مرشوع الحزواىت ) الحكواىت (

طائر السردكتاب يوثق لنماذج من حكايات قدمت ضمن مشروع

الحزواتي ) الحكواتي ( لتعزيز قيم المواطنة.فريق المشروع : نبيل أحمد الخضرهيفاء ناجى صاححنان محمد الدرمالتقديم واالعداد :

أ/ أحمد الطرس العراميالناشر :

مؤسسة إبحار للطفولة واالبداع التصميم الداخلي والخارجي :

على صالح المطريالصور بعدسة :

عبد هللا الحرازى الطبعة األولى :2012م

تلفاكس :009671561633الجمهورية اليمنية - صنعاء - أمانه العاصمة

ص.ب 12330ebhar@ebhar.org

www.ebhar.orgwww.hazawati.blogspot.com

رقم اإليداع بدار الكتب بصنعاء ) 486 ( لسنه 2012م جميع الحقوق للنصوص المنشورة محفوظة لمؤلفيها أو

للمصادر المنقولة منها وهى ال تعبر بالضرورة عن رأى المؤسسة

مؤسسة إبحار للطفولة واالبداع مؤسسة ثقافية غير ربحية تنشط في المجال الثقافي في اليمن.

1

بقلم: أحمد الطرس العرامي

2

الحكاية/اإلنسانبقلم: أحمد الطرس العرامي

ــة توطــن اإلنســان ــت الحكاي ــن كان ــة، وحي ــت الحكاي ــن كان اإلنســان كان حيــد ــاً، لق ــه وجودي ــا مرتبطــة ب ــة، إنه ــدأت الحكاي ــاده ب ــذ مي ــي األرض، من فعــاش اإلنســان حياتــه وحكاهــا هــو واآلخــرون، لكــن فعــل الحكــي لــم يكــن كذلــك وحســب، لقــد كان أعمــق مــن مجــرد إعــادة ســرد األحــداث بطريقــِة التقريــر، فمــن خــال الســرد أو فعــل الحكــي وعــى اإلنســان وجــوده، الحكايــة ــراً عــن ــراً عنهــا أيضــاً، تعبي ــل كانــت تعبي ــاة فقــط، ب ــم تكــن رصــداً للحي لالوجــود، عــن فلســفة اإلنســان األول، فــي مرآتهــا رأى نفســه، ومــن خالهــا كان لــه أن يعــي حياتــه بوصفهــا قصــة، أن يســرد المــكان أن يســرده...، أن يعــي الزمــن بوصفــه خيــط الســرد صــراط الحياة/الحكايــة، أن يقــاوم الفنــاء ــة... أن يــرى اآلخــر، أن يفســر ــه الهارب وتأثيــر الزمــن، أن يحتفــظ بلحظات

الظواهــر، أن يفكــر فــي اآللهــِة...الحكايــة حكايــات، طبقــات جيولوجيــة مــن الســرد المتراكــم، تمامــاً كاألرض، تمامــاً كاللغــة، كتاريــخ البشــرية، كاإلنســان، كحكايتــه، فــي البدء كان اإلنســان

األوُل الحكايــَة األولــى، اإلنســان األول/ األب، الحكايــة األولى/ األم...يبــدو لــي اإلنســان كفكــرٍة حيــٍة ذات وجهيــن أحدهمــا: تفاصيــل حيــاٍة واقعيــٍة ملموســٍة، واآلخــر هــو حكايتهــا... الجانــب الواقعــي هــو الرجــل بواقعيتــه، واآلخــر هــي األنثــى بكينونتهــا الســردية، أفكــر فــي بدايــة الخلــق في مــا فعلته حــواء فــي الجنــة، لقــد اخترقــت المحظــور فكانــت األرض، مــاذا لــو امتنعــت ــم عاشــا ســعيدين ــة، ث ــت ســتنتهي الحكاي ــد كان حــواء عــن الشــجرة؟ بالتأكيفــي الجنــة، هكــذا تنتهــي القصــة عــادًة بالســعادة/بالجنة... لكــن حــواء تمعــن فــي غوايــة الســرد، فــي ســرد الغوايــة فــي تســريدها فــي منحهــا امتــداداً علــى األرض، تعطيهــا الديمومــة، تصبــح أرضــاً لهــا وهــي تتخلــق بشــراً/حكايات،

وهكــذا فعلــت شــهرزاد، وهكــذا كانــت الجــدات فــي قريتــي...وهكــذا تعــددت أنــواع الســرد مــع تطــور الفكــر اإلنســاني والحيــاة البشــرية،

3

ومــع اختــاف األمــم والشــعوب والثقافــات والحضارات، بدءاً من األســطورة، والملهــاِة، والمأســاة والســير، والماحــم، الدينيــة، بالقصــص ومــروراً والحكايــات والقصــص بأنواعهــا وتعــدد وظائفهــا ومرتكزاتهــا وحاجاتهــا وأبعادهــا الفلســفية والنفســية والثقافيــة المختلفــة والمتباينــة مــن عصــر آلخــر، ــن ــة كفني ــة والرواي ــى القص ــوالً إل ــرى... وص ــانيٍة ألخ ــٍة إنس ــن جماع ومأدبييــن... وليــس بعيــداً عــن هــذا طرائــق الحكــي أو ســرد األحــداث كمــا فــي المســرحية قديمــاً وحديثــاً، وكمــا فــي الســينما أو فــي طــرق الســرد التقليديــة

مثــل ظاهــرة الحكواتــي.

4

الحكواتي

يحضــر الحكواتــي فــي التــراث والمــوروث العربــي كعامــة معرفــة، أو نقطة ســحٍر مضيئــة، قبــل وجــود الســينما وتقنيــات االتصــال الحديثــة....، الحكواتي نجــم المقاهــي، وملــك الســاحات، حيــث يجتمع النــاس حوله، ليغســلهم بحكاياه، ــة، وفــي األدب ــة العربي ــن فــي الثقاف ــٍة وبحضــور ملحوظي ــد حظــي بمكان لقالشــعبي العربــي، مــن اليمــن وحتــى أقصــى المغــرب، فــي مقاهــي دمشــق، فــي ســاحات المغــرب، فــي أســمار صنعــاء، حيــث يكــون الحكواتــي متنفــس ــجون ــراٍت وش ــحر مغام ــب س ــا المعش ــاءات وقمره ــة المس ــروح، وغيم ال

حيواٍت...وأوطــانالحكواتــي يجســد التفاعــل بيــن المتلقي والســارد، بين النــاص والمتلقي، وبقدر مــا يخلــق التلفزيــون )الحكواتــي اآللــي( فجــوًة بينــه وبيــن متلقيــه ويعمــل على صناعــة ذهنيــٍة ســطحية، كان الحكواتــي فــي األســمار والســاحات والمقاهــي يخلــق فضــاًء مــن التفاعــل بيــن أطــراف العمليــة التواصليــة ككل، الحكواتــي ال يكتفــي بالســرد فقــط، بــل يــؤدي الحــركات التمثيليــة المســاعدة علــى نقــل النــص وتصويــره فــي أبهــى صــورٍة وفــي أصــدق تصويــٍر، كمــا يمكنــه أن ــم تركتهــم وعــدت وحــدي(، كمــا يندمــج مــع القصــة )ســرنا وخليناهــم(، )ثيتــرك مســاحًة لتفاعــل الجمهــور مــع القصــة، ومــع احداثهــا كمــا لــو كانــت

األحــداث معاشــًة بالنســبة لهــم...ــة الحكواتــي بجمهــوره، أن ــدور حــول عاق ــة التــي ت مــن القصــص الطريفــا كان ــم تفاصيله ــه عوال ــي القصــة، وولوج ــه ف ــدة انغماس ــن ش ــور م الجمهمــن بيــن الجمهــور مــن يلحــق الحكواتــي إلــى بيتــه، ليكمــل لــه القصــة، بــل إن هنــاك مــن كان يعتــرض علــى مســار القصــة ويعــدل فــي تفاصيلهــا، كمــا لــو كانــت واقعــاً معاشــاً، أو شــأناً خاصــاً بــه، فتــراه يصــر علــى أن يعاقــب ــن فصــول ــراوي فصــاً م ــم ال ــة خت ــل )ذات ليل ــئ البط ــرم، وأن يكاف المجقصــة عنتــرة بدخولــه الســجن، وقــال: فلنتــرك عنتــرة الليلــة فــي الســجن، مكبــاً باألغــال، ومقيــداً بالقيــود، ونكمــل قصتنــا غــداً( فيأبــى جمهــوره أن

5

ــرة واحــداً منهــم ــو كان عنت ــرة فــي الســجن، وهــو البطــل، كمــا ل يظــل عنتــراوي هــو الســجان... وال

هــذا يعنــي أن القصــة لــم يكــن يتحكــم فيهــا الــراوي، بــل كان هنــاك ثمــة جســر بيــن النــاص والمتلقــي، فهكــذا كان النــاس يشــاركون فــي صناعــة حكاياتهــم لتعبــر عــن رؤاهــم، وأحامهــم، ولهــذا يقــال أن الحكايــات الشــعبية تتضمــن

رؤيــة الجماعــة وفلســفتها فــي الحيــاة...

6

عالمية الحكايةتظــل الحكايــة هــي الجامــع اإلنســاني بيــن الشــعوب، تختلــف الثقافــات ــرق ــدات، وتفت ــن المعتق ــان، وتتصــارع الحضــارات وتتباي واللغــات، واألديالمجتمعــات فــي كثيــر مــن األشــياء، لكــن الحكايــَة تجمعهــا هــذا مــا يمكــن أن نستشــفه ممــا تقولــه لنــا الدراســات اإلنســانية... ومــن بينهــا دراســة »بروب« ــل ــدة العق ــة ووح ــة الحكاي ــن عالمي ــي الكشــف ع ــا ف ــداً بن ــب بعي ــي تذه الت

ــة البشــرية... البشــري والثقاففــأن يكــون لــكل أمــٍة حكاياتهــا فذلــك أمــر طبيعــي، لكــن أن يكــون هنــاك نوع ــك اللغــات والحــدود ــٍة خاصــٍة متجــاوزاً بذل ــاز ببني ــة يمت ــن مــن الحكاي معيــب، ــب والغري ــر العجي ــو األم ــك ه ــات... فذل ــة، والثقاف ــة والزماني الجغرافي

والــذي يشــي بوحــدة اإلنســان، وتقــارب رؤاه وعالميــة أخاقــه وحياتــه...ــواع ــن أن ــزاً بي ــعبية، ممي ــة الش ــن درس الحكاي ــروب، حي ــه ب ــا يقول ــذا م هعديــدة مــن الحكايــات مــن بينهــا )الخرافيــة( والتــي طــرح فــي كتابــه رؤيــة جديــدًة مفادهــا أن الحكايــة الخرافيــة تتميــز بــأن لهــا وظائفهــا المحــددة، وقــد خلــص فــي ذلــك إلــى )31 وظيفــًة( أو نســقاً، يشــترك فيهــا هــذا النــوع مــن الحكايــات.... ورغــم أن بــروب كان يتحــدث عــن الحكايــات الروســية إال أنــه ســرعان مــا تمخضــت دراســة بــروب عــن انتشــار نــوع مــن الدراســات أو ــار مــن الباحثيــن يحــاول المقارنــة بيــن الحكايــات العالميــة فــي الثقافــات تيــات ــا أن الحكاي ــة مفاده ــلمًة أو نتيج ــق مس ــذي خل ــر ال ــا األم ــى اختافه علالخرافيــة تتشــابه فــي العالــم كلــه، لكــن أهــم الدراســات التــي أعقبــت بــروب

هــي دراســة )ليفــي شــتراوس( فــي كتابــه )االنثروبولوجيــا البنيويــة(...عالميــة الحكايــات فــي المجتمعــات اإلنســاني وتشــابهها وتقاربهــا، يــدل علــى حيــاٍة واحــدٍة عاشــها اإلنســان وتجــارب تعبــر عــن وحدتــه وعــن ســمو حياته، ــاواة ــدل والمس ــم الع ــد قي ــى، ونش ــاة المثل ــان الحي ــد اإلنس ــة نش ــي الحكاي ف

والحريــة والمواطنــة والحــب.

7

إجماالً يمكن القول وفقاً لكل ما سبق أن الحكاية يصبح لها قيمتها:في كونها متصلة أو متربطة بالوجود اإلنساني، وبتفكيره ووعيه بوجوده.

ــة ــة خاصي ــل األنثوي ــث تمث ــي اإلنســان، حي ــوي ف ــب األنث ــا بالجان الرتباطهالجمــال والحــب وهــي قيمــة مضــادة للذكوريــة التــي تســيطر علــى مجتمعاتنا، ــة ــرة الثقافي ــان والذاك ــي اإلنس ــي ف ــب الجمال ــتنطاق الجان ــبه باس ــر أش األم

والمجتمــع.عالميــة الحكايــة ومــا تــدل عليــه مــن وحــدة العقــل البشــري وبنيتــه، ترتبــط ــة اإلنســان كإنســان بغــض ــة وبإعــاء قيم ــاً باألخــاق العالمي ارتباطــاً وثيق

ــه. ــه ودين النظــر عــن لونــه وجنســه وثقافتعالميــة الحكايــة واشــتراك البشــرية علــى مــر العصــور ومختلــف الثقافــات مــن خــال حكاياتهــا علــى نشــدان الخيــر والعــدل والمســاواة، وهــو ما تكرســه ــى ــٍة عل ــوى دالل ــدل أق ــى الشــر، ي ــر عل ــعيدة، وانتصــار الخي ــات الس النهاي

وحــدة اإلنســانية واشــتراكها فــي القيــم والمبــادئ...ــة.. ــة عالي ــا ذات خصوصي ــل منه ــة يجع ــة العربي ــي بالثقاف ــاط الحكوات ارتب

ــة... ــة العربي ــه بالهوي يربطإن مســألة تدريــب حكواتييــن هــو بمثابــة إحيــاء لقيمــة ثقافيــة كادت أن تندثــر، ــد فاعليتهــا ــدأت تفق ــي ب ــة الكلمــة الت ــة ثقاف ــة الســتعادة مكان ــه محاول ــا أن كم

وتحــل محلهــا ثقافــة الصــورة....ولهــذا فقــد هدفــت الــدورة إلــى تكريــس هــذه القيــم بيــن فئــة الشــباب انطاقــاً مــن أهميــة الحكايــة وأهميــة مهنــة الحكواتــي، وكذلــك أهميــة تأهيــل الشــباب

المجــال...

8

استغوار الحكايات بيــن طيــات هــذا الكتــاب ســرب مــن الحكايــات التــي أطلقهــا الطــاب فــي فضــاءات تجربتهــم األولــى فــي الحكايــة، وقــد تنوعــت هــذه الحكايــات بيــن االختيــار والكتابــة، أو االختيــار والمعالجــة، بمــا يتناســب مــع المحمــول الثقافــي والوظيفــي للحكايــة كمــا يراهــا الشــباب، وبمــا يتناســب مــع الرؤيــة ــق ــي واالجتماعــي، وتحقي ــي ســيبيل الوعــي الثقاف ــي يجــب أن تكــرس ف التالوظيفــة اإليجابيــة للحكايــة تماشــياً مــع قيــم العصــر، وحقــوق اإلنســان

ــة... ــة والمواطن ــوم الوطني ومفهوياحــظ القــارئ لهــذه المــادة مــن الحكايــات المتنوعــة أنهــا حكايــات قيمــة ــل ــرض تفاصي ــي ع ــهلة ف ــا س ــي معالجته ــماء ف ــد الس ــة ح ــا راقي ــي ذاته فــت بوعــي مســبق كانســياب ــد جمع ــه ق ــي اآلن ذات ــا ف ــا وأنه ــا وثماره فتنتهالمــاء فــي الجــداول لــدى جامعيهــا بوظيفــة الحكايــة وأهدافهــا المرجــوة بقصــد ــاء ــاء فــي المجتمعــات واالعتن ــم البن حــث الخطــى الواثقــة باتجــاه تحقيــق قيــم ــى إعــاء قي ــي المنتهــى إل ــة، وصــوال ف ــاره أســاس التنمي باإلنســان باعتبــا ــوق وم ــن حق ــم م ــا له ــع بم ــا الجمي ــاوى فيه ــي يتس ــة الت ــة العادل المواطنــم ــدان العال ــي بل ــات ولعــل مــن أهــم الظواهــر المتفشــية ف ــم مــن واجب عليه

ــات : ــذه الحكاي ــا ه ــث وعالجته الثالــوة، ــاء واإلخ ــى األبن ــاق عل ــة واإلنف ــات اإلعال ــا تبع ــرأة وتحمله ــل الم -عمــا ــرار والدته ــام إص ــرت أم ــا اضط ــى أمره ــة عل ــاة مغلوب ــا فت ــلمى مث سوغيــاب والدهــا وتمنــع أخيهــا عــن العمــل أن تخــرج للســوق بائعــة للحــوح ــع ــوم األول يق ــي الي ــا فف ــل أمامه ــات والعراقي ــن العقب ــر م ــرض للكثي وتتعاللحــوح مــن فــوق رأســها ألنهــا لــم تتقبــل فكــرة الخــروج إلــى الســوق ــاء ــي تخــرج بن ــوم الثان ــي الي ــد، وف ــي ســوق واح ــال ف ــع الرج ــل م والتعامعلــى طلــب والدتــه ورغبــة منهــا فــي طلــب طاعتهــا ألمهــا لكنهــا فــي الســوق تفاجــئ بعــراك حــاد بيــن مجموعــة مــن الشــباب األمــر الــذي يســقط اللحــوح ــة ــاح خالي ــر والجن ــورة الخاط ــزل مكس ــى المن ــود إل ــها فتع ــوق رأس ــن ف مالوفــاض مــن المــال المنتظــر فتحظــى بعلقــة ســاخنة مــن آخيهــا المتقاعــس

9

عــن العمــل والقيــام بأعبــاء إعالتهــا أســرته عنــد هــذه النقطــة بالتحديــد تظهــر قيــم الذكــورة المغلوطــة والقائمــة علــى اضطهــاد األنثــى وإكراههــا علــى مــا ــاه، وفــي يومهــا الثالــث تحــاول ســلمى أن تهــدئ مــن روعهــا ال يحمــد عقبوأن تكــون واثقــة الخطــى فــي ممشــاها إال أن الطبيعــة تقــف فــي وجههــا هــذه ــاة الصغيــرة ويهطــل المطــر ويتلــف اللحــوح المــرة وتحــول دون آمــال الفت

ويختفــي البطــل وال يعــود إلــى عشــه-فــي الحكايــة الثانيــة يظهــر علــى ســطح الحكايــة فتــى ينشــأ فــي أســرة مكونــة مــن أب وأم فقــط غيــر أن الوالديــن قــد انشــغا عــن تحقيــق الــدفء النفســي ــن يســتيقظ ــد ارتبطــا بوظيفتهمــا وحي ــك األم ق ــاألب وكذل ــد ف لطفلهمــا الوحيالطفــل مــن نومــه ال يجــد ســوى قصاصــة مــن الــورق قــد كتــب عليهــا مــكان إفطــاره وكذلــك إفــادة عــن مصروفــه الدراســي وحيــن يعــود مــن المدرســة ال يجــد أحــدا أمامــه ســوى ورقــة أخــرى يفاجــأ بهــا قــد تســربت قبــل مجيئــه مــن تحــت بــاب المنــزل كمــا يتســرب النمــل / المــوت فــي آذان التماســيح وقد كتب علــى ظهــر هــذه الورقــة خبــر قصيــر يدلــه عــن وجبــة الغــداء وهــي مــا تبقــى ــارد ــه الب مــن غــداء اليــوم الســابق ليــس إال يعمــد الطفــل إلــى تســخين غدائوبعــد تناولــه يســلم جســده للنــوم وحيــن يســتيقظ مــن نومــه تكــون والدتــه قــد خرجــت )للتفرطــة( ووالــده قــد خــرج للمقيــل مــع أصدقائــه ويســتمر الوضــع كذلــك ســنوات وينشــأ الطفــل بعيــدا عــن حنــان والدتــه وعطــف أبيــه ســنوات حتــى يســوقه القــدر للتعــرف علــى مجموعــة مــن الشــباب المنحــرف ويضبــط الطفــل فــي ســرقة ويكشــف أمــره أمــام النــاس وعندمــا يســأله الضابــط عــن ــق بالشــاب ــط المحق ــم يفاجــا الضاب ــون أخــاق أبنائه ــاذا ال يتابع ــم ولم آبائه

وقــد أخــرج ورقتيــن مــن جيبــه قائــا هــذا أبــي وأمــي -أمــا الحكايــة الثالثــة فتعــرض بجــاء مــا تتعــرض لــه فئــة المهمشــين ويتجلــى فــي الحكايــة مــدى قســوة العنصريــة فــي أحــد صــروح المعرفــة فالتاميــذ فــي المدرســة يرشــقون زميلهــم األســود ويعيرونــه بســواد جلــده ويتعــدى األمــر ــذا االســتهزاء ســنوات ــق هللا ويســتمر ه ــى خل ــم يعترضــون عل ــك فتراه ذليحــاول التلميــذ األســود أن يعــرض رأيــه فــي هــذا الموضــوع وأنــه خــارج

10

عــن إرادتــه فتــزداد اإلســاءة حــدة لكــن مثــل هــذه الماســنات لم توقــف الطالب األســمر عــن طموحــه بــل إن التوتــر الوجــودي منحــه طاقــة جعلتــه يتفــوق علــى أقرانــه ويحصــد الدرجــات العاليــة إال أن هــذا التفــوق العلمــي كرمــاد تــذروه الريــح فــي مجتمــع بائــس يســوده الظلــم وتســيطر علــى أحــام أبنائــه قيــم الهــدم وأنــى للشــاب األســود أن يفلــح وينفــذ بلــون جلــده فــي مجتمــع يــرى

أن اللــون األســود رمــز للتخلــف والدونيــة.- الحكايــة الرابعــة بدورهــا تظهــر مــدى تفشــي قيــم الهــدم متمثلــة فــي انعــدام العدالــة وتضييــع حقــوق البشــر مــن قبــل قــاض ظالــم ينتصــر للباطــل فدجاجة القاضــي طــارت مــع أنهــا كانــت مذبوحــة فكيــف طــارت فــي عــرف القاضــي الــذي يتكــئ عنــد تمريــره الباطــل علــى النــص الديني ليقمــع أصحــاب الحقوق ويبتزهــم حقوقهــم، وهــل أفســد الديــن إال القضــاة وعلمــاء الســوء الذيــن يحرفــون الكلــم عــن مواضعــه، ولعــل الــرد الناجــح علــى قضــاة بهــذا القــدر مــن االتســاخ صفعــة جحــا للقاضــي الظالــم الــذي قضــى بعشــرين دينــار لجحا كمــا -تقــول الحكايــة األخــرى- مقابــل تنازلــه عــن اللطمــة التــي تلقاهــا خــده مــن قريــب القاضــي المداهــن. ومثــل هــذا تــرى أن قيــم المواطنــة تكاد تنحســر ــا إال رمــزا ــل هن ــل الســلطان وهــل الفي ــة أمــام عبــث في مــع صمــت األغلبيــة ــة والبريئ ــى صــدور األحــام الوردي ــاد الجاثمــة عل ــم الهــدم واالضطه لقيلشــعوب تشــقى مــن أجــل راحــة حاكــم واحــد يبعــث بمقدراتهــا ويكــذب عليهــا ليــا ونهــارا ســرا وجهــارا والشــعوب تضيــع وحقوقهــا بصمتهــا المشــين ومــا

الصمــت فــي حقيقتــه ســوى العــار أو النــار كمــا قــال الشــاعر /الشــاعر.

11

ــًة ــي متطرق ــار حكائ ــي مس ــة النصــوص أو القصــص ف ــير بقي ــذا تس وهكــة ــا، كحماي ــا عنده ــي وقفن ــات الت ــن الحكاي ــًة ع ــل أهمي ــاٍت ال تق لموضوعــدى ــاً ل ــا حلم ــاواة باعتباره ــة، والمس ــات، والمواطن ــدد الزوج ــى وتع األنث

ــع... ــدى المجتم ــبابي، ول ــل الش الجيوهكــذا يحــق لنــا القــول أن هــذا العمــل يعــد عمــاً ببلوغرافيــاً مصغــراً يمكــن أن يكــون فــي ذاتــه تعبيــراً عــن القيــم والمبــادئ المنشــودة التــي تشــكل فــي

مجموعهــا مفهــوم المواطنــة والحلــم بالمجتمــع المدنــي.

1212

بقلم: عبد الرزاق كمون

13

حكايتي مع الحكاية بقلم: عبد الرزاق كمون- تونس

الذاكــرة حيــة وخصبــة وموحيــة وهــى معطــاة كاألرض تراهــا هامــدة )فــاذا أنزلنــا عليهــا المــاء اهتــزت وربــت وأنبتــت مــن كل زوج بهيــج (

الذاكــرة مكنــز المعــارف والتجــارب والخبــرات يبــدأ تراكمهــا منــذ التكويــن وتنمــو صعــدا ثــم تفنــى االجســاد ويبقــى مــا فــي الذاكــرة محمــوال فــي أجســاد

حيــة فــا يفنــى.الذاكــرة يحفظهــا االبــداع وتحفظــه.. مــن نقــوش الكهــوف إلــى معلقــات الشــعر الــى أوابــد العمــران الــى الكتــب نبحــر أو نغــوص فنســتخرج اللؤلــؤ

ــان. والمرجإن العمــل ونتاجــه يحفظــان الذكــر فيمنعــان انقطاعــه, وهــو الذاكــرة الولــود

تتناســل أفــكارا وســلوكا وفنــا يســحر األلبــاب.إننــا ال ننشــأ مــن عــدم.. نــرى ونســمع و نقــرأ ونخــزن قصدنــا أم لــم نقصــد؟! ــا وســمعنا ــا رأين ــع م ــن م ــه متناصي ــداع نأتي ــا شــيكان اإلب ــتبد بن ــن يس وحي

وقرأنــا وعشــنا.ســألج الحديــث عــن الذاكــرة اليــوم مــن بــاب الحكايــة وهــى ضــرب مــن فنــون

القــول يتــوارى حتــى ال نــراه فلــوال ثــم يكتســح متوجــا بالغــار.يقــول الناقــد التونســي عبــد العزيــز بــن عرفــة » يمكــن تفســير العــودة إلــى ــاخ ــجام أو من ــاخ االنس ــال من ــى إج ــودة إل ــا ع ــى أنه ــات عل ــة الخراف كتاباألحــام الــذى يخلــو مــن القطيعــة والتــأزم والتوتــر. فهــذا العــود علــى بــدء ــى ــزع إل ــذى ين ــى الماضــي ال ــا إل ــت حنينن ــتطيع أن نكب ــن نس ــا ل ــى أنن يعن

ــا الحســاب معــه بشــكل نهائــي«. ــا صفين ــا نتصــور أنن إعــادة مــا كنوحيــن أسســنا فــي أول تســعينات القــرن الماضــي معــرض صفاقــس لكتــاب الطفــل كان همنــا الرئيــس المســاهمة فــي تنميــة الميــول القرائيــة لــدى األطفال الذيــن هجــروا القــراءة المتفاعلــة النشــطة, إلــى الفرجــة الوادعــة المريحــة, وكان أن اســتنجدنا بالحكايــة – وهــى كتــاب مســموع - وفاجأنــا تفاعــل

14

ــا ــت يومه ــارا, انبري ــرض حضــورا ق ــي المع ــة ف ــا للحكاي ــال فجعلن األطفلتقديــم أولــى الحكايــات فــي معــرض كتــاب األطفــال... لــم أتــدرب قاصــدا, ولــم أحتــرف, ولكــن المنجــدة الملهمــة حضــرت بقــوة إْن فــي النصــوص أو فــي طرائــق األداء. ورويــت حكايــات مــن التــراث القديــم والجديــد للصغــار والكبــار وفــى فضــاءات أكبــر وأبعــد حتــى ذهبــت إلــى تكويــن حكائيــن شــبان, ــوا... ــت انهل ــا وقل ــي ومنابعه ــا قدمــت تجربت ــات وإنم ــم أبحــث عــن نظري لوانهلــوا مــن ذاكرتكــم. المهــم أن يكــون الحــب دليــا مرشــدا.. وأســتعيد اليــوم

حكايتــي مــع الحكايــة.ــدي عمــة ــت لوال ــي. كان ــة معلمت ــت الحكاي ــل المدرســة كان ــاب وقب ــل الكت قبعجــوز محنيــة الظهــر إلــى األرض ولــم تكــن فــي حاجــه ألن ترفــع رأســها لكــى ترانــي، كنــُت مــن ضآلــة حجمــي أرفــع أنــا رأســي إليهــا لتقبلنــي وكانــت ــا ــا ابنته ــا دائم ــنة، ترافقه ــي الس ــرة ف ــرر إال م ــا ال يتك ــا حدث ــا إلين زيارتهوحفيدتهــا آســيا.. صبيــة ســاحرة أكاد ال أذكــر مامــح وجههــا ولــم أرهــا منــذ عقــود وال أعــرف إن كانــت بعــد علــى قيــد الحيــاة ولكنهــا حيــة فــي ذاكرتــي

وفــى وجدانــي وال تبــرح وال تغــادر.كنــت أنتظــر قــدوم المســاء وأســتعجل العشــاء أللتحــق بهــا فــي غرفــة النــول, ــيا. ــا وآس ــي وابنته ــة لعمت ــى مضاف ــول تتحــول إل ــة الن ــاج, وغرف جــدى نسوال تقاليــد عندنــا للســهر, فوســائل اإلضــاءة بدائيــة حتــى أن القمــر يخســفها ــي ــي ف ــغل الفاح ــات, والش ــة لألمه ــت منهك ــال البي ــل, وأعم ــم يكتم ــو ل ولــهر أو ــا للس ــم مزاج ــى له ــال وال يبق ــد الرج ــم يه ــن وبيادره ــول اآلخري حقــال ــر األطف ــى غي ــة وال يبق ــى فراش ــأوي إل ــاء ي ــد العش ــكل بع ــث, وال للحديفــي ) الحــوش ( الواســع يشــغلهم لهوهــم حتــى اإلعيــاء إال أنــا، ألتصــق ــة ــا العجيب ــن حكاياته ــة م ــي فاصل ــي ال تفوتن ــس ك ــع النف ــيا وأكاد أقط بآسوالغريبــة الطويلــة المتشــعبة األحــداث المتعــددة األبطــال..« وســبعة صبايــا فــي قصبايــة يطيــح الليــل وناكلهــم. » وعلــى ولــد الســلطان » و » عــزوزه الســتوت ال يرحمهــا نهــار تمــوت« وهــات مــن تلــك العقبــات الــكأداء التــي ــاد بــاد األغــوال ــى ارتي ــه والتــي تضطــره إل تحــول بيــن الحبيــب ومحبوبت

15

واألهــوال والجــن والعفاريــت ليأتــي » بالتفــاح اللــي يفــوح ويــرد الــروح » ــم يتزوجهــا. ــرة ث ليشــفي األمي

كانــت آســيا نهــرا متدفقــا مــن الحكايــات وكنــت نهمــا ال أشــبع, وال أحــب أن تصــل الحكايــات إلــى خواتــم أبــدا. وكنــت مســتعدا لمصارعــه الغيــان مــن أجــل أن تبقــى آســيا لكــي تحكــى وأســمع وال يطلــع النهــار,, لــم يكــن لحكايــات ــه ــا هاب ــارة الشــهيرة »وخرافتن ــك العب ــا بتل ــى وهــى تختمه ــم حت آســيا خوات

هابــة... والعــام الجــاى تجينــا صابــه«.تمتــد الحكايــة فــي وجدانــي أفقــا بــا حــدود وأمشــى خائفــا أترقــب أن يطلــع ــل ــكار الح ــن ابت ــد م ــه » وال ب ــزوزة القايل ــي » ع ــول أو تخطفن ــى الغ علــه ــرق, هزيمت ــة ال ف ــول الخراف ــع كغ ــول الواق ــة فغ ــآزق الممكن ــاوز الم لتجممكنــة, وأنــا البطــل الخــارق أنتصــر كــي ال تنتهــى الحكايــة.. وهــى ال تنتهى.ــا القصــص - ــوزع علين ــر المدرســة لي ــا مدي ــن دعان ــا فاصــا حي وكان يومــب المنهــج ــب المطالعــة مــن خــارج كت ــى كت ــاه عل ــذى أطلقن ــك االســم ال ذل– كنــت فــي الصــف الثالــث االبتدائــي, وقبــل ذلــك لــم أر غيــر كتــاب القــرآن فــي البيــت واســمه » الختمــة » أو » الســتين حــزب » ثــم الكتــاب المدرســي

المقــرر.تســلمت قصتــي األولــى مــن المدرســة وعنوانهــا »حبــة القمــح » مــن إصــدار ــر ــى أتذك ــة ولكن ــون القص ــوم مضم ــر الي ــة, ال أذك ــارف المصري دار المعفرحتــي العارمــة وتاريخيــة يومــي ذاك, حيــن اندفعــت إلــى مطالعتهــا تحــت ــع ــاوب م ــام مدرســتنا وتتن ــة تنتصــب أم ظــال أشــجار الصفصــاف الوارفــد ــا فــي قيــظ الصيــف أو زمهريــر الشــتاء. البيــت بعي ــى إيوائن المدرســة علعــن المدرســة والدراســة حصتــان صباحيــة ومســائية وال مجــال للتــردد علــى

البيــت فــي مــا بيــن الحصتيــن.ــت ــى أتي ــي حت ــا قصــص زمائ ــادل به ــت أب ــا وطفق ــت القصــة التهام التهمعلــى مطالعــة كل القصــص الموزعــة آنــذاك فــي اســتراحة مــا بيــن الحصتين. ــم ينقطــع بينــي وبيــن الكتــاب والمطالعــة, ووجــدت وتأســس حــب عجيــب لفــي القصــص أبطــاال صغــارا مثلــى, أرانــب وســناجيب, عصافيــر فــي منتهى

16

العقــل والحكمــة.شــغفني حــب القصــص فأدمنــت مطالعتهــا, ولكنــى لــم أجدها خارج المدرســة,

وال بــد مــن العــودة اليهــا مســتمعا حيــث ال كتب.عندمــا غادرنــا »الحــوش« الكبيــر إلــى بيــت يخــص عائلتنــا الصغيــرة، بقيــت مشــدودا إلــى ذكرياتــي فــي »الحــوش« القديــم، وكانــت طريقــي مــن المدرســة إلــى بيتنــا الجديــد تطــول ألنــى أعــرج دائمــا علــى جــدى، وبرنامــج الزيــارة ــة » ــن » الختم ــراءة لك ــرف الق ــي ال تع ــال، جدت ــوم دون إم ــرر كل ي يتكــم ــرف الخشــبي المشــغول بتخري ــي ال ــة ف ــة تتصــدر الغرف ــا األربع بأرباعهونقــش فــي غايــة الروعــة وبجانــب المصبــاح الزجاجــي الملــون وهــذه آخــر صيحــة حينــذاك فــي عالــم اإلنــارة بعــد قنديــل الزيــت و«الكربيلــه« مصبــاح الزجــاج يشــتغل »بالقــاز« وهــو النفــط ولذلــك نســميه » قــازة » وجــدى الــذى ال يقــرأ فخــور بأنــى أقــراء، وهــو كل يــوم يطلــب أن أتلــو عليــه ســورة مــن ــه، ــي تعني ــي الت ــة، فالقصــة ه ــن الســور القصصي ــن بي ــا م ــران ويحدده القيوســف وإدريــس ومريــم والكهــف، وأشــترط عليــه المقايضــة قصــة بقصــة.. أتلــو الســورة ثــم أقبــل عليــه يــروى لــي مــن قصــص األنبيــاء فــي صياغــة شــعبية مليئــة بالتفاصيــل التــي تنســج مــن الخيــال واقعــا متجســدا تــراه بأذنيــك ــو ــس.. وشــاطئها ه ــا صفاق ــز مدينتن ــح يوســف عزي ــك فيصب وتعيشــه بكيانالــذى شــهد خــروج يوســف مــن بطــن الحــوت، والنخلــة الســامقة فــي الجــوار

هــي التــي هــزت مريــم بجذعهــا حيــن إنتبذتهــا مــن أهلهــا مكانــا قصيــا.ــدس، ــن المق ــدث ع ــه يتح ــعرك بأن ــاء، ال يش ــن األنبي ــدى ع ــدث ج وإذ يتحــرة ــا وغــادروا ولكــن العب ــى هــذه الدني ــاس حضــروا ال هــو يتحــدث عــن أنــا ــا م ــو خــارق.. وغالب ــى وه ــا حت ــذى تجــده ممكن ــم البشــرى ال ــي كفاحك فتأتــى الخــوارق إلــى قصــص جــدى عــن األنبيــاء مــن الخرافــات والحكايــات الشــعبية فــا غضاضــة عنــده فــي التقــاء نبــي وعفريــت.. والعفريــت ينبغــي

ــه. ــي علي ــى النتصــار النب ــا معن ــرة، وإال ف ــارا مــن الجباب أن يكــون جببيتنــا الجديــد أقــرب إلــى مركــز المدينــة مــن بيــت جــدى، ولكــن المدينــة التــي ــا، ــة والتجــوال فيه ــارة المدين ــد زي ــة العي ــدة جــدا، عيدي ــدو بعي ــا تب ال نعرفه

17

وفــى العيــد تكــون خاليــة وعديمــة الحركــة إال مــن الباعــة المتجوليــن أو المنتصبيــن عرضيــا فــي مدخليهــا الشــمالي والجنوبــي، ورغــم ذلــك كنــا

نجدهــا تضــج بالحيــاة.لــم تبهرنــي المدينــة بســورها الشــاهق أو أبوابهــا الرحبــة أو مبانيهــا

المتاصقــة الممتــدة بــا أفــق وكأنهــا ال تنتهــى.ــداوى »..رجــل ــة » الف ــي« حلق ــاب الجبل ــي ســاحة »ب ــت تشــدني ف كانيمســك عصــا طويلــة يقــف بين لوحــات فجة األلوان يفرشــها علــى أرضية الميــدان وحولــة حشــد مــن النــاس، كبــارا وصغــارا، أشــق طريقــي بينهــم إلــى الصــف االول.. أنشــد إلــى »الفــداوى » وهــو يحكــى عــن » ســيدنا ــي شــعورها« وعــن ــة ف ــة المخبل ــى وراس الغــول » وعــن »الزازي عل»بــو زيــد الهالــي« فــي صوالتــه وجوالتــه ثــم يشــير إلــى الصــور حيــث تتجســد الشــخصيات، وتتدفــق الحكايــات مــن قمــة إلــى الــروح بــا قســر أو فجاجــة. باهــرة تقطــع األنفــاس وال يســتعيد النــاس أنفاســهم المقطوعــة إال حيــن يتوقــف عــن الحكــي، ويخلــع شاشــيته طائفــا بهــا علــى الجميــع فيتســابق كثيــرون إللقــاء قطــع النقــد جــزاء وفاقــا علــى مــا اســتمعوا بــه

مــن ســاحر الحكايــات.تلــك مصــادري األولــى: أســيا والكتــاب وجــدى و«الفــداوى« ثــم أصبحت الحكايــة ضالتــي حيــث مــا أجدهــا التقطهــا، وترســخ حســن أعيــد روايتها، وهــى مــن أطبــاق الضيافــة التــي كنــت أقدمهــا لتســلية زوارنــا مــن مســنى

العائلــة: عمــات وخــاالت وأعمــام وأخــوال.ــي ــو حكوات ــة وه ــي اإلذاع ــروى ف ــز الع ــد العزي ــوم عب ــم كان المرح ثــر ــا عب ــس وكان حضــوره يومي ــل تون ــد كل أه ــر عن ــد الذك ــدع، خال مبأســماره المكتنــزة باألمثــال والحكــم الشــعبية، وموعــد حكاياتــه األســبوعي ــال ــه لألمث ــي وتضمين ــي الحك ــه ف ــرون بطريقت ــاس، فينبه ــه الن ال يخلفواألقــوال فــي حكاياتــه وثــراء قصصــه بالحكــم والعبــر التــي تنســاب إلــى

الــروح بــا قســر أو فجاجــة.ــة ــى روح ــا، وأحي ــن ال أتجاوزه ــة التكوي ــروى محط ــز الع ــد العزي عب

18

ــوره ــوت ودفء حض ــة بص ــه متوهج ــي تتقمص ــه الت ــي حكايات ــة ف الحيــة. ــى تضــج بالحرك ــدة وه ــا جام ــاب تخاله ــي كت ــن دفت ــى بي ــى وه حت

ــر ــم تقدي ــم ؟ لك ــا لك ــة أن أحكيه ــي مــع الحكاي ــت تســتحق حكايت هــل كانــم. ــت والســام عليك ــى ســعدت إذ حكي ــك ولكن ذل

1919

الباب األول

20

الحكاية األوىل:

«الحى الرمادي» إلهــــام الحدايب

2121

المواطنة هي :العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق

وواجبات, وهو ما يعنى إن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى االقتصادي أو االنتماء السياسي والموقف

الفكري.

22

كان يــا مــا كان، هنــاك مدينــة جميلــة وكبيــرة، ُعرفــت بجمــال مبانيهــا، ورونــق شــوارعها، وبهــاء بســاتينها، وُعــرف النــاس هنــاك بحبهــم الرتــداء أجمــل المابــس وتنــاول أفضــل أنــواع الطعــام، وكان أطفالهــم يحبــون المــرح

كثيــراً...أطفال يلعبون الغميضة....

وآخرون يلعبون نط الحبل.....والبعض اآلخر يلهون بالحشائش واألحجار الصغيرة.

كانت تلك المدينة تضج بالحياة: أصوات السيارات وصخب الناس..

وضحك يمأل أرجاء الشوارع..... هكذا هي أجواء تلك المدينة الجميلة.لكــن خلــف هــذه المدينــة كان هنــاك حــي صغيــر، ُيدعــى )الحــي الرمــادي(، أزقــة هــذا الحــي ضيقــة، ومنازلــه قديمــة جداً...والجــوع والخــوف والصمــت هــو لغــة هــذا الحــي فأطفالــه ال يلعبــون. وال يمرحــون، يقبعــون فــي منازلهــم بمابســهم الباليــة، ونســاؤهم ال تعــرف البســمة طريقهــا الــى شــفاههن، أمــا

رجالهــم فــا يتحدثــون إال نــادراً....ــة ــي المدين ــوا ف ــر ليتمش ــا الصغي ــه وطفلهم ــل وامرأت ــرج رج ــوم خ ذات يالجميلــة، كان طفلهمــا الصغيــر يلعــب بكرتــه أمامهمــا، وينــط هنــا وهنــاك.. ــت ــر ودخل ــك تدحرجــت كــرة الصغي ــاء ذل ــا، وأثن ــدان بحديثهم انشــغل الوالإلــى المنفــذ الــذي يــؤدي إلــى الحــي الرمــادي، بحــث عــن كرتــه هنــا وهنــاك..

أين كرتي ؟..أين كرتي؟.. -ــاً لكــن فجــأة، تراجــع إلــى الخلــف عندمــا رأى أطفــال فــي نفــس ســنه تقريبأشــكالهم غريبــة، لقــد كانــوا يرتــدون أســماالً مــن الثيــاب ونظــرات البــؤس تمــأل وجوهــم الصغيــرة، كانــوا يمســكون بكرتــه بشــكل غريــب، ويتلمســون

ألوانهــا الزاهيــة... اقتــرب منهــم الصغيــر وقــال: يمكننا أن نلعب بها معاً.. -

تراجــع األطفــال إلــى الخلــف وهــم خائفــون، اقتــرب منهــم الصغيــر مجــدداً

23

وقــال مبتســماً:يمكننا أن نلعب بها معاً. -

لكنهم واصلوا تراجعهم إلى الخلف، عند ذلك قال لهم الصغير:يمكنكم أن تحتفظوا بها فأنا لدي واحدة أخرى في المنزل، -

ثــم عــاد الصغيــر أدراجــه. وأثنــاء حديــث الوالديــن افتقــدا طفلهمــا الصغيــر فبــدآ بالبحــث عنــه:

محمود...محمود.. أين أنت يا محمود؟ -بعد قليل خرج الصغير من منفذ الحي الرمادي، صرخت األم فزعة:

أين كنت؟! - أشار الصغير إلى ذلك المنفذ، لتصرخ به األم مجدداً:

ولماذا ذهبت إلى هناك؟ -تدحرجت كرتي إلى هناك فتبعتها..، -

مرة أخرى إذا تدحرجت كرتك إلى هناك دعها وعد.. -لكن من هؤالء يا أمي؟ -

هــؤالء أنــاس مجرمــون وشــريرون... حــذاري أن تذهــب هنــاك مــرة -أخــرى،

أعاد الصغير السؤال لوالده: من هؤالء يا أبي؟ -

اسمع كام أمك يا بني فقط. -ــل، ــة، القت ــة الجميل ــي المدين ــة ف ــر الجريم ــأة تنتش ــدة، وفج ــنين عدي ــر س تموالســرقة وشــتى أنــواع الجرائــم، ويتعــب رجــال الشــرطة فــي البحــث عــن المجرميــن، وبعــد بحــث طويــل يتضــح أن الفاعليــن هــم مــن ســكان المدينــة الرماديــة. ويجتمــع كبــار المدينــة الجريمــة ليتناقشــوا فــي هــذه المشــكلة، قــال

القاضــي: أقترح أن نأتي بصخرة كبيرة فنسد بها منفذهم فا يأتوا إلينا أبداً -

وقال الطبيب: أما أنا فأقترح أن نحقنهم بحقن ملوثة فيموتوا ونتخلص منهم. -

24

وقال الضابط:- أما أنا فأقترح أن ندفنهم وهم أحياء.

وقال الحداد: وأنا أقترح أن نحرق منازلهم فيذهبوا بعيداً وال يعودوا هنا أبداً، -

بقي المعلم صامتاً فسأله القاضي: وما رأيك أنت أيها المعلم؟ -

قال المعلم:أما أنا فأقترح أن نبني لهم مدرسة صغيرة تعلمهم لغة األلوان. -

ضــج المجلــس بالضحــك مــن هــذا االقتــراح الســاذج، وتفــرق الجميــع دون أن يتوصلــوا إلــى حــل، وتواصــل انتشــار الجريمــة.

وبعــد أســابيع قــرر المعلــم أن يتوجــه إلى الحــي الرمادي، أخذ حقيبــة صغيرة، وجمــع أدواتــه وبعــض كتبــه ومابســه ثــم توجــه إلــى منفــذ الحــي الرمــادي، ــم ــاً، ث ــل عشــرين عام ــا قب ــي تدحرجــت هن ــه الت وعندمــا وصــل تذكــر كرتتأمــل المامــح البائســة والمنازلــة الباليــة وطلــب منهــم منــزالً صغيــراً ليبــدأ

عملــه، قــام المعلــم بتعليــم ســكان ذلــك الحــي لغــة األلــوان.علمهم معنى زرقة السماء

وخضرة األرض وبياض االبتسامة

وأن األوطان تبنى...بحوار عقولها... جميعا

وتكاتف سواعدها.. جميعا ــذه ــي ه ــن ف ــن الوحيدي ــادي ليســا اللوني ــون األســود والرم ــم إال أن الل ونبههالحيــاة، وبعــد زمــن خفــت الجريمــة فــي المدينــة الرماديــة إال أن تاشــت... وصــار ذلــك الحــي الرمــادي ُيعــرف )بحــي األلــوان(، وصــارت تلــك المدينــة

الكبيــرة تفخــر بهــذا الحــي الجميــل.

25

الحكاية الثانية:

«طائر امللك» من الحكايات الشعبية يف «املقاطرة»

جمعها ونقحها: يوسف شمســـــان

2626

)لجميــع الشــعوب حــق تقريــر مصيرهــا بنفســها وهــى بمقتضــى هــذا الحــق حــرة فــي تقريــر مركزهــا السياســي وحــرة فــي الســعي لتحقيــق نمائهــا

االقتصــادي واالجتماعــي والثقافــي(مادة)1( من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

27

ــال ــن الجب ــت بي ــة قام ــان مملك ــر والزم ــالف العص ــي س ــا كان ف ــا م كان يوكانــت تختلــف عــن الممالــك فــي إدارة حكمهــا كل االختــاف. فالملــك فيهــا ال يــورث الحكــم البنــه مــن بعــده. فقــد اتفــق ســكان هــذه المملكــة مــن غابــر األزمــان أن الملــك هــو مــن يقــف علــى رأســه طيــر يســمى )طيــر الملــك(. ــر ــا يظه ــن حينم ــا، ولك ــر أو يتواجــد دائم ــن يظه ــم يك ــذا ل ــك ه ــر المل وطييعــرف النــاس أنــه حــان الوقــت الختيــار ملــك جديــد حتــى وإن كان ملكهــم مــازال قــادرا علــى الحكــم. وكان جميــع الملــوك يحترمــون هــذه القاعــدة وال

ــا. يخالفونهــي جمــع الحطــب ــه ف ــر يعمــل هــو وابن ــي هــذه المملكــة حطــاب فقي كان فمــن الغابــة ويبيعونــه للنــاس لتوفيــر لقمــة عيشــهم. وقــد اشــتهر هــذا الحطــاب بــأن الســرور ال يفــارق وجهــه وأنــه يعيــش حيــاة ســعيدة رغــم فقــره وذلــك ــن ــه م ــى قلب ــع أو الجشــع إل ــن للطم ــم يك ــه هللا، ول ــا رزق ــا بم ــه كان قانع أنســبيل. وألنــه يــأكل مــن عــرق جبينــه وكــد يــده, فلــم يكــن عليــه ديــن ألحــد. ــم الســعادة والســرور وهــو مــا كان يزعــج جــاره التاجــر الجشــع. فــكان دائوالــذي كان يحســده علــى ســعادته وكان يتمنــى أن يجــد الفرصــة التــي يقلــب ســعادة هــذه األســرة الــى أحــزان. وكان هــذا التاجــر صديقــا للوزيــر ودائمــا

مــا يوغــر صــدره علــى هــذا الحطــاب المســكين. فــي أحــد األيــام وبينمــا كان الحطــاب يعمــل فــي الغابــة إذا بــه يجــد عشــا فيــه بيضــة واحــدة ذات ألــوان جميلــة وأشــكال رائعــة. وكان كل مــن فــي المملكــة يعرفــون لمــن هــذه البيضــة فهــي لطيــر الملــك. وهــذا يعنــى أن وقــت اختيــار ملــك جديــد قــد اقتــرب. عــاد الحطــاب إلــى بيتــه وأخبــر زوجتــه بمــا رأى وأن

عليــه أن يخبــر الوزيــر بذلــك. فقالــت لــه: ــى ــر إل ــا وجــدت وهــو ســينقل الخب ــا التاجــر بم ــر جارن ــاذا ال تخب لم -ــر. ــى القص ــاب إل ــاء الذه ــك عن ــى نفس ــتوفر عل ــه وس ــو صديق ــر فه الوزي استحســن الحطــاب رأي زوجتــه وذهــب إلى جــاره التاجر وأخبــره بما وجده. ارتعــب التاجــر ممــا ســمع وخــاف علــى تجارتــه التــي يديرهــا بدعــم الوزيــر أن تنتهــى إذا قــام الملــك الجديــد بتعييــن وزيــر جديــد. ذهــب التاجــر ليخبــر

28

الوزيــر بمــا ســمعه ويتباحــث معــه فــي كيفيــة تدبــر هــذا األمــر واالســتعداد ــل لــه. طلــب الوزيــر احضــار الحطــاب إليــه ليتأكــد بنفســه مــن األمــر. تدخَّــاب إحضــار ــن الحط ــت م ــو طلب ــه ل ــال ل ــر وق ــد الوزي ــع عن ــر الجش التاجالبيضــة وأخفيناهــا ســيكون لدينــا متســع مــن الوقــت لتدبــر األمــر. وألن طيــر ــد ــك جدي ــة مل ــوا بتهيئ ــم أن يقوم ــة, كان عليه ــيظهر ال محال ــك كان س المليعلمــون أنــه ســيرعى مصالحهــم ولــن يتغيــر موقــع الوزيــر بوجــوده. وقــرر ــه, ولكــي ــك مــن بعــد أبي ــك ليكــون المل ــن المل ــز اب ــر أن عليهــم تجهي الوزيتزيــد حظوظــه عليهــم أن يقومــوا بتزويجــه مــن ابنــة ســلطان عظيــم. وحتــى يضيــع خبــر طيــر الملــك كان عليهــم أن يجــدوا حيلــة للتخلــص ولــو مؤقتــا ــلطان ــة س ــد ابن ــب ي ــب لطل ــاب أن يذه ــر الحط ــر الوزي ــاب. فأم ــن الحط مالصيــن العظيــم عروســاً لملكهــم الجديــد وأن يعــود بهــا. كان الجميــع يــدرك ــم يعــد أحــد مــن تلــك الرحلــة ســابقا أن مــن يذهــب إلــى هنــاك لــن يعــود فل

بســبب الصعــاب والمخاطــر التــي تنتظــره... ــى ــادرا عل ــه مــازال شــابا وق ــده كون ــدالً وال ــن الحطــاب للســفر ب تطــوع ابــاب ــذا الش ــه ه ــدم علي ــا أق ــر بم ــأ الوزي ــر. تفاج ــاب والمخاط ــاز الصع اجتيولكنــه لــم يجــد بــدا مــن ذلــك ولكنــه ادعــى أن الولــد قــد ال يعــود ولذلــك قــرر أن يبقــى الحطــاب فــي ســجن القصــر حتــى يعــو ابنــه مــن رحلتــه وهــو مــا يضمــن عــدم ذيــوع ســر طيــر الملــك. كمــا وضــع الوزيــر شــرطا تعجيزيــاً آخــر وهــو أن يعــود ابــن الحطــاب مــن رحلتــه قبــل أن تنقضــي فتــرة ســتة

أشــهر مــن ســفره. قبــل الحطــاب الشــاب هــذه الشــروط ولكــن خبرتــه البســيطة لــم تكــن لتســاعده علــى التجهيــز لمثــل هــذه الرحلــة فلجــأ إلــى عجــوز حكيمــة ليأخــذ نصيحتهــا

فــي مــا قــد يحتــاج إليــه. فقالــت لــه العجــوز الحكيمــة:عليــك أن تأخــذ أربعــة جمــال محملــة بالحبــوب وأربعــة جمــال محملــة -بالمــاء وأربعــة جمــال محملــة بالهدايــا ليزفهــا مهــرا للعــروس وأربعــة ــه ــى نفس ــاظ عل ــه للحف ــد يحتاج ــا ق ــاب وكل م ــذاء والثي ــة بالغ ــال محمل جمأثنــاء الرحلــة. توجــه الحطــاب الشــاب إلــى الوزيــر وطلــب منــه توفيــر هــذه

29

ــه. ــام برحلت ــن القي ــن م ــات ليتمك الطلب أمــر الوزيــر بتجهيــز القافلــة التــي طلبهــا الحطــاب الشــاب بينما ذهب الشــاب لتوديــع والــده ووعــده بأنــه ســيعود وســيخرجه مــن ســجنه. وفــي صبــاح اليــوم ــي ــاس ف ــن وكان الن ــاد الصي ــه نحــو ب ــي ســار الحطــاب الشــاب بقافلت التال

توديعــه عنــد أبــواب المدينــة يدعــون لــه بالتوفيــق فــي رحلتــه. ســارت القافلــة أليــام قطعــت فيهــا الجبــال واألوديــة حتــى وصــل إلــى وادي يقــال لــه وادي النمــل. وحيــن دخــل هــذا الــوادي تفاجــأ مــن حشــود النمــل التي ــة حيــث مــا التفــت ــه وأحجــاره وأشــجاره بأعــداد هائل ــوادي بتراب غطــت ال

وجدهــا متحفــزة للهجــوم عليــه. فبادرهــا بالتحيــة قائــا :ــوال ــل ل ــوع النم ــه جم ــل فــردت علي ــر النم ــا معش ــم ي ــام عليك الس -ــم ــا لحمــك وعظامــك نحــن فــي جــوع وقحــط ل ســامك ســبق كامــك ألكلن

نعــرف الحبــة منــذ ســنة... فمــن أنــت أيهــا الشــاب ومــاذا تريــد؟ مــا أنــا إال ابــن حطــاب فقيــر ذاهــب إلحضار عــروس الســلطان ألحرر -أبــي مــن ســجنه وإن معــي مــن الحبــوب الكثيــر فخــذوا حمــل تلــك الجمــال

ــًة أقدمهــا لكــم عــن طيــب خاطــر. مــن الحبــوب هدي فرحــت النمــل واستبشــرت بهــذه الهديــة الغاليــة وفــي دقائــق كانــت قــد نقلــت كل الحبــوب إلــى أوكارهــا لتســتفيد منهــا وبعدهــا اجتمعــت وقالت أيها الشــاب:إن كرمــك يحتــم علينــا أن نقــدم لــك هديــة وهــي هــذه الحبــة مــن الــذرة -فــإذا احتجــت لنــا فــي يــوم مــن األيــام فمــا عليــك ســوى أن تقــوم بكســر هــذه

ــة وســتجدنا طــوع أمــرك. الحبأخــذ الشــاب تلــك الحبــة ووضعهــا فــي جيبــه شــاكرا لهــم تلــك الهديــة ومضــى ــى واد تمــأله النســور والصقــور. ــام وصــل إل ــة وبعــد أي ــه الطويل فــي رحلتتحــوم فــي ســماه وتحــط علــى أحجــاره وأشــجاره وتنضــر إليــه بعيــون كلهــا

رغبــة فــي أكلــه فبادرهــا بالتحيــة قائــا: السام عليكم معشر النسور والصقور. -

فردوا قائلين:لــوال ســامك ســبق كامــك ألكلنــا لحمــك وعظامــك نحــن فــي جــوع -

30

شــديد لــم نــذق اللحــم منــذ ســنة فمــن أنــت؟ ومــاذا تريــد؟ قال بن الحطاب:

- أنــا ابــن حطــاب فقيــر ذاهــب ألحضــر عــروس الســلطان كــي أحــرر أبــي مــن الســجن وإنــي أشــفق عليكــم فخــذوا األربعــة جمــال التــي ال تحمــل

ــب خاطــر. ــي عــن طي ــة من شــيء هديفرحــت النســور والصقــور بهــذه الهديــة وانقضــت علــى الجمــال تنهــش لحمها

حتــى شــبع كل مــن فــي الــواد ثــم اجتمعــت مــن جديــد وقالــت: أيهــا الشــاب مقابــل جــودك وكرمــك ســنمنحك هذه الريشــة فــإذا احتجت -لنــا فــي يــوم مــن األيــام فمــا عليــك إال أن تطلــق هــذه الريشــة للريــح وســتجدنا

تحــت أمــرك وفــي خدمتــك.أخــذ الحطــاب الشــاب الريشــة وشــكرهم علــى هــذه الهديــة الثمينــة ثــم مضــى ــن ــكنه الج ــى واد تس ــل إل ــام وص ــد أي ــد وبع ــن جدي ــه م ــق رحلت ــي طري فوالعفاريــت فاحتشــدت لوصولــه ورأتــه غنيمــة لــم تكــن فــي الحســبان وبادرها

بالتحيــة:- السام عليكم معشر الجن والعفاريت..

فقالوا له:لــوال ســامك ســبق كامــك ألكلنــا لحمــك وعظامــك نحــن فــي عطــش -

ــد؟ ــاذا تري ــت؟ وم ــن أن ــنة فم ــذ س ــاء من ــرف الم ــم نع ــديد ل ش فأجابهم قائا:

أنــا ابــن حطــاب فقيــر ذاهــب ألحضــر عــروس الســلطان فيتحــرر أبــي -مــن ســجنه وإن معــي لكــم أربعــة جمــال محملــة بالمــاء خذوهــا بمــا حملــت

ــي مــن طيــب خاطــر. ــة من هديــى ــة انقضــاض األســد عل ــى الهدي ــت وانقضــت عل فرحــت الجــن والعفاري

ــت: ــوت قال ــد أن شــبعت وارت فريســته وبعــام ــوم مــن األي ــي ي ــك ف ــك معروف ــرد ل ــا أن ن ــد لن ــا الحطــاب الب - أيهفخــذ هــذه الشــعرة هديــة منــا فــإذا مــا احتجــت لنــا فاحرقهــا وســتجدنا عنــدك

ــرك. ــوع ام وط

31

فأخــذ الشــاب تلــك الشــعرة ولفهــا حــول إصبعــه ومضــى فــي طريــق رحلتــه مــن جديــد...

بعــد أيــام الحــت لــه مدينــه ســلطان الصيــن العظيــم فاستبشــر وفــرح ــة واســتراح ــى المدين ــد أن وصــل إل ــكان ســالما وبع ــذا الم ــى ه ــه ال بوصولمــن عنــاء رحلتــه ذهــب إلــى قصــر الســلطان وأخبرهــم إنــه جــاء رســول مــن ــم زوجــة ــن العظي ــة ســلطان الصي ــك ليخطــب ابن ــر المل ــة طي ســلطان مملكلملكهــم الجديــد وافــق ســلطان الصيــن علــى طلبــه ولكــن عليــه أوال أن يجتــاز ــازه فســوف يرســلونها معــه وإذا ــإذا نجــح فــي اجتي ــك ف ــار المعــد لذل االختب

ــال الحطــاب الشــاب: ــه. ق ــى طلب ــه المــوت عل فشــل فســيكون عقابــر ــا ســأتمكن مــن تحري ــار طالم ــم االســتعداد لهــذا االختب ــى أت ــا عل أن -

أبــي مــن ســجنه فمــا هــو هــذا االمتحــان؟ فأمــر ســلطان الصيــن بــأن يؤخــذ إلــى االختبــار األول وهــو مخــزن كبيــر للحبــوب فيــه مــن كل أنــواع الحبــوب مخلوطــة مــع بعضهــا وعليــه أن يقــوم بفــرز كل نــوع مــن األنــواع لوحــده. وأعطــوه مهلــة إلنجــاز ذلــك فــي ثاثــة ــه مــن المســتحيل ــة وعــرف أن ــذ المهم ــي تنفي ــدأ الحطــاب الشــاب ف ــام. ب أيــم فجــأة ــه الهمــوم واألحــزان. ث ــأس واعتلت إنجازهــا فــي شــهور فخالجــه اليتذكــر الحبــة التــي أهدتــه إياهــا نمــل الــوادي فأخرجهــا مــن جيبه وقام بكســرها

وانتظــر قليــا فــإذا بجمــوع النمــل تزحــف داخلــة الــى عنــده ثــم قالــت:مرحبا أيها الحطاب الكريم بماذا تأمرنا فنطيعك؟ -

أشار إلى الحبوب وقال :أريدكم أن تفرزوا كل نوع من الحبوب على حدٍة!!! -

ــى ــاعات حت ــي إال س ــا ه ــي طــول وعــرض المخــزن وم ــل ف ــر النم فانتشصــار المخــزن مرتبــا كل صنــف مــن األصنــاف فــي كومــة مســتقلٍة، فشــكرها ــي ــا. ف ــى واديه ــدة ال ــت عائ ــروف ومض ــذا المع ــى ه ــاب عل ــاب الش الحطالصبــاح الحــظ حــراس المخــزن أن الشــاب قــد أنهــى مهمتــه األولــى بنجــاح فأثــار دهشــتهم وانطلقــوا إلخبــار الملــك بهــذا األمــر. فطلــب الملــك إحضــار ــه وســأله كيــف اســتطاع أن ينجــز هــذه المهمــة بهــذه الســرعة الحطــاب إلي

32

ــي اآلن ــأنفذها وإن ــف س ــس كي ــة ولي ــز المهم ــرط أن أنج ــه كان الش ــال ل فقــار الثانــي. ــذ االختب مســتعد لتنفي

أمــر الســلطان أن يجهــزوه لاختبــار الثانــي وكان لديهــم نخلــة عماقــه ــه كأس ــها ومع ــى رأس ــد إل ــه أن يصع ــماء وكان علي ــان الس ــي عن ــقة ف باسمملــوء بالزيــت دون أن يســكب منــه قطــرٍة ويعــود محمــا ببلــح مــن ثمرهــا وقــد وضعــوا حــول جــذع النخلــة قمــاش أبيــض حتــى يعرفــوا إذا مــا ســقطت قطــرة زيــت فســيجدونها بقعــة علــى ذاك القمــاش وســيعودون إليــه فــي اليــوم الثانــي. ثــم تركــوه هنــاك بجانــب النخلــة حائــرا كيــف ســينجز هــذه المهمــة. ــم ــة ث ــذه المهم ــى إنجــاز ه ــه عل ــي تعين ــر الحطــاب الشــاب بالوســيلة الت فكتذكــر الريشــة التــي أعطتهــا لــه النســور والصقــور فأخرجهــا ورماهــا للريــح ولــم يمــر ســوى وقــت قصيــر حتــى أقبلــت إليــه النســور والصقــور ثــم حيتــه

وقالــت: - أأمر فنطيع أيها الحطاب الكريم.

فقال:أريد ان أصعد إلى أعلى النخلة وأعود بثمرها!!! -

فحملتــه النســور إلــى أعلــى النخلــة وهنــاك اســتطاع أن يــرى جبــال مملكتــه ــي ضــوء ــألألت ف ــة ت ــه دمع ــى وســقطت من ــه فبك ــى والدي ــزه الشــوق إل فهالشــمس وهــي تهبــط نحــو األرض فرآهــا النــاس وصاحــوا لقــد فشــل الحطــاب وتلــك قطــرة الزيــت تهبــط نحــو األرض ســنذهب لنــرى مــاذا ســيصنع بــه. عندمــا وصــل النــاس كان الحطــاب قــد عــاد إلــى جانــب جــذع النخلــة يحمــل معــه ثمــرة مــن النخلــة وكأس الزيــت وتســاءل النــاس إن كان فعــا قــد أخفــق فــي هــذه المهمــة فقــال لهــم افحصــوا القمــاش فــإن كانــت قطــرة زيــت فســوف تجدونهــا عالقــة فيــه وإن كانــت دمعــة فقــد جفــت ولمــا تأكــدوا أنهــا لــم تكــن

قطــرة زيــت أبلغــوا الســلطان بنجــاح الحطــاب فــي تجــاوز هــذا االمتحــان. أمــر بــأن تجهــز ابنتــه ليزفهــا الحطــاب عروســة لملــك بــاده لكــن الحطــاب حينمــا جلــس يفكــر فــي المــدة التــي قضاهــا فــي رحلتــه وجدهــا أربعــة أشــهر ــة ســوى شــهرين ولــن يتمكــن مــن العــودة فــي الوقــت ــَق مــن المهل ــم يتب ول

33

ــن ــلطان الصي ــة س ــن مدين ــرة ع ــع األمي ــد م ــى ابتع ــر حت ــب. فانتظ المناسالعظيــم ثــم فــك الشــعرة المربوطــة حــول إصبعــه وأحرقهــا فأقبلــت إليــه الجــن

والعفاريــت وقالــت لــه:- بماذا تأمرنا ايها الحطاب الكريم ؟

فقال لهم:أريدكم أن تحملوني مع قافلتي إلى مشارف مملكة طير الملك!!! -

ــتراح ــاده فاس ــارف ب ــى مش ــه عل ــاب وقافلت ــن كان الحط ــة عي ــي طرف وفهنــاك وفــي الصبــاح دخــل المدينــة دخــول المنتصــر والنــاس يتجمعــون مــن حولــه فرحيــن بوصولــه حتــى وصــل إلــى قصــر الســلطان فاســتقبله الوزيــر علــى مضــض ولــم يكــن يرغــب فــي عودتــه أصــاً وقــام ورحــب باألميــرة غايــة الترحيــب وأمــر أن تنشــر الزينــات فــي كل البــاد احتفــاال بوصولهــا. ــراح ــق س ــر أن يطل ــن الوزي ــاب م ــاب الش ــب الحط ــت طل ــذا الوق ــي ه وفوالــده فهــو قــد أنجــز مــا عليــه وعلــى الوزيــر أن يفــي بوعــده. فأمــر الوزيــر بإطــاق ســراح الحطــاب المســجون ثــم أراد أن تتجهــز األميــرة ليزفهــا إلــى

ابــن الســلطان لكنهــا رفضــت وقالــت أنهــا لــن تكــون عروســاً إال للملــك. احتــار النــاس كيــف يصنعــون فــي هــذا األمــر فهــم يعتقــدون أنهــا عــروس ــأن ــم ب ــه وأخبره ــة ابن ــر بصحب ــاب الفقي ــر الحط ــا حظ ــلطان وهن ــن الس ابطيــر الملــك قــد ظهــر فــي الغابــة وأن عليهــم إحضــاره ليختــاروا ملــكاً جديــداً يحكمهــم. هلــل النــاس عنــد ســماعهم بهــذا الخبــر الســار وانطلقــوا بحثــاً عــن طيــر الملــك فاحضــروه إلــى المدينــة, حيــث اجتمــع كل مــن فيهــا لحضــور ــار ــة اختي ــي طريق ــودوا ف ــا تع ــم حســب م ــي حياته ــة ف ــذه المناســبة الهام هحاكمهــم الجديــد. ثــم حضــر الســلطان وأمــر بإطــاق طيــر الملــك الــذى طــار حتــى اختفــى فــي الســماء وعــاد مرفرفــا بجناحيــه وحــطَّ علــى رأس الحطــاب الشــاب أمــام ذهــول الوزيــر وكل مــن حولــه مــن أتبــاع. ولكــن فرحــة النــاس ــم ــم. ث ــوارى عــن األنظــار خجــا منه ــه يت ــار جعل ــذا االختي وســرورهم بهــكا ــذى صــار مل ــدة البــن الحطــاب ال أقيمــت األفــراح وزفــت األميــرة الجدي

جديــدا لهــذه المملكــة الســعيدة وعــاش الجميــع فــي ســعادة وهنــاء.

34

الحكاية الثالثة:

املحارب الشجاعمحمــد الرداعي

3535

)إن أبسط حقوق المواطنة ومسؤوليات الدولة: أن توفر الحماية لمواطنيها وان تضمن لهم حق السكن اآلمن والحماية من أي مخاطر تهددهم(.

المجلس القومي لحقوق االنسان – جمهورية مصر العربية

36

ــروب ــي كل الح ــارك ف ــجاع، وكان يش ــارب ش ــاك مح ــه كان هن ــى أن يحكــا. ــرج منتصــرا دائم ــر ويخ ــي البح ــر أو ف ــي الب ــت ف ــواء كان س

ــي ــتقر ف ــرك الحــروب ويس ــارب أن يت ــذا المح ــرر ه ــام ق ــدى األي ــي إح وفعيشــه ويعيــش بســام تــام مــع أســرته, فبــدأ بالبحــث عــن مــكان يســتقر فيــه ــة مــن ــة والتــي كانــت قريب ــا مناســبا فــي الغاب ــا, فوجــد مكان ــه بيت ويبنــي فيالقريــة، فبــدأ فــي بنــاء المنــزل عــن طريــق قطــع األشــجار وكذلــك قام بإنشــاء مزرعــة بالقــرب مــن المنــزل, فــكان فــي كل صبــاح يقــوم بقطــع األشــجار لبنــاء المنــزل وبعدهــا يعمــل فــي المزرعــة، ولكــن رغــم ســعيه لاســتقرار ظــل المحــارب يحمــل الســيف ولــم يفارقــه أبــدا ســواء كان فــي العمــل أو فــي

الراحــة.فــي إحــدى الليالــي بينمــا كان المحــارب يعــد العشــاء، طــرق أحدهــم البــاب،

وســمع المحــارب صــوت هادئــا حزينــا يقــول: أيها المحارب.. أيها المحارب؟ -

من هناك؟؟ -أيها المحارب هل سمعت الخبر؟؟ -

أي خبر؟؟ -يقــال أن هنــاك شــخصا يأتــي كل يــوم إلــى هــذه المنطقة، ويقــوم بإيذائي -

ــوم بهــدم بيوتهــم وتشــريد أســرهم... ــن ويق ــذاء اآلخري وإي فقال المحارب :

إنني حديث في هذه المنطقة ولكن لم يأتي إلّي حتى اآلن إال أنت. -هــذا غريــب.. لقــد أتــى هــذا الشــخص إلــّي اليــوم وكذلــك أمــس وقبلــه، -وأخــاف أن يأتــي غــدا, أنــا خائــف جــدا, حتــى أننــي ال أســتطيع النــوم هــذه

ــام. األيفقال المحارب:

ــذي ــا وأنــت لنستكشــف مــن هــو هــذا الشــخص ال حســنا... لنذهــب أن -يؤذيكــم؟

ــزل ــن المن ــرج م ــه، خ ــدا أمام ــد أح ــم يج ــاب ل ــارب الب ــح المح ــا فت فعندم

37

يتلفــت يمينــا ويســارا ولكنــه لــم يجــد أو يــَر أحــدا. وفــي الصبــاح، بينمــا كان ــد الشــخص ــاذا كان يري ــاءل »م ــف يتس ــه وق ــي مزرعت ــل ف ــارب يعم المحالــذي أتــى باألمــس؟«.. وتكــررت هــذه الحالــة لــدى المحــارب، فقــد كان هــذا الشــخص يــزوره كل ليلــة وفــي أغلــب األيــام كان يــزوره فــي الليلــة مرتيــن أو ثــاث مــرات, ممــا أزعــج المحــارب كثيــرا، فهــو يريــد الراحــة والســكينة بعــد عنــاء العمــل فــي الصبــاح ولكــن الزائــر الــذي يأتــي إليــه فــي الليــل كان

يزعجــه بأســئلته التــي كان يكررهــا كل يــوم بنفــس الكلمــة و الســؤال. فــي إحــدى األيــام قــرر المحــارب أن يمســك بهــذا الشــخص و يلقنــه درســا، ــزل بعــد أن ــد, وخــرج مــن المن ــي الموق ــار ف ــل أشــعل الن ــا حــل اللي وعندمأغلــق البــاب، واختبــأ فــي شــجيرة موجــودة قــرب المنــزل ليراقــب وينتظــر قــدوم الشــخص المجهــول ليمســك بــه. وأخــذ المحــارب ينتظــر وينتظــر طويا فغلبــه النعــاس و نــام، فقــد كانــت المنطقــة هادئــة جــدا, وفجــأة, أفــاق المحارب علــى صــوت تكســر غصــن شــجرة ولحقــه صــوت وقــع أقــدم تقتــرب نحــو ــام ــا أم ــخصا واقف ــرى ش ــجيرة لي ــن وراء الش ــارب م ــر المح ــزل, فنظ المنمنزلــه. ووجــد المحــارب أن هــذا الشــخص يرتــدي قبعــة مخروطيــة الشــكل وتخفــي مامحــه وكذلــك يرتــدي ثيابــا مصنوعــة مــن أوراق الشــجر, ولكــن مــا الحظــه المحــارب هــو أن هــذا الشــخص لديــه شــعر أبيــض كثيــف فــي يــده ورجليــه، وكانــت رجــاه كبيرتيــن ومســطحتين, وطولــه يصــل إلــى خصــر ــل..؟؟ ــف أمامــه رجــل أم طف ــذي يق ــم المحــارب هــل ال ــم يعل المحــارب، فلــو ال ــة وه ــه كل ليل ــا كان يقول ــرر م ــاب وك ــول الب ــل المجه ــرق الرج و طيعلــم بــأن المحــارب يختبــئ خلــف الشــجيرات, وعندمــا أنهــى كامــه, خــرج المحــارب مســرعا ومســك الرجــل المجهــول مــن ذراعــه والتفــت الرجــل إلــى

المحــارب فكانــت المفاجــأة... فقــد كان هــذا الرجــل المجهــول أرنبــا.فقال المحارب غاضبا:

ــاس هــو أنــت !! لمــاذا ــؤذي الن ــذي كان ي ــن, إن ال أيهــا الوحــش اللعي -إلــّي وتزعجنــي؟ تأتــي

هــدأ األرنــب قليــا... ثــم فجــأة... اختفــى مــن أمــام المحــارب، ولكــن عيــن

38

المحــارب لــم تخنــه فلمــح األرنــب وهــو يحــاول الهــرب, فأســتل ســيفه وبــدأ ــكان المحــارب يقطــع شــجيرة أو غصــن شــجرة محــاوال ــب ف ياحــق األرناإلمســاك باألرنــب, ولكنــه لــم يســتطع... فهــرب األرنــب وهــو خائــف يصرخ ــده، وأراد ــى غم ــيف إل ــارب الس ــاد المح ــة، فأع ــة المظلم ــي الغاب ــا ف مختفيــم ــبه الصــوف الناع ــا يش ــيئا م ــه ش ــي قدم ــس ف ــزل فأح ــى المن ــود إل أن يعفعندمــا التقطهــا ونظــر إليهــا وجدهــا ذيــل األرنــب, فطمــأن المحــارب بــأن األرنــب لــن يعــود لمضايقتــه أبــدا, وفــي الصبــاح وبينمــا كان المحــارب يقــوم ــي ــاقطة ف ــجار المتس ــدى ورق األش ــي إح ــة دم ف ــد بقع ــجار وج بقطــع األشاألرض، فعلــم أنهــا تعــود لألرنــب فتتبعهــا حتــى وصــل إلــى بيــت األرنــب فلــم يجــده داخلهــا, نظــر المحــارب حولــه فوجــد أن هــذه المنطقــة كان يقــوم ــب ــوت لألران ــه الحــظ وجــود بي ــزل، ولكن ــاء المن ــا لبن بقطــع األشــجار فيههنــا وهنــاك وكانــت إمــا مهدمــة أو أصبحــت أنقاضــا تحــت األشــجار التــي كان يقــوم بقطعهــا. فعلــم المحــارب لمــاذا كان يــزوره األرنــب كل ليلــة, وأن الشــخص الــذي كان يــؤذي األرانــب و يســلب ويهــدم بيوتهــم ويشــرد أســرهم هــو نفســه المحــارب، فنــدم علــى فعلتــه... وبــدأ بجمــع أغصــان األشــجار و حمــل األحجــار و بــدأ ببنــاء منــازل األرانــب المهدمــة. وعندمــا انتهــى مــن بناءهــا، أخــرج الســيف مــن غمــده وأخــذ حجــرة كبيــرة وضــرب بهــا الســيف

فكســرها إلــى نصفيــن, فقــال وهــو يخاطــب الســيف:ال يحتــاج اإلنســان إلــى ســيف، فأنــت مــن اليــوم لــم تعــد ملــكا لــي، فقــد -

ــام. ــش بس ــت أن أعي عزمــه فــي ــم يعــد المحــارب يحمــل ســيفا، وعــاش فــي منزل ومنــذ ذلــك الحيــن ل

ســعادة وســام.

39

الحكاية الرابعة:

«وطن كامــــل»لجني الشامحي

4040

)للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشئة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تساوى بينهن وبين الرجال دون أي

تمييز(

المادة)3( من اتفاقية حقوق المرأة الستام مراكز اتخاذ القرار.

41

ــم مــن ــدت ذاكرتهــا... ال تعل ــد فق ــام وق ــي أحــد األي اســتيقظت مــن نومهــا فهــي؟ أو مــن أيــن هــي؟ اختفــت هويتهــا !! وضاعــت فــي غربــة المدينــة !!ال تحمــل مــن الذكــري شــيئا.. نظــرت حولهــا ولــم تتذكــر شــيئاً, أخــذت تمشــي ــي هويتهــا؟ مــن هــي؟ مــن ــة المظلمــة لعلهــا تســتدل عل فــي شــوارع المدينتكــون؟ لكــن بــدون فائــدة بحثــت فــي داخلهــا وفــي كفيهــا وفــي مامــح عقلهــا

فلــم تعــرف!!قالت لنفسها في استنكار:

ربمــا هــذه ليســت مدينتــي!! لعلــي أخطــأت المســير.. فأنــا ال أذكرهــا -وال أذكــر نفســي فيهــا وال طفولتــي و أيــام قــد ضحكتهــا !

اســتدارت عائــدًة إلــى مكانهــا فــي زاويتهــا المظلمــة وفجــأًة نادهــا مــن الظــام صــوت خفيــف !!

يا حرية!! -ــه بحــذر, ــت من ــزح، اقترب ــوس ق ــوان ق ــن أل ــاً م ــرأت طيف ــا ف نظــرت خلفه

ــه !! ــت جمال تأمل- من أنت؟؟

- أنا الحقوق في الوطن... أما عرفتيني؟؟!!ــا ال ــي وأن ــف تعرفن ــت ؟؟ وكي ــن أتي ــن أي ــل م ــن قب ــدا م ــك أب ــم أســمع ب - ل

ــي!!! ــيئا عــن هويت ــر ش ــا ال أذك اعــرف نفســي أنــك ــان ل ــك إنس ــيت أن ــيان!! فنس ــن النس ــك وأصبحــت م ــت ذاكرت ــد محي - لقحقــوق.. مــن حقــك أن تتعلــم وأن يكــون لــك كيــان وصــوت وأن تشــارك فــي

بنــاء المجتمــع... يــا حريــة اإلنســان لــك حقــوق وعليــك واجبــات!!ــي أن أشــعر ــذا عل ــل كل ه ــس قب ــي ؟؟ ألي ــا هــي واجبت ــي وم ــن حقوق - أيــون ــل ألك ــة رج ــت راي ــون تح ــي أن أك ــاذا عل ــي؟ لم ــى مكان ــاء إل باالنتمــه يتبعهــا؟.. لمــاذا ــة قبيل ــى الرجــل أن يكــون تحــت راي موجــودة؟ لمــاذا علال يمكــن أن نكــون جميعــا تحــت رايــة الوطــن هــذا؟؟!! إذا كنــت حريــة مقيــدة بساســل كيــف أســتطيع أن أكــون إنســاناً يعــرف قيمــة المســاوة وأنــا ال أجدهــا؟! وقيمــة المشــاركة وأنــا لــم أتعلمهــا؟! وقيمــة التكافــل ولــم أجــد مــن

42

ــة؟!!! ــاة.... الحري ــة للحي ــم قيم ــد أه ــا أفتق ــي وأن يكفلنابتسم الطيف وقال لها:

ــه ــك وقدمي ــي واجب ــك ساســلك... اعرف ــي أف ــي واحترمين ــي عل تعرف -ــباب ــر الش ــة وفك ــة الضائع ــوق الطفول ــي حق ــق ف ــك العال ــك ومجتمع لوطنالغافــل، تعالــى نكســر أغــال الجهــل بالعلــم. ونخــرج مــن ظــام االنكســار إلــى المجتمــع. نتشــارك ونتفاعــل لبنــاء الوطــن يــد بيــد. وســاعد يشــد ســاعد. يصبــح الوطــن أكبــر وأجمــل. صوتــك وقلمــك وصــوت وقلــم كل شــخص عن الحــق يعــود بالحــق الضائــع، أعطــي غيــرك حقــه, وال تبخلــي علــى مجتمعــك بالخيــر، كونــي حريصــة علــى حقــك فــي التعلــم والمشــاركة، ال تتهاونــي فــي إظهــار نفســك للجميــع ليــس لشــيء بــل ألجــل وطنــك.. أحبــي بــادك التــي تعيشــين علــى ترابهــا وتحتميــن بســمائها وترتويــن مــن مائهــا، ارفعيهــا عاليــا ترفعــك معهــا، يــا حريــة ال يأتــي األمــان والتطــور بــدون وجــود أحــد يعمــل

بــل أنتــم بالعمــل الجماعــي، التكافــل, الوفــاء تحصلــون علــي وطــن كامــل.رفعــت الحريــة رأســها عاليــا وكســرت أغــال الجهــل وحلقــت مــع الطيــف

عاليــاً لتــرى جمــال وطنهــا وهــو يكبــر بأيــدي الشــباب المعطــاء.

43

الحكـــــاية الخامسة:

«سيد القوم خادمهم» هيثم العزعزي

4444

)المواطنة ركيزة أساسية من ركائز الحكم الرشيد(.

عبد الحميد الكميتي - كاتب إماراتي

45

جــرت العــادة فــي حــارة »العيــش والملــح« أن يقــوم أبنــاء الحــي باختيــار ــزه عــن ــات تمي ــار, صف ــذا الشــخص المخت ــك ه ــث مثل ــم بحي ــل حارته عاقغيــره مــن الخبــرة والحكمــة واألخــاق والســمعة الحســنة والســلوك الطيــب ورعايــة كافــة أمــور أبنــاء الحــي فــي جميــع المجــاالت وأن يعــرف أن هــذه المهنــة التــي يمارســها باعتبارهــا مهمــة طوعيــة بعيــدا عــن التظاهــر وأيضــا

أن يكــون مــن نفــس ســكان المنطقــة حتــى يكــون قريبــا مــن أبنــاء الحــي. لكــن العاقــل حمــود عاقــل حــارة »العيــش والملــح« اســتغل صاحيتــه كعاقــل ــه أن ــن واجبات ــت ضم ــد كان ــخصية، فق ــه الش ــق مآرب ــعى لتحقي ــارة وس حيكــون علــى معرفــة بجميــع أبنــاء الحــي المقيميــن فيــه وكــذا معرفــة الوافديــن مــن غيــر اليمنييــن ومواقــع إقامتهــم داخــل الحــي، فقــد أدى العاقــل حمــود هــذا

الواجــب ولكــن بطريقتــه. كان العاقــل يعلــم كل مــا فــي جيــوب أبنــاء الحــي مــن المــال، لقــد كان يحــس ــم ــه والتــي ل ــه. كان مــن واجبات ــم ب ــه بطريقــة خاصــة بســبب تفكيــره الدائ بيكــن يقــوم بهــا لألســف... أن ينشــر روح التعــاون بيــن أبنــاء الحــي وفــض النزاعــات وحــل المشــاكل ولكنــه فــي هــذا االمــر أيضــا... يؤديــه بطريقتــه فقد كانــت األســر الغنيــة تتعــاون علــى إهــاك األســر الفقيــرة، واألســر الفقيــرة تنقــم مــن الغنيــة بســبب عــدم وجــود العــدل والرحمــة التــي ظهــرت بســبب عــدم قيــام عاقــل الحــارة بواجباتــه تجــاه أبنــاء الحــي » أنــا وأخــي علــى ابــن ــداع ــة اإلب ــه رعاي ــن واجبات ــب ». وم ــى الغري ــي عل ــن عم ــا واب ــي وأن عمــد طبقهــا بحذافيرهــا ــة بداخــل الحــي فق ــرق الرياضي ــة المهــارات والف وتنميــال ــال ليــس فقــط القت ــدة وهــى القت ــكان أفــراد الحــي يمتلكــون مهــارة وحي فبــل القتــال وبشــرف ) الجنبيــة ( فــكان يريــد مــن أبنــاء الحــي أن يهابهــم بقيــة األحيــاء المجــاورة وذات مــرة كان هنــاك رجــل يريــد أن يســتأجر فــي حــارة »العيــش والملــح » وكان عقــد الشــقة يحتــاج إلــى )توقيــع( مــن عاقــل الحــارة ــل الحــارة ــت هــذه الفرصــة لعاق ــل فكان ــى العاق ــد ال فذهــب المســتأجر الجديــد العاقــل ــة وخــرج المســتأجر مــن عن ــه اليومي ــه ويأخــذ مصاريف ليمــأل جيبوقــد دفــع نقــوده لمعامــات لــم يســمع عنهــا مــن قبــل مــن مصاريــف ضمــان

46

وختــم العاقــل و..... و.... و.... وممــا يقولــه عقــال الحــارات و لألســف عــاش أبنــاء الحــي علــى هــذه الحــال ســنين طويلــة إلــى أن انتقلــت إلــى الحــى

أســرة أكــرم. كان أكــرم شــخصاً واعيــاً ومتعلمــاً ويعــرف الحقــوق والواجبــات التــي كفلهــا الدســتور للمواطنيــن وأيضــا كان يعلــم مــا يجــب أن يقــوم بــه عقــال الحــارات ــي ــال ف ــه الح ــو علي ــا ه ــرم مم ــاء الحــى. وتعجــب أك ــوق أبن ــي حق ــا ه ومحــارة »العيــش والملــح » وتعجــب أكثــر مــن جهــل أبنــاء الحــي وعاقاتهــم مــع عاقلهــم مــن مصالــح تســيرها األمــوال. فــذات مــرة قــرر أكــرم أن يقــوم

بجمــع أبنــاء الحــي وتوعيتهــم وأخــَذ يحدثهــم وينصحهــم قائــا:ــال الحــارات أو نوابهــم أخــذ ــه ال يحــق لعق ــع أن ــم الجمي يجــب أن يعل -ــه ألن ــوم ب ــل يق ــر عم ــاء الحــي نظي ــن أبن ــرد م ــن أي ف ــة م ــغ مالي أي مبالالعمــل الــذى يقــوم بــه عمــٌل طوعــٌي ويجــب عليكــم التبليــغ عــن مثــل هــذه الحــاالت مــن خــال تعاونكــم أنتــم أبنــاء الحــي فجميــع المواطنيــن متســاوون

ــراء. ــاء أم فق ــوا أغني ــواء كان ــات س ــوق والواجب ــي الحق فوفــى تلــك األيــام تعجــب العاقــل لتصرفــات أبنــاء الحــي نحــوه فلــم تأِتــه الهدايا اليوميــة التــي تعــود عليهــا، وذات مــرة وبينمــا كان العاقــل حمــود فــي منزلــه ســمع صــراخ مــن الخــارج ففــرح وظــن أن هنالــك مشــاكل كثيــرة يريــدون منــه التدخــل وظــل يفكــر باألمــوال التــي ســيحصل عليهــا اليــوم وكان يقــول:

وأخيراً جاءت المشاكل. -وعندمــا وصــل إليهــم، صدمــه مــا ســمعه مــن أبنــاء الحــي فلــم يتوقــع يومــا أن أبنــاء الحــى ســيصلون إلــى هــذه المرحلــة فســمع منهــم مــا ســمع وعــاد إلــى منزلــه وظــل يفكــر فيمــا قالــه أبنــاء الحــي وعقــد النيــة علــى أن تكــون حــارة »العيــش والملــح »بيــن ســكانها فعــاً عيــش وملــح. يســودها الحــب والتفاهــم ــي ــرد ف ــكار كل ف ــكل آراء وأف ــه ســوف يســتمع ل والحــوار والمشــاركة وأن

داخــل حــارة العيــش والملــح.

47

الحكاية السادسة:

السلطان والفيل عائشة جار الله

4848

المادة رقم 19 1-لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.

2-لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة

أخرى يختارها.

»العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية«

49

كان يامــا كان.. أحــد الســاطين يملــك فيــل عمــاق وكان يتركــه فــي البــاد حــرا طليقــا فيقــوم هــذا الفيــل بتكســير كل مــا يجــده أمامــه مــن مــال وممتلكات للعامــة وأحتمــل الشــعب كثيــرا أذى الفيــل ألنــه فيــل الســلطان ولكــن لمــا زاد أذى الفيــل عــن حــدة وبــدأ يقتــل الصبيــان والصغــار ضــاق بــه النــاس وقرروا أنــه البــد مــن وضــع حــد لهــذا الفيــل المدمــر فذهبــوا إلــى حكيــم البلــدة وســألوه

رأيــه فقــال:-إن الســلطان ســيخرج األســبوع القــادم لصــاة العيــد فــإذا أنهــى الصــاة قمت أنــا وقلــت له}الفيــل يــا موالنــا الســلطان{فإذا ســألني مــا شــأن الفيــل؟ قــام كل واحــد منكــم ورفــع شــكواه. فيقــول أحدكــم. الفيــل هــدم دارى ويقــول اآلخــر ــذا... ــري وهك ــدم متج ــل ه ــث الفي ــول الثال ــر ويق ــدي الصغي ــل ول ــل قت الفيوعندمــا يــرى الســلطان أن الشــكوى عامــة فابــد أنــه ســيقوم بحبــس الفيــل أو

قتلــه.قال الناس:

-ونعم الرأي وجــاء اليــوم المنتظــر... ولمــا جــاء وقــت صــاة العيــد اجتمــع النــاس مــن كل

مــكان ومــا إن انتهــت الصــاة حتــى قــام الحكيــم وصــاح:-}الفيل يا موالنا السلطان{ فنظر إليه السلطان وقال:

- وماله الفيل؟؟؟! انتظــر الحكيــم أن يتكلــم أحــد مــن الشــعب ولكــن لــم يتحــدث أحــد فعــاد الحكيــم

يردد:-}الفيل يا موالنا السلطان{

ــة ــه للمــرة الثالث ــم هتاف ــاد الحاكــم يســأله نفــس الســؤال ولمــا كــرر الحكي فعــه الســلطان: ــال ل ــم يتحــدث منهــم أحــد ق ــون ل ــاس صامت والن

-إن لم تخبرني ما تريد قوله عن الفيل سجنتك !!فرد الحكيم:

ــا أقتــرح عليكــم أن تحضــروا لــه - الفيــل يــا موالنــا يشــكو مــن الوحــدة وأن

50

فيلــة تؤنســه فــي وحدتــه فتنجــب لنــا أفيــال صغيــرة وتمــأل علينــا البلــدة فيفــرح النــاس!!

ابتهج السلطان وأخذ يقول :-مــا أحكمــك أيهــا الشــيخ كيــف لــم أفكــر فــي هــذه الفكــرة العظيمــة مــن قبــل

ســأنفذ هــذا االقتــراح مــن الغــد وهذه كانت آخرة الشعب الذى بخاف أن يتكلم ويقول رأيه!!

51

الحكاية السابعة:

حلم املساواة طيبة األغربي

5252

سوا سوا يا عباد هللا متساوية ما حد ولد حر والثاني ولد جارية عيال تسعه وقالوا بعضنا بيت ناس

وبعضنا بيت ثانى.. عينه ثانية

الشاعرة الشعبية / غزال المقدشية

53

كان جــدي فــي ليالــي الشــتاء البــاردة يدفئنــا بحــرارة حكاياتــه الجميلــة، يعلمنا، يؤدبنــا، يغــرس فينــا قيــم األبطــال العظــام، يقــول لنا :

ال تستضعفوا الضعيف وال تستكينوا لظالم. -وهــذا ديدنــه فــي كل ليلــة، وفــي يــوم مــن األيــام ســمع صــوت صــراخ أخــي

وأمــي توبخــه. لماذا توبخينني من أجل هذا الشخص ؟ إنه مجرد دوشان!! -

ألم يخلقنا الرحمن متساويين... -فتدخل جدي ألنه أراد أن يعلمه بطريقته. فقال له:

- يــا بنــي إن هللا خلقنــا سواســية مــع اختــاف أشــكالنا وأرزاقنــا ومكانتنــا .!!

فســرعان مــا تجمعنــا حولــه وبــدأت عينــاه تنظــران إلــى البعيــد وكأنــه بنظــر فــي مــرآة حكاياتــه وقــال :

كان يــا مـــــا كان فــي قديــم الزمــان فــي الوالئــم واألعــراس أنــه مــن -كان نصيبــه لــوح كتــف الذبيحــة يحــق لــه أن ينظــر مــن خالــه ليــرى أهلــه وأصدقــاءه مــاذا هــم فاعلــون؟ فــإذا وصــل عندهــم يســألونه فاجأهــم بمعرفتــه ــم ــي أحــد الوالئ ــوم صــادف حصــول دوشــان ف ــون. وذات ي ــوا يفعل بمــا كانعلــى لــوح كتــف الذبيحــة. وفــي غمــرة فرحه بهــذه الفرصــة التــي ال تتوفر إال لكبــار القــوم أخــذ ينظــر مــن خــال اللــوح مــاذا أهلــه فاعلــون؟! فــرأى حركــة علــى الفــراش بجــوار زوجتــه فاغتــاظ وذهــب مهــروال إلــى البيــت وبــدون

شــعور أخــذ جنبيتــه وطعــن ذلــك الشــيء فــإذا بزوجتــه تنتفــض وتقــول:ماذا فعلت يا رجل :- هذا ماهر ولد الشيخ عامر -

ففــزع الرجــل مــن تســرعه، فماهــر ابــن الثمــان ســنوات اعتــاد أن يأتــي منــذ ــا ــع حوله ــي كان يتجم ــل« الت ــي و »الزوام ــزل ليســتمع لألغان ــره للمن صغاألطفــال وكثيــرا مــا كان يغفــو وينــام إلــى إن يأتــي والــده ويأخــذه... كانــت تلــك »الزوامــل« تأخــذه الــى عالــم قديــم.. قديــم... ملــئ بالجمــال.. وتاريــخ األجــداد وهــم يشــيدون مرتفعــات الجبــال يزرعــون البــن.. ذلــك البــن الــذى

كانــت تجتمــع حولــه العائــات وتشــدو باألنغــام.

54

انتشــر الخبــر فــي القبيلــة عــن قتــل ابــن الشــيخ عامــر وإقــرار القاتــل بفعلتــه. فغضــب رجــال القبيلــة لهــذا الصنيــع وأرادوا الثــأر.

لــم تتوقــف أم الطفــل عــن العويــل والبــكاء طــوال الوقــت مصــرة علــى الثــأر. وبعــد شــد وجــذب وأخــذ ورد قــرر الشــيخ عامــر أن ينفــى القاتــل مــن القبيلــة. فخــرج منفيــا يتيــه فــي األرض حتــى وصــل قريــة بعيــدة. فاســتقر فيهــا. وكان

فــي كل ليلــة يدعــو هللا. فــي شــوق ولهفــة لبــاده أن:- يــا أهلل يــا رحمــن... يــا مغيــث أنــزل عليهــم المطــر مــن عنــدك وأغثهــم يــا أهلل وأكــرم الشــيخ عامــر فقــد أكرمنــي ولــم يقتلنــي وأجــره كمــا حافــظ علــى

حقــوق الجــار. ومــرت الســنين وأهــل القبيلــة ال يزالــون يريــدون الثــأر وأم ماهــر ال زالــت تنتحــب. فقــرر الشــيخ عامــر أن يذهــب ليحصــل علــى ثــأره وعندمــا وصــل الشــيخ إليــه وجــده يــردد ذلــك الدعــاء الــذي يــردده كل ليلــة مــن أجــل وطنــه

الــذي اشــتاق لــه كثيــرا. فاهتز قلب الشيخ عامر لألمر وقال:لن يكون غريمي أكرم مني. -

وعــاد أدراجــه إلــى مــكان إقامتــه. أرســل أحــد رجالــه إلــى القاتــل يخبــره بــأن الشــيخ قــادم إليــك وعندمــا وصــل الرســول خــاف الدوشــان وتجمعــت األفــكار الكثيــرة فــي رأســه لكنــه كان ســعيد أنــه ســيموت فــي موطنــه. وفــى الصبــاح الباكــر وصــل الشــيخ عامــر إليــه واحتضنــه وطلــب منــه أن يعــود إلــى القبيلــة

ــوع الرأس. مرف

55

الحكاية الثامنة:

هويتي شائف الجابري

5656

)يسجل الطفل بعد والدته فورا ويكون له الحق منذ والدته في اسم والحق في اكتساب جنسية ويكون له قدر االمكان الحق في معرفه والديه وتلقى

رعايتهما(

المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل

57

كان يــا مــا كان شــخص يســمى »يحيــى« يتجهــز للخــروج للذهــاب إلــى قســم الشــرطة فــي المدينــة ليســتخرج لــه بطاقــة شــخصية... لــم يكــن لديــة شــهادة الميــاد فقــد ولدتــه والدتــه فــي البيــت وكتــب يــوم مولــده فــي مصحــف والــده

المزخــرف بحــروف كوفيــة قديمــة. كان الموســم خــاص باالنتخابــات ولكنــه حتــى لــم يقطــع لــه بطاقــة شــخصية فلــم يكــن عمــره فــي االنتخابــات الماضيــة يســمح لــه باالنتخابــات ولكنــه اآلن

فــي عمــر يتيــح لــه الحصــول علــى بطاقــة شــخصية وبطاقــة انتخابيــة.كان األمــر صعبــا فــي ظــل عــدم وجــود شــهادة الميــاد وخصوصــا أنــه لــم يقــرأ فــي المدرســة ألنــه يســكن فــي ريــف بعيــد لكــى يســتطيع المشــاركة فــي االنتخابــات بانتخــاب مــن يريــد إلــى مجلــس النــواب فقــد كانــت االنتخابــات

مخصصــة لذلــك هــذا العــام.ــة ــدم لمجتمعــه أي ــم يق ــات الســابقة ل ــي االنتخاب ــم ترشــيحه ف ــذى ت الشــيخ الــة ــى القري ــيطرته عل ــه وس ــوات بقوت ــب األص ــا كان يكس ــا م ــة.. دائم خدموينســى بعــد ذلــك كل مــن قــدم لــه األصــوات. والشــيخ هــذه األيــام فــي القريــة ويتواجــد باســتمرار ويــزور كل البيــوت تقريبــا ليخــرج النــاس إلــى مراكــز

ــة. ــات الموجــود فــي الســوق المركــزي الخــاص بالقبيل االنتخاب كانــت القبيلــة تملــك ســوقا شــعبيا ينشــط يــوم واحــد فــي األســبوع يجتمــع فيــه كل األشــخاص مــن القريــة ومــن القــرى المتجــاورة يتبادلــون خالهــا الســلع ويشــترون بعــض الســلع التــي تأتــى مــن المدينــة.. والمركــز االنتخابــي هنــاك وكان مــن حــظ يحيــى العاثــر أن تكــون زيــارة الشــيخ لــه هــذا الصبــاح وكان

أول مــا تكلــم بــه الشــيخ : يحيى أين أنت.. وأين البيت... باقي أسبوع على االنتخابات !! -

ــن أروح ــن شــقيقتي للمدرســة وبعدي ــى اب ــا ذاهــب مــع عل ــا شــيخ أن ي -القســم أخــرج لــي بطاقــة !!!

ــي ــر ف ــت كبي ــوم أن ــي الي ــز االنتخاب ــة.. روح المرك ــل بالبطاق ــا تفع م -الســن وتقــدر تخــرج لــك بطاقــة انتخابيــة.

لكــن انــا محتــاج لبطاقــة شــخصية لكــى أتــزوج !!! األميــن مــا رضــى -

58

ــات. ــذه الحاج ــي ه ــع ف ــا تنف ــة م ــة االنتخابي ــة.. والبطاق ــزواج اال بالبطاق للمــش مهــم البطاقــة أنــا أزوجــك مثــل مــا زوجــت أبــوك بغيــر بطاقــة.. -

المهــم البطاقــة االنتخابيــة وبعديــن تتــزوج.ال المهــم البطاقــة الشــخصية وبعديــن أروح اســتخرج بطاقــة انتخابيــة -

بالبطاقــة الشــخصية.. مــا اريــد أتأخــر علشــان فحــص الــدم.ــل ــك روح اعم ــت ل ــاح... قل ــن ف ــاح ب ــت إال ف ــك دم... أن ــت في وأن -

انتخابيــة بطاقــة ــن ــة ولك ــه االنتخابي ــى بطاقت ــا للحصــول عل ــزال متحمس ــا ي ــى وم كان يحيتصــرف الشــيخ كان مهينــا وكان يحيــى يحــب أن يمضــى فــي األمــر خطــوة خطــوة... البطاقــة الشــخصية التــي هــي أول مــا يمكــن أن يحصــل عليــه أي شــخص فــي الحيــاة بعــد البلــوغ وأيضــا شــهادة الميــاد.. كان حزينــا أنــه لــم يقطــع شــهادة ميــاد.. كان يحــس أن مواطنتــه ناقصــة.. أنــه ليــس كالبقيــة... ــى ــارات إل ــم تكــن فيهــا زي ــام ل ــي أي ــد ف ــه يول ربمــا ألن حظــه النحــس جعلالقريــة كمــا يحــدث فــي الغالــب عنــد حمــات التحصيــن أو التوزيــع لشــهادات الميــاد ضمــن حمــات مخصصــة لهــذا الغــرض... ومــرت األيــام والســنين ــة وألســباب أخــرى ــى المدرســة لهــذا الســبب بداي ــم يســتطع أن يدخــل إل ولــع ــب أرب ــى جان ــد إل ــن الوحي ــه االب ــى المدرســة بصفت ــه إل كان لتعــوق ذهاب

بنــات وكان مــن المهــم أن يهتــم بهــن وبــاألرض والمرعــى. كان قــد نســى أو تناســى أن لــه مجموعــة كبيــرة مــن األشــياء التــي فقدها على ــه ــه الشــخصية اآلن.. بطاقت مــر الســنين.. شــهادة مياده...دراســته... بطاقتاالنتخابيــة التــي قــد ال يســتخرجها معانــدة للشــيخ.. كل شــيء كان يدفــع بــه إلــى أن يصبــح مجــرد شــخص مجهــول الهويــة.. مجهــول الجنســية.. مجهــول

الوطــن..... مجــرد شــخص ال ذكــر لــه.. ال رقــم لــه... ال هويــة لــه.شــقيقاته الكبــار تزوجــن فــي وقــت ســابق وحــان الوقــت للفــرح بــه كمــا ســاعد فــي زواجهــن.. كانــت شــقيقته الكبيــرة قــد تزوجــت فــي نفــس القريــة وهــا هــو يأخــذ طفلهــا الــى المدرســة كل يــوم فــي طريقــة الــى الحقــل او فــي طريــق ــن شــقيقته ــة هــا هــو يأخــذ ب ــة ليكتســب هوي ــوم فــي طريف ــى الســوق والي ال

59

الــذى حضــي بشــهادة ميــاد ضمــن زيــارة لمصلحــة حكوميــة مــن العاصمــة الــى القــرى البعيــدة مخصصــة لهــذا الغــرض فقــد كان حظــه اوفــر.

أحــس يحيــى أن النقــاش مــع الشــيخ الظالــم قــد يأخــذ وقتــا طويــا فأشــار لــه بالموافقــة و أمســك بيــد بــن شــقيقته وذهــب الــى الطريــق الترابــي فــي طريقــة الــى المدرســة االساســية التــي وفرتهــا الحكومــة فــي احــد القــرى القريبــة مــن

االســفلت لطريــق الســفر مــا بيــن صنعــاء وتعــز.ماذا كان يريد منك الشيخ يا خالي. -

- اقطع بطاقة انتخابية.. االنتخابات بعد اسبوع واحد من االن الشيخ الذى صورته ملتصقة بالجدران -

نعم!! -والصور الثانية ؟! -

للمنافــس.. بــس الشــيخ هــو الــذى ســيفوز مثــل كل مــرة... كل انتخابات -ــه ؟ ــا النتخاب ــن بيوته ــاس م ــة و يخــرج الن ــزل للقري ين

وأنت... -لما اقطع بطاقة ؟ -

كانــت المدرســة قــد أصبحــت قريبــة وتــرك يحيــى بــن شــقيقته وذهــب حتــى وصــل إلــى األســفلت وإلــى الســوق التقليــدي الــذى يخــدم القريــة منــذ آالف ــى ــة وف ــى طرف ــا عــدا مركــز شــرطة عل ــه فيم ــى حال ــزال عل ــا ي الســنين مــل ســت ســنوات ــاؤه قب ــم بن ــد ت حــدود الســوق ينتصــب مركــز صحــى جدي

فقــط.كان يعــرف مــا الــذى يفعلــه.. وكيــف... ذهــب إلــى المركــز اســتخلص فحــص ــراد ــد أف ــاعده أح ــذى س ــرطة ال ــم الش ــى قس ــم إل ــن ث ــه وم ــاص ب ــدم الخ الالشــرطة فــي تعبئــة بياناتــه وفــى نهايــة اليــوم اســتطاع الحصــول علــى هويته.هــا قــد أصبــح صاحــب جنســية... هــا قــد اعترفــت بــه دولتــه وحكومتــه.. االن فقــط يســتطيع ان يســتخرج لــه ايضــا بطاقــة انتخابيــة.. كان شــرها لمزيــد مــن الهويــة التــي تؤكــد جــذوره... والتــي تضمــن لــه االعتــراف مــن كل شــخص

هنــا او فــي المدينــة او فــي بــاد واق الــواق انــا لــي موطــن.

60

ــة الن الشــيخ يمــر ــة انتخابي ــدون بطاق كان مــن المهــم أيضــا أن ال يرجــع بعليهــم فــي نهايــة اليــوم ويتطلــع علــى مــن بلــغ الســن القانونيــة وهل أســتخرج البطاقــة ام ال؟! لــم يكــن يعــرف مــاذا يفعــل.. ذهــب الــى المركــز االنتخابــي ــا ــت مــن صاحبه ــوت المســتأجر لبضــع الوق ــي أحــد البي ــره ف ــذى كان مق اللحيــن مــرور االنتخابــات واســتخرج ايضــا بطاقــة انتخابيــة... نعــم لقــد كان

يومــا حافــا.منعــا للصيــاح وإزعــاج الشــيخ أظهــر لــه البطاقــة فــي مقيــل القــات فــي نهايــة ــر ــح اآلخ ــدو المرش ــيخ.. يب ــذا الش ــار ه ــن يرغــب باختي ــم يك ــه ل ــوم لكن اليمقبــوال.. لــم يكــن قــد أصــاب منــه خيــرا أو شــرا ولكــن يبــدو مــن منظــره مــن الصــور أنــه يمكــن التعايــش معــه... لــم يكــن يحيــى يعــرف القــراءة والكتابــة ولــم يكــن يســتطيع أن يقــرأ البرنامــج االنتخابــي ألى مــن المرشــحين ولكنــه ــوم ــي ي ــاس جميعــا ف ــذى ســيقدمه للن ــي وال ــراره النهائ ــي المجمــل اتخــذ ق فاالنتخابــات.... يهــز رأســه عامــة الموافقــة للشــيخ ولكنــه فــي داخلــه أحــب

أن يمــارس حقــه بحريــة.فــي الغرفــة الفارغــة فــي صنــدوق االنتخابــات كان الرمــزان واضحيــن امامــه وحتــى ولــو لــم يســتطع القــراءة كان يمكنــه وضــع عامــة الموافقــة علــى أي ــه فــي ــذي تربــى وهــو يســمع عن مــن الشــخصين... هــل ســيختار الشــيخ الالمقيــل وفــى الســمر..؟؟ هــل ســيختار الشــخص الجديــد الــذى يرتــاح لطلتــه ولكنــه لــم يســمع عنــه... هــل ســيحتفظ بالقديــم.. هــل ســيختار الجديــد... تــردد كثيــرا ولكنــه فــي نهايــة األمــر خــرج مــن الكابينــة وهــو مبتســم وتبــدو علــى

وجهــه عامــات االرتيــاح.

61

الحكاية التاسعة:

سامل واألسد محمــد األبيض

6262

)كلما كتب رسالة الى الوطنأعادها اليه ساعي البريد

ألخطاء في العنوان(

عدنان الصائغ- شاعر عراقى

63

كان يــا مــا كان فــي مدينــة مــا.. عبــد اســمه ســالم شــاء ســوء طالعه ان يشــتريه رجــل بالــغ القســوة، فــكان يجلــده بالســوط ألتفــه االســباب، وكان يقيــد يديــه ورجليــه بالحبــال ويتركــه عاريــا فــي زمهريــر البــرد دون طعــام او شــراب، ــد ــن حدي ــيخا م ــل س ــن آالم وضــع الرج ــه م ــا يعاني ــدة م ــن ش ــأوه م ــإذا ت فــه جســد ســالم غيــر مكتــرث لصيحــات ــم يكــوي ب ــار حتــى يحمــر ث فــي النالمســكين او توســاته واســتعطافه. وتحمــل ســالم كثيــر مــن االلــم وكان يفكــر ــه ــض علي ــارب اذا قب ــد اله ــم ان العب ــب وكان يعل ــن يذه ــن اي ــرب ولك بالهــا ــد الهــارب بالســيف وإنم ــم يكــن اعــدام العب ــه باإلعــدام ول ــه يحكــم علي فانكان يحضــرون العبــد الــى ســاحة متســعة تحيــط بهــا مقاعــد مرتفعــة تتســع لمئــات مــن البشــر، ثــم يفتحــون بابــا جانبيــا ليخــرج منــه اســد كنــوا قــد تركــوه أليــام بــدون طعــام، فمــا يــكاد األســد يــرى العبــد المســكين حتــى يندفــع نحــوه ليفترســه والمشــاهدون يســتمتعون برؤيــة هــذا المشــهد الاإنســاني الرهيــب.كان ســالم كلمــا فكــر بالهــرب تذكــر ذلــك المصيــر المفجــع فيعــدل عــن فكــرة الهــرب. ولمــا اشــتد بــه العــذاب رأى ان المــوت افضــل الــف مــرة مــن تلــك ــي ــت ســيده ونجــح ف ــرار مــن بي ــرر الف ــك ق ــي كان يحياهــا, ولذل ــاة الت الحيــل وشــعر بالجــوع والعطــش. ــى وجهــه طــوال اللي ــك.. وضــل هائمــا عل ذلووجــد نفســه علــى مشــارف غابــه كثيفــة كانــت علــى مقربــه مــن المدينــة فــي ذلــك الوقــت. وســمع ســالم عــواء الذئــاب الجائعــة وزئيــر االســود المفترســة،

وقــال ســالم فــي نفســه : خيــر لــي الــف مــرة ان اعيــش بضــع ســاعات حــرا ثــم امــوت علــى ان -

ــة. ــذاب والمذل ــي الع ــنوات أالق ــدا لس ــش عب اعيــك ــي تل ــر ف ــة، كان القم ــة الموحش ــو الغاب ــة نح ــوات ثابت ــي خط ــه ف واتجــة ــات داكن ــا فتح ــه تتخلله ــه صخري ــد بقع ــن بع ــالم ع ــدرا ورأى س ــة ب الليلــف. ــن كه ــر م ــكان الصخــري اكث ــك الم ــي ذل ــا وكان ف ــرع اليه ــون فأس اللودخــل ســالم احــد هــذه الكهوف،وأحــس براحــة عميقــة فتنهــد بارتيــاح وشــعر

ــة. ــوم والراح ــه للن بحاجت وأخيــرا اســتلقي ســالم علــى االرض واغمــض عينيــه ولــم تمــض لحظــات

64

ــي فجــر ــالم ف ــتيقظ س ــق. واس ــوم عمي ــلم لن ــد استس ــالم ق ــى كان س ــه حت قليلاليــوم التالــي علــي صــوت مزعــج ورهيــب اثــار دهشــته وخوفــه وفتــح عينيــه وتلفــت حولــه ومــا كادت تســتقران علــى فوهــة الكهــف حتــى تجمــد الــدم فــي عروقــه وســرت فــي جســده قشــعريرة شــديدة. لقــد رأى ببــاب الكهــف اســدا ضخمــا يرفــع رأســه الكبيــر ويكشــر عــن انيابــه ويطلــق زئيــره المخيــف. ايقن ســالم ان نهايتــه قــد قربــت وانــه ســيذوق المــوت بعــد لحظــات معــدودات الن االســد سيفترســه بــا شــك وبعــد لحظــات مــن الترقــب واالنتظــار رأى ســالم االســد الضخــم يدخــل الــى الكهــف وهــو مــازال يطلــق زئيــره المخيــف. ولكنه الحــظ ان االســد يتقــدم نحــوه وهــو يســير علــى مهــل وقــد رفــع قدمــه اليســرى عــن االرض وأدرك ان تلــك القــدم تؤلــم االســد المــا شــديدا. واقتــرب االســد منــه ثــم وقــف امامــه حتــى احــس بأنفــاس االســد الحــارة وهــي تلفــح وجهــه ــه ــه فــي وجــه االســد وكأن ــق بعيني ومــرت لحظــات كان خالهــا ســالم يحمليســأله لمــاذا ال تفترســنى ؟ وقــدم االســد رأســه مــن راس ســالم وهــو يرفــع بقدمــه اليســرى امــام عينــي ســالم. ونظــر الرجــل الــى مخالــب تلــك القــدم فــي خــوف شــديد ورأى شــوكة كبيــرة غائــرة بيــن اســفل احــد هــذه المخالــب وبيــن اللحــم. فــأدرك انهــا تؤلــم االســد المــا شــديدا وأنهــا الســبب فيمــا كان يطلقــه ــن ذاق ــن إال م ــعر بالمعذبي ــد اذ ال يش ــى االس ــالم عل ــفق س ــر. وأش ــن زئي مااللــم مــن قبــل. وامســك ســالم بطــرف الشــوكة ثــم جذبهــا وأخرجهــا وأحــس ــه جــرو االســد بالراحــة وصــار يجــري فــي داخــل الكهــف فــي مــرح وكأنصغيــر وكان كلمــا مــر بالرجــل احنــى رأســه ليلعــق بلســانه يديــه او جبهتــه ــالم الخــوف ــه. وذهــب عــن س ــداه الي ــذى اس ــل ال ــى الجمي ــه يشــكره عل كأنشــيئا فشــيئا حتــى تأكــد مــن ان االســد ال يريــد بــه اى ســوء. وأحــب االســد ســالم حبــا شــديدا فــكان يرقــد الــى جــواره كمــا كان يحضــر لــه لحــوم بعــض الغــزالن التــي يصطادها.ويرافقــه اذا خــرج مــن الكهــف ليبحــث عــن الثمــار ــه ــي حيات ــره ف ــب، وأحــس ســالم ألول م ــاء مــن جــدول قري او ليشــرب المبمتعــة الصداقــة المخلصــة وتمنــى لــو انــه قضــى بقيــة عمــره مــع ذلــك االســد

الوفــي االميــن.

65

ــث ينتظــر حضــور ــا لب ــة حينم ــام شــعر ســالم بوحشــة غريب ــي احــد االي وفــه ــد كعادت ــر االس ــدة دون ان يحض ــام عدي ــرت اي ــر. وم ــم يحض ــد ول االسالــى الكهــف. مــاذا حــل بــه يــا تــرى ؟ اخــذ ســالم يســال نفســه هــذا الســؤال ويكــرره فــي عقلــه. خــرج ســالم مــن الكهــف ليبحــث عــن صديقــه الحبيــب فــي ارجــاء الغابــة وتصــادف مــرور بعــض الجنــود الذيــن لمحــوه وعرفــوا ــه ــض علي ــاء القب ــن الق ــرا م ــوا اخي ــى تمكن ــارب، فطــاردوه حت ــد ه ــه عب انوصــدر عليــه الحكــم باإلعــدام، ولمــا حــان موعــد تنفيــذ الحكــم احتشــد النــاس ــم ــد ان يفترســه احــد االســود. ث ــه بع ــي حتف ــد وهــو ياق ــك العب لمشــاهدة ذلــه اســد يتضــور ــا ليخــرج من ــا جانبي ــى الســاحة وفتحــوا باب ــوا ســالم ال ادخلجوعــا ومــا كاد يــرى ســالم حتــى قطــع المســافة التــي تفصلهمــا فــي وثبتيــن ــد ــن ان االس ــع الحاضري ــا. توق ــرا مخيف ــزار زئي ــو ي ــات وه ــاث وثب او ثســوف يمــزق الرجــل ويلتهمــه. ولكــن االســد مــا كاد يصــل الــى ســالم حتــى ســكت زئيــره الرهيــب ! ووضــع رأســه عنــد قدميــه وصــار يلعقــه. ثــم رقــد علــى جنبــه بهــدوء. وعــرف ســالم فــي االســد صديقــه الــذى كان يؤنســه فــي ــى ــتخدموه ف ــركا ليس ــود ش ــه الجن ــد ان نصــب ل ــي بع ــذي اختف ــف وال الكهــم باإلعــدام. ودهــش الحاضــرون دهشــة ــم عليه ــن يحك ــد الذي ــراس العبي افت

بالغــة وصــاح اغلبهــم : يجب ان تمنح الحرية لهذا العبد. -

وتعالــت االصــوات المؤيــدة والمــرددة يجــب ان يعيــش هــذا الرجــل حــرا. وهكــذا افــرج عــن ســالم ولمــا اراد ان يغــادر الســاحة ابــى االســد ان يفارقــه. وســار معــه فــى طرقــات المدينــة والنــاس يتعجبــون منهمــا. وانهالــت عليــه ــد ــة وكان االســد يرق ــى مشــارف الغاب ــه مســكنا عل ــة فاتخــذ ل ــات المالي الهب

امــام بيتــه كل ليلــة كأنــه يحرســه. ــد واالســد.. وتدحرجــت الســنوات بســرعه عــاش ــات العب ــام وم ــرت االي مفيهــا العبيــد فــي شــتى بــاد العالــم الظلــم والهــوان.. واختفــى مــع االيــام مــا يســمى بالعبيــد واالمــاء وأصبــح كل شــخص فــي هــذا العالــم حــر... يمــارس جميــع حقوقــه بحريــة.. ويشــارك فــي كل مناحــي الحيــاة بحريــة أكبــر.. وال

عــزاء لألســود أو للمتفرجيــن.

66

الحكاية العارشة

خفوت االسطورة سعيد حسن سعيد

6767

يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح اإلخاء.

المادة )1( االعان العالمي لحقوق االنسان

68

كان يــا مــا كان هنــاك صبــي أتــى مــن قريــة بعيــدة.. كانــت هــذه القريــة محــط ســخرية مــن القــرى االخــرى وحتــى فــي العاصمــة.. منــذ عشــرات ومئــات الســنين عــرف النــاس عــن هــذه القريــة بعــض الصفــات التــي روجــت عنهــا

عــدد كبيــر مــن النــكات و الطرائــف.ــه ــة و ألن ــي القري ــه ف ــه وأصدقائ ــة مــع عائلت ــاة هنيئ ــى يعيــش حي كان الصبيريــد أن يكمــل دراســته الثانويــة ولــم تكــن متوفــرة ف فــي قريتــه حضــر الــى المدينــة ومــا أن وصــل حتــى بــادر بتســجيل تقســه بإحــدى المــدارس القريبــة

مــن حييهــم. ذهــب صديقنــا إلــى المدرســة وهــو فــرح ووصــل إلــى المدرســة ووقــف فــي طابــور الصبــاح وبــدأ أول أيــام دراســته ومــع معرفــة أصدقائــه بمــكان قريتــه

ومــن أيــن جــاء بــدأ تركيــز العيــون عليــه ولكنــه لــم يعــط االمــر أي أهميــة.انتهــى االســبوع االول ولكــن نظــرات الطــاب الغريبــة العجيبــة لــم تنتــه إلــى

أن تكلــم أحــد الطــاب وصــاح:- سمعتوا أخر نكته ؟!

كانــت نكتــه عــن قريتــه.. لــم تكــن النكتــة حقيقيــة ولكنهــا ممــا تداولــه النــاس عبــر عشــرات الســنين ضحــك الطــاب.. وتبــرع طالــب أخــر بنكتــه أخرى...

ليلحــق بــه طالــب ثالــث...كان الصبــى يضحــك أول االمــر.. وازدادت النــكات.. ومــع كل نكتــه كانــت العيــون تنظــر اليــه.. أحــس أن تلــك الضحــكات عليــه هــو وليــس لطرافتهــا أو

لجودتهــا أو أنهــا جديــدة. كانــت كلهــا تقريبــا تشــرح أن أصحــاب هــذه القريــة ســذج.. وانهــم ينقــادون بســهولة للخديعــة.. وأنهــم لــن يصعــدوا يومــا الــى مقــام عــال الن الغبــاء جــزء

مــن جيناتهــم.. هكــذا كانــت النــكات. بــدأ الصبــى منزعــا ولكنــه لــم يظهــر انزعاجــه النــه يعــرف كــم ســيفرحون الجــل ذلــك وبــدأ ينظــر الــى نفســة.. و مشــاركاته.. وتوســيع صداقاتــه.. كل يــوم كان يأتــي الــى المدرســة نظيفــا... كل يــوم كانــت درجاته ترتفــع كان أول الصــف.. ليكــون أول الشــعبة.. ليصبــح فــي االخيــر اول طــاب المدرســة فــي

69

كل المــواد.. كان يرغــب وبشــده فــي كســر االســطورة.. ومــع كل يــوم كانــت االســطورة تــذوب وتــذوب حتــى اختفــت.

7070

الباب الثاين

71

الحكاية األوىل:

بائعة اللحوح عائشة الحيمي

7272

صنـعاء وإن أغفت علـى أحزانهـا

حيناً وطـال بهـا التبلـد والخــدر

سيثور في وجـه الظـام صباحهـا

حتما ويغسل جـدبهـا يومـاً مطـر«

)د.عبدالعزيز المقالح(

73

كان يــا مــكان... كان هنــاك فتــاة اســمها ســلمى، طالبــة فــي الثانويــة العامــة، كانــت مجتهــدة وتتفــوق علــى كل مــن حولهــا مــن الفتيــات.. ذات يــوم مرضت األم وطلبــت مــن ابنتهــا أن تذهــب لبيــع »اللحــوح« بــدال عنهــا، ولكــن هــذا قد يدفــع بخــروج ســلمى مــن المدرســة التــي ترعرعــت فيهــا وتفوقــت واكتســبت

عــدد كبيــر مــن الصداقــات.ــه ــا ألن ــدال عنه ــوق ب ــب للس ــا يذه ــل أخاه ــا أن تجع ــن أمه ــاة م ــت الفت طلبــوع مــن العمــل ولكــن األخ رفــض ــذا الن ــا به ــة له ــيء بالرجــال وال طاق ملذلــك واضطــرت ســلمى للذهــاب للعمــل. لــم تكــن متعــودة علــى هــذا النــوع مــن االعمــال وعندمــا ذهبــت لجلــب »اللحــوح »مــن المطبــخ... ســقطت فــي

ــا شــديدا وحذرتهــا مــن تكــرار الخطــأ. ــدرج، غضبــت األم غضب ال وجــاء اليــوم األول لهــا فــي الســوق لبيــع »اللحــوح« بخطــى متثاقلــة... وقلب كســير... أخــذت تتدافــع فــي زحمــة الســوق مــع المتدافعيــن.. الزحــام علــى

أشــدة وخصوصــا فــي ظهيــرة هــذا اليــوم الحــار والمشــمس. حدثــت ضجــة وجلبــة وصيــاح..كان هنــاك مجموعــة مــن الشــباب فــي عراك شــديد مــع بعضهــم البعــض.. ومــع الصيــاح تدافــع الزحــام بعيــدا عــن أرض ــا ــع بضاعته ــم أوق ــاء عراكه ــي أثن ــم وف ــة, أحده ــت الكارث ــراك... وحدث العأرضــا ليدهــس الزحــام اللحــوح ويعيــده عجينــا كمــا كان. بكــت ســلمى بــكاء ــت ــي البي ــا ف ــن.. أحدهم ــا مرتي ــرت بضاعته ــد خس ــوم واح ــي ي ــديدا فف شواالخــرى هنــا فــي ارض الســوق و رجعــت إلــى البيــت يتملكهــا خوف شــديد. فــي اليــوم الثالــث خرجــت ولكــن بعــد وعيــد وتهديــد وإنــذار بالويــل والثبــور وعظائــم األمــور إذا رجعــت البيــت وحــدث لهــا مــا حــدث فــي األيــام الســابقة. ــاس ــف والن ــة والجــو لطي ــة، الســماء صافي ــور هادئ ــت األم ــرة كان ــذه الم هيســيرون فــي الســوق يبيعــون ويشــترون، شــعرت ســلمى باالرتيــاح لعــل هــذا اليــوم يعوضهــا خســارة األيــام الســابقة ولكــن حــدث مالــم تتوقعــه، تجمعــت ــول ــدق طب ــد ي ــدأ الرع ــتحياء وب ــي اس ــا ف ــمس وراءه ــت الش ــوم وغاب الغيالخطــر وهطــل المطــر بغــزارة شــديدة وفســد اللحــوح المرتقــب منــه الخيــر والعطاء.توقــف قلــب ســلمى عــن النبــض واســودت الدنيــا فــي عينيهــا وفــرت

74

هاربــة إلــى المجهــول وبضاعتهــا خلفهــا تنتظــر صاحبتــه لتعــود إليــه لكنهــا غابــت عــن األنظــار وتــوارت فــي الزحــام.

كنــات تفكــر وهــى تخطــو نحــو المجهــول.. هــل هنــاك وطــن تســتطيع فيــه أن تتعلــم وتكمــل مشــوارها وصــوال الــى حلمهــا بــأن تكــون معلمــة.. ألــم تســمع فــي طابــور صبــاح مــا أن التعليــم الزامــى لهــا حتــى تنتهــى مــن الصفــوف االساســية.. لمــاذا تركوهــا تخــرج الــى الشــارع... كانــت تحــس بالظلم الشــديد ومــع كل خطــوة نحــو المجهــول كانــت تــذرف دمعــه هاربــة.. لــم تكــن تــدرى ــا.. شــعرت ــدأ الطريــق أمامهــا موحشــا.. مرعب ــى أيــن... ب أيــن تذهــب.. إلبغربــة ثقيلــة تلفهــا... وكالحلــم.. تذكــرت مدرســتها... صديقاتهــا... لعبهــن... مرحهــن... هــن االن فــي المدرســة... لكنهــا هنــا فــي المجهــول الــذى يكبــر كل يــوم ويلفهــا.. شــعرت بغصــة ومــرارة الظلــم... قســوته.. هــل هنــاك مــن

يســتطيع أن يرفــع عنهــا يــد الظلــم ويعيــد لهــا طفولتهــا األمنــه.

75

الحكاية الثانية:

أباء من ورق

هبة عبد القوى عثامن

7676

كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته

الرسول صلى هللا علية وسلم

77

كان يــا مــا كان... فتــى يعيــش مــع ابويــة, األب موظفــا فــي إحــدى الدوائــر الحكوميــة واألم موظفــة أيضــا وفــي نهايــة الــدوام يعــودان إلــى المنــزل ــادة فــي حيــن تبــدأ األم ويتنــاوالن طعــام الغــداء و يلجــأ األب لقيلولتــه المعتــزل إحــدى صديقاتهــا، ليســتيقظ األب بعــد ــى من ــز نفســها للخــروج إل بتجهيذلــك مــن قيلولتــه إلــى مجالــس األصدقــاء ليعــودا فــي نهايــة اليــوم لينجــز كل

ــي. ــوم التال ــه للي منهمــا أعمالهكــذا دارت عجلــة حياتهمــا الرتيبــة و المعتــادة.. األيــام تجــرى عليهمــا منــذ ــا وعــن ــدا عنهم ــا بعي ــر ونم ــذى كب ــل وال ــذا الطف ــا به ــا وارتزاقهم زواجهم

حنانهمــا ورعايتهمــا. كان الولــد قــد أصبــح فــي ســن المراهقــة و ال يجــد فرصــة للجلــوس والتحدث ــد خــروج ــة بع ــى المدرس ــب إل ــي يذه ــاح ك ــي الصب ــتيقظ ف ــه يس ــع والدي مــم يعــود بعــد ــة فــكان يجهــز لنفســه مــا أســتطاع مــن األكل ويذهــب. ث والدي

انتهــاء المدرســة إلــى البيــت ويجــد ورقــة مكتــوب عليهــا:-باقي في الثاجة أرز من غداء البارحة سخنه وكله.. والدتك.

كل يــوم كانــت وجبــة االرز موجــودة وكل يــوم كانــت بــاردة وكل يــوم كانــت ــة ــخن وجب ــك كان يس ــن ذل ــا ع ــزداد ورغم ــدة ت ــة والحاق ــاعرة الغاضب مشغدائــه يــأكل مــا تيســر لــه ثــم ينــام....و يصــل والــداه مــن العمــل وهــو نائــم

يســتيقظ وقــد خرجــا ويجــد ورقــة مكتــوب فيهــا:ــك تحــت ــك مصروف ــت ل ــي.. وضع ــن تنته ــة وحي ــك المنزلي ــل واجبات -اعم

ــدك. ــاز.. وال التلف كل يــوم كانــت تســتمر الحكايــة.. وكل يــوم كان يتكــرر المشــهد... وكل يــوم

يمــر يبــدو تؤامــا لمــا ســبقه مــن ايــام.ــا.. ــه منشــغلين بعمليهم ــن يرجــع يجــد والدي ــه ويخــرج وحي يأخــذ مصروفإلــى أن جــاء يــوم شــعر الولــد بالملــل مــن تصرفــات والديــه، وبالــذات عندمــا ــي ــم ف ــي بيوته ــم ف ــون معه ــا يك ــم حينم ــه به ــي أصحاب ــام أهال يشــعر باهتم

ــون : ــه يقول ــاء أصدقائ ــارة مــا وكان إب زي-سلم على والديك

وهو يخفيها في نفسه ويقول:

78

-سلم على الورق. ــر.. أو أي شــيء يشــغل ــأي تغيي ــه ب ــي حيات ــم يحــس ف ــد ل مــر الزمــن بالولوقتــه.. كان يبحــث عــن نــوادي يدخــل اليهــا لكــى يمــارس رياضــة ولكنــه لــم يجــد.. كان يبحــث عــن مكتبــات ولكنــه لــم يجــد.. أقــرب مكتبــه الــى منزلــه كانــت علــى بعــد نصــف ســاعه بالســيارة.. فمســكنه فــي ضواحــي العاصمة... فــي بعــض االحيــان كان يتمــدد علــى ســقف منزلــه يحــاول أن يضيــع وقتــه

بعــد النجــوم و الغــرق فــي أحــام اليقظــة :ــن ــد أي ــي... وال أج ــم ب ــد يهت ــر.. وال أح ــنين ال شــيء يتغي ــر الس ــذا تم -هكــه.... كان ــان أن يمارس ــن لإلنس ــيء يمك ــوى ش ــن ال يحت ــي وط ــب.. ف أذهحلمــي أن أصبــح رياضيــا.. لــم أجــد ماعــب أســتطيع مــن خالهــا أن أمــارس هوايتــي... كــم كنــت أحــب أن أقــراء الكتــب والمجــات ولكنــى هنــا فــي نهايــة ــة ــدى مكتب ــون ل ــال أو فرصــة الن تك ــدا عــن الحضــارة وال مج ــم بعي العالقريبــة منــى... مــا الــذى أفعلــه وكيــف يمكــن أن أتطــور فــي هــذا الوطــن !!وانجــر إلــى جماعــة مــن أصدقــاء الســوء أخــذ مــن طباعهــم الكثيــر حتــى أنــه مــا عــاد يهتــم لتصرفــات والديــه ويأخــذ الــورق كالعــادة ويضعهــا فــي ســلة مخصصــة لــورق والديــه فــي غرفتــه. وأنجــر إلــى الســرقة....كانت روحــه ــا كان ــام لي ــا ين ــت تشــجعه... عندم ــن نفســة كان ــاه... لك ــة إي تصــرخ مؤنب

يتحــدث مــع نفســة : -أليســوا هــم مــن تركونــي... هــا أنــا فــي نهايــة االمــر.. أدمــر روحــي.. أدمــر جســدي.. أدمــر بيتــي... أدمــر وطنــي... كل شــيء حبيــب وغــال... أدمــره... لســت أنــا ممــن يفعــل ذلــك.. بــل أبــى و أمــي.. إنهــم ينتقمــون مــن كل شــيء مــن خالــي.. كنــت أرغــب بــأن أكــون شــخصا.. متوافــق مــع نفســة.. يحمــى

أســرته... يبنــى وطنــة.. ولكــن ؟!!!وفــي يــوم مــن االيــام كشــف أمــره وتــم إلقــاء القبــض عليــه هــو وأصدقائــه

كان فــي مكتــب التحقيــق عندمــا ســأله ضابــط التحقيــق :-أين والديك ؟

اخرج الولد ورقتان من جيبه كان قد أخذهما من المنزل وقال : -هذان والداي.......

79

الحكاية الثالثة

بائعه الجرجريعبد الخالق النوىب

8080

أعندي لعينيك يا موطنيسوى الحرف أعطيه سكباً وغرف

أتسألني: كيف اعطيك شعراًل، دوراً وجرف وأنت تؤمَّافصل للياء وجهاً بهيجاً

وللميم جيداً، وللنون ظرفأصوغ قوامك من كل حسن

وأكسوك ضوءاً ولوناً وعرف

)عبدهللا البردوني(

81

فــي ذلــك الوجــه الرحــب الــذي ترتســم فيــه حكايــات الحــزن وااللــم وتجتمــع فيــه أحــداث قصتنــا لليــوم، ذلــك الوجــه الــذي امتــأل بالتجاعيــد كأنــه مدرجــات زراعيــة مــن دون عشــب وال كأل،أرض يابســة تنتظــر هطــول المطــر رغــم أن هــذا الوجــه صــار فيــه خطــان أســودان مــن جريــان الدمــوع كل ليلــة تــرى ــك األم ــت تل ــنين جلس ــوال الس ــوع ط ــا بالدم ــان اغرورقت ــان اللت ــك العين تلالمســكينة علــى زاويــة األريكــة فــي الغرفــة تســتذكر مــا مضــى مــن عمرهــا تســتذكر تلــك األيــام التــي قضتهــا مــن شــبابها الــذي ضــاع، وعمرهــا الــذي

أخــذ مــن جســمها وصحتهــا وعافيتهــا.لقــد تعبــت ولــم تنتظــر الجــزاء وعملــت ولــم تشــتِك التعــب، حزنــت وظلــت ــا ــه إال قلبه ــعر بحرقت ــا ال يش ــل صدره ــر بداخ ــركان يتفج ــه ب ــد وكأن تتنه

ــب. ــرة النحي ــن كث ــا م ــح واهن ــا أصب ــب، صوته ــف الطي الضعيــم كان ــزن، لك ــى والح ــم واألس ــة باألل ــا المفعم ــي ذاكرته ــول ف ــذت تتج أخالماضــي حزينــاً وتعيســاً وقاســياً، حيــث أخــذ مــن شــبابها زهرتــه، تذكــرت ــؤذن ــى صــوت م ــر عل ــاح الباك ــي الصب ــت تصحــو ف ــي كان ــام الت ــك االي تلــر, تســمع ــع حــزم الجرجي ــا، تجم ــد صاته ــت تخــرج بع ــن كان الفجــر، حيتغريــد العصافيــر، تــرى خيــوط الشــمس الذهبيــة وكأنــه إيــذان لهــا للخــروج

ــوت ابناءهــا. ــا وق ــك الحــزم لتشــتري قوته ــع تل ــى الســوق لتبي الاخــذت تجــول فــي رحلــة العمــر التــي ارتســمت بقســوة علــى مامحهــا, لــم ــة، ــنة الكريم ــة الحس ــة الصالح ــا التربي ــة أوالده ــي تربي ــدا ف ــو جه ــن تأل تككانــت قــد تحملــت المســؤولية مبكــرا بعــد وفــاة زوجهــا، ال تقــرأ وال تكتــب لكــن الشــارع علمهــا ان الحيــاة قاســية اليمــة، لئيمــة، لــم تعلــم ان هــذا التعــب

ــاح. ــه قيمــه وســيكون عرضــة للتبعثــر فــي ادراج الري ــن يكــون ل لقطــع رحلتهــا فــي الماضــي صــوت قــرع البــاب الــذي ســبقه صــوت ارجــل تمشــي علــى اســتحيا تقــدم خطــوة وتأخــر أخــرى، طــرق البــاب فأذنــت لــه بالدخــول ليدخــل ابنهــا الــذي اصبــح عاجــزا عــن الدفــاع عــن امــة مــن زوجته ــر، اســتجمع ــتقر التفكي ــس مس ــط, لي ــكام، يتخب ــم بال ــه، يتلعث المتســلطة علي

قــواه وقــال :

82

ــن تســتطيع زوجتــي ــن يتســع لــك ولزوجتــي فل ــا امــي البيــت ل ــا ي هي -العيــش معــك فــي نفــس البيــت وهــي االن فــي بيــت اهلهــا فســآخذك الــى دار

ــرا. ــد كثي ــذي ال يبع ــنين ال المســو ــت نح ــا واتجه ــأل عينيه ــزن تم ــى والح ــوع االس ــا ودم ــن مكانه ــت م قامدوالب مابســها تجمــع مــن اغراضهــا وتضعــه فــي حقيبتهــا لكــن عزمــت ان ــم انهــا لــن تعــود اخــذت حقيبتهــا بخطــى تجمــع جميــع اغراضهــا فإنهــا تعلحزينــة ووجــه حاولــت ان ترســم تلــك االبتســامة التــي كانــت ترســمها دائمــا فــي وجههــا لئــا يصــاب اوالدهــا بالحــزن او الكــدر وخرجــا مــن البيــت و كان الجــو ماطــرا غزيــر المطــر اصــوات البــرق تزمجــر، الريــاح تصــرخ،

المطــر يحــط علــى وجنتيهــا الذابلتــان ويمتــزج بدموعهــا.وصــا الــى دار المســنين وعــاد ذلــك االبــن الــذي امتــاء بالخــزي فــي ثنايــا قلبــه واتصــف بالبهــوت فــي كامــه وتصرفاتــه المشــينة وهــو يســمع صــوت الرعــد الــذي كرهــه، والريــاح التــي تلفــح وجهــه يمنــًة ويســرًة، وصــل الــى ــة وشــعر ــة ام ــه وحال ــي حال ــال بخاطــره ف ــى ســريره, وح ــدد عل ــه، تم بيت

ببعــض النــدم.ــاة ومــارس ــذ بالحي ــا ألت ــا... ومــن خيراته ــه وطن ــا ل ــام كان حضنه تذكــر أي

ــل تحــت عباءتهــا. ــرد اللي ــأ مــن ب اللعــب تحــت كنفهــا... و تدفــاك ــا وهن ــت يتحــرك هن ــي البي ــره لمــح شــبح ف ــي غمــرة تفكي وبينمــا هــو فوبعــد دقائــق شــعر بالــدفء يمــأله داره، صــوت الرعــد لــم يعــد ذلــك المزعج, الريــح لــم يعــد يلفــح وجهــه، شــعر بالــدف يــدب فــي أوصالــه فقــام مــن مكانــه

يســأل مــن هنــاك اجابــه ذلــك الصــوت النــدي المعتــاد : ــا بنــي تذكــرت انــك ستنســى شــبابيك غرفتــك مفتوحــة فخفــت أمــك ي -

عليــك بــرد الشــتاء... واالن ســأعود مــن حيــث أتيــت....

83

الحكاية الرابعة:

جحـــــا والقايض إلهام جار الله

8484

الدولة الديمقراطية هي القائمة على المواطنة والمساواة والعدالة والحرية.

الكاتب أحمد خليل – كاتب مصري

85

كان جحــا ذات يــوم يتســوق.. يســلم علــى مــن يعــرف.. و يشــترى حاجياتــه فــي هــذا الســوق األســبوعي فــي مدينتــه.

ــا أن ــده، أحــس جح ــى خ ــا عل ــه كف ــف وضرب ــن الخل ــل م ــاء رج ــاءة ج فجعينيــة تــكاد تخرجــان مــن محجريهمــا.. كانــت صفعــه قويــة دفعــت بــه الــى الوقــوع علــى االرض والتفــت إلــى مــن صفعــه.. وقــام مــن ســقوطه ليتعــارك

مــع هــذا الرجــل المجنــون ولكــن الرجــل عاجلــه باالعتــذار :- إني آسف يا سيدي فقد ظننتك فانا

ــى ــه، والذهــاب ال ــى محاكمت ــل جحــا هــذا العــذر الواهــي وأصــر عل ــم يقب فالقاضــي ليفصــل بينهمــا.. وعــا صياحهمــا، ولمــا عــا الصيــاح، دفــع بهمــا ــن ــه م ــا مجموع ــه. وخلفهم ــا إلي ــا، فذهب ــم بينهم ــى القاضــي ليحك ــاس إل الن

ــوا بينهــم وهمــا يتعــاركان. ــن فصل ــاس الذي النوقــد صــادف أن ذلــك القاضــي قريــب الجانــي.. الــذى أســتمع الــى شــكوى كل

منهمــا، ولمــا ســمع القاضــي القصــة غمــز لقريبــه بعينــه بمــا يعنــى :- ال تقلق فسأخلصك من هذه الورطة !!

لــم ينتبــه جحــا للغمــزة وواصــل مطالباتــه للقاضــي بالعــدل بينــه وبيــن غريمه :

ــي ــدم ل ــاس.. وق ــام الن ــي أم ــل صفعن ــذا الرج ــي... إن ه ــا القاض ايه -ــدل ــدل.. فالع ــب الع ــا أطل ــى هن ــة.. أن ــي المدين ــل ف ــه أي عاق ــذرا ال يقبل ع

أســاس الملــك.. و أتمنــى عليــك أن تنصفنــي. لــم يبــدو أن القاضــي أســتمع الــى مــا قالــه جحــا فقــد كان يفكــر فــي الحيلــة ــرة مــن الوقــت أصــدر القاضــي ــة مــن الجــزاء.. وبعــد فت التــي ســتنقذ قريب

حكمــه بــأن يدفــع الرجــل لجحــا مبلــغ 20 دينــارا عقوبــة علــى ضربــه..فقال الرجل :

ولكن يا سيدي القاضي ليس معي شيئا اآلن؟ -فرد علية القاضي :

- أذهب واحضرها حاال وسينتظرك جحا عندي حتى تحضرها؟! ــن ــه م ــتغل فرصت ــه واس ــه القاضــي بكام ــا يعني ــم م ــد فه كان الشــخص ق

86

الهــروب مــن وجــه العدالــة وذهــب الرجــل وجلــس جحــا فــي مجلــس القاضــي ينتظــر غريمــه كــي يحضــر المــال ولكــن طــال االنتظــار ومــرت الســاعات ففهــم جحــا الخدعــة خصوصــا أنــه كان يبحــث عــن تفســيره إلحــدى الغمــزات

التــي وجههــا القاضــي لغريمــه..وبــدأ الغضــب يتســرب الــى نفــس جحــا.. كان يظــن نفســة كأحــد ســكان هــذه المدينــة قــادرا علــى الحصــول علــى حقوقــه المختلفــة وخصوصــا حقــة فــي العدالــة الــى كان يؤمــن أشــد االيمــان بوجودهــا فــي مدينتــه وقــرر فــي نفســة

أمــرا.قــام وتوجــه إلــى القاضــي وصفعــه علــى خــده صفعــة طــارت منهــا عمامتــه

وقــال لــه : إذا أحضر غريمي الـ20 دينارا فخذها لك حاال طيبا. -

وانصرف.

87

الحكاية الخامسة

منبـــــــع االمل عىل مفتاح

8888

)ولقد كرمنا بنى أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيا(.

آية 70 سورة االسراء

89

كــم هــو رائــع أن تكــون الثقــة بــرب العالميــن كبيــرة مهمــا زاد البــاء وكثــرت الهمــوم وكــم أنــت هللا قريــب الــى القلــب...... مــا أجمــل عظمتــك ورحمتــك ــه ــا إل ــي ي ــراح... جراح ــفي الج ــب وتش ــن القل ــمع أني ــن تس ــا رب - حي - ي

العالميــن.الســاعة السادســة صباحــا يــرن جــرس المنبــه وكعادتــه ينهــض أحمــد مبكــرا ليســعي فــي طلــب رزقــه بالرغــم مــن الثــروة التــي يمتلكهــا إال أنــه فقيــر مــن

الناحيــة الماديــة، وبالرغــم مــن وجــود إخوتــه حولــه إال أنــه وحيــد.أحمــد ابــن ألم توفيــت حيــن أكمــل العاميــن مــن عمــره ألب تاجــر ال يــدري

عــن أحــد مــن أبنائــه إال مــا يصلــه مــن والدتــه.بعــد ان توفيــت والــدة أحمــد قــرر والــده بــأن يتــزوج مــن امــرأة لتكــون بمثابــة ــرت ــا م ــر عندم ــال تغي ــن الح ــا ولك ــا ابنه ــه كم ــت تعامل ــدة ألحمد...كان وال

الســنتين وجاءهــا طفــل فأصبحــت كمــا لــو انهــا فــي غنــى عــن احمــد.ومــرت الســنين وأصبــح لــدى أحمــد إخــوة » محمــد وهانــي وســعيد وليلــى » ونمــا فــي جــو اســري تجمعــه المحبــة والمــؤدة ولكــن مــن دونــه هــو فقــط.ــو ــته، وه ــي دراس ــك كان االول ف ــع ذل ــم وم ــذاب وظل ــي ع ــد ف ــاء احم نشــرد الحســنة ــا... ت ــا... دائم ــت دائم ــي كان ــده الت ــع لزوجــه وال ــد المطي الوحي

ــيئة. بالســم ــده دائ ــه, وال ــت تضرب ــا كان ــى انه ــه فاشــل حت ــى أن ــه عل ــا تنظــر الي دائمــأكل معــه الطعــام إال الســفر حتــى وان كان موجــود ال يتواجــد أمامــه.. ال ياالخــوة... أحمــد الغائــب دائمــا دون إرادتــه فهــو مســالم ال يخبــر أبــوه إال بــكل

مــا هــو خيــر!! وكبــر احمــد وانهــى دراســته الثانويــة وعندمــا قــرر دخــول الجامعــة رفضــت

زوجــه والــده االمــر بشــدة و بادرتــه بالســؤال :لماذا تريد إكمال دراسة الجامعة؟ -

حتــى يكــون أمامــي مســتقبل جيــد وأحصــل علــى عمــل مناســب بحيــث -ــدا ــح مفي ــأن أصب ــي.. أرغــب ب ــي أكــون أســرة ســعيدة وأســتقل بحيات يجعلن

ــي.. ــرتي ولوطن ــي وألس ــي ولحيات لنفس

90

ــم مــن ــذى ال يعــرف العال ــم ال ــوه فمــن هــذا الشــاب الحال ــة كمعت نظــرت إليــه : ــه فصرخــت ب حول

تحــاول تقنعنــي بانــك ناجــح وتقــدر تعمــل كل هــذا؟! أنــت مجنــون ؟؟!1 -لــن تواصــل دراســتك.. أحتاجــك فــي البيــت لمســاعدتي في جلــب االغراض.. ــى ــه عل ــه بــدال مــن أن يصــرف أموال ــاج للمســاعدة فــي تجارت ــدك يحت ووال

العمــال.. فانــت ولــدة وســتعمل معــه بالمجــان !ــن ــه ضم ــد ربت ــا فق ــتطع أن يعصيه ــم يس ــه ل ــا بغيضــة ولكن ــت كلماته كان

أوالدهــا... - ال بأس يا أمي ولن يحصل إال ما تريدينه انت.

ــع امهــا ــت تحــاول ان تمن ــي كان ــدة الت ــى لحــال اخيهــا فهــي الوحي ــت ليل رثمــن معاملتهــا الســيئة ألخيهــا ولكــن دون جدوى.......مــرت االيــام ويتخــرج اخــوة احمــد مــن الجامعــة واحمــد يحضــر حفلــة التخــرج ألخــوة محمــد، ولــم

يســيطر الحقــد عليــه بالعكــس تمنــى لشــقيقه كل خيــر وســعادة.ــده تعــرض ــأن وال ــر ب ــي هــزت احمــد عندمــا جــاءه الخب ــت الواقعــة الت كانلغيبوبــة مفاجئــة وهــو االن فــي احــد المستشــفيات وظــل فيهــا لفتــرة طويلــه ــده المريــض الــذي ال يــدري بحــال ابنــه, كان يعمــل وتولــى فيهــا عمــل والــل كان ــى اللي ــزل وف ــي المن ــه ف ــار عمل ــل بالنه ــده ويكم ــل وال ــاح عم بالصب

ــاوب حراســه. منبالرغــم مــن معانــاه احمــد إال انــه لــم يمــد يــده علــى مــال والــده... كمــا كانــت زوجــة والــده حريصــة علــى كل شــيء ومتابعــة امــور الشــركة مــن البيــت

وتهــدد احمــد بانــه ســيكون محاســب علــى كل شــيء.بعــد أســبوعين مــن مــرض والــدة تلقــى خبــر وفاتــه وكانــت بالنســبة ألحمــد فاجعــه وصدمــة مؤثــر والكارثــة الكبــرى كانــت عندمــا جــاءت زوجــة أبيــه تســحب منــه اوراق الشــركة وتســلمها لهانــي االخ االصغــر ومــا باليــد حيلــة

امــام هــذه المــرأة. مــرت االيــام تلــو االيــام وامتلــك احمــد ســيارة اجــرة ليعمــل عليهــا ورغــم معاناتــه إال أنــه بجانــب امــه إذا احتاجتــه وفــي ليلــه مــن الليالــي ذهــب احمــد

91

ليخبــر امــه بانــه يريــد الــزواج وهــو مســتعد لــكل شــيء واخبرهــا عــن الفتــاه التــي يريدهــا واخبرهــا ايضــا عــن محاســنها فــي الديــن واالخــاق فقالــت لــه:

- اريد ان اتعرف عليها وعلى اهلهاوجــاء اليــوم الــذي تذهــب فيــه االم للتعــرف علــى الفتــاه وعلــى االســرة وتمهــد

بموضــوع الخطبــة وعنــد مغــادرة االم ســألها احمد:- كيف كانت المقابلة وكيف االسرة؟

وكان رد االم فورا :هــؤالء النــاس ليســوا منــا ولســنا منهــم ولكــن البــأس ســأبحث لــك انــت -

وأخــوك عــن الفتيــات المناســبات ؟؟ــال ــه وق ــك نفس ــه تمال ــه عــن الموضــوع ولكن ــدي انفعال ــد ان يب ــاول احم حفــي قــراره نفســه بأنــه لــن يأخــذ غيرهــا مهمــا كلــف االمــر واخبــر امــه بانــه ســيذهب للســفر مــع اصدقــاءه للمتعــة ولــن يكلــف ذلــك ســوى ايــام قائــل...

أخبرتــه بموافقتهــا ودعمتــه ماديــا...تفاجــئ احمــد فهــي ألول مــرة تتعامــل بهــذه الطريقة معــه ولكنه كان مســرورا ــت ــه كان ــاء عودت ــاءه وأثن ــع اصدق ــع م ــد وتمت ــافر احم ــه س ــت ذات ــي الوق فالمفاجئــة، تلقــى مــن امــه خبــر خطبــة اخيــه االصغــر هانــي وكان مســرورا وقــال لــه احمــد لمــاذا لــم تنتظــر حتــى عودتــي ألفــرح معــك فقــال لــه اخــوه ــا ســأله مــن هــي ســعيدة الحــظ غمــر ــد حــدث كل شــيء بســرعه وعندم لقــة ــوم هــي خطيب ــا لألســف كان باألمــس يريدهــا والي ــع الســكوت.... ي الجميــه مــن ــرك كل مــا لدي ــت وت ــرك البي ــه ت ــر أن ــار غي ــده خي ــم يكــن بي اخــوه ل

ثــروة ابيــه ورحــل ولكــن إلــى ايــن؟؟لــم يعلــم احــد ايــن اختفــى كانــت تصــل إلــى أمــه رســائل يســأل عــن حالهــم ــعيدة ــرة س ــد اس ــح ألحم ــنين وأصب ــرور الس ــد م ــد وبع ــه أح ــرد علي ــم ي ولحيــث اعطاهــم كل مــا حــرم منــه أعطــا أبنائــه الحــب والحنــان وكانــوا فــي اتــم الســعادة هــو وأمراتــه وابنــه علــي وأبنتــاه ســلمى وســارة لــم يحــس بطعــم

الحيــاة إال معهم...وفــي يــوم مــن االيــام تلقــى رســالة:أحمد ها سالت عن امك فهي وحيدة وطريحة الفراش!! -

92

فــورا ذهــب احمــد ليســتعد للمغــادرة ليــرى امــه المريضــة بعــد عنــاء الســفر وصــل احمــد لكــن كانــت بالنســبة لــه مفاجــأة عندمــا رأى أمــه بحالــه يرثــى

لهــا فقــال لهــا:- ماذا بكي يا امي ؟ ما الذي جرى لكي؟

قالت له :احمــد أنــت الوحيــد الــذي كنــت اتمنــى ان ال تكــون اســعد مــن ابنائــي -وانــت الــذي لــم يســتحق معاملتــي.. إخوانــك تخلــو عنــي بعــد ان تــزوج كل واحــد فيهــم اختفــى ولــم يســال عنــي حتــى برســاله وأختــك تزوجــت وغــادرت

ــي توفيــت بحــادث ســير. ــى الت ــم يبقــى إال ليل لبــاد اخــرى ولصعق احمد وقال :

ايــن انــا لمــا لــم يخبرنــي احــد لمــاذا لــم تحســبين وجــودي بجانبــك لمــاذا -تركــوك تقاســين العــذاب وحــدك..... اّه يــا أمــي لمــاذا حــدث كل هــذا وانــت

مــا الــذي جــرى لكــي!!ــت ــم يفل ــرا فأرجــو المســامحة!!! وهللا ل ــك كثي ــي ظلمت ــي... ان ــا ابن - ي

حقــك أبــدا فقــد ابتانــي هللا بمــرض ليــس لــه عــاج إال المــوت.أمي ماذا تقولي؟؟؟ -

- نعــم يــا ابنــي وهللا ال يضيــع اجــر مــن احســن عمــا وهــاك يــا احمــد ــي ــب ف ــه كت ــل وفات ــدك قب ــأن وال ــا ب ــن لن ــك تبي ــد مغادرت ــذه االوراق بع ه

وصيتــه، بأنــك المســئول عــن كل شــيء!! ــت ــي شــهرين توفي ــد امــه وغــادروا ســويا وبعدهــا بحوال وبعدهــا اخــذ احماالم وعــاد كل شــي الحمــد المســكين الــذي كان مــع هللا وهللا لــم يضيعــه ولــم

يخذلــه.

93

الحكاية السادسة

طفل القرية وليد الحاج

9494

تتعهد الدول االطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية الازمتين لرفاهه ومراعية لحقوق وواجبات والديه أو أوصياءه أو غيرهم من االفراد المسئولين قانونا عنهم وتتخذ تحقيقا لهذا الغرض جميع التدابير التشريعية

واالدارية المائمة

المادة 3 فقرة 2 من اتفاقية حقوق الطفل

95

ــت ــرى كان ــن الق ــة م ــي قري ــب، وف ــن الحبي ــا اليم ــي بلدن ــا كان ف ــا م كان يتشــتهر ببيــع المنجــا، بــدأت الشــمس تبــزغ فــي الســماء. لكــن القرويــن كانــوا قــد أفاقــوا قبــل ذلــك بســاعات، وكان ذلــك يــوم التســوق فــي القريــة والــذي يأتــي فيــه النــاس مــن كل المناطــق المجــاورة ليبيعــوا بضائعهــم ويشــتروا مــا يحتاجــون إليــه فيــوم التســوق هــو يــوم الزيــارات أيضــاً. كانــت هنــاك أســرة ــن ــم وأب ــة أســمها مري ــا طفل ــة هــي األم ولديه ــن فاطم ــن أم وطفلي ــون م تتكصغيــر أســمه محمــد وقــد كانــت تعمــل األم فــي بيــع المنجــا فقالــت األم فاطمــة

لبنتهــا.عليــِك أن تعتنــي بأخيــك الصغيــر اليــوم ونحــن فــي الســوق، فأنــا -

المنجــا. ببيــع مشــغولة ســأكون قالت مريم ألخيها محمد :

تعال يا محمد أنا وحدي من سيعتني بك هذا اليوم..! -سألت األم مريم وهي تبتسم:

أنت وحدك..؟ -ــا ــت األم المانج ــم. وحمل ــى مري ــر عل ــة األم ــدرك صعوب ــت األم ت ــد كان فقــب ــد لتذه ــا محم ــم أخوه ــت مري ــا، وحمل ــع المنج ــى الســوق لتبي ــت إل وذهبــت ــن بي ــة م ــيير خارج ــي تس ــعرت وه ــد ش ــة، وق ــال القري ــع أطف ــب م للعــب ــال للع ــع األطف ــع تجم ــم لموق ــد وصوله ــاة راشــدة. وعن ــا فت األســرة بأنهوجــدت مريــم أحــدى صديقاتهــا الــذي لمــا تراهــا لفتــرة طويلــة، فذهبــت إليهــا وعانقتهــا وجلســا مــع بعضهــم البعــض ليتحدثــا، تاركــه ألخيهــا محمــد ليلعــب مــع األطفــال األخريــن. فبــدأ محمــد متملمــاً مــن اللعــب مــع األطفــال، وأخــذ بالتجــول فــي إنحــاء القريــة... حيــن اســتدارت مريــم بعــد انتهائها مــن الحديث

مــع صديقتهــا، أكتشــفت أن محمــد قــد ذهــب فصاحــت : ياااااااه ! ثم تركت مريم صديقتها، وانطلقت لتبحث عنه. -

قالت مريم : إلى أين ذهب يا ترى ؟ -

شعرت مريم بالقلق وهي تبحث عن أخيها وقالت في نفسها :

96

ربما يكون محمد جائعاً. -وذهبت إلى صانعة األكل لتسألها عن أخيها محمد وقالت لها :

هل قد أتي أخي الصغير محمد إليِك..؟ -لقد أتى إلي جائعاً، فاعتنيت به وأطعمته ! -

فقالت في نفسها :ربما يكون محمد عطشان. -

ذهبت إلى بائع الماء لتسأله عن أخيها محمد فقال لها : لقد أتى إلي عطشاناً، فاعتنيت به ورويته الماء؟ -

فقالت في نفسها : - ربما يشعر محمد بالحر؟

فذهبت إلى سيدة تغسل الثياب لتسألها عن أخيها محمد فقالت لها : لقد أتى إلي وهو متسخاً، فاعتنيت به وغسلته ! -

أخيراً وبعد أن بحثت عنه في كل مكان، توقفت مريم وصرخت عالياً : ربما يكون محمد قد ضاع!! -

لكنــه لــم يكــن كذلــك، فعلــى الجانــب الممــر اآلخــر، حيــث كانــت تقــف مريــم، كان محمــد يســتيقظ مــن نومــه. فصــاح بائــع الحصيــر لمريــم قائــاً :

أهذا هو أخوِك محمد..؟ -هتفت مريم وهي تعانق أخاها :

- أجل !!!!!!ــد ــت تعتق ــد.. كان ــم بمحم ــن اهت ــم كل م ــكرت مري ــا ش ــق عودته ــي طري فأن والدتهــا قــد أصبحــت قلقــه.. لكــن األم لــم تكــن كذلــك، فقــد كانــت تــدرك

ــا : ــال ألبنته األمــر، وقــم ــي أمــي، وكمــا أخبرتهــا أمهــا، ســوف أخبــرك. أنــت ل كمــا أخبرتن -تكونــي وحيــدة اليــوم يــا مريــم، نحــن ال نربــي أطفالنــا بأنفســنا، فتربيــة طفــٍل

ــا. ــة كله ــاون القري ــى تع ــاج إل تحت

97

الحكاية السابعة

الحصان األبيض )أنت أعـــجوبة نفسك( سهى املرصي

98

كــــان يــــا مــــا كــاْنفـــي حديث الـزمــــاْن قــريـة تــدعــى حبة لـبـــاْن ُعـِرفـت حبة لـبـــاْن بـســـطوع الـشمـــس، غـيـاب اإلنــس و كـثـرة الـغـمـز و الـهـمـس فـفـــي وقـــت لـــيس بـبـعـيـــد عـاش اإلنـســـان لـيـسـتـفـيـد جنَّ فـــي كنز الخـيـر دون أن يـتـقاسمـــه مع الغـيـــر وبـغـتـــًة، جــــاء الــقـــــدر سـطـعـت الـشــمــُس وســقــــط الــمــطــرومـــع الـــهــطـــول كــانـــت الـســيـول لـتـنـهـي اإلنـسـان و ُتبقي األثــــر! ُثـلـــة من عـالـــم الـحـيـــوان ِقـطـــة، كـلـــب، حـِصـــان، ِحـمـار وُغــــراب ال يــفــتــرقــان كـان الـِحـمـار يــافــع جــريء يــفــقــه الــحــوار ولـكـنـــه بـطـــيء أمــــا الــُغــــراب فــظــل ُيــصادقــه فـي كـــل خـطـوة مـعـه يـرافـقـــه أعرفكم بـــذي الـفـــرو الـمـخـتـلـف عن الـقـطـيـع مـنـذ أن كـان جـرو مـستكــشـــف ضـلـيـــع أمـــا عـــن ِقـطـتـنـــا الـمـدللــــة فـهـــي دائـمـــا مـتـسـللـــة

تـمـيـــل إلى االسـتـقـــال و تـسـتـشـهـــد بـاألمـثـــال !!كـانـت الـقـريـة تـهـمـس وتـهـمـهـم بـبـطـٍل تـتـغـنـى تـنـشـد و تـتَرْنـم الِحصان األبيــض !! الِحصــان األبيــض !! يـحـكـــى أن ديـكـــاً و دجـاجـــة كـانـــا فـــي الـقـــن فـي أمـس الـحـاجــة فـقـد نسى سـيـدهـم الـَحْب يـطـعـمـهـم وتـنـاقـص الـمـــاء داخـــل الـوعــــاء حـتـــى انـقـطـــع عـنـهـــم !! وقـبـــل قـــدوم الـصـبـــاح اسـتـفـــاق فـــي خـنـوع الـديـــك الـذي صـاح بـصـوٍت غـيـر مـسـمـوع ولـكـنـه انــــــهزم و اسـتـكـــان قُـــرب زوجـتـــه كانا يـئـنـــان وكان ما كان !!! حــوافــر صـهـيـــل كـحــلــــٍم جــمــيــل إنــه الـــِحــصـان إنــــــه الـــِحـــصـــان ! الديك : » كـُـِســــر الـبــــاب ! حـــــر حـــــر ! عـجـــب الـعـجـاب قــــد جــاء الــخـيـر ! ”وتـعـاقـبــــت األمــــور فـــي حبة لــبــــان و الـغـمـــز فـيـــها يـــدورعن ذلك الحــِـصان! أمـــا الـِحـمـــار فـكـــان يـسـتـــِرق الـسـمـــع عـن كـل مـــا صار دون أن يـقـتـنـــع !الِحمــار : » صـــعب الـتـصديـــق ! إنـهـــا ُخــرافــــة ! مـــا كـــان لـِبـطـريــق أن يـصـبـح زرافـة ؟! »وظـل الـُغـراب ُيـنـغـِص عـلـى صـديـقـه يـتـغـنـــى بـكـــل مـــا أبـــى تـصـديـقـــه : » قـــاق قـاق“ أنـا الِحـصـــان ! أبـيـض جـمـيـــل، ســريع الجريــان !أجــري أجــري، مــن يـسـبـقـــني ؟ترقـبـــوني حبــة لـبـــان ! »غـار الـِحـمار وأجــفـل صاحبه أوقـعـه فــطـاردون أن يــخــاطـبـه الـِحـمـار : ” تـعـسـاً تـعـسـاً يا لـيـتـنـي أرجـعـه ! ” فـي إحــــدى الـمـرات مع

99

قـدوم الربيع أسـرع الـضـلـيع لـيـخـبـر الـجـمـيع عـن تـراجـع مـيـاه الـجـدول ومـسـتـواه الـحـيـوانـات : » كـم هـذا فـظـيـع ! يـا هللا يـا هللا ! »اسـتـقـام الـكلب عـــلى صخرٍة ينـــادي :» يـــا أهـــل الـقـريـة يـا أهـل الـوادي ! عـلـيـنا أن نـرى مـــا الـــذي جـــرى ! ربـــما هـو حـجـر أو طوب أو حصى فـمـن ِمـنـا يـا ُتـرى لـديـــه الـقـــدرة فـــي أن يـغـامر إلى الـجهة األخـــرى ! ”أما أنـا فـسـأبـقـى هـنـا اشـتـــم الـمــــاء قـبـل أن نـراه أُحـصـــن الضـفاف لنـستـعيـد مستواه فـتـلك هـي روح الـفـريـــق التي تـعـمـــل عـــلى تـحـقـيـــق كـــل مـــا نـتـمـنـــاه ! » تـهـامـس أهـــالي الـــقرية فـــيما بـيـــنهم وتـوجـــسوا خـيـــفة اإلدالء برأيهــم عـارضـــت الـِقـطـــة فـكـــرة الـكلـــب :” بـــا ُمغـامـــرة بـــا وجـع قـلـــب!“ اســـتاء الِحمـار مـــن سـلبـــية الحـــوار، وشعر صـديـقـــه بـمـــدى ضـيـقـــه، ثم هـمـــس في أذنـه ليـخـفـــف عـــن حـزنـــه : » أنـــت تـحـــب حبة لُـبـــان » فـطـأطـــأ الحـِمـار : » أنا لـــسُت بـــِحصان » فـأجـــاب الـُغـــراب : » نعم أنت لست بِحـصـــان أنـــت ِحـمـــار! تـحـمـــل األوزان وتـنـقـــل األحـجـــار ! »انتفض الِحـــمار ثـــم صرخ فــي الُغــراب : » أتـــود بـــأن أُسـِقـطـــك عـــلى التــراب ؟! أأحملــك على ظهري لتزيــد مــن قهــري ؟! دعنــي و شـــأني، لـقـــد نـفـــذ صبـــري ! ” الـغــُـراب : » لـــن أفـارقـــك حـتـــى تـرى بـأنـك أهـاً لـتـــلك الـُمغـامـرة ! » الِحمـار : » هـا هـا هـا أنـا ؟! أنـا ؟! دائـمـاً مـا كـنـت ألمـتـثـل دون ضـرٍب يـبـرحـنـي حـقـا أصـابـــك الـخـبـــل كي ُتـرشـحـــني »واسـتـنـكـــر عـالـيـــاً مـقـهـقـهـــاً مـــجلجاً : » هـــا هـــا هـــا أنـــا ؟! أنــــا ؟! » خـيـم الـصـمـــت وتـوجـهـت األنـظار فـي إعـجـــاب نـحـــو الـِحـمـــار و هـتـف الـجـمـيـــع بانبهار عـاش الِحــمـار عـاش الِحـمـــار ” انـتـعـشـــت حبة لـبـــان وشـعـــرت باالمتنان ثـــم أقـامـــت االحتفال عـــلى شـــرف بـطـــل اآلبـــطال، الحـمار !! ضـحـك الـُغـــراب :» كـه كـه، كـم أنـــا فـرحـــان ! »الـحِمـــار :» صـــه صـــه، يـــا طـويـــل اللـــسان! »تـجـمـعـت الـقـريـــة تـــودع و تـزغـردتـلـــوح لـلـِحـمـــار و هـــو يـبـتـــعد تشرخت الجبال مــن صــدى النهيــق! الِحـمـــار : » آه إي آه، كـــم أشـعــــر بالضيــق ! لـــَم لـــَم، ال نعـــود أدراجنا ؟تـبـــاً لـلـسـانـــك الـــذي أودى بـنـــا ! »الـُغـــراب : » تـســـلق

تـســـلق أيـــها الـبـطـل، فـالـقـريـــة تـثـق بـأنـك األمـل ! »

100

نبذة عن مؤسسة إبحار :

مؤسســة إبحــار للطفولــة واإلبــداع مؤسســة ثقافيــة غيــر حكومية وغيــر ربحية تأسســت فــي 2002/2/27م بتصريــح رقــم 31 مــن وزارة الثقافــة وتــم إعــادة الترخيــص مــن وزارة الشــئون االجتماعيــة والعمــل برقــم 41 للعــام 2004م.وتعنــى المؤسســة بشــئون اإلبــداع مــن خــال صقــل مواهــب المبدعيــن فــي مجــال اآلداب والفنــون وتمكينهــم مــن امتــاك خبــرات مبكــرة فــي مجاالتهــم ــة ــا اإلنســان والبيئ ــات لقضاي ــة لالتف ــات الفني ــك الطاق ــه تل ــة وتوجي اإلبداعيومعالجتهــا إبداعيــا إيمانــا منهــا بقــدرة اآلداب والفنــون علــى تغييــر المجتمــع

واالرتقــاء بــه.

أهداف المؤسسة التوعيــة باتفاقيــة حقــوق الطفــل التــي صادقــت عليهــا بادنــا و تقديمهــا عبــر

الفــن. االهتمام بخلق هوية إبداعية و ثقافية خاصة بالطفل فنياً و أدبياً.

التوعيــة بأهميــة الحفــاظ علــى البيئــة و مناقشــة القضايــا الملحــة التــي تمــس الطفــل و تحقيــق تنميــة ثقافيــة باســتخدام الفنــون كوســيلة حــرة التعبيــر.

تنمية قدرات الموهوبين والمبدعين من األطفال والشباب.دعم الشباب المبدع و محاولة اإلسهام بإخراج أعماله الفنية إلى النور.

الرؤية :-مجتمع أكثر تفهماً إلبداع الفرد وثقافة الحوار و حرية التعبير.

الرسالة :-ــى ــال وه ــر و الجم ــق و الخي ــة و الح ــم المحب ــى قي ــوم عل ــالة تق ــن رس الفلغــة الحــوار و وســيلة إيجابيــة للتعبيــر، تحتــرم إنســانية اإلنســان و ال تلغــي

ــات. ــة المجتمع خصوصي

101

القيم :-الفن معادل قيمي و جمالي و أخاقي.

أقصى حد للعدالة والمساواة و المشاركة و التمكين. أرضية مغايرة لابتكار و كسر قيود الرتابة و النشابة.

بيانات االتصال :الجمهوريــة اليمنيــة – صنعــاء – أمانــه العاصمــة – شــارع تونــس – جــوار

محكمــة غــرب االمانــه.هاتف : 009671561633

info@ebhar.orgebhar@ebhar.org

www.ebhar.org

102

نبذة عن مشروع الحكواتي :ــن رؤى و ــع م ــات المجتم ــه كل مكون ــر في ــر تنصه ــُن كبي ــة وط ألن الحكايمفاهيــم وعــادات و تقاليــد، لتشــكل فــي النهايــة منظومــة قيــم حاكمــة تمتلــك قــدرة هائلــة علــى التأثيــر فــي المتلقــي بمــا تزخــر بــه مــن الــدالالت اللغويــة و المجتمعيــة، حرصــت المؤسســة علــى خــوض تجربــة تكويــن حكائيــن شــباب لديهــم الموهبــة و يمتلكــون المقــدرة علــى الحكــي ليكونــوا نــواه أولــى لحكائيــن يمكنهــم فــي المســتقبل المســاهمة فــي التغييــر المجتمعــي عبــر فــن الحكايــة، و فــي هــذا المشــروع كان أول نشــاط ســيقوم بــه الحكائيــن الشــباب هــو تقديــم عشــر حفــات للحكايــة فــي عشــر مــدارس ثانويــة لفئــة المراهقيــن و الشــباب تــدور حــول المواطنــة و قيــم الديمقراطيــة لاحتيــاج لتعزيــز هــذه القيــم فــي المرحلــة الراهنــة التــي تؤســس لبنــاء جيــل أكثــر وعيــاً بذاتــه و بمــا يريــد أن

يكــون عليــه الغــد.تــم خــال المرحلــة األولــى و الثانيــة مــن المشــروع تدريــب عــدد 20 شــاب/ة صنعــاء مــن الموهوبيــن/ات علــى قضايــا المواطنــة والثقافــة المدنيــة بشــكل اولــي بحيــث تســتثمر هــذه المفاهيــم فــي صياغــة القصــص التــي ســتقدم فــي الحفــات، ومــن ثــم تدريبهــم علــى تقنيــات الحكــي ومهاراتــه لتقديــم الحكايــة بشــكل جــذاب و مؤثــر لتعــرض فــي المرحلــة الثالثــة مــن المشــروع، أمــا فــي المرحلــة األخيــرة منــه فســيتم توثيــق الحكايــات فــي كتــاب يتضمــن قــرص

ليــزي، يمكــن مــن خالــه مشــاهدة الحكايــات مصــورة.

103

الفهرس

المقدمة ................................................................... 1 حكايتي مع الحكاية ..................................................... 12الباب األول )حكايات الشباب.... للوطن ( ........................... 19

الحى الرمادي .......................................................... 22 طائر الملك ............................................................. 27المحارب الشجاع ...................................................... 36وطن كامــــل .......................................................... 41سيد القوم خادمهم ...................................................... 45السلطان والفيل ........................................................ 49حلم المساواة ........................................................... 53هويتي .................................................................. 57سالم واألسد ............................................................ 63خفوت االسطورة ...................................................... 68

الباب الثاني ) حكايات الشباب... للشباب ( .......................... 70بائعة اللحوح ........................................................... 73أباء من ورق .......................................................... 77

بائعه الجرجير ......................................................... 81 جحـــــا والقاضي ...................................................... 85منبـــــــع االمل ......................................................... 89طفل القرية .............................................................. 95

الحصان األبيض ........................................................ 98

نبذة عن مؤسسة إبحار ................................................. 100نبذة عن المشروع ...................................................... 102

104