ياءــــــــــــالح

الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على محمد.

إن للخير والشر معان كامنة في النفس تعرف بعالمات وسمات دالة كما قال الشاعر:

ال تسأل المرء عن أخالقه *** في وجهه شاهد من الخير

فمن سمات الخير: الدعه والحياء والكرم، ومن سمات الشر: القحة والبذاء واللؤم

حياءك فاحفظه عليك وإنما *** يدل على فعل الكريم حياؤه

إذن: فالحياء عالمة تدل على ما في النفس من الخير وهو إمارة صادقة على طبيعة اإلنسان فيكشف عن مقدار بيانه وأدبه. فعندما ترى T يشمئز ويتحرج عن فعل ما ال ينبغي إنسانا

T بقدر مافيه من ترك T وإيمانا فاعلم أن فيه خيرا.للقبائح

ما هو الحياء وما حقيقته؟

خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل الحياء: قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة التي

تستلزم األنصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من خلق

الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل.

"من ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء: "كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه

وقال الشاعر: ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إال

الحياء

T ال يكترث وال يبالي لذلك فعندما نرى إنسانافيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته

يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما »إذا لم تستح فافعل ما جاء في الحديث:

.«شئت

وقد قال الشاعر: T *** تقلب في األمور T وقاحا إذا رزق الفتى وجها

كما يشاءفمالك في معاتبة الذي ال *** حياء لوجهه إال

العناء

شتد حياؤه صان ا"إن المرء إذا قال أبو حاتم: ."ودفن مساوئه ونشر محاسنه

والحياء من األخالق الرفيعة التي أمر بها اإلسالم وأقرها ورغب فيها. وقد جاء في الصحيحين

»اإليمان بضع وسبعون شعبه قول النبي: iه وأدناها إماطة األذى عن فأفضلها ال إله إال الل

الطريق والحياء شعبة من اإليمان«.

وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على T شرط الشيخين: »الحياء واإليمان قرنا جميعا

.«فإذا رفع أحدهما رفع اآلخر

والسر في كون الحياء من اإليمان: ألن كل منهما داع إلى الخير مoقرب منه صارف عن الشر مoبعد عنه، فاإليمان يبعث المؤمن على فعل

الطاعات وترك المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب

والتقصير في شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والمالمة.

ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين رركوبها إال الحياء

"الحياء نظام اإليمان فإذا انحل نظام وقد قيل: ."الشيء تبدد ما فيه وتفرق

فالحياء مالزم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه ألنه جزء من عقيدته وإيمانه ومن T وال يأتي إال بالخير، كما في هنا كان الحياء خيرا

»الحياء ال يأتي إال بخير« الصحيحين عن النبي: »الحياء خير كلهوفي رواية مسلم: ».

وفي الصحيحين أن النبي مر على رجل يعظ أخاه في الحياء: أي يعاتبه فيه ألنه اضر به، فقال له

فقد »دعه فإن الحياء من اإليمان« الرسول: أمر الرسول ذلك الرجل أن يترك أخاه ويبقيه

على حيائه ولو منع صاحبه من إستيفاء حقوقه. إذ ضياع حقوق المرء خير له من أن يفقد حيائه

.الذي هو من إيمانه وميزة إنسانيته وخيريته

ورحم الله امرأة كانت فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها فقال أحدهم: تسأل عن

ولدها وهي تغطي وجهها. فسمعته فقال: "ألن أرزأ في ولدي خير من أن أرزأ في حيائي أيهل

الرجل". سبحان الله.. أين هذه المرأة من نساء اليوم تخرج المرأة كاشفة وجهها مبدية زينتها ال

تستحي من الله وال من الناس أضاعت ولدها فعند الله لها العوض واألجر أما المرأة التي

حياءها وإيمانها فما أعظم الخسارة وما أسوأ .العاقبة

وصدق الشاعر حين قال:

فتاة اليوم ضيعت الصوابا *** وألقت عن مفاتنا الحجابافلن تخشى حياءu من رقيب *** ولم تخشى من الله الحسابا

إذا سارت بدا ساق وردف *** ولو جلست ترى العجب العجابا

T *** أهذا طبع من رام الصوابا بربك هل سألت العقل يوماT أهذا طبع طالبة لعلم *** إلى اإلسالم تنتسب إنتساباT ما كان التقدم صبغ وجه *** وما كان السفور إليه بابا

شباب اليوم يا أختي ذئاب *** وطبع الحمل أن يخشى الذئاب

أما انقباض النفس عن الفضائل واإلنصراف عنها فال يسمى حياء. فخلق الحياء في المسلم غير

T أو يأمر T أو يطلب علما مانع له من أن يقول حقابمعروف أو ينهى عن منكر. فإذا منع العبد عن فعل ذلك باعث داخلي فليس هو حياء وإنما هو

wهo ال ضعف إيمانه وجبنه عن قول الحق: }وxالل|حxق}{ {ي م{نx ال xح|ي ت xس| [53]األحزاب:ي .

فهذا النبي مع شدة حيائه إال أنه لم يكن يسكت T إذا T شديدا عن قول الحق بل كان يغضب غضبا

انتهكت محارم الله.. فمن ذلك عندما شفع مرة عند رسول الله أسامة بن زيد حب رسول الله

وابن حبه فلم يمنعه حياؤه من أن يقول ألسامة »أتشفع في حد من حدود الله يا في غضب:

.«أسامة والله لو سرقت فاطمة لقطعت يدها

ولم يمنع الحياء أم سليم األنصارية أن تقول: يا رسول الله إن الله ال يستحي من الحق فهل

على المرأة غسل إذا احتلمت؟، فيقول لها ولم "نعم، إذا رأت يمنعه الحياء في بيان العلم:

T الحياء ال يمنع من اإلستفسار الماء" ،إذاوالسؤال عما جهل من أمور الدين وما يجب

"ال يتعلم العلم مستكبر عليه معرفته وقد قيل: ."وال مستح

وهناك من النساء من يمنعها حياؤها بزعمها من ترك بعض العادات المحرمة التي اعتادت عليها

في مجتمعها مثل مصافحة الرجال األجانب واالختالط بهم فال تتحجب من أقارب زوجها وال تمنع دخولهم عليها في بيتها حال غياب زوجها،

»إياكم والدخول على النساء« والنبي يقول: .]صحيح الجامع[

فإذا كان خير الخلق ال يصافح نساء الصحابة وهن خير القرون فما بال رجال ونسوة في عصر

كثر فيه الشر وأهله أصبحوا ال يرون في T. محتجين أن قلوبهم تقية المصافحة بأسا

T وأطهر ونفوسهم نقية؟، فأيهم أزكى نفساT؟، أهذا الغثاء أم تلك النفوس الكبيرة؟، قلباT عن أن الرسول حذر من مس النساء فضال

oطعن في رأس أحدكم بمخيط من فقال: »ألن يحديد خير من أن يمس امرأة ال تحل له«

.]صحيح الجامع[

ومن الناس من يتساهل في إقامة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه يستحي

من اإلنكار على الناس. ومن ذلك ما يفعله بعض الناس من مجاملة بعضهم لبعض في سماع الغيبة أو سماع أي من المنكرات أو رؤيتها، ونحوها فهذا جبن مذموم كل الذم

وصاحبه شريك في اإلثم إن لم ينكر أو .يفارقهم

oمة� أخر{جت والله عز وجل قال: oم خxير ا oنت }كxنهoونx عxن{ المoنكر{ xأمرونx بالمxعروف وxت iاس{ ت {لن ل

oونx باللiه{ oؤم{ن [. 110]آل عمران:وxت

وقد حذرنا رسول الله من التساهل في األمر »والذي بالمعروف والنهي عن المنكر فقال:

نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن T المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا

.«منه ثم تدعوه فال يستجاب لكم

وينقسم الحياء من حيث األصل إلى قسمين:

( حياء فطري غريزي. 1

. ( حياء مكتسب2

"الحياء المكتسب هو الذي جعله قال القرطبي: الشارع من اإليمان غير أن كن كان فيه غريزة

الحياء فإنها تعينه على المكتسب وقد يتطبع T ... وهذا قول بالمكتسب حتى يصير غريزيا

صحيح ومعلوم بالتجربة في مجال التربية، فإن المتربي قد يكون في بدايته، ال يملك حياء

T، ثم ينشأ T ناقصا T غريزيا T أو أن عنده حياءا غريزيافي جو ينمي بواعث الحياء في قلبة، ويدله

،على خصال الحياء

،T T فشيئا فإن هذا المتربى سيكتسب الحياء شيئاويقوى الحياء فى قلبه بالتوجيه، والتربيه حتى

T له، وقد قال بعض T مالزما يصبح الحياء خلقا"احيو الحياء بمجالسة من يستحيا الحكماء:

وهذا الكالم بديع المعنى بعيد الفقهمنه" ..

حيث أن كثرة مجالسة من ال يستحيا منه لوضاعته أوحقارته أو قلة قدره ومروءته تخلق

في النفس نوع التجانس معهم

ثم إن قلة قدرهم عنده تجعلة ال يستحي منهم فيصنع ما يشاء بحضرة هذه الجماعة فيضعف

T فيتعود أن يصنع T فشيئا عنده خصلة الحياء شيئاT. أما مجالسة من ما يشاء أمام الناس جميعا

يستحيا منه لصالحهم وعلو قدرهم فأنها تحيي في القلب الحياء فيظل اإلنسان يراقب أفعاله

وأقواله قبل صدورها حياء ممن يجالسه فيكون T فتتعود نفسه إتيان الخصال T له مالزما هذا خلقا .المحمودة ومجانية وكراهية الخصال المذمومة

الحاصل: أن مجالس األخيار تقوي الحياء المكتسب وتنميه، أما مجالسة األرذال فإنها

.تحول بين العبد وبين اكتساب الحياء

والحياء أنواع:( الحياء من الله. 1

( الحياء من المالئكة. 2 ( الحياء من الناس. 3. ( الحياء من النفس4

:الحياء من الله (1)

xرxى{ قال الله تعالى: wهx ي نw اللx {أ xم| ب xع|ل xم| ي xل }أ

wهx حxقw [، وقال تعالى: 14]العلق: | الل وا oرxدxا قxم{oم| [، 91]األنعام:قxد|ر{ه{{ |ك xي xانx عxل wهx ك {نw الل }إTا{ ق{يب x[. 1]النساء:ر

فتجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه باألوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجالله لربه

.وعدم مراقبته لربه

فالحياء من الله يكون باتباع األوامر واجتناب »استحيوا من الله النواهي. قال رسول الله:

قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي حق الحياء« »ليس ذلك ولكن من استحيا والحمد لله قال:

من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد اآلخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك

. .«فقد استحيا من الله حق الحياء

أي »استحيوا من الله حق الحياء« معنى الحديث: استحيوا من الله قدر استطاعتكم ألنه من

المعلوم أن اإلنسان ال يستطيع أن يقوم بكل ما T ولكن كل على حسب طاقته T كامال عليه تاما

oم|{ ووسعه قال تعالى: xطxع|ت ت wهx مxا اس| wقoوا الل }فxات[16]التغابن: .

قال قلنا: إنا نستحي والحمد لله. أجابوا بذلك ألنهم قصدوا أنهم يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله

T أن ليس المقصود هذا العموم ألن هناك شروطاللحياء حق الحياء فليس كما يظنون:

أي ما جمع »أن يحفظ الرأس وما وعى« (1)العقل والبصر والسمع واللسان. من األعضاء:

oل� قال تعالى: |فoؤxادx ك xصxرx وxال |ب م|عx وxال wالس wن} }إ }T ؤoوال |هo مxس| xانx عxن {كx ك oولـئ [36]اإلسراء:أ .

(2) « أي يحفظ بطنه وليحفظ البطن وما حوى« وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام. والرب عز وجل ال يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم

حرام وال مشرب حرام ألن الله طيب ال يقبل إال T .طيبا

(3) « T وليذكر الموت والبلى« أن يذكر الموت دائماألننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى.

»أكثروا من ذكر هادم اللذاتقال: ».

(4) « قال ومن أراد اآلخرة ترك زينة الدنيا« wذ{ينx ال تعالى: {ل oهxا ل xج|عxل ةo ن xاآلخ{ر oارwالد xل|ك} }ت

oةx |عxاق{ب ادTا وxال xسxال فxر|ض{ وx oو�ا ف{ي األ oر{يدoونx عoل ي

} xق{ينw |مoت {ل [83]القصص:ل .

فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر

»استحي من الله والعلن. قال رسول الله: تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من

]صحيح الجامع[. وهذا الحياء يسمى قومك« حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى

مراتب الدين وهي مرتبة األحسان الذي يحس T بنظر الله إليه وأنه يراه في كل فيها العبد دائما

.حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات

T يشعر بأن عبوديته قاصرة وهذا الحياء يجعله دائماحقيرة أمام ربه ألنه يعلم أن قدر ربه أعلى

"الحياء وجود الهيبة في وأجل. قال ذو النون وهذا القلب مع وحشة مما سبق منك إلى ربك"

T حياء اإلجالل الذي متبعه معرفة يسمى أيضاالرب عز وجل وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآالئه. وهذه هي حقيقة نصب الرسول

.وإجهاد نفسه في عبادة ربه

T :ومن هذا الحياء أيضا

حياء الجناية والذنب: ومثال ذلك ما ذكره ابن القيم في كتابه مدارج السالكين. عندما فر آدم

T في الجنة فقال الله تعالى له T هاربا : "أفرارا ."مني يا آدم؟ فقال: ال بل حياء منك

:ومن أنواع الحياء من الله

الحياء من نظر الله إليه في حالة ال تليق:

كالتعري كما في حديث بهز بن حكيم عندما سأل رسول الله فقال: "عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟

احفظ عورتك إال من زوجتك أو ما ملكت فقال: T؟ يمينك . قال: يا نبي الله إذا كان أحدنا خاليا»فالله أحق أن يستحي منه الناس«. قال:

T سماه: "التعري ولذلك عقد اإلمام البخاري بابا ."عند االغتسال واالستتار أفضل

وقد ورد أن ابن عباس كان يغتسل وهو يرتدي T حياء من الله أن يتجرد. T خفيفا ثوبا

وكان أبو بكر الصديق يقول: "والله إني ألضع ثوبي على وجهي في الخالء حياء من الله".

وكان عثمان بن عفان ال يقيم صلبه عند .االغتسال حياء من الله

وجاء رجل إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له: أنا رجل عاصي وال أصبر عن المعصية فعظني.

فقال الحسين: "افعل خمسة وافعل ما شئت". قال الرجل: هات.

قال الحسين: "ال تأكل من رزق الله وأذنب ما شئت". قال الرجل: كيف ومن أين آكل وكل ما في الكون من

رزقه. قال الحسين: "اخرج من أرض الله وأذنب ما شئت". قال الرجل: كيف وال تخفى على الله خافية.

قال الحسين: "اطلب موضعاS ال يراك الله فيه وأذنب ما شئت". قال الرجل: هذه أعظم من تلك، فأين أسكن.

قال الحسين: "إذا جائك ملك الموت فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت".

قال الرجل: هذا م\حال. قال الحسين: "إذا دخلت النار فال تدخل فيها وأذني ما شئت".

فقال الرجل: حسبك، لن يراني الله بعد اليوم في Sمعصية أبدا.

لقد بلغ اإليمان بالصحابة رضي الله عنهم أنهم أصبحوا يستحيون من الله في التقصير في النوافل وكأنهم

قد ضيعوا الفرائض.

T يستحيون من قال الفضيل بن عياض: "أدركت أقواما الله سواد الليل من طول الهجيعة".

T قال يحيي بن معاذ: "من استحى من الله مطيعااستحى الله منه وهو مذنب".

أي من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال T يحس بالخجل من الله، في طاعته، فهو دائما

تقصيره فيستحي أن يرى من يكرم عليه في حال .يشينه عنده

"سبحان من يذنب عبده ثم قال يحيي بن معاذ: "من استحيا الله . وفي األثر: ويستحي هو"

ويجدر هنا أن ننبه إلى أن حياء الرب صفة منه" من صفاته الثابتة بالكتاب والسنة وهي كسائر

صفاته عز وجل ال تدركها األفهام وال تكيفها العقول بل نؤمن بها من غير تشبيه وال تكييف.

وحياء الله عز وجل صفة كمال تدل على الكرم .والفضل والجود والجالل

»أن الله حيي كريم يستحي من ففي الحديث: ،»T T: عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا وأيضا

»إن الله يستحي أن يعذب شيبة شاب في اإلسالم«.

عجيب شأن هذا العبد المسكين ال يستحي من ربه وهو ينعم عليه آناء الليل وأطراف النهار مع

فقره الشديد.والرب العظيم يستحي من عبده مع غناه عنه

.وعدم حاجته إليه

:الحياء من المالئكة (2)

من المعلوم أن الله قد جعل فينا مالئكة يتعاقبون علينا بالليل والنهار.. وهناك مالئكة يصاحبون أهل

الطاعات مثل الخارج في طلب العلم والمجتمعين على مجالس الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.

T هناك مالئكة ال يفارقوننا وهم الحفظة وأيضاxحxاف{ظ{ينx )والكتبة oم| ل |ك xي {نw عxل امTا 10}وxإ xر} ( ك}xين} {ب xات wا ال [. 10-11 ]اإلنفطار: ك xن oونx أ ب xح|سx xم| ي }أ

}xونo oب |ت xك |ه{م| ي xدxي xا ل oن ل oس oرxى وxلx xج|وxاهoم ب هoم| وxن wر مxعo س{ xس| ن[8]الزخرف: .

T فعلينا أن نستحي من المالئكة وذلك بالبعد عن إذاالمعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء واألفعال المذمومة المستقبحة.

»اياكم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: والتعري فإن معكم من ال يفارقكم إال عند

الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا .«منهم وأكرموهم

:الحياء من الناس (3)

وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم األخالق ومنبع كل فضيلة ألنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن

والعفة والنزاهة.

والحياء من الناس قسمين:

هذا قسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه. فإن صاحبه ـ 1يستحي من الناس جازم بأنه ال يأتي هذا المنكر والفعل T ثم اتقاء مالمة الناس T من الله تعالى أوال القبيح إال خوفا

T ألنه استكمل الحياء T فهذا يأخذ أجر حيائه كامال وذمهم ثانيامن جميع جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي ال

.يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق

قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس ـ 2وإذا خال من الناس ال يتحرج من فعلها وهذا

النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى عالج وتذكير بعظمة ربه وجالله وأنه أحق أن يستحيا منه ألنه القادر

المطلع الذي بيده ملكوت كل شيء الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فكيف يليق به أن

يأكل من رزقه ويعصيه ويعيش في أرضه وملكوته وال يطيعه ويستعمل عطاياه فيما ال

.يرضيه

وعلى ذلك فإن هذا العبد ال يليق به أن يستحي من T ال في T وال نفعا الناس الذين ال يملكون له ضرا

الدنيا وال في اآلخرة ثم ال يستحي من الله الرقيب عليه المتفضل عليه الذي ليس له غناء

.عنه

أما الذي يجاهر بالمعاصي وال يستحي من الله وال من الناس فهذا من شر ما منيت به الفضيلة

،وانتهكت به العفة

ألن المعاصي داء سريع االنتقال ال يلبث أن يسري في النفوس الضعيفة فيعم شر معصية

المجاهر ويتفاقم خطبها، فشره على نفسه وعلى الناس عظيم وخطره على الفضائل

كبير، ومن المؤسف أن المجاهرة بالمعاصي التي سببها عدم الحياء من الله وال من الناس ـ قد فشت في زماننا. فال شاب ينزجر وال رجل

تدركه الغيرة وال امرأة يغلب عليها الحياء ..فتتحفظ وتتستر

فقد كثر في المجتمعات المسلمة التبرج من النساء في األسواق وفي الحدائق العامة وحتى في المساجد. تخرج المرأة كاشفة الوجه مبدية T ولم تستحي من الزينة بكل جرأة لم تجل خالقا

.مخلوق

ومن مظاهر عدم الحياء في مجتمع النساء: تحدث المرأة بما يقع بينها وبين زوجها من

األمور الخاصة. وقد وصف النبي من يفعل ذلك بشيطان أتى شيطانه في الطريق والناس

.ينظرون

ومن مظاهر ضعف الحياء لدى بعض النساء: تبسطها بالتحدث مع الرجل األجنبي مثل البائع

وتليين القول له وترقيق الصوت من أجل أن يخفض لها سعر البضاعة.

ومن المظاهر تشبه النساء بالرجال في اللباس وقصات الشعر والمشية والحركة. وهذا فعل

مستقبح تأباه الفطرة السليمة والذوق والحياء .وحرمه الشرع ونهى عنه

ومن المشاهد المؤسفة التي فشت في وسط النساء هذه األيام ظاهرة النساء الكاسيات

العاريات أو النساء شبه العاريات، وذلك بلبس المالبس شديدة الضيق الالصقة أو المالبس

المفتحة من األعلى واألسفل حتى وصلت إلى T وال حدود العورات المغلظة فلم يراعوا دينا

حياء وال مروءة. والله إن المؤمن عندما يرى أمثال هؤالء يقشعر بدنه حياء من الله وحياء

من الناس. ولكن ماذا تقول ألمثال هؤالء oزع الحياء من النسوة؟ وماذا نملك لهن وقد ن

T .قلوبهم وقابلوا الناس بوجه وقاحا

:الحياء من النفس (4)وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها

بالنقص أو تقنع بالدون.

ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد المؤمن نفسه

تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من األخرى وهذا أكمل ما يكون من

الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن .يستحي من غيره أجدر

T يقول أحد العلماء: "من عمل في السر عماليستحي منه في العالنية فليس لنفسه عنده

."قدر

T أمارة بالسوء تأمر والحقيقة أن هناك نفساصاحبها بالقبائح. قال تعالى على لسان امرأة

ةu العزيز: xارiمx iفسx أل xفس{ي إنw الن ىءo ن xر} }وxمxا أب }uح{يم iر uورoفxي غ} ب xر iي{ إن} ب xر xح{م xارxم x وء{ إال oالس} ب

[.. والنفس الثانية هي النفس 53]يوسف:األمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس

.المطمئنة

xةo ارج{ع{ى إلى قال تعالى: {ن iفسo المoطمxئ oهxا الن iت xا أي }يxةT فxأدخoلي في ع{باد{ي وxادخoلي xةT مxرض{ي اض{ي xك{ ر} ب xر

xتي{ ن x[30-27]الفجر:ج .

T فعلينا أن نجاهد أنفسنا فال نجعلها تفكر في إذاالحرام وال تعمله حتى تكون من النفوس

المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات ..واألرض

xا يقول تعالى: oن oل ب oس xمoهi xن xهد{ي xن xا ل iذ{ينx جxاهxدoوا ف{ين }وxال}xين} ن xمxعx المoحس{ iهx ل [69 ]العنكبوت:وxإنi الل .

نسأل الله العزيز القدير ذا العرش المجيد أن يعصمنا من قبائحنا وأن يستر عوراتنا ويغفر زالتنا ويقينا

شرور أنفسنا وشر الشيطان وشركه.

اللهم إنا نعوذ بك من مضالت الفتن ما ظهر منها وما بطن.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك.

والحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

دار القاسم