255
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ﺍﻟﺴــﻌﻮﺩﻳـﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴــــﺔ ﺍﳌﻤﻠﻜــﺔ ﺍﻟﻌﺎﱄﻌﻠﻴﻢّ ﺍﻟﺘ ﻭﺯﺍﺭﺓﻣﺔ ﺍﳌﻜﺮّ ﻣﻜ ـ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺃﻡ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﱰﺑﻴﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﻭﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﱰﺑﻴﺔ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻘﺮﺷﻲ ﻋﺪﻳﺎﻥ ﺑﻦ ﳏﻤ ﺑﻦ ﻧﺎﻳﻒ ﺍﳉﺎﻣﻌﻲ ﺍﻟﺮﻗﻢ٤٢٦٨٨٠٩٢ ﺍﳊﺮﺑﻲ ﺳﺎﱂ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ )) (( اﻟﺜﺎﻧﻲ ﱢراﺳﻲ اﻟﺪ اﻟﻔﺼﻞ١٤٢٩ ـ١٤٣٠ ﻫـ/ ٢٠٠٩

التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

  • Upload
    others

  • View
    2

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اململكــة العربيــــة الســعوديـة وزارة التعليم العايل

جامعة أم القرى ـ مكة املكرمة كلية الرتبية

قسم الرتبية اإلسالمية واملقارنة

نايف بن حممد بن عديان القرشي ٤٢٦٨٨٠٩٢ الرقم اجلامعي

حامد بن سامل احلربي

)) ((

الفصل الدراسي الثاني

م ٢٠٠٩/ هـ ١٤٣٠ـ ١٤٢٩

Page 2: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 3: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

{ :قال تعاىل

{

Page 4: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

نع ةريرأبي هt قال : ول اللهسقال رe :

)) وت ي ب ن م ت ي ب يف م و ق ع م ت ا اج م و ؛ م ه ن ي ب ه ون س ار د ت ي و اهللا اب ت ك ون ل ت ، ي اهللا م ه ت ي ش غ ، و ة ين ك الس م ه ي ل ع ت ل ز ن ال إ

ة مح الر م ه ت ف ح ، و م ه ر ك ذ ، و ة ك ئ ال امل ه د ن ع ن يم ف . )١( )) اهللا

هـ ١٤١٦، بريوت ، دار ابن حزم ، صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ٥٦٤ ، ص) ١٨٨٨( ، رقم ا، باب االجتماع على تالوة كتاب

Page 5: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

. ))التربیة الجماعیة في اإلسالم ؛ دراسة تأصیلیة (( :عنوان الرسالة

.نایف بن محمد بن عدیان القرشي :اسم الباحث ف على مكانتها يف اإلسالم ، وتوضيح أركاا وأساليبها ، بيان مفهوم التربية اجلماعية ، والتعر :ھدف الدراسة

. التربوية الفعالة كنموذج تطبيقي للتربية اجلماعيةوإبراز املالمح العامة للمجموعة .وقد استفادت الدراسة من املنهج الوصفي املنهج االستنباطي يف كتابة فصوهلا

:ول ، تتمثل فیما یلي كما أن الدراسة تتكون من ستة فصاإلطار العام للدراسة ، وفيه مقدمة ، وموضوع الدراسة ، أسئلة الدراسة ، أمهية : ويشتمل على :الفصل األول

.الدراسة ، منهج الدراسة ، الدراسات السابقة عية ، وفيه معىن اجلماعية ومكانتها يف احلياة ويف اإلطار املفهومي للتربية اجلما: ويشتمل على :الفصل الثانـــــــي

. الفردية واجلماعية يف التربيةاإلسالم ، والعالقة بني مكانة التربية اجلماعية يف اإلسالم ، وفيه مكانة التربية اجلماعية يف القرآن الكرمي : ويشتمل على :الفصل الثالـــــث

.السلف ويف السنة النبوية ، وعند .أركان التربية اجلماعية ، املريب ، املتربني ، املنهجية : ويشتمل على :الفصل الرابــــــع

أساليب التربية اجلماعية ، وفيه مفهوم األسلوب ، واألسلوب يف القرآن الكرمي : ويشتمل على :الفصل الخامس .والسنة النبوية

اموعة التربوية الفعالة ، وفيه بيان خصائصها ، وضوابطها ، والعوامل اليت تعيق : على ويشتمل :الفصل السادس .أداءها :ومن أھم نتائج الدراسة

.ألصحابه كانت مجاعية eأن جل تربية النيب ـ ١عور القوي باهلوية الذاتية ، هلا عالقة أن الصحة النفسية مثل النضج العاطفي والعالقات االجتماعية والش ـ ٢

.مباشرة بالتربية اجلماعية أن التربية اجلماعية عملية مستمرة ؛ ال يكفي فيها توجيه عابر ، وال لقاء مقتضب ، كما أن املتربي نفس ـ ٣

ا نفس بشرية دائمة بشرية وليس آلة تضغط على أزرارها مرة مث تتركها وتنصرف إىل غريها ، بل إ .التقلب ، متعددة االتجاهات ، حتتاج إىل متابعة وتوجيه يف كل حال من أحواهلا

:من أھم توصیات الدراسة توعية اآلباء واملربني بأمهية التربية اجلماعية وفوائدها اجلمة ، وأا رمبا تكون عالجا لكثري من مشكالت ـ ١

.نطوائية والعزلة ، وحب السيطرة واألنانية األبناء كاال .ضرورة التزام املربني باملنهجية الصحيحة يف تربيتهم ، والبعد عن االرجتال ـ ٢ .توعية املربني بأمهية اتصافهم بصفات املربي الفعال ، وأثر ذلك يف تربيتهم ـ ٣

Page 6: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

Abstract

The Title of the letter : - “ Cooperative Education in Islam, Fundamental study " Researcher’s name : - Naif Ibn Mohammad AL Qurashi . Completed research to gain the master degree in “ The Islamic Education and the comparison

". The study’s goals : - To appear the compre hansion of the cooperative education and

define its place in Islam, clarify its corners and technique, and emerge the general features for the effective educated collection as an applicative symbol for the Cooperative education .

And the study benefited from the descriptive and deduction approach in writing its chapters .

the study contains six of chapters as : - the first chapter : - contain the general frame for the study and in it there are study’s

introduction, questions, importance, approach, borders and the previous study’s . the Second chapter : - contains the conception frame for the Cooperative education and in it

there are cooperative meaning, its place in the life and Islam and the relation between the individual and the Cooperative in education.

the Third chapter : - contains the place of Cooperative education in Islam and in it there are a place of Cooperative education in the Holy Quran, prophet’s Sunna and the good ancestors.

the Fourth chapter : - contains the Cooperative education corners; the educator, educatee and the methodical .

the Fifth chapters : - contains the Cooperative education techniques and in it there are technique,s concept and technique in Holy Quran and prophet’s Suna .

the sixth chapters : - contains the effective educated collection and in it there is an appearing for its particulars, disciplined and the factors which obstruct its performance .

The most study’s result : - ١ - That most of prophet education [[ pace be upon him ]] for his followers was collective . ٢ - that the psychological health, the sentimental maturity, social relationship, and strong feeling

of the self - identity has direct relationship to the Cooperative education . ٣ - that the Cooperative education is a continuous process . not incidental guidance, nor brief

meeting . enough in it . also, the educator is human soul, not a machine you bush on its botton then you leave it and

go to another one . But its human soul, always changeable, multi direction, and need observation and guidance in all its status .

The most study’s recommendation : - ١ - raising awareness to the fathers and educators by the importance of the Cooperative

education and its numerous benefit . Also, its may be medicament many sons problems like the introversion, isolation, passion of domination , and the selfishness .

٢ - the necessity for the educators commitment for the correct approach in their education and avoid the extemporization .

٣ - cautioning the educators for the importance of characterizing by the effective educator characters and the mark of it in their education .

Page 7: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

عمره ــ إىل والدي العزيز ؛ مثال األب احلاني ، واملربي البارع ، أسأل الله أن يبارك له يف .، وينسأ له يف أجله

ــ إىل نور قليب ؛ والدتي العزيزة ، واملوجهة األوىل ، اليت ال تزال دعواهتا وتوجيهاهتا ها يف أذني ، أسأل ترنالله أن يرزقين بر.

قرة عيين ورفيقة دربي ؛ زوجيت الغالية أم أنس ، واليت كانت نعم املعني ، ــ إىل .الله أن يوفقين إلسعادها أسأل

.ــ إىل رجاالت التربية وحراس الفضيلة الذين نذروا أنفسهم لرتبية أبناء هذا اجليل .ــ إىل كل أب وأم يتوقان لرتبية أبنائهما تربية أفضل

هؤالء أهدي هذا العمل إىل مجيع

Page 8: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

الشكر والثناء واحلمد أوال وآخرا ، وظاهرا وباطنا ؛ لله الكبري احلليم ، املنعم املتفضل ، ذي

.اجلالل سبحانه ، على نعمه اليت ال تحصى ، ومنها التوفيق واإلعانة على متام هذا البحث ة أم القرى ؛ اليت أتاحت يل الفرصة ملواصلة الدراسة يف هذا مث الشكر واالمتنان جلامع

وليد حسني أبو الفرج ، ومعايل / الصرح الشامخ ، ممثلة يف معايل مديرها األستاذ الدكتور .عدنان حممد وزان / مديرها السابق األستاذ الدكتور

ة التقدير لكليكر والتم بفائق الشكتور كما أتقدربية ممثلة يف سعادة عميدها األستاذ الد // زهري أمحدي الكاظمي ، ولقسم التربية اإلسالمية واملقارنة ، ممثلة يف رئيسها سعادة الدكتور

جنم الدين عبد الغفور / ، ورئيسها السابق سعادة الدكتور نايف بن حامد بن مهام الشريف .عضاء هيئة التدريس على ما بذلوه يل ولزمالئي طيلة أيام الدراسة والبحث اإلندجياين ، ولكافة أ

كما أتوجه بالشكر والعرفان والتقدير واالمتنان إىل املربي الفاضل واألب احلاين سعادة ، ؛ الذي غمرين بكرمي أخالقه) املشرف على الرسالة ( حامد بن سامل احلريب / األستاذ الدكتور

ومسو سجاياه ، حيث كان له أكرب األثر يف اإلثراء واإلفادة ، والتصويب واإلجادة ، وقد علمين .خبلقه قبل علمه ، فجزاه الله خري اجلزاء ، ومتعه بلباس الصحة والعافية

ومن حسن احلظ ، ومجال الصدف أن مناقشي هذا البحث األستاذين الفاضلني سعادة السعيد حممود عثمان كان / حممود حممد كسناوي ، وسعادة األستاذ الدكتور / دكتور األستاذ ال

.حمكمني خلطة هذا البحث ، فلهما جزيل الشكر ووافر االمتنان رمحه الله ـ اخلريية كما أتقدم بالشكر للقائمني على مكتبة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ

. لفرصة للبحث واالطالع ، فقد كانت املكتبة مقرا يل طيلة البحث والدراسةبالطائف ، على إتاحة ا، إىل كل من أعارين كتابا ، أو أرشدين إىل فكرةكما ال يفوتين أن أزجي شكري وتقديري

.التوفيق والسداد ، إنه ويل ذلك والقادر عليه للجميع Uسائال املوىل ، أو نبهين على خطأ

Page 9: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ئمة المحتویاتقا ج ..........................................................................................................................................................................................................................................................كریمة آیة

د .............................................................................................................................................................................................................................................. شریف حدیث هـ................................................................................................................................................................................................................................ الرسالة ملخص

ABSTRACT ................................................................................................................................................................................................................................................. و

ز ........................................................................................................................................................................................................................................................................... إھداء ح ................................................................................................................................................................................................................................................. وتقدیر شكر

ط .................................................................................................................................................................................................................................. المحتویات قائمة

......................................................................................................... ١

........................................................................................................................................................................................................................................... ٢ ......................................................................................................................................................................................................................... ٦ .............................................................................................................................................................................................................................. ٩ .............................................................................................................................................................................................................................. ٩ ........................................................................................................................................................................................................................ ١٠

......................................................................................................................................................................................................................... ١٣

............................................................................................................................................................................................................. ١٤

................................................................................................................................................................................................. ١٤

Page 10: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

.......................................................................................................................................................................................................... ١٤

........................................................................................................................................................................................................ ١٤

........................................................................................................................................................................................................ ١٥

........................................................................................................................................................................................................ ١٦

............................................................................................. ١٨

.................................................................................................................................................................................... ١٩

....................................................................................................................... ١٩

١٩ ........................................................................................................................................................................... أ ـ التربیة في اللغة

٢٣ .................................................................................................................................................. ب ـ التربیة في االصطالح

............................................................................................................. ٢٤

٢٤ .................................................................................................................................................................. أ ـ الجماعیة في اللغة

٢٥ ...........................................................................................................................................................ب ـ الجماعیة اصطالحا

............................................................................................................................................................ ٢٧

............................................................................................................................................ ٢٨

................................................................................................................................................ ٢٨

٢٨ ........................................................................................................................أ ـ الجماعیة فطرة في المخلوقات

٣٠ .......................................................................................................................... ب ـ الجماعیة ضرورة اجتماعیة

........................................................................................................................................... ٣٠

Page 11: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

٣١ .................................................................................................................. أ ـ الدعوة إلى االجتماع ونبذ الفرقة

٣١ ....................................................................................................... ب ـ وصف المؤمنین بالتالحم والترابط

٣٢ ....................................................................................................... لتعبدیة جماعة ج ـ إقامة جل الشعائر ا

٣٣ ........................................................... د ـ الحض على مخالطة الناس والصبر على أذاھم

٣٤ ......................... ھـ ـ استحباب الجماعیة حتى في الشؤون العادیة من الحیاة

..................................................................................................................... ٣٧

..................................................................................... ٣٧

..................................................... ٣٨

......................................................................... ٣٩

..................................................................................................................................................................................................................... ٤١

.................................................................................................. ٤٢

................................................................................................................................................................................................................................................... ٤٣

.............................................................................................................................................. ٤٤

............................................................................... ٤٤

٤٦ ................ الدروس التربویة المستفادة من قصة طالوت مع بني إسرائیل

..................................................................................................................... ٤٨

٤٩ ............................................... الدروس التربویة المستفادة من قصة أصحاب الكھف

................................................................................................................................................................ ٥٠

Page 12: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

٥١ ..................................................................................... بویة المستفادة من غزوة أحد الدروس التر

.......................................................................................................................................................... ٥٣

٥٣ ................................................................................ الدروس التربویة المستفادة من حادثة اإلفك

............................................................................................................. ٥٧

......................................................................................... ٥٨

٥٨ ............................................................................................دار األرقم بن أبي األرقم :النموذج األول

٦١ ............................................................................................................................................ أھل الصفة: النموذج الثاني

............................................................................................................................................... ٦٥

............................................................................................................................................... ٦٧

٦٧ ........................................................................أ ـ العمل الجماعي في التخطیط للھجرة النبویة

٦٨ ............................................................................................................. ب ـ العمل الجماعي في حفر الخندق

.................................................................................................. ٧٠

......................................... ٧٠

٧٠ ........................................................................................... أ ـ بعض ما جاء في أھمیة اتخاذ اإلخوان

٧١ .................................. ب ـ بعض اآلداب التي یجب أن یتحلى بھا العالم مع طلبتھ

٧٣ ...................................................... ماعیة ج ـ بعض األقوال المتعلقة بأھمیة التربیة الج

............ ٧٣

........................................................................................................................................................................................ ٧٨

........................................................................................................................................................................... ٧٨

.............................. ٧٩

................................................................................................... ٨٠

............ ٨١

................................................................................................................... ٨٢

Page 13: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

..................................................................................................... ٨٣

................... ٨٣

..................................................................................................................................................................................................................... ٨٤

................................................................................ ٨٥

................................................................................................................................................................................................................................................... ٨٦

.................................................................................................................................................................................................................................................. ٨٧

..................................................................................................................................................................... ٨٩

٨٩ ............................................................................................................................................................................... ـ العلم الشرعي ١

٩٠ ................................................................................................................................................................................ ـ الزاد اإلیماني ٢

٩١ ......................................................................................................................................................................... ـ الثقافة الواسعة ٣

٩٣ .............................................................................................................................................................. ادة ـ القدرة على القی ٤

٩٤ ......................................................................................................................................................... ـ القدرة على المتابعة ٥

٩٥ ............................................................................................................................................................ ـ القدرة على التقویم ٦

٩٧ ................................................................................................................................................................. ـ االستقرار النفسي ٧

٩٧ ..................................................................................................................................................................ـ االعتدال واالتزان ٨

٩٩ ................................................................... ـ الخبرة والمعرفة الجیدة في المجال التربوي ٩

١٠٠ .....................................................ـ المعرفة الواسعة بشخصیة المتربي وأحوالھ ١٠

١٠١ ...................................................................................................................................................................... ـ حسن العطاء ١١

Page 14: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

١٠٢ ............................................................................................................................................ ات التواصلیة ـ المھار ١٢

١٠٤ ........................................................................................................................................................................................ـ المرونة ١٣

١٠٥ ...................................................................................... ـ القدرة على بناء العالقات اإلنسانیة ١٤

................................................................................................................................................. ١٠٦ ١٠٦ .................................................................................. ـ عدم االعتراف بالخطأ أمام من یربیھم ١ ١٠٦ ........................................................ ـ عدم اإلغضاء عن الھفوات والزالت الصغیرة ٢ ١٠٧ ...........عض في إسناد المھام ـ التركیز على بعض المتربین دون الب ٣ ١٠٧ ........ التدخل الزائد في كل كبیرة وصغیرة من خصوصیات المتربيـ ٤ ١٠٨ عدم التفطن إلى أن رأي المربي في المتربي لھ أثر على شخصیتھـ ٥ ١٠٩ ................................................................................................................ ـ السطحیة واالفتقار إلى العمق ٦ ١١٠ ................................................................. ـ إضعاف روح المبادرة الذاتیة لدى المتربي ٧ ١١٠ ...................................................................................................................................................... ـ المركزیة في العمل ٨

.................................................................................................................................................................................................................................... ١١١

................................................................................................................ ١١٢ ١١٢ .......................................................................................................................................................................................................... ـ الجانب اإلیماني ١ ١١٣ .................................................................................................................................................................................................................ـ الجانب العلمي ٢ ١١٣ .................................................................................................................................................................................................................. ـ الجانب العقلي ٣ ١١٤ ................................................................................................................................................................................................................ـ الجانب الخلقي ٤ ١١٥ ............................................................................................................................................................................................... ـ الجانب االجتماعي ٥ ١١٦ .............................................................................................................................................................................................................. ـ الجانب النفسي ٦ ١١٨ ........................................................................................................................................................................................................... ي ـ الجانب الدعو ٧ ١١٩ ......................................................................................................................................................................................................... ـ الجانب الجسمي ٨

.......................................................................................................................................................................... ١٢١

١٢٢ ........................................................ ـ االنطالق من خطط مدروسة وأھداف واضحة ١

١٢٣ ........................................................................................................................................ ـ التدرج وفقھ األولویات ٢

Page 15: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

١٢٥ ............................................................................................................................................................. ـ الشمول والتكامل ٣

١٢٧ .............................................................................................................................. ـ مراعاة االختالف والتنوع ٤

١٢٩ ....................................................................................... ـ الموازنة بین العلم والتربیة والدعوة ٥

١٣١ ............................................................................................................................................................. ـ الوعي والبصیرة ٦

١٣٣ ......................... ـ الوالء لألمة اإلسالمیة ولیس لطائفة أو جماعة معینة ٧

............................................................................................................................................................................................................... ١٣٥

................................................................ ١٣٦

............................................................................................................................................................................................................................................. ١٣٧

................................................................................................................................................................................................................ ١٣٨

........................................................................................................................................................... ١٣٨

..................................................................................................................................... ١٣٨

........................................................................................................... ١٤٠

......................................................................................................................................... ١٤٠

................................................................................................................................................... ١٤١

................................................................................................................................. ١٤٣

....................................................................................................................................................................................... ١٤٣

............................................................................................................................ ١٤٧

.................................................................................................................................... ١٤٨

Page 16: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

١٤٨ ...................................................................................................................................... أ ـ الحفاوة وحسن االستقبال

١٥٠ ......................................................................................................................................ب ـ التبسط وإزالة الحواجز

...................................................................................................................................................................................... ١٥٢

...................................................................................................................................................................................... ١٥٦

............................................................................................................................................................................... ١٦٢

.................................................................................................................................................................................. ١٦٦

١٦٦ .................................................................................................................................................................... أ ـ الثناء والتشجیع

١٦٩ ............................................................................................................................................................................................. ب ـ التدریب

......................................................................................................................................... ١٧١

........................................................................................................... ١٧٤

١٧٥ .................................. من األسالیب التي تعود المتربین على تحمل المسؤولیة

١٧٥ ............................................................................................أ ـ مشاورتھم وتعویدھم إبداء الرأي

١٧٧ ............................................................................................. ب ـ تعویدھم على المشاركة والعمل

............................................................................................................................................ ١٨٠

١٨١ ................................................................................................................................................................ الرحالت والمخیمات

............................................................................................................................................................................... ١٨٢

١٨٣ ................................................................................................................................. أ ـ التربیة باإلعراض بالوجھ

١٨٥ .................................................................................................................................ب ـ التربیة بالتأنیب التعلیمي

............................................................................................................................................................................................................... ١٨٧

Page 17: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

....................................................................................١٨٨

............................................................................................................................................................................................................................................. ١٨٩

.............................................................................................................................................. ١٩٠

..................................................................................................... ١٩٠

......... ١٩١

........................................... ١٩٢

...................... ١٩٣

.......................................................................................................... ١٩٤

....................................... ١٩٦

.......................................................... ١٩٧

.......................................... ١٩٨

............................................................................................................................................... ١٩٩

.............................. ١٩٩

.............................................................................................................................................. ٢٠٠

................ ٢٠١

...................................................................... ٢٠٣

.................. ٢٠٤

....................................................................................................... ٢٠٥

................................................................ ٢٠٦

Page 18: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

..................................................................................... ٢٠٨

................................................................................................................ ٢٠٨

.......................................................................................................... ٢٠٨

............................................................................................................................................................................ ٢٠٩

.............................................................................................................. ٢٠٩

......................................................................................... ٢١٠

....................... ٢١١

................................................................................................................................................................. ٢١١

............................................................................................................................................................................................................... ٢١٢

.......................................................................................................................................................................................................................................... ٢١٤

.................................................................................................................................................................................................................................. ٢٢٠

................................................................................................................................................................................................................................ ٢٢٢

.......................................................................................................................................................................................................... ٢٢٤

Page 19: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 20: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

:م على سيد املرسلني ، وبعد احلمد هللا رب العاملني ، الصالة والسالفإن احلاجة إىل التربية قائمة ؛ ألن أمرها كبري ، وشأا مهم يف تربية الناشئة على اخللق القومي ، واالنضباط والتوازن ، وعدم التداعي واالنسياق

.وراء كل فكرة منهج سليم والتربية اإلسالمية هي توجيه الفرد يف فكره وسلوكه على

من خالل الكتاب والسنة ؛ ليبصر واقعه برؤية صحيحة واقعية ، وليتعامل .مع األحداث بشكل متزن

ولعل أوضح جوانب الدور املطلوب من التربية اإلسالمية هو أن تتمكن بناء أجيال ناهضة ، قادرة على احلفاظ على جوهر شخصيتها ((من

ولن يأيت هذا إال بإعداد املربي . )١( ))املضطرب وهويتها يف هذا العامل، وإعطائه املفاهيم اليت تشكل تفكريه ، وتثري وجدانه ، وجتعله قادرا ذاته

.على تربية جيل مسلم يكون حبجم الواقع املعاصر الذي نعيش فيه وال هي .. أو خطبة مجعة تسمع .. وهلذا فالتربية ال تتم مبوعظة تلقى ((

أو مبحاضرة .. وال بدرس يحضر .. أو حبث يقرأ .. تتحقق بكتاب يؤلف

، الرياض ، مكتبة ة اإلسالمية املفهومات والتطبيقاتالتربي: سعيد إمساعيل وآخرون )١(

. ١١، ص هـ ١٤٢٥الرشد ،

Page 21: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن عملية التربية أعمق معىن ، وأوسع مدى من .. تلقى فحسب . )١( )) كله هذا

إا جهد متواصل ، وتدريب دؤوب ، ومتابعة مستمرة للمتربني ، فال .إشراف مباشر على املتربني تتحقق إال مبمارسة عملية ، و

رسال من املالئكة ليس من طباعهم معاشرة اولذلك مل يرسل األنبياء والرسل بشرا من جنسهم يعايشون U ا، بل أرسل الناس {: تعاىل ا، حتى يتمكنوا من دعوم وتربيتهم ، قال الناس

{ )٢( . وكذلك مل يكتفاس بإنزال الكتب ، اإذ كان ((تعاىل هلداية النا

قادرا على أن يرتل يف كل بيت صحفا تتلى ، أو كتابا بالصوت ينطق ، ولكن العملية التربوية إذ وأن يريح األنبياء من العناء ، والرسل من االبتالء ،

ذاك لن حتصل ؛ ألن التربية ال تكون إال مبرب يتتبع ، ومبدرب يدرب ، ومبوجه يصحح ، وبأب حينو ، وبشيخ يعطف ، وال تكون إال يف جتارب

. )٣( ))هكذا كانت حياة األنبياء بني أقوامهم .. تصوب أو ختطأ ، اإىل ـ عليهم الصالة والسالم ـ يقومون يف أممهم بالدعوة ولقد كانوا ((: uومعاجلتهم على ذلك ، كما قال موسى اوإلزامهم منهج ت اجل ع

، املدينة املنورة ، جائزة نايف منهج الدعوة يف ضوء الواقع املعاصر: عدنان العرعور )١(

. ٤٢، ص بن عبد العزيز العاملية ) . ٩( سورة األنعام ، آية )٢( . ٤٣، ص ، مرجع سابق منهج الدعوة يف ضوء الواقع املعاصر: عدنان العرعور )٣(

Page 22: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ة اجل ع امل د ش أ يل ائ ر س إ ين اليد الطوىل يف ذلك ، وقد e، مث كان لنبينا )١( )) ب .معجزاته جزة من أخرج جيال فريدا صار مع

ومما ال شك فيه أن التربية اإلسالمية أخذت على عاتقها تربية أبناء األمة اإلسالمية تربية شاملة ، ومتكاملة يف مجيع اجلوانب الشخصية اليت تضمن للفرد أن حييا حياة طيبة وسوية بأساليبها املختلفة ، وقد جاء هذا

.تبحثه سلوب تبعا لطبيعة اال واملوقف الذي التنوع يف األحيث يربي الفرد نفسه ((التربية الذاتية : ومن أساليب التربية اإلسالمية

، )٢( )) اويوجهها وجهة سليمة مبا يوافق الغاية اليت من أجلها أوجده ربية اإلسالميه هذا األسلوب من أساليب التة على ويتوجة إىل إلقاء املسؤولي

الفرد لبناء نفسه بنفسه ، فهو يتولى تربية نفسه وتزكيتها ، والوصول ا إىل .مسلم الكمال البشري الذي ينشده كل

تنشيء كيانا وعلى الرغم من أمهية التربية الذاتية ، إال أنها وحدها الكائن ذو ا ملخلوق البشري كما خلقها ((سويا لإلنسان ؛ وذلك ألن

.. شعبتني يف آن واحد ، ملتقيتني بال انفصال ، وال تعارض يف هذا الكيان كلتامها جزء منه ، وهو يتكون ) غريية ( شعبة فردية ذاتية ، وشعبة مجاعية

كن منهما مجيعا ، وال بد أن تعمال معا ليتكامل كيانه ، من أجل ذلك ال مي . )٣( ))أن يتربى اإلنسان تربية حقيقية متكاملة إال يف مجاعة

)١( د بن إمساعيل البخارية ، صحيح البخاري: حمموليياض ، بيت األفكار الدالر ،

. ٦١٧، ص ) ٣٢٠٧( ، باب ذكر املالئكة ، رقم هـ ١٤١٩ة املكرمة ، دار التربية والتراث ، ، مك التربية الذاتية من الكتاب والسنة: هاشم األهدل )٢(

. ٣، ص هـ ١٤٢١، هـ ١٤٠٩، بريوت ، دار الشروق ، ٨، ط منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٣(

. ٣٩، ص ٢ ج

Page 23: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبذلك خنلص إىل أحد أساليب التربية اإلسالمية ، وهي التربية اجلماعية اليت تسهم يف بناء شخصية الفرد املسلم يف جوانب متعددة ، ال ميكن أن

ألن هناك جوانب من النفس ((م ؛ تبىن إال من خالل مجاعة يتربى معهالبشرية ال تنضج وال تعمل إال يف داخل مجاعة فيها أفراد آخرون غري ذات اإلنسان ، فإذا مل يلتق اإلنسان باجلماعة ، أو مل يتعود التعامل معها ، فستظل هذه اجلوانب كامنة معطلة غري مدربة على العمل ، فتنكمش

كما ينكمش ويتضاءل كل عضو ال يستخدم يف وتتضاءل ، . )١( )) اإلنسان جسم

اجتماعي بفطرته ((والتربية اجلماعية موافقة لفطرة اإلنسان ، فاإلنسان وغريزته ، فالبشر ال يعيشون إال جمتمعني ، يأنس بعضهم ببعض ،

مر حيام ؛ ألن ، ويترامحون ، ويسخر بعضهم بعضا ، لتتم وتست ويتوادونالفرد البشري ال يستطيع وحده أن يستكمل كل ما حيتاجه حلياته من

. )٢( ))الضروريات كاملسكن ، واملأكل ، والدفاع عن النفس ، وحنو ذلك ومن مث كان السجن االنفرادي عقوبة زائدة ، يعاقب ا بعض

.جتماع يف حياة اإلنسان ، ومن ذلك يتبين أمهية اال ارمني

. ٣٨املرجع السابق ، ص )١(دار الفكر ، ، دمشق ، التربية االجتماعية يف اإلسالم: عبد الرمحن النحالوي )٢(

. ١٩، ص هـ ١٤٢٧

Page 24: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن احلديث عن التربية بات أمرا مهما ، حيتاج إليه مجيع طبقات اتمع يف اجهد يقوم على تطبيق منهاج : بال استثناء ، فالتربية اإلسالمية

.األرض ، وهذا األمر جيب على اجلميع السعي فيه يسلم ، فما يلبث أن حيسن eأصحاب النيب ولقد كان الرجل من

.إسالمه ، ويعظم أمره ، مما يلقى من حسن الرعاية وعظيم التربية مث تتابع الناس بعد ذلك جيال بعد جيل يعنون بالتربية ، فاآلباء يلزمون

ربيا ، أبناءهم جمالس العلم ، وحلق الذكر ، ورمبا طلبوا هلم مؤدبا ، وم .فيهم ورعاية أدم ، وتكميل جوانب النقصتوكل إليه مهمة العناية م ،

حتى إذا أقبل علينا هذا الزمن مبا فيه ، وفتحت علينا فيه الثقافات ، وغزتنا األفكار من كل جانب ، وهاجت أعاصري العوملة ، واهتزت القيم

ر احلديث عن التربية أشد إحلاحا من واملبادئ ، واضطربت الثوابت ؛ صا .وقيمه ذي قبل ؛ بغية حتصني اتمع ، وتقوية ثوابته ، وحفظ مبادئه

ولئن كان الزمن قد تغير ، واألحوال قد تبدلت ، فإن واجب التربية اإلسالمية أن تأيت بطرائق وأساليب خمتلفة ، تتناسب وجمريات العصر الذي

يه ، وتلبي حاجات الفرد املسلم ، إذ إنه من احلاجات األساسية نعيش فللفرد ، أن يعيش يف ظل مجاعة يألفهم ويتبادل معهم املشاعر واألحاسيس ، فاإلنسان مدين بطبعه ، وقد راعى اإلسالم ذلك كله ، وهو دين اجلماعة

{: والفطرة ، قال تعاىل { )١( .

) . ٣٠( سورة الروم ، آية )١(

Page 25: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

املؤمنني بالبنيان يشدe وتعميقا لوحدة مجاعة املؤمنني شبه الرسول عن أيب موسى األشعري ا ، روى البخاريبعضه بعضt ال ق: قال

ا ((: e ا رسول ض ع ب ه ض ع ب د ش ؛ ي ان ي ن ب ال ك ن م ؤ م ل ل ن م ؤ ؛ وشبك بني )١( )) امل .أصابعه

ولتغذية روح اجلماعة يف املسلمني اليت هي حاجة من حاجات البشر ، أقام اإلسالم مناسبات دينية قائمة على اجلماعة ، وحث املسلمني على

.، من أمهها صالة اجلماعة شهودهالذا فالتربية اليت تتعامل مع اإلنسان باعتباره كائنا منفصال ، تعد تربية قاصرة ؛ ألن اإلنسان الذي ينشأ يف عزلة ال يستطيع التأثري يف حميطه الذي

.يعيش فيه ان إال به ، وإذا كانت اجلماعة من الوجهة الشرعية واجب ال يتم اإلمي

واجب ؛ ألنه ال ميكن أن يتم البناء النفسي ((فإن التربية يف مجاعة واألخالقي الصحيح لإلنسان إال يف داخل اجلماعة ، حيث يربز اجلانب اجلماعي من اإلنسان بصورة تلقائية حبكم ضرورة التعامل مع اآلخرين ،

يالحظ أسلوب التعامل ، فيقوم ما قد يكون فيه وحيث ميكن للمربي أن . )٢( ))من احنراف ، أو يثبت ما جيده فيه من استقامة

كيف ميكن لإلنسان أن يكشف عن : والسؤال الذي يطرح نفسه هنا

، باب تراحم املؤمنني ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ١٥٨٧، ص ٤، ج ) ٢٥٨٦( وتعاطفهم ، رقم . ٤٠، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٢(

Page 26: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصفات احلميدة يف نفسه ، مثل اإليثار ، والصرب ، والعفو ، واألخوة ، غريها من صفات املتقني ، فيعززها ، ويقويها يف واإلحسان إىل الناس ، و

نفسه ، وأن يكشف عن الصفات الذميمة يف نفسه ، مثل األنانية ، ، وحب السيطرة ، وغريها من صفات اخلاسرين فيجتنبها ، واحلسد

وخيلص نفسه منها ؟إنه ال سبيل لكشفها ، واختبار النفس فيها ، إال من خالل وسط

، وإنه ليعز على املربي مالحظة طباع من يربيهم إال )١(اعي يتربى فيه مجال يستطيع املربي أن يعرف ((: من خالل اجلماعة أيضا ، يقول حممد قطب

طبيعة الشخص الذي يربيه حتى يوجد يف مجاعة ، ويرقب طريقة تصرفه . )٢( ))نفسه إىل تقومي إزاءها ، مث يقوم ما حيتاج يف

التربية اجلماعية يف ((: ألجل ذلك كان موضوع هذه الدراسة بعنوان . )) اإلسالم ؛ دراسة تأصيلية

:يتحدد موضوع الدراسة من خالل التساؤل الرئيس التايل

ميكن أن يكشف اإلنسان عن مقدار حتققه بتلك الصفات من عدمها : قد يقول قائل )١(

!عن طريق خمالطة الناس فأين احلاجة للتربية اجلماعية ؟اإلنسان يف جملس التربية والتعليم أقرب إىل تغيري العادة السيئة ، واالتصاف : اجلواب

أنه تلميذ يتلقى ويتعلم ، بينما يف حياته العامة مع الناس قد بالعادة احلسنة ؛ ألنه يشعر .ينتبه إىل عيوبه ، ولرمبا أخذته العزة باإلمث يف التخلص منها ال

. ٤٠، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٢(

Page 27: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرئيس يلزم ما التربية اجلماعية يف اإلسالم ؟ ولإلجابة عن هذا التساؤل :اإلجابة عن هذه التساؤالت الفرعية التالية

ما اإلطار املفهومي للتربية اجلماعية ؟ : ١س ما مكانة التربية اجلماعية يف اإلسالم ؟ : ٢س ما أركان التربية اجلماعية يف اإلسالم ؟ : ٣س ما أساليب التربية اجلماعية يف اإلسالم ؟ : ٤س ما املالمح العامة للمجموعة التربوية ؟ : ٥س

.توضيح مفهوم التربية اجلماعية ـ ١ .التعرف على مكانة التربية اجلماعية يف اإلسالم ـ ٢ .بيان أركان التربية اجلماعية ـ ٣ .التعرف على أساليب التربية اجلماعية يف اإلسالم ـ ٤ .العامة للمجموعة التربوية عرض املالمح ـ ٥

إن املتتبع حلال اتمعات اإلسالمية اليوم جيد أن هناك الكثري من الناس قد أغفل تربية أبنائه ، فضال عن أبناء هذا اجليل الذين هم حباجة إىل من

بيتهم والعيش معهم ، يفرغ جل وقته هلم ، ويبذل طاقته وجهده يف سبيل تروهي مهمة صعبة ال يشغلها إال مرب حيمل يف نفسه مؤهالت علمية ،

Page 28: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ونفسية ، وعقلية ، واجتماعية عالية اجلودة ، إىل جانب اخلربة واملمارسة يف .التربية ميدان

قلية فالتربية املنتجة ، تكون بتنمية شخصية املتربي جبميع جوانبها ، العمنها واجلسمية والروحية والنفسية واالجتماعية ، حبيث تعطي كل جانب من هذه اجلوانب حقه يف الرعاية والتوجيه ، مراعية مراحل العمر املختلفة ،

.واحدا ال تقف عند سن معينة ، وال تعمم جلميع املراحل أسلوبا تربويا الذي يفقد الشخصية الناضجة املتكاملة ، قد وجيب أن نعلم أن املسلم

ال ينجح يف املهمة اليت تنتظر منه ، فالذي يعد للمهمة الدعوية حيتاج مع .ويعده هلا الصالح والتقوى إىل ما يهيئه هلذه املهمة

ال يف من أجل ذلك ال ميكن أن يتربى اإلنسان تربية حقيقية متكاملة إمجاعة يتفاعل معها ، ويبادل أعضاءها احلب والتقدير ، واألخوة الصادقة ،

.نفسه وغري ذلك من املعاين اليت ترتقي بشخصه ، وتزكي طبعه ، وذب وإىل جانب ذلك ، فاملسلم قد يربي ابنه على أخالق يستوحيها من

أن حيبسه يف معزل عن اتمع ، ، مث ال يستطيع eوسنة رسوله اكتاب بل إنه إن حبسه عن اتمع فلن تكتمل شخصيته اإلسالمية السوية ،

.األرض فاإلسالم ليس عزلة عن احلياة ، بل هو حركة حية يف واقع

ا على حد علم الباحث ، أن هذه الدراسة جديدة ، ومل تطرق تربوي ـ ١ .وجديرة باالهتمام

كوا تكشف عن أسلوب من أساليب التربية ، يلبي حاجات نفسية ـ ٢احلاجة : يف كيان الفرد ، وينسجم مع رغباته ، ومن تلك احلاجات

.للعيش يف كنف اجلماعة ، واحلاجة لالنتماء والتقدير ، وتنمية الذات

Page 29: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ة يتبين املنهج التربوي الذي من خالله يتم من خالل هذه الدراس ـ ٣الكشف عن أخطاء النفس وترويضها ، فاإلنسان الذي يعيش يف عزلة ، جتده حادا ومثاليا يف أحكامه ، وباملخالطة يربي نفسه على احللم والعفو

.والصرب والواقعية وغريها من الصفات احلميدة ملتقهقرين واملتراجعني عن دينهم من أبناء األمة إن كثريا من ا ـ ٤

، غالبا ما أصام ذلك إال بسبب خلوم املفرطة بذوام ، اإلسالميةمما فتح اال لكيد الشيطان م ، فإمنا يأكل الذئب القاصية من الغنم ، ناهيك عن اليأس والقنوط الذي يصيبهم بسبب عزلتهم ، وذلك عند

.لنظر ألحوال األمة اإلسالمية اليوم اإن جالئل األعمال الكربى ال تتحقق إال عن طريق العمل (( ـ ٥

اجلماعي املنتظم املتعاون ، خبالف العمل الفردي ، فإنه ال يثمر يف )١( ))أعماال تتناسب مع مستوى طاقات األفراد شدة وضعفا الغالب إاليف بناء البيت ، uيستعني بإمساعيل uرى إبراهيم ن ، وهلذا . uيدعو ربه أن يشد عضده بأخيه هارون u وموسى

: كما تبين هذه الدراسة فوائد التربية اجلماعية اجلمة ، ومن ذلك ـ ٦ذيب األخالق ، والتدرب على كثري من الفضائل واآلداب ،

يتوصل إليها اآلخرون ، سواء الثمرات املفيدة اليت واقتباسعلمية أم عملية ، واالجتماع ينشط النفس ويدفعها للحركة أكانت

، دمشق دار ٣، ط ة وأسسهااألخالق اإلسالمي: عبد الرمحن حسن امليداين )١(

. ١٧٢، ص هـ ١٤١٣ ، القلم

Page 30: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.والعمل كما أن من األمور املهمة اليت دفعت الباحث لتناول هذا املوضوع ـ ٧

بالكتابة ، كون هذا املوضوع يستفيد منه جل أفراد اتمع ومؤسساته :ذلك التربوية ، ومن

ةعوية والدربويات حتفيظ القرآن الكرمي ، مبناشطها التمجعي. ةعليم ، واألنشطة الالصفيربية والتابعة لوزارة التة التاألندية الصيفي

.كذلك ، مثل نشاط التوعية اإلسالمية ، والكشافة ، وغريها عوة واإلرشاد وتوات رعاية مكاتب الدعية اجلاليات ، ومجعي

.إخل ... األيتام ما ، وكلاملعلم الفاضل يف مدرسته ، والوالدان الكرميان مع أسر

حمضن تربوي ة يف أيتربية أجيال هذه األم من حيمل هم.

ه :المنھج االستنباطيعليها الباحث الطريقة اليت يقوم ((ويعرف بأنببذل أقصى جهد عقلي ونفسي عند دراسة النصوص دف استخراج

. )١( ))مبادئ تربوية مدعمة باألدلة الواضحة وقد استخدم الباحث هذا املنهج فيما تيسر له الوقوف عليه من اآليات واألحاديث وهدي السلف ، وذلك يف استنباط ما أمكنه استنباطه من

، مكة املكرمة ، املرشد يف كتابة البحوث التربوية: عبد الرمحن صاحل ، حلمي فودة )١(

. ٤٣، ص هـ ١٤٠٨مكتبة املنارة ،

Page 31: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ف واألحداث اليت توضح معامل التربية اجلماعية وأساليبها ووسائلها يف املواقبناء الشخصية اإلسالمية ، واالستدالل على ذلك من القرآن الكرمي ، والسنة النبوية املطهرة ، وتدعيم ذلك ببعض النماذج من سرية سلفنا

.؛ لتقرير هذا املنهج التربوي الصاحل هو املنهج الذي يصف الظاهرة وصفا دقيقا ((: المنھج الوصفي

. )١( ))ويعبر عنها تعبريا كيفيا أو كميا موضحا خصائص هذه الظاهرة وميكن استخدام هذا املنهج لوصف مالمح التربية اجلماعية والتأصيل هلا

هدي السلف الصاحل ، وحشد يف القرآن الكرمي ، والسنة النبوية ، والنصوص يف ذلك ؛ بغية التوصل إىل منهج حيدد معامل التربية اجلماعية

.وأركاا وأساليبها

تنمية الشخصية اإلسالمية للفرد : املقصود بالتربية اجلماعية يف هذه الدراسة ع اجلوانب ؛ اإلميانية ، والعقلية ، واجلسمية ، والنفسية ، واالجتماعية ، من مجي

من خالل وسط تربوي يضم مرب وجمموعة من املتربني ، حيدث بينهم تفاعل إجيايب ، وتبادل للخربات ، وذلك من خالل منهج معين وأساليب متبعة ، دف

. )٢(فيما بينهم ا يف مية واحلبإىل تقوية مشاعر األخوة اإلسال

، هـ ١٤٢٤، إشراقات ، البحث العلمي مفهومه أدواته أساليبه: ذوقان عبيدات )١(

. ٢٤٧ صالفصل الثاين : لبسط هذا التعريف يف اللغة واالصطالح ، ومزيد من التفاصيل انظر )٢(

Page 32: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حسب علم الباحث واطالعه ، والبحث يف مراكز البحوث املختلفة ؛

التربية اجلماعية يف ( مل جيد الباحث دراسة علمية تناولت هذا املوضوع ب من ، ولكن هناك بعض الدراسات ميكن اإلفادة منها يف جوان) اإلسالم

:هذا املوضوع مرتبة حسب أقدميتها

دراسة حول مبادئ وأساليب التربية الذاتية من الكتاب ( بعنوان هلاشم على أمحد األهدل ، وهي رسالة منشورة مقدمة إىل قسم ) والسنة

هـ ١٤١٢جستري عام التربية اإلسالمية واملقارنة جبامعة أم القرى لنيل درجة املا، وقد كان من أهداف هذه الدراسة ؛ توضيح مفهوم الذات ، وما يرادفها

النفس ، والروح ، والفطرة ، وتوضيح مفهوم التربية : من كلمات مثل الذاتية ، وأمهيتها للفرد ، كما هدفت أيضا إىل حتديد أهم أساليب التربية

ب والسنة ، واستخدم الباحث يف هذه الدراسة املنهج الذاتية من الكتاالوصفي ، واملنهج التارخيي ، واملنهج االستنباطي ، ومن أهم النتائج اليت

.توصل إليها الباحث أن من التربية الذاتية االهتمام بالغري وخدمة اآلخرين ية أن هذه الدراسة عنيت والفرق بني هذه الدراسة والدراسة احلال

بالتربية الذاتية واألساليب التربوية اليت يوجه ا املسلم نفسه لبناء شخصية تربية اإلنسان نفسه بنفسه ، : أي مبعىن آخر هي .. إسالمية متكاملة

.مبختلف األساليب ، ومن مجيع اجلوانب

. ١٩ص ) اإلطار املفهومي للتربية اجلماعية (

Page 33: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مل من مجيع اجلوانب ، خاصة ويف اعتقاد الباحث أن البناء املتكااجلانب االجتماعي والنفسي ، ال ميكن أن يكون يف عزلة تامة عن اجلماعة

.والعيش معها مهما كانت قدرات الشخص وكفاءته

بينما عنيت الدراسة احلالية بالتربية اجلماعية ، وهي عبارة عن تنمية شخصية .نب من خالل وسط مجاعي تربوي ينضم إليه الفرد وبنائه من مجيع اجلوا

التربية التعاونية يف ضوء اإلسالم وتطبيقاا يف املدرسة واتمع ( بعنوان

التربية لطالل بن عقيل بن عطاس اخلريي ، وهي رسالة مقدمة إىل قسم ) ة واملقارنة جبامعة أمهـ ١٤٢٥درجة املاجستري عام القرى لنيلاإلسالمي ،

وقد كان من أهداف الدراسة ؛ بيان مفهوم التربية التعاونية وتوضيح مكانة ، التعاون يف التربية اإلسالمية وإبراز مالمح التربية التعاونية يف ضوء اإلسالم

.واتمع وحتديد بعض جماالت تطبيق التربية التعاونية يف املدرسة

وقد استخدم الباحث يف هذه الدراسة املنهج الوصفي واملنهج االستنباطي ، ومن أهم النتائج اليت توصل إليها الباحث ؛ أن التربية اإلسالميةيف تربية تعاونية ، وأن التعاون ليس ضدا للتنافس أو مناقضا له ، وأن التعاون

. المية ليس على إطالقه دون ضابط أو قيد كما هي عادة اجلاهليةالتربية اإلس

من املالحظ أن التربية التعاونية ال تتم إال عن طريق مجاعة يتعاونون فيما بينهم ، وهذا وجه االتفاق بني هذه الدراسة والدراسة احلالية ، ولكن

سة تناولت التعاون كمبدأ من مبادئ الفرق بني الدراستني أن هذه الدراالتربية اإلسالمية ، وشرعت يف بيان فضائله وأمهيته ، وكيفية االستفادة منه يف املؤسسات التربوية ، بينما تناولت الدراسة احلالية التربية اجلماعية

Page 34: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

اإلطار العام للدراسة ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خالهلا مبدأ كمنهج وأسلوب من أساليب التربية اإلسالمية اليت يكتسب من .التعاون واألخوة واإليثار والصرب وغريها من املبادئ التربوية

تأليف عبد الرمحن ) التربية االجتماعية يف اإلسالم ( كتاب بعنوان

هـ ، بين فيه ١٤٢٦النحالوي ، وهو من مطبوعات دار الفكر عام ياة االجتماعية وأركاا ، كما بين خصائص اتمع املؤلف أهم مبادئ احل

يف اإلسالم ، وأمناط احلياة االجتماعية اإلسالمية ، وكيف تنمى روابطها .العائلية والسياسية واإلنسانية ، وقيمها السامية

ومن خالل استعراض فصول هذا الكتاب ، وأهدافه ، ونتائجه ، للتربية االجتماعية يتبين تركيز الباحث على بناء اجلانب والنظر يف تعريفه

االجتماعي للفرد املسلم ، وكيفية تنشئته تنشئة اجتماعية من الطفولة إىل .مراحل العمر املتقدمة

بينما مشلت الدراسة احلالية بناء الفرد من مجيع اجلوانب بشكل موجز ن خالل تربية مقصودة يف جو مبا يف ذلك اجلانب االجتماعي م

تربوي مجاعي.

ورغم اختالف هذه الدراسة عن الدراسة احلالية يف منهجها ، ، وفصوهلا ، ونتائجها ؛ إال أنها أعطت الباحث شعورا قويا بأمهية وأسئلتها

البحث يف هذا املوضوع ـ التربية اجلماعية ـ كأسلوب من أساليب .اإلسالمية هلا أثرها وفاعليتها على األفراد التربية

¡```

Page 35: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 36: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، ) التربية : ( يتكون مصطلح التربية اجلماعية من كلمتني مها ، ولكل منهما داللتها اللغوية واالصطالحية ، كما إن ) اجلماعية ( و

:ملصطلح التربية اجلماعية مفهوما يدل عليه ، وبيان ذلك على النحو التايل

.والتغذية معناها االزدياد والنمو ، أو التنشئة

فالرب يف األصل التربية ، وهو إنشاء الشيء حاال فحاال إىل حد (( ـ . )١( ))، ورببه ربه ، ورباه: التمام ، يقال

تعهده : مناه ، ورب الوليد : رباه : يقال ((: ويف املعجم الوسيط ـ . )٢( ))مبا يغذيه وينميه ويؤدبه

{: قوله تعاىل : ويف الترتيل ـ { )وقال تعاىل )٣ ، :} { )٤( .

؛ يعين لئن يربين فالن أحب إيل من أن يربين فالن: (( والعرب تقول ـ . )٥( ))إذا أصلحه الرب املصلح رب الشيءأن يكون سيدا ميلكين ، ويكون

. ١٨٤، ص ، بريوت ، دار املعرفة املفردات يف غريب القرآن: الراغب األصفهاين )١( . ٣٢١ص ، ، استانبول ، املكتبة اإلسالمية جم الوسيطاملع: مصطفى وآخرون إبراهيم )٢( ) . ٢٧٦( سورة البقرة ، آية )٣( ) . ٣٩( سورة الروم ، آية )٤( . ٩٥، ص ٥، ج هـ ١٤١٦، بريوت ، دار إحياء التراث ، لسان العرب: منظور ابن )٥(

Page 37: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله : ولقد وردت كلمة تربية يف موضعني من القرآن الكرمي مها {: ، وقوله تعاىل )١( } {: تعاىل

{ )٢( . فالتربية يف اآلية األوىل تشري إىل مسؤولية الوالدين يف اإلعداد والرعاية

ها فرعون على سيدنا يف مرحلة الطفولة ، أما يف اآلية الثانية فيمنت في .بأنه رباه وهو صغري ومل يقتله ضمن من قتل من األطفال u موسى

وقد ورد يف القرآن الكرمي ويف السنة النبوية كلمات عدة تقترب كثريا :، ومن بينها ما يلي ) تربية ( مما تعنيه كلمة

كما يف قوله تعاىل ) تزكية ( كلمة :}

{ )وقوله تعاىل )٣ ، :} { )٤( .

أي ((: } ويزكيكم {: جاء يف تفسري السعدي أن املقصود بقوله تعاىل اجلميلة ، وترتيهها عن يطهر أخالقكم ونفوسكم ؛ بتربيتها على األخالق

. )٥( ))األخالق الرذيلة

) . ٢٤( سورة اإلسراء ، آية )١( ) . ١٨( آية سورة الشعراء ، )٢( ) . ٢( سورة اجلمعة ، آية )٣( ) . ١٥١( سورة البقرة ، آية )٤()٥( عديمحن بن ناصر السان: عبد الرمحن يف تفسر كالم املنبريوت ، تيسري الكرمي الر ،

. ٥٩، ص هـ ١٤٢٤دار ابن حزم ،

Page 38: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابقتني ) تعليم ( كلمةوكلمة . ، وقد ورد ذكرها يف اآليتني الس} مهلمعي{و } و كملمعيعليمي ، وكل (( } وتشتمل على اجلانب الت

ع الناس يف دينهم أنواع املعرفة ، وكافة جماالت العلم اليت تتصل بكل ما ينف . )١( ))ودنياهم ، ويف معاشهم ومعادهم ، ويف أجسادهم وأرواحهم

هدى ( كلمة (تعاىل كما قوله :} { )٢( ، ويقتدى يف اتباع أمره ويه اأئمة يؤمت م يف اخلري يف طاعة ((؛ أي . )٣( ))يتبعون عليه ، و م

تأديب ( كلمة ( كما يف قولهe :)) ني ت ر م م ه ر ج أ ن و ت ؤ ي ة ث ال : ث ل ج الر ت ي ا ف ه ق ت ع ي م ا ، ث ه ب د أ ن س ح ي ا ف ه ب د ؤ ي ا ، و ه يم ل ع ت ن س ح ي ا ف ه م ل ع ي ف ة م األ ه ل ون ك ل ت ا ف ه ج و ز ه

ان ر ج . )٤( )) ...أ رعاية ( كلمة ( كما يف قولهe :)) ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م م ك ل ك و اع ر م ك ل ك

: ول ؤ س م و ه و ه ل ه أ يف اع ر ل ج الر ، و ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م و اع ر ام م اإل ة أ ر امل ، و ه ت ي ع ر ن ع ي اع اع ر ر م اد اخل ا ، و ه ت ي ع ر ن ع ة ول ؤ س م ا و ه ج و ز ت ي ب يف ة ال م يف ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م و ه د ي س ... ن ع ول ؤ س م و اع ر م ك ل ك و ه ت ي ع . )٥( )) ر

، الرياض ، دار ة اإلسالميةمدخل إىل التربي: عبد الرمحن عبد اخلالق الغامدي )١(

. ٦، ٥، ص هـ ١٤١٨، اخلرجيي ) . ٧٣( سورة األنبياء ، آية )٢(، هـ ١٤١٢، بريوت ، دار الكتب العلمية ، تفسري الطربي: حممد بن جرير الطربي )٣(

. ٤٧، ص ٥ج )٤( د بن إمساعيل البخاريفضل من أسلم من أهل ، ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم

. ٥٧٦، ص ) ٣٠١١( الكتابني ، رقم . ١٧٩ص ) ٨٩٣( املرجع السابق ، باب اجلمعة يف القرى واملدن ، رقم )٥(

Page 39: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معان عدة يف جمال التربية والتعليم ، فهي تعين ) رعاية ( ولكلمة املسؤولية ، واإلشراف ، واحلرص ، والرقابة ، واملساعدة ، واإلرشاد ، ((

والتوجيه ، ومراقبة الطفل ، والسهر عليه ، وقد تعين التنشئة . )١( ))والتعليم والتربية

وقد عرف علماء املسلمني األوائل كثريا من معاين مصطلح التربية ؛ يم ، وقد حوت عناوين مؤلفام بعضا من مثل التأديب والتهذيب والتعل

البن ) آداب املعلمني ( كتاب : تلك املعاين ، منها على سبيل املثال البن عبد الرب ، وكتاب ) جامع بيان العلم وفضله ( ، وكتاب سحنون

البن مجاعة ، واملتصفح ) تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم (فات وما شاكلها جيد آراء تربوية إسالمية قيمة ، وقد كشفت لتلك املؤل

.عدد من الدراسات احلديثة بعضا من تلك اآلراء التربوية إن املسلمني مل يعرفوا يف تارخيهم علما : وهلذا فقد أخطأ من يقول مني نعم قد ال يكون بعض املربني املسل. يسمى علم التربية اإلسالمية

السابقني استخدموا لفظ التربية اإلسالمية ، ولكنهم استخدموا مصطلحات تأخذ املفهوم نفسه ، والعربة يف ذلك باحلقيقة واجلوهر ، ال باللفظ أو املظهر ، واملتأمل منهج اإلسالم وشرائعه ؛ جيد أن التربية اإلسالمية دعامة

.العظام من دعائمه

ترمجة مكتب ( ، التخطيط لرعاية الطفولة وتربيتها يف البلدان النامية: االستريهريوان )١(

. ١٢، ص ت.، د ، الرياض ، مكتب التربية) اليونسكو

Page 40: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعددت التعاريف للمفهوم بتعدد االنتماءات الفكرية ، واخللفيات الثقافية ، وذلك مثل العديد من املصطلحات يف الدراسات اإلنسانية املعاصرة ، حتى إن الباحث قد ال جيد مصطلحا حمددا جممعا عليه عند

.ر من االتفاق حول بعض املضامني الباحثني ، ومع ذلك يظل هناك قدوقد أغفل الباحث ذكر املصطلحات اليت ال ترتكز على املنظور اإلسالمي يف تعريف التربية ، وتنحى املنحى النفعي املصلحي للفرد

، وحتسب بأن عملية التربية ال تكاد تتجاوز رغائب الفرد واتمع .لدين وعالقته بالتربية ، مغفلة جانب القيم وا وجمتمعه

:وملا كانت التعاريف كثرية وعديدة اكتفى الباحث هنا باثنني فقط ة هيربية اإلسالميمنظومة متكاملة من نسق معريف من ((: الت

املفاهيم ، والعمليات ، واألساليب ، والقيم ، والتنظيمات اليت يرتبط بعضها واتساق تقوم على التصور اإلسالمي لله والكون بالبعض اآلخر يف تآزر

واإلنسان واتمع ، وتسعى إىل حتقيق العبودية هللا بتنمية شخصية اإلنسان بصفته فردا ومجاعة من جوانبهما املختلفة مبا يتفق واملقاصد الكلية للشريعة

. )١( ))اليت تسعى خلري اإلنسان يف الدنيا واآلخرة ة هيربية اإلسالمينيا ((: التعلم إعداد اإلنسان املسلم حليايت الد

واآلخرة إعدادا كامال من الناحية الصحية والعقلية والعلمية واالعتقادية

)١( ة: سعيد إمساعيل عليربية اإلسالميالم ، أصول التهـ ١٤٢٦، القاهرة ، دار الس ،

. ٣٣، ٣٢ ص

Page 41: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والروحية واألخالقية واالجتماعية واإلدارية واإلبداعية يف مجيع مراحل منوه جاء ا اإلسالم ، ويف ضوء أساليب وطرق يف ضوء املبادئ والقيم اليت

. )١( ))التربية اليت بينها وبالنظر إىل هذين التعريفني يتبين أن التربية اإلسالمية ال تعين فقط تلقني اجلانب االعتقادي أو العبادي ، كما أنها ال تقتصر على تعليم املبادئ

.ذلك ، فهي منهج كامل للحياة األخالقية فحسب ، بل هي أعمق من

اجليم وامليم والعني أصل واحد يدل ((: ـ اقال ابن فارس ـ رمحه

. )٢( ))على تضام الشيء قد اسم جلماعة الناس ، و: اجلمع ((: ـ ا رمحه وقال ابن منظور ـ

مجاعة الشجر ، ومجاعة : استعملوا ذلك يف غري الناس ، حتى قالوا . )) النباتاجلامع ؛ قال ابن : احلسىن اويف أمساء ... جيمع الناس : أمر جامع (( . )٣( ))ضد املتفرق واجلميع ... اخلالئق ليوم احلساب هو الذي جيمع : األثري

ضم الشيء بتقريب بعضه من : اجلمع ((: قال الراغب األصفهاين

، الرياض ، دار عامل معامل بناء نظرية التربية اإلسالمية: مقداد ياجلن )١(

. ٧٤، ص هـ ١٤١١ ، الكتب . ٢٢٤، ص هـ ١٤١٥، بريوت ، دار الفكر ، يف اللغةاملقاييس : أمحد بن فارس )٢( . ٣٥٥، ص ٢، ج ، مرجع سابق لسان العرب: ابن منظور )٣(

Page 42: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{: مجعته فاجتمع : بعض ، يقال { )وقال )١ ، {: تعاىل { )أمجع : ويقال ... )٢

. )٣( )) اجتمعت آراؤهم عليه: املسلمون على كذا

امليل إىل ((اجلماعية ضد الفردية أو االنعزالية ، وميكن أن تعرف بأنها . )٤( ))العيش يف اجلماعة ، والتعايش معها

شعور ((: وقد جاء تعريف اجلماعية يف كتاب األخالق اإلسالمية بأنها هو عضو من أعضائها ، أو خلية من خالياها ، الفرد بأنه جزء من مجاعة و، وشعور الفرد بأنه جزء من اجلماعة يدفعه )٥( ))مع شعوره بأنه حمتاج إليها

حلب األجزاء األخرى مثل حمبته لنفسه ؛ ألنها من مكوناته وأجزائه ، ((: e ا قال رسول: قال tمسلم عن النعمان بن بشري روى امل ون م ل س

ه ل ى ك ك ت اش ه س أ ى ر ك ت اش ن إ ، و ه ل ى ك ك ت اش ه ن ي ى ع ك ت اش ن ؛ إ د اح و ل ج ر . )٦( )) كومن املصطلحات املقاربة للجماعية مصطلح اتمع ، وقد عرفه

) . ٢( سورة اهلمزة ، آية )١( ) . ٢٦( سورة سبأ ، آية )٢( . ٩٧ـ ٩٦، ص ، مرجع سابق املفردات يف غريب القرآن: الراغب األصفهاين )٣(، املنصورة ، دار ٣، ط شخصية املسلم بني الفردية واجلماعية: مد نوح السيد حم )٤(

. ١٢، ص هـ ١٤١١الوفاء ، . ١٦٩، ص ، مرجع سابق األخالق اإلسالمية وأسسها: عبد الرمحن حسن امليداين )٥(منني ، باب تراحم املؤ ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )٦(

. ١٥٨٧، ص ) ٢٥٨٦( ، رقم ٤وتعاطفهم ، ج

Page 43: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جمموعة أفراد جتمعهم تصورات وأهداف مشتركة ((: النحالوي بأنه حتقيقها ؛ فتنشأ بينهم روابط متينة تشدهم بعضهم إىل بعض ، يعملون على

وحتبب إليهم العيش املشترك ، وتبعثهم على التعاون والتكافل والتراحم . )١( ))والتكامل

ومفهوم اجلماعية نسبة إىل اجلماعة مفهوم له دالالته يف اإلسالم ؛ :وذلك لعدة أمور ، منها

واد يف اإلسالم ، إن اجلماعة تدل على نبذ االفتراق ، وتكثري الس .وهذا من املقاصد العليا يف الدين

، ةة اإلسالمية أطلقوا لفظ اجلماعة على األمإن سلف هذه األموصار مسة بارزة هلم متيزهم عن غريهم من أهل التفرق واألهواء ، فيقال

) .ماعة أهل السنة واجل: ( هلم إن اإلسالم هو دين اجلماعة ، وهو دين االعتصام.

وبالنظر إىل مفهوم اجلماعية من خالل التعريفات السابقة اليت تناولت ، هذا املفهوم بشكل مشويل ؛ يتبين أمهية االنتماء للجماعة والعيش يف كنفها

.اتمعات إلشباعها وأنها فطرة إنسانية ، وحاجة بشرية تسعىواجلماعية املقصودة يف هذه الدراسة ـ إىل جانب كوا فطرة وحاجة إنسانية ـ تركز على النواحي التربوية واجلوانب الشخصية اليت يكتسبها الفرد من خالل اندماجه يف مجاعة مصغرة من أفراد اتمع ؛ جتمعهم

. ٧٦، ص ، مرجع سابق التربية االجتماعية يف اإلسالم: عبد الرمحن النحالوي )١(

Page 44: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.لون على حتقيقها تصورات وأهداف مشتركة يعم

تنمية الشخصية اإلسالمية : املقصود بالتربية اجلماعية يف هذه الدراسة

للفرد من مجيع اجلوانب ؛ اإلميانية ، والعقلية ، واجلسمية ، والنفسية ، جمموعة من املتربني ، واالجتماعية ، من خالل وسط تربوي يضم مرب و

حيدث بينهم تفاعل إجيايب ، وتبادل للخربات ، وذلك من خالل منهج معين ة واحلبة اإلسالميدف إىل تقوية مشاعر األخو ، بعةيف وأساليب مت ا

.فيما بينهم

¡```

Page 45: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن كثريا من مطالب اإلنسان احلياتية حتتاج إىل جهود مجاعية ؛

بل ... كالتماس النصرة ، وتبادل املنفعة ، واإلفادة من جتارب اآلخرين حتى يف عامل احليوان يرى هذا التجمع والتكاتف ، وميكن تلخيص هذه

:املكانة فيما يأيت

جاء يف مقدمة البحث أن التجمع فطرة جبل عليها كل حي يدب على إال وهو ينتظم يف ... فما من خلق حي ((أدمي األرض ، أو يطري يف اهلواء ،

أمة ذات خصائص واحدة تشمل كل أفرادها ، وذات طريقة يف احلياة ة النا يف هذا شأن أماس ؛ ما ترك واحدة كذلك ، شأشيئا من خلقه ا

. )١( ))بدون تدبري يشمله ، وعلم حيصيه {: وقد أشار القرآن الكرمي هلذا املعىن يف قوله تعاىل

{ )٢( .

٢، ج هـ ١٤١٥، بريوت ، دار الشروق ، ٢٤، ط يف ظالل القرآن: سيد قطب )١(

. ١٠٨٠، ص ) . ٣٨( سورة األنعام ، آية )٢(

Page 46: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يف غريزة كل أمة من اخلالئق االنقياد إىل النظام اكما أودع االجتماعي الذي يناسبها ، فجعل للنمل قرى ومساكن جتتمع فيها ،

مجاعة النمل إذا أرادت ((وأسلوبا تعاونيا لتحصيل القوت ، فإنك جتد ت خرجت من أسراا طالبة له ، فإذا ظفرت به أخذت طريقا إحراز القو

فإذا ثقل عليها محل الشيء من تلك .. من أسراا وشرعت يف نقله . )١( ))اجتمعت عليه مجاعة من النمل وتساعدت على محله

تعمل ((وجعل للنحل مملكة ونظاما خيضع له مجيع أفرادها ، فالنحلة يت أودعها إياها اخلالق ، فهو لون من الوحي تعمل بإهلام من الفطرة ال

مبقتضاه ، وهي تعمل بدقة عجيبة يعجز عن مثلها العقل املفكر ؛ سواء يف بناء خالياها ، أو يف تقسيم العمل بينها ، أو يف طريقة إفرازها للعسل

. )٢( ))املصفى ر حتى تصل وللطيور رحالت وهجرة خاصة ا ؛ تقطع الفيايف والبحا

إىل هدفها بنظام معين ، ويف مواعيد معروفة ؛ حبثا عن اجلو املعتدل الذي ، وكذلك ايناسبها ، والطعام الوفري ، مث تقوم بتكرار ذلك كل عام بإذن

.حيصل لألمساك يف أعماق البحار واإلنسان ـ وهو أمة من هذه األمم ـ ال يعيش إال يف مجاعة ؛

تصف مجيع أفرادها خبصائص واحدة ؛ لكنه ميتاز عن سائر الكائنات مبا ي .من العقل والتفكري اوهبه

، ت.ط ، املنصورة ، مكتبة اإلميان ، د.، د مفتاح دار السعادة: ابن قيم اجلوزية )١(

. ٣١٥ ص . ٢١٨١، ص ٤، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )٢(

Page 47: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن مما يعزز أمهية اجلماعية ، وجيعلها حتتل مكانة بارزة يف العملية

م فيه ، واتمع ال يتشكل إال من التربوية ؛ كون التربية تتطلب جمتمعا تقوخالل عالقة تفاعلية بني جمموعة من األفراد ، بل إن احلياة ال تستقيم

تنتظم شؤوا للفرد مبعزل عن اآلخرين ومساعدم ومناصرم ، فقد وال {: سبحانه الناس بعضهم لبعض ، قال تعاىل اسخر

{ )١( ،)) .. وهذا التفاوت ضروري لتنوع األدوار املطلوبة للخالفة يف هذه األرض

والذي خلق احلياة وأراد هلا البقاء والنمو ، خلق الكفايات واالستعدادات إلقامة احلياة االجتماعية على )٢( ))متفاوتة تفاوت األدوار املطلوب أداؤها

.هذه األرض ، وليتم التعاون والتكامل بني أفراد اتمع

حرص اإلسالم على غرس وتغذية اجلماعية يف قلوب أتباعه ، وعمل وحذر من االنفرادية واالنعزالية ؛ ملا للجماعية على تنميتها بني املسلمني ،

.وللزوم اجلماعة من فوائد عظيمة للفرد املسلم ، وللجماعة على حد سواء ومن خالل استقراء بعض النصوص الواردة يف احلث على اجلماعية

:يتبين مكانة اجلماعية يف اإلسالم ، واليت منها

) . ٣٢( سورة الزخرف ، آية )١( . ٣١٨٧، ص ٥، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )٢(

Page 48: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جند أن اإلسالم قد حث على اجتماع املسلمني على احلق والتعاون فيما

{: بينهم على الرب والتقوى ، قال تعاىل { )١( ،، ونبذ كل عوامل الشقاق واالفتراق بني أفراد اودعا إىل االعتصام بدين

)٢( } {: مع املسلم عامة ، قال تعاىل ات، وبين أن خلوص الشيطان ومتكنه من الواحد اخلايل بنفسه أكثر من االثنني

ا ((: e، قال ط ي الش ن إ ف ة ق ر ف ال و م اك ي إ ، و ة اع م اجل ب م ك ي ل ع ني ن االث ن م و ه و د اح و ال ع م نة اع م اجل م ز ل ي ل ف ة ن اجل ة وح ب حب اد ر أ ن م د ع ب . )٣( )) أ

املؤمنني بالترابط والتالحم ، وشبههم بالبنيان eلقد وصف الرسول ا ((: eاملرصوص املتماسك ، فقال ض ع ب ه ض ع ب د ش ؛ ي ان ي ن ب ال ك ن م ؤ م ل ل ن م ؤ )) امل

ففي هذا احلديث دعوة إىل الوحدة اجلماعية بني أفراد املسلمني ، ((؛ )٤(وفيه بيان للفائدة العظيمة اليت جتنيها اجلماعة من وحدا ومتاسكها ، إنها

حينما يترابط أفرادها ، ويشد بعضهم أزر بعض القوة اليت تظفر ا اجلماعة ، إنهم بذلك يكونون شيئا يشبه البنيان ، ألسنا نرى القصر العظيم وما فيه

) . ٢( املائدة ، آية سورة )١( ) . ١٠٣( سورة آل عمران ، آية )٢(، ) ١٧٧( ، رقم هـ ١٤١٦، القاهرة ، دار احلديث ، املسند: أمحد بن حنبل )٣(

، بريوت ، املكتب ٤، ط السلسلة الصحيحة: األلباين يف ، وأورده ٢٣٩ ص ) . ٤٣١( ، رقم هـ ١٤٠٥، اإلسالمي

. ٧ص سبق خترجيه )٤(

Page 49: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من أبراج عالية مؤلف من حجارة صغرية جمع بعضها إىل بعض ، وعقدت ))! وفق نظام خاص مينحها جمتمعة قوة عجيبة ترتقي حتى تنطح السحاب ؟

)١( . : جلماعة املؤمنني قوله عليه أفضل الصالة والسالم eومن وصفه

)) و ض ع ه ن ى م ك ت ا اش ذ ؛ إ د س اجل ل ث م م ه ف اط ع ت و م ه امح ر ت و م ه اد و ت يف ني ن م ؤ امل ل ث مى م احل و ر ه الس ب د س اجل ر ائ س ه ى ل اع د ا احلديث تعميق ملعىن وحدة ففي هذ. )٢( )) ت

مجاعة املسلمني ، فمثلهم كمثل اجلسد الواحد ؛ الذي تتعاون مجيع أعضائه . املسرة تعاونا تاما ، وتتشارك مجيع أعضائه يف األمل ويف

نية كثرية قائمة ولتغذية اجلماعية يف املسلمني أقام اإلسالم مناسبات دي

...على اجلماعة ((: eفصالة اجلماعة مثال يقول عنها ة ال ص ن م ل ض ف أ ة اع م اجل الة ص

ا ء ز ج ين ر ش ع و ة س م خب ه د ح و م ك د ح . )٣( )) أ يبنة ، يقول النة يف فترة معييام مشاركة مجاعيوالصe :)) م و ي م و الص

. ١٧٤، ص ، مرجع سابق األخالق اإلسالمية وأسسها: عبد الرمحن حسن امليداين )١(، باب تراحم املؤمنني ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )٢(

. ١٥٨٦، ص ٤، ج ) ٢٥٨٦( وتعاطفهم ، رقم ، بريوت ، املكتب ٦ ، ط خمتصر صحيح مسلم: زكي الدين املنذري )٣(

. ٩١، ص ) ٣٢٢( ، كتاب الصالة ، رقم هـ ١٤٠٧ ، اإلسالمي

Page 50: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ت ون ح ض ت م و ى ي ح ض األ ، و ون ر ط ف ت م و ي ر ط ف ال ، و ون وم . )١( )) صواحلج ملتقى عام للمسلمني مجيعا كل عام ؛ جيتمعون من كل أطراف

: األرض على أقدس بقعة ، ويف يوم واحد هو يوم عرفة ، قال تعاىل }

{ )٢( .

ء ، والكسوف وقل مثل ذلك يف صالة اجلمعة ، والعيدين ، واالستسقا .واخلسوف ، وحنوها

وعليه ، فإنه إذا كانت اجلماعية مؤكدة والزمة يف التشريعات اليت ((ميكن أن تقع بصورة فردية ، فإنها تكون ـ من باب أوىل ـ أشد تأكيدا ، وأكثر إلزاما يف تلك اليت ال تقع وال تتم إال كاملة إال باجلماعية ،

. )٣( ))، والتربية ، واجلهاد ، وعمارة هذا الكون والسيادة فيه كالدعوة

خري الناس أنفعهم للناس ، وهذا النفع إنما يكون مبخالطتهم ، وبذل ((إليهم ، اجلهد إلرشادهم وتوجيههم ، ومساعدم ، وخدمتهم ، والتودد

، )٤( ))وسالمه اواحلرص عليهم ، وهذا هو ديدن األنبياء عليهم صلوات

)١( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيياض ، مكتبة املعارف ، د سنن التكتاب ت.، الر ، . ١٧٤، ص ) ٦٩٧( الصوم ، رقم

) . ٢٨، ٢٧( سورة احلج ، آية )٢( . ٦٣، ص ، مرجع سابق شخصية املسلم بني الفردية واجلماعية: ح السيد حممد نو )٣(، جدة ، دار ٢، ط )دروس يف التربية والدعوة ( الرائد : مازن عبد الكرمي الفريح )٤(

Page 51: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد امنتد اعلى عباده املؤمنني ببعثة رسوله حممe صحوهو يف غاية النU :} هلم والسعي يف مصاحلهم واحلرص عليهم ، فقال

{ )١( . وحني يعتذر بعض االنعزاليني بأنهم سيتفرغون لعبادة ربهم بعيدا عن

إن : أذى الناس الذي سوف يلحق م عند خمالطتهم هلم ، يقال هلم ى أذاهم خبلق رفيع ، ونفس كان خمالطا للناس صابرا عل e نبيكم

أن الذي يصرب على أذى الناس خري من e، وقد بين الرسول منشرحةالذي يرغب بالسالمة فيؤثر العزلة ؛ ألن اإلسالم يريد من املسلمني أن

قال eعنهما ـ أن النيب ايكونوا كتلة مجاعية ، عن ابن عمر ـ رضي :)) س امل ال و اس الن ط ال خي ي ال ذ ال م ل س امل ن م ري خ م اه ذ لى أ ع رب ص ي و اس ا الن ط ال خم ان ا ك ذ إ م ل

م اه ذ لى أ ع رب ص . )٢( )) ي

الجماعیة في السفر: ا ما فعلى الرفر طارئا وغالبغم من كون السيكون أليام معدودات ؛ فإن اإلسالم حث على اجلماعية فيه ، وى عن

((: eالوحدة ، قال ب ك ر ة ث ال الث ، و ان ان ط ي ش ان ب اك الر ، و ان ط ي ش ب اك ((مبعىن )٣( )) الر

. ٢٥٣، ص ٢، ج هـ ١٤٢٥األندلس اخلضراء ،

) . ١٢٨( سورة التوبة ، آية )١(، ) ٢٥٠٧( ، رقم ، مرجع سابق سنن الترمذي: ي حممد بن عيسى الترمذ )٢(

. ٦٥٢ص ) ٩٣٩( وهو يف السلسلة الصحيحة لأللباين برقم . ٣١٩ ص ، برقم هـ ١٤١٣، بريوت ، مؤسسة الرسالة ، ٢، ط املوطأ: مالك بن أنس )٣(

Page 52: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يطمع فيه اللص والسبع ، فإذا خرج أن الشيطان يطمع يف الواحد كما وقال ... وحده فقد تعرض للشيطان والسبع واللص فكأنه شيطان ،

عاص ، كقوله شياطني اإلنس واجلن ، فإن : قوله شيطان ، أي : املنذري . )١( ))معناها عصام

الجماعیة في األكل: يبلقد حث النe أكل على االجتماع عندإنا نأكل وال ! يا رسول الله : الطعام ملا شكا إليه بعض أصحابه قائلني

؟ ((: نشبع ؟ قال ون ق رت ف ت م ك ل ع ل لى ((: نعم ، قال : قالوا )) ف وا ع ع م ت اج ف ل ك ار ب ي ه ي ل ع اهللا م وا اس ر ك اذ و م ك ام ع يه ط ف م وهلذا احلديث شاهد آخر ، . )٢( )) ك

((: eقال ع م ة ك رب ال ن إ وا ؛ ف ق ر ف ت ال ا و يع وا مج ل ك ة اع م . )٣( )) اجل حلديث ابن عمر ـ رضي :النھي عن المبیت منفرداعنهما ـ ا

)) يب الن eأن ي ن ؛ أ ة د ح و ال ن ى ع ه ن ه د ح و ر اف س ي و أ ه د ح و ل ج الر يت . )٤( )) ب عن :النھي عن التفرق في الشعاب واألودیة عند النزول في السفر

نيشة الخلبأيب ثعt اب : قالعي الشقوا ففرزال تنلوا مزإذا ن اسكان الن

) ٢٠٥٩ . (

الصغري من أحاديث البشري فيض القدير شرح اجلامع: حممد عبد الرؤوف املناوي )١( . ٥٧، ص ٤، ج ١٤١٥، بريوت ، دار الكتب العلمية ، النذير

ط ، بريوت ، دار الفكر ، .، د سنن أيب داود: أبو داود سليمان بن األشعث )٢( . ٢٠٥، ص ) ٣٧٦٤( ، باب االجتماع على الطعام ، رقم هـ ١٤١٤

، باب االجتماع على الطعام ، رقم ٢، ج سابق ، مرجع سنن ابن ماجه: ابن ماجه )٣( . ١٠٩٣، ص ) ٣٢٧٨ (

. ١٦٤ ، ص) ٥٦٥٠( ، رقم ٥، ج ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل )٤(

Page 53: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ا ((: eقال رسول الله واألودية ، ف من إ ة ي د و األ و اب ع الش ه ذ ه يف م ك ق ر ف ت ن إا ق ي ىت ؛ ح ض ع ب ىل إ م ه ض ع ب م ض ان ال إ ال ز ن م ك ل ذ د ع وا ب ل ز ن ي م ل ، ف ان ط ي الش ن م م ك ل ذ : ل و ل

ل ب و ث م ه ي ل ع ط س ب م ه م ، ففي هذا احلديث ي عن التفرق يف الشعاب )١( )) عواألودية ، وأمر باالجتماع والتضام ؛ ملا يف ذلك من القوة واملنعة والتعاون ، وملا يف التفرق يف الشعاب واألودية من التعرض هلوام األرض ، والسقوط

من األخطار احملدقة ، وفيه من املرتفعات ، وتربص األعداء ، وحنوها، حتى eعليهم ـ ألمر النيب ااستجابة فورية من الصحابة ـ رضوان

.إنهم بلغوا من التضام والتقارب ما لو أنه بسط عليهم ثوب لوسعهم

¡```

، الرياض ، مكتبة املعارف ، ٢، ط صحيح سنن أيب داود: حممد ناصر الدين األلباين )١(

. ١٣٠، ص ) ٢٦٢٨( ، رقم ٢، ج ت.د

Page 54: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اإلنسان إحساس اإلنسان بفرديته وإحساسهمن اخلطوط املزدوجة يف كيان مبيله اجلماعي ، والعبء األكرب قائم على اتمع يف حماولة التوفيق بني هذين

:املتناقضني يف الظاهر ، وملعرفة العالقة بينهما ؛ ينبغي تتبع العناصر التالية

أي االعتداد بالنفس ، واحلفاظ على ذاتيتها واستقالهلا ، : ردية فالفأي امليل إىل العيش يف اجلماعة تعدان من تكوين النفس : واجلماعية فردية ومجاعية : سبحانه على طبيعة مزدوجة افاإلنسان خلقه ((اإلنسانية

ذا حيب ذاته ، ومييل إىل وهل. يف آن واحد ، فالفردية جزء أصيل يف كيانه إثباا وإبرازها ، ويرغب يف االستقالل بشؤونه اخلاصة ، ومع هذا نرى فيه

ولو كان يتمتع داخله مبا لذ وطاب من .. نزعة فطرية إىل االجتماع بغريه . )١( ))الطعام والشراب

ومالحظة ذلك من األمور البدهية ؛ فإنك ترى الطفل منذ نعومةأظفاره ، وفيه حب لتملك األشياء ، ورغبة يف االستقالل ، يف الوقت الذي

.مييل فيه إىل خمالطة أقرانه وأترابه وسنة اوعلى التربية السليمة اليت تنهل من املعني الصايف ـ كتاب

ـ مالحظة تلك النزعتني ـ الفردية واجلماعية ـ يف كيان eنبيه حممد

ط ، الدار البيضاء ، دار املعرفة ، .، د اخلصائص العامة لإلسالم: يوسف القرضاوي )١( . ١٥٠، ص ت.د

Page 55: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلنسان ، وتلبية مطالب كل منهما باتزان ؛ لكي يكتمل بناء اإلنسان من ا؛ إنسانا مستقال يف رأيه وفكره ، ويف ذات الوقت مندجما مع مجيع جوانبه

.هلا اجلماعة ، خاضعا

ة للفردية نظرة متناقضة يعلوها الغموض تنظر املذاهب الوضعية واجلماعيوالشطط ، فكل مذهب مييل إىل جانب على حساب اجلانب اآلخر ، والضحية هو ذلك اإلنسان ؛ الذي تتجاذبه الفلسفات والنظم بنظرا الضيقة ، فبعضها يغلب الفردية حتى تصل إىل األنانية املقيتة ، وتعطيل

تمع وتشتيتها ، وبعضها يغلب اجلماعية حتى تقضي على الفرد مصاحل افالرأمسالية تقوم على تقديس ((وتلغي وجوده ، وتعتربه فردا يف القطيع ،

الفردية ، واعتبار الفرد هو احملور األساس ، فهي تدلله بإعطاء احلقوق .. ك ، وحرية التصرف الكثرية ؛ اليت تكاد تكون مطلقة ، فله حرية التمل

، فهو يتملك .. ولو أدت هذه احلريات إىل إضرار نفسه ، وإضرار غريه املال باالحتكار ، واحليل ، والربا ، وينفقه يف اللهو واخلمر والفجور ،

حر ه١( ))وميسكه عن الفقراء واملعوزين ، وال سلطان ألحد عليه ؛ ألن( . تقوم على احلط من قيمة الفرد ، ((ية بأنها ويصف القرضاوي الشيوع

والتقليل من حقوقه ، واإلكثار من واجباته ، واعتبار اتمع هو الغاية ، ) اآللة (وهو األصل ، وما األفراد إال أجزاء أو تروس صغرية يف تلك

. )٢( ))اجلبارة اليت هي اتمع

. ١٤٩املرجع السابق ، ص )١( . ١٤٩املرجع السابق ، ص )٢(

Page 56: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تبه إىل الطبيعة املزدوجة يف هذا الكيان إن هذه الفلسفات واملذاهب ال تنالبشري الذي صوره اخلالق سبحانه يف أحسن تقومي ، وجعله مكانا للتأمل

{: والتفكر ، قال تعاىل { )وأن هذه فطرة )١ ، امليل فرد داخل يف اموع ، أصيل الفردية ، أصيل يف ((اإلنسان ، وهو دائم التقلب بني نزعتيه املتناقضتني ، كما يتقلب يف نومه للمجموع

ولكنه يف كل حلظة شامل جلانبيه معا على ! من جنب جلنب ليستريح . )٢( ))اختالف يف النسبة واملقدار

م فريدا يف نظرته للفردية واجلماعية يف كيان لقد كان موقف اإلسال

اإلنسان ، كيف ال ؟ وهو دين الفطرة ، فال عجب أن جاء نظاما وسطا عدال ؛ ال جيور على الفرد حلساب اتمع ، وال حييف على اتمع من أجل الفرد ، ال يصادم بني تلك النزعتني ، وال جيعلهما متضادتني ، بل يغذيهما

.عا ؛ ألن الفطرة ال تستقيم بإحدامها دون األخرى مواإلسالم يشبع ميل اإلنسان إىل خمالطة اجلماعة ، والعيش معها ، ويف الوقت نفسه حيتفظ لإلنسان بفرديته ، وله يف التوفيق وحتقيق التوازن بني

:يأيت الفردية واجلماعية منهج فريد ميكن تلخيصه فيما ا يف مناجاته ودعائه وخضوعه ، جعله فردصال العبد برباإلسالم ات

منه ، ومع ذلك فهو على ا؛ ألنه حيس بقرب افهو ال خيضع لغري .وحنوها اتصال وثيق باجلماعة حتى يف عبادته وصلته بربه كصالة اجلماعة

) . ٢١( سورة الذاريات ، آية )١( . ١٦٤، ص ١، ج ابق، مرجع س منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٢(

Page 57: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ة وأكدها تأكيدة الفردير اإلسالم املسؤوليا يف كتابه وقرا بالغ {: ، وقال تعاىل )١( } {: فقال { )نيا واآلخرة ، فهو يف )٢وهذه اآليات تنطبق على اإلنسان يف الد ،

.احلالتني ال حيمل وزر غريه ية ؛ توافقا مع الفطرة أيضا ، قال ولكنه أيضا قرر املسؤولية اجلماع

، وقال )٣( } {: تعاىل . )٤( } {: تعاىل أن طبيعة اإلسالم ذاا تقتضي وجود مجاعة متكافلة هذا باإلضافة إىل ((

إلسالمية كما أن التصور اإلسالمي والفضائل ا. تقوم بالتكاليف اجلماعية الناشئة ؛ حتتاج إىل مجاعة ، إىل وسط حتيا فيه وتنمو ، إىل حمضن يتلقف األجيال

. )٥( )) فينشئها على تلك الفضائل ويطبعها على ذلك التصور ، التملك للفرد ؛ فال حيل أخذ ماله إال بطيب نفس منه ر حقوقر

ولكن هذا احلق مقيد بأن يأخذ املال من حله ، وينفقه يف حمله ؛ بغري إسراف وال خميلة ، فحقوق التملك للفرد ليست مطلقة ، بل هي مقيدة

.وحقوق اتمع احبدود

) . ٣٨( سورة املدثر ، آية )١(، الزمر ، ) ١٨( ، فاطر ، آية ) ١٥( ، اإلسراء ، آية ) ١٦٤( سورة األنعام ، آية )٢(

) . ٧( آية ) . ٢( سورة املائدة ، آية )٣( ) . ٢٥( سورة األنفال ، آية )٤( . ١٦٨، ص ١، ج ، مرجع سابق ميةمنهج التربية اإلسال: حممد قطب )٥(

Page 58: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: اإلطار المفھومي للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حث اإلسال عاون على الربة واإلخاء واإليثار ، وأمر بالتم على احملب .والتقوى ، ودعا إىل التراحم والتسامح ، وإىل بذل النصيحة

وجبوار ذلك حذر من احلسد والبغضاء والفرقة ، وسائر الرذائل اليت .تنشأ من األنانية وحب الذات

م ال يعد يف املذاهب الفردية ، كما أن نظام اإلسال ((ومن هنا يتبين يحسب يف املذاهب اجلماعية ؛ ذلك ألنه أخذ من كل منهما خري ما ال، كما ترته عن شر ما فيه ، فقد اعترف بالفرد واتمع ، وقرر لكل فيه

منهما حقوقه بالعدل ، وألزمه واجبات تقابلها باملعروف ، وهذه هي . )١( ))الوسطية

، واجلماعية يف اللغة واالصطالحمت يف هذا الفصل دراسة تعريف التربية

والعالقة بينهما يف التربية ، كما مت التعرف على مكانة اجلماعية يف احلياة ويف اإلسالم ، وقد خلص البحث إىل تعريف إجرائي للتربية اجلماعية يف

.يعترب هذا الفصل مقدمة ومتهيدا ملا بعده من فصول اإلسالم ، ووحيث إن هذا البحث دراسة تأصيلية للتربية اجلماعية يف اإلسالم ؛ فإنه يتوجب على الباحث دراسة وبيان مكانة التربية اجلماعية يف القرآن ويف

سيبينه البحث يف وهذا ما. السنة ، وعند السلف ، واملربني املسلمني .التايل فصله

¡```

. ١٥٦، ص مرجع سابق اخلصائص العامة لإلسالم: يوسف القرضاوي )١(

Page 59: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 60: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، وهدي eوسنة رسوله اإن أي تربية ال تستند على كتاب عليهم ـ تعد تربية قاصرة ؛ ذلك أن مناهج االسلف الصاحل ـ رضوان

نها البشر وطرائقهم التربوية مهما أوتيت من قوة واجتمع لديها من خربة فإتقف عاجزة عن حتقيق الكماالت ، وعن التناغم مع الفطرة السوية ؛ والسبب هو أن هذه املناهج التربوية ال ختلو من هوى بشري ، أو نظرة

.ضيقة تؤثر على سريها ، وقدرا على حتقيق أهدافها

وأساليبها من القرآن لذا فإن التربية اجلماعية تستمد شرعيتها ومبادءها .الكرمي ، والسنة النبوية املطهرة ، وهدي السلف الصاحل

وميكن الوقوف على مكانتها يف اإلسالم من خالل عرض بعض النماذج التربوية اجلماعية من القرآن والسنة ، وهدي السلف وطريقتهم ،

.وعرض بعض فوائدها

¡```

Page 61: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اصح ، أنزله الربورائدها الن ، ة احليإن القرآن هو كتاب هذه األمسبحانه ، ال للتالوة فحسب ؛ إنما هو نور يستضاء به ، ومنهج يطبق ويعمل به ، ومن مث فقد تضمن عرض جتارب األمم السابقة ؛ ألخذ العظة

عاجلة الوقائع واألحداث احلية اليت مرت جبماعة املسلمني يف والعربة ، ومصدر اإلسالم ، مبنهجه التربوي الفذ ؛ الذي كان له الفضل يف االرتقاء

بذلك اجليل الذي بلغ أعلى درجات الكمال البشري. وسيكون احلديث متضمنا عرض مناذج خمتارة للتربية اجلماعية يف

، مع االقتصار على اجلانب التربوي ، وإبراز أهم الدروس والعظات القرآن .من هذه النماذج {: قال تعاىل

{ ،)) هم أن يستوثق من صدقفأراد نبيعزميتهم ، وثبات نيتهم ، وتصميمهم على النهوض بالتبعة الثقيلة ، وجدهم

{، )١( ))فيما يعرضون عليه من األمر

{ )هم ، وقال )٢ا هلم نبيـ جميب

. ٢٦٦، ص ١، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )١( ) . ٢٤٦( سورة البقرة ، آية )٢(

Page 62: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{: لطلبهم ـ { ،)) افكان هذا تعيينالواجب عليهم فيه القبول واالنقياد وترك االعتراض ، ولكن أبوا إال ا من

{: فقالوا )١( ))أن يعترضوا { )هم بأن، )٢عليهم نبي سب وكثرة املال فردشرف الن

مث ذكر هلم نبيهم أيضا آية ، ليست املقياس لالصطفاء واالختيار يف هذه املهمة . حسية يشاهدوا ، وهي إتيان املالئكة بالتابوت

} { أي : ملا متلك طالوت بين إسرائيل واستقرله امللك جتهزوا لقتال عدوهم ، وكانوا عددا كثريا ومجعا غفريا ، جاء يف

{: ، فقال هلم نبيهم )٣( ))بثمانني ألف ((رواية السدي تقدير عددهم { ،} { فال يصحبين اليوم يف ((أي

{)٤( ))هذا الوجه { أي فال ، {بأس عليه { أي فعصى أكثرهم ، وشربوا من

{نهر ، ونكصوا عن قتال عدوهم ، ال { هم ؛ إذ مل يبق منهم بعد؛ لقلتهم وكثرة عدو

فشجعهم علماؤهم ((، أن جاوزوا النهر إال بضعة عشر وثالث مائة، ليس عن كثرة عدد ا حق ؛ فإن النصر من عند االعاملون بأن وعد

)١( عديمحن بن ناصر السمحن يف: عبد الران تيسري الكرمي الرمرجع تفسر كالم املن ،

. ٩١، ص سابق ) . ٢٤٧( سورة البقرة ، آية )٢(، القاهرة ، دار الريان للتراث ، تفسري القرآن العظيم: إمساعيل بن كثري القرشي )٣(

. ٢٨٦، ص ١، ج هـ ١٤٠٨ . ٢٨٦املرجع السابق ، ص )٤(

Page 63: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{: ، وهلذا قالوا )١( ))وال عدد { )وهلذا ملا ، فكان هلم أعظم األثر يف تثبيت بعضهم البعض )٢ ،

{: برزوا جلالوت وجنوده قالوا مجيعا { )صر والغلبة )٣فكان هلم الن ،.

ني لو إة للفكرة أو العمل قد ختدع القادة واملربن احلماسة اجلماعي

أخذوا بظاهرها ؛ فيجب أن توضع حتت االختبار والتجريب ؛ لكشف احلقيقة ، وانقشاع الزيف ، فهؤالء املأل من بين إسرائيل يتقدمون إىل

يف نشوة يطلبون منه أن خيتار هلم ملكا يقودهم لقتال عدوهم u نبيهم {: ومحاسة ؛ ظهرت عليهم من خالل استنكارهم على نبيهم قوله

{ بقوهلم ، :} { )تي )٤غات لدواعي القتال ، فكانت النجة أن ، وراحوا يسردون املسو

مخدت جذوة احلماسة ، وانطفأت شعلتها ، واوت أرضا على جنبات . االطريق ـ كما تذكر القصة ـ إال القليل ممن ثبتهم

ومع أن لبين إسرائيل طابعا خاصا يف النكول عن ((: يقول سيد قطب إال أن هذه .. العهد ، والنكوص عن الوعد ، والتفرق يف منتصف الطريق

الظاهرة هي ظاهرة بشرية على كل حال ، يف اجلماعات اليت مل تبلغ تربيتها

. ٢٨٦املرجع السابق ، ص )١( ) . ٢٤٩( لبقرة ، آية سورة ا )٢( ) . ٢٥٠( سورة البقرة ، آية )٣( ) . ٢٤٦( سورة البقرة ، آية )٤(

Page 64: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اإلميانية مبلغا عاليا من التدريب ، وهي خليقة بأن تصادف قيادة اجلماعة . )١( ))املسلمة يف أي جيل

، ة الرأي واجلسمي أن يتحلى بقوفلو كما ينبغي للقائد أو املربكان قوي البدن مع ضعف الرأي ؛ كانت قوة على غري حكمة ، ولو كان عاملا باألمور وليس له قوة على تنفيذها ؛ كانت حكمة من غري نفاذ ، قال

. )٢( } {: تعاىل اجح أن ال يقف عند امتحان واحد ، ومن صفات القائدي النواملرب

بل جيب عليه أن يكرر االمتحان والتجربة ؛ لتمحيص أتباعه ، وقياس قوة اإلرادة اليت تضبط الشهوات والنزوات ، وتصمد للحرمان ((اإلرادة ؛

واملشاق ، وتستعلي على الضرورات واحلاجات ، وتؤثر الطاعة وحتتمل . )٣( ))ها ؛ فتجتاز االبتالء تكاليف

مبتليهم بنهر ، وأن من شرب منه فال افهذا طالوت خيرب أتباعه بأن يصاحبه ؛ ألن من مل يصرب على عطش ساعة فلن يصرب على قتال تتطاير فيه

.واألكف اجلماجم اجلماعة املسلمة أن تثق مبوعودوينبغي على ا U وأن ،

ا ثر برجوع الناكصني على أعقام ، بل تزداد توكال علىتتزعزع وتتأ ال .وقوته ا، وتربؤا من حوهلا وقوا إىل حول ، وتضرعا

. ٢٦٢، ص ١، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )١( ) . ٢٤٧( سورة البقرة ، آية )٢( . ٢٦٨، ص ١، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )٣(

Page 65: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن هنا نستلهم القوة القلبية اليت يتمتع ا طالوت وفئته املؤمنة القليلة .العدد اليت واجهت جيشا جرارا يفوقها عددا وعدة

اس ؛ الجال األثبات الذين هم قلة يف النجتدهم وهنا يربز أولئك الر إال يف املواقف الصعبة ، اليت يستأخر عنها الغوغاء من الناس ، فيثبتون ويثبتون

احلق من معهم بكلمام املدوية ، ومواقفهم الشجاعة ؛ مستلهمني قول . )١( } {: سبحانه

؛ الفطرةلقد ساق القرآن الكرمي حقيقة الفتية الذين آمنوا بربهم مبحض

. هلاحيث كانت فطرهم السليمة متنعهم من عبادة األصنام والسجود فجعل كل واحد منهم خيرج عن قومه ، وينحاز عنهم ناحية ، فكان أن جلس أحد الفتيان يف أصل شجرة ، فجاء اآلخر فجلس عنده ، وهكذا

واتعلمون ((: جتمع الفتية ، وال يعرف واحد منهم اآلخر ، فقال أحدهم فليظهر كل يا قوم أنه ما أخرجكم عن قومكم وأفردكم عنهم إال شيء ،

رأيت ما قومي عليه ، واأما أنا فإني : واحد منكم ما بأمره ، فقال آخر فعرفت أنه باطل ، وإنما الذي يستحق أن يعبد وحده وال يشرك به شيء

وقع يل كذلك ، واوأنا : ، الذي خلق كل شيء ، فقال اآلخر اهو مة واحدة ، فصاروا يدا واحدة وإخوان صدق حتى توافقوا كلهم على كل

. )٢( ))فيه ا، فاتخذوا هلم معبدا يعبدون

) . ٢٤٩( ة ، آية سورة البقر )١( . ٧٣، ص ٥، ج ، مرجع سابق تفسري القرآن العظيم: إمساعيل بن كثري القرشي )٢(

Page 66: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن هذه القصة بتفاصيلها حتكي مشهدا من مشاهد التربية اجلماعية ، ، يف ثبات ورباطة جأش ، فاستحقوا الفتية صربوا أنفسهم على طاعة

.تلى إىل يوم القيامة هلم يف آيات ت ابذلك امتداح

وأقرب لإلميان من ، ا للحقدأفئدة ، وأكثر جتر باب هم أرقالش طرهم ما تزال سليمة ؛ فحرية ، وفيوخ ؛ ألن أعوادهم ما تزال غضالش

كان أكثر ((وم هلم ، وقد بالدعاة واملربني أن خيصصوا جانبا من دعشبابا ، وأما املشايخ من قريش ، فعامتهم بقوا eاملستجيبني هللا ولرسوله

. )١( ))على دينهم ومل يسلم منهم إال القليل .وهكذا أخرب تعاىل عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا

دل امتداحالذين يهجرون ديارهم ، وثناؤه على هؤالء الفتية ، اويفارقون أهلهم ، ويتجردون من املتاع والزينة ، ويأوون إىل كهف ضيق مظلم ؛ ألجل دينهم وعقيدم ؛ دل ذلك على أن اجلماعة املسلمة جيب عليها أن تستعذب املشاق يف سبيل دينها وقيمها ، وأن تبذل الغايل والنفيس

على االستعالء فوق حظوظ النفس يف سبيل تربية هذا اجليل .األرضية وشهواا

ة ألبناء قبيلة واحدةة يف اإلسالم ليست تربية عشائريربية اجلماعيالت ،، باإنها تربية حدودها اإلميان .. وال تربية وطنية ألبناء بلد واحد

. اورباطها األخوة الصادقة ، وأسها احملبة يف

. ٧٢، ص ٣املرجع السابق ، ج )١(

Page 67: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بني اوأصحاب الكهف فتية ال يعرف واحد منهم اآلخر ، مجع أجسادهم كما مجع بني قلوم ، فصاروا يدا واحدة ، وإخوان صدق ، قال

((: eالرسول ف ل ت ا اخ ه ن م ر اك ن ا ت م ، و ف ل ت ا ائ ه ن م ف ار ع ا ت م ؛ ف ة د ن جم ود ن ج اح و ر )) األ)١( .

ة يف املسريداحلني ؛ فهم عاحلث على صحبة األخيار ، ولزوم الص ، اوأنس يف الوحشة ، خصوصا إذا كانت املصاحبة واالسة على ذكر

جاء يف آخر احلديث املتفق عليه ، يف باب فضل جمالس الذكر ، . سبحانه (( : يذكرونه ، قال للمالئكة أنه قد غفر للقوم الذين ا وبعد إخبار ون ول ق ي : ف

ول ق ي ف ال ، ق م ه ع م س ل ج ف ر ا م من ، إ اء ط خ د ب ؛ ع ن ال ف م يه ف ب : ر م و ق ال م ، ه ت ر ف غ ه ل و م ه يس ل ج م ه ى ب ق ش ي عمت بركتها من جاء حلاجة ، أنعم ا من جلسة . )٢( )) ال

. م من جلساء ؛ ال يشقى م جليسوأنعم وهذا كلب قد مشلته بركة أصحاب الكهف ملا صحبهم ، فأصابه ما

.أصام من النوم على تلك احلال ، وصار له ذكر وخرب وشأن

لن يكون احلديث هنا توصيفا ألحداث الغزوة ، وال نقال حيا لوقائع فيها ، وسيتوجه احلديث إىل بعض اجلوانب التربوية yلصحابة وبطوالت ا

اجلماعية املستقاة من تلك اآليات الطوال اليت نزلت يف حوادث ونتائج .الغزوة تلك

، باب الرب والصلة ، ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ١٦١٢، ص ٤، ج ) ٢٦٣٨( رقم . ١٦٤٣، ص ) ٢٦٨٩( لسابق ، باب فضل جمالس الذكر ، رقم املرجع ا )٢(

Page 68: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن أبرز ما مييز هذه الغزوة أنها جسدت قانون االبتالء والتمحيص ، عليه من ميل للدنيا وكشفت عن دخائل بعض النفوس ، وما انطوت

ومتاعها الزائل ، وميزت املنافقني عن أهل اإلميان ، وأظهرت شناعة التفرق .والعصيان

نيا وااللتفاتكون للدب الروام يسبإن رغد العيش وطيبه على الد

مة متحض العبد لربه ومواله ، فيحصل إليها ، فإذا جاء البالء وحلت النقبذلك التطهري والتنقية للنفس من األدران والشوائب اليت تقعد باملرء عن

إن النفوس تكتسب من ((: ـ ا رمحه ، يقول ابن القيم ـ Iمسريه هللا العافية الدائمة والنصر والغىن طغيانا وركونا إىل العاجلة ، وذلك مرض

والدار اآلخرة ، فإذا أراد ا ربها اوقها عن جدها يف سريها إىل يعومالكها ورامحها كرامته ، قيض هلا من االبتالء واالمتحان ما يكون دواء

. )١( ))لذلك املرض العائق عن السري احلثيث إليه لوقائع وأحداث الغزوة من خالل ياق القرآين عرضوجاء يف السوطاعته ، وعن ات فيها تزكية للنفس ، فجاء احلديث عن تقوى آيا

اإلنفاق يف السراء والضراء ، وعن كظم الغيظ والعفو عن الناس ، وعن .االستغفار من الذنب وعدم اإلصرار على اخلطيئة

إن القرآن مل يعقب على املعركة احلسية يف امليدان فحسب ، بل جاء

، بريوت ، مؤسسة الرسالة ، ٢٩، ط زاد املعاد يف هدي خري العباد: ابن قيم اجلوزية )١(

. ١٩٨، ص ٣، ج هـ ١٤١٦

Page 69: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمعركتني ـ احلسية داخل امليدان ، واملعنوية داخل النفس التعقيب شامال .ـ وذلك ألن العالقة بينهما طردية

ومن مث فإن من مل حيقق النصر على شهواته ، حمال أن حيقق النصر يف .األعداء ميدان القتال على

)) أحد (ترفق القرآن الكرمي وهو يعقب على ما أصاب املسلمني يفمن آيات ، وال غرو ، فحساب املنتصر ) بدر ( على عكس ما نزل يف )

{: يف املرة األوىل قال . على أخطائه أشد من حساب املنكسر

{ )ا يف أحد فقال )١أم ، :}

{ )٣( )) )٢( . عتابملن ضعفت عزائمهم ، وخارت قواهم عن مواصلة ا {: ، قال تعاىل e، ملا أشيع مقتل النيب القتال

{ )القرآين خياطب )٤ فهذا النص ،

اجلماعة املسلمة بأجياهلا املتعاقبة ، بأن يكون تعلقهم باحلي الذي ال ميوت ؛ .أشخاص ألنهم أمة اتباع مبادئ ال اتباع

) . ٦٨، ٦٧( سورة األنفال ، آية )١( ) . ١٥٢( سورة آل عمران ، آية )٢()٣( ايل حممرية: د الغزباب اإلسالمي ، .، د فقه السة للشدوة العامليمة ، النط ، مكة املكر

. ٢٦٥، ص ت.د ) . ١١٤( سورة آل عمران ، آية )٤(

Page 70: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ال ختفى مكانته ، وقد استجاب إن أمر الش ورى يف اإلسالم أمر يبالنe ة الذين رأواورى ـ لرأي األكثريـ بعد أن أعمل مبدأ الش

يباخلروج إىل أحد ، مع أن النe مل يكن مييل إىل اخلروج ، فكانت اهلزميةولكن ، ا هورى ، وأنأكيد واحلث على الشال تأثري هلذه اهلزمية يعقب بالت

{: على منهجية التعامل معها ، قال تعاىل

{ )١( .

إن األحداث اليت حدثت يف اتمع املسلم يف صدر اإلسالم كانت لتصحيح املسار والسلوك ، وتربية مجاعية لذلك اجليل ، ودروسا حمطات

ن بعده ، وتأيت حادثة اإلفك يف السياق ذاته ؛ متضمنة وعظات لألجيال م . أمرا جعل له سببا اأحكاما ما يزال العمل ا إىل يوم القيامة ، وإذا أراد

وكما سبق القول يف غزوة أحد يقال هنا ؛ إذ ليس من شأن هذا البحث الكالم عن تفاصيل هذه احلادثة ، ومجع الروايات يف ذلك ، ولكن

. احلدث التركيز على بعض اجلوانب التربوية اليت عاجل ا القرآن الكرمي ذلك

ا ، وميكن أني ميكن أن يكون سلوكا فرديعدإن االحنراف والتعديل السلوك ، بل يكون سلوكا مجاعيا ، وال ينبغي التهاون أو احملاباة يف ت

منهم املؤمن ((جيب أن يواجه حبسم وقوة ، فالذين جاءوا باإلفك عصبة

) . ١٥٩( سورة آل عمران ، آية )١(

Page 71: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاءهم . )١( ))الصادق يف إميانه ولكنه اغتر بترويج املنافقني ، ومنهم املنافق يبالن هم سيعاقبون على ما قالوا من ذلك ، وقد حدديد أنالوعيد الشe

.مجاعة منهم فها إزاءا على اجلماعة املسلمة تصرالقرآين مستنكر صولقد جاء الن

هذه الفرية العظيمة اليت مست بيت النبوة ، إذ ما كان ينبغي أن تشيع هكذا دون تثبت وال بينة ، وال أن تتناقلها األلسن دون شاهد وال دليل ،

بهتان الذي شاع يف أوساط الناس وأنه كان على املؤمنني أن يتصدوا هلذا ال :خبطوات عدة أرشد إليها القرآن على النحو التايل

باملؤمنني ، قال تعاىل إحسان الظن :} { )أي : ، ومعىن بأنفسهم )٢

إن اآلية : وألجل هذا قال العلماء ((بإخوام ، فقد أقام األخ مقام النفس أصل يف أن درجة اإلميان اليت حازها اإلنسان ، ومرتلة الصالح اليت حلها املؤمن ، ولبسة العفاف اليت يستتر ا املسلم ال يزيلها عنه خرب حمتمل

. )٣( ))إذا كان أصله فاسدا أو جمهوال ـ وإن شاع ـ ليل والربهان ، قال تعاىلطلب الد :}

)١( عديمحن بن ناصر السان: عبد الرمحن يف تفسر كالم املنرجع ، م تيسري الكرمي الر

. ٥٣٤، ص سابق ) . ١٢( سورة النور ، آية )٢(ط ، بريوت ، دار الفكر ، .، د اجلامع ألحكام القرآن: حممد بن أمحد القرطيب )٣(

. ١٨٦، ص ٦، ج هـ ١٤١٥

Page 72: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ )ن أثر القول )١وهنا يتبي ،ت عند إلقاء الكالم ، ورمبا كلمة واحدة والكلمة يف اتمع ، وضرورة التثب

.أودت بصاحبها إىل النار استنكار هذا اإلفك املبني ؛ ألن املؤمن مينعه إميانه من ارتكاب

{: القبائح ، قال تعاىل { )أوجب ((: ، يقول القرطيب )٢على املسلمني إذا مسعوا ا

. )٣( )) رجال يقذف أحدا ويذكره بقبيح ال يعرفونه به أن ينكروا عليه ويكذبوه ا إذا كانتائعات ، خصوصحتذير املؤمنني من احلوم حول محى الش

{: قال تعاىل تتعلق بالفواحش ، { )٤( .

ه وقناعته فاتمع املسلم ليس ذاك اتمع الذي يتحرك وتتشكل مواقف (( من خالل الدعاية واإلشاعة والترويج ، وخلق اإلرجاف ، شأن اتمعات غري

ما املواقف تنطلق من ثوابت وأصول ال تزول بالشكة ، وإن٥( )) األخالقي( . لل ، ولكن الواجباحلني يف اخلطأ والزة أن يقع بعض الصإمكاني

.عن اخلطأ عليهم أن يبادروا بالتوبة والرجوع

) . ١٣( سورة النور ، آية )١( ) . ١٦( سورة النور ، آية )٢( . ١٨٦، ص ٦، ج مرجع سابق مع ألحكام القرآناجلا: حممد بن أمحد القرطيب )٣( ) . ١٩( سورة النور ، آية )٤(، مقال شبكة املشكاة اإلسالميةالتربية اجلماعية من منظور قرآين ، : علي حممد سعيد )٥(

. هـ ٦/٥/١٤٢٨نشر بتاريخ

Page 73: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: یـة في اإلسالم مكانة للتربیة الجماع ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غافر وإشاعة العفو والصفح بني املؤمنني مهما عظمتاحلث على الت {: اإلساءة ، وقد جتلى هذا اخللق بأى صوره يف قوله تعاىل

{ )فعند ذلك قال ((، )١

حنب أن تغفر لنا يا ربنا ، مث رجع إىل مسطح ما وابلى : tالصديق وهنا نطلع ((، )٢( ))عها منه أبدا ال أنز وا: كان يصله من النفقة ، وقال

أفق يشرق . ا على أفق عال من آفاق النفوس الزكية ، اليت تطهرت بنورالذي مسه حديث اإلفك يف أعماق قلبه ، .. يف نفس أيب بكر الصديق

والذي احتمل مرارة االتهام لبيته وعرضه ، فما يكاد يسمع دعوة ربه إىل حتى يرتفع على اآلالم ، ويرتفع على مشاعر اإلنسان ، وحىت .. العفو

يف طمأنينة افإذا هو يلبي داعي . اتشف روحه وترف وتشرق بنور . )٣( ))وصدق

¡```

) . ٢٢( سورة النور ، آية )١( . ٢٦٧، ص ٣، ج ، مرجع سابق تفسري القرآن العظيم: إمساعيل بن كثري القرشي )٢( . ٢٥٠٥، ص ٤، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )٣(

Page 74: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، ومن هنا كان السنة النبوية هي املصدر الثاين من مصادر التشريع، ااملسلمون يف حاجة إىل معرفتها مع حاجتهم إىل معرفة كتاب

من كثري من آيات اميكن أن يفهم القرآن على حقيقته وال يعلم مراد والعليه الكتاب االذي أنزل eاألحكام فيه إال بالرجوع إىل سنة الرسول

.من ربهم ليبين للناس ما نزل إليهم {: مربيا ومعلما للناس ، قال تعاىل eنبينا حممدا الذلك بعث

{ )١( .

يبوقد كانت عالقة النe بأصحابه عالقة مصاحبة ومالزمة ؛ يكتسب .من خالهلا الفرد املسلم قيما ومهارات متكنه من العيش يف كنف اجلماعة

وعند التأمل يف التربية النبوية يالحظ أنها يف جمملها تربية مجاعية ، .اإلسالم الذي هو دين اجلماعة تتناسب وطبيعة

ويف هذا املوطن سيتم عرض منوذجني بارزين للتربية اجلماعية ، أحدمها يف العهد املكي ، واآلخر يف العهد املدين ، وكذلك استعراض مواقف

اجلماعي ربوينت اجلانب التة ؛ تضمربية على التعلم وتوجيهات نبويكالت ،ربية على العمل اجلماعي اجلماعي ، والت.

) . ٢( سورة اجلمعة ، آية )١(

Page 75: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، )١(بدأت الدعوة اإلسالمية وبقيت سرية حوايل ثالث سنوات ابه ، مث أعلنت إال ملن طمع يف إسالمه من خواص أصح eيظهرها النيب ال

يبا الن عوة بعد ذلك ، وصدعالدe بأمر٢(حنو عشر سنني ا( . بد للمسلمني اجلدد أن يلتقوا فلما ظهر اإلسالم يف مكة ؛ كان ال

بإخوام ؛ ليتعلموا منهم أمور دينهم ، وما نزل من القرآن ، فكان املوعد وملا اكتشف املشركون بعض ((ملشركني ، يف شعاب مكة ؛ خوفا من أذى ا

الصحابة يف شعاب مكة وهم يصلون مستخفني فناكروهم واصطدموا اأصحابه باالجتماع يف دار األرقم ؛ لكي يعبدوا e؛ أمر النيب معهم

. )٣( ))بعيدا عن أنظار قريش ، ويتعلموا ما يرتل من القرآن ة املقر األول للدعوة ، واملدرسة األوىل للتربية فكانت هذه الدار مبثاب

يبة يف اإلسالم ، فقد كان بإمكان الناجلماعيe أن يقول ألصحابه :ليصل كل واحد منكم يف مرتله خفية ، ولكن الغاية من االجتماع هي

ة ، اليت التأسيس والبناء ، والتربية الدءوبة ، فكانت العناصر القوية الصادق

، ١، ج هـ ١٤١٦، بريوت ، دار اخلري ، ٢، ط السرية النبوية: ابن هشام )١(

. ٢٧٤ ص، بريوت ، دار الكتب العلمية ، حلية األولياء وطبقات األصفياء: أبو نعيم األصفهاين )٢(

. ٣٤٨، ص ١، ج هـ ١٤١٨، ٣، ط يف الدعوة من خالل السرية الصحيحة eمنهج النيب : حممد أحمزون )٣(

. ١٥٨، ص هـ ١٤٢٧، دار السالم ، القاهرة

Page 76: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإنه مما ((هي القاعدة واألساس للمجتمع املسلم ، eصنعت على عينه زاد صالبة هذه القاعدة ؛ أن هذه الدعوة مل تقم على عرض املغريات من املادة واملتاع واملال ، ومل تمن معتنقيها بالوعود الرباقة فيما ينتظرهم من

، كان الوعد هو )١( ))شيء من ذلك مل يكن ... املناصب واملغامنبآل ياسر وهم يعذبون ، فقال e ا ، فقد مر رسول وجنته ا رضوان

ة ((: هلم موعدكم اجلن ن ا آل ياسر ؛ فإ . )٢( )) صربألصحابه يف تلك الدار ؛ القيام بتوزيع املهامe وكان من ضمن تربيته

هم ، ومن تلك املهام ما ذكره الدكتور حممد أحمزون التربوية والدعوية بينعنهما ـ أنه عهد اويبدو من رواية ابن عباس ـ رضي ((: بقوله لعلي t ين أوف على حقيقة هذا الدة رصد الغرباء الذين يأتون للتعرمبهم

فالتمس للدخول فيه ، فقد جاء فيها أن أبا ذر قدم مكة فأتى املسجد ،وال يعرفه ، وكره أن يسأل عنه ، حتى أدركه بعض الليل ، e ا رسول

، وبعد التعرف عليه واالطمئنان )٣( ))فرآه علي ، فعرف أنه غريب ، فتبعه .هناك eإىل مقصده أخذه إىل دار األرقم بن أيب األرقم حيث الرسول

، بريوت ، املكتب ٢، ط وية تربية أمة وبناء دولةالسرية النب: صاحل أمحد الشامي )١(

. ٥٨، ص هـ ١٤٢٣اإلسالمي ، ، بريوت ، دار الكتب العلمية ، اإلصابة يف متييز الصحابة: ابن حجر العسقالين )٢(

. ٥٠٠، ص ) ٩٢٣٠( ، رقم ٦، يف ترمجة ياسر العنسي ج هـ ١٤١٥ .صحيح على شرط مسلم ) ٣/٣٨٨( املستدركوقال عنه احلاكم يف ، ، مرجع سابق يف الدعوة من خالل السرية الصحيحة eمنهج النيب : حممد أحمزون )٣(

. ١٥٠ص

Page 77: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ضم خباب بن األرت إىل : eنيب ومن تلك املهام اليت قام ا ال . )١(بن زيد وزوجته يعلمهما القرآن سعيد

ة ، ((: ويف رواية أخرى جل به قو جلني إذا أسلما عند الر جل والر كان جيمع الر .؛ يتعهدهم ويعلمهم )٢( )) فيكونان معه

نظم ((ومل تكن دار األرقم وحدها مقرا للتربية واالجتماع حيث ااملسلمون أنفسهم يف مجاعات صغرية يلتقون يف البيوت على قراءة كالم

تعاىل وحفظه ، ومن ال يستطيع الوصول إىل دار األرقم كانت تصله اآليات . )٣( ))مكتوبة ، ويأتيه من يتلوها عليه ويعلمه إياها

يبة النكما أن مهمe ه يف هذه مل تقتصر على تربية وتعليم أصحابالدار فقط ، بل إنه كان جيهر بالدعوة يف املواسم واألسواق ، ويغشى الناس

.به ايف أنديتهم لتبليغ ما أمره كما أن مهمة أصحابه أيضا ، مل تكن هي التلقي واالستماع فقط ، بل كان كل واحد منهم يدعو لإلسالم يف خواصه ومعارفه ، فكانت النتيجة

قال . )١( ))شهدت هذه الدار إسالم ما يقرب من أربعني صحابيا (( أن

ت.ط ، بريوت ، دار املعرفة ، د.، د املستدرك على الصحيحني: احلاكم النيسابوري )١(

. ٥٩، ص ٤، ج ، بريوت ، دار ٣، ط ثر يف فنون املغازي والشمائل والعربعيون األ: ابن سيد الناس )٢(

. ١٢٢، ص ١، ج هـ ١٤٠٢اآلفاق اجلديدة ، ، ، مرجع سابق يف الدعوة من خالل السرية الصحيحة eمنهج النيب : حممد أحمزون )٣(

. ١٤٨ص . ٢١، ص ، مرجع سابق اء دولةالسرية النبوية تربية أمة وبن: صاحل أمحد الشامي )١(

Page 78: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقيت صهيب بن سنان على باب ((: tقال عمار بن ياسر : سعد ابنما تريد : ما تريد ؟ قال يل : فيها ، فقلت له e ادار األرقم ، ورسول

وأنا أريد : أريد أن أدخل على حممد فأمسع كالمه ، قال : ؟ فقلت أنتذلك ، فدخلنا عليه ، فعرض علينا اإلسالم ، مث مكثنا يوما على ذلك حتى

. )١( ))أمسينا ، مث خرجنا وحنن مستخفون

استمر تدفق املهاجرين إىل املدينة ، ومنهم من مل يكن على معرفة بأحد .لغرباء حباجة إىل مأوى دائم مدة إقامتهم من أهل املدينة ، فكان هؤالء ا

وكانت الفرصة مواتية عندما مت حتويل القبلة من بيت املقدس إىل الكعبة حيث بقي حائط القبلة األوىل يف مؤخر املسجد النبوي ، فأمر ((املشرفة

يبالنe فة٢( ))به فظلل ، وأطلق عليه اسم الص( . مقرا للتربية اجلماعية يف العهد املدين ، وقد تولى وأصبحت الصفة

يبالن e فة ، فقد كانربية واإلشراف على أهل الصة التبنفسه مهميتعهدهم ، ويبين شخصيام من مجيع اجلوانب ؛ اإلميانية ، والعقلية ،

.والنفسية ، واالجتماعية ليل على ذلك ؛ أن النوالد يبe يزورهم ، ويتفقد أحواهلم ، ((كان

، ٣، ج هـ ١٤١٠، بريوت ، دار الكتب العلمية ، الطبقات الكربى: ابن سعد )١(

. ١٨٧ ص، املدينة اتمع املدين يف عهد النبوة ، خصائصه وتنظيماته األوىل: أكرم ضياء العمري )٢(

. ٩٠، ص هـ ١٤٠٣املنورة ، إحياء التراث ،

Page 79: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويعود مرضاهم ، كما كان يكثر جمالستهم ، ويرشدهم ، ويواسيهم ، ، ويذكرهم ، ويقص عليهم ، ويوجههم إىل قراءة القرآن الكرمي ومدارسته

، والتطلع إىل اآلخرة ، ويشجعهم على احتقار الدنيا ، وعدم اوذكر كثريا ما يدعوهم إىل تناول e، وكان )١( ))متاعها متني احلصول على

ة ، فوافقت ((: الطعام يف بيته ، فعن طلحة بن عمرو قال ف وكنت فيمن نزل الص اهللا ، وكان جيري علينا من رسول من متر بني eرجال د يوم م . )٢( )) رجلني كل

فةه رمبا أوكلت بعض ومن بالغ االهتمام الذي حظي به أهل الصأناملهام التربوية إىل شخص آخر يساند املربي يف عمله ، ومن ذلك ما قام به

: ، وذلك فيما روي عنه أنه قال tالصحايب اجلليل عبادة بن الصامت . )٣( )) علمت ناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن ((

ل الصفة من املهاجرين والغرباء الذين ليس هلم مأوى ومل يكن أهفحسب ، بل كان يرتل معهم بعض األنصار ، رغم استغنائهم عن ذلك ، ووجود دور هلم يف املدينة ، ومنهم كعب بن مالك األنصاري ، وحنظلة

. )٤(بن عامر األنصاري وغريهم مؤقتا هم من املهاجرين غالب الذين يستقرون يف الصفة ((ولكن

. ٩٩ملرجع السابق ، ص ا )١(، ١، ج ، مرجع سابق حلية األولياء وطبقات األصفياء: أبو نعيم األصفهاين )٢(

. ٤١٦ ص . ٣١٥ ، ص ٥، ج ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل )٣(، مرجع اتمع املدين يف عهد النبوة ، خصائصه وتنظيماته األوىل: أكرم ضياء العمري )٤(

. ٩١، ص سابق

Page 80: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، وبعضهم رمبا كان جديدا على اإلسالم ، فكان حباجة إىل تعلم اجلددالقرآن وأحكام الشرع ، ولذلك كان جل وقتهم بني تدارس للقرآن ،

، عن )١( ))أو من يوكل إليه ذلك eتعلم له ، يقوم بذلك الرسول أو ((: ال أنه ق tعمرو بن أوس ، عن أبيه اهللا ول س ر د ن ع ود ع ق ا ل ن eإ ة ف الص يف

ا ن ر ك ذ ي ا و ن ي ل ع ص ق ي و ه ((: قال t، وعن عقبة بن عامر )٢( )) و اهللا ول س ر ج ر خe ال ق ، ف ة ف الص يف ن حن : و و ي ل ك و د غ ي ن أ ب حي م ك ي أ ان ح ط ب ىل إ )٣(م يق ق ع ال ىل إ و ، أ

ا )٤( ن ل ق ؟ ف م ح ر ع ط ق ال و م ث إ ري غ يف ن ي او م و ك ني ت اق ن ب ه ن م ي ت أ ي : ، ف اهللا ول س ا ر ! ي ب حن ال ، ق ك ل أ : ذ م ل ع ي ف د ج س امل ىل إ م ك د ح و أ د غ ي ال ف أ ه ل ري خ ل ج و ز ع اهللا اب ت ك ن م ني ت آي أ ر ق ي و

اإل ن م ن ه اد د ع أ ن م ع ، و ب ر أ ن م ه ل ري خ ع ب ر أ ، و ث ال ث ن م ه ل ري خ ث ال ث ، و ني ت اق ن ن )٥( )) بل م.

العبادة ، والزهد ، ومالزمة وبذلك يتبين أن الصفة مكان للتربية ، و يبالنe وكان أبو هريرة . ، والقرب منهt ؛ فةن طال مكثه يف الصمم

جاء إىل املدينة يف وقت متأخر يف العام ((رغبة منه ال اضطرارا ، ويروى أنه

. ١٨١، ص ، مرجع سابق السرية النبوية تربية أمة وبناء دولة: صاحل أمحد الشامي )١( . ٨ ، ص ٤، ج ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل )٢( .واد باملدينة )٣(، ١، ج هـ ١٣٩٧ ، ، بريوت ، دار صادر معجم البلدان: ياقوت احلموي : انظر

. ٤٤٦ص .واد باملدينة )٤( . ١٣٩، ص ٤املرجع السابق ، ج : انظر ، باب تعلم القرآن ، رقم ، مرجع سابق خمتصر صحيح مسلم: زكي الدين املنذري )٥(

. ٦٣٢، ص ) ٢١٠٣ (

Page 81: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيعوض ما فاته من eالسابع بعد فتح خيرب ، وأحب أن يالزم الرسول ، ومعرفة e؛ حرصا منه على مساع أكرب قدر ممكن من حديثه الوقت

أحواله ، وتربكا خبدمته ، وهذا ال يتوفر له إال إذا كان قريبا من بيت يبالن e ن له ذلكفة هي املكان الوحيد الذي يؤم١( ))، فكانت الص( ،

يبنه النوقد عيe ف )٢(عريفاة من القاطنني ومن نزهلا من ملن سكن الص يبالطارقني ، فكان النe م ؛ عهد إىل أيب هريرةإذا أراد دعوt

. )٣( ))فدعاهم ؛ ملعرفته م ومبنازهلم ومراتبهم يف العبادة وااهدة إن عظم التربية ، وكمال البناء الذي حظي به أهل الصفة على يد

يبالن e كان له ن فةتائج باهرة ، ومثرات يانعة ، فكان من أهل الص tاحملدثون ، وااهدون ، ومن اشتهر بالعبادة والزهد ، فهذا أبو هريرة

أكثر الصحابة رواية للحديث ، وهذا حذيفة بن اليمان صاحب أحاديث االفنت ، وهذا حنظلة غسيل املالئكة استشهد بأحد ، وهذا عبد

دين استشهد بتبوك ، وغريهم من النماذج الذين جاء ذكرهم يف البجا ذو فة٤(أهل الص( .

حقوق (( ومن آثار التربية النبوية عليهم ؛ تلك الروح اجلماعية اليت جعلت tهريرة األخوة وآداا حتكم عالقام ببعضهم البعض ، وقد حكى أبو

. ١٨٣، ص ، مرجع سابق السرية النبوية تربية أمة وبناء دولة: صاحل أمحد الشامي )١(، ، مرجع سابق املعجم الوسيط. ( أي أقامه ليعرف من فيهم من صاحل وطاحل : عريفا )٢(

) . ٥٩٥ص ، مرجع اتمع املدين يف عهد النبوة ، خصائصه وتنظيماته األوىل: أكرم ضياء العمري )٣(

. ٩١، ص سابق . ٩٧ـ ٩٦املرجع السابق ، ص )٤(

Page 82: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لى أكل التمر وأكل أحدهم مترتني معا قال أنهم كانوا إذا اجتمعوا ع . )١( ))؛ لئال ينال من التمر أكثر منهم ) إني قد قرنت فأقرنوا : ( ألصحابه

التعلم اجلماعي جزء من التربية اجلماعية ، وجانب من جوانبها ، وقد

يبحث النe له وفعله ، واألدلة على ذلك كثرية ، منها عليه بقو: بينما هو جالسe ما روي عن أبي واقد الليثي ؛ أن رسول الله ـ

ول اللهسإلى ر انل اثنفر ، فأقبل ثالثة نإذ أقب ، هعم اسالنو جدسي المفe و بذهقال و ، داح : ول اللهسلى رقفا عفوe أىا فرمهدا أح؛ فأم

فرجة في الحلقة فجلس فيها ، وأما اآلخر فجلس خلفهم ، وأما الثالث ول اللهسغ را فرا ، فلمبذاه ربفأدe ا أال ((: قال م ؟ أ ة ث ال الث ر ف الن ن ع م ك رب خ أ

ا اآلخ م أ ، و ه ن م ا اهللا ي ح ت اس ا ف ي ح ت اس ف ر ا اآلخ م أ ، و اهللا اه آو ف اهللا ىل ى إ و أ ف م ه د ح أ ض ر ع أ ف ر ه ن ع اهللا ض ر ع أ . )٢( )) ف

العلم والذكر ، وجلوس العامل ويف احلديث فضل مالزمة حلق (( . )٣( ))واملذكر يف املسجد

((: e ا قال رسول: قال tوما روي عن أيب هريرة ـ ع م ت ا اج م و م ه ي ل ع ت ل ز ن ال ؛ إ م ه ن ي ب ه ون س ار د ت ي و اهللا اب ت ك ون ل ت ، ي اهللا وت ي ب ن م ت ي ب يف م و ، ق ة ين ك الس

. ٩٩املرجع السابق ، ص )١()٢( د بن إمساعيل البخاري١، كتاب العلم ، ج ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ٢٤ص ، ، مصر ، دار مصر فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )٣(

. ٢٣١، ص ١ ج

Page 83: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ه د ن ع ن يم ف اهللا م ه ر ك ذ ، و ة ك ئ ال امل م ه ت ف ح ، و ة مح الر م ه ت ي ش غ . )١( )) وويف هذا احلديث استحباب تالوة القرآن ومدارسته بشكل مجاعي ، وكلمة مدارسة على وزن مفاعلة توحي بأن اتمعني حيدث بينهم تفاعل ،

.ويرسخه رد ، وتداول لألفكار ، وذلك مما ينمي الفهم وأخذ و يبعلى طلب العلم بشكل مجاعي ، ما روي أن الن ومن باب احلضe

كالهما على خري ، وأحدهما أفضل من صاحبه ((: مر مبجلسني يف مسجده ، فقال ا هؤالء : ؛ أم ا ويرغبون إليه ، فإن شاء أعطاهم Uفيدعون اهللا ، وإن شاء منعهم ، وأم

ا ، فجلس : هؤالء م ا بعثت معل من مون اجلاهل ؛ فهم أفضل ، وإ مون الفقه والعلم ويعل فيتعليتبين يف هذا احلديث أن جملس العلم أفضل من غريه من . )٢( )) معهم

.الغري االس ؛ وذلك ملا حيصل فيه من رفع اجلهل عن النفس وعن علم اجلماعي يتيح للفرد أن يسأل عن ما يشكل عليه ، كما يتيح إن الت

له أن حياور ويناقش ، وباحلوار تنضج األفكار ، وتزكو األفهام ، وهذا حيتاج إىل قدرة يف التعامل مع الرأي املخالف ، وهي مهارة تكتسب من

.باآلخرين االحتكاك

عمل اجلماعي هو مثرة من مثرات التربية اجلماعية ، فمن ذلك أن اليترب يف مجاعة يصعب عليه العمل معها ؛ ألن العمل مع اجلماعة يتطلب مل

، باب االجتماع على ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ٥٦٤، ص ) ١٨٨٨( ، رقم اوة كتاب تال)٢( وسف بن عبد الربام ، جامع بيان العلم وفضله: يهـ ١٤١٤دار ابن اجلوزي ، ، الدم

. ٢٢٣، ص ) ٢٤٢( ، رقم

Page 84: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.من الفرد أن يكتسب مهارات متكنه من العمل والتعايش مع اجلماعة يبة اليت كان النة حافلة باألعمال اجلماعيبوية النوالسن e عيشج

: فيها ، واألمثلة على ذلك كثرية منهاأصحابه عليها ، ورمبا شاركهم بنفسه

ال شك أن العمل اجلماعي هو أحد السبل لنجاح اهلجرة النبوية ، فقد قدراته تضافرت اجلهود ، ووزعت األدوار بني األشخاص كل حسب

:ومواهبه فعليt يبينام على فراش النe ويتخلف مبكة ، عمية على العدوللت

t، والصديق e ا ألداء الودائع واألمانات اليت كانت عند رسولينقل هلما األخبار وما يدور مبكة ايرافقه يف اهلجرة وخيدمه ، وابنه عبد

عنهما ـ تأتيهما من انت أيب بكر ـ رضي إذا حل الظالم ، وأمساء بالطعام مبا يصلحهما يف كل مساء ، وعامر بن فهرية يرعى غنمه اره ، مث

. )١( tيرحيها عليهما إذا أمسى بأمر من أيب بكر األسباب والوسائل املادية اليت يهتدي إليها eلقد استخدم الرسول وليس ذلك بسبب اخلوف على نفسه ، . العمل العقل البشري يف مثل هذا

أو شك يف إمكان وقوعه يف قبضة املشركني ؛ وإنما هذا تشريع لألمة . )١( ))ليتأسى الناس به ، فيأخذوا باألسباب يف كل أعماهلم

، هـ ١٤١٠ط ، بريوت ، دار الفكر ، .، د فقه السرية: حممد سعيد البوطي )١(

. ١٧٩، ١٧٨ ص، الرياض ، مركز امللك السرية النبوية يف ضوء املصادر األصلية: ه أمحد مهدي رزق الل )١(

Page 85: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

از هذه املهمة يف بد من إجن وبعد أن استقر الرأي حبفر اخلندق كان ال

أسرع وقت ممكن ، وكانت مهمة صعبة تتطلب العمل اجلماعي الدءوب ، يبم النفقد قسe اهدين من املهاجرين واألنصار ومن ((العمل بنيا

معهم من سائر املسلمني ، فجعل على كل عشرة منهم جزءا منه ، وكانوا عن ساعد اجلد يف العمل مع e ا يتنافسون يف العمل ، ومشر رسول

وجزيل إحسانه ، اأصحابه ليتأسوا به ، وينشطوا وهم راغبون يف ثواب . )١( ))وعظيم فضله

((: قال tروى البخاري عن الرباء بن عازب يب الن ان eك اب الرت ل ق ن ي رب اغ و أ ه ن ط ب ر م غ أ ىت ح ق د ن اخل م و ي ه ن ط . )٢( )) ...ب

! فقط ، حقا إنها مدة قصرية )٣(ولقد استغرقت مدة احلفر ستة أيام أوال ، والعمل اأجنز فيها عمل عظيم ، ما كان له أن ينجز لوال معونة

.اجلماعي ثانيا إن العمل اجلماعي مطلب ملح ، ومشروع رائد ، له مثرات عدة ،

. ٢٩٠، ص هـ ١٤١٢فيصل ،

، ٢، ط منهج ورسالة حبث وحتقيق eحممد رسول الله : حممد الصادق عرجون )١( . ١٤٨، ص هـ ١٤١٥دمشق ، دار القلم ،

)٢( د بن إمساعيل البخاريباب غزوة اخلندق ، ، مرجع سابق صحيح البخاري :حمم ، . ٧٨٠، ص ) ٤١٠٤( رقم

، مرجع منهج ورسالة حبث وحتقيق eحممد رسول الله : حممد الصادق عرجون )٣( . ١٥٣، ص سابق

Page 86: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: منها )) ة اليت حث عليها القرآن الكرميعاون واجلماعيه حيقق صفة التأن

.والسنة النبوية تظهر عدم اصطباغ العمل بصبغة األفراد ؛ ذلك أن العمل الفردي

بد أن فيه بصمات صاحبه واضحة ، فضعفه يف جانب من اجلوانب ال .ينعكس على العمل

ر اقتناعات االستقرار بتغيفيتغي ا العمل الفرديللعمل ، أم سيبر الن .األفراد ، ويتغير بذهاب قائد وجميء آخر

ة املتاحةاالستفادة من كافة الطاقات والقدرات البشري. ياتسي هو العمل الذي يتناسب مع حتداملؤس العمل اجلماعي

ذين يواجهون الدين يواجهونه من خالل عمل الواقع اليوم ؛ فاألعداء ال . )١( ))مؤسسي مجاعي

¡```

، الرياض ، دار تربية الشباب ؛ األهداف والوسائل: حممد بن عبد الله الدويش )١(

. ١٩٢، ١٩١، ص هـ ١٤٢٣، الوطن

Page 87: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن املتأمل تربية السلف واملربني املسلمني ، وتعليمهم طلبتهم ؛ جيد أنها د به ما نقل من ال تتم غالبا إال بشكل مجاعي ، وذلك أمر شائع ، يشه

.أخبارهم وسيرهم وليس اال هنا جمال حصر وتقص ألمر قد بلغ مداه ، ولكن الباحث يذكر بعض الشواهد من أقواهلم وآرائهم ، ومناذج من تربيتهم ،، وذلك

:على النحو التايل

وىل علماء السلف واملربون املسلمون جانب التربية اجلماعية اهتماما أ .بالغا ؛ برز من خالل أقواهلم التربوية ، وممارسام العملية

وقد جاءت أقواهلم تارة حتث عل االجتماع باإلخوان ، وحتذر من العالم مع التفرق عنهم ، وتارة تذكر اآلداب اليت جيب أن يتحلى ا

، وتارة تصرح بالتربية اجلماعية وأمهيتها يف بناء شخصية الفرد بناء طلبته :وهذه بعض الشواهد من أقواهلم وآرائهم يف ذلك . متكامال

عليك بإخوان الصدق ، فعش يف ((: tقال عمر بن اخلطاب

. )١( )) ؛ فإنهم زين يف الرخاء ، وعدة يف البالءأكنافهم

، ت.ط ، بريوت ، دار الكتب العلمية ، د.، د إحياء علوم الدين: أبو حامد الغزايل )١( . ١٨٦، ص ٢ ج

Page 88: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( )) آخ اإلخوان على قدر التقوى ((: tوقال أيضا كدر اجلماعة خري من صفو ((: tوقال علي بن أيب طالب

. )٢( )) الفرقة . )٣( )) التارك لإلخوان متروك ((: tوقال املغرية بن شعبة اصحب أهل التقوى ؛ ((: جل طلب منه الوصية وقال داود الطائي لر

. )٤( )) فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مئونة ، وأكثرهم لك معونةولعلك أخي القارئ تالحظ أن تلك األقوال واآلراء مل تصرح بالتربية اجلماعية على وجه اخلصوص ، وإنما كانت تتحدث عن أمهية اتخاذ

ال أنها تدل على وعي الصحابة والسلف الصاحل ، ومعرفتهم اإلخوان ، إبأمهية لزوم الصاحلني ، واجللوس معهم يف حلق العلم ، ومدارستهم القرآن

.والسنة ، وترك االنعزال والتفرد عنهم

ب اليت ينبغي أن يتحلى ا العامل مع طلبته ، فقد وأما ما يتعلق باآلدا

٥٥ ، ص ١ج ، ، مرجع سابق حلية األولياء وطبقات األصفياء: أبو نعيم األصفهاين )١(

. ، هـ ١٤٢٠لرياض ، دار الوطن ، ، ا األمثال واحلكم: علي بن حممد املاوردي )٢(

. ١٨٥ ص، eموسوعة نضرة النعيم يف مكارم أخالق الرسول الكرمي : صاحل بن محيد وآخرون )٣(

. ١٠٢٥، ص ٣، ج هـ ١٤٢٦، جدة ، دار الوسيلة ، ٤ط ، ٧، ج ، مرجع سابق حلية األولياء وطبقات األصفياء: أبو نعيم األصفهاين )٤(

. ٣٤٦ ص

Page 89: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ضرب علماء السلف واملربون املسلمون أروع األمثلة يف ذلك ، :على ذلك كثرية منها والشواهدتذكرة السامع ( ما ذكره اإلمام بدر الدين بن مجاعة يف كتابه ـ

لة من اآلداب اليت جيب أن ، فقد ذكر مج) واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم يتحلى ا العامل مع طلبته ، وذلك دليل على أن العامل مل يكن يلقي الدرس على طالبه مث ينصرف ، بل كان يتمثل دور املربي واملوجه هلم ، فهو يعاون

وإذا غاب بعض ((الطلبة ، ويتلمس حاجام ، ويقوم على مصاحلهم ، زمي احللقة زائدا عن العادة ؛ سأل عنه وعن أحواله ، فإن مل الطلبة أو مال

خيرب عنه بشيء ؛ أرسل إليه ، أو قصد مرتله بنفسه ـ وهو أفضل ـ فإن كان مريضا عاده ، وإن كان يف غم خفض عنه ، وإن كان مسافرا تفقد

. )١( ))أهله ، وتغرض حلوائجهم ، ووصلهم مبا أمكن وينبغي ((: ما هو أبعد من ذلك ، قال ابن مجاعة وقد يصل األمر إىل

للمعلم أن يعتين مبصاحل الطالب ، ويعامله مبا يعامل به أعز أوالده ؛ من احلنو ، والشفقة عليه ، واإلحسان إليه ، والصرب على جفاء رمبا وقع منه نقص ال يكاد خيلو اإلنسان منه ، وسوء أدب يف بعض األحيان ، ويبسط عذره حبسب اإلمكان ، ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه ؛ بنصح

، ال بتعنيف وتعسف ؛ قاصدا بذلك حسن تربيته ، وحتسني وتلطفإىل غري ذلك من تلك الوصايا العجيبة اليت تدل على فقه أولئك )٢( )) خلقه

ط ، لبنان ، .، د تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم: بدر الدين بن مجاعة )١(

. ٧٢، ٧١، ص م ٢٠٠٤بيت األفكار الدولية ، . ٦٤ـ ٦٣املرجع السابق ، ص )٢(

Page 90: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.العلماء وحسن تربيتهم لطالم

منهج ( وأما ما يتعلق بذكر التربية اجلماعية وأمهيتها ما جاء يف كتاب لألستاذ حممد قطب ، فقد قال يف معرض حديثه عن ) التربية اإلسالمية

املخلوق البشري ، حيث إنه يتكون من شعبتني يف آن واحد ؛ شعبة من أجل ذلك ال ميكن أن ((: بد أن تعمال معا اعية ، وال، وشعبة مج فردية

يتربى اإلنسان تربية حقيقية متكاملة إال يف مجاعة ؛ ألن هناك جوانب من النفس البشرية ال تنضج وال تعمل إال يف داخل مجاعة فيها أفراد آخرون غري

. )١( ))ذات اإلنسان ب أن أثر التربية اجلماعية ال يقتصر على املتربي ويرى األستاذ حممد قط

ال يستطيع أن يعرف طبيعة ((وحده ، ولكنه يشمل املربي أيضا ؛ وذلك أنه الشخص الذي يربيه حتى يوجده يف مجاعة ، ويرقب طريقة تصرفه إزاءها ،

. )٢( ))مث يقوم ما حيتاج يف نفسه إىل تقومي ملتأمل هذه األقوال يتبين له أن التربية اجلماعية ليست رد تثبيت إن ا

الفرد على دينه ، وحفظه من كيد الشيطان ومكره ، وإنما تسهم يف بناء . كاحلاجة لالجتماع باآلخرين ، واحلاجة لالنتماءشخصيته وتلبية حاجاته ؛

إن الناظر يف سير العلماء واملربني املسلمني ، واملتأمل يف أقواهلم وآرائهم

. ٣٨، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( . ٤٠املرجع السابق ، ص )٢(

Page 91: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التربوية ؛ يلحظ أن تلك األقوال واآلراء ـ غالبا ـ مل تكن يف معزل عن ن يلقي التطبيق واملمارسة العملية ؛ إذ مل يكن من شأن عامل من العلماء أ

درسه مث يعتزل إىل مرتله حتى حيني موعد الدرس القادم ، بل كان العامل يتمثل القدوة لطالبه ، وذلك يف جمالستهم ، ومشاورم ، وذيب طباعهم ، وتزكية نفوسهم ، مما جعل تلك الرعاية تنشئ جيال فذا يتمثل مست العامل

.ومنهجه تنوا بتربية وذيب طالم ؛ الصحايب اجلليل ، ومن العلماء الذين اع

، وكما e؛ الذي حظي بتربية حممد tبن مسعود اواملريب الفذ عبد يتجلى يف ذلك اجليل الذي eأن واحدا من جوانب عظمة سيدنا حممد

ة ، ومن األدل tفإن من نواحي عظمة شخصية ابن مسعود ((رباه وبناه ، على مكانته الفذة ؛ ذلك اجليل الذي صنعه على عينه ، ورباه على مائدته ،

، فقد كانوا يقولون بقوله ، ويتحلون بسمته ، وكان )١( ))وسقاه من حبره .هلم الفضل يف نشر علمه ومذهبه بعد موته يف مجيع األمصار

ه ، بفضل تواضع tولقد استطاع الصحايب اجلليل معاذ بن جبل إذ كانوا ((وطيب معشره ، وحسن مسته ، أن يكسب حمبة وإجالل طالبه ؛

حيبونه حمبة شديدة ، حتى إن بعضهم تعلق به وأحبه أول ما رآه ، فثمة جوانب متعددة يف شخصيته كانت جتذب تالميذه إليه ، وجتعلهم يودونه

. )٢( ))هلهم وأوطام ويالزمونه حضرا وسفرا ، ويهجرون من أجله أ

، )عميد محلة القرآن وكبري فقهاء اإلسالم ( عبد الله بن مسعود : عبد الستار الشيخ )١(

. ٢٨٧، ص هـ ١٤٠٢دمشق ، دار القلم ، ، ٢، ط )إمام العلماء ومعلم الناس اخلري ( معاذ بن جبل : عبد احلميد حممود طهماز )٢(

Page 92: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل ((: قال ابن قيم اجلوزية والصدق باحملل الذي ال خيفى ، وال يعرف يف أصحابه متهم وال كذاب

جمروح ، بل أصحابه من أفاضل املسلمني وخيارهم ، وال يشك أهل والأن معاذ بن جبل مل يعش طويال بعد ، مع )١( ))العلم بالنقل يف ذلك

. )٢( ))إذ توفي بعده بثماين سنوات ((، eالرسول إن أي عامل ال يهتم بتربية طالبه ، وال يبذل اجلهد يف ذيبهم ورعايتهم ، ال يلبث أن ينفض عنه طالبه ، فيبقى علمه حبيس صدره حتى

لذلك كان علماء ((ن تأليفه وتصنيفه ؛ يدفن معه يف قربه ، إال ما كان مالسلف الناصحون هللا ودينه يلقون شبك االجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به يف حيام ومن بعدهم ، ولو مل يكن للعامل إال طالب واحد ينتفع الناس

. )٣( ))تعاىل ابعلمه وعمله وهديه وإرشاده ؛ لكفاه ذلك الطالب عند ن العلماء الذين مارسوا التربية اجلماعية مع طالم وأتباعهم ؛ شيخ وم

إن كل من ((: اإلسالم ابن تيمية ، يقول الشيخ عبد الرمحن عبد اخلالق يدرس بإمعان سرية شيخ اإلسالم ابن تيمية سيجد أنه كان قائد مجاعة تلتزم

در عن رأيه ، وتعيش معه سراءه وضراءه ، بأمره ، وتعمل مبشورته ، وتص

. ٩١ـ ٩٠، ص هـ ١٤٠٨، دمشق ، دار القلم ، هـ ١٤٢٧، الرياض ، دار طيبة ، إعالم املوقعني عن رب العاملني: ابن قيم اجلوزية )١(

. ٢٠٢، ص ١ج ، مرجع )إمام العلماء ومعلم الناس اخلري ( معاذ بن جبل : عبد احلميد حممود طهماز )٢(

. ٩٠، ص سابق، ، مرجع سابق تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم: عة بدر الدين ابن مجا )٣(

. ٧٢ص

Page 93: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( ))وتتواصل معه بكل أنواع الصالت وكانت تربية شيخ اإلسالم لطالبه وأفراد مجاعته ممتدة حتى وهو خلف قضبان السجن ، إذ كانت رسائله وتوجيهاته تصل إليهم بني الفينة

ن يرسل ا إىل واألخرى ، وهذه بعض املقتطفات من رسائله اليت كا : طالبه

كتب شيخ اإلسالم وهو يف سجن اإلسكندرية رسالة إىل طالبه وأفراد أعظم قدرا وأكثر ) يعين السجن ( وأنا يف هذا املكان ((: مجاعته يقول فيها

فأنا أحب هلم !! عددا ما ال ميكن حصره ، وأكثر ما ينقص علي اجلماعة . )٢( ))ور والنعيم ما تقر به أعينهم أن ينالوا من اللذة والسرواملقصود إخبار ((: ـ قائال جلماعته ا رمحه ويسترسل الشيخ ـ

يف اعلينا فوق ما كانت بكثري كثري ، وحنن حبمد ااجلماعة بأن نعم وإن مل يكن خدمة اجلماعة باللقاء ، فأنا داع هلم بالليل ازيادة من نعم

ـ تعاىل ـ يف ار قياما ببعض الواجب من حقهم ، وتقربا إىل والنها . )٣( ))... معاملته فيهم

: وقد وجه إىل بعض طالبه ، وخاصة إخوانه رسالة اعتذار يقول فيها تعلمون أيضا أن ما جيري من نوع تغليظ أو ختشني على بعض األصحاب ((

م ، مجعية إحياء .، د شيخ اإلسالم ابن تيمية والعمل اجلماعي: عبد الرمحن عبد اخلالق )١(

. ٩، ص هـ ١٤١٠التراث اإلسالمي ، . ١٠املرجع السابق ، ص )٢( . ١٠ق ، ص املرجع الساب )٣(

Page 94: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ة في اإلسالم : مكانة للتربیة الجماعیـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صاحبه ، وال حصل بسبب واإلخوان فليس ذلك غضاضة وال نقص ا يف حقذلك تغير منا ، وال بغض ، بل هو بعدما عومل به من التغليظ والتخشني أرفع قدرا وأنبه ذكرا ، وأحب وأعظم ، وإنما هذه األمور هي من مصاحل

. )١( ))ا بعضهم بعض ااملؤمنني اليت يصلح الق على تلك املقتطفات من رسائله ويعقب الشيخ عبد الرمحن عبد اخل

ـ كان ا رمحه فهل يظن ظان أن شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ ((: بقوله . )٢( ))جمرد عامل يلقي درسا وميضي ، حاشا وكال

وكان تالميذ شيخ اإلسالم إذا ضاقت م السبل ، وادهلمت عليهم ـ يف سجنه اابن تيمية رمحه اخلطوب ذهبوا لزيارة مربيهم وشيخهم ـ

وكنا إذا اشتد بنا ((: ـ ايقول أحد تالميذه ـ ابن القيم رمحه . اخلوف ، وساءت بنا الظنون ، وضاقت بنا األرض ؛ أتيناه ، فما هو إال أن نراه ، ونسمع كالمه ؛ فيذهب عنا ذلك كله ، وينقلب انشراحا وقوة

وفتح هلم ! فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه . ينة ويقينا وطمأنفأتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم ! أبواا يف دار العمل

. )٣( ))لطلبها ، واملسابقة عليها ¡```

. ١٢املرجع السابق ، ص )١( . ١٢املرجع السابق ، ص )٢(، مكة املكرمة ، اجلامع لسرية شيخ اإلسالم ابن تيمية: حممد عزير مشس وعلي عمران )٣(

. ٤٨٢، ٤٨١، ص هـ ١٤٢٠دار عامل الفوائد ،

Page 95: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ: يلي من فوائد التربية اجلماعية ما

ال يستطيع اإلنسان أن يكتشف ما تنطوي عليه شخصيته من صفات ذميمة كاحلسد والضغينة إال إذا تربى يف مجاعة ، وعايش أفرادها ، ورأى

سرعة الفهم وقوة احلفظ ، مث تبصر يف نفسه ؛ هل تنقبض امن أعطاه وتتمنى زوال النعمة عن أولئك ، أم إنها تنشرح وتسر بذلك ؟ وهل يكون ممن يسرع إليه الغضب إذا وقعت عليه جهالة ، أم إنه ممن يكبح مجاح نفسه ويلجمها الصرب ؟ وكذلك لو صادف أحد إخوانه ضائقة أو فاقة ؛ ينظر إىل

ي ؟وتعطنفسه ؛ هل تشح وتبخل ، أم إا جتود وبذلك تعد التربية اجلماعية حقال جتريبيا ، يطلع الفرد من خالله على ما يف شخصيته من قصور وضعف ؛ فيعمل على ذيب نفسه وتنقيتها من

ساببت رجال فعيرته بأمه ، : بالربذة قال tفعن أيب ذر . ذلك باستمرار الن يفقال لبي e :)) ة ي ل اه ج يك ف ؤ ر ام ك ن ؟ إ ه م أ ب ه ت ري ع أ ر ا ذ ب ا أ يقول . )١( )) ي

من اإلميان يف الذروة tمع أن مرتلة أيب ذر ((: ـ ا رمحه ابن حجر ـ . )٢( ))العالية ، وإنما وبخه بذلك ؛ حتذيرا له عن معاودة مثل ذلك

، دار املؤيد ، الطبعة الثانية ، ، الرياض خمتصر صحيح البخاري: أمحد الزبيدي )١(

. ١٨، ص ) ٢٨( ، رقم هـ ١٤٢٣، ١ ، ج ، مرجع سابق فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )٢(

. ١٢٨ص

Page 96: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

احلديث يتبين فضل اجلماعة ، وأمهية العيش معها يف كشف خبايا يف هذا فهذا أبو ذر. النفس وما تنطوي عليه من أمور قد ختفى على الشخص نفسه

يتعجب من وقوعه يف شيء من أمور اجلاهلية مع سالف السبق والصحبة ، لة الذميمةدعاه بعد ذلك إىل تنقية نفسه من تلك اخلص، ما e الرسول

عن السبب يف ((فكان يساوي غالمه بنفسه يف امللبوس وغريه ، وملا سئل إلباسه غالمه نظري لبسه ؛ ألنه خالف املألوف ، فأجاب حبكاية القصة اليت

.، والقصة هي حديثه اآلنف الذكر )١( ))كانت سببا لذلك مكانته يف العلم أن لذلك جيب على كل إنسان مهما علت مرتلته و

يتفقد نفسه وينقيها من الصفات الذميمة اليت ال تظهر غالبا إال مبخالطة .اجلماعة

وال يقتصر دور اجلماعة يف الكشف عن الصفات الذميمة فحسب ، فتارة متارس أمامه ((ولكنها تساعد الشخص يف التخلص من تلك الصفات

ة ، والنموذج األمثل ؛ ليقتدي ويتأسى ، وتارة تستخدم الصورة الصحيحالنصيحة بشروطها وآداا ، وتارة تلجئه إىل العتاب واللوم ، أو التوبيخ

. )٢( ))والتقريع ، وتارة تستخدم اهلجر والقطيعة ألمد معين

ذلك أن كثريا من اخلربات التربوية ال تتم يف كيان فرد مبفرده ؛ ألنها ((مبنية على التعامل مع الغري ، فهي بطبيعتها أمور مجاعية ؛ حتتاج إىل الوجود

. ١٢٩املرجع السابق ، ص )١( هـ ١٤١٨قني ، ، املنصورة ، دار الي توجيهات نبوية على الطريق: السيد حممد نوح )٢(

. ١٢٣، ص

Page 97: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يف مجاعة ، والتعامل مع هذه اجلماعة ، وإال فإنها تصبح أمورا نظرية وتبدو . )١( ))! وختيب حني تصطدم بالواقع رصيد هلا من الواقع ، ال

الدهشة على األستاذ حممد قطب من شاب يريد حتصيل تلك اخلربات كيف يتدرب الشاب ((: التربوية من غري أن خيالط اجلماعة وذلك بقوله

على األخوة إذا مل ميارس األخوة مبشاعرها احلقيقية مع األخوة الذين ه هذا الرباط ؟ كيف يتدرب على التعاون إذا مل يقم ذا التعاون يربطهم ب

بالفعل مع أفراد آخرين ؟ كيف يتعود أن يؤثر على نفسه إن مل يكن هناك . )٢( ))إال نفسه ؟

وبذلك يتبين أنه ال جمال أرحب وأوسع يكتسب فيه املسلم اخلربات .ويتعلم التجارب سوى اجلماعة

قد تضعف النفس ، ويقل نشاطها أحيانا فيصيبها شيء من الفتور والتراخي ، لكن املسلم حني يلتقي بإخوانه ويرى شدة خشوعهم ، وكثرة

.إقباهلم على ربهم ، يزداد مهة ونشاطا للعمل واالجتهاد فيه أتقى الناس وأقرم لله تعاىل يزداد طاعة إذا وهو e ا فهذا رسول

((: عنهما ـ قال ا، فعن ابن عباس ـ رضي uلقيه جربيل ان كول س ر eاهللا ني ح ان ض م ر يف ون ك ا ي م د و ج أ ان ك ، و اس الن د و ج أ يل رب ج ان ك ، و يل رب ج اه ق ل ي

، بتصرف ٢٨٧، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١(

.يسري . ٢٨٧املرجع السابق ، ص )٢(

Page 98: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ل ك يف اه ق ل ي اهللا ول س ر ل ، ف آن ر ق ال ه ارس د ي ف ان ض م ر ن م ة ل ي eل ن م ري اخل ب د و ج أ يل رب ج اه ق ل ي ني ح لة س ر يح امل . )١( )) الر

ومنها زيادة ((: قال النووي ـ عند ذكره لفوائد هذا احلديث ـ . )٢( ))وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم اجلود واخلري عند مالقاة الصاحلني ،

الصاحلون زين يف الرخاء ، وعدة يف البالء ، من لزمهم وصرب نفسه معهم أمن على نفسه الفتنة والتحول ، ومن انفرد عنهم كان عرضة

بلزومهم وصرب النفس eلرب ـ سبحانه ـ نبيه للشيطان ؛ ولذلك أمر ا {: معهم ، وحذره من إيثار غريهم بقوله يف سورة الكهف

{ )٣( .

{: ويقول صاحب الظالل يف تفسري قوله تعاىل { )واصي تذكري وتشجيع ، وإشعار با ((، )٤لقرىب يف اهلدف والت

والغاية ، واألخوة والعبء واألمانة ، فهو مضاعفة موع االتجاهات تتضاعف بإحساس كل حارس للحق . الفردية ؛ إذ تتفاعل معا فتتضاعف

أجود e، باب كان النيب ، مرجع سابق خمتصر صحيح مسلم: زكي الدين املنذري )١(

. ٤٧٤، ص ) ١٥٨٥ (الناس باخلري ، رقم ، بريوت ، دار املعرفة ، املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج: حميي الدين النووي )٢(

. ٦٩، ص ) ١٥/١٦( ، رقم هـ ١٤١٤ ) . ٢٨( سورة الكهف ، آية )٣( ) . ٣( سورة العصر ، آية )٤(

Page 99: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقوم إال يف وهذا الدين ال.. أن معه غريه يوصيه ويشجعه ويقف معه بد للثبات وال. )١( ))هذا املثال ىمتواصية متضامنة علحراسة مجاعة متعاونة

على احلق على احلق من الصرب والتواصي به بني املسلمني ، وال يتحقق الثبات ((: ـ ارمحه قطب ـ بني اإلخوان إال بالتواصي بالصرب ، يقول سيد

اهلدف ، والتواصي بالصرب يضاعف املقدرة ، مبا يبعثه من إحساس بوحدة إىل .. ووحدة املتجه ، وتساند اجلميع ، وتزودهم باحلب والعزم واإلصرار

آخر ما يثريه من معاين اجلماعة اليت ال تعيش حقيقة اإلسالم إال يف جوها ، . )٢( ))وإال فهو اخلسران والضياع .. وال تربز إال من خالهلا

إن ترك اجلماعة ، ودوام التفرد سبيل للوقوع يف مكر الشيطان

. U، ال سيما إذا كان التفرد يف غري ذكر هللا وكيدهومن أراد أن حيصن نفسه وحيفظها من الشيطان فعليه أن يربي نفسه مع مجاعة ؛ تسأل عنه إن غاب ، وتعلمه إن جهل ، وتعوده إن مرض ،

عاية واحلفظ وحتوطه بالر. يبوقد حذر النe د وترك اجلماعة ، قالمن التفرe :)) م ك ي ل ع

اد ر أ ن م د ع ب أ ني ن االث ن م و ه و د اح و ال ع م ان ط ي الش ن إ ف ة ق ر ف ال و م اك ي إ ، و ة اع م اجل ب ة وح ب حبا م اجل م ز ل ي ل ف ة ن ة اجل . )٣( )) ع

. ٣٩٦٨، ص ٦، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )١( . ٣٩٦٨املرجع السابق ، ص )٢( . ٣١سبق خترجيه ص )٣(

Page 100: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يبن النكما بيe ة اجتماع املسلم بإخوانه املسلمني ، واختالطهأمهيا ((: eمعهم يف ثباته على احلق ، وعدم استحواذ الشيطان عليه ، فقال م

ل ع ذ و ح ت اس د ق ال إ ة ال الص م يه ف ام ق ت ال و د ب ال و ة ي ر ق يف ة ث ال ث ن م م ك ي ل ع ؛ ف ان ط ي الش م ه ية ي اص ق ال ب ئ الذ ل ك أ ا ي من إ ؛ ف ة اع م اجل . )١( )) ب

ذلك أن املسلم الذي يفضل االنعزال والتفرد عن إخوانه يعتريه اليأس

طويلة ، وال أنيس وال معني ، فما عساه والقنوط ، ويرى أن الطريق شاقة وأن يصنع يف زمن جتبر فيه الطغاة ، وعم فيه الباطل ، وانتشرت فيه الفواحش واملنكرات ، فيدب فيه اليأس والقنوط ، ويقعد عن العمل وعن

وله مجاعة يتربى معهم ويتقوى من االتغيري ، أما إذا كان يعمل لدين بأنه ليس وحيدا يف ((نه يستطيع دفع اليأس والقنوط عنه خالهلم ، فإ

، وإنما هناك آخرون غريه يسريون معه يف نفس الطريق ، وهكذا امليدان . )٢( ))آت ال حمالة اتبث اجلماعة يف نفس املسلم الثقة واألمل بأن نصر

بد أن تعمل يف إن كل إنسان حيوي غرائز واتجاهات وأحاسيس ال

ذات اإلنسان ويف وقت واحد ، مع عدم طغيان واحد منها على حساب : اآلخر ؛ وذلك حلصول التوازن والتكامل املطلوب يف الشخصية ، فمثال

{: يقول تعاىل احلب والبغض يعمالن لدى املسلم يف وقت واحد ،

. ١٩٨ ، ص ٥، ج ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل )١( . ١٢٩، ص ، مرجع سابق توجيهات نبوية على الطريق: السيد حممد نوح )٢(

Page 101: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: مكانة للتربیة الجماعیـة في اإلسالم ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ )وكذلك الثقة )١ ،الوضع الطبيعي ، بد أن تكون بقدر معين ، فلو زادت عن بالنفس ال

وف وجاوزت االعتدال ؛ كان الغرور والكرب ، ولو نقصت ؛ كان اخل .والتردد ، وكذلك سائر الغرائز األخرى املوجودة يف النفس اإلنسانية

وتعد اجلماعة احلقل الوحيد الذي يوظف سائر طاقات املسلم ، ((ويعمل كل الغرائز بدرجات متساوية ، ومتوازنة يف نفس الوقت ، األمر

املتكاملة ، اخلالية من أي الذي يؤدي إىل تكوين الشخصية السوية املتزنة . )٢( ))انفصام أو عوج

مت يف هذا الفصل دراسة مكانة التربية اجلماعية يف القرآن الكرمي ، ويف

وختم . السنة النبوية املطهرة ، وعند علماء السلف ، واملربني املسلمني .بذكر بعض فوائدها اجلمة

ين من خالل ذلك ما حظيت به تلك التربية من مكانة عالية ، وقد تب .ومرتلة رفيعة تدعو الباحثني ملزيد من التقصي واالستنباط

، eوسنة رسوله اوال ميكن أن حتظى تربية بتلك املكانة من كتاب . ها وباهتمام سلف األمة إال وهلا أركان وركائز تعتمد عليها ، وحتدد مالحم

:وهذا ما سيتحدث عنه البحث يف فصله التايل ¡```

) . ٢٩( سورة الفتح ، آية )١( . ١٢٦، ص ، مرجع سابق الطريقتوجيهات نبوية على : السيد حممد نوح )٢(

Page 102: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 103: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

:ترتكز التربية اجلماعية على مخسة أركان أساسية .، املربي ، املتربني ، املنهجية ، األسلوب ) املنهج ( املادة

هذه هي األركان اليت ال تقوم التربية اجلماعية إال ا ، وال يتحقق النجاح إال بتسديدها ، فكلما كان الصواب والنجاح فيها ، كانت النتائج

.أعظم فائدة ، وأطيب مثارا عدة املربي على حتقيق النمو السوي وتسعى هذه األركان إىل مسا

املتكامل يف مجيع جوانب شخصيته اإلميانية والعقلية واجلسمية ، والنفسية ، واالجتماعية ، حبيث يصبح عضوا متكامل النمو ، وقادرا على خدمة

.جمتمعه واملسامهة يف تنميته ، املتربني ، املنهجية ، أما املربي: وسيبحث هذا الفصل ثالثة أركان

فلها مقام آخر ، وإن كانت بعض معاملها وجوانبها سترد ) املنهج ( املادة ، أما األسلوب ) املتربني ( يف ثنايا البحث ، وخباصة عند احلديث عن

. )١( افسيفرد له فصل آخر بإذن

¡```

. ١٣٧الفصل اخلامس ، ص )١(

Page 104: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كن املهمي هو الرربية ، ومقامه مقام املربواحملور األساس يف أركان الت ،بالغ األمهية ، فهو ينوب عن األنبياء يف تبليغ أعظم رسالة يف الوجود ، من أعظم مرسل هلا ، ألعظم أمر وجد له اإلنسان ، فكيف ال يكون شأنه ن عظيما ، ومكانته رفيعة ، وهو يقوم مبهنة صعبة وشاقة ، إا إعداد لإلنسا

.ذلك الكيان املعقد يف تركيبه وبنائه ، وتقلب مزاجه إن من يتعامل مع غري اإلنسان يتعامل مع آلة صماء ، أو حتى كائن ((

؛ حي ميكن السيطرة عليه وترويضه ، أما التعامل مع اإلنسان فهو أمر عسريك فال ميكن وال يسوغ إنه التعامل مع الند والقرين ، فإذا كانت التربية كذل

أن تتاح لكل إنسان ، بل وليس محل املفاهيم الصحيحة ، واخللفية العلمية ، والقدرة على احلديث واحلوار ، ليس ذلك وحده كاف يف أن يتأهل

. )١( ))الشخص للتربية لذلك جيب على الشخص الذي يتصدى للتربية أن يتحلى بصفات

فات منها ما هو مكتسب خمصوصة ، ويتجمل مبيزات حممودة ، وهذه الص، ومنها ما هو فطري ميكن صقله واستثماره ؛ وذلك إلحداث التفاعل

وبدون التفاعل يفقد املربي صفته التربوية ((واالنسجام بينه وبني املتربني إىل اإلنسانية ، ويتحول إىل موظف رمسي ال فرق بينه وبني من جيلس

، هـ ١٤٢٠، الرياض ، دار طيبة ، مقاالت يف التربية: حممد بن عبد الله الدويش )١(

. ٩ ص

Page 105: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طاولته للتعامل مع األوراق واملعامالت اليومية ، وال فرق بينه وبني املهندس . )١( ))الذي يتعامل ـ يف موضوعاته ـ مع املباين والطرق واآلليات

ومن هنا تربز أمهية حترير الصفات والسمات اليت حيتاج إليها املربي ليبين .ومثمرة عالقة تفاعلية

بل الشروع يف احلديث عن أهم صفات املربي الفعال ، ينبغي التنبه وقإىل أنه من املناسب حتديد منوذج معتدل للمربي ؛ وذلك للوصول إىل حتديد أمثل هلذه الصفات ، ولالبتعاد عن املغاالة أو التساهل أيضا ؛ ألن هناك

:املربية اجتاهني يف انتقاء الشخصيات يقوم على املبالغة يف حتديد الصفات اخلاصة باملربي ، (( :التجاه األول ا

ولزوم حتققها فيه مبستويات عالية ، فتغلب عليه املثالية يف تصور حال ، حبيث ينتهي األمر عند مطابقة هذه املواصفات واقعيا إىل أنه يكاد املربي

، )٢( ))، وإنما هو العبث وسد اخلانات أال يكون هناك تربية وال مربون .واإلحباط وذلك يقود لليأس يقوم على التساهل يف صفات املربي ؛ حبيث تتسع (( :االتجاه الثاني

الدائرة لتشمل أعدادا كبرية ال ميثل االنتقاء معها مشكلة ، ودافع ذلك ا وانفتاحها دون اعتبار االتجاه تغليب احتياجات الدعوة وتبعات انتشاره

. )٣( ))حقيقي حلال املنتقي

، الرياض ، دار السالم ، ٢، ط علم النفس الدعوي: عبد العزيز حممد النغيمشي )١(

. ٢٥٣، ص هـ ١٤٢٤ ١٤٣، لندن ، العدد البيان، ))صفات املربي دراسة حتليلية ((: أمحد فهمي )٢(

. ٣٦، ص )هـ ١٤٢٠ رجب ( . ١٣٢املرجع السابق ، ص )٣(

Page 106: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكال االتجاهني ال يصلح أن يكون معيارا الصطفاء املربني ؛ لذا كان :لزاما حتديد منوذج معتدل للمربي الفعال ، يتوفر فيه أمران

.صفات أساسية هي لوازم عمل املربي حتديدا :األول ق هذه الصفات يف املربي مبستوى معين ـ خيتلف أن تتحق :الثاني

الذي يضمن )١( ))باختالف الظروف والبيئة الدعوية ـ ميثل احلد األدىن .إحداث التفاعل التربوي املطلوب بني املربي والطرف اآلخر

تبارك وتعاىل ، وال ميكن ا اإلسالم إعداد للمرء لعبودية إن التربية يفحتقق ذلك إال بالعلم الشرعي الذي مينع من االنزالق أو الوقوع يف وسائل

.مينعها الشرع والعلم الشرعي الذي يراد من املربي ال يعين بالضرورة بلوغ الغاية

ون عاملا متخصصا يف فن من فنونه ، لكن واملنتهى يف حتصيله ، وال أن يكأن يأخذ من كل باب من أبواب العلم وفنونه قدرا ال بأس به ، وذلك مبا يعطيه القدرة على البحث واالطالع ، واإلعداد للموضوعات الشرعية ، وما يكون وسيلة لإلقناع واحلوار واجلدال باليت هي أحسن ، ويبقى بعد

ملزيد من التحصيل العلمي ؛ ألن توقف املربي عن الطلب ذلك التطلع .والرضى مبا معه منه هو مبثابة موت بطيء

وإذا كانت صفة العلم مما يشترط للمربي ، فإن اتصافه بذلك مقترن

. ١٣٣املرجع السابق ، ص )١(

Page 107: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باستمراره يف املراجعة والطلب ، فإذا توقف كان إىل اجلهل أقرب ، قال ال يزال الرجل عاملا ما تعلم ، فإذا ترك ((: ـ ا هرمح سعيد بن جبري ـ

. )١( )) العلم وظن أنه قد استغىن واكتفى مبا عنده فهو أجهل ما يكون

هو ذلك النور وتلك اجلاذبية اليت تصدر عن املؤمن مع صالح باطنه ه وعلى كالمه ، واملربي إن ، فينعكس ذلك على جوارح U اوقربه من

كان كذلك فهو للمتربني مبثابة السراج املضيء الذي ميدهم بالنور . والطاقة

وعمق اإلميان وحتققه ال يكون بالكالم ، أو التكلف والتحلي الزائف ، والتقرب إليه سبحانه ، Uبل ليس له إال طريق واحد هو اإلخالص هللا

ربي من ربه ؛ اقتربت منه قلوب من يربيهم ، وإن ابتعد عن فإذا اقترب امل .ربه ابتعدت عنه القلوب

إن أعظم زاد يتزود به املربي ؛ زاد التقوى واإلميان ، فبهذا الزاد يتحقق للمربي كثري من املعاين والصفات اإلميانية اليت يكون هلا أبلغ األثر يف اال

.وي كصفة العدل مثال التربفاملربي يف كثري من األحيان ميارس التربية يف جو مجاعي ، وقد ((

يتعامل مع أفراد يف مستوى واحد ؛ فيكون سلوكه مع األفراد حتت جمهر فإذا ميز بني فرد وفرد ، أو بني أخ .. املتربني وأمام عيوم يزنونه وزنا

، ع سابق، مرج تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم: بدر الدين ابن مجاعة )١(

. ٤٤ص

Page 108: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جيه ؛ سقط يف سلم التفاعل درجة ، دون مربر واضح وو ... وأخيه . )١( ))درجات ، وفقد االنسجام مع املتربني حبسب التوسع يف اجلور أو

ومن الصفات اإلميانية التربوية صفة األمانة ، بأن يكون املربي صادقا وأمينا يف تعامله مع تالميذه ، ومسة األمانة ضرورية لبناء العالقات فإذا

املتربي مربيه على سره ، وأفضى إليه ببعض أحواله ؛ حتقق التفاعل ائتمن . املطلوب

أما إذا كان املربي متقلبا ال حيفظ سرا ، وال يرعى عهدا ؛ فإنه ال ميكن .أن يستأمن ، وال يستحق أن يفضى إليه بشيء

خصية املربي ، صفة ومن تلك الصفات اإلميانية اليت جيب حتققها يف شالرمحة ، ونعين عطف املربي وشفقته على املتربني ، وإحساسه حباجام

.ومشكالم والرمحة تعين املشاركة الوجدانية واإلحساس بالطرف اآلخر ، وبذلك

.يتحقق التفاعل التربوي بني املربي واملتربي .اليت يطول ذكرها هاهنا إىل غري ذلك من الصفات اإلميانية

بأن يتصف املربي باملعرفة باملسائل اليت تقع خارج إطار ختصصه ، وباالطالع الواسع يف ااالت االجتماعية واألدبية والسياسية ، وباحلرص

.على متابعة األحداث واألحوال ، خصوصا ما يدور يف واقعه القريب

. ٢٩٣، ص ، مرجع سابق علم النفس الدعوي: عبد العزيز حممد النغيمشي )١(

Page 109: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يبلقد كان النe على اطالع مبا يدور حوله ، وعلى معرفة واسعةوإليك هذا املوقف ؛ روي . باألماكن والبلدان ، وطبائع القبائل وعادام

يبأن النe لو خرجتم إىل ((: ملا رأى ما أصاب أصحابه من البالء ، قال هلمظلم عند ا ال ي فيها ملك ن لكم أرض احلبشة ؛ فإ جيعل اهللا ه أحد ، وهي أرض صدق ، حىت

ا أنتم فيه ا مم . )١( )) فرج يبقل كانت صعبة ، إال أن ثقافة النصال والنفمع أن وسائل االتe

جتاوزت حدود اجلزيرة ، فهو جيد حال وخمرجا ألصحابه مما جيدونه من .وحمنة بالء

ى ااالت فوائد كثرية ، منها ما ذكره شيخ وللثقافة الواسعة يف شتففي اإلدمان على معرفة ((: ، قال اإلسالم ابن تيمية ، فقد ذكر كالما نفيسا

ذلك ؛ تعتاد النفس العلم الصحيح ، والقضايا الصحيحة الصادقة ، والقياس . )٢( ))املستقيم ؛ فيكون يف ذلك تصحيح الذهن واإلدراك

ا زيادة قدرة املربي على التحدث واحلوار ؛ فاملربي يتعامل مع ومنه .بكفاءة عقول خمتلفة ، وثقافات متنوعة حيتاج إىل التواصل معها

ظروف املتربني ((ومن فوائد الثقافة وسعة االطالع ؛ أن يفهم املربي القا من فهمه ألحوال املختلفة ؛ اجتماعيا ، واقتصاديا ، وثقافيا ، وذلك انط

اتمع الذي يعيشون فيه ، واليت متثل اخللفية الدافعة للكثري من أقواهلم

ط ، الكويت ، دار البحوث العلمية ، .، د ذيب سرية ابن هشام: عبد السالم هارون )١(

. ٨١، ص ت.دلرياض ، مطابع الرياض ، ، ا جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية: ابن تيمية )٢(

. ١٢٨، ص ٩، ج هـ ١٣٨١

Page 110: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( )) وتصرفاموهذا يبين مدى االرتباط الوثيق بني ثقافة املربي وسعة اطالعه ، وبني

ال ترتبط فقط بتفوق التربية الفعالة ((فاعليته يف أداء مهمته التربوية ؛ ألن املربي يف ميدان ختصصه ومهنته ، بل ترتبط أيضا باتساع اهتماماته ومعلوماته ، ومبتابعته املستمرة الواسعة لشؤون الناس واتمع واألمة ، وكلما كان حظه يف هذا أوسع ؛ كان إىل االتصال بالناس أقرب ، وإىل

. )٢( ))التأثري فيهم أبلغ

القيادة موهبة تصقلها التجارب ، وتزيدها مضاء ، ولكنها ال توجدها حيث ال تكون ، وهي صفة ال ميلكها كل الناس ، فاحلاكم يسوق الناس بعصاه ، أما املربي فما مل يكن قائدا ، قادرا على القيادة واإلقناع ، فلن

؛ ألن التربية ليست إصدارا لألوامر فحسب ، إنما يستطيع تربية الناس .ينبغي أن يكون لدى املربي القدرة على جعل املتربي ينفذ تلك األوامر

من يعجز عن القيادة ال يصلح للتربية ، ((: يقول األستاذ حممد قطب . )٣( ))ولو كان يف ذاته شخصا طيبا مشتمال على كل مجيل من اخلصال

مجيع أنبيائه ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصالة وأمت اوقد وهب

١٤٣، مرجع سابق ، العدد البيان، ))صفات املربي دراسة حتليلية ((: أمحد فهمي )١( . ٣٦، ص )هـ ١٤٢٠ رجب (

. ٢٨٦، ص ، مرجع سابق علم النفس الدعوي: عبد العزيز حممد النغيمشي )٢( . ١٦٤، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٣(

Page 111: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التسليم ـ القدرة على القيادة ؛ وذلك ألن املهمة اليت بعثوا من أجلها هي .، وهي مهمة تتطلب القدرة على القيادة U باتربية الناس على اإلميان

نة على صقل تلك املوهبة ، عن أيب مث هيأ هلم مجيعا الوسائل املعي ((: قال e، عن النيبt هريرة م ن غ ى ال ع ر ال ا إ ي ب ن اهللا ث ع ا ب . م ه اب ح أص ال ق : ف

ال ق ؟ ف ت ن أ ة : و ك م ل ه أل يط ار ر لى ق ا ع اه ع ر أ ت ن ، ك م ع ، ومعلوم أن رعي )١( )) ن .لب املقدرة على القيادة ، ويعترب ميدانا من ميادين التدرب عليها الغنم يتط

فالتربية عملية مستمرة ، ال يكفي فيها توجيه عابر مهما كان خملصا ((

ومهما كان صوابا يف ذاته ، إنما حيتاج األمر إىل املتابعة والتوجيه ٢( )) املستمر( .

لشخص الذي ال جيد يف نفسه الطاقة على املتابعة والتوجيه املستمر وا ((وليس معىن . شخص ال يصلح للتربية ولو كان فيه كل مجيل من اخلصال

فاملربي ! فذلك ينفر وال يربي ! التوجيه املستمر هو احملاسبة على كل هفوة عن اهلفوة وهو كاره هلا ؛ ألنه احلكيم يتغاضى أحيانا أو كثريا ما يتغاضى

. )٣( )) يدرك أن استمرار التنبيه إليها قد يحدث رد فعل مضاد يف نفس املتلقي يبع لسرية النإن املتتبe فقد ألصحابه منه دائم املتابعة والتجيد أن

، باب رعي الغنم على قراريط ، مرجع سابق خمتصر صحيح البخاري: أمحد الزبيدي )١(

. ٢٨٠، ص ) ١٠٥٥( ، رقم . ٤٦، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٢( . ٤٧ص املرجع السابق ، )٣(

Page 112: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشواهد على ذلك النواحي اإلميانية واالجتماعية والنفسية واالقتصادية ، و: قال tمتابعتهم يف األعمال الصاحلة ، عن أيب هريرة : كثرية ، منها

((: e ا رسول قال ر ك و ب ب أ ال ا ؟ ق م ائ ص م و ي ال م ك ن م ح ب ص أ ن : tم ال ا ، ق ن : أر ك و ب ب أ ال ؟ ق ة از ن ج م و ي ال م ك ن م ع ب ت ن م : t ف ال ا ، ق ن ا ؟ : أ ين ك س م م و ي ال م ك ن م م ع أط ن م ف

ر ك و ب ب أ ال : tق ال ا ، ق ن : أ ر ك و ب ب أ ال ا ؟ ق يض ر م م و ي ال م ك ن م اد ع ن م : tف ول س ر ال ق ا ف ن أ : eاهللا ن اجل ل خ د ال ئ إ ر ام يف ن ع م ت ا اج . )١( )) ة م

ألصحابه يف النواحي االجتماعية eومن الشواهد على متابعته ((: قال tواألسرية ما روي أن سهل بن سعد اهللا ول س ر اء eج ة م اط ف ت ي ب

ال ق ، ف ت ي ب ال ا يف ي ل ع د جي م ل : ف ت ال ؟ ق ك م ع ن اب ن ي : أ ين ي ب ان ك ج ر خ ف ين ب اض غ ف ء ي ش ه ن ي ب وي د ن ع ل ق ي م ل . ف اهللا ول س ر ال ق ان eف س ن : إل ال ق ف اء ج ؟ ف و ه ن ي أ ر ظ : ان و ه اهللا ول س ا ر ي

د اق ر د ج س امل يف اهللا ول س ر اء ج e، ف د ر ط ق س د ق ع ج ط ض م و ه ؛ و ه ق ش ن ع ه اؤ اهللا ول س ر ل ع ج ، ف اب ر ت ه اب ص أ eو ول ق ي ، و ه ن ع ه ح س : مي اب ر ا ت ب أ م ق اب ر ا ت ب أ م )٢( )) ، ق

. يبواهد اليت تدل على متابعة النوغريها من الشe ألصحابه

.أحواهلم وتفقد

إن أي عمل مهما دق حجمه ال خيضع للتقومي املستمر ، فسيكون

، باب مجع الصدقة وأعمال ، مرجع سابق خمتصر صحيح مسلم: زكي الدين املنذري )١( . ١٦٩، ص ) ٥٤٣ (الرب ، رقم

، باب نوم الرجال يف املسجد ، ، مرجع سابق خمتصر صحيح البخاري: أمحد الزبيدي )٢( . ٨٦، ص ) ٢٧٨( رقم

Page 113: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فما بالك بالعمل التربوي الذي هو بناء لشخصية ! عمال ضعيفا هزيال .اإلنسان ؟ تلك الشخصية اليت تتغير بني احلني واآلخر

ة ؛ فعليه أن يقوز والفاعليميي يطمح للتني وبشكل وإذا كان املربم املتربمستمر لكي يعطي كل فرد ما يناسبه ، ويقوم املنهج والربامج ؛ وذلك لقياس مدى مالءمتها أفراد اموعة ، والشواهد على ذلك كثرية يف السنة

يقوم أصحابه ، ومن مث يوكل إليهم من eالنبوية ، فقد كان الرسول ؛ ملا )١(لزيد بن ثابت أن يتعلم السريانية eالعمل ما يناسبهم ، كأمره

e ا ملا رأى رسول: علمه من فرط ذكائه وسرعة حفظه ، ومن ذلك ((: ما بأيب ذر من ضعف ؛ نصحه أن ال يقترب من اإلمارة ، وقال ر ا ذ ب ا أ ي

ة ان م ا أ ه ن إ ، و يف ع ض ك ن . )٢( )) ...إما رواه الترمذي عن : ألصحابه eد على تقومي النيب ومن الشواه

يبالنe ه قالأن :)) ر م ع اهللا ر م أ يف م ه د ش أ ، و ر ك و ب ب أ يت م أ ب يت م أ م ح ر أ م ه ق د أص ، و ب ع ك ن ب ي ب أ اهللا اب ت ك ل م ه ؤ ر ق أ ، و ان م ث ع اء ي ح ل ال احل ب م ه م ل ع أ ، و ت اب ث ن ب د ي ز م ه ض ر ف أ ، و

ة د ي ب و ع ب أ ة م األ ه ذ ه ني م أ ن إ ا ، و ين م أ ة م أ ل ك ل ن إ و ال ، أ ل ب ج ن ب اذ ع م ام ر احل اح و ر اجل ن )) ب)١( .

، ) ٢١٥١٠( ، مسند زيد بن ثابت ، رقم سابق، مرجع املسند: أمحد بن حنبل )١(

. ٤٠ ص، باب كراهية طلب ، مرجع سابق خمتصر صحيح مسلم: زكي الدين املنذري )٢(

. ٣٦٧، ص ) ١٢٠٣ (، رقم اإلمارة)١( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيكتاب املناقب ، ، مرجع سابق سنن الت ،

. ٨٥٦، ص ) ٣٧٩٢ ( رقم

Page 114: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابه ، ووظفها يف خدمة قدرات أصح eكيف قوم النيب : انظر . اإلسالم

والتقومي الذي حيتاجه املربي هنا هو التقومي العلمي املوضوعي الذي ((ينطلق من أسس حمددة موضوعية ، ال االنطباع الشخصي جتاه عمل أو فرد

. )١( ))ما

ريع التغير ، مضطربا ، أو يعاين فال يكون املربي متقلب املزاج ، س ((من حدة انفعاالت أو سوء ظن ، وحساسية مفرطة ، فضال عن كونه غري

٢( ))مصاب مبرض نفسي( . انظر أيها املربي إىل نفسك إذا أمل بك هم أو حزن لوقت معين ، إنك

الدقة ال تفكر بطريقة جيدة ، ورمبا صدرت منك أقوال بعيدة كل البعد عن ومطابقة الواقع ، فالقرارات املتخذة يف حال االنفعال تكون جمانبة للصواب غالبا

. إن املتربي حباجة إىل أن يتعامل مع إنسان مستقر ، أما حني ال يكون مربيه كذلك ؛ فلن حيصل التفاعل املطلوب ، وسيكون اجلو بني املربي

.لق واملتربي أقرب إىل اخلوف والق

إن هذا الكون وكل ما فيه قائم على االعتدال واالتزان ، وإن اإلفراط

. ٨ ، ص ، مرجع سابق مقاالت يف التربية: حممد بن عبد الله الدويش )١( . ٢٠املرجع السابق ، ص )٢(

Page 115: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والتفريط أمران ممقوتان حتى لو كانا بدافع االستزادة من اخلري ، وقد مثاال لالعتدال واالتزان يف شؤونه كلها ، وكان ينهى أصحابه عن e كان

يف أمور الدين ، ويأمرهم بإعطاء كل ذي حق حقه ، وإذا الغلو واملبالغةكان األمر يتعلق بشأن أحد املربني والدعاة الذين يقوم بإعدادهم ، وذلك لبعثهم إىل بعض األمصار للقيام مبهمات تربوية دعوية ، فإن النهي عن

tد ، عن جابر التشديد وعدم الترفق بالناس يف حقه يكون أعنف وأش، ثم يأتي فيؤم قومه ، فصلى ليلة معe كان معاذ يصلي مع النبي : قال

بيالنe فرحفان ، ةقرالب ةوربس حتفافت ، مهفأم همى قوأت اء ، ثمشالع ثم ، لمل فسجر فقالوا له ، فرصانو هدحلى وا فالن ؟ : صي افقتأن

eفألخبرنه ، فأتى رسول اللهe ال والله ، وآلتين رسول الله : قال، وإن معاذا إنا أصحاب نواضح ؛ نعمل بالنهار ! يا رسول الله : فقال

ول اللهسل رفأقب ، ةقرالب ةوربس حتى فافتأت اء ، ثمشالع كعلى مصe ؟ ((: على معاذ فقال ت ن أ ان ت ف أ اذ ع ا م ا! ي ذ ك ب أ ر اق ا ، و ذ ك ب أ ر وقد بعثه . )١( )) اق

يبالنe ا فيما بعيا ومربد ألهل اليمن داعي. وبعض الناس حيمل شخصية متطرفة ، فتجد أحكامه تدور بني املدح

. والذم ، واملبالغة أحيانا ، واحلسم والقطع يف األمور اليت حتتمل الرأي اآلخر : )١(ومن آثار فقدان االعتدال واالتزان لدى المربي

فة لدىف يف أن يغرس هذه الصوالتطر يهم على الغلوطالبه ؛ فريب

، باب القراءة يف العشاء ، مرجع سابق خمتصر صحيح مسلم: زكي الدين املنذري )١( . ٩٨، ص ) ٢٨٩ (، رقم اآلخرة

) .باختصار ( ٢٤ ، ص ، مرجع سابق التربية مقاالت يف: حممد بن عبد الله الدويش )١(

Page 116: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.التفكري واآلراء واملواقف فات طالبه ؛ فيقف منهازن مع تصرعامل املتعدم القدرة على الت

.موقف املتشنج ، وتزداد مساحة ردة الفعل يف تعامله مع أخطائهم

يكون املربي شخصية مهيئة للتربية من مجيع اجلوانب ، وميلك كل قد مجيل من الصفات ، لكنه ما مل يتزود باخلربة الكافية يف اال التربوي الذي سيعمل فيه فلن يكون فاعال وال مؤثرا ؛ ألن العمل التربوي يعتمد بالدرجة

اليت يكتسب الفرد من خالهلا املهارات األوىل على املمارسة العملية، وال يستوي املربي املعد واملزود باخلربات واملعلومات واملربي املطلوبة

.الذي يرجتل أعماله لذلك عين القرآن بتزويد الدعاة واملربني بالتوجيهات واخلربات ((

عوة ، وطبائع املدعوة ، وبيان طبيعة الدربويعامل معهمالتات التين ، وكيفي ،وحتديد الغايات وأنواع األعمال والربامج للوصول إليها ؛ كل ذلك إلكساب

. )١( )) املربني اخلربة والدراية يف جمال االتصال والدعوة ، والفقه فيها يبل يف سرية النوكذلك املتأمe هب أصحابه ، ((جيد أنكان يدر

، ربات والتوجيهات الالزمة ، واملعلومات ، ويصحح أخطاءهمويزودهم باخلكل ذلك بطريقة علمية توجيهية ، ومبواقف عملية تطبيقية ، حتى خترج من مدرسته علماء ذوو خربة تربوية نادرة ، أتقنوا التفاعل واالتصال ، وجنحوا

. ٢٨١، ص ، مرجع سابق علم النفس الدعوي: عبد العزيز حممد النغيمشي )١(

Page 117: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( )) يف كسب األفراد واجلماعات ، وإدخاهلم يف اإلسالم

وذلك لتحديد ميوله وإمكاناته ، وما يصلح له من العمل ، وملعرفة التغير . مستوى التعامل الذي يراعي مشاعره وقدراتهيف مستوى املتربي ، ولتحديد

ودته أحرى ، وكلما كان املربي باملتربي أعرف كان إليه أقرب ، ومب .بينما جهل املربي باملتربي يبعث الوحشة والنفرة بينهما

يبوقد كان النe يهمفهو يعرف أمساءهم ، ((ذا معرفة واسعة مبن يرب. وبعض خصائصهم ، ويعرف مستويام االقتصادية واالجتماعية والثقافية

ين ، أمبني وهذا فيما يتعلق باألبعدين واملستجدن حوله ، واملقرا أصحابه مممنه فيعرف كل شيء عنهم تقريبا ؛ حاجام واستكفاءهم ، مرضهم وصحتهم ، سفرهم وإقامتهم ، ويعرف مستويام اإلميانية والعلمية والعقلية

. )٢( ))والنفسية ، ويكلف كال منهم وفق خصائصه وقدراته لبيان تلك املعرفة الواسعة eرسول وإليك شاهد واحد من أحاديث ال

من أسعد الناس ! يا رسول الله : قلت : أنه قال tعن أبي هريرة ول اللهس؟ قال ر ةاميالق موي كتفاعبشe :)) ين ل أ س ي ال ن أ ة ر ي ر ا ه ب ا أ ي ت ن ن ظ د ق ل

ن ع م و ي يت اع ف ش ب اس الن د ع س ، أ يث د لى احل ع ك ص ر ح ن م ت ي أ ا ر ؛ مل ك ن م ل و أ د ح أ يث د ا احل ذ ه ال ق ن م ة ام ي ق ه : ال س ف ن و ، أ ه ب ل ق ن ا م ص ال خ اهللا ال إ ه ل إ . )١( )) ال

. ٢٨١املرجع السابق ، ص )١( . ٢٨٦املرجع السابق ، ص )٢(ث ، ، باب احلرص على احلدي ، مرجع سابق خمتصر صحيح البخاري: أمحد الزبيدي )١(

Page 118: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ي يف إن التا يعطى للمتربا عابرربية ليست حماضرة تلقى ، وال توجيه

.حلظة ، ولكنها عمل مستمر ، وجهد دءوب يستغرق األوقات واألعمار بد أن ميلك القدرة على العطاء ومن مث فالذي يتولى هذه املهمة ال

ربية ، إنما فمجرد أن يكون لديه ما يعطيه ليس كافيا يف شؤون الت ((احلسن ينبغي أن يعطيه بطريقة حسنة كذلك ، وإال ضاع األثر املطلوب ،

{: انقلب إىل الضد حني يعطي املربي ما عنده بطريقة منفرة أو { )٢( )) )١( .

ي يف استخدام األساليب ويشتمل العطاء احلسن على مهارة املربوالقدرة على استخدام املقدمات والتمهيد للفكرة وغريها من األساليب اليت

بطريقة عفوية نابعة من ((تنتقل عن طريقها املعلومات واخلربات إىل املتربي ذات البيئة التربوية وظروفها ، وبأسلوب غري مباشر وال مملول ، وبذلك

.بناء عالقة أوثق ، وتفاعل تربوي أعمق يستطيع املربيأما إذا كان مباشرا يف النصح والتوجيه والتعليم فإنه يفتقد التفاعل بقدر

. )١( ))هذه املباشرة جيد أنه أحيانا يقوم بالتوجيه والتعليم eإن املتأمل سرية نبينا حممد

. ٣٥، ص ) ٨٥( رقم

) . ١٥٩( سورة آل عمران ، آية )١( . ٤٥، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٢( . ٢٨٩، ص ، مرجع سابق علم النفس الدعوي: عبد العزيز حممد النغيمشي )١(

Page 119: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

؛ ))ما بال أقوام ((ون ختصيص ، وبأسلوب مستثمرا أحداثا معينة لكن دفيحصل التنبيه دون جرح ملشاعر أحد ، وليستفيد اجلميع ، عن أم املؤمنني

((: عنها ـ قالت اعائشة ـ رضي يب الن ان eك مل ء ي الش ل ج الر ن ع ه غ ل ا ب ذ إ ل ق ن : ي ال ف ال ا ب م ن ك ل ؟ و ول ق ي ول ق ا ؟: ي ذ ك ا و ذ ك ون ول ق ي ام و ق أ ال ا ب . )١( )) م

وهو السؤال احملير ، ومنه حديث ابن عمر ـ رضي : وأحيانا بالتلغيز ول: عنهما ـ قال اسقال ر ا e :)) ا ه ق ر و ط ق س ي ال ة ر ج ش ر ج الش ن م ن ، إ

ل س امل ل ث ا م ه ن إ ي و اد و ب ال ر ج ش يف اس الن ع ق و ؟ ف ي ا ه ي م ون ث د ح ، ف . م د ب ع ال ق : اهللاوا ال ق م ـ ث ـ لصغر سين ت ي ي ح ت اس ، ف ة ل خ ا الن ه ن ي أ س ف ن يف ع ق و ؟ : و اهللا ول س ا ر ي ي ا ه ا م ن ث د ح

ال لة : ق خ الن ي . )٢( )) هواملقصود أن جيتهد املربي يف تنوع األساليب إليصال املعلومات واخلربات للمتربي ، وذلك إلجياد جو من االنسجام والتفاعل ، وبناء عالقة

ة خارج اإلطار الرمسيقوي.

واملقصود بذلك أن يكون هناك عناية حبسن اخلطاب واحلوار ستماع ، وغري ذلك من املهارات التواصلية ؛ ألن التربية عملية تفاعلية واال

بني طرفني ـ املربي واملتربي ـ فإذا كانت من طرف واحد ؛ فإن ذلك .يشبه التعامل مع آلة صماء ال حياة فيها

)١( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيجل ، مرجع سابق سنن التباب ما جاء يف الر ،

. ٤٧٩، ص ) ٢١٢٤ (يتصدق أو يعتق عند املوت ، رقم ، اجلبيل ، ٢، ط صحيح األدب املفرد لإلمام البخاري: حممد ناصر الدين األلباين )٢(

. ١٤٤، ص ) ٣٦٠( ، رقم هـ ١٤١٧مكتبة الريس ،

Page 120: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ه إن على املربي أن جيتهد لتحصيل مهارة االتصال ؛ ألن ذلك يتيح لحسن التعامل مع املتربني ، وجيعله أقدر لبناء عالقة تفاعلية معهم ؛ مما خيلق

.جوا من االنسجام وتبادل اخلربات واآلراء عند اتصاله بأصحابه ، eوقد كان هذا واضحا يف طريقة الرسول

فهو حسن االستماع ، حسن اخلطاب واحلوار ، وإليك شاهد من حسن .ديث وإن طال مع عدم إظهار التململ أو املقاطعة استماعه للح

عنها ـ ا الذي ترويه عائشة ـ رضي )١(حديث أم زرع حكاية عن إحدى عشرة امرأة ، تعاهدن وتعاقدن أن ال e ا لرسول

عنها ـ ايكتمن من أخبار أزواجهن شيئا ، فما زالت عائشة ـ رضي يستمع إليها بإنصات ، وهذا وربي eلنيب مسترسلة يف سرد حكايتها ، وا

.حسن االستماع أما الشاهد على فن احلوار واإلقناع فيؤخذ من حديث ذلك الشاب

يبالذي قال للنe :)) ول اللهسا ري ! هليع مل القوا ، فأقبني بالزائذن ل : eه ، فقال مه م: فزجروه ، قالوا ه ن ، فجلس: ، قال ، فدنا منه قريبااد

؟: قال ك م أل ه ب حت ال ال: ال والله ، جعلني الله فداءك ، قال : قال أ و ه ون ب حي اس ن، م ه ات ه م ؟: قال أل ك ت ن الب ه ب ح ت ف ال والله يا رسول الله ، جعلني الله : قال أ

،: فداءك ، قال م ه ات ن ب ل ه ون ب حي اس ال الن : قال و ب ح ت ف أ ك ت خ أل ال والله ، : قال ؟ ه : جعلني الله فداءك ، قال م ه ات و خ أل ه ون ب حي اس ال الن ؟: قال ، و ك ت م ع ل ه ب ح ت ف أ

، باب حديث أم زرع ، ، مرجع سابق صحيح مسلمخمتصر : زكي الدين املنذري )١(

. ٥٠٠، ص ) ١٦٦٩( رقم

Page 121: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

،: اءك ، قال ال والله ، جعلني الله فد: قال م ه ات م ع ل ه ون ب حي اس ال الن : قال و ؟ ك ت ال خل ه ب ح ت ف : ال والله ، جعلني الله فداءك ، قال : قال أ ه ون ب حي اس ال الن و

، م ه االت ا: فوضع يده عليه وقال : قال خل م ه الل ن ص ح ، و ه ب ل ق ر ه ط ، و ه ب ن ذ ر ف غ ه ج ر . )١( )) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ، ف

عنها ائشة ـ رضي وأما الشاهد على حسن اخلطاب ؛ ما روته عا ((ـ يب الن ن eأ اه ص ح أل اد ع ال ه د ع و ا ل يث د ح ث د حي ان . )٢( )) ك

إن شريعة اإلسالم ميسرة ، وتسعى لتحقيق راحة اإلنسان وسعادته . )٣( } {: ومصلحته ، قال تعاىل

والشدة الزائدة تنفر املتربي ، ومتنع تأثره وتأسيه باملربي ، وقد كان مرنا يف تعامله مع كافة أصحابه على اختالف طبائعهم eالرسول

تار بين أمرين إال اخe أنه ما خير رسول اللهe وبلدام ، وقد صح عنه . )١(أيسرهما ما لم يكن إثما

، بل ومما جيدر التنبيه إليه أن املرونة ال تعين مطلق التساهل أو اإلفراط .جيب أن تكون منضبطة بضوابط الشرع ، وحماطة بسياجه

. ٢٣٧ ، ص) ٢٢١١٢( ، رقم ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل )١()٢( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، يبباب صفة الن ،e ،

. ٦٨٢، ص ) ٣٠٦٧( رقم ) . ١٨٥( آية سورة البقرة ، )٣()١( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، يبباب قول الن ،e :

. ١١٨١، ص ) ٦١٢٦( يسروا وال تعسروا ، رقم

Page 122: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ي واملتربة يف وهو أن تنشأ بني املربة واحملبي رابطة األخومل ((، فإذا ا

يشعر املتلقي أن مربيه حيبه وحيب له اخلري فلن يقبل على التلقي منه ، ولو أيقن أن عنده اخلري كله بل لو أيقن أنه لن جيد اخلري إال عنده ؛ وأي خري

بغري حب ١( ))ميكن أن يتم( . املربي الغلظة والفظاظة ، أو العزلة واالنزواء ؛ وإذا كان من طبيعة

فاألفضل له أن يتجه إىل مهنة أخرى غري التربية ؛ ألن تلك الصفات تعوق .بناء العالقات اإلنسانية احلميمة مع املتربي

تعاىل ـ يظهرون االهتمام واإلقبال اوقد كان السلف ـ رمحهم أكرم ((: عنهما ـ ايقول ابن عباس ـ رضي . على جلسائهم وتالمذم

باب عليه لفعلت ، لو استطعت أن ال يقع الذ اس إيل ى رقاب الن ذي يتخط اس جليسي ال )٢( )) الن.

وقد ذكر ابن مجاعة مجلة من اآلداب اليت ينبغي أن يتأدب ا العامل مع ية العالقات اإلنسانية طالبه ، وهي دليل على وعي السلف ومعرفتهم بأمه

ومن ذلك معاملته مبا ((واملشاعر القلبية اليت تنشأ بني املربي واملتربي ، . )١( ))يعامل به أعز أوالده من احلنو والشفقة عليه واإلحسان إليه

. ٤٥، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١(، ، مرجع سابق مع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلمتذكرة السا: بدر الدين ابن مجاعة )٢(

. ٤٩ص . ٤٩املرجع السابق ، ص )١(

Page 123: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من مرب سيتجاوز الباحث ذكر كثري من األخطاء اليت يندر حدوثها

يطمح للفاعلية والتميز ، وسيبقى احلديث حول مجلة من األخطاء اليت ميكن ربويني يف امليدان التأن يقع فيها بعض املرب:

إن عدم اعتراف املربي باخلطأ سينقص من قدره ، وحيط من مكانته

إىل جانب األثر السيئ الذي سيبقى شؤمه على املتربني فيما أمام املتربني ، .، من عدم االعتراف باخلطأ والرجوع عنه بعد

إنه ليس من أحد إال لديه عيوب ونقائص ، وحني يسخر املربي جهده ارها ؛ فإنه يسهم يف إعطاء ووقته لتتبع مثل هذه العيوب وكشفها وإظه

.اجلرأة للمخطئ من التبجح خبطئه ، فال يبايل مبا صنع اإلغضاء عن اهلفوات والزالت ، فلم eوقد كان من منهج نبينا حممد

يكن قط ، يتتبع عورة وال هفوة ، وملا أفشت إحدى نسائه ما أسره إليها {: تعاىل على ذلك مل يستقص معها ، قال اوأطلعه

{ )١( . قال سفيان الثوري :)) غافل من فعل الكرام٢( ))ما زال الت( .

) . ٣( سورة التحرمي ، آية )١(، بريوت ، دار إحياء التراث العريب ، حماسن التأويل: حممد جالل الدين القامسي )٢(

. ١٣٨، ص هـ ١٤١٥

Page 124: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والتغافل هنا ؛ اإلمهال وترك احلبل على الغارب ، وال يقصد باإلغضاء .ولكن إعطاء األمور قدرها وحقها من االهتمام

إن إسناد املهام لبعض املتربني دون البعض اآلخر ، وزيادة التركيز

ويصيبهم بامللل والسآمة ، بينما عليهم سينهكهم ، ويذهب حيويتهم ،البعض اآلخر من املتربني الذين ال يسند إليهم شيء غالبا وال توكل إليهم أعمال ؛ سيفقدون الثقة بأنفسهم ، وسيشعرون بأنهم عالة على غريهم ،

.إىل جانب ركوم إىل الكسل والدعة

همات البيت وهذا ينطبق على بعض اآلباء الذين يسندون جل م .واألسرة على االبن األكرب مثال ، دون اآلخرين

وجيب على املربي أن يسند األعمال على مجيع املتربني ، وأن يداوهلا بينهم ؛ حتى ال تكون حكرا على بعض املتربني دون البعض اآلخر ؛ وذلك

.إلكسام مجيعا اخلربة والقدرة على حتمل املسؤولية

إن تدخل املربي الزائد يف كل صغرية وكبرية من شؤون املتربي بدعوى تعديل السلوك ، وحل املشاكل ، قد تفقد املتربي شخصيته وثقته بنفسه ،

ليه أن يرجع وجتعله ال يستطيع أن يتعامل مع أدىن مشكلة تواجهه ، وأن ع .إىل املربي يف كل شؤونه العامة واخلاصة

أين هذا املربي من بناء الشخصية املتكاملة ، القادرة : والسؤال هنا على التعامل مع الواقع ؟

Page 125: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ال تنمو إال ((إا ! أين هو من بناء الرقابة الذاتية يف شخصية املتربي ؟ . )١( ))الفرصة لالختيار على قسط من احلرية وترك

إن فكرة الفرد عن نفسه هي انعكاس مباشر لفكرة اآلخرين عنه ، ((

. )٢( ))وإن الفرد يبين كثريا من عالقاته على أساس من الرأي السائد فيه يشجع املتربي وميدحه ببعض الصفات احلسنة ، لذا جيب على املربي أن

حتى لو مل تكن فيه ـ باعتدال ؛ لعله يتصف ا مع الوقت ، كما جيب ـ؛ عليه أن يتجنب وصمه بالصفات الذميمة حتى وإن كانت متحققة فيه

.ا ألنه بذلك يؤصلها فيه وحيكم عليه؛ فقد يكون من املناسب أحيانا ، أن ولكن ينبغي عدم املبالغة يف ذلك

.منها لكي يتجنبها وحيذريعرض املربي ببعض الصفات الذميمة يف املتربي ؛ وما أمجل أن ميزج املربي بني التنبيه وذكر شيء من احملاسن ؛ ألن ذلك

.املتربي أدعى لقبول ا يف املنام على عنهما ـ رؤيا رآه ابن عمر ـ رضي اروى عبد

: e، فقال e ا عنها ـ فقصتها على رسول احفصة ـ رضي )) ال إ ل ي الل ن م ام ن ي ال د ع ب ان ك ، ف ل ي الل ن ي م ل ص ي ان ك و ل اهللا د ب ع ل ج الر م ع يال ن ل . )١( )) ق

، ٢٠٢، مرجع سابق ، العدد البيانمن أجل تربية أفضل ، : م إبراهيم بن صاحل الدحي )١(

. ٢٧، ص )هـ ١٤٢٥مجادى اآلخرة ( . ٢٦٢، ص ، مرجع سابق علم النفس الدعوي: عبد العزيز حممد النغيمشي )٢()١( د بن إمساعيل البخاريباب فضل قيام الليل ، ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ٢٢٢، ص ) ١١٢١( رقم

Page 126: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أسلوب املربي يف عرض املوضوعات ، وطريقة مناقشتها ؛ يسهم يف إن

.تشكيل عقلية املتربني ، وطريقة تفكريهم فاملربي الفعال ، ال يتناول النوازل واألحداث اليت حتل باتمع املسلم ، حبديث مشحون بالعاطفة ، وارتفاع الصوت ، مث ال خيرج املتربي إال

.حلسرة واألمل فقط باولكنه يتناول األحداث باعتدال واتزان ، فتجده يتحدث عن حجم ، ذلك احلدث يف اتمع ، ومدى خطورته ، وأسبابه املباشرة وغري املباشرة

مث يتناول احللول املمكنة ـ اآلنية واملستقبلية ـ مث يتناول دور املتلقني الطريقة خيرج املتلقي بفكرة ناضجة وواجبهم حيال ذلك احلدث ، وذه

.وواعية وهكذا حيث يتحدث املعلم مع طالبه عن حدث من أحداث ((؛ فال يسوغ أن يقتصر احلديث على سرد األخبار واملرويات ، السرية

واإلشارة إىل بعض الدروس والعرب املكررة ، فلو قام بتحليل املوقف حتليال ف شخصيات احلدث ، وطلب من تالمذته أن يقارنوا أعمق ، وتناول مواق

فما أوجه التشابه ، وكيف نستفيد منها ؟ وما : بني هذا احلدث وواقعهم أوجه االختالف ، وهل ميكن أن نوظفها بطريقة غري مباشرة يف حياتنا

. )١( ))الشخصية ؟

مجادى (، ١٦٥، مرجع سابق ، العدد البيانالتربية وأثرها على الدعوة ، : االفتتاحية )١(

. ٤، ص )هـ ١٤٢٢األوىل

Page 127: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

املربي يف هذه احلالة ، من الناحية النظرية اردة يؤكد على مع أناملبادرة الذاتية ، ورمبا أفرد هلا بعض الدروس ، ولكنه من الناحية العملية يناقض أقواله ؛ فمثال جتده دائما يعطي املتربني تعليمات واضحة ، ويقوم

جتده ينتقد األفكار اجلديدة ويتوجس مبحاسبة كل من خيالف التعليمات ، وبرنامج ، سواء منها ، وجتده أيضا يذكر كل من أقدم على عمل دعوي أو

.أكان صغريا أم كبريا باخلطأ الذي ارتكبه ، وهو عدم االستشارة

إن املبالغة يف ذلك كله تسهم يف إنتاج آالت بشرية ال تعمل إال إذا مت .ا الضغط عليه

أي قيام املربي مبا يريد عمله بنفسه ، وال يوكل أي مهمة إىل املتربي من ينوب عنه ، وهذا األسلوب قد يشغل املربي مبسائل صغرية تقعده أو

عن الكبرية ، وجتعل العمل يتعطل بالكلية لو غاب املربي أو تأخر عن .طموح األفراد وإضعاف روح املبادرة لديهم ، إىل جانب قتل اللقاء

فالواجب على املربي أن يفوض باألعمال اليت ميكن للمتربني القيام ا حسب اإلمكانات والطاقات ؛ ألن ذلك يربي على حتمل املسؤولية وخيفف

.من األعباء امللقاة على عاتقه

¡```

Page 128: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التربية اجلماعية ، وهم املربون والعلماء والقادة املتربون هم أحد أركان يف املستقبل ؛ لذا جيب االهتمام م ، وإحكام بنائهم ، ورعايتهم مبا يصلحهم ، ويف ذلك نفع هلم وملن يقوم عليهم ، يقول ابن القيم

أنفع الناس لك ؛ رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه ((: ـ ا رمحه ـ، أو تصنع إليه معروفا ، فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك ، خريا

. )١( ))فانتفاعك به يف احلقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر إن على املربي أن يهتم ببناء شخصيات من يربيهم بناء شامال من مجيع

واالجتماعية ، اجلوانب ـ اإلميانية ، والعلمية ، والعقلية ، واخللقية ،والنفسية ، والدعوية ، واجلسمية ـ فإنه لو نقص بناء جانب منها كان

.اخللل على قدر نقصه ، كل جانب قدره ، فال يطغى جانب على آخركما أنه جيب أن يعطى

، تقومي مستمر ؛ تقومي للمتربني أنفسهم ، وللربامج املقدمةوذلك حيتاج إىل .كذلك والوسائل ولألهداف

وسيكون احلديث عن تلك اجلوانب بشيء من اإلجياز ؛ ألن الغاية هنا توعية املربني واآلباء ، واملهتمني بالتربية باجلوانب املكونة لشخصية املتربي ، وأنه جيب بناؤها وصقلها باستمرار للحصول على شخصية متكاملة البناء ،

٣٣٦، ص هـ ١٤١٧، دمشق ، مكتبة دار البيان ، ٣، ط الفوائد: ابن قيم اجلوزية )١(

.

Page 129: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.متزنة الفكر

يعد اجلانب اإلمياين من أهم اجلوانب يف تكوين شخصية املتربي ؛ لإلميان من أثر واضح على النمو العقلي واألخالقي واالجتماعي ملا

فسيحيحة أساس الفكرة املستقيمة والرأي ا والنديد ؛ فالعقيدة الصلس .واخللق الفاضل

لذلك جيب على املربي أن يتعاهد اإلميان يف نفوس من يربيهم ، ويسعى يف نفوس التنميته وزيادته ، وأن يكون ضمن أهدافه تقوية تعظيم

، والعناية بالفرائض والنوافل ، ا، وحترير قلوم من التعلق بغري املتربني، واجتناب املعاصي ؛ وذلك اب ، وتعظيم حرمات والعناية بأعمال القلو

بالوسائل املشروعة اليت تكون ضمن خطته ، كاملتابعة هلم يف حفظ القرآن ، واحلث على التالوة والتدبر ، وتعهدهم باملواعظ والرقائق ، وإثارة التنافس

دات ، كصوم والتسابق إىل اخلري بينهم ، والتعاون معهم على أداء العبا .وتقويه االثنني واخلميس ، وغريها من الوسائل اليت ترسخ اإلميان

كما أن على املربي أن يكون قدوة حسنة ملن يربيهم ؛ فإنه لو ألقى عشرات املواعظ على املتربني فلن تؤيت أكلها ما مل ير أثر ما يدعو إليه يف

.وهديه سلوكه

يف موقف وسط بني إمهال القدوة ، وبني تكلف ((أن يقف إال أن عليه فعل العمل الصاحل وإظهار التخشع ألجل أن يقتدى به ، فهذا قد يقوده إىل

Page 130: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرياء ،وذلك مسلك خفي ، وحني تصلح حاله ، وتتحقق التقوى لديه ؛ . )١( ))له فلن حيتاج للتكلف ، بل سيكون العمل واهلدي الصاحل مستا

إن أي تربية تتجاوز البناء العلمي الشرعي ، أو تعطيه مرتبة متأخرة ((

بني املتطلبات التربوية ، هي بعيدة عن املنهج النبوي ؛ ذلك أن اجليل الذي ، يعاين من الضعف العلمي لن يقوم بالواجبات الشرعية يف نفسه كما ينبغي

. )٢( ))فضال عن أن يقوم بواجب اإلصالح والدعوة للناس ني ـ بغضا ينبغي مراعاته يف هذا اجلانب ؛ االعتناء بتعليم املتربوممالنظر عن ختصصام ـ احلد األدىن من العلم الشرعي ، والتعامل مع

.مصادر املعلومات على حسب مستويام وقدرام للمربي أن يسعى لغرس الشعور باحلاجة للتعلم ؛ وذلك كما ينبغي

، وتعظيم النصوص الشرعية يف حس اببيان فضل العلم ومرتلته عند املتربني والتعويد على القراءة الواسعة ، وتنويع مصادر التعلم ، وتطوير

مية قدراته ، أساليبه وطرقه ؛ كل ذلك يساعد على توسيع أفق املتربي ، وتن .العلمية وبناء شخصيته

العقل من أهم مكونات الشخصية ، فبالعقل يقوم اإلنسان مبختلف العمليات العقلية ، مثل الفهم ، واإلدراك ، والتخيل ، وهو أساس التكليف

، ، مرجع سابق تربية الشباب ؛ األهداف والوسائل: حممد بن عبد الله الدويش )١(

. ٥٢ ص . ٦٩املرجع السابق ، ص )٢(

Page 131: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة والرذيلة ، يف اإلسالم ، وبه مييز اإلنسان بني اخلري والشر ، وبني ا .وبني الصواب واخلطأ

لذا جيب على املربي أن يهتم بتنمية القدرات العقلية للمتربني ؛ كالقدرة اللغوية ، والقدرة على االستنباط واالستدالل ، والقدرة على التحليل واإلدراك والتفكري ، وتنمية العمليات املختلفة ، كتعليم أسس التفكري العلمي ، وطرق حل املشكالت ، والتخلص من معوقات التفكري السليم ،

إىل غري ذلك من .. كالتعصب للرأي ، واملبالغة ، والتعميم اخلاطئ .العمليات العقلية املختلفة

العلمي لقيني للتيئة عقول املترب ليمة تسهم يفة السربية العقليإن الته الشرعية ، كما تعطيهم اآللية اليت متكنهم من التعامل الصحيح مع بضوابط

.املعلومات اليت يتلقوا

وألمهية هذا اجلانب يف بناء الشخصية املسلمة ؛ جند احلق سبحانه ميتدح: ، قال تعاىل eذه امليزة ـ ميزة األخالق ـ eرسوله الكرمي

} { )تبارك وتعاىل على رسوله )١ وقد امنت ،e بأنرزقه الرمحة واللني ، وأخرب أنه لو فقد ذلك لتركه الناس وأعرضوا عنه ،

{: فكيف بغريه ؟ قال تعاىل { )٢( .

) . ٤( سورة القلم ، آية )١( ) . ١٥٩( سورة آل عمران ، آية )٢(

Page 132: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، على تنمية اجلانب األخالقي ا تنصبسل عمومة الركما أن مهمق ((: e قال ال خ األ احل ص م ألمت ت عث ا ب من . )١( )) إ

على املربي أن يهتم ببناء األخالق احلسنة يف املتربني ، وذلك لذا جيب بتنقية نفوسهم من األخالق السيئة ، والتربية على الرجولة والعفة والوقار ، والتأدب مع األكابر ، والصرب على األذى ، وحفظ اللسان ، وغريها من

.الصفات احلسنة ألخالق احلسنة يف املتربني ؛ أن يكون ومن الوسائل املعينة على بناء ا

املربي قدوة حسنة يف ذلك ؛ ألن املتربني يرقبون فعله أكثر من قوله ، يبوكذلك االعتناء بشمائل النe وصحابته الكرام ، وجمالسة العلماء

الربانيني ، والتأدب بأدم ، ودراسة أبواب اآلداب والسلوك من كتب ، وتشجيع املواقف اإلجيابية اليت تربز فيها أخالق نبيلة ، السلف واخللف

.صفات محيدة من املتربني أو

يعد اجلانب االجتماعي من اجلوانب املهمة املكونة للشخصية ؛ إذ الفرد ال ميكن أن حييا حياة سوية دون أن يعيش يف جمتمع يلجأ إليه ويشعر

.ان يف كنفه باألموالتربية اليت تتعامل مع اإلنسان باعتباره كائنا منفصال تعد تربية

.، ال ترتقي لبناء أجيال مكتملة البناء قاصرة

، بريوت ، املكتب ٣، ط صحيح اجلامع الصغري: حممد ناصر الدين األلباين )١(

٤٦٤، ص ) ٢٣٤٩( ، رقم هـ ١٤٠٨، اإلسالمي .

Page 133: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لذا جيب على املربي أن يعتين باجلانب االجتماعي أيما عناية ؛ وذلك يف جمتمعام ، إلكساب املتربني اآلليات والوسائل اليت متكنهم من التأثري

وما مل ميلك هؤالء اخلربات ((وتسهم يف بنائها وتوجيهها الوجهة السليمة ، واملهارات االجتماعية ، وما مل نضع ضمن أهدافنا االعتناء ببناء اجلانب )) االجتماعي لديهم ، فلن يستطيعوا حتقيق التغيري الذي تتطلع إليه جمتمعام

)١( . اليت ميكن أن تسهم يف بناء اجلانب االجتماعي لدى ومن الوسائل

تعليم اآلداب الشرعية املتعلقة ذا اجلانب ، واالعتناء بالربامج : املتربني التروحيية اجلماعية ، واحلث على التعاون مع اجلمعيات اخلريية ، والتشجيع

لى بناء عالقات اجتماعية حضور املناسبات العائلية ، والتدريب ع على .ناجحة

كما جيب على املربي احلذر من بعض املمارسات اليت تعيق البناء االجتماعي ، كإشغال املتربي ببعض األنشطة والربامج اليت تسهم يف عزله متاما عن واقعه الذي يعيش فيه ، وعدم إعداده للحياة املادية ، وجعل

اآلخرة فقط ، وعدم تقدير أعذار من يعتذر من املتربني التركيز على أمور .عن حضور بعض األنشطة بوالديه أو صلة أقاربه

يعد اجلانب النفسي من اجلوانب املهمة يف تكوين شخصية اإلنسان ؛ ألن

، ، مرجع سابق تربية الشباب ؛ األهداف والوسائل: حممد بن عبد الله الدويش )١(

. ١٧١ ص

Page 134: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. واطفها ، ونزعااالشخصية السوية هي اليت تتسم باالتزان يف دوافعها ، وع ة يف وقتنا احلاضر أكثر من أيفسية النوقد باتت احلاجة إىل الصحوقت مضى ؛ ألن احلياة العصرية بتغيراا السريعة جعلت الفرد يشعر بالقلق واخلوف ، فالفرد الذي يتمتع بصحة نفسية عالية ؛ يكون أقدر على ضبط

.نفسه وانفعاالته كثريا ما يستعيذ مما يكدر النفس ويذهب سرورها ، eن النيب وقد كا

((: قال tعن أنس بن مالك يب الن ان eك ول ق : ي م اهل ن م ك ب وذ ع ي أ ن إ م ه الل ، ن ي الد ع ل ض ، و ل خ ب ال ، و نب اجل ، و ل س ك ال و ز ج ع ال ، و ن ز احل ال و ج الر ة ب ل غ . )١( )) و

لذا جيب على املربي أن جيعل ضمن أهدافه يف البناء النفسي إشباع احلاجات النفسية ، كاحلاجة إىل التقدير واالحترام ، واحلاجة إىل األمن ،

فسية للبناء النوغريها من احلاجات املهم. ا ، وكذلك الوقاية من وكذلك توجيه العواطف وإشباعها ، والسمو

االضطرابات النفسية ، إىل غري ذلك من األهداف اليت حتقق االستقرار .والصحة النفسية

العدل يف التعامل مع : وميكن بناء اجلانب النفسي بوسائل متعددة منها راعاة املتربني ؛ ألن عدم العدل يولد احلقد والكراهية فيما بينهم ، وكذلك م

مشاعرهم ، واحترام آرائهم ، وبناء الثقة بأنفسهم ، وذلك بتشجيعهم والثناء عليهم وتكليفهم من العمل ما يطيقون ، وكذلك حتسني نظرم

)١( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، باب من غزا بصيب ،

. ٥٦٥، ص ) ٢٨٩٣( للخدمة ، رقم

Page 135: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رأي املربي يف املتربي له أثر على ( لذوام ، وذلك من خالل قاعدة ) .شخصيته

ب مهم يف بناء شخصية املسلم ، والدعوة اجلانب الدعوي جان

بشروطها وأركاا هي اليت أرسل ألجلها املرسلون ، وكلف ا الدعاة ؛ {إلحقاق احلق ، ونشر العدل والرمحة بني العباد

{ )١( . بشهادة احلق سبحانه ، قال وحامل الدعوة ومبلغها أحسن الناس

{: تعاىل { )٢( .

إن على املربني أن يقوموا بإعداد من حتت أيديهم ألن يكونوا دعاة عويم الدلني ؛ وذلك بتنمية خرباة ؛ مؤهاحية العملية وتدريبهم من الن

عوييف بنائهم الد ليتكامل اجلانب املعريف والعملي. وبذلك يكون من أهداف املربي يف هذا اجلانب تنمية الشعور باملسؤولية

، U االدعوية ، وتنمية املبادرة الفردية ، وإحياء الغرية على حمارم ، كمهارة اإلقناع ، واحلوار ، واجلدال باليت هي وتنمية املهارات الدعوية

أحسن ، ومهارة اإللقاء ، واخلطابة ، إىل غري ذلك من األهداف اليت ترتقي .باجلانب الدعوي لدى املتربني

) . ١٠٧( سورة األنبياء ، آية )١( ) . ٣٣( ورة فصلت ، آية س )٢(

Page 136: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن الوسائل اليت ميكن أن يستخدمها املربي يف بناء هذا اجلانب ؛ إلقاء وآثارها ، ا بفضل الدعوة إىل بعض الكلمات واملواعظ يف التذكري

، اواستعراض السرية النبوية ، فهي متثل اجلانب التطبيقي للدعوة إىل ودراسة سير األنبياء والدعاة السابقني ، ودراسة الواقع ، والتعرف على

.حجم االحنراف وقدره ، والتعرف على جماالت الدعوة ووسائلها احلديثة

إن العناية بالنواحي اجلسمية بتنميتها ومحايتها أمر ضروري لتكوين ((إنسان متكامل يؤدي مهمته على أكمل وجه ، وال ميكن الفصل بني التربية

، فاملتربي )١( ))اجلسمية وغريها من جوانب التربية األخرى ، فهي مترابطة السقيم البدن ال ميكن أن يستعمل عقله استعماال صحيحا الضعيف اجلسم ،

.كامال ولو كان راجح العقل إن ضعف اجلسد يؤدي إىل اخنفاض القدرة على أداء العمل والعبادة والتفكري ، ويف املقابل فإن القدرة اجلسدية والصحية من العوامل اهلامة لزيادة

ي ؛ ذلك أنا إالكفاءة املتربا ه ال يستطيع حتقيق آماله وأحالمه غالب . وميكن تنمية اجلانب اجلسمي باتباع القواعد الصحيحة يف املأكل واملشرب كما علمنا ديننا احلنيف ، وكذلك اإلرشاد والتوعية بأمهية النظافة

ما ينبغي والطهارة ، والوقاية من األمراض اجلسمية والنفسية وعالجها ، ك .توعية املتربي وتثقيفه مبسببات األمراض اخلطرية وكيفية الوقاية منها

، هـ ١٤٢٥، الرياض ، دار املسلم ، يف ظالل التربية: عبد الله بن فهد السلوم )١(

. ٢٦ ص

Page 137: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبعد هذا العرض املوجز ألهم جوانب البناء يف شخصية املتربي ؛ جيدر باملربني واآلباء واملعلمني الذين حيرصون على تنشئة هذا اجليل بكل

لتربوية تلك اجلوانب ؛ إلخراج املقومات أن يراعوا يف خططهم وأهدافهم اأجيال حتمل هم اإلصالح والنهوض باألمة اإلسالمية إىل مصاف

.واالزدهار التقدم

¡```

Page 138: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، إن أي عمل ال يقوم على منهجية حمكمة مصريه التالشي واالضمحاللجلماعية ينبغي أن تبىن على أسس راسخة مستنبطة لذا فإن منهجية التربية ا

.من الكتاب والسنة وإغفال االلتزام ذه املنهجية ، له أثر واضح يف سلوك املتربني ؛ مما قد

.يسبب فقدان التوازن والنضج يف شخصيام وما سبق ذكره يف هذا الفصل كان بيانا لصفات املربي ، وما يتعلق

.صيته ، وكذلك املتربي وأحواله ، وكيفية بنائه بشخ لكن ؛ ما املنهجية اليت سيتبعها املربي يف تربيته وتأسيسه للمتربني ؟

تدل على أن معناها الطريق الواضح ) منهج ( إن مجيع تصاريف كلمة . )١(البين للغاية املقصودة

: من وجهة نظر الباحث بأنه وميكن تعريف املنهج التربوي ، وذلك األصول والقواعد التربوية اليت جيب على املربي أن يراعيها لضبط مسلكه

.التربوي ، وإرشاده يف طريقه ، للتوصل إىل التربية املنشودة وعلى ضوء هذا التعريف ، سيحاول الباحث استنتاج منهجية التربية

:التفاصيل ، وذلك من خالل النقاط التالية اجلماعية دون اخلوض يف

، هـ ١٤١٥ط ، بريوت ، دار الفكر ، .، د القاموس احمليط: الفريوزآبادي : انظر )١(

. ١٩٠ ص

Page 139: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن االرجتال والعمل العشوائي مل يعد جمديا يف عصر يعتمد على البناء ((

العلمي واملنهجي حتى يف املشروعات الشخصية احملدودة ؛ فكيف ببناء . )١( ))األجيال ورعايتها ؟

وهذا يعين عدم ترك املربي ليحقق من األهداف ما متيل إليها نفسه ، !تتفق معها طبيعته أو

ولو تأمل املربون منهجية الدعوة منذ البعثة النبوية ؛ لوجدوا أنها كانت .تسري ضمن عملية حمكمة يف البناء والتخطيط

لنبوة بدأ من املنطلق االستراتيجي على أن التخطيط للدعوة يف عصر ا ((االحكامي البعيد املدى مثل ما حصل يف مرحلة الدعوة السرية ، ومرحلة الدعوة اجلهرية ، وبوضع خطط ذات أهداف بعيدة متكن من بناء قاعدة صلبة ، وإجياد منطلقات آمنة للدعوة ، ومتهيد الطريق إلقامة الكيان

علة ، واالستفادة من الظروف واإلمكانات املتاحة ، اإلسالمي عرب آليات فا . )٢( ))األحداث التأثري السريع على جمرياتوتوظيفها بشكل جيد ودقيق يف

لذا جيب على املؤسسات واحملاضن التربوية أن تويل حتديد األهداف وصياغتها ، والتخطيط املتقن لضمان الوصول إليها عناية بالغة ، وأن

، الرياض ، دار طيبة ، بية املنشودةالصحوة والتر: حممد بن عبد الله الدويش )١(

. ٤٣، ص هـ ١٤٢٠، ، مرجع سابق يف الدعوة من خالل السرية الصحيحة eمنهج النيب : حممد أحمزون )٢(

. ١٠٩ص

Page 140: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بد جتعل ذلك نتاج خواطر عابرة ، أو عصف ذهين على عجل ، بل ال الأن تكون نتاج دراسة عميقة يتاح هلا جهد يتالءم مع أمهيتها ، وذلك بإمعان النظر يف جوانب الشخصية املختلفة ، واملرحلة العمرية وخصائصها

ربويا ، والظروف احمليطة بالواقع التغري ذلك إىل... واحتياجا . إننا حباجة إىل إجياد نظرية تربوية متكاملة تتالءم مع املهمة اليت يعد هلا ((

جيل الصحوة ، وحباجة إىل رسم صورة واضحة للمنتج التربوي الذي . )١( ))نسعى إىل حتقيقه

اتتوافق مع الفطرة اليت فطر التدرج سنة كونية ، وشرعية ؛ ألنها

.الناس عليها وعند النظر إىل املعىن اللغوي للتربية جند أن من معانيها التدرج ،

: فالتربية جهود تراكمية ، يرفد بعضها بعضا ، والزمن واضح يف قوهلم ((كون أبدا طفرة تربى ، وتنشأ ، وتثقف ، فالتنشئة والتغذية والتثقيف ال ت

. )٢( ))... ومرة واحدة ، وإنما تتم على مراحل متتالية اس باألهمج ؛ حيث خوطب الناين يراعي التدرشريع الربوقد كان التفاألهم ، فكان التأكيد على حتقيق التوحيد أوال ، مث الفرائض ، مث سائر

إنما ((: عنها ـ عن القرآن اي تقول عائشة ـ رض. الشرائع واألحكام

. ٤٤، ص ، مرجع سابق الصحوة والتربية املنشودة: حممد بن عبد الله الدويش )١( ١٠، ص هـ ١٤٢٢، دمشق ، دار القلم ، حول التربية والتعليم: ر عبد الكرمي بكا )٢(

.

Page 141: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى اإلسالم ؛ نزل الحالل والحرام ، ولو نزل أول شيء

: ال ندع الخمر أبدا ، ولو نزل ال تزنوا ؛ لقالوا : وا الخمر ؛ لقالوا تشرب ال . )١( )) ...ال ندع الزنا أبدا

يبوكذلك النe جدريف تربيته ألصحابه ، فقد كان من منهجه الت eكنا مع النبي ((: قال t اعن جندب بن عبد . ومراعاة احلال

، فتعلمنا اإلميان قبل أن نتعلم القرآن ، ثم تعلمنا )٢(ونحن فتيان حزاورة . )٣( )) القرآن ؛ فازددنا به إميانا

ميذ قبل لألبناء والتال) حفظه ( كم نستعجل أحيانا يف تعليم القرآن ((تثبيت اإلميان يف نفوسهم ، كم رأينا ممن قارب إمتام القرآن حفظا فانقطع

. )٤( ))وتغير سلوكه ؛ ألن بناء اإلميان مل يتزامن مع احلفظ واحلكمة من التدرج هي أن النفوس طبعت على استثقال التكاليف ،

فإذا نقلت النفس ((كما طبعت على صعوبة ترك ما ألفته من الشهوات ،

)١( د بن إمساعيل البخاريباب تأليف القرآن ، ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ٩٩٣، ص ) ٤٩٩٣( رقم .مجع حزور ، وهو الذي قارب البلوغ : حزاورة )٢(، ت.ط ، بريوت ، املكتبة العلمية ، د.، د ديثالنهاية يف غريب احل: ابن األثري

. ٣٨٠، ص ١ ج . ٢٥ ، ص) ٦٠ (، باب اإلميان ، رقم ، مرجع سابق سنن ابن ماجه: ابن ماجه )٣(، مرجع سابق ، البيانأساليب نبوية يف التربية والتعليم ، : إبراهيم بن صاحل الدحيم )٤(

. ٣٢، ص )ـ ه ١٤٢٦احملرم ( ، ٢٠٩العدد

Page 142: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من حال إىل حال ، ومن حكم إىل حكم ؛ كان ذلك أدعى لالستجابة ، . )١( ))وأسهل لترك احملرمات وفعل الطاعات

لذا جيب على املربي أن يتدرج مع املتربني ، وأن يراعي أحواهلم ، ومن .ذلك تربيتهم بصغار العلم قبل كباره {: فقال االذين امتدحهم وهكذا كانت طريقة الربانيني

{ )٢( عديقال الس ،ربانيني ، أي علماء حكماء معلمني للناس ومربيهم ((: ـ ا رمحه ـ

. )٣( ))ك بصغار العلم قبل كباره ، عاملني بذلومن التدرج ومراعاة أحوال املتربني إعطاء كل مرحلة عمرية ما

فإن لكل مرحلة عمرية درجة من النضج ، ((يناسبها من العلم والتربية ؛ يصعب جتاوزها ، كما أن هلا مشكالت ال ميكن حلها إال على حنو جزئي ،

األو ربية ولذا فإن العجلة هي العدوهناك جوانب عديدة يف ... ل للت . )٤( ))، ال ينضجها إال الزمن شخصياتنا

كثريا ما يتحدث املربون عن التكامل يف التربية ؛ باعتباره من

. ٢٤٩، ص ، مرجع سابق منهج الدعوة يف ضوء الواقع املعاصر: عدنان العرعور )١( ) . ٧٩( سورة آل عمران ، آية )٢()٣( عديمحن بن ناصر السان: عبد الرمحن يف تفسر كالم املنمرجع تيسري الكرمي الر ،

. ١٢٠، ص سابق . ٥٠، ص ، مرجع سابق التربية والتعليمحول : عبد الكرمي بكار )٤(

Page 143: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خصائصها ومساا ، وعند االنطالق إىل الواقع العملي جند أن هذا املفهوم يف جانب التدين ، واجلانب العلمي أحيانا ، مع إمهال يكاد ينحصر

.اجلوانب األخرى يف الشخصية ومن هنا ؛ فاحلديث عن بناء القدرات العقلية ومهارات التفكري لدى ((

اخل احلديث عن هذه ... الفرد ، واملهارات االجتماعية ، والصحة النفسية ربية الدعويا ؛ فضال عن االعتناء بذلك يف اجلوانب يف التة ال زال نادر

. )١( ))التطبيق واملمارسة وبذلك يتبين أن من الشمول والتكامل يف التربية ، بناء شخصية املتربي

.من مجيع اجلوانب ، وعدم االقتصار على بعض اجلوانب قاء اجلماعي وما ومن الشمول والتكامل يف التربية ؛ عدم االكتفاء بالل

يقدم فيه من أنشطة ، بل جيب متابعة كل مترب متابعة فردية ؛ يف قراءته الذاتية ، وبراجمه اليت ميارسها خارج نطاق اموعة ، كما جيب الوقوف إىل

.جانبه ومساعدته يف حل مشكالته مبادئ ومن الشمول والتكامل يف التربية ؛ عدم قصر املتربني على

خاصة وأصول منتقاة من الدين ، وترك الباقي ، بل الواجب التربية على .مجيع املقاصد ولو على سبيل اإلتيان باحلد األدىن

، وليس عليه اأما االجتزاء ، واالنتخاب وفق ترتيب مل يأذن به ((

، مرجع سابق ، البيانالتكامل يف التربية بني مفهومني ، : حممد عبد الله الدويش )١(

. ٣٢، ص )هـ ١٤٢٥شعبان (، ٢٠٤ العدد

Page 144: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الف فنوع من العدوان والبدعة ، وسبب حلصول االخت e ا أمر رسول {: ، كما قال تعاىل عن النصارى والفرقة

{ )١( ، . )٢( ))ترك العمل ببعض ما أمروا به واملراد بالنسيان هنا

قسم األخالق ا؛ فإن ااالختالف والتنوع بني اخللق سنة من سنن

كما قسم األرزاق ، وإن كان من منهجية التربية اجلماعية الشمول التنوع ؛ وذلك والتكامل ؛ فإن ذلك ال يكون على حساب االختالف و

بأن يظهر الشمول والتكامل يف شخصيات املتربني بنسب متفاوتة ، كما .يظهر يف عموم األمة ؛ ملبيا كافة املطالب

سائغ شرعا ، وواقع قدرا ، أن يفتح على شخص يف ((: وذا يتبين أنه . )٣( ))املأمور باب ، ويقصر يف غريه ، لكن مع اإلتيان باحلد األدىن من

ـ مراعاة ذلك اوقد كان من منهج سلفنا الصاحل ـ رمحهم االختالف والتنوع ، ومن األمثلة على ذلك ما كتبه اإلمام مالك

ـ ألحد أصحابه بعد أن تلقى منه رسالة حيثه فيها على ا رمحه ـسم األرزاق ، فرب إن الله قسم األعمال كما ق ((: االنفراد والعمل قائال

رجل فتح له يف الصالة ومل يفتح له يف الصوم ، وآخر فتح له يف الصدقة

) . ١٤( سورة املائدة ، آية )١(رجب (، ٢٠٣، مرجع سابق ، العدد يانالبمعامل يف البناء التربوي ، : أمحد القاضي )٢(

. ٣٠، ص )هـ ١٤٢٥ . ٣٠املرجع السابق ، ص )٣(

Page 145: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومل يفتح له يف الصوم ، وآخر فتح له يف اجلهاد ، فنشر العلم من أفضل أعمال الرب ، وقد رضيت مبا فتح يل فيه ، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت

. )١( )) النا على خري وبرفيه ، وأرجو أن يكون كفمن ((ومن تأمل يف حال الصحابة الكرام رأى هذا التنوع واالختالف

يف بذله وثباته ورسوخ إميانه ؟ ومن عبقريt كأيب بكر الصديق يفري فريه ، يسوس الناس ؟ ومن كعثمان بن tبن اخلطاب كعمريف شجاعته t طالب يف بذله وإنفاقه ؟ ومن كعلي بن أيب t عفان

ال يقضي على الفضل العام ٢( ))وإقدامه ؟ ومع ذلك فإن الفضل اخلاص( . يستثمر هذا التنوع واالختالف يف شخصيات eوقد كان الرسول

أصحابه ، ويضعه يف مكانه األمثل ؛ فأنتجت تربيته جيال فريدا ، متعدد .املواهب وامللكات

ع ، وهذا فمن واجب املربة لالختالف والتنوني استثمار القيمة اإلجيابي: ما يعبر عنه بعدم التجانس بني أفراد اموعة ، وله مزايا عديدة ، منها

التوسع يف التفكري ، ومزيد من تبادل الشروحات ، ومزيد من التطرق إىل ((ونوعية التفكري ، أبعاد أخرى عند مناقشة املادة ، وهذه كلها تعمق الفهم

، وسيأيت مزيد من البيان لذلك )١( ))وصحة املعلومات احملفوظة ملدة طويلة

)١( يبد بن أمحد الذهبالء: حممسالة ، ٢، ط سري أعالم النبريوت ، مؤسسة الر ،

. ١١٤، ص ٨، ج هـ ١٤٠٢رجب (، ٢٠٣ع سابق ، العدد ، مرج البيانمعامل يف البناء التربوي ، : أمحد القاضي )٢(

. ٢٩، ص )هـ ١٤٢٥، ترمجة مدارس الظهران األهلية ، الدمام ، التعلم التعاوين: ديفيد جونسن وآخرون )١(

Page 146: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.تعاىل عند ذكر خصائص اموعة الفعالة ايف الفصل السادس بإذن ومن مراعاة التنوع واالختالف ؛ مراعاة قدرات وإمكانات املتربني

إذ جتد بعض ((ه مبراعاة الفروق الفردية ، الشخصية ، وهذا ما يعبر عناملربني خيطئ حني يريد أن جيعل من املتربني نسخة طبق األصل منه ، أو من

وحني يسري !! قدوة يرتسمها ، أو يريد أن جيعلهم نسخا واحدة متماثلة املربي على هذه الطريقة ؛ فإنه سيحكم عليهم باإلخفاق رد أنهم

. )١( ))! وا إىل احلد الذي قدره هلم ؟يصل مل

يعتقد بعض الناس أن هناك تعارضا بني العلم والتربية والدعوة ، ففئة متيل لطلب العلم وتنادي بالتفرغ واالنقطاع التام له حتى بلوغ املنتهى ،

، اربيتهم ، وفئة أخرى تستحث اهلمم للدعوة إىل ومن مث دعوة الناس وتوترى أن مشكالت املسلمني اليوم عديدة ، وحتتاج إىل حشد الطاقات ومجع اجلهود ، وأن التفرغ لطلب العلم يعطل كثريا من هذه الطاقات ،

!!وثالثة تدعو لتزكية النفس وتربيتها وبنائها أوال واب أن كالة والصلبناء شخصي عوة مطلب مهمربية والدمن العلم والت على الوجه الصحيح ، ويعرف احلق من الباطل ، ااملتربي ، فبالعلم يعبد

واحلالل من احلرام ، وبالتربية تزكو النفس ، ويتم بناؤها ، وبالدعوة يرفع

، ربوي٦: ٢( ، هـ ١٤١٦دار الكتاب الت . (

، ٢٠٢دد ، مرجع سابق ، الع البيانمن أجل تربية أفضل ، : إبراهيم بن صاحل الدحيم )١( . ٢٧، ص )هـ ١٤٢٥مجادى اآلخرة (

Page 147: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.اجلهل وينتشر العلم ، ويزال املنكر جيد أنه بعث معلما للناس ومربيا هلم ، ويف ذات eسرية النيب واملتأمل

{: على صراط مستقيم ، قال تعاىل االوقت داعيا إىل

{ )ه . )١ا نبيوقال سبحانه خماطبe :} { )٢( .

فال تعارض وال تضاد وال تقدمي وال تأخري ، إنما حيتاج األمر إىل شيء .ال والتوازن ، وأن ال يطغى جانب على جانب من االعتد

يربي أصحابه على eفاملوازنة يف ذلك منهج نبوي ، وقد كان .االعتدال والتوازن ، وينهاهم عن اإلفراط والتفريط

والشريعة جارية يف ((: تعاىل ـ ا رمحه يقول اإلمام الشاطيب ـاألوسط األعدل ، اآلخذ من الطرفني بقسط التكليف مبقتضاها على الطريق

. )١( ))ال ميل فيه وال تعين املوازنة هنا أن تتحقق هذه األمور ـ العلم والتربية والدعوة ـ يف مجيع املتربني بالتناصف والتساوي ، أي أن يعطوا مجيعا من العلم

صيته ، ويصلح له والتربية والدعوة ، ولكن يعطى كل مترب ما يناسب شخ

) . ٢( سورة اجلمعة ، آية )١( ) . ١٢٥( سورة النحل ، آية )٢()١( اطيبريعة: أبو إسحاق الشت.م ، دار الفكر العريب ، د.، د املوافقات يف أصول الش ،

. ١٦٣، ص ٢ج

Page 148: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.مع احلد األدىن من األمرين اآلخرين فحني ال يوجد لدى املتربي احلماس والقدرة العالية لطلب العلم الشرعي فال أقل أن يعطى احلد األدىن منه ، وال حيمل عليه مبا يبدد طاقته ، بل جيب صرف طاقته وجهده إىل ما حيسنه ، يقول ابن القيم

ومما ينبغي أن يتعمد حال الصيب وما هو مستعد له من ((: ـ ا رمحه ـاألعمال ، ومهيأ له منها ، فيعلم أنه خملوق له ، فال حيمل على غريه ، وما

، فإنه إن محله على غري ما هو مستعد له مل يفلح ، كان مأذونا فيه شرعا . )١( ))له وفاته ما هو مهيأ

إن الوعي والبصرية بالواقع يعين حالة من اليقظة ؛ تقتضي فهم ((

األشياء ومدلوالا ، وجتميع عناصرها السابقة ، وربطها يف حماولة إلدراك الكل ، كما يعين استعدادا ذهنيا الستيعاب األحداث ، والتفاعل معها

. )١( ))بشكل صحيح ة اجلماعية ال غىن هلا عن إدراك الواقع وفهمه وعليه ؛ فإن التربي

.واستيعاب أحداثه وإنه ليلحظ يف دعوات األنبياء ـ عليهم السالم ـ أنهم كانوا ((

، بريوت ، دار ابن حزم ، كام املولودحتفة املودود يف أح: ابن قيم اجلوزية )١(

. ٢١٢، ص هـ ١٤٢١، هـ ١٤٢٤، الرياض ، سلسلة كتاب البيان ، معامل يف أصول الدعوة: حممد يسري )١(

. ٥٧ص

Page 149: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يضيفون إىل دعوة التوحيد الدعوة إىل تصحيح احنرافات اتمعات كان يف وغري ذلك ، كل حبسب ما... األخالقية واالقتصادية والسياسية حيارب الطغيان السياسي ، وشعيب uواقعه وانتشر يف جمتمعه ، فموسى

u ولوط ، حيارب الفساد االقتصاديu حيارب االحنراف األخالقي . )١( ))وهكذا ...

يبولقد كان النe يتعامل مع واقعه تعامل اخلبري الفاحص ؛ مل يكناداته مبكرة ، وغزواته تشهد جيهل حتركات األعداء ، ولذا كانت استعد

.بذلك إن جتاهل املربي لواقع املتربني وما يدور يف جمالسهم ال سيما تلك املستجدات اليت فتحت عليهم عرب وسائل اإلعالم والتقنية احلديثة

.للمعلومات جيعل املربي يقبع يف واد واملتربني يف واد آخر ى لو ناقش ذلك املربات وما يدور وحتيهم بعض املستجدي مع من يرب

يف واقعهم فإنك جتد نقاشه ضعيف التأثري ؛ خللوه من العمق والتحليل .الصحيح ملدلوالت األحداث ومسبباا

ربويي إدراكه ؛ الوعي والبصرية بالواقع التا ينبغي على املربومموكذلك اإلمكانات املتاحة ومؤسساته ووسائله وأساليبه املتجددة ،

والطاقات املبذولة ؛ ألن امتالك املربي رؤية صحيحة وواضحة لواقعه وجمتمعه ، ومشكالته وأساليب عالجه حتول دون الفوضى والتخبط ،

.وتسهم يف اتخاذ القرار املناسب يف الوقت املناسب

. ٥٩املرجع السابق ، ص )١(

Page 150: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ية ، وكذلك الوعي والبصرية بأحوال املتربي وطباعه الشخص .وخصائصه العمرية ، وما يتعلق ببيئته وجمتمعه الذي يعيش فيه

ومما ينبغي إدراكه أيضا ؛ أن الوعي والبصرية بالواقع ال خيتص باملربي فحسب ، بل جيب على املربني أن يعملوا على تربية من حتت أيديهم على

.التعاطي مع اجلوانب العملية والواقعية أيضا

، أن املسلمني أمة واحدة ؛ تتكافأ دماؤهم (( من منهجية التربية اجلماعيةوهم يد على من سواهم ، كما يسعى بذمتهم أدناهم ، ال فضل لعربي على

ة عى ، وأساس وحدة األمقوإال بالت دولى أسع ضيال ألبو ، يماإلسالم: ج . )١( ))، وحتكيم شريعته على منهج أهل السنة واجلماعة وأصوهلم القومية

وعليه ؛ فإن التربية اجلماعية تعين أول ما تعين االعتصام بالسنة ، واحملافظة {: ماعة ، قال تعاىل على اجل

{ )١( . مي إليها ويتربى معها ينبغي أال إذن فحب اموعة الصغرية اليت ينت

يصل إىل حد الغلو الذي يؤدي إىل انعدام الوالء العام لكل املسلمني ، وهذا أمر يف غاية اخلطورة ؛ ألن اإلسالم يوجب مواالة املسلمني عموما ،

إذا كان الوالء اخلاص سيتحول إىل سبب يف انعدام الوالء العام ، فإن (( و

. ٧٩املرجع السابق ، ص )١( ) . ١٠٣( سورة آل عمران ، آية )١(

Page 151: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( ))شبه العصبية اجلاهلية املمقوتة اليت حيذر منها اإلسالم هذا يوواجب املربني يف هذه احلالة ؛ هو البيان جلميع املتربني مبا جيب عليهم

، وأن قضية الوالء والرباء ترتبط ا، والبغض يف امن احلب يف .، وليست جمرد أدب من آداب السلوك بالعقيدة

املؤاخاة بني ( يؤاخي بني أصحابه أخوة خاصة eكان النيب وقد ، كما كان يدعو إىل األخوة اإلميانية العامة بني ) املهاجرين واألنصار

.املسلمني مجيعا وتعد الدعوة إىل مبادئ شيخ معين ، واتباع أحكامه وكأنه معصوم ،

افل عن املنهج من األخطاء اليت أو الدعوة إىل أشخاص أو رموز ، مع التغ .تنايف قاعدة الوالء لألمة اإلسالمية وليس لطائفة أو مجاعة معينة

ما حدث يف غزوة أحد عندما : ومن مجيل ما يحتج به يف هذا املقام ... أفي القوم أبو بكر ؟ ... أفي القوم محمد ؟ : وقف أبو سفيان فقال

((: eفقال الرسول ... قوم عمر ؟ أفي ال وه يب جت : سفيان ، ثم قال أبو )) ال بيل ، فقال النبل هاعe :)) ونه ؟ يب جت ال ما ! رسول الله يا: قالوا . )١( )) أ

وا ((: نقول ؟ قال ول : ق ل ج أ لى و ع أ . )) اهللا.. أفيكم أبو بكر ؟ .. أفيكم حممد ؟ : فانظر ؛ ملا قال أبو سفيان ((

، صنعاء ، مكتبة العمل اجلماعي حماسنه وجوانب النقص فيه: الديلمي عبد الوهاب )١(

. ٥٨، ص هـ ١٤١٨اإلرشاد ، )١( د بن إمساعيل البخاريباب ما يكره من ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ٥٨١، ص ) ٣٠٣٩( التنازع يف احلرب ، رقم

Page 152: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال ) اعل هبل : ( عن إجابته ، ملا قال e ا ى رسول.. أفيكم عمر ؟ يبالن e :)) ه ون يب جت ال ، والسر يف ذلك ؛ أن أبا سفيان ملا تعرض )) أ

يبلألشخاص ؛ أمر النe بعدم إجابته ؛ ألن بقاء اإلسالم ال يتعلق ببقاء: بإجابته eأمر النيب ) اعل هبل ( األعيان ، وملا تعرض للتوحيد بقوله

)) ل ج أ لى و ع أ . )١( )) )) اهللاومن األخطاء أيضا حصر التربية يف جزئية معينة من الدين ، وذلك ما

املربني من االهتمام جبزء من الدين وجعله حمور تربيته ، يقوم به بعض .يلتفت إىل غريه ، مع اإلغضاء التام عن حال املتربي وحاجاته ال

وأشنع من هذا ؛ من يوايل أو يعادي على تلك اجلزئية أو الطريقة اليت هي يف األصل مما يسوغ فيه االختالف ، فتجده يأمر جر املخالف

.به Uاطعته والتحذير منه ، جاعال ذلك دينا يدين هللا ومق

تناول هذا الفصل أركانا رئيسة من أركان التربية اجلماعية ، املربي ، ، وقد مت فيه معرفة ) املنهج ( وبعض جوانب املادة . املتربني ، املنهجية

نب املكونة لشخصية املتربي ، واملنهجية اليت صفات املربي الفعال ، واجلوا .تدار ا العملية التربوية

ولكن هذه األركان تظل عاجزة عن التأثري والبناء ، ما مل يكن هناك تناغم وانسجام بينها ، وال يكون ذلك إال باستخدام أساليب تربوية

.ل تتناسب واملوقف الذي يقتضيه احلا

. ٢٥٧، ص ، مرجع سابق لواقع املعاصرمنهج الدعوة يف ضوء ا: عدنان العرعور )١(

Page 153: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أركان للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. اوهذا ما سيتناوله البحث يف فصله القادم بإذن

¡```

Page 154: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 155: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومل يبعد النجعة ((ركان املهمة للتربية اجلماعية ، يعد األسلوب أحد األ . )١( ))من عزى للمادة واملنهج نصف النجاح ، ولألسلوب النصف اآلخر

فإذا وجد املربي الكفء ، واملادة الصحيحة ، وكانت املنهجية السليمة فق لألسلوب األمثل ، فإنه لن يكتب بقواعدها وضوابطها ، إال أن املربي مل يو

.له النجاح يف تربيته وتوجيهه ، وسيكون منفرا للمتربني رغم صحة منهجه يقول . فرب كلمة طيبة كان هلا وقع يف النفس أكثر من حديث ساعة

ة ((: eاملصطفى ق د ص ة ب ي الط ة م ل ك . )٢( )) السلوب احلسن إال كمثل املالط الذي يتخلل البنيان ، وما مثل األ

.وصالبته ويتغلغل فيه فيزيد من متاسكه وإذا كان احلديث عن أساليب التربية اجلماعية فإنه من املهم واملهم جدا

بعث نبيه اإدامة النظر والتأمل يف األساليب النبوية التربوية ؛ ألن ألصحابه مرت مبختلف الظروف eمعلما ومزكيا ، وألن تربيته e حممدا

هيف أي زمان ومكان ، وألن ا مرب واألحوال اليت ميكن أن مير e قد .للدعوة أويت الكمال البشري ، وعصم من اخلطأ الذي يقدح يف تبليغه

:التايل صيل على النحو وميكن عرض هذه األساليب بشيء من التف¡```

. ٢٧٧، ص ، مرجع سابق منهج الدعوة يف ضوء الواقع املعاصر: عدنان العرعور )١()٢( د بن إمساعيل البخاريكاب ، مرجع سابق صحيح البخاري: حممباب من أخذ بالر ،

. ٥٧٣، ص ) ٢٩٨٩( وحنوه ، رقم

Page 156: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو على : هو الطريق ، وهو الفن ، ولذا يقال: األسلوب بضم اهلمزة

. )١(أسلوب من أساليب القوم ، أي على طريق من طرقهم : ، يقال الطريق ، والوجه ، واملذهب ، والفن ((هو : وقال ابن منظور

. )٢( ))أخذ فالن يف أساليب من القول ، أي أفانني منه . )٣(هي الفنون املختلفة : واألساليب

هو الطريقة الكالمية اليت يسلكها املتكلم يف تأليف كالمه ((: األسلوب

. )٤( ))واختيار ألفاظه هو طريقة التعبري ، أو طريقة الكتابة ، ((: إن األسلوب : وقيل

طريقة اإلنشاء ، أو طريقة اختيار األلفاظ وتأليفها للتعبري ا عن املعاين أو

، جدة ، دار القبلة للثقافة ) ط .د( ، خمتار الصحاح: ي حممد بن أيب بكر الراز )١(

. ٣٠٨، ص هـ ١٤٠٦اإلسالمية ، . ٣١٩، ص ٦، ج ، مرجع سابق لسان العرب: ابن منظور )٢( . ٢٣٨، ص ، مرجع سابق املفردات يف غريب القرآن: الراغب األصفهاين )٣(، بريوت ، دار ) ط .د( ، اهل العرفان يف علوم القرآنمن: حممد عبد العظيم الزرقاين )٤(

. ١٩٩، ص ت.إحياء التراث ، د

Page 157: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ـــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( ))قصد اإليضاح والتأثري هو أن يكون احلديث مالئما ألفهام الناس ((: واألسلوب احلسن

، والعبارة متناسقة ومداركهم ، فتكون الفكرة واضحة ، والكلمة فصيحة ، والتركيب قويا ، ويكون هناك انسجام بني اللغة واملعىن ، وسالسة

. )٢( ))وإبداع يف األسلوب ؛ مما حيدث أثرا مجاليا يف النفس يالحظ أن التعريفات السابقة ركزت على اللفظ وأمهلت الفعل ، مع

فاالبتسامة أثناء . الشيء الواحد أن الفعل قد خيتلف من شخص آلخر يف .احلديث فعل ، وهي داخلة يف األسلوب أيضا

اإلجراء احملدد لنقل املعلومات ((: ويعرف األسلوب التربوي بأنه املعارف أو املهارات أو االتجاهات والقيم دف حتقيق هدف تربوي أو

. )٣( ))مرغوب فيه ¡```

، ٧، ط ))دراسة بالغية حتليلية ألصول األساليب األدبية ((األسلوب : أمحد الشايب )١(

. ٤٤، ص هـ ١٣٩٦القاهرة ، مكتبة النهضة ، ، الرياض ، دار إشبيليا ، اإلسالمية املعاصرةأساليب الدعوة : محد بن ناصر العمار )٢(

. ٣٠، ص هـ ١٤١٦، املدينة املنورة ، مكتبة إبراهيم القيم اإلسالمية والتربية: علي مصطفى أبو العينني )٣(

. ١٣٠، ص هـ ١٤٠٠حليب ،

Page 158: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقد جاء القرآن سهل األسلوب ، واضح املعىن ، ليس فيه تعقيد وال

. )١( } {: غموض ، قال تعاىل فيه التقرير الصارم ، فتجد ((وأما عن األسلوب يف القرآن فيتنوع

واألمر اجلازم ، يف الوقت الذي تستمع فيه بالقصص املؤثرة ، واألمثال املعبرة مث ... ، وتسمع منه األخبار املاضية ، واألحكام احملكمة ، واألنباء القادمة

يفاجئك بفتح ناظريك على املشاهد املستقبلة من صور يوم القيامة ، ومناظر ، ، وتلفي فيه احلوار املمتع.. والنار كأنك ترامها رأي العني من اجلنة

واملناظرة املفحمة ، يف الوقت الذي يعج باحلجج العقلية ، واملؤثرات العاطفية(( )٢( .

كل ذلك بأسلوب جيعل الناظر فيه يتقلب بني اخلوف والرجاء ، والقلق فمن . زن بإيقاع يتناسب مع اخللق مجيعا والطمأنينة ، مراعيا الشمول والتوا

مل يتأثر بالترغيب تأثر بالترهيب ، ومن مل يتحرك قلبه حترك عقله {: ، قال تعاىل لالستجابة

) . ١٧( سورة القمر ، آية )١( . ٢٩٠، ص ، مرجع سابق الواقع املعاصر منهج الدعوة يف ضوء: عدنان العرعور )٢(

Page 159: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

{ )١( .

ة ، وما يقال يف هذا املبحث عن القرآن الكرمي يقال عن السبوية الننفهذا أفصح اخللق وأوضحهم بيانا ، وأقواهم حجة ، يتكلم بأسلوب يفهمه

.الناس مجيع إذا تكلم بالكلمة أعادها ثالثا لتفهم عنه ؛ عنe وكان من أسلوبه

ول ((: عنها ـ قالت اعائشة ـ رضي س ر ان ك e اهللا ا لو يث د ح ث د حي ه د ع اه ص ح أل اد ع . )٢( )) ال

وملا كان حلسن األسلوب ، والكلمة الطيبة ، وطيب العشرة ، األثر ((: الطيب يف حياة الناس ؛ جاء التوجيه النبوي قائال ء ي ش يف ون ك ي ال ق ف الر ن إ

ش ال إ ء ي ش ن م ع ز ن ي ال ، و ه ان ز ال إ ه تفيد العموم يف ))شيء ((، فتنكري كلمة )٣( )) ان .حيوانا كل قضية ، ومع كل خملوق ، إنسانا كان أو

ة ((: eوقال ق د ص ك ل يك خ أ ه ج و يف ك م س ب . )٤( )) ت الناس باألسلوب الفظ ، والتصرفات السيئةمن تنفري e ا وحذر رسول

) . ٢٣( سورة الزمر ، آية )١()٢( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، يبباب صفة الن ،e ،

. ٦٨٢، ص ) ٣٥٦٧( رقم م ، باب فضل الرفق ، رق ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )٣(

. ١٠٤٣، ص ) ٢٥٩٤( )٤( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيباب ما جاء يف صنائع ، مرجع سابق سنن الت ،

. ٤٤٥، ص ) ١٩٥٦ (املعروف ، رقم

Page 160: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

((: e، فقال ين ر ف ن م م ك ن م ن ، قال هذا ملن أطال الصالة ، فما عساه )١( )) إيقول ملن حيقر الناس ويقسو عليهم ، ويسيء األسلوب والتعامل يف دعوته

وتربيته ؟، فتارة خياطب العقل ، ومن ينوع يف أسلوبه eوقد كان الرسول

((: eذلك ما أجاب به الشاب الذي استأذنه بالزنا ، فقال له ك م أل ه ب حت ؟ أ ؟... ك ت خ أل ه ب ح ت ف ، وتارة خياطب الوجدان ، ومن ذلك ما )٢(احلديث )) ...أ

ن ((: كان عليه الصالة والسالم يقوله ألصحابه ا أ من إ م ك م ل ع أ د ال و ال ة ل ز ن مب م ك ا لوهل مثة عاطفة أبلغ من هذه ؟ وتارة يعظ الناس وهو . )٣(احلديث )) ...

رافع الصوت ، حممر العينني كأنه منذر حرب ، وتارة يثري االنتباه بسؤال أو ا فريدا منوذجe لغز ، وغريها من األساليب اليت جعلت من دعوته وتربيته

.يحتذى

¡```

)١( د بن إمساعيل البخاريباب ختفيف اإلمام يف ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ١٤٨، ص ) ٧٠٢( القيام ، رقم . ٢٣٧ ، ص) ٢٢١١٢( ، رقم ، مرجع سابق املسند: د بن حنبل أمح )٢(، باب كراهية ، مرجع سابق صحيح سنن أيب داود: حممد ناصر الدين األلباين )٣(

. ١٤، ص ) ٨( استقبال القبلة عند قضاء احلاجة ، رقم

Page 161: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{: ، قال تعاىل )١( ))األسوة ((: القدوة يف اللغة

{ )٢( . منوذجا eسبحانه أن جيعل رسوله حممدا الذلك اقتضت مشيئة

بشريا يقتدى به ، حتى غدا قرآنا حيا ميشي على األرض ، وكأن املنهج إىل بشر يترجم بسلوكه ((الرباين املتمثل يف القرآن الكرمي قد حتول

. )٣( ))ادئ ذلك املنهج ومعانيه وتصرفاته ومشاعره وأفكاره مبيعلم جيدا فائدة القدوة يف التربية ، ويعلم e ا ولقد كان رسول

جيدا مدى اهتمام أصحابه باالقتداء به ؛ لذلك كان يعتمد التربية يف كثري : روى الترمذي يف سننه من حديث أيب طلحة قال . من املواقف بفعله

)) ىل ا إ ن و ك ش اهللا ول س eر اهللا ول س ر ع ف ر ، ف ر ج ح ر ج ح ن ا ع ن ون ط ب ن ا ع ن ع ف ر و وع eاجلن ي ر ج ح ن . )٤( )) ع

مل يتكلم ببنت شفة ؛ ألن القدوة يف مثل هذا e ا إن رسول ((

. ٥٢٥، ص ، مرجع سابق خمتار الصحاح: حممد بن أيب بكر الرازي )١( ) . ٢١( سورة األحزاب ، آية )٢( . ١٦٤، ص ١، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )٣()٤( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيباب ما جاء يف معيشة ، مرجع سابق سنن الت ،

يبأصحاب النe ٥٣٤، ص ) ٢٣٧١ (، رقم .

Page 162: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، فإذا مقابل عن إزاره e ا املوطن هي اليت تتحدث ، لقد رفع رسول، إن e ا كل حجر يربطه الصحايب على بطنه حجرين على بطن رسول

ترى . إن كنتم تربطون حجرا فأنا أربط حجرين اثنني : لسان احلال يقول متكئا على أريكته يأكل ويشرب والناس يف اخلندق e ا لو كان رسول

. )١( ))األمر هين على النفوس حيفرون يف جوع وبرد شديدين ، أكان هذاومن أبرز املواقف اليت جتلت فيها عظمة القدوة وماهلا من تأثري بالغ يف

عن عمر بن . النفوس ، ما جاء يف رواية البخاري لصلح احلديبية ... ((: قال t اخلطاب اهللا ول س ر ال ق اب ت ك ال ة ي ض ق ن م غ ر ا ف م ل أل eف ه اب ح : ص

ال وا ، ق ق ل اح م وا ث ر احن وا ف وم ، : ق ات ر م ث ال ث ك ل ذ ال ق ىت ، ح ل ج ر م ه ن م ام ا ق م اهللا و ف ت ال ق ، ف اس الن ن م ي ق ا ل ا م هل ر ك ذ ف ة م ل س م لى أ ع ل خ د د ح أ م ه ن م م ق ي ا مل م ل ف ة م ل س م : أ

اهللا يب ا ن ! ي ك ق ال ح و ع د ت ، و ك ن د ب ر ح ن ت ىت ، ح ة م ل ك م ه ن ا م د ح أ م ل ك ت ال م ث ج ر ؟ اخ ك ل ذ ب حت أن د ب ر ؛ حن ك ل ذ ل ع ف ىت ح م ه ن ا م د ح أ م ل ك ي م ل ف ج ر خ ، ف ك ق ل ح ي ا ف م ل ، ف ه ق ل ح ف ه ق ال ا ح ع د ، و ه

ا م ا غ ض ع ب ل ت ق ي م ه ض ع ب اد ك ىت ا ح ض ع ب ق ل حي م ه ض ع ب ل ع ج وا ، و ر ح ن وا ف ام ق ك ل ا ذ و أ )) ر)٢( .

.يتبين مما سبق أن القدوة أحيانا تعمل ما ال يعمله األمر أو النهي ! قدوة مبثابة رسائل خفية تنبعث من املربي إىل املتربي شاء أم أىب إن ال

التربية الوقائية يف اإلسالم ومدى استفادة املدرسة الثانوية : ه احلدري خليل بن عبد الل )١(

، هـ ١٤١٨، مكة املكرمة ، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث اإلسالمي ، منها . ٢١٧، ٢١٦ ص

)٢( د بن إمساعيل البخاريروط يف ، مرجع سابق صحيح البخاري: حممباب الش ، . ٥٢٢، ص ) ٢٧٣٢( م ، رق اجلهاد

Page 163: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكم هو األثر الذي حتدثه هذه الرسائل واإلحياءات يف شخصية املتربي دون !أن يشعر

فحني ((وهذا األثر قد يكون إجيابيا نافعا ، وقد يكون سلبيا ضارا ، ته جيدة ، ومراقبته لنفسه مستمرة ؛ فإن تكون سرية املربي حسنة ، واستقام

رسائل حسنة منه ستظهر دون أن يشعر ، تؤثر يف املتربي ، وتساهم يف قال خالد بن . )١( ))صياغة شخصيته دون كثري نصح أو توجيه مباشر

كان احلسن أشبه الناس ((: صفوان ـ وقد سئل عن احلسن البصري ـ ، وتلك اليت أعلت من قدره وشأنه )٢( ))قوال بفعل سريرة بعالنية ، وأشبهه

. ارمحه إن القدوة احلسنة عملية تربوية مستمرة ؛ ال تعرف املالل وال ((

االنقطاع ، تساعد املتربي على االرتقاء ، وبلوغ الكماالت ، وختتصر . )٣( ))ت الوقت ، وتعطي قناعة تامة بإمكانية بلوغ الفضائل والكماال

وحني خيتلف احلال ويظهر اخللل والتقصري من املربي ولو تكلف إظهار نفسه باملظهر احلسن ؛ فإن لغة اإلحياء ستكشف احلال ، وتظهر احلقيقة اليت

.ال يستطيع املربي إخفاءها عن املتربني الذين يصحبهم ويعايشهم بالتأكيد ! عن معان يفتقدها هو فكيف إذا اكتشفوا أنه كان حيدثهم

، ٢٠٢، مرجع سابق ، العدد البيانمن أجل تربية أفضل ، : إبراهيم بن صاحل الدحيم )١(

. ٢٧، ص )هـ ١٤٢٥مجادى اآلخرة ()٢( يبد بن أمحد الذهبالء: حمم٥٧٦، ص ٤، ج ، مرجع سابق سري أعالم الن . ، ٢٠٢، مرجع سابق ، العدد البيانتربية أفضل ، من أجل : إبراهيم بن صاحل الدحيم )٣(

. ٣٠، ص )هـ ١٤٢٥مجادى اآلخرة (

Page 164: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.ستكون الصدمة قوية ، ومؤملة ويكفي لتصوير بشاعة هذه الصفة أن يعلم املربي أنه عندما يرتل عن

أشبه ((مستوى القدوة احلسنة فيتدنى مستوى فعله عن مستوى قوله فإنه كتب كالما مبن ميسك يف إحدى يديه قلما ، ويف األخرى ممحاة ، فكلما

. )١( ))بيمناه حمته يسراه إذا كان هناك فجوة كبرية بني ما تقوله وما تقوم به ، .. أيها املربي

فتأكد أن أثرك السليب على املتربني سيزداد كلما ازداد نصحك وتوجيهك من ال يستطيع تصحيح أخطاء نفسه فال يصح له أن يكون قيما على ((هلم

. )٢( ))آلخرين يصحح هلم وينتقد أخطاء اوإذا كان زرع القيم اإلجيابية يف املتربني يتم يف الصغر من قبل الوالدين

فإن هدم القيم اإلجيابية يتم أيضا من قبل الوالدين . إذا كانا قدوة صاحلة !القدوة حني تغيب هذه

مرة ((: ية اإلسالمية يقول األستاذ حممد قطب يف كتابه منهج التربواحدة جيد االبن أمه تكذب على أبيه أو أباه يكذب على أمه ، أو أحدمها

مرة واحدة كفيلة بأن تدمر قيمة الصدق يف نفسه .. يكذب على اجلريان ولو أخذا كل يوم وكل ساعة يرددان على مسعه النصائح واملواعظ

!بالصدق والتوصيات جيد أمه أو أباه يغش أحدمها اآلخر أو يغشان الناس يف قول مرة واحدة

١٤٣، مرجع سابق ، العدد البيان، ))صفات املربي دراسة حتليلية ((: أمحد فهمي )١(

. ٣٨، ص )هـ ١٤٢٠ رجب (ثقافة والعلوم ، ، طنطا ، دار البشري لل ٣، ط فضائح الفنت: حممد أمحد الراشد )٢(

. ٥، ص هـ ١٤١٩

Page 165: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرة واحدة كفيلة بأن تدمر قيمة االستقامة يف نفسه ولو االت .. أو فعل وهكذا يف كل القيم واملبادئ اليت تقوم عليها احلياة ! على مسعه التعليمات

. )١( ))اإلنسانية السوية

، وهو ضد الكرب ، والتواضع يعين خفض )٢(التذلل : التواضع لغة اجلناح ، وقبول احلق ممن كان ؛ صغريا أو كبريا ، صعلوكا أو وجيها ،

. )٣(صديقا أو عدوا ، واحترام كل الناس عت عاصم بن أيب مس: ما التواضع ؟ قال ((: وملا سئل بكر بن خنيس

التواضع إذا خرجت من مرتلك ال تلقى أحدا إال رأيت أنه : النجود يقول . )٤( ))خري منك

ولوال جهل املتكبر بربه وبغضه ملا وقع فيه ، ولو عرف ربه لعلم أن : إىل هذه اخلصلة ، فقال eرسوله Iوقد ندب . الكربياء له وحده

} { )١( . وحسن معاملته ألصحابه ـ وهو املنشغل بشؤون eوبلغ من تواضعه

. ١١٨، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( . ٧٢٧، ص ، مرجع سابق خمتار الصحاح: حممد بن أيب بكر الرازي )٢(، ١١ ، ج ، مرجع سابق فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )٣(

. ٣٤١ص ، هـ ١٤١٥، بريوت ، دار الفكر ، ) ط .د( ، تاريخ مدينة دمشق: ابن عساكر )٤(

. ٢٣٧، ص ٢٥ ج ) . ٨٨( سورة احلجر ، آية )١(

Page 166: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن . )١(اإلسالمية ـ أن تأخذ بيده األمة فتنطلق به حيث شاءت الدولة !يا رسول الله : أن امرأة كان في عقلها شيء فقالتt أنس ابن مالك

((: إن لي إليك حاجة ، فقال ك ل ي ض ق أ ىت ح ت ئ ش ك ك الس ي ي أ ر ظ ان ن ال ف م ا أ يا ه ت اج ح ن م ت غ ر ف ىت ح ق ر الط ض ع ب ا يف ه ع م ال خ ، ف ك ت اج . )٢( )) حربي واملتربي ، إذ كيف إن التكبر وسوء املعاملة يعد عقبة كؤود بني امل

ألن من طبيعة ((يسمع األخري ملن ميز نفسه منه ، وتعاىل عليه ، وتطاول ؛ تعاىل عليها ، أنهم ال يقبلون قول من يستطيل عليهم االناس اليت جبلهم

. )٣( ))وحيتقرهم ويتكبر عليهم ، وإن كان ما يقوله حقا وصدقا

ازيبالغ يف : أي ) حفى ( احلفاوة ، بفتح احلاء مبعىن ((: يقول الر

. )١( ))إكرامه وإلطافه والعناية بأمره أحيانا يتعامل املربي مع املتربي على أنه صاحب منة عليه ؛ ولذا يرى

فاوة وحسن االستقبال ، ورمبا شعر أن أنه ال حاجة إىل القيام بشيء من احل

، ١ ، ج ، مرجع سابق فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )١(

. ٤٨٩ص من e، باب قرب النيب ، مرجع سابق لمخمتصر صحيح مس: زكي الدين املنذري )٢(

. ٤٧٢، ص ) ١٥٧٧ (أصحابه ، رقم ، ١٤٠٧، بريوت ، مؤسسة الرسالة ، ٢، ط أصول الدعوة: عبد الكرمي زيدان )٣(

. ٣٦٣ ص . ١٤٥، ص ، مرجع سابق خمتار الصحاح: حممد بن أيب بكر الرازي )١(

Page 167: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

احلق له ، واحلقيقة أن للمربي حقا كبريا ، لكن هذا احلق رمبا لن حيصل إال إذا غرس يف قلب املتربي إكرام أهل ))أبا ((عليه املربي حتى لو كان

الفضل ، مع التدريب املستمر على ذلك من خالل أساليب وخطوات .ية مشوقة يقوم ا املربي تربو

يبولقد كان النe ، يستقبل أصحابه بوجه طلق ، وترحيب دائم .ونفس منشرحة ، وذلك ما جعل نفوسهم تنجذب إليه ، وتأنس حبديثه

إني ! ا يا رسول: فقال eإىل النيبt جاء صفوان بن عسال يبجئت أطلب العلم ، فقال له الن e :)) طالب العلم ن ا بطالب العلم ، إ مرحب

تهم ملا نيا من حمب ماء الد يبلغوا الس يركب بعضهم على بعض حىت ه املالئكة بأجنحتها ، ثم حتف، أي حفاوة تلك ، وأي استقبال للمتربي وطالب العلم أعظم )١( )) ...يطلب

العبارات اجلميلة ، وذلك من ذلك ، ترى ما هو األثر الذي ستتركه تلك !الترحيب احلار يف نفس املتربي ؟

((: وعن أيب رفاعة قال يب الن ىل إ ت ي ه ت eان ال ، ق ب ط خي و ه : و ت ل ق : ف ول س ا ر ي ! اهللا ه ين ا د ي م ر د ي ؛ ال ه ين د ن ع ل أ س ي اء ج يب ر غ ل ج ر ال : ، ق ف اهللا ول س ر ي ل ع ل ب ق eأ

ال ا ، ق يد د ح ه م ائ و ق ت ب س ح ي س ر ك ب ي ت أ ، ف يل ى إ ه ت ان ىت ح ه ت ب ط خ ك ر ت : و ول س ر ه ي ل ع د ع ق ف eاهللا مت أ ف ه ت ب ط ى خ ت أ م ، ث اهللا ه م ل ا ع مم ين م ل ع ي ل ع ج او ه ر . )١( )) آخ

أي تكرمي فوق هذا ! يوقف اخلطبة ، وجيلس للمتعلم ! واعجيب ((وأي حفاوة ، وكم سيصنع هذا األسلوب من رغبة يف نفس املتعلم

)١( وسف بن عبد الرب١٥٥، ص ١، ج ، مرجع سابق مع بيان العلم وفضلهجا: ي . ، باب حديث التعليم يف ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ٣٧٣، ص ) ٨٧٦( اخلطبة ، رقم

Page 168: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل نستطيع ـ حنن املعلمني أو املربني ـ أن نقوم عن وجبة !! والطالب ن مسألته ؟ وحني يقطع علينا اإلفطار يف املدرسة مثال لنجيب طالبا ع

املتربي لذة النوم باتصال هاتفي حلل مشكلة ، أو إجابة عن سؤال ، هل . )١( ))سيجد الترحيب منا وطيب النفس ؟

إن السماحة ، وطيب املعشر ، وبشاشة الوجه ، ورقة العبارة ،

واجز بني املربي واملتربي كفيل بإجياد بيئة مطمئنة يتم من والتبسط وإزالة احلخالهلا بناء القيم واملهارات يف جو مفعم باحلب والتفاعل اإلجيايب ، والناظر

يبيف هدي النe ا ، ويرى األثر الكبري الذي حيدثه هذاجيد ذلك واضح .األسلوب يف النفوس

((: قال tعن أنس يب الن ان ك ن eإ ري غ ص خ يل أل ول ق ي ىت ا ح ن ط ال خ ي ا : ل ب ا أ ي ؟ ري غ الن ل ع ا ف م ري م .. ما ألطفه من صنيع ، وما أروعه من تصرف . )٢( )) ع

.. وسلطان الدولة يداعب صبيا ويواسيه يف عصفور فقده .. سيد اخللق .والدعاة إىل أن يتمثلوا هذا اخللق فما أحرى املربني

وجاء ـ مرة ـ رجل ليشكو له انطالق بطن أخيه ، فأمره أن يسقيه ـ سيد e ا ، فانظر إىل هذا التواضع اجلم ، أيسأل رسول )١(عسال

، مرجع سابق ، البيانأساليب نبوية يف التربية والتعليم ، : إبراهيم بن صاحل الدحيم )١(

. ٣٢، ص )هـ ١٤٢٦احملرم ( ، ٢٠٩دد الع)٢( د بن إمساعيل البخاريباب االنبساط إىل ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ١١٨٢، ص ) ٦١٢٩( ، رقم الناس)١( د بن إمساعيل البخاريباب الدواء بالعسل ، ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

Page 169: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

!، ورئيس الدولة ـ عن مرض يستحيي املرء من إخبار الناس به ؟ اخللقب اكمس نب قال وعرة : ن حرمن سابر بجل قلت : سالجت تأكن

ول اللهسرe ا ؛ : ؟ قالريكث ، معن)) يه ي ف ل ص ي ي ذ ال ه ال ص م ن م وم ق ال ي ان ك ح ت وا ي ان ك ، و ام ق ت ع ل ا ط ذ إ ، ف س م الش ع ل ط ت ىت ح ح ب الص ة ي ل اه اجل ر م أ يف ذون خ أ ي ف ون ث د

م س ب ت ي ، و ون ك ح ض ي . )١( )) eفهذا املربي األعظم ، انظر إىل طيب معشره ، ولني جانبه ، كيف ، يتبسط مع أصحابه ، ويتيح هلم الفرصة للتحدث واألخذ يف أمور اجلاهلية

يف املسجد ، وبعد أداء فريضة من إنه! والضحك ، وأين يكون ذلك ؟ ! افرائض

إن تبسط املربي مع املتربي يصنع جسرا من التواصل والتفاعل بينهما ، فكم يف نفوس املتربني من مشاعر وخلجات لو وجدت نفسا بسيطة وقريبة

، ليس هناك أدىن كلفة يف التعامل معها ؛ ملا ترددت يف البوح والتعبري .وحني ال توجد هذه النفس فال شك أن املتربي سيبحث عن نفوس أخرى

: tبن جبل اإلمام أمحد يف مسنده عن معاذروى ! تأمل هذا احلديث )) اهللا ول س ر ن eأ ص اس الن لى ب ص ح ب ص أ ن ا أ م ل ؛ ف وك ب ت ة و ز غ ل ب ق اس الن ب ج ر ح ، خ ب الص الة

اذ ع م م ز ل ، و ة جل الد ر ث لى أ ع اس الن س ع ن س م الش ت ع ل ط ن ا أ م ل وا ، ف ب ك ر اس الن ن إ م ث اهللا ول س رe ه ر ث و أ ل ت ... ي اهللا ول س ر ن إ م ذ eث إ ف ت ف ت ال ، ف ه اع ن ق ه ن ع ف ش ك ل ج ر ش ي اجل ن م س ي ا ل

. ١١١٦، ص ) ٥٦٨٤( رقم

e، باب تبسمه ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١( . ٩٤٩، ص ) ٢٣٢٢( وحسن عشرته ، رقم

Page 170: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اهللا ول س ر اه اد ن ، ف اذ ع م ن م ه ي ل ى إ ن د eأ ال ق : ف اذ ع ا م ! ي ال : ق يب ا ن ي ك ي ب ل ال ، ق : اهللا ى ، ف ر خ األ ا ب م اه د ح ا إ م اه ت ل اح ر ت ق ص ل ىت ح ه ن ا م ن د ، ف ك ون د ن اد اهللا ول س ر ال ا : eق م

اذ ع م ال ق ، ف د ع ب ال ن م م ه ان ك م ا ك ن م اس الن ب س ح أ ت ن : ك م ه ب ت ق ر ف ت ؛ ف اس الن س ع ن اهللا يب ا ن ي اهللا ول س ر ال ق ، ف ري س ت و ع ت ر ت م ه اب ك ا ،: eر س اع ن ت ن ا ك ن أ و اهللا ول س ى ر ر ش ب اذ ع ى م أ ا ر م ل ف

e ال ق ه ل ه ت و ل خ و ه ي ل : إ اهللا ول س ا ر ! ي ين ت م ق س أ و ين ت ض ر م أ د ق ة م ل ك ن ع ك ل أ س أ يل ن ذ ائ اهللا يب ن ال ق ، ف ين ت ن ز ح أ : eو ت ئ ش م ع ين ل . )١(ديث احل )) ...س

لوال tإن هذا السؤال ما كان له أن خيرج من يف معاذ بن جبل يبط النتبسe يهوإتاحة الفرصة ، ولو كان هناك حواجز بينه وبني مرب

.لظل هذا السؤال حبيسا يف صدره eحممد وال يعين التبسط وإزالة احلواجز والكلفة أن يذوب املربي يف شخصية

فاعل والتواصل اإلجيايب بينهما املتربي ، ولكن بالقدر الذي يضمن الت.

إن القصة أمر حمبب للناس عموما ؛ صغارا كانوا أم كبارا ، وتترك أثرها يف النفوس ، وحترك العواطف ، وتوقظ احلس ، وقد أخرب تبارك

{: وتعاىل عن شأا يف القرآن فقال { )ه )٢وأمر نبي ،e بذلك فقال :}

{ )٣( يبهلذا فقد سلك الن ،e ، هذا املنهج

) ٢٢٤٧٣( ، رقم t، مسند معاذ بن جبل ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل )١( . ١٦٣٤ ، ص

) . ٣( سورة يوسف ، آية )٢( .) ١٧٦( سورة األعراف ، آية )٣(

Page 171: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.واستخدم هذا األسلوب والتربية بالقصة لون من التربية يستخدم ((: حممد قطب يقول األستاذ

احلادث ، ولكنه حادث خارجي ، يقع ألشخاص آخرين غري قارئ القصة ومع ذلك فهو مؤثر يف النفس كما لو كان يقع ... أو مستمعها

!ذاته لإلنسانة يقع عن وهذا التأثري للقص ((: وعن طرق التأثري للقصة أضاف قائال

أحدمها هو املشاركة الوجدانية ؛ فاألشخاص يف القصة .. طريقني اثنني ، من مث .. يضفي عليهم الفن القصصي حياة وحركة فيصبحون أحياء

أما الطريق اآلخر . يشاركهم وجدانيا فيما هم فيه من أحداث وانفعاالت لك أن قارئ القصة فرمبا كان يتم على غري وعي كامل من اإلنسان ؛ ذ

، ويظل طيلة القصة .. سامعها يضع نفسه يف موضع أشخاص القصة أويعقد مقارنة خفية بينه وبينهم ، ومن هنا حيدث تأثر ذايت إىل جانب

. )١( ))املشاركة الوجدانية والتربية بالقصة من األساليب اليت ترسخ الفكرة يف عقول وقلوب

احلادثة املرتبطة باألسباب والنتائج ((، وهي أبلغ من النصح ارد ؛ ألن املتربنيحب ليهفو إليها السمع ، فإذا ختللتها مواطن العربة يف أخبار املاضني كان

. )٢( ))االستطالع ملعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عربا يف النفس

. ١٥٤، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( هـ ١٤٠٨الرياض ، مكتبة املعارف ، ، ٨، ط مباحث يف علوم القرآن: مناع القطان )٢(

. ٣٠٥، ص

Page 172: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ وهو خباب بن eالنيب شاب من أصحاب ! تأمل هذا املوقف األرتt يبة كل مبلغ ، فيأيت النـ يبلغ به األذى والشدe ا له ماشاكي

وهو متوسد بردة ، وهو في ظل eأتيت النبيt : أصابه ، فيقول أال ! يا رسول الله : ت الكعبة ـ وقد لقينا من المشركني شدة ـ فقل

((: الله ؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال تدعو اط ش مب ط ش م ي ل م ك ل ب ق ن م ان ك د ق له ين د ن ع ك ل ذ ه ف ر ص ا ي ؛ م ب ص ع و أ م حل ن م ه ام ظ ع ون ا د م يد د احل امل ع وض ي لى ، و ع ار ش ن

ي ىت ح ر م ا األ ذ ه اهللا ن م ت ي ل ، و ه ين د ن ع ك ل ذ ه ف ر ص ا ي ؛ م ني ن اث ب ق ش ي ف ه س أ ر ق ر ف م ب اك الر ري س اهللا ال إ اف ا خي م ت و م ر ض ح ىل إ اء ع ن ص ن . )١( )) م

يبلقد تعامل النe هيب مع هذاملبتلى ! ا املوقف الر وهذا الشاببأسلوب قصصي معبر ، إنه مل يربت على كتفي ذلك الشاب ويصبره بكلمات املواساة والشفقة اليت قد تؤثر تأثريا وقتيا سرعان ما يزول ؛ وذلك

أن ذلك املوقف الذي تضعف فيه النفس وتنهار ال يصلح معه إال eلعلمه .كم اخلطاب ذل

أن يدرس البيئة اليت يعيش فيها ، ((لذا ينبغي على املربي والداعية ويعرف أوضاعها وتقاليدها ، ويتعمق يف فهم مشكالا ونفسيات أهلها ،

. )٢( ))وما يؤثر فيها مما ال شك فيه أن القصة احملكمة الدقيقة تطرق املسامع بشغف ، ((و

)١( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، يبباب ما لقي الن ،e

. ٧٣٠، ص ) ٣٨٥٢( من املشركني ، رقم ، هـ ١٤٠٣، بريوت ، مؤسسة الرسالة ، ٦، ط ثقافة الداعية: يوسف القرضاوي )٢(

. ١٤٥ص

Page 173: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النفس البشرية بسهولة ويسر ، وتسترسل مع سياقها املشاعر فال متلوتنفذ إىل . )١( ))وال تكد ، ويرتاد العقل عناصرها فيجين من حقوهلا األزاهري والثمار

ويف القصص القرآين تربة خصبة تساعد ((: ويضيف القطان قائال ييب ، من سرية النبيني ، املربني على النجاح يف مهمتهم ، ومتدهم بزاد ذ

. )٢( ))وأخبار املاضني .وللقصة آثار تربوية عظيمة ، قد ال تتحقق يف غريها من األساليب

والقصة القرآنية النبوية ((: يقول النحالوي يف أصول التربية اإلسالمية ، بعيدة املدى متتاز مبيزات جعلت هلا آثارا نفسية وتربوية بليغة ، حمكمة

على مر الزمن ، مع ما تثريه من حرارة العاطفة ، ومن حيوية وحركية النفس ، تدفع اإلنسان إىل تغيري سلوكه وجتديد عزميته حبسب مقتضى

. )٣( ))القصة وتوجيهها وخامتتها ، والعربة منها ألستاذ وأسلوب القصة شامل جلميع أنواع التربية وأساليبها ، يقول ا

والقرآن الكرمي يستخدم ((: حممد قطب يف كتابه منهج التربية اإلسالمية ربويوجيه اليت يشملها منهجه التربية والتة جلميع أنواع التتربية : القص

، والتربية بالقدوة ، والتربية ... الروح ، وتربية العاطفة ، وتربية اجلسم ، سجل حافل جلميع التوجيهات ، وهي كذلك ـ على قلة باملوعظة ؛ فهي

. ١١٠، ص ، مرجع سابق مباحث يف علوم القرآن: مناع القطان )١( . ٣١١املرجع السابق ، ص )٢(، دمشق ، دار الفكر ، ٣، ط أصول التربية اإلسالمية: عبد الرمحن النحالوي )٣(

. ٢٣٤، ص هـ ١٤٢٣

Page 174: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدد األلفاظ املستخدمة يف أدائها ـ حافلة بكل أنواع التعبري الفني . )١( ))ومشخصاته

هو أن يتناول احلديث طرفان أو أكثر ، عن طريق السؤال ((: احلوار

دف ، فيتبادالن النقاش حول أمر واجلواب ، بشرط وحدة املوضوع أو اهلمعين ، وقد يصالن إىل نتيجة ، وقد ال يقنع أحدمها اآلخر ، ولكن السامع

. )٢( ))يأخذ العربة ويكون لنفسه موقفا وهو أسلوب يدفع باملتربي إىل املشاركة باألسئلة واالستماع والفهم ،

.وار واملناقشة بل إنه قد يتوصل إىل احلقيقة بنفسه عن طريق احلوالتربية باحلوار املنهجي ال تفيد املتربي فحسب ، ولكن املربي هو أول

.املستفيدين منه واحلوار املنهجي مفيد يف إيصال ((: يقول الدكتور عبد الكرمي بكار

الفكرة لآلخرين ، وحني منارس احلوار ؛ فإننا ال نفيد املتربي وحده ، بل منه أكثر ؛ فمن خالل احلوار والنقاش تنضج أفكارنا ويرتقي حنن نستفيد

إننا حني نعرض أفكارنا للتشذيب والتهذيب ، . تفكرينا وتتزن نظرتنا . )٣( ))واإلضافة والنقد ، تكون أكثر معرفة للواقع وأقدر على التعامل معه

. ١٩٤، ص ١، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( . ٢٠٦، ص ، مرجع سابق أصول التربية اإلسالمية: عبد الرمحن النحالوي )٢( ٢٩، ص هـ ١٤٢٣اإلسالمي ، ، الرياض ، املنتدى األجيالبناء : عبد الكرمي بكار )٣(

.

Page 175: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وار أساسا ومنهجا إنه من املهم ، ومن املهم جدا أن جيعل املربي من احلله يف حياته ، ال سيما يف اال التربوي ، فال يفرض األمور فرضا جازما

.يقبل املناقشة وال احملاورة ال ميارس حيث يشعر أن املربي ال ((؛ فاحلوار يزيد من قبول املتربي للمربي

فإننا نقصد القيام وحني نطالب باحلوار ؛. معه نوعا من إلغاء الشخصية بدور احملاور ال املناظر ؛ فهناك فرق كبري بينهما ، فاملناظر يبغي إقناع صاحبه برأيه ليتبناه ، بينما احملاور يقوم بإضاءة نقطة مظلمة ، وتوضيح قضية غامضة

الوجه الصحيح ، وذا يكون احلوار هادئا يراها احملاور اآلخر على ال . )١( )).. واالستيالء يستهدف النفع املتبادل وليس االستحواذ ؛ ألنه ومنتجا

يبوهذا ما فعله النe ناالذي جاءه يستأذنه يف الز فاألمر ! مع الشابحيتاج إىل حوار هادئ مقنع ، يفتح بصر املخطئ وعقله إىل جوانب قد

! ترضاه ألمك ؟أ: أدن مني ، فلما دنا قال له : غفل عنها ؛ حيث قال له ال ، : والشاب يقول يف كل مرة ! خلالتك ؟! لعمتك ؟! أترضاه ألختك ؟

يبوالنe عليه بقوله اس ال يرضونه : يرد٢( )).. وكذلك الن( . يبلقد أدرك النe ة ، فضاله إليه مبوعظة إميانيفلم يتوج ، حال الشاب

يلفت نظره إىل eليل إميانه ، فجعل النيب عن أن يعنفه ؛ ألن استئذانه دمفاسد وبشاعة ذلك الفعل الذي تنفر منه أصحاب الفطر السليمة ؛ إذ

.املسألة ليس مسألة حرام فحسب ، بل يترتب عليها مفاسد أخرى

. ٢٩املرجع السابق ، ص )١(، انظر احلديث ، مرجع سابق املسند: أمحد بن حنبل : انظر احلديث )٢(

. ٢٣٧ ، ص) ٢٢١١٢ ( رقم

Page 176: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأما حني يفرض املربي رأيه فرضا ، وبدون أي حوار أو نقاش ؛ فإنه ظاهر املتربي ، لكنه قد ال ينجح يف تغيري قناعة املتربي قد ينجح يف توجيه

من الداخل ؛ مما قد يسبب مجوحا ومتردا من املتربي مىت سنحت الفرصة من السهل قيادة احلصان إىل نبع املاء ، ((لذلك ، فكما يف املثال اإلجنليزي

. )١( ))ولكن من الصعب إجباره على أن يشرب حيدث من بعض املتربني من التعبري عن رأيهم بالعناد واخلصومة إن ما

ورفع الصوت ـ مع والديهم بالذات ـ هو بسبب ضيق مساحة احلوار أو لذا جيب على كل مرب يطمح لبناء جيل متزن الشخصية ، . انعدامها غالبا

ذي يعمد إىل إثارة واثق بنفسه ، أن ال يغفل هذا األسلوب التربوي الفذ ؛ ال .التفكري والعواطف

يستخدم هذا األسلوب بشكل ملحوظ يف e ا ولقد كان رسولتربيته وتوجيهه ألصحابه ؛ فتارة يطرح السؤال احملير للفهم ، املشكل على

((: eسامعه ، ومنه قوله ه ن إ ا ، و ه ق ر و ط ق س ي ال ة ر ج ش ر ج الش ن م ن ، إ م ل س امل ل ث ا مي اد و ب ال ر ج ش يف اس الن ع ق و ؟ ف ي ا ه ي م ون ث د ح . ف ال ق د ب ع ا : اهللا ه ن ي أ س ف ن يف ع ق و و

وا ال ق م ـ ث ـ لصغر سين ت ي ي ح ت اس ، ف ة ل خ : الن ال ؟ ق اهللا ول س ا ر ي ي ا ه ا م ن ث د لة ه : ح خ الن )) ي)٢( .

وفيه امتحان العامل أذهان الطلبة مبا ((: ـ ا رمحه قال ابن حجر ـ

م ، ، بريوت ، دار ابن حز ٢، ط حكمة قيادية ووصية إدارية ٢٠٠: علي احلمادي )١( . ٣٠، ص هـ ١٤٢٣

)٢( د بن إمساعيل البخاريباب فضل العلم ، ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، . ٣٦، ص ) ٦١ ( رقم

Page 177: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتارة بإلقاء السؤال عليهم ؛ لكي . )١( ))خيفى مع بيانه هلم إن مل يفهموه بن عن معاذ. يلفت نظرهم ، ويثري انتباههم ملا يريد غرسه يف نفوسهم

ا أ ((: قال tجبل م ن ي ب يب الن يف د ا ر eن ال ق ، ف ل ح الر ة ر آخ ال إ ه ن ي ب و ين ي ب س ي : ل اذ ع ا م ! ي ت ل : ق ال ق م ، ث ة اع س ار س م ، ث ك ي د ع س و اهللا ول س ا ر ي ك ي ب : ل اذ ع ا م ! ي ت ل : ق اهللا ول س ر ك ي ب ل

، ك ي د ع س و ال ق م ، ث ة اع س ار س م : ث ل ب ج ن ب اذ ع ا م ! ي ت ل : ق ك ي د ع س و اهللا ول س ر ك ي ب ل ال ، ق : ق ا ح ي م ر د ت ل ه ت ل ؟ ق ه اد ب لى ع ع : اهللا ال ، ق م ل ع أ ه ول س ر و : اهللا ه اد ب لى ع ع اهللا ق ح

ع ي ن أ ال ق م ، ث ة اع س ار ، س م ا ث ئ ي ش ه وا ب ك ر ش ي ال و وه د : ب ل ب ج ن ب اذ ع ا م ! ي ت ل : ق ول س ر ك ي ب ل ال ، ق ك ي د ع س و : اهللا ت ل ؟ ق وه ل ع ا ف ذ إ لى اهللا ع اد ب ع ال ق ا ح ي م ر د ت ل : ه ه ول س ر و اهللا

أ ال ، ق م ل : ع م ه ب ذ ع ي ال ن أ لى اهللا ع اد ب ع ال ق . )٢( )) ح يبأن يف تكرار نداء الن ال شكe ، ديد منهملعاذ ثالثا مع قربه الش

ومع إجابة معاذ يف كل مرة ، لفت نظر إىل أمهية ما سيلقيه عليه ؛ فيكون السؤال بصيغة االستفهام eوقد أخرج ((س أوقع يف الفهم وأبلغ يف النف

ليكون أوقع يف النفس وأبلغ يف فهم املتعلم ، فإن اإلنسان إذا سئل عن مسألة ال يعلمها مث أخرب ا بعد االمتحان بالسؤال عنها ؛ فإن ذلك أدعى

. )٣( )) eلفهمها وحفظها ، وهذا من حسن إرشاده وتعليمه

، ١ ، ج ، مرجع سابق فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )١(

. ٢١٥ص )٢( د بن إمساعيل البخاريباب ما جاء يف دعاء سابق ، مرجع صحيح البخاري: حمم ،

يبالنe وحيد ، رقمته إىل الت١٤٠٥، ص ) ٧٣٧٣ ( أم . ، بريوت ، ٦، ط تيسري العزيز احلميد يف شرح كتاب التوحيد: سليمان بن عبد الله )٣(

، ٦٥، ص هـ ١٤٠٥املكتب اإلسالمي .

Page 178: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

eى السؤال وفتح اال فيه ، فقد كانت رغبة النيب وتارة يف احلث عليف بعض األحيان أن يكون الصحابة هم البادئون بالسؤال ؛ ليكون التعليم

.أشد وقعا يف نفوسهم ((: قال tعن أنس بن مالك اهللا ول س ر ان eك اس لن ا ل ز ار ا ب م و ، ويف )) ي

ي ((: eا قال رسول: رواية ون ل . )١(احلديث )) ...سوتارة يستخدم األسلوب االستفهامي إلثارة العواطف مث السيطرة عليها ، وتوجيهها توجيها صحيحا ، حتى يتم االعتماد عليها عند املواقف الصعبة

كما حصل مع األنصار عندما أعطى من غنائم حنني عطايا كبرية مل يكن e ا يء منها ، فوجدوا يف أنفسهم وعتبوا ، فأمر رسوليف األنصار ش

ول اللهسر ماهسعد بن عبادة فجمعهم ، فأتe هليى عأثنو الله دمفح ((: بالذي هو له أهل ، ثم قال ار ص ن األ ر ش ع ا م ! ي د ج و م ك ن ع ين ت غ ل ب ة ال ا ق م ة

اء د ع أ ؟ و اهللا م اك ن غ أ ف ة ال ع ؟ و اهللا م اك د ه ف ال ال ض م ك آت مل ؟ أ م ك س ف ن أ ا يف وه مت د ج ووا ال ؟ ق م ك وب ل ق ني ب اهللا ف ل أ : ف ال ، ق ل ض ف أ و ن م أ ه ول س ر و اهللا ل ا: ب ي ين ون يب جت ال أ ر ش ع م

وا ال ؟ ق ار ص ن : األ ال ، ق ل ض ف ال و ن امل ه ول س ر ل و هللا ، و اهللا ول س ا ر ي ك يب ا جن اذ مب : و و ل اهللا ا و م أ م ت ل ق ل م ت ئ ش م ت ق د ص و م ت ق د ص ل ذوال : ف خم ، و اك ن ق د ص ا ف ب ذ ك ا م ن ت ي ت ا أ يد ر ط ، و اك ن ر ص ن ، ف اك ن ي آو ف

ة اع ع ل يف ار ص ن األ ر ش ع ا م ي م ك س ف ن أ يف مت د ج و ، أ اك ن ي ن غ أ ف ال ائ ع ا و م و ا ق ه ب ت ف ل أ ا ت ي ن الد ن م ن و ض ر ت ال ف ؟ أ م ك م ال س إ ىل إ م ك ت ل ك و وا ، و م ل س ي ل ي ري ع ب ال و اة الش ب اس الن ب ذه ي ن أ ار ص ن األ ر ش ع ا م

اهللا ول س ر ب ون ع ج ر ت ي e و ذ ال و ؟ ف م ك ال رح يف ن م أ ر ام ت ن ك ل ة ر ج اهل ال و ل ه د ي ب د م حم س ف نار ص ن األ لك س ا و ب ع ش اس الن ك ل س و ل ، و ار ص ن األ م ح ار م ه ، الل ار ص ن األ ب ع ش ت ك ل س ا ل ب ع ش ار ص ن األ ت

وترك e، باب توقريه ع سابق، مرج صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ٩٦١، ص ) ٢٣٥٩( اإلكثار عليه من السؤال ، رقم

Page 179: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ار ص ن األ اء ن ب أ اء ن ب أ و ار ص ن األ اء ن ب أ . و ال وا : ق ال ق ، و م اه وا حل ل ض خ أ ىت ح م و ق ى ال ك ب ا : ف ين ض رظ ح ا و م س ق اهللا ول س ر . )١( ))ا ب

ما أحوج املتربي إىل ذلكم احلوار العاطفي ؛ الذي يتجلى فيه صدق احة واالطمئنان ؛ وعندئذالعاطفة ، فيسكن بذلك فؤاده ، ويشعر بالر

.بني املربي واملتربي اتقوى أواصر األخوة واحملبة يف ى التفكر خيالط أصحابه ويربيهم عل e ا وهكذا كان رسول ((

والتأمل والنظر ، مث يبين هلم بعد ذلك إن مل يفهموا ما أراد ، فيكون ذلك . )٢( )) eأوقع يف نفوسهم ، وأحفظ ملا أراد

واألمثلة على تنوع أساليب احلوار يف السنة النبوية كثرية جدا ، لعل .فيما ذكر بيان للمقصود

ن ، أو حدث التربية باألحداث تعين استثمار الفرصة املناسبة ملوقف معي

طارئ ، أو مشهد يف توجيه أو وعظ ، أو تعديل سلوك ، ويكون هذا .احلدث دافعا للتأثر والتقبل

والتربية باألحداث من األساليب الفعالة يف التربية ؛ ألنها تؤثر يف احلادثة تثري النفس بكاملها ، وترسل فيها ((وذلك ألن النفس تأثريا بالغا ،

)١( د بن إمساعيل البخاريباب غزوة الطائف ، ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ٨١٧، ص ) ٤٣٣٠( رقم ، مكة ألصحابه يف ضوء الكتاب والسنة eتربية النيب : خالد بن عبد الله القرشي )٢(

. ٣٦١، ص هـ ١٤٢١املكرمة ، دار التربية والتراث ،

Page 180: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قدرا من حرارة التفاعل واالنفعال ؛ يكفي لصهرها أحيانا ، أو الوصول ا إىل قرب االنصهار ، وتلك حالة ال حتدث كل يوم يف النفس ، وليس من

. )١( ))اليسري الوصول إليها ، والنفس يف راحتها وأمنها وطمأنينتها وقد كانت األحداث يف حياة الصحابة والتوجيهات القرآنية املرتلة فيها من أبلغ أساليب التربية هلم ، وأعمقها أثرا يف نفوسهم ، ففي غزوة أحد عندما استشهد سبعون من الصحابة الكرام ،وأصاب القوم استغراب من

ة ، وأعطي املسلمون ذلك ؛ نزلت آيات تبين سبب هذه اخلسارة املؤمل {: درسا يف الطاعة وعدم املخالفة ، قال تعاىل

{ )٢( . أعجبتهم وكذلك اهلزة العنيفة اليت تعرض هلا املسلمون يوم حنني ؛ إذ

وما نزل من آيات ودروس عظيمة يف حادثة . كثرم ، فلم تغن عنهم شيئا وكذلك إجالء بين النضري ، . اإلفك اليت مست بيت النبوة واملؤمنني مجيعا

وما نزل فيهم من عرب وعظات ، وغريها الكثري الكثري ، حتى مل تكد ختلو هات اليت تعقب األحداث ، وتبين سورة من سور القرآن من هذه التوجي

كان ((املوقف الصحيح الذي ينبغي على اجلماعة املسلمة أن تتبناه ، حيث احلدث يهز اجلماعة املسلمة كلها ، فتنفعل به انفعاال يصل إىل درجة التوهج ، فيترك طابعه الذي ال يزول ، أو كان حيدث احلدث فيرتل التعليق

ج ، ويف ثناياه عليه حارا متدفقا ؛ فيكون هو الذي يشعل إىل درجة التوهجييء التوجيه املطلوب ، كما يطرق احلديد بعد حتميته حتى يتوهج ،

. ٢٠٧، ص ١، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( ) . ١٦٥( سورة آل عمران ، آية )٢(

Page 181: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( ))فيشكل على الشكل املطلوب يستثمر احلدث الطارئ ، أو الفرصة املناسبة ؛ eوهكذا كان الرسول لى التأمل والتدبر ، والعظة والعربة ملا يشاهدون لتوجيه أصحابه وحثهم ع

أو يسمعون ، وال يدعه مير دون تصويب رأي معين ، أو تعديل سلوك :، واألمثلة على ذلك كثرية ، منها خاطئ

عنهما ـ اـ رضي اما أخرجه اإلمام مسلم عن جابر بن عبد )) اهللا ول س ر ن eأ د وق الس ب ر م ك س أ ي د جب ر م ، ف ه ت ف ن ك اس الن و ة ي ال ع ال ض ع ب ن م ال )٢(اخ

ال ق م ث ه ن ذ أ ذ ب خ أ ف ه ل او ن ت ، ف ت ي وا : م ال ق ؟ ف م ه ر د ب ه ا ل ذ ه ن أ ب حي م ك ي ا : أ ن ل ه ن أ ب ا حن م ع ن ص ا ن م ، و ء ي ش ب ال ؟ ق ه وا : ب ال ؟ ق م ك ل ه ن أ ون ب حت : أ ه ن ؛ أل يه ا ف ب ي ع ان ا ك ي ح ان ك و ل اهللا و

ال ق ؟ ف ت ي م و ه و ف ي ك ، ف ك س : أ م ك ي ل ا ع ذ ه ن م لى اهللا ع ن و ه ا أ ي ن لد ل اهللا و . )٣( )) فمن خالل مشهد اجلدي امليت كان eلذي وعظهم به إن املكان ا ((

السوق ؛ الذي هو مظنة الغفلة ، والتطلع إىل مناء األموال ، وزيادة الثروة ، فكانت املوعظة مبثابة هزة قوية تناسب غفلة أهل السوق ، دعاهم فيها إىل

تعاىل كما هان االتأمل والتفكر ، وأشعرهم بتفاهة الدنيا اليت هانت على كم يتكرر على املتربي مثل هذا . )٤( ))عليهم هذا اجلدي امليت املننت

. ١٥١، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( .مقطوع األذنيني : أسك )٢( . ٣٨٤، ص )سكك( ، مادة ، مرجع سابق النهاية يف غريب احلديث: ابن األثري ، كتاب الزهد والرقائق ، ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )٣(

. ١١٨٧، ص ) ٢٩٥٧( رقم ، عمان ، دار لسنة النبويةأساليب الدعوة والتربية يف ا: زياد حممود العاين )٤(

Page 182: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

!املشهد أو قريبا منه مث ال يوليه أدىن اهتمام tومن أمثلة ذلك أيضا ما رواه مسلم من حديث عمر بن اخلطاب

ا امرأة من السبي تبتغي ، إذا بسبي ، فإذ eقدم على رسول الله : أنه قال وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال لنا

؟ ((: eالله رسول ار الن ا يف ه د ل و ة ارح ط ة أ ر امل ه ذ ه ن و ر ت ه وهي والل ال: قلنا أ هحطرلى أن ال تع رقدت . ول اللهسفقال رe : ه ذ ه ن م ه اد ب ع ب م ح ر أ هللا

ا ه د ل و . )١( )) بكان ميكن أن يذهب هذا احلدث املمتلئ رمحة وشفقة من أم وجدت

eالنيب لكن! ابنها بعد فقده ، فانكبت عليه تقبله وحتضنه دون تعليق ـ تعاىل ـ بعباده ، اليت فاقت رمحة هذه ااستخدمه لبيان مدى رمحة

.بابنها املرأة اما حدث به الصحايب اجلليل جرير بن عبد : ومن األمثلة كذلك

البجليt قال : بيالن دنا عكنe ني البعلة ـ ير ليإلى القم ظرـ فن رد ((: فقال ن أ م ت ع ط ت اس ن إ ، ف ه ت ي ؤ ر يف ون ام ض ت ، ال ر م ق ا ال ذ ه ن و ر ا ت م ك م ك ب ر ن و رت س م ك ن إ

وا ل ع اف ا ف ه وب ر غ ل ب ق و س م الش وع ل ط ل ب ق ة ال لى ص وا ع ب ل غ ت . )٢( )) اليت جيلس فيها املربي مع طالبه ، أو الوالد مع أبنائه ، مث كم هي الليايل ال

. ٣٨٩ ، ص هـ ١٤٢٠ ، عمار

، كتاب التوبة ، ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١( . ١١٠٢، ص ) ٢٧٥٤ ( رقم

)٢( د بن إمساعيل البخاريباب فضل صالة ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، . ١٢٤ص ، ) ٥٥٤( ، رقم العصر

Page 183: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.يف اجلنة I اال حيصل تذكري برؤية واملربي البارع ال يترك األحداث تذهب سدى بغري عربة وبغري (( . )١( ))إنما يستغلها لتربية النفوس ، وصقلها وذيبها . توجيه

ع من يربيهم حول النار لصنع الطعام ، ميكن فمثال حينما جيلس املربي م ((: eأن يستفيد من هذا احلادث ، فيذكر املتربني حبديث الرسول م ك ار ن

م ن ه ج ر ح ن ا م ء ز ج ني ع ب س ن م ء ز ج م آد ن اب د وق ي يت ال ه ذ أن يقول هلم ، وميكن )٢( )) هار كيف تأكل احلطب ؟ كذلك احلسد يأكل احلسنات أرأيتم الن: أيضا

.كما تأكل النار احلطب وكذلك لو انطفأ املصباح فجأة ، وأصبح الظالم دامسا ، واملكان

واألمثلة على ذلك . موحشا ، فيمكن أن يذكرهم بظلمة القرب ووحشته .كثرية جدا

هار حثك الشيء : احلفزمن خلفه سوقا وغري سوق ، والليل حيفز الن

. )٣(احلث واإلعجال : واحلفز . حيثه على الليل : حفزا بد إذا كان احلفز مبعىن الدفع واحلث واإلعجال فإن ذلك يعين أنه ال

. ٢٠٨، ٢٠٧، ص ١، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١(، باب يف شدة حر نار ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )٢(

. ١١٤١، ص ) ٢٨٤٣ ( جهنم ، رقم . ٢٨٣، ص ٣، ج ، مرجع سابق لسان العرب: ابن منظور )٣(

Page 184: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من توفر أساليب أخرى ـ حمفزات ـ تعمل على تدعيم هذا األسلوب الن ربوياجح ـ وهي كثرية ـ منها على سبيل املثال الت:

الثناء والتشجيع أسلوب تربوي يراد منه حث النفس على الزيادة وإثارة

.النفوس األخرى حنو املنافسة اهذا األسلوب مع أصحابه ـ رضوان eوقد استخدم الرسول ري ارد ، يتفاوت تأثريه ، حبسب تفاوت عليهم ـ ألن اإلقناع الفك

، وحتى لو كان اإلقناع جمديا ، فإنه ال غىن للمربي عن استخدام هذا الناساألسلوب مع املتربي أيا كان عمره ومستواه الفكري ، ولكن شريطة أن

.يكون الثناء حقا ، وبالقدر الذي حيقق الغاية املنشودة من ! يا رسول الله : قال tأن أبا هريرة : لة على ذلك ومن األمث

ول اللهس؟ قال ر ةاميالق موي كتفاعاس بشالن دعأسe :)) ا ب ا أ ي ت ن ن ظ د ق لا ؛ مل ك ن م ل و أ د ح أ يث د ا احل ذ ه ن ع ين ل أ س ي ال ن أ ة ر ي ر ه يث د لى احل ع ك ص ر ح ن م ت ي أ )) ...ر

)١( . بربك ما هو حال املتربي حينما يكتشف أن مربيه ينتظر سؤاله هو

.بالذات من بني املتربني ، وذلك ملا يرى من حرصه وفطنته ر ((: eقال رسول الله : قال tوعن أبي بن كعب ذ ن ا امل ب أ ة آي ي أ

ال ؟ ق م ظ ع أ اهللا اب ت ك ن م ك ع : م ت ل : ق م ل ع أ ه ول س ر و . اهللا ال : ق ك ع م ة آي ي أ ر ذ ن ا امل ب أ

، باب احلرص على احلديث ، ، مرجع سابق خمتصر صحيح البخاري: أمحد الزبيدي )١(

. ٣٥، ص ) ٨٥( رقم

Page 185: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ال ؟ ق م ظ ع أ اهللا اب ت ك ن : م ت ل )١( } {: ق ق : ال ب ر ض ف ال ق ي و ر د ص : يف م ل ع ال ر ذ ن ا امل ب ا أ ي ك ل ن ه ي . )٢( )) ل

فكم يبعث التشجيع والثناء يف نفس املتربي من حب العلم ، وذلك على عكس ما يأيت به كثرة التأنيب واللوم ، أو السكوت عن الثناء عند

.كل جناح أو متيز ملا رجعوا قافلني إىل ) ذي القرد ( يف tة بن األكوع ويف قصة سلم

: e ا قال رسول: املدينة بعد أن أبلى سلمة بالء حسنا ، يقول سلمة )) ال ، ق ة م ل ا س ن ت ال ج ر ري خ و ة اد ت و ق ب أ م و ي ا ال ن ان س ر ف ري خ ان : ك اهللا ول س ي ر ان ط ع أ م eث

اهللا ول س ر ين ف د ر أ م ا ، ث يع مج ا يل م ه ع م ج ، ف ل اج الر م ه س ، و س ار ف ال م ه ؛ س ني م ه eس ة ين د امل ىل إ ني ع اج ر اء ب ض ع لى ال ع ه اء ر . )٣( )) و

، تأمل هذه احلادثة ، وكم فيها من الثناء والتشجيع ، وتقدير الكفاءاتويف مقال إلبراهيم الدحيم يف جملة البيان يقول ـ معلقا على هذا احلديث

ولك أن تتصور مقدار التكرمي حني يركبك القائد معه يف ((: اآلنف الذكر مركبته اخلاصة تسري بصحبته أمام الناس ، كم سيضاعف هذا الثناء والتقدير

عنهما ـ بل كم اـ رضي من نشاط يف نفس سلمة أو أيب قتادة

) . ٢٥٥( سورة البقرة ، آية )١(، باب ما جاء يف آية ، مرجع سابق صحيح سنن أيب داود: حممد ناصر الدين األلباين )٢(

. ٤٠٢، ص ) ١٤٦٠( الكرسي ، رقم ، باب غزوة ذي قرد ، ، مرجع سابق صحيح مسلم: لم بن احلجاج النيسابوري مس )٣(

. ٧٥٣، ص ) ١٨٠٦( رقم

Page 186: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( ))سيحرك يف نفوس اآلخرين حني يكون املدح يف حمله إن كثريا من ((: وخيتم إبراهيم الدحيم مقاله بكالم نفيس يقول فيه

القدرات ، وكثريا من أصحاب الكفاءات يصابون بالضمور ، بل رمبا دون من يدفعهم بكلمة ميوتون ومتوت مواهبهم وقدرام ؛ ألنهم ال جي

.، أو يرفعهم بعبارة تشجيع ثناءإننا حني نثين على أصحاب القدرات لسنا حنفظ ونضمن جهد اتهد

. )٢( ))... منهم فحسب ، بل إننا حنرك نفوسا رمبا ال حيركها أسلوب آخر

ائلة ، قد وهب اإلنسان طاقات ه U اومما ال شك فيه أن وإمكانات متعددة ، لكن أكثر هذه الطاقات كامن حيتاج إىل اكتشاف ،

.ومن مث تنمية وتدريب حتى يبلغ اإلنسان أعلى كماالته املتاحة ويف جمال التربية والتعليم فإن أسلوب التدريب يساعد على حتسني

عال لبلوغ الغايات إمكانات املتربني ، وحتسني أدائهم ، وهو األسلوب الفومن امع عليه اآلن أن ما يتعلمه املرء وما ((اليت يرمسها املربي هلم ،

. )٣( ))يكتسبه من مهارات ، أهم بكثري مما ورثه عن آبائه من ذكاء وأملعية هدريب بأنف التعبارة عن نشاط منظم ، يركز على الفرد ((ويعر

، مرجع سابق ، البيانأساليب نبوية يف التربية والتعليم ، : إبراهيم بن صاحل الدحيم )١(

. ٣٦، ص )هـ ١٤٢٦احملرم ( ، ٢٠٩العدد . ٣٧املرجع السابق ، ص )٢( . ٣٢٥، ص ، مرجع سابق حول التربية والتعليم: عبد الكرمي بكار )٣(

Page 187: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معارفه ومهاراته وقدراته ملقابلة احتياجات حمددة يف الوضع لتحقيق تغير يفاحلاضر أو املستقبلي ، يف ضوء متطلبات العمل الذي يقوم به املرء ، ويف

. )١( ))ضوء تطلعاته املستقبلية للوظيفة اليت يقوم ا يف اتمع ن التطبيقية يظن بعض الناس أن احلاجة للتدريب تعىن مبن يزاول امله

واملهنية ، بينما مهنة التربية والدعوة ال حتتاج إىل شيء من ذلك ، واألمر .على خالف ما يتصور أولئك

حباجة ملن يعلمنا فن احلوار ، وفن (( اإننا معاشر املربني والدعاة إىل يدربنا الصمت ، كما أننا حباجة إىل من يدربنا على إدارة الوقت ، ومن

على رسم األهداف ، وعلى التخلي عن النزعات العدوانية ، ومن يدربنا على القراءة املثمرة والتفكري املبدع ، وحني حنرز تقدما على هذه األصعدة ؛ فإننا سنجد أن معامل حياتنا كلها قد تغيرت ، وصارت فرص النجاح

. )٢( ))ن واالرتقاء أفضل بكثري مما هي عليه اآلوحكمته البالغة ، يف يئة مجيع أنبيائه لرعي الغنم قبل اإن مشيئة

.والتأمل بعثتهم ، هلي وقفة تستحق النظر إنها فرصة للتدريب على سياسة الناس والصرب عليهم ، إضافة إىل ما

: قال eعن النبيt تورثه رعايتها من الرمحة واللني ؛ فعن أبي هريرة )) ه اب ح أص ال ق ، ف م ن غ ى ال ع ر ال ا إ ي ب ن اهللا ث ع ا ب : م ال ق ؟ ف ت ن أ لى : و ا ع اه ع ر أ ت ن ؛ ك م ع ن

ة ك م ل ه أل يط ار ر . )٣( )) ق

. ٣٢٥املرجع السابق ، ص )١( . ٣٣٠املرجع السابق ، ص )٢()٣( د بن إمساعيل البخاريباب رعي الغنم ، رقم ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

Page 188: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لماء قال الع ((: ـ معلقا على هذا احلديث ا رمحه قال ابن حجر ـاحلكمة يف إهلام األنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن حيصل هلم التمرن :

، فإذا كان األنبياء )١( ))برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم عليهم الصالة والسالم ـ حيتاجون إىل نوع مترين وتدريب ألجل رعاية ـ

.أوىل ري على طريقتهم من باب اخللق والقيام عليهم ، فغريهم ممن يسفحري باملربني واآلباء أن يهتموا بتدريب من حتت أيديهم ، ومتكينهم من الدورات التدريبية اليت تتناسب ومراحلهم العلمية والعمرية ؛ ألن ذلك

.وطاقام حيفزهم وينشطهم على إتقان أعماهلم ، واستنفاد جيمع قواهم

التوجيه غري املباشر يعين التعريض ، والتعريض خالف التصريح ، ومنه . )٢(عرضت به تعريضا إذا قلت قوال وأنت تعنيه

إذا فالتوجيه غري املباشر هو دفع املربي أتباعه لعمل ما دون التصريح eب اليت اعتمدها الرسول ولقد كان هذا األسلوب من أكثر األسالي. به

يف تربيته ألصحابه ، بل ال تكاد ختلو أحاديثه وتوجيهاته منه ، وهو أسلوب راق وشفاف يالمس القلوب وال خيدشها ، وله فوائد مجة قد ال تتوفر يف

:غريه من األساليب ، منها

. ٤٢١، ص ) ٢٢٦٢ (

، ٤ ، ج ، مرجع سابق فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )١( . ٥٥٨ص

، هـ ١٤٢١، بريوت ، مكتبة لبنان ، املصباح املنري: أمحد بن حممد الفيومي )٢( . ١٥٣ ص

Page 189: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ون أن فيه ستر للمسيء أو املخطئ ، وإعانة له على تصحيح خطئه د .معرفة اآلخرين ؛ مما قد جينبه احلرج أو العناد واإلصرار على اخلطأ

خاذ القراري ، ويساعده على اتة لدى املتربي املبادرة الذاتيه ينمأن. ي الوقوعب املتربا قد جينا ؛ ممرك ذاتيافع للعمل أو الته جيعل الدأن

.ة يف الرياء أو اامل ا يدفعة ؛ ممخصيفس ، واستقالل الشي جانب الثقة بالنه يقوأن

.املتربي لالستمرار يف العمل دون أمر املربي ا قدقد ؛ ممة للنني مرهف اإلحساس ، شديد احلساسيبعض املترب

.جيعل التوجيه غري املباشر أكثر مالءمة لشخصيته غري املباشرة ، وكيف آتت أكلها مع eهات النيب وإليك بعض توجي

:عليهم اأصحابه رضوان eسألت رسول الله : قال tروى البخاري عن حكيم بن حزام

((: فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم قال ن إ يم ك ا ح يذ ه س ف ن اف ر ش إ ب ذه خ أ ن م ، و يه ف ه ل ك ور ب س ف ن ة او خ س ب ه ذ خ أ ن م ، ف ة و ل ح ة ر ض خ ال ا امل

ى ل ف الس د ي ال ن م ري ا خ ي ل ع ال د ي ، ال ع ب ش ي ال و ل ك أ ي ي ذ ال ؛ ك يه ف ه ل ك ار ب ي : قال حكيم . )) مل فقلت : ول اللهسا رأ ! يزال أر قبالح ثكعي بالذئا )١(ويش كدعا بدأح

يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن tحتى أفارق الدنيا ، فكان أبو بكر رمإن ع ثم ، هنم لهقبيt اهعد رمئا ، فقال عيش هنل مقبى أن يفأب هيطعيل

.وأصله النقص . رزأته أرزؤه : أسأل ، يقال : أرزأ )١( . ٢١٨، ص )رزأ ( ، مادة مرجع سابق ، النهاية يف غريب احلديث: ابن األثري

Page 190: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: نم قهح هليع رضي أعيم أنكلى حع نيملسالم رشعا مي كمهدي أشإن ذهأخى أن يأبء فيذا الفيه .الن نا مدأح يمكأ حزري فلم ول اللهسر دعاس ب

e فيوى تت١(ح( . مل يطلب من حكيم بن حزام ترك السؤال eتالحظ أن الرسول

صراحة ، بل بين له مساوئ املسألة ال سيما إذا كانت لتكثري املال دون بذله وإنفاقه ، وشبهها له مبن يأكل وال يشبع ، فاملال إذا مل تتحصل به

. )٢(كانت زيادته كالعدم ، كمن يأكل وال يشبع الفوائدأبلغ األثر يف نفس e ا كان هلذا التوجيه غري املباشر من رسول

، حيث امتنع ال عن السؤال فحسب ، بل حتى عن قبول املال tحكيم .الذي يستحقه من الفيء

وقوع أبنائنا أال ميكن أيها اآلباء واملربون أن نستحضر هذا احلديث عندومن نربي يف خطأ ما ، فنعمل على بيان مساوئ ذلك اخلطأ وما يترتب

.عليه بأسلوب هادئ قبل أن نشرع يف املنع املباشر عنها اكما وصفت ذلك أم املؤمنني عائشة ـ رضي eوقد كان

((: ـ بقوهلا يب الن ان eك ء ي الش ل ج الر ن ع ه غ ل ا ب ذ إ ل ق ي ن : مل ال ف ال ا ب م ن ك ل ؟ و ول ق ي ول ق ا ؟: ي ذ ك ا و ذ ك ون ول ق ي ام و ق أ ال ا ب . )٣( )) م

)١( د بن إمساعيل البخاريباب االستعفاف عن ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ٢٨٧، ص ) ١٤٧٢( املسألة ، رقم ، ٣ ، ج ، مرجع سابق فتح الباري يف شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقالين )٢(

. ٤٢٩ص . ١٠٢تقدم خترجيه ص )٣(

Page 191: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويف بعض األحيان يذكر بعضا من أخطاء األمم السابقة وما أوجبته هلم وعذابه ، وهو يريد بذلك حتذير أصحابه من فعل ما فعلوا ، امن غضب

نة ـ رضي عشائعا عنها ـ قالت : ول اللهسقال رe هضري مف هنم قمي ي لمالذ :)) د اج س م م ه ائ ي ب ن أ ور ب ذوا ق ى اخت ار ص الن و ود ه ي ال اهللا ن ع قالت . )) ل

:هأن رغي ، هرقب رزأب ال ذاكا فلوجدسذ مختأن ي يش١(خ( . كالن مس بأن نجل ، عا يأمر أصحابه مبا يريد قوله للروأحيانt أن

ول اللهسلى رل عخال دجرe بيكان النو ، ةفرص أثر هليعوe اقلمء ييبش ههجي وال فجر اجهوقال ي جرا خفلم ، ههكر :)) ن ا أ ذ ه مت ر م أ و ل

ه ن ا ع ذ ه ل س غ . )٢( )) ي: وأحيانا خياطب شخصا ليسمع غريه ؛ عن سليمان بن صرد قال

بيالن دنع النجر بتاسe بسا يمهدأحو لوسج هدنع نحنو هباحص بيفقال الن ، ههجو رماح ا قدبضغمe :)) ه ن ع ب ه ذ ا ل اهل ق و ل ة م ل ك م ل ع ي أل ن إ

ال ق و ؛ ل د ا جي يم : م ج الر ان ط ي الش ن م اهللا ب وذ ع أال تسمع ما : ، فقالوا للرجل )) أ . )٣(إني لست بمجنون : ، قال eالنبي يقول

، باب ، مرجع سابق املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج: حميي الدين النووي )١(

. ١٥، ص ) ١١٨٤( ، رقم ٦٥٥النهي عن بناء املساجد على القبور ، ج ، باب يف اخللوق ، مرجع سابق سنن أيب داود: أبو داود سليمان بن األشعث )٢(

. ٤٠٥، ص ) ٤١٨٢( ، رقم للرجال)٣( د بن إمساعيل البخاريباب احلذر من ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ١١٨٠، ص ) ٦١١٥( ، رقم الغضب

Page 192: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويؤخذ من هذا احلديث ؛ أنه ليس من احلكمة أن يواجه املتربي .بالنصح املباشر يف حالة فوران الغضب

ن عليه دورا هاما ، جيب إن تعويد املتربي حتمل املسؤولية ، وإشعاره بأ

أن حيرص على أدائه بكل أمانة ، هو حبد ذاته يبين شخصيته ، ويقوي ثقته . ما دامت األمور مل يستأثر ا دونهبنفسه ، وجيعله يندفع ذاتيا حنو العمل ،

وال شيء حيقق ذلك بقدر ما حيققه إشراكه باملسؤولية واعتباره عضوا .ة مصاحله ومصاحل اتمع كله فاعال يف رعاي

جند أنه جعل مجيع أفراد اتمع eوحني نعود لسرية املصطفى ((: eمسؤولني فيه ، فليست املسؤولية منوطة بفرد دون آخر ، قال م ك ل ك

ال ، و ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م و اع ر ام م اإل ، ف ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م و اع ر و ه و اع ر ه ل ه أ يف ل ج ر م اد اخل ا ، و ه ت ي ع ر ن ع ة ول ؤ س م ي ه و ة ي اع ا ر ه ج و ز ت ي ب يف ة أ ر امل ، و ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م يف

ه ت ي ع ر ن ع ول ؤ س م و ه و اع ر ه د ي س ال . )١( )) مه ((: eوقال د امل ل ث ، م ة ين ف وا س م ه ت اس م و ق ل ث ا م يه ف ع اق و ال و اهللا ود د ح يف ن

اء امل ب ون ر ا مي ه ل ف س أ ي يف ذ ال ان ك ا ، ف ه ال ع أ يف م ه ض ع ب ار ص ا و ه ل ف س أ يف م ه ض ع ب ار ص فا به و ذ أ ت ا ، ف ه ال ع أ يف ين ذ لى ال وا ع ال ق ف ه و ت أ ، ف ة ين ف الس ل ف س أ ر ق ن ي ل ع ج ا ف س أ ذ ف خ أ ا : ، ف م

ال ؟ ق ك : ل ن إ ، و م ه س ف ن ا أ و جن و ه و جن أ ه ي د لى ي ذوا ع خ أ ن إ ، ف اء امل ن م يل د ب ال ي و ب م ت ي ذ أ تأ و وه ك ل ه أ وه ك ر ت م ه س ف ن وا أ ك ل . )٢( )) ه

. ٤٨٣، ص ) ٢٥٥٤( املرجع السابق ، باب كراهية التطاول على الرقيق ، رقم )١( . ٥١١، ص ) ٢٦٨٦( املرجع السابق ، باب القرعة يف املشكالت ، رقم )٢(

Page 193: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فحري باملربني اليوم أن يسريوا على منهاج النبوة نفسه ، متبعني بذلك مع صحابته الكرام ؛ ليخرج لنا e ا مجيع األساليب اليت سلكها رسول

.جيل حيمل املسؤولية ، ويقدرها قدرها ابإذن

يبلقد كان النe ة مع أصحابه ، معربويورى يف مسريته التيعتمد الش .، ومع كمال عقله ورجحان رأيه اأنه مؤيد من عند

: ألصحابه وقبوله مشورم كثرية ، منها eواألمثلة على استشارته ريوا (( :استشارته للمسلمني يوم بدر ملالقاة العدو خارج املدينة ، وقوله هلم ش أ

اس ا الن ه أي . )١( ، فأشار اجلميع بأنه ال مانع من مالقاة العدو )) علييف تغيري مكان نزول tوكذلك قبوله مشورة احلباب بن املنذر

. )٢( اجليش . )٣(يف حفر اخلندق حول املدينة tي وقبوله ملشورة سلمان الفارس

عنهما ـ يف اواستشارته لسعد بن معاذ وسعد بن الربيع ـ رضي يفعل على أن ترجع ، فأشاروا عليه بأن الأن يعطي غطفان ثلث مثار املدينة

. ٢٠٥ ، ص ٢، ج ، مرجع سابق السرية النبوية: ابن هشام )١( . ٢١٠املرجع السابق ، ص )٢()٣( أبو بكر اجلزائري :رة ، مكتبة العلوم واحلكم ، هذا احلبيب يا حمباملدينة املنو ،

. ٣٠١، ص هـ ١٤١٤

Page 194: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

)١( . ومن األمثلة على الشورى كذلك ؛ ما جاء يف قصة إبراهيم وابنه

الم ـ قال تعاىل إمساعيل ـ عليهما الس :}

{ )ل ((، )٢فلم يتعجu ولده ليقضي أمر علىا . )٣( ))تعاىل ، وإنما شاوره ؛ لتكون االستجابة عن رضا نفس

:هذا وملشاورة املتربني وتعويدهم إبداء الرأي فوائد كثرية ، منها م الكامنة ، واستثمار أجود ماني ، وتفجري طاقاتنمية عقول املترب

، والتفكري املنطقي السليم ؛ فيها ، ودفعهم إىل حالة من الوعي واإلدراك . )٤(الذي جيعل منهم عناصر خري يف اتمع

حيح عندعبري الصة ، والقدرة على التتعويدهم على اجلرأة األدبي .إبداء الرأي

، ةم العقليني ، وقدراها وسيلة للكشف عن كفاءات املتربأن .وحذقهم ، وحدة رأيهم

. ٣٠٦املرجع السابق ، ص )١( ) . ١٠٢( ات ، آية سورة الصاف )٢(، ٣٧، مرجع سابق ، العدد البيانتعويد األطفال حتمل املسؤولية ، : خولة درويش )٣(

. ٨١، ص )هـ ١٤١١رمضان (، ، مرجع سابق أساليب الدعوة والتربية يف السنة النبوية: زياد حممود العاين )٤(

. ٢٩٣ ص

Page 195: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ني ، واحترامهم ، وإشعارهم بالثقة يف أنفسهم خري إنمشاورة املترب .املسؤولية معني هلم على حتمل

ا جيعلهم يبذلونا ومحاسني تعطيهم دفعوكذلك فإن مشاورة املترب . )١(ما يف وسعهم من نصح وإخالص وأمانة

ناشئة املسلمني اليوم أن يكفى كل شيء ، فهو يف املرتل اعتاد كثري من ((

، يقدم له الطعام والشراب ، ويتولى أهله تنظيم غرفته ، وغسل مالبسه . )٢( )) فساهم ذلك يف توليد جيل كسول ؛ ال يعرف العمل واملسؤولية

ففي املدرسة وميادين ((وليت األمر توقف عند حدود البيت فحسب ، تعليم اعتاد التالميذ الكسل الفكري ، وصار دورهم جمرد تلقي املعلومات ال

بد أن جاهزة دون أي جهد ، وحتى حني يطلب منهم حبث أو مقالة فالحتدد هلم املراجع ، وبأرقام الصفحات ، وقل مثل ذلك يف كثري من احملاضن

. )٣( ))التربوية إن مل تنفض غبار الكسل عن املتربني ، وتعودهم إنك أيها املربي

املشاركة والعمل ، فلن تخرج جيال ذا بال ، حيمل مسؤولية نفسه ومسؤولية جمتمعه ، ذلك أن اإلحساس باملسؤولية جتاه اآلخرين لن يتكون إال نتيجة حتمل املسؤولية فعال ، أي عن طريق املشاركة والعمل مع

. ٢٩٤املرجع السابق ، ص )١(، مرجع سابق ، البيانمعامل يف املنهج التربوي النبوي ، : حممد بن عبد الله الدويش )٢(

. ٣٠، ص )هـ ١٤١٩احملرم (، ١٢٥العدد . ٣٠املرجع السابق ، ص )٣(

Page 196: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.ين ؛ ملواجهة األعباء واملشكالت اليت تعصف بالفرد واتمع اآلخر يبهذا وقد غرس النe ةعوة محل مسؤولييف نفوس أتباعه منذ فجر الد

الدعوة ، وبناء الدولة ، فمن أول يوم يصل فيه املدينة يؤسس مقرا لدعوته ه ، معلنا ألتباعه أنه ويدعو املسلمني للمشاركة والعمل يف بنائ) املسجد (

.ال مكان للكسل والتراخي يشرط على من يبايعه النصح لكل مسلم ، عن جرير بن eوكان

دبع البجلي اللهt قال : بيالن تيأتe الم ، : قلتلى اإلسع كايعأب ليط عرل ((: فش س م ل ك ح ل ص الن . )١(، فبايعته على هذا )) م و

ومل تكن املشاركة والعمل مقصورة على الرجال وحدهم ، بل يدعو النساء لتقدمي املستطاع يف ذلك ، وأن يكون دورهن إجيابيا e كان

يف اتمع املسلم ، فالسلبية غري مقبولة عنده حتى من النساء ؛ عن ابن ... ((: عنهما ـ قال اضي عباس ـ ر ل ب ق أ م ، ث ه د ي ب س ل جي ني ح ه ي ل إ ر ظ ن ي أ ن أ ك

ال ق ، ف الل ب ه ع م اء س الن اء ج ىت ، ح م ه ق ش {: ي { )٢( ق م ث ة ا ، اآلي ه ن م غ ر ف ني ح : ال ن ه ن م ة د اح و ة أ ر ام ت ال ؟ ق ك ل لى ذ ع نت آن

ا ه ري غ ه ب جي : مل ال ، ق م ع : ن ال ق م ، ث ه ب و ث ل ال ب ط س ب ، ف ن ق د ص ت ي : ف ب أ اء د ف ن ك ، ل م ل ه خ ت ف ال ني ق ل ي ي ، ف م أ ل و ال ب ب و ث يف يم ات و اخل . )٣( )) و

)١( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، يبباب قول الن ،e :

. ٣٥، ص ) ٥٨( النصيحة ، رقم الدين ) . ١٢( سورة املمتحنة ، آية )٢()٣( د بن إمساعيل البخاريباب موعظة اإلمام ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ١٩٥، ص ) ٩٧٩( النساء يوم العيد ، رقم

Page 197: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من النساء ، فكذلك هي eومثلما أن السلبية غري مقبولة عند الرسول .غري مقبولة عنده من الفقري

أيب موسى األشعري نعt قال : يبقال النe :)) م ل س م ل لى ك عوا ال ق ، ف ة ق د : ص يب ا ن ي ! اهللا ال ؟ ق د جي مل ن م ، : ف ق د ص ت ي ، و ه س ف ن ع ف ن ي ؛ ف ه د ي ب ل م ع ي

وا ال : ق ال ؟ ق د جي مل ن إ : ف وف له امل ة اج ا احل ذ ني ع وا ي ال : ، ق ال ؟ ق د جي مل ن إ : ف ل م ع ي ل ف ك س م ي ل ، و وف ر ع امل ة ب ق د ص ه ا ل ه ن إ ؛ ف ر الش ن . )١( )) ع

إن مفهوم املعايشة هو أن يظهر املربي استعداده ملعايشة املتربني ، ((

واستقباهلم ، واجللوس معهم ، وأن يشعرهم بتوفر الوقت واملكان لديه ؛ ، وتتمثل أيضا يف االستعداد التام )٢( ))م ملعاجلة قضاياهم ، وحل مشكال

.ملرافقة املتربني يف رحالم وزيارام معايشا ألصحابه ومصاحبا هلم ؛ ال يتربم من e ا ولقد كان رسول

كثرة مسائلهم ، وال حيجب منهم أحدا ، يهنئهم يف أفراحهم ، ويواسيهم رهم يف منازهلم ، كما يستقبلهم يف يزو.. يف أحزام ، وحيل مشكالم

: eوهو القائل ! كيف ال . يسافر ويأكل ويشرب وينام معهم .. بيته )) اس الن ط ال خي ي ال ذ ال م ل س امل ن م ري خ م اه ذ لى أ ع رب ص ي و اس ا الن ط ال خم ان ا ك ذ إ م ل س امل ال و

م اه ذ لى أ ع رب ص .ويوجه ، ولكنه ومن خالل تلك املعايشة يربي )٣( )) ي

. ٢٨١، ص ) ١٤٤٥( املرجع السابق ، باب على كل مسلم صدقة ، رقم )١( . ٧، ص هـ ١٤٢٧، الرياض ، دار مدار الوطن ، املعايشة التربوية: سامل البطاطي )٢()٣( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيرقم ، ، مرجع سابق سنن الت )٥٦٤، ص ) ٢٥٠٧

. ٦٥٢، ص ) ٩٣٩( وهو يف السلسلة الصحيحة لأللباين برقم .

Page 198: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خيالط ((وإذا كان من الواجب على املؤمن امللتزم باملنهج الصحيح أن الناس لغاية واضحة ، هي العمل على انتشاهلم من الضالل إىل اهلدى ، ومن

يستطيع أن البدعة إىل السنة ، وأمرهم باملعروف ، ويهم عن املنكر ، وال يؤدي ذلك بصورة صحيحة مؤثرة إال من داخل الناس وعاشرهم ، وعرف

، )١( ))أحواهلم ، وأحسن إليهم بلسانه ويده ما استطاع إليه سبيال .حري باملربي أن جيعل ملعايشته ومصاحبته لطالبه هدفا وغاية فإنه

ذي ال يؤدي إىل سقوط هيبة وجيب أن تكون املعايشة واملصاحبة بالقدر ال . املربي ونفاد ما عنده ، مما قد يؤدي إىل جرأة املتربي عليه ، وزوال الكلفة بينهما

معرفة املربي : وللتربية باملعايشة واملصاحبة فوائد كثرية ، منها بشخصية املتربي ، وطباعه ، وقدراته ، ومن مث وضع اآلليات واألساليب

بة للتعامل معه ، وكذلك غرس بعض املفاهيم التربوية واإلميانية يف املناس وجيه املستمرته من خالل القدوة والتشخصي.

وبعد التعرف على مفهوم التربية باملعايشة واملصاحبة وفوائدها ، لعله من املناسب أن نتحدث عن أسلوب من أساليب التربية باملعايشة واملصاحبة

.لى سبيل املثال وبيان املقصود ع

، تعد الرحالت من أجنع األساليب التربوية ، وأقواها تأثريا على املتربني، الشديدة ، واحملبة املتناهية سواء أكانوا كبارا أم صغارا ؛ وذلك لتوفر الرغبة

دار ابن اجلوزي ، ، الدمام ، ٢، ط العزلة واخللطة: ة سلمان بن فهد العود )١(

. ٥٠، ص هـ ١٤٢٦

Page 199: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.خروج عن املألوف والعادة بالنسبة هلم واالستعداد التام هلا ، إنها مبثابة لذا فإنه يتوجب على املربي أن يقوم برحالت مع املتربني بني احلني

:واحلني ، وسيجين من خالهلا فوائد مجة ، منها

وجيهربية باملعايشة واملصاحبة والقدوة ، والتللت ها جمال رحبأن .املباشر وغري املباشر

والتخلص من ، عاون والعمل اجلماعيعلى الت دريب العمليالت .االنطوائية والعزلة

ني يفمن املترب دريب على القيادة واإلدارة ، وذلك بتعيني واحدالتكل رحلة ، وتكليفه باإلشراف على الرحلة ، ووضع اخلطة واملتابعة

. النهاية حتى ة يف زيادة التة واحملبرابط واألخوموعة ابني أفراد ا. يني ، وتظهرهم على حقيقتهم أمام املربها تسفر عن أخالق املتربأن

كما يسفر السفر عن أخالق الرجال ، وبذلك يتمكن املربي من التقومي .الصحيح ، ووضع العالج املناسب لبعض السلوكيات

فسرفيه اآلمن ؛ الذي يبعث يف النها وسيلة لالستجمام والتأن .النشاط واحليوية ، والقدرة على العطاء

ال شك أن التربية بالعقوبة من األمور غري املستنكرة يف اإلسالم ،

وبة إطالقا ؛ فوضع قاعدة مسبقة بتحرمي العقوبة احلسية أو حترمي العق ((مفسد يف التربية ، كوضع قاعدة مسبقة بضرورة استخدامها يف كل حالة

Page 200: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. )١( ))ولو مل تدع الضرورة إليها العقوبة أسلوبا من أساليب التربية يف e ا وهكذا استخدم رسول

اإلسالم ؛ لتقومي األخالق ، وتعديل السلوك ، وإصالح النفوس ، وإشعار .؛ لغرض تالفيه وتداركه ء خبطئهاملر

لذلك ينبغي على املربي أن يقوم بالعقوبة لإلصالح ، ال لالنتقام .والتشفي ، وعليه أن يكف عنها إذا مل تؤد إىل اإلصالح املنشود

وهكذا تكون العقوبة يف التربية أسلوبا من أساليب التأديب ؛ شريطة ج من الرة ، ومناسبتها ملا ارتكب أن يراعى فيها التدرفق إىل الشد

.أخطاء منواملربي احلكيم يدرس حالة املتربي الذي بني يديه ، ويقدر ما يصلح

.؛ مراعيا الفروق الفردية بني مترب وآخر لهفهنالك عمل يستحق القسوة يف العقوبة ، وآخر ال يستحق ذلك ،

ظة عقوبة قاسية ال يتحملها وهناك مترب يرى يف اإلعراض عنه حل . )٢(، وآخر يبكي أملا إذا عبس يف وجهه ، وهكذا وجدانه

:وهذه بعض النماذج للتربية بالعقوبة

قد يكون اإلعراض بالوجه عقوبة قاسية عند بعض املتربني ، ال سيما

. ١٣٦، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١( . ١٣٦املرجع السابق ، ص )٢(

Page 201: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ن له مكانة كبرية يف قلوي ذو األخالق احلسنةإذا صدر ممم ؛ إذ املترب ،واخلالل الكرمية ال يتحمل إعراض مربيه عنه ، فإذا حدث ذلك ؛ فإنه

.سرعان ما يستدرك خطأه ، ويصحح مسلكه إن كثرة التأنيب والتقريع للمتربي سرعان ما تذهب فاعلية أسلوب

هم أن يتعهدوا عالقام اإلعراض بالوجه ، فليتنبه املربون لذلك ، وعلي .اإلنسانية مع املتربني ؛ ألن ذلك دعامة أساسية لصالحية هذا األسلوب

يبوالنe ه أصحابه أكثر من أنفسهم ـ استخدمـ الذي كان حيبهذا األسلوب يف تربيته أصحابه ، وكان هذا األسلوب ذا أثر كبري وفعال

ذلك واب ، ومن أمثلة يف سرعة تدارك اخلطأ ، وفعل الص: ارثن الحة بقبع نع ما روى الترمذيt أة ، : قالرام تجوزت

اء ، فقالتدوأة سرا امناءتفج : بيالن تيا ، فأتكمتعضأر ي قدإنe ف: فقلت ، فالن تة بنفالن تجوزت اء فقالتدوأة سرا امناءتج : ي قدإن

فأتيته من قبل وجهه : فأعرض عني ، قال : أرضعتكما وهي كاذبة ، قال فقلت ، ههجي بونع ضرة ، قال : ، فأعبا كاذهإن :)) ق ا و ه ب ف ي ك و ت م ع ز د

ك ن ا ع ه ع ا ؟ د م ك ت ع ض ر أ د ا ق ه ن . )١( )) أ يبإن إعراض النe ، واجعنه ملا رأى من رغبته يف استمرار الز

وتكذيبه دعوى األمة ، دون أن جيعل احتماال لصدقها ، حيث األوىل .بهة للشواألحوط أن يرجح جانب الصدق يف مثل هذه األمور ؛ دفعا

يبوقد استخدم النe ربية ، حيثاإلعراض هنا كأسلوب من أساليب الت

)١( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذية املرأة ، باب ما جاء يف شهاد ، مرجع سابق سنن الت .صححه الترمذي . ٢٧٣، ص ) ١١٥٠ (الواحدة يف الرضاع ، رقم

Page 202: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.أراد به أن يأخذ باألحوط ، وأن يتحرى الصدق والدقة يف مثل هذه األمور وكذلك ما روى اإلمام مسلم أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل

أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا ! بي الله يا ن: فقال eالله رسول هنع ضرفأع ألهس ثم ، هنع ضرا ؟ فأعنرأما تا ، فمقنا حونعنميو ، مقهح

اسمعوا : شعث بن قيس وقال ، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة ، فجذبه األ ملتما حم كمليعلوا وما حم همليا عموا ، فإنيعأط١(و( .

عن سلمة بن يزيد فيه نوع من التحذير من e ا إن إعراض رسوليف بعض eاخلروج على األمراء ، وهو أسلوب يستخدمه الرسول

.، فيقوم مقام اللوم والعتاب املواقفجيد أن التنوع يف أساليب العقوبة مسة بارزة eواملتأمل سرية الرسول

؛ وذلك لعلمه أن تنويع األساليب واملداولة بينها أوقع يف eيف تربيته .النفس ، وأبلغ يف التأثري

والتأنيب من أساليب . )٢(من أنبه تأنيبا ؛ المه أو بكته : التأنيب لغة

التربية النبوية ، وتتفاوت هلجة الكالم فيه حسب نوعية اخلطأ ، وشخصية مرتكبه ، فقد يكون خطأ ما مدعاة لتأنيب شديد ملترب ، يف حني يكون

منه ملترب ا خلطأ مثله ، أو أشدآخر ؛ وذلك التأنيب خفيفا أو معدوم .حسب حالة كل مترب وطبيعته النفسية

، باب يف طاعة األمراء ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١(

. ٧٧١، ص ) ١٨٤٦( وإن منعوا احلقوق ، رقم . ٥٧، ص ، مرجع سابق القاموس احمليط: الفريوزآبادي )٢(

Page 203: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عندما عير tما جاء يف حديث أيب ذر : ومن أمثلة التأنيب الشديد . )١(رجال بأمه ، وقد تقدم هذا احلديث بتمامه

عندما t ما حصل مع حاطب بن أيب بلتعة: ومن أمثلة عدم التأنيب .إىل مكة عام الفتح e ا مبسري رسول بعث برسالة إىل قريش خيربها

أكرب بكثري من خطأ أيب tتالحظ أن اخلطأ الذي ارتكبه حاطب ذر t ؛ ألن خطأ حاطب يعترب خيانة لله ولرسولهe يف حني أن خطأ ،

أيب ذر ال يعدو أن يكون وجود خصلة من خصال اجلاهلية فيه ، لكنه أنب . )٢(دون حاطب

أعلم ـ أن أبا ذر مل يكن يعلم أن خطأه هذا ينيبء واوالسبب ـ ((عن وجود خصلة من خصال اجلاهلية وعاداا املستهجنة فيه ، فكان تأنيب

له مبثابة هزة عنيفة نبهته على ذلك ، وجعلته يسأل e ا رسول، مث )٣() هذه من كبر السن على حني ساعتي: ( ومستغربا e ا رسول

بدا أثر ذلك التأنيب واضحا يف سلوك أيب ذر بعد ؛ مما جعله يلبس غالمه .مثل ما يلبس

فإنه قد شعر خبطئه وعظيم فعله ، وأن فعله tأما حاطب بن أيب بلتعة ما بي : ( بقوله هذا مما خيرج من اإلسالم ، مما جعله ينفي ذلك عن نفسه

. ٧٨ص : انظر )١(، ، مرجع سابق أساليب الدعوة والتربية يف السنة النبوية: زياد حممود العاين )٢(

. ٤٦٦ ص)٣( د بن إمساعيل البخاريكتاب األدب ، رقم ، مرجع سابق صحيح البخاري: حمم ،

. ١١٧٠، ص ) ٦٠٥٠ (

Page 204: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هولسرو ا باللهنمؤه قد اعترته حالة ضعف )١() إال أن أكون مفيبدو أن ،طارئة من حاالت الضعف اليت تعتري النفس البشرية مهما بلغ من كماهلا وقوا ، يضاف إىل ذلك انكشاف أمره ، مع ما اعتراه من احلياء واخلوف

e ا غريها مما أمل به ، وهذا كاف لتأنيبه ، وهلذا صدقه رسولواخلجل و . )٢( ))وغمره بعطفه وحنانه ، وأمر أصحابه بأن ال يقولوا له إال خريا

إن التأنيب التعليمي هو أسلوب تال ألسلوب اإلعراض بالوجه ؛ .فعول يلجأ إليه ما دام أسلوب اإلعراض بالوجه ساري امل ال

مت يف هذا الفصل استعراض تعريف األسلوب ، وأمهيته ، وذكر بعض أساليب التربية اجلماعية مدعمة باألحاديث واملواقف النبوية املمتلئة باحلكمة والعظة والعربة ، واليت ال غىن ألي مرب عن االستفادة منها ؛ إذ إن

يبأساليب الن e ة اليت استخدمها مع أصحابه كانت شاملة لكلربويالت. املواقف اليت ميكن أن يتعرض هلا أي مرب مع طالبه يف أي زمان ومكان . كما ينبغي على املربي أن يتدرج يف أسلوبه مبا حيقق النفع واملصلحة املنشودة

عامل التربية اجلماعية وبتمام هذا الفصل يكون البحث قد تناول مبد وخطوطها العريضة ، ولكي يكون البحث أكثر مالمسة للواقع فإنه ال

من احلديث عن اموعة التربوية اليت حتاط برعاية املربي وإشرافه ، وبيان .وهذا ما سيتبين خالل الفصل القادم . مالحمها العامة

. ١٢٠٥، ص ) ٦٢٥٩ (املرجع السابق ، كتاب االستئذان ، رقم )١(، ، مرجع سابق أساليب الدعوة والتربية يف السنة النبوية: زياد حممود العاين )٢(

. ٤٦٧ ص

Page 205: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: أسالیب للتربیة الجماعیـة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

¡```

Page 206: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ
Page 207: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعة التربوية ، جييء هذا الفصل موضحا الكثري من املالمح العامة للمجمحيث يتطرق إىل بعض خصائصها وضوابطها ، والعوامل اليت تعيق أداءها ؛ لكي يقف املربي على بعض جوانب التطبيق العملي للتربية اجلماعية ،

.مستفيدا من ذلك يف حتسني أداء جمموعته وزيادة فاعليتها وإنتاجها

وجتارب املتخصصني يف دراسة وقد استفاد الباحث من بعض خرباتالتعلم التعاوين وما توصلوا إليه ، من خالل ممارسام العملية ، ودراسام املستفيضة إلجناح اموعات التعلمية التعاونية وزيادة فاعليتها ، والتخلص

.من بعض السلبيات اليت تكتنفها

¡```

Page 208: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

:من خصائص اموعة التربوية الفعالة ما يلي

إن القدرة على الكشف واالستفادة من مكامن الطاقة والتميز لدى . أعضاء اموعة بأفضل ما ميكن يعترب من مسلمات التربية اجلماعية الفعالة

ولكي يتحقق هذا كان لزاما على املربني معرفة ومتييز هذه الطاقات لدى املتربني ، ومن مث توظيفها التوظيف األمثل الذي ميكن املتربين من تقدمي

وذلك يعترب حافزا الستمرارية . أفضل ما لديهم خلدمة األهداف املرسومة ذوام بتميزهم وتفوقهم من العطاء والنماء لدى األفراد ؛ حيث حيققون

.خالل إمكانام احلقيقية وإن إخفاق أحد األعضاء يف جانب معين ال يعين إخفاقه وضعفه يف كل شيء ، بل إن غاية ما يف األمر أنه مل يؤت قدرة يف هذا اجلانب ، وقد يكون لديه من القدرات واإلمكانات يف جوانب أخرى ما يفوق غريه ،

تعاىل يف توزيع القدرات ؛ ليتحصل التكامل والتوازن ، قال اه سنة وهذ {: تعاىل تعاىل

{ )١( . ومن األمهية مبكان وضع حمكات ومعايري مسبقا حني وضع اخلطة

) . ١٦٥( سورة األنعام ، آية )١(

Page 209: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للكشف عن طاقات كل عضو من أعضاء اموعة وتوظيفها توظيفا إجيابيا يسهم يف بناء الفرد ذاته ، ويسهم يف تقدم ورقي جمموعته التربوية اليت

.ينتمي إليها

إن التربية اجلماعية بطبيعتها تعتمد على االحتكاك املباشر بني األفراد ، فإذا كان األفراد أنفسهم غري ماهرين اجتماعيا فإن ذلك سيؤثر سلبا على

جيعل أداء األعضاء دون املستوى املطلوب اموعة التربوية برمتها ، مما قد.

ومما ال شك فيه أن املهارات االجتماعية ال تولد مع اإلنسان ، .تظهر بشكل سحري عند احلاجة إليها ، وإنما تكتسب وتعلم وال

لذا يتعين تعليم األفراد املهارات االجتماعية الالزمة لعملهم كأعضاء يف .ما يتعين تدريبهم وحثهم على استخدامها ك. جمموعة

إن معرفتنا أن املهارات االجتماعية جيب أن تعلم ليست سوى جزء ((من املسألة ، واجلزء اآلخر املهم أيضا هو معرفة املهارات اليت جيب أن نعلمها ، وكيفية تعليمها ، وكيفية حتسينها باستمرار ، وأساليب

وإجراءات املعاجلة ملعرفة مدى الفاعلية اليت مت ا استخدام ، مالحظتها . )١( ))املهارات هذه

حاجتهم ((وال ميكن أن يتعلم املتربون هذه املهارات إال إذا أدركوا

) . ١: ٥( ، ، مرجع سابق التعلم التعاوين: ديفيد جونسن وآخرون )١(

Page 210: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، وفهموا طبيعتها ، وعرفوا كيفية ممارستها ، وتدربوا عليها إىل أن تصل هلاوا النظر فيها ملعرفة مدى جناحهم يف تطبيقها ، إىل درجة اإلتقان ، مث يعيد

. )١( ))وأخريا يثابروا يف ممارستها إىل أن تصل إىل مستوى التطبيق التلقائي مهارات القيادة ، : ومن مجلة املهارات اليت جيب أن يتعلمها األعضاء

واصل كحسن االستقبال ، والبشاشة ، ولني القول ، وفنومهارات الت االستماع لآلخرين ، واحلوار بطريقة هادئة ، واالشتراك يف نقاش مثمر مع الزمالء ، وكذلك بناء الثقة واحلفاظ عليها ، والقدرة على التعبري عن

، وكذلك القدرة على اتخاذ ااملشاعر ، كمشاعر األخوة ، واحملبة يف ها من املهارات اليت جتعل القرارات يف الوقت املناسب ، وعدم التردد ، وغري

.املتربني أكثر فاعلية يف التعلم من بعضهم بعضا

ال ميكن أن توصف اموعة التربوية بأنها فعالة إذا مل حيدث بني من خالهلا جهود أعضائها تفاعل إجيايب ، ومشاركة وجدانية ؛ تتضاعف

وحلدوث ذلك فإن على املربي إتاحة . األفراد يف جو من املودة واأللفة الفرصة والوقت الكايف لاللتقاء بني أعضاء اموعة ، وتشجيعهم على التفاعل

.اإلجيايب ، واتخاذ قرارات مشتركة يتفق عليها اجلميع زيادة الوعي ، ونضج األفكار ، : وللتفاعل اإلجيايب مزايا عديدة ، منها

والوصول إىل فهم أعمق للقضايا املطروحة للنقاش ، حيث يتبادل األعضاء املعلومات وحيللوا على حنو أكثر فاعلية ، كما يزود بعضهم بعضا بعناوين

) . ١٦: ٥( املرجع السابق ، )١(

Page 211: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.الكتب اجلديدة ، واالت ، واملواقع اإللكترونية النافعة وية من التفاعل اإلجيايب واملشاركة الوجدانية ، فإذا خلت اللقاءات الترب

.الناس فهي أقرب ما تكون حملاضرة عامة يؤمها فئام من إن على املربي مالحظة حدوث التفاعل اإلجيايب بني األعضاء ،

.مستمر ، وحتسينه بشكل ودعمه

إن مسؤولية الفرد عن غريه ال تقل أمهية عن مسؤوليته عن نفسه ، كما تشهد بذلك بعض النصوص الشرعية اليت تتضمن مسؤولية اإلنسان عن

: نفسه وعن اآلخرين ، يقول تعاىل ـ يف مسؤولية اإلنسان عن نفسه }

{ )ويقول تعاىل )١ ، :} { )ة اإلنسان عن غريه )٢ويقول تعاىل يف مسؤولي ، :}

{ )٣( ، . )٤( } {: ويقول تعاىل

ضو من أعضاء جمموعته منبثقة من تعاليم إذا فمسؤولية الفرد عن كل عشرعنا احلنيف ، وال جيوز ألي فرد من أفراد اموعة أن يتخاذل عن

((: eإخوانه أو يتقاعس عن تقدمي النصح والعون هلم ، يقول املصطفى ال

) . ١٤، ١٣( سورة اإلسراء ، آية )١( ) . ٢١( سورة الطور ، آية )٢( ) . ١١٠( سورة آل عمران ، آية )٣( ) . ٢٥( سورة األنفال ، آية )٤(

Page 212: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ه س ف ن ل ب ا حي م يه خ أل ب حي ىت ح م ك د ح أ ن م ؤ . )١( )) يالشعور يشيع روح األلفة واحملبة بني أعضاء اموعة ، وجيعلهم إن هذا

(( : eكاجلسد الواحد ، يقول م ه ف اط ع ت و م ه امح ر ت و م ه اد و ت يف ني ن م ؤ امل ل ث ما و ر ه الس ب د س اجل ر ائ س ه ى ل اع د ت و ض ع ه ن ى م ك ت ا اش ذ إ د س اجل ل ث ىم م ، وفيه أيضا )٢( )) حل

.تقوية للروح اجلماعية بني األعضاء وتقدمي للمصلحة العامة على اخلاصة : ومن صور استشعار املسؤولية لدى األعضاء جتاه بعضهم البعض

التناصح ، والتناصر ، وتنفيس الكربات ، واملواساة ، والتثبيت ، والزيارة ، لوكيهلا ، وكذلك املعاونة يف حتضري وتعديل الس ات اخلاطئة مع الستر التام

الدروس ، وإعطاء املراجع ، وغريها من حقوق األخوة اإلسالمية اليت تزيد .من فاعلية اموعة ، وحتسن أدائها

، اإلمكانات ، واالستعداداتاخللق متفاوتني يف املواهب ، و القد خلق

وهذا التفاوت ضروري لتنوع ((وطرق التفكري ، وحل املشكالت ، األدوار املطلوبة للخالفة يف هذه األرض ، وإلقامة احلياة البشرية عليها باستثمار شتى خرباا ، وبتنظيم احلياة والعالقات االجتماعية ، فالذي خلق

البقاء والنمو خلق الكفايات واالستعدادات متفاوتة عند احلياة وأراد هلا . )٣( ))األفراد تفاوت األدوار املطلوب أداؤها

)١( د بن إمساعيل البخاريمرجع سابق صحيح البخاري: حمم ، باب من اإلميان أن حيب ،

. ٢٦، ص ) ١٣( ألخيه ما حيب لنفسه ، رقم . ٣٢سبق خترجيه ص )٢( . ٢٣، ص ، مرجع سابق التربية االجتماعية يف اإلسالم: عبد الرمحن النحالوي )٣(

Page 213: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ا ، وليسدل بعضهم بعضم ؛ ليكمع األفراد وتعاووهذا يقتضي جتم {: تعاىل ابعضهم خلة بعض ، يقول

{ )١( . ولو كان الناس يف طبقة واحدة ـ معيشيا ، وثقافيا ، وفكريا ، وعلى مستوى املواهب واإلمكانات ـ لتعطلت املصاحل ، ولعجز اإلنسان عن

.عمارة األرض بالكلية بني أعضائها ، سواء وفيما يتعلق باموعة التربوية ، فإن عدم التجانس

أكان على مستوى اخللفيات الثقافية واالجتماعية ، أم على مستوى املواهب واإلمكانات ، وطرق التفكري ، يعطي مزيدا من التوسع يف التفكري ، والتأثري املتبادل اإلجيايب بني األعضاء ، والنظر إىل القضايا املطروحة من زوايا

.يولد أفكارا إبداعية ووجهات نظر صحيحة ؛ مما خمتلفةوإذا كان أعضاء اموعة أكثر جتانسا ؛ كان ما يضيفه كل عضو كمصدر من مصادر املعرفة أقل ؛ لذا يتعين على املربي ـ إذا كان يريد جمموعة تربوية فعالة ـ أن حيرص على تكوين جمموعة غري متجانسة ما

.ذلك أمكنهعدم التجانس املخالفة التامة ، والتباين املطلق بني األعضاء ؛ وال يعين

ألن ذلك يؤثر سلبيا على اموعة ، وإنما وجود قدر من عدم التجانس والتوافق بني األعضاء ، فمثال إذا أراد مشرف حلقة حتفيظ القرآن الكرمي أن

قارب أو أبناء بلد معين يف يقسم حلقته إىل جمموعتني ، فعليه أن ال يضع األ

) . ٣٢( سورة الزخرف ، آية )١(

Page 214: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جمموعة واآلخرين يف اموعة األخرى ، ولكن عليه أن يعتمد املزج الصحيح والعشوائي بني اموعتني ؛ لضمان قدر من التفاوت وعدم التجانس ، وهذا ما يفعله أرباب التعلم التعاوين يف اختبارهم للمجموعة

.التعاونية الفعالة

ال شك أن التفاعل اإلجيايب بني األعضاء وعدم التجانس يولدان الصراع .واخلالف ، هذا إذا كانت اموعة قائمة على التعاون

إن التعاون والصراع شيئان متالزمان ، فكلما زاد ((: يقول جنسون هتمام أعضاء اموعة يف حتقيق أهداف جمموعتهم ، وكلما زاد اهتمامهم ا

والذي حيدد . ببعضهم بعضا زاد احتمال أن تظهر بينهم صراعات معينة مدى جناح العمل التعاوين بشكل كبري هو الطريقة اليت تدار

. )١( )) الصراعات ال بناء بني أعضاء اموعة مهارة إن إدارة الصراعات واخلالفات بشك

مكتسبة جيب على املربي أن يدرب طالبه عليها ، وعلى كيفية ، كطريقة التفاوض أو احلوار البناء بني طريف املشكلة ، أو وضع استخدامها

وسيط بينهما من نفس أعضاء اموعة إذا لزم األمر ، وعليه أن يرسخ يف احلق واالعتراف باخلطأ عند الوقوع فيه ، وعليه نفوسهم مبدأ الرجوع إىل

. اخلاصة ، وحل مشاكل بعضهم بعضاأيضا أن يدرم على حل مشاكلهم كما أن على املربي أال يتدخل يف حل املشكالت أو اخلالفات اليت

) . ١١: ١( ، ، مرجع سابق التعلم التعاوين: ديفيد جونسن وآخرون )١(

Page 215: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعة وبقليل من الصرب سيجد أن ام ((تنشب بينهم ما مل يكن األمر ملحا ، تستطيع ـ غالبا ـ التغلب على مشكالا مبفردها ، وال تتوصل للحل فقط ،

. )١( ))املستقبل بل إنها تكتسب أيضا أسلوبا يف حل املشاكل املشاة يف

التربوية ، واالرتقاء إذا شعر املربي أن مهمته هي غرس القيم واملبادئباملستوى العلمي والفكري لدى أعضاء اموعة التربوية فقط ، واقتصر دور األعضاء على التلقي وتبادل وجهات النظر ، ومل يتمكنوا من التوصل إىل نتاجات ومشاريع عملية ودعوية متميزة من خالل إسهامات األعضاء

؛ فإنه ال ميكن بأي حال من األحوال أن توصف هذه املشتركة وجهودهم .اموعة بالفاعلية والتميز

لذا كان على املربي أن يوجه أعضاء اموعة للقيام مبشاريع علمية ودعوية مشتركة ، كاملشاركة يف إخراج كتيب أو مطوية ، أو تصميم

وقس على ذلك ... ة حمددة موقع إلكتروين على الشبكة ؛ له أهداف ورسالمن املشاريع واألعمال اجلماعية اليت ختدم اتمع ، شريطة أن تتناسب

.ومستوى أعضاء اموعة إن تلك املشاريع املشتركة تزيد من فاعلية األعضاء ، وتشعرهم و باملسؤولية ، وجتعل ما يتلقونه نظريا يقومون به عمليا ، وتسهم يف خلق ج

من األلفة والتفاهم بينهم لعملهم جنبا إىل جنب ، وتشجع لزيادة النجاح .والرغبة األكيدة يف التعلم وتنمية الذات

) . ٢٠: ٢( املرجع السابق )١(

Page 216: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا كان من صفات املربي الفعال القدرة على التقومي ، فإنه ال ينبغي أن يستأثر بذلك عن أعضاء جمموعته التربوية ، بل يتعين عليه تدريب األعضاء على املشاركة يف التقومي ؛ ألن ذلك يشعرهم باملسؤولية التامة عن اموعة ونشاطاا ومشاريعها ، وحيفزهم على مواصلة اجلهد ، وزيادة النشاط ،

.موعة ورقيها وتقبل النقد البناء يف سبيل تطور اإن املتربني ال يتعلمون من التجارب اليت ال يتأملون فيها ، وإذا أرادت

بد لألعضاء أن يتأملوا يف اموعة التربوية أن تعمل بشكل أفضل ، فإنه الكيفية جعل أعماهلم أكثر فاعلية ، وخيططوا لزيادة مهارام يف املستقبل ،

.ا كان تأملهم وتقوميهم شامال ودقيقا كانت فاعلية األعضاء أفضل وكلمكما ينبغي على أعضاء اموعة عند قيامهم بالتقومي أن ال تكون مهمتهم فقط هي تسليط الضوء على املعايب والنقائص إىل حد فقدان الثقة

ألمناط أن يركزوا على ا ((بالنفس والشعور بالعجز ، بل جيب عليهم السلوكية اإلجيابية والفاعلة ، وكلما كان أعضاء اموعة أكثر إدراكا ومعرفة

، والفاعلة والكفؤة ؛ أصبحوا أكثر وعيا ومعرفة بدورهمبتصرفام الناجحة . )١( ))وأصبحوا أيضا أكثر ثقة بقدرم على أن يكونوا منتجني وفاعلني

¡```

) . ٥: ٦( املرجع السابق )١(

Page 217: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

:من ضوابط اموعة التربوية الفعالة ما يلي

وحده ؛ بااألصل يف اموعة التربوية أن يربى أعضاؤها على التعلق اب والسنة ـ ألنهما وذلك بتوثيق الصلة به سبحانه ومبنهجه القومي ـ الكت

.احلصن احلصني ، واملالذ املكني ؛ فال جناة وال فالح إال بالتمسك ما : وقد جاء القرآن ذاما التعلق باألشخاص حتى ولو كانوا رسال ، قال تعاىل

} { )١( .

سبحانه ذه اوكأنما أراد ((: ـ ا رمحه يقول صاحب الظالل ـ eمني عن تعلقهم الشديد بشخص النيب احلادثة ، ذه اآلية أن يفطم املسل

. )٢( ))وهو حي بينهم يبوقد كان النe شديد احلرص على ربط أصحابه باملنهج

eوعظنا رسول الله : قال tباألشخاص ، عن العرباض بن سارية ال؛ ذرفت منها العيون ، ووجلت منها يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة

ل القلوبجا : ، فقال رنإلي دهعاذا تع ؛ فمدوظة معوم هذإن ه

) . ١٤٤( سورة آل عمران ، آية )١( . ٤٨٦، ص ١، ج ، مرجع سابق يف ظالل القرآن: سيد قطب )٢(

Page 218: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ش ((: الله ؟ قال رسول يا ب ح د ب ع ن إ و ة اع الط و ع م الس ، و ى اهللا و ق ت ب م يك وص أ ه ن إ ؛ ف يور م األ ات ث د حم و م اك ي إ ا ، و ري ث ا ك ف ال ت ى اخ ر ي م ك ن م ش ع ي ن م ك ل ذ ك ر د أ ن م ، ف ة ل ال ا ض ه ن إ ؛ ف

ا ه ي ل وا ع ض ، ع ني ي د ه امل ين د اش الر اء ف ل اخل ة ن س و يت ن س ب ه ي ل ع ؛ ف م ك ن م ذ اج و الن . )١( )) ب يبة النكان من وصيe ألصحابه يف حال وجود االختالف أن يلجؤوا

إىل سنته وسنة اخللفاء الراشدين املهديني من بعده ، ومل يقل هلم عليكم بفالن أو فالن ؛ ألن األشخاص ميوتون ، وقد يتغيرون ، ولكن العقيدة

.لذي ال ميوت ا باباقية ممتدة موصولة

بد إذ الفرد له شؤونه اخلاصة به ، واليت ختتلف عن شؤون غريه ، فال

من منحه فترات حرة يدبر فيها شؤونه ، كأداء حق أهله ، وأضيافه ، وقد . إخل ... سه ، واالعتناء بدراسته ، وزيارة أقاربه ، والترويح عن نف

{: لفت اإلسالم النظر إىل ذلك يف قوله تعاىل

{ )٢( .

وجمتمعه ـ وذلك بإشغاله ببعض كما إن عزل املتربي عن واقعه

، الرياض ، مكتبة صحيح سنن الترمذي: حممد ناصر الدين األلباين )١(، ٣لبدعة ، ج ، باب ما جاء يف األخذ بالسنة واجتناب ا هـ ١٤٢٠ ، املعارف

. ٦٩، ص ) ٢٦٧٦ ( رقم ) . ٦٢( سورة النور ، آية )٢(

Page 219: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

األنشطة واألعمال اليت تتعلق مبجموعته التربوية إىل حد االماك ـ يؤثر على قدرته على التعايش مع املستجدات ، ومواكبة التغيرات ، وحماكاة

.الواقع ؛ ما جيعله عاجزا عن متثيل الدور الذي ينتظر منه

انتهى بنا احلديث فيما مضى إىل أن اإلسالم ينظر إىل كل من الفردية وأصيل عند اإلنسان ؛ ولذلك فهو حيض ها أمر فطرية على أنواجلماعيعلى اجلماعة والعيش معها ، ومعايشتها ، ولكنه يف الوقت نفسه حيتفظ

نسان بفرديته ، وحيرص حرصا شديدا على أال تخدش هذه الفردية مهما لإل .تكن األسباب واملسوغات

لذا فإنه يتعين على املربي الفعال بناء الشخصية الفردية املميزة لكل ولقد . عضو داخل إطار اموعة ، واعتبار ذلك مقياس النجاح للمجموعة

ينظر إىل أصحابه على أن كل واحد منهم فرد مميز يف eكان الرسول ، له القدرة على العطاء والبذل ، فكانوا مشاعل هداية ، ومناذج ذاته، فكان الواحد منهم بأمة ، فهذا مصعب بن عمري يقدم املدينة سفريا فريدة

، )١(لإلسالم ، فال حيول احلول إال وقد دخل اإلسالم أكثر بيوت املدينة وهذا نعيم بن مسعود ال يكاد يسلم حتى يؤدي دوره ، فيخذل جيوش

. )٢(األحزاب وقت الردة ، وأمحد بن حنبل يف الفتنة ، إنهم tوتأمل دور أيب بكر

هـ ١٤٢٣، الرياض ، مكتبة العبيكان ، الرحيق املختوم: صفي الرمحن املباركفوري )١(

. ١٣٠، ص . ٢٨٥املرجع السابق ، ص )٢(

Page 220: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أفراد غيروا مسار األحداث ، وأعادوا كتابة التأريخ ، وهذا غيض . فيض من

ألغنياء منهم فحسب ، بل الكل ومل تكن املسؤولية على الرجال أو ا ((: eحيمل جزءا منها ، قال الرسول ن ، م ه م ه ر د ن ، م ه ار ين د ن م ل ج ر ق د ص ت

ال ق ىت ، ح ه ر مت اع ص ن ، م ه ر ب اع ص ن ، م ه ب و : ث ة ر مت ق ش ب و ل مل يستثن من . )١( )) وء من ال ميلك إال مترة واحدة ؛ ألنه قادر على إنفاق شقها اإلنفاق والعطا

يبذل ، والكل يضحي ، فالكل. اآلخر ، إنه البناء احلقيقي لألفراد مجيعا مال هلم وال قوة جياهدون ا ؛ حتى إذا بقي الضعفة واملساكني الذين ال ((: بقوله e يبقى هلم دورهم الذي ينبه إليه الرسول ة م األ ه ذ ه اهللا ر ص ن ا ي من إ

م ه ص ال خ إ و م ه ت ال ص و م ه ت و ع د ا ؛ ب ه يف ع . )٢( )) بضإن حتييد الفرد وميش دوره يف اموعة يسهم يف ضمور شخصيته د الفردية ، وجيعله عاجزا عن العمل والعطاء ، وأثر ذلك ال يكون على الفر

وحده ، وإنما يكون األثر على اموعة بكاملها ؛ إذ اموعة تتشكل من األفراد ، فإذا كان أحد األفراد ضعيفا ، أو مل يقم بدوره ، فإنه يشكل نقطة

.ضعف يف اموعة ومن الصور اخلاطئة اليت تؤدي إىل ضمور الشخصية الفردية املميزة

:يلي ما

باب احلث على ، ، مرجع سابق صحيح مسلم: مسلم بن احلجاج النيسابوري )١( . ٣٩٢، ص ) ١٠١٧( ، رقم الصدقة

، بريوت ، املكتب اإلسالمي ، صحيح سنن النسائي: حممد ناصر الدين األلباين )٢( . ٦٦٩ ، ص) ٢٩٧٨( ، رقم ٢، باب االستنصار بالضعيف ، ج هـ ١٤٠٨

Page 221: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ة لدى كل فرد حبسبه ، أالة والقدرات الفرديستغل املواهب اخلاصت .فتقتل القدارت ، ويخنق اإلبداع

ر الوجوه نفسهانظر إىل اجلميع عند توزيع األعمال ، بل تتكرأال يدائما لكل األعمال ، وهذا يقتل الفئتني ؛ العاملة تنهك باألعمال ، حتى

على العطاء املثمر ، وأما الفئة األخرى فتبقى أرقاما تصبح غري قادرة .رصيد هلا من الواقع ال

سند له عمل ما ، مث ال يتقنه ، يفد على من ياحلكم باإلخفاق املؤبالوقت الذي قد حيسن غريه ، بل رمبا كان اخللل ابتداء يف إسناد هذا العمل

. )١(له وهو ال حيسنه

مهما بلغت إمكانات املربي وطاقاته فإنه ميثل جتربة حمدودة ، وال ينبغي أن يبقى هو املشرف واملوجه موعة تربوية السنوات الطوال ، لذا كان

والفكرية بد لتوسيع أفق املتربي ، وتنمية قدراته ، وبناء شخصيته العلمية ال :من فتح قنوات أخرى غري هذه ، ومن ذلك

ابنة من الكتتنويع قراءاته ، وعدم االقتصار على شرحية معي. واستفادته من عدد كبري من األشخاص ، من صاله الفكريات

.خالل الزيارات وحضور الندوات واملؤمترات

ذو (، ١٣٥بق ، العدد ، مرجع سا البيانأنت قادر على العطاء ، : شاكر السروري )١(

. ١١١، ص )هـ ١٤١٩القعدة

Page 222: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلص من املمارسة غري املقبولةني ـ التاليت يفرضها بعض املربحبسن نية ـ من خالل طول أمد بقاء تلميذه مرتبطا به دون سواه ، وفرض

. )١(حصار فكري عليه ، ورفض كل ما مل يرد عن قناته وقد كان بعض العلماء الربانيني يوجه تالمذته وحيثهم على مالزمة

هم ، ويصقل جتربتهم ، علماء آخرين غريه ؛ لعلمه أن ذلك يوسع أفقويعمق فهمهم ، كما أن ذلك يطرد السآمة عن املربي واملتربي ، ويبعث

.على جتديد النشاط واحلماس ملواصلة اجلهد وينبغي التعامل مع هذا الضابط باعتدال وتدرج ، مع مراعاة املصلحة

.يف ذلك ، وعدم حتميل املتربني نتائج التحوالت املفاجئة

التربية على احلوار البناء وحرية التعبري من املطالب املهمة لبناء شخصية املتربي ، وزرع الثقة يف نفسه ، ومتكينه من البوح عن كل ما خيتلج يف

.عة تامة مبا يتلقاه ويعمله نفسه من تساؤالت ؛ ليكون على قناكثرة احلوارات : ومن املؤشرات والدالئل على جناح اموعة وفاعليتها

والنقاشات ، وتعدد وجهات النظر بني األعضاء ، ولكن احلذر كل احلذر أن تتسع هذه الدائرة لتشمل اجلدال واملراء والتعصب للرأي ؛ فذلك يقسي

غائن ، ويورث البغضاء والقطيعة ، ويؤدي إىل التنازع القلوب ، ويولد الض

، ، مرجع سابق تربية الشباب ؛ األهداف والوسائل: حممد بن عبد الله الدويش )١(

. ٧٨، ٧٧ ص

Page 223: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: قال تعاىل... الذي يفرق اموعة ، ويشتت قوا ؛ فيحصل الفشل } { )١( وقال ،e :)) يف ت ي ب ب يم ع ا ز ن أ

امل ك ر ت ن مل ة ن اجل ض ب ر ان ك ن إ و ب ذ ك ال ك ر ت ن مل ة ن اجل ط س و يف ت ي ب ب ا ، و ق حم ان ك ن إ و اء ر ه ق ل خ ن س ح ن مل ة ن لى اجل ع أ يف ت ي ب ب ا ، و ح از . )٢( )) م

جموعة سببا ومانعا للتعاون مع بعض املتربني جيعلون من انتمائهم للم

إخوام ممن ليسوا على طريقتهم ، وكأن الدعوة واإلصالح ال يتمان من خالل أشخاص معينني ، وهذا خطأ بين ، والواجب على املسلم أن إال

يكون مفتاحا للخري مغالقا للشر أينما توجه ، وكالغيث املدرار ؛ أنى .نفع وقع

وهذا مرض قد يسري يف قلوب بعض الدعاة ، ((: لفريح يقول افيجعلون من انتمائهم لبلد أو قوم أو غريها من املوازين األرضية الترابية سببا مينعهم من التعاون مع إخوام الدعاة ممن ليسوا من ذلك البلد أو هذه

الظن م ، بل القبيلة ، وقد حيملهم تعصبهم إىل احتقار من سواهم ، وسوء . )٣( ))واتهامهم يف عقائدهم ونيام

) . ٤٦( سورة األنفال ، آية )١(، باب يف حسن اخللق ، ، مرجع سابق سنن أيب داود: أبو داود سليمان بن األشعث )٢(

. ١٥٠، ص ) ٤٨٠٠( ، رقم ٥ ج ، ٢، ج ، مرجع سابق )دروس يف التربية والدعوة ( الرائد : مازن عبد الكرمي الفريح )٣(

Page 224: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التربية على السمع والطاعة من األمور املهمة يف التربية اجلماعية ،

ع ولكن مع أمهيتها فإنها ليست مطلقة ، بل هي حمدودة بضوابط الشر (( ((: e ا وهدي اإلسالم ، كما قال رسول وف ر ع امل يف ة اع ، )١( )) الط

{: كما إا طاعة مبصرة { )٣( )) )٢( .

وينبغي على كل عضو من أعضاء اموعة أال يسري مع إخوانه سري : e األعمى ، والدليل على ذلك قول الرسولالعميان ، وأال يتبعهم االتباع

)) ون ول ق ، ت ة ع م وا إ ون ك ت : ال ط و ن ك ل ا ، و ن م ل وا ظ م ل ظ ن إ ا ، و ن س ح أ اس الن ن س ح أ ن وا إ نوا م ل ظ ت ال وا ف اء س أ ن إ وا ، و ن س حت ن أ اس الن ن س ح أ ن ؛ إ م ك س ف ن . )٤( )) أ

بعض املربني يتعسف ويبالغ يف التربية على السمع والطاعة ، ويتعنت ضد أي رأي أو وجهة نظر تصدر عن أحد املتربني وتكون خمالفة ألوامره ،

ك خروجا عن الطاعة ، وهو بذلك يسهم ـ من حيث ال يشعر ويعترب ذلـ يف التربية على اخلنوع والطاعة غري املبصرة ، والواجب االعتدال يف ذلك

. ٢٦٥ص

)١( د بن إمساعيل البخارية عبد ، مرجع سابق صحيح البخاري: حممباب سري ،بن ا . ٨٢٠، ص ) ٤٣٤٠( حذافة السهمي ، رقم

) . ١٠٨( رة يوسف ، آية سو )٢(، ٢، ج ، مرجع سابق )دروس يف التربية والدعوة ( الرائد : مازن عبد الكرمي الفريح )٣(

. ٢٦٤ص )٤( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيباب ما جاء يف اإلحسان ، مرجع سابق سنن الت ،

. ٣٢٠، ص ) ٢٠٠٧ (، رقم ٤والعفو ، ج

Page 225: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: المجموعة التربویة الفعالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.، والنظر مبوضوعية لوجهة النظر األخرى ، ولرمبا تكون هي الصحيحة

¡```

Page 226: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

:من العوامل اليت تعيق أداء اموعة التربوية الفعالة ما يلي

حيتاج أعضاء اموعة إىل وقت وخربة يف العمل مع بعضهم بعضا ؛ ليصبحوا جمموعة عمل فاعلة ، ولذا فإن اموعات املؤقتة املشكلة لغرض

. تنضج عادة مبا فيه الكفاية لتعمل بكل فاعليتها خاص الولن يكون الوقت كافيا لنضج األعضاء وصقل خربم ما مل يتزامن مع ذلك تزويد األعضاء مبهارات العمل اجلماعي ، والتأكد من تطبيق تلك

املهارات مع بعضهم البعض ، وبشكل مستمر.

فاموعات كبرية احلجم تقلص حاالت التفاعل بني األفراد ، حيث يتمكن األعضاء من حتقيق املهارات االجتماعية التعاونية الضرورية لدمج ال

.كل عضو من أعضاء اموعة بفاعلية وكفاءة كلما كان عدد أعضاء اموعة أكرب ، كان عدد ((: يقول جنسون

ء املشاركني يف النقاش أقل ، وكانت نظرة األعضاء إىل مسامهتهم األعضاالشخصية أقل أمهية ، وكانت هناك حاجة أكرب للمهارات اجلماعية ،

. )١( ))وكان تركيب اموعة أكثر تعقيدا

) . ٨: ٤( ، ، مرجع سابق التعلم التعاوين: نسن وآخرون ديفيد جو )١(

Page 227: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: التربویة الفعالة المجموعة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

، كما ينبغي أن ال يقلص عدد األعضاء إىل احلد الذي ال ميكنهم من التفاعل .توسع يف املعلومات ، وممارسة األلعاب اجلماعية والنشاطات املختلفة وال

عندما يعمل األعضاء بشكل مجاعي ، ويكون هناك فرصة أمام بعضهم

ربي ؛ فإن الكثري منهم بأن يقللوا جهودهم بدون أن يدرك اآلخرون أو امل .مييلون إىل بذل جهد أقل من غريهم

لذا فإنه جيب على املربي أن ال يكتفي باملناقشة اجلماعية واملالحظة العابرة ، بل يقوم بإحصاء جهود ومشاركات كل عضو من أعضاء

.اموعة على حده ؛ وذلك للحد من هذه التصرفات

لون من ((إن شعور الفرد املتضخم بذاته ، وتطلعه للزعامة والصدارة ألوان إثبات الذات ؛ يدفع صاحبه إىل اإلحساس بأنه ليس يف مستوى اآلخرين ، وإنما أعلى منهم ، ومن مث فال ينبغي أن يتعاون معهم ، وإنما

. )١( ))يأمرهم ليطيعوا وواجب املربي أن يصلح هذا االحنراف ويعاجله بالوسائل املناسبة ،

أن يعهد املربي إىل مثل هذا الشاب بتحمل ((: ومن أجنع تلك الوسائل ؛ مسؤولية حقيقية جادة ، ويكون مسؤوال عنها أمام املربي الذي املسؤولية

) املريسة ( س أن املسألة ليست هي يتولى اإلشراف عليه ، عندئذ سيح

. ٢٨٤، ص ٢، ج ، مرجع سابق منهج التربية اإلسالمية: حممد قطب )١(

Page 228: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: التربویة الفعالة المجموعة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفارغة ، إنما هي القيام باملسؤولية على وجهها األكمل الذي ال يعرضه . )١( ))للوم ، وال يعرض ذاته اليت يعتز ا للحرج

وينبغي أال يفهم من هذا إرادة قتل الطموح ، وتفضيل دنو اهلمة ، . املسؤولية ، خاصة إذا تعينت على األكفاءهرب من والقعود والكسل ، والت

جينح بعض األشخاص إىل التطرف يف اآلراء ، واملبالغة يف احلماس لألفكار ، ومن ذلك أنه يسود لديهم الرأي الواحد ، والقطع مبا هو

مل ، واالفتقار إىل االعتدال يف النظر إىل ، واجلزم مبا هو حمت مظنون، وهي مشكلة قد تكون موروثة من األسرة ، أو اتمع ، أو البيئة األمور

احمليطة ، وقد تكون نتيجة ممارسات غري سليمة من بعض املربني .قصد وبدونإن إجابة املعلم عن سؤال تلميذه إجابة قاطعة ، وحديثه عن مشكلته ((إخل ؛ كل ... ه ليس هلا إال حل واحد ، وتعليقه على موقف أو ظاهرة بأن

ذلك يؤثر يف طريقة تفكري هذا التلميذ ، ويصبغها بصبغة التطرف يف اآلراء . )٢( ))والقطع فيها

وطريقة املربي يف نقاشه آلراء املخالفني والتعامل معها ، ويف حديثه عن ني الظواهر االجتماعيا يف طريقة تفكري املتربة وحتليلها رمبا أثر تراكمي.

. ٢٨٥املرجع السابق ، ص )١(مجادى (، ١٦٥، مرجع سابق ، العدد البيانالتربية وأثرها على الدعوة ، : االفتتاحية )٢(

. ٤، ص )هـ ١٤٢٢ألوىل ا

Page 229: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: التربویة الفعالة المجموعة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن على املربي أن يبين لطالبه أن اختالف اآلراء فيما يسوغ فيه االختالف يؤدي إىل النقاش واحلوار الذي يعود على االعتدال يف اآلراء

.وعدم التطرف فيها

اإلفراط يف املزاح ، والتجاوز يف اهلزل ، مظهر يدل على اخنفاض مستوى اجلدية ، وال ينبغي أن يكون هو السمة البارزة يف اموعة ؛ ألن

((ذلك سيؤثر على مسارها ، ويعيقها عن حتقيق أهدافها املرسومة ، ، ولكن مثت خيط يشده إىل حياة اجلد والرجل اجلاد قد يهزل ، ويضحكفاملزاح لديه مما يأيت عارضا ال يستحق . ، ويأىب عليه التجاوز والتمادي

لدى صاحبه أن يوفر له لقاءات ، ويضيع من أجله أوقاتا ، فضال عن أن ر ((: eيسعى إليه ويستهدفه ، وهو يرى نصب عينيه قول الرسول ث ك ت ال و

ب ل ق ال يت مت ك ح الض ة ر ث ك ن إ ؛ ف ك ح . )٢( )) )١( )) الض

إن حاجة اموعة إىل املربني األكفاء الذين يستطيعون التعامل مع املتربني ، وبناء خربام ، وحل مشاكلهم ، وحتقيق أهدافهم بكل فاعلية ؛

ـ هم قلة ، ! لحة ، ومطلب أساس ، ولكن ـ ويا لألسف هي حاجة م .ولعل ذلك من أهم العوامل اليت تعيق أداء اموعة التربوية الفعالة

)١( رمذيد بن عيسى التحمم :رمذيقى احملارم فهو ، مرجع سابق سنن التباب من ات ،

. ٤٧٨، ص ) ٢٣٠٥ (، رقم ٤أعبد الناس ، ج هـ ١٤١٥، الرياض ، دار الوطن ، التربية اجلادة ضرورة: حممد بن عبد الله الدويش )٢(

. ٤٨، ٤٧، ص

Page 230: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

: التربویة الفعالة المجموعة ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من خالل عرض ما تقدم من نقاط يف هذا الفصل يتبين أن اموعة مىت ما وعاها املربي فإن .التربوية هلا خصائص وضوابط وعوامل تعيقها

ذلك سيحسن من أداء جمموعته ويزيد من فاعليتها ، وما تلك اخلصائص والضوابط والعوائق اليت ذكرت إال اجتهاد من الباحث قد ال يراها البعض ،

.أو قد يزاد فيها وينقص

له أن يتقبU وذا أكون قد انتهيت من هذا البحث ، سائال املوىل .مني ، وأن يعم به الفائدة للجميع ، إنه جواد كرمي

.وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملني

¡```

Page 231: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

الخاتمة

Page 232: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

توصل الباحث من خالل استقراء فصول هذا البحث إىل استخالص :النتائج اآلتية

نتظر منه الكثري أنا الطموح الذي ية شباة ـ وخباصة اإلسالميـ األمبأمس احلاجة إىل تربية ناضجة تبين شخصية الفرد من مجيع اجلوانب ، كما تلبي حاجاته وتعاجل أوضاعه ليكون قادرا على العطاء ، وال سبيل

معها ، ويبادل أعضاءها إىل ذلك إال بأن يتربى الفرد يف مجاعة ؛ يتفاعلاحلب والتقدير ، واألخوة الصادقة ، وغريها من املعاين اليت ترتقي

.بشخصه ، وتزكي نفسه ، ة ؛ ال يكفي فيها توجيه عابرة مستمرة عمليربية اجلماعيأن الت

لقاء مقتضب ، كما أن املتربي نفس بشرية وليس آلة تضغط على والزرارها مرة مث تتركها وتنصرف إىل غريها ، بل إا نفس بشرية دائمة أ

التقلب ، متعددة االتجاهات ، حتتاج إىل متابعة وتوجيه يف كل حال .أحواهلا من

ة ، وعند علماءنة له أصل يف الكتاب والسربية اجلماعيأن أسلوب الت .النماذج على ذلك كثرية جدا السلف واملربني املسلمني ، و

يبأن جل تربية النe ةألصحابه كانت مجاعي. عورة والشضج العاطفي والعالقات االجتماعية مثل النفسية النأن الصح

.القوي باهلوية الذاتية ، هلا عالقة مباشرة بالتربية اجلماعية

Page 233: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ا املخلصني أن تلك الفجوة بني علانيني ومفكريها ودعاة الربماء األممن جهة ، وبني شباا الغيورين من جهة أخرى ، هي اليت ولدت

.األفكار الضالة واملبادئ املتطرفة ةة إذا ما بنيت على أركان متينة ومنهجية فوائد مجربية اجلماعيأن للت

:صحيحة وأساليب فاعلة ، منها ة الفردعف والقصور يف شخصيالكشف عن مواطن الض

.ومساعدته يف التخلص من ذلك ةعوية والدربويجارب التتزويد الفرد بكثري من اخلربات والت. شاط للعمل ومضاعفة اجلهد فيهزيادة الن. ربوالص واصي باحلقاحلني ، والتمعهم حتصيل فضيلة لزوم الص. فسالبعد عن اليأس ، وبث األمل يف الن. يطان ومكرهاحلماية من كيد الش. تهوازن يف شخصيكامل والتتوظيف طاقات الفرد مبا حيقق الت.

ي أنني جيب على املربي ، هلا أثر بالغ على املتربأن هناك صفات للمرب :لصفات يتحلى ا ، ومن هذه ا

رعيالعلم الش. اد اإلمياينالز. الثقافة الواسعة. القدرة على القيادة.

Page 234: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القدرة على املتابعة. قوميالقدرة على الت. فسياالستقرار الن. زاناالعتدال واالت. ال الدة يف ااخلربة واملعرفة اجلي ربويت. ي وأحوالهة املترباملعرفة الواسعة بشخصي. حسن العطاء. ةواصلياملهارات الت. املرونة. ةالقدرة على بناء العالقات اإلنساني.

:كما أن هناك أخطاء يف التربية جيب على املربي أن يتجنبها ، منها يهم عدم االعتراف باخلطأأمام من يرب. عدم اإلغضاء عن اهلفوات والزالت الصغرية. ني دون البعض يف إسناد املهامركيز على بعض املتربالت. يات املتربل الزائد يف كل كبرية وصغرية من خصوصيالتدخ. تهي له أثر على شخصيي يف املتربعدم التفطن إىل أن رأي املرب. ة واالفتقار إىل العمق الطحيس. ة يف العملاملركزي.

Page 235: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ا يفا إجيابية وأساليبها أثرربية اجلماعيي بأركان التأن لوعي املرب .ودعوته تربيته

ةنة لشخصية تتركز يف بناء اجلوانب املكوربية اجلماعية التأن مهمه يف الرعاية والتوجيه ، مراعية املتربي حبيث يعطي كل جانب حق :مراحل العمر املختلفة ، وهي كاآليت

، اجلانب اإلمياين ، اجلانب العلمي ، اجلانب العقلي ، اجلانب اخللقي .اجلانب النفسي ، اجلانب الدعوي ، اجلانب اجلسمي

ة ، بل هة وال فوضوية ليست عشوائيربية اجلماعية على أن التي مبني :منهجية حمكمة ، من ذلك

واضحة االنطالق من خطط مدروسة وأهداف. ج وفقهدرات التاألولوي. مولكامل الشوالت. ع مراعاة االختالفوالتنو. ربيةعوة املوازنة بني العلم والتوالد. والبصرية الوعي. ة وليسة اإلسالمينة لطائفة أو الوالء لألممجاعة معي.

باعها خاللة مبكان ، جيب اتة أساليب من األمهيربية اجلماعيأن للت :التربية ، من ذلك

، واضع وحسن املعاملة ، كاحلفاوة ، وحسن االستقبالربية بالتالت .وكذلك التبسط وإزالة احلواجز

Page 236: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حفيز ، ومن ذلك الربية بالتدريب التشجيع ، وكذلك التثناء والت. وجيه غري املباشرربية بالتالت. نية ، ومن ذلك مشاورة املتربل املسؤوليعويد على حتمربية بالتالت

. تعويدهم على املشاركة والعملوتعويدهم إبداء الرأي ، وكذلك ربية باملعايشة واملصاحبة ، ومن ذلك إقامة الرمات التحالت واملخي

. ة للمجموعةي على املالمح العامف املربة مبكان تعرمن األمهي

:؛ ألن ذلك يعترب النموذج التطبيقي لعمله ، ومن تلك املالمح التربوية :خصائص اموعة التربوية الفعالة ، ومن ذلك :أوال

ه مسؤول عن كل عضوموعة شعور الفرد بأنمن أعضاء ا. جانس بني األعضاءفاوت وعدم التالت. راعات بني األعضاء بطريقة هادفةإدارة اخلالفات والص. للمجموعة قومي املستمرمشاركة مجيع األعضاء يف الت.

:ضوابط اموعة التربوية الفعالة ، ومن ذلك :ثانیا موعي أعضاء اعلق باملنهج ال باألشخاص أن يربة على الت. ي معظم الوقت وعزلهموعة إىل إشغال املتربي االرتباط باأال يؤد

.عن واقعه وجمتمعه باع األعمى ( احلذر من الطاعة غري املبصرةاالت. (

:العوامل اليت تعيق أداء اموعة التربوية الفعالة ، ومن ذلك :ثالثا

Page 237: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ضجاالفتقار إىل الن. موعةالعدد غري املناسب ألعضاء ا. دارةعامة والتطلع للصغبة يف الزالر. الوقار واهليبة اإلكثار من املزاح واهلزل واخلروج فيه عن حد.

أن مثة ثغرات يف العمل اإلسالمي ، من تربية ودعوة جيب املسارعة :لسدها ، ومن ذلك

ةعوية والدربوييف بعض أساليبنا الت غياب التأصيل العلمي. ني األكفاءندرة املرب. ، ةربويراسات واالستبانات اليت تتناول القضايا التقلة الد

.واملؤسسات الدعوية ¡```

Page 238: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

:ا يلي يف ضوء ما توصل إليه الباحث من نتائج ، فإنه يوصي مب

ا رمباة ، وأة وفوائدها اجلمربية اجلماعية التني بأمهيتوعية اآلباء واملرب ة والعزلة ، وحبا لكثري من مشكالت األبناء كاالنطوائيتكون عالج

.السيطرة واألنانية

تمع والواقع الذيهات خبطورة عزل أبنائهم عن اتوعية اآلباء واألمن فيه ؛ ألن ذلك سيفقدهم بعض مقومات الشخصية السوية ، يعيشو

.ولكن عليهم اختيار األجواء املناسبة ألبنائهم مع املتابعة املستمرة هلم

ال ، وأثر ذلك يف تربيتهمي الفعصافهم بصفات املربة اتني بأمهيتوعية املرب .

ربني وتأهيلهم ، ويتحقق وبناء على ذلك جيب االهتمام البالغ بإعداد امل :ذلك مبا يلي

ني ؛ يركز فيها على اجلانب العلميإنشاء معاهد إلعداد املرب .التربوي التدرييب

ربويني أثناء عملهم يف امليدان التإقامة دورات لتطوير املرب.

على كل ما هو جديد يف طرق ني على االطالع املستمرحث املرب .وأساليب التربية

، نية املتربنة لشخصية معرفتهم باجلوانب املكوني بأمهيتوعية املرب .وحماولة بنائها باتزان ، حبيث ال يطغى جانب على آخر

Page 239: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حيحة يف تربيتهم ، والبعد عنة الصني باملنهجيضرورة التزام املرب .االرجتال

ة األني بأمهيعه ، ووجوب التزام األسلوب توعية املربسلوب ، وتنو :احلسن الذي يتناسب وحال املتربي ، ويتحقق ذلك مبا يلي

ة حتت عنوانة ( إقامة ندوات ودورات علمية نبويأساليب تربوي ( .يستخلص من خالهلا الدروس والعرب

ا وحديثا ، واالني املسلمني قدميا مطالعة سري العلماء واملرب ستفادة .يف تربيتهم لطالم

ة ومفكريهاالفجوة بني علماء األم دع ، وسدالعمل على رأب الص :ودعاا وشباا ، ويتحقق ذلك عن طريق

، ةربويسات واحملاضن التدعوة العلماء واملفكرين لزيارة املؤس . ملشاريع التربويةالشبابية ، وإطالعهم على بعض الرؤى واوامللتقيات

مباب ومشكالة لالستماع إىل مهوم الشعقد لقاءات خاص .املعاصرة

ة ـ يفاالستفادة من وسائل اإلعالم ـ ال سيما القنوات الفضائيتقريب وجهات النظر بني علماء األمة وشباا ، ويكون ذلك

.بطرح معتدل مقنع

هات من هذا البحثضرورة استفادة املؤسسات التني واآلباء واألمة واملربربوي .

¡```

Page 240: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

:يقترح الباحث استكماال هلذه الدراسة إجراء الدراسات اآلتية ةربويالعمل اجلماعي من منظور إسالمي ، وآثاره الت. ةربوية ، وآثارها التالعبادات اجلماعي. ربية اجلماعية ـ الواقع واملأمول ـ التربوية يف املؤسسات الت. ة يف حميط األسرةربية اجلماعيالت.

.وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملني

¡```

Page 241: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

المصادر والمراجع

Page 242: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.القرآن الكريم

.عند ترتيب املصادر واملراجع ) ابن ( التعريف و ) أل ( سيتم جتاهل )١(

Page 243: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 244: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

e

Page 245: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 246: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

e

Page 247: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 248: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 249: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

e

Page 250: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

e

Page 251: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 252: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 253: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

¡```

Page 254: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Page 255: التَّربية الجماعيّة في الإسلام:e ﻪﱠ ﻠ ﻝﻟﺍ ﻮﺳ ﻝﺭﺎ : ﻗ ﻝﺎ ﻗt ﺓﺮ ﻳﻲﺮ ﺑ ﺃﻫ ﻦﻋ تﻮ ﻴ ﺑ ﻦ ﻣ ﺖ ﻴ

٢٣٧