الحقوق المكتسبة لألفراد , المشروعة

بل مراكز أكانت قرارات فردية أو تنظيمية مع أن األخيرة ال تنشئ مراكز شخصية

عامة أعماال لالستقرار في األوضاع القانونية وتطبيقا لمبدأ عدم الرجعية القرارات

. اإلدارية

فقد أجاز القضاء اإلداري سحب القرارات , غير أن القاعدة ال تجري على إطالقها

: اإلدارية المشروعة في حاالت معينة من ذلك

أجاز القضاء اإلداري في مصر و : ظفين القرارات اإلدارية الخاصة بفصل المو -أ

بشرط إال يؤثر قرارا , فرنسا والعتبارات تتعلق بالعدالة سحب قرار فصل الموظف

كما لو تم تعيين موظف أخر لشغل , السحب على حقوق األفراد التي قد اكتسبت

. الوظيفة التي كان يقوم بها الموظف المفصول

إذا لم يترتب أي حقوق مكتسبة : قوق لألفراد القرارات التي ال يتولد عنها ح -ب

ومن ذلك قرارها بسحب , فإن اإلدارة تملك أن تسحبه , لألفراد عن القرار اإلداري

قراراها بتوقيع الجزاء التأديبي على أحد موظفيها لعدم تعلق هذا القرار بحق

. مكتسب لشخص آخر

, تنشئ مراكز قانونية عامة وهنا تظهر مسألة القرارات اإلدارية التنظيمية فهي

وبالتالي ال ترتب أي حقوق مكتسبة لألفراد وهذا يعنى أمكان سحب القرارات

Page 114: الوجيز في القانون الإداري

114

إال أن هذا الحق مقيد بأن ال يرتب هذا القرار حقوقا لألفراد , التنظيمية في أي وقت

. ولو بطريق غير مباشر

. سحـب القرارات اإلدارية غير المشروعة . 2

ة في القضاء اإلداري أنه يجوز لإلدارة أن تسحب قراراتها غير القاعدة المستقر

. كجزاء لعدم مشروعيتها واحتراما للقانون , المشروعة

وأساس هذه القاعدة هو أن القرارات اإلدارية المخالفة لمبدأ المشروعية ال تنشأ

. حقوق مكتسبة لألفراد ومن ثم يجوز إعدام آثارها بالنسبة للماضي والمستقبل

وعلى ذلك يجب أن يكون القرار موضوع السحب غير مشروع بأن يكون معيبا

أو , والسبب , ومخالفة القانون , الشكل واالختصاص , بأحد عيوب القرار اإلداري

. االنحراف بالسلطة

وقد يكون سحب القرار سحبا كليا أو جزئيا إذا تعلق العيب في جزء منه وكان

. ئة القرار قابال للتجز

والسلطة التي تملك سحب القرار هي السلطة التي أصدرته أو السلطة الرآسية لها

. ما لم يمنح المشرع هذا الحق لسلطة أخرى

. المــدة المحددة للسحـب

في حين , يقضي مبدأ المشروعية احترام اإلدارة للقانون في جميع تصرفاتها

وال بد , راكز القانونية القائمة تتطلب المصلحة العامة استقرار الحقوق والم

للتوفيق بين األمرين ن يتم سحب القرارات اإلدارية المعيبة خالل مدة معينة

. يتحصن بعدها القرار

لذلك فقد استقر القضاء على اشتراط أن يتم سحب القرارات اإلدارية الفردية خالل

ل ستين يوما من تاريخ أي خال, المدة التي يجوز فيها الطعن باإللغاء أمام القضاء

صدورها بحيث إذا انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة تمنعه من أي إلغاء أو

. تعديل

أما بالنسبة للقرارات اإلدارية غير المشروعة فيجوز سحبها في أي وقت حسبما

. تقتضيه المصلحة العامة

المعيبة ترد عليها بعض إال أن قاعدة التقيد بميعاد سحب القرارات اإلدارية الفردية

االستثناءات تستطيع اإلدارة فيها أن تسحب قراراتها دون التقيد بمدة معينة تمثل

: فيما يلي

: القرار المنعدم -أ

القرار اإلداري المنعدم هو القرار المشوب بعيب جسيم يجرده من صفته اإلدارية

فال , ل اإلدارية من حماية ال تتمتع بما يتمتع به األعما, ويجعله مجرد عمل مادي

كما يجوز لصاحب الشأن أن , ويجوز سحبه في أي وقت , يتحصن بمضي المدة

. يلجأ إلى القضاء طالبا إلغاء القرار المنعدم دون التقيد بمواعيد رفع دعوى اإللغاء

ألن , وقد ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن سحب هذه القرارات ليس ضروريا

إال , يمكن أن تكتفي بتجاهلها بدون الحاجة إلى إعالن ذلك صراحة جهة اإلدارة

وعلى ذلك فال يجوز , أنها تقدم على ذلك رغبة منها في أن توضح األمور لألفراد

Page 115: الوجيز في القانون الإداري

115

. ) ( تقييدها في هذا المجال بميعاد معين لسحب قراراتها المعدومة

فة الموظف أو من ومن قبيل هذه القرارات صدور القرار من فرد عادي ال يتمتع بص

. ) ( هيئة خاصة ال تمت بصلة لإلدارة صاحبة االختصاص

: القرار اإلداري المبني على غش أو تدليس -ب

فإن , إذا صدر القرار اإلداري بناء على غش أوتدليس من المستفيد من القرار

ا يبرر لإلدارة أن تسحب القرار دون التقيد بمدة السحب ألنه ال يوجد و الحال هذه م

حماية المركز القانوني لهذا الشخص الذي استعمل طرقا إحتيالية بنية تضليل

اإلدارة وحملها على إصدار القرار استنادا إلى القاعدة التي تقرر أن الغش يفسد كل

. شيء

ولنكون أمام هذه الحالة البد من أن يستعمل المستفيد من القرار طرق احتيالية

وأن تكون هذه الطرق هي التي دفعت اإلدارة إلى إصدار القرار , للتأثير على اإلدارة

. مثال ذلك قرار تعيين موظف على أساس تقديم شهادات خبرة مزورة

وقد تكون هذه الطرق االحتيالية التي استخدمها المستفيد طرقا مادية كافية للتضليل

ن صاحب الشأن وقد يكون عمال سلبيا محضا في صورة كتما, وأخفاء الحقيقة

وال تستطيع معرفتها , عمدا بعض المعلومات األساسية التي تجهلها جهة اإلدارة

عن طريق آخر ويؤثر جهلها بها تأثيرا جوهريا في إرادتها مع علم صاحب الشأن

. ) ( بهذه المعلومات وبأهميتها وخطرها

: القرارات اإلدارية المبينة على سلطة مقيدة -ج

إلدارية التي تصدر بناء على سلطة مقيدة بحيث ال يترك المشرع لإلدارة القرارات ا

فإنه يكون لها أن ترجع في قراراتها كلما أخطأت في تطبيق , حرية في التقدير

. القانون دون تقيد بمدة

ومثال القرارات التي تصدر بناء على اختصاص مقيد قرار اإلدارة بترقية موظف

فإذا أخطأت اإلدارة في مراعاة هذا الشرط وأصدرت قرارها , على أساس األقدمية

جاز لها أن تسحب قرار الترقية , متخطية الموظف المستحق إلى الموظف أحدث

. دون التقيد بمدة معينة

فإنه ال يجوز لها أن , وعلى العكس من ذلك إذا مارست اإلدارة اختصاصا تقديريا

. مدة المحدد للطعن باإللغاء ترجع في قرارها المعيب إال خالل ال

: القرارات اإلدارية التي لم تنشر أو لم تعلن -د

من المستقر فقها وقضاء أن القرار اإلداري يكون نافذا في مواجهة اإلدارة من

تاريخ صدوره في حين ال يسري في مواجهة األفراد إال بعلمهم به بالطرق المقررة

. قانونا

لجهة اإلدارة أن تسحب قراراتها اإلدارية التي لم تنشر أو لم وبناء على ذلك فإن

تعلن في أي وقت ومن باب أولى أن يتم ذلك في شأن القرارات اإلدارية المعيبة

. ) ( التي لم تعلن أو تنشر

Page 116: الوجيز في القانون الإداري

116

الباب الخامس

العقود اإلدارية

أما , لقانونية التصرفات القانونية التي تجريها إلدارة وتقصد بها إلى أحداث اآلراء ا

أن تتمثل بالتصرفات التي تقوم بها اإلدارة من جانب واحد وبإرادتها المنفردة

. وتشمل القرارات واألوامر اإلدارية التي أوضحناها سابقا

وأما أن تتمثل باألعمال القانونية الصادرة عن اإلدارة باالشتراك مع بعض األفراد

أحداث أثر قانوني معين و لجأ اإلدارة إلى بحيث تتوافق اإلدارتان وتتجهان نحو

وفق ما يمكن تسميته , إتباع هذا األسلوب لتحقيق هدفها في إشباع الحاجات العامة

. بعقود اإلدارة

: فهي على نوعين , والعقود التي تبرمها اإلدارة ال تخضع لنظام قانوني واحد

اثل العقود التي يبرمها األول عقود اإلدارة التي تخضع للقانون الخاص والتي تم

والنوع الثاني هو العقود اإلدارية التي تخضع , األفراد في نطاق القانون الخاص

لقانون العام والتي تبرمها اإلدارة باعتبارها سلطة عامة تستهدف تنظيم مرفق عام

وفي هذا الجزء من الدراسة نبين موضوع العقود اإلدارية في خمسة , أو تشغيله

: لي فصول كما ي

األول : العقود التي تبرمها اإلدارة ال تخضع لنظام قانوني واحد ، فهي على نوعين

عقود اإلدارة التي تخضع للقانون الخاص والتي تماثل العقود التي يبرمها األفراد

في نطاق القانون الخاص ، والنوع الثاني هي العقود اإلدارية التي تخضع للقانون

ارة باعتبارها سلطة عامة تستهدف تنظيم مرفق عام أو العام والتي تبرمها اإلد

. تشغيله

-:تمت تقسيم هذا الباب إلى خمسة فصول كما يلي

. ظهور فكرة العقود اإلدارية: الفصل األول

. معيار تمييز العقد اإلداري : الفصل الثاني

. إبرام العقود اإلدارية : الفصل الثالث

. امات الناشئة عن العقد اإلداري الحقوق وااللتز: الفصل الرابع

. نهاية العقود اإلدارية : الفصل الخامس

الفصل األول

ظهور فكرة العقود اإلدارية

, لم تظهر فكرة العقود اإلدارية أال في تاريخ متأخر ال يتجاوز مطلع القرن العشرين

غرق حقبة وقد مر تحديد مفهوم نظرية العقود اإلدارية وأسسها العامة بتطور است

. طويلة من الزمن

ثم نبحث في استقالل , وفي هذا الفصل نتناول بالدراسة نشأة نظرية العقود اإلدارية

. هذه النظرية والتعريف بالعقد اإلداري

المبحث األول

Page 117: الوجيز في القانون الإداري

117

نشأة العقود اإلدارية

حظيت مشكلة تحديد نشاط السلطة العامة باهتمام كبير من رجال القانون واإلدارة،

. واختلف هذا االهتمام تبعا لألفكار السياسية التي يؤمن بها كل منهم

ولعل أبرز مذهبين كان لهما التأثير في هذا المجال هما المذهب الفردي الحر

والمذهب التدخلي المعاصر ، حيث وضع كل منهما أسلوبا محددا لدور الدولة

. ية التي يؤمن بها ووظيفتها في مختلف المجاالت وفقا للفلسفة السياس

وكان النتصار مفهوم الدولة التدخلية وتوسيع مجال نشاط السلطة العامة في نهاية

القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، وانتشار المرافق العامة المهنية

واالقتصادية الفضل في خلق مبادئ قانونية جديدة هي مبادئ القانون اإلداري تتميز

ون الخاص وتتماشى مع طبيعة نشاط اإلدارة وهدفها وال تغفل في عن قواعد القان

الوقت نفسه حقوق األفراد وحرياتهم ، وساهم في ذلك بشكل كبير مجلس الدولة

الفرنسي الذي يعود له الفضل في تأسيس العديد من نظريات القانون اإلداري ومنها

. نظرية العقود اإلدارية

1112دارية عقب إنشاء مجلس الدولة في عام وقد طبقت مصر أحكام العقود اإل

لسنة 1واختص مجلس الدولة بنظر منازعات العقود اإلدارية بصدور القانون رقم

1121 .

المبحث الثاني

استقالل نظرية العقود اإلدارية

نشأ الكثير من الجدل حول الطبيعة القانونية للعقود التي تبرمها الدولة مع الغير ،

ا النقاش بين قدسية االلتزامات التعاقدية وبين امتيازات الدولة وقد دار هذ

.) ( التشريعية واإلدارية التي تمارس من خالل أجهزتها لتحقيق المصلحة العامة

وال شك أن العقد اإلداري ناتج عن توافق ارادتين على إنشاء االلتزام شأنه شأن

اصر األساسية في كال العقدين عقود القانون الخاص وفي هذا المعنى يتضح أن العن

واحدة، فيجب أن يتوافر الرضا ويجب أن يكون صحيحا وصادرا من الجهة اإلدارية

. المختصة ، وسليما من العيوب

أال فيما يتعلق باألهلية ، فأحكامها في العقد اإلداري ليست كما هي عليه في العقد

.) ( طبيعي في الحكم المدني الختالف أهلية اإلدارة عن أهلية الشخص ال

كما يتميز العقد اإلداري في أن اإلدارة تكون دائما طرفا فيه ، وأن تكوينه وأن كان

يتم بتوافق إدراتين ال يكون بمجرد إفصاح فرد معين من أعضاء السلطة اإلدارية

عن أرادته و إنما يتكون من عدة أعمال قانونية ، يشترك فيها أكثر من عضو من

. ) ( لطة اإلدارية ، ألن االختصاصات اإلدارية ال ترتكز في يد واحدةأعضاء الس

كذلك يجب أن يتوافر السبب في العقود اإلدارية مثلما هو الحال بالنسبة لعقود

القانون الخاص مع ضرورة أن يكون الباعث الدافع في العقود اإلدارية هو تحقيق

. المصلحة العامة

نون الخاص يجب أن يكون السبب موجودا ومشروعا وكما هو الشأن في عقود القا

من جهة أخرى يشترط في محل العقد اإلداري أن يكون محددا . وأال عد العقد باطال

Page 118: الوجيز في القانون الإداري

118

. ) ( أو قابال للتحديد ومشروعا

والمحل يتمثل في الحقوق وااللتزامات التي ينشئها العقد على طرفيه كما هو الحال

ضرورة الذكر بأن محل العقد اإلداري يتميز بمرونة في عقود القانون الخاص مع

خاصة توفرها االمتيازات الممنوحة لجهة اإلدارة والتي تخولها تعديل التزامات

. المتعاقدين في بعض األحيان تحقيقا للمصلحة العامة

وبسبب التشابه الكبير بين األركان في هذين العقدين ، لم يتفق الشراح على موقف

ء استقالل نظرية العقد اإلداري عن النظرية التقليدية لعقود القانون واحد إزا

: الخاص ، وقد برز اتجاهان

: االتجاه األول

إلى أنه ال يوجد فرق أساسي بين العقد المدني والعقد اإلداري Dugitذهب األستاذ

ألنهما متفقان في عناصرهما الجوهرية فالعقد اإلداري يتمتع دائما بالخصائص

. نفسها واآلثار عينها

وعلى هذا األساس ال يوجد عقد إداري متميز عن العقود التي تبرم بين األفراد

ولكن يوجد اختالف في االختصاص القضائي فقط إذ يرفع النزاع أمام القضاء

اإلداري ألن اإلدارة تبرز في العقد بصفتها سلطة عامة وبقصد تسيير مرفق عام

هذه العقود والعقود المدنية يشبه تماما الفرق بين العقد والفرق بين. وإدارته

المدني والعقود التجارية التي تخضع للمحاكم التـجارية الستهدفها أغراضـا تجارية

) ( .

: االتجاه الثاني

Jeze. يمثل هذا االتجاه الذي يختلف عن السابق طائفـة من الفقـهاء منهم األستاذ

اللذان ذهبا إلى أن النظام القضائي في القانون اإلداري .) ( de laubadereو ) (

نظام خاص مستقل عن نظام القانون الخاص الختالف منابعهما ومصادرهما

القانونية األساسية ، كما أن العقود اإلدارية تختلف هي أيضا عن عقود القانون

عامة عن الخاص من حيث نظام منازعاتها والقواعد األساسية التي تختلف بصورة

قواعد القانون المدني وتناقضها أحيانا ، وهذه الخصوصية تمليها متطلبات

. المصلحة العامة التي تهدف العقود اإلدارية إلى تحقيقها

والحق أنه ال يمكننا التسليم بما ذهب إليه االتجاه األول وأن كان ينطوي على حقيقة

ارية وعقود القانون الخاص ، أال أن مفادها وجود نقاط توافق كبيرة بين العقود اإلد

هذا التوافق ال ينفي وجود نظام قانوني متميز يخضع له العقد اإلداري ، ينبذ الفكرة

. القائلة بوحدة العقد سواء إبرام بين األفراد أم بينهم وبين الدولة

ففي الوقت الذي تكون فيه المصالح متكافئة والمتعاقدان متساويين في عقود

الخاص نجد أن المصلحة العامة في ظل عقود القانون العام تتميز باألولوية القانون

.) ( إذ تقدم المصلحة العامة لإلدارة على المصلحة الخاصة لألفراد

واإلدارة بهذه الحال وبوصفها قائمة على تحقيق المصلحة العامة تتمتع بحقوق و

بة تنفيذ العقد وتوجيه المتعاقد امتيازات ال يتمتع بها المتعاقد معها تخولها حق مراق

نحو األسلوب األصلح في التنفيذ ، وحق تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة ،

دون أن يستطيع المتعاقد أن يتمسك بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين يضاف إلى

Page 119: الوجيز في القانون الإداري

119

ذلك بعض الحقوق و االمتيازات األخرى التي ال مثيل لها في عقود القانون الخاص

تي ال تهدر مصلحة المتعاقد وإنما تجعل مصلحته ثانوية بالنسبة للمصلحة ، ال

.) ( العامة

المبحث الثالث

التعريف بالعقد اإلداري

اختلف القضاء و الفقه في وضع تعريف محدد للعقود اإلدارية، وقد حاول القضاء

سية اإلداري في فرنسا ومصر والعراق حسم هذا الخالف بتحديد المبادئ الرئي

. للعقود اإلدارية

العقد الذي " وفي ذلك عرفت المحكمة اإلدارية العليا في مصر العقد اإلداري بأنه

يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة

تسييره، وأن تظهر نيته في األخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطا

".) ( ر مألوفة في عقود القانون الخاصأو شروطا غي

وقد أيد جانب كبير من الفقهاء في مصر هذا االتجاه، منهم الدكتور سليمان محمد

هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي " الطماوي، الذي ذهب إلى أن العقد اإلداري

عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه، وتظهر في نية اإلدارة في األخذ بأحكام

انون العام، وآية ذلك أن يتضمن شروطا استثنائية وغير مألوفة في القانون الق

" . ) الخاص أو يخول المتعاقد مع اإلدارة االشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام

)

ويبدو أن الرأي الغالب سواء في مصر أم العراق قد أستقر على أن العقد يكتسب

: ة عناصر هي صفته اإلدارية إذا توافرت فيه ثالث

. أن يكون أحد طرفي العقد شخصا معنويا -1

. أن يتصل هذا العقد بمرفق عام -2

. أن تختار اإلدارة وسائل القانون العام -3

الفصل الثاني

المعيار المميز للعقد اإلداري

مر تمييز العقد اإلداري عن عقود اإلدارة األخرى بمراحل زمنية متعاقبة بدأت

ة المشرع تمييز عقود اإلدارة بإرادته، وفق ما يسمى في نظرية العقد بمحاول

اإلداري بمرحلة العقود اإلدارية بتحديد القانون ثم أعقبت ذلك مرحلة أخرى وضع

فيها القضاء اإلداري عدة معايير للتمييز سميت بمرحلة التمييز القضائي للعقود

. اإلدارية

. ين من مراحل تمييز العقود اإلدارية وفي هذا الفصل نبحث هاتين المرحلت

المبحث األول

العقود اإلدارية بتحديد القانون

Contrats Administratif par Determination delaloi

Page 120: الوجيز في القانون الإداري

120

وعندما يجد أن تطبيق نظام القانون العام أكثر –يلجأ المشرع في بعض األحيان

إلى إضفاء الصفة اإلدارية –مالئمة لحل المنازعات المعروضة من القانون الخاص

على بعض العقود ويقرر اختصاص القاضي اإلداري بالنظر فيما تثيره من منازعات

. ) ( ويطلق على هذه العقود، العقود اإلدارية بتحديد القانون

وقد ظهر هذا التحديد أول مرة في نص المشرع الفرنسي في بداية عهد الثورة

أنها إدارية وخص مجلس الدولة فيما تثيره الفرنسية عندما وصف بعض العقود ب

من منازعات سعيا منها لتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات بمنع القضاء العادي من

التصدي ألعمال اإلدارة، فجعل اختصاص النظر في المنازعات في شأن بعض

. العقود لمجلس الدولة

ات لمجلس وقد تمثلت النصوص التي عقدت االختصاص فيما تثيره من منازع

".) ( السنة الثامنة للثورة" بلفوز ( 27)األقاليم بموجب قانون

المتعلق بعقود التوريد و القانون الصادر 1711-1-11وكذلك المرسوم الصادر في

المتعلق بعقود القروض العامة وعقود بيع أمالك 1813-1-21و 1811-8-18في

عد كل عقد يتضمن شغال لمال 1131-1-18الدولة و المرسوم بقانون الصادر في

عام عقدا إداريا في كل الحاالت أيا كان شكله أو تسميته وسواء أبرمته اإلدارة

.) ( المركزية أم جهاز ال مركزي إقليمي أو مرفقي أو ملتزم لمرفق عام

1182لسنة ( 82)أما في مصر فقد حدد المشرع في المادة العاشرة من القانون

العقود اإلدارية التي يختص مجلس الدولة بنظر المنازعات بشأن مجلس الدولة،

تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في "الناشئة عنها بالنص

المنازعات الخاصة بعقود االلتزام أو األشغال العامة : حادي عشر : المسائل اآلتية

." أو التوريد أو بأي عقد أخر

للعقود اإلدارية لكثير من النقد ألسباب ترجع وقد تعرضت فكرة التحديد القانوني

إلى طبيعة بعض العقود التي قد ال تتالئم مع التكييف الذي يضفيه عليها المشرع،

وفي الحاالت التي ينسجم فيها هذا التكييف مع طبيعة العقد ومضمونة فإن تحديد

. المشرع له يكون كاشفا فقط

ية للقضاء ال شك أقدر على كشف الطبيعة لذلك نعتقد أن ترك تحديد العقود اإلدار

. القانونية لها، خاصة إذا كان هذا القضاء إداريا متخصصا

المبحث الثاني

التمييز القضائي للعقود اإلدارية

إزاء االنتقادات الموجهة لتحديد المشرع للعقود اإلدارية و سعي القضاء نحو

تكفل –لتشريع من نقص توسيع اختصاصه ليشمل عقودا أخرى لسد ما في ا

القضاء بالبحث في الطبيعة القانونية للعقد وفق معايير محددة من قبل، وفي حالة

. توفرها يكون العقد إداريا ويعكسه يبقي العقد ضمن دائرة القانون الخاص

وقد ظهرت هذه المعايير نتيجة لتطور قضائي طويل انتقلت فيه غلبة كل معيار على

. األخر تباعا

وسنتكلم فيما يأتي عن المعايير التي اعتمدها القضاء و الفقه اإلداريان في تمييز

Page 121: الوجيز في القانون الإداري

121

. العقود اإلدارية

أن تكون اإلدارة طرف في العقد -:أوال

من المسلم به أن العقد الذي ال تكون اإلدارة طرفا فيه ال يعد عقدا إداريا، وهذا

ري الذي وجد ليحكم نشاط السلطات الشرط تستلزمه المبادئ العامة للقانون اإلدا

اإلدارية أما العقود التي تبرم بين األفراد أو أشخاص القانون الخاص األخرى فأنها

. تعد من عقود القانون الخاص ولو أبرمت لتحقيق المصلحة العامة

وأشخاص القانون العام تتمثل بالدولة و الوزارات و المؤسسات اإلدارية التابعة لها

األشخاص العامة المحلية من محافظات ومدن وأحياء يضفي القانون فضال عن

. عليها الشخصية المعنوية

وفي هذا السبيل فقد استقر الرأي على استبعاد عقود القانون الخاص ولو حققت

مصلحة عامة إال في أحوال معينة بالقياس إلى العقود التي تبرم باسم اإلدارة

إلداري في فرنسا ومصر إلى أن العقود التي تبرمها ولحسابها، وقد ذهب القضاء ا

اإلدارة مع أشخاص القانون الخاص تعد إدارية إذا ما ظهر أن أحد المتعاقدين قد

تعاقد باسم اإلدارة ولحسابها متى توفرت الشروط األخرى من اتصال العقد بالمرفق

. العام وتضمينه شروطا استثنائية

االتجاه في حكم له بشأن عقد أبرمته إحدى شركات وقد طبقت محكمة التنازع هذا

االقتصاد المختلط مع منشأة خاصة وتتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة

" ماسي و انتوني " االقتصاد المختلط التي كانت ملتزمة بتسوية وتمهيد لقريتي

في بالتعاقد مع منشأة خاصة لمعاونتها في القيام بهذه األشغال واعتبرت المحكمة

قرارها العقد إداريا على أساس أن شركة االقتصاد المختلط لم تتصرف إال باسم

.) ( ولحسابها" ماسي و انتوني " قريتي

وقد سلكت محكمة القضاء اإلداري في مصر النهج نفسه في حكمها الصادر في

متى كان الثابت أن وزارة التموين بصفتها المشرفة " الذي جاء فيه 22-2-1191

مرفق التموين بالبالد تدخلت في أمر سلعة الشاي و اتخذت من اإلجراءات على

وأصدرت من التشريعات ما رأته كفيال بتحقيق ما تهدف إليه من توفير سلعة من

السلع مع ضمان وصولها إلى المستهلكين بالسعر المحدد وقد استعملت في سبيل

لقواعد التي تحكم تنظيم ذلك سلطتها في االستيالء على هذه السلعة، ووضعت ا

ثم المعبئين الذين أصبحوا " لجنة توزيع الشاي " تداولها وتوزيعها وعهدت بذلك

مسؤلين عن توصيل هذه السلعة بعد تعبئتها إلى التجار في مختلف أنحاء البالد،

متى كان ثابت مما تقدم فإن ذلك في حقيقته يتضمن أمرا بتكليف هذه اللجنة بخدمة

". ) ثم تكون االتفقـات و العقود التي تعقدهـا اللجنة هـي العقود إداريةعامـة ومن

)

وال يمكن اعتبار هذا القرار خروجا على شرط أن تكون اإلدارة أحد طرفي العقد،

فإذا تعاقد طرف من العقد باسم اإلدارة ولحسابها فإنه يعد نائبا عن اإلدارة و

، ولو أن محكمة القضاء اإلداري لم تبين تنصرف آثار العقد إلى الجهة اإلدارية

. بصورة واضحة هذه الفكرة

Page 122: الوجيز في القانون الإداري

122

ومن ثم فأن المعيار العضوي ال يكفي لوحده لتمييز العقد اإلداري ففي الكثير من

األحيان تكون اإلدارة طرف في هذا العقد إال أنه يعد من عقود القانون الخاص بيد

ساسا إلضفاء الصفة اإلدارية عليه إذا أن شرط وجودها طرفا في العقد يبقى شرطا أ

. ما عزز بالشروط األخرى التي يستلزمها القضاء كمعيار لتمييز العقد اإلداري

ومع ذلك فقد استقر القضاء اإلداري الفرنسي على وصف العقود بين شخصين من

. أشخاص القانون العام عقودا إدارية ما لم يثبت العكس

وحكم مجلس الدولة في U.A.Pفي حكم 1137ازع عام ومن ذلك قرار محكمة التن

الذي اعتبر فيها االتفاقات بين حاكم أحد المقاطعات بشأن تحديد توزيع 7-1-1177

. ) ( المرافق العامة بين الدول و المحليات من قبيل العقود اإلدارية

. اتصال العقد بنشاط مرفق عام : ثانيا

Le Rattachement Aune activite Deservice Public .

ال يكفي العتبار العقد إداريا أن تكون اإلدارة أحد األطراف إنما يجب البحث فيما إذا

. كان العقد متعلقا بمرفق عام على وجه من الوجوه

وبعد أن كان القضاء في فرنسا ومصر يتبنى المعنى العضوي للمرفق تطورت

فعرف –بعد على المعنى الموضوعي ثم استقر فيما –أحكامه للجمع بين المعنيين

المرفق العام بأنه النشاط الذي تتواله الدولة أو األشخاص العامة األخرى، مباشرة

أو التعهد به إلى آخرين كاألفراد أو األشخاص المعنوية الخاصة، ولكن تحت

أشرافها ومراقبتها وتوجيهاتها وذلك إلشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقا للصالح

. م العا

: تطور فكرة المرفق العام

ظهرت فكرة المرفق العام وتبلورت ابتدءا من الربع األخير من القرن التاسع عشر

فأصبحت الفكرة األساسية، التي اعتمدتها أحكام مجلس الدولة الفرنسية ومحكمة

Rotschildالتنازع في تقرير معيار االختصاص القضاء اإلداري ومن حكم

-2-7بتاريخ Blancoو 1711عام Dekeisterو 1799-1-1الصادر في

ألسس نظريته عن المرافق Duguitوعزز هذا االتجاه وضع العميد . 1783

العامة التي كان لها شأن كبير في نظريات القانون اإلداري التي باتت تقوم على

ج اعتبار المرفق العام و مقتضيات سيره، المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خار

. ) ( عن المألوف في قواعد القانون الخاص

و الدولة في هذا االتجاه تسعى نحو تحقيق هدف معين هو حسن أداء المرافق

العامة، وتستعمل في هذا السبيل وسائل القانون العام، ألن المرفق العام أصبح يمثل

ون قان" الفكرة األساسية التي يقوم عليها القانون اإلداري الذي أصبح يسمى

. ويتحدد نطاق تطبيقه على أساسها" المرافق العام

وعلى هذا األساس فأن العقود اإلدارية ال تكتسب صفتها هذه إال إذا اتصلت بنشاط

مرفق من المرافق العامة، فأصبحت هذه النظرية معيارا مميزا للعقد اإلداري عن

. عقود القانون الخاص

غيرات الكبيرة التي طرأت في القواعد التي ونتيجة لتطور الحياة اإلدارية، و الت

نهضت عليها فكرة المرافق العامة، بتأثير من سياسة االقتصاد الموجه و المبادئ

Page 123: الوجيز في القانون الإداري

123

االشتراكية وزيادة تدخل الدولة في النشاط االقتصادي و االجتماعي وما رافق ذلك

ية من ظهور المرافق االقتصادية و االجتماعية و الصناعية و المرافق ا لمهن

المختلفة، لم تعد نظرية المرافق العامة تحظى بأهميتها السابقة مما عرضها للنقد

. الشديد

حتى ذهب البعض إلى القول أن مفهوم المرفق وأهميته بالنسبة للقانون اإلداري قد

. ) أصبحت ثانوية، في حين أعتبر آخرون ما حصل تطورا في مفهوم المرفق العام

)

نظرية من نقد بقيت أحكام مجلس الدولة الفرنسي و المصري ومع ما أصاب هذه ال

. تؤكد ضرورة اتصال العقد بنشاط مرفق عام إلضفاء الصفة اإلدارية عليه

غير أن من الفقهاء من ذهب إلى أن فكرة المرفق العام كمعيار لتمييز العقد اإلداري

. ) ( لم تعد كافية أو صالحة للتطبيق

يحدد هذا المعيار بإضافة عنصر جديد يتمثل باستعمال مما جعل من الضروري أن

أساليب القانون العام، بعد أن تبين ما في فكرة المرفق العام من سعة وعدم اقتصار

على المرافق اإلدارية وشموله للمرافق االقتصادية و التجارية وتجلى ذلك بظهور

وسائل القانون المعيار المزدوج الذي يجمع بين فكرتي المرفق العام واستخدم

. العام

الذي " Terrir"أصدر مجلس الدولة الفرنسي حكمه في قضية 1113ففي عام

نقطة تحول في قرارات مجلس " Romieu"كان يمثل مع تقريره مفوض الدولة

الدولة ، فقد تعرض مفوض الدولة في تقريره إلى النظرية اإلدارية الخاصة

ن القضائين المدني و اإلداري وورد في بوصفها معيارا لتوزيع االختصاص بي

و Gest - Publوتتم هذه التفرقة بين ما اقترح تسميته باإلدارة العامة " تقريره

أما على أساس طبيعة المرفق محل النظر وأما Gest -Priveeاإلدارة الخاصة

على أساس التصرف الذي يتعين تقديره فقد يكون المرفق مع أهميته لشخص لعام

لق إال باإلدارة دومينه خاص، وفي هذه الحالة يعتبر الشخص العام يتصرف ال يتع

ومن جهة أخرى قد يحدث أن . كشخص خاص، كمالك في أوضاع القواعد العامة

اإلدارة وأن تصرفت ال كشخص خاص ولكن كشخص عام لمصلحة مرفق عام

بالمعنى الحقيقي ال تتمسك باإلفادة من مركزها كشخص عام وتضع نفسها

باختيارها في نفس أوضاع الفرد سواء بإبرام أحد عقود القواعد العامة ذي طابع

ال " استئجار عقار مثال لتقر فيه مكاتب إدارة ما" حدده التقنيين المدني بوضوح

". ) ( يفترض بذاته تطبيق أية قاعدة خاصة بتسيير المرافق العامة

رأي مفاده أن اإلدارة إذا ما ومن هذا التاريخ اتجهت آراء الفقه في األغلب إلى

اتبعت أساليب القانون العام فإن عقودها تنطبع بالطابع اإلداري أما إذا كانت

أساليبها متشابهه ألساليب األفراد في القانون الخاص فتكون عقودها مدنية أو

. تجارية

وأخذت قرارات مجلس الدولة الفرنسية تتوالى مؤكدة االتجاه ذاته ومن ذلك حكم

ومن حيث أن العقد " في قضية شركة الجرانيت ورد 1112-8-31لمجلس في ا

المبرم بين المدينة و الشركة خال من أي أشغال تنفذها الشركة وكان محله الوحيد

Page 124: الوجيز في القانون الإداري

124

التوريد عند التسليم حسب قواعد وشروط العقود المبرمة بين األفراد، وإنه بهذا

". ) ( رهايثير الطلب منازعة ال يختص القضاء اإلداري بنظ

وعلى هذا األساس برزت فكرة العيار المزدوج في فرنسا التي تعد عقدا إداريا إذا

كانت اإلدارة طرفا فيه واتصل العقد بمرفق عام واتجهت نية اإلدارة إال األخذ

. بأسلوب القانون العام

ومنذ ذلك الوقت برز مفهوم الشروط االستثنائية غير المألوفة التي تخرج عن

مألوف في قواعد القانون المدني معيارا رئيسيا ينهض إلى جانب معيار المرفق ال

. العام للتعبير عن نية اإلدارة في أتباع أسلوب القانون العام

فال يكفي وفق هذه النظرية اتصال العقد بمرفق عام إلضفاء الصفة اإلدارية على

. ) ( تباره عقدا إدارياالعقد مثلما ال يكفي تضمن العقد لشروط استثنائية الع

وفي ذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا في مصر أن عالقة العقد بالمرفق العام إذا

كانت ضرورية لكي يصبح العقد إداريا ليس كافية لمنحة تلك الصفة، اعتبار بأن

قواعد القانون العام ليست عالقة حتمية بالمرفق إذ أنه مع اتصال العقد بالمرفق

فإن اإلدارة قد ال تلجأ في أبرامة إلى أسلوب القانون العام لما تراه من العام

. ) ( مصلحتها في العدول عن ذلك إلى أسلوب القانون الخاص

وبالرغم من التأييد الكبير الذي حظيت به فكرة المعيار المزدوج حاول أنصار

لتمييز العقد نظرية المرفق العام إحياء نظريتهم و االكتفاء بها معيارا وحيدا

اإلداري واستبعاد وسائل القانون العام ممثلة في الشروط االستثنائية عن طريق

. أساليب عدة لعل من أهمها نظرية اشتراك المتعاقد في تسيير المرفق العام

: نظرية اشتراك المتعاقد في تسيير المرفق العام

ا عد إحياء لنظرية إصدار مجلس الدولة الفرنسي قرار مهم 1191-2-21بتاريخ

المرفق العام، ينحصر مضمونة على أن العقد الذي يعهد إلى المتعاقد بتنفيذ المرفق

العام ذاته يعد إداريا دون البحث في صفة العقد اإلداري أو تضمينه شروطا غير

. مألوفة

Epoux Bertin"وتتلخص وقائع هذا الحكم الذي سمي بحكم الزوجين بيرتان

نتهت الحرب العالمية الثانية وضع الرعاية الروس الموجودين في إنه عندما ا

1122-11-22فرنسا في مراكز اإليواء تمهيدا إلى ترحيلهم إلى بالدهم وفي تاريخ

يلتزم هذان " بيرتان " أبرم عقد شفوي بين رئيس أحد هذه المراكز والزوجان

لمال عن كل فرد في اليوم الزوجان بمقتضاه بتغذية الالجئين مقابل مبلغ محدد من ا

.

أن المقابل المستحق لها قد زاد مقداره نتيجة لزيادة 1129أدعى الزوجان عام

كميات األغذية التي قدمت لالجئين بأمر المركز وطلبا صرف المقابل لهذه الزيادة ،

فأقام الزوجان الدعوى أمام . إال أن الوزارة المشرفة على المعسكرات رفضت الدفع

. الدولة مجلس

دفعت الوزارة بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر النزاع مستنده أن العقد لم

. يتضمن شروطا استثنائية ولذلك فهو ال يعد عقدا إداريا

Page 125: الوجيز في القانون الإداري

125

إن محل هذا العقد أن يعهد في هذا " إال أن مجلس الدولة رفض هذا الدفع وحكم

lexecution memme duالصدد إلى أصحاب الشأن بتنفيذ المرفق العام ذاته

service public المكلف آنذاك بكفالة إعادة الالجئين من جنسيات أجنبية

الموجودين في إقليم فرنسا إلى أوطانهم وإن هذا الظرف يكفي بذاته في دمغ العقد

محل البحث بصفة العقد اإلداري ؛ وأنه يترتب على ذلك دون حاجة لبحث ما إذا كان

." ) ( شروطا غير مألوفة في القواعد العامةالعقد المذكور يتضمن

وبعد هذا الحكم بعشرين يوما أصدر مجلس الدولة قرارا آخر يؤكد هذا المبدأ في

. Gondrandقضية

وفي 1187-1-12في Houendودرجت محكمة التنازع على ذلك ففي قضية

ة نوم الفتيات قرارين اعتبرت المحكمة عمل موظفه في مدرسة للفتيات تقوم بمراقب

اشتراكا بصورة مباشرة في تنفيذ خدمة عامة تخص التعليم " النهوض والنوم "

وكذلك اعتبرت عمل زوجها وهو عامل مكلف بصيانة بعض األجهزة وتعليم الطالب

. استعمالها

وفي المجال نفسه اطردت أحكام القضاء اإلداري الفرنسي على اعتبار الفنانين

لمسرح البلدي كالمغنيين أو الراقصات أو العازفين ، مشتركين الذين يعملون في ا

في قضية 1181-1-18في تنفيذ المرفق العام وهو ما قضت به محكمة التنازع في

:Dme le Cachey et autres ( ( .

وقد وجد هذا االتجاه تطبيقا له في قضاء محكمة القضاء اإلداري المصري فورد

قاعدة ضرورة اطراد سير المرافق العامة تتطلب " 1113-1-28في قرار لها في

أن تطبق على األشخاص الذين يساهمون في تسيير قواعد معينة ال يجب تعليق

تطبيقها على وجود أو تخلف شروط غير مألوفة في العقد المبرم بين الشخص

صة المعنوي العام وبين األفراد المعاونين له ، خاصة إذا توافرت للمرفق أهمية خا

أو بلغت معاونة الفرد المتعاقد مع اإلدارة درجة كبيرة فإن معيار العقد اإلداري

يكون حينئذ معيارا منفردا قائما بذاته ال ضرورة لبحث شروطه من ناحية ما إذا

" . ) ( كانت تتضمن استثناءات غير مألوفة في القانون الخاص

تراك المتعاقد في تيسير المرفق وفي االتجاه نفسه تقريبا برزت أحكام تعد اش

particiption du Concontrant a lexecution duبصورة دائمة

service public . كافيا إلضفاء الصفة اإلدارية على العقد دون الحاجة للبحث

وقد أيد جانب في الفقه هذا االتجاه . عما يحتويه من شروط استثنائية غير مألوفة

ول إن اشتراك المتعاقد في تسيير المرفق بصفة دائمة إلى الق pequignotفذهب

يجعل العقد إداريا في جميع األحوال دون اللجوء إلى البحث فيما إذا كان العقد

هذه الفكرة في عقود " بكينو"يحتوي على شروط غير مألوفة أم ال ، وقد طبق

. ) ( إجارة األشخاص والخدمات وعقود االمتياز

الذي يعهد إلى المتعاقد بصورة مباشرة بتنفيذ المرفق نفسه أو وعلى هذا فأن العقد

يتضمن اشتراك المتعاقد في تسيير المرفق بصفة دائمة يعد إداريا دون الحاجة إلى

. أي شروط أخرى

وقد عد أنصار فكرة المرفق ذاته إن أحكام مجلس الدولة المؤيدة التجاههم قد أدت

Page 126: الوجيز في القانون الإداري

126

ية الشروط غير المألوفة لتكون معيارا وحيدا إلى استبعاد الرأي القائل بصالح

. لتمييز العقد اإلداري ، وإن هذه الفكرة أعادت األهمية لنظرية المرفق العام

إلى إن المعيار المأخوذ من موضوع العقد ـ ويقصد معيار Lamarqueفذهب

توى على وإن اعتبار العقد إداريا إذا اح. تنفيذ المرفق ذاته ـ يبدو أكثر إيجابية

".) ( شروط غير مألوفة ال يضفي إلى العقد إال عنصرا إضافيا

إلى القول أن معيار العقد اإلداري أصبح بصدور حكم prosperفي حين ذهب

في أزمة بددت االستقرار والـتوازن الذي استمر لفترة طويلة في ظل " بيرتان"

.) ( المعيار المزدوج

فقهاء في مصر ومنهم الدكتور عبد الفتاح حسن كما أيد هذا القضاء جانب من ال

-2-21لذلك ال غرو أن يكون حكم مجلس الدولة الذي صدر في : " الذي قال

من أحكام المبادئ أعاد الحياة لقضاء قديم ، وإعادة –يقصد حكم بيرتان -م 1191

.." ) ( شابا يعمل في مجاالت أكثر أتساعا

ضاء والفقه حول اعتماد هذا المبدأ معيارا كافيا إال أن ذلك ال يعني إجماع من الق

لتميز العقد اإلداري فما زالت نظرية الشروط االستثنائية تتمتع بأهمية كبيرة في

. هذا المجال وتحظى بتأييد جانب كبير من الفقهاء

: إتباع أسلوب القانون العام : ثالثا

Lemploi du procede de Droit public

نظرية المرفق العام أساسا وحيدا للقانون اإلداري ومعيارا لتمييز العقد بعد تراجع

اإلداري دعا طائفة من الفقهاء إلى ضرورة إبراز دور السلطة العامة في تمييز

العقد اإلداري ، من خالل البحث فيما يتضمنه العقد من شروط استثنائية خارجة عن

ن في إتباع أسلوب القانون العام ، تكشف عن نية المتعاقدي. القانون الخاص

.) ( وإخضاع العقد لقواعده وأحكامه

عام Terrierوقد برز هذا االتجاه أوال في حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية

ثم ما لبث أن توالت أحكام مجلس الدولة في االتجاه نفسه فصدر في عام 1113

ذ وضع مفوض الدولة إ" شركة الجرانيت " م حكم المجلس في قضية 1112

Leon blum مبدأ عاما يتعلق بمعيار التمييز بين العقود اإلدارية وعقود القانون

إذا تعلق األمر بعقد يجب البحث ليس عن الغاية من : " الخاص ، فبين في تقريره

إبرامه ، ولكن ما هو العقد بذات طبيعته ، وال يكفي لكي يختص القاضي اإلداري

توريد وهو محل العقد عقب تمامه لمرفق عام ؛ فيجب أن يكون وجوب استعمال ال

هذا العقد بذاته وبطبيعته الخاصة أما من العقود التي ال يستطيع أن يعقدها أال

فما يجب بحثه هو طبيعة .. شخص عام أو أن يكون بشكله وتكوينه عقدا إداريا

" . ) ( رم من أجلـها العقد ذاته استقالال عن الشخص الذي عقده والغاية التي أب

وعلى ذلك لم يعد اتصال العقد بالمرفق العام كافيا لكي يكتسب الصفة اإلدارية ، أنما

يلزم أن تكشف اإلدارة عن نيتها في اختيار أسلوب القانون العام ، والوسيلة في

. ذلك هي تضمن العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص

لشروط ،أصبحت عالمة مميزة يمكن االسترشاد بها في تقرير وألهمية هذه ا

Page 127: الوجيز في القانون الإداري

127

الطبيعة اإلدارية للعقود التي تبرمها اإلدارة بصفتها سلطة عامة تتمتع بامتيازات ال

. يتمتع بها الفرد العادي ، وتخضع العقد لنظام قانوني هو نظام القانون العام

ن البحث لما ثار حولها من وال شك أن فكرة الشروط االستثنائية تتطلب الكثير م

جدل في فقه القانون اإلداري وأحكام القضاء التي لم توضح بصورة قاطعة مضمون

. هذه الشروط

أنها تبدو :" عن فكرة الشروط االستثنائية فيقول pequignotيكتب األستاذ

وأنه من الصعب أن نجد في أحكام .. صعبة التحديد في أحكام القضاء اإلداري

" . ) ( اإلداري تحديدا للشروط التي يعدها هذا القضاء غير عادية القضاء

معيار الشروط االستثنائية المعيار الحقيقي للعقد اإلداري وهو Vedelفي حين عد

. الوحيد الذي يكشف عن إرادة المتعاقدين في إتباع أسلوب القانون العام

ار الوحيد الكافي إلضفاء الشرط االستثنائي هو المعي" إذا كتب في هذا الصدد

الصفة اإلدارية على العقد فمضمون العقد هو الذي يبين الشروط الخارجة عن

القانون الخاص ، ونية اإلدارة في تمسكها بمباشرة حقوق السلطة العامة ، ومعرفة

التصرف الذي تتخذه اإلدارة في ظل نظام السلطة العامة ال يتحقق إال من طريق

الذي قررته اإلدارة بموافقة المتعاقد وذلك ما يكشف عن وجود واحد هو االختيار

".) ( الشروط االستثنائية أو غيابها

: تقدير نظرية الشروط االستثنائية

لم تسلم نظرية الشروط االستثنائية معيارا وحيدا للعقد اإلداري ، من النقد وفي هذا

غير المألوف أثار صعوبات المجال ذهب بعض الفقهاء إلى القول أن معيار الشرط

كبيرة ساعد عليها القضاء اإلداري في عجزه عن تعريف الشرط غير المألوف

واتساع مفهومه ليشمل أنواع عديدة من الشروط من قبيل الشروط المانحة لإلدارة

امتيازات في مواجهة المتعاقد معها كحق اإلدارة بالرقابة والتوجيه ، فهي وان

ر المألوفة فأنها ال تعد مجهولة في عقود األفراد العاديين كانت من الشروط الغي

إذ من الممكن أن تتضمنها عقود . وهي ليست حكرا على عقود القانون العام

اإلذعان والعقود المبرمة بين الشركات متفاوتة القدرة واالتساع مما يتيح ألحد

. لدفع األطراف أن يملي شروط أحادية الجانب من حيث األسعار وظروف ا

أن الدور الذي نسب إلى " الذي يضيف بالقول Lamarqueومن هؤالء األساتذة

.) ( الشرط غير المألوف دورا مصطنعا مجرد من كل قيمة منطقية جوهرية

بيد أن هذه االنتقادات لم تقض نهائيا على معيار الشروط غير المألوفة أنما جعل لها

، خاصة عندما ال يكون العقد إداريا في مضمونه دورا ثانويا فهو يتمتع بأهمية

باتصاله بالمرفق العام ، إذ يتم البحث عن الشروط غير المألوفة في حالة عدم

القدرة على حسم ما إذا كان العقد يتضمن مشاركة في تنفيذ المرفق ذاته وهو ما

. عرف بالمعيار المتناوب

ال يعتقد إن معيار البند أو إلى أنه يجب أن Chapusوباالتجاه نفسه يذهب

الشروط المخالفة دائما معيار مساعد ، فالمعيار المأخوذ من الموضوع هو دائما

معيار مبدأ ، ففي كثير من الحاالت يفضل القاضي استخدام معيار الشرط غير

المألوف ، فهذا يمكن أن يكون أكثر تناسبا من غيره ويجب أن ال ننسى أن معيار

Page 128: الوجيز في القانون الإداري

128

.) ( المألوف يستطيع هو بمفرده إعطاء صفة إدارية لكل عقد الشرط غير

إال أن المعيار المتناوب هو اآلخر لم يسلم من النقد إذا قاد تطبيقه في القضاء

اإلداري الفرنسي إلى نتائج غير مقبولة في بعض األحيان ، من ذلك قرار محكمة

وهي " انمدام مازر" Vve Mazerandفي قضية 1113-11-29التنازع في

من أجل تنظيف األبنية 1121وحتى عام 1122مستخدمة في مدرسة عام

ومسؤولة عن اإلنارة وصيانة آالت التدفئة ثم قامت بعد ذلك بتنظيم حضانة لألطفال

كان عليها أن تخدم في هذه الحضانة 1192إلى 1121في المدرسة ومنذ عام

بلدة هو من اختصاص القانون فحكمت محكمة التنازع أن العقد الذي يربطها بال

. 1192إلى 1121ولكنه إداري من 1121و 1122الخاص بين

أن تقيم دعويين واحدة أمام المحاكم العادية " مازران"مما توجب على السيدة

وهذا قضاء غريب تكرر في أحكام أخرى منها قرار . واألخرى أمام القضاء اإلداري

استخدمت فيها Mlle Salliegeقضية في 1111-11-21محكمة التنازع في

مشاركة ) السيدة من قبل المستشفى ابتداء لمساعدة المرضـى أثناء تنقلهـم

غياب المشاركة ) وكذلك في أعمال غسل المالبس ( مباشرة في الخدمة الطبية

وقد تم تكليفها بهذه األعمال األخيرة بعد ذلك فأصبحت شخص من ( المباشرة

اص ، وبما أنه قد تم تسريحها من الخدمة وهي تملك الصفة أشخاص القانون الخ

.) ( األخيرة فإن النزاع يعد من اختصاص المحاكم العادية

إزاء ذلك ال نعتقد بصالحية المعيار المتناوب ليكون معيارا كافيا لتمييز العقد

وصل إليها اإلداري وال نرى مانعا من أن يشتمل معيار التمييز المبادئ الثالثة التي ت

القضاء اإلداري في سني تطوره التي استغرقت عقودا من الزمن ، وهذا المعيار

التخييري يوكل به قاضي الموضوع إذ يتفحص العقد ويطبق كل مبدأ من هذه

المبادئ فإذا ما تحقق من توافر أحدها فيه كان العقد إداريا دون الحاجة للبحث في

متساوية في أهميتها فليس هناك مبدأ رئيسي وآخر توافرها معا ، وإن هذه المبادئ

: مساعد وهذه المبادئ هي

ويقوم هذا المبدأ على . االشتراك المباشر في تنفيذ المرفق العام ذاته: المبدأ األول

أساس اعتبار العقد الذي يتضمن تنفيذ المتعاقد للمرفق العام ذاته عقدا إداريا دون

1191وقد ظهر هذا المعيار بحكم بيرتان . المألوفةالحاجة لوجود الشروط غير

وحقق نجاحا كبيرا من خالل شموله أغلب الموظفين في اإلدارات العامة واعتبار

. عقود توظيفهم إدارية

وفي هذا السبيل عد مجلس الدولة الفرنسي العديد من العقود إدارية ألن موضوعها

-1-7في Soc-Codiamفي قضية هو تنفيذ مرفق عام ففي قرار مجلس الدولة

عد العقد إداريا عندما أبرمته مستشفى مع شركة أجهزة التلفاز لتأجير 1112

باعتبار أن خدمة االستشفاء تعني باإلضافة للعناية الطبية . أجهزة إلى المرضى

تحسين ظروف اإلقامة للمرضى كذلك عدت محكمة التنازع في قرار حديث لها في

العقد إداريا ألنه يسمح بأن Cie nat,du Rhoc ,EDFة في قضي 11-1-1119

تستخدم شركة الكهرباء الفرنسية الطاقة المنتجة من الشركة الوطنية لمنطقة

باعتبار أن هذا العقد يتضمن تنسيقا لوظائف الشركتين المتعلقة بالمرفق ( الرون)

Page 129: الوجيز في القانون الإداري

129

. ) ( العام

كفي اإلشارة إلى طبيعة المهمة وهذا المبدأ في الحقيقة يتسم بسهولة التطبيق إذ ت

التي كان يمارسها المتعاقد مع اإلدارة لمعرفة العقد فيما إذا كان إداريا من عدمه،

باإلضافة إلى أنه عد أغلب عقود التوظيف في اإلدارات العامة عقودا إدارية ومن

. ذلك عقود األطباء والمهندسين واألساتذة والعاملين في المسارح العامة

أنه مع حسنة شموله جميع الموظفين بمظلة القانون العام فإن القول به غير

سيؤدي في النهاية إلى عدم الحاجة إلى البحث في مدى ارتباط مبدأ المشاركة في

تنفيذ المرفق في العقد اإلداري ألن جل عقود الوظيفة العامة ستعد إدارية من حيث

. الموضوع حتما

إن عدم تنفيذ المتعاقد للمرفق ذاته ال يجعل -:ير المألوفة الشروط غ: المبدأ الثاني

من العقد من عقود القانون الخاص حتما ، إذ يتوجب على القاضي أن يبحث فيما

. إذا كان العقد محتويا على شروط غير مألوفة من عدمه

Chapusففي هذه الحالة يستعيد مبدأ الشروط الغير مألوفة، أهميته يذهب األستاذ

إلى القول أن كل عقد يتم اإلفصاح عنه يعود للقانون الخاص وال يعترف به كعقد إال

.) ( تبعا للتأكد بأنه ليس إداريا ال في موضوعه وال من ناحية شروطه

منذ صدور حكم مجلس الدولة : العقود اإلدارية تبعا ألنظمتها : المبدأ الثالث

برز االتجاه الذي يعد العقد 1183عام Riviere du Santالفرنسي في قضية

إداريا ليس من خالل ما يحويه من شروط غير مألوفة وال من خالل تنفيذ المتعاقد

للمرفق العام ذاته وإنما لقيام العقد على نظام قانوني غير مألوف، وقد أثار هذا

المبدأ عند ظهوره بعض االرتباك بخروجه عن االستقرار النسبي في ظل المعيار

. متناوب ال

ونعتقد إن هذا المبدأ يمثل قاعدة ثالثة يمكن االعتماد عليها في وضع حل لمعضلة

التمييز بين العقد اإلداري وعقود القانون الخاص ويؤكد ذلك اعتماده من القضاء

. اإلداري الفرنسي في الكثير من األحكام

عقود خاضعة لنظام ومع ذلك وباستثناء بعض قرارات محكمة التنازع التي لم تعد ال

Soc-Centralفي قضية 1113-11-11قانوني استثنائي مثال ذلك قرارها في

siderurgiqe de richemont فأنه ال يمكننا أن ننفي كون أن مبدأ النظام

القانوني غير المألوف قد أصبح ركنا أو مبدأ مهما في تمييز العقد اإلداري في

. الوقت الحاضر

المبحث الثالث

التعريف بأهم أنواع العقود اإلدارية

تبرم اإلدارة أنواعا مختلفة من العقود اإلدارية، منها عقود نظمها المشرع بأحكام

خاصة ونص عليها في القانون المدني ومنها ما ورد عليه النص في الئحة العقود

. اإلدارية، ومنها ما ترك تحديده للقضاء اإلداري

ل أهم ثالثة عقود إدارية أشارت إليها اغلب التشريعات وفي هذا المبحث سنتناو

, العربيه

Page 130: الوجيز في القانون الإداري

130

. عقد االلتزام أو االمتياز -1

. عقد األشغال العامة -2

. عقد التوريد -3

: عقد االلتزام أو االمتياز : أوال

يعد عقد االلتزام من أهم العقود اإلدارية، ألنه يمنح فرد أو شركة الحق بإدارة

. مرفق من المرافق العامة واستغالل

إن التزام المرافق العامة ليس ".. عرفته محكمة القضاء اإلداري المصرية بقولها

إال عقدا إداريا يتعهد أحد األفراد أو الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته وتحت

تي مسئوليته المالية بتكليف من الدولة أو إحدى وحداتها اإلدارية، وطبقا للشروط ال

توضع لها، بأداء خدمة عامة للجمهور، وذلك مقابل التصريح له باستغالل

". ) ( المشروع لمدة محددة من الزمن واستيالئه على األرباح

" وقد ثار بشأن طبيعة عقد االلتزام خالف فقهي كبير، إذ ذهب فريق من الفقهاء

ذلك فأن آثاره ال وعلى. إلى القول أنه عمل من جانب واحد هو اإلدارة" األلمان

تنشأ عن عقد وإنما عن أمر انفرادي تصدر السلطة بإرادتها المنفردة، وتملك

. تعديله أو إلغائه

ولم يصادف هذا الرأي القبول ألنه ينفي دور الملتزم في تحديد شروط االلتزام ودور

. ) ( إرادته في إبرامه

عتبار عقد االلتزام من عقود وانقسم الفقه الفرنسي إلى اتجاهين ذهب األول نحو ا

القانون الخاص ، متجاهال خصائصه المميزة من حيث منحه الملتزم سلطات من

طبيعة خاصة من قبيل سلطته في فرض أعباء مالية على المنتفعين بالمرفق

وسلطته في شغل الدومين العام وما إلى ذلك من امتيازات أخرى ويوفرها له نظام

. القانون العام

فيعتبر االلتزام عمال قانوينا مركبا Duguitالتجاه الثاني ويتزعمه الفقيه أم ا

يشتمل على نوعين من النصوص األول منها يتعلق بتنظيم المرفق العام وبسيره،

أما النوع الثاني من . وتملك اإلدارة تعديل هذه النصوص وفقا لحاجة المرفق

العقد " ة التي تحكمها قاعدة النصوص فيسمى بالنصوص أو الشروط التعاقدي

ومنها ما يتعلق بتحديد مدة االلتزام وااللتزامات المالية بين " شريعة المتعاقدين

. المتعاقدين وال تتعدى ذلك لتشمل أسلوب الخدمات للمنتفعين

وقد القى هذا الرأي ترحيبا في القضاء اإلداري في فرنسا ومصر اذ أن المسلم به

شروط الئحية : ط عقد التزام المرفق العام تنقسم إلى نوعين فقها وقضاء إن شرو

الشروط الالئحية فقط هي التي يملك مانح االلتزام تعديلها بإرادته . وشروط تعاقدية

المنفردة في أي وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، دون أن يتوقف ذلك على

وما يتعلق بهما، من والمسلم به إن التعريفة أو خطوط السير. قبول الملتزم

. الشروط الالئحية القابلة للتعديل بإرادة مانح االلتزام المنفردة

وقد سعى المشرع العراقي نحو تنظيم أحكام عقد االلتزام ليكفل حسن سير المرفق

Page 131: الوجيز في القانون الإداري

131

محل االلتزام ومن ذلك ما نص عليه ا القانون المدني العراقي بخصوص المساواة

. بين المنتفعين في المرفق

وتمارس اإلدارة في مواجهة الملتزم سلطة الرقابة واإلشراف على ممارسة عمله

. وفقا لشروط العقد والقواعد األساسية لسير المرافق العامة

على أن ال تصل سلطة اإلدارة في إصدار قراراتها بمناسبة سلطة الرقابة حدا يغير

زم في إدارة المرفق وإال من طبيعة االلتزام وتعديل جوهره أو أن تحل محل الملت

. خرج عقد االلتزام عن مضمونه، وتغير استغالل المرفق إلى اإلدارة المباشرة

: عقد األشغال العامة : ثانيا

عرفت احكام القضاء االداري المختلفه عقد األشغال العامة بانه عقد مقاولة بين

المقاول بعمل من شخص من أشخاص القانون العام وفرد أو شركة بمقتضاه يتعهد

.) ( أعمال البناء أو الترميم أو الصيانة مقابل ثمن يحدد في العقد

: ومن هذا التعريف يتبين أنه يتميز عقـد األشغال العامـة بتوافر العناصر التالية

ويشمل ذلك أعمال البناء والترميم والصيانة . أن يتعلق موضوع العقد بعقار -1

. بناء الجسور وتعبيد الطرق وما إلى ذلك وكذلك. الواردة على عقار

, ويخرج من نطاق األشغال العامة العقود الواردة على منقول مهما كانت ضخامته

فلم يعتبر القضاء اإلداري في فرنسا من عقود األشغال العامة االتفاقات التي يكون

.) ( محلها إعداد أو بناء أو ترميم سفينة أو حظيرة متحركة للطائرات

وقد توسع مجلس الدولة الفرنسي في مفهوم األشغال العامة وأدخل في اختصاصه

كثيرا من العقود التي تتعلق بصيانة األموال العامة من قبيل أعمال التنظيف والرش

في الطرق العامة، وعقود توريد ونقل المواد الالزمة لألشغال العامة، وكذلك عقود

.) ( فيذ أشغال عامة تقديم مساعدة مالية أو عينية لتن

سواء كان العقار محل األشغال مملوكا . أن يتم العمل لحساب شخص معنوي -2

لشخص عام أم مملوكا لشخص من أشخاص القانون الخاص لكن العمل قد تم

.) ( لحساب شخص معنوي عام

كذلك اعترف القضاء اإلداري الفرنسي بصفة األشغال العامة ألشغال المرافق العامة

.) ( الصناعية والتجارية التي تدار باإلشراف مباشر من مؤسسات عامة

أو األشغال التي تقوم بها البلدية من تلقاء نفسها في عقار مهدد بالسقوط لكفالة

.) ( الطمأنينة العامة

. أن يكون القصد من األشغال تحقيق نفع عام -3

األشغال التي تتعلق بعقارات في البداية كان مفهوم األشغال العامة يقتصر على

تدخل في ضمن نطاق الدومين العام أما األعمال التي تجري على عقارات تدخل في

. نطاق الدومين الخاص فال تعد عقودا إدارية

إال أن قضاء مجلس الدولة الفرنسي لم يستقر على هذا المبدأ فعمد إلى توسيع

ة بعقارات مخصصة للنفع العام ولو مفهوم األشغال العامة ليشمل األعمال المتعلق

. كانت داخله ضمن نطاق الدومين الخاص

بخصوص 1121-1-11في Commune de Monsegurومن ذلك في قضية

Page 132: الوجيز في القانون الإداري

132

إذا " .. تعويض قاصر عن حادث أصيب به كنسية البلدية مدينة منسيجور إذ ورد

صل الكنائس بف 1119ديسمبر سنة 1كان مرفق العبادة لم يعد مرفقا منذ قانون

على أن تستمر المباني 1118يناير سنة 2من قانون 9عن الدولة فتنص المادة

المخصصة لممارسة العبادة ـ في غير حاالت إزالة التخصيص المنصوص عليها

ـ متروكة تحت تصرف المؤمنين والمكلفين بإقامة 1119ديسمبر سنة 1في قانون

يترتب على ذلك إن األشغال التي تنفذ في شعائر العبادة لممارسة ديانتهم ، وأنه

الكنيسة لحساب شخص عام من أجل غرض ذي نفع عام تحتفظ بصفة األشغال

العامة وتدخل الدعاوي الموجهة ضد البلديات بسبب األضرار الناشئة عن عدم

صيانة الكنائس في اختصاص مجلس األقاليم باعتبارها مرتبطة بتنفيذ أحد األشغال

". العامة

يتميز عقد األشغال العامة في أن اإلدارة تملك سلطة اإلشراف والتوجيه على تنفيذ و

العقد في أوسع مدى لها، إذ تملك سلطة توجيه العمال واختيار طريقة التنفيذ، كما

. يجوز لإلدارة أن تعدل الشروط األصلية للعقد بما يحقق المصلحة العامة

: عقد التوريد : ثالثا

إتفاق بين شخص " القضاء اإلداري المصرية عقد التوريد بأنه عرفت محكمة

معنوي من أشخاص القانون العام وفرد أو شركة يتعهد بقتضاه الفرد أو الشركة

.") ( بتوريد منقوالت معينة للشخص المعنوي الزمة لمرفق عـام مقابل ثـمن معين

: ومن ذالك يتبين انه يشترط في هذا العقد مايلي

وع عقد التوريد أشياء منقولة دائما، وهو ما يميزه عن عقد األشغال موض -1

العامة الذي يتعلق بالعقارات والعقارات بالتخصيص، ومن قبيل هذه المنقوالت

. توريد مواد التموين واألجهزة والبضائع المختلفة األخرى

فأن العقد اتصال العقد بمرفق عام وتضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة، وإال -2

. يعد من عقود القانون الخاص

ويستوي بالنسبة لعقد التوريد أن يتم دفعة واحدة أو علي دفعات متعددة ، وقد أفرز

التطور الصناعي ظهور عقود جديدة دخلت ضمن نطاق عقد التوريد، تتعلق بتسليم

Marchesمنقوالت بعد صناعتها وسميت هذه العقود بعقود التوريد الصناعية

industriels عقود التصنيع : والتي تقسم بدورها إلى نوعين من العقودarches

de fabrication وعقود التعديل والتحويلMarches de donversion et

transfomration ) (.

الفصل الثالث

إبرام العقــود اإلداريـــة

. برام األفراد عقودهمال تملك اإلدارة حرية واسعة عند التعاقد، مثلما هو الحال في إ

إذ فرض المشرع جملة من القيود و اإلجراءات تلتزم اإلدارة بأتباعها حفاظا على

. المصلحة العامة و المال العام

من حيث أن " وقد أكدت محكمة القضاء اإلداري المصرية هذا االتجاه عندما قضت

Page 133: الوجيز في القانون الإداري

133

د على حرية جهة األصل في كيفية إبرام العقود اإلدارية و التي يشتد فيها القي

اإلدارة عند تعاقدها يرجع إلى أن الشارع هو الذي يستقل ببيان طريقة إبرام العقود

تحقيق أكبر وفر : العامة وهو في هذا السبيل يسعى إلى إدراك هدفين كبيرين األول

مالي للخزينة العامة ، وهذا يستلزم بداهة التزام جهة اإلدارة اختيار المتعاقد الذي

مراعاة المصلحة اإلدارية ويتطلب : ل الشروط والضمانات المالية والثاني يقدم أفض

تبعا لذلك تمكين جهة اإلدارة من أن تختار أكفا المتقدمين ألداء الخدمة التي تحرص

".) ( هي على تحقيقها

وسنتناول في هذا الفصل طرق وأساليب اختيار المتعاقد مع اإلدارة ثم نبحث في

. د وفقا لما ورد بهذه الالئحة وفي مبحثينإجراءات التعاق

المبحث األول

طرق إبرام العقود اإلدارية

وفي هذا المجال بينت الئحة .تتبع إدارة أساليب عدة في إبرام عقودهما اإلدارة

العقود اإلدارية طرق أساسية إلبرام العقود اإلدارية أوردتها المادة العاشرة من

: الالئحة هي

. ة المناقص -1

. الممارسة -2

. التكليف المباشرة -3

. المزايدة العامة -2

: المناقصة : أوال

يقوم نظام المناقصة على أساس وجود عدد من الراغبين في التعاقد مع اإلدارة،

. ) ( يتنافسون فيما بينهم لتقديم العطاءات تختـار اإلدارة أفضلها سعرا وشروطا

األسلوب عندما تريد الحصول على الخدمات و السلع مثلما وتلجأ اإلدارة إلى هذا

وهو الحال في العقود األشغال العامة و التوريد، وال يجوز العدول عن أسلوب

. المناقصة إال في حاالت خاصة

تبرم عقود األشغال، وعقود التوريد وغيرها من "إذ ورد في المادة الحادية عشر

بطريقة المناقصة العامة وال –بصفة عامة –ية التوريد وغيرها من العقود اإلدار

إال .. يجوز العدول عن طريق المناقصة العامة إلى طريق آخر من طرق التعاقد

." لمقتضى يستند إلى أحكام هذه الالئحة

: وتقوم المناقصة على ثالثة مبادئ رئيسية هي

. اإلعالن عن المناقصة -1

. حرية المنافسة -2

. المتنافسين المساواة بين -3

: اإلعالن عن المناقصة .1

إعالن اإلدارة عن رغبتها بالتعاقد شرط ضروري لضمان فرص متساوية للراغبين

بالتعاقد تتيح لهم تقدير كلفة المشروع موضوع العقد ونوع الخدمات المراد تقديمها

. وشروطها

Page 134: الوجيز في القانون الإداري

134

كميات التي إذا يتوجب على اإلدارة أن تضع مواصفات تفصيلية كاملة وجداول ال

تبين لألفراد البنود و اإلجراءات الواجب اتباعها في تنفيذ العقد و الجزاءات التي

إضافة .يمكن توقيعها على المتعاقد في حالة اإلخالل بأحكامه أو التأخر في تنفيذه

.) ( إلى صفة المناقصة وشروط العقد العامة

قرار الجهة المختصة بعد وتتولى لجنة العطاءات اإلعالن عن المناقصة بناء على

. التحقق من صدور األذن من الجهة المختصة

: حرية المنافسة .2

من مقتضيات هذا المبدأ إعطاء الحق لكل المقاولين أو الموردين المنتمين للمهنة

التي تختص بنوع النشاط الذي تريد اإلدارة التعاقد عليه، أن يتقدموا بعطاءاتهم

. ) ( ق الشروط التي تضعها هيبقصد التعاقد مع أحدهم وف

وال يجوز لإلدارة أن تبعد أيا من الراغبين في التعاقد و المنتمين إلى هذه المهنة من

. االشتراك في المناقصة

على فكرة De Laubadereويقوم أساس المنافسة الحرة في نظر األستاذ

اواة بين األفراد في الليبرالية االقتصادية القائمة على حرية المنافسة، وفكرة المس

.) ( االنتفاع من خدمات المرافق العامة

باإلضافة إلى أن هذا المبدأ يقوم على أساس وقوف اإلدارة موقفا حياديا إزاء

المتنافسين، فهي ليست حرة في استخدام سلطتها التقديرية بتقدير فئات المقاولين

.) ( التي تدعوها وتلك التي تبعدها

دأ ال يسري بإطالقه،إذ ترد علية قيود تقتضيها المصلحة إال أن هذا المب

العامة،تسمح لإلدارة إبعاد بعض الراغبين بالتعاقد مؤقتا أو نهائيا من التعاقد مع

. اإلدارة

: المساواة بين المتنافسين.3

يقوم هذا المبدأ على أساس أن جميع المتقدمين بعطاءاتهم يكونوا على قدم

متنافسين، وليس لإلدارة أن تقيم أي تمييز غير مشروع بينهم المساواة مع بقية ال

.) ( فال تطلب من أحدهم ما ال تطلبه من غيرهم

إال أن هذا القيد ال ينبغي تعميمه، إذ أن اإلدارة تستطيع أن تفرض شروطا إضافية

على المتقدمين إليها تضمن توفر خبرات خاصة أو تطلب وثائق أو شهادات معينة

. إال لفئة معينة من الراغبين في التعاقد ال تتوفر

ناهيك عن أن اإلدارة تملك إعفاء بعض المتقدمين من بعض الشروط كإعفاء

الشركات الوطنية من التأمين االبتدائي الواجب تقديمه أو شرط توافـر القدرة

. المالية

: ة و المناقصات تقسم على أنواع منها المناقصة العامة و المناقصة المحدود

المناقصة العامة هي تلك التي يعلن عنها لجميع الراغبين في التعاقد مع اإلدارة

دون تعيين، وهي القاعدة العامة في المناقصات وتقوم على أساس المبادئ

وعرفتها الئحة العقود اإلدارية بأنها هي التي يعلن . األساسية التي سبق ذكرها

..") ( إلى أصلح عرض عنها لجميع أدوات التنفيذ بقصد الوصول

Page 135: الوجيز في القانون الإداري

135

و المناقصة العامة أما أن تكون مناقصة داخلية أو محلية وأما أن تكون مناقصة

دولية وتتبع في المناقصة المحلية إجراءات المناقصة العامة ذاتها من حيث وجوب

المساواة بين المتقدمين وحرية المنافسة فضال عن اإلجراءات األخرى، لكن

أن المشاركة فيها تقتصر على الشركات المحلية و المقاولين المناقصة تختلف في

المحليين الذين يختارون من بين المقيدة أسماؤهم في السجالت المعدة لذلك وهي

. على ذلك يعلن عنها بالنشر في وسائل األعالم المحلية

في حين يعلن عن المناقصة العامة أو الدولية عن طريق النشر في وسائل اإلعالم

حلية و العالمية، ويتعلق هذا النوع من المناقصات ببعض العقود المهمة التي الم

تتطلب قدرا عاليا من الخبرة، التي ال تتوفر في الشركات المحلية، فيسمح باشتراك

. األفراد و الشركات األجنبية

أما المناقصات المحدودة، فهي المناقصات التي يقتصر االشتراك فيها على جهات

اص يختارون عن طريق قائمة تعدها اإلدارة بأسمائهم وال يحق لمن هم أو أشخ

.) ( خارج هذه القائمة المشاركة إال في حاالت استثنائية

وهذه القائمة تعد بناء على توافر شروط معينة تقررها اإلدارة من حيث المقدرة

ة إلى هذا المالية للشركات أو خبرتها الفنية في األعمال المماثلة، وتلجأ اإلدار

األسلوب في حاالت الضرورة والعتبارات تعود إلى طبيعة المشروعات التي ترغب

اإلدارة بإنجازها، و التي تتطلب قدرة من الخبرة و الكفاية، مثلما هو الحال في

. ألخ ... إنشاء الجسور و األنفاق و المصافي

: الممارسة : ثانيا

ي إبرام عقودها هو طريق الممارسة، ويتم يمكن لإلدارة أن تلجأ إلى طريق أخر ف

بتقديم العروض أو االتصال بجهات أو أشخاص متخصصين و التفاوض معهم

.) ( للوصول إلى أفضل الشروط و األسعار للتعاقد

ويتميز هذا األسلوب باختصار اإلجراءات الطويلة التي يستغرقها غالبا طريق

خالل معرفة جميع الراغبين بالتعاقد المناقصة، باإلضافة إلى طابع العلنية من

باألسعار التي يقدمها المنافسون، و التفاوض العلني للوصل إلى االتفاق، مثلما هو

. الشأن بالنسبة لعقود القانون الخاص

: التكليف المباشر : ثالثا

تملك اإلدارة أيضا حرية التعاقد مع الجهات بصورة مباشرة دون اتباع إجراءات

صدار أمر الشراء أو التكليف باألعمال مباشرة من المختص بتوقيع خاصة، بإ

العقود في الوحدات اإلدارية، وفق ما يسمى بطريقة التكليف المباشر، وتلجأ اإلدارة

. لهذا األسلوب في أحوال معينة استثناء

: رابعا المزايدات

ببيع األشياء التي تسلك اإلدارة طريق المزايدة في إبرام العقود اإلدارية المتعلقة

تستغني عنها اإلدارة أو التي يتقرر بيعها وفقا للقانون، وتتم عن طريق تقديم

.) ( عطاءات أو عروض للشراء أو بطريق المناداة للوصول إلى أعلى األسعار

Page 136: الوجيز في القانون الإداري

136

المبحث الثاني

إجراءات التعـــاقـــد

وع في الئحة العقود يمر التعاقد في العقود اإلدارية بأربع مراحل، حددها المشر

: اإلدارية وأوجب اتباعها وهي

. استيفاء اإلجراءات الشكلية السابقة على التعاقد: المرحلة األولى

. تقديم العطاءات: المرحلة الثانية

. فظ المظاريف و البت فيها: المرحلة الثالثة

. إبرام العقد : المرحلة الرابعة

. اءات الشكلية السابقة على التعاقداستيفاء اإلجر: المرحلة األولى

يتطلب القانون أن تستكمل اإلدارة بعض اإلجراءات الشكلية قبل إبرام العقد وأهمها

:

. االعتماد المالي -1

. دراسة الجدوى -2

. الحصول على تصريح بالتعاقد -3

-:االعتماد المالي ( 1

عليها التزامات مالية، ما لم اإلدارة ال تستطيع التعاقد أو إجراء أي تصرف يرتب

يتوفر لديها االعتماد المالي الالزم، كذلك تلتزم اإلدارية أن بعدم تجاوز حدود هذا

. ويترتب على مخالفة اإلدارة لهذا االلتزام مسئوليتها القانونية. االعتماد المالي

ة حدود وقد أوجبت المادة الثامنة من الئحة العقود اإلدارة تراعي الجهات اإلداري

االعتماد قبل إبرام أي عقد من العقود اإلدارية باستثناء األعمال أو المشروعات

التي تتم بالجهد الذاتي أو التطوعي أو العمل الجماعي المنظم، وال يجوز التعاقد

كما ال يجوز التعاقد إال . على أي عمل أو مشروع غير مدرج بالخطة أو الميزانية

. ج بالخطة و الميزانية للعمل موضوع العقدفي حدود االعتمادات المدر

وهنا البد من التساؤل حول مآل العقد الذي يبرم مخالفا لشرط توافر االعتماد المالي

. أو متجاوزا لحدوده

وفي هذا المجال نجد أن القضاء و الفقه اإلداريين قد أستقرا على اعتبار تصرف

مع ) ( ف يكون صحيحا وملزما إلطرافهاإلدارة بإبرام عقودها اإلدارية بهذه الظرو

ما يشكله من استحالة تنفيذ اإلدارة اللتزاماتها المالية في مواجهة المتعاقد معها

. مما يرتب مسئوليتها القانونية

وقد بررالقضاء االداري القضاء ذالك بضرورة حماية األفراد في تعاقدهم مع اإلدارة

ت تنظيمية مع وجوب عدم زعزعة الثقة كون عالقتهم مع اإلدارة فردية وليس

. اإلدارية

ووفقا للقواعد العامة في التعاقد ال يمنع تعاقد اإلدارة في هذه الحالة، من مطالبة

المتعاقد فسخ العقد لعدم تنفيذ اإلدارة التزاماتها المالية المستحقة لصالحها مع

. التعويض إذا كان لها مقتضى

: دراسة الجدوى ( 2

Page 137: الوجيز في القانون الإداري

137

لمشرع قبل المباشرة بأي إجراء من اإلجراءات التعاقد دراسة موضوع يوجب ا

العقد وإجراء استشارات متعددة في سبيل إنجاز المشروعات وفقا للمواصفات

. المطلوبة في الخطة مع مراعاة حدود االعتماد المالي المخصص

ل اإلقدام ونعتقد أن هذه الضوابط ال تعدو أن تكون توجيهات لإلدارة تستنير بها قب

على التعاقد ومع نص المشرع على وجوب اتباعها، ال يترتب على مخالفة ذلك

إذ أن دراسة الجدوى من التعاقد في هذين النصين ال تبلغ حد .اعتبار العقد باطال

وال يترتب على مخالفة اإلدارة لهذه الضوابط . االستشارة اإللزامية أو األذن بالتعاقد

. سلطة اإلدارية العلياإال مسئوليتها أمام ال

: التصريح بالتعاقد (3

يشترط قبل إبرام العقد اإلداري الحصول على أذن الجهة المختصة التي يحددها

. القانون، وبعكس ذلك ال يجوز لإلدارة مباشرة أي إجراء من إجراءات التعاقد

وما من ويترتب على ذلك أن العقد الذي تبرمه اإلدارة دون الحصول على األذن معد

. الناحية القانونية وال يجوز تصحيحه بصدور إذن الحق

وعلى ذلك ال تتوافر الرابطة التعاقدية بين اإلدارة و الطرف األخر، ويملك هذا

األخير المطالبة بالتعويض الذي لحق به على أساس المسئولية التقصيرية إذا كان

. له مقتضى

: تقديم العطاءات : المرحلة الثانية

ل المدة التي يحددها اإلعالن يتقدم الراغبون بالتعاقد بعطاءاتهم، وال يعتد خال

. بالعطاءات بعد هذه المدة

إال إذا قررت لجنة العطاءات تمديد مدة قبول العطاءات ألسباب تتعلق بقلة عدد

العطاءات المقدمة بالنسبة ألهمية المشروع، أو عندما تطلب مد الميعاد أغلبية

لمنشآت التي دعيت للمناقصة أو طلب ذلك عدد كبير من الشركات أو الشركات أو ا

. المنشآت الراغبة في التقدم للمناقصة

: محتويات العطاء

وإذا تم تقديم العطاء فيجب توافر مجموعة من المعلومات و المواصفات التي يتعلق

. قصةبعضها بالراغب بالتعاقد بينما يتعلق القسم األخر بالمشروع موضوع المنا

وهذه المعلومات ينبغي أن تكون واضحة ودقيقة بشكل ال يسمح بوجود لبس أو

. تفسير خاطئ

اسم ولقب : أوال : وقد استقر التعامل على وجوب احتواء العطاء على ما يأتي

وإذا كان مقدم العطاء . وعنوان الراغب بالتعاقد وتوقيعه شخصيا على العطاء

. ذه الشركة ونوعها ومقدار رأس مالها شركة فيجب تقديم عقد تأسيس ه

بيان طريقة وأسلوب إنجاز المشروع ونوع المكائن و اآلالت التي يعتزم : ثانيا

الراغب بالتعاقد استعمالها في التنفيذ

. قائمة تتضمن األعمال المماثلة التي قام به مقدم العطاء: ثالثا

ير محروم من التعامل مع الجهات الوثائق التي تؤيد أن مقدم العطاء غ: رابعا

Page 138: الوجيز في القانون الإداري

138

اإلدارية أو مستبعد من التقدم للتعامل معها وأنه لم يسبق أن أدين بجناية أو جنحة

مخلة بالشرف أو األمانة

. قائمة باألسعار التي يقترح الراغب بالتعاقد، التعاقد بها: خامسا

. أن يرفق مع العطاء التأمين االبتدائي أو المؤقت: سادسا

يلتفت إلى العطاءات غير مصحوبة بهذا التأمين في الكثير من التشريعات وال

وبعضها يستعيظ عنه بخطاب ضما وهذا الشرط يضمن جدية التقدم للمناقصة، وهو

من الشروط األساسية للنظر في العطاء، ومع ذلك يجوز لمقتضيات المصلحة العامة

غير مصحوبة بالتأمين ابتدائي، وبموافقة الجهة طالبة التعاقد النظر في العطاءات

. إذا ما قدم صاحب العطاء أشعار من المصرف بمباشرته إجراءات إصدار التأمين

: التزام المتقدم بالعطاء بالبقاء على أيجابه

.) ( استقر القضاء و الفقه على أن إعالن اإلدارة عن المناقصة يعد دعوة اإلدارة

ي تحيل إليها العقود اإلدارية وترفق في الغالب وقد درجت دفاتر الشروط العامة الت

مع العطاءات المقدمة من الراغب بالتعاقد، على النص على التزام مقدم العطاء

. بالبقاء على أيجابه حتى نهاية المدة المحددة لسريان العطاءات

في قضية 1111-8-1وذهب مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في

Crande تزام مقدم العطاء بعطائه وعدم سحبه حتى ولو لم يتضمن إلى وجوب ال

منذ لحظة تقديم العطاء يلزم المتقدمون نهائيا " دفتر الشروط هذا المبدأ إذ ورد فيه

بأنه أبدى رغبته بسحب Crandeتجاه البلدية، وبناء على ذلك فادعاء السيد

".) ( عطائه أمر ال قيمة له

-2-22لمصري االتجاه ذاته في حكمه الصادر في واتبعت محكمة القضاء اإلداري ا

عندما قررت أن المدعي في وقائع هذه الدعوة قصد االرتباط بعطائه إلى 1198

.) ( الوقت الذي تفتح فيه المظاريف، ويخطر صاحب العطاء بقبول عطائه من عدمه

وا ويلتزم المتقدم بالبقاء على أيجابه حتى تعلن نتيجة المناقصة إذ يتحرر مقدم

العطاءات جميعا باستثناء من ترسو عليه المناقصة الذي يظل ملتزما بعطائه إلى أن

. يتم اعتماد المناقصة

وقد استقر الفقه و القضاء على أن التزام مقدم العطاء بالبقاء على أيجابه مصدره

.) ( إرادته المنفردة

لناتج عن العطاء الذي ذهب إلى أن االلتزام ا De laubadereومن هؤالء الفقيه

أن بعض فقهاء :" إنما هو في الحقيقة، التزام انفرادي ويؤيد رأيه ذلك بقوله

القانون الخاص يرون أن المتقدم بالعطاء في القانون المدني يلتزم بالعطاء عندما

فأن لم يحدد مدة جاز له سحب عطائه متى شاء عكس . يحدد مدة لذلك يلتزم خاللها

ت العامة حيث ال يستطيع المتقدم للتعاقد مع اإلدارة سحب ما يحصل في المناقصا

".) ( عطائه

: فض المظاريف و البت فيها : المرحلة الثالثة

وفي اليوم المحدد لفض المظاريف تقوم اللجنة المركزية للعطاءات أو اللجنة

الفرعية لها بفتح صندوق العطاءات في تمام الساعة الثانية عشر، لفحص كل

Page 139: الوجيز في القانون الإداري

139

لى حدة بعد ترقيمه و التحقق من سالمة األختام، ثم يقرأ اسم مقدم العطاء عطاء ع

وقيمته اإلجمالية بحيث يسمعه الحاضرون من مقدمي العطاءات ويدون ذلك

. بمحضر الجلسة

بعد ذلك يجري إرساء المناقصة على صاحب العطاء األفضل شروطا و األقل سعرا

ومع ذلك يجوز للجنة أن ترسي المناقصة . ةمن بين العطاءات األخرى، كقاعدة عام

على مقدم أنسب العروض ولو لم يكن أقلها سعرا ألسباب تتعلق بالمصلحة العامة،

مع ضرورة أن تتمثل هذه األسباب بعوامل جدية تتعلق بطبيعة األعمال موضوع

المناقصة وقيمتها ومواصفاتها، على أن ال يكون الفارق في األسعار بين أنسب

روض المقدمة وأقلها سعرا كبيرا ويجب أن يكون قرار اللجنة باعتماد هذا الع

.) ( العطاء مسببا

كذلك أذا كان العطاء األقل سعرا مصحوبا بتحفظات فيجوز للجنة أن تفاوض صاحب

العطاء لينزل عن تحفظاته كلها أو بعضها، فإذا رفض جاز التفاوض مع من يليه

ا تساوت األسعار بين عطائين أو أكثر فأنه يجوز تجزئة أما إذ. من مقدمي العطاء

. ) المقادير أو األعمال موضوع المناقصة بين مقدميها إذا كان ذلك في الصالح العام

)

إبرام العقد :المرحلة الرابعة

إرساء المناقصة ال يعني إلزام اإلدارة بإبرام العقد مع من رسى عليه العطاء فال يعد

آخر إجراءات التعاقد وإنما هو إجراء تمهيدي ينتهي بصورة قرار قرار اإلرساء

.) ( باعتماد اإلرساء من الجهة المختصة

ال نزاع في أن للجهات اإلدارية السلطة تقديرية في إبرام العقود بعد فحص

العطاءات وإرسائها على المتعهدين، ذلك أن تطرح المناقصة في السوق وتقديم

وإرسائها على صاحب أفضل عطاء كل ذلك ما هو إال العطاءات عنها وفحصها

تمهيد للعقد الذي تبرمه الحكومة مع المتعهد ومن ثم فهي تملك كلما رأت أن

المصلحة العامة تقضي بذلك إلغاء المناقصة و العدول عنها دون أن يكون لصاحب

. امهالعطاء أي حق في إلزامها بإبرام العد أو المطالبة بأي تعويض عن عدم إبر

الفصل الرابع

الحقوق وااللتزامات الناشئة عن العقد اإلداري

إذا أبرم العقد اإلداري فإنه يترتب عليه جملة من اآلثار على طرفيه المتعاقدين،

تتمثل في الحقوق وااللتزامات التي تتمتع بها اإلدارة من جهة وما يقابلها من

. أخرى حقوق والتزامات يتمتع بها المتعاقد من جهة

وبسبب الطبيعة الخاصة للعقود اإلدارية فإن ما تملكه اإلدارة من امتيازات يفوق ما

ومن قبيل . يتمتع به المتعاقد اآلخر باعتبار أنها تسعى نحو تحقيق الصالح العام

هذه االمتيازات سلطتها في الرقابة والتوجيه وسلطتها في توقيع الجزاءات على

. روط العقد بإرادتها المنفردة المتعاقد وسلطة تعديل ش

: وعلى ذلك سنتناول حقوق والتزامات المتعاقدين في العقد اإلداري في مبحثين

Page 140: الوجيز في القانون الإداري

140

. سلطات اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها : المبحث األول

. حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة : المبحث الثاني

المبحث األول

قد معها سلطات اإلدارة في مواجهة المتعا

مع أن العقود اإلدارية تتفق مع عقود القانون الخاص في أنها تنشئ بين األطراف

حقوقا والتزامات متبادلة، غير إنها تختلف من حيث عدم تسليمها بقاعدة المساواة

بين المتعاقدين، فتتمتع اإلدارة بحقوق وامتيازات ال يتمتع بمثلها المتعاقد ترجيحا

. ى المصلحة الخاصة للمتعاقد للمصلحة العامة عل

فبينما مصالح : " وفي ذلك تنص المحكمة اإلدارية العليا في مصر في حكم لها

الطرفين في العقد المدني متساوية ومتوازنة إذا بكفتي المتعاقدين غير متكافئة في

العقد اإلداري تغليبا للمصلحة العامة على المصلحة الفردية من ذلك سلطة اإلدارة

مراقبة تنفيذ شروط العقد وتوجيه أعمال التنفيذ واختيار طريقته وحق تعديل في

شروطه المتعلقة بسير المرفق وتنظيمه والخدمة التي يؤديها وذلك بإرادتها

المنفردة حسبما تقتضيه المصلحة العامة دون أن يتحدى الطرف اآلخر بقاعدة العقد

المتعاقد وحق فسخ العقد وإنهائه شريعة المتعاقدين وكذا حق توقيع جزاءات على

". ) ( بإجراء إداري دون رضاء هذا المتعاقد إنهاء مبتسرا دون تدخل القضاء

وعلى ذلك نبين فيما يأتي حقوق وسلطات اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها في

: المجاالت اآلتية

. سلطة الرقابة والتوجيه : أوال

. لى المتعاقد سلطة توقيع الجزاءات ع: ثانيا

. سلطة تعديل شروط العقد : ثالثا

. سلطة إنهاء العقد : رابعا

Le pouvoir de control et surveillanceسلطة الرقابة والتوجيه : أوال

تتمتع اإلدارة بحق الرقابة واإلشراف على تنفيذ العقد، كما تملك سلطة توجيه

. الزمة لهذا التنفيذ المتعاقد وإصدار األوامر والتعليمات ال

وغالبا ما تشترط اإلدارة ضمن نصوص عقودها اإلدارية أو في دفاتر الشروط

العامة والخاصة التي تحيل عليها، حقها في إصدار القرارات التنفيذية التي تخضع

. التنفيذ لتوجيهها وتراقب المتعاقد في تنفيذ التزاماته

تتخلى عن مسئوليتها للمتعاقد معها، إنما فاإلدارة عندما تتعاقد مع األشخاص ال

تعاون المتعاقد في تسيير المرفق تحت إشرافها ورقابتها، ويكون لزاما عليها

. الرقابة والتوجيه أثناء عمل المتعاقد في تنفيذ العقد

ولهذه السلطة نظيرها في عقود القانون الخاص أما في العقود اإلدارية فأن اإلدارة

سع تتعدى الرقابة إلى توجيه المتعاقد إلى كيفية التنفيذ والتدخل تملك سلطات أو

. باختيار الطريقة المناسبة للتنفيذ

وحق اإلدارة في الرقابة والتوجيه يختلف في مداه من عقد إداري إلى آخر، فهي

محدودة في عقد التوريد وأكثر اتساعا في عقود األشغال العامة إذ أن اإلدارة غالبا

Page 141: الوجيز في القانون الإداري

141

رس هذه السلطة عن طريق إرسال مهندسيها لزيارة موقع العمل والتأكد من ما تما

سير العمل وفقا للمدى الزمني المحدد ووفقا للمواصفات المذكورة في العقد

شريطة أن تكون هذه التعليمات الزمة . وإصدار األوامر المناسبة في هذا المجال

. لتنفيذ العمل

ا على تنفيذ عقودها حق اإلدارة في التدخل في ومن قبيل رقابة اإلدارة وأشرفه

عالقة المتعاقد بمستخدميه وعماله، وتنظيم ساعات العمل وتحديد األجور الخاصة

.) ( بهم

غير أن السلطة ليست مطلقة إذ أن اإلدارة تلتزم بعدم التعسف باستخدامها لتحقيق

أن ال تؤدي ومن جانب أخر يجب . أغراض خاصة ال تتعلق بالمصلحة العامة

.) ( الرقابة والتوجيه إلى حد تغيير طبيعة العقد

سلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد : ثانيا

تملك اإلدارة سلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد معها إذا قصر في تنفيذ التزاماته

سواء امتنع عن التنفيذ أو تأخر فيه أو نفذ االلتزام على غير الوجه المطلوب أو

. أحل غيره محله في التنفيذ دون موافقة اإلدارة

وتعد سلطة فرض الجزاءات أخطر السلطات التي تتمتع بها اإلدارة في مواجهة

. ) ( المتعاقد معها بقرار تصدره دون اللجوء إلى القضاء

وتخضع سلطة اإلدارة في فرض الجزاءات على المتعاقد معها لنظام قانوني خاص

العام في العقود اإلدارية إذ أن ضرورة الحرص على سير المرافق هو نظام القانون

العامة بانتظام وأطراد تستلزم التشدد في التعامل مع المتعاقد إلجباره على تنفيذ

العقد بدقة ، ولما كانت اإلجراءات المعروفة في قواعد القانون الخاص كالفسخ

إخالل المتعاقد، استلزم أن والتنفيذ العيني مع التعويض ال تكفي للحيلولة دون

. تتمتع اإلدارة بهذا الحق تحقيقا للمصلحة العامة

وقد درجت اإلدارة على النص في عقودها في الشروط العامة والخاصة الملحقة بها

على سلطة اإلدارة بإيقاع الجزاءات ، وعد القضاء اإلداري في فرنسا ومصر في

ذا الحق شروطا استثنائية باعتبرها العديد من أحكامه الشروط التي تتضمن ه

. امتيازا من امتيازات السلطة العامة

في 1111-11-12وفي ذلك قررت محكمة التنازع الفرنسية في حكمها بتاريخ

أن النص على الجزاءات في العقد يعد " Societe Vandroy-Jasparقضية

قرارت مجلس الدولة كذلك فأن العديد من.." ( ( في حد ذاته شروطا استثنائية

الفرنسي نصت على أن سلطة توقيع الجزاءات مستقلة عن نصوص العقد وتوجد

ولو لم ينص عليها فيه أما إذا نص العقد على بعضها فإن ذلك ال يعني تقييد حرية

اإلدارة فيما عدا ما نص عليه،بل تستطيع اإلدارة تحت رقابة القضاء أن توقع على

.) ( ات المقررة جميعهاالمتعاقد أنواع الجزاء

وقد أيد هذا االتجاه غالبية الفقهاء إال أن المحكمة اإلدارية العليا أكدت في قرارها

أنه إذا توقع المتعاقدان خطأ معينا وحدد له في العقد جزاء معينا فال 1118-2-7في

إذا توقع " إذ ورد في الحكم . يجوز لإلدارة أن تخالف ما نص عليه العقد

Page 142: الوجيز في القانون الإداري

142

عاقدان في العقد اإلداري خطأ معينا ووضع له جزاء بعينه فيجب أن تتقيد جهة المت

اإلدارة بما جاء في العقد ، وال يجوز لها كقاعدة عامة أن تخالفه أو تطبق في شأنه

" . )) نصوص الئحـة كانت ماثلة أمـامها عند إبرام العقد

فة من الجسامة بحيث لم تكن وال نعتقد صواب هذا االتجاه إذ غالبا ما تكون المخال

اإلدارة قد توقعت حصولها عند إبرام العقد وأن الجزاء الذي نص عليه العقد ال

. يتناسب مع مقدار تلك المخالفة

هذا وتنبع فكرة الجزاءات اإلدارية من مفهوم السلطة العامة في العقود اإلدارية وما

لزمة باستخدام هذه السلطة حفاظا هي إال تطبيق المتياز التنفيذ المباشر اإلرادة م

على حسن سير المرافق العامة ومن غير الممكن أن تتنازل عن هذه السلطة ال

جزئيا بتقييد حقها في اتباع أنواع معينة من صور الجزاءات وال كليا وتتمتع بسلطة

. تقديرية في فرض هذه الجزاءات ال يقيدها في ذلك إال المصلحة العامة

: زاءات اإلدارية أنواع الج

استقر غالبية الفقهاء على تقسيم الجزاءات اإلدارية التي توقعها اإلدارة على

إلى ثالثة أقسام رئيسية وهي الجزاءات المالية والجزاءات غير . المتعاقد معها

. والجزاءات التي تسمح بإنهاء العقد ( الضاغطة ) المالية

Les Sanctinos pecunairesالجزاءات المالية -1

الجزاءات المالية هي عبارة عن مبالغ المال التي يحق لإلدارة أن تطالب بها

المتعاقد إذا أخل بالتزاماته التعاقدية سواء امتنع عن تنفيذ التزاماته بالكامل أو

تأخر في تنفيذها أو نفذها على وجه غير مرض بالكامل أو حل غيره محله دون

. موافقة اإلدارة

المالية نوعين فقد تكون مرتبطة بحصول ضرر لحق اإلدارة نتيجة والجزاءات

لخطأ المتعاقد ، وقد تكون نوعا من العقاب على المتعاقد بغض النظر عن صدور

خطأ منه، فالجزاءات المالية في العقود اإلدارية ال تقتصر على تعويض الضرر بل

عاقد مع اإلدارة عمله على أتم تشمل الغرامات التأخيرية التي تعد ضمانا إلنجاز المت

. ) ( وجه ويشكل إرغاما للمتعاقد على الوفاء بالتزاماته التعاقدية

: ويمكننا اإلشارة إلى أهم أنواع هذه الجزاءات وكاألتي

Les Dommagesالتعويضات -أ

من المستقر فقها وقضاء أن كل إخالل بالتزام عقدي أو بالتزام يفرضه القانون

. ا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ويسبب ضرر

ويؤكد غالبية الفقهاء أن التعويض في العقود اإلدارية يقترب من فكرة التعويض

في القانون الخاص فيما يتعلق بكيفية تقديره وفي اشتراط ركن الضرر، ولكن

. النظامين يختلفان من حيث طريقة تحديده وكيفية تحصيله

د التعويض من الجزاءات اإلدارية ألنه تطبيق للقواعد بل أن من الفقهاء من اليع

.) ( العامة في القانون الخاص كما يرونه

وال نرى صواب هذا االتجاه إذ أن التعويض في مجال العقود اإلدارية ، يتميز في أن

اإلدارة تملك فرضه بإرادتها المنفردة وهي التي تحدد مقداره وكيفية تحصيل قيمته

ات تبرز الطبيعة الخاصة لهذا الجزاء بصفته جزاءا إداريا ، ويضاف وهذه االمتياز

Page 143: الوجيز في القانون الإداري

143

إلى ذلك أن التعويض في العقود اإلدارية ال يعد دائما تعويضا عن ضرر، إذ غالبا ما

.) ( يمثل إجراءا ضاغطا على المتعاقدين توخيا لتنفيذ التزاماتهم على الوجه األكمل

ة في كثير من الحاالت بأن تلجأ إلى تحصيل ويسمح التشريع الفرنسي لإلدار

وللمتعاقد أن يطعن . التعويضات بمقتضى أوامر بالدفع تصدرها بإرادتها المنفردة

بالتعويض أمام القضاء ويجوز لقاضي العقد أن يقرر إعفاءه منه متى تبين له

.) ( صحة األساس الذي يبنى عليه كما يجوز له تخفيضه إذا كان مبالغـا فيه

أما المحكمة اإلدارية العليا فإنها تسمح لإلدارة بحق تحصيل التعويض بشرط أن

ال وجه إللزام اإلدارة بأن تلجأ إلى " بهذا الشأن تقول . ينص في العقد على ذلك

القضاء لتحصيل منه على حكم بالتعويض، ما دام أن العقد يخولها صراحة الحق

تحقة أو تستحق للمتعاقد معها مهما كان في إجراء المقاصة من أية مبالغ تكون مس

سبب االستحقاق لدى المصلحة نفسها أو أي مصلحة حكومية أخرى عن كل خسارة

فإذا كان العقد قد نص أيضا على أن يكون ذلك بدون اإلخالل بالمصلحة في . تلحقها

إلزام المطالبة قضائيا بالخسارة التي ال يتيسر لها استرداها فال يعني هذا بالضرورة

المصلحة باالتجاه إلى القضاء ما دام أن حوزتها القدر من المبالغ الكافية لجبر

التعويض عن األضرار، بل النص يعني تحويل اإلدارة حق االتجاه إلى القضاء إذ لم

" . ) ( تكف المبالغ التي في حوزتها لجبر الضرر كامال

Les pe nalitesالغرامات التأخيرية -ب

التأخيرية هي مبالغ إجمالية من المال تقدرها اإلدارة مقدما تتضمنها الغرامات

نصوص العقد بصفته جزاءا يفرض على الطرف اآلخر إذا تراخى أو تأخر في

.) ( التنفيذ

والغرامة التأخيرية جزاء من الممكن أن تتضمنه شروط العقود اإلدارية كافة، وهو

ض لضرر ما من جراء تأخر المتعاقد ألن امتياز تتمتع به اإلدارة ولو لم تتعر

. الضرر يكون مفترضا لتعلقه بتسيير مرفق عام

وفي الغالب تنص العقود التي تبرمها اإلدارة على اشتراط الغرامة التأخيرية، وتملك

اإلدارة توقيعها دون الحاجة إلى إنذار أو اللجوء إلى القضاء الستصدار حكم

. بتطبيقها

العقد على الغرامة تقييد اإلدارة بمبلغها فال تستطيع المطالبة ويلزم النص في

بتعديل المبلغ على أساس أن الضرر يفوق على مبلغ الغرامة، كما أن المتعاقد ال

. يستطيع إثبات أن اإلدارة لم يصيبها ضرر من جراء التأخير في التنفيذ

و الخاصة مقدارا آخر أما إذا نص على مقدار من الغرامة وتضمنت الشروط العامة أ

فالعبرة بما ورد في العقد ألن إرادة الطرفين قد اتفقت على اعتبار أحكامه أساسا

اللتزاماتها، أما إذا اغفال النص على الغرامات وتضمنتها الشروط فتعتمد الغرامات

. التأخيرية المنصوص عليها في الشروط لكونها جزءا مكمال للعقد

هل يمكن فرض الغرامات التاخيرية ولو لم ينص عليها ال في لكن السؤال المهم هو

. العقد وال في الشروط الملحقة به ؟

ذهب جانب من الفقه أن اإلدارة تملك الحق في فرض الغرامات التأخيرية ولو لم

.) ( يرد عليها نص في العقد

Page 144: الوجيز في القانون الإداري

144

الشروط إال أن الراجح أنه البد من النص على الغرامات التأخيرية في العقد أو

وقد أوضح القسم االستشاري بمجلس الدولة . الملحقة به التي يحيل العقد عليها

أن هذه الالئحة ال تعتبر مكملة للعقد، واليمكن تطبيق " المصري هذا األمر بقوله

الجزاءات المبينة ما لم يتضمن العقد أحكامها أو اإلحالة عليها باعتبارها جزء

ة ال يجوز لها توقيع غرامة لم ينص عليها العقد استنادا مكمال له، وبذلك فإن اإلدار

..") ( إلى الالئحة المذكورة

ومن المستقر عليه في الفقه والقضاء اإلداريين أن اإلدارة تتمتع بسلطات تقديرية

واسعة في فرضها للغرامات التأخيرية، ومع ذلك ال يجوز فرض الغرامة إذا كان

أو بسبب قوة قاهرة أو ظرف طارئ كذلك يعفى المتعاقد التأخير لسبب عائد لإلدارة،

من الغرامة إذا ثبت إن التأخير قد حصل بفعل طلبه مهلة للتنفيذ ووافقت اإلدارة

. على ذلك، أو أن التأخير حصل بفعل الغير

: مصادرة التأمينات -ج

ي يرتكبها التأمينات هي مبالغ مالية تودع جهة اإلدارة تتوقى بها آثار األخطاء الت

المتعاقد أثناء تنفيذ العقد اإلداري ويضمن لها مالئته لمواجهة المسؤوليات الناتجة

.) ( عن تقصيره

ومصادرة التأمينات عبارة عن شرط جزائي من شروط العقود اإلدارية يتم اإلتفاق

عليه مع المتعاقد جزاءا إلخالله بالتزاماته التعاقدية إال أنه يختلف عن الشرط

زائي في عقود القانون الخاص ، في أن اإلدارة تملك فرضه بإرادتها المنفردة الج

دون الحاجة لصدور حكم من القضاء بذلك ودون أن تسلتزم تحقق ضرر ما، وبهذا

. المعنى يكتسب هذا الشرط طبيعته اإلدارية

والتأمين على نوعين تأمين ابتدائي يدفع عند التقدم بالعطاء العقد لضمان جدية

المتقدم بالعطاء وتأمين نهائي يدفع بعد قبول العطاء لضمان قيام المتعاقد بتنفيذ

وليس هناك ما يمنعه من الجمع بين جزاء مصادرة . التزاماته طبقا لشروط العقد

التأمينات واستحقاق التعويض بما ال يتجاوز التعويض الكلي لجبر الضرر الذي

ن النهائي، يمثل الحد األدنى للتعويض الذي أصاب اإلدارة ، على أساس أن التأمي

يحق لإلدارة اقتضاؤه لكنه ال يمثل الحد األقصى، شرط أن ال ينص العقد اإلداري

ضمن شروطه على منع ذلك وأن يجاوز الضرر الحاصل لإلدارة التأمين المودع

.) ( لديها

Les Sanctions Coerctivesالجزاءات غير المالية أو الضاغطة -2

هذا النوع من الجزاءات ال يهدف إلى تحميل المتعاقد أعباء مالية نتيجة إخالله

وتتخذ وسائل . بالتزاماته التعاقدية إنما يهدف إلى الضغط عليه إلجباره على التنفيذ

-: الضغط ثالث صور

La mise Sous Sequestreوضع المشروع تحت الحراسة في عقد االمتياز -أ

عقد التزام المرافق العامة ،ويتم بأن تضع جهة اإلدارة المرفق يتعلق هذا اإلجراء ب

موضوع العقد تحت الحراسة ، وذلك في حالة التوقف الكلي أو الجزئي للمرفق،

. ) ( حتى ولو لم يكن هناك خطأ منسوبا إلى الملتزم

فقد تفرض اإلدارة هذا اإلجراء بسبب التوقف الكلي أو الجزئي للمرفق ألسباب ال

Page 145: الوجيز في القانون الإداري

145

ل إلرادة الملتزم بها لو كما كان التوقف راجعا لقوة قاهرة ضمانا الستمرار سير دخ

المرفق، وفي هذه الحالة ال يتحمل الملتزم المخاطر المالية، التي تترتب على إدارة

المرفق، أما في حالة فرض الحراسة جزاءا لتقصير الملتزم فإن المشروع يدار

. على حسابه وتحت مسؤوليته

ن المعروف أن هذه السلطة تملكها اإلدارة دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء وم

بشرط أن تعذر الملتزم، ولألخير الحق في الطعن بقرار اإلدارة ، طالبا للتحقق من

أن الحراسة قد فرضت لدواعي المصلحة العامة في استمرار عمل المرفق وليس

. لدواع أخرى

رها إذا كان مشوبا بعدم المشروعية أو لم يكن له ما فاإلدارة معرضة إللغاء قرا

.) ( يبرره من ناحية توافر الخطأ مع التعويض إذا كان له مقتضى

La Mise en regie: سحب العمل من المقابل في عقد األشغال العامة -ب

يقصد بهذا الجزاء أن تحل اإلدارة محل المقاول المقصر في تنفيذ أعماله وقيامها

ذ العمل بنفسها على حسابه أو تعهد إلى غيره بتنفيذ هذه األعمال على بتنفي

. ) ( مسئولية المقاول وحسابه

وغالبا ما يتطلب قيام اإلدارة بهذا اإلجراء وجود تقصير أو إخالل بالغ الجسامة من

وتنص دفاتر الشروط العامة غالبا على الحاالت التي يجوز لإلدارة أن . المتعاقد

. ذا اإلجراء في حالة تحققها تستخدم ه

: ومن ايباب فرض هذا الجزاء على سبيل المثال

إذا تأخر في البدء في التنفيذ أو تباطأ فيه على نحو ترى معه الجهة المتعاقدة -1

. أنه لن يتمكن من إتمامه في المدة المحددة بالعقد وذلك برغم تنبيهه كتابة

. ن سبب معقول إذا أوقف العمل إيقافا تاما دو -2

إذا تأخر في تنفيذ العقد في المواعيد المتفق عليها ولم تر الجهة المتعاقدة -3

. إعطاءه مهلة لذلك أو عجز عن اإلنجاز في المهلة التي أعطيت له

إذا قام بنفسه أو بواسطة غيره وبطريق مباشر أو غير مباشر باستعمال وسيلة -2

العب في تنفيذ العقد أو التعامل مع الجهة من وسائل الغش أو التدليس أو الت

. المتعاقدة أثناء ذلك التنفيذ

. إذا أعسر المتعاقد أو اشهر إفالسه أو دخل في صلح مع دائنيه -9

إذا أهمل إهماال جسميا في تنفيذ العقد أو أغفل القيام بأحدى التزاماته الجوهرية -1

. ذلك المقررة في العقد ولم يباشر في إصالح آثار

هذا وقد استقرت أحكام مجلس الدولة الفرنسي والمحكمة اإلدارية العليا في مصر

على وجوب أعذار المقاول المقصر في تنفيذ التزاماته ما لم يتضمن العقد نصا .

. صريحا يعفي اإلدارة من هذا اإلجراء أو في حالة االستعجال والضرورة

مل من المقاول في عقد األشغال العامة إال أن رقابة القضاء على قرار سحب الع

ينصرف إلى مشروعية هذا القرار ومدى مالءمته والتعويض عنه إذا كان له

. مقتضى ، لكنه ال يتعدى إلى إلغاء القرار

ويالحظ أن اإلدارة عندما تستخدم إجراء السحب فإنها تملك احتجاز ما يوجد بموقع

ات ومواد وغير ذلك وأن تستعملها في العمل من منشآت وقتية ومبان وآالت وأدو

Page 146: الوجيز في القانون الإداري

146

إتمام العمل دون أن تكون مسئولة لدى المقاول عما يصيبها من تلف أو نقص ألي

. سبب كان أو دفع أي أجر عنها

كما تملك حجز هذه األدوات بعد انتهاء العمل ضمانا لحقوقها قبل المقاول، ولها أن

ب لها من تعويضات عما لحقها من تبيعها الستيفاء هذه الحقوق وما يكون قد ترت

.) ( أضرار بسبب سحب العمل

هذا ومن المهم التفرقة بين سحب العمل من المقاول وبين قيام اإلدارة باالتفاق معه

على أن تتجزأ قسما من المقاولة بنفسها أو باالستعانة بمقاول آخر فالمقاول يتحمل

. ها في الحالة الثانية النفقات اإلدارية في الحالة األولى وال يتحمل

Le Marche pardefut: الشراء على حساب المتعاقد في عقد التوريد –ج

يرتبط هذا الجزاء في الغالب بعقود التوريد فإذا تخلف المتعاقد عن تنفيذ التزامه

. بالتوريد، تقوم اإلدارة بالتنفيذ على حسابه ومسئوليته

لمتعاقد مهلة أولية بإخطاره بوجوب تنفيذ وقد جرى العمل على أن تمنح اإلدارة ل

التزاماته مع توقيع غرامة إذا اقتضى األمر ذلك، إال إذا اشترط في العقد على إعفاء

. اإلدارة من توجيه اإلنذار

ومن المسلم به أنه يجب أن يكون إخالل المتعاقد من الجسامة بحيث يبرر لإلدارة

لطة تقديرية واسعة بهذا الشأن عند الطعن استخدام هذا الجزاء، ويتمتع القضاء بس

. في مشروعية قرار اإلدارة بفرضه

: الجزاءات التي تسمح لإلدارة بإنهاء عقودها -3

لإلدارة سلطة إنهاء العالقة التعاقدية بينها وبين المتعاقد معها قبل األجل المحدد في

امة وعقد التوريد، عقد االمتياز والقيام بالتنفيذ الكامل في عقود األشغال الع

" واإلسقاط"واصطلح على هذه السلطة بالفسخ بالنسبة للعقود اإلدارية المختلفة

. عندما يتعلق العقد بإنهاء عقد االلتزام

Resiliation ducontrat: فسخ العقد -أ

الفسخ جزاء يجوز اإلدارة توقيعه على المتعاقد يضع نهاية الرابطة التعاقدية

غالب تستخدم اإلدارة هذا الجزاء في حالة ارتكاب المتعاقد خطا بينهما، وفي ال

. جسيما في تنفيذ التزاماته التعاقدية

ومن المخالفات الجسيمة التي تبرر الفسخ حالة ثبوت إخالل المتعاقد بتعهد مراعاة

.) ( أحكام قانون مقاطعة العدو الصهيوني و القرارات الصادرة بمقتضاه

الفقه إلى أن الحق اإلداري بالفسخ لعدم التنفيذ هو تطبيق لما وقد ذهب جانب من

من القانون المدني الفرنسي ومضمونه أنه في حالة العقود (1172)قررته المادة

الملزمة للجانبين يكون لألفراد الحق بفسخ العقد عندما ال ينفذ أحد المتعاقدين ما

. ) ( عليه من التزامات

رأي لمخالفته المستقر في أحكام القضاء اإلداري الذي يعد وال يمكن التسليم بهذا ال

حق اإلدارة في الفسخ قائما بذاته مستقال عن العقد و الشروط كما أن اإلدارة

تستطيع ان تفرض هذا الجزاء دون ان تلجأ إلى القضاء للحصول على حكم الفسخ

القانون الخاص اعتمادا على سلطتها في التنفيذ المباشر، على خالف المستقر في

.) ( وما تقضي به المادة المذكورة

Page 147: الوجيز في القانون الإداري

147

ومن المبادئ العامة المستقرة قضاء أن يكون قرار الفسخ مسبوقا بأعذار المتعاقد،

إال إذا اشترط في العقد على إعفاء اإلدارة منه أو إذا ثبت من ظروف الحال أن

. األعذار ال فائدة منه

نفردة حتى ولو لم ينص العقد على هذا الحق وتملك اإلدارة فسخ العقد بإرادتها الم

. ودون الحاجة إلى انتظار موافقة القضاء على إيقاعه

ورقابة القضاء على مشروعية قرار الفسخ ومالءمته لخطأ المتعاقد تنصرف إلى

. التعويض في حالة مخالفة القرار للمشروعية دون التعدي إلى إلغاء القرار

Decheance: اإلسقاط -ب

سقاط هو المصطلح الذي أطلقه مجلس الدولة الفرنسي على فسخ عقد االلتزام، اإل

واإلسقاط، طريقة من طرق إنهاء العقد اإلداري قبل انقضاء مدة انتهائه الطبيعية،

وما هو إال جزاء توقعه السلطة مانحة االلتزام على الملتزم نتيجة إلخطاء جسيمة

من المتعذر االطمئنان إلى استمراره في اقترفها في إدارته للمرفق، بحيث يصبح

إدارة المرفق وتسييره على نحو سليم، وال يستحق الملتزم أية تعويضات نتيجة

. إلسقاط التزامه

وبهذا يختلف اإلسقاط عن االسترداد التي تقرره السلطة مانحة االلتزام في أي وقت

لم يصدر أي خطأ من تشاء قبل انتهاء مدة االمتياز الممنوحة للملتزم حتى ولو

جانبه، مقابل تعويض يكون واجبا على اإلدارة لقاء حرمـان الملتزم من إدارة

.) ( المرفـق حتى نهـاية مدة االلتزم

وتملك اإلدارة هذا الحق ولو لم ينص في عقد االمتياز، لكن المعتاد أن عقود

ود التي تتعلق بتسيير االمتياز تتضمن نصا خاصا ينظم هذه الحالة ألهمية هذه العق

. مرافق عامة

ومن األخطاء الجسمية التي استقر مجلس الدولة الفرنسي على اعتبارها من

األخطاء التي تبرر اتخاذ قرار اإلسقاط، التنازل عن االلتزام دون موافقة اإلدارة،

واإلخالل المستمر والمنتظم بالتزامات التعاقدية، أو ترك المرفق دون استغالل، أو

عدم أداء المستحقات الماليـة للجهة مانحة االلتزام أو إخالله بالتزام جوهري في

.) ( العقد

ويتوجب على اإلدارة عند إصدار قرار اإلسقاط أن تحذر الملتزم ولولم ينص العقد

أو الشروط على ذلك إال إذا نص العقد على إعفاء اإلدارة من هذا اإلجراء أو أعلن

لم يعد يستطيع إدارة المرفق، أو إذا كان اإلسقاط بسبب الملتزم صراحة أنه

.) ( اإلفالس أو التصفية القضائية بالنسبة للملتزم

وينفرد عقد االمتياز في فرنسا بوجوب أن يكون قرار اإلسقاط صادرا عن قاضي

العقد فاإلدارة ال تستطيع ممارسة هذا الحق ابتداء ما لم ينص العقد على هذا الحق

. ضمنه الشروط العامة أو الخاصة الملحقة بالعقد أو تت

وفي هذه الحالة يتمتع مجلس الدولة بسلطة واسعة في الرقابة على قرار اإلدارة

.) ( باإلسقاط لتتجاوز المشروعية والمالءمة إلى التعويض واإللغاء

ون وال يأخذ مجلس الدولة في مصر بهذا إذ تتمتع اإلدارة بسلطة إسقاط االلتزام د

الحاجة إلى نص في العقد أو شرط في دفاتر الشروط، بناء على ما تملكه من سلطة

Page 148: الوجيز في القانون الإداري

148

.) ( التنفيذ المباشر

: سلطة تعديل شروط العقد : ثالثا

من المبادئ الرئيسية التي تقوم عليها عقود القانون الخاص قاعدة العقد شريعة

حلل من التزاماته بصورة المتعاقدين ومضمونها أن ال يجوز آلي من المتعاقدين الت

منفردة وال يجوز ألي من المتعاقدين تعديل العقد أو نقضه إال باالتفاق مع المتعاقد

. األخر

إال أن الطبيعة الخاصة للعقود اإلداري وعدم مساواة المتعاقدين لكون الفرد يسعى

تضي مما تق. لتحقيق مصلحته الخاصة بينما تسعى اإلدارة لتحقيق المصلحة العامة

ترجيح كفة اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها، ومن مستلزمات ذلك أن ال تتقيد

اإلدارة بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، وأن تتمكن من تعديل عقودها لتتمكن من

. تلبية التغيير المستمر في المرافق التي تديرها

بين مؤيدين وقد نشأ جدل فقهي كبير حول مسألة تمتع اإلدارة بهذه السلطة

إلى إنكار هذه السلطة والقول أن L huillierفقد ذهب الفقيه لوليه . ومعارضين

سلطة اإلدارة في تعديل اإلدارية، فكرة ابتدعها الفقه ولم تؤيد بأحكام مجلس الدولة

الفرنسي، وأضاف أن هذه الفكرة وجدت في قضاء مجلس الدولة، إنما تجد أساسها

في تفسير العقد وفقا لنية المتعاقدين التي تتضح في نـص صريح أو ضمني مـن

.) ( ص الـعقد ذاته أو الالئحة المرفقة به نصو

بينما ذهب الرأي الراجح من الفقه الفرنسي إلى وجود سلطة تعديل اإلدارة لعقودها

اإلدارية كقاعدة عامة من مقتضاها إن اإلدارة تملك أثناء تنفيذها العقد سلطة تغيير

شمل هذه القاعدة شروطه وتعديل مدى التزامات المتعاقد بالزيادة أو بالنقصان، وت

.)) العقود اإلدارية جمعيها دونما حاجة إلى نص في القانون أو شرط في العقد

-21وقد اعترف مجلس الدولة الفرنسي بفكرة تعديل العقود اإلدارية أول مرة في

المتعلقة بعقد التزام مرفق ( ترام مرسيليا) في القضية الخاصة بشركة 2-1111

.) ( ة لتشمل العقود اإلدارية كافةعام، ثم امتدت هذه السلط

والقت هذه السلطة القبول لدى الفقه والقضاء اإلداريين وأصبحت اإلدارة تفرض

بإرادتها المنفردة على المتعاقد معها تغيير أحد شروط العقد كمدته أو أوضاع تنفيذه

. ) ( أو كمية األعمال المراد تنفيذها

ة اإلدارية المتعاقدة تمديد مدة العقد إذا كانت هذا ويجوز للمتعاقد أن يطلب من الجه

. هناك أسباب جوهرية تبرر ذلك

ويقدم طلب التوريد من جانب المتعاقد إلى الجهة المتعاقدة مرفقا ببيان للمبررات

واألسباب بوضوح والمدة اإلضافية المطلوبة، وال يجوز في هذه الحالة للمتعاقد أن

. نتيجة لهذا التمديد يطالب الجهة المتعاقدة بأية

: شروط استعمال اإلدارة لسلطة التعديل

أن سلطة اإلدارة في تعديل العقد اإلداري ليست سلطة مطلقة دون قيود ولهذا فإن

القانون اإلداري وأحكام القضاء قد فرضت على اإلدارة قيودا ال بد من مراعاتها

: األحكام يمكن إجمالها بما يلي عندما تنوي استخدام سلطة التعديل وهذه المبادئ و

Page 149: الوجيز في القانون الإداري

149

: اقتصار تعديل العقود على نصوصه المتصلة بتسيير المرفق وحاجاته -1

أن طبيعة احتياجات المرفق المتغيرة باستمرار هي التي تقضي بتعديل بعض

نصوص العقد، ويجب أن ال يمس هذا التعديل النصوص المتعلقة االمتيازات المالية

. ي حتما إلى عزوف األفراد عن التعاقد مع اإلدارة ألن هذا األمر سيؤد

أن سلطة اإلدارة في التعديل ليست " قضت محكمة القضاء اإلداري المصري

مطلقة، بل يرد عليها قيود منها أنها تقتصر على نصوص العقد المتعلقة بتسيير

" . ) ( المرفق وحاجاته ومقتضياته

لعامة الملحقة بالعقود اإلدارية في بعض إال في أحوال معينة استثنتها الشروط ا

الدول وأجازت تعديل أجور السلع وأسعارها في عقود التزام المرافق العامة مع

. ) ( األخذ بالحسبان التوازن المالي للعقد

كما يشترط أن تكون تلك التعديالت في حدود معقولة على أساس مداها بحيث ال

موضوعه أو تضع العقبات في طريق تنفيذ تؤدي إلى فسخ العقد األصلي أو تبدل

. العقد

: وجود ظروف قد استجدت بعد إبرام العقد -2

اثر النقاش حول وجوب أن تكون قد استجدت ظروف بعد إبرام العقد تبرر إقدام

. اإلدارة على تعديل عقودها لكي تستخدم سلطتها على هذا األساس

طة اإلدارة في التعديل ال تقوم إال إذا ذهب الدكتور ثروت بدوي إلى تأكيد أن سل

استجدت بعد إبرام العقد ظروف تبرر هذا التعديل، فإذا أخطأت اإلدارة في تقرير

مقتضيات سير المرافق العامة، فهي ال تملك بعد ذلك تعديل العقد بـما يتفق

( 2. )ومقتضيات سير الـمرافق العامة

أن هذا الرأي يتجاهل "أي بالقولويرد الدكتور سليمان الطماوي على هذا الر

األساس الذي تقوم عليه سلطة التعديل فهي مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير

المرافق العامة ومن أولها قاعدة قابلية المرافق العامة للتغيير،والمرفق العام يقبل

التغيير في كل وقت متى ثبت أن التغيير من شأنه أن يؤدي إلى تحسين الخدمة التي

مها إلى المنتفعين، وفكرة التعديل هي فكرة مالزمة للقاعدة السابقة،وسواء يقد

أكانت اإلدارة مخطئة أو غير مخطئة في تقديراتها،فإنه يجب أن تمكنها من تنظيم

المرافق بالطريقة التي تحقق الصالح العام على أتم وجه ممكن،ألننا لسنا بصدد

القواعد الضابطة لسير المرافق عقاب اإلدارة على خطئها ولكن بصدد أعمال

( 3." )العامة

أكثر صوابا ألن عدم قدرة اإلدارة على " سليمان الطماوي"ويبدو أن رأي الدكتور

التوقـع أو توقعها غير السليم ال يسلب حقها بضرورة مواجهة الظروف المستجدة

. التي قد يتعرض لها المرفق

أنها قد استجدت كانت موجودة عند إبرام أما إذا ثبت أن الظروف التي تدعي اإلدارة

العقد أو أن اإلدارة ال تستهدف من التغيير مقتضيات المصلحة العامة وضرورة

تسيير المرافق العامة وإنما تسعى لتحقيق مصالح خاصة، فإن للمتعاقد أن يلجأ إلى

. القضاء إلقتضاء التعويض المناسب

Page 150: الوجيز في القانون الإداري

150

: االلتزام بموضوع العقد -3

ن يؤدي التعديل إلى تغيير طبيعة العقد، فال يجوز لإلدارة أن تجري من ال يجوز أ

التعديالت ما يجعل المتعاقد أمام عقد جديد ففي هذه الحالة يكون للمتعاقد أن يطلب

. فسخ العقد ويمتنع عن التنفيذ

وقد جرى القضاء اإلداري في فرنسا على عدم جواز تعديل نصوص العقد األساسية

الشروط غير قابلة للتعديل، إذ أن ذلك يستلزم أخذ موافقة الطرف على أساس أن

) (. الثاني وإقالة العقد القديم وإنشاء عقد جديد متى توافرت عناصره

: احترام قواعد المشروعية -2

يجب على اإلدارة في األحوال التي يجوز لها تعديل العقد أن تحترم مبدأ المشروعية

ر التعديل من سلطة مختصة به وفق الصيغة التي حددها ، إذ ال بد أن يصدر قرا

. القانون ، وينبغي أن يكون قراراها موافقا لألنظمة النافذة

وقد استقرت أحكام القضاء اإلداري على أن اإلدارة ال يحق لها إجراء أي تعديل في

قد شروط العقد إال إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة، فلإلدارة حق تعديل شروط الع

أو كلما ) (. وإضافة شروط جديدة بما يتراءى لها أكثر اتفاقا مع الصالح العام

) ( . اقتضت المصلحة العامة ذلك

: سلطة إنهاء العقد : رابعا

تتمتع اإلدارة بامتياز مهم في عقودها اإلدارية هو قدرتها على إنهاء العقد اإلداري

. نهائيا، دون أن يصدر خطأ من جانب المتعاقدبإرادتها المنفردة قبل إتمام هذا العقد

أن العقود اإلدارية تتميز عن "وقد ورد في حكم محكمة القضاء اإلداري المصري

العقود المدنية بطابع خاص مناطه احتياجات المرفق الذي يستهدف العقد تسييره

أن ويترتب على ذلك.. وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة األفراد الخاصة

لإلدارة دائما سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا يقتضيه الصالح العام وليس

للطرف األخر إال الحق في التعويض إن كان له وجه وهذا على خالف األصل في

العقود المدنية التي ال يجوز أن يستقل أحد الطرفين بفسخها أو إنهائها دون إرادة

" ) ( . الطرف األخر

من اإلدارة عقودها شرط تمتعها بهذا االمتياز تجاه المتعاقد معها، وغالبا ما تض

وتضمنه في أحيان أخرى في دفاتر الشروط العامة والخاصة، إال أن ذلك ال يعني أن

اإلدارة ال تملك إنهاء عقودها إذا لم يوجد مثل هذا الشرط، فمن المستقر فقها

) صوص القوانين واألنظمة وقضاء أن هذه السلطة موجودة خارج شروط العقد ون

. )

وقد اختلف الفقهاء في تحديد األساس القانوني لسلطة اإلدارة في إنهاء عقودها

اإلدارية دون خطأ إال أن أغلبهم ذهب إلى أن هذه السلطة ما هي أال صورة من

. صور التعديل االنفرادي، على أساس أن اإلنهاء هو تعديل للشرط الخاص بالمدة

إلى أن حق الفسخ االنفرادي هو امتداد طبيعي لسلطة Riveroب وفي ذلك ذه

) (. اإلدارة في التعديل االنفرادي

إلى أن حق اإلدارة في فسخ عقودها اإلدارية بإرادتها المنفردة Benoitبينما ذهب

هو مبدأ مقرر بواسطة القضاء، إال أنه يضيف إلى ذلك أن هذه السلطة تختلف عن

Page 151: الوجيز في القانون الإداري

151

نفرادي فلكل منها نطاقها المستقل إذ أن التعديل معناه أن يفرض سلطة التعديل اال

على المتعاقد تقديم أشياء أو أداء أعمال لم ينص عليها في العقد في حين يشمل

اإلنهاء كل حذف جزئي أو كلي اللتزامات المتعاقد دون أن يطلب منه تقديم بديل

) (. عنها

رة في إنهاء العقد إنما تقوم على وأوضح جانب أخر من الفقهاء أن سلطة اإلدا

ضرورات المرافق العامة التي تستلزم إنهاء العقود التي لم تعد نابعة أو متماشية

، الذي ذهب إلى Pequignotمع المصلحة العامة، ومن أنصار هذا الرأي الفقيه

أنه من غير المعقول أن يصبح العقد حائال دون تحقيق أهداف اإلدارة وتأمين

) (. وقد أيد هذا االتجاه جمع كبير من الفقهاء العرب ) (. العامة المنفعة

ويمارس القضاء اإلداري رقابته على قرار اإلدارة بإنهاء العقد للمصلحة العامة من

حيث مدى مشروعيته وتأسيسه على مقتضيات المصلحة العامة ، فإذا تبين للقضاء

أن قرار اإلنهاء لم يقم على أسبا

ء لم يقم على أسباب مشروعة حكم للمتعاقد بالتعويض المناسب، دون قرار اإلنها

على أن قضاء مجلس .أن تمتد سلطة المحكمة للبحث في مالئمة القرار وإلغائه

الدولة الفرنسي يملك إلغاء قرار اإلنهاء إذا تبين أنه لم يؤسس على سبب مشروع

اسب لما لحقه من ضرر باإلضافة إلى حق المتعاقد في الحصول على التعويض المن

. نتيجة إنهاء العقد قبل أوانه دون تقصير منه

المبحث الثاني

حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة

مثلما تملك اإلدارة حقوق في مواجهة المتعاقد معها، فإن األخير يتمتع بحقوق

متماثله وتتمثل هذه الحقوق في حقه في الحصول على المقابل النقدي وحقه في

. اقتضاء بعض التعويضات، وأخيرا حقه في ضمان التوازن المالي للعقد

-:المقابل النقدي : أوال

يسعى المتعاقد مع اإلدارة لتحقيق مصالح مادية من وراء تعاقده تتمثل بالمقابل

. النقدي للسلع أو الخدمات التي قدمها لإلدارة وفقا اللتزاماته التعاقدية

المقابل باختالف العقود اإلدارية، ففي عقد االمتياز يتمثل بما وتختلف طبيعة هذا

يحصل عليه المتعاقد من رسوم تفرض على المنتفعين من خدمات المرفق ، أما في

عقود التوريد واألشغال العامة، قد يكون بشكل الثمن الذي تدفعه اإلدارة نظير

. السلع التي تم توريدها أو األشغال التي تم تنفيذها

القاعدة فيما يخص المقابل المادي تنص على أن ال يدفع إال بعد إنتهاء تنفيذ العقد، و

وتسوية الحساب الختامي إال في بعض الحاالت التي تتعلق بطبيعة العقد الذي

. يتطلب تنفيذه مدة طويلة

-:حق اقتضاء التعويضات : ثانيا

عويضات في حالة تسبب اإلدارة للمتعاقد وفقا للقواعد العامة أن يتقاضى بعض الت

Page 152: الوجيز في القانون الإداري

152

. بإحداث ضرر به لعدم تنفيذها التزاماتها التعاقدية

كذلك يتقاضى المتعاقد التعويض عن األعمال اإلضافية التي ينجزها ولم تكن واردة

بالعقد إذا كانت هذه األعمال ضرورية لتنفيذ العقد وتكون مطالبته في هذه الحالة

) (. بال سبب استنادا إلى قاعدة اإلثراء

كما يستحق المتعاقد التعويض إذا واجه أثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية استثنائية

لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد وتجعل التنفيذ أكثرمن الكلفة

. التي قدراها

أن نظرية " 1112/ 2/ 2وقد أفتت الجمعية العمومية لقسم الرأي في مصر بتاريخ

الصعوبات المادية غير المتوقعة تجمل في أنه إذا ما صادف المتعاقد في تنفيذ

التزاماته صعوبات مادية ذات طبيعة استثنائية خالصة، وال يمكنها توقعها بحال من

األحوال عند إبرام التعاقد وتؤدي إلى جعل تنفيذ العقد مرهقا فإن من حقه أن يطالب

" ) (. عوبات من أضراربتعويض كامل عما تسببه هذه الص

-:ضمان التوازن المالي للعقد : ثالثا

أن االعتراف لإلدارة بسلطة تعديل شروط العقد وزيادة أو إنقاص التزامات المتعاقد

معها بإرادتها المنفردة البد أن يقابلها من جانب أخر حق للمتعاقد يتمثل بمنحه من

لتزاماته، فالعدالة تقتضي أن يكون من االمتيازات المالية ما يساوي الزيادة في ا

طبيعة العقود اإلدارية أن تحقق بقدر اإلمكان توازنا بين األعباء التي يتحملها

. المتعاقد مع اإلدارة وبين المزايا التي ينتفع بها

وأصطلح على هذه الفكرة بفكرة التوازن المالي للعقد، وقد أقر قضاء مجلس الدولة

في العديد من أحكامه وخاصة في مجال عقود االلتزام كما الفرنسي هذه الفكرة

Leonففي تقرير مفوض الدولة ليون بلوم . أشار إليها الكثير من مفوضي الدولة

blum أوضح أنه 1111-3-21بتاريخ ( الشركة الفرنسية العامة للترام)في قضية

نحة االلتزام حقها إذا انهار االقتصاد المالي للعقد، وإذا أدى استعمال السلطة ما"

في التدخل إلى حدوث شيء من االختالف في هذا التوازن بين المزايا واألعباء،

فليس ما يمنع الملتزم من اللجوء إلى قاضي العقد فيثبت .. بين االلتزامات والحقوق

أن التدخل وإن كان مشروعا في ذاته وإن كان ملزما له، سبب له ضررا يتعين

" ) (. تعويضه عنه

وقد انقسم الفقه في تحديد معنى التوازن المالي للعقد إلى جانبين ذهب الجانب

إلى القول أن التوازن المقصود هنا هو Pequignotاألول منه ويتزعمهم الفقيه

) ( . وضع نسبة حسابية دقيقة بين التزامات المتعاقد وحقوقه

يعني الجمود الحسابي بين بينما ذهب الجانب األخر إلى أن التوازن المالي للعقد ال

الحقوق وااللتزامات، وإنما يقصد به مرونة التزامات المتعاقد مع اإلدارة تقضي

مرونة حقوقه في مواجهة اإلدارة، فيكون من الضروري أن تناسب حقوق المتعاقد

معه التزاماته، زيادة أو نقصا على األقل إذا كان حصول هذه الزيادة أو النقص بفعل

. ة اإلدار

وهذا االتجاه هو الراجح فقها وقضاء، فقد قضت محكمة القضاء اإلداري المصري

أن الفقه والقضاء اإلداري قد خلق نظرية الظروف الطارئة " 1198-1-31في

Page 153: الوجيز في القانون الإداري

153

ونظرية التوازن المالي للعقد وغيرها من النظريات والقواعد التي تحقق بقدر

لمتعاقد مع اإلدارة وبين المزايا التي ينتفع اإلمكان توازنا بين األعباء التي يتحملها ا

أن من حق المتعاقد المضار من حالة الظروف الطارئة أن يطلب من الطرف .. بها

ثم .." اآلخر مشاركته في هذه الخسائر التي تحملها فتعوضه عنها تعويضا جزئيا

ظريات يستمر هذا الحكم ليقرر مبدأ استقالل نظرية التوازن المالي للعقد عن الن

عن " نظرية الظروف الطارئة" ومن هذا تختلف هذه النظرية :" األخرى فيقول

نظرية التوازن المالي للعقد من ناحية أن نظرية التوازن المالي تقوم على مقابلة

الحق المعترف به لجهة اإلدارة في تعديل العقد اإلداري للمصلحة العامة بإصالح ما

أما في نظرية الظروف الطارئة فإنه بالرغم من أن يحدث للعقد الذي هو طرف فيه،

الضرر الذي يقع يرجع إلى سبب غريب عن جهة اإلدارة فإن العقد يظل قائما

وموجودا كما هو، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التعويض تأسيسا على

ب نظرية التوازن المالي للعقد يكون تعويضا كامال عن جميع األضرار التي تصي

المتعاقد أما في حالة الظروف الطارئة فإنه يكون مقصورا على معاونة ومساهمة

.." ) ( في مقدار الضرر

وعلى هذا فإن فكرة التوازن المالي تتعلق باالختالل المالي للعقود بفعل اإلدارة وهي

ق فكرة مالزمة للتعديل في العقود اإلدارية واليمكن االعتماد عليها أساسا فيما يتعل

بالنظريات األخرى التي تحدد االلتزامات التعاقدية كنظرية عمل األمير ونظرية

الظروف الطارئة ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة، ونجد أن من المناسب

. أن نتناولها تباعا

Theorie du fait du princeنظرية عمل األمير -1

لمشروعة التي تصدر عن السلطة اإلدارية يراد بعمل األمير جميع األعمال اإلدارية ا

. المتعاقدة، وتؤدي إلى ضرر بالمركز المالي للمتعاقد معها

وهذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي وقد كان يطبقها بالنسبة لجميع

األعمال اإلدارية التي تصدر من السلطات العامة في الدولة وينتج عنها إخالل

، إال أنه ضيق من نطاق هذه األعمال وحصرها باألعمال بالتوازن المالي للعقد

الصادرة عن الجهة اإلدارية التي أبرمت العقد، وقد اتبع القضاء اإلداري في مصر

. هذا االتجاه

فقد ورد في فتوى صادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في مصر

انب الجهة اإلدارية إجراء خاص أو عام يصدر عن ج" أن عمل األمير هو

المتعاقدة لم يكن متوقعا وقت التعاقد، يترتب عليه إلحاق ضرر خاص بالمتعاقد ال

".) ( يشاركه فيـه سائر من يمسهم اإلجراء

: شروط تطبيق النظرية

-:يشترط لتطبيق نظرية األمير توافر ما يأتي

ير إال بخصوص تنفيذ عقد ال تقوم نظرية األم: أن يتعلق عمل األمير بعقد إداري -1

. إداري أيا كان نوعه، وال مجال لتطبيق هذه النظرية على عقود القانون الخاص

Page 154: الوجيز في القانون الإداري

154

ومع ذلك فإذا صدر : أن يكون الفعل الضار صادرا من جهة اإلدارة المتعاقدة -2

هذا الفعل من جهة أخرى ال يمنع من تطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا توافرت

. ) ( وي أن يكون هذا الفعل قد صدر بشكل تشريع أو قرار إداريشروطها، ويست

ويتمثل هذا الضرر في زيادة أعباء تنفيذ : أن ينتج عن هذا الفعل ضرر للمتعاقد -3

شروط التعاقد إلى حد يخل بالتوازن المالي للعقد، وال يشترط في هذا الضرر درجة

بهذا تختلف نظرية فعل األمير عن معينة من الجسامة، فقد يكون جسميا أو يسيرا و

. نظرية الظروف الطارئة التي تتطلب إصابة المتعاقد بضرر جسيم لتطبيقها

يشترط لتطبيق هذه : أن ال تكون اإلدارة المتعاقدة قد أخطأت بعملها الضار -2

النظرية أن تتصرف اإلدارة في حدود سلطتها المعترف بها وأن ال تكون اإلدارة قد

. خاذ هذا العمل أخطأت بات

فاإلدارة تسأل في نطاق هذه النظرية بصرف النظر عن قيام خطأ في جانبها، ذلك

أن المسئولية هنا تكون مسئولية عقدية بال خطأ أما إذا انطوى تصرفها على خطأ،

. ) ( فإنها تسأل على أساس هذا الخطأ

لتطبيق هذه يشترط: أن يكون اإلجراء الذي أصدرته اإلدارة غير متوقع -9

النظرية أن يكون اإلجراء أو التشريع الجديد غير متوقع الصدور وقت التعاقد، فإن

المتعاقد مع اإلدارة يكون قد أبرم العقد وهو مقدر لهذه الظروف األمر الذي يترتب

.) ( عليه تعذر االستناد إليها

الحق في ومن المستقر في هذا المجال أن شرط عدم التوقع ال ينصرف إلى أصل

التعديل، فهذا التعديل متوقع من اإلدارة دائما، ولكن عدم التوقع هو في حدود هذا

) ( التعديل

-:اآلثار المترتبة على تطبيق نظرية عمل األمير

يترتب على توافر شروط تطبيق نظرية عمل األمير إعادة التوازن المالي للعقد عن

لحقت به نتيجة اإلجراء الذي أصدرته طريق تعويض المتعاقد عن األضرار التي

. اإلدارة، تعويضا كامال

وفي ذلك استقر القضاء اإلداري على أن يشمل التعويض ما لحق المتعاقد من

خسارة بسبب عمل األمير من قبيل ما تحمله من نفقات إضافية ورسوم جديدة ،

و لم يختل التوازن وكذلك مافاته من كسب يتمثل بالمبالغ التي كان سيحصل عليها ل

ويتم تقدير مبلغ التعويض باتفاق الطرفين، فإذا لم يتم هذا االتفاق . المالي للعقد

. فإن القضاء يتولى هذا التقدير

وقد بينت محكمة القضاء اإلداري المصري األسس التي يتم من خاللها تحديد مقدار

لقاعدة بالنسبة أن ا" الذي ورد فيه 1198-1-31التعويض في حكمها بتاريخ

أنه إذا لم يكن مقداره متفقا عليه في .. للتعويض على أساس التوازن المالي للعقد

العقد، فإن جهة اإلدارة ال تملك أن تستقل بتقديره، بل يقدره قاضي العقد اعتبارا

بأنه ينشأ عن تكاليف غير متوقعة، وإن كل ما هو غير متوقع يعتبر خارجا عن

في هذه الخصوصية " عدم التوقع"ال تطبق عليه شروطه، ولتعبير نطاق العقد ، ف

Page 155: الوجيز في القانون الإداري

155

معنى خاص بها هو أن التكاليف الزائدة التي تلقى على عاتق المتعاقد تعتبر غير

متوقعة، ما دام إنها ليست جزء من االتفاق، بمعنى أنه ال يقابلها في شروط العقد

للقواعد المقررة في القانون أي تقدير ، والمحكمة إنما تقدر هذا التعويض طبقا

اإلداري في هذا الشأن وهو يشمل عنصرين، األول ما لحق المتعاقد من خسارة ،

ويتضمن هذا العنصر المصروفات الفعلية التي أنفقها المتعاقد، وهذه المصروفات

تختلف باختالف األحوال وطبيعة التعديل ونتائجه، ومثال ذلك ما إذا طلبت اإلدارة

ز األعمال، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على المتعاقد بدفع سرعة إنجا

أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور األيدي العاملة، كما أنه من الجائز أن يترتب على

تعديل العقد أثناء تنفيذه خسائر متنوعة، وفي هذه الحالة يجب تقدير هذه الخسائر

إلجراء الذي طلبت جهة اإلدارة من مادامت عالقة السببية قائمة بينها وبين ا

المتعاقد معها اتخاذه، والثاني ما فات المتعاقد مع اإلدارة من كسب اعتبارا بأن من

.. " ) ( . حقه أن يعوض عن ربحه الحالل من عمله ورأس ماله

Theorie du L impr evision: نظرية الظروف الطارئة . 2

لدولة الفرنسي، الذي أقرها في حكمه نظرية الظروف الطارئة من خلق مجلس ا

وتتلخص وقائع القضية " بوردو"بشأن قضية إنارة مدينة 1111-3-31بتاريخ

في أن الشركة الملتزمة بتوريد الغاز لمدينة بوردو، أثناء تنفيذها للعقد، وجدت أن

األسعار التي تتقاضاها أبعد كثيرا من أن تغطي النفقات بعد االرتفاع في أسعار

فحم المستخرج منه الغاز ارتفاعا كبيرا عقب نشوب الحرب العالمية األولى، ال

بحيث ارتفع سعر الفحم إلى أكثر من ثالثة أمثاله، فقد كان ثمن طن الفحم عند إبرام

83"إلى أكثر من 1111، وارتفع في عام " فرنكا 23" -1112العقد في عام

. اماتها مرهقا ، مما أصبح معه تنفيذ الشركة اللتز"فرنكا

وقد طلبت الشركة من بلدية المدينة المتعاقد معها رفع األسعار المفروضة على

العقد "المنتفعين، فرفضت البلدية ذلك، وتمسكت بشروط العقد استنادا إلى قاعدة

. المتبعة في عقود القانون الخاص" شريعة المتعاقدين

دوره نظرية الظروف الطارئة وقد عرض النزاع على مجلس الدولة الذي أقر ب

من حيث أنه نتيجة " .. كسبب إلعادة التوازن المالي للعقد ، وفي ذلك ورد الحكم

الحتالل العدو الجزء الكبير من مناطق إنتاج الفحم في أوربا القارة، ولصعوبات

النقل بالبحر التي تتزايد خطورة أكثر فأكثر سواء بسبب االستيالء على البواخر أو

طبيعة أعمال الحرب البحرية ومدتها، فإن االرتفاع الطارئ خالل الحرب بسبب

العالمية الحالية في أسعار الفحم، وهو المادة األولية في صناعة الغاز بلغ نسبة ال

توصف فقط بأنها ذات طبيعة استثنائية بالمعنى المعتاد لهذا اللفظ ولكنه أدى كذلك

رجة أخلت بكل الحسابات، وجاوز أقصى حدود إلى ارتفاع في تكلفة صناعة الغاز لد

الزيادات التي كان يمكن للطرفين توقعها عند إبرام عقد االلتزام، وأنه نتيجة

الجتماع كل الظروف السابق بيانها انقلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة، وأن الشركة

إذن على حق في التمسك بأنها ال تستطيع كفالة تشغيل المرفق بذات الشروط

وخلص .." لمتفق عليها أصال طالما استمر الموقف غير العادي المذكور أعاله ا

بالتزام الشركة بضمان المرفق محل االلتزام، ومن "المجلس من ذلك إلى قوله

Page 156: الوجيز في القانون الإداري

156

ناحية أخرى بأن عليها أن تتحمل فقط خالل هذه الفترة الوقتية جزء من النتائج

التفسير المتزن للعقد بتركه على الذي يسمح ب.. المبهضة لموقف القوة القاهرة

..) (. عاتقها

ومن هذا يتضح أن نظرية الظروف الطارئة ال تجعل تنفيذ العقد مستحيال مثلما هو

الحال بالنسبة للقوة القاهرة التي تعفي المتعاقد من التنفيذ، فالتنفيذ في نظرية

تعاقد من تنفيذ الظروف الطارئة يبقى ممكنا ولكنه مرهق، وعلى ذلك ال تعفى الم

العقد، إال أنها تمنح المتعاقد الحق في الطلب من اإلدارة أن تسهم في تحمل بعض

الخسائر التي تلحق به، ضمانا لحماية المرفق العام واستمراره في أداء خدماته

. دون انقطاع

: شروط تطبيق النظرية

-:يشترط لتحقيق هذه النظرية توافر الشروط اآلتية

و ع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد وأثناء وق -1

تنفيذهويشترط أال يمكن دفعها أو تداركها من قبيل الظروف االقتصادية كارتفاع

األسعار ارتفاعا فاحشا، أو سياسيا مثل إعالن الحرب، أو طبيعيا كحدوث زلزال أو

. فيضان

ا، وفي ذلك بينت محكمة القضاء ويشترط في هذا الظرف أن ال يكون متوقع

اإلداري، أن هذا الشرط ينطوي إلى حد كبير على معنى المفاجأة في صورة معينة،

كأن يجد المتعاقد مع اإلدارة نفسه إزاء حالة لم يكن يتوقع حدوثها، ال بناء على

دفتر الشروط وال من دراسته األولية للمشروع أو على الرغم من تنبيهه أو ما

من حيطة ال تفوت على الشخص البصير باألمور قبل اإلقدام على اإلسهام في اتخذه

) ( . تسيير المرفق العام والتعاقد بشأنه

هذا ويعد الظرف الطارئ غير متوقع ولو كان ذلك يتعلق فقط بنطاق هذا الظرف

الطارئ ال بأصله، فإذا كان المتعاقد يتوقع ارتفاع األسعار ولكنه لم يكن يتوقع

تفاعها إلى الحد الذي وصلت إليه فإن الشرط يعد متوفرا وتطبق النظرية في هذه ار

) (. الحالة

فال : أن يكون الحادث الطارئ خارجا عن إرادة المتعاقد ومستقال عن إرادته -2

يستطيع المتعاقد أن يستفيد من هذه النظرية، إذا كان متسببا بإحداث الظرف الذي

. رهقا جعل تنفيذ التزامه م

كذلك يلزم أن ال تكون اإلدارة هي التي تسببت في إحداث هذا الظرف بخطئها أو

بفعلها فتكون ملزمة في هذه الحالة بتعويض المتعاقد عما لحقه من ضرر وفق

قواعد المسئولية أما على أساس الخطأ أو استنادا إلى فكرة المسؤولية دون خطأ

. حناها سابقا وفقا لنظرية عمل األمير التي أوض

أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إلحاق خسائر غير مألوفة ومن شأن هذه الخسائر -3

. أن تؤدي إلى اضطراب في التوازن المالي للعقد، وإرهاق المتعاقد

Page 157: الوجيز في القانون الإداري

157

وعلى ذلك فإن حدوث خسائر بسيطة للمتعاقد ال تسمح باالستفادة من هذه النظرية

ئة عن الظرف الطارئ تجاوز الخسارة العادية التي تستلزم أن تكون الخسارة الناش

. المألوفة

هذا ومن الواجب أن ينظر إلى العقد بمجمله لتحديد مدى اإلرهاق الذي لحق

بالمتعاقد فال ينظر إلى جانب من جوانب العقد الذي من الممكن أن يكون مجزيا

) (. ومعوضا عن العناصر األخرى، التي أدت إلى الخسارة

: ستمر المتعاقد في تنفيذ العقد أن ي -2

لكي يتمكن القاضي من رد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول يجب أن يكون االلتزام

قائما ولم يتم تنفيذه، وهذا الشرط يستلزم أن يكون العقد من شانه أن يمتد مدة من

الزمن تسمح بتحقيق الظروف الطارئة، ويحصل ذلك في الغالب في عقود امتياز

. المرافق العامة وعقود التوريد واألشغال العامة

-:اآلثار المترتبة على تطبيق نظرية الظروف الطارئة

أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة متى توافرت شروطها ال تعفى المتعاقد من تنفيذ

التزاماته فالمتعاقد يبقى ملزما باالستمرار في تنفيذ العقد، وهذا ما يميز نظرية

. الطارئة عن القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ االلتزام مستحيال الظروف

كما تختلف نظرية الظروف الطارئة عن نظرية عمل األمير في أنه يترتب على

تحقق عمل األمير تعويض المتعاقد تعويضا كامال يشمل ما لحق المتعاقد من خسارة

لتعويض ال يغطي إال وما فاته من كسب أما في نظرية الظروف الطارئة فإن ا

) (. الخسائر التي نجمت عن الظرف الطارئ والتي تجاوزت الحدود المعقولة

أن التعويض الذي تلتزم به "وقد بينت المحكمة اإلدارية العليا هذا المبدأ بقولها

أيا كان مقداره أو الخسارة العادية –جهة اإلدارة ال يستهدف تغطية الربح الضائع

وإنما أساسه تحمل الجهة اإلدارية المتعاقدة لجزء من –لتعامل المألوفة في ا

") (. خسارة محققة وفادحة

واإلدارة في سبيل تعويض المتعاقد، قد تتفق مع المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه

بطريقة تخفف من إرهاقه وتتحمل بعض عبء هذا اإلرهاق بالقدر الذي يمكن

العقد ، وإذا لم يتم هذا االتفاق فإنه للقضاء أن يحكم المتعاقد من االستمرار بتنفيذ

) (. بتعويض المتعاقد استنادا إلى التفسير المعقول للعقد

هذا ويتميز حق التعاقد في اقتضاء التعويض وفق نظرية الظروف الطارئة بأنه حق

مؤقت ينقضي بانقضاء الظرف الطارئ، فال يتصور أن يستمر طويال ، ويملك أي

لمتعاقدين أن يفسخ العقد وذلك باالستناد إلى نظرية القوة القاهرة التي تجعل من ا

تنفيذ االلتزام مستحيال ويكون الفسخ أما بحكم قضائي أو قرار إداري ومن الممكن

. أن يكون حكم المحكمة بالفسخ مصحوبا بالتعويض إذا كان له مقتضى

اء اإلدارة من التعويض استنادا إلى ومن المالحظ هنا أنه ال يجوز االتفاق على إعف

. نظرية الظروف الطارئة ويعد باطال اشتراط اإلدارة ذلك لمخالفته للنظام العام

Theorie des Suj etionsنظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة -3

imprevuse .

Page 158: الوجيز في القانون الإداري

158

يصادف المتعاقد مع اإلدارة في بعض األحيان وخاصة في عقود األشغال صعوبات

مادية غير متوقعة لم تدخل في حساب طرفي العقد عند التعاقد، وتجعل تنفيذ

. االلتزام أشد وطأة على المتعاقد مع اإلدارة وأكثر كلفة

وفي هذه الحالة درج القضاء اإلداري في فرنسا على ضرورة تعويض المتعاقد إذا

أن النية أدت الصعوبات التي واجهته إلى قلب اقتصاديات العقد، على أساس

المشتركة ألطراف العقد اتجهت إلى أن األسعار المتفق عليها في العقد أنما وضعت

في ظل الظروف العادية وأن أي زيادة في األسعار بسبب الصعوبات المادية غير

. ) ( المتوقعة تتطلب تقدير خاص يتناسب معها

ادفت المتعاقد وغالبا ما تظهر هذه الصعوبات في صورة ظواهر طبيعية كما لو ص

لحفر نفق كتل صخرية بالغة الصالبة لم يكن في وسعة توقعها رغم ما اتخذه من

. حيطة ودراسات للمشروع قبل التنفيذ

وقد طبق القضاء اإلداري المصري هذه النظرية فقضت محكمة القضاء اإلداري

في هذه –ومن حيث أن المدعى يؤسس طلب التعويض " 1198-1-21بتاريخ

على النظرية المعروفة بنظرية الصعوبات غير المتوقعة، وهي من -لةالحا

النظريات التي ابتكرها الفقه والقضاء اإلداري، مقتضاها أنه عند تنفيذ العقود

اإلدارية وبخاصة عقود األشغال العامة قد تطرأ صعوبات مادية استثنائية لم تدخل

عل التنفيذ أشد وطأة على في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد، وتج

المتعاقد مع اإلدارة وأكثر كلفة، فيجب من باب العدالة تعويضه عن ذلك بزيارة

األسعار المتفق عليها في العقد زيادة تغطي جميع األعباء والتكاليف التي تحملها

اعتبارا بأن األسعار المتفق عليها في العقد ال تسري أال على األعمال العادية

فقط، وأن هذه هي نية الطرفين المشتركة، والتعويض هنا ، ال يتمثل في المتوقعة

معاونة مالية جزئية تمنحها جهة اإلدارة للمتعاقد معها بل يكون تعويضا كامال عن

جميع األضرار التي يتحملها المقاول، وذلك بدفع مبلغ إضافي له على األسعار

..") ( المتفق عليها

وبات المادية شروط تطبيق نظريه الصع

-:يشترط لتطبيق هذه النظرية توافر الشروط آالتية

وترجع هذه الصعوبات في الغالب إلي ظواهر طبيعية : أن تكون الصعوبات مادية -1

ترجع إلى طبيعة طبقات التربة محل العقد كأن يكتشف المتعاقد أن األرض المراد

ة مرهقة في النفقات و تنفيذ العقد فيها ذات طبيعة صخرية مما يقتضي زياد

التكاليف ، أو يفاجأ المتعاقد بوجود طبقات غزيرة من الـمياه تحتاج إلى نفقات غير

. ) ( عـاديه في سحبها وتجفيفها

كما قد ترجع الصعوبات إلى فعل الغير ، وليس إلى ظواهر طبيعية ، كوجود قناة

مملوكة

. )) لشخص ولم يشر إليها أو مواصفاته

اشترط القضاء لتطبيق هذه : ون الصعوبات المادية استثنائية وغير عاديه أن تك -2

النظرية مثال إذا كانت الطبقة الصلبه من التربة لمساحة محدودة وانما يجب أن

Page 159: الوجيز في القانون الإداري

159

تكون بامتداد غير عادى ولمساحة واسعه أو بنسبة كبيره من مجموع المنطقة محل

.) ( العقد

لصعوبات المادية ذات طابع استثنائي من عدمه ويترك للقاضي مسألة ما إذا كانت ا

. ويختلف ذلك حسب الحاالت المعروضة كل على حده

يشترط لتطبيق هذه النظرية : أن تكون الصعوبات المادية طارئة أو غير متوقعه -3

أن تكون الصعوبات المادية طارئة وغير متوقعه وقت التعاقد كأن يفاجأ المتعاقد

عها البناء على دفتر الشروط والفى دراساته االوليه المشروع بحاله لم يكن قد توق

أو على الرغم مما نبه إليه أوما اتخذه من حيطه ال تفوت على الشخص البصير

. ) ( باألمور قبل اإلقدام على المساهمة في تسيير المرفق العام والتعاقد بشأنه

: وازن المالي للعقـد أن يكون من شأن هذه الصعوبات أن تلحق اضطراب في الت -2

وعلى ذلك فإذا كان من شأن الصعوبات أن تلحق بالمتعاقد خسائر بسيطة فانه ال

يسمح باالستفادة في هذه النظرية فمن الواجب أن يصل الضرر حدا يتجاوز

الخسارة المألوفة ليقلب اقتصاديات العقد ويتبين ، هذا من مقدار النفقات والتكاليف

. اقد زيادة على القيمة االجمالية للعقدالتي ينفقها المتع

يشترط لتطبيق هذه : أن تكون الصعوبات من غير عمل أحد طرفي العقد -9

النظرية أن ال يكون للمتعاقد دخل في أحداث الصعوبات أو زيادة آثارها خطورة وأن

يثبت انه لم يكن في وسعه توقى آثارها وانه لم يخرج على شروط العقد أثناء قيامه

. بتنفيذ التزاماته

ويشترط من جانب آخر أن ال يكون لالداره دخل في وجود تلك الصعوبات وأن كان

. يمكن االستفادة من نظريه عمل األمير في هذا المجال

لكي يستفيد المتعاقد من هذه النظرية يجب : أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد -1

المادية التي يواجهها ، فإذا توقف فانه أن يستمر في تنفيذ العقد رغم الصعوبات

يتعرض للجزاءات المتر تبه على إخالله بتنفيذ العقد ويفقده الحق في المطالبة

. بالتعويض استنادا إلى هذه النظرية

وفى هذا تتفق نظريه الصعوبات الماد يه غير المتوقعة مع نظرتي الظروف الطارئة

. المتعاقد من التزاماته وعمل األمير التي ال تؤدى إلى تحلل

: اآلثار المترتبه على تطبيق النظرية

يترتب على توافر شروط هذه النظرية حصول المتعاقد مع االداره على تعويض

كامل عن جميع األضرار التي يتحملها وذلك بدفع مبلغ معين إضافي له على

.)) األسعار المتفق عليها

ببها والنتائج المتر تبه عليها عن نظريه وبذلك تختلف هذه النظرية من حيث س

الظروف الطارئة ،فهذه االخيره تطبيق بسبب ظروف سياسية أو اقتصادية أو

اجتماعيه ينتج عنها قلب اقتصاديات العقد أو اختالل توازنه المالي ويقتصر

. التعويض فيها على قدر محدد تساهم فيه جهة االداره

المير من حيث سببها ، فهذه االخيره تطبق بسبب كما أنها تختلف عن نظريه عمل ا

اجراء عام أو خاص صادر عن السلطة االداريه المتعاقده ، ولكنها تتفق معها في

Page 160: الوجيز في القانون الإداري

160

النتيجة ،ففي كال الحالتين التعويض كامل وليس جزئي ، على أن تطبيق هذه

يصبح النظريه ال يعفي بحال من األحوال من االستمرار في تنفيذ التزاماته ، مالم

. هذا التنفيذ مستحيآل فنكون أمام حاله القوه القاهره

-12-31وقد أكدت المحكمه االداريه العليا في مصر هذا االتجاه في حكمها بتاريخ

الثابت من األوراق أن هناك صعوبات ماديه لم تكن متوقعه لدى "..بقولها 1118

اإلدارة بإسنادها إلى طرفي العقد قد صادفت تنفيذ األعمال االضافيه التي قامت

المطعون ضده ،خارج نطاق العقد ، وان تلك الصعوبات غير عاديه ، وترجع إلى

طبيعة األرض واالتربه ، وانه ما كان بإمكان طرفي العقد توقعها ، وهو ما يفيد

توفر شروط انطباق نظريه الصعوبات الماد يه غير المتوقعة ، بما يتعين معه

ليف التي تحملها باعتبار أن األسعار المتفق عليها في العقد تعويض المقاول بالتكا

وإذا ذهب الحكم المطعون عليه هذا . ال تسرى أال على األعمال العادية المتوقعة

المذهب ، حيث قضى بإلزام اإلدارة بجميع األعباء والتكاليف التي تحملها المطعون

من األعمال األصلية ، % 29ضده عند تنفيذ األعمال اإلضافية ، بما يجاوز نسبه

." . ) ( فانه يكون قد صادف حكم القانون وجديرا بالتأييد

الفصل الخامس

نهاية العقود اإلدارية

تنتهي العقود اإلدارية بالطرق الطبيعية النتهاء العقود في ظل القانون الخاص، أما

لعقود اإلدارية نهاية بتنفيذ االلتزامات الناشئة عنها، أو بانقضاء مدتها وقد تنتهي ا

. طبيعية أو مبتسرة قبل أجلها الطبيعي

وسنتناول في هذا الفصل هاتين الطريقتين النتهاء العقود اإلدارية في مبحثين ،

نخصص األول للبحث في انقضاء العقود اإلدارية بالطريق العادي، ونبين في

. المبحث الثاني حاالت االنقضاء المبتسر

المبحث األول

النقضاء العادي للعقد اإلداري ا

ينقضي العقد اإلداري مثلما هو الحال في عقود القانون الخاص بتنفيذ موضوعه أو

: بانتهاء المدة المحددة له

: انقضاء العقد بتنفيذ االلتزامات المترتبة على طرفيه تنفيذا كامال –أوال

الم المتعاقد الثمن، كذلك يينقضي عقد األشغال العامة بتنفيذ تلك األشغال واست

ينتهي عقد التوريد بإتمام تسليم البضائع محل التوريد واستالم المتعاقد الثمن من

. اإلدارة

: انقضاء العقد اإلداري بانتهاء المدة المحددة له: ثانيا

متى كان العقد محدد المدة فإن انتهاء هذه المدة يستتبع انتهاء العقد، مثلما هو

. وهذه هي القاعدة بالنسبة للعقود فورية التنفيذ . قود االلتزامالحال في ع

المبحث الثاني

Page 161: الوجيز في القانون الإداري

161

االنقضاء المبتسر للعقد اإلداري

باإلضافة إلى االنقضاء العادي للعقد اإلداري، من الجائز أن ينقضي العقد نهاية

. مبتسرة قبل أوانه في حاالت معينة

: الفسخ باتفاق الطرفين: أوال

فق المتعاقد مع جهة اإلدارة على إنهاء العقد قبل مدته أو أتمام تنفيذه، ويكون قد يت

اإلنهاء في هذه الحالة اتفاقنا يستند إلى رضا الطرفين وتطبق على الفسخ هذا

. أحكام اإلقالة في عقود القانون الخاص

كسب وقد يكون إنهاء العقد بهذه الطريقة مصحوبا بالتعويض عما فات المتعاقد من

. نتيجة إلنهاء العقد قبل أوانه،إذا ما اتفق المتعاقدان على ذلك

: الفسخ بقوة القانون: ثانيا

: ينقضي العقد بقوة القانون في حاالت معينة تطبيقا للقواعد العامة ومنها

ينقضي العقد بقوة في حالة هالك محله، إال أنه يجب التمييز : هالك محل العقد -1

ن الهالك بسبب خارج عن إرادة الطرفين وبين ما إذا كان الهالك بين ما إذا كا

بسبب راجع لإلدارة ففي الحالة األولى ينقضي العقد دون أن يتحمل أي من الطرفين

. تعويضا بسبب اإلنهاء

أما في حالة الثانية فإن اإلدارة تعوض المتعاقد عن هذا اإلنهاء المبتسر الذي

كان هالك محل التعاقد تنفيذا إلجراء عام كهدم دور آيلة تسببت فيه للعقد، إال إذا

. للسقوط كان المتعاقد ملتزما بصيانتها، إذا توافرت شروط نظرية عمل األمير

إذا تحققت شروط معينة منصوص عليها في العقد ويتم االتفاق على أن العقد -2

. بارا من هذا التاريخيعد مفسوخا من تلقاء نفسه في حالة تحققها فينقضي العقد اعت

إذا تحققت أسباب معينة منصوص عليها في القوانيين واللوائح فعندئذ يتم -3

. أنفساخ العقد من تاريخ تحققها

: الفسخ القضائي : ثالثا

قد يتقرر فسخ العقد اإلداري بحكم قضائي بناء على طلب اإلدارة أو المتعاقد معها

. في حاالت معينة

: ئي بسبب القوة القاهرةالفسخ القضا -أ

تؤدي القوة القاهرة إلى إعفاء المتعاقد من تنفيذ التزاماته إذا ما ثبت أن تحققها

. بسبب أجنبي ال دخل فيه ولم يكن في وسعه توقعه

ويتبين من نص هاتين المادتين أنه إذا ما تحققت القوة القاهرة فإن العقد يعد

دارة أن ترغم المتعاقد على التنفيذ،وإذا مفسوخا من تلقاء نفسه وال تستطيع اإل

التجأ المتعاقد إلى القضاء للحصول على حكم بأن استحالة التنفيذ ترجع إلى سبب

.) ( أجنبي فأن الحكم في هذه الحالة يقرر الفسخ وال ينشئه

ومع ذلك فقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي معززا رأيه ببعض أحكام مجلس الدولة

على المتعاقد أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بانفساخ العقد إلى أنه يتعين

للقوة القاهرة في حين تستطيع اإلدارة إنهاء العقد بقرار منها استنادا منها إلى

.)) القوة القاهرة ويكون الفسخ هنا فسخا إداريا

Page 162: الوجيز في القانون الإداري

162

: الفسخ القضائي كجزاء لإلخالل بااللتزامات العقدية -2

كم قضائي بناء على طلب اإلدارة أو المتعاقد، إلخالل الطرف أن حق الفسخ بح

اآلخر بتنفيذ التزاماته مضمون للطرفين ما دامت اإلدارة تملك حق فسخ العقد بقرار

إداري استنادا إلى خطأ المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية، فال تلجأ إلى القضاء

عليها بالتعويض إذا تبين أن لتقرير الفسخ إال لكي تضمن عدم رجوع المتعاقد

. قرارها بالفسخ مشوبا بالتعسف

باستثناء حالة طلب إسقاط االلتزام في فرنسا، إذ أن القضاء الفرنسي مستقر على

. أنه ال يجوز أن يتم الفسخ إال بحكم قضائي

أما بالنسبة للمتعاقد فال بد له من اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بفسخ

ذا أخلت اإلدارة بالتزاماتها إخالال جسميا، وإذا حكم القضاء بذلك فأن آثار العقد إ

. الفسخ ترتد إلى يوم رفع الدعوى

: الفسخ في مقابل حق اإلدارة في تعديل العقد -3

تملك اإلدارة كما بينا سلطة تغيير شروط العقد وإضافة شروط جديدة بما يتراءى

لح العام ، ويملك المتعاقد في مقابل هذا الحق المطالبة لها أنه أكثر اتفاقا مع الصا

. بالتعويض

وإذا وجد المتعاقد أن التعويض غير كاف لمواجهة الظروف التي أوجدها التعديل،

وأن التعديل تجاوز إمكانياته المالية وقدراته الفنية وتسبب في قلب اقتصاديات

قد قضاء مع التعويض، إلن مرجع فإن للمتعاقد الحق في المطالبة بفسخ الع. العقد

. الفسخ في هذه الحالة هو تصـرف اإلدارة دائما

: الفسخ عن طريق اإلدارة : رابعا

تملك اإلدارة في بعض الحاالت التي ينص عليها في العقد أو في دفاتر الشوط

وء العامة أو الئحة العقود اإلدارية أن تفسخ عقودها اإلدارية، دون الحاجة إلى اللج

. إلى القضاء

كذلك إذا كان العقد مبرما مع أكثر من متعاقد وتوفي أحد هؤالء المتعاقدين فتملك

اإلدارة الخيار بين إنهاء العقد مع رد التأمين وبين تكليف باقي المتعاقدين

. باالستمرار في تنفيذه

ء إلى ويتم إنهاء العقد في هاتين الحالتين بخطاب مسجل دون الحاجة إلى االلتجا

. القضاء أو اتخاذ أي إجراءات أخرى

ومن جانب أخر لإلدارة أن تنهي عقودها اإلدارية دون الحاجة لنص في قانون أو

االئحة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك دون وقوع خطأ من جانب التعاقد، مع

. تعويضه عن ذلك عند االقتضاء

نهاء اإلدارة لعقودها وسبق وأن أوضحنا الضوابط الواجب مراعاتها عند إ

.للمصلحة العامة