العدد 38 - أيار / مايو 2019Issue 38 - May 2019

A Bimonthly Peer Reviewed Journal of Political Science and International Relations دورية محكمة تعنى بالعلوم السياسية والعالقات الدولية

3

دراساتعزمي بشارة

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

علي الجرباوي | لورد حبش النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

غسان الكحلوت الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص،

دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

عبد القادر بوطالب الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار

ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

مهدي بنسليمان لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، اإلعالم والس

مجلة "لوجورنال" نموذجا

المؤشر العربي

دانا الكرد | لؤي عليتقييم قوة المجالس التشريعية في ثالث دول عربية وتصور الرأي العام العربي لها:

حاالت األردن والكويت والمغرب

Articles 5

Azmi Bishara

Remarks on External Factors 7in Democratic Transition

Ali Jarbawi | Lourdes Habash

Realist Theory in the Face of 28International Unipolarity

Ghassan Elkahlout

Challenges and Opportunities for Refugees 50in Host Countries: Jordan as a Case Study

Abdelkader Boutaleb

Youth and Politics: The Decline of 63Party Membership in Moroccan society

Mehdi K. Benslimane

Media and Power: A New Conceptual 75Approach, "Le Journal" as a Case Study

Arab Opinion Index 91

Dana El Kurd | Luai Ali

Evaluating the Strength of Legislative 93 Bodies in Jordan, Kuwait and Moroccoand their Image in Public Opinion

ددعلألا - اراأ أ رايأرايأ

Issue لا - May رايأ

دراسات

3

التوثيق

محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربيفي المدة 2019/03/1 - 2019/04/30

الوقائع الفلسطينية في المدة 2019/03/1 - 2019/04/30

مراجعات وعروض كتب

شمس الدين الكيالني "دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع

المحلي في العراق(" لفالح عبد الجبار

مروة فكري مصالحات غير مكتملة: قراءة نقدية في كتاب

"ثورات لم تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي" إلبراهيم فريحات

تقرير

إيهاب محارمة الحركتان االحتجاجيتان في السودان

والجزائر وآفاق التغيير الديمقراطي

Documentation 99

Milestones in Democratic Transition in the Arab World 101 1/03/2019 - 30/04/2019

Palestine Over Two Months 107 1/03/2019 - 30/04/2019

Book Reviews 115

Chamseddin Alkilani

"The Caliphate State: Advancing Towards the 117 Past – ISIL and the Local Community in Iraq" by Faleh A. Jabar

Marwa Fekry

Incomplete Reconciliation: Critical Review 128 of "Unfinished Revolutions: Yemen, Libya, andTunisia after the Arab Spring" by Ibrahim Frehat

Report 137

Ihab Maharmeh

The Two Protest Movements in Sudan and 139Algeria and Prospects for Democratic Change

5

املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات هو مؤسسة بحثية فكرية مستقلة

للعلوم االجتامعية والتاريخية وبخاصة يف جوانبها التطبيقية.

يسعى املركز من خالل نشاطه العلمي البحثي إىل خلق تواصل بني املثقفني

واملتخصصني العرب يف العلوم االجتامعية واإلنسانية بشكل عام، وبينهم وبني

العربية والبحثية الفكرية املراكز وبني وبينهم وأمتهم قضايا مجتمعاتهم

واملفاهيم املعرفية األدوات وتطوير والنقد البحث عملية يف والعاملية

وآليات الرتاكم املعريف، كام يسعى املركز إىل بلورة قضايا املجتمعات العربية

التي تتطلب املزيد من األبحاث واملعالجات، وإىل التأثري يف الحيز العام.

املركز هو مؤسسة علمية، وهو أيضا مؤسسة ملتزمة بقضايا األمة العربية

وبالعمل لرقيها وتطورها، وهو ينطلق من كون التطور ال يتناقض والثقافة

والهوية العربية، ليس هذا فحسب، بل ينطلق املركز أيضا من أن التطور غري

ممكن إال كرقي مجتمع بعينه، وكتطور لجميع فئات املجتمع، يف ظروفه

التاريخية ويف سياق ثقافته وبلغته، ومن خالل تفاعله مع الثقافات األخرى.

يعنى املركز بتشخيص وتحليل األوضاع يف العامل العريب، دوال ومجتمعات

وبتحليل السياسات االجتامعية واالقتصادية والثقافية، وبالتحليل السيايس

مستوى عىل األمة تواجه التي التحديات ويطرح أيضا، املألوف باملعنى

العلمي والركود والتبعية والسيادة والوحدة، والتجزئة والهوية املواطنة

بينها، وقضايا والتعاون العربية والدول املجتمعات وتنمية والتكنولوجي،

الوطن العريب بشكل عام من زاوية نظر عربية.

مع ومجتمعاته العريب العامل عالقات بدراسة أيضا العريب املركز ويعنى

واألوروبية األمريكية السياسات ومع وأفريقيا، آسيا يف املبارش محيطه

واآلسيوية املؤثرة فيه، بجميع أوجهها السياسية واالقتصادية واإلعالمية.

ال يشكل اهتامم املركز بالجوانب التطبيقية للعلوم االجتامعية، مثل علم

أمام حاجزا السياسية والعلوم الثقافية والدراسات واالقتصاد االجتامع

االهتامم بالقضايا واملسائل النظرية، فهو يعنى كذلك بالنظريات االجتامعية

املبارشة بإسقاطاتها وخاصة ونقدية، تحليلية عناية السيايس والفكر

باملنطقة املختصة للدراسات املوجه والسيايس األكادميي الخطاب عىل

العربية ومحيطها.

ويعقد مختصة، برامج عدة ويدير وتقارير، ودراسات أبحاثا املركز ينتج

العام وللرأي للمختصني، موجهة وندوات وتدريب مؤمترات وورش عمل

أيضا، وينرش جميع إصداراته باللغتني العربية واإلنكليزية ليتسنى العريب

للباحثني من غري العرب االطالع عليها.

The Arab Center for Research and Policy Studies (ACRPS) is an independent research institute for the study of the social sciences and humanities, with particular emphasis on the applied social sciences.

The ACRPS strives to foster communication between Arab intellectuals and specialists in the social sciences and humanities, establish synergies between these two groups, unify their priorities, and build a network of Arab and international research centers.

In its commitment to the Arab world's causes, the ACRPS is based on the premise that progress necessitates the advancement of society and human development and the interaction with other cultures, while respecting historical contexts, culture, and language, and in keeping with Arab culture and identity.

To this end, the Center seeks to examine the key issues afflicting the Arab world, governments, and communities; to analyze social, economic, and cultural policies; and to provide rational political analysis on the region. Key to the Center's concerns are issues of citizenship and identity, fragmentation and unity, sovereignty and dependence, scientific and technological stagnation, community development, and cooperation among Arab countries. The ACRPS also explores the Arab world's political and economic relations with its neighbors in Asia and Africa, and the Arab world's interaction with influential US, European, and Asian policies in all their economic, political, and communication aspects.

The Center's focus on the applied social sciences does not detract from the critical analysis of social theories, political thought, and history; rather, this focus allows an exploration and questioning of how such theories and ideas have directly projected themselves on academic and political discourse and guided the current discourse and focus on the Arab world.

The ACRPS regularly engages in timely research, studies, and reports, and manages several specialized programs, conferences, workshops, training sessions, and seminars that target specialists and the general public. The Center publishes in both Arabic and English, ensuring its work is accessible to both Arab and non-Arab readers.

5

Articlesدراسات

5

76

7

*Azmi Bishara | عزمي بشارة

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطيRemarks on External Factors in Democratic Transition

77

* مفكر عريب، املدير العام للمركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.* Arab Public Intellectual, General Director of the Arab Center for Research and Policy Studies.

تســعى الدراســة إلى تحديد مفهوم "العامــل الخارجي "، منهجيا؛ لتتمكــن من التعرف إلى فاعليته وتأثيره في عملية االنتقال. ويعني "العامل الخارجي "، بحسب الدراسة، دور العوامل السياســية الخارجيــة اآلنــي والمباشــر فــي تأثيرهــا فــي االنتقــال الديمقراطــي. وقــد الحظــت "ترســيخ مراحــل فــي عنهــا يختلــف االنتقــال، مراحــل فــي العوامــل هــذه دور أن الدراســة الديمقراطية"، فإذا كان التأثير الخارجي في الثورات ضئيلا، وال سيما إذا كانت ثورات شعبية عفويــة، فإنــه قد يكون مؤثــرا في مرحلة االنتقال الديمقراطي، وإن لم يكن تأثيره حاســما إال بفعــل عوامــل داخليــة محلية، تيســره وتمكنه. وتبين الدراســة العالقة بيــن العامل الخارجي والموقع الجيوســتراتيجي للدولة في الحالة العربيــة؛ إذ يزداد العامل الخارجي أهمية بازدياد أهمية موقع الدولة. وتتابع الدراســة تطور مبدأ "دعم الديمقراطية" في السياســة األميركية الذي ظل مرتبطا بالمصالح األميركية، وانتهى لصالح مبدأ استقرار األنظمة. كما ترصد تيارا

إقليميا ودوليا، لم يحظ باالهتمام الكافي، يدور حول "تعزيز األوتوقراطية".

كلمــات مفتاحيــة: التحــول الديمقراطــي، الموجــة الديمقراطيــة، ترســيخ الديمقراطيــة، األوتوقراطية، السياسة الخارجية األميركية.

The study defines the "external factor" and determines its impact on the transition process. The study notes that the role of these factors in transition is different from that of "democratization " if the external influence of the revolutions is minimal. This is especially so in the case of spontaneous popular revolutions where the external factor may be influential in the democratic transition, although its impact is decisive only when accompanied by facilitating domestic factors. The study shows the relationship between the external factor and the geostrategic location of the Arab state whereby the external factor becomes more important according to the importance of the state. The study follows the evolution of the principle of supporting democracy in US politics, which has been linked to US interests and has ended up supporting regime stability. It also monitors a regional and international trend of "promoting autocracy".

Keywords: Democratic Transformation, Democratic Wave, Consolidating Democracy, Autocracy, US Foreign Policy.

8 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مقدمةتأثري دول الخارجي، مبعنى العامل فعل نتائج إن القول نافلة من

أخرى وسياساتها وعالقات الدولة املعنية بها يف التحول الدميقراطي

فيها، ال تتضح مبعزل عن العوامل الداخلية، بل من خالل تفاعل ما

نطلق عليه اسم العامل الخارجي معها. فهي التي تحدد مدى تأثريه،

وإن مل تتحكم يف اتجاهه. ونحن هنا نقوم بذلك بعزل هذا العامل

البحث يف االنتقال الدميقراطي، ويفرتض أن بشكل مصطنع لفائدة

يفحص الباحث يف هذا املجال مدى تحوله إىل عامل حاسم يف عملية

االنتقال، أو معوق لهذه العملية، أو مساند لها.

االنتقال نفسها الخارجية يف عملية العوامل مثة فرق كبري بني دور

ودورها يف ترسيخ الدميقراطية بعد االنتقال. ففي حاالت متطرفة قد

تكون تطورات إقليمية هي القادح لنشوب ثورة عىل نظام مستبد،

يختلف عن املبارش. وهذا بالتدخل لالنتقال املعوق تكون قد كام

دور العوامل الدولية يف ترسيخ الدميقراطية ودميومة التجربة، يف بلد

قد يتعرض للحصار إلجهاض التجربة، أو رمبا يتلقى الدعم إلدامتها.

فمثال ميكن أال متانع دول مؤثرة أو مؤسسات دولية، مثل البنك الدويل،

يف انهيار نظام استبدادي، ولكنها قد ال تقدم املعونات املالية الالزمة

أو الدعم االقتصادي، أو حتى الدعم التقني والسيايس الالزم يف أمور

وضبط األمني القطاع كإصالح الدميقراطي، التحول ملصري حاسمة

نزع أو حتى العسكرية (مرص، وتونس)، - املدنية العالقات توازن

(ليبيا، واليمن)؛ وذلك يف مرحلة الدمج أو إعادة السالح والترسيح

انتقال من الطبيعي أن يتأثر فيها االستقرار ويرتاجع أداء مؤسسات

الدولة، وال سيام يف مجال الخدمات، كام تهبط فيها معدالت النمو

التأييد للدميقراطية، وحتى إىل عىل نحو يؤدي إىل تناقص معدالت

استخدامها يسهل الدكتاتورية إىل حنني عن تعب نزعات صعود

للدميقراطية، كام جرى يف من طرف قوى محلية وإقليمية معادية

مرص يف الفرتة االنتقالية الواقعة بني عامي 2011 و2013. وميكن أال

تتحمس دول ومؤسسات مؤثرة النهيار نظام سلطوي وعملية التحول

يف حد ذاتها، ولكنها قد تدعم الحكومة الدميقراطية ماليا باملساعدات

والقروض واالستثامرات خشية الفوىض وعدم االستقرار، كام يحصل

حاليا يف العالقة بني االتحاد األورويب وتونس.

ومثة عوامل خارجية أثرت بنيويا يف االقتصاد واملجتمع، ومل يعد من

عملية حصول عند خارجية مؤثرات بوصفها معها التعامل املفيد

االنتقال ذاتها. خذ مثال التبعية االقتصادية الناجمة عن عالقات املركز

برجوازية نشوء وإعاقتها الجنوب، بدول املتطور العاملي الصناعي

حاسام يكون وقد للغاية، مهم عامل هذا منتجة. محلية وطنية

ويف الحر، التبادل عالقات يقوم عىل مدين مجتمع نشوء إعاقة يف

مركزة القوة االقتصادية والسياسية بيد فئات اجتامعية محددة، سواء

أكانت بريوقراطية أم عسكرية، تدور يف فلكها "رأساملية محاسيب"

غري منتجة. وعىل الرغم من منشئه التاريخي يف التفاعل بني "داخل"

و"خارج"، هل ميكن التعامل مع هذا املركب االقتصادي االجتامعي

أضحى إذ بالطبع؛ كال االنتقال؟ عملية أثناء خارجيا عامال بوصفه

بنية االستعامر يف آثار مرحلة بامتياز، كام يف حاالت واقعا داخليا،

إنتاجه بني االقتصاديات الدولة واالقتصاد واملجتمع، وإن كان يعاد

املتطورة وهوامش االقتصاد العاملي عب عالقات تجارية غري متكافئة،

وديون وصفقات تسليح وغريها. وهذه العوامل البنيوية التي خلفتها

التبعية االقتصادية ال تؤثر فقط يف منط الدكتاتورية، بل تعود وتفرض

ذاتها عند دراسة دميومة الدميقراطية وفرص نجاحها بعد االنتقال.

ورغم أهمية انتشار األفكار الدميقراطية عب وسائل االتصال والتعليم

واإليجابية، السلبية الفعل ردود ونشوء الثقافيني، والتأثر والتأثري

فهي ليست من ضمن العوامل الخارجية املقصودة يف هذا النوع من

الدراسات الذي مييل غالبا إىل الرتكيز عىل العوامل السياسية الخارجية

الفاعلة آنيا، أي أثناء فرتة االنتقال. أما التفاعل الثقايف وانتشار فكرة

بعيدا عن تعقيدات استيعابها الدميقراطية ومدى جاذبيتها وكيفية

واقعها الحقيقي، فهي عوامل مهمة جدا يف رأيي وال تحظى باهتامم

النخب وثقافة الشعبية الثقافة عن للفصل قابلة تعد ومل كاف،

عىل حد سواء؛ إذ مل يعد الفصل بني "األصيل" و"الدخيل" ممكنا يف

الثقايف التفاعل وينطبق ذلك خاصة عىل االقتصاد. الثقافة، كام يف

العريب - العريب الذي يصعب حرص قنواته وأطره، من وسائل إعالم

إقليمي نطاق عىل فاعلة عربية ومؤسسات وأحــزاب ومنظامت

ووسائل تواصل وأدب وفن. فهذه كلها غدت معطيات ومكونات يف

الخلفية السياسية والثقافية واالجتامعية القامئة يف الدولة التي تجري

9دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

فيها عملية التحول وتؤثر فيها. ويجب أن تؤخذ جميعا يف االعتبار

عند دراسة رشوط االنتقال الدميقراطي يف الدولة املعنية.

إن دراسة االنتقال الدميقراطي هي معالجة لصريورة من شقني: األول،

يشق أعىل من إصالح بعد بانهياره سواء السلطوي الحكم نهاية

النظام أو بعد انقالب عسكري(1)، أم بثورة شعبية تجب رموز النظام

عىل مغادرة الحكم، أم بكلتا العمليتني. والثاين، نشوء نظام سيايس

تعددي بتوافق بني النخب السياسية املشاركة فيه بغض النظر عن

نضج النظام الدميقراطي الذي ينشأ يف البداية، ومدى االتفاق عىل

مبادئه. يف هذا السياق، يهمنا دور العوامل السياسية الخارجية، اآلين

واملبارش، يف تأثريه يف هذين التطورين الكبريين املرتابطني. ويصعب

تحديد املوقف من الشق الثاين فيه، إذا مل تكن الدميقراطية مطروحة

أصال (بغض النظر عن مدى اكتامل منوذجها املطروح) بوصفها بديال

من النظام السلطوي، ومل يبارش بتنفيذ أي مرحلة من مراحلها.

خذ مثال حالة الثورة السورية. وهي من الثورات األكرث عدالة، لناحية

هذه تشهد مل مآالتها. يف مأساوية واألكرث إليها، الداعية األسباب

الثورة عىل نظام سلطوي فريد يف عنفه ورشاسته لحظة توافق عىل

برنامج دميقراطي من أي نوع لدى فصائل الثورة املسلحة، ومع أن

مؤسسات املعارضة السياسية طرحت برامج دميقراطية، فإن القوى

لبث وما الحال. بطبيعة النظام ورفضها رفضتها، الرئيسة املسلحة

الرصاع أن اتخذ شكل حرب أهلية بتدخل إيراين ورويس مبارش لصالح

الدكتاتورية. وخالفا لحالتي اليمن وليبيا املعقدتني واللتني انتهتا إىل

حروب أهلية أيضا، مل تصل الثورة السورية إىل أي مرحلة من مراحل

مامرسة الدميقراطية. ففي حني عرفت تجربتا انهيار النظام السلطوي

يف ليبيا واليمن محاوالت كهذه (االنتخابات يف ليبيا، والحوار الوطني

تنجز ومل سورية، النظام يف يسقط مل اليمن)، يف الوفاق وحكومة

الثورة بداية تحول دميقراطي. ولهذا يصعب اعتبار سياسات القوى

من فقط انقالبا 14 فإن العسكرية، االنقالبات بعد الدميقراطي التحول ندرة 1 رغم الفرتة 1945 - 2008، قادت إىل الرشوع يف عملية تحول التي وقعت يف الـ 217 االنقالبات

دميقراطي، أي ما نسبته 6.4 يف املئة فقط، انظر:Monty G. Marshall & Donna Ramsey Marshall, "Coup d’Etat Events, 1946–2013," Center for Systemic Peace (2014); Patrick McGowan, "African Military Coups d’Etat, 1956–2001: Frequency, Trends and Distribution," The Journal of Modern African Studies, vol. 41, no. 3 (2003), p. 340; Quoted in: Omar Ashour, "Collusion to Crackdown: Islamist-Military Relations in Egypt," Brookings Papers (March 2015), accessed on 30/4/2019, at: https://brook.gs/2RF7pn4;

ورمبا نضيف مقاومة مسلحة لالستبداد (عىل ندرة نجاح التحول الدميقراطي بعدها كذلك)، كام تجادل إريكا تشنويث وماريا ستبان يف دراسة 323 حالة مقاومة سلمية ومسلحة ضد

االستبداد أو االستعامر، انظر:Maria J. Stephan & Erica Chenoweth, "Why Civil Resistance Works: The Strategic Logic of Nonviolent Conflict," International Security, vol. 33, no. 1 (Summer 2008), pp. 7–44, accessed on 30/4/2019, at: https://bit.ly/2CXKiSq

ومل الدميقراطي، التحول من مواقف سورية يف والدولية اإلقليمية

لدول التعاون مجلس ودول تركيا مثل دول أجندات توافق يختب

الخليج العربية مع املعارضة بشأن الدميقراطية، أما الواليات املتحدة

األمريكية وإن كانت تفضل رحيل بشار األسد يف املراحل األوىل من

الثورة، فهي مل تكن متأكدة إذا كان البديل األفضل لها انقالبا عسكريا

لبثت وما املعامل. واضح غري شعبيا بديال أم طائفية، محاصصة أم

إيران وروسيا بدور أن تخلت عن مطلب رحيل األسد. وقد قامت

حاسم يف إنقاذ النظام من سقوط محتوم. وال شك يف أن أثر إيران

املدى بعيدة إسقاطات فلتدخلهام يبقى خارجيا فقط، لن وروسيا

عىل املجتمع والدولة يف سورية، ال تنضوي معالجتها يف إطار دراسات

االنتقال الدميقراطي. فهو مل يبدأ أصال. ونحن منيزه هنا من تجارب

بدأت وفشلت وال بد من دراستها ضمن دراسات االنتقال.

ضئيال وتونس مرص يف ذاتها الثورات يف األجنبية الدول تأثري كان

ولو الرؤساء. مع الهاتفية واالتصاالت البيانات يف تجىل وخافتا،

التحالفات لصمدت عيل بن العابدين وزين مبارك حسني صمد

الدولية معهام، ال شك يف ذلك. كام كان تأثري العامل الدويل محدودا

إطاحة ثم الثورة، عىل منهام كل فعل رد يف النظامني انشقاق يف

الرئيسني بفعل الثورة الشعبية واالنشقاق الذي أحدثته. ومثة مؤرشات

متعددة عىل تشجيع الواليات املتحدة قيادة الجيش املرصي عىل عدم

لكن يناير 2011. 25 ثورة املتظاهرين خالل ضد العنف استخدام

التأثري الخارجي أصبح فاعال وملحوظا يف مرحلة التحول الدميقراطي

2011 - 2013، وإن مل يكن تأثريه حاسام إال بفعل عوامل محلية. فلو

تخيلنا توافقا داخليا بني النخب السياسية املرصية عىل مبادئ النظام

الدميقراطي والتزاما حازما من طرفها بعملية االنتقال يرفعه الفاعلون

املرصي الجيش كان ولو واأليديولوجية، الحزبية خالفاتهم فوق

مثل الجيش التونيس لناحية عدم تطلعه للحكم، ملا كانت العوامل

الخارجية عىل هذه الدرجة من التأثري. إن ما جعل الدعم السعودي

واإلمارايت اإلعالمي (واملايل العلني وشبه العلني) لقوى الثورة املضادة

والنظام القديم يف مرص(2) مؤثرا، إىل درجة اإلسهام يف قلب املعادلة، هو

العوامل الداخلية املذكورة. أما السياسات األمريكية فلم تكن حاسمة

يف أي مرحلة. ولكن امتناعها عن تقديم الدعم للحكومة املنتخبة يف

مرص، ورفضها اعتبار االنقالب العسكري انقالبا؛ ما يعني عدم فرض

عقوبات عليه، سهال عىل قوى النظام القديم والثورة املضادة مهمة

إفشال التحول الدميقراطي. لقد كانت العوامل الداخلية هي العوامل

الرضورية، ولكنها مل تكن كافية لقلب عملية االنتقال إىل انتقال إىل

الدكتاتورية لوال عوامل التدخل الخارجي.

2 عزمي بشارة، ثورة مرص، الجزء الثاين: من الثورة إىل االنقالب (الدوحة؛ بريوت: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 2016)، ص 215 - 250.

10 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

بتنفيذ املايل الدعم اشرتطت التي األوروبية، السياسات تفض مل

للقيام سلطوي نظام أي تحفيز إىل وحقوقية، إداريــة إصالحات

بإصالحات جذرية فضال عن أن تقود إىل انتقال فعيل، كام أن أوروبا

كانت دامئا مستعدة للتخيل عن قضايا حقوق اإلنسان والدميقراطية

مقابل خدمات األنظمة السلطوية يف منع الهجرة ومكافحة اإلرهاب،

واستمرار صفقات بيع السالح. ولكن الدعم األورويب لالقتصاد التونيس

بعد الثورة، عىل الرغم من تلكئه كان مهام، مثلام كان فك العزلة عن

مرص بعد االنقالب مهام يف استقرار نظام حكم انقاليب سلطوي يفرغ

الفضاء العام يف مرص، ويقمع املعارضة، ويسجن رئيس دولة منتخبا.

الرئيس املنتخب والفاقد للتجربة يف إدارة وقبل ذلك مل يحظ هذا

الدولة، بتعاون أمرييك أو أورويب جدي لدعم االقتصاد املرصي وعبور

املرحلة الصعبة بعد الثورة، حني كان يف سدة الحكم.

إعادة االعتبار للعامل الخارجي - شك بال مدركني - الدميقراطي االنتقال بدراسات القامئون كان

أهمية العوامل الدولية، وال سيام اإلقليمية، لكنهم مل يولوها أهمية

استنتاجات أهم أحد وإن خاصة. معالجات لها تفرد ومل كبرية،

أن هو السلطوي(3) الحكم من االنتقال كتاب من الرابع املجلد

يناقض وهذا االنتقال، يف الرئيس بالدور تقوم املحلية العوامل

إن منطلقهم الدولية. املنظومات التبعية ونظريات طبعا نظريات

العوامل الرتكيز عىل إىل دفعهم الذي الرئيس املحرك الفكري هو

البهنة كانت فغايتهم تحييدها. أو الخارجية، وإهامل الداخلية

عىل أهمية الفعل السيايس يف التغيري الدميقراطي. لقد أراد هؤالء

الدكتاتورية إسقاط بإمكانية اإلميان إىل السياسية النخب دفع

دراســات سياق أخذنا إذا أنه مع الدميقراطية. إىل واالنتقال

االنتقال املذكورة سابقا، وهو التحوالت يف أمريكا الالتينية، نجد أن

مرحلة منذ فيها الدكتاتوريات تجاه األمريكية السياسات تعديل

له كان كارتر جيمي حكم فرتة يف اإلنسان حقوق عىل التأكيد

الحث عىل يكن يف مل إن تجاهله؛ يجوز ال ولكن أثر غري حاسم،

الدميقراطية، فعىل األقل يف وقف عرقلة االنتقال التي دأبت عليها

الحليفة للدكتاتوريات الداعمة سياساتها يف املتحدة الواليات

األنظمة خصم كان حني سيام وال الباردة، الحرب إطار ضمن

السلطوية هو اليسار (الذي قاد مطالب شعبية ضد الظلم وطالب

حالة ويف بدوره). دميقراطيا يكن مل ولكنه االجتامعية بالعدالة

املتحدة الواليات التي عدتها منطقة نفوذ، مل تشأ الجنوبية أمريكا

3 Guillermo O’Donnell, Philippe C. Schmitter & Laurence Whitehead (eds.), Transitions from Authoritarian Rule, Four Volumes (Baltimore, MD: Johns Hopkins University Press, 1986).

خشية السلطوية لألنظمة ليبايل دميقراطي ببديل حتى املجازفة

التدخل أن تبني دراسات مؤخرا نرشت وقد السيطرة(4). فقدان

املفصلية الشهرية العسكرية االنقالبات يف مبارشا يكن مل األمرييك

عىل أنظمة دميقراطية (البازيل 1964، وتشييل 1973)، بل حصل

حكومات نشوء ضد املستنفر األمرييك املوقف بني مصالح تالقي

محافظة وسياسية اجتامعية قوى مع الكوبية الثورة منذ يسارية

وهذا أيضا. هو ترضر حني العسكر إليها انضم البلدان، هذه يف

الواليات أن ينفي بل التحركات لهذه األمرييك الدعم ينفي ال

عىل فيالند كورت ويرد وخططت(5). بادرت التي هي املتحدة

تؤثر بالغرب العالقة بأن ليفيتسيك وواي(6)، الشائعة من الفرضية

يف للسري أو الدميقراطية إىل للتحول الدميقراطيني غري الحكام يف

األخريين العقدين إن الكاتب يقول الدميقراطي. اإلصالح اتجاه

التي فنزويال يف حصل ما هذا النظرية. هذه صحة عدم يثبتان

إذ قوية؛ وسياسية اقتصادية عالقة املتحدة بالواليات تربطها

بعد األمريكية الخارجية وزير قالها التي الشهرية العبارة السياق هذا يف 4 تحرض االنتخابات التي جاءت بسلفادور أليندي إىل الحكم يف تشييل: "ال أرى ملاذا علينا أن نقف أرشيف لدى شعبها". من املسؤولية انعدام بال فعل ونشاهد دولة تصبح شيوعية بسبب

نيويورك تاميز مقال حول عقيدة كيسنجر، انظر:Anthony Lewis, "The Kissinger Doctrine," The New York Times, February 27, 1975, accessed on 30/4/2019, at: https://nyti.ms/2VyekEW

األنظمة يف تغيري املفرتض يف األمرييك للتأثري تطرفا األشد الحالة فيالند 5 يتناول كورت التأثري األمرييك أكرث محدودية العامل وهي حالة أمريكا الالتينية ليثبت من خاللها أن درجة بفرتات املتعلقة واملخابرات األمريكية الخارجية وثائق إىل بالعودة وذلك غالبا، يشيع مام العرشين القرن خالل األمرييك الدور أهمية تناقصت وقد األنظمة. وتغريات االنقالبات بني التنسيق وعدم الداخلية والخالفات االرتباك الدور محدودية يف وزاد بالتدريج. املؤسسات املختلفة والفاعلني الكرث داخل اإلدارة األمريكية، وغالبا ما فرس لقاء مصالح قائم بني الواليات املتحدة ومن يقومون بانقالب عسكري يف أمريكا وكأنها عاملة سياسية أو فعل سيايس بأوامر من واشنطن. ويؤكد الكاتب أنه يف غالبية الحاالت كانت لدى الفاعلني الذين يقومون بانقالب يف أمريكا الالتينية الدوافع الكافية لفعل ما يقومون به من دون تعليامت من الواليات املتحدة. ويقول الكاتب إن الواليات املتحدة كانت تجد صعوبة كبرية يف عزل الساندينيني عن الحكم يف نيكاراغوا، مثلام فشلت يف حالة كوبا. لقد كان التأثري العسكري املبارش ممكنا يف دول صغرية مثل غرينادا وبنام. ومع أن نهاية الحرب الباردة ونشوء نظام القطب الواحد بدا كأنه يعظم التأثري األمرييك إال أن حدود هذا التأثري ظهرت بنشوء أنظمة متيل إىل اليسار يف التسعينيات، ضمن ذلك فنزويال وبوليفيا واإلكوادور. ورغم الدعم األمرييك والعالقة االقتصادية املتينة بنيكاراغوا وفنزويال وبوليفيا واإلكوادور، فإن الواليات املتحدة مل متنع هذه الدول من االنزالق إىل نظام سلطوي تنافيس، والفشل األكب كان يف هاييتي حيث مل ينجح الدعم األمرييك والضغط الدبلومايس يف ترسيخ الدميقراطية؛ فهذه الدولة الضعيفة أجلت االنتخابات عدة سنوات ومل تتمكن الواليات املتحدة من وضع بنية تحتية لدميقراطية عند حليف ضعيف من حلفائها رغم تأثريها االقتصادي والسيايس فيه. والحكومة الوحيدة التي تم عزلها باجتياح أمرييك كانت حكومة الجرنال مانويل نورييغا يف بنام عام 1989، وقد تدخلت الواليات املتحدة يف حرب أهلية يف جمهورية الدومينيكان عام 1965 ويف غرينادا عام 1983؛ حيث أزاح التدخل األمرييك رئيسا جاء بانقالب دموي. هذه هي حاالت التدخل

العسكري املبارش يف النصف الثاين من القرن العرشين يف أمريكا الالتينية.Kurt Weyland, "Limits of US Influence: The promotion of Regime Change in Latin America," Journal of Politics in Latin America, vol. 10, no. 3 (2018), pp. 137 - 140.

6 Steven Levitsky & Lucan A. Way, Competitive Authoritarianism: Hybrid Regimes after the Cold War (New York: Cambridge University Press, 2010).

11دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

توجهت نحو نظام سلطوي تنافيس(7). ومع ذلك، فإن هذه األبحاث

ال تنقض تأثري املعسكرات املتصارعة إبان الحرب الباردة يف إعاقة

الدميقراطية. فاإلعاقة حقيقة ثابتة أكرث من الدفع املؤثر يف اتجاه

الباردة. الحرب إبان نادر فهو الخارج، من الدميقراطي التحول

كانت إذا املبارش، التدخل حالة يف حاسام كان ندرته عىل وهو

أملانيا يف الدميقراطية فرض بني (قارن مواتية الداخلية الرشوط

واليابان وفرضها يف العراق).

قوى صعود مع املتحدة الواليات أجندات تعديل ترافق وقد

دميقراطية معارضة وتعديل أفكار القوى اليسارية بشأن الدميقراطية

الليبالية بقبولها، بوصفها إطارا ممكنا لتحقيق العدالة االجتامعية.

وهو تحول سبق أن مر به اليسار األورويب؛ أما إذا عدنا إىل التحوالت

عنرص عن االستغناء ال ميكن أنه فنجد أوروبــا، جنوب بلدان يف

الغريب، األورويب الدميقراطي السياق وهو التحول فهم يف أسايس

عام غري بوجود شعور فقط وليس جاذبيته، فقط من حيث ليس

مريح باالستثناء يف اإلطار الثقايف األورويب ذاته عند شعوب إسبانيا

السوق إىل االنضامم الرغبة يف لناحية أيضا بل والبتغال، واليونان

األوروبية املشرتكة ثم االتحاد األورويب، والقامئة عىل مصالح طبقات

اقتصادية وتجارية صاعدة. هذا بالنسبة إىل االنتقال، أما بالنسبة إىل

دميومة الدميقراطية يف تلك الدول، فال شك يف أهمية احتضان السوق

األوروبية ثم االتحاد األورويب لها يف نهوضها االقتصادي، مبا يف ذلك

ارتفاع مستوى املعيشة، بعد الدكتاتورية.

(اليونان، أوروبا جنوب يف الدميقراطي التحول رشوط كانت لقد

البيئة أساسا. ولكن ال شك يف مساندة والبتغال، وإسبانيا) داخلية

األوروبية هذه الرشوط، وتأثريها القوي يف دميومة الدميقراطية.

يستحيل انتقاالت حالة يف ممكنا الخارجي العامل إهامل يعد مل

معالجتها يف عرصنا من دون فهمه؛ كام يف حاالت تأثريه الحاسم يف

السوفيايت ورفع االتحاد أوروبا بعد اإلصالح يف دمقرطة دول رشق

الحامية عن أنظمة الحزب الشيوعي فيها. ولهذا استنتج فيليب شميرت

أنه آن األوان إلعادة تقييم تأثري البيئة الدولية يف تغيري النظام من

دون رفعها إىل درجة املحرك الرئيس(8). هذا، مع أن العامل الخارجي

كان جوهريا يف إعاقة الدميقراطية خالل مرحلة الحرب الباردة، قبل

أن تنتبه له دراسات االنتقال الدميقراطي، بل أصبح هو ذاته عامال

داخليا يف الحفاظ عىل أنظمة االستبداد الحليفة للمعسكرين، مثال

7 Weyland, p. 147.

8 Philippe C. Schmitter, "The Influence of the International Context Upon the Choice of National Institutions and Policies in Neo‐Democracies," in: Laurence Whitehead (ed.), The International Dimensions of Democratization: Europe and the Americas (Oxford: Oxford University Press, 2001), p. 27.

يف حالتي أوروبا الرشقية وأمريكا الالتينية، فضال عن الرشق األوسط

ورشق آسيا(9).

أوروبا حالة يف التحول دراسات منهج تعديل الرضوري من كان

الرشقية أوروبــا يف الدميقراطية إىل االنتقال يكن مل إذ الرشقية؛

السوفيايت االقتصاد بأزمة املتمثل الخارجي العامل ممكنا من دون

التي تبعها اإلصالح من أعىل قمة الهرم، ورافقه تخل سوفيايت واضح

عن حامية األنظمة الشيوعية يف أوروبا الرشقية من اإلصالح وخطر

الهبات الشعبية، وهو ما فهمته قيادة تلك الدول وقواها املعارضة يف

الوقت ذاته. وقد منع هذا اإلدراك املتزامن استخدام العنف وسقوط

العديد من الضحايا؛ إذ أدرك الجميع أن هذه األنظمة آيلة حتام إىل

السقوط، فال قاعدة اجتامعية حقيقية لها وال رشعية تاريخية (وذلك

خالفا لحاالت مثل كوبا والصني).

ومل يتوقف دور العامل الخارجي عىل العامل اإلقليمي (إقليم جغرايف

ومعسكر اشرتايك وتحالف عسكري يف الوقت ذاته)؛ إذ مل يكن ممكنا

أيضا فهم خيار اإلصالح السوفيايت وتوقيته يف نهاية الثامنينيات من

دون عامل خارجي هو سياسة إداريت رونالد ريغان ومارغريت تاترش

التصعيدية، وال سيام يف مجال سباق التسلح النووي وتصعيد الخطاب

الكاملة السوفيات وخسارة األفغان، املجاهدين ودعم اإلعالمي

وانهيار ونوعا، كام االقتصادي النمو معدالت لناحية التنافس يف

رأسها العربية وعىل الخليج فيه دول الذي ساهمت النفط أسعار

السعودية. ولكنه كان، عىل أي حال، خيارا محليا لنخب سياسية. أي

إن مثة قوى داخلية يف جهاز املخابرات، ممثلة بيوري أندروبوف، ويف

الحزب الشيوعي، ممثلة مبيخائيل غورباتشوف، كان هذا استنتاجها

وإداري اقتصادي اهرتاء من مركبا مثة أن كام الخسارة، هذه من

داخل الدولة، وتجوف أيديولوجي، وأزمة اقتصادية وركود اقتصادي

وإداري واجتامعي، دفعها إىل هذا االستنتاج، ومثة أيضا نظام طاعة

مركزي داخل الحزب الشيوعي مكن هذه القوى اإلصالحية من فرض

سياسة االنفتاح واإلصالح من أعىل.

بدور األورويب االتحاد قيام مع الخارجي العامل أهمية وتجلت

الرشقية إىل دميقراطيات أوروبا إنجاح تحول بعض دول مركزي يف

ليبالية (بدرجات متفاوتة للغاية). وظلت الدول التي انشقت عن

االتحاد السوفيايت واقعة تحت تأثري روسيا االتحادية، فلم تصبح دوال

دميقراطية. وبعضها نجح يف التحول بعد رصاع مع روسيا إبان ضعف

األخرية يف فرتة حكم يلتسني.

9 وقبل ذلك مل يكن ممكنا فهم الدميقراطية يف اليابان وأملانيا من دون أن تفرضها الواليات غرب يف سيطرتهم مناطق الحلفاء وإدارة اليابان يف الثانية العاملية الحرب بعد املتحدة أملانيا، قبل أن يفطن فيليب شميرت وغيريمو أودونيل وغريهام للموضوع. أما دميومة النظام

الدميقراطية ورسوخه، فال ميكن فهمهام من دون معرفة التاريخ الحديث ألملانيا واليابان.

12 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

والحقيقة أنه إذا دققنا نجد أن ما يسمى هنا العامل الخارجي هو يف

غالبية الحاالت العوامل اإلقليمية، أو البيئة اإلقليمية. وبعدها سوف

ننتبه إىل أن ما يسمى "موجات الدميقراطية" األوىل والثانية والثالثة،

وغريها، هي جميعها يف الحقيقة موجات إقليمية وليس دولية: شامل

الغربية، وجنوب أوروبا، وأمريكا أوروبا، والواليات املتحدة، وأوروبا

الالتينية، وأفريقيا، ورشق آسيا، ورمبا العامل العريب الذي مل تنته فيه

موجة التحوالت العاصفة التي مير بها، ويصعب التنبؤ بنتائجها. إن

موجات االنتقال الدميقراطية عب التأثر والجاذبية هي غالبا موجات

إقليمية تتأثر فيها شعوب وأنظمة من دول قريبة جغرافيا وثقافيا،

وأحيانا تتشابه بنية مجتمعاتها وأنظمتها. نستثني من ذلك حاالت

بناء النظام بتأثري قوة احتالل خارجية؛ كام يف اليابان وأملانيا وإيطاليا،

مع بالتعاون بعد) منوذجه نجاح يتضح مل (الذي العراق ومؤخرا

قوى محلية.

هذا ويشهد املعنية. الدولة يف مبارشة فيؤثر اإلقليمي العامل أما

التأثري املواطن العريب يف تدخالت اململكة السعودية ودولة اإلمارات

والعمل العربية، املنطقة يف الدميقراطي التحول عملية إعاقة يف

ضدها ودعم معارضيها يف أي دولة عربية. وعموما، ميكن القول إنه

مل تكن دول املنطقة العربية مساندة للتحول الدميقراطي حني حصل

فالبيئة له. الشعبي الحامس من النقيض عىل دولها، من دولة يف

اإلقليمية هي من عنارص تعقيد صريورة الدمقرطة عربيا.

الرشقية ــا أوروب دول يف االعتامد أن آغ أتيال الباحث ويــرى

الواحد، الحزب حكم انهيار بعد الخارج عىل كان والبلقان

الداخلية؛ الدينامية من أهمية أشد اإلقليمية البيئة تأثري وأن

اعتامدا أكرث كانت الهامشية شبه والضعيفة الصغرية الدول ألن

طبيعتها يف أثر الذي الخارجي العامل إمالءات عىل تطورها يف

السياسية(10). لقد أصبحت قواعد املؤسسات األوروبية، وال سيام

مجلس أوروبا Council of Europe ومنظمة األمن والتعاون يف

Organization for Security and Co-operation in أوروبا

Europe، ملزمة لجميع الدول األوروبية، وأمليت تلك التعليامت

الحيوية لعملية الدمقرطة عىل الدول األعضاء أو تلك التي ترغب

يف العضوية بوصفها رشوطا مسبقة. ويف بعض الحاالت، أصبحت

املؤسسات األوروبية نوعا من سلطة عليا يف عدد من دول أوروبا

والبلقان(11). الرشقية

10 Attila Ágh, "Processes of Democratization in the East Central European and Balkan States: Sovereignty-Related Conflicts in the Context of Europeanization," Communist and Post-Communist Studies, vol. 32, no. 3 (September 1999), p. 264, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2NbPAuC

11 Ibid., p. 266.

بهذا املعنى فإن السيادة املقيدة لهذه الدول، بحسب عقيدة ليونيد

األوروبية. باملؤسسات مقيدة أخرى سيادة استبدلتها بريجنيف،

وأصبحت قواعد مثل اإلجامع الدميقراطي، وحرية الصحافة، وحقوق

اإلنسان، والهجرة، وحقوق األقليات، تنظم وتراقب من طرف املؤسسات

األوروبية، عىل نحو مل يقيد السيادة تجاه الخارج فقط، بل السيادة

الخارجية، فلم السياسة أما بخصوص أيضا(12). الدول الداخلية لهذه

تكن مثة إمالءات أوروبية عمليا. ومل تستنتج هذه الدول من غياب

سياسة أوروبية خارجية موحدة ميكن إمالؤها تطوير سياسة خارجية

األورويب االتحاد دول بني من ارتباطا األشد أصبحت بل بها، خاصة

بسياسات الواليات املتحدة الخارجية، وال سيام يف املوقف من القضية

الفلسطينية الذي يتطلبه التقرب من الواليات املتحدة. وكأنها عوضت

عن التبعية لدولة عظمى يف سياستها الخارجية بالتبعية للدولة العظمى

يف املعسكر الجديد الذي تنتمي إليه.

اتجاه يف وال البعد، أحادي ليس األورويب التأثري أن الحقا وتبني

واحد، فقد تحول إىل سالح يف أيدي قوى قومية شعبوية تؤكد رفض

الثقافية، التأثري الغريب من منطلقات السيادة الوطنية والخصوصية

وصعدت إىل الحكم يف بعض الحاالت (هنغاريا مثال)، تحاول االرتداد

بوتني فالدميري سياسة شجعت وقد دميقراطية. إنجازات عن حتى

عىل تأثريا أشد بدور القيام إىل روسيا وعودة الشعبوية اليمينية

البوابة السورية، وكذلك عب سياسة أشد حزما املستوى الدويل عب

رشق يف (الناتو) األطليس شامل حلف منظمة لتمدد التصدي يف

أوروبا، النزعات اليمينية القومية الشعبوية يف هذه الدول املتحولة

حديثا إىل الدميقراطية، ويف أوروبا عموما. ويف مرحلة ترامب الذي

تتعايش أن السهل من كان لليبالية، مناهضا خطابا بدوره يتبنى

الدول تحالف هذه مع البوتينية الشعبوية القومية النزعات هذه

مع الواليات املتحدة.

التي األورويب، االتحاد إىل لالنضامم كوبنهاغن معايري أكدت

املؤسسات استقرار عىل بداية، ،1993 حزيران/ يونيو يف وضعت

القانون وحقوق اإلنسان. لكن الرشط الدميقراطية بواسطة سيادة

الثاين كان التأكيد عىل أهمية احرتام األقليات وحاميتها. دفع هذا

الرشط الدول التي ستنضم إىل االتحاد األورويب إىل اعتامد نوع من

املعيار هذا أن مع لألقليات، الجامعية الحقوق وقبول التوافقية

ميكن أن يخلق مشاكل حتى لدول أعضاء قدمية يف االتحاد األورويب

للدميقراطية دستورية أدوات دون من الدميقراطية فيها ترسخت

عىل التوافقية الدميقراطية مالمح بعض فرضت لقد التوافقية(13).

12 Ibid., pp. 267 - 268.

13 Ibid., p. 275.

13دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

كبرية، قومية أقليات وجود حالة يف أنه بقناعة الجدد األعضاء

دون من الدميقراطية ترسيخ يصعب اإلسبانية، الحالة يف كام

دستور ذي مزايا توافقية. وأصبحت هذه الرشوط من أهم أدوات

محاسبة دول مثل هنغاريا وكرواتيا وسلوفاكيا وغريها بشأن حقوق

فيها. األقليات

ويعلل أتيال آغ التفاوت بني دول البلقان ودول رشق أوروبا يف االنتقال

الدميقراطي بأن غالبية دول رشق أوروبا مرت مبراحل دميقراطية يف

املايض. وهو تأكيد عىل عامل التجربة السابقة مع الدميقراطية الذي

سبق أن أشار باحثون إىل دوره يف ترسيخ الدميقراطية بعد االنتقال.

تاريخها، يف دميقراطية مرحلة غالبا، تشهد، فلم البلقان، دول أما

وال وجود إلرث دميقراطي ميكن االستناد إليه. ومن ناحية ثانية، فإن

الشعوب يف الدول ذات التجربة الدميقراطية سابقا قاومت االشرتاكية

السوفيات عام 1956 يف هنغاريا، ويف عام 1968 يف املفروضة من

تشيكوسلوفاكيا، ويف عام 1980 يف بولندا، فاكتسبت الشعوب خبة

يف االحتجاج(14)، وتشكلت لديها رموز مطالبة بالدميقراطية ومقاومة

للتأثري السوفيايت ميكن إحياؤها. كام أنها أسست إرثا ميكن االستناد

إليه مع نشوء معارضة بولندية وتشيكية أصبحت مؤهلة للتفاوض

مع النخب الحاكمة حني الحت الفرصة لذلك، أي مع بدء اإلصالحات

فقد البلقان، دول يف أما األنظمة. وضعف السوفيايت االتحاد يف

بادرت النخب الحاكمة إىل التحول بضغط من عوامل خارجية، وذلك

سلسلة إىل باالنزالق منها املبادرة زمام إفالت لتجنب محاولة يف

الشعوب تحركت الدميقراطية. والحقا املطالب تلبية من ال تنتهي

الحفاظ عىل سلطتها الحاكمة النخب متأخر، وحاولت رد فعل يف

وقدمت تنازالت قليلة للمعارضة.

وكانت النتيجة حصول تغري جذري اقتصادي وسيايس سلمي ومتدرج

أقل التحوالت كانت فقد البلقان يف أما الرشقية، أوروبا دول يف

بعض يف األهلية الحرب يشبه ما إىل وتحولت عنفا وأشد جذرية

الحاالت. والحقيقة، يف رأيي، أن السبب األول هو أن انهيار االتحاد

السوفيايت مل يكن كافيا إلفقاد األنظمة السلطوية مصادر رشعيتها يف

البلقان أنظمة دول أنه كان رشطا رضوريا. فقد كانت البلقان مع

السلطوية غري خاضعة إلمالءات السوفيات خالفا ألنظمة دول أوروبا

تكن مل التي وبولندا وتشيكوسلوفاكيا الرشقية أملانيا مثل الرشقية

لديها أي مصادر رشعية تاريخية، وانهارت مع رفع الحامية الروسية

الرتكيب فهو الثاين السبب أما واحدة. تطلق رصاصة أن دون من

القومي واإلثني الذي عقد عملية االنتقال الدميقراطي. فأصبح حل

التي الوطنية الكيانات لنشوء رشطا بالعنف، ولو اإلثنية، القضايا

14 Ibid., p. 269.

تؤطر التعددية السياسية داخلها. لقد مثل البلقان "الجانب املظلم

للدميقراطية" الذي متثل بالتطهري العرقي(15).

وقد تراجعت أهمية العامل الخارجي يف إعاقة الدميقراطية يف بقية

الحرب هذه انتهاء عند الباردة بالحرب تأثرت التي العامل مناطق

الواليات الغربية، وال سيام الدول القطبني. ومل تعد مع زوال نظام

املتحدة، متحمسة لدعم االستبداد. ولكن هذا ال يعني أنها أصبحت

متحمسة لدعم الدميقراطية أو مستعدة لخوض الحروب لهذا الغرض.

مثة خلط لدى الباحثني واملعلقني يف هذا الشأن؛ فالواليات املتحدة مل

تصبح قوة تحمل راية دعم الدميقراطية يف العامل بعد الحرب الباردة،

يف ليس (وهذا املستبدين حلفائها بدعم التزاما أقل أصبحت بل

جميع الحاالت، فقد غري ما يسمى الحرب عىل اإلرهاب الصورة، وال

سيام يف املنطقة العربية).

تتعلق ال ألسباب والعراق ألفغانستان األمــرييك االحتالل بعد

بالدميقراطية، جرت محاولتان مل ترتسخا بعد لدعم إقامة مؤسسات

منتخبة ودستور دميقراطي يف العراق وأفغانستان يف ظل االحتالل.

ولكن هاتني املحاولتني مل تقدما منوذجا جذابا؛ وذلك ألنهام ترافقتا مع

احتالل أجنبي و"عملية سياسية" تجري بوصاية أمريكية(16)، وألنهام

الحروب األهلية والطائفية وغريها، أيضا يف األذهان بأخبار ارتبطتا

وفشل النظام يف ضامن األمن وتقديم الخدمات األساسية للسكان.

للتدخل بطرق الباردة مستعدة الحرب إبان العظمى الدول كانت

تغيري احتامالت يجهض الذي العسكري االنقالب مثل مبارشة غري

نظام الحكم (األمثلة كثرية للغاية)، وأحيانا مبارشة، ملنع تغيري نظام

15 Michael Mann, The Dark Side of Democracy: Explaining Ethnic Cleansing (Cambridge: Cambridge University Press, 2005), Chapter 12 "Yugoslavia, I: Into the Danger Zone," pp. 353-381, and Chapter 13 "Yugoslavia, II: Murderous Cleansing," pp. 382 - 427.

(الدوحة؛ عريب دميقراطي لبيان مقدمة العربية: املسألة يف بشارة، عزمي 16 انظر: بريوت: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 2018)، ص 63 - 64، 72 - 73.

14 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

حليف (هنغاريا، تشيكوسلوفاكيا، أفغانستان، فيتنام الجنوبية، كوريا

يف أما أفريقيا). يف الكثرية الفرنسية التدخالت عدا هذا الجنوبية،

أشد الداخلية العوامل الباردة فقد أصبحت الحرب مرحلة ما بعد

أن بعد أنه تبني وقد الحكم. نظام تغيري مسألة حسم عىل قدرة

القوى بحكم عادة يسلم الدويل النظام فإن النظام مسألة تحسم

التي حسمت السلطة لصالحها إذا نجحت يف إحكام قبضتها وفرض

الطريقة. وحتى بعد حدوث النظر عن سطوتها عىل األرض، بغض

فاعلة اإلقليمية العوامل الباردة، ظلت الحرب بعد ما التغيري هذا

بقوة يف تشجيع االنتقال أو عرقلته، ورمبا حتى إفشاله بعد أن تم.

اإلقليمية العوامل ضمن البوتينية روسيا سياسات اعتبار وميكن

وأوكرانيا، والقفقاز، الوسطى آسيا نفوذ يف لها اعتبته منطقة فيام

وذلك حتى التدخل يف سورية الذي يشكل تغريا نوعيا يف السياسات

الروسية بعد الحرب الباردة.

وقد اهتمت دراسات االنتقال بالعامل اإلقليمي؛ إذ كان موضوعها،

أوروبا للدميقراطية يف جنوب اإلقليمي االنتشار من موجتني أصال،

انتشار إىل وبالنسبة الرشقية. أوروبا الالتينية، والحقا يف أمريكا ويف

أوال، طرق: ثالث إىل وايتهيد لورانس يشري إقليميا، الدميقراطية

االنتشار بالعدوى. ثانيا، الرقابة والسيطرة كام يف حالة رشوط االتحاد

األورويب والناتو وصندوق النقد الدويل وغريها. ثالثا، االتفاق (املوافقة

Consent) الذي ال ميكن أن يتوقف عىل عامل خارجي(17).

واستدراكا لهذا النقص قسمت أدبيات التحول الدميقراطي العوامل

األوىل هي إىل خمس صريورات؛ الدميقراطي االنتقال يف الخارجية

االنتشار، واملقصود هو انتشار املعلومات املحايد نسبيا عب الحدود

بتأثر من عمليات الدمقرطة يف دول مجاورة، أو عب التأثر بنامذج

ناجحة نتيجة النتشار املعلومات وتكنولوجيا االتصال. الثانية، تعزيز

الواليات الدميقراطية بشكل مبارش من طرف دول غربية وتحديدا

فرض أو الدميقراطي التحول أجل من الضغط يتم املتحدة، حيث

املبارش الغزو أو ورصبيا، وبنام هاييتي يف حصل كام الدميقراطية

كام حصل يف العراق. الثالثة، املرشوطية املتعددة األطراف يف حاالت

بأداء دولية منظامت يف العضوية وقبول االقتصادي الدعم ارتباط

أنجح ومن اإلنسان، وحقوق الدميقراطية مجاالت يف الحكومات

الرابعة، األورويب. االتحاد إىل االنضامم رشوط ذلك عىل األمثلة

املعونات الخارجية لتعزيز الدميقراطية، حيث زادت الدول الغربية

بعد التسعينيات مساعداتها للتدريب والتثقيف املدين واملساعدة يف

تنظيم االنتخابات واإلصالح يف األنظمة االنتخابية ويف الجهاز القضايئ

17 Laurence Whitehead, "Three International Dimensions of Democratization," in: Whitehead (ed.), The International Dimensions of Democratization, pp. 3–25.

ويف دعم وسائل االتصال املستقلة. وأخريا، شبكات املنظامت العاملة

،Empowerment "أو "التمكني ،Advocacy (18)"يف مجال "املرافعة

مبعنى املرافعة عن قضايا حقوق اإلنسان والدميقراطية أو االنتخابات

وغريها عب شبكات غري حكومية بدعم من صناديق متويل أوروبية

وأمريكية، ومتكني قوى اجتامعية من التأثري سياسيا. وأعتقد أن هذه

العوامل مل تكن فاعلة يف املنطقة العربية، فهي إما غابت (العوامل

األخريان). (العامالن للغاية محدودا تأثريها كان أو األوىل)، الثالثة

رافضة إقليمية العوامل نشوء منظومة إىل هذه أن نضيف وميكن

مساندة أو األفريقي، االتحاد حالة يف كام العسكرية لالنقالبات

للدميقراطية كام يف أمريكا الالتينية (قبل مرحلة ترامب)، وكالهام غري

متوافر يف الحالة العربية.

اعتبارات من انطالقا إال العوامل فهم هذه ال ميكن أنه والحقيقة

إذا وذلك بلد، لكل العينية والظروف ومصالحها، الكبى الدول

توافرت اإلرادة السياسية للدولة التي متثل "العامل الخارجي" األقوى

يف مامرسة التأثري يف اتجاه محدد. ففرض الدميقراطية يف رصبيا وقع

مثال يف مرحلة الرصاع عىل تقليص بقايا النفوذ الرويس يف رشق أوروبا،

بل بالدميقراطية متعلقة غري ألسباب تدخل عسكري وقع أن بعد

بحروب اإلبادة والتطهري اإلثني؛ ولكنه مل يتكرر يف سورية يف ظروف

مشابهة من املجازر وعمليات التهجري ألسباب متعلقة بإعادة تقييم

التدخل العسكري األمرييك بعد احتالل العراق، وعدم الثقة بالبدائل

املطروحة للنظام، والخشية من عدم االستقرار عىل حدود إرسائيل.

لقد أصبح أمن إرسائيل من أهم اعتبارات الواليات املتحدة يف الخوف

سيام وال لفلسطني، املحاذية الدول يف الدميقراطية التحوالت من

مرص وسورية. وقد استغلت هذه السياسة األمريكية يف توسيع النفوذ

الرويس الذي يقوم عىل عقيدة جيوسرتاتيجية تتضمن عنرصا يشكك

يف الدميقراطية باعتبارها من أشكال النفوذ الثقايف والسيايس الغريب.

انتخاب بعد التدخل لالنكفاء وعدم األمريكية النزعة تفاقمت وقد

ترامب الذي يدعم الدكتاتوريات الحليفة علنا، مع الفرق أنه يطالبها

املال ورشاء مبقابل للحامية Protection Money، يتلخص يف دفع

السالم والوالء غري املرشوط للسياسة األمريكية.

تحوالت أميركيةشكل النموذج األمرييك، مبا يف ذلك الدميقراطية ومجتمع الوفرة ومنط

الحياة، عامل جذب عىل املستوى العاملي قبل الحرب العاملية الثانية.

أي مستوى. أمريكية عىل الدميقراطية سياسة تصدير يكن ولكن مل

18 Ibid., pp. 38–39.

15دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

وخالل الحرب الباردة دعمت الواليات املتحدة الدكتاتوريات الحليفة

متاما مثلام فعل ذلك االتحاد السوفيايت. ولذلك ال يجوز إغفال تراجع

حكم مرحلة يف الالتينية أمريكا يف للدكتاتوريات األمرييك الدعم

نهاية قبل املايض، القرن سبعينيات نهاية يف كارتر جيمي الرئيس

الحرب الباردة؛ إذ عىل الرغم من إقرار الكونغرس يف 4 أيلول/ سبتمب

الوكالة تأسست إثره والذي عىل الخارجية، املساعدة قانون 1961

جون الرئيس من قرار مبوجب USAID الدولية للتنمية األمريكية

اإلمنائية املساعدات بعض يف الوكالة هذه شاركت فقد كينيدي،

السياسية املحدودة يف ستينيات القرن املايض وسبعينياته، ومل يكن

اإلنسان. حقوق حتى أو بالدميقراطية مرشوطا األمرييك الدعم

وبقيت املساعدة التقنية التي تستهدف الرتويج للدميقراطية تحديدا

تشكل جزءا صغريا من جميع املساعدات. وبدأت مساعدات التنمية

بـ "التنمية ترتبط الالتينية أمريكا دول إىل املتحدة الواليات من

السياسية" يف نهاية السبعينيات من القرن املايض. ففي عام 1975،

أضيف بند 116 إىل قانون املساعدة الخارجية األمريكية؛ حيث ربط

استالم املساعدات االقتصادية باحرتام حقوق اإلنسان. ويف عام 1978

منح الخارجية املعونات قانون إىل (e) بند 116 الكونغرس أضاف

Agency for International الدولية التنمية لوكالة الصالحية

Development – AID لتعمل عىل تطوير برامج لتعزيز الحقوق

والحريات يف الخارج. وقبل ذلك، بدأت العمل عىل اعتبار "عقيدة

حقوق اإلنسان" أساسية يف العالقات الدولية.

الدميقراطية مرشوع بدأ ريغان، مرحلة يف الثامنينيات، ويف

Project Democracy بتمويل من اإلدارة األمريكية لخلق برنامج

حكومي للمساعدة يف نرش الدميقراطية، وتأسس الصندوق الوطني

National Endowment for Democracy – للدميقراطية

NED يف ترشين الثاين/ نوفمب 1983، والذي أنشئ باالشرتاك بني

الحزبني بني متوازنة لجنة خالل من والدميقراطيني، الجمهوريني

السياسية، االنتامءات مختلف من الكونغرس بدعم تحظى

يف الدميقراطية املؤسسات وتعزيز النمو تحقيق بهدف وذلك

إنشاء إىل التوجه بهذا ريغان دفع كام العامل(19). أنحاء جميع

الالتينية أمريكا يف الدولية للتنمية األمريكية للوكالة تابع مكتب

يف للمساعدة مخصص ،1985 عام يف الكاريبي، البحر ومنطقة

الدميقراطية. وبحلول عام 1989، أنفقت الوكالة األمريكية للتنمية

الدميقراطية، برامج عىل أمرييك دوالر مليون 100 نحو الدولية

وسيادة الدميقراطية واملشاركة اإلنسان حقوق عىل ركزت والتي

19 Thomas Carothers, "The Resurgence of the United States Political Development Assistance to Latin America in the 1980s," in: Whitehead (ed.), The International Dimensions of Democratization, pp. 126 - 127.

القانون واالنتخابات. لكن بقي الرتكيز يف فرتة الثامنينيات مقترصا

باألساس عىل أمريكا الالتينية، باستثناء بعض املحاوالت عىل نطاق

جزءا الدميقراطية دعم أصبح املرحلة هذه يف آسيا(20). يف صغري

متييز ويجب الباردة. الحرب األمريكية خالل السياسة أدوات من

ذلك يف متييز بعدها. وميكن األمريكية السياسة اختالف ذلك عن

إذ ظل التمييز سهال؛ يكن فلم الشعوب إىل بالنسبة أما البحث،

املتعلقة بسياساتها مرتبطا للدميقراطية املتحدة الواليات دعم

بالرصاع عىل النفوذ وما أطلق عليه "ازدواجية املعايري" منذ مرحلة

الحرب الباردة.

يف الدميقراطيات نشوء دعم عملية كلينتون بيل مرحلة وشهدت

رشق أوروبا والتوسع يف قضم أجزاء من مناطق النفوذ القريبة من

روسيا نفسها، وكذلك التحوالت يف أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب

متويلها زيادة إىل املتحدة الواليات ذلك ودفع ورشقها. آسيا رشق

بشكل ملحوظ وتوسيع نطاق املساعدات لدعم هذا االتجاه. وأعلنت

"مبادرة الدميقراطية" العاملية Democracy Initiative يف عام 1990.

سلسلة الدولية للتنمية األمريكية الوكالة اتخذت ،1993 عام ويف

السياسية؛ املساعدات عىل املؤسيس الطابع إلضفاء الخطوات من

أهمها: أوال وضع مسألة دعم الدميقراطية والحكم باعتبارها ركيزة

من "الركائز" األساسية األربع للوكالة. وثانيا إنشاء مركز للدميقراطية

والحكم يف داخل الوكالة ليكون مبنزلة مركز للخبة يف هذا املوضوع.

وثالثا استقطاب كادر من املتخصصني يف الدميقراطية والحكم. ورابعا

Office of Transition االنتقال مببادرات متخصص مكتب إنشاء

السيايس االنتقال املساعدة برسعة يف سياقات لتقديم Initiatives

الرسيعة التطور؛ وخامسا العمل عىل إصدار سلسلة من الدراسات

التي الدميقراطية دعم برامج من املستفادة الدروس الستخالص

الدولية للتنمية الوكالة األمريكية إنفاق الوكالة. وتضاعف بها تقوم

165 من السنوات، هذه يف والحكم الدميقراطية دعم برامج عىل

بحلول أمرييك دوالر مليون 635 إىل 1991 عام يف دوالر مليون

عام 1999. وتم توزيع التمويل عىل نطاق أوسع يف جميع املناطق

عىل اإلنفاق توزع املثال، سبيل فعىل الوكالة. فيها عملت التي

الدميقراطية والحكم يف عام 1999 مببلغ 288 مليون دوالر يف أوروبا

الوسطى والرشقية واالتحاد السوفيايت السابق؛ و123 مليون دوالر يف

أفريقيا جنوب الصحراء الكبى؛ و111 مليون دوالر يف آسيا والرشق

األوسط؛ و86 مليون دوالر يف أمريكا الالتينية؛ و27 مليون دوالر عىل

البامج العاملية(21).

20 Thomas Carothers, Revitalizing U.S. Democracy Assistance (Washington, DC: Carnegie Endowment for International Peace, 2009), pp. 9 - 10.

21 Ibid., pp. 10 - 11.

16 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

نرش سياسة انكفأت االبن، بوش مرحلة من األوىل الفرتة وخالل

الدميقراطية، وانخفض التمويل للوكالة بشأن برامج دعم الدميقراطية

وعملها. بالوكالة مهتمني وفريقه الرئيس يكن مل إذ عامة؛ بصفة

عمل من قللت التي اإلجــراءات بعض باتخاذ بوش إدارة وقامت

مبسألة املستوى" "رفيع التزام وجود عدم عىل دل الذي الوكالة

تعزيز الدميقراطية؛ إذ جرى إعادة تنظيم الوكالة يف عام 2002 وتغيري

Center for Democracy and "والحكم الدميقراطية "مركز صفة

Governance التابع للوكالة من "مركز" إىل "مكتب"، وطغت عليه

أولوية. اعتبت ذات التي القضايا اإلنسانية وغريها من املساعدات

كام أوقفت الوكالة عملها، أو قللته يف بعض األحيان، بخصوص برامج

التدريب املتعلقة بالدميقراطية والحكم كجزء من التخفيض العام. ويف

لوضع نتيجة الوكالة السياسات" يف "مكتب ألغي عمل عام 2006،

عمل الوكالة بالكامل تحت إرشاف وزارة الخارجية األمريكية، مام حد

الدميقراطية والحكم. ويف الوكالة عىل املساهمة يف قضايا من قدرة

أواخر فرتة بوش االبن، وعىل الرغم من تركيزه الخطايب عىل "أجندة

املستوى رفيع مسؤول أي الوكالة لدى يكن مل العاملية"، الحرية

يف املتخصصون وواصل الدميقراطية. قضايا عىل كامال تركيزا يركز

مسألة الدميقراطية والحكم يف "مكتب الدميقراطية والحكم" بإجراء

دراسات يف هذا الشأن، عىل الرغم من عدم إعطاء اإلدارة العليا يف

الوكالة أولوية للعمل عىل الدميقراطية(22). ومنذ عام 2006، أصبحت

من إسرتاتيجي تتمثل يف هدف الدميقراطية دعم الوكالة يف أعامل

العادل" الدميقراطي "الحكم مسمى تحت الخارجية وزارة أهداف

ذلك ويغطي ،Governing Justly and Democratically/ GJD

مجموعة واسعة من النشاطات من خالل املساعدة يف أربعة مجاالت:

1. سيادة القانون وتعزيز حقوق اإلنسان، 2. الحكم الرشيد، 3. دعم

املنافسة السياسية وبناء التوافق بني اآلراء، 4. دعم املجتمع املدين.

نتيجة التمويل، انخفاض الرغم من العمل، عىل الوكالة يف استمرت

العراق وأفغانستان. لإلنفاق عىل الذي كان مخصصا التمويل زيادة

مل يكن الهدف من هاتني الحربني نرش الدميقراطية، ولكن القوى املؤيدة

وها كذلك، وكانت لإلدارة لنرشها يف اإلدارة مثل املحافظني الجدد عد

ونظر النحو. تصويرها عىل هذا ومحافظيها) مصلحة يف (بواقعييها

املحافظون الجدد الستكامل حرب بوش األب "غري املنتهية" يف العراق،

وانضم إليها املحافظون الذين وافقوا عىل رضب أفغانستان، ثم العراق،

الدميقراطية". فلم يكن من مبر "الواقعية املرة تحت عنوان وهذه

سيايس أو أمني لرضب العراق. واملقصود بالواقعية الدميقراطية هو نرش

الدميقراطية فقط إذا كانت يف خدمة السياسة الخارجية األمريكية. كان

هذا عنوان مقال نرش عام 2004 لتقديم تبير نظري للتدخل األمرييك

22 Ibid., pp. 11 - 12.

يف العراق عام 2003. فـ "الغرب" مبوجب هذا املنطق ال يستطيع أن

يهاجم جميع الطغاة دفعة واحدة، إال أنه يجب أن يفعل ذلك انتقائيا

باالرتباط مبصالحه اإلسرتاتيجية. ولكنه ال يشري إىل الوجه اآلخر لهذه

السياسات التي ال تتحرج من التحالف مع الطغاة أيضا. أما يف حالة

محاربة بعضهم "انتقائيا" فكلمة الدميقراطية تستخدم لتجميل دوافع

الحرب فقط، ألن األمر الرئيس الذي يدفع إىل التدخل ضد نظام معني

بدال من آخر هو املصلحة اإلسرتاتيجية، وليس الدميقراطية؛ فهي ليست

سببا رضوريا وال كافيا لتفسري التدخل يف أي مكان. لكن اإلدارة األمريكية

الدميقراطية، تأسيس حاول التدخل أن تدعي أن الحقا تستطيع

ونجح أو فشل. وليس صعبا رشح علل الفشل، وال سيام أن األنظمة

الدميقراطية تتقبل النقد. ويف النهاية ميكن الرشح بأن الدميقراطية يف

البلد املعني مفيدة أو مرضة للمصالح اإلسرتاتيجية األمريكية.

بعد الدميقراطية بشأن األمرييك الرتدد العربية املنطقة شهدت وقد

للقوى تقدما العربية البلدان االنتخابات يف بعض نتائج أظهرت أن

اإلسالمية؛ فيمكن أن نذكر مثال، ما حققته جامعة اإلخوان املسلمني

من مكاسب يف انتخابات مجلس الشعب يف مرص عام 2005؛ بحيث

حامس حركة فوز وكذلك البملان، يف معارضة كتلة أكب أصبحت

باالنتخابات الترشيعية عام 2006 يف فلسطني، بعد أن ظهر ذلك يف

األردن يف االنتخابات النيابية عام 1989 بحصول الحركة اإلسالمية عىل

25 يف املئة من مقاعد البملان والذي اعتب مؤرشا واضحا عىل تنامي

شعبية الحركة يف البالد، وعىل 20 يف املئة من مجمل مقاعد البملان يف

انتخابات 1993، عىل الرغم من اعتامد قانون "الصوت الواحد" يف هذه

االنتخابات. أما متالزمة الجزائر (1991-1992) فظلت ماثلة يف األذهان.

وقام تشارلز كراوثهامر مبحاولة لصياغة البديهية التي متثلها الواقعية

الدميقراطية: "سوف ندعم الدميقراطية يف كل مكان، ولكننا سنضحي

بالدم والرثوة فقط يف األماكن التي توجد فيها رضورة إسرتاتيجية؛ أي

يف األماكن املركزية بالنسبة إىل الحرب الكبى ضد العدو الوجودي،

]...[ العاملي املستوى للحرية عىل تهديدا مميتا يشكل الذي العدو

العدو الوجودي يف عرصنا هو الشمولية العربية اإلسالمية التي هددتنا

بأشكالها العلامنية والدينية ربع قرن منذ ثورة الخميني عام 1979"(23).

وهي تحل محل بديهيات دعم الدميقراطية بأي مثن ويف كل مكان.

ولكن هذه البديهيات املزعومة مل تكن قامئة أصال. ولذلك فهذه البديهية

ليست جديدة، بل هي سياسات الحرب الباردة التي وجدت لها عدوا

جديدا عىل املستوى العاملي. ومع أنه ال مقارنة بينه وبني العدو القديم

لناحية حجمه وخطره وتهديده، فقد صور باعتباره خطرا وجوديا عامليا.

23 Charles Krauthammer, Democratic Realism: An American Foreign Policy for a Unipolar World (Washington, D.C.: The AEI Press, 2004), p. 16, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2PQ25Av

17دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

التمويل األمرييك لتعزيز الدميقراطية لوزارة الخارجية والوكالة األمريكية للتنمية الدولية USAID وللصندوق الوطني للدميقراطية NED )مباليني الدوالرات(

السنة املالية

FY

USAID التمويل لصالح وزارة الخارجية والوكالة األمريكية للتنمية الدولية

الصندوق الوطني للدميقراطية

National Endowment for

Democracy )NED(

الهدف اإلسرتاتيجي: دعم الحكم الدميقراطي العادل*

Governing Justly and Democratically )GJD(

سيادة القانون وتعزيز

حقوق اإلنسانالحكم الرشيد

دعم املنافسة السياسية

وبناء التوافق بني اآلراءاملجموعاملجتمع املدين

2003--------1,29742

2004--------2,92540

2005--------3,11559

20064376382034801,75874

20075327633055412,14174

20086087622955932,25999

20096991,0884334822,702115

20108881,5183215433,269118

20117589742315542,517118

20129401,0372476032,826118

201310179422265162,701112

20146366901684581,952135

20156597161633961,934135

20167948861644292,273170

20178291,0142217052,769170

**2018--------2,309170

***20193926161062991,41367

* قبل السنة املالية 2006 كان التمويل تحت بند دعم "الحكومة واملجتمع املدين".

** املوازنة التقديرية.

*** التمويل املطلوب.

املصدر:

Marian L. Lawson & Susan B. Epstein, "Democracy Promotion: An Objective of U.S. Foreign Assistance," Congressional Research Service, January

4, 2019, pp. 14-15, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2v3FLY2; "FY 2001 - 2009 International Affairs Budget," U.S. Department of State

Archive, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2V3cYBS; "FY 2007 - 2012 Department of State and USAID Strategic Plan," U.S. Department of

State, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2VJZmsj

18 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

الدميقراطيني بني الدميقراطية" "الواقعية مقال كاتب ومييز

غالبا يكون الجمهوريني ل تدخ أن يف وذلــك والجمهوريني،

بالخيار املصالح ربط ومحاولة السياسية الواقعية منطلق من

الدميقراطي، أو من أجل املصالح وحدها، يف حني أن الدميقراطيني

باملصالح املرتبط غري التدخل هو املرشوع التدخل أن يعتبون

والقائم عىل القيم وحدها(24). وهذا غري صحيح طبعا. وقد دحضه

الدميقراطي الرئيس وهو السيايس، أوباما باراك سلوك مؤخرا

"األكرث دميقراطية"، إذا صح التعبري، حني تردد كثريا قبل أن يدعم

العلني وليس أكرث، أما هيالري التحول يف مرص، وذلك يف املوقف

للرئاسة الدميقراطي الحزب ومرشحة الخارجية وزيرة كلينتون

دعم عن أوباما تخىل أن لبث وما مــبــارك(25). بدعم فطالبت

الثورات الدميقراطية معنويا مفضال اتباع سياسات حذرة ال تجازف

بانتظار نتائج انتخابات مرصية كل أربع سنوات، وال سيام يف قضايا

أمن إرسائيل والخوف من اإلسالميني. ومل يتخذ أوباما موقفا واضحا

مؤيدا للثورة يف تونس قبل ذلك.

24 Ibid., p. 5.

25 Hillary Rodham Clinton, Hard Choices (New York: Simon & Schuster Paperbacks, 2014), pp. 282-285; Robert M. Gates, Duty: Memoirs of a Secretary at War (New York: Alfred A. Knopf, 2014), p. 504.

الواقعية الدميقراطية نهجا سائدا يف اإلدارة بعد الحرب لقد عادت

عىل العراق. وظل الخطاب الرسمي األمرييك يف مرحلة أوباما داعام

كان حذرا جدا يف ولكنه العاملي، املستوى للدميقراطية عىل لفظيا

مناهضة األنظمة السلطوية ودعم الدميقراطية فعال، بسبب الخشية

النتائج، ودروس التدخل األمرييك يف مناطق مختلفة من العامل، من

وأحيانا بتبير "دميقراطي" آخر رائج لدى حركات السالم يف الغرب

التي متثل قاعدة انتخابية لرؤساء مثل أوباما، وهو عدم جواز التدخل

يف الدول األجنبية، واحرتام منط عيش الشعوب األخرى. ففي بعض

أوساط حركات السالم يف الغرب مل يجر التمييز مبا يكفي بني العداء

لإلمبيالية والتعاطف مع الدكتاتوريات.

ينسب كراوثهامر فكرة تصدير الدميقراطية أو اعتبار أن إرادة الحرية

عام ترومان عقيدة إىل السلطة إرادة وليست التاريخ محرك هي

1947 املعادية للشيوعية، وإىل كندي يف خطابه االفتتاحي عام 1961،

ويعتب الرش. إمباطورية حول 1983 عام من ريغان خطاب ويف

الحرية ضد العراق خطاب الحرب ضد خطاب جورج بوش عشية

الطغيان، والعدو فيه هو "الشمولية العربية اإلسالمية" سواء أكانت

السيايس الخطاب بني فرقا مثة أن والحقيقة علامنية(26). أم دينية

26 Krauthammer, p. 14.

التمويل األمرييك لتعزيز الدميقراطية منذ عام 2003 حتى عام 2019 بحسب أهداف الخطة اإلسرتاتيجية لوزارة الخارجية والوكالة األمريكية للتنمية الدولية USAID وللصندوق الوطني للدميقراطية NED )مباليني الدوالرات(

0

507

1014

1521

2029

2536

3043

3550

1,297

2,9253,115

2,309

424059

74

7499

115

118

118

118112

135135

170

170

170

67 480

541593

482

543

554

603516

458396

429

705

299 203

305295

433

321

231

247226

168163

164221

106

638763762

1,088

1,518

9741,037942

690716886

1,014

616

4375326086998887589401,017

636659794829392

السنة املالية

2003

السنة املالية

2004

السنة املالية

2005

السنة املالية

2006

السنة املالية

2007

السنة املالية

2008

السنة املالية

2009

السنة املالية

2010

السنة املالية

2011

السنة املالية

2012

السنة املالية

2013

السنة املالية

2014

السنة املالية

2015

السنة املالية

2016

السنة املالية

2017

السنة املالية

2018

السنة املالية

2019

NED برامج الد�قراطيةالصندوق الوطني للد�قراطية سيادة القانون وتعزيز حقوق اإلنسان

الحكم الرشيد دعم املنافسة السياسية وبناء التوافق ب� اآلراء املجتمع املد�

Lawson & Epstein, p. 14. :املصدر

19دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

األيديولوجي واملامرسة السياسية الواقعية. فجميع الرؤساء األمريكيني

الدميقراطية، تصدير عىل الدولة مصالح شأن من أعلوا املذكورين

لنرش الثانية العاملية الحرب تدخل مل املتحدة الواليات أن كام

أنظمة لبناء أملانيا واليابان مثل مناسبة الدميقراطية، ولكن احتالل

يف حرب أي تشن مل أنها مع املتحدة، للواليات حليفة دميقراطية

حينه، أو بعد ذلك لغرض تأسيس دميقراطية. ومل يخل األمر من تأثري

الشمولية. األنظمة معاداة يف عقائدية توجهات ذوي مستشارين

الدميقراطية عن لنرش تختلف يف سعيها الجدد املحافظني فعقيدة

نهج وودرو ويلسون يف أنه ليس لديها أوهام فيام يتعلق باملؤسسات

بالحرب تؤمن أنها كام الدولية. الرشعية يسمى ما أو الدولية،

الوقائية وعدم انتظار حصول فعل عدايئ ضد الغرب؛ فبحسب وجهة

نظرهم، ال ينفع الردع فقط يف صد الفاعل الذي يعمل رسا أو الذي

ال يخىش املوت، أي االنتحاري، بل يجب مواجهته من خالل العمليات

العسكرية الوقائية عىل أرايض دول أجنبية. وقد اعتقد هؤالء فعال

كانوا ولو اإلرهاب. نشوء أسباب أهم من السلطوية األنظمة أن

لكنهم التشخيص، يف الصواب يجانبوا مل إنهم لقلنا باحثني مجرد

برروا به سياسات عدوانية أمريكية منسقة مع أجندات إرسائيلية. ومل

يتخذ موقف أمرييك فاعل يف دعم ثورة دميقراطية، أو يف حامية نظام

دميقراطي عريب منتخب، فضال عن التدخل العسكري.

والحقيقة أن املوقف السلبي الفاعل من األنظمة الدكتاتورية يف العامل

العريب كان انتقائيا حتى يف مرحلة املحافظني الجدد الذين تخلوا عن

حذر سابقيهم يف اإلدارة عند تعلق األمر بالعامل العريب، فقد وضعوا

والتي إلرسائيل معادية سلطوية دول ضد التدخل أعينهم نصب

ميكن أن تبني جيوشا قوية: العراق أوال. وأدى التورط يف العراق إىل

التخيل عن تنفيذ خطط أخرى. واكتفوا بضغط طفيف عىل الدول

الحليفة، وجرى إرضاؤهم بإصالحات شكلية، أو مبؤرشات استعداد

وفهمت الدميقراطية. اإلصالحات من بدال إرسائيل مع للتطبيع

األنظمة السلطوية ذلك فتبنت سياسة مكافحة اإلرهاب والتخويف

منه، واستخدمتها ضد املعارضني السياسيني السلميني أيضا، كام تبنت

ما سمي خطاب "االعتدال" فقط فيام يتعلق بقضية فلسطني.

1. عربياكتب الكثري عن التغريات يف السياسة األمريكية بشأن أنظمة االستبداد

نرش سياسة تعزيز عن الكثري وقيل الثانية، العاملية الحرب بعد

كارتر األسايس منذ مرحلة التغيري أن بينت أن الدميقراطية. وسبق

متثل يف تناقص األهمية اإلسرتاتيجية للحلفاء، وعدم االستعداد لدفع

مثن متمثل بحياة جنود أمريكيني؛ إلنقاذ حليف متمثل بنظام سلطوي،

وتعمقت هذه النزعة بعد الحرب العاملية الثانية. ولقد دخلت هذه

السياسة يف التاريخ املعارص بوصفها "عدم وفاء أمريكا لحلفائها" (شاه

إيران، وماركوس، وسوهارتو، وغريهم، والحقا مبارك). وقد استغلت

لتتقمص النقطة بوتني هذه مرحلة الروسية يف الخارجية السياسة

فعل باإلمكان يكن مل أنه والحقيقة وفاء. األشد الحليف شخصية

الكثري إلنقاذ دكتاتور من ثورة شعبية إذا مل تتحول إىل حرب أهلية

تبر تدخال ما، أو إذا مل يقف جيشه إىل جانبه.

ولكن، عىل أي حال، ومهام كان التصور لتغري املوقف األمرييك بشأن

الدول اهتامم موضع األوسط الرشق منطقة ظلت الدميقراطية،

املنطقة يف الغرب مصالح وارتبطت الباردة. الحرب بعد الغربية

بهموم أمنية استمرت إىل ما بعد الحرب الباردة، وأهمهام استمرار

االنسحاب بعد اإلسالمي" "التهديد سمي ما وصعود النفط تدفق

الرويس من أفغانستان، وال سيام بعد عام 2001 (27)، عىل الرغم من

الخارجية. سياستها يف الدميقراطية خطاب املتحدة الواليات تبني

ونضيف إىل ذلك االهتامم األمرييك مبصالح إرسائيل وأمنها كأنها قضية

أمريكية داخلية. واملشكلة األكب أن هذا يعني عادة قبول تصورات

الشعب وجود مع تتناقض تصورات وهي ألمنها، ذاتها إرسائيل

الفلسطيني ومصالح دول املنطقة وسيادتها.

وكانت الواليات املتحدة مستعدة للقبول بإصالحات شكلية مببادرة

السلطوي الحكم ظل يف انتخابات أي واعتبت الحليفة، األنظمة

واليمن مرص يف جرت التي باإلصالحات احتفت وقد كبريا. تقدما

إىل تحولها مل اإلصالحات هذه أن مع ،2011 قبل ملكية وأنظمة

ملكيات دستورية يف أي حالة من الحاالت التي شهدها األردن مع

مع واملغرب ،1989 عام يف معان انتفاضة بعد السيايس االنفتاح

تسعينيات يف واالجتامعية واالقتصادية السياسية التحوالت جملة

وسنة 1992 لسنة الدستوري اإلصالح مع سيام ال املايض، القرن

1996، وكذلك البحرين يف نهاية التسعينيات مع تسلم امللك الحايل

مقاليد الحكم يف آذار/ مارس 1999، وإصداره قرارات يف عام 2001

ألغى مبوجبها قانون أمن الدولة لسنة 1974، وإصدار ميثاق العمل

الوطني لسنة 2001. ومل تضغط الواليات املتحدة لتوسيع اإلصالحات،

ومل تحتج عىل الرتاجع عنها حني وجد أي نظام الظرف مناسبا لذلك،

وال سيام حني جرى الرتاجع بحجة مكافحة اإلرهاب، بعد أن ارتقت

تضغط مل أنها كام عاملية"، "حرب مستوى إىل اإلرهاب مكافحة

بإصالحات للقيام السعودية األوتوقراطية مثل سلطوي نظام عىل

دميقراطية، بل تربوية ودينية، حتى بعد أحداث 11 سبتمب، واكتفت

بالتعاون السعودي يف مكافحته وبإقدام السعودية عىل طرح مبادرة

السالم العربية من عام 2002.

27 Eva Bellin, "The Robustness of Authoritarianism in the Middle East: Exceptionalism in Comparative Perspective," Comparative Politics, vol. 36, no. 2 (January 2004), p. 148.

20 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

عموما، تلخص املوقف األمرييك إبان الحرب الباردة يف ضامن تدفق

النفط، والعمل عىل الحفاظ عىل أمن إرسائيل، ووقف متدد النفوذ

السوفيايت يف املنطقة، بدعم األنظمة االستبدادية امللكية الحليفة له

يف مواجهة "خطر الشيوعية"، والنظام املرصي الذي غري تحالفاته من

االتحاد السوفيايت إىل الواليات املتحدة وأقدم عىل توقيع اتفاق سالم

منفرد مع إرسائيل يف مرحلة أنور السادات. والحقيقة أنه وإن كنا

ال نتعامل مع الرصاع العريب مع إرسائيل بوصفه عامال خارجيا يف هذه

الورقة، فإنه عامل مؤثر يف إعاقة التحول الدميقراطي. فمنذ النكبة

كان قد أدى من بني عوامل أخرى إىل وقف عملية اللبلة والدمقرطة

املحدودة التي بدأتها النخب العربية، والتي ورثتها إجراءاتها اإلدارية

عن اإلدارات االستعامرية يف مرص وسورية والعراق ولبنان واألردن.

وربطها 1948 حرب يف النخب هذه لخسارة كان أنه يف شك وال

األحزاب فوىض مثل أخرى عوامل إىل إضافة فلسطني، يف بالفشل

نخب رصاعات عن وعبت كالفطر وزالت نشأت التي النخبوية

تقليدية عىل السلطة (يف مقابل أحزاب أيديولوجية غري دميقراطية)

ونشوء العسكرية االنقالبات يف دور الزراعية، املسألة حل وعدم

الخطاب الشعبوي الذي رافقها، والذي كان يستهل دامئا بالعمل عىل

املعركة أولوية العربية"، ويرفع الكرامة تحرير فلسطني و"استعادة

إىل تحولت فلسطني أن مبعنى والسياسية، املدنية الحقوق عىل

األنظمة هذه توقفت أن بعد حتى مستبدة ألنظمة تبيرية أداة

تخلت التي األنظمة إىل بالنسبة أما فعال. إرسائيل محاربة عن

الدميقراطية عىل إرسائيل مع السالم أعاق فقد الخطاب، هذا عن

عدة مستويات:

الشعبية القوى مواجهة يف قمعية أدوات إىل النظام احتياج

الواسعة لهذا السالم، وخوفه من أي انتخابات دميقراطية فعال

حتى لو كانت الختيار أعضاء برملان محدود الصالحيات بسبب

شعبية الخطاب املعادي للسالم مع إرسائيل.

يف كانت إذا القمعية الخطوات الغربية األنظمة تجاهل

حقوق من أهم إرسائيل مع السالم واعتبار "السالم"، خدمة

اإلنسان واملواطن.

املحدقة املخاطر ملواجهة ذاتها إرسائيل مع األمني التنسيق

بالنظام. ويبدو أن هذا العنرص يكتسب أهمية حاليا يف عالقات

اتفاقيات ترافقت املرصية الحالة بإرسائيل. ويف السييس نظام

بأمريكا الجيش ربط مع املايض القرن مثانينيات منذ السالم

تسليحا وتدريبا ثم دخوله مجايل التجارة واالقتصاد، عىل نحو

منه. واالستفادة الراهن الوضع عىل لإلبقاء له مصلحة خلق

وذلك كله تفعيل اشرتاطات املعونة العسكرية التي من ضمنها

وحامية املسلحة القوات عىل املدنية بالسيطرة متعلقة بنود

حقوق اإلنسان.

بالنسبة إىل تدخل الغرب تاريخيا، تشري ليزا أندرسن إىل تعبري مورو

بريجر Morroe Berger، أول رئيس لجمعية دراسات الرشق األوسط

لغز عرف الذي املايض، القرن ستينيات يف تأسست التي MESA

هو الغرب يواجهه ما "إن ييل: كام الغربية" "السياسة أسامه ما

معضلة االختيار بني دعم الحكام السلطويني التقليديني أو املثقفني

وهذا الغرب"(28). سلطة من التخلص يريدون الذين الحداثيني

نخبا غالبا العربية البلدان يف الحداثية القوى كانت فقد صحيح،

بحركات متأثرة لإلمبيالية"، "معاد خطاب ذات يسارية أو قومية

التحرر الوطني عامليا، وتعتب التحالف األمرييك مع إرسائيل استمرارا

للمسألة االستعامرية يف املنطقة.

انهيار بعد الجدد، املحافظني اللغز سهال من منظور كان حل هذا

املعسكر االشرتايك وتراجع األهمية اإلسرتاتيجية للدول الحليفة. ومع

رفع "اإلرهاب" إىل مستوى عدو كوين، ربط هؤالء بني االستبداد وتوليد

اإلرهاب. وقد قال جورج بوش االبن يف خطاب شهري إن "االستقرار

عىل املدى البعيد ال ميكن أن يكون عىل حساب الحرية"، يف اختالف

األمريكيون فيها التي فضل الباردة الحرب واضح مع منطق مرحلة

والسوفيات االستقرار والحكومات القامئة التي ميكن االعتامد عليها

عىل قيمهم التي يدعون إليها(29). وبهذا املعنى بدا املحافظون الجدد

أكرث مبدئية يف موقفهم من الدكتاتوريات، مبا يف ذلك تلك الحليفة.

واضح العراق من دون مبر العسكري يف للتدخل تنظريهم ولكن

وبعد حصار غري مسبوق يف مدته وشموليته، وافتضاح أمر االعتبارات

اإلرسائيلية يف ذلك، وتعاملهم مع إرسائيل بوصفها دميقراطية حليفة

مهددة وتجاهل سياساتها االستعامرية وقضية الشعب الفلسطيني،

أسهم كل ذلك يف تعبئة الرأي العام العريب ضد "نرش الدميقراطية"

عىل ظهور الدبابات.

وما لبثت الواليات املتحدة أن تخلت عن مقاربة املحافظني الجدد.

يف متخصصني مع املنطقة يف األمريكية للسياسة املعارضون واتفق

الدراسات اإلقليمية عىل أن مصالح الغرب يف استمرار تدفق النفط،

28 Lisa Anderson, "Searching Where the Light Shines: Studying Democratization in the Middle East," Annual Review of Political Science, vol. 9, no. 1 (2006), p. 193, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2wcZSDi; Morroe Berger, The Arab World Today (New York: Doubleday, 1964), p. 297.

29 Ibid., pp. 193-194; George W. Bush, "President Bush Discusses Freedom in Iraq and Middle East: Remarks by the President at the 20th Anniversary of the National Endowment for Democracy," The White House Archives of President George W. Bush, November 6, 2003, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2C1CqiA

21دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

السيايس: اإلسالمي التهديد ازدياد منسوب يأيت من قلقه أن وعىل

رعاية لالستمرار يف الغربيني السياسة لصناع مقنعا منطقا "قدمت

قامئة الهموم هذه ظلت فقد املنطقة"(30). يف السلطوية األنظمة

األمن أجهزة دعم إليها رضورة ويضاف الباردة، الحرب نهاية بعد

والجيوش التي متنع عدم االستقرار ونشوء خطر عىل أمن إرسائيل.

ويف رأيي، قاد هذا املنطق يف النهاية، يضاف إليه فشل احتالل العراق،

إىل تخيل اإلدارة األمريكية ليس فقط عن فكرة تصدير الدميقراطية،

الدميقراطية أن تبني أن بعد سيام وال دعمها، فكرة عن أيضا بل

توصل إسالميني إىل الحكم يف انتخابات السلطة الفلسطينية وزيادة

وتكرر .2005 عام املرصية االنتخابات يف املسلمني اإلخوان قوة

ذلك الحقا بعد الثورة املرصية. فقد اتخذت اإلدارة األمريكية موقفا

متسامحا مع االنقالب العسكري أقرب إىل التواطؤ الكامل(31).

العريب العامل خريطة يف األهمية بالغ عنرص هو الدويل العامل

متأثرة غري اقتصادية عالقات توجد فال والسياسية. االقتصادية

عىل القامئة الخارجية املساعدات أهمية ذلك ويشمل بالسياسة.

أسعار تحديد يرتبط كام والجيوسرتاتيجية، السياسية االعتبارات

الدوافع ذات االقتصادية والصفقات السياسية باملفاوضات النفط

بغض األنظمة استقرار عىل حرصا مثة أن الواضح ومن السياسية.

املتعلقة القضايا بعض إثارة من الرغم عىل طبيعتها، عن النظر

بحقوق اإلنسان، ولكنها ال تقود إىل ضغط فعيل. ففيام عدا حاالت

نادرة مثل السويد، ال توجد آلية محاسبة داخلية ملزمة للحكومات

الغربية يف برملاناتها عن مصري املساعدات التي تقدمها. ومن املمكن

30 Bellin, p. 148.

31 David D. Kirkpatrick, Into the Hands of the Soldiers: Freedom and Chaos in Egypt and the Middle East (New York: Viking, 2018).

كأنها النقد موضع األنظمة بها تقوم التي الخطوات بعض مترير

خطوات إصالحية، حتى لو كانت تجميلية. كام ال يؤثر النقد غالبا يف

العالقات اإلسرتاتيجية واألمنية واملتعلقة بصفقات بيع السالح وتبادل

املعلومات املخابراتية وغريها. ويزداد قلق الواليات املتحدة والدول

الناحية من مهام النظام كان كلام األنظمة استقرار عىل العظمى

اإلسرتاتيجية وقريبا من منابع النفط ومحاذيا إلرسائيل.

ولذلك؛ كلام ابتعد بلد عريب عن املناطق الغنية بالنفط وعن جبهة

السلبي يف الدولية العوامل الرصاع مع إرسائيل، قل احتامل تدخل

عملية االنتقال الدميقراطي خشية عىل "االستقرار"، واملثال األبرز عىل

ذلك هو الحالة التونسية حيث كانت هامشية تونس الجيوسرتاتيجية

واالقتصادية يف صالح نجاح التحول الدميقراطي فيها. أما أهمية مرص

الجيوسرتاتيجية فكانت عامال مهام يف تدخل قوى أجنبية (إرسائيل،

بحد الدميقراطية تعتب واإلمارات) والسعودية، املتحدة، والواليات

الرأي تأثري االستقرار، وتخىش العريب حالة من عدم العامل ذاتها يف

العام ووصول قوى إىل الحكم ال تأخذ مصالحها يف االعتبار.

لقد شمل الحرص عىل استقرار األنظمة حتى نظاما مثل نظام معمر

ناصب القذايف أن مع وذلك بالنفط. غنيا بلدا يحكم الذي القذايف

داعام واعتب طويلة فرتة العداء واألوروبية األمريكية السياسات

السوفيايت، انهيار االتحاد لإلرهاب. لكنه بدأ يف تعديل سياسته بعد

فقبل يف نادي الدول التي يحرص الغرب عىل عالقات معها ألسباب، مثل

الحرص عىل تدفق النفط ووقف الهجرة غري الرشعية إىل أوروبا. وحني

وقع تدخل دويل يف ليبيا بقيادة الناتو فإمنا فرضته ثورة شعبية تحولت

إىل حرب أهلية. وبعد تردد، فضلت بعض الدول الغربية أن تسهم يف

حسمها لصالح فصائل الثورة واملجلس الوطني املؤقت، ال سيام أن دوال

عربية صديقة للغرب أسهمت يف دعم الثورة ألسباب متعلقة بالعالقات

العربية البينية. وال تزال الواليات املتحدة نادمة عىل خطوتها بالتدخل

عسكريا إىل حد بعيد ألنها تفضل االستقرار يف ظل القذايف عىل الفوىض

التي نشأت(32). ومل تقم الواليات املتحدة بعد الحرب بأي خطوة لتعزيز

يف الليبي النظام ضد التدخل إىل انجرت لقد الوليدة. الدميقراطية

القصف من الجو، ولكنها أدركت برسعة أن البديل كان عدم االستقرار،

وانتشار قوى إسالمية. وتركت الساحة للدول األوروبية.

للواليات معادية مواقف اتخذت التي األنظمة مع التعامل جرى

املتحدة والسياسات الغربية يف املنطقة عموما مثل النظامني السوري

32 Ben Rhodes, The World as It Is: A Memoir of the Obama White House (New York: Random House, 2018); Jeffrey Goldberg, "The Obama Doctrine," The Atlantic (April 2016), accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2DbyDgY; "Exclusive: President Barack Obama on 'Fox News Sunday'," Fox News, April 10, 2016, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2Z36odw

22 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

والليبي، بباغامتية بعد الحرب الباردة، إذا أخضعت سياستها لقضايا

إسرتاتيجية يف اإلقليم، وكانت جاهزة للتنسيق األمني معها يف قضايا

بينت هذه التي الحاالت يف ال سيام وغريها، اإلرهاب الحرب عىل

األنظمة فيها للواليات املتحدة أنها يف حاجة إليها، كام يف حالة دعم

بفتح العراق، يف األمرييك الوجود مقاومة معينة مراحل يف سورية

الجامعات بعض ودعم العراق إىل للوصول الجهاديني أمام الطرق

األنظمة هذه سقوط متانع مل املتحدة الواليات ولكن املسلحة.

عندما تحركت الشعوب والحت الفرصة. أما يف سورية فقد تفاءلت

السياسة األمريكية بداية بالثورة وقدمت بعض الدعم السيايس واملايل،

إرسائيل، حدود عىل االستقرار انعدام خشية الحقا ترددت ولكنها

املقابل، ويف جهادية. سلفية لحركات الخطري الصعود من وتخوفا

اعتب الروس الذين دخلوا بقوة إىل املنطقة، يف سياق استعادة دورهم

العاملي عن طريق الرشق األوسط، كل تحول دميقراطي متددا للنفوذ

جرى ما الحقيقة يف هذا أن واعتبوا الحكم، يف ومنوذجه الغريب

الجمهوريات بعض يف بصعوبة حصوله ومنعوا أوروبــا رشق يف

السوفياتية السابقة.

2. تصدير األوتوقراطيةالحكم يشمل لنظام الشيوعية مل يعد مثة منوذج عاملي انهيار منذ

القيم وأساليب الحكم قابل للتسويق عدا النظام الدميقراطي. عىل

لكنهام للتصدير، مناذج والصني لروسيا يعد مل العاملي، املستوى

األنظمة إىل أنهام متيالن الدميقراطية، كام التحوالت تخشيان بقيتا

السلطوية مع تفضيل لألنظمة الدمياغوغية الوطنية، ولكن ذلك ليس

بالرضورة. ومثة اعتبارات متعلقة بالنفوذ (االقتصادي يف حالة الصني)،

املتحدة، بوجود الواليات بالتنافس اإلسرتاتيجي مع وأخرى متعلقة

قناعة عميقة مفادها أن متددا للدميقراطية هو متدد للنفوذ الغريب.

وقد تبنت روسيا رسميا خطابا يضع التقاليد والقيم الغربية يف مقابل

مقابل يف للحدود العابرة والليبالية واألوروآسيوية، الروسية القيم

الوطنية والقومية وغريها. ورصح الرئيس الرويس بوتني عن الثورات

هناك "كانت قائال: الرشقية أوروبا دول وبعض العريب العامل يف

سلسلة من الثورات "امللونة". ومن الواضح، أن شعوب هذه الدول،

الطغيان والفقر، اكتفت من تلك األحداث، كانت قد التي شهدت

وفرضت بخبث. استغلت املشاعر هذه لكن األفق. فقدان ومن

معايري عىل هذه الشعوب ال تتالءم مع طريقتها يف الحياة، وثقافتها

نشأت والحرية، الدميقراطية من وبدال لذلك، ونتيجة وتقاليدها.

فوىض، واندلع العنف وانتفاضات متعددة. وتحول الربيع العريب إىل

شتاء عريب. ونشأت حالة شبيهة يف أوكرانيا. يف عام 2004، حني حاولوا

نفهم ]...[ الرئاسية لالنتخابات الدفع مبرشح معني الغرب[ ]يقصد

أن هذه العمليات كانت موجهة ضد أوكرانيا وروسيا وضد االندماج

األوروآسيوي. حدث كل هذا عندما كانت روسيا تسعى للدخول يف

حوار مع زمالئنا يف الغرب"(33). نالحظ أن بوتني جمع بني االعتبارات

املتعلقة بالرصاع عىل النفوذ يف مناطق يعتبها مناطق نفوذ رويس،

ميينية تعتب كانت حججا مستخدما بالثقافة املتعلقة واالعتبارات

يتعاطف بعضها (التي العريب اليسار أوساط محافظة وعنرصية يف

حاليا مع بوتني)، لناحية العالقة العضوية بني جواهر ثقافية للشعوب

والنظم السياسية املالمئة لها.

ومع أن أنظمة مثل النظامني السعودي واإلمارايت من جهة واإليراين

منوذج لديها ليس فإنه محيطها يف التأثري واصلت أخرى جهة من

دعمت كام معني، نوع من سياسية ثقافة لكنها صدرت للتصدير،

جيوسرتاتيجية ألسباب إما جذريا، عنها تختلف سلطوية أنظمة

تأثريه الدميقراطي خشية النظام وإما إلعاقة متدد بالنفوذ، متعلقة

فيها. وقد قامت السعودية بدور حاسم يف إعاقة التحول الدميقراطي

يف اليمن بفرض املبادرة الخليجية ومساندة قوى غري دميقراطية، ثم

قامت إيران بدور يف إعاقة تطبيق مخرجات الحوار الوطني بدعم

،2014 أيلول/ سبتمب 21 يف صنعاء عىل سيطرتهم بعد الحوثيني

بتدخل رضوس إقليمية لحرب مرسحا أصبح أن اليمن لبث وما

سعودي - إمارايت مبارش. كام أن الرصاع اإليراين - السعودي يف العراق

يستمر يف إعاقة تطور الدميقراطية، حتى بعد االنتقال من دعم قوى

مسلحة إىل دعم قوى سياسية طائفية يف االنتخابات العراقية؛ فهذا

الدعم يروم النفوذ، ويسهم يف التشظي الطائفي وليس يف نرش قيم

املواطنة الدميقراطية. وينطبق األمر ذاته عىل لبنان أيضا.

يتواصل النشاط السعودي واإلمارايت الذي يستخدم الدعم املايل يف

تشوه إعالمية ومؤسسات صحف رشاء ويف السييس نظام ترسيخ

واليمن سورية نكبات عن املسؤولية وتحملها العربية الثورات

وليبيا مبئة األنظمة العربية من مسؤوليتها، كام تدعم قوى سياسية

سلفية متعصبة من املدرسة التي تدعو إىل طاعة ويل األمر وترفض

السلطوية تساند أخرى سياسية قوى وأي السياسة، يف التدخل

وترفض الدميقراطية.

لقد اتخذ دعم االستبداد يف العامل أشكاال دولية وإقليمية، كام تضمن

الدراسات انتشار مقابل ويف التجارية. والعالقات العسكري الدعم

حول دعم الدميقراطية خارجيا، مل تحظ فكرة تعزيز األوتوقراطية من

33 "Address by President of the Russian Federation: Vladimir Putin Addressed State Duma Deputies, Federation Council Members, Heads of Russian Regions and Civil Society Representatives in the Kremlin," The Kremlin, Moscow, March 18, 2014, accessed on 29/4/2019, at: https://bit.ly/1U4FWps

23دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

الكايف(34). وقد ظهرت باالهتامم Autocracy Promotion الخارج

الحكم أن إىل تشري القرن األول من هذا العقد األدبيات يف بعض

تأثريه احتامالت وكذلك ازدياد، يف االستبدادي شبه أو االستبدادي

أجرتها التي السنوية االستطالعات آخر األدبيات هذه ومن دوليا.

مؤسسة فريدوم هاوس حول الحقوق السياسية والحريات املدنية يف

العامل، إضافة إىل كتاب روبرت كاغان(35)، الذي اقتبس بشكل واسع

يف هذا املجال، والذي يشخص فيه التنافس الجيوسيايس بني األنظمة

الباردة الحرب نهاية مع سيام ال الدميقراطية، وغري الدميقراطية

دميقراطية غري قوى من الليبالية للدميقراطية منافسني وصعود

واستبدادية(36). وقد ظهرت دراسات تتناول حاالت بعينها، مثل تلك

االقتصادي ودور منوذجها للصني الناعمة القوة منو تركز عىل التي

السيايس يف جذب بعض البلدان النامية(37).

وصدرت دراسات أخرى تناولت تدخالت بوتني يف دول آسيا الوسطى

وأوكرانيا وجورجيا وبيالروسيا، واملحاوالت الروسية لتقويض مساعي

مراقبة االنتخابات التي تقوم بها منظمة األمن والتعاون يف أوروبا(38).

وميكن حاليا أن تضاف سورية وأوكرانيا إىل القامئة.

والحالة السورية تهمنا خاصة ألن التدخل الرويس فيها كان عسكريا

السوري، النظام عىل الحفاظ هدفني: تحقيق يف وحاسام مبارشا

ومضاعفة التأثري الرويس يف املنطقة العربية. وقد كانت راية التدخل

الرويس الحفاظ عىل السيادة الوطنية ضد التدخل الغريب الذي يجري

املقابل، التي ترحب، يف املعنية من دون إذن األنظمة االستبدادية

34 Peter J. Burnell, "Promoting Democracy and Promoting Autocracy: Towards a Comparative Evaluation," Journal of Politics and Law, vol. 3, no. 2 (2010), pp. 3-4, accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2QGKnfS

35 Robert Kagan, The Return of History and the End of Dreams (New York: Barnes & Noble, 2008).

الدميقراطية لكن فورين أفريز مقاالت كثرية متشامئة بشأن مستقبل نرشت مجلة  36املؤرشات إىل تشريان كاروثرز وكريستوفر يونج ريتشارد من وكل كاروثرز توم مقالتي

اإليجابية يف هذه املرحلة الصعبة، انظر:Thomas Carothers & Richard Youngs, “Democracy Is Not Dying,” Foreign Affairs, April 11, 2017, accessed on 29/4/2019, at: https://bit.ly/2GLrZyZ; Thomas Carothers & Christopher Carothers, “The One Thing Modern Voters Hate Most Charges of Corruption are Toppling Leaders at a Growing Clip. That's a Good Thing for Global Politics,” Foreign Affairs, July 24, 2018, accessed on 29/4/2019, at: https://bit.ly/2mKUgfn

37 Naazneen Barma & Ely Ratner, "China’s Illiberal Challenge: The Real Threat Posed by China isn’t Economic or Military it’s Ideological," Democracy: A Journal of Ideas, no. 2 (Fall 2006), accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2KfhbKM; Carola McGiffert (ed.), Chinese Soft Power and Its Implications for the United States: Competition and Cooperation in the Developing World, CSIS Report (Washington, D.C.: Center for Strategic and International Studies, 2009), accessed on 29/4/2019, at: http://bit.ly/2Q5Ycrd

38 Thomas Ambrosio, Authoritarian Backlash: Russian Resistance to Democratization in the Former Soviet Union (Aldershot: Ashgate, 2009).

الدولية بالرشعية االستعانة جرت وهنا بالطبع. لصالحها بتدخله

مترر الوطنية، السيادة عىل الحفاظ راية وتحت السيادة. ومفهوم

يفعل بشعبه ومواطنيه أن نظام أي أن من حق الدموية العقيدة

ما يشاء وأن يستدعي التدخل األجنبي ضد التحول الدميقراطي، عىل

الدول يف املتعلقة بحامية سيادة الدويل القانون نحو يضع مواثيق

مواجهة مواثيق حقوق اإلنسان.

ومن األمثلة الدالة عىل تدخالت األنظمة غري الدميقراطية يف دفاعها

شنغهاي منظمة سعي إىل بورنيل أشار االستبدادي، الحكم عن

للتعاون The Shanghai Cooperation Organisation، ومنظمة

،The Commonwealth of Independent States الدول املستقلة

التي تأسست بعد انهيار االتحاد السوفيايت، والتي تضم يف عضويتها

االستبداد عن دفاعهام يف سابقة، سوفياتية جمهوريات من عددا

الصني دور عن فضال الدول، هذه بني املتبادل الدعم تقديم عب

التي اإللكرتونية املواقع حجب يف وفيتنام السعودية مساعدة يف

ال ترغب يف أن يقرأها مواطنوهام(39). وقد قامت الصني وروسيا(40)

الصحفي اغتيال أزمة بعد السعودية عىل املساعدة بعرض مؤخرا

ترشين 2 يوم إسطنبول يف بــالده قنصلية (يف خاشقجي جامل

األول/ أكتوبر 2018)، وذلك عب التسليح وتقوية العالقات التجارية

بحقوق يتعلق فيام السعودية املامرسات عىل الحملة كانت حني

ترامب إدارة دعم يف تؤثر مل والتي الغرب، يف أوجها يف اإلنسان

للسعودية عىل كل حال.

لقد طرح الروس عقيدة تبنتها أنظمة االستبداد يف املنطقة تتلخص

أي مبدأ آخر يتفوق عىل مبدأ بوصفها الوطنية السيادة يف رفع

الدولة سيادة من السيادة مفهوم وتقلص الدولية. السياسة يف

يشمل مبا الحاكم، النظام سيادة عىل ليقترص الشعب فيها مبا

عن تعبريا باعتبارها شعبه مع نظام ألي الكاملة الترصف حرية

التدخل الخارجي فيتاح إذا طلبه السيادة. فشعبه هو شأنه، أما

39 Burnell, p. 5.

40 Henry Foy, "Russia-Saudi Arabia Rapprochement Reshapes more than the Oil Market," Financial Times, October 30, 2018, accessed on 6/5/2019, at: https://on.ft.com/2J1oubb; Richard Hall, "Jamal Khashoggi: Russia refuses to Criticise Saudi Arabia in Wake of Journalist's Murder," The Independent, October 23, 2018, accessed on 6/5/2019, at: https://ind.pn/2DRI4CG; "Putin says can't Justify Spoiling Saudi Ties Over Khashoggi Affair," Reuters, October 18, 2018, accessed on 6/5/2019, at: https://reut.rs/2LnTm7G; "MbS to Visit China Seeking 'Greater Development of Sino-Saudi Relations," The New Arab, February 15, 2019, accessed on 6/5/2019, at: http://bit.ly/2WpxM3z; Michael Standaert, "Saudi Arabia Strikes $10bn China Deal," Al Jazeera, February 22, 2019, accessed on 6/5/2019, at: http://bit.ly/2GZST6c.

24 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

النظام الرشعي، أال وهو النظام القائم واملامرس للسيادة بحسب

السلطوي الفردي الحكم يف بوتني منوذج أصبح كام تعريفهم.

أمنية بنخبة املحاط الرئيس صالحيات وتوسيع انتخايب، بغطاء

الدولة، بأدوات معارضيه قمع عىل والقادر موالية، واقتصادية

منوذجا جذابا ألنظمة االستبداد، وحتى لبعض القادة املنتخبني يف

أنظمة دميقراطية ناشئة حديثا والطامحني إىل املزيد من السلطة

وإىل تأبيد وجودهم فيها.

القومية اليمينية السياسية الشعبوية مد تجاهل ممكنا يعد مل

املتحدة الواليات شهدته الذي الليبالية للدميقراطية املعادية

سياسات تأثري وتصاعد وبعدها، ترامب انتخاب عشية وأوروبــا

الهوية والسياسات الثقافوية واإلثنية، وتأثريه يف تعزيز ثقة األنظمة

االستبدادية بنفسها يف املرشق، ال سيام أن الدميقراطية تشهد أزمة يف

"بالدها"، وهذه القوى تستخدم بعض مفردات األنظمة االستبدادية

العربية األثرية(41).

خالصةبينا يف هذه الدراسة ما ييل:

ال ميكن تجاهل العامل الدويل يف تفاعله مع الظروف الداخلية . 1

عند إطاحة نظام سلطوي وبدء عملية التحول الدميقراطي.

41 مثال، وصل األمر إىل أن يدافع عبد الفتاح السييس عن تطبيق عقوبة اإلعدام، يف حق معارضني سياسيني، يف بالده بزعمه أن حكم اإلعدام هو من "ثقافة املنطقة العربية". ففي رده عىل سؤال بشأن أوضاع حقوق اإلنسان يف مرص، يف ختام فعاليات القمة العربية األوروبية املنعقدة يف مدينة رشم الشيخ، قال السييس إن "األولوية يف البلدان األوروبية تتمثل يف تحقيق الرفاهية ملواطنيها، خالف األولويات يف املنطقة العربية، والتي تتمثل يف الحفاظ عىل الدولة من السقوط واالنهيار والخراب، كام ترون يف دول كثرية مجاورة لنا". وأضاف: "أنتم تتحدثون عن عقوبة اإلعدام، ونقدر ذلك. ولكن أرجو أال تفرضوا علينا أمرا، فعندما يقتل مواطن بعمل إرهايب، تطالب أرسته بالقصاص له، ولو طالبنا الدول األوروبية أن تراجع نفسها وتراجع عقوبة اإلعدام لديها، فهذا يعني أننا غري متفهمني للوضع يف أوروبا"، مستطردا "أنتم مش ها تعلمونا إنسانيتنا، فلدينا إنسانيتنا وأخالقياتنا كام لديكم، وعليكم أن تحرتموها كام نحرتمها لديكم"، انظر: "السييس مدافعا عن عقوبة اإلعدام: لدينا إنسانيتنا ولكم إنسانيتكم"، العريب الجديد، 2019/2/25، شوهد يف 2019/4/29، يف: http://bit.ly/2X7Tr0d، وسابقا، كان بشار األسد قد رصح، يف مقابلة له، مطلع عام 2011 لصحيفة ذي وول سرتيت جورنال، بأن الطريقة التي ينظر بها إىل اإلصالح مختلفة عن طريقة الغرب، مضيفا أن "املشكلة مع الغرب أنهم يبدؤون باإلصالح السيايس يف اتجاه الدميقراطية. إذا كنت تريد امليض نحو الدميقراطية، فإن أول أمر القرار. هذه ليست بإصدار تقوم أن القرار ال الشعب يف صنع تفعله هو إرشاك أن يجب دميقراطيتي كشخص، بل هي دميقراطيتنا كمجتمع. إذا كيف تبدأ؟ تبدأ بخلق حوار. كيف تخلق حوارا؟ نحن مل يكن لدينا يف املايض إعالم خاص ومل يكن لدينا إنرتنت أو جامعات أو مصارف خاصة. كل يشء كانت الدولة تتحكم فيه. ال ميكنك أن تخلق الدميقراطية التي تسأل

عنها بهذه الطريقة. لديك طرق مختلفة لخلق الدميقراطية"، انظر:"Interview with Syrian President Bashar al-Assad," The Wall Street Journal, January 31, 2011, accessed on 29/4/2019, at: https://on.wsj.com/2KKK2L0

يقع . 2 مل إذا وال سيام (غالبا)، الداخلية للعوامل األولوية تبقى

تدخل أجنبي عسكري مبارش. فقضية االنتقال إىل الدميقراطية

هي قضية داخلية قبل كل يشء.

يصعب عىل العامل الدويل إحباط التحول الدميقراطي يف حالة . 3

ثورة شعبية إذا كان هناك توافق عليه بني النخب السياسية.

الدميقراطي . 4 االنتقال يف الخارجي العامل فعل بني فرق مثة

وفعله يف ترسيخ الدميقراطية.

قد يكون العامل الخارجي حاسام يف حالة انهيار االستبداد يف . 5

الدول التابعة.

غالبا . 6 هو الدميقراطي للتحول عاملية موجات يسمى ما

موجات إقليمية.

والتحوالت . 7 للدميقراطية داعمة املتحدة الواليات تصبح مل

الدميقراطية بعد الحرب الباردة، بل أصبحت أقل اكرتاثا بحامية

حلفائها السلطويني. والصيغة الرتامبية لهذا التحول تتلخص يف

طلب مقابل للحامية.

يف حالة املنطقة العربية ظلت قواعد الحرب الباردة قامئة إىل . 8

حد بعيد يف السياسات األمريكية.

الهجرة . 9 ومنع النفط تدفق مسألة الغربية ــدول ال تعيل

اإلنسان حقوق عىل اإلرهاب ومكافحة إرسائيل أمن وحامية

والدميقراطية يف العامل العريب، ومل تقتنع بعد بأهمية الدميقراطية

يف هذا السياق. نظرا إىل تخوفها من نتائج صناديق االنتخابات

الحرة عىل مصالحها تلك.

تزداد فرص الدولة العربية التي متر بتحول دميقراطي يف تحييد . 10

العرقلة من الخارج كلام كانت الدولة غري منتجة للنفط وبعيدة

عن إرسائيل.

تأثريهام . 11 فإن العاملي دورهــام والصني روسيا استعادة مع

للتصدير االستبداد، ويف غياب منوذج أنظمة يتجه إىل تفضيل

ثقافة مع يتقاطع خطابا الدولتان هاتان تستخدم لديهام،

اليمني الشعبوي يف الدول الدميقراطية أو تلك املعنية باالنتقال

إىل الدميقراطية.

25دراسات

مالحظات عن العامل الخارجي في االنتقال الديمقراطي

المراجع

العربيةاالنقالب. إىل الثورة من الثاين: الجزء مرص. ثورة عزمي. بشارة،

الدوحة؛ بريوت: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 2016.

عريب. دميقراطي لبيان مقدمة العربية: املسألة يف .________

الدوحة؛ بريوت: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 2018.

األجنبيةÁgh, Attila. "Processes of Democratization in the East

Central European and Balkan States: Sovereignty-Related

Conflicts in the context of Europeanization." Communist

and Post-Communist Studies. vol. 32, no. 3 (September 1999).

at: http://bit.ly/2NbPAuC

Ambrosio, Thomas. Authoritarian Backlash: Russian

Resistance to Democratization in the Former Soviet

Union. Aldershot: Ashgate, 2009.

Anderson, Lisa. "Searching Where the Light Shines:

Studying Democratization in the Middle East." Annual

Review of Political Science. vol. 9, no. 1 (2006). at:

http://bit.ly/2wcZSDi

Ashour, Omar. "Collusion to Crackdown: Islamist-

Military Relations in Egypt." Brookings Papers (March

2015). at: https://brook.gs/2RF7pn4

Bellin, Eva. "The Robustness of Authoritarianism in the

Middle East: Exceptionalism in Comparative Perspective."

Comparative Politics. vol. 36, no. 2 (January 2004).

Berger, Morroe. The Arab World Today. New York:

Doubleday, 1964.

Burnell, Peter J. "Promoting Democracy and Promoting

Autocracy: Towards a Comparative Evaluation."

Journal of Politics and Law. vol. 3, no. 2 (2010). at:

http://bit.ly/2QGKnfS

Carothers, Thomas & Christopher Carothers. "The One

Thing Modern Voters Hate Most Charges of Corruption

are Toppling leaders at a Growing Clip. That's a Good

thing for Global Politics." Foreign Affairs. July 24, 2018.

at: https://bit.ly/2mKUgfn

Carothers, Thomas & Richard Youngs. "Democracy

Is Not Dying." Foreign Affairs. April 11, 2017. at:

https://bit.ly/2GLrZyZ

Carothers, Thomas. Revitalizing U.S. Democracy Assistance.

Washington, DC: Carnegie Endowment for International

Peace, 2009.

Clinton, Hillary Rodham. Hard Choices. New York:

Simon & Schuster Paperbacks, 2014.

Gates, Robert M. Duty: Memoirs of a Secretary at War.

New York: Alfred A. Knopf, 2014.

Goldberg, Jeffrey. "The Obama Doctrine." The Atlantic

(April 2016). at: http://bit.ly/2DbyDgY

Kagan, Robert. The Return of History and the End of

Dreams. New York: Barnes & Noble, 2008.

Kirkpatrick, David D. Into the Hands of the Soldiers:

Freedom and Chaos in Egypt and the Middle East. New

York: Viking, 2018.

Krauthammer, Charles. Democratic Realism: An American

Foreign Policy for a Unipolar World. Washington, D.C.:

The AEI Press, 2004. at: http://bit.ly/2PQ25Av

Lawson, Marian L. & Susan B. Epstein. "Democracy

Promotion: An Objective of U.S. Foreign Assistance."

Congressional Research Service. January 4, 2019. at:

http://bit.ly/2v3FLY2;

Levitsky, Steven & Lucan A. Way. Competitive

Authoritarianism: Hybrid Regimes after the Cold War.

New York: Cambridge University Press, 2010.

Lewis, Anthony. "The Kissinger Doctrine." February 27,

1975. The New York Times. at: https://nyti.ms/2VyekEW

26 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

Mann, Michael. The Dark Side of Democracy: Explaining

Ethnic Cleansing. Cambridge: Cambridge University

Press, 2005.

McGiffert, Carola (ed.). Chinese Soft Power and Its

Implications for the United States: Competition and

Cooperation in the Developing World. CSIS Report.

Washington, D.C.: Center for Strategic and International

Studies, 2009. at: http://bit.ly/2Q5Ycrd

McGowan, Patrick. "African Military Coups d’Etat,

1956–2001: Frequency, Trends and Distribution."

The Journal of Modern African Studies. vol. 41,

no. 3 (2003).

Naazneen Barma & Ely Ratner. "China’s Illiberal

Challenge: The Real Threat Posed by China isn’t Economic

or Military it’s Ideological." Democracy: A Journal of

Ideas. no. 2 (Fall 2006). at: http://bit.ly/2KfhbKM

O’Donnell, Guillermo & Philippe C. Schmitter

& Laurence Whitehead (eds.). Transitions from

Authoritarian Rule. Four Volumes. Baltimore, MD:

Johns Hopkins University Press, 1986.

Rhodes, Ben. The World as It Is: A Memoir of the Obama

White House. New York: Random House, 2018.

Stephan, Maria J. & Erica Chenoweth. "Why Civil

Resistance Works: The Strategic Logic of Nonviolent

Conflict." International Security. vol. 33, no. 1 (Summer

2008). at: https://bit.ly/2CXKiSq

Weyland, Kurt. "Limits of US Influence: The promotion

of Regime Change in Latin America." Journal of Politics

in Latin America. vol. 10, no. 3 (2018).

Whitehead, Laurence (ed.). The International Dimensions

of Democratization: Europe and the Americas. Oxford:

Oxford University Press, 2001.

صـدر حديـثا

أحمد علي األحصب. تأليف:

هوية السلطة في اليمن: جدل السياسة والتاريخصداأعنأاملركزأالعريبألألبحرثأودااسةأالسيرسرتأكتربأ حمدأعيلأاألحصبأهياةأ دسلطةأتدواأ ائيسرأ بصفتهرأ حيااأ السلطةأ الكترب،أ واتنرولأ و دترااخ.أ جعلأ دسيرسةأ يفأ ديمن:أ

حيلهأالرصاعرتأالسيرسيةأواالجتامعيةأيفأاليمن،أالظرهرةأ نهرأ وأالخفية.أواهدفأإىلأالتعرفأإىلأتيزاعأالسلطةأبنيأالهيارتأاملحليةأاملختلفةأيفأهذاأالبلد،أو رأإذاأكرنأمثةأهياةأ عينةأتستأثرأبهذهأالسلطة،أوفقرأملرأتقيلأالدعروىأالتيأارفعهرأالجدلأالهياريتأسيرقرته،أ إىلأ برلتعرفأ الجدل؛أ هذاأ تفسريأ إىلأ اهدفأ كامأ السلطة.أ هياةأ حيلأ النرشطأتقرسمأ وآفرقأ استرشافأ ستقبلهأ إىلأ وصيالأ و هدافه،أ و حركرتهأ واستكشرفأ سبربهأالسلطةأيفأاليمن.أاتألفأالكتربأ)ي4أأصفحةأبرلقطعأاليسط،أ يثقرأو فهرسر(أ نأ ابعةأ

فصيل،أوهيأ ذالأبرستنترجرتأاملؤلف.

*Ali Jarbawi | علي الجرباوي **Lourdes Habash | ولورد حبش

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدوليةRealist Theory in the Face of International Unipolarity

28 ددعلألا

28 اراأ أ رايأرايأ

* أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية، جامعة بريزيت، فلسطني.* Professor of Political Science and International Studies, Birzeit University, Palestine.

** أستاذة العلوم السياسية والدراسات الدولية، جامعة بريزيت، فلسطني.** Professor of Political Science and International Studies, Birzeit University, Palestine.

تعالــج الدراســة تداعيــات تحــول النظــام الدولــي مــن ثنائــي القطبيــة إلــى أحــادي القطبية الدولية على النظرية الواقعية؛ حيث تستعرض وتحلل الكيفية التي تعامل بها الواقعيون فــي الــرد علــى هــذا التحــدي الخارجي. وتســتعرض أيضا الــرد التقليــدي على "الهجمــة " تجاه الواقعيــة، والــذي جــاء فــي محاولــة للحفــاظ علــى مرتكزاتهــا األساســية. وتشــرح بعــد ذلــك التوجهــات التعديليــة - التجديديــة المختلفــة التي قام بهــا منظرون من هذه المدرســة في محاولة منهم لمواءمة أســس هذه النظرية ومرتكزاتها مع أحادية القطبية. تتطرق الدراســة إلــى أربــع محاوالت تعديليــة: توازن التهديد، والتــوازن الناعم، وتوازن المصالــح، والتوازن خارج المجــال. أخيرا تســعى الدراســة لتقديــم إضافة جديدة، جــاءت بعنوان "التوازن مــن الداخل "، وإن كان هــذا العنوان مســتلا مــن النظرية الليبراليــة المناوئة للواقعية، إال أنــه يأتي بتكييف

واقعي، لطول أمد حقبة أحادية القطبية الحالية.

كلمات مفتاحية: الواقعية، توازن القوى، أحادية القطبية الدولية، التعديلية.

This paper addresses the implications of the transformation of the international system from a bipolar to a unipolar system for realist theory. The paper demonstrates and analyzes how realists react to this external challenge. The paper demonstrates the traditional response to the "attack" on realism, in an attempt to preserve its basic premises. It then proceeds to explain the different revisionist orientations undertaken by the theorists of this school in an attempt to harmonize the foundations of this theory with unipolarity. The study deals with four revisionist approaches: "balance of threat", "soft balance", "balance of interests" and "external balancing". This paper presents a new addition, "internal balancing" which, while derived from the liberal theory opposed to realism, comes with a realist adaptation to explain the length of the current unipolar era

Keywords: Realism, Balance of Power, International Unipolarity, Revisionism.

29دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

مقدمةميتاز حقل العالقات الدولية بوجود عدة نظريات متنافسة يف تقديم

تفسرياتها لبنية العالقات الدولية ومنظومتها، وكيفية صنع السياسات

من جانب الفاعلني األساسيني داخل الساحة الدولية، والذين تختلف

تدخالتهم أو تحكمهم ومحورية وأهمية عددهم بشأن النظريات

يف إدارة الشؤون الدولية. من أهم هذه النظريات النظرية الواقعية

التي دخل منظروها خالل العقود املاضية يف سجال مهم مع أقطاب

الرؤية والتفسري الرئيسة يف التي تعتب منافستها الليبالية، النظرية

السجال أن هذا الدولية. ومع والعالقات السياسات لكيفية حياكة

تعميق إىل وأدى الحقل، يف أثره يف األهم كان السنني عب املمتد

فهم جوانب متعددة ومتداخلة ضمنه، وكذلك تطوير مناح جديدة

أخرى نظريات أثر إغفال ميكن ال فإنه املتنافستني، النظريتني يف

كالنظرية مختلفة، زوايا من تفسريات تقديم يف معهام تشابكت

النظريات هذه كل والنسوية. والتبعية، واملاركسية، البنيوية،

ومحصلة تفسرياتها املختلفة، املتحاورة حينا واملتباينة أحيانا، أغنت

منهجية ومسالك رحابا داخله وفتحت الدولية العالقات حقل

متعددة للباحثني والدارسني.

كان لتفكك الكتلة الرشقية، ثم انهيار االتحاد السوفيايت يف عام 1991،

األثر الكبري الحقا ليس يف مسار املجريات الفعلية للسياسة الدولية

فقط، بعد تحول النظام الدويل من ثنايئ إىل أحادي القطبية، ولكن

حقل داخل التحول لهذا املواكب النظري البعد أيضا انتاب ما يف

الواقعيني أوساط بني املهم السجال هذا جرى الدولية. العالقات

الواقعية، النظرية عىل الليباليني انقضاض خلفية عىل والليباليني

النظرية بهذه الهزمية إللحاق مواتية أنها اعتقدوا لفرصة استغالال

انترصوا الواقعيني ولكن عليها. الحاسم االنتصار وتحقيق املنافسة

خالل من وذلك كينونتها؛ عن للدفاع يلزم مبا وقاموا لنظريتهم

التمرتس خلف مرتكزاتها التقليدية، أو بتقديم تعديالت مهمة عليها

للحالة النظرية هذه تقدمه الذي املنهجي الفهم تطوير بهدف

الدولية الجديدة. تأيت هذه الدراسة لسب غور آثار هذا السجال، وما

أدى إليه من تحوالت داخل النظرية الواقعية.

يف عام 1988، تنبأ كينيث والتز، أحد أهم منظري املدرسة الواقعية

لكونها ستستمر؛ الباردة الحرب بأن الدولية، السياسة يف الجديدة

(العاملية الحرب بعد الدولية السياسات هيكل يف بقوة "متجذرة

هذا ولكن مستمرا"(1). الدويل الهيكل دام ما وستبقى الثانية)،

انتهت. قد الباردة والحرب إال عليه عام ميض مل إذ خاب، التنبؤ

1 Kenneth N. Waltz, "The Origins of War in Neorealist Theory," The Journal of Interdisciplinary History, vol. 18, no. 4 (Spring 1988), p. 628.

فقد أدى االنهيار املفاجئ لالتحاد السوفيايت، وتفكك الكتلة الرشقية،

أعقاب يف تأسس الذي الدويل النظام يف تحول جذري إىل حدوث

يقطع الحني ذلك منذ مرة فأول .1648 عام يف وستفاليا معاهدة

النظام الدويل استناده إىل مرتكز تنظيم العالقة بني أكرث من العب؛

النظام، إما عىل نحو تعددي كام كانت دول تشكل أقطابا يف هذا

الحال حتى نهاية الحرب العاملية األوىل، وإما بثنائية قطبية نتجت

املتحدة الواليات بقيادة الغربية الكتلة وأنتجت الحرب، تلك من

وبفعل السوفيايت. االتحاد بزعامة الرشقية الكتلة مقابل األمريكية

النظام انتقل ،1991 عام من ابتداء الرئيسني القطبني أحد غياب

الدويل إىل حالة جديدة مل يعهدها من قبل؛ حالة ترتكز عىل أحادية

القطبية الدولية التي انبثق منها نظام دويل جديد يقوم عىل هيمنة

دولة عظمى واحدة وتفردها، هي الواليات املتحدة.

عىل الصعيد العميل، أربك هذا التغري املفاجئ يف النظام الدويل العامل.

وقد أدى انفراط منظومة سياقاته التي كانت مألوفة ومتعارفا عليها،

حتى ظنها بعضهم مثل كينيث والتز مستقرة وثابتة وراسخة، إىل إفقاد

العامل ركيزة انضباطه؛ عىل نحو أدى إىل حدوث خلخلة واختالالت يف

بنيته التقليدية، نجم عنها سلسلة من االضطرابات والرصاعات والحروب

عصفت مبناطق مختلفة فيه، وال زالت آثارها تتفاعل حتى اآلن.

مل يقترص حد االضطراب عىل هذا الصعيد العميل فقط، بل تجاوزه

الدويل النظام عمل ملاهية املفرس النظري البعد عمق يف ليرضب

وكيفيته، وبالتحديد من وجهة نظر املدرسة الواقعية. فهذه املدرسة

التي ظهرت وانترشت وعال شأنها بعد الحرب العاملية الثانية، ارتكزت

من أكرث وجود رضورة عىل الدولية للسياسة وتفسريها أسسها يف

قطب عىل رأس هرم النظام الدويل. ولذلك، عندما أصبح هذا النظام

أحادي القطبية، بوغت منظرو هذه املدرسة بواقع جديد مل يكونوا

يتوقعونه فحسب، وإمنا جاء خارج نطاق منظومة وسياقات فهمهم

للسياسة والعالقات الدولية باألساس.

تفاوتت ردة فعل هؤالء املنظرين عىل هذا التغري غري املتوقع. فبينام

أحادية واعتبوا هي، كام الواقعية النظرية بأسس بعضهم متسك

بل طويال، يعمر ولن أثرا، يخلف لن طارئا حدثا الدولية القطبية

سيزول رسيعا ويعود النظام الدويل إىل سابق عهده(2)، طرح البعض

2 ملزيد من االطالع حول حتمية عودة توازن القوى، انظر:Christopher Layne, "This Time it's Real: The End of Unipolarity and the Pax Americana," International Studies Quarterly, vol. 56, no. 1 (March 2012), pp. 202–213; Waltz, "Structural Realism after the Cold War," International Security, vol. 25, no. 1 (Summer 2000), pp. 5–41; Kenneth N. Waltz, "The United States: Alone in the World," in: I. William Zartman, (ed.), Imbalance of Power: US Hegemony and International Order (London: Lynne Rienner Publishers, 2009), pp. 27 - 36.

30 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

إلعادة الواقعية النظرية أسس إخضاع رضورة املغايرة الجهة يف

تقييم، معتبين أن حقبة أحادية القطبية ليست طارئة أو مؤقتة، بل

ستستمر طويال(3). وبني هذين االتجاهني الفكريني، قدم العديد من

املنظرين الواقعيني أطروحات تعديلية متعددة؛ يف محاوالت ملواءمة

لقد العامل(4). يف الحاصلة التغريات مع ملدرستهم النظرية األسس

أربكت أحادية القطبية الدولية النظرية الواقعية ومنظريها، وتركتهم

لهم عىل تحافظ أن التي ميكنها التكييفية املخارج إيجاد يحاولون

نظرية كانت سائدة طوال نصف قرن مىض. املهم يف األمر أن تفتت

محاوالتهم واختالف طروحاتهم قد يكونان أسهام يف إنعاش نظريتهم

بضخ مواءمات جديدة لواقع قد تغري، وقد تكون أدت عن غري قصد

إىل زيادة حدة اإلرباك وتعميق حالة التشتت الواقعة بني صفوفهم.

تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء عىل وجهات النظر املختلفة التي

بأحادية مباغتتها عىل الواقعية املدرسة داخل فعل ردات نجمت

جديدة آفاق فتح يف منها كل جدوى وتقييم الدولية، القطبية

والتطور ألجل فهم واستيعاب التأقلم الواقعية متكنها من للنظرية

الدويل النظام عمل بنية يف الحاصلة والتغريات املؤثرة للمتغريات

الجديد وآليته. وأثناء القيام بذلك، تحاول الدراسة أيضا تقييم األثر

وفاعليتها، الواقعية النظرية متاسك يف املتغريات هذه تركته الذي

وفحص مدى قدرتها بصفتها نظرية عىل االستمرار يف تفسري التغريات

املقبلة والتنبؤ بها. وأخريا، تتضمن هذه الدراسة ما نعتقد أنه ميثل

مساهمة جديدة ألجل فهم وتفسري الستمرارية وجود نظام أحادي

القطبية من وجهة النظر الواقعية.

أوال: االفتراضات األساسية للنظرية الواقعية

العالقات السائدة يف مجال النظرية بأنها الواقعية غالبا ما توصف

الدولية؛ لكونها تقوم عىل أسس منهجية واضحة ويسرية، عىل نحو

يجعلها توفر للباحثني واملهتمني مسارات تحليلية تسهل عليهم فهم

إمكانية القطبية وعدم أحادي استمرار نظام األول عن املدافع 3 يعتب وليم ويلفورث موازنة الواليات املتحدة. ملزيد من املعلومات، انظر:

William C. Wohlforth, "The Stability of a Unipolar World," International Security, vol. 24, no. 1 (Summer 1999), pp. 5-41; Stephen G. Brooks & William C. Wohlforth, World Out of Balance: International Relations and the Challenge of American Primacy (Princeton: Princeton University Press, 2008).

4 ملزيد من االطالع عىل األطروحات التعديلية، انظر:Stephen M. Walt, Taming American Power: The Global Response to U.S. Primacy (New York: W. W. Norton & Company, 2006); Robert A. Pape, "Soft Balancing Against the United States," International Security, vol. 30, no. 1 (Summer 2005), pp. 7-45; T.V. Paul, "Soft Balancing in the Age of U.S. Primacy," International Security, vol. 30, no. 1 (Summer 2005), pp. 46–71.

مقتضيات السياسة الدولية ومجرياتها وتعقيداتها، ومتنحهم املداخل

التي تقدم أكرث اإلجابات مبارشة وأقلها تعقيدا لكيفية عمل النظام

الثاين النصف مدار عىل حارضة الواقعية جعل ما وهذا الدويل.

من القرن العرشين يف كل النقاشات التي دارت يف مجال العالقات

الدولية(5)، وأدى إىل كونها إحدى أهم النظريات الدامئة، واملسيطرة،

واملثرية أيضا للجدل يف مجال دراسة السياسة الدولية(6).

الثانية، من العاملية الحرب بعد تدريجيا الواقعية النظرية تطورت

خالل سلسلة أعامل لعدد من املنظرين، ابتداء من هانز مورغنثاو،

وحتى وقتنا الحايل. وخالل هذه الفرتة املديدة، عمل عدد كبري من

النظرية وتطويرها، وتوسيع رؤاها املختصني عىل شحذ أسس هذه

هذه منظري أهم أحد والت، ستيفن دعا ما وهذا وتفسرياتها.

املدرسة، إىل اعتبار أن الواقعية ال تشكل نظرية واحدة فقط(7)، وجعل

أيضا إيلامن كولني وقاد عام"(8)، "توجه بأنها يصفها دونليل جاك

الكبرية" بـ "الخيمة الواقعية للنظرية الرأي بوصفه إىل مشاركتهام

التي تظل تحتها عددا من النظريات املختلفة(9)، كام اعتبها روبرت

جلبني "توجها فلسفيا" ومجموعة من االفرتاضات عن العامل، عوضا

عن النظر إليها عىل أنها نظرية "علمية" باملعنى الدقيق للكلمة(10).

تقوم النظرية الواقعية عىل مجموعة من األسس املرتابطة واملحبوكة

جيدا، وتنبثق من رؤية محددة لإلنسان وللعامل الذي يعيش فيه. هذه

الرؤية هي باألساس تشاؤمية، تنطلق من النظرة الهوبزية للطبيعة

تجاه عدوانية نزعة وذو واستحواذي، أناين اإلنسان بأن البرشية،

اآلخرين. ومن ثم، فإن الرصاع، وليس التعاون، هو ما يحكم العالقات

عندما والدول املجتمعات بني وبالنتيجة واملجموعات، األفراد بني

يتعلق األمر باالستحواذ عىل املصادر املحدودة. ويعتقد الواقعيون أن

أفضل طريقة للحفاظ عىل حالة السلم واالستقرار يف النظام الدويل،

العارمة، الدامئة والفوىض العالقات الرصاعية الذي يعيش يف خضم

هي يف إيجاد توازن بني األطراف يردع تعدي بعضها عىل بعض. لذلك

يعتب مبدأ توازن القوة، والحفاظ عليه، املنطلق والهدف األساسيني

5 Colin Elman, "Realism," in: Martin Griffiths (ed.), International Relations Theory for the Twenty-First Century: An introduction (London; New York: Routledge, 2007), p. 11.

6 Michael C. Williams, The Realist Tradition and the Limits of International Relations (Cambridge: Cambridge University Press, 2005), p. 1.

7 Stephen M. Walt, "International Relations: One World, Many Theories," no. 110, Special Edition: Frontiers of Knowledge (spring 1998), pp. 29-32, 34 - 46.

8 Jack Donnelly, Realism and International Relations, Series Themes in International Relations (Cambridge: Cambridge University Press, 2004), p. 6.

9 Ibid.

10 Robert Gilpin, "The Richness of the Tradition of Political Realism," International Organization, vol. 38, no. 2 (Spring 1984), pp. 289 - 290.

31دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

النظرية. ومن دون لهذه املرتكز األسايس ليشكال اللذين يجتمعان

هذا املبدأ، تفقد النظرية الواقعية مرتكزها وبوصلتها(11).

بنيانها الواقعية تبني املرتكز، هذا أساس وعىل املنطلق، هذا من

النظري عىل ما يحدده ميلر ولني - جونز بستة مبادئ مرتابطة وهي:

والفواعل الدويل للنظام الرئيسة الركائز الدول هي أن اعتبار

األساسية يف السياسة الدولية.

أن الفوىض هي السمة الطاغية عىل الحياة والسياسة الدولية.

أن الدول تسعى دامئا لتعظيم قوتها وضامن أمنها.

أن الدول يف سعيها لتأمني مصالحها وتحقيق أهدافها، تترصف

دامئا وفقا لحسابات عقالنية.

القوة واستخدام ــذات ال عىل االعتامد إىل متيل ــدول ال أن

العسكرية لتثبيت مكانتها وتحقيق غاياتها.

أن توزيع القوة بني الدول هو املحدد األسايس ألمناط السياسة

الخارجية لهذه الدول، والسياسة الدولية يف النظام الدويل(12).

للواقعيني، وهو األسايس االفرتاض الستة واقع املبادئ تعكس هذه

أن الرصاع يشكل السمة األساسية الحاكمة داخل النظام الدويل؛ ما

أن بد ال الذي والتنافس التناحر بسبب االستقرار عدم إىل يؤدي

الواقعيون يؤمن منهم. األساسيني وخصوصا "الالعبني"، بني يحصل

النظام عمل يف الرئيس "الالعب" و األساس حجر الدولة هي بأن

11 عيل الجرباوي، "الرؤى اإلسرتاتيجية لثاليث القطبية الدولية: تحليل مضمون مقارن"، سياسات عربية، العدد 31 (آذار/ مارس 2018)، ص 9.

12 Sean M. Lynn-Jones & Steven E. Miller, "Preface," in: Michael E. Brown, Sean M. Lynn-Jones & Steven E. Miller (eds.), Perils of Anarchy: Contemporary Realism and international security (Cambridge: MIT Press, 1995), p. ix.

التعامل النظام يقوم عىل أساس ثم، فإن هذا الدويل وبنيته. ومن

بني الدول. أما الفواعل األخرى من غري الدول، فتأثريها بالنسبة إىل

الواقعيني ثانوي يف أفضل األحوال. وتدفع مركزية الدولة يف النظرية

الواقعية إىل الواجهة قوة عنرص سيادتها الذي يرتكز عليه استقاللها،

الداخلية املطلقة، والحرية السيطرة الذي يعني امتالكها حق وهو

الخارجية الكاملة. فالدولة السيادية هي وحدها مالكة الحق والقرار

التي والخارجية، وهي الداخلية قضاياها مع التعامل كيفية بشأن

الدخول يف من خالل كان إن "اآلخرين"، بـ عالقاتها طبيعة تحدد

أحالف، أو تعظيم القوة الذاتية، أو تقييد ترصفات الذات(13).

واقع عليها يفرضه نفسها، وما إال الدولة باختصار، ال سلطان عىل

البنية الدولية التي تتشكل من دول مثلها؛ ولكن مع تفاوت عنرص

تعاونيا، توافقيا - وليس تنافيس، رصاعي - واقع ويف بينها. القوة

وبغياب سيطرة قوة مركزية ذات سلطة أعىل من سلطة الدولة، أي

عدم وجود "حكومة عاملية" متتلك الحق والقدرة عىل فرض سيطرتها

عىل أفعال الدول، وتستطيع كبح جامحها وتنظيم عالقاتها فيام بينها،

مبا يحقق استقرار النظام الدويل، ويجلب "السالم الدائم" للعامل، فإن

العامل يتحول إىل "غابة" تحكمها الفوىض. ويف عامل الفوىض يسود بني

ومن منها. كل نيات يف والشك الريبة عىل يقوم عام مناخ الدول

دون وجود الضوابط الفاعلة وامللزمة لفرض االنضباط عىل ترصفات

الدول، تسود حالة خوف الكل من الكل(14). هذه الصورة السوداوية

لعالقات الدول فيام بينها، وفقا لرؤية الواقعيني، هي التي تقود جون

مريشامير، وهو منظر الواقعية الهجومية الجديدة، يف اتجاه اعتبار أن

النظام الدويل "مجال وحيش تبحث فيه الدول عن فرص لالستفادة

بعضها من بعض، ما يؤدي إىل غياب ما يبر الثقة فيام بينها"(15).

جراء من العارمة العامل لفوىض السوداوية الصورة هذه خضم يف

الرصاع الدائم، والتي تحف الدول باملخاطر من جرائها، ال مناص أمام

كل دولة من السعي للحفاظ عىل ذاتها، فتصبح حامية نفسها أوىل

أولوياتها. وقد عب عن ذلك والتز، حني أكد أنه "بعد دافع البقاء، قد

تكون أهداف الدول متنوعة بأشكال ال نهاية لها"(16). وقد أعاد هرني

التي تقع عىل التأكيد حني اعتب أن املسؤولية األوىل كيسنجر هذا

عاتق الدولة تتمثل يف الحفاظ عىل بقائها، وشدد عىل أن هذا الهدف

13 Moisés Silva Fernandes, "An Assessment of the Major Assumptions of Realism," Repositório Comum, pp. 41-55, accessed on 16/5/2019, at: http://bit.ly/2HrYti6

14 Gilpin, p. 290.

15 John J. Mearsheimer, "The False Promise of International Institutions," International Security, vol. 19, no. 3 (Winter 1994/1995), p. 10.

16 تيمويث دن، "الواقعية"، يف: جون بيليس وستيف سميث (محرران)، عوملة السياسة العاملية (ديب: مركز الخليج لألبحاث، 2004)، ص 243.

32 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

غري خاضع للمساومة. من هذا املنطلق، تشدد النظرية الواقعية عىل

أولوية بصفته أمنها عىل الحفاظ بأهمية الدولة استشعار رضورة

تسبق غريها من األولويات(17).

إذا كان الحفاظ عىل الوجود وضامن األمن هو الدافع املحفز لنشاط

أساسيا افرتاضا الواقعية النظرية يف أنتج ما هو ذلك فإن الدولة،

الربح حسابات ترصفاتها يحكم عقالين، كائن الدولة أن مفاده

وتقليص املكاسب، لتعظيم الدائم السعي ويقودها والخسارة،

الخسائر إىل أدىن درجة ممكنة(18). هذه الحسابات املدركة واملرشدة

تحظى دامئا بأسبقية وأهمية عىل االعتبارات املبدئية واألخالقية. فام

يحرك الدولة عند الواقعيني هو تحقيق مصالحها وأهدافها، كيفام تأت

ذلك، حتى وإن كان عىل حساب القيم واملعتقدات(19). يف هذا الشأن،

والدولة "الوسيلة". تبر عندهم "الغاية" و ميكافيليون، الواقعيون

يك تحقق غاياتها، عليها واجب االعتامد املطلق عىل الذات. ولذلك

فإن تعظيم قوتها واجب أسايس يقع عليها، إذ عليها أال تعتمد إال

عىل نفسها يف حامية وجودها ومالحقة مصالحها(20). وعند الحديث

أنها يف عالقاتها الواقعيني يعتبون السياق، فإن الدولة يف هذا عن

الخالفات عن النظر بغض موحدة، واحدة تشكل وحدة باآلخرين

تتوحد خارجي، بشأن األمر يتعلق فعندما مكوناتها. بني الداخلية

مكونات الدولة خلفها، تسند مواقفها وتدعمها(21).

فالقوة هي أسايس، قوتها، مبدأ واقعي بتعظيم الدولة انشغال إن

العملة الوحيدة الرائجة عند الواقعيني. فهم يرون أن الدول تتنافس

باستمرار فيام بينها لتجميع مختلف عنارص القوة، لتحولها جميعا يف

نهاية املطاف إىل قدرة عسكرية؛ ثم "قوة صلبة" يجري دامئا إعدادها

وتطويرها، ليس فقط ملواجهة تحدي املنافسني عندما يلزم ذلك، وإمنا

ليس أيضا، الواقعيني عند باألساس. عليهم الالزم االنتصار لتحقيق

مفيدا للدولة االعتامد عىل غريها من الدول، أو التعاون مع الغري، إال

مبا يحقق لها الفائدة املطلقة، وليس الفائدة النسبية؛ مبعنى القبول

بإفادة الغري ما دامت هي مستفيدة. فالنظرية الواقعية ال تؤمن بأن

تحقيق الفائدة للدولة يسمح لها بأن تدع غريها من الدول يستفيد،

بل إن العالقة يف هذا املجال بني الدولة والدول األخرى قامئة عىل

لجهة ربح فأي الصفرية، القاعدة عىل تبنى أن ويجب املنافسة،

أخرى، حتى وإن كان ضئيال مقارنة بحجم املكاسب املتحققة للدولة

يعتب خسارة لها، ومصدر خطر عليها.

17 املرجع نفسه، ص 244.

18 Fernandes, p. 44.

19 Gilpin, p. 290.

20 Kenneth Waltz, Theory of International Politics (Massachusetts; California; Amsterdam: Addison-Wesley, 1979), p. 118.

21 Fernandes, p. 44.

وقد لخص ألكسندر وندت كل ما سبق بصورة مكثفة ودقيقة: إن

وحدات من يتكون فوضويا مجاال بطبيعته يعتب الدويل املجال

متتلك التي الرئيسة الفواعل الدول هي وأن دوال، تسمى مستقلة

بعضها أمن عىل خطــرا بعضها تجعل هجومية عسكرية قدرات

نيات بعضها الدائم يف الشك الدول تعاين معضلة اآلخر، وأن هذه

يف الرغبة هو الدول هذه لسلوك املحرك الحافز وأن بعض، تجاه

البقاء واملحافظة عىل سيادتها، وأن هذه الدول عقالنية يف ترصفاتها

وسلوكها وتفكر بطريقة إسرتاتيجية حول بقائها وأمنها(22).

تنشغل التي الرصاعية - التنافسية البيئة هذه مثل يف ميكن كيف

ببعض، بعضها الدول فيها وترتبص قوتها، بتعظيم دولة كل فيها

أن تضبط الفوىض ومينع االنفالت، ويحد من املواجهات والحروب،

وينعم النظام الدويل باالستقرار؟ سؤال مركزي مهم، واجهه الواقعيون

باللجوء إىل معادلة إحداث التوازن يف القوة بني الفرقاء؛ ألن ذلك هو

الوسيلة الكفيلة والضامنة الفعالة الوحيدة لردع توجهاتهم العدوانية

عدوانية يحرك الذي هو القوة يف فالتفاوت بعض. تجاه بعضهم

دولة عىل أخرى. يف املقابل، توازن القوة بني دولتني هو الذي يضبط

الدول باختصار، بعضا. عدوانيتهام ويردعهام عن مهاجمة بعضهام

متوازنة القوة ال يحارب بعضها بعضا.

توازن القوة إذا أصبح ميثل للواقعيني الغالف الواقي الذي مينع النظام

الدويل من االنهيار، ويحافظ عىل ثباته واستقراره. بصيغة أخرى، ال

ميكن للنظام الدويل، بالنسبة إىل الواقعيني، أن يستمر كام هو، وال

ميكن فهم مجريات السياسة الدولية، إال من خالل وجود توازن قوى،

إن كان عىل نحو تعددي كام طرح مورغنثاو، أو بصورة ثنائية القطبية

الدولية كام أشار والتز ومريشامير(23). أما هيمنة قوة واحدة وتفردها،

دولة عظمى وحيدة، بالنظام الدويل، فقد كان ينظر إليها الواقعيون،

هذا لخراب الجالبة الوصفة أنها عىل ثيوسيديوس، أيام منذ حتى

النظام. فالنظرية الواقعية ال تؤمن بإمكانية "تقعيد" النظام الدويل

أكرث) أو (اثنتني عدة "أرجل" إىل لحاجته بل واحدة، "رجل" عىل

الواقعي عىل أن وقوع أي الرأي ليتحقق له االرتكاز. لذلك، استقر

الدويل، من جراء وقوع حرب عىل النظام القوى يف بتوازن اختالل

سبيل املثال، يؤدي إىل إطاحة قوى رئيسة وازنة، ال بد من أن يتبعه

بصورة تلقائية ورسيعة إعادة تشكيل للتوازن من جديد. فمن دون

التوازن ينهار هذا النظام. وهذا هو أساس النظرية الواقعية.

الله جب صالح الدولية، ترجمة عبد النظرية االجتامعية للسياسة 22 ألكسندر وندت، العتيبي (الرياض: جامعة امللك سعود للنرش العلمي واملطابع، 2006)، ص هـ-و.

يف القوى توازن ليتل، ريتشارد انظر: املوضوع، هذا نقاش عىل االطالع من 23 ملزيد العالقات الدولية: االستعارات واألساطري والنامذج، ترجمة هاين تابري (بريوت: دار الكتاب

العريب؛ ديب: مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، 2009).

33دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

ثانيا: مفاجأة انهيار ثنائية القطبية الدولية

كان تشارلز كراوثامر، الباحث والصحايف األمرييك، أول من أعلن عن

تغري بنية النظام الدويل، حني صاغ يف مطلع تسعينيات القرن املايض،

بعد انهيار االتحاد السوفيايت وتفكك الكتلة الرشقية، مصطلح "لحظة

توازن معادلة طريف أحد غياب مثل منذئذ، القطبية"(24). أحادية

الدويل، النظام قوة عظمى وحيدة عىل هرم وتربع الدويل، القوى

معضلة كبى للنظرية الواقعية؛ ليس فقط لكونها مل تكن قادرة قبل

وقوع األمر عىل التنبؤ به، وإمنا ألنها باألساس مل تكن تؤمن بإمكانية

القطبية"، أحادية "لحظة فمنذ ثانيا. واستمراريته، أوال، وقوعه،

أدى غياب التوازن عن بنية النظام الدويل إىل ارتفاع حدة األصوات

املناوئة للواقعية - وهي كانت موجودة منذ البداية - واشتداد وترية

حملة النقد املوجهة ضدها. وبدأت التساؤالت تتوارد وتتعاىل: أتكون

الواقعية نظرية قامئة عىل أسس علمية متنحها قدرة تفسريية، أم أنها

االفرتاضية؟ التكهنات من مجموعة إىل تستند رؤيوية نظر وجهة

النظر وجهة من يستمر أن القطبية أحادي نظام إمكان يف وهل

الواقعية؟ وكيف ميكن هذه النظرية أن تتعامل مع مثل هذا الوضع

ستبقى وهل توازنه؟ الدويل النظام يعيد أن دون من استمر إن

أحادية لواقع جديدة رؤية وتقديم التحول عىل قادرة النظرية

يف تذكر أهمية الواقعية للنظرية زال ما هل وباملجمل، القطبية؟

حقبة ما بعد توازن القوى الدولية؟

أسئلة صعبة واجهها الواقعيون، ولكنها محقة. فقد واجهت النظرية

واستمرارية القوى توازن منظومة بانهيار عصيبا امتحانا الواقعية

اإلجابات، تقديم فقط ليس مختصيها عىل وكان القطبية. أحادية

وإمنا القيام أيضا مبا يلزم من مواءمات الستيعاب املتغريات الجديدة.

نقاشات وأنعشت جداالت وأشعلت صادمة، املفاجأة كانت لقد

داخلية بني الواقعيني، وأتت بطيف من الردود املتنوعة التي أضافت

إىل النظرية أبعادا جديدة، ومنحتها جرعة متجددة من الحيوية.

1. رد الفعل التقليديالصلبة الواقعيني نواة داخل من فعل رد يأيت أن املتوقع من كان

عىل حملة االنتقادات وجملة التساؤالت التي تعرضت لها النظرية

التأصيل عن إيجابيا يحامي دفاعيا، الرد هذا يكون وأن الواقعية،

يتعلق ما وخصوصا ورؤيتها، بنيتها وعن النظرية، لهذه التقليدي

24 ملزيد من االطالع عىل هذا املوضوع، انظر:Charles Krauthammer, "The Unipolar Moment," Foreign Affairs, vol. 70, no. 1, America and the World (1990/91), pp. 23 - 33.

مبرتكزها املحوري القائم عىل أساسية توازن القوة. وكان من املتوقع

أحد كونه املدافعني؛ هؤالء رأس عىل والتز كينيث يكون أن أيضا

الدفاعي لتوجهها الرئيس واملنظر الواقعية، النظرية أعمدة أهم

الجديد تحديدا.

منذ البداية أرىس والتز رؤيته بشأن السياسة والعالقات الدولية عىل

رضورة توازن القوة بني الدول ومحوريته، وهي الوحدات األساسية

التي يتشكل منها، وبسببها، النظام الدويل الفوضوي. هذه الوحدات،

وبغض النظر عن تفاوت القوة فيام بينها، تتشابه يف كيفية ترصفها

فيام بينها، يقودها دامئا قلقها املستمر عىل وجودها، وسعيها الدائم

يف وهو والتز، آمن التشابه، هذا من بالرغم ولكن، أمنها. لتعزيز

ذلك عىل رأي مورغنثاو نفسه، بأن الدول الكبى هي التي تتحكم

بينها أساس القوة فيام توازن أن الدويل؛ ما يعني النظام يف سياق

اعتقد، بخالف النظام واستقراره، والذي الحفاظ عىل استمرار هذا

األفضل البيئة هي تعدديتها وليس القطبية ثنائية أن مورغنثاو،

لتحقيق ذلك.

حالة استقرار من والتز، إىل بالنسبة الدويل، النظام استقرار يأيت

األساسية الوحدات فإن التوازن، يختل عندما لذلك فيه. التوازن

مواقف من يلزم ما تتخذ تحديدا، الكبى الدول وهي النظام، يف

وإجراءات إلعادة تشكيل حالة التوازن من جديد. عىل هذا األساس،

النظام الدويل ال ميكن أن يكون ثابتا وجامدا، بل هو يف حالة فإن

حراك دائم ألن "توازنات القوة تتشكل فيه بشكل مستمر"(25). أما

من وقلقها خوفها فهو الحراك هذا يف لالستمرار الدول يدفع ما

بصورة وتترصف لغريها، املراقبة دامئة يجعلها ما وأفعالها، نياتها

دفاعية. فهي يف العادة ال تسعى لتعظيم قوتها، وإمنا تستهدف منع

الدول األخرى من تحقيق ذلك. فإذا استشعرت دولة أن أخرى تقوم

25 Waltz, Theory of International Politics, p. 128.

34 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

بتعظيم قوتها لتهيمن عىل النظام الدويل، فإن رد الفعل املتوقع منها

هو إما السعي الجاد لتعظيم قوتها الذاتية (التوازن الداخيل)، وإما

االصطفاف مع دول أخرى (التوازن الخارجي)، ملوازنة ذلك. ومن ثم،

لكبح وإمنا الدولة، قوة لزيادة يتم ال التحالفات يف االنخراط فإن

جامح زيادة قوة دولة أخرى. هذا هو أساس توازن القوى عند والتز:

منع اآلخرين من زيادة قوتهم إىل درجة تهدد االستقرار الدويل.

بعد انهيار ثنائية القطبية، واختفاء االتحاد السوفيايت والكتلة الرشقية

عن الخريطة السياسية للنظام الدويل، واختالل معادلة توازن القوى

جاء املتحدة، الواليات هي متبقية، وحيدة عظمى قوة ملصلحة

موقف والتز متوقعا: سيعيد النظام الدويل توازنه من جديد، ولو بعد

إليه محسوما بصفته بالنسبة التوازن كان حني. فأمر مسألة إعادة

حتمية تاريخية، تدلل عليها أمثلة ما حدث آلل هابسبورغ ونابليون

تكره الدولية السياسة فإن لذلك الفراغ، "تكره فالطبيعة وهتلر.

بعض تحاول املتوازنة، غري القوة مواجهة ويف املتوازنة. غري القوة

الدول زيادة قوتها الخاصة، أو تتحالف مع اآلخرين لجعل التوزيع

التوازن عودة توقيت إىل بالنسبة أما متوازنا"(26). للقوة الدويل

ليتنبأ نفسها اليقني بدرجة والتز يكن فلم الدويل، للنظام مجددا

مبوعد محدد لتحقق ذلك، بل ترك األمر مفتوحا ومعتمدا عىل كيفية

ترصف الواليات املتحدة، من جهة، والدول األخرى املقابلة لها، من

جهة أخرى(27).

لالسرتشاد بإشارات عىل طريق عودة توازن القوى للنظام الدويل، نوه

والتز إىل رضورة مراقبة الكيفية التي ستترصف بها الواليات املتحدة

بعد أن أضحت الدولة العظمى املهيمنة عىل النظام الدويل. فالتحيل

بدرجة عالية من االعتدال وضبط النفس يف تعامالتها الدولية، ميكن

أن يطيل من أمد تربعها عىل قمة الهرمية الدولية. أما إذا اتسمت

خارج املفرط التمدد يف وبدأت والتوسعية، بالعدائية ترصفاتها

أسباب حول كيندي بول طروحات مع وبالتوافق فإنها، حدودها،

برسعة، مواردها وتبدد طاقتها ستستهلك العظمى، القوى سقوط

واليابان، والصني كأملانيا األخرى، الدول فعل رد صد يف وستفشل

التي توقع لها أن تصبح دوال كبى، وتأتلف يف السعي لتقليص قوة

الواليات املتحدة، وإعادة التوازن للنظام الدويل من جديد(28).

الفوضوي - الدويل النظام بنية بأن األسايس والتز باعتامده مبدأ

داخله، القوى توازن رضورة استقراره، لتحقيق تحتم، الرصاعي

هذا عىل واحــدة عظمى دولة هيمنة الين كريستوفر اعتب

26 Waltz, "Structural Realism after the Cold War," p. 28.

27 Ibid.

28 Ibid., pp. 27 - 28.

أن ميكن ال عابرة ظاهرة الدولية، القطبية أحادية أي النظام،

تستمر. ومن هذا املنطلق شن هجوما قاسيا عىل أصحاب نظرية

استقرار الهيمنة، لكونهم يعززون اآلمال الزائفة بإمكانية استمرار

ناحية، من الــدويل، النظام وتصدرها املتحدة الواليات تفرد

واستقرار هذا النظام عىل هذه الوضعية طوال القرن الحايل، من

ناحية أخرى(29).

،1993 عام نرشها ملقالة عنوان وهو القطبية"، أحادية "وهم يف

قدم الين أطروحته الدفاعية عن النظرية الواقعية، معتبا أن أحادية

فاصلة" جيوسياسية "فرتة عن تعب "لحظة" سوى ليست القطبية

.2010 - 2000 الفرتة يف القطبية للتعددية وتستسلم تعود سوف

األول، لسببني: فنائها بذور تحتوي حالة الدولية القطبية فأحادية

أن هيمنة قوة واحدة عىل النظام الدويل تقلق الدول األخرى عىل

لهذه املحفزة البيئة يخلق ما النظام، داخل النسبية قوتها مكانة

الدول يك تسعى ملوازنة هذه الهيمنة، ويؤدي باملحصلة لبزوغ دول

عظمى جديدة. والثاين، أن دخول دول عظمى جديدة للنظام الدويل،

ومنافستها للدولة املهيمنة عليه، ال بد من أن يؤدي إىل تأكل القوة

النسبية لهذه الدولة، من خالل إعادة توزيع القوة بني الدول داخل

النظام، ومن ثم إىل إنهاء تفوق الدولة املهيمنة عليه. فالدول املؤهلة

والقادرة عىل املنافسة ال بد من أن تتحدى فردانية القوة العظمى يف

نظام أحادية القطبية؛ ألن استكانتها وعدم قيامها بذلك سيعرضانها

فإن عملية لذلك املهيمنة. الدولة الخضوع رهينة الستغالل لوطأة

كبح انحراف منحنى القوة الذي مييل يف اتجاه الدولة املهيمنة ال بد

من أن يتم، ويؤدي إىل حتمية عودة التوازن للنظام الدويل، عىل هيئة

تعددية قطبية جديدة(30).

أحادية "لحظية" عىل تدلل تاريخية أمثلة استحضار خالل من

الحفاظ عىل الواليات املتحدة عىل القطبية، يستنتج الين أن قدرة

تفردها وهيمنتها عىل النظام الدويل ستكون محدودة وستفشل يف

اليابان يف تكون أن وتوقع ستنافسها، مؤهلة فدول املطاف. نهاية

معها، التوازن تحقق عظمى دوال تصبح ألن وستسعى مقدمتها،

وتنهي هيمنتها التي لن يتجاوز بقاؤها، وفقا لتوقعاته حينئذ، عام

حول جديدة مقالة يف الين عاد ،2006 عام يف ولكن .(31) 2010

ملا القطبية األحادية النتهاء املرتقب املوعد ومدد نفسه املوضوع

أطروحته مؤكدا ،2030 عام ال يتجاوز مبا ولكن ،2010 عام بعد

29 ملزيد من االطالع عىل هذا املوضوع، انظر:Christopher Layne, "The Unipolar illusion: Why New Great Powers Will Rise," International Security, vol. 17, no. 4 (Spring 1993), pp. 5 - 51.

30 Ibid., pp. 7 - 8.

31 Ibid., pp. 7, 51.

35دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

السابقة برشح مفصل حول نواحي تأكل القوة النسبية لهيمنتها عىل

النظام الدويل(32).

ويف مقالة جديدة نرشها عام 2018، عاود الين هجومه عىل دعاة

الواليات بقاء بدميومة يبرشون فتئوا ما الذين الهيمنة استقرار

أو ــدويل، ال النظام هرم رأس عىل وحيدة عظمى قوة املتحدة

باستمرارية سيطرة "العهد األمرييك" Pax Americana عىل مقدرات

النظام الدويل خالل القرن الحادي والعرشين، حتى يف حالة تراجع

املتحدة. ومن خالل استعراض واقع تراجع للواليات النسبية القوة

واملؤسساتية، واالقتصادية العسكرية املجاالت يف املتحدة الواليات

ويف حيوية قوتها الناعمة وجاذبيتها، بني الين هشاشة موقف منظري

استقرار الهيمنة، وعب عن قناعته بأن الصني ستكون املنافس الذي

لن يقبل باستمرار "العهد األمرييك" عىل حاله، وإمنا ستقوم باستخدام

أسسه، والنفاذ من داخله، لتحقيق أمر تقويضه، وإيجاد نظام دويل

جديد تكون العبا رئيسا فيه(33).

انطالقا من ذلك، يرى الين أن الحفاظ عىل الهيمنة األمريكية سياسة

مل تعد تستحق العناء، بل قد يكون لها نتائج عكسية ترسع نهاية

وترية من وتزيد لها، األخرى الدول منافسة ستحفز ألنها الهيمنة،

رسعة قوة هذه املنافسة وعنفوانها. فالتغيري قادم ال محالة، بطريقة

بني الرصاع آسيا مرسح منطقة رشق وستكون بالحرب، أو سلمية

الصني والواليات املتحدة. ويف مثل هذا الواقع التنازعي عىل القيادة

الدولية يف العقود املقبلة، يعتقد الين أن عىل الواليات املتحدة، يك

تحافظ لنفسها عىل موقع متقدم يف النظام الدويل الجديد الناشئ،

لفكرة وعدائية معاندة وتقف التفرد، عىل اإلرصار يف تستمر أال

التشارك، بل أن تقوم هي، ومن خالل اتباع منهجية ضبط النفس،

النظام وتحويل األخرى، القوى إرشاك اتجاه يف والدفع باإلرشاف،

الدويل إىل التعددية القطبية. فعوضا عن أن يجرفها التغيري نحو ذلك،

من األفضل لها أن تسيطر عليه وتقوده هي إىل ذلك(34).

2. التحدي من الداخلعىل العكس من الين، ويف مواجهة منظري التيار املركزي التقليدي

نرش وليم وولفورث يف عام 1999 مقالة، كانت مهمة ومثرية يف آن

32 Christopher Layne, "The Unipolar Illusion Revisited: The Coming End of the United States Unipolar Moment," International Security, vol. 31, no. 2 (Fall 2006), p. 39.

33 ملزيد من االطالع عىل هذا املوضوع، انظر:Christopher Layne, "The US–Chinese power shift and the end of the Pax Americana," International Affairs, vol. 94, no. 1 (2018), pp. 89 - 111.

34 Layne, "The Unipolar Illusion Revisited," p. 41; Layne, "The US–Chinese power shift," p. 111.

واحد. تكمن أهمية هذه املقالة يف أنها مثلت املعلم األبرز لتحدي

كان الذين أتباعها صفوف بني من داخلها؛ من الواقعية النظرية

وولفورث أحدهم. فحتى ذلك الحني، كانت النظرية الواقعية، بعامة،

تواجه منتقديها الخارجيني، من الليباليني والبنائيني وغريهم، مبتانة

خطوط دفاعها الذي كان يعب عنها وحدة أتباعها ومتاسكهم الذين

كانوا يدافعون بقوة عن مرتكزاتها وافرتاضاتها األساسية. ولكن، بهذه

املقالة من وولفورث بدأت هذه الخطوط الدفاعية يف التشقق، ليس

بفعل الهجامت الخارجية، وإمنا بسبب االنشقاق الداخيل.

املقالة مثرية؛ ألن وولفورث تحدى فيها االفرتاضات األساسية كانت

توازن بحتمية املتمثل األسايس الواقعية، وخاصة مرتكزها للنظرية

القوة بني املكونات الرئيسة للنظام الدويل، أي الدول الكبى، للحفاظ

عىل استقراره، ومن ثم استمراره. ففي هذه املقالة يعارض وولفورث

التنبؤ الواقعي التقليدي بعدم إمكانية استقرار نظام أحادي القطبية

يعيد بأن كفيل الدويل النظام بأن االفرتاض مع ويختلف الدولية،

بنفسه التوازن الداخيل لذاته، من خالل العودة إىل التعددية القطبية

وهو مقالته، وولفورث يف يقوض باختصار، املتعددة). أو (الثنائية

واقعي التوجه، املستند األسايس لنظريته، ولكن مع استمرار االدعاء

بأنه ال يقوم بذلك، كون الواقعية، بالنسبة إليه، نظرية "حاملة أوجه"

اآلن استمر حتى عميقا داخليا نقاشا رأيه هذا أثار وقد متعددة.

بني أقطاب النظرية الواقعية، وأعطى مناوئيها مدخال مالمئا ملحاولة

النيل منها.

ارتكز رأي وولفورث حول "استقرار عامل القطب الواحد" عىل فكرة

مقدرات فيها تتعاظم بنية القطبية األحادية "أن مفادها أساسية

إحدى الدول بحيث تعجز أي قوة أخرى عىل موازنتها"(35). ينبع هذا

العجز من التكلفة الباهظة التي عىل القوة، أو القوى، التي ستحاول

موازنة الدولة املهيمنة، أن تتحملها للقيام بفعل التوازن، وهي تكلفة

القوة "فجوة إن تحملها. عىل املحتملني املنافسني قدرة من أكب

عىل الواحد، القطب املهيمنة، الدولة بها تتمتع التي الشاملة"(36)

جميع من سواها من القوى املنافسة، تؤدي بهؤالء إىل التحسب من

حفاظ باب من وذلك املهيمنة، مكانتها تحدي وتجنب مواجهتها

هذه القوى عىل مصالحها الذاتية، والتي تقوم باألساس عىل حسابات

القوة ميزان يف الكبري االختالل فاملواجهة يف ظل والخسارة. الربح

تجعل مواجهة الدولة املهيمنة أمرا خارسا، لذلك لن تقوم بها الدول

األخرى. بل هي ستسعى، من باب الحفاظ عىل مصالحها، إىل مهادنة،

ومسايرة، والسري يف ركاب الدولة املهيمنة، يك ال تستثري عداءها، بل

(أبوظبي: عاملية 36 دراسات الواحد، سلسلة القطب عامل استقرار 35 وليم وولفورث، مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االسرتاتيجية، 2001)، ص 11.

36 املرجع نفسه، ص 33.

36 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

تستأثر برضاها(37). مبعنى آخر، إن فرق القوة الهائل ملصلحة الدولة

وعدم بهيمنتها، القبول إىل األخرى بالدول يؤدي ما هو املهيمنة

يف لدولة الواضح "التفوق فــ ملوازنتها. محاولة خارسة يف الدخول

الصدارة تتوافر لها عنارص القوة الشاملة من شأنه أن يستأصل أي

تنافس يرمي إىل إحراز التفوق"(38).

بانحسار خيارات الدول األخرى للمنافسة أمام سطوة الدولة املهيمنة،

سطوتها، فجوة اتساع عىل الحفاظ الدولة هذه استطاعت وطاملا

يستنتج وولفورث أن أحادية القطبية ال تشكل "لحظة فانية"(39) يف

سريورة النظام الدويل. بل يؤكد أن من الخطأ "أن نتوقع العودة إىل

سياسات توازن القوى عىل طريقة األقطاب املتعددة، وذلك لسبب

العامل يشهده أحادية قطبية نظام أول يف نعيش "أننا هو بسيط

الحديث"، وهو نظام "شديد الرسوخ، وله مقومات الدميومة لعقود

كثرية"(40). لقد برش وولفورث يف عام 1999 بأن النظام أحادي القطبية

الذي تقبع عىل رأسه الواليات املتحدة سيستمر فرتة ممتدة، أطول

بكثري مام تنبأ به دعاة التعددية القطبية الناجمة حكام عن حتمية

توازن القوة لضامن استقرار النظام الدويل. فأمريكا، وفقا له، "هي أول

قائدة يف التاريخ الدويل الحديث يتحقق لها تفوق حاسم يف كل ركائز

القوة، أي االقتصادية والعسكرية والتقنية والجيوسياسية"(41). كام أن

وثوقا، "األكرث هم حلفاء أربعة متنحها التي الجغرافيا ميزة لديها

كندا واملكسيك واملحيط األطليس واملحيط الهادي"(42). ويف ضوء هذه

امليزة، واستمرار القدرة عىل الحفاظ عىل اتساع فجوة القوة، يتوقع

وولفورث بقاء الهيمنة األمريكية عىل النظام الدويل فرتة طويلة مقبلة.

فأحادية القطبية الدولية جاءت، بالنسبة إليه، لتبقى وتعمر.

والتي رأيه، بسبب لها تعرض التي املستمرة االنتقادات مواجهة يف

يف وولفورث استمر التقليديني، الواقعية منظري من عليه تدفقت

من الواقعية النظرية عىل الوافدة "الجديدة" نظره لوجهة التنظري

رحمها. ويف هذا السياق، نرش يف عام 2007 مقالة مشرتكة مع مثانية

باحثني آخرين، تم فيها استعراض مثاين حاالت قدمية يف تاريخ النظام

الدويل. وكانت نتيجة دراسة هذه الحاالت إثبات عدم حصول عمليات

توازن يف نظم دولية سابقة كانت متعددة الدول، بل استقرار هذه

وكان الحاالت(43). تلك من حالة كل مهيمنة يف دولة بوجود النظم

37 املرجع نفسه، ص 29.

38 املرجع نفسه، ص 30.

39 املرجع نفسه، ص 9.

40 املرجع نفسه، ص 44.

41 املرجع نفسه، ص 9.

42 املرجع نفسه، ص 33.

43 William Wohlforth et al., "Testing Balance-of-Power Theory in World History," European Journal of International Relations, vol. 13, no. 2 (June 2007), p. 160.

االستخالص أن نظام أحادي القطبية هو "نسق تاريخي موجود"(44)،

وليس "أمرا طارئا من ناحية تاريخية، أو مدهشا من ناحية نظرية"(45).

ستيفن مع نرشه مشرتك كتاب يف وولفورث، عاد 2008 عام يف

بروكس، عنوانه "عامل خارج التوازن"، ليؤكد مجددا افرتاضه األسايس

بإمكانية استقرار نظام أحادي القطبية واستمراره(46). يف هذا الكتاب،

يتم تقديم مقاربة جديدة ومهمة بشأن النظرية الواقعية وافرتاضها

هذا أن عىل املقاربة هذه تقوم القوة. بتوازن املتعلق الرئيس

أن بالتنبؤ يتعلق الواقعية للنظرية أساسا بصفته املطروح التوازن

الدول ستحاول منع صعود دولة ما ملكانة الهيمنة عىل النظام الدويل؛

ولكن هذا التنبؤ ال يشمل ما الذي سيحصل بعد أن تحقق دولة ما

كأن التفريق هذا من يبدو الدويل(47). النظام عىل الهيمنة مكانة

للحد القوة توازن عامل تفاعل إمكانية يقبالن وبروكس وولفورث

من احتامل وصول دولة ما إىل مكانة الهيمنة الدولية، ولكنهام ينفيان

أثر هذا العامل بعد أن تحقق دولة ما هيمنتها عىل النظام الدويل. يف

الحالة الثانية، يكون أمر الهيمنة قد حسم ملصلحة الدولة املهيمنة،

وال تتوافر، وفقا لهام، إمكانية للحد من هذه الهيمنة مبوازنتها من

جانب دول أخرى. يف هذا الوضع ال تتحقق هيمنة هذه الدولة عىل

ألن وذلك لالستمرار؛ مرشحة تكون وإمنا فحسب، الدويل النظام

تكلفة موازنتها من جانب دول أخرى ستكون مرتفعة جدا، وستشكل

عبئا ليس مبقدور هذه الدول أن تتحمله. فليس مبقدور دولة وحدها

أن تتحمل تكلفة تعظيم قوتها لتحقيق التوازن الداخيل مع الدولة

املهيمنة(48). كام أن تحقيق التوازن الخارجي، الذي يعتمد باألساس

يصبح املهيمنة، للدولة للتصدي وتعاونها دول عدة تعاضد عىل

صعبا أيضا؛ ألن كل دولة ستحاول مترير املواجهة لغريها يك ال تغضب

الدولة املهيمنة، عىل نحو يجعل إقامة تحالف مضاد ضد هذه الدولة

أمرا مستبعدا، إن مل يكن مستحيال(49).

بناء عىل ما سبق، أكد الباحثان حينذاك أن مكانة الواليات املتحدة،

من حيث هي دولة مهيمنة عىل النظام الدويل أحادي القطبية، أمر

راسخ وبائن. فالواليات املتحدة تقبع عىل قمة هذا النظام، يف وضع

ما القوة؛ وعظيمة القدرة فائقة فهي ملضاهاته، ال إمكانية متفرد

44 Ibid., p. 176.

45 Ibid., p. 179.

46 ملزيد من االطالع عىل هذا املوضوع، انظر:Brooks & Wohlforth, World Out of Balance: International Relations and the Challenge of American Primacy.

47 Ibid., p. 35.

48 Ibid., p. 38.

49 Ibid., pp. 36 - 37.

37دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

يجعل تكلفة موازنتها من جانب اآلخرين أعىل من أي وقت شهده

النظام الدويل عب التاريخ(50).

وبعد مرور حواىل عقد من الزمن عىل هذا االستنتاج، عاد الباحثان

لفحص صحة ادعائهام يف ضوء الصعود الصيني املتسارع، وخصوصا

يف املجال االقتصادي، الذي أثار تكهنات بتغري طبيعة النظام الدويل يف

اتجاه ثنائية القطبية الدولية. ففي كتاب جديد صدر لهام عام 2016،

بعنوان "أمريكا يف الخارج"، فحص بروكس ووولفورث قوة الصني من

جوانب متعددة مقارنة بالواليات املتحدة. وجاء استنتاجهام الجديد

متوامئا مع القديم، مع تعديل جزيئ مفاده أن "لدى الصني وحدها

قوة األيام من يوم يف تصبح أن إمكانية الكبى) الدول بني (من

ذلك بأن االستدراك مع ولكن املتحدة"، للواليات مساوية عظمى

"لن يحصل يف املستقبل املنظور"(51).

ثالثا: التوجهات التعديلية: محاوالت لتكييف التوازنات

النظام عىل قوة عظمى املتحدة الواليات هيمنة استمرار يف ضوء

أنه القطبية من "لحظة عابرة" إىل ما يبدو الدويل، وتحول أحادية

أصبح وضعية مستمرة، وعىل خلفية ما تعرضت له النظرية الواقعية

للدفاع الواقعيني من عدد انبى وداخلية، خارجية انتقادات من

املرتكزات خنادق يف يتمرتس تقليديا، الدفاع هذا يكن مل عنها.

بل جاء القوة، توازن يتعلق مببدأ ما لنظريتهم، خصوصا األساسية

الدفاع تحديثيا، ومن خالل إدخال تعديالت تحويلية يف هذا املبدأ

لتحيط مبجرى املتغريات الجارية يف النظام الدويل؛ ما ميكن النظرية

الواقعية من تقديم تفسري مواكب لصمود أحادية القطبية الدولية

فرتة أطول مام كان يتوقعه الواقعيون التقليديون. لقد جاءت هذه

املحاوالت لضخ مدلوالت جديدة يف النطاق النظري للواقعية؛ وذلك

بهدف توسيع مدى قدرتها التفسريية لواقع مل تكن تتوقعه، أو تقدر

عىل تفسريه، وفقا ملرتكزاتها التقليدية.

النظرية يف أساسيا مبدأ التوازن مفهوم عىل التعديليون حافظ

مفاهيم إضافة خالل من دالالته بتحوير قاموا ولكنهم الواقعية،

و"توازن الناعم" و"التوازن التهديد" "تــوازن مثل إليه، جديدة

املبدأ هذا أمام ليفتحوا وذلك املجال"، خارج و"التوازن املصالح"

إضافية قدرة الواقعية النظرية ومينحوا للتحليل، جديدة آفاقا

ومتجددة عىل التفسري.

50 Ibid., p. 23.

51 Stephen G. & William C. Wohlforth, America Abroad: Why the Sole Superpower Should Not Pull Back from the World (Oxford: Oxford University Press, 2016), p. 47.

1. توازن التهديدمع وجود مؤرشات عديدة تدلل، وفقا للنظرية الواقعية، عىل رضورة قيام دول أخرى مبحاوالت ملوازنة الواليات املتحدة بعد تشكل أحادية القطبية، إال أن ستيـڤن والت، أحد أهم منظري الواقعية الجديدة، تحالف ضدها"(52). لتشكيل جدي بجهد يقوم أحد "ال أن يلحظ حاولت أخرى رؤى مع والت اختلف ذلك، تفسري محاولته ويف القيام بذلك. فهو مل يوافق وولفورث الرأي بأن الحائل أمام التوازن الشاسع للواليات املتحدة عىل غريها الطاغية والتفوق الهيمنة هو توازن محاولة يف الدخول تخىش، بل تستطيع، ال التي الدول من بأن القائل أكنبي جون برأي يقبل ال كام العظمى(53). القوى مع املانع يتمثل مبتانة عالقة الواليات املتحدة بحلفائها، عىل نحو يجعل واملعتقدات القيم تشابك من فريدة" "حالة الغريب التحالف من وترابط املؤسسات. وهذا ما يجعل الدخول يف عملية توازن أمرا غري مرغوب لدى املشاركني يف التحالف، وغري مقدور عليه ملن هم خارج قلق بأن يقول ثالث رأي عىل والت يوافق وال التحالف(54). هذا مناطقها، من املتحدة الواليات انسحاب إمكانية من عديدة دول يدفع ما هو مبفردها، والدولية اإلقليمية التحديات تواجه وتركها املتحدة، الواليات ملوازنة محاولة يف الدخول عدم إىل الدول هذه بل اللحاق بركبها والقبول بقيادتها املتفردة للنظام الدويل(55). ففي أبحاثه يستنتج والت أن الدول، مهام كانت ضعيفة، ال تفضل تذييل نفسها لغريها من الدول األقوى منها؛ ألن ذلك سيكلفها أكرث مام لو

واجهتها وحاولت التوازن معها(56).

كيف يفرس والت إذا استمرار أحادية القطبية الدولية، وعدم وجود املتفردة املتحدة الواليات ملوازنة كبى دول من جادة محاوالت يرتكز، أن يفرتض الذي النظام وهو الدويل، النظام قيادة حاليا يف وفقا للنظرية الواقعية، عىل مبدأ توازن القوة؟ ومبعنى آخر، كيف يدافع الواقعي عن استمرار أهمية مبدأ التوازن يف العالقات الدولية، أحادية أساس عىل مستمر بل متوازن، غري الحايل الدويل والنظام

القطبية الدولية؟

منذ أواخر تسعينيات القرن املايض، انبى والت للدفاع عن النظرية بانتقادات برشت الباردة انتهاء الحرب التي ووجهت منذ الواقعية

52 Stephen Walt, "Keeping the World 'Off-Balance': Self-Restraint and U.S. Foreign Policy," in: G. John Ikenberry (ed.), America Unrivaled: The Future of the Balance of Power, Cornell Studies in Security Affairs (New York; London: Cornell University Press, 2002), p. 126.

53 Ibid., p. 128.

54 Ibid., pp. 129 - 130.

55 Ibid., p. 132.

56 Kenneth N. Walt, "Alliances in a Unipolar World," World Politics, vol. 61, no. 1 (January 2009), pp. 108 - 109.

38 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

بـ"شطبها" النعدام صالحياتها أن تكون أداة تحليلية ناجعة للسياسة

الدولية. وصف والت االستنتاج الناجم عن هذه االنتقادات بـ "االدعاء

اقتناعه باستمرارية حيوية املترسع"(57)، معربا منذ ذلك الحني عن

للعالقات مفيدة تفسريات تقديم عىل وقدرتها الواقعية النظرية

ادعائه ولتأكيد الدولية. القطبية أحادية ضوء يف حتى الدول، بني

بني التحالف إقامة لدوافع دراسته تعميق إىل والت استند هذا،

أهمية عىل ليس أنواعها استعراض خالل من واالستدالل الدول،

مبدأ التوازن يف رسم العالقة بني الدول الكبى فقط، وإمنا أيضا إىل

بواسطة وذلك القطبية، األحادية الستمرارية واقعي تفسري تقديم

إجراء تعدييل سحب مبدأ التوازن من محيط "القوة" وانتقل به إىل

دائرة "التهديد". فقد عاد والت إىل التكييف الذي كان قد قدمه يف

مثانينيات القرن املايض، وأحل من خالله مبدأ "توازن التهديد"، ليصبح

املرتكز األسايس للواقعية السياسية مكان "توازن القوة"، واستخدم ما

منحه ذلك التعديل من توسعة للفسحة التفسريية للنظرية الواقعية،

لتقديم مقاربة تجمع بني أمرين يبدوان متناقضني: استمرار أهمية

مبدأ التوازن الذي ترتكز عليه النظرية الواقعية، من جهة، واستطالة

أمد أحادية القطبية األمريكية، من جهة أخرى.

يف كتابه "أصل التحالفات"(58)، الصادر عام 1987، قدم والت صورة

والتي التهديد"، "تــوازن الجديدة نظريته معامل عن مستفيضة

"توازن لنظرية استبدالية وليست "استكاملية"(59) الحقا اعتبها

هو التوازن تحقيق أن كتابه يف والت أكد والتز. لكينيث القوة"

النزعة املسيطرة عىل ترصفات الدول، وخصوصا الكبى، يف السياسة

خالل من يتحقق التوازن هذا كان والتز إىل بالنسبة الدولية(60).

توزيع وإعادة توزيع للقوة بني الدول. والقوة يف هذا السياق كانت

تعني القوة الصلبة، املعب عنها بالقدرات املادية املتوافرة للدولة، من

عدد السكان، والقدرة العسكرية واالقتصادية، واملهارة التكنولوجية،

الدول لدى القوة زيادة إذا، الدولة، تخىش السيايس(61). والتامسك

تحققت فإن وريبة. بشك باستمرار، بعضا بعضها فرياقب األخرى،

بصورة املادية، قدراتها من تعاظم لها منافسة أخرى أن من دولة

ذاتية أو من خالل الدخول يف تحالف، فإن الدولة األوىل تسارع إىل

موازنتها بتعظيم مقابل لقدراتها املادية، بصورة ذاتية أو من خالل

الدخول يف تحالف مضاد، وهكذا، فإن السياسة الدولية، من منظور

57 Walt, "International Relations: One World, Many Theories," p. 35.

58 للمزيد، انظر:Stephen M. Walt, The Origins of Alliances, Cornell Studies in Security Affairs (New York: Cornell University Press, 1987).

59 Walt, "Keeping the World 'Off-Balance'," p. 134.

60 Walt, The Origins of Alliances, p. 276.

61 Ibid., p. 265.

والتز، تتمثل باملراقبة املستمرة والسباق الدائم لتعظيم قوة الدولة

والحد من قوة الدول األخرى املنافسة.

التي كان والتز قد قدمها يف لتلك جاءت وجهة نظر والت مغايرة

الواقعية للرؤية أساسا أصبحت والتي القوة"، "توازن عن نظريته

للسياسة الدولية. بالنسبة إىل والت، فإن الدول تسعى دامئا لتحقيق

التوازن، ولكن الجديد الذي جاء به يتعلق بأن ما يثري السعي لتحقيق

هذا التوازن هو ليس عامل القوة، بعنارصها املادية، فقط، وإمنا أثر

عامل "التهديد" باألساس. فالدول تخىش تهديد بعضها بعضا أكرث مام

تخشاه من تفوق قوة بعضها عىل بعض. وما يدخل يف تشكيل عامل

التهديد هو عنارص مختلفة عن تلك التي تدخل بصفتها مكونات يف

عامل القوة. فالدول بالنسبة إىل والت تقلق من مقدار القوة، ومدى

النيات واالنطباع حول الهجومية، القدرة وامتالك الجغرايف، القرب

العدائية. هذه هي العنارص التي تشكل تهديد الدول بعضها بعضا،

والقوة ليست سوى عنرص واحد منها فقط(62).

اعتب والت أن الدول يوازن بعضها بعضا، وتختار التحالفات، لتواجه

باألساس التهديدات التي تتعرض لها، وليس إلعادة توزيع القوة مع

غريها(63). ومن وجهة نظر الدولة، ويف حساباتها، ليس رشطا أن يكون

أخرى، حقيقيا وفعليا؛ أو دول له من دولة، تتعرض الذي التهديد

هذا وينجم كذلك(64). بكونه االنطباع لديها يتشكل أن يكفي إذ

االنطباع عن كيفية تقييم هذه الدولة سلوك غريها من الدول. فإن

ن لديها االنطباع بعدائية نيات دولة ما، أو تحالف من الدول، تكو

ضدها، فإن ذلك يقلقها ويستحثها عىل السعي لحامية نفسها. وعىل

األغلب أن يأيت رد الفعل الوقايئ يف اتجاه سعي الدولة نحو تحقيق

التوازن مع الجهة التي يتكون لديها انطباع بأنها تشكل تهديدا لها،

وذلك إما من خالل السعي لتعظيم قوتها الذاتية، وإما الدخول يف

حلف مضاد(65). ومام يزيد من قوة أثر هذا االنطباع عند الدولة التي

تشعر بالتهديد هو مدى القوة والقدرة الهجوميتني اللتني متتلكهام

دة، ومدى قربها الجغرايف من تلك الدولة. فالدول األقرب الجهة املهد

يكون تهديدها أكب، ويتصاعد كلام زادت قوتها املادية(66).

استحرض والت نظريته حول "توازن التهديد"، والتي كان طورها يف

أن يرى فهو الثنائية. تلك انهيار بعد القطبية، ثنائية نهاية مرحلة

62 Stephen M. Walt, "Testing Theories of Alliance Formation: The Case of Southwest Asia," International Organization, vol. 42, no. 2 (Spring 1988), p. 281.

63 Walt, "Keeping the World 'Off-Balance'," p. 133.

64 Walt, The Origins of Alliances, p. 264.

65 Stephen M. Walt, "Alliance Formation and the Balance of World Power," International Security, vol. 9, no. 4 (Spring 1985), p. 13.

66 Walt, "Keeping the World 'Off-Balance'," p. 136.

39دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

القطبية ميكن أن متثل يف نظر التي ترتبع عىل قمة أحادية الدولة

الدول األخرى انطباعا بأنها "قوة فائقة"، وتصبح مصدرا للتهديد؛ ما

يستدعي رضورة مواجهتها، والسعي ملوازنتها(67). من هذا املنطلق،

كان من املتوقع أن تقوم الدول الكبى مبحاولة موازنة تفرد الواليات

ثنائية الدويل رسيعا إىل النظام القطبية، وإعادة املتحدة باألحادية

بالنسبة التوقع، توقع. هذا والتز قد القطبية، كام كان تعددية أو

التوازن بقي منحرصا إىل والت، كان ميكن أن يكون صحيحا لو أن

يف التفسري الذي تعطيه نظرية توازن القوة، والذي يقوم عىل أساس

الدول، لكن القوة. توزيع إلعادة التوازن بعملية تقوم الدول أن

وخصوصا الكبى منها، مل تقحم نفسها يف عملية إعادة التوازن لنظام

هي النظام هذا رأس عىل تقبع التي الدولة ألن القطبية؛ أحادي

الواليات املتحدة. واألخرية، مع قوتها املتفردة، ال تسبب قلقا للدول

األخرى، كونها بعيدة جغرافيا، وال يوجد انطباع عنها بأنها عدائية،

لذلك ال تشكل تهديدا بارزا يستدعي من الدول األخرى اإلرساع يف

لتعظيم أخرى دولة أي تسع مل لهذا ملوازنتها. عملية االنخراط يف

قوتها ملواجهة الواليات املتحدة، أو الدخول يف حلف مضاد لها. فهي

تشكل تهديدا كبريا ملصالح معظم العامل، ولكنها ال "أقوى دولة يف

الدول الكبى األخرى"(68).

أحادي نظام قمة عىل املتحدة الواليات مكانة أن والت يستنتج

بأنها عنها األخرى الدول انطباع دام ما مستقرة، ستبقى القطبية

غري عدوانية أو توسعية باقيا؛ فهي يف تلك الحالة ال متثل خطرا عىل

وجود هذه الدول، أو تهديدا ملصالحها. أما إذا غريت من ترصفاتها،

وتغري هذا االنطباع عنها، فإن الدول الكبى ستدخل حينئذ يف عملية

يف األساس، هذا وعىل معها. التوازن وتحقيق ملواجهتها محمومة

سياساتها يف التهور بعدم املتحدة الواليات والت نصح 2009 عام

النفس" عىل تجاه الدول األخرى، بل مامرسة قدر عال من "ضبط

املدخل والضامنة الستمرار ريادتها الدويل؛ كون ذلك ميثل الصعيد

املتحدة الواليات أخذ أن رؤيته وكانت الدويل. النظام وقيادتها

ليس جهودها األخرى الدول تركز أن إىل سيقود النصيحة بهذه

أي معها، الصلب" "التوازن لتحقيق شاملة مواجهة فتح اتجاه يف

موازنتها عسكريا، بل الرتكيز عىل اتباع وسائل "التوازن الناعم" الذي

تؤثر هذه الدول من خالله يف سياسات الواليات املتحدة بالوسائل

السياسية والدبلوماسية. وسيؤدي ذلك إىل أن تستعيض هذه الدول

عن سباق "التوازن الصلب" مع الواليات املتحدة بتحقيق "التوازن

اإلقليمي" فيام بينها. ويلخص والت رؤيته هذه كالتايل: "إذا كانت

67 Ibid., p. 135.

68 Ibid., p. 139.

يف معقولة بطريقة نفسها تضبط جغرافيا، بعيدة املهيمنة الدولة

فمن اآلخرين، احتالل تحاول ال أنها واألهم والسلوك، الطموحات

املرجح أال تواجه أكرث من حاالت محددة من التوازن الناعم، ومن

املمكن أن تجتذب حلفاء كرثا يقدرون ما ميكن الدولة املهيمنة أن

تقدمه من حفاظ عىل النظام، ومن اإلسهام بقوتها يف معالجة القضايا

املهمة لهم"(69).

اقرتاف أن إىل وأشار ،2011 يف أي بعامني، ذلك بعد والت وعاد

أدى األمريكية الخارجية السياسة صعيد عىل األخطاء من العديد

بأخذ أوانه"(70). وطالب قبل األمرييك االنحطاط يحل "عرص أن إىل

العب لتفادي الوقوع يف املزيد من األخطاء، مشددا عىل رضورة تركيز

السياسة األمريكية عىل "إعادة التوازن يف األعباء الدولية والرتكيز عىل

الرضورات املحلية"(71).

إلنعاش لوالت، املالئم املنفذ التهديد" "توازن نظرية مثلت لقد

وظف فقد الدولية. القطبية أحادية حقبة يف الواقعية النظرية

يف األمرييك التفرد مع التوازن تحقيق إىل الحاجة لعدم تفسريه

أحادية القطبية الحالية، للدفاع عن استمرارية أهمية مبدأ التوازن

يف السياسة الدولية وحيويته.

2. التوازن الناعممنظرين من إليه، املشار الناعم"، "التوازن مفهوم والت استعار

تفسريه لريفد بول، ڤـي. وت. پـايب روبرت مثل جدد، واقعيني

الطريقة خالله من ويبني األمريكية، القطبية أحادية الستمرارية

املحتملة، لترصف الدول الكبى تجاه الواليات املتحدة املرتبعة عىل

من األول العقد يف قاما قد وبول پـايب وكان الدويل. النظام قمة

مدخال وتقدميه املفهوم باستنباط هذا كل عىل حدة، القرن، هذا

درء من ليمكنها الواقعية، النظرية عىل جديدا تعديليا نظريا

قصورها يف تفسري استمرارية عدم التوازن املرافق ألحادية القطبية

األمريكية(72). ويرجع السبب يف استحداث هذا املفهوم إىل السياسات

الحادي عرش أحداث بعد االبن بوش جورج إدارة اعتمدتها التي

الدرع ولبنامج االستباقية للحرب إقرار من ،2001 سبتمب من

ستؤدي مثرية سياسات الواقعيني من العديد واعتبها الصاروخي،

بهيمنة وقابلة مستكينة كانت الثاين الصف من دول متلمل إىل

الواليات املتحدة عىل النظام الدويل.

69 Walt, "Alliances in a Unipolar World," p. 120.

70 ستيفن والت، الجدل حول مستقبل القوة األمريكية، ترجمة وتعليق محمد العريب، سلسلة أوراق 4 (اإلسكندرية: مكتبة اإلسكندرية، 2012)، ص 19.

71 املرجع نفسه، ص 2.

.Pape; Paul :72 للمزيد من االطالع، انظر

40 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

يؤكد پـايب أن أحادية القطبية الدولية تتحقق عندما تتوافر للدولة

العسكري املجال أخرى، خاصة يف دولة أي قوة ال متلكها املهيمنة

الصلب. ومن ثم، ال تستطيع أي دولة من قوى الصف الثاين النجاح

للقيام ناجز تحالف تشكيل من خالل أو أحادية، بصورة مبوازنتها

أن مضمون غري حلف يف تدخل ولن بينها، ثقة ال فالدول بذلك.

الدولة تستقر املهيمنة. الدولة ويغضب األخــرى، الدول تلتزمه

العظمى يف موقعها املتفرد، وتستطيع أن تحافظ عىل هيمنتها، ما مل

تتبع سياسات عسكرية عدائية تثري غريها من الدول، وتفرض عليها،

يف الرشوع قادرة، رضورة أو راغبة الدول هذه تكن مل وإن حتى

تحقيق التوازن الصلب معها. يستهدف السعي لتحقيق هذا التوازن،

يف هذه الحالة، منع الدولة املهيمنة من استخدام أفضليتها العسكرية

للهجوم عىل غريها، أو تقليص إمكانية إحرازها النرص يف الحرب، عىل

أقل تقدير(73).

عىل األغلب أال تتمكن دول الصف الثاين من مجابهة الدولة العظمى

املهيمنة عسكريا، أي بتحقيق توازن صلب، ألنها ستخرس. كام أنها

تبديها التي العدائية السياسات التغايض والصمت عىل ال تستطيع

هذه الدولة؛ ألن ذلك ميكن أن يؤدي بها إىل الوقوع فريسة لهجوم

يؤكد كام وإفقادها، احتاللها إىل يؤدي الدولة، هذه من عسكري

الصلب غري التوازن اللجوء إىل بول، سيادتها(74). لذلك، وعوضا عن

املقدور عليه، تتجه هذه الدول يف محاولتها كبح جامح قوة الدولة

بصفة مبواجهتها أي الناعم، التوازن أسلوب استخدام إىل املهيمنة

غري مبارشة، ومبا ال يؤدي إىل تحمل هذه الدول تكلفة عالية لو هي

اختارت التوجه إىل التوازن الصلب املبارش مع الدولة املهيمنة، يف ظل

االختالل الكبري يف توازن القوى بينهام.

بخالف التوازن الصلب الذي يسعى لتحويل ميزان القوة، ويعتمد عىل

تعظيم الدول لقدراتها العسكرية يف مواجهة الدولة العظمى، يرمي

التوازن الناعم إىل فتح اإلمكانية أمام هذه الدول، لتؤثر يف اتجاه ضبط

سلوك هذه الدولة، وتقييد تفردها والحد من هيمنتها. وال يتأت ذلك

مستوى من الكبى الدول تدخل عسكرية وسائل اتباع خالل من

الصف الثاين يف مواجهة مبارشة ومفتوحة، وعىل األغلب غري مرغوبة،

مع الدولة املهيمنة، بل من خالل توظيف هذه الدول لطرق مبطنة،

الدولة عليها، واستخدامها لوسائط غري مبارشة، إلحباط سطوة هذه

وعىل النظام الدويل، وإعاقتها وعرقلتها. التوازن الناعم، إذا، هو الوسيلة

املتاحة أمام الدول األضعف لكبح جامح تغول الدولة األعظم. ولتحقيق

ذلك تلجأ هذه الدول إىل اتباع مزيج من األساليب، والوسائل املؤسسية،

73 Pape, pp. 11-18, 38.

74 Paul, p. 47.

تتعاون وتناور دبلوماسيا والدبلوماسية، واالقتصادية(75). فيمكنها أن

لعرقلة السياسات التي تحاول الدولة العظمى متريرها داخل املؤسسات

تقليص إىل يؤدي ما الحرب؛ بشن املتعلقة تلك وخصوصا الدولية،

عنرص املفاجأة، ومنح الطرف املستهدف وقتا لالستعداد، أو يقلل مع

مرور الوقت من أهمية التوجه إىل الحرب ويدفع يف اتجاه التوصل إىل

تسوية سياسية. كام ميكن هذه الدول، ثانيا، أن تنسق فيام بينها إليجاد

رشاكات اقتصادية، قد تكون إقليمية، يقام من خاللها تكتالت تجارية

تستثني مشاركة الدولة العظمى؛ ما يؤثر سلبيا يف منوها اإلجاميل وقوتها

الدولة العظمى الوقت. وثالثا، ميكن استهداف االقتصادية مع مرور

وتقليص قدرتها العسكرية من خالل مامرسة الحرمان اإلقليمي عليها،

بها تتمتع التي العسكرية القواعد والذي يتضمن عدم منح حقوق

الدولة العظمى يف دول أخرى أو إنهاءها، وعدم السامح لها بالوصول

إىل أرايض دول عب املرور بأرايض دول أخرى. يف إمكان أي من هذين

اإلجراءين التأثري سلبيا يف النشاطات العسكرية للدولة العظمى، ويزيد

من تكلفة تدخالتها عب العامل. وميكن أيضا أن متارس الدول التوازن

الناعم عن طريق تقديم املساعدة لخصوم الدولة العظمى وتدعيم

مواجهتهم لها(76).

الذكر، سابقة باإلجراءات الناعم، التوازن مامرسة أن باپـي يؤكد

تأثريها فعالة يف أن تكون ميكن إن متت بصورة منظمة ومنتظمة،

السلبي يف الدولة العظمى؛ إذ يتوقع أن تؤدي إىل تقليص ما تتمتع

به سياساتها من تأييد، عىل الصعيدين الداخيل والخارجي، وتزيد من

األعباء امللقاة عليها. كام أن التنسيق بني الدول املشاركة يف التوازن

الناعم، ميكن أن يوطد العالقة ويزيد الثقة املتبادلة بينها، خاصة كلام

امتد فرتة زمنية أطول؛ ما يؤدي إىل تعميق التعاون فيام بينها. وهذا

يزيد من ثقتها بقدرتها عىل مواجهة الدولة العظمى، والتي إن متادت

يف هيمنتها، فإن تفاعل العاملني من املمكن أن يقود يف اتجاه تحول

التوازن أهمية أن ذلك معنى صلب(77). توازن إىل الناعم التوازن

الناعم ال تكمن فقط يف قدرته التأثريية الكابحة لتمدد هيمنة الدولة

إىل لتصل أيضا متتد بل الحارض، يف الكبى الدول عىل العظمى

إمكانية تغيري سياق هذه العالقة من خالل زيادة قدرة هذه الدول

عىل حساب تراجع قوة الدولة العظمى يف املستقبل.

اعتب التي الواقعية للنظرية ذلك كل يعنيه الــذي ما ولكن

حقبة يف الدولية السياسة لتفسري صالحة تعد مل أنها خصومها

75 Pape, p. 10; Paul, p. 58.

76 Keir A. Lieber & Gerard Alexander, "Waiting for Balancing: Why the World is Not Pushing Back," International Security, vol. 30, no. 1 (Summer 2005), p. 126.

77 Pape, pp. 36 - 42.

41دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

الناعم التوازن مفهوم يضيفه الذي الجديد وما القطبية؟ أحادية

التوازن غياب بسبب لنكسة تعرضت التي النظرية إلنعاش هذه

املتوقع مع الدولة العظمى، واستمرارها وحيدة متفردة عىل رأس

النظام الدويل؟

الدول جانب من املبارشة املواجهة أن عىل وبول باپـي يتفق

الكبى، والهادفة إىل تعديل ميزان القوة مع الواليات املتحدة بعد

االنسيابية بالصورة الوحيدة، مل تحصل العظمى القوة أن أصبحت

والحتمية التي توقعها والتز وأتباعه. ولكن من الواضح أن كال منهام

فقدت الواقعية النظرية بأن والقايض املترسع باالستنتاج يقبل مل

قدرتها التفسريية يف حقبة أحادية القطبية، وبسبب استمرارية هذه

األحادية. يوافق االثنان عىل آراء من سبقهام من واقعيني تعديليني

التي التمديدية اإلضافة وخصوصا التوازن، فكرة صمود بشأن

استحدثها والت عىل نظرية توازن القوة بضخ توازن التهديد عليها.

أن باپـي يستنتج والت، عند هذا التوازن مفهوم عىل وباالعتامد

الواليات املتحدة استمرت متفردة قوة عظمى وحيدة ألنها ليست

للدخول يف مواجهة معها(78). الكبى سببا الدول تعط عدائية، ومل

يؤيد بول ذلك، ويؤكد أن الواليات املتحدة "مهيمن منضبط"(79).

بل املتحدة، الواليات عدائية عدم عن الخارجي االنطباع هذا

انضباطيتها بصفتها دولة عظمى تحرتم القواعد األساسية للتشاركية

الدولية، وليس عدم رغبة الدول الكبى أو قدرتها عىل املوازنة، هو

القطبية أحادية استمرارية باپـي وبول، وراء إىل بالنسبة ما يقف،

باستمرار عن تدافع بخاصة، منها والكبى بعامة، فالدول الدولية.

بقائها ومصالحها، وهي عىل استعداد دائم للدخول يف عملية موازنة

للدخول استعداد عىل هي ذلك. الرضورة اقتضت إذا غريها مع

مبارشة من الباب الرئيس يف مواجهة توازن صلب إن توافرت لديها

القدرة، وإن مل تتوافر فستدخل من الباب الخلفي يف عملية توازن

ناعم ميكن أن يتحول مع الوقت واكتساب القدرة إىل سعي لتحقيق

إذا ال يتعلق بالدولة املتوقع منها رد الفعل، التوازن الصلب. األمر

وإمنا باالنطباع الذي ترتكه ترصفات دولة الفعل، أي الدولة العظمى

الفعل. رد منهم املتوقع اآلخرين عند نفسها عن الحالة، هذه يف

الطابع ذات املتجهمة بوش إدارة سياسات أن باپـي يرى لذلك

للدول السابق اإليجايب االنطباع تغري عن املسؤولة هي العدايئ

دخول هذه استدعى الذي والسبب املتحدة، الواليات عن الكبى

اإلدارة تلك باپـي ينصح لذلك معها. ناعم توازن عملية يف الدول

االنطباع يستعاد يك سياساتها، عىل رسيع تغيري إحداث برضورة

ينهي الواليات املتحدة، ما الدول األخرى عن السابق عند اإليجايب

78 Ibid., p. 20.

79 Paul, p. 53.

الدافع ملواجهة اآلخرين لها بتوازن ناعم ميكن أن يتحول مع الوقت

أحادية ئها قمة هرم تبو استمرارية لها إىل مواجهة صلبة، ويضمن

القطبية الدولية(80).

االستخالص، إذا، من ضخ مفهوم التوازن الناعم لتفسري عدم حصول

الكبى الدول القوة بني إعادة توزيع القائم عىل التقليدي التوازن

أن تأكيد هو القطبية، أحادية حقبة املهيمنة يف العظمى والدولة

مبدأ التوازن يف فهم السياسة الدولية والعالقات بني الدول وتفسريها،

ال يزال قامئا ورضوريا يف هذه الحقبة، كام يف سابقاتها. ومن ثم، مل

تفقد النظرية الواقعية حيويتها التفسريية املستندة إىل هذا املبدأ،

الناعم مرونة إضافية التوازن اكتسبت من خالل ضخ مفهوم وإمنا

وديناميكية جديدة لفهم الواقع املتغري يف الساحة الدولية.

3. توازن المصالحاقرتح راندال شويلر، يف سياق نقده نظرية توازن التهديد لستيـڤن

والت، إضافة جديدة إىل مجال تشكيل التحالفات وتحقيق التوازنات

يف إطار النظرية الواقعية، أطلق عليه تعبري "توازن املصالح". اعتقد

شويلر أن والت غاىل يف اعتقاده أن دول الصف الثاين تسعى دامئا

األقوى منها، وليس تذييل نفسها لهذه الدولة التوازن مع لتحقيق

الدولة(81). كانت وجهة نظر والت تفيد أن لحاق دول الصف الثاين

بالتحالف الذي تقوده الدولة املهيمنة ال يحقق لهذه الدول الفائدة

املرجوة. فدوافع اختيار تذييل هذه الدول لنفسها تقوم عىل تحقيق

األمن لهذه الدول من سطوة الدولة املهيمنة، إما بقبول االستسالم

تتعرض أن من ووقاية اسرتضاء بها نفسها وإلحاق األقوى للجهة

عند البقايا عىل االقتتات لضامن وإما عليها، الجهة هذه لهجوم

توزيع الغنائم بعد تحقيق الدولة املهيمنة االنتصار عىل أعدائها(82).

ال يجد والت يف هذه املبرات ما يكفي لذهاب دول الصف الثاين

يف اتجاه التذييل؛ كونه ال يضمن تحقيق أمنها، بل يجادل بأن أمن

هذه الدول ال ميكن أن يتحقق إال مبواجهة الدولة املهيمنة من خالل

مواجهتها بحلف مضاد. لذلك فإن تحقيق التوازن، بالنسبة إىل والت،

األسلم الخيار هو لنفسها، الثاين الصف دول تذييل قبول وليس

واملفضل لهذه الدول يف سعيها لدرء الخسارة عن نفسها(83).

ال يشارك شويلر والت الرأي أن التذييل يتم فقط من باب االضطرار

واإلرغام، فيفرض نفسه فرضا عىل دول الصف الثاين، والتي ستخرس

80 Pape, pp. 44 - 45.

81 Randall L. Schweller, "Bandwagoning for Profit: Bringing the Revisionist State Back in," International Security, vol. 19, no. 1 (Summer 1994), p. 79.

82 Ibid., pp. 94-95

83 Ibid., p. 74.

42 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

يف حال ذهبت يف اتجاهه. بل هو يجادل بأن التذييل ميكن أن يكون

خيارا مفتوحا، وليس اضطراريا، تختاره دول الصف الثاين برغبة ورضا

منها، ليس فقط سعيا للحفاظ عىل أمنها، وإمنا لكونها تجد فيه منفذا

لتحقيق مصالحها. من هذا املنطلق تفضل هذه الدول يف الكثري من

األحيان تذييل نفسها للدولة املهيمنة عىل تحقيق التوازن معها(84). ويف

إذ الدولية؛ القطبية أحادي نظام استمرارية يفرس أن ما ميكن هذا

إن "توازن مصالح" الدول من الصف الثاين هو الذي يحد من توجهها

إن أي معها. للتوازن والسعي العظمى الدولة مواجهة هيمنة نحو

هيمنة استمرارية قبول من الدول، عليها هذه تحصل التي املنافع

دولة القطب الواحد، تفوق تلك التي من املمكن أن تحصل عليها هذه

الدول يف حال اختارت مواجهة الدولة املهيمنة، والتصدي لها بحلف

القطبية مصلحة أحادي نظام استمرارية تحقق ال باختصار، مضاد.

الدولة العظمى املهيمنة عليه فقط، وإمنا مصالح الدول الكبى امللتحقة

بها أيضا. وعندما ينهار "توازن املصالح" هذا، يبدأ نظام أحادي القطبية

يف مواجهة تحدي موازنته من جانب الدول الكبى املنضوية فيه.

التوازن يف ظل بني شويلر الحقا، باالشرتاك مع زياوو بو، أن تحقيق

أحادية القطبية الدولية أمر ليس باليسري، بل يتطلب الكثري من جهد

القوى املواجهة للدولة العظمى. أما السبب يف ذلك فيعود، بالنسبة

إليهام، إىل أن تحقيق التوازن يف النظام األحادي القطبية يتطلب من

الدول التي تواجه الدولة العظمى أن تدخل يف عملية مقارعة جذرية

لتغيري النظام الدويل برمته، وليس إلحداث تغيري ضمني داخله فقط.

سياسة اتباع عن ينم أن يجب يتحقق، يك التوازن، أن ذلك معنى

تحويلية للنظام، وليس العمل من داخل الوضعية القامئة للنظام. وهذا

أمر يتطلب الدخول مع القوة العظمى املهيمنة يف مواجهة تستهدف

نزع الرشعية عن استمرار هيمنتها، أوال، و"فكفكة" مصادر قوتها، ثانيا؛

وذلك إلحالل نظام دويل جديد وفق أسس توازنية مختلفة عن تلك

التوازن يف ضوء التفردية للدولة العظمى. باختصار، يتطلب تحقيق

أحادية القطبية الدولية إطاحة هذه األحادية واستبدالها بتعددية قوى

جديدة. وبالطبع، هذا ليس بالشأن اليسري يف ضوء املامنعة واملقاومة

اللتني ستبديهام القوة العظمى للحؤول دون فقدان مكانتها املتفردة؛

عىل نحو سيؤدي إىل صب جام غضبها عىل الدولة (أو الدول) التحويلية،

واستهدافها بإجراءات متعددة ميكن أن تصل إىل شن الحرب عليها(85).

يعتقد شويلر وبو أن إمكانية حصول هذا االستهداف لن تؤدي إىل

طبيعة وتغيري املوازنة إحداث محاوالت عن الكبى الدول توقف

84 Ibid., p. 106.

85 Randall L. Schweller & Xiaoyu Pu, "After Unipolarity: China's Visions of International Order in an Era of U.S. Decline," International Security, vol. 36, no. 1 (Summer 2011), pp. 46 - 47.

النظام أحادي القطبية. وهام يعتقدان أن العديد من الدول تتجرأ

عىل مكانة الدولة العظمى، من خالل اتباع أساليب "التوازن الناعم"،

و"املقاومة اليومية"، و"املقاومة الصحيحة"(86)؛ وذلك لسب غور قوة

هذه الدولة وامتحان قدرتها عىل مجابهة تحديها لهيمنتها املتفردة.

وعىل الرغم من أن هذه املحاوالت ال تزال يف مهدها، فإنهام يجدان

يف الصني قوة تحويلية أساسية ستقوم مع مرور الوقت وتراكم القوة

لديها مبواجهة الواليات املتحدة وإحداث التوازن معها، وهذا يعني

السري يف اتجاه تغري طبيعة النظام الدويل إىل التعددية القطبية، التي

جديد عاملي "توازن إطار يف الحالية القطبية أحادية محل ستحل

للقوة"(87).

4. التوازن خارج المجالالقطبية أحادية من هواة سابقا، بينا كام الين، كريستوفر يكن مل

عىل األمريكية الهيمنة استقرار بنظرية املعجبني من أو الدولية،

النظام الدويل، أو الداعني الستمرار فرض الهيمنة عىل العامل. بل كان

الدويل، النظام مستقر هو القوة توازن بأن املؤمنني الواقعيني من

وحمل رؤية تقوم عىل أن مطالع القرن الحادي والعرشين ستشهد

الدولية، مطالبا التعددية القطبية والعودة إىل انتهاء حقبة أحادية

الواليات املتحدة بأن تقود العامل يف هذا االتجاه، أفضل من أن تقاد

إليه وتخرس من جراء ذلك ما تتمتع به من قوة نسبية.

من هذه الخلفية الفكرية استنبط الين، يف عام 1997، مفهوم توازن

تعدييل جديد، أطلق عليه تعبري التوازن خارج املجال، وطالب بأن

يصبح هذا التوازن هو أساس اإلسرتاتيجية األمريكية يف القرن الحادي

والعرشين، يك تبقى الواليات املتحدة قوية وال تتورط يف حروب ال

التوازن خارج املجال، وفقا لالين، عىل طائلة منها(88). يقوم مفهوم

أساس رضورة إنهاء "التوسع املفرط" يف الدور الذي تأخذه الواليات

املتحدة عىل عاتقها يف السيطرة عىل الشؤون الدولية؛ إذ يعتقد أنه

حلفائها اعتامدية يراكم إذ األمريكية، باملصالح وضار مكلف دور

عليها، ويزيد األعداء الساخطني عليها(89).

يف التوازن خارج املجال تنتهي الهيمنة األمريكية عىل النظام الدويل،

األقطاب. تعددي عامل القوة يف توازن بإسرتاتيجية عنها ويستعاض

عن سعيها املتحدة الواليات تتوقف املجال خارج التوازن يف ضوء

86 Ibid., pp. 48 - 51.

87 Ibid., p. 45.

88 Christopher Layne, "From Preponderance to Offshore Balancing: America's Future Grand Strategy," International Security, vol. 22, no. 1 (Summer 1997), p. 87.

89 Ibid., p. 98.

43دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

لتصدير الدميقراطية وتشكيل النظم السياسية عىل شاكلتها، وحامية

الدول الفاشلة، واملشاركة يف عمليات حفظ السالم، واستخدام القوة

العسكرية للتدخالت ذات الطابع اإلنساين(90). فهذه شؤون بالنسبة

الواليات العبء عىل تزيد بل األمريكية، املصالح تخدم إىل الين ال

املتحدة من دون تحقيق املرجو من املردود. فالجهود يجب أن ترتكز

الداخلية، وليس عىل رعاية املتحدة بشؤونها الواليات اهتامم عىل

الواليات املتحدة للشؤون الدولية. "أمريكا أوال" هو الشعار الذي يجب

أن تتبناه اإلسرتاتيجية األمريكية مع بداية القرن الحادي والعرشين،

وبناء عليه يجب أن تقلص الواليات املتحدة تدخالتها الخارجية، وأن

ال الداخلية(91). هذا أوضاعها بتحسني االهتامم مساعيها عىل تركز

يعني أن الين يتبنى ويدعو من خالل مفهوم التوازن خارج املجال

إىل اتباع سياسة أمريكية انعزالية، بل عىل العكس من ذلك فهو يريد

ملشاركتها الدول من لغريها املجال تفتح أن املتحدة الواليات من

األعباء الدولية، وقبولها تبعا لذلك بتعددية القطبية الدولية.

املنطقتان هام آسيا ورشق ــا أوروب أن عىل تحليله يف الين ركز

الحاويتان للمصالح األمريكية. وجادل بأنه بدال من أن تقوم الواليات

املتحدة بحامية مصالحها من خالل الوجود العسكري فيهام إلسناد

حلفائها، ومنع ظهور مهيمن محتمل، عليها أن تنسحب من هاتني

املنطقتني، وترتك للدول فيهام مهمة موازنة بعضها بعضا. أما دورها

هي، فيتقلص للقيام بدور املوازنة من الخارج، إذ يقع عليها للحفاظ

عىل التوازن داخل اإلقليم أن تقوم دامئا باالصطفاف إىل جانب الجهة

األضعف يف املوازنة اإلقليمية؛ ما يعنيه ذلك انتهاء دور التحالفات

الدامئة، واالنتقال إىل مرحلة التحالفات املرحلية املؤقتة. وال تتدخل

الواليات املتحدة عسكريا مبارشة عىل األرض، إال يف حاالت الرضورة

القصوى، لتقوم مبنع سيطرة قوة مناوئة عىل اإلقليم، وذلك من خالل

القيام بعملية تدخل رسيع، تنتهي بالخروج مجددا منه(92). باختصار،

عىل املجال خارج التوازن خالل من املتحدة الواليات تحافظ

مصالحها يف العامل عن بعد، وليس من خالل االنخراط املبارش والدائم

يف الهيمنة عىل شؤونه واإلنهاك املستمر يف ترتيب أوضاعه ورعايتها.

الواليات وشن ،2001 سبتمب من عرش الحادي أحــداث بعد

تتبنى أن رضورة ليؤكد الين عاد اإلرهاب، عىل الحرب املتحدة

هذه وأعطى املجال، خارج التوازن إسرتاتيجية املتحدة الواليات

فبعد سابقا(93). إليه مستندا كان ملا إضافية أبعادا اإلسرتاتيجية

90 Ibid., p. 112.

91 Ibid., p. 124.

92 Ibid., p. 116.

93 Christopher Layne, "Offshore Balancing Revisited," Washington Quarterly, vol. 25, no. 2 (Spring 2002), pp. 233 - 248.

النظام قوية داخل الدولة تكون أن الجيد أنه من تأكيد أعاد أن

الدويل، رأى أن زيادة قوتها أمر غري محبذ لكونه يؤدي بالرضورة

إىل تشكل حلف مضاد لها(94). لذلك يجد أنه من األنسب للواليات

املتحدة عدم االستمرار يف اتباع سياسة تدعيم هيمنتها عىل النظام

الدويل، بل أن تقوم بعد االنتهاء من الحرب عىل اإلرهاب بانتهاج

التوازن خارج املجال، والتي تقوم عىل قبولها بظهور قوى سياسة

الدولية، الساحة يف املتحدة الواليات بأولوية تقبل أخرى عظمى

التوازن أما مهمة تحقيق أقاليمها. لها يف ولكن مع وجود مصالح

داخل كل إقليم فترتك لدول اإلقليم ذاته، عىل نحو يزيل عن كاهل

الواليات املتحدة تحمل تكلفة عبء املوازنة اإلقليمية، ويحولها إىل

إمكانية تحقيق الجديدة العظمى الدول اإلقليم؛ ما يعطي داخل

الواليات مبكانة املساس دون من ولكن أقاليمها، داخل مصالحها

التوازن إسرتاتيجية فإن باختصار، العامل. يف ومصالحها املتحدة

تحويل عىل املتحدة، الواليات إىل بالنسبة تقوم، املجال خارج

إطالة لها يتيح ما الدويل؛ النظام داخل تقاسمها، وليس األعباء،

أمد سيطرتها عليه(95).

يف مرحلة الحقة، التقطت الواقعية الدفاعية ممثلة بستيـڤن والت،

والواقعية الهجومية مبنظرها جون مريشامير، أهمية مفهوم التوازن

ليشكل به ودفعا املفهوم، هذا منهام كل تبنى إذ املجال، خارج

أساس اإلسرتاتيجية األمريكية يف عهد الرئيس باراك أوباما، وخصوصا

بوش الرئيس عهد يف األمريكية الخارجية السياسة إخفاقات بعد

للواليات الحصني الجغرايف املوقع أن والت ارتــأى فقد االبــن.

أن يخولها محتملني، جريان تهديدات من يحميها الذي املتحدة،

التدخالت أن وخصوصا املجال، خارج التوازن إسرتاتيجية تتبع

مفيدة أو ناجحة تكن مل أخرى دول شؤون تسيري يف األمريكية

تنم عن سياسة حكيمة(96). أو املتحدة، وليست رضورية للواليات

أوباما الرئيس إدارة تتبع أن برضورة نادى فقد مريشامير، أما

إسرتاتيجية التوازن خارج املجال أساسا لسياستها يف منطقة الرشق

األوسط، وأن ترتك لدول املنطقة مسؤولية موازنة بعضها بعضا، وال

تتدخل إال يف حالة الرضورة القصوى. فالواليات املتحدة، من وجهة

أن إىل وإمنا املنطقة، تسيطر عىل أن إىل تحتاج ال نظر مريشامير،

متنع غريها من السيطرة عليها. لذلك عليها أن تنهي برسعة الحرب

عىل العراق، وأن تتوصل إىل تفاهامت مع إيران، وأن تخرج قواتها

اإلقليمية، املوازنة لتحقيق تتصارع لدولها وترتكها املنطقة، من

94 Ibid., p. 237.

95 Ibid., pp. 245 - 247.

96 Stephen M. Walt, "Offshore Balancing: An Idea Whose Time Has Come," Foreign Policy, 2/11/2011, accessed on 20/1/2019, at: https://bit.ly/2TBGlXW

44 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

وتكون هي مستعدة فقط للتدخل العسكري، والخروج برسعة إذا

اقتضت الرضورة ذلك، أي يف حال حاولت دولة من دول املنطقة

الهيمنة عىل اإلقليم(97).

من أجل املحافظة عىل "الريادة األمريكية أمدا بعيدا يف املستقبل"،

إىل 2016 عام نرشاها مشرتكة مقالة يف ووالــت مريشامير دعا

"الهيمنة سياسة اتباع عن املتحدة الواليات تتوقف أن رضورة

الليبالية" التي تحاول من خاللها فرض رؤيتها وتحكمها يف النظام

التي املجال التوازن خارج بإسرتاتيجية الدويل، وأن تستبدل ذلك

فتحقيق مرضة(98). صليبية" "حمالت عىل املوارد إهدار تتجنب

املصالح األمريكية ال يتطلب "حراسة" الواليات املتحدة للعامل، وإمنا

املتحدة؛ للواليات املهمة الثالثة األقاليم يف لدول املبادرة منح

محاوالت "عرقلة" بـ لتقوم العريب، والخليج آسيا، ورشق أوروبا،

الواليات األقاليم(99). أما مكانة للهيمنة عىل هذه الصاعدة القوى

فقط والتدخل األقاليم، هذه من انسحابها يضريها فلن املتحدة

من باألساس تتأت الدولية هيمنتها مكانة ألن الــرضورة؛ عند

ال أمر وهو العامل"، من الغريب القسم يف الهيمنة عىل "الحفاظ

املتحدة، ومن الواليات املنطلق، عىل ينازعها عليه أحد. من هذا

خالل توظيف إسرتاتيجية التوازن خارج املجال، أن تسعى لرضورة

تساعد وأن لألوروبيني، أوروبا ترتك وأن آسيا، يف الصني احتواء

يجب هذا كل إيران. مع للتوازن سعيها يف العريب الخليج دول

وإعادة الخارج، األمرييك يف العسكري الوجود تقليص يتم مع أن

واألحوال األوقات جميع يف للرتكيز األمريكية األولويات ترتيب

عىل السياسات الداخلية، ال عىل الرتويج للدميقراطية والدفاع عن

حقوق اإلنسان خارجيا(100).

ميكن االستنتاج أن التوازن خارج املجال كان ميثل عند الين الوسيلة

الدولية، القطبية تعددية إىل العودة اتجاه يف للدفع األفضل

بالنسبة أما الحايل. الدويل النظام عىل األمريكية الهيمنة وإنهاء

إىل مريشامير ووالت فإن املفهوم نفسه ميكن أن يوظف إسرتاتيجيا

متدد تقليص خالل من الدولية القطبية أحادية أمد إلطالة

الواليات املتحدة خارج إقليمها الحيوي، وترك اآلخرين يتصارعون

تحت رقابتها ورعايتها عىل تحقيق املوازنة يف األقاليم املختلفة.

97 John J. Mearsheimer, "A Return to Offshore Balancing," Newsweek, 30/12/2008, accessed on 20/1/2019, at: https://bit.ly/2UOjcl5

98 John J. Mearsheimer & Stephen M. Walt, "The Case for Offshore Balancing: A Superior U.S. Grand Strategy," Foreign Affairs, vol. 95, no. 4 (July 2016), pp. 71, 78.

99 Ibid., pp. 71 - 72.

100 Ibid., pp. 81 - 83.

5. التوازن من الداخلكام بينا، تركزت املحاوالت التعديلية لـ "تحديث" النظرية الواقعية

تفسريات ضخ عىل الدولية القطبية أحادية حقبة مع ومالءمتها

أمينة املحاوالت هذه بقيت الــدول. بني التوازن لعالقة جديدة

للمبادئ األساسية التقليدية التي تقوم عليها رؤية النظرية الواقعية

للسياسة والعالقات الدولية. فهي تنبثق من استمرار االرتكاز عىل أن

بني كبياتها العالقة وأن الدويل، للنظام األساسية البنى الدول هي

هي التي تشكل ماهية النظام الذي يحتاج إىل توافر نوع من أنواع

السبب الدول الستمرار استقراره. لهذا العالقة بني هذه التوازن يف

حاول التعديليون، كل من زاوية، تقديم إضافة جديدة، ولكن ال تزال

القطبية لتفسري حقبة أحادية الدول، التوازن بني قامئة عىل مرتكز

واستمرارية تربع الواليات املتحدة عىل قمة النظام الدويل.

إىل منتقدوها، يرص كام أدت، التعديلية الزوايا هذه تكون قد

"متييع" النظرية الواقعية. ولكن مام ال شك فيه أن كل واحدة من

هذه الزوايا أضافت قدرة تفسريية إىل النظرية الواقعية، ومنحتها

فهم لتعميق جديدة مسارب فتح خالل من متجددة حيوية

هذه يف نحن الدول. بني والعالقات الدولية السياسة مكنونات

تسهم يف تفسري أن نطرح إضافة زاوية جديدة قد نريد الدراسة

استمرارية أحادية القطبية فرتة أطول مام كان متوقعا يف النظرية

الواقعية التقليدية. الجديد يف هذه الزاوية أنها ال ترتكز عىل مبدأ

لهذا مستجدة صيغة عن تبحث وال الدول، بني التوازن تحقق

القطبية أحادية الستمرارية تفسريها يف تستند هي بل التوازن.

أي حاليا، الدويل النظام قمة املرتبعة عىل الدولة أن إىل الدولية

الواليات املتحدة، هي من النوع الذي يرتكز نظامه السيايس عىل

وجود توازن داخيل. هذا التوازن الداخيل، والذي هو سمة النظام

القدرة اآلن حتى املتحدة الواليات مينح الذي هو الدميقراطي،

عىل استمرارية التفرد. فهو يعطيها أطيافا من املناعة أمام الدول

السيايس للنظام الداخيل التوازن هذا تستخدم والتي األخرى،

الدخول األمرييك مدخال لتحقيق مصالحها، من دون االضطرار إىل

املوازنة لتحقيق املتحدة الواليات مع مكلفة مواجهة عملية يف

التوازن دام ما سيستمر األمرييك التفرد أن ونعتقد معها. الصلبة

ومستجيبا وحيويا، فعاال، يبقى األمرييك السيايس للنظام الداخيل

عىل األخرى الدول من أي خارجه، من فيه التأثري إلمكانيات

التحديد. وجه

من "التوازن حول هنا إضافته نحاول ما أن يظن أن املمكن من

الداخل" يأيت من صميم مرتكزات النظرية الليبالية املنافسة للنظرية

أجل من الليبالية النظرية عىل تتكئ اإلضافة هذه وأن الواقعية،

45دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

إعطاء نفحة حياة مستجدة للنظرية الواقعية. ولكن يجدر التشديد

عىل أن ما يبدو عليه األمر من متاه من خالل االستعارة ليس سوى

يتعلق النظريتني. بني املنهجي االختالف يلحق ال مظهري شكل

مدخلنا يف طرح هذا التعديل الجديد بالعدسة التي تنظر وتقيم من

خاللها الدول األخرى ماهية الدولة املرتبعة عىل قمة النظام الدويل

تكلفة األقل املسار التباع املاهية هذه واستغالل القطبية، أحادي

من ناحية، واألكرث نجاعة لها يف تحقيق أهدافها يف مواجهة الدولة

العظمى، من ناحية أخرى. ما يعنيه ذلك أن اآلليات الداخلية لعمل

النظام السيايس الدميقراطي للواليات املتحدة ميكن أن تكون املدخل

األسلم لدول أخرى، لتاليف املواجهة املفتوحة معها، والتي ميكن أن

تكون مكلفة وغري ناجعة لهذه الدول يف آن، واالستعاضة عن ذلك

إما باستغالل مفاتيح النظام األمرييك ومفاعيله إلحداث التغيري الذي

لحدوث توقعا عليها؛ والصب باالحتامل وإما الدول، هذه تتوخاه

هذا التغيري.

السيايس للدولة النظام التنويه أن املوضوع املتعلق بنوعية يجدر

النظام قمة الرتبع عىل عىل قدرتها استمرارية يف وأثره العظمى،

عدد إشــارات حوله وردت فقد جديدا. موضوعا ليس الــدويل،

أيضا، للدهشة ورمبا لالنتباه، املثري ولكن الواقعية، منظري من

أحد حتى يلتقطها بقيت مقتضبة ومفككة، ومل اإلشارات تلك أن

التوازن يكسبه أن ملا ميكن ناظم تفسريي إطار إىل ويحولها اآلن

عليها الواردة التحديات أمام مناعة من العظمى للدولة الداخيل

من الدولة األخرى.

السيايس النظام نوع أهمية جريفز روبرت التقط ،2009 عام يف

ومواصفات القيادة للنظام األحادي القطبية. وقد أشار إىل أن العامل،

الواليات أن لو اآلن عليه هو عام سيختلف كان الدويل، ونظامه

اعتبه الذي السوفيايت االتحاد وليس انهارت التي هي املتحدة

الدولية(101). السياسة "دكتاتورية" كان تفردها سينتج "كوارث" يف

املنظومة تأثري أهمية طرح يف سبقه كان فقد أكنبي جون أما

السياسية املؤسسات أن بني فقد القوة(102). مامرسة يف الليبالية

وهذا القانون"، إطار يف ومنظمة وشفافة، "منفتحة، األمريكية

ويقلص من عنرص مفاجأتهم توقع ترصفاتها، اآلخرين يسهل عىل

101 Robert Jervis, "Unipolarity: A Structural Perspective," World Politics, vol. 61, no. 1, International Relations Theory and the Consequences of Unipolarity (January 2009), pp. 204 - 205.

102 G. John Ikenberry, "Power and Liberal Order: America's Postwar World Order in Transition," International Relations of the Asia-Pacific, vol. 5, no. 2 (January 2005), pp. 133 - 152.

املواقف استنباط األخــرى الــدول تستطيع ثم ومن بقراراتها.

والتوجهات األمريكية، وبناء مواقفها وعالقاتها مع الواليات املتحدة

تبعا لذلك، مع توافر إمكانية التأثري الخارجي يف السياسة األمريكية

يف السياسية العملية والمركزية السيايس النظام انفتاح إىل نظرا

الواليات املتحدة(103). ويف إشارة عابرة، ذكر ستيفن والت أن طبيعة

النظام السيايس األمرييك تتيح ملجموعات املصالح إمكانية التأثري يف

عىل تقبع القطبية أحادي نظاما فإن وبالنتيجة، السياسات. صنع

قمته الواليات املتحدة ال بد أن يكون أكرث انفتاحا أمام املؤثرات،

واستجابة للضغوط التي ميكن أن متارس عليه من الخارج(104).

استخراج ميكن إليها واإلضافة وتجميعها اإلشارات هذه بالتقاط

سياق يقوم عىل أساس أن التوازن الداخيل الذي يتمتع به النظام

السيايس األمرييك يشكل عامال أساسيا، ليس فقط يف استقرار التفرد

األمرييك الحايل عىل الساحة الدولية، وإمنا أيضا يف اعتبار أن وضعية

أحادية القطبية األمريكية هي حالة فريدة قد ال تتكرر يف مستقبل

النظام الدويل.

النظام السيايس األمرييك هو نظام دميقراطي رئايس؛ ومن ثم ينجم

عن هذا ثالث مواصفات مهمة ألحادية القطبية الدولية:

فقط ليست سلطات، ثالث من يتشكل النظام هذا أن

يعني ما بينها؛ فيام متوازنة وإمنا بعضها عن بعض، منفصلة

أن القرار السيايس مفتت بينها، وليك مير يجب أن يجمع، األمر

التنفيذية السلطتني بني خصوصا توافقات، إىل يحتاج الذي

والترشيعية. هذا النظام املتوازن داخليا، أفقيا يف العالقة بني

وأطياف بأطراف سلطاته عالقة يف وعموديا الثالث، سلطاته

اإلعالم وسائل لتأثري مفتوح ومتعددة، متنوعة مجتمعية

والرأي العام، والسياسة الداخلية تؤثر فيه، كام تؤكد املدرسة

الليبالية املنافسة للمدرسة الواقعية، عىل السياسة الخارجية.

والقضايا األخرى الدول تجاه األمريكية املواقف فإن وهكذا،

الدولية تتأثر مبؤثرات داخلية ال سلطان ملركز القرار السيايس

أمام مفتوح األمرييك السيايس النظام أن يعني وهذا عليها.

الداخلية. التأثريات

وإمنا الداخلية، للتأثريات ليس مفتوحا فقط النظام أن هذا

الضغط فمجموعات الخارجية. للتأثريات أيضا عرضة هو

لتحقيق السعي تستطيع السواء، عىل والخارجية، الداخلية

103 Ibid., p. 140.

104 Walt, "Alliances in a Unipolar World," p. 119.

46 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مصالحها من خالل مامرسة الضغط املرشع واملنظم قانونيا.

من هذا املنطلق تستطيع الدول املختلفة، إن هي أرادت، أن

متارس ضغوطها، ومامرسة التأثري لتحقيق مصالحها من داخل

"الشقوق" القانونية املسموح بها يف النظام السيايس األمرييك،

املهمة، بهذه للقيام أمريكيني ــالء" "وك توظيف ولدرجة

االنفتاح هذا وتحميها. مصالحها لتحمل "لوبيات" وإيجاد

من األمرييك السيايس للنظام الداخيل التوازن يوفره الذي

ناحية فعلية، واالنطباع الذي يرتكه عند الدول األخرى، ميكن

أن يكون لهام بالغ التأثري يف كبح رغبتها يف السعي لتحقيق

التوازن الصلب مع الواليات املتحدة، وهو أمر مكلف؛ لكونه

يضع من يحاول ذلك يف مواجهة مبارشة مع القوة العظمى

أن املعنية الدول عىل تكلفة وأقل أسهل سيكون العامل. يف

العمل خالل من التأثري مبامرسة املواجهة عن عوضا تقوم

السياسات واملواقف لتغيري نفسه األمرييك النظام من داخل

لصالحها. األمريكية

السيايس األمرييك بكونه نظاما رئاسيا، واملدة النظام يتسم

دستوريا ومحددة محدودة وإدارته الرئيس يقضيها التي

ال ميكن الرئيس أن ذلك معنى تقدير. أقىص بفرتتني عىل

هذه سنوات. الثامين تتعدى مدة الحكم يف يستمر أن

املحدودية الزمنية لها دور بالغ األهمية يف تشكيل االنطباع

وبالتحديد األخرى، الدول عند األمريكية السياسة حول

ثابتة، بالرضورة ليست األمريكية السياسات أن اتجاه يف

الرؤساء بتغري املرتبط املستمر للتحول عرضة هي وإمنا

ما دولة تجاه األمريكية السياسات كانت فإن واإلدارات.

معينني، فإن من املمكن غري مواتية يف عهد رئيس وإدارة

وبحساب جديدين. وإدارة رئيس عهد يف ذلك يتغري أن

لها األجدى أن من الدول تجد أن التكلفة، ميكن بسهولة

بسبب الفائقة، القوة ذات املتحدة الواليات تواجه أال

فرتته ينهي حتى تنتظر أن بل بذاته، رئيس سياسات

تأيت مختلفة سياسات ذات تكون قد جديدة إدارة وتأيت

دراسة من العبة الدول هذه تستقي وعندما ملصلحتها.

اإلدارات تغري أن تجد الحديث، األمرييك السيايس التاريخ

دامئا جلب الثانية العاملية الحرب انتهاء منذ األمريكية

معه إمكانية حدوث تغري يف التوجهات والسياسات. وهذا

األمريكية، السياسة تغري يف أمال املختلفة الدول مينح ما

الرئيس واإلدارة للعمل مع يدفعها كل منها ملصلحته، وال

أن ميكن من مع بل فقط، حينئذ الحكم يف املوجودين

السياسة. لتغيري هذه أيضا يأيت بعد ذلك

حاليا، ترامب الرئيس إدارة مثال، السياق، هذا يف لنأخذ

منافسة، أم كانت حليفة عديدة، دول عىل متارس التي

بتعديل مثال يتعلق فيام خصوصا مفتوحة، ضغط حمالت

وتحمل املتحدة، الواليات ملصلحة التجاري التبادل ميزان

املادية الستمرار التكاليف إضافية من األخرى نسبة الدول

معاهدات من والــخــروج معها، التقليدية التحالفات

الدويل القانون قواعد التزام من والتحلل دولية، ومواثيق

ونواظمه وتقليص التعاون مع الدول األخرى داخل الهيئات

واملنظامت الدولية. السؤال الذي يحتاج إىل تفسري هو: ملاذا

العدائية الهجومية - النزعة ذات السياسات هذه تؤد مل

تجاه العديد من الدول، والتي تثري االضطراب الشديد عىل

صعيد العالقات الدولية، إىل استنفار عند متلقيها، واالندفاع

ويسعى اإلدارة هذه يواجه مضاد تحالف تشكيل نحو

الجواب، يكمن قد املتحدة؟ الواليات مع التوازن لتحقيق

عابرة ستكون األمريكية اإلدارة هذه أن يف منه، بعض أو

األوىل فرتتها انتهاء بعد تذهب قد اإلدارات، من كغريها

فقط. ثانية لوالية متتد وقد فقط، سنوات أربع املمتدة

مختلفة. بتوجهات وسياسات إدارة جديدة تأيت قد بعدها

املتحدة الواليات مع شاملة مواجهة لفتح داعي ال لذلك

بسبب إدارة رئاسية مؤقتة.

عوامل وجود من األمــرييك السيايس النظام به يتسم ما

لهذا الداخيل التوازن سمة لضامن مجتمعة تعمل عديدة

األخرى، الدول خصوصا خارجه، اآلخرين تعطي النظام

النظام. هذا يف بالتأثري لديهم اإلمكانية بتوافر االنطباع

فالسياسة األمريكية وصناعة السياسات ليست ثابتة، نهائية،

وقطعية، بل متغرية تعمل وفق مبدأ تحرك "بندول" ساعة

الحائط الذي يستمر يف التأرجح ميينا ويسارا. هذا التأرجح،

وإمكانية استغالله للتأثري الخارجي، ميكن أن يعطي الدول

الدخول من مالءمة أشد بديال منها، الكبى األخرى، حتى

يف مواجهة مبارشة مع الواليات املتحدة، والذهاب يف اتجاه

القطيعة معها. وقد يكون يف هذه امليزة ما يطيل أمد تفرد

القطبية، أحــادي نظام هرم قمة عىل املتحدة الواليات

ولحني تضافر عوامل خارجية مختلفة تسمح لدولة كبى أو

استعادة مبارشة يف مسعى بصفة ملجموعة دول مبواجهتها

توازن القوى عىل الصعيد الدويل.

47دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

خاتمةالنظرية واجهته الــذي املــأزق طبيعة الدراسة هذه عالجت

السوفيايت، االتحاد وانهار الرشقية الكتلة تفككت عندما الواقعية

مخلفا نظاما دوليا جديدا، مل تكن هذه النظرية تتوقعه أو مؤهلة

عالجت خلفية بعد القطبية. أحــادي نظام وهو أال لتفسريه،

الفعل رد يف الدراسة هذه بحثت للواقعية، األساسية املرتكزات

التقليدي الذي جاء رسيعا، بل مترسعا، بعد انهيار ثنائية القطبية

الدولية، وبرش برضورة العودة القريبة لتوازن القوى عىل الساحة

الدولية، ويرسها. وعندما مل يتحقق ذلك بالرسعة املتوقعة، بدأت

النظرية الواقعية تتعرض لوابل من االنتقادات من مناوئيها، وحتى

عددا دفع نحو "ورطة"(105)؛ عىل واعتبت يف داخل صفوفها، من

التفسريية القدرة ملواءمة تعديلية منافذ لتطوير الواقعيني من

الغرض تم الدولية. لهذا القطبية لنظريتهم مع طول بقاء أحادية

املصالح" و"توازن الناعم" و"التوازن التهديد" "توازن استعراض

و"التوازن خارج املجال". وقد قمنا بإضافة تعديل جديد نعتقد أنه

"التوازن القطبية، وهو أحادية إضافة تفسريية الستمرارية يشكل

من الداخل".

يف القطبية ثنائية انهيار بعد الدويل النظام عىل جذري تغري طرأ االنتقادات العديد من توجيه املايض، وتم القرن مطلع تسعينيات تستمر النظرية أن هذه غري ذلك، جراء من الواقعية النظرية إىل فقد الدولية. العالقات مجال يف النظريات أهم إحدى كونها يف متتعت الواقعية بقدرة تفسريية عالية ملجريات ما شهده العامل سابقا من نظام دويل متعدد األقطاب، ومن ثم ثنايئ القطبية. وهي اآلن أمامها اآلفاق لفهم تشهد تطورات وتحوالت داخلية عميقة، تفتح

105 Jeffrey W. Legro & Andrew Moravcsik, "Is Anybody Still a Realist?" International Security, vol. 24, no. 2 (Fall 1999), p. 5.

مكنونات حالة أحادية القطبية الدولية، وتقديم التحليالت املفرسة الستمرارية هذه األحادية.

ال تزال النظرية الواقعية مفعمة بالنشاط ومليئة بالحيوية، وسيستمر لها شأن كبري، وأثر قوي يف مجال دراسة السياسة والعالقات الدولية.

المراجعالعربية

العاملية. السياسة عوملة (محرران). سميث وستيف جون بيليس، ديب: مركز الخليج لألبحاث، 2004.

الدولية: تحليل القطبية "الرؤى اإلسرتاتيجية لثاليث الجرباوي، عيل. مضمون مقارن". سياسات عربية. العدد 31 (آذار/ مارس 2018).

ليتل، ريتشارد. توازن القوى يف العالقات الدولية. بريوت: دار الكتاب العريب؛ ديب: مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، 2009.

والت، ستيفن، نهاية العرص األمرييك. ترجمة وتعليق محمد العريب.

سلسلة أوراق 4. اإلسكندرية: مكتبة اإلسكندرية، 2012.

ترجمة الدولية. للسياسة االجتامعية النظرية ألكسندر. ونت،

للنرش سعود امللك جامعة الرياض: العتيبي. صالح جب الله عبد

واملطابع، 2006.

وولفورث، وليم. استقرار عامل القطب الواحد. سلسلة دراسات عاملية

36. أبوظبي: مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االسرتاتيجية، 2001.

األجنبيةBrooks, Stephen G. & William C. Wohlforth. World Out

of Balance: International Relations and the Challenge

of American Primacy. Princeton: Princeton University

Press, 2008.

________. America Abroad: Why the Sole Superpower

Should Not Pull Back from the World. Oxford: Oxford

University Press, 2016.

Brown, Michael E., Sean M. Lynn-Jones & Steven E.

Miller (eds.). Perils of Anarchy: Contemporary Realism

and international security. Cambridge: MIT Press, 1995.

Donnelly, Jack. Realism and International Relations.

Series Themes in International Relations. Cambridge:

Cambridge University Press, 2004.

48 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

Gilpin, Robert. "The Richness of the Tradition of

Political Realism." International Organization. vol. 38,

no. 2 (Spring 1984).

Griffiths, Martin (ed.). International Relations Theory

for the Twenty-First Century: An introduction. London;

New York: Routledge, 2007.

Ikenberry, G. John (ed.). America Unrivaled: The

Future of the Balance of Power. Cornell Studies in

Security Affairs. New York; London: Cornell University

Press, 2002.

________. "Power and liberal order: America's postwar

world order in transition." International Relations of

the Asia-Pacific. vol. 5, no. 2 (January 2005).

Jervis, Robert. "Unipolarity: A Structural Perspective."

World Politics. vol. 61, no. 1. International Relations

Theory and the Consequences of Unipolarity

(January 2009).

Krauthammer, Charles. "The Unipolar Moment."

Foreign Affairs. vol. 70, no. 1. America and the World

(1990/1991).

Layne, Christopher. "The Unipolar illusion: Why New

Great Powers Will Rise." International Security. vol. 17,

no. 4 (Spring 1993).

_____. "From Preponderance to Offshore Balancing:

America's Future Grand Strategy." International

Security. vol. 22, no. 1 (Summer 1997).

_____. "Offshore Balancing Revisited." Washington

Quarterly. vol. 25, no. 2 (Spring 2002).

_____. "The Unipolar Illusion Revisited: The Coming

End of the United States Unipolar Moment."

International Security. vol. 31, no. 2 (Fall 2006).

_____. "This Time it's Real: The End of Unipolarity and

the Pax Americana." International Studies Quarterly.

vol. 56, no. 1 (March 2012).

________. "The US–Chinese power shift and the end

of the Pax Americana." International Affairs. vol. 94,

no. 1 (2018).

Legro, Jeffrey W. & Andrew Moravcsik. "Is Anybody

Still a Realist?" International Security. vol. 24, no. 2

(Fall 1999).

Lieber Keir A. & Gerard Alexander. "Waiting for

Balancing: Why the World is Not Pushing Back."

International Security. vol. 30, no. 1 (Summer 2005).

Mearsheimer, John J. "The False Promise of

International Institutions." International Security. vol.

19, no. 3 (Winter 1994/1995).

Mearsheimer, John J. & Stephen M. Walt. "The Case for

Offshore Balancing: A Superior U.S. Grand Strategy."

Foreign Affairs. vol. 95, no. 4 (July 2016).

Pape, Robert A. "Soft Balancing Against the

United States." International Security. vol. 30, no.1

(Summer 2005).

Paul, T.V. "Soft Balancing in the Age of U.S. Primacy."

International Security. vol. 30, no.1 (Summer 2005).

Schweller, Randall L. "Bandwagoning for Profit:

Bringing the Revisionist State Back in." International

Security. vol. 19, no. 1 (Summer 1994).

Schweller, Randall L. & Xiaoyu Pu. "After Unipolarity:

China's Visions of International Order in an Era of

U.S. Decline." International Security. vol. 36, no. 1

(Summer 2011).

Walt, Stephen M. "Alliance Formation and the Balance

of World Power." International Security. vol. 9, no. 4

(Spring 1985).

_____. The Origins of Alliances. Cornell Studies

in Security Affairs. New York: Cornell University

Press, 1987.

49دراسات

النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية

_____. "Testing Theories of Alliance Formation: The

Case of Southwest Asia." International Organization.

vol. 42, no. 2 (Spring 1988).

_____."International Relations: One World, Many

Theories." no. 110. Special Edition: Frontiers of

Knowledge (spring 1998).

_____. Taming American Power: The Global Response

to U.S. Primacy. New York: W. W. Norton &

Company, 2006.

Waltz, Kenneth N. "Alliances in a Unipolar World."

World Politics. vol. 61, no. 1 (January 2009).

_____. Theory of International Politics. Massachusetts;

California; Amsterdam: Addison-Wesley, 1979.

_____."The Origins of War in Neorealist Theory." The Journal

of Interdisciplinary History. vol. 18, no. 4 (Spring 1988).

_________. "Structural Realism after the Cold War."

International Security. vol. 25, no. 1 (Summer 2000).

Williams, Michael C. The Realist Tradition and

the Limits of International Relations. Cambridge:

Cambridge University Press, 2005.

_________. "The United States: Alone in the World."

in: I. William Zartman (ed.). Imbalance of Power: US

Hegemony and International Order. London: Lynne

Rienner Publishers, 2009.

Wohlforth, William C. "The Stability of a Unipolar

World." International Security. vol. 24, no. 1

(Summer 1999).

Wohlforth, William C. et al. "Testing Balance-of-

Power Theory in World History." European Journal of

International Relations. vol. 13, no. 2 (June 2007).

*Ghassan Elkahlout | غسان الكحلوت

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص،دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

Challenges and Opportunities for Refugees in Host Countries: Jordan as a Case Study

50 ددعلألا

50 اراأ أ رايأرايأ

* أستاذ دراسات العمل اإلنساين، برنامج دراسات النزاع والعمل اإلنساين، معهد الدوحة للدراسات العليا.* Professor of Humanitarian Work Studies, Conflict Management and Humanitarian Action Program, Doha Institute for Graduate Studies.

تســببت الحــرب في ســورية في تدفــق أعداد كبيــرة من الالجئين الســوريين، وقــد كان لألردن نصيــب فــي اســتقبال عدد كبيــر منهم، فأدى ذلك إلى اســتنزاف مــوارد الحكومــة األردنية، ما كان له تأثير كبير في المجتمع األردني في النواحي كافة. تحلل هذه الورقة أثر تدفق الالجئين واالقتصاديــة اإلنســانية والفــرص التحديــات مــن كل علــى الضــوء وتســلط األردن، فــي واالجتماعية التي واجهت المجتمع األردني وتوافرت لديه مع وصول السوريين. تميل الورقة إلــى الــرأي القائــل إن الالجئيــن إن توافرت لهم الظــروف يمكن أن يكونــوا إضافة مهمة إلى البلــدان المســتضيفة، وأن يســاهموا مســاهمة إيجابيــة فــي مياديــن شــتى، منهــا االقتصــاد

والتنمية.

كلمات مفتاحية: األردن، سورية، الالجئون السوريون، الدول المستضيفة.

The war in Syria caused many people to flee the country, a large proportion of which entered Jordan as refugees. This has depleted the resources of the Jordanian government, and significantly impacted upon Jordanian society in all respects. This paper analyses the impact of the influx of refugees into Jordan and highlights the humanitarian, economic and social challenges and opportunities their arrival presented to Jordanian society. The paper suggests that refugees can be an important addition to host countries, making a positive contribution to the economy and development.

Keywords: Jordan, Syria, Syrian Refugees, Host Countries.

51دراسات

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

مقدمةمع اندالع ثورات الربيع العريب، شهدت املنطقة موجات كبرية من

اللجوء والنزوح، حيث أضحى اللجوء من أهم املعضالت التي تواجه

والعراقيني السوريني من ماليني مع هذا، يومنا يف العربية البالد

والفلسطينيني واليمنيني والليبيني، وآخرين صاروا الجئني أو نازحني

أو هاربني ينتظرون فرصة لعبور البحر للهجرة. هناك انطباع متناقل،

هو أن اللجوء دامئا ما يكون عبئا عىل الدولة املستضيفة، فهو حمل

غري مخطط له عىل البنية التحتية واالقتصاد واملوارد والخدمات. لكن

حسن إن املستضيفة، لألوطان هبة الالجئني أن يعتقد من هناك

استثامرها ساهمت يف البناء االقتصادي لهذه الدول.

براثن يف سورية سقطت الزائف، االستقرار من طويلة عقود بعد

حرب مدمرة، مثبتة أن تبعاتها ال تعرف حدود السيادة الوطنية؛ إذ

تجاوزت آثار الحرب الجغرافيا السورية لتشمل كل الدول املجاورة.

كان لألردن نصيب كبري من تداعياتها، ويف ذلك ألقى إمام الحرضة

الهاشمية وقايض قضاة األردن، أحمد هليل، يف كانون األول/ ديسمب

2016 خطبة حذر فيها من انهيار األردن، موضحا أن األردنيني "ضاقت

الدولة عىل الصعاب تراكمت حيث واشتدت"(1)، حولهم األخطار

ذات السياق املعقد جيوسياسيا واجتامعيا واقتصاديا وتاريخيا.

فرضت الحرب يف سورية عىل األردن تحديات متعددة املستويات،

وضاعفت من معاناة الدولة يف نواح كثرية، فقد أصبحت الحكومة

تتحمل نفقات أمنية وعسكرية متزايدة ملواجهة تهديدات الجامعات

واملرافق اإلسكان قطاع عىل بشدة الالجئون ضغط كام املسلحة.

والنفايات واملاء الكهرباء خصوصا والخدمات، التحتية، والبنى

هذه من نصيب أيضا والصحة للتعليم وكان الصحي، والرصف

الالجئني بني العمل سوق يف العايل التنافس إىل إضافة الضغوط،

السوريني واملواطنني األردنيني، فضال عن املكاسب الضائعة من جراء

الشامل األردين والجنوب التجاري بني املرور والتبادل توقف حركة

السوري. أضافت أعباء األزمة حمال عىل أحامل؛ وهذا ما دفع امللك

البيطانية (يب يب لقاء مع هيئة اإلذاعة الثاين، يف الله األردين، عبد

الغليان، وإنه عاجال أو البالد "وصلت إىل نقطة القول إن يس) إىل

تتبنى آراء الرغم من هذا، هناك السد"(2). وعىل ينهار آجال سوف

نواح له من مفيدا كان األردن السوري يف اللجوء أن النظر وجهة

وعاملهم أموالهم بــرؤوس ساهموا فالسوريون أيضا؛ متعددة

بخطبة الخليج دول لحكام 'تحذيره' أعقاب يف يستقيل األردن قضاة 1 "قايض شوهد ،2017/1/22 بالعربية، CNN وثرواتكم؟'"، أموالكم هي 'أين الجمعة:

https://goo.gl/nDAp2h :يف 2019/3/21، يف

2 "Syria Conflict: Jordanians 'at Boiling Point' over Refugees," BBC News, 2/2/2016, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMigf

عليه، وبناء والتطوير. التنمية عجلة تحفيز يف وحرفهم وخباتهم

تهدف هذه الورقة إىل اختبار إىل أي مدى كان أثر الالجئني السوريني

يف اململكة األردنية الهاشمية إيجابيا أو سلبيا؟

لإلجابة عن السؤال البحثي، زار الباحث شامل األردن زيارات متكررة

بني عامي 2013 و2018، مستطلعا آراء ممثيل املجتمع والبلديات،

قدمت رسمية غري ومناقشات ومقابالت مكثفة مالحظات شملت

املحلية املجتمعات ملمثيل النظر وجهات حول معمقة رؤى

املعلومات عىل إىل الوصول من الباحث متكن البلدية. والسلطات

نحو أيرس كونه استشاريا لبنامج األمم املتحدة اإلمنايئ لتخفيف أثر

السوري. اللجوء أزمة بداية األردنيني يف املواطنني الالجئني يف أزمة

أدبية مراجعة فأجرى الثانوية، املصادر عىل أيضا الباحث اعتمد

شملت عددا من املقاالت األكادميية والتقارير التقنية واإلعالمية التي

عالجت أزمة اللجوء السوري يف األردن.

تنقسم الورقة إىل ثالثة محاور، يستعرض أولها األدبيات التي ناقشت

الفرص والتحديات التي تواجهها الحكومات واملجتمعات املستضيفة

لالجئني. ثم يقدم ثانيها تاريخ األردن مع اللجوء منذ نشأته بوصفه

من أهم الدول املستضيفة لالجئني يف املنطقة. ويختتم ثالثها بتحليل

ن األردن من حصدها اآلثار السلبية للجوء السوري والفوائد التي متك

منذ بداية األزمة.

أوال: اللجوء: فرص وتحديات:مراجعة أدبية

الالجئني، املتحدة لشؤون لألمم السامية املفوضية وفق إحصائيات

أعداد لتبلغ ديارهم، من الفرار إىل شخص 44400 يوميا يضطر

داخليا، نازح مليون 40 منهم مليون شخص، 68.5 اليوم النازحني

بنسبة العامل، حول لجوء طالبو ماليني و3.1 الجئ، مليون و25.4

بدون شخص ماليني 10 هؤالء من شخصا، عرش ثالثة لكل واحد

جنسية. 57 يف املئة من الالجئني يأتون من دول ثالث، هي: سورية

وأوغندا وباكستان تركيا وتتصدر السودان. وجنوب وأفغانستان

ولبنان وإيران قامئة البلدان األكرث استضافة لالجئني(3).

أما وصف الالجئ، وفقا التفاقية عام 1951 الخاصة بوضع الالجئني،

فيطلق عىل كل "شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته املعتادة،

التعرض لالضطهاد بسبب العنرص، أو بسبب خوف له ما يبره من

الدين، أو القومية، أو االنتامء إىل طائفة اجتامعية معينة، أو إىل رأي

لشؤون املتحدة لألمم السامية العامل"، املفوضية حول قرسيا نازح مليون 68.5" 3http://bit.do/eMcz4 :الالجئني، 2018/11/30، شوهد يف 2019/3/21، يف

52 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

سيايس، وال يستطيع بسبب ذلك الخوف أو ال يريد أن يستظل/ تستظل

بحامية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض لالضطهاد"(4).

بصفة املستضيفة الحكومات عىل الالجئني حامية مسؤولية تقع

أساسية، خصوصا املوقعة منها اتفاق اللجوء عام 1951 وعددها 139

دولة. وعىل املفوضية السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئني التزام

قانوين مبراقبة تنفيذ الدول لبنود ذلك االتفاق، أما الدول غري املوقعة

فإنها ملزمة بحامية الالجئني وفقا ملعايري الحامية األساسية الواردة يف

القانون الدويل العام، تحديدا مبدأ عدم اإلعادة القرسية الوارد أيضا

يف العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية(5).

الدول يف اللجوء أثر تقييم حول األدبيات بني اتفاق يوجد ال

اللجوء ميثل أن الباحثني إلثبات املستضيفة، ويف حني يسعى بعض

حافزا لعجلة التنمية والتطوير والتنوع يف بعض السياقات، فإن دي

غروت أثبت أن اللجوء يعد معضلة يصعب عىل أغلب الدول تحمل

أعبائها(6)، وعادة ما يحكم ذلك تفاصيل خاصة بكل سياق، منها املوقع

اللجوء موجة قبل للدولة واالجتامعي االقتصادي واألداء الجغرايف،

وأثناءها، وغريها من الحيثيات. فالبديهي أننا ال نستطيع املقارنة بني

الدول الغربية املتقدمة مع الدول النامية مبشاكلها البنيوية املزمنة

مؤسسات لديها بأن تتميز فاألوىل الضعيفة. املؤسساتية والبيئة

ومجتمعات قوية باقتصادات مدعومة املهاجرين الستقبال راسخة

مستقرة فعالة، يف حني تعاين الثانية أوجه قصور اقتصادية وسياسية

أملانيا مثل دول تستطيع املثال، سبيل وبريوقراطية شديدة(7). عىل

والسويد، مثال، أن تتحمل استقبال أعداد من الالجئني من دون أن

تتكبد خسائر عىل املستوى االقتصادي والدميوغرايف والبيئي.

الراسخ يف األذهان أن الالجئني يشكلون عبئا ثقيال عىل عاتق البلدان

والسياسية واملالية االقتصادية التكاليف ناحية من املستضيفة

واملؤسسية واالجتامعية والبيئية. تتحمل الدول تكاليف مالية مبارشة

وإعادة واإلعالة، والرعاية املؤقت، واملــأوى اللجوء نظام لتوفري

الالجئني املرفوضة طلباتهم. كام تواجه املجتمعات املستضيفة أزمات

اللجوء املزمن أو الطويل األمد مثل األفغان يف باكستان والصوماليني

يف كينيا، فتكون العواقب وخيمة، بسبب البيئة الخصبة لتغذية عدم

4 "ما هي اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع الالجئني"، املفوضية السامية لألمم املتحدة http://bit.do/eMcAa :لشؤون الالجئني، شوهد يف 2019/3/21، يف

5 املرجع نفسه.

6 Olaf J. De Groot, "The Spillover Effects of Conflict on Economic Growth in Neighbouring Countries in Africa," Defence and Peace Economics, vol. 21, no. 2 (April 2010), pp. 149 - 164.

7 Idean Salehyan, "The Externalities of Civil Strife: Refugees as A Source of International Conflict," American Journal of Political Science, vol. 52, no. 4 (October 2008), pp. 787 - 801.

االستقرار والتوترات وحتى الرصاعات. من السهل تجنيد أعداد كبرية

من السكان املهملني واملحبطني، ما يهدد الوضع االجتامعي والسيايس

للبلد املستضيف واملنطقة. يف بعض األحيان، تتضخم هذه التوترات

موقف من االستفادة يتوقعون الذين السياسيون القادة ويعززها

صارم تجاه القادمني غري املرغوب فيهم. تساهم االختالفات الثقافية

واللغوية للسكان املقيمني أو املامرسات االجتامعية والثقافية الغريبة

يف خلق التوترات للقادمني الجدد(8).

ميكن الالجئني أن وفريوميب ميستات مثل آخرون باحثون يعتقد

أن يكون لهم أثر إيجايب يف بالد اللجوء(9)؛ بحيث ميكن لالجئني أن

يساهموا اقتصاديا يف املجتمعات التي ترحب بهم يف نواح عديدة:

كعامل ورواد أعامل ودافعي رضائب ومستهلكني ومستثمرين. عىل

الواليات إىل الذي وصل ،Sergey Brin برين املثال سريجي سبيل

املتحدة طفال الجئا من االتحاد السوفيايت وشارك فيام بعد يف تأسيس

عمالق التكنولوجيا "غوغل"(10)، وأصبح يل كا شينغ الذي كان من بني

الصينيني الذين لجؤوا إىل هونغ كونغ، التي كانت تديرها بريطانيا،

بعد الثورة الشيوعية يف عام 1949، أغنى رجل يف آسيا(11). كام ميكن

أن تساعد جهود الالجئني يف خلق فرص العمل، ورفع إنتاجية العامل

التجارة وتحفيز األمــوال، رؤوس عوائد ورفع وأجورهم، املحليني

واالستثامر، وتعزيز االبتكار. كام قد يساعد الالجئون يف املهن التي ال

يقبل السكان املحليون إشغالها مثل األعامل الحرفية وأعامل التنظيف

ورعاية املسنني، واألعامل التي تتطلب مجهودا بدنيا شاقا. من جهة

التمويل حجم زيادة إىل تؤدي الالجئني استضافة إن يقال أخرى،

الدويل واملعونات اإلنسانية واالقتصادية املقدمة لهذه الدولة، وهذا

البنية وتطوير املستويات جميع عىل قدرتها لتعزيز فرصة يعتب

التحتية، وإطالق مشاريع جديدة من شأنها املساهمة يف خلق فرص

... إلخ، وهكذا يستفيد املواطنون الفقر عمل والتخفيف من حدة

املحليون والالجئون عىل حد سواء(12).

8 Margarita Puerto Gomez, Asger Christensen & Yonatan Yehdego Araya, "The Impacts of Refugees on Neighboring Countries: A Development Challenge," World Bank (July 2011), accessed on 21/3/2109, at: https://bit.ly/1YiJsR9

9 Jean-François Maystadt & Philip Verwimp, "Winners and Losers among a Refugee-hosting Population," Economic Development and Cultural Change, vol. 62, no. 4 (July 2014), pp. 769 - 809.

10 Philippe LeGrain, "Welcoming Refugees Makes Good Economic Sense, too," International Trade Centre, International Trade Forum, no. 3 (2016), p. 22.

11 Anthony B. Chan, "Creating Wealth in Twenty-first Century China: Li Ka-shing and his Progenies," Asian Affairs: An American Review, vol. 34, no. 4 (Winter 2008), pp. 193 - 209.

12 انظر: عمر ضاحي، "أزمة الالجئني يف لبنان واألردن: الحاجة إىل اإلنفاق عىل التنمية االقتصادية"، نرشة الهجرة القرسية، العدد 47 (أيلول/ سبتمب 2014)، ص 11.

53دراسات

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

أوضحت إحدى دراسات األمم املتحدة أن اآلثار اإليجابية الستضافة

ينفق لبنان كانت حارضة، فمقابل كل دوالر السوريني يف الالجئني

دوالر نصف يضاف السوريني، لالجئني اإلنسانية االستجابة عىل

هذا وعىل املضاعفة. اآلثار خالل من اللبناين االقتصاد إىل آخر

النحو، يؤدي إنفاق نحو 800 مليون دوالر سنويا عىل الالجئني إىل

أن إىل الدراسة وتشري دوالر. مليار 1.2 قدره إجاميل إيجايب تأثري

املساعدات اإلنسانية تضيف 1.3 يف املئة إىل الناتج املحيل اإلجاميل

اللبناين سنويا(13). وقد ساهمت استضافة الالجئني السوريني يف تشغيل

املنظامت اإلنسانية، إذ كانت قبل اندالع الحرب يف عام 2011 ال تضم

سوى عدد قليل من املوظفني، فأصبحت تضم مئات املوظفني وتوفر

صورة يف النقدي التمويل زيادة إىل إضافة للبنانيني، عمل فرص

مساعدات غذائية، ما خلق فرصا تجارية للرشكات املحلية. وبهذا منا

االقتصاد اللبناين بنحو 2 يف املئة يف عام 2014 مقارنة بـ 0.9 يف املئة

يف عام 2013. إذا، نستطيع القول إن اللجوء ليس كله رشا كام يعتقد

البعض؛ فهو قد يكون الضارة النافعة للبلد املستضيف.

ثانيا: األردن: محطة تاريخية للجوءوإليها وعبها األردن الهجرة من العديد من حركات أدى تاريخيا،

والسيايس واالقتصادي الدميوغرايف الهيكل تشكيل يف رئيسا دورا

للدولة(14)، ويعزى ذلك إىل وجود األردن يف تقاطع طرق بني منطقتني

رئيستني من مناطق عدم االستقرار والنزاعات الطويلة، جعلها وجهة

والعراق ولبنان فلسطني من القرسية الهجرة موجات من للعديد

وأخريا من سورية(15). تأثر األردن بكل الحروب التي خاضها العرب

العراقية - اإليرانية، الحرب أدت وكذلك الصهيوين، الكيان مع

والحرب األهلية يف لبنان، والغزو العراقي للكويت، والحرب األمريكية

عىل العراق، وثورات الربيع العريب إىل موجات تهجري كبرية لالجئني

الصومال األردن يؤوي الجئني من األردن. إضافة إىل ذلك، فإن إىل

والسودان وليبيا واليمن.

اإلنساين الوضع يف الحادث والتدهور الواقع يف سورية الرعب أدى

املجاورة. الدول إىل واللجوء السوريني من املاليني هروب إىل فيها

استقبل األردن عددا كبريا من الالجئني، مثله يف ذلك تركيا ولبنان ومرص

13 Shereen Hamadeh, "A Critical Analysis of the Syrian Refugee Education Policies in Lebanon Using a Policy Analysis Framework," Journal of Education Policy, vol. 34, no. 3 (September 2018), pp. 1 - 20.

14 "Jordan: The Demographic-economic Framework of Migration: The Legal Framework of Migration: The Socio-political Framework of Migration," European University Institute & Migration Policy Centre (June 2013), accessed on 21/3/2109, at: http://bit.do/eMdLd

15 Ibid.

والعراق. يقدر عدد السكان يف األردن بنحو 10 ماليني نسمة، يزيد عدد الالجئني واملقيمني عىل 2.9 مليون، بنسبة واحد لكل شخصني ونصف. يشكل غري األردنيني ثلث السكان، أغلبهم الجئون، العراقيون 129349، واليمنيون 30791، والليبيون 22429، واملرصيون الوافدون 636270، بينام تجاوز السوريون 1247296 (16)، يف حني يقارب عدد الفلسطينيني املسجلني يف األونروا 2.1 مليون الجئ(17). وعليه، يستضيف األردن ثاين أكب نسبة يف العامل من الالجئني مقارنة بعدد املواطنني، وخامس أكب

عدد من الالجئني من حيث القيمة املطلقة(18).

أما الالجئون السوريون فيستقر أغلبهم يف شامل األردن، ويعود ذلك

لهم صالت املنطقة تلك يف السكان من كبريا عددا أن حقيقة إىل

باألخص منطقة السوري، الجنوب أبناء متبادلة مع قرابة وزيجات

"وادي حوران" التي متتد بني البلدين. هذا إىل جانب حركة التجارة

املنطقة. تلك يف الحدود عب البلدين بني املستمر والسفر القوية

يف 20 إذ الحرضية، املناطق يف السوريني الالجئني أغلب يرتكز

مخيم سكان من وأغلبهم املخيامت؛ يف يقيمون منهم فقط املئة

لألرقام وطبقا الجئ(19). ألف 80 عددهم البالغ لالجئني الزعرتي

للفرتة اململكة يف املقيمني لألفراد السكانية اإلسقاطات األردنية، العامة اإلحصاء 16 دائرة https://bit.ly/2HApcvi :2015-2050(، (كانون األول/ ديسمب 2016)، شوهد يف 2019/3/21، يف(

"أين األدىن، الرشق يف الفلسطينيني الالجئني وتشغيل إلغاثة املتحدة األمم 17 وكالة http://bit.do/eMijU :نعمل"، شوهد يف 2019/3/21، يف

18 ألكساندرا فرانسيس، "أزمة الالجئني يف األردن"، مركز كارنيغي للرشق األوسط (متوز/ https://bit.ly/2HToh8m: يوليو 2015)، شوهد يف 2019/3/21، يف

19 آمال محمد الزغلول ولبنى مخلد العضايلة، "املشكالت التي تواجه الالجئني السوريني اإلنساين: "األمن الثاين: الدويل املؤمتر مقدمة يف ورقة ميدانية"، دراسة الزعرتي: مخيم يف والنازحني الالجئني دراسات مركز املضيفة"، املجتمعات ودور الدويل املجتمع التزامات

والهجرة القرسية، جامعة الريموك، األردن، 2017، ص 142.

54 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

املقيمني السوريني توزيع فإن األردين، اإلحصاء دائرة عن الصادرة

عامن، األردنية العاصمة يف يعيشون 435578 ييل: كام األردن يف

الزرقاء، ويتوزع 343479 يف إربد، 207903 يف املفرق، 175280 يف

باقي الالجئني عىل بقية املحافظات األخرى، مع مالحظة ارتفاع عدد

السكان يف بعض املحافظات بنسبة 30 يف املئة خالل السنوات القليلة

املاضية(20). ومن الجدير بالذكر أنه دامئا ما تشوب األرقام العديد من

اإلشكاليات من ناحية دقتها، يف حني يعتب تضارب األرقام محط نزاع

بني الدوائر الحكومية واملنظامت والوكاالت الدولية. قد يفرس هذا

عىل للحصول األرقام تعظيم يف األردنية الحكومة برغبة التضارب

مساعدات دولية، ورمبا كان للجوء غري الرسمي واملسجل دور يف ذلك

الفرق؛ فعدد املسجلني لدى وكاالت األمم املتحدة يقارب 630 ألف

الجئ، بينام ضعف الرقم، أي ما يزيد عىل 1.2 مليون، موجود عىل

األرايض األردنية(21).

ثالثا: اللجوء السوري في األردن: الفوائد والتكاليف

1. تكاليف اللجوء السوري على األردنعامي بني األردن إىل شامل الباحث بها قام متكررة زيارات خالل

2013 و2018، استطلع فيها آراء ممثيل املجتمع والبلديات، وشكاوى

املواطنني أنفسهم الذين حملوا الالجئني السوريني أسباب األزمة، مبا

أقرت األردن. وقد عاتق األكرث مشقة عىل اللجوء أزمة أنها يوحي

التدفق أن معللة الشكاوى، هذه فعال "إيكونوميست"(22) مجلة

واملوارد. العمل أماكن الرصاع عىل فاقم لالجئني من سورية الكبري

بأنها كثرية التي وصفها األردنيون الضيق وميكن أن نصنف أسباب

شاملة مجاالت عدة، كام ييل:

أ. أزمة السكنالتضخم نتيجة األردن يف كبرية مشكلة متثل السكن أزمة باتت

مامثل انخفاض حدوث مع اإليجارات أسعار يف الحاصل الشديد

الذين للسوريني املتزايد الطلب بسبب املساكن، توافر مدى يف

شغلوا املساكن الفارغة برسعة، ما أدى إىل حدوث تضخم يف أسعار

اإليجارات بنسبة وصلت إىل أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب. يف

20 "اإلسقاطات السكانية".

21 "Jordan Census Counts 1.2 Million Syrians," Voice of America, 31/1/2016, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMdML

22 "Jordan: At Boiling Point: The Country is Stable, but it will not be Easy to Keep it that Way," The Economist, 6/2/2016, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMeXf

بعض املناطق، عادت األرس األردنية إىل قراها األصلية، أو تجمعت

اإليجارات لالستفادة من منازلها تأجري أجل واحدة من يف مساكن

املرتفعة(23). ويقول األردنيون إن العائالت السورية غالبا ما تتجمع

معا وتستأجر املسكن نفسه، حيث تقوم تلك األرس بتجميع مواردها

معا للمساعدة يف دفع اإليجارات، ما يساعدهم عىل التمكن من دفع

اإليجارات الغالية. ويف حني أن السوريني يتلقون الدعم من منظامت

أنهم من األردنيون يشتيك الدولية، املدين واملجتمع املتحدة األمم

األسعار(24). ارتفاع بسبب اإلسكان أسواق من الخروج إىل اضطروا

فعىل سبيل املثال، العديد من الرجال األردنيني، يف الكثري من الحاالت،

ال ميكنهم تحمل مثن تأجري أو رشاء املساكن، ما يؤدي إىل تأخري سن

الزواج أو الحيلولة دون حدوث ذلك. وإضافة إىل ذلك، فإن أسعار

اإليجارات املتزايدة للعقارات الحالية تجب العائالت عىل تحويل جزء

كبري من دخلها الشهري للوفاء مبتطلبات السكن(25). وهذا االرتفاع

يف أسعار اإليجار، مل يصاحبه وفرة يف الرزق أو زيادة يف فرص العمل.

ب. وقف التبادل التجاريالحدود إغالق بسبب مقتل يف البينية التجارة الحرب رضبت

يف االقتصاد قطاعات مختلف يف ذلك أثر وقد التجارة. ومسارات

وقطاع الرسمي غري القطاع الخصوص وجه عىل األردين، الشامل

واألردن سورية بني املتداولة التجارة أن املعروف ومن النقل(26).

إنها املنطقة األكرث القول كانت ترتكز يف شامل األردن، والتي ميكن

من املئة يف 80 أن إىل التقديرات وتشري سورية. يف بالحرب تأثرا

مكونات هذه املدن، والتي كانت تشارك يف التجارة بني الدولتني قد

تعرضت لالنهيار بفعل األزمة. ومع ارتفاع معدالت البطالة بالفعل يف

املناطق الريفية، خصوصا بني النساء (مبا يصل إىل 23.3 يف املئة) (27)،

ونقص فرص العمل، تصبح املشكلة االقتصادية أشد حدة.

23 Ministry of Planning and International Cooperation of Jordan & United Nations, "Needs Assessment Review of the Impact of the Syrian Crisis on Jordan," UNDP (November 2013), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMeXF

24 Maira Seeley, "Jordanian Hosts and Syrian Refugees: Comparing Perceptions of Social Conflict and Cohesion in Three Host Communities," Generations for Peace Institute, Programme Research, no. 25, (May-December 2015), pp. 4 - 104.

25 "Evaluating the Effect of the Syrian Refugee Crisis on Stability and Resilience in Jordanian Host Communities: Preliminary Impact Assessment," REACH Initiative (January 2014), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMeZt

26 "Analysis of Host Community-Refugee Tensions in Mafraq, Jordan," Mercy Corps (October 2012), accessed on 21/3/2019, at:http://bit.do/eMeZD

يف شوهد ،36 - 33 ص ،(2015 العمل، وزارة (عامن: 2015 لعام السنوي 27 التقرير http://bit.do/eMfSP :2019/3/21، يف

55دراسات

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

ج. انخفاض الحد األدنى لألجوراعتاد األردنيون أيضا الشكوى من أن العامل السوريني يقبلون أجورا

الزراعة قطاعات يف خاصة السوق، يف السائد املستوى من أقل

والبناء واملبيعات/ التجزئة والخدمات الغذائية(28). يشري سفاين إريك

ستيف وسولفيه هيلسوند إىل التغيري الحادث يف املهن الصناعية بني

األردنيني، واملتمثل بأن قرابة 30 يف املئة من العاملني الذين يعملون

يعودوا مل سورية يف مبارشة الحرب قبل والزراعة البناء مجال يف

لذلك املقابلة النسب أن اليوم، يف حني املجاالت يعملون يف هذه

يف كل املجاالت الصناعية األخرى تراوح بني 0 و20 يف املئة. وإضافة

إىل ذلك، فإن حصة الرجال األردنيني من الفئة العاملة والعاملني يف

املئة من آذار/ مارس 2011 انخفضت من 9 إىل 7 يف البناء مجال

إىل آذار/ مارس 2014، ويف تلك الفئة، فإن االنخفاض الرئيس يظهر

اإلجاملية النسبة يف زيادة وهناك عاما، 25 - 15 العمرية الفئة يف

من العاملني من الالجئني السوريني يف مجال البناء، ويوضح ذلك أن

السوريني. كام الالجئني البناء لصالح األردنيني يخرجون من صناعة

تظهر يف األردنيني منافسة مشابهة مع أن هناك مؤرشات يضيفان

مجايل البيع بالجملة والبيع بالتجزئة، ويقوالن إن نسبة 23 يف املئة

من العاملني من الالجئني السوريني خارج املعسكرات قد عرثوا عىل

أعامل لهم(29).

د. تدهور القطاع الزراعي والحيوانيقطاع يف والعاملني األردن فالحي إىل السورية األزمة تأثري امتد

املحيل الناتج إجاميل من املئة يف 4 نحو مثل والذي الزراعة،

البذور من االستفادة الحدودية والقرى املدن اعتادت لألردن(30).

واألسمدة واملبيدات وعلف الحيوانات التي كانت تدعمها الحكومة

السورية عب التجارة أو التهريب عب الحدود، وهذا مل يعد متاحا

تكبد وقد األردين. املــزارع عىل اإلنتاج تكلفة فارتفعت اآلن،

القطاع الزراعي األردين خسائر تصل إىل 280 مليون دوالر، نتيجة

الحرب اندالع منذ املئة 50 يف بنحو الزراعية الصادرات انخفاض

تسبب حيث الحيواين، اإلنتاج قطاع إىل األثر امتد سورية(31). يف

28 Philip Haunschild, "Examining Their Impact on the Refugee Crisis in Jordan," Values and capitalism, Special Economic Zones (2017), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.ly/2Jhq4pl

29 Svein Erik Stave & Solveig Hillesund, Impact of Syrian Refugees on the Jordanian Labour Market: Findings from the Governorates of Amman, Irbid and Mafraq (Geneva: ILO, 2015).

يف شوهد ،Trading Economics الزراعة"، من اإلجاميل املحيل الناتج - 30 "األردن http://bit.do/eMggT :2019/3/21، يف

31 "القطاع الزراعي األردين يخرس 280 مليون دوالر"، رأي اليوم، 2014/7/24، شوهد يف http://bit.do/eMgij :2019/3/21، يف

األردنيون اعتاد التي الرخيصة الدواجن تربية منتجات النقص يف

استريادها من سورية بثمن رخيص، إضافة إىل زيادة أسعار علف

الرقابة بسبب الحيوانات عب املنقولة األمراض وزيادة الحيوانات

مرات خالل عدة والبيض الدجاج أسعار ارتفاع إىل الحدود، عىل

الزراعة فعامل استثناء، القطاع هذا يكن مل املاضية(32). السنوات

السوريني الالجئني مع التنافس وجود أن من يشتكون األردنيون

عام أجورهم تقليل إىل أدى الزراعة قطاع يف العمل يف الراغبني

كانت عليه يف السابق(33).

ه. ضعف الخدمات الحكومية وأثره في خطاب الكراهية تجاه السوريين

عب األردنيون الذين قابلهم الباحث عن تذمرهم من التدهور الحاصل

يف الخدمات البلدية والحكومية، عىل رأسها الصحة والتعليم، ونقص

املياه وارتفاع أسعار الطاقة من كهرباء ووقود ارتفاعا غري مبر، أدى

ذلك بدوره إىل توتر دائم بني األرس األردنية والسورية، والذي يتجىل

يف الصدامات املتكررة يف املدارس بني التالميذ من كال البلدين، حيث

بني الساخنة النقاط من الخصوص، وجه عىل املــدارس، أصبحت

الطالب السوريني واألردنيني(34)، فأكرث من نصف الالجئني السوريني

يف األردن أقل من 18 عاما، ما يؤدي إىل زيادة الضغط بشدة عىل

القدرات التعليمية يف الدولة(35).

اعتاد متفاقمة، بدرجة العامة املــدارس يف االزدحــام زيادة ومع

األردنيون الشكوى من تقصري أوقات الحصص وزيادة عدد الطالب

يف كل فصل، إضافة إىل جعل املدارس تعمل عىل فرتتني. ويقال إن

أولياء األمور السوريني سحبوا أطفالهم من املدارس بسبب مخاوف

الدراسات إحدى أشارت فقد الهجوم(36). أو للتحرش تعرضهم من

الوصول إن قالوا السوريني من و%44 األردنيني من %61" أن إىل

إىل التعليم كان سببا يف التوتر يف املجتمعات التي يقيمون بها، وإن

الفصول املختلطة وسوء اإلدارة لخدمات التعليم واالزدحام الشديد

إىل املزيد أضافت أسبابا كانت املــدارس يف والعنف الفصول يف

32 Paul Cochrane, "Syria Crisis Hits Jordanian Meat Market," Global Meat News, 23/11/2015, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgj4

33 Salem Ajluni & Mary Kawar, "The Impact of the Syrian Refugee Crisis on the Labour Market in Jordan: a Preliminary Analysis," International Labour Organization (2014), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgmZ

34 "Seeking Stability: Evidence on Strategies for Reducing the Risk of Conflict in Northern Jordanian Communities Hosting Syrian Refugees," Mercy Corps (2014), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMhTA

35 "Syria Regional Refugee Response," UNHCR (2017), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMhTV

36 فرانسيس.

56 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

التوترات"(37). يف عام 2014، أعلنت وزارة التعليم عن الحاجة إىل بناء

72 مدرسة إضافية لدعم الالجئني(38).

وعىل صعيد آخر يقول األردنيون الذين قابلهم الباحث إن املشكالت

قدوم بسبب الطلب، بزيادة تتمثل املياه قطاع يف يواجهونها التي

الالجئني السوريني، وقدم شبكة توزيع املياه وتهالكها، ما يزيد مستوى

الفاقد من املياه وعدم كفاية املياه التي يتم توفريها، مرة كل أسبوع

ولعدة ساعات فقط، حيث يتم تدوير توصيل املياه بحسب املناطق

واملجاورات. إضافة إىل حاالت العجز املتكررة يف املياه وضعف ضغط

املياه، ما يؤدي إىل الحاجة إىل رشاء املضخات وتركيبها، والتي بدورها

يف األسعار وزيادة الفقرية املجتمعات التكلفة عىل زيادة منها ينتج

فواتري الكهرباء، إضافة إىل تدهور الجودة وكون املياه مالحة وتحتوي

عىل الطني يف الكثري من الحاالت(39). وتفرض الزيادة املفاجئة يف الطلب

الناجم عن األرس املنخفضة الدخل يف األردن، والتي تعاين مسبقا ضعفا يف

مواردها، تحديا عىل القامئني عىل التخطيط لشبكات الطاقة، خصوصا يف

قطاعي الطاقة واملياه، كام أنها تزيد من قيمة فاتورة الدعم التي تدفعها

الحكومة(40). وهناك دراسة أجراها برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ أشارت

إىل أن التأثري يف قطاع النفايات الصلبة ميكن مالحظته يف زيادة األطنان

من النفايات وعدم كفاية املركبات والحاويات أو تلفها، وعدم كفاية

عدد العاملني (بسبب مشكالت تتعلق بسوء األداء وااللتزام بالعمل)،

وقد أدى ذلك إىل زيادة التلوث وانتشار مظاهر الرتدي يف البيئة(41).

يف سلبيا دورا واألردنية الدولية الحكومية غري املنظامت أدت

بها تقوم التي املامرسات أدت فقد األمان. بعدم الشعور تجذير

هذه املنظامت إىل تحول اجتامعي اقتصادي قوي يف شامل األردن.

وباستثناء عدد قليل من املستفيدين املحليني، فإن العديد من األردنيني

تم تهميشهم. كام زادت برامج العمل اإلنساين املخصصة للسوريني

من اإلحباط بني املواطنني األردنيني، الذين يرون أن توزيع الخدمات

37 Shelly Culbertson & Louay Constant, Education of Syrian Refugee Children: Managing the Crisis in Turkey, Lebanon, and Jordan, (Santa Monica, CA: RAND Corporation, 2015), p. 16, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgqz

38 Ibid.

39 Laurence Hamai et al., "Integrated Assessment of Syrian Refugees in Host Communities: Emergency Food Security and Livelihoods; Water, Sanitation and Hygiene; Protection," OXFAM (March 2013), pp. 9-11, accessed on 21/3/2019, at: https://bit.ly/2HJYyPX

40 Glada Lahn, Owen Grafham & Adel Elsayed Sparr, "Refugees and Energy Resilience in Jordan," Chatham House (April 2016), accessed on 21/3/2019, at: https://goo.gl/mMVEWq

41 "Mitigating the Impact of the Syrian Refugee Crisis on Jordanian Vulnerable Host Communities," UNDP, Municipal Needs Assessment Report (2014), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgoA

واملعونات ال يكون بالتساوي بني السوريني والسكان املحليني(42)؛ إذ

إن ما نسبته 84 يف املئة من األردنيني يرون أن املعونة املالية تفضل

السوريني(43). وقد خصصت املنظامت الدولية واألردنية موارد ضخمة

ملساعدة الالجئني عىل حساب املجتمعات املضيفة. ويرى األردنيون

أن املعونات مل يتم توزيعها توزيعا متساويا، ويقولون إن منظامت

املعونة الدولية واملحلية تتجاهل احتياجات املجتمع األردين.

يلوم فقراء األردنيني السوريني باعتبارهم السبب يف تحويل االنتباه

الحصول إمكانهم للمعونات، بحيث ال يكون يف املخصصة واملوارد

يف واملدافئ لألطفال واملالبس والغذاء األموال ذلك يف مبا عليها،

فصل الشتاء. ويقولون إن تلك املنظامت املحلية التي اعتادت توفري

املساعدة لهم كانت تقول لهم بصفة عامة إنهم يقومون اآلن بخدمة

املفوضية قللت أن منذ األسوأ إىل تتحول األشياء إن السوريني(44).

السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئني وبرنامج األغذية العاملي لألمم

املتحدة، وهام أكب موفرين للمعونات يف األردن، من نشاطاتهام يف

عام 2015، وقد أدى تقليل املدفوعات إىل سوء حالة توفري الخدمات

كبرية(45)، خصوصا يف مجاالت بدرجة املضيفة واملجتمعات لالجئني

التعليم والصحة وسبل العيش واملياه وغريها من مجاالت ما زالت

تعاين إىل يومنا هذا(46).

و. تكاليف مالية إضافية على الحكومةوضع وجود السوريني أعباء شديدة وهائلة عىل الحكومات األردنية

التي أبدت إحباطها تجاه تحمل تكلفة معيشة الالجئني، عندما أشار

امللك عبد الله الثاين إىل أن الدولة تستضيف الجئا واحدا مقابل 5

القومية يف ميزانيتنا ربع ننفق "إننا إىل وأشار مواطنيها، أفراد من

التكاليف املتعلقة بالالجئني"(47). قدر املجلس االقتصادي واالجتامعي

األردين التكلفة الناجمة عن دعم إمدادات املياه والكهرباء بأن كل

سنة(48). كل دوالر 3000 الحكومة يكلف األردن يف سوري الجئ

42 فرانسيس.

43 املرجع نفسه.

44 "Analysis of Host Community-Refugee."

45 Orla Guerin, "Aid Cuts Driving Jordan's Syrian Refugees to Risk all," BBC News, 11/9/2015, accessed on 21/3/2019, at: https://bbc.in/2ulMj4b

46 Jay A. Bowman, Jennifer Compton & Colette Salemi, "Services for Syrian Refugee Children and Youth in Jordan: Forced Displacement, Foreign Aid, and Vulnerability," The Economic Research Forum, Working Paper Series, no. 1188 (April 2018), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgt9

47 "Leaders Summit on Refugees," UN Web TV, 20/9/2016, min. 33:30, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgum

48 Taylor Luck, "In Jordan, Tensions Rise Between Syrian Refugees and Host Community," The Washington Post, 21/4/2013, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgyR

57دراسات

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

وتشري وزارة الصحة األردنية إىل أنها تنفق نصف ميزانيتها السنوية

عىل الرعاية الصحية للسوريني فقط، وأنها تحتاج إىل نحو 350 مليون

الرعاية نظام استدامة عىل الحفاظ أجل من إضافيا متويال دوالر

األخرى يف الحكومية الكيانات الدولة(49). وتضع العامة يف الصحية

يكلف كل الجئ أن يعني مبا مختلفة، تقديرات ومؤرشات الدولة

أردين) الستضافته كل األردنية 3750 دوالرا (2500 دينار الحكومة

عام(50). وهناك رأي آخر يقول إن األزمة تكلف األردن أكرث من 2.5

مليار دوالر كل عام، وهذا الرقم يعادل 6 يف املئة من إجاميل الناتج

املحيل للدولة، أو ربع اإليرادات السنوية للحكومة(51). ويف ظل هذا

بالغة يف مواصلة توفري املوقف، تواجه الحكومات األردنية صعوبة

الدولة يف ميزانية كبريا من قدرا إن إذ للسوريني، الرعاية خدمات

األردن املخصصة ملجاالت التنمية والخدمات يتم توجيهها يف الفرتة

الراهنة إىل مساعدة الالجئني، ونتيجة لذلك، يشعر األردن بالضغط

الشديد الواقع عىل موارده.

ز. الخطر األمنيأثر الالجئني، بل تعدتها مل تقترص تداعيات األزمة السورية عىل الحدود يف سورية مع األردن يشرتك األمني. الخطر تنامي إىل الحدود هذه عب األردن إىل ودخل كلم(52). 375 طول عىل من فارين باألسلحة محملني السوريني الالجئني من العديد جحيم الحرب. ويضاف إىل ذلك، أن التزام األردن تجاه التحالف الدويل ملحاربة تنظيم الدولة اإلسالمية "داعش" يف سورية يؤدي إىل زيادة املخاوف من تعرض البالد لهجامته ومن اإلرهاب الذي من األردن يف اإلسالمية الجامعات زادت فقد الداخل؛ يف ينمو تقرير مؤسسة أشد عنفا. ويشري لتصبح األعداد وتحولت حيث تنظيم أن إىل 2015 عام أوائل من العاملي للسالم كارنيغي الدولة اإلسالمية وغريه من الجامعات الجهادية األخرى لديه ما بني 5 إىل 15 ألفا من األنصار األردنيني، وعالوة عىل ذلك، يشري الذين يوالون معتقدات سلفية جهادية التقرير إىل أن األردنيني قد عبوا إىل سورية لالنضامم إىل فصائل املتمردين(53). يقر امللك

49 "Jordan Says Health Services Overstretched to Capacity, Seeks Urgent Support," World Health Organization, 16/6/2013, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgwz

50 "The Economic Effects of War and Peace," World Bank, MENA Quarterly Economic Brief, no. 6 (January 2016), p. 15, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgwa

51 Ibid.

52 سفيان توفيق، "الرؤية األردنية لألزمة السورية"، مجلة البيان، 2018/3/1، شوهد يف http://bit.do/eMgxH :2019/3/21، يف

53 Mona Alami, "The New Generation of Jordanian Jihadi Fighters," Carnegie Endowment for International Peace, Sada (February 18, 2014), accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgw6

األردين عبد الله الثاين بوجود هذه املخاوف األمنية، فرصح مرة التعامل علينا سيتعني التي الجديدة، طالبان حركة "إن قائال: اعتالء حالة يف حتى سورية. يف املرة هذه تكون سوف معها، حكومات أفضل للسلطة يف دمشق، فسيظل لزاما علينا أن نبقي لهم أعوام يك ال نسمح أو ثالثة آمنة طوال عامني عىل حدودنا التطرف لدراسة الدويل املركز ويقدر أراضينا"(54). إىل بالتسلل والعنف السيايس أن هناك 1500 مواطن أردين يقاتلون يف سورية بلغ األردنيني الجهاديني عدد أن إىل سبيكهارد وتشري والعراق. السكان بعدد مقارنة عال رقم وهو داعش مقاتيل من 315بدرجة تسهم التي الــدول من األردن يعد إذ األردن(55)، يف فرد. لكل النسبة حيث من "داعش" مقاتيل صفوف يف رئيسة مثل اقتصاديا محرومة مناطق من الجهاديون هؤالء وينحدر اإلخبارية التقارير بعض وأشــارت ــد(56). وإرب والزرقاء معان الصادرة مؤخرا إىل أن األردن بدأ يف اتخاذ إجراءات تحسبا ألي األردن زاد حيث الدولة، تنظيم عليها يقدم قد سيناريوهات املدرعات العسكرية عىل الضفة األردنية لنهر الريموك، ما يوحي

باستعدادية الجيش ألي طارئ.

2. فوائد اللجوء السوري وفرصه لألردنأيضا ملس اللجوء، أزمــات من ناتجة مصاعب األردن عرف كام

األردن، إعامر يف تاريخيا الفلسطينيون الالجئون ساهم محاسنه.

وشكلوا "العمود الفقري للقطاع الخاص األردين، وساهموا يف تحفيز

هائال حجام 2003 بعد لألردن العراقي اللجوء ووفر االقتصاد.

االقتصادي انتعاشه دعم لألردن، العراقي األجنبي االستثامر من

حينها واستمر سنوات بعد 2003"(57). واألمر نفسه قد ينطبق عىل

الالجئني السوريني.

عادة ما تذكر املصاعب التي أوجدها اللجوء السوري عىل اململكة،

املراقبني نقد من لكثري السوري اللجوء فوائد تتعرض رسدية بينام

سنوات يف سيئا يكن مل األردين االقتصادي األداء لكن وتشكيكهم.

مشكالته يف ظل يعيش أن تعود فاألردن السوريني؛ الالجئني أزمة

54 Christopher Dickey, "Jordan's King Abdullah: 'The New Taliban Are in Syria'," The Daily Best, 25/1/2013, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMgxn

55 Anne Speckhard, "The Jihad in Jordan: Drivers of Radicalization into Violent Extremism in Jordan," International Center for the Study of Violent Extremism, ICSVE Research Reports, 25/3/2017, accessed on 21/3/2019, at: http://bit.do/eMiea

56 Ibid.

57 "تقرير أردين يتحدث عن أهمية االستفادة من الوجود السوري وتحويل الالجئني ملنتجني 'عىل غرار الفلسطينيني'.. وأرقام صادمة: 99% من السوريني يف األردن يعملون يف قطاعات غري

http://bit.do/eMgz4 :منظمة"، رأي اليوم، 2015/9/6، شوهد يف 2019/3/21، يف

58 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

بأن االنطباع األردنية املالية بيانات وزارة تؤكد املزمنة. االقتصادية

االقتصاد ليس يف أفضل حاالته متمثال يف ارتفاع الدين العام وعجز

تنفيذ عىل الحكومة قدرة وعدم النمو معدالت وتباطؤ املوازنة

األولويات التنموية(58).

أ. تحسن بعض مؤشرات االقتصاد الكليمطردا ارتفاعا سجل فاألردن اإليجابية، املؤرشات بعض هناك

29 يقارب اإلجاميل القومي الناتج كان حني ،2011 عام منذ

مليار دوالر، وصل إىل أعىل مستوياته عام 2018؛ قرابة 40 مليار

السوري اللجوء بداية منذ األردن يف العجز وشهد دوالر(59).

من املئة يف 12.7 سجل عندما ،2012 عام منذ مطردا تحسنا

الناتج املحيل اإلجاميل، لينخفض معدل العجز بعد ذلك ليصل إىل

2.8 يف املئة من الناتج املحيل اإلجاميل. وميكن أن يعزى ذلك إىل

الالجئني(60)، أزمة بتوظيف املرتبطة الخارجية املساعدات ازدياد

فاملساعدات املالية الكبرية التي قدمتها الواليات املتحدة واالتحاد

يف األردن إىل العربية الخليج لدول التعاون ومجلس األورويب

،2016 عام ويف التأثري. محدود أمرا تكن مل املاضية السنوات

املتلقية العربية الدول قامئة الهاشمية األردنية اململكة تصدرت

األردن، إىل الدولية املساعدات زادت األمريكية(61). للمساعدات

1.09 املساعدات من األردن نصيب كان فقط 2018 عام ففي

مليار دوالر أمرييك، تنوعت مصادرها بني منح اعتيادية وهي تأيت

البنك من جاءت ميرسة وقروض للمملكة، قدامى داعمني من

الدويل والبنوك اإلقليمية املقرضة، ومنح إضافية قدمت لالستجابة

الدويل والتعاون التخطيط وزارة وضعت وقد السورية. لألزمة

السوري، اللجوء ملف مع للتعامل إسرتاتيجية خطة األردنية

محاور ثالثة ضمن الالجئني مساعدات أمــوال ضخ تضمنت

يف 39 بنسبة الالجئني دعم إىل يذهب األكب النصيب متداخلة،

املئة من إجاميل النفقات، و34 يف املئة لدعم املجتمعات املضيفة،

و27 يف املئة لدعم املوازنة العامة(62).

،2018/4/1 األردنية، املالية وزارة اإلجاميل"، املحيل للناتج الدين نسبة 95.6%" 58http://bit.do/eMiaK :شوهد يف 2019/3/21، يف

59 "World Bank Open Data: Jordan," World Bank (2019), accessed on 21/3/2019, at: https://bit.ly/2TOCypo

60 Victoria Kelberer, "Negotiating Crisis: International Aid and Refugee Policy in Jordan," Middle East Policy, vol. 24, no. 4 (Winter 2017), pp. 148 - 165.

61 Julian Pecquet, "Lobbying 2016: Jordan Tops List of Arab Aid Recipients," Al-monitor, 22/8/2016, accessed on 21/3/2019, at: https://bit.ly/2HPePTH

62 وزارة التخطيط والتعاون الدويل األردنية، "تقرير املساعدات الخارجية"، 2018، شوهد http://bit.do/eMgAT :يف 2019/3/21، يف

ب. زيادة االستثمار األجنبي المباشر وتنشيط القطاع الخاص

لألردن كان فإنه السوريون، الالجئون سببه الذي اإلرهــاق رغم

إن وتــادروس سيلبي يقول الالجئني. من لالستفادة جيدة فرصة

انخفضت فعليا ولكنها األزمة، منذ األردنيني بني ترتفع مل البطالة

بسبب انتقال بعض من رؤوس األموال السورية إىل األردن، كام أن

السوريني ال ينافسون األردنيني يف نوعية أعاملهم، حيث يغلب عىل

الالجئني الطابع املهني يف حرفهم مثل النجارة وغريها من األعامل غري

الرسمية، وبذلك فهم ينافسون فئات أخرى من العاملني عىل رأسهم

فضال السورية، العمل أليدي الجيد التأثري املرصيون(63). الوافدون

عن كونها غري منافسة لألردنيني، يكمن يف أنها شجعت األردنيني عىل

العمل يف القطاع الخاص، وبهذا ساعد السوريون عىل التخفيف من

حدة "ثقافة العيب" لدى األردنيني، والتي كانت تحد من عملهم يف

العقبة األردنيون يف املثال، ميتنع معينة، عىل سبيل أو حرف مهن

األجور أن من الرغم عىل الصحي الرصف وظائف يف العمل من

الفرضية تؤكد هذه قد أردين. دينار ألف إىل تصل قد املهن لهذه

إمكانية إنشاء مجتمع متنوع ومتجانس وميكنه تبادل املنفعة. كام

أن التنافس زادت حدته يف مجاالت التسويق الجزيئ التي تقاطع بها

املقدمة. الخدمات رفع جودة إىل أدى ما األردنيني، السوريون مع

االقتصاد األردين استفاد أيضا من تفكيك املصانع السورية، وعملت

املنتجات األردنية عىل سد النقص يف بعض من األسواق من أهمها

الخليج، ويف مرحلة ما تحول األردن من مستورد للخضار والفاكهة

أخرى عىل امتيازات األردن عىل وقد حصل التصدير، إىل السورية

أوروبا(64). أهمها من عاملية، أسواق إىل للوصول مساعدات شكل

أدى إنشاء ما يقرب من اثني عرش مصنعا يف محافظة إربد إىل خلق

املزيد من فرص العمل. وقد ازدهرت التجارة يف مدينة املفرق نتيجة

الفتتاح 160 متجرا مملوكة للسوريني(65).

ج. تحسينات في قطاع الخدماتأصبح اهتامم املانحني أكرث باستقرار األردن، فنجد دعم املانحني بني

حكومات دعم وبني واإلنسانية، التنموية املتحدة األمم مؤسسات

اإلعامر وبنك لإلمناء، األملانية الوكالة املانحني أشهر ومن رسمية.

وبرنامج للبيئة، املتحدة األمم وبرنامج الكندية، والحكومة األملاين،

63 Jan Selby & Mariz Tadros, "Ruptures and Ripple Effects in the Middle East and Beyond," Institute of Development Studies Bulletin, vol. 47, no. 3 (May 2016), at: http://bit.do/eMh45

اقتصادية"، الالجئني إىل نعمة أزمة يتطلع إىل تحويل "األردن إليزابيث ويليامز، 64 سارة http://bit.do/eMhXQ :2017/3/21، شوهد يف 2019/3/21، يف ،The New Humanitarian

65 معاذ فريحات، "أزمة الالجئني السوريني يف األردن: مخاطر وفرص"، حوكمة، شوهد يف https://bit.ly/2U68FRu :2019/3/21، يف

59دراسات

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

األمم املتحدة اإلمنايئ، والبنك األورويب إلعادة اإلعامر والتنمية، واالتحاد

األورويب، وبنك االستثامر األورويب، والحكومة الهولندية، ووزارة التنمية

لإلمناء االقتصادي واالجتامعي، الدولية البيطانية، والصندوق العريب

وجمهورية الصني، ومنظمة األغذية والزراعة لألمم املتحدة(66). الجدير

بالذكر أن القروض امليرسة واملنح االعتيادية أنفق 70.7 يف املئة منها

عىل املوازنة العامة، وتوزع الباقي عىل منح ومشاريع لتمكني املرأة

والخدمات املالية وتعزيز النمو االقتصادي، وإدارة النفايات والطاقة

والبحث والزراعة والتشغيل والتعليم االجتامعية والحامية والنقل

العلمي والبيئة والطرق والبنية التحتية واملياه والرصف الصحي، يف حني

توزعت أموال منح االستجابة عىل السكن والخدمات البلدية والحامية

االجتامعية والتشغيل، وتحسني سبل العيش والصحة والتعليم والطاقة

األردنية ال السياسة أن الصحي. ومبا الغذايئ واملياه والرصف واألمن

مدة طويلة من إبقائهم أو حتى السوريني الالجئني لتوطني تسعى

الوقت، فإن عائد جميع املساعدات الدولية وخصوصا ما تم إنفاقه

عىل البنى التحتية والخدمات سيكون أثره للمواطنني األردنيني.

زادت املؤسسات الدولية العاملة يف مجال دعم الالجئني واملجتمعات

الزيادة يف إذ ساعدت هذه إىل 50 مؤسسة، األردن املستضيفة يف

تطوير املجتمعات املحلية. كام ساهمت دوائر تقديم املعونة الدولية

والحكومة األردنية يف معالجة بعض األزمات املزمنة يف املجتمعات

مع تفاقمت املياه مشكلة املثال: سبيل فعىل لالجئني. املستضيفة

املانحني نظر لفت ما للشبكة، املستخدمني السكان عدد زيادة

الدوليني، فقامت اللجنة الدولية للصليب األحمر بالتعاون مع وزارة

املياه والري ورشكة الريموك للمياه مبشاريع متعددة يف املجتمعات

املستضيفة إلصالح البنية التحتية(67).

مل تكن هذه املبادرة الوحيدة أو األخرية، بل قامت اللجنة الدولية

اتفاقية جديدة بتوقيع األردين والري املياه األحمر ووزير للصليب

الحيوية التحتية البنى تأهيل إعادة بشأن 2019 مارس آذار/ يف

للمجتمعات املضيفة بقيمة 25 مليون دوالر، لتنفيذ مشاريع جديدة

املستضيفة املجتمعات يف املواطنني من اآلالف عرشات لخدمة

والالجئني خالل العام الحايل من خالل إدخال مصادر مائية جديدة.

التزويد أنظمة تأهيل إعادة تنفيذها سيتم التي املشاريع تشمل

ومحطات الضخ واآلبار واستبدال املضخات العاملة مبضخات حديثة

ذات تقنيات تتوافق مع توفري الطاقة وبناء خزانات وشبكات رئيسة

مبا يحسن من التزويد املايئ(68).

66 ويليامز.

67 "Jordan: Water Projects for Host Communities in Northern Badia," ICRC, 11/2/2016, accessed on 21/3/2019, at: https://bit.ly/1TlARwV

68 "وزارة املياه: اتفاقية لتنفيذ مرشوعات جديدة بقيمة 25 مليون دوالر"، وكالة األنباء https://bit.ly/2U9QOx8 :األردنية، 2019/3/5، شوهد يف 2019/3/21، يف

أما يف مجال التعليم فقد ساعد اللجوء السوري عىل تفعيل عملية

إصالحية للقطاع، إذ تم ضخ ما قيمته 200 مليون دوالر يف عام 2017

املبكرة، الطفولة التعليم يف مراحل لتوسيع قاعدة املستفيدين من

وتحسني ظروف التدريس واملدارس باململكة، استفاد منها 700 ألف

طالب أردين وسوري، و30 ألف معلم ومعلمة حول اململكة(69).

الكندية الحكومة من وبتمويل اإلمنايئ املتحدة األمم برنامج قام

وبالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية ومجلس الخدمات املشرتكة يف

إربد، بإعادة تأهيل مكب اإلكيدر، ثاين أكب مكب نفايات يف اململكة،

وذلك بتمويل من الحكومة الكندية(70). كام قامت الحكومة اليابانية

بالتعاون مع وزارة الصحة األردنية بدعم مشاريع تهدف إىل تحسني

نوعية الخدمات املقدمة يف املراكز الصحية الفرعية من خالل تحسني

كفاءة املراكز الصحية الفرعية لألردنيني والالجئني السوريني.

د. التطوير الحضري والثقافيساهم الالجئون أيضا يف التطوير الحرضي ملدن اململكة. عىل سبيل

لكنها السوريني، وصول قبل صغرية مدينة املفرق كانت املثال،

الحرضي منوها وتوسع الرئيسة، اململكة مدن من اليوم أصبحت

القرى شهدت إربد، محافظة يف .(71) 2011 عام منذ كبريا توسعا

السوريني(72). قدوم منذ ملحوظا وبنيويا خدميا توسعا واألرياف

منذ التطور تعرف مل الجنوب يف مناطق إىل الالجئون وصل كام

املناطق إىل الوصول يف األردن يف وجودهم ساعد إذ االستقالل،

يف االحتكاك ساعد كام معاناتها، وإيصال واملهمشة، العشوائية

وقت يف األردنية والبوادي األرياف يف املغلقة املجتمعات انفتاح

والعقبة وإربد عامن باستثناء املحافظات، أغلب تعيش كانت

الحكومة تواصل عن مقطوعة تامة شبه عزلة يف والــزرقــاء،

واهتاممها. كام وظفت تلك األموال يف تنمية املجتمعات املهمشة

والدميوغرافية الثقافية تركيبتها من وغري كبري، بقدر والعشوائية

العامل األجانب املتزايد من العدد نوعا ما. عالوة عىل ذلك، فإن

يف مختلف أنحاء اململكة وفر فرصا للوعي الثقايف، إضافة إىل خلق

تأثري إيجايب غري مبارش يف قطاعي السياحة والتنمية(73). كام استقرت

فئة من الالجئني السوريني الذين يشكلون جزءا من املشهد الفني

69 "البنك الدويل: 200 مليون دوالر لتطوير برامج تعليم األطفال األردنيني والسوريني"، https://bit.ly/30kBM7S :صحيفة الدستور، 2017/12/6، شوهد يف 2019/3/21، يف

70 محمد الفاعوري، "برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ يقدم 13 آلية ثقيلة ملكب اإلكيدر"، https://bit.ly/2UUCBRU:صحيفة الدستور، 2016/4/6، شوهد يف 2019/3/21، يف

71 فرانسيس.

72 محمود الكيالين، "هجرة االقتصاد السوري: انعكاس إيجايب عىل األردن"، نون بوست، http://bit.do/eMhW9 :2015/6/10، شوهد يف 2019/3/21، يف

73 عبد الرحمن املرصي، "يف الحرب، فنانون وكتاب سوريون يصنعون طريقهم عىل هامش http://bit.do/eMFAK اللجوء يف األردن"، حب، 2014/8/25، شوهد يف 2019/3/21، يف

60 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

األردنيني. أقرانها تتفاعل مع وبدأت األردن والثقايف يف سورية يف

التلفزيوين اإلنتاج ازدهرت يف التي الفئة، أن هذه املعروف ومن

الساحة يف أثرت وقد لها قاعدة عامن تعتب األخــرى، والفنون

من ذلك مالحظة وميكن بها، وتأثرت األردن يف العامة الثقافية

خالل زيادة عدد الفعاليات الثقافية والفنية يف األردن(74).

لتحسني السورية األزمة استثمر األردن إن القول ميكننا وأخريا

مستقرة كدولة الدويل، املجتمع يف لألردن جيدة صورة وتقديم

اإلرهاب تحارب ذلك رغم وهي واإلمكانيات، املوارد محدودة

وتحاول الالجئني، وتساعد الجوار، ودول والعراق سورية يف

مؤسسة أعدته تقرير يقول ملواطنيها. التنمية مستويات رفع

أفضل بشكل يساهموا أن السوريني لالجئني "ميكن حديثا راند

إلصدار الالزمة اإلجراءات اتخاذ تم لو املحلية" االقتصاديات يف

الصناعية املناطق من قريبة أماكن وتسكينهم يف العمل، تصاريح

وتدريبهم وضخ استثامرات وتشجيع القطاع الخاص لالستفادة من

وجود العامل املهرة(75).

خاتمةكشف يف ساهم األردن يف السوري اللجوء أن الدراسة أظهرت

تحديات كانت موجودة مسبقا وتفاقمها، وعىل رأس تلك التحديات

املياه واإلسكان والبطالة وتراجع مستويات الصحة والتعليم والبنى

اللوم إلقاء إىل درجة املستضيفة باملجتمعات الحال التحتية. ضاق

عىل الالجئني السوريني يف كل املشكالت التي يواجهها األردن، وتبنى

من ما لكن األردن. يف السوري اللجوء أزمة تأثري حول املبالغات

عاناها مزمنة أزمات بحكم تضاعفت تكون قد األزمة أن يف شك

السوريني الالجئني أن الدراسة تتبنى املتعرث. االقتصاد مثل األردن

كان لهم تأثري إيجايب شمل مشاركتهم االستثامر االقتصادي وهجرة

والقرى، املدن وتطوير واملزارعني املهرة والعامل األموال رؤوس

وزيادة اهتامم املانحني وإنفاقهم لتخفيف أثر أزمة الالجئني، والعمل

عىل تحسني الخدمات املقدمة مثل املياه والصحة والتعليم والرصف

لالجئني اإليجايب األثر إن الصلبة. النفايات تدوير وإعادة الصحي

السوريني يجعل عودتهم إىل بالدهم ذات تبعات تنموية واقتصادية

عىل املجتمعات املستضيفة.

74 Wa'ed Alshoubaki & Michael Harris, "The Impact of Syrian Refugees on Jordan: A Framework for Analysis," Journal of International Studies, vol. 11, no. 2 (April 2018), pp. 154 - 179.

75 Krishna B. Kumar & Shelly Culbertson, "Syrian Refugees in Turkey, Jordan and Lebanon Can Add Value to Local Economies," RAND Corporation, 13/12/2018, accessed on 21/3/2019, at: https://bit.ly/2HHQ9NE

المراجع

العربيةيف: .2015 العمل، وزارة عــامن: .2015 لعام السنوي التقرير

http://bit.do/eMfSP

البيان. مجلة السورية". لألزمة األردنية "الرؤية سفيان. توفيق،

http://bit.do/eMgxH :2018/3/1. يف

الزغلول، آمال محمد ولبنى مخلد العضايلة. "املشكالت التي تواجه

الالجئني السوريني يف مخيم الزعرتي: دراسة ميدانية". ورقة مقدمة يف

املؤمتر الدويل الثاين: "األمن اإلنساين: التزامات املجتمع الدويل ودور

والهجرة والنازحني الالجئني دراسات مركز املضيفة". املجتمعات

القرسية. جامعة الريموك. األردن، 2017.

اإلنفاق إىل الحاجة واألردن: لبنان الالجئني يف "أزمة عمر. ضاحي،

عىل التنمية االقتصادية". نرشة الهجرة القرسية. العدد 47 (أيلول/

سبتمب 2014).

كارنيغي مركز األردن". يف الالجئني "أزمة ألكساندرا. فرانسيس،

https://bit.ly/2HToh8m :للرشق األوسط (متوز/ يوليو 2015). يف

األجنبيةAjluni, Salem & Mary Kawar. "The Impact of the

Syrian Refugee Crisis on the Labour Market in

Jordan: a Preliminary Analysis." International Labour

Organization (2014). at: http://bit.do/eMgmZ

Alami, Mona. "The New Generation of Jordanian Jihadi

Fighters." Carnegie Endowment for International Peace.

Sada (February 18, 2014). at: http://bit.do/eMgw6

Alshoubaki, Wa'ed & Michael Harris. "The Impact of

Syrian Refugees on Jordan: A Framework for Analysis."

Journal of International Studies. vol. 11, no. 2 (April 2018).

"Analysis of Host Community-Refugee Tensions in

Mafraq, Jordan." Mercy Corps (October 2012). at: http://

bit.do/eMeZD

Bowman, Jay A., Jennifer Compton & Colette Salemi.

"Services for Syrian Refugee Children and Youth in Jordan:

Forced Displacement, Foreign Aid, and Vulnerability." The

61دراسات

الالجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة الالجئين السوريين في األردن

Economic Research Forum. Working Paper Series. no.

1188 (April 2018). at: http://bit.do/eMgt9

Chan, Anthony B. "Creating Wealth in Twenty-first

Century China: Li Ka-shing and his Progenies." Asian

Affairs: An American Review. vol. 34, no. 4 (Winter 2008).

Culbertson, Shelly & Louay Constant. Education of

Syrian Refugee Children: Managing the Crisis in Turkey,

Lebanon, and Jordan. Santa Monica, CA: RAND

Corporation, 2015. at: http://bit.do/eMgqz

De Groot, Olaf J. "The Spillover Effects of Conflict on

Economic Growth in Neighbouring Countries in Africa."

Defence and Peace Economics. vol. 21, no. 2 (April 2010).

"Evaluating the Effect of the Syrian Refugee Crisis on

Stability and Resilience in Jordanian Host Communities:

Preliminary Impact Assessment." REACH Initiative

(January 2014). at: http://bit.do/eMeZt

Gomez, Margarita Puerto, Asger Christensen &

Yonatan Yehdego Araya. "The Impacts of Refugees on

Neighboring Countries: A Development Challenge."

World Bank (July 2011). at: https://bit.ly/1YiJsR9

Hamadeh, Shereen. "A Critical Analysis of the Syrian

Refugee Education Policies in Lebanon Using a Policy

Analysis Framework." Journal of Education Policy.

vol. 34, no. 3 (September 2018).

Hamai, Laurence. et al. "Integrated Assessment of Syrian

Refugees in Host Communities: Emergency Food Security

and Livelihoods; Water, Sanitation and Hygiene; Protection."

OXFAM (March 2013). at: https://bit.ly/2HJYyPX

Haunschild, Philip. "Examining Their Impact on the

Refugee Crisis in Jordan." Values and capitalism. Special

Economic Zones (2017). at: http://bit.ly/2Jhq4pl

"Jordan: At Boiling Point: The Country is Stable, but it

will not be Easy to Keep it that Way." The Economist.

6/2/2016. at: http://bit.do/eMeXf

"Jordan: The Demographic-economic Framework of

Migration: The Legal Framework of Migration: The

Socio-political Framework of Migration." European

University Institute & Migration Policy Centre (June

2013). at: http://bit.do/eMdLd

Kelberer, Victoria. "Negotiating Crisis: International Aid

and Refugee Policy in Jordan." Middle East Policy. vol.

24, no. 4 (Winter 2017).

Kumar, Krishna B. & Shelly Culbertson. "Syrian

Refugees in Turkey, Jordan and Lebanon Can Add Value

to Local Economies." RAND Corporation. 13/12/2018.

at: https://bit.ly/2HHQ9NE

Lahn, Glada, Owen Grafham & Adel Elsayed Sparr.

"Refugees and Energy Resilience in Jordan." Chatham

House (April 2016). at: https://goo.gl/mMVEWq

LeGrain, Philippe. "Welcoming Refugees Makes

Good Economic Sense, too." International Trade

Centre. International Trade Forum. no. 3 (2016).

Maystadt, Jean-François & Philip Verwimp. "Winners

and Losers among a Refugee-hosting Population."

Economic Development and Cultural Change. vol. 62,

no. 4 (July 2014).

Ministry of Planning and International Cooperation of

Jordan & United Nations. "Needs Assessment Review

of the Impact of the Syrian Crisis on Jordan." UNDP

(November 2013). at: http://bit.do/eMeXF

"Mitigating the Impact of the Syrian Refugee Crisis on

Jordanian Vulnerable Host Communities." UNDP. Municipal

needs assessment Report (2014). at: http://bit.do/eMgoA

Salehyan, Idean. "The Externalities of Civil Strife:

Refugees as A Source of International Conflict." American

Journal of Political Science. vol. 52, no. 4 (October 2008).

"Seeking Stability: Evidence on Strategies for Reducing

the Risk of Conflict in Northern Jordanian Communities

Hosting Syrian Refugees." Mercy Corps (2014). at:

http://bit.do/eMhTA

62 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

Seeley, Maira."Jordanian Hosts and Syrian Refugees:

Comparing Perceptions of Social Conflict and Cohesion in

Three Host Communities." Generations for Peace Institute.

Programme Research. no. 25 (May-December 2015).

Selby, Jan & Mariz Tadros. "Ruptures and Ripple Effects

in the Middle East and Beyond." Institute of Development

Studies Bulletin. vol. 47, no. 3 (May 2016).

Speckhard, Anne. "The Jihad in Jordan: Drivers of

Radicalization into Violent Extremism in Jordan."

International Center for the Study of Violent Extremism.

ICSVE Research Reports. 25/3/2017. at: http://bit.do/eMiea

Stave, Svein Erik & Solveig Hillesund. Impact of Syrian

Refugees on the Jordanian Labour Market: Findings from

the Governorates of Amman, Irbid and Mafraq. Geneva:

ILO, 2015.

"The Economic Effects of War and Peace." World Bank.

MENA Quarterly Economic Brief. no. 6 (January 2016).

at: http://bit.do/eMgwa

*Abdelkader Boutaleb | عبد القادر بوطالب

الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

Youth and Politics: The Decline of Party Membership in Moroccan society

6363

* أستاذ علم االجتامع، جامعة عبد املالك السعدي، تطوان، املغرب.* Professor of Sociology, Abdelmalek Essaâdi University, Tetouan, Morocco.

تبحث هذه الدراســة في ظاهرة انحســار انتماء الشــباب إلى األحزاب السياسية في المجتمع المغربــي، وتحــاول فهــم أســباب تراجــع انخراطهم في هذه األحــزاب، وذلك من خــالل التركيز األحــزاب، إلــى الشــباب ونظــرة السياســية، واألحــزاب الشــباب بيــن العالقــة طبيعــة علــى وتقييمهــم للعمل السياســي، وتقييم تعامل األحزاب معهم. تســتند الدراســة إلى المنهج الكيفي لفهم الظاهرة وتفاعالتها، مع التركيز على المالحظة بشــتى أنواعها، والمقابالت الشــخصية. وقد قســمت الدراســة إلى خمســة أجزاء؛ في األول تلقي الضــوء على التمثالت االجتماعية للشباب، وفي الثاني تناقش مسألة الشباب وظواهر القطيعة واالستمرار، وفي الثالــث تتحــدث عــن الوعي السياســي وااللتــزام الحزبي، وتخصــص الرابع لتمثالت الشــباب بوصفهــا انعكاســا لألحــزاب، وتتنــاول فــي القســم الخامــس الشــباب بيــن رهــاب السياســة

وفقدان الثقة واإلحباط.

كلمات مفتاحية: الشباب، الجيل، األحزاب السياسية، المغرب.

This study examines the decline of youth membership to political parties in Moroccan society and seeks to understand the reasons for this decreased involvement by focusing on the nature of the relationship between the youth and political parties. Study is based on a qualitative approach, with emphasis on various types of observation and interviews. The study is divided into five parts the social assimilation of young people; youth and the essence of politics; political awareness and party commitment; and finally the political frustration of the youth.

Keywords: Youth, Generations, Political Parties, Morocco.

64 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مقدمةتنطلق إشكالية هذه الدراسة من افرتاض مركزي، مفاده أن ظاهرة

انحسار انتامء الشباب إىل األحزاب السياسية يف املجتمع املغريب تجد

تفسريها يف التمثالت السلبية التي اقرتنت بهذه األحزاب. ومن ثم،

انخراط انحسار عوامل فهم حول تتمحور املركزية اإلشكالية فإن

الشباب يف األحزاب السياسية؛ إذ ميثل ذلك أحد أهم املداخل التي

من التي الرضورية اآلليات عن البحث يف البدء ميكن خاللها من

دونها ال ميكن الحديث عن متكني سيايس فعيل وواقعي للشباب.

العالقة طبيعة ما التايل: النحو عىل فتتوزع الدراسة تساؤالت أما

بني الشباب واألحزاب السياسية؟ وكيف ينظر الشباب إىل األحزاب

الحزيب والعمل عامة، السيايس العمل يقيمون وكيف السياسية؟

خاصة؟ وما القضايا التي تثري اهتامم الشباب أكرث من غريها؟ وكيف

الذي يحكم عالقتها املنطق السياسية معهم؟ وما تتعامل األحزاب

بهم؟ وهل ميتلك الشباب الوعي الالزم الذي يخولهم العمل السيايس

واألحزاب للسيايس متثالتهم وما السياسية؟ األحزاب يف واالنخراط

السياسية؟ وهل تحكم هذه التمثالت مواقفهم وسلوكاتهم وأفعالهم

السياسية؟ وما محتوى متثالتهم؟ وكيف تشكلت هذه التمثالت؟

أساسا، الكيفية والتقنيات املناهج إىل الدراسة منهجية استندت

غري املقابلة فتبنينا واملقابلة. أنواعها بشتى املالحظة خصوصا

هذه ألن واملعطيات؛ املعلومات لجمع أسلوبا بوصفها املوجهة

ما لألسئلة؛ توجيه أو هناك ضبط ليس إذ باملرونة، تتميز التقنية

يسمح للباحث بالحصول عىل إجابات أشد عمقا وتفصيال. أما عينة

إذ الجامعية، دراساتهم يتابعون جلهم شابا 27 فشملت الدراسة،

أنجزنا 27 مقابلة، استغرقت كل مقابلة بني 30 دقيقة وساعتني، أي

مبعدل 45 دقيقة يف املقابلة الواحدة.

توزعت أسئلة املقابلة بني أسئلة مبارشة وأخرى غري مبارشة، وتوخت

األسئلة املبارشة االطالع عىل مدى معرفة الشباب باألحزاب السياسية،

وعالقتهم بها ومواقفهم منها، وتقييمهم دورها يف املجتمع والحياة

السياسية، وعمليات التغيري التي حصلت أو التي ميكن أن تحصل يف

املستقبل القريب. أما األسئلة غري املبارشة، فكانت الغاية منها اختبار

عىل انفتحت فإنها ثم ومن الشباب، عند السيايس الوعي درجة

أسئلة تهم االلتزام السيايس وطرائق التعبري عنه وتجسيده يف الحياة

اليومية، فمثل ذلك أهم مدخل لفهم طبيعة املشاركة السياسية لدى

يف الشباب انخراط ظاهرة انحسار عوامل فهم خصوصا الشباب،

األحزاب السياسية وتفسريها.

التي أجريناها نحو شهرين، واكتملت أطوارها استغرقت املقابالت

يف أيار/ مايو 2017، وشملت فئات متقاربة من حيث نسب متثيلية

19 بني أعامرهم راوحت فقد السن، حيث ومن واإلناث الذكور

و27 سنة، وتوزعوا عىل تخصصات وشعب متنوعة ومختلفة. وهم

ينحدرون من أهم املدن الرئيسة يف شامل املغرب؛ ذلك أن مجريات

البحث يف معظمها متت يف رحاب جامعة عبد املالك السعدي التي

تستقبل شبابا من مدن وأقاليم تقع شامل املغرب، وذلك من أجل

متابعة دراساتهم الجامعية.

ومن جانب آخر، فإن عينة الدراسة متثلت يف العينة القصدية؛ بحيث

إن املستجيبني هم أساسا شباب ال ينتسبون إىل أي حزب سيايس، أو عىل

األقل هكذا قدموا أنفسهم. أما من الناحية املنهجية، فلقد تبنينا املنهج

الوصفي التحلييل الذي يتوخى الوصف الدقيق للظاهرة أو الظواهر

املراد دراستها، سواء من الناحية الكمية أو الكيفية، فالدراسة ال تقترص

عىل وصف الظاهرة كام هي يف الواقع فقط، وإمنا تتوخى الوصول إىل

نتائج وخالصات تساهم يف فهم الواقع وتفسريه بغية تطويره وتغيريه.

ال تزعم النتائج التي أمكننا التوصل إليها من خالل هذه املقابالت

بعينة فقط يتعلق تقديرنا يف فاألمر املغريب؛ للشباب متثيلية أنها

لنا تسمح مؤرشات معطيات تجميع منها الهدف كان اختبارية،

واألحزاب عامة السيايس من ومواقفهم الشباب توجهات بتحديد

السياسية خاصة. فقد انطلقنا من اعتامد التمثالت املرتبطة باألحزاب

انخراطهم يف األحزاب الشباب عامال مفرسا لضعف السياسية لدى

السياسية ومحدوديته. وبناء عليه، كانت املعطيات واملعلومات التي

ورسم الشباب متثالت لفهم أساسا منها انطلقنا متنا، تجميعها تم

طبيعتها ومحتواها فيام يخص األحزاب السياسية.

التمثالت ترتيب كل املعطيات واملعلومات بناء هذه اقتضت إعادة

وتصنيفها، ثم تحديدها ضمن مفاهيم تسمح باالنتقال من التعقيد

الواقعي والتداخل إىل مرحلة التبسيط والوضوح. وتم بعد ذلك االنتقال

إىل مرحلة التـأويل والفهم، من دون أن يعني ذلك قطيعة مع هذا املنت؛

بحيث كنا نعود إليه باستمرار للوقوف عىل منطوقه ولغته وألفاظه.

ا وفضفاضا، ويحيل إذا كان مفهوم الشباب يبدو يف كثري من األحيان عام

إىل حقائق ووقائع متعددة ومتناقضة، فإننا، انطالقا من هذا االعتبار،

حاولنا االقتصار عىل الشباب الجامعي من الناحية اإلجرائية. وبالفعل،

فلقد مثل الشباب الجامعيون اإلطار املرجعي لتعريف الشباب خالل

السنة الدولية للشباب سنة 1985، عىل الرغم من املالحظات الوجيهة

الفئات من عدد إقصاء إىل أدى إذ التحديد؛ هذا لها تعرض التي

الشبابية(1). غري أن توظيفنا مفهوم الشباب يستعني مبفهوم الجيل باملعنى

1 Janina karla Szpakowska, Jeunes gens: Essai de systématisation des connaissances spécifiques à la classe d'âge 13 - 25 ans (Montréal: École de bibliothéconomie et des sciences de l'information, Université de Montréal, 1988), pp. 19 - 20.

65دراسات

الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

بالحيوية الذي يقرتن للمراهقة االجتامعي الجانب الذي يحيل عىل

والنشاط واكتامل القوة والنضج، ويقوم عىل قاعدة تجاوز جيل آلخر(2).

ويف الوقت نفسه، فإن هذا املفهوم ينفتح عىل مفهوم التغري االجتامعي؛

نظرا إىل مركزيته يف عمليات التجديد والتحول واالنتقال(3).

أوال: التمثالت االجتماعية بوصفها آلية لتحديد الموقف والفعل

التمثالت عىل والجامعات ــراد األف حياة من األكب الجزء يقوم

االجتامعية؛ فهي تقرتن باليومي واملعيش، وتتشكل من مجموعة من

العنارص التي متتلك قدرة فائقة عىل توجيه إدراك الفاعل ومختلف

الواقع عىل أيضا فيه تحيل الذي النحو عىل وتصوراته، معارفه

يف عميقا منغرسة تبدو املعنى بهذا فهي وتفاصيله. تجلياته بكل

والثبات واالنسجام بالعمومية تتميز لكونها االجتامعية(4)؛ الرتكيبة

باملوضوع. "فكل الفاعل تربط والدميومة(5)، بوصفها معرفة عملية

ويف معني، ملوضوع وموحدا شامال تصورا العمق يف يشكل متثل

الوقت ذاته بالنسبة إىل الفاعل. وكل متثل يعيد بناء الواقع ليكون يف

اإلمكان دمج الخصائص املجردة للموضوع والتجارب السابقة للفاعل

مع نسق القيم واملعايري التي يؤمن بها"(6).

يوجه محتوى التمثالت سلوك الفاعلني ومواقفهم، ويحدد آراءهم

مختلف تحدد التي الطريقة إىل ترشدنا "فالتمثالت وأفعالهم؛

الكيفية اليومية، وتشري كذلك إىل الحياة التي تهم واقع الجوانب

التي من خاللها نؤول هذه الجوانب، ونحكم عليها ونقيمها، وإذا

لزم األمر اتخاذ موقف منها والدفاع عنه"(7). يقول موسكوفيتيش:

والبيانات واإليضاحات املفاهيم إىل مجموعة من التمثالت "تشري

القيم ونسق األساطري تعادل فهي اليومية، الحياة من تنبع التي

املعارصة النسخة مبنزلة عدها بل ميكن التقليدية، املجتمعات يف

للحس املشرتك"(8).

2 Maurice Debesse, L'adolescence (Paris: PUF, 1979), p. 12.

3 املنجي الزيدي، "أهمية مفهوم الجيل يف دراسة قضايا الشباب العريب"، الحياة الثقافية، السنة 27، العدد 134 (نيسان/ أبريل 2002)، ص 4 - 16.

4 Pierre Mannoni, Les représentations sociales: Entre préjugés et stéréotypes, 5ème ed. (Paris: PUF, 2010), p. 5.

5 Edgar Morin, La connaissance de la connaissance: Anthropologie de la connaissance (Paris: Seuil, 1986).

6 Jean–Claude Abric, Pratiques sociales et représentations, 4ème ed. (Paris: PUF, 2003), p. 13.

7 Denise Jodelet, "Représentations sociales: un domaine en expansion," in: Les représentations sociales, 7ème ed. (Paris: PUF, 1989), p. 31.

8 Jodelet, p. 82.

تشتغل التمثالت االجتامعية كنسق من التأويالت املرتبطة بالواقع،

الطبيعي واالجتامعي وتعمل عىل األفراد مبحيطهم فتنظم عالقات

تحديد سلوكاتهم ومامرساتهم. فالتمثل مبنزلة مرشد يف كل ما يتعلق

باألفعال؛ إذ إنه يوجه األفعال والعالقات االجتامعية، ويشكل نسقا

أوليا لفك شيفرات الواقع؛ لذلك فهو يعمل عىل تحديد مجموعة من

التنبؤات أو التكهنات واالنتظارات(9).

نفسه الوقت ويف صريورة، بصفتها إال التمثالت مقاربة ميكن ال

املشكلة إن إذ والنفيس؛ االجتامعي فيها يتداخل عمليات حصيلة

إىل التعرف يف وإمنا ذاته، حد يف الواقع عن الكشف يف تكمن ال

لهذا االجتامعية املجموعات بامتالك سمحت التي الكيفيات

هذه من انطالقا اهتاممنا. محور مثل ما بالفعل وهذا الواقع(10).

التصورات املرتبطة بالتمثالت يف العلوم االجتامعية، خصوصا يف علم

حول الشباب متثالت أثر اقتفاء حاولنا واألنرثوبولوجيا، االجتامع

املوقف تحديد أساسيا يف مؤرشا اعتبناها وقد السياسية، األحزاب

والسلوك السياسيني. ويف هذا السياق، مثل املؤرش العريب الصادر عن

املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات مدخال مهام لبناء جزء من

إشكاليات هذا البحث وفرضياته.

قدم املؤرش العريب 2016 كام هائال ومتنوعا من املعطيات والحقائق.

وخلص التقرير إىل أن االنتساب إىل األحزاب يف املجتمعات العربية

يتسم بالضعف واملحدودية؛ فأكرث من نصف املستجيبني أكدوا أنهم

ال ينتسبون إىل أي حزب سيايس، ويف الوقت نفسه ال يرون أن هناك

حزبا يف إمكانه أن ميثلهم(11)؛ ما يطرح رضورة التساؤل حول متثالت

ثم ومن السياسية خاصة، واألحزاب عامة السيايس بصدد الشباب

التعرف إىل العوامل املتحكمة يف ذلك.

ثانيا: الشباب بين السياسي وظواهر القطيعة واالستمرارية

1. السياسة وجوهر السياسيهذه يف السياسة مفهوم عن السيايس مفهوم استخدام يختلف

الدراسة؛ ألننا حينام نتكلم عن السيايس فإننا نقصد صريورة وعملية

ومجاال غري مستقر وغري ثابت، فهو يف حالة من التحول والتغري، أو

هو بعبارة أخرى يف حالة من البناء وإعادة البناء، فجوهر السيايس

9 Abric, p. 11.

10 Ibid., p. 17.

11 املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، برنامج قياس الرأي العام العريب: املؤرش العريب https://goo.gl/h6fJ1w :2016 (الدوحة: آذار/ مارس 2017)، شوهد يف 2018/4/4، يف

66 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

هو رصاع من أجل السلطة(12)، يتشكل يف عالقات بني عدد كبري من

املامرسات واألفعال واملعايري تنظمهم مجموعة من الذين الفاعلني

والقيم. لذلك، فإن هذه املقاربة تتجاوز البعد املؤسسايت، لتستحرض

مختلف بني التفاعل نقاط استحضار تفرتض التي السلطة عالقات

اإلسرتاتيجيات واملامرسات واملصالح الفاعلني، وعالقة ذلك مبختلف

من ويتاميز وتتداخل، األبعاد تتعدد بحيث واملتضاربة، املختلفة

يف تتم قد يرتبط مبامرسة وضيقا، محدودا مجاال بصفتها السياسة

السيايس أن حني يف تجلياتها، أحد الدولة فتكون مؤسسايت، إطار

عالقات يف اختزالها ميكن التي االجتامعية العالقات مجال هو

الهيمنة والتحكم وعالقات الخاص والعام وعالقات العدو والصديق

واملعارض واملؤيد(13).

تسمح دراسة طبيعة التمثالت عب استحضار السيايس مبقاربة أوجهه

االنتساب انحسار ظاهرة والكشف عن عوامل واملتنوعة، املختلفة

الحزيب يف املجتمع املغريب، ومن ثم توضيح حدود السيايس املمكنة

التي ترتجم يف رصاع من أجل الحفاظ عىل أشكال السلطة والنفوذ

والتحكم فيها. وهذا يف العمق ما يشكل أحد أوجه الحياة السياسية؛

ذلك أن إقامة حدود للسيايس تسمح لبعض الفاعلني بوضع عالقات

السلطة موضوع تساؤل جدي. وقد تعني بالنسبة إىل آخرين محاولة

تقوية مصادر السلطة، كام تسمح، من جانب آخر، مبقاربة أشكال

الهيمنة املمكنة وطرائق االحتجاج عليها.

2. الشباب والجيل وظواهر التغييريعيش الشباب املغريب وضعا استثنائيا يضعهم يف صلب كل التحوالت

الراهنة املرحلة يف مير فاملغرب مجتمعهم. عرفها التي والتغريات

بفرتة مفصلية وحاسمة من تاريخه، ونحن إزاء وضع يتميز بهيمنة

عنرص الشباب عىل األقل من الناحية الدميوغرافية. ويف الوقت نفسه،

نعاين تشكل قطائع واضحة ومتجذرة بني جيلني: جيل ارتبط بالحركة

الوطنية والكفاح من أجل التحرر وبناء الدولة املستقلة، وجيل آخر،

السادس نربطه بفرتة تويل محمد أن الذي ميكن الحايل الجيل هو

مقاليد الحكم؛ إذ ميكن اإلقرار مبوت الجيل األول أو نهايته(14).

التي األسس يف تغيريا السيايس املشهد يف التحوالت هذه تقتيض

قام عليها الخطاب السيايس وأسس الرشعية التي شيد عليها العمل

السيايس؛ ما ال يبدو متحققا يف مستوى النخب السياسية، سواء يف

12 Jean William Lapierre, "Le pouvoir politique," in: Encyclopaedia Universalis, vol. 13, 9eme ed. (Paris: Encyclopaedia Universalis S. A., 1977).

13 Julien Freund, L'essence du politique (Paris: Sirey, 1965), pp. 32 - 45.

14 Jacques Palazzoli, "La mort lente du mouvement national au Maroc," Annuaire de l'Afrique du Nord, vol. 11 (1972), pp. 233 - 251.

املستوى املحيل أو الوطني. ويف الوقت نفسه، يجد الشباب أنفسهم

خارج أي تأطري سيايس أو مجتمعي؛ إذ يبدو التباعد وعدم التالؤم

كبريين، ويصالن إىل حد االنفصال بني الجيلني؛ ذلك أن نهاية جيل

الحركة الوطنية مل تؤد إىل إنتاج الرشوط املوضوعية والذاتية التي يف

إمكانها أن تساعد عىل تشكل نخب جديدة تتمتع بأسسها املختلفة يف

رشعية العمل السيايس، ومتتلك مصادرها الخاصة يف السلطة والتأثري.

إذا ما التغيري، خصوصا الشباب يف صلب عمليات الوضع ميوقع هذا استحرضنا أن فرتة الشباب هي املرحلة التي يكون فيها الفرد يف قمة درجاتها. أعىل يف لديه واالكتشاف التحرر يف الرغبة وتكون طاقاته، فهذه املرحلة تؤرخ بدايات بناء الهوية الخاصة التي من خاللها تنتظم كل العالقات مع الذات واملجتمع؛ إذ ميكن عدها املرحلة األهم يف كل لحظات التغيري. وهو األمر الذي يفرس انحياز الشباب إىل املواقف واآلراء والقناعات التي تكون عىل النقيض من تلك التي يتبناها الجيل السابق(15).

انطالقا من التصنيف الذي تبنيناه يف السابق، والذي مييز بني جيلني: الحايل امللك جيل ميثله الذي الحايل والجيل الوطنية الحركة جيل محمد السادس وزمالئه يف الدراسة الذين يشكلون ما اصطلح عليه كان ذلك وإن - نفهم أن بامللكية، ميكن املرتبطة املولوية بالنخبة ال يتعلق مبا هو جوهري وعميق - كثريا من التغريات التي أحدثها تستجيب والتي جديد، جيل عن تعبريا بوصفها السادس محمد الدميوغرافية املعطيات مع منسجمة تبدو إذ تطلعاته؛ من لبعض صورة وتجسيده العموم، إىل زوجه إظهار خصوصا واالجتامعية، الشاب املتامهي مع طموحات الشباب وأحالمهم، خاصة فيام يتعلق التي االستمرارية من إطار يف يتم ذلك أن غري واللباس. باملظهر

تفرضها رضورات السلطة واستمراريتها.

15 Richard Braungart & Margaret Braungart, "Les générations politiques," in: Jean Crête & Pierre Favre (sous-direction), Génération et politique (Paris: Les Presses de l'Université LAVAL/ Economica, 1986), p. 14.

67دراسات

الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

تعد املقاربة املبنية عىل دورة الحياة الشباب أهم فاعل يف حركات

كل يف املكثفة مشاركتهم وتفرس والسيايس، االجتامعي االحتجاج

والتطورات التحوالت خالل من التغيري إحداث يستهدف حراك

امليوالت مع تتوافق والتي الشباب، مرحلة خالل تحصل التي

والتصورات القيم املرحلة، وتؤثر يف التي تخص هذه واالحتياجات

واملواقف السياسية(16).

برز الشباب املغريب خالل السنوات األخرية املاضية بوصفه قوة وفاعال

محطتني يف األقل عىل وذلك واالجتامعي، السيايس املشهدين يف

صاحبت التي فباير 20 حركة يف األوىل املحطة متثلت أساسيتني:

اندالع ثورات الربيع العريب. أما املحطة الثانية، فانطلقت مع موت

بائع األسامك محسن فكري يف شاحنة جمع النفايات، والذي نتج منه

ما أصبح يعرف بالحراك االجتامعي يف الريف املغريب، ويعني مدينة

الحسيمة والبلدات املجاورة لها.

وكانت الشباب، من األعظم عمومها يف فباير 20 حركة تشكلت

واملطالب االحتجاج بني واجتامعي، جمع سيايس سياق عن تعبريا

السياسية واالجتامعية من جهة، واالنفتاح عىل العامل الخارجي من

جهة أخرى، وذلك عب التوظيف املكثف لشبكات التواصل االجتامعي

يف كل أشكال التعبئة والحراك، خصوصا الفيسبوك واحتالل امليادين

إليها جعلت منها رأس مال التي آلت النهاية العمومية(17). بيد أن

رمزيا يبدو حارضا يف التمثالت، وقابال للتوظيف يف كل لحظة، وعالمة

فارقة يف مسار السري الذاتية ملعظم الشباب. ومن ثم مل تعد حركة

20 فباير تقرتن بفعل يتحرك ويحرك الشارع، وإمنا تحولت إىل شبح

يتقمصه بعضهم إلخافة آخرين، أو لتاميز بعضهم من بعض؛ وذلك

ألنها مل ترتبط بأي حزب سيايس، فكانت ملكا للشعب بأكمله، خاصة

الشباب منه.

3. الشباب وأفق البحث عن جيل سياسياملغريب يف الريف االجتامعي يف والحراك فباير 20 تشرتك حركة

واألسايس األبرز الفاعل الشباب كان فقد الخصائص؛ من كثري

يف االجتامعي الحراك يف تحكمت التي العوامل أن غري فيهام.

محسن موت مع (بدأت بامتياز داخلية عوامل كانت الريف

البطالة انتشار يف ومتثلت نفايات)، حاوية داخل طحنا فكري

الشأن هو كام متاما والتعليم، كالصحة األساسية البنى وضعف

البوعزيزي موت مع اندلعت التي التونسية الثورة إىل بالنسبة

16 Ibid., p. 17.

17 Sylvie Floris, "Les jeunes, ces anti-héros du printemps arabe," Institut Européen de la Méditerranée (2012), accessed on 28/2/2018, at: https://goo.gl/9Mv6Qn

حرقا لذاته؛ فانحرص الحراك يف مدينة الحسيمة والبلدات القريبة

عربية لحالة انعكاسا فباير 20 كانت حركة بينام لها، واملجاورة

العربية. البلدان من كثريا اجتاحت

متيز الحراك االجتامعي يف الريف ببوز مجموعة من الرموز املرتبطة

بل عىل إطار سيايس محدد، أي متحررا من فبدا عنه، واملعبة به

والرفض اإلدانة من نوعا عده ميكن ما تضمن ذلك، من العكس

لكل األحزاب السياسية. فكل التمثالت التي تشكلت حوله متيل إىل

عده دليال عىل فشل كل األحزاب، ما يبر متركزه يف مدينة الحسيمة

وخطاباته مفرداته له خاص إيقاع ضمن منها القريبة والنواحي

ورموزه؛ إذ يبدو منفصال وليس انفصاليا، ما سمح ببوز رموز وقادة

الثقة غياب عنوانه رهيب فراغ ظل يف الحراك هذا عن يعبون

عمليات كل عقد ما ودولة؛ أحزابا الفاعلني ومختلف الشباب بني

التواصل والتحاور والتفاوض. وبالفعل، نحن إزاء جيل ميتلك طاقات

كبرية، غري أن متثالته املرتبطة بكثري من القضايا املصريية يلفها كثري

من الغموض وااللتباس، وال تسمح له بابتكار أفق جديد أو تطويره،

يقود إىل تبني التغيري وإحداثه، ومن ثم بروز جيل جديد يدافع عن

مرشوعه الخاص.

ال يتعلق األمر، إذا، بجيل باملعنى السيايس عىل األقل يف املدى القريب؛

وتجنيدها، طاقاته كل تعبئة عىل يقوم السيايس الجيل أن ذلك

املستوى إىل آخر عىل واالنتقال من وضع التغيري إحداث ويتوخى

السيايس واالجتامعي، فالسن بوصفه عامال محددا ينبغي أن ترتافق

مع سلوك ومواقف جامعية(18). "فكلام كانت التغيريات االجتامعية

الخاصة متسارعة ورسيعة، وكانت األجيال تطور مواقفها وأجوبتها

االجتامعية التجارب فإن ذاتها، بالرسعة والسياسة املجتمع بصدد

تؤثر تأثريا حاسام يف عقول الشباب املرنة؛ بحيث يدركون أن نظرتهم

إىل املجتمع والسياسة تختلف عن الجيل السابق. ونتيجة ذلك، ميكن

18 Braungart & Braungart, p. 9.

68 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

وبداية جيل حركة النبثاق األسس يعطي جييل وعي يتشكل أن

الرصاعات البني - جيلية"(19).

إن املفردات واملصطلحات والعنارص التي تدخل يف تشكيل العالقة بني

التغيري والجيل من جهة، وبني الشباب واألحزاب السياسية من جهة

أخرى، تكشف أن متثالت الشباب املغريب هي خليط متناقض ومتعارض،

يلفه يف كثري من األحيان الغموض وااللتباس. فهي وإن كانت تحيل عىل

جيل، فإن ذلك ال يعني أننا بصدد جيل جديد؛ فمفردات التعبري عن

التغيري والتحول ليست بالوضوح التام؛ إذ إن التاميز عن الجيل السابق

يبدو عندما يتعلق األمر بالتعابري الجسدية والذوق واللباس ويف كثري

السلوكات واملواقف، لكنه ال يعلن عن أي قطيعة أو رصاع مع من

الجيل السابق، فهو يتامهى مع كثري من رموزه، كاإلشادة مبنجزات والده

الحسن الثاين وبرجاالت الحركة الوطنية، فتبدو عائقا لتحرره وانعتاقه،

بحيث ال ميكن تصور الحارض واملستقبل من دون هذه الرموز، عىل

الرغم من أنها ال تشكل امتدادا له يف السلوك والفعل؛ ما يعني أننا إزاء

حالة من السكون والجمود ال تدفع إىل التغيري وال تشجعه.

يتم التعبري عن عالقة الشباب باألحزاب مبفردات تحيل عىل اإلقصاء

والتهميش؛ ما يعني أن قنوات التنشئة السياسية تتم خارج املؤسسات

الرسمية، والتي تشري، إضافة إىل ذلك، إىل أن الحركات االحتجاجية

ليست محكومة أو موجهة بوعي سيايس مؤسسايت، أو يف اإلمكان أن

يصبح كذلك مع تطور األحداث واكتاملها. لذلك ليس مستغربا أن

تصل كل االحتجاجات إىل أفق مسدود، أو أنها تنطلق من هذا األفق

املسدود، بحيث ترسم مخارجه يف تدخل امللك، أو أنها تستند إليه

مسبقا، سواء عىل نحو معلن أو ضمني، وهي بذلك تستنسخ بغري

وعي اآلليات نفسها التي اعتمدتها األجيال السابقة(20).

الوطنية الحركة جيل نهاية أن امليدانية واملعطيات الوقائع تؤكد

النخب ال األبعاد، وأن تجديد - فراغا متعدد يزال يرتك ترك – وال

يف الشأن هو كام انتقائها قواعد باحرتام تسمح آليات وفق يتم

وأشد حذرا أكرث نخبا أنتج الذي األمر الدميقراطية(21)؛ املجتمعات

الوالء مقابل إذ ضمني؛ تعاقد وفق وتعيش املستقبل، من تخوفا

السلطة، من محدود بهامش النخب هذه تتمتع للملكية املطلق

فيفرض هذا الوضع عليها العيش يف بنية من الجمود واملحافظة(22).

19 Ibid., p. 14.

20 John Waterbury, Le commandeur des croyants: Monarchie marocaine et son élite (Paris: PUF, 1975), pp. 101 - 115.

21 Pierre Birnbaum, Dimensions du pouvoir (Paris: PUF, 1984), p. 211.

22 عبد القادر بوطالب، "الالمركزية كهندسة ملجاالت الرصاع والتنافس: السلطة املركزية جامعة اإلنسانية، والعلوم اآلداب كلية دكتوراه، أطروحة املحلية"، النخب إنتاج وآليات

محمد بن عبد الله، فاس، 2002، ص 102.

االجتامعية مشكالتهم وازديــاد الشباب عدد ارتفاع يقرتن ال

من حالة يفرز ما حاسمة؛ سياسية تغريات بحدوث واالقتصادية

بسبب ذلك وليس الجمود. من مزيد تكريس نحو تقود اإلحباط

غياب الوعي السيايس، ولكن نتيجة عدم تشكل وعي جديد يرتبط

جيل بعد ما بجيل ننعته أن ميكن السيايس، باملعنى جديد بجيل

الحركة الوطنية. ميكن أن نتكلم عن مفهوم األجيال يف كل املجاالت

إزاء أننا تبنيه ميكن توصيف فأقرب السيايس، املجال باستثناء

"جيل ضائع" ال ينقصه الوعي السيايس، ولكن تنقصه روح املبادرة

باملؤسسة السابقة األجيال نخب ارتباط نتيجة وذلك والتجديد؛

إطار مؤسسايت؛ أي وانتقائها خارج النخب إنتاج امللكية، واستمرار

ما نتج منه نخب تتميز بالسلبية املطلقة وتعيش وضع الرهينة، لدى

السلطة املركزية أو لدى ممثليها عىل الصعيد املحيل(23).

ثالثا: الشباب بين الوعي السياسي وااللتزام الحزبي

غياب يف بالسيايس الشباب عالقة أزمة من كبري جزء يتمظهر

يتوقف ال والحزيب الرسمي السيايس فالخطاب السياسية، املشاركة

عند دعوة الشباب إىل املشاركة يف الحياة السياسية؛ ما يعني وجود

بدرجات متفاوتة، وتجعل والدولة األحزاب تقتسمها أزمة حقيقية

مامرسة السياسة سواء بالنسبة إىل الدولة أو بالنسبة إىل األحزاب تتم

عىل نحو ناقص، وتفتقد الرشعية.

الدخول عن باالمتناع الشباب عند السياسية املشاركة أزمة تبدأ

الرسمي يف السياسة، ويتمثل يف رفض التسجيل يف اللوائح االنتخابية

االلتزام من نوع أي بانعدام وتنتهي االنتخابات، يف والتصويت

األحزاب يف انخراطهم باألساس يف ضعف ذلك ويتمظهر السيايس،

السياسية وغريها من الهيئات املدنية والحقوقية.

متثل اللحظة األوىل عالمة فارقة يف بداية انخراط الشباب يف الحياة

العامة. أما اللحظة الثانية، فتمثل بداية اهتاممهم بالسيايس وتشكل

وعيهم السيايس. غري أن اللحظة األوىل ال تعني عدم االهتامم بالسياسة؛

الخاصة، ويتبنون جملة بالسياسة عىل طريقتهم يهتمون فالشباب

من املواقف واآلراء، وينشغلون بالعامل الذي يحيط بهم(24).

تندرج ضمن هاتني اللحظتني جملة من العنارص واملكونات املتباعدة

واملتداخلة التي قادتنا إىل تصنيف معطيات املقابالت التي أجريناها

23 املرجع نفسه، ص 315 - 317.

24 Anne Muxel, L'expérience politique des jeunes (Paris: Presses de Sciences Po, 2001), p. 47.

69دراسات

الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

مع الشباب وترتيبها وإعادة بنائها، عىل نحو يسمح باإلملام بعالقة

الشباب بالسيايس. لذلك ميزنا بني بعدين رئيسني: االلتزام السيايس

فإن السيايس، بالوعي يرتبط االلتزام كان فإذا الحزيب. واالنتساب

االنتساب الحزيب ال يعني نوعا من االلتزام السيايس وال يرتتب عليه

للحظة مكملة لحظة أنه عىل إليه ننظر قد ثم، ومن بالرضورة.

االلتزام أن إىل ذلك ويرجع العامة؛ الحياة يف الرسمي الدخول

املعارضة إن بل السياسية، األحــزاب خارج يتشكل قد السيايس

الحقيقية بدورها أصبح وجودها الفعيل خارج األحزاب(25).

يف للشباب السياسية املشاركة يختزل الرسمي الخطاب كان إذا

االنتخابية اللوائح يف التسجيل يف املتمثلة االنتخابية العمليات

والتصويت، ثم االنخراط يف األحزاب السياسية، فإن كثريا من األبحاث

والدراسات وجدت يف هذا األمر نوعا من التبسيط؛ ذلك أن الشباب

األحداث مع ومتفاعلني السياسة يف منخرطني الدوام عىل كانوا

والقضايا السياسية(26). وبالفعل، فقد متكنا، من خالل املقابالت التي

أجريناها، من الوصول إىل الخالصة التالية، وهي أن الشباب يتميزون

يف أغلبهم بنوع من االلتزام السيايس الذي يظهر يف مختلف أشكال

التعبري السيايس، سواء اتخذت طابعا فرديا أو جامعيا، والتي أبانت

عن درجة عالية من الوعي املدين؛ بحيث بدا ذلك بالوضوح الكايف

خالل من املواقف، عن والتعبري والتظاهر االحتجاج أساليب يف

الوقفات واملسريات واالعتصامات. ومثلت يف هذا الصدد حركة 20

فباير والحراك االجتامعي يف الريف عالمتني بارزتني؛ إذ مثل الشباب

قاعدتهام األساسية، من دون أن تكون لألحزاب السياسية أي عالقات

تنظيمية أو سياسية بهام.

فرضت مقاربة االنتساب الحزيب من خالل متثالت الشباب لألحزاب

السياسية معالجة مسألتني أساسيتني:

املدة الزمنية التي يف اإلمكان أن يستمر خاللها شاب ما منخرطا يف

حزب من األحزاب املوجودة يف املشهد السيايس.

يف الشباب بعض ــخــراط ان تفرس الــتــي والــحــوافــز ــع ــدواف ال

األحزاب السياسية.

يف الشباب انخراط أن املسألتني بهاتني املتعلقة النتائج أكدت

األحزاب السياسية غالبا ما يكون عرضيا ومحدودا وموسميا، ويرتبط

مبواعيد انتخابية أو مبؤمترات حزبية محلية أو جهوية أو وطنية؛ ما

25 Thierry Desrues & Miguel Hernando de Larramendi, "S'opposer au Maghreb," L'Année du Maghreb, vol. V (2009), accessed on 28/2/2018, at: https://goo.gl/uXrBJF

26 Saloua Zerhouni, Jeunes et participation politique au Maroc (Rabat: IRES, 2009), accessed on 28/2/2018, at: https://goo.gl/D4DU3M

يكشف طبيعة الدوافع الحقيقية املتحكمة يف هذا االنخراط، إذ ال

يتحدد بالبعد األيديولوجي أو البنامج السيايس والحزيب، بل يكون

املساعدة أو البحث املادية، خصوصا املنافع بعض لتحقيق وسيلة

عىل الحصول عىل منصب عمل، أو ما شابه ذلك.

يبدو أن االنتساب إىل األحزاب بصفة تطوعية ونضالية، والذي ينبني

عىل القناعة السياسية وااللتزام السيايس، محدود وال يشكل قاعدة.

ويعكس هذا جزءا من متثالت الشباب حول األحزاب السياسية التي

تظهر بوصفها وسيلة لتحقيق بعض املكاسب والغايات املادية التي

ما إن تتحقق أو يحدث العكس تنتهي وتختفي كل روابط الشباب

باألحزاب السياسية. فاالنتساب إىل األحزاب يظهر بوصفه موضوعا

يحصل ومحدود، ظريف انخراط فمقابل التبادل. أو للمبادلة قابال

الشباب عىل وعود بتحقيق بعض املكاسب املادية، أو أنهم ينخرطون

التسهيالت ببعض كالتمتع املكاسب، هذه تحقيق نياتهم ويف

املاجستري التسجيل يف أو بالحصول عىل منصب عمل تسمح التي

أو الدكتوراه.

الذي السيايس االلتزام من بنوع املستجيبني الشباب معظم يتسم

ينم عن وعي كبري. وتظهر مؤرشاته يف املوقف من األحزاب السياسية

ذاتها؛ فضعف االنخراط الحزيب ومحدوديته يعبان عن موقف من

باملشهد إزاء وعي سيايس ثم فنحن هذه األحزاب وطبيعتها، ومن

الوعي هذا أن بيد وخيوطه. مالبساته ومبختلف العام السيايس

التزام حزيب؛ فمعظم الشباب انفالتا كليا من أي تحديد أو ينفلت

يظهرون التزاما سياسيا بكثري من القضايا الوطنية والعربية واإلسالمية

والعاملية، ويجسدون ذلك عب أشكال متعددة ومتنوعة من وسائل

واملسريات والوقفات التظاهرات عب كاالحتجاج السيايس، التعبري

بعكس والجدوى، بالفاعلية تقرتن إليهم بالنسبة أصبحت التي

ترسخ ثم ومن والسكون. للجمود مرادفا أصبحت التي األحزاب

لدى أغلبية الشباب أن التغيري ال ميكن أن يحدث من خالل األحزاب

السياسية، بل أصبح ينظر إليها بوصفها معطلة للحقل السيايس(27).

رابعا: تمثالت الشباب بوصفها انعكاسا لطبيعة األحزاب السياسية

يكشف تاريخ األحزاب السياسية املغربية أنها ارتبطت من الناحية

التنظيمية بزعيم واحد، يحتكر وحده كل النشاطات السياسية التي

أو وإقالته يجسده، الذي وهو الحزب، فهو الحزب؛ تاريخ ميزت

عزله من منصبه بوصفه أمينا عاما أو رئيسا للحزب ال يتم إال مبوته

27 Desrues & Larramendi, pp. 7 - 36.

70 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

الطبيعي. بعد موته يستمر زعيام، يحكم من خالله وخلفه آخرون،

باألحياء األموات عالقة وتجسد أسامءهم، تحمل مؤسسات وتقام

يف الفعل السيايس؛ فالفعل السيايس ال يكون فعاال ما مل يستند إىل

واالتحاد الفايس، بعالل االستقالل حزب ارتبط هكذا األمــوات(28).

الشورى وحزب بوعبيد، الرحيم بعبد الشعبية للقوات االشرتايك

بعيل واالشرتاكية التقدم وحزب الوزاين، حسن مبحمد واالستقالل

يعته، واملعطي بوعبيد بحزب االتحاد الدستوري، وأرسالن الجديدي

بالحزب الوطني الدميقراطي.

السياسية لألحزاب التنظيمية القوانني - تكرس تزال وال - كرست

املغربية هيمنة األمني العام؛ فهو عضو يف كل الهيئات القيادية، يرأس

وعىل للحزب. السيايس واملكتب املركزية واللجنة الوطني املجلس

الرغم من كل الخطابات السياسية املعلنة وكل التعديالت والتغريات

يف املحورية الشخصية يظل العام األمني فإن الحزبية، القوانني يف

الحزبية، واألجهزة اللجان كل ويوجه القرارات كل يحدد الحزب،

ويوجه اإلعالم الحزيب، بل يف بعض األحيان هو الذي يديره، فهو الذي

وباختصار، والدولية. الوطنية السياسية باملنظامت العالقات يربط

هو الذي يتحكم يف كل يشء ويقرر كل يشء.

فرضت هذه الخصائص التنظيمية والسياسية املميزة لواقع األحزاب

السياسية تهميشا وإقصاء لفئة الشباب املغاربة، ومن ثم مل يحدث أي

استيعاب أو تفهم لطبيعة األجيال الحالية. فأمام استحالة أي نوع من

الحراك السيايس الداخيل، أصبحت األحزاب السياسية املغربية تعيش

ضمن دوائر مغلقة، كرست قطيعة متجذرة مع املجتمع. فالشباب

الذين أسسوا األحزاب الوطنية أصبحوا كهوال، وبدؤوا يختفون شيئا

الحالية فشيئا، ولكنهم مل يستطيعوا أن يخلقوا جسورا مع األجيال

التالؤم بتكريس تسمح دينامية تخلق أن املفروض من كان التي

الجديدة لألجيال السياسية واالنتظارات االجتامعية التحوالت بني

التي مل تعش أسئلة التحرير وأسئلة البناء املرتبط بدولة االستقالل،

ولكنها وجدت نفسها خارج السيايس وضمن واقع يقصيها من جميع

النواحي اجتامعيا واقتصاديا وثقافيا. لذلك فنهاية الرشعية التاريخية

والوطنية مل تسمح بتأسيس أسس جديدة لرشعيات أخرى، متكن من

استيعاب أسئلة أجيال الشباب وانتظاراتها، والتي ليست شبيهة بتلك

التي ميزت الجيل السابق، ولن تكون كذلك.

أصبحت األحزاب السياسية املغربية، نتيجة هذا الوضع، تعيش حالة

يف ارتبطت سلبية، صورة حولها وتكونت والسكون، الجمود من

أذهان معظم الشباب بأنها أبعد ما يكون عن التجديد والتحديث،

الدراسات دبلوم لنيل بحث املغريب"، باملجتمع الزعيم "صورة بوطالب، القادر 28 عبد املعمقة، كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية، جامعة محمد بن عبد الله، فاس، 1995/ 1996، ص 46.

وال ميكن التعويل عليها يف قيادة التغيري وإحداثه. وميثل هذا الحكم،

بالنسبة إليهم، قمة الوعي السيايس الذي يؤسس ضعف انخراطهم

يف األحزاب السياسية ومحدوديته.

حزب هي أحزاب؛ بثالثة املغريب املجتمع يف األحزاب تاريخ بدأ

املغريب. الشيوعي والحزب االستقالل، واالستقالل، وحزب الشورى

تناسل ويرجع حزبا. 36 يقارب أصبح عددها فإن اليوم، أما

األحزاب بهذه الوترية إىل اعتبارات متعددة، غري أن أهم ما يرتتب

األحزاب؛ امللك ورشعيته، وتضعف موقف تقوي سلطة أنها عليها

للنخب التفاوضية القدرة يضعف إطارا التعددية تصبح بحيث

الحزبية وتأثريها السيايس(29). وبغض النظر عن القراءات املتعددة

األحزاب أغلب أن نسجل أن ميكن وتباينها، الحزبية للتعددية

ونادرا رئيسة، شخصية حول متمحورة نشأت املغربية السياسية

ما تسمح بوجود شخصيات متنافسة؛ وهو األمر الذي يضطر هذه

الشخصيات إىل خلق كيانات حزبية منافسة(30)، بحيث يظهر تاريخ

األحزاب السياسية املغربية تاريخ انشقاقات بامتياز. وتأخذ ظاهرة

االنشقاقات بعدين أساسيني:

البعد األول: ميكن عده رضورة داخلية وذاتية، فرضتها طبيعة

وتجديد األدوار بتبادل بتاتا تسمح ال التي املغربية األحزاب

الهياكل والقيادات؛ ما يؤدي إىل تشكيل حزب جديد من داخل

ثم تصحيحية، فحركة احتجاجية، حركة ويبدأ القائم، الحزب

يصبح حزبا موازيا للحزب القائم.

البعد الثاين: وتتحكم فيه عوامل خارجية؛ ففي كثري من الحاالت

يف االنشقاقات تشجيع عىل بالدولة املرتبطة األجهزة عملت

بعض األحزاب، وذلك بهدف خلق نوع من الدينامية والحيوية

السياسية التي قد تعطي االنطباع بالتجديد واالنفتاح ومواكبة

التغيري واإلصالح.

الشباب بصورة سلبية، السياسية يف متثالت األحزاب تعدد ينعكس

متايز إىل تؤدي ال التي االنشقاقات بظاهرة تقرتن أنها خصوصا

واضح بني أقطاب وتوجهات سياسية. فكل األحزاب السياسية تتشابه

سياسية برامج أو مجتمعية مبشاريع ترتبط ال فالفروق وتتطابق؛

أو ثقافية.

29 Jean-Claude Santucci, "Le multipartisme marocain entre les contraintes d'un 'pluralisme contrôlé' et les dilemmes d'un 'pluripartisme autoritaire'," Revue des mondes musulmans et de la Méditerranée, no. 111 - 112 (Mars 2006), accessed on 29/6/2017, at: https://goo.gl/C7SZb3; Jean-Claude Santucci, "Les partis politiques marocains à l'épreuve du pouvoir: Analyse diachronique et socio-politique d'un pluralisme sous contrôle," Remald, no. 24 (2001).

االجتامع لعلم املغربية املجلة باملغرب"، الحزبية الظاهرة "أصول شقري، 30 محمد السيايس، العدد 11 - 12 (1990)، ص 68–76.

71دراسات

الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

فيجعل إجامال؛ للشباب السياسية املامرسات يف الوضع هذا يؤثر

السيايس، االقتناع عىل ينبني ال السياسية األحزاب إىل انتسابهم

عامة، السيايس الرتحال يفرس ما السيايس؛ االلتزام عليه يرتتب وال

ويجعل االنتساب الحزيب عرضيا وموسميا يف حياة الشباب، ويدفعهم

إىل تغيري انتامءاتهم رسيعا وباستمرار.

ال تكتمل هذه الصورة إال من خالل الطبيعة التي يفرتضها الشباب

للحزب السيايس، فهي تبدو غامضة ومن دون مالمح واضحة، وتحيل

عىل أشخاص أكرث مام تحيل عىل تصورات أو مواقف. وتتجسد هذه

الصورة سلسلة متدرجة، تبدأ من قيادات مشخصنة، ترتبط مبدينة

أو قرية أو جهة، وتنتهي باألمني العام للحزب أو الرئيس؛ ما يعني

أن جزءا مهام من متثالت األحزاب السياسية ميكن البحث عنه من

خالل إعادة بناء صورة قادة األحزاب السياسية. تربط جل األحزاب

بأشخاص محددين، ومن ثم فإن متثالت الشباب بصدد األحزاب متيل

إىل تكريس نوع من التامهي بني الحزب وقيادته، وهو األمر الذي

سنحاول إبرازه يف الفقرات التالية.

خامسا: الشباب: من رهاب السياسة إلى فقدان الثقة واإلحباط

املقابالت خالل من تجميعها أمكننا التي املؤرشات كل أوضحت

التي أجريناها أن تحوال عميقا حدث فيام يتعلق بتمثالت الشباب

حول السيايس أو السياسة بصفة عامة؛ فلم نعد نلمس تلك الصورة

السيايس، حول املغاربة معظم ذاكرة يف انطبعت التي السلبية

تستدعي كانت أنها ذلك ورهبة، وحذر خوف موضوع كانت إذ

تكونت التي والتصورات التمثالت بكل املخزن مواجهة استحضار

عنه يف األذهان واملخيال(31)، والذي يجد تفسريه يف سنوات الرصاص

وما رافقها من تعذيب وقمع وتنكيل. أما اليوم، فنجد معظم الشباب

يبدون رغبة كبرية يف الحديث يف كل املواضيع ذات الصلة بالسياسة

وال يشعرون بالخوف، وال يبدون أدىن تردد أو ارتباك.

حاولنا أن نطرح جملة من األسئلة غري املبارشة لفهم هذا التحول،

باألحزاب يف املرتبطة التمثالت إليه فهم ما نصبو غاية كانت وإن

عالقتها باالنتساب الحزيب، فتوصلنا إىل خالصتني أساسيتني هام:

التواصل وسائل أدته الذي الدور يف وتكمن األوىل، الخالصة

االجتامعي التي ساهمت يف تحرر الشباب من ثقل رقابة عدد

أفرادا بينهم املسافات واختزلت والتابوهات، املؤسسات من

املغريب باملجتمع التغيري وآليات السياسية السلطة طبيعة بوطالب، القادر 31 عبد (تطوان: مطبعة الحاممة، 2014)، ص 46-33.

مع الرقابة من التحرر تكرس وسيلة واكتملت ومجموعات،

اندالع ثورات الربيع العريب؛ فتشكلت نزعة قوية لدى معظم

الشباب، اقتضت رضورة الوجود عىل صفحات وسائل التواصل

االجتامعي بأسامئهم الحقيقية أو تلك املفرتضة، وجسدت هذه

حول الشباب بني متداوال أصبح الذي الشعبي املثل النزعة

أن احذر "الفيسبوك، يغلبوك"، عندك ("الفيسبوك الفيسبوك

تغلب أو تهزم").

العام، الفضاء يف الشباب انخراط الجديد الواقع هذا فرض

وأصبحوا أهم فاعل فيه؛ ما يفرس هذا التعامل اإليجايب للشباب

لدى تشكل بحيث والحذر، الخوف عن بعيدا السيايس، مع

إىل إضافة والحامية. األمن من نوع الفضاء هذا يف معظمهم

ذلك، وارتباطا بانعكاسات الثورات العربية، تشكل نوع من الفرز

السيايس املبني عىل قاعدة الوالء للنظام أو معارضته؛ إذ برز يف

النظام، أي هؤالء أنصار للداللة عىل "العياشة" املغرب مفهوم

الذي يرددون: "عاش امللك". فتعبري العياشة أخذ من كلمة عاش.

نتيجة هذا الفرز السيايس الذي ال يرتبط بتوجهات سياسية أو

مواقفهم تحديد عىل قادرين املغاربة الشباب أصبح حزبية،

حزب مع وإما العياشة حزب مع إما فهم السياسية؛ وآرائهم

الشعب. فأنصار الحزب األول يرددون: "عاش امللك"، أما أنصار

الحزب الثاين فريددون: "عاش الشعب"؛ ما ساهم يف تحرر الشباب

أنواع السيايس عىل كل الفرز الخوف والرتدد، فسيطر هذا من

الفرز السيايس األخرى، وخصوصا تلك التي تقوم عىل االنتامءات

الحزبية، وجعل مواقف الشباب من األحزاب السياسية تتجه نحو

مزيد من السلبية، وتتميز بالوضوح والقوة، بل بالشجاعة والجرأة.

الخالصة الثانية التي تبدو أكرث إقناعا، تتمثل يف غياب الذاكرة

أن معظمهم ذلك املستجيبني؛ الشباب عند والواضحة القوية

وباألحداث ملجتمعهم القريب بالتاريخ اإلملام إىل يفتقرون

عامة تبدو فمعلوماتهم التاريخ. هذا ميزت التي والوقائع

عن ومتكاملة شاملة رؤية بتكوين لهم تسمح ال وفضفاضة،

الحركة إىل تشكل قطيعة بني جيل التاريخ. ويرجع ذلك هذا

الوطنية واألجيال الحالية، مل تسمح بخلق روابط بينهام ضمن

مرشوع مجتمعي يصل املايض بالحارض ويتوجه نحو املستقبل.

فجيل الحركة الوطنية احتكر لحسابه الخاص الرمزية التاريخية

نخبة إيجاد الصعب من أصبح ونهايته ومبوته والنضالية،

جديدة قادرة عىل تعبئة األجيال الراهنة والتعبري عن تطلعاتها

وأحالمها. لذلك فعىل الرغم من الوعي السيايس، فإن الشباب

يبدون منفصلني عن تاريخهم ومن دون ذاكرة قوية؛ ما يفرس

جزءا من أزمة الهوية التي يتخبط فيها الشباب.

72 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

1. اقتران صورة األحزاب السياسية بانعدام الثقة وغياب الصدقية

انعدام فنجد الشباب؛ معظم عند تتكرر نفسها الصورة تكاد

الحزب صورة يحدد الذي املشرتك القاسم الصدقية وغياب الثقة

املصالح بتجميع يسمح إطارا الحزب يتصورون فهم أذهانهم، يف

والدفاع عنها. ومن ثم، يعدون كل أفعال زعامء األحزاب السياسية

وسلوكاتهم مندرجة يف إطار مناورات مدروسة، الغاية منها تحقيق

مصالحهم الشخصية ومصالح املقربني منهم.

وبالفعل، فإن التوصيف الذي انترش يف الحراك االجتامعي يف الريف،

والذي يعد األحزاب السياسية مبنزلة دكاكني، يختزل عىل نحو كامل

ومتطابق محتوى مقابالتنا مع الشباب املستجيبني، وإن كان ال يصل

يقول والرشاء. للبيع تظهرها مجاال أنها إال بالدكاكني، توصيفها إىل

العامة؛ املصلحة تخدم ال األحزاب "كل املستجيبني: الشباب أحد

فزعامء األحزاب يفكرون يف مصالحهم ومصالح أقاربهم ... إلخ. ولو

كانوا يخدمون مصالح الشعب، فلم يؤسسون هذا العدد الكبري من

األحزاب، ومل ال يتحدون يف حزب واحد أو حزبني أو ثالثة أحزاب؟

ينشق عن حزب أو به، الخاص يؤسس حزبه مصالح له من فكل

موجود ليخدم مصالحه بشكل مبارش من خالل حزبه"(32).

واحدة حقيقة املستجيبني الشباب مع املقابالت مضمون يعكس

مصالحهم خدمة وهي السياسية، األحزاب قادة كل فيها يشرتك

والتنافس من أجل الفوز باملناصب لهم أو ألقاربهم؛ ما كرس فقدان

الثقة بهذه األحزاب وجردها من الصدقية، وأصبحت خطاباتها تقرتن

باألكاذيب واألوهام التي تستهدف التضليل والخداع.

يقول أحد الشباب املستجيبني: "مل أعد أثق باألحزاب، الكالم نفسه

يقال ويعاد، ودامئا الشعب هو الضحية. يبيعون األكاذيب والوهم،

علينا، يكذبون األحــزاب. هذه يف رشيف إنسان هناك فليس

نفسها، األكاذيب ويعيدون حقيقتهم، نعرف ال أننا ويعتقدون

أو األحزاب تقوله ما يصدق أحد ال ]...[ نصدقهم أننا ويعتقدون

يرصح به املسؤولون عنها"(33).

يشكك معظم الشباب املستجيبني يف جدوى املشاركة السياسية التي

يف االنخراط ويعدون الرسمية، السياسية املؤسسات خالل من تتم

األحزاب السياسية غري مؤثر عىل اإلطالق، وال ميكن أن يكون حاسام

يف إحداث التغيري يف السياسة واملجتمع. كام أن األحكام التي يصدرها

السعدي، املالك عبد جامعة شخصية، مقابلة سنة، 23 الحقوق، يف إجازة 32 طالب تطوان، أيار/ مايو 2017.

33 طالب، إجازة يف علم االجتامع، 22 سنة، مقابلة شخصية، جامعة عبد املالك السعدي، تطوان، أيار/ مايو 2017.

الشباب حول زعامء األحزاب السياسية تتسم بالسلبية؛ فهم ال ميتلكون

فإن ثم به. ومن يؤمرون ما إال يفعلوا أن املبادرة، وال ميكنهم زمام

الشباب املستجيبني غري راضني عن زعامء هذه األحزاب، ويرون أن ما

يقوم به هؤالء الزعامء ال يؤدي إىل نتائج ملموسة عىل املستوى السيايس

واالجتامعي واالقتصادي؛ ما يعني أنه ال ميكن التعويل عليهم يف إحداث

التغيري بالنسبة إىل أوضاعهم بصفتهم شبابا، ويعني أيضا أنهم ليسوا

عىل استعداد لالنخراط يف أحزاب يقودها زعامء عىل هذه الشاكلة.

2. األحزاب السياسية ونظام الخدماتطور الشباب موقفا يتسم بنوع من العقالنية تجاه األحزاب السياسية،

فالصورة السلبية التي تشكلت حول هذه األحزاب جعلت أغلبيتهم

عازفني عن االنخراط فيها والتزام النضال يف صفوفها. ولكنها أدت يف

الوقت نفسه إىل بروز فئة من الشباب عىل استعداد للتعامل مع هذه

األحزاب، بل إن بعضها يتوفر عىل بطاقات العضوية فيها، فهي كل ما

الخطابات التناقض مع بالحزب. قد يبدو يف األمر كثري من يربطهم

التي طورها الشباب حول األحزاب السياسية، لكن تحليال متأنيا لهذه

الخطابات وإسرتاتيجية هؤالء الشباب يكشف أن األمر يتعلق بحسابات

عقالنية، وليست متناقضة مع متثالتهم؛ إذ تعد مبنزلة "عمل" يستنسخ

اإلسرتاتيجيات نفسها التي ينتهجها زعامء األحزاب السياسية.

يقول أحد الشباب: "انخرطت يف حزب ]...[ بهدف تحقيق بعض من

مصالحي الشخصية. الكل يفعل ذلك. وعندما أحقق مصالحي أمزق

نفسه. اليشء يفعلون األحزاب كل يف املسؤولون العضوية. بطاقة

يبحثون عن مناصب ألوالدهم وعائالتهم ]...[ فأنا معهم ومبجرد أن

يتحقق مرادي، حتى صويت يف االنتخابات لن يفرحوا به"(34).

االلتزام من نوع أي الحالة هذه يف الحزيب االنتساب عىل يرتتب ال

ذلك كان وإن االنتخابات، يف بالتصويت يتعلق فيام وحتى السيايس،

يفرض عليه جملة من األدوار واملهامت التي يؤديها باملعنى املرسحي، كام

توضح إحدى شهادات أحد املستجيبني: "ال تربطني بالحزب أي صالت

حقيقية، فأنا يف واد، وهم يف واد آخر. كل ما أقوم به أعده مجرد شغل أو

عمل أبتغي منهم توطيد عالقايت مع أشخاص ومسؤولني يك أحقق أهدايف،

ثم مدبرها حكيم ]...[ فأنا حينام أختيل يف املعزل، أضع ورقة فارغة"(35).

فيام الشباب من الفئة هذه إسرتاتيجية تحليل خالل من أمكننا

يتعلق األمر أن أن نستنتج السياسية باالنخراط يف األحزاب يتعلق

الثانية، 21 سنة، مقابلة شخصية، جامعة عبد املالك 34 طالب يف األدب العريب، السنة السعدي، تطوان، أيار/ مايو 2017.

35 طالب، إجازة يف األدب الفرنيس، 23 سنة، مقابلة شخصية، جامعة عبد املالك السعدي، تطوان، أيار/ مايو 2017.

73دراسات

الشباب والسياسي: طبيعة التمثالت وعوامل انحسار ظاهرة االنتساب الحزبي في المجتمع المغربي

بني الالمعلن االتفاق من نوعا ضمنيا تفرتض عقالنية، بحسابات

الشباب واملسؤولني يف هذه األحزاب، والذي يقتيض مقابل انخراطهم

عىل يحصلوا أن واألدوار املهامت من بجملة والقيام الحزب يف

لآلخرين يقدموها إمكانهم أن التي يف أو الخدمات، مجموعة من

بربط عالقات لهم ما يسمح والحزبية؛ االنتخابية الدعاية إطار يف

متكنهم من تحقيق بعض املكاسب، كالحصول عىل عمل أو التسجيل

يف املاجستري أو الدكتوراه.

طور إذ ومحكمة؛ دقيقة لحسابات اإلسرتاتيجيات هذه تخضع

الشباب وعيا كبريا بطبيعة هذه األحزاب، وبالكيفيات التي متكنهم

األحزاب إطار يف مييزون فهم وغاياتهم. أهدافهم تحقيق من

السياسية بني تلك ما يسمح منها بتحقيق هذه العينة من األهداف

أو تلك، وما ال ميكن التعويل عليه مطلقا؛ ذلك أن االنخراط يف بعض

األحزاب قد ينطوي عىل مخاطر معينة، ومن ثم قد يكون عائقا أمام

التي تحدد الشباب. وهكذا فطبيعة األهداف هي تحقيق أهداف

طبيعة الحزب الذي يجب االنخراط فيه. فالبحث عن العمل يقتيض،

يف غالب األحيان، االنضامم إىل األحزاب التي تصنف عىل أنها ميينية

فتوجب الدكتوراه أو املاجستري يف الدراسة متابعة أما إدارية. أو

االنضامم إىل أحزاب املعارضة؛ إذ تقدم لهم جملة من التسهيالت من

خالل عالقات الزبونية التي يؤمنها أعضاؤها وأنصارها عب شبكات

من العالقات التي ينسجونها مع مختلف املصالح اإلدارية.

إزاء إسرتاتيجيتني مختلفتني ومتباينتني؛ ففي الحالتني، نحن يف كلتا

الحالة األوىل ينبغي للشباب أن يظهروا نوعا من الوالء الكامل. ويف

الحالة الثانية عليهم إظهار نوع من االلتزام والوعي السيايس الذي

يفرتض استثامرا يف الوقت أكب عىل عكس الحالة األوىل، بحيث يكون

عامل الوقت حاسام، ومن ثم فاالنخراط يكون محدودا يف الزمان،

ويتوخى استغالل الفرص واستثامر الظروف املواتية.

األحزاب حول السلبية التمثالت بني الصعب التوليف هذا إن

يعتقد أو توفرها التي الخدمات لنظام النسبي والقبول السياسية

إليها أنها توفرها يعكس عالقة جديدة بهذه األحزاب، والتي تنظر

بوصفها أداة مجردة من أي طابع أخالقي أو قيمي، ومجاال تنتعش

فيه الزبونية واملحسوبية.

كل بني الحدود رسم إعادة الشباب عىل الوضعية هذه فرضت

ومل بالسيايس االهتامم عن تبعدهم مل لكنها املتناقضة، العنارص

إسرتاتيجيات لديهم طورت وإمنا السيايس، الوعي من تجردهم

األحزاب عند املفرتض الخدمات نظام استغالل تحاول متعددة

السياسية؛ فقد دفعت بعضهم إىل الهجرة، ودفعت آخرين إىل ابتكار

حلول أخرى، كام دفعت آخرين إىل االنحراف والتطرف والجرمية.

خاتمةتتسم نظرة الشباب إىل األحزاب السياسية بكثري من السلبية، لكن

املجتمع قضايا والتزام السيايس، الوعي غياب عليه يرتتب ال ذلك

والوطن، والقضايا الكبى يف العامل العريب واإلسالمي ويف العامل بأرسه؛

فتمثالتهم ال تقيم أي فوارق بني األحزاب بوصفها أجهزة وزعامئها،

فيصعب السيايس، للزعيم طبيعيا امتدادا حزب كل يبدو بحيث

التمييز بني الزعيم والحزب ومختلف هيئاته وأجهزته؛ ما يجعل من

الحزب يف أذهانهم وسيلة فحسب، تخول الزعيم واملقربني منه خدمة

مصالحهم والتفاوض من أجلها. ويعد ارتفاع عددها مؤرشا عىل ذلك،

به، املرتبطة الفئات ومصالح مصالحه عن موقعه من يدافع فكل

لذلك يغيب املوقف السيايس والخط السيايس والبنامج الحزيب املميز

لألحزاب، فكل األحزاب تتشابه وتتامثل، وتنتج الخطاب نفسه وتعيد

الوعود واألقاويل نفسها.

يرتتب عىل إعادة بناء متثالت الشباب حول األحزاب السياسية القول إن

األمر يتعلق فعال بوعي سيايس، يبز بوصفه فهام لطبيعة هذه األحزاب

ودورها وحدودها يف عمليات التغيري. وبالفعل، أبان الشباب، من خالل

املقابالت املطولة التي أجريناها معهم، وعيا كبريا بالقضايا الكبى التي

تعنيهم بصفتهم شبابا، أو تعني محيطهم الوطني والعريب واإلسالمي

والعاملي. وتجسد ذلك يف الحركات االحتجاجية واملسريات والوقفات

التي انخرطوا فيها، ولعل أبرزها حركة 20 فباير والحراك االجتامعي يف

الريف املغريب؛ فبز بجالء أن أهم خاصية النخراط الشباب يف العمل

السيايس أنه يتخذ طابع احتجاج جامعي، ويوظف املسريات والوقفات

واالعتصامات واإلرضابات، وال يرتبط باألحزاب السياسية مبارشة، بل قد

يتضمن يف كثري من الحاالت نوعا من اإلدانة لها(36).

العمل يف الشباب انخراط أن يف فتكمن خاصية، أهم ثاين أما

ثم، ومن يعانونه. الذي واإلقصاء التهميش واقع يعكس السيايس

فهم يستجيبون ألشد القضايا ارتباطا بالحياة اليومية للمواطن املغريب

ال االحتجاج أشكال كل أن نجد لذلك والعمل. والتعليم كالصحة

تأخذ بعدا راديكاليا، وال تستند إىل أي مرشوع مجتمعي يربط هذه

املستقبل. نحو تتجه سياسية توجهات أو سيايس بتوجه القضايا

الحرية يف تتجسد كبى، شعارات أجل من يناضلون فالشباب

من يسعون إطارا ذلك فيشكل والدميقراطية، والعدالة والكرامة

خالله لتحسني رشوط حياتهم واندماجهم االجتامعي والسيايس، من

دون أن يقرتن ذلك بوضع النظام القائم موضع تساؤل جدي؛ فذلك

قد يفتح بالنسبة إليهم الباب عىل املجهول، وهذا ما يخشاه الجميع.

ويبقى السؤال الذي يطرح بإلحاح: كيف ميكن تجاوز حالة الجمود

36 برز بقوة يف الحراك االجتامعي وصف األحزاب السياسية بالدكاكني.

74 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

ال والتي والتصدع، التوتر أقىص درجات مع ترتافق التي والسكون

عمليات كل يف مركزيا فاعال تكون بأن السياسية لألحزاب تسمح

االجتامعية، الفئات فيه كل تنخرط انتقاال والتغيري بوصفه التحول

ويف طليعتها الشباب، خصوصا خالل هذه املرحلة الراهنة؟

المراجع

العربيةالزعيم باملجتمع املغريب". بحث لنيل القادر. "صورة بوطالب، عبد

جامعة اإلنسانية. والعلوم اآلداب كلية املعمقة. الدراسات دبلوم

محمد بن عبد الله. فاس، 1995/ 1996.

السلطة "الالمركزية كهندسة ملجاالت الرصاع والتنافس: ._______

املركزية وآليات إنتاج النخب املحلية". أطروحة دكتوراه. كلية اآلداب

والعلوم اإلنسانية. جامعة محمد بن عبد الله. فاس، 2002.

باملجتمع التغيري وآليات السياسية السلطة طبيعة ._______

املغريب. تطوان: مطبعة الحاممة، 2004.

الزيدي، املنجي. "أهمية مفهوم الجيل يف دراسة قضايا الشباب العريب".

الحياة الثقافية. السنة 27. العدد 134 (نيسان/ أبريل 2002).

املغربية املجلة باملغرب". الحزبية الظاهرة "أصول محمد. شقري،

لعلم االجتامع السيايس. العدد 11 - 12 (1990).

الرأي قياس برنامج السياسات. ودراســة لألبحاث العريب املركز

العام العريب: املؤرش العريب 2016. الدوحة: آذار/ مارس 2017. يف:

https://goo.gl/h6fJ1w

األجنبيةAbric, Jean–Claude. Pratiques sociales et représentations.

5ème ed. Paris: PUF, 2003.

Birnbaum, Pierre. Dimensions du pouvoir. Paris:

PUF, 1984.

Crête, Jean & Pierre Favre (sous-direction). Génération

et politique. Paris: Les Presses de l'Université LAVAL/

Economica, 1986.

Debesse, Maurice. L'adolescence. Paris: PUF, 1979.

Desrues, Thierry & Miguel Hernando de Larramendi.

"S'opposer au Maghreb." L'Année du Maghreb. vol. V

(2009). at: https://goo.gl/uXrBJF

Encyclopaedia Universalis. vol. 13. 9ème ed. Paris:

Encyclopaedia Universalis S. A., 1977.

Floris, Sylvie. "les jeunes, ces anti- héros du printemps

arabe." Institut Européen de la Méditerranée. (2012). at:

https://goo.gl/9Mv6Qn

Freund, Julien. L'essence du politique. Paris: Sirey, 1965.

Jodelet, Denise (ed.). Les représentations sociales. 7ème ed.

Paris: PUF, 2003.

Mannoni, Pierre. Les représentations sociales: Entre

préjugés et stéréotypes. 5ème ed. Paris: PUF, 2010.

Morin, Edgar. La connaissance de la connaissance:

Anthropologie de la connaissance. Paris: Seuil, 1986.

Muxel, Anne. L'expérience politique des jeunes. Paris:

Presses des Sciences Po, 2001.

Palazzoli, Jacques. "La mort lente du mouvement national

au Maroc." Annuaire de l'Afrique du Nord. vol. 11 (1972).

Santucci, Jean-Claude. "Les partis politiques marocains

à l'épreuve du pouvoir: Analyse diachronique et socio-

politique d'un pluralisme sous contrôle." Remald. no. 24

(2001).

________. "Le multipartisme marocain entre les

contraintes d'un 'pluralisme contrôlé' et les dilemmes

d'un 'pluripartisme autoritaire'." Revue des mondes

musulmans et de la Méditerranée ]En ligne[. (mars 2006).

at: https://goo.gl/C7SZb3

Szpakowska, janina karla. Jeunes gens: Essai de

systématisation des connaissances spécifiques à la classe

d'âge 13 - 25 ans. Montréal: École de bibliothéconomie

et des sciences de l'information, Université de

Montréal, 1988.

Waterbury, J. Le commandeur des croyants: Monarchie

marocaine et son élite. Paris: PUF, 1975.

Zerhouni, Saloua. Jeunes et participation politique au

Maroc (Rabat: IRES, 2009). at: https://goo.gl/D4DU3

*Mehdi K. Benslimane | مهدي بنسليمان

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والسMedia and Power: A New Conceptual Approach, "Le Journal" as a Case Study

7575

* باحث يف العلوم السياسية، املعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس، الرباط.* Researcher in Political Science, University Institute for Scientific Research, Mohammed 5 Universityy, Rabat.

تبقــى الدراســات اإلعالميــة الحلقــة األضعــف في البحــث السياســي واالجتماعي الــذي عني بدراســة الواقــع العربــي، وإن وجــد بحــث فــي هذا المجــال، فإنــه يظل مقتصــرا ومحــدودا في إشــكاليات تظل مرتبطة بســؤال الحرية مــن جهة، وبموقف دفاعي يفتقــد إلى التجديد من جهــة أخــرى. تســلط هــذه الدراســة الضــوء علــى الصحافــة السياســية، بالتركيــز علــى مجلــة لوجورنــال )وهي مجلة مغربية فرنكوفونية(، التي صدرت خالل الفترة 1997-2010. وتهدف إلــى تقديــم مقاربــة مفاهيميــة جديدة لســلطة اإلعالم، مفادهــا أن هذه الســلطة تتبلور في إطار شبكة مترابطة من المفاهيم التي يدعم بعضها بعضا، والمتمثلة بمفهوم الكفاءة واالســتقاللية والقيــادة. وتفتــرض أن التحــرر اإلبســتيمولوجي المنهجــي يعطــي نوعــا مــن االبتعــاد عن القراءة المهيمنة للحرية يتبناها الفاعلون )الصحافيون( ويرســخها باحثون في

أبحاث أجنبية وغربية في دراسة وسائل اإلعالم العربية.

كلمات مفتاحية: الدراسات اإلعالمية، حرية التعبير، الصحافة السياسية، سلطة اإلعالم.

Media studies remains the weakest link in political and social research dealing with the Arab region. The research that exists in this discipline remains limited in terms of research questions, restricted in some form to the question of freedom, and set in a defensive position lacking any originality. This study sheds light on the political press, focusing on the Moroccan Francophone journal, Le journal, issued from 1997-2010. The study aims to provide a new conceptual approach to the power of the media that crystallized within the framework of a network of interdependent concepts. These include the concepts of efficiency, independence and leadership. The study hypothesizes that epistemological-methodological liberalization evades the dominant reading of freedom adopted by both journalists and researchers in foreign and Western research on Arab media.

Keywords: Media Studies, Freedom of Expression, Political Journalism, Power of the Media.

76 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مقدمةيف خضم ثورات "الربيع العريب"، وعىل هامش ندوة دولية عقدت يف

السياسية الدستورية والتحوالت الرباط بشأن موضوع "اإلصالحات

يف الوطن العريب"، جرى حوار بيني وبني باحثة فرنسية متخصصة يف

لها قدمت العريب، حني الوطن القانون والسياسة ويف شؤون علوم

الصحافة يتناول عالقة كان الذي الدكتوراه، لرسالة بحثي موضوع

املستقلة بالسلطة. سألتني حينئذ إن كانت مقاربتي تتعلق بإشكالية

حرية التعبري والرقابة املامرسة عىل الصحافيني واإلعالميني، فبادرتها

بالقول إنني أعتمد نهجا مختلفا، ومقاربة بحثية اجتامعية مختلفة

عالقة يف فيها، املبحوث للمجلة الخارجي املحيط لدراسة تسعى

عموما، اإلعالم سلطة ماهية يف كام السياسية، بالسلطة مؤسسيها

املؤسسة داخل ببعض بعضهم وعالقة الصحافيني عمل يف وكذلك

اإلعالمية(1)، فبدا يل حينها أن ما قلته فاجأها وأثار استغرابها.

لهذه املفاجأة أسباب موضوعية، ميكن تبيان أصولها يف كون االهتامم

البحثي يف العلوم السياسية واالجتامعية، سواء كان أجنبيا أم عربيا، ظل

منصبا يف العقود األخرية عىل دراسة موضوعات وظواهر محددة تشمل،

السيايس" "النخب" و"األحزاب" و"اإلسالم الرغم من أهميتها(2)، عىل

"السياسات وموضوع املدين" و"املجتمع الدميقراطي" و"االنتقال

العامة" بصورة خاصة، إىل درجة جعلت هذه املوضوعات، عىل اختالف

تشعبات القطاعات (التعليم، والصحة، والنقل، واألمن ... إلخ) واملسائل

املتحدة والواليات أوروبا يف فيها، املطروحة واإلشكاليات املدروسة

األمريكية، الشغل الشاغل لكثري من الخباء والباحثني(3).

يف ضوء ما سبق ذكره، يستطيع املتتبع أن يالحظ أن اإلعالم، بوسائطه

وفاعليه، يبقى الحارض يف الواقع و"شبه" الغائب يف البحث العريب.

املتتبعني بعض يفرسه أن ميكن الغياب هذا أن إىل اإلشارة تجدر

بالقول إن دراسة وسائل اإلعالم مل متثل، إىل مدى قريب، موضوعا

جادا و"علميا" يف "الغرب" نفسه. لهذا، يرى جون باتيست لوغفر أن

الصحافة املكتوبة تحديدا، ظلت مبحثا منسيا(4).

العلوم اإلنسانية واالجتامعية حظيت أطروحة 1 بني جملة من األطروحات يف مختلف Le جائزة إطار يف موران إدغار من خاص بتنويه فيها املفاهيم وضع وطريقة الدكتوراه

Monde للبحث الجامعي يف عام 2016.

2 من باب املقارنة بالتوجه األنكلوأمرييك (الواليات املتحدة وبريطانيا) يف دراسة الرشق األبحاث، من اتبعتها التي السياسية واألنرثوبولوجيا؛ واملراحل العلوم األوسط يف كل من خمسينيات القرن العرشين إىل تسعينياته، يف اختيار موضوعاتها. انظر: عبد الفتاح نعوم، 9 العدد ،3 السنة تبني، املناطق"، دراسة صعود يف األنغلوأمرييك االسترشاق "مساهمة

(صيف 2014)، ص 26.

3 يف مسألة التقييم عموما، وتطبيقه يف دراسة السياسات العامة خصوصا، انظر:Cités, no. 37 "L'Idéologie de l'évaluation, la grande imposture" (Mars 2009).

4 Jean-Baptiste Legavre (dir.), La Presse écrite: Objets délaissés (Paris; Budapest; Torino: Editions L'Harmattan, 2002).

الدراسات الغالبة عىل االتجاهات الطبائع/ بعض هنا نبني أن نود

فمن معا؛ والعريب األجنبي شقيها يف ،Media Studies اإلعالمية

جهة، نجد مبحث التفاعلية، إضافة إىل إشكالية بقيت مطروحة منذ

األمرييك االجتامع عالم أبحاث انطالقا من يومنا هذا، وإىل سنوات

بول الزارسفيلد عن مدى تأثري Influence الوسائط اإلعالمية (املذياع

واختياراتهم السياسية سلوكياتهم يف الجامهري، عموم يف آنذاك)

تطور ربط عدة دراسات حاولت أخرى، جهة ومن االنتخابية(5).

الدميقراطية املامرسة بتطور الجديدة والتكنولوجيا االتصال وسائل

الدراسات هذه أهمية رغم مختلفة(6). ودول أزمنة يف والسياسية

بالنسبة إىل الباحث واملثقف املتتبع، وهي دراسات عنيت بوسائل

فإنها الجديد")، "اإلعالم عليه اصطلح (ما وجديده قدميه اإلعالم،

تظل، يف غالبيتها، سجينة مجموعة من املوضوعات واملشكالت، نذكر

التاريخية السياقات إىل الرجوع الحرص: ال املثال سبيل عىل منها،

وتحليل العريب، بالوضع ذلك ومقارنة الواحد، البلد يف لنشأتها

وضع حرية التعبري والصحافة يف القوانني والدساتري العربية، وتعداد

الصحف أو الفضائيات العربية وإبراز تنوعها املذهبي واللغوي من

ورهاناته"، املستقبل و"تحديات التطور" "معيقات وجرد عدمه(7)،

مة للمشاهد العريب، بغض النظر عن وجاهة ونقد املحتويات املقد

هذا النقد أو عدم وجاهته، وصورة العريب واملسلم يف وسائل اإلعالم

الغربية، وما إىل ذلك. ويف الحقيقة، إن إثارة مثل هذه املوضوعات

يشء جيد ومرث لإلنتاج العلمي، لكن األمر ميكن أن يصبح عائقا للتطور

االتجاه كانت، كيفام معينة، دراسات تتبع حني واملنهجي املعريف

واملنحى نفسيهام(8). كام أن هذه األبحاث، العربية منها واألجنبية،

تبقى مطبوعة بالغاية الوظيفية Finalité Fonctionnelle لوسائل

5 Elihu Katz & Paul F. Lazarsfeld, Personal Influence: The Part Played by People in the Flow of Mass Communications, with a new introduction by Elihu Katz & a foreword by Elmo Roper, 2nd ed. (New Brunswick, NJ: Transaction Publishers, 2006).

تحليل السياسية: املامرسة تطوير ورهان الجديد "اإلعــالم بنهالل، محمد 6 انظر: التجاهات عاملية وعربية"، يف: مصطفى جاري وإدريس لكريني (تنسيق)، أي دور للصحافة يف التأثري عىل أجندة السياسات العامة؟ أعامل الندوة الدولية املنظمة من طرف مجموعة البحث حول اإلدارة والسياسات العامة )GRAPP( بتاريخ 21 - 22 أكتوبر 2010، سلسلة املؤمترات والندوات 37 (مراكش: منشورات كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتامعية،

2011)، ص 81–108.

7 ميكن مالحظة بروز اهتامم بحثي يف السنوات األخرية ال يخلو من االنبهار بقناة الجزيرة الفضائية والتحامل عليها يف آن معا. انظر:

Claire-Gabrielle Talon, Al Jazeera: Liberté d'expression et pétromonarchie (Paris: Presses universitaires de France, 2011); Mohamed Zayani (ed.), The Al Jazeera Phenomenon: Critical Perspectives on New Arab Media (London: Pluto Press, 2005).

الفتاح عبد فرج سامح الجامعي: األمرية املؤلف املوضوعات لهذه مثاال نرضب  8بلقزيز، اإلله عبد وتقديم تحرير القيم، العام وصناعة الرأي اإلعالم وتشكيل ]وآخرون[،

سلسلة كتب املستقبل العريب 69 (بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2013).

77دراسات

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والس

اإلعالم، برتكيزها عىل دورها يف التنمية والسياسة الخارجية، ويف تقييم

السياسات العامة، ونحو ذلك.

اإلعالم، سؤال إذا، يبقى، املنهج)، (أي والكيف الكم مستوى عىل

السيايس البحث يف األضعف الحلقة اإلعالمية، الدراسات لنقل أو

بحث وجد ولنئ العريب(9)، الواقع دراسة يخص الذي واالجتامعي

تبقى إشكاليات عىل ومقترصا محدودا يظل فإنه املجال، هذا يف

مرتبطة بسؤال الحرية عىل هذا النحو أو ذاك. فإن اضطلع باحث

مبهمة سب األغوار واألصول اإلبستيمولوجية للدراسات اإلعالمية، مع

تباين مؤلفيها وموضوعاتها وإشكالياتها، لتبني له بامللموس أنها تدور

حول ثنائية اإلعالم والدميقراطية، ويف سؤالني اثنني: ماذا يفعل اإلعالم

بالدميقراطية؟ وماذا تفعل الدميقراطية باإلعالم؟ وليس من الصعب

العربيني يف سؤالني مامثلني: الفكر والبحث أن نجد إسقاطاتهام يف

اإلعالم يفعل ومــاذا باإلعالم؟ السلطوية االستبداد/ يفعل ماذا

باالستبداد/ السلطوية؟ وكالهام، كام ذكرنا، متصالن بسؤال الحرية.

كثرية هي، إذا، األبحاث اإلعالمية التي مثلت الحرية بأشكالها املختلفة

(حرية الرأي والتعبري، وحرية الصحافة ... إلخ)، عنوانها األبرز، بحيث

ميكن تلخيص توجهاتها الرئيسة يف كون غياب الحرية أو محدوديتها

يرجع إىل غياب الدميقراطية، أو إىل محدوديتها يف الوطن العريب(10).

بناء عليه، متثل ثالثية الوجود والغياب واملحدودية الخط الناظم لسؤال

الحرية يف دراسات إعالمية متعددة(11). وليس من املبالغة القول إن

الدراسات اإلعالمية، وال سيام العربية منها، اتسمت بالوصف و"الرسد

اإلعالمي"(12)، وظلت يف موقف بحثي دفاعي تابع يفتقد التجديد.

رمبا تصبح الحرية، من حيث هي مفهوم، عائقا معرفيا، كام تخبنا

بذلك إبستيمولوجيا العلوم، ويف الحصيلة، يجب عىل الباحث التحرر

منهجيا من هذا العائق. لكن، كيف السبيل إىل ذلك؟

9 لتأكيد ذلك، يكفي، عىل سبيل املثال، االطالع عىل عدد الدراسات اإلعالمية، مقارنة بزخم اإلصدارات يف الدراسات اإلقليمية واإلسرتاتيجية يف عام 2017، عىل موقع املركز العريب لألبحاث

ودراسة السياسات. انظر املوقع اإللكرتوين: www.dohainstitute.org، وعددها اثنان فقط.

10 نرضب أمثلة لذلك: فضل طالل العامري، حرية اإلعالم يف الوطن العريب يف ظل غياب الدميقراطية (القاهرة: دار هال للنرش والتوزيع، 2011)؛ عبد الحافظ أدمينو، "حرية الصحافة وحدودها"، املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية، مج 46، العددان 84 - 85 (كانون الثاين/

يناير - نيسان/ أبريل 2009)، ص 159 - 168.

11 انظر: سليامن جازع الشمري، دراسات يف الحرية اإلعالمية (القاهرة: مكتبة مدبويل، 2012)؛ محمد اإلمام ماء العينني ]وآخرون[، حالة حرية الصحافة واإلعالم بالبلدان املغاربية التقارير املغاربية 3 (وجدة: مركز الدراسات والبحوث غداة ثورات الربيع العريب، سلسلة

اإلنسانية واالجتامعية، 2013)؛Khadija Mohsen-Finan (dir.), Les Médias en Méditerranée: Nouveaux médias, monde arabe et relations internationales (Arles: Actes Sud; Aix-en-Provence: MMSH; Alger: Barzakh, 2009).

"التاريخ مدرسة منظري عند نقد محل للوقائع الحديث التاريخي الرسد كان 12 كام الجديد" وأتباعهم، انظر: وجيه كوثراين، تايخ التأريخ: اتجاهات – مدارس – مناهج (الدوحة؛

بريوت: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص 5.

أوال: من الشعار إلى المفهوم إلى التجربة أو العكس

كام يحرص، منهجا الحرية مفهوم كتابه يف العروي الله عبد اتبع

أوال املفاهيم املجتمعي: آخذين الواقع البدء بوصف "عىل يكتب،

كشعارات تحدد األهداف وتنري مسار النشاط القومي. وانطالقا من

من واضحة معقولة مفاهيم إىل الوصول نتوخى الشعارات، تلك

]...[ الراهن العريب املجتمع ثانية حقيقة من جهة ونلتمس جهة،

إىل الشعارات بها عىل صحة نحكم مسبقة مبفاهيم البدء رافضني

جانب تخلينا عن لعبة تصور واقع خيايل نعتبه مثال أعىل نقيس عليه

الشعارات"(13). إن املسارين املضادين ممكنان معا، بحيث نستطيع

البحثي السائد يف دراسة بالواقع لنقل منهجيا أن نبدأ بالشعار، أو

وسائل اإلعالم العربية، كام رأينا، الذي تأخذ الحرية فيه موضوع بعدا

معا، ثم نذهب بعدها البحث، شعاره وغايته مميزا؛ بحيث تكون

التي تتطلع إىل إرساء مقاربة جديدة للفعل إىل تجربتنا الشخصية

اإلعالمي يف عالقته بالحرية والسلطة.

الذي والشعار، واملفهوم التجربة أي العكيس، املنهجي املسار أما

(مجلة معينة تاريخية تجربة من ننطلق أننا فيعني سنتبعه،

مفاهيم طرح نحو ذلك بعد لنمر البحث)، موضوع لوجورنال

العنوان: مبتكرة، كام سرنى يف ما بعد، ليك نصل أخريا إىل الشعار/

"التحرر من الحرية"، الذي مير، بدوره، عب تحرر ثان، هو "التحرر

الحرية" من "التحرر يبقى ال وحتى اإلبستيمي - املنهجي"(14).

و"التحرر اإلبستيمي - املنهجي" شعارين شفويني فحسب، ال بد من

نحت فعيل وإرساء لتلك املقاربة وفق منهج تكاميل مركب نسميه

"سوسيوأنرثوبولوجيا تاريخية للصحافة السياسية".

ال منهج من دون سياق، وال منهج من دون تجربة. إذا كانت تجربة

لوجورنال هي املنطلق، فإن املنتهى، يف البحث، ال حدود له، ومحاولتنا

واملفاهيمية املنهجية املمكنات بعض يف الغوص تتوخى البحثية،

فقط. وإذا كانت لوجورنال هي النموذج املأخوذ، فإن الورقة تسعى

لذكر عدد من التجارب اإلعالمية املغربية والعربية التي رأت النور

السيايس سياقيها يف متثل فاملجلة وبعدها؛ املجلة هذه نشأة قبل

وقد والعريب. املغريب اإلعالمي املشهد يف فريدة تجربة واإلعالمي

أسسها ثلة من الشباب االقتصاديني الطموحني يف عام 1997، قبيل

السابق املعارض قادها التي التوافقي التناوب تجربة حكومة بدء

13 عبد الله العروي، مفهوم الحرية، ط 5 (الدار البيضاء؛ بريوت: املركز الثقايف العريب، 2012)، ص 5.

14 يتساءل العروي: أليس األنسب هو أن نبدأ بالتجربة ثم نرتقي منها إىل املفهوم، وننهي التحليل بالشعار؟ انظر: املرجع نفسه، ص 9.

78 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

للملك الحسن الثاين، الوزير األول االشرتايك عبد الرحمن اليوسفي يف

عام 1998 (15).

املستقلة األسبوعية هذه نشأة سياق بني هنا الربط وجب

الناطقة باللغة الفرنسية والسياق السيايس املغريب، يف تسعينيات

الحرية مثلت نسبيا ليباليا انفتاحا شهدت التي املايض، القرن

املعتقلني عن أفرج بحيث األساسية، سمتها تجلياتها مبختلف

نشاطاتها، مبامرسة املدين املجتمع ملنظامت وسمح السياسيني،

اإلنسان حقوق بشأن واإلعالمي السيايس الخطاب اتخذ كام

طابعا جديدا.

بطبيعة الحال، ال ميكن إغفال العوامل الخارجية التي كان لها دور

بارز يف هذا االنفتاح، نذكر منها تباعا: سقوط جدار برلني؛ وصدور

جيل الفرنيس الصحايف مؤلفه فيه قدم الذي امللك صديقنا كتاب

بريو نقدا الذعا لوضعية حقوق اإلنسان يف املغرب وللسجون الرسية،

عام يف الدويل البنك وتقرير الشهري(16)، تازمامرت معتقل وخاصة

1995 الذي جعل امللك الحسن الثاين يعلن يف خطاب رسمي احتامل

حدوث "سكتة قلبية" عىل املستوى االقتصادي.

عد كثري من املالحظني أن النظام املليك كان يف حاجة إىل صحافة

من نخبه تجاه الداخيل، املستوى عىل صورته تلمع "مستقلة"

األوروبيني من جهة تجاه رشكائه الخارجي، املستوى جهة، وعىل

خاص نحو عىل لوجورنال تجربة حظيت عليه، وبناء أخرى.

الثاين الحسن امللك كان فقد املليك، القرص من رمزية مبباركة

الصحف والوسائل أن تحتذيه باعتبارها منوذجا يجب إليها ينظر

اإلعالمية األخرى.

تجدر اإلشارة يف هذا الصدد إىل أن تجارب إعالمية متنوعة ظهرت يف

التسعينيات اتخذت شكل مقاوالت إعالمية يف إطار تشجيع الدولة

يهدف كان الذي املليك القرص وسياسة جهة، من الخاص للقطاع

صحفها إضعاف عب التقليدية الوطنية األحزاب تأثري إضعاف إىل

(االتحاد االشرتايك، والعلم، وليرباسيون، ... إلخ) من جهة أخرى(17).

نذكر هنا، عىل سبيل املثال ال الحرص: القناة اإلذاعية "ميدي 1" التي

استقرت يف طنجة منذ عام 1981، ويوميات ليكونوميست (1991)،

من السبعينيات يف أسست التي El Pais إلباييس اإلسبانية اليومية تجربة 15 مثلت القرن املايض، ملواكبة االنتقال الدميقراطي يف إسبانيا، منوذجا بالنسبة إىل مؤسيس لوجورنال،

وهم حسن املنصوري، وعيل عامر، وأبو بكر الجامعي.

16 انظر: جيل بريو، صديقنا امللك، ترجمة ميشيل خوري (عامن: دار ورد األردنية للنرش والتوزيع، 2002).

17 Mohammed El Ayadi & Hassan Rachik (eds.), Presse écrite et transition. Suivi d'une étude sur Le Journal hebdomadaire, année 2005 , Les cahiers bleus 5 (Salé: Cercle d'analyse politique, 2006), p. 12.

إيبدو ماروك وأسبوعيات ،(1998) املغربية واألحداث والصباح

(1993)، والغازيت دي ماروك (1997) ... إلخ(18).

رغم كل ما قيل آنفا، فإن لوجورنال اعتمدت خطا تحريريا نقديا جعلها

والحكامة، وامللكية، الرصاص، (سنوات التابوهات من عددا تعالج

وحقوق اإلنسان، وحرية التعبري ... إلخ) بطريقة جريئة ومجددة(19).

وقد جعلها هذا التوجه التحريري يف مواجهة مبارشة مع السلطة عب

املنع وإىل تعريضها ملحاكامت ومضايقات محطات عدة قادتها إىل

ومقاطعة املعلنني لها، وأخريا، عجلت يف قيام السلطات بإقفالها يف

االجتامعية املستحقات أدائها وعدم تدبريها مببر سوء 2010 عام

للعاملني فيها، وهو يف الحقيقة أمر واقع باعرتاف مؤسسيها.

معنى، الصحافيني عمل تعطيان واالستقاللية الحرية كانت إذا

نفسه يطرح الذي السؤال فإن الباحثني، إىل بالنسبة األمر وكذلك

هو: كيف لنا أن نتحرر من الحرية؟ أو بتعبري أدق: كيف للباحث أن

يتحرر إبستيمولوجيا ومنهجيا من قراءة مهيمنة يف العلوم اإلنسانية

واالجتامعية يف موضوع وسائل اإلعالم العربية التي غالبا ما تدرس

من زوايا حرية التعبري والصحافة والرقابة والتنوع الثقايف من جهة،

جهة من العربية األقطار يف الدميقراطي باالنتقال عالقتهم يف أو

أخرى؟ وكيف للباحث أن ميارس قطائع متعددة مع خطاب الفاعلني

والباحثني معا؟ وكيف له أن ميارس قطيعة مع علم اجتامعي نقدي

ومعيقات الخطاب النشأة، املغرب: يف املستقلة "الصحافة مجدويب، انظر: حسني  18التطور (2000-2004)"، وجهة نظر، العددان 44 - 45 (ربيع – صيف 2010)، ص 31 - 34.

19 تناول عدد من املواقع اإللكرتونية والصحفية، عب سنوات، تاريخ املجلة ورصاعاتها، انظر مثال:

Youssef Chmirou, "Je ne suis plus recherché par le F.B.I.," Maghress, 26/7/2004, accessed on 17/5/2019, at: http://bit.ly/2WwiVYu

79دراسات

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والس

فرنيس وغريب عالج اإلعالم ووسائطه وفاعليه بطريقة تشكيكية تدين

غالبا عمل الصحافيني وتشكك يف نياتهم؟ كيف ميكن، إذا، للباحث

تقليدية منطية قراءات التجرد من خطابات ومن اإلنسان علوم يف

الجوهرية األسئلة هي هذه وبالسلطة؟ بالحرية الصحافة لعالقة

التي الجديدة املفاهيمية املقاربة البحث. وتتمثل انبثق منها التي

نقرتحها ببلورة مفاهيم، من قبيل "حسن الفهم" و"سوء الفهم".

إن التنظري لسلطة اإلعالم عب مفاهيم الكفاءة واالستقاللية والقيادة،

وأنرثوبولوجيا وسوسيولوجيا السياسية العلوم أدبيات إطار داخل

بحيث السابقة، األسئلة أفضل جواب عن منظورنا ميثل من اإلعالم،

املناهج مثل ذلك يف مثله نقدي، تساؤل موضع يكون أن يستحق

التي األسئلة صلبها من تنبثق التي واإلنسانية االجتامعية والعلوم

نظريات أو مفاهيم، بلورة أن أحد يخفى عىل تجاوزها. وال نحاول

ترتجم الواقع السيايس واالجتامعي اعتامدا عىل وسائل وتقنيات بحثية

هي عني املنهج وغايته.

اإلبستيمي - املنهجي التحرر كون يف األساسية الفرضية تتجىل

تجاه Distanciation-Detachment االبتعادية من نوعا يعطي

قراءة مهيمنة للحرية يعتمدها الفاعلون املستجيبون (الصحافيون)

ويرسخها باحثون يف أبحاث أجنبية وعربية تقع ضمن اهتامم دراسة

وسائل اإلعالم العربية.

أن بعد أي 2010؛ عام نهاية يف لوجورنال تاريخ يف البحث بدأنا

أقفلتها السلطات املغربية. لهذا السبب، تعذر علينا استعامل تقنية

حياة قلب يف تضعنا أن املفرتض من كان التي املشاركة املالحظة

العائق لتجاوز هذا وإكراهاتها وعمل صحافييها. اإلعالمية املقاولة

املنهجي، اعتمدنا، بدال من ذلك، عىل أرشيف لوجورنال، إضافة إىل

مقابالت كثرية شبه موجهة أجريناها مع مؤسيس املجلة وصحافييها،

ومع وأجنبية، وطنية أخــرى، إعالمية منابر من صحافيني ومع

مناضلني وجامعيني، ومع وزراء اتصال سابقني يف الحكومات املغربية

املتعاقبة(20)، ووظفنا وثائق وإحصاءات ومراسالت ومواقع رقمية(21).

عابرة مختلفة وإنسانية اجتامعية علوم من ينهل البحث أن ومبا

"سوسيوأنرثوبولوجيا تسمية البحث مقاربة أعطينا للتخصصات،

الرتكيز الدراسة تتوخى ما وهو السياسية"، للصحافة تاريخية

للمجلة (عالقة الخارجي املحيط للتوفيق بني دراسة عليه، بسعيها

مؤسسيها بالسلطة) ومحيطها الداخيل (بالتنقيب يف عمل الصحافيني

20 وزراء االتصال هم: خالد النارصي، وإدريس العلوي املدغري، ومحمد العريب املساري.

ة 21 للمزيد حول مبيعات لوجورنال خالل الفرتة 1999 - 2000، انظر: عبد الفتاح بنشناملغرب: يف واإللكرتونية الورقية الصحافة "حالة ماركيتي، ودومينيك كسيكس وإدريس اقتصاد سيايس بامتياز"، مركز الجزيرة للدراسات، دراسات إعالمية، 2019/2/20، شوهد يف

http://bit.ly/2WgqOlx :2019/5/30، يف

داخل املؤسسة اإلعالمية). ويتم ربط هذا وذاك بدراسة سؤال سلطة

استطعنا وإن خصوصا. لوجورنال أسبوعية وسلطة عموما، اإلعالم

اإلشارة إىل بعض املفاهيم التي تدخل يف قلب املقاربة املتبعة، فلن

يكون مبقدورنا التعمق فيها، نظرا إىل ضيق املتسع، لكننا سنسعى،

التي واملفاهيم وماهيتها، اإلعالم إشكالية سلطة لبلورة املقابل، يف

طورناها يف هذا الصدد، مع الرتكيز عىل مفهوم االستقاللية الرتباطه

الوثيق مبفهوم الحرية.

ثانيا: سوسيوأنثروبولوجيا تاريخية للصحافة السياسية

املجلة مؤسيس ربطت التي االجتامعية العالقات تدهور لغز مثل

الثاين بني من املحيط املليك (مستشاري امللكني الحسن ببعض املقر

ومحمد السادس)، يف السياق السيايس املذكور سالفا، اللغز البحثي

العالقات اإلنسانية ظاهرة اجتامعية ميكن األويل. وإذا كان تدهور

مالحظة مالمحها يف ميادين عدة (بني األزواج، واألصدقاء، واملوظفني

امللتبسة العالقات إىل فإنه يشري، يف موضوعنا، إلخ)، ... ورؤسائهم

التي تجمع الصحافيني من جهة والسياسيني من جهة أخرى. يكتب

أحمد قران الزهراين: "العالقة بني اإلعالم والسلطة، تحمل دامئا سمة

إشكالية، يطغى الرصاع عليها يف معظم األحيان، ويسود التساكن يف

أحيان أخرى، وذلك بحسب طبيعة النظام السيايس الذي تتحرك فيه

يف املعروفني املستويني معها عىل اإلعالم تفاعل وبحسب السلطة،

الحياة اإلعالمية: النقل والنقد"(22).

دفعتنا االكتشافات، التي يفرتض أن ترافق مسلسل البحث الطويل،

الرسد عوض مبفهومني، العالئقي التدهور هذا عن التعبري إىل

التاريخي لوقائعه وحيثياته(23)، بحيث إن التحدي اإلبستيمولوجي،

ينبع باإلعالم، املرتبط العمل هذا يف حفزنا الذي القول، صح إن

أن السياسة واالجتامع للباحث يف علمي اآليت: كيف التساؤل من

وإمنا أحداث، من وقع ما برسده فقط، ليس، التاريخ، بناء يعيد

متكاملة مفاهيم عىل اعتامدا وقع ما يروي يجعله مبنهج أيضا

يشد بعضها بعضا؟

الفهم" "سوء مفهوم مقابل ويف الخارجي، للمحيط دراستنا يف

الفيلسوف طوره الذي ،Malentendu, Misunderstanding

سلسلة العريب، الوطن يف واإلعالم السياسية السلطة الزهراين، قران أحمد 22 انظر: أطروحات الدكتوراه 113 (بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2015)، ص 45. ويستعرض

املؤلف، هنا، التجربة اإلعالمية السعودية.

23 نرش أحد مؤسيس لوجورنال كتابا تناول فيه بداية هذه التجربة ونهايتها، وتطرق إىل وهم االنتقال الدميقراطي وخيبته يف املغرب يف عهد امللك محمد السادس، انظر:

Ali Amar, Mohammed VI: Le Grand malentendu (Paris: Calmann-Lévy, 2009).

80 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

الفهم" "حــســن مفهوم نحتنا جانكيليفتش(24)، الفرنيس،

يعب أن ميكن أنه نرى الذي ،Bien-Entendu, Understanding

عن بدايات نجاح تجربة لوجورنال وتطورها بوصفها مرشوع ابتكار

يف نهاية تسعينيات القرن العرشين املتسم باالنفتاح السيايس، عالوة

يف نشأتها هو ما، حد إىل التجربة، هذه نجاح يفرس ما أن عىل

املكان والزمان املناسبني مع األشخاص املناسبني، وهو ما مييز االبتكار

بحسب الباحثني االجتامعيني من أهل االختصاص(25).

يف املقابل، يرمز سوء الفهم إىل تدهور وضع املجلة وعالقات مؤسسيها

فيها اتخذت الحقة، مرحلة يف السياسية، السلطة رموز ببعض

السلطة، منذ عام 2000، مجموعة من اإلجراءات الزجرية تجاهها.

املراد بسوء الفهم اختالف املعاين والدالالت التي يعطيها الصحافيون

وللدور األقىص، املغرب يف الدميقراطي" لـ "االنتقال والسياسيون

املفرتض أن تؤديه الصحافة املستقلة يف سياقات مامثلة. ويرمز سوء

الفهم، أيضا، إىل املعاين التي تعنيها حرية التعبري والصحافة للطرفني،

وبناء عليه، إىل حدود الحرية املتنازع فيها.

الصحافيني سري الغوص يف إىل فتهدف الداخيل، املحيط دراسة أما

الذين أتيحت لهم فرصة العمل يف مجلة لوجورنال ومساراتهم، سعيا

للفعل منتجني منا لتجاوز غياب/ تغييب دور الصحافيني بوصفهم

اإلعالمي يف أبحاث عدة.

وجهت، يف هذا الجزء من البحث، ثالثة أسئلة محورية، ميكن تلخيص

إىل املستجيبني الصحافيني دفع الذي ما اآليت: النحو عناوينها عىل

ويف منها؟ الخروج ثم فيها، والبقاء التجربة، املجلة/ هذه دخول

الحصيلة، يكتيس االلتزام وفك االلتزام أسئلة محورية يف هذا البحث.

أخريا، رغم وجود دراسات وأبحاث متنوعة تتناول اإلعالم والصحافة من

جهة أنهام "سلطة رابعة" أو "سلطة مضادة"، أو تتساءل عن مدى امتالك

الصحافيني سلطة حقيقية، فإن هذا البحث يهدف إىل إحالل مقاربة

مفاهيمية جديدة لسلطة اإلعالم؛ بحيث ننظر إىل السلطة بوصفها جملة

من اإلسرتاتيجيات والعالقات بني األفراد، عىل طريقة ميشيل فوكو، ال

بوصفها شيئا قامئا بذاته(26). يف هذا اإلطار، أصاب عالم االجتامع إريك

نوفو بحدسه القائل إن سلطة اإلعالم والصحافيني تنطوي عىل شبكة

24 Vladimir Jankélévitch, Le Je-ne-sais-quoi et le presque-rien, vol. 2: La Méconnaissance, le malentendu (Paris: Éditions du Seuil, 1980).

25 يف مسألة االبتكار، انظر:Madeleine Akrich, Michel Callon & Bruno Latour, "A quoi tient le succès des innovations, Premier épisode: L'Art de l'intéressement," Annales des Mines, no. 11 (Juin 1988), Serie: Gérer et Comprendre, pp. 4-17.

26 Céline Spector, Le Pouvoir, Anthologie de textes philosophiques introduits et présentés (Paris: Flammarion, 1997), pp. 68 - 73.

مرتابطة Réseau Interdépendant من الفاعلني يدعم بعضهم بعضا،

إال أنه مل يذهب أبعد من ذلك، فلم يصل إىل إطار تنظريي ومفاهيمي

لسلطة تأثري اإلعالم، بل اكتفى يف كتاباته برسد وتعداد لحاالت ووقائع

تاريخية محددة، تظهر بعضا من أوجه تلك السلطة(27).

إطار يف تتبلور اإلعــالم سلطة أن مفاده ما نقرتح جهتنا، من

الكفاءة، بعضا: بعضها يدعم املفاهيم من مرتابطة شبكة

واالستقاللية، والقيادة.

عادة ما تعرف الكفاءة بأنها "متكن من منطق فضاء/ قطاع معني"؛

الحقل منطق من التمكن السياسية هي الكفاءة إن مثال، فنقول،

السيايس، وإن الكفاءة االقتصادية هي التمكن من منطق االقتصاد،

اإلعالمي، الفضاء منطق من التمكن هي اإلعالمية الكفاءة وإن

وهكذا دواليك. ماذا لو نظرنا إىل الكفاءة بطريقة مختلفة، معتبين

األوضاع/ مع تأقلمية قدرة "سلطة/ أدق بتعبري أو سلطة، إياها

علوم يف باحثان قدمه تعريف عىل اعتامدا الجديدة"(28)، الحاالت

أثناء عملهم للمربني ولألساتذة املتاحة املساحات الرتبية بخصوص

سلطة الصحافية الكفاءة سنعتب بهذا، قياسا اليومي؟ التعليمي

تقديرية وتأقلمية ميارسها الصحافيون يف حاالت محددة، عىل نحو

يجعلهم يلمسون الهوامش املتاحة لهم، يف إطار عملهم املهني، تجاه

مصادر أخبارهم(29). تشمل هذه السلطة أربعة أنواع من السلطات

27 Erik Neveu, Sociologie du journalisme (Paris: La Découverte, 2004), p. 92.ومقاله األخري يف املوضوع نفسه:

Erik Neveu, "Quel pouvoir des médias?" in: Jean-Vincent Holeindre (dir.), Le Pouvoir. Concepts, Lieux, Dynamiques (Auxerre: Éditions Sciences Humaines, 2014), pp. 214 - 222.

28 Domenico Masciotra & Fidèle Medzo, "La Compétence comme pouvoir adaptatif aux situations nouvelles," Document produit pour le ministère de l'Education du Québec dans le cadre de la réforme de l'éducation des adultes, Université du Québec à Montréal (UQAM), Montréal, 2006, pp. 1 - 17.

املال واألعامل تجاه ني مختصني يف مجال انطالقا من تجربة صحافي 29 نبني األطروحة نخب اقتصادية نافذة، يصعب يف هذا الصدد تقديم حيثياتها وتفصيالتها.

81دراسات

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والس

أو القدرات: السلطة عىل إنشاء الوضعية، والسلطة عىل التموقع يف والسلطة الفاعل، ملصلحة الوضعية تغيري عىل والسلطة الوضعية،

عىل التفكري عكسيا وبنوع من االبتعادية يف الوضعية املعيشة.

بأنها تضفي معنى عىل عمل أما يف موضوع االستقاللية، فإن أقررنا الصحافيني ووسائل اإلعالم عموما، فمن الالزم القول إن االستقاللية متثل يف ذاتها صفة Label رمبا متنحهم دعام رمزيا ومعنويا إىل حد ما. وتأخذ الكفاءة الصحافية واالستقاللية قوة وتأثريا خاصني حني تربطان مبفهوم القيادة Leadership ملديري الوسائل اإلعالمية الذين يتمتع بعضهم بكاريزما وشخصية متميزة متكنانهم من إبراز صحفهم عىل املستويني الداخيل والخارجي وإظهارها يف منابر وطنية وأجنبية، وهي مسألة تنبه إليها ماكس فيب يف عام 1910 يف مرشوع بحثه عن سوسيولوجيا الصحافة حني تساءل: من يصنع صيت الصحافة والصحف حتى تصري

مؤثرة؟ ومن اإلعالميون الذين تروقهم الشهرة؟ وملاذا؟(30)

لوجورنال مجلة افتتاحيات لكاتب الذاتية السرية يف التنقيب إن ومدير نرشها هو الحالة املدروسة هنا. وقد صيغ النموذج، املتعلق مباهية سلطة اإلعالم وكيف ترتكب أجزاؤها، اعتامدا عىل تجربة هذه الرتباطها، االستقاللية، عىل التالية السطور يف نركز سوف املجلة. االستقاللية إىل صلة بعد الحرية، وسنشري يف ما ذكرنا، مبفهوم كام

مبفهومي الكفاءة والقيادة.

ثالثا: في التحرر المنهجي من االستقاللية: ما معنى أن

تكون "مستقال"حتى شتى، وقطاعات مبيادين مرتبطة "االستقاللية" كلمة صارت أضحى من املمكن، بسبب تكرار استعاملها، وصفها بـالظاهرة: رصنا نسمع تارة عن مؤسسة أو منظمة مستقلة أو خباء مستقلني، ونسمع تارة أخرى عن أعضاء مستقلني يف املجالس اإلدارية للرشكات، وعن مركز أبحاث مستقل، وبطبيعة الحال، عن صحف وصحافة مستقلتني.

تعرف االستقاللية يف القانون وعلم النفس بكونها: "وضعية فرد، أو جامعة، أو وطن يتميزون بعدم خضوعهم ألي قوة خارجية كيفام تعني االستقاللية أن الرحمن عبد طه يرى جهته، من كانت"(31).

التحرر من وصاية السلطة، خارجية كانت أو داخلية(32).

30 Gilles Bastin, "La Presse au miroir du capitalisme moderne. Un projet d'enquête de Max Weber sur les journaux et le journalisme," Réseaux, vol. 5, no. 109 (2001), p. 207.

31 Madeleine Grawitz, Lexique des sciences sociales, 8ème éd. (Paris: Dalloz, 2004), p. 220.

32 عبد الرحمن طه، روح الحداثة: املدخل إىل تأسيس الحداثة اإلسالمية (الدار البيضاء؛ بريوت: املركز الثقايف العريب، 2006)، ص 26، 273.

يف موضوع اإلعالم، يدعو بيري بورديو الصحافيني واملؤسسات اإلعالمية

إىل الكف عن انصياعهم ملنطق السوق، أو الرضوخ ملجموعات صناعية

الدولة دعم يحلوا أن ذلك، بدال من عليهم، ويقرتح ومالية كبى،

ومساعدتها لهم محل عائدات اإلعالنات، غافال، بطرح كهذا، عن أننا

لن نقوم إال باستبدال التبعية للسوق بتبعية للدولة(33). وقد اتبعت

استقاللية استحالة عن تارة بتعبريها بورديو منحى كثرية دراسات

واالقتصادي(34)، السيايس للحقلني خضوعه بسبب الصحايف الحقل

وتارة أخرى بوضع تصنيفات ملستويات صدقية االستقاللية أوردتها

بعض األبحاث بتعبريات مثل: "الصحافة املستقلة حقيقة" و"الصحافة

املستقلة شبهة"(35).

االستقاللية ملفهوم تصنيفا ييل يف ما نقرتح موضوعنا، من انطالقا

اعتامدا عىل املقابالت التي أجريناها، والتي تبني وجود ثالثة أصناف:

االستقاللية السياسية: إن ما مييز الصحف الحزبية هو ارتباطها

وتوجهاتها وبأيديولوجياتها التقليدية، السياسية بأحزابها

عىل األقل، عىل نظريا املستقلة، الصحف وتتموقع ونخبها.

النقيض من ذلك؛ إذ إن ما مييزها هو عدم ارتباطها بأجندات

بعض يف أظهرت وإن عموما، السياسية والحركات األحزاب

األوقات نوعا من التعاطف مع بعضها، كام هي حال لوجورنال

مع رموز أحزاب يسارية راديكالية نحو حزيب النهج الدميقراطي،

واليسار االشرتايك املوحد.

ل االستقاللية االقتصادية واملالية: إذا كانت الصحف الحزبية متو

السياسية، فإن الصحف املستقلة ميولها، من عائدات األحزاب

عادة، الرشكاء املؤسسون للمقاولة اإلعالمية. وكانت هذه حال

لوجورنال وفق شهادات صحافييها، بحيث مل تكن املجلة تخضع

إلمالءات جهات مانحة، كاملجموعات املالية الكبى، وكان القسم

التحريري فيها مستقال عن القسم التجاري، ويف الحصيلة، غري

أي يف والفكرية، التاريخية داخل منظومته يفهم بورديو أن منطق ننىس أال 33 يجب إطار أنظمة أوروبية دميقراطية توزع، مبدئيا، دعام عىل نحو شفاف وعادل بني املؤسسات

اإلعالمية. انظر:Pierre Bourdieu, "L'emprise du journalisme," Actes de la recherche en sciences sociales, vol. 101 - 102 (Mars 1994), p. 5.

34 Patrick Champagne, "La double dépendance: Quelques remarques sur les rapports entre les champs politique, économique et journalistique," Hermès, no. 17 - 18 (1995), p. 218.

السياسية بالسلطة التصنيف، واضع بحسب ترتبط، شبهة" املستقلة 35 "الصحافة واالقتصادية، أي بالجهات الرسمية، لكن عىل نحو غري واضح، انظر:

Enrique Klaus, "La presse non partisane marocaine: Enjeux de professionnalisation et d'autonomisation," sous la direction de Vincent Geisser, mémoire du diplôme d'études approfondies: Science politique comparative, option monde arabe et musulman, Institut d'études politiques, Aix-en-Provence, 2003.

82 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

خاضع لرشوط املعلنني. مثل هذا األمر يف رأيهم شيئا مفصليا،

العائدات املالية لوسائل اليوم أن القسط األكب من إذا علمنا

اإلعالم املستقلة يتأت من اإلشهار ال من مداخيل املبيعات التي

متثل جزءا يسريا منها ال أكرث.

إىل االستقاللية الصنف من يحيل هذا التحريرية: االستقاللية

حرية التعبري وحرية عمل الصحافيني داخل املقاولة اإلعالمية،

كام يحيل إىل انعدام الرقابة داخلها. ويظل الصحافيون أحرارا يف

اختيار املوضوعات واملقاربة من جهة، ومتثل اللقاءات اليومية

اآلراء لتبادل حرا فضاء التحرير هيئة ألعضاء األسبوعية أو

ثانية، بعيدا عن أي قيود أو وصاية النظر من جهة ووجهات

يفرضها مديرو التحرير. تجدر اإلشارة إىل أن هذه االستقاللية

من كثريين دفعت التي العوامل بني من هي التحريرية

صحافيي املجلة إىل البقاء داخلها أطول وقت ممكن، وعيا منهم

التجارب يف متوافرة غري لوجورنال داخل املتاحة الحرية بأن

اإلعالمية التي مروا بها.

نقدم هنا بعض الشهادات الصحافية التي تعزز ما سبق ذكره: "يف

مل ملناقشتها، مواضيعنا نقدم كنا التحرير، هيئة اجتامعات أثناء

تكتبوا ال أو املوضوع هذا تتناولوا ال لنا ليقول يتدخل أحد يكن

هذا اليشء أو ذاك. كنا مستقلني حقا. مل يحدث أن تدخل الرشكاء

املساهمون فيام كنا نكتبه، لقد أفسحوا لنا املجال لنرش أشياء ما كان

آلخرين أن يسمحوا لنا بنرشها. مل نكن مرتبطني مبجوعة اقتصادية

كبى، بحزب أو بجمعية ما. كان لدينا حقا شعور باالستقاللية"(36).

بعض جعلت لدرجة التقديس من هالة اليوم باالستقاللية تحيط

منزلة يف الصحافيني، إىل بالنسبة صارت، أنها يعتبون الباحثني

سؤال يف الحفريات من ابتغيناه وما املهنية"(37). "األيديولوجيا

تأثري بينها وبني سلطة (الروابط) االستقاللية هو مالحظة ما يربط

، ال نسعى منهجيا لقياس، إن استطعنا إىل ذلك سبيال، اإلعالم. ومن ثم

مدى استقاللية لوجورنال أو مدى ارتباطها بجهات ما مقارنة مبدى

استقاللية، أو ارتباط، صحف ووسائل إعالمية منافسة لها.

أو تكون، ال أو مستقلة أخرى أي صحيفة أو لوجورنال تكون أن

يؤخره؛ وال البحث شيئا يف موضوع يقدم ال فهذا ذلك، تدعي أن

مبعنى أن اإلجابة بنعم أو بال عن سؤال االستقاللية ال تفيد تساؤالت

البيضاء، الــدار شخصية، مقابالت لصحافيني)، مستعارة (أســامء وبرشى 36 أحمد آذار/ مارس 2011.

37 Ivan Chupin & Jérémie Nollet, "Jalons pour une sociologie historique des interdépendances du journalisme à d'autres univers sociaux," in: Ivan Chupin & Jérémie Nollet (dir.), Journalisme et dépendances (Paris: Editions L'Harmattan, 2006), p. 15.

مختلفة بطريقة االستقاللية نسائل أن إذا، نستطيع فهل الباحث،

ومبتكرة؟ ماذا لو تساءلنا عىل النحو اآليت: فيم تفيد صفة (إيتكيت)

االستقاللية؟ وما معنى أن تكون "مستقال"؟

يكفي ما؛ حد إىل حــرا تكون أن يعني فهذا مستقال، تكون أن

لتأكيد ذلك أن نشري إىل أنه غالبا ما تنعت الصحافة املستقلة بأنها

صحافة حرة(38)؛ فأن تكون جريدة مستقلة فهذا يعني أنك تختلف

اختالفا شديدا عن الصحافة الحزبية املرتبطة ارتباطا وثيقا باألحزاب

والتكتالت السياسية من جهة، ويعني من جهة أخرى أنك تختلف

بجهات أو اقتصادية مبجموعات املرتبطة االقتصادية الصحافة مع

حد إىل مستقال تكون أن ماليا. دعام متنحها كانت، كيفام مانحة،

إنهم أن "اآلخرين" غري ذلك، أي تدعي ذلك، فهذا يعني أن أو ما

"خاضعون" و"مرتبطون" تجاه جهات (أشخاص، ومؤسسات) معينة

كيفام كانت.

أو "عالم" أو "فنان" صفة أن بيكر يخبنا هاورد السياق، هذا يف

"باحث" متكن أصحابها من تلقي أصناف من الدعم املادي والرمزي،

ومن املشاركة يف ملتقيات، والدخول إىل فضاءات مل يكن ليتسنى ملن

ال ميلكون هذه الصفة التمتع بها(39).

من جهة أخرى، إن ما مييز صفة االستقاللية ويزيد من قوتها الرمزية

هو تداولها الدوراين بني مؤسسات تصف نفسها باالستقاللية وتصف

اآلخرين (املؤسسات، والصحف، واألفراد ... إلخ) بذلك، مبعنى أن من

رشوط االستقاللية، املسكوت عنها، هو هذا التداول الدوراين املتعدد

األطراف واألبعاد، الذي يشبه إىل حد ما نظرية التبادل عند مارسل

موس(40). الحظنا هذا يف تجربتنا، فقد كانت أسبوعية لوجورنال تقدم

هيئات وصحفا عىل أنها مستقلة، ويف املقابل، كانت هذه املؤسسات

تصف لوجورنال بأنها صحيفة مستقلة، معتبة إياها من بني الصحف

املستقلة النادرة يف الوطن العريب(41).

مجايل يف العاملية الجوائز من بكثري الفوز من لوجورنال متكنت

حرية التعبري والصحافة يف أوروبا والواليات املتحدة األمريكية. وكانت

"جائزة جبان تويني لحرية الصحافة" التي تلقتها من االتحاد العاملي

جائزة آخر 2010 عام يف WAN-IFRA األنباء ونارشي للصحف

38 مجدويب، ص 31.

39 Howard Saul Becker, Outsiders: Etudes de sociologie de la déviance, J. P. Briand & J. M. Chapoulie (trad.), préf. de J. M. Chapoulie (Paris: Editions Métailié, 1985), p. 243.

40 يستطيع الباحث أن يبني، ويقر هذا التداول الدوراين لصفة االستقاللية (أو لصفات أخرى)، لكن يستحيل عليه عمليا تبيان كيفية دورانها بني أصحابها.

41 انظر، مثال، تقارير منظمة "مراسلون بال حدود" ودعمها للصحافة املستقلة، ومقاالت فيها عن يعبون وأجانب أقصبي) السايس ونجيب (مثل محمد مغاربة ألكادمييني ومثقفني دعمهم للمجلة، انظر: لوجورنال، العدد 229 (5-2005/11/11)؛ العدد 243 (2006/2/24-18).

83دراسات

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والس

تفوز بها، تقديرا من القيمني عىل الجائزة الستقاللية املجلة وشجاعة

متنح الجائزة أن إىل اإلطار مسؤوليها وصحافييها(42). ونشري يف هذا

جسدها التي القيم روح عملهم يوافق صحف، ونارشي إلعالميني

اإلعالمي اللبناين جبان تويني (الذي اغتيل يف عام 2005) واملتمثلة

والطموح القيادة وروح والشجاعة الصحافة بحرية التشبث يف

والكفاءة اإلدارية العالية واملهنية الرفيعة املستوى(43).

يحيلنا هذا إىل املستوى الثالث واألخري من مستويات القوة الرمزية

لالستقاللية، وهو وجوب اتصالها وتكاملها Interdépendance مع

الصحافية الكفاءة أقوى: تأثريا ذكرنا، كام تكسبها، أخرى مفاهيم

والقيادة اإلعالمية.

املحيط بني الرابط عن املتبعة املقاربة عن أحدهم يتساءل رمبا

الخارجي (حسن الفهم وسوء الفهم) واملحيط الداخيل (االلتزام وفك

والقيادة واالستقاللية الكفاءة االلتزام)، وعالقة هذا وذاك مبفاهيم

التي تؤسس لسلطة اإلعالم نظريا وعمليا.

عىل مستوى املنهج، نعي رضورة الوصل، بدال من الفصل، بني العلوم

بحيث عنها، املعبة البحثية واملحاور النظرية واملفاهيم اإلنسانية

ترتبط، من منظورنا، ارتباطا شديدا، من بعض أوجهه: يفيدنا املحيط

الخارجي يف فهم تقلبات املحيط الداخيل، إذ إن تدهور األول (املحيط

الخارجي) بسبب مضايقات السلطة ومقاطعة املعلنني يرشح تدهور

الثاين (املحيط الداخيل)، وكون هذا يؤثر يف عمل الصحافيني داخل

الجريدة، ورمبا يدفع بعضهم إىل ترك العمل والخروج من املؤسسة.

يدافع إذ حدين، ذو سالح "االستقاللية" فإن أخــرى، جهة من

وطريقة تحريرهم وخط حريتهم عن رايتها، تحت الصحافيون،

تستجر أن نفسه، الوقت يف تستطيع، االستقاللية لكن عملهم،

بغية الحاكمة، للسلطة باسمها االنصياع متاعب لهم حني يرفضون

متابعة عملهم بشجاعة ومهنية.

السلطة اشتغال آليات تفكيك من إذا، "كفاءتهم"، ومتكنهم

هو القرص استياء أثار (ما االقتصادية الهيمنة و"ميكانيزمات"(44)

عىل مدى لوجورنال التي قامت بها مجلة الدقيقة التقنية املتابعة

42 تسلم مدير تحرير لوجورنال، أبو بكر الجامعي، الجائزة يف بريوت من نارشة صحيفة النهار اللبنانية نايلة تويني.

43 "Moroccan Journalist Wins Gebran Tueni Prize," World Association of Newspapers and News Publishers (WAN-IFRA), 21/12/2010, accessed on 17/5/2019, at: https://bit.ly/2QaOcum

44 يرى تشومسيك أن كل ما يستطيع أن يقدمه العلم هو أن يحدثنا عن امليكانيزمات، ال أن يخبنا بكيفية الفعل بني الفاعلني، انظر:

Noam Chomsky, Comprendre le pouvoir: L'Indispensable de Chomsky. Deuxième mouvement, Hélène Hiessler (trad.) (Bruxelles: Édition Aden, 2006), p. 208.

سنوات لحيثيات التدبري املايل، وللتداول يف بورصة القيم للمقاوالت

أكفاء يفكك صحافيون املقابل، حني امللكية). يف للمؤسسة التابعة

إجراءات قمعية ضدهم وضد السلطة حينها تتخذ الهيمنة، آليات

الصحف املستقلة التي يعملون فيها. يرجعنا هذا مرة أخرى، يف حركة

املستويني/ املحيطني ويصيب ينتج الذي السلبي التأثري إىل دوران،

االلتزام)، وفك الفهم، سوء ثم الفهم (حسن والداخيل الخارجي

وهكذا دواليك.

تؤدي طبيعة شخصية القائد اإلعالمي املؤسس دورا مفصليا يف حركات

املد والجزر مع السلطة. ونشري إىل أن أبو بكر الجامعي، مدير تحرير

لوجورنال وكاتب افتتاحياتها، سليل عائلة وطنية ذات باع طويل يف

وثيقة املوقعني الوطنيني كان من الجامعي، بوشتى فجده النضال؛

شغل، الجامعي، خالد ووالده ،1944 عام يف باالستقالل املطالبة

عىل مدى سنوات، مسؤوليات يف املكتب السيايس لحزب االستقالل،

لوبينيون، لسان التحرير يف جريدة وعمل صحافيا ثم مسؤوال عن

حال الحزب الناطق بالفرنسية، كام أنه مر بتجربة االعتقال السيايس

يف السبعينيات. وكان لكل من الجد واألب بالغ التأثري يف تنشئته، كام

يحيك هو نفسه(45).

لنئ أجمع املستجيبون كلهم عىل نزاهة أبو بكر الجامعي الفكرية،

امتداد عىل لوجورنال لصحافيي وملهام نباسا دوره أهمية وعىل

الرصاع، أزمنة يف أن عن نغفل هذا يجعلنا أال فيجب سنوات،

السلطة، ألوامر رضوخه وعدم ونرجسيته القائد عناد يسبب رمبا

الوسيلة بني للهوة تعميقا اآلخرين، والصحافيني اإلعالميني عكس

يسبب أي، مبعنى آخر، السياسية، والسلطة يقودها التي اإلعالمية

نوعا من سوء الفهم. هذا ما أوضحه لنا أبو بكر الجامعي يف قوله

ضاحكا إن "السلطة مل تفهم سيكولوجيتنا، وإن آل الجامعي عند يف

أمزجتهم!"(46).

تخلص الدراسة يف آخر املطاف إىل أن مثة دورا أدته مجلة لوجورنال

رغام عنها، وبسبب تضافر مجموعة من العوامل الذاتية واملوضوعية

املغربية امللكية فيه كانت للعرش، يف سياق املساند معا، هو دور

يف تسعينيات القرن املايض يف حاجة ماسة إىل وجود صحافة وإعالم

وجه عىل الخارج يف صورتها تسويق أجل من تستغلهام مستقلني

السيايس االنفتاح طريق عىل يسريان ودولــة كنظام الخصوص،

ومن بحرية آرائهم عن بالتعبري لصحافييها وتسمح والدميقراطي،

دون قيود كبى.

مايو - حزيران/ أيــار/ املساء، يومية مع أجراها التي الحوارات سلسلة 45 انظر: يونيو 2012.

46 أبو بكر الجامعي، مقابلة شخصية، أيكس أون بروفانس، ترشين األول/ أكتوبر 2014.

84 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مل يكن ألسبوعية لوجورنال خط تحريري واحد طوال فرتة وجودها

بتعدد متعددة خطوط لها كان بل املغربية، الصحف سوق يف

القيمني عليها وحساسياتهم وتوايل السياقات السياسية املختلفة التي

توىل فيها أشخاص عدة مهامت إدارة الجريدة؛ فأبو بكر الجامعي،

عىل سبيل املثال، قام بدور مفصيل خالل السنوات األوىل من تأسيس

املجلة، وهو اختيار صحافييها عىل أساس تكوينهم االقتصادي واملايل،

وكذلك للتجارة، العايل املعهد داخل برفقته تكوينهم تلقوا وأنهم

الشأن بالنسبة إىل عيل عامر، الذي كان يركز يف انتقائه الصحافيني

ا الطرف عن إلزامية عىل عنرصي الثقافة العامة والتمكن اللغوي، غاض

التكوين الصحايف للصحافيني امللتحقني باملجلة واملتخرجني يف املعاهد

العمومية للصحافة واإلعالم، والذين كان يطغى عليهم، بحسب عيل

عامر، القالب الرسمي للدعاية التي تصب يف مصلحة النظام.

رابعا: عالقات لوجورنال بالفضاء اإلعالمي المغربي

بالتعاون متسمة املغريب اإلعالمي بالفضاء املجلة عالقات كانت

املنافسة الصحافة كانت إذ أخرى؛ تارة والتوجس وباملواجهة تارة

الغالب، يف إليها، تنظر سواء، حد عىل و"املستقلة" الحزبية لها،

التناوب تجربة بعد وجدت وأنها القرص مصالح تخدم أنها عىل

خالل من جليا هذا ظهر وقد التجربة. هذه إلحباط التوافقي

الذي الشعبية، للقوات االشرتايك االتحاد حزب صحف افتتاحيات

قاد زعيمه آنذاك، عبد الرحمن اليوسفي، حكومة التناوب التوافقي.

الناطقة االشرتايك االتحاد يومية يف وها ومسري املجلة و"فضحت"

بالعربية وليرباسيون الناطقة بالفرنسية، وهام تابعتان للحزب؛ فكلتا

الجريدتني هاجمت تجربة لوجورنال بقوة؛ كون مؤسسيها يخدمون

جهة من الحكومة. يف االشرتاكيني تجربة ويعيقون القرص مصالح

التحامل املمنهج عىل االشرتاكيني وعىل مسار أخرى، ظهر نوع من

عبد الرحمن اليوسفي تحديدا يف أعداد متتالية من مجلة لوجورنال

لسنة 2001، بعد صدورها عقب املنع الذي تعرضت له بقرار من

الوزير األول آنذاك، وبعد أن أظهرت يف أحد أعدادها تواطؤ أعضاء

البارزة يف القيادات االتحاد االشرتايك مع بعض مهمني داخل حزب

محمد الجرنال بقيادة العسكري االنقالب فرتة يف املغريب، الجيش

أوفقري يف عام 1972.

أغضب هذا التحامل التحريري املتكرر عىل االشرتاكيني وامللكية عىل

حد سواء، بعض الصحافيني داخل املجلة، ثم أتعبهم نظرا إىل تشبثهم

نشوب بعد مغادرتها إىل ببعضهم وأدى والحياد، املهنية مببدأي

خالفات مع مؤسسيها.

يجرنا هذا إىل الحديث عن أبو بكر الجامعي الذي مل تكن اختياراته

وكتاباته محل إجامع الجميع دوما، وهو ما دفع بعضهم إىل مغادرة

املجلة وتأسيس صحفهم الخاصة بهم، واختيار بعضهم اآلخر مزاولة

الصحافة بطرق مختلفة ومبهنية أكب يف وسائل إعالمية أخرى، بعيدا

بحسب املهووسة، لوجورنال داخل والذاتية املسيسة األجواء عن

تعبري بعضهم، ويف موضوعات تصب عىل نحو أو آخر يف مصب أمور

القرص وامللكية وأصدقاء امللك. أما عيل عامر، الذي توىل إدارة املجلة

بعد مغادرة أبو بكر الجامعي لها يف عام 2007، فلم يكن، بدوره،

محل إجامع الصحافيني. ورغم زعمه مواصلة الخط التحريري الذي

رسمه الجامعي لألسبوعية، فإنه حاول رسم طريقته الخاصة، مركزا

الخارجي، ومنفقا املجلة ال يف شكل عىل موضوعات جديدة، ومعد

عليها عىل نحو ال يتناسب مع وضعها املايل الهش بعد تراكم الديون

عليها بسبب سوء تسيريها، فقد كانت فرتة رئاسته هيئة التحرير أقل

تسيسا وأقرب إىل موضوعات الجنس والدين والتابوهات االجتامعية؛

التي ،Telquel كيل تيل مجلة تجربة هذا نهجه يف اتبع إنه إذ

كانت آنذاك (يف عام 2008) تحتل املرتبة األوىل يف املبيعات ضمن

صنف املجالت الناطقة بالفرنسية. هذا التوجه الجديد، أزعج بعض

الصحافيني امللتزمني سياسيا ومبدئيا بالخط السيايس األصيل للمجلة،

،Telquelisation لـ تيل كيل تقليدا لوجورنال بأنه جعل فاتهموه

وأنه انقلب عىل هويتها السياسية النقدية األصيلة.

خامسا: حدود المقاربة والمفاهيممن نظريا تنبثق والقيادة والكفاءة االستقاللية مفاهيم كانت إذا

لوجورنال، وتذهب يف الوقت نفسه إىل إبراز تجارب أخرى تجربة

ثابتة، وال مطلقة كلية ليست املفاهيم هذه فإن وأجنبية، عربية

عنها ة املعب التجارب تفاوت بقدر وتطبيقها تعميمها يتفاوت بل

وتفاوت سياقاتها السياسية واالجتامعية التي تتفاوت بدورها بتفاوت

مستويات الحرية املتاحة فيها. ومن جهة أخرى، يسعى هذا البحث

للدفاع عن فكرة أساسية مفادها إمكان دراسة "املعتاد" انطالقا من

إن وجدت، ال تستطيع أكرث، أو املقارنة بني صحيفتني أطرافه؛ ألن

الكل الدقة والرصانة، عن بلغت من تعب، من منظورنا، ومهام أن

اإلعالمي املغريب أو العريب أو العاملي.

حني يتعذر استعامل تقنية املالحظة املشاركة بسبب الطابع التاريخي

املقاربة متنح فيه)، املبحوث اليشء "موت" بسبب (أي للموضوع

ابتعادية املقابلة، تقنية عىل ثم األرشيف، عىل اعتامدا التاريخية

الباحث ابتعادية فتضاف ،Double Distanciation مزدوجة

مبعنى هنا)، حالتنا يف الصحافيون (وهم املستجيبني ابتعادية إىل

85دراسات

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والس

املسافة االثنني يعطي الوقت) (مرور الزمن عامل أن نفرتض أننا

االبتعادية وتقوم املعيشة. التجارب تجاه الالزمتني واملوضوعية

املتوخاة عىل شقني: األول هو املوضوع واملبحوث فيهم (لوجورنال،

والصحافيون، والسياسيون)، والثاين هو اتخاذ املسافة الرضورية تجاه

أمناط بحث الزمالء الباحثني واتجاهاتهم.

يف مقارنة بني موضوعية عالم االجتامع والصحايف، يرى سرييل لوميو،

مثال، أن الباحث االجتامعي بابتعاده عن مستجيبيه الصحافيني يلتزم،

أو يقرتب، بتعبري أدق، من زمالئه الباحثني، أي تجاه مجموعة انتامئه

فإننا لوميو، عند املنطق هذا تتبع أردنا إن لكن واملهني. الفكري

أيضا أن يتخذ مسافة معينة تجاه زمالئه(47). للباحث ال نرى كيف

يركز عىل البحثية مقاربتنا أحد جوانب بأن نذكر السياق، يف هذا

األنرثوبولوجيا التي تعرف بأنها "فن االبتعادية"(48).

ومن األجدر القول إن عىل كل علم، طبيعيا كان أم إنسانيا، أن يكون

فنا لالبتعادية واألنرثوبولوجيا وحدها.

سادسا: في التحرر اإلبستيمي - المنهجي

الشعار، لوجورنال وطرح املفاهيم، نصل أخريا إىل بعد رسد تجربة

وهو، للتذكري، املنهج املتبع يف محاولتنا البحثية. إذا سلمنا اآلن بأن

التحرر من الحرية مير عب التحرر اإلبستيمي - املنهجي، يغدو لزاما

علينا رشح املراد من هذا التحرر الثاين؛ أي إيضاح بعض حيثياته.

املعرفة من التحرر بــرضورة الحديثة اإلنسانية العلوم تنادي

النمطية الجاهزة ومن املسلامت واألقوال الشائعة. لكن رغم ذلك،

أنواعا جديدة تكرس العلوم صارت واسعة من هذه قطاعات فإن

وميكن الشعبوية. واالستقاللية التخصص لواء تحت النمطية من

فيه املبالغ التخصص سلبيات من الحد من منظورنا، من التحرر،

أينشتاين ألبت وفق باعتباره، واملبكر، Hyperspécialisation

"يقتل العقل ويلغي التطور يف علوم املستقبل مببر الفاعلية"(49).

47 Cyril Lemieux, "L'objectivité du sociologue et l'objectivité du journaliste. Convergences, distinctions, malentendus," in: Jacqueline Feldman et al., Ethique, épistémologie et sciences de l'homme (Paris: Editions L'Harmattan, 1996), pp. 147 - 163.

48 Roberto Miguelez, "Anthropologie et méthodologie," Anthropologie et Sociétés, vol. 13, no. 3 (1989), pp. 10 - 12.

49 انظر مؤلفه:Albert Einstein, Comment je vois le monde, Maurice Solovine & Régis Hanrion (trad.) (Paris: Flammarion, 2009), p. 34.

إضافة إىل الفصل املعنون بـ "دراسات علمية" (ص 157-245). من جهة أخرى، يوجه إدغار موران النقد نفسه إىل هذا التخصص املبالغ فيه، باعتباره يلغي النظرة الشمولية إىل األشياء.

ميثل التوازن، إذا وأساسا، أحد أوجه التحرر اإلبستيمي - املنهجي؛ فهو

يعطي الباحث إمكان النهل من علوم ومناهج ومدارس متنوعة. أما

التكامل بني علوم اإلنسان املختلفة، وهو ما يسميه بعضهم مقاربة

متعددة أو عابرة للتخصصات، فإنه ليس يف الواقع غاية يف حد ذاته،

ويجب أال يكون مظهرا من مظاهر "املوضة" العلمية. إن هذا النهل من

علوم اإلنسان واالجتامع هو أحد أوجه التحرر اإلبستيمي – املنهجي

املنشود، إذ مينح الباحث شيئا من االبتعادية تجاه تخصصه بالدرجة

األوىل (علم االجتامع وعلم النفس وغريهام من العلوم)، حتى ال يبقى

سجينه، وحتى ال يصري متعصبا له. واملقصد من هذا التحرر، أن يذهب

بالباحث إىل النبع من علوم إنسانية أخرى رشط أال يسقط يف "رشكها"

هي األخرى.

عىل مستوى أعمق، يعني التحرر التجرد من منظور أحادي ملدرسة

بعينها، بحيث ميكن أن تكون البنيوية أو البنائية تارة، أو الرتكيبية تارة

أخرى؛ إذ ال تناقض، من وجهة نظرنا وعىل مستوى البحث، يف االستعانة

مبفاهيم أو مقوالت وظفها بورديو وموران، أو عبد الله العروي وطه

عبد الرحمن، عىل سبيل املثال، ما دامت تخدم البحث، وإن كان اثنان

من كل فريق كام هو معلوم عىل خالف واختالف يف الرؤى. نكون بذلك

يفرقهم، الطرف عام الباحثني عىل ما يجمعهم، وغضضنا قد وحدنا

ما دامت أعاملهم كلها تندرج يف إطار علوم اإلنسان، التي تسعى يف

النهاية إىل "أن يزداد اإلنسان وعيا بإنسانيته"(50).

أخريا، لهذا التحرر اإلبستيمي - املنهجي وجه آخر أهم بحسب منظورنا:

إنه تحرر الباحث من مفاهيمه الخاصة. واملراد بهذا القول أن ابتكار

مناذج Modèles ومفاهيم جديدة من جهة، أو حسن استخدامها من

جهة أخرى، قد يولد عند الباحث رغبة (فطرية؟) يف تعميمها حتى

تضحي شمولية مطلقة تفرس بها الظواهر كلها، وتصري إطاره النظري

رؤيته من الباحث يتحرر فأن الالحقة؛ أبحاثه ضوئه يف تقرأ الذي

والنقدي التحرري الفعل التحرر. هذا إليها هو عني لألشياء ونظرته

املتواصل هو املبتغى من عملية التحرر اإلبستيمي - املنهجي املنشود،

الذي يطمح، يف النهاية، إىل أن يكون أحد أوجه حل "أزمة اإلنسانيات"

التي يلمسها الباحثون يف بقاع مختلفة من العامل.

خاتمةمستوى وعىل الفكر مستوى عىل معلقة تظل كثرية أسئلة مثة

التحرر مسألة يف الحرية مستويات ما مرتبطان: وكالهام املنهج،

هذا حدود ما إلخ؟ ... والعريب والوطني، والجامعي، الفردي،

يساءل متواصل ملسلسل منطلقا منه نجعل وكيف التحرر؟

50 فؤاد زكريا، التفكري العلمي (اإلسكندرية: دار الوفاء، 2004)، ص 191.

86 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

باستمرار بال كلل أو ملل؟ يف هذا السياق، يخلص العروي، استنادا

إىل كتاب محمد عزيز الحبايب من الكائن إىل الشخص، إىل خالصة

عكس عىل ومستقرا، تاما مفهوما الحرية كون يف تتجىل مهمة

الناقص واملتطور الذي يعب عن االرتقاء من حالة التحرر "مفهوم

إىل حالة"(51).

مر التحرر املنشود يف هذا البحث عب مقاربة أطلقنا عليها تسمية

سوسيوأنرثوبولوجية تاريخية للصحافة السياسية التي متنح ابتعادية

والبنائية، البنيوية، املدارس بني التوفيق يف ما، حد إىل وحرية،

الخالفات عن الطرف بغض وتسمح والرتكيبية، والتفاعلية،

اإلبستيمولوجية واملنهجية تارة، والشخصية تارة أخرى، بني "شيوخ"

هذه التوجهات العلمية والفكرية و"مريديها".

تجانس عدم مببر اإلبستيمي - املنهجي التحرر يحارب ما غالبا

النظريات واملناهج يف العلوم اإلنسانية واالجتامعية وذريعة لرفضه،

بحيث يكفي مالحظة الفاعلني املستجيبني (أي اإلنسان نهاية) لتبني

أنهم يف الوقت نفسه بنيويون، ومتفاعلون، ومركبون ... إلخ، يف آن

واحد يف فعلهم الدائم، لكن الباحث وحده من يختار بحكم توجهاته

علام معـينا، وتيارا نظريا معينا، ومنهجا معينا قد يتناىف وتنوع أفعال

اإلنسان موضوع علوم اإلنسان وغايته وتركيبته.

مبحاولة قمنا الفردية، والعلمية الفكرية حريتنا وراء السعي يف

اإلعالم رأينا مفاهيم جديدة يف موضوع تريس كام نقدية، منهجية

واإلعالم)، التعبري (حرية جهة من الحرية تناول لتجاوز والسلطة

وأبحاث مقاالت يف مكثف نحو عىل أخرى جهة من واالستقاللية

عدة. كل هذا يؤكد أن "النقاش حول املفهوم (الحرية) يتخذ أبعادا

االتصال، وثورة الحرة السوق واتساع العوملة ظواهر مع جديدة

للتفكري جديدة وإمكانيات وقت كل يف آنية يعطيه مرشوعية ما

واإلبداع"(52).

المراجع

العربيةاملغربية املجلة وحدودها". الصحافة "حرية الحافظ. عبد أدمينو،

الثاين/ (كانون 85 - 84 العددان ،46 مج والتنمية. املحلية لإلدارة

يناير - نيسان/ أبريل 2009).

51 العروي، ص 133.

،(2013 (ربيع 1 العدد يتفكرون، املفهوم"، منعرجات "الحرية: أمهال، 52 إبراهيم ص 263.

1 العدد يتفكرون. املفهوم ". منعرجات "الحرية: إبراهيم. أمهال،

(ربيع 2013).

"حالة ماركيتي. ودومينيك كسيكس وإدريس الفتاح عبد ة، بنشن

بامتياز". سيايس اقتصاد املغرب: يف واإللكرتونية الورقية الصحافة

يف: .2019/2/20 إعالمية. دراســات للدراسات. الجزيرة مركز

http://bit.ly/2WgqOlx

ورد دار عامن: خوري. ميشيل ترجمة امللك. صديقنا جيل. بريو،

األردنية للنرش والتوزيع، 2002.

للصحافة دور أي (تنسيق). لكريني وإدريــس مصطفى جاري،

الدولية الندوة أعامل العامة؟ السياسات أجندة عىل التأثري يف

والسياسات اإلدارة حول البحث مجموعة طرف من املنظمة

العامة )GRAPP( بتاريخ 21 - 22 أكتوبر 2010. سلسلة املؤمترات

والندوات 37. مراكش: منشورات كلية العلوم القانونية واالقتصادية

واالجتامعية، 2011.

زكريا، فؤاد. التفكري العلمي. اإلسكندرية: دار الوفاء، 2004.

الزهراين، أحمد قران. السلطة السياسية واإلعالم يف الوطن العريب. سلسلة

أطروحات الدكتوراه 113. بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2015.

القاهرة: اإلعالمية. الحرية يف دراسات جازع. سليامن الشمري،

مكتبة مدبويل، 2012.

الحداثة تأسيس إىل املدخل الحداثة: روح الرحمن. عبد طه،

اإلسالمية. الدار البيضاء؛ بريوت: املركز الثقايف العريب، 2006.

العامري، فضل طالل. حرية اإلعالم يف الوطن العريب يف ظل غياب

الدميقراطية. القاهرة: دار هال للنرش والتوزيع، 2011.

الرأي وتشكيل اإلعالم ]وآخرون[. فرج سامح األمرية الفتاح، عبد

العام وصناعة القيم. تحرير وتقديم عبد اإلله بلقزيز. سلسلة كتب

املستقبل العريب 69. بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2013.

العروي، عبد الله. مفهوم الحرية. ط 5. الدار البيضاء؛ بريوت: املركز

الثقايف العريب، 2012.

كوثراين، وجيه. تايخ التأريخ: اتجاهات – مدارس – مناهج. الدوحة؛

بريوت: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 2012.

الصحافة حرية حالة ــرون[، ]وآخـ ــام اإلم محمد العينني، مــاء

سلسلة العريب. الربيع ثورات غداة املغاربية بالبلدان واإلعالم

اإلنسانية والبحوث الدراسات مركز وجدة: املغاربية 3. التقارير

واالجتامعية، 2013.

87دراسات

لطة: مقاربة مفاهيمية جديدة، مجلة "لوجورنال" نموذجا اإلعالم والس

الخطاب النشأة، املغرب: يف املستقلة "الصحافة حسني. مجدويب،

45 - 44 العددان نظر. وجهة ."(2004-2000) التطور ومعيقات

(ربيع – صيف 2010).

صعود يف األنغلو-أمرييك االسترشاق "مساهمة الفتاح. عبد نعوم،

دراسة املناطق". تبني. السنة 3، العدد 9 (صيف 2014).

األجنبيةAkrich, Madeleine, Michel Callon & Bruno Latour. "A

quoi tient le succès des innovations, Premier épisode:

L'Art de l'intéressement." Annales des Mines. no. 11 (Juin

1988). Serie: Gérer et Comprendre.

Amar, Ali. Mohammed VI: Le Grand malentendu. Paris:

Calmann-Lévy, 2009.

Bastin, Gilles. "La Presse au miroir du capitalisme moderne:

Un projet d'enquête de Max Weber sur les journaux et le

journalisme." Réseaux. vol. 5, no. 109 (2001).

Becker, Howard Saul. Outsiders: Etudes de sociologie de la

deviance. J. P. Briand & J. M. Chapoulie (trad.). préf. de J.

M. Chapoulie. Paris: Éditions Métailié, 1985.

Bourdieu, Pierre. "L'emprise du journalism." Actes de la

recherche en sciences sociales. vol. 101 - 102 (Mars 1994).

Champagne, Patrick. "La double dépendance: Quelques

remarques sur les rapports entre les champs politique,

économique et journalistique." Hermès. no. 17 - 18 (1995).

Chomsky, Noam. Comprendre le pouvoir: L'indispensable

de Chomsky. Deuxième mouvement. Hélène Hiessler

(trad.). Bruxelles: Édition Aden, 2006.

Chupin, Ivan & Jérémie Nollet (dir.). Journalisme et

dépendances. Paris: Editions L'Harmattan, 2006.

Cités. no. 37 "L'Idéologie de l'évaluation, la grande

imposture" (Mars 2009).

Einstein, Albert. Comment je vois le monde.

Maurice Solovine & Régis Hanrion (trad.). Paris:

Flammarion, 2009.

El Ayadi, Mohammed & Hassan Rachik (eds.). Presse

écrite et transition. Suivi d'une étude sur Le Journal

hebdomadaire, année 2005 . Les cahiers bleus 5. Salé:

Cercle d'analyse politique, 2006.

Feldman, Jacqueline et al. Ethique, épistémologie et

sciences de l'homme. Paris: Editions L'Harmattan, 1996.

Grawitz, Madeleine. Lexique des sciences sociales. 8ème éd.

Paris: Dalloz, 2004.

Holeindre, Jean-Vincent (dir.). Le Pouvoir. Concepts,

Lieux, Dynamiques. Auxerre: Éditions Sciences

Humaines, 2014.

Jankélévitch, Vladimir. Le Je-ne-sais-quoi et le presque-

rien. vol. 2: La Méconnaissance, le malentendu. Paris:

Éditions du Seuil, 1980.

Katz, Elihu & Paul F. Lazarsfeld, Personal Influence: The

Part Played by People in the Flow of Mass Communications,

with a new introduction by Elihu Katz & a foreword by

Elmo Roper, 2nd ed. New Brunswick, NJ: Transaction

Publishers, 2006.

Klaus, Enrique. "La presse non partisane marocaine:

Enjeux de professionnalisation et d'autonomisation."

sous la direction de Vincent Geisser. mémoire du

diplôme d'études approfondies: Science politique

comparative. option monde arabe et musulman, Institut

d'études politiques. Aix-en-Provence, 2003.

Legavre, Jean-Baptiste (dir.). La Presse écrite:

Objets délaissés. Paris; Budapest; Torino: Editions

L'Harmattan, 2002.

Masciotra, Domenico & Fidèle Medzo. "La Compétence

comme pouvoir adaptatif aux situations Nouvelles."

Document produit pour le ministère de l'Education du

Québec dans le cadre de la réforme de l'éducation des

adultes. Université du Québec à Montréal (UQAM).

Montréal, 2006.

88 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

Miguelez, Roberto. "Anthropologie et méthodologie."

Anthropologie et Sociétés. vol. 13, no. 3 (1989).

Mohsen-Finan, Khadija (dir.). Les Médias en

Méditerranée: Nouveaux médias, monde arabe et relations

internationales. Arles: Actes Sud; Aix-en-Provence:

MMSH; Alger: Barzakh, 2009.

Neveu, Erik. Sociologie du journalisme. Paris: La

Découverte, 2004.

Spector, Céline. Le Pouvoir, Anthologie de textes

philosophiques introduits et présentés. Paris:

Flammarion, 1997.

Talon, Claire-Gabrielle. Al Jazeera: Liberté d'expression et

pétromonarchie. Paris: Presses universitaires de France, 2011.

Zayani, Mohamed (ed.). The Al Jazeera Phenomenon:

Critical Perspectives on New Arab Media. London: Pluto

Press, 2005.

صـدر حديـثا

جنى جبور. تأليف:

تركيا: دبلوماسية القوة الناهضةتركير:أ كتربأ السيرسرتأ ودااســةأ لألبحرثأ العريبأ املركزأ يفأ "ترجامن"أ سلسلةأ عنأ صداأ لبلي رسيةأ دقيةأ دنرهضة،أوهيأترجمةأجرنأجبياأالعربيةأملؤلفأجنىأجبياأبرلفرنسيةأ

La Turquie - L’invention d’une diplomatie émergente،أالذيأتتنرولأفيهأ سألةأالدولأالنرهضةأو يقعهرأيفأالنظرمأالدويل،أانطالقرأ نأتحليلأدقيقأللتجربةأالرتكيةأ منيذجر،أ بتعدةأيفأذلكأعنأالتحليالتأالتقليداةأالتيأاخترصتأيفأ عظمهرأفرتةأحكمأحزبأالعدالةأوالتنميةأمبحرولةأإحيرءأالعثامنيةأالجدادة،أ وأاالنحيرزأإىلأنهجأإسال يأيفأالحكم.أاتألفأاليسط،أ يثقرأو فهرسر(أ نأ قد ةأوعرشةأفصيلأ يزعةأ برلقطعأ )383أصفحةأ الكتربأ

يفأثالثةأ قسرم،أوخرمتة.

91

صـدر حديـثا

طيبي غماري تأليف:

الجندي والدولة والثورات العربيةكتربأطيبيأغامايأ دجنعيأو دعودةأ السيرسرتأ لألبحرثأودااسةأ العريبأ صداأعنأاملركزأو دثيا تأ ددربية،أالذيأاعرضأفيهأبتأنأو نهجيةأالعالقرتأالعسكراةأ-أاملدنيةأيفأاليطنأ

العريبأخاللأ راحلأالتحيل.أوقدأ سسأ قرابتهأعىلأ سلمةأ فردهرأ نأتشكلأالعالقرتأالعسكراةأ-أاملدنيةأيفأدولأالربيعأالعريبأارتبطأيفأاألصلأبترااخيةأهذهأالعالقرتأيفأإالأ ليسأ برألسرليبأاملختلفةأ العربيةأ الجييشأ إنأترصفأ التحيل؛أ يأ التيأسبقتأ املراحلأاملدنيةأيفأ -أ العسكراةأ للعالقرتأ واملتبرانأ املختلفأ التسيريأ طيالةأ نأ نتيجةأ عيامأالعرملأالعريب.أوتقصأالظروفأواملظرهرأالتيأتحكمتأيفأاداتأفعلأالجييشأالعربيةأيفأ راحلأالتحيلألفهمهر،أ نأخاللأشبكةأتحليلأامبرأتكينأقرداةأعىلأتفكيكأالعالقةأبنيأالعسكريأواملدين؛أعىلأنحيأميكنأ نأإدااكأسببأالتبرانأيفأاداتأالفعلأهذه.أأاتألفأ

الكتربأ)6اأأصفحةأبرلقطعأاليسط،أ يثقرأو فهرسر(أ نأ قد ةأو ابعةأفصيلأوخرمتة.

91

Arab Opinion Indexالمؤشر العربي

91

9392

93

*Dana El Kurd | دانا الكرد *Luai Ali | لؤي علي

تقييم قوة المجالس التشريعية في ثالث دول عربية وتصور الرأي العام العربي لها: حاالت األردن والكويت والمغرب

Evaluating the Strength of Legislative Bodies in Jordan, Kuwait and Morocco and their Image in Public Opinion

9393

*  باحثة، املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.* Researcher at the Arab Center for Research and Policy Studies.

* أستاذ العلوم السياسية، معهد الدوحة للدراسات العليا.* Professor the Politics, Doha Institute for Graduate Studies.

تهــدف هذه الدراســة إلــى تقييم قوة المجالس التشــريعية وتصــور الرأي العــام العربي لها. كمــا تســعى إلــى تقييم مــا إذا كان مؤشــر القــوة البرلمانية متســقا مــع تقييم الــرأي العام للمجالــس التشــريعية في الدول الثالث، وهــل يعكس التقييم الرأي العام؟ وهل الســلطة الممنوحــة للمجالس التشــريعية تعكــس التأثير الفعلي لها في السياســة، من وجهة نظر المواطن العربي؟ تحاول هذه الدراســة االســتعانة باألســئلة الموجودة في المؤشــر العربي الصادر عن المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات حول المجالس التشريعية في الدول

الثالث وهي: األردن والكويت والمغرب.

كلمات مفتاحية: المؤشر العربي، المجلس التشريعي، األردن، الكويت، المغرب.

This study evaluates the strength of the legislative bodies in three Arab countries both on paper and in public opinion. It utilizes an existent measure, the parliamentary power index, to gauge the strength of parliamentary bodies, before comparing that with public perception. The study asks if the power given to legislative bodies reflects the actual impact on policy from the point of view of Arab citizens. This study uses the questions in the ACRPS Arab Opinion Index on the legislative councils of Jordan, Morocco and Kuwait, in comparison with the parliamentary power index, to make this assessment.

Keywords: Arab Opinion Index, Legislative Bodies, Parliament, Jordan, Kuwait, Morocco.

94 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مقدمةميكن تعريف املجالس الترشيعية بأنها املؤسسات التي تعنى بترشيع

املجالس قوة تختلف التنفيذية. السلطة أداء ومراقبة القوانني

من مجموعة إىل استنادا أخرى إىل دولة من وتأثريها الترشيعية

التاريخية والبنيوية املختلفة. وإذا ما قيمنا الوطن العريب، العوامل

البديهي االفرتاض فإن الدميقراطية، األنظمة يف شحا يعاين الذي

لها، معنى ال الترشيعية املجالس هذه أن هو األحيان معظم يف

وتعمل مبنزلة مجلس "مناديب" أو "بصيمة" ال هدف لها سوى تبير

األنظمة االستبدادية ورشعنتها عوضا عن الوظيفة الحقيقية التي من

املفرتض أن تؤديها، وهي متثيل مختلف الدوائر االنتخابية والترشيع

ومراقبة السلطة التنفيذية ومساءلتها. تتجاهل هذه النظرة املتشامئة

التي صدرت يف آخر عرش الجدية الدراسات العديد من االختزالية

سنوات تقريبا، والتي وجدت أن املجالس الترشيعية، حتى يف سياق

الدول االستبدادية، ميكن أن تضطلع بدور سيايس مهم غري دميقراطي

فيام العربية الدول بني حقيقي تباين وجود عن فضال بالرضورة،

يتعلق بقوة املجالس الترشيعية يف كل منها، وحريتها وطبيعتها.

قوة لقياس مــؤرش إنشاء يتم مل أنــه املستغرب من يكون قد

البملانية القوة مؤرش يقوم .2009 عام حتى الترشيعية املجالس

Parliamentary Power Index, PPI، الذي أنشأه فيش وكروينغ،

بقياس قوة املجالس الترشيعية يف العديد من الدول، مبا فيها املنطقة

تقييم مجموعة متنوعة من أنشآ املؤرش من خالل العربية(1)، وقد

السلطات تقسم هذه مجلس ترشيعي. كل لدى تتوافر السلطات

Influence أربع فئات، وهي: القدرة عىل التأثري يف السلطة التنفيذية

Institutional واالستقالل املؤسيس للمجلس ،over the Executive

،Institutional Capacity والقدرة املؤسسية للمجلس ،Autonomy

.Specified Powers والصالحيات املحددة للمجلس

يف هذه الدراسة، أردنا تقييم ما إذا كان مؤرش القوة البملانية متسقا

إذا املثال، سبيل عىل الترشيعية. للمجالس العام الرأي تقييم مع

البملانية القوة مؤرش يف ما لدولة الترشيعي املجلس تصنيف تم

1 M. Steven Fish & Matthew Kroenig, The Handbook of National Legislatures: A Global Survey (New York: Cambridge University Press, 2009).ال يعني ذلك عدم وجود محاوالت سابقة يف األدبيات لتصنيف البملانات واملجالس الترشيعية. لكن الواقع هو أن معظم هذه التصنيفات مل تتم بطريقة تسهل ترميز البملانات وخصائصها من أجل التحليل الكمي كام أن التصنيفات مل تركز بالرضورة عىل "قوة" البملانات فحسب.

راجع عىل سبيل املثال ال الحرص التصنيفات املوجودة يف الرابط التايل:“Literature Review - Comparative Analysis of Parliamentary Impact in the Legislative Process,” WordPress, 2014, accessed on 9/7/2019, at: http://bit.ly/2L8p9Zn

عىل أنه قوي نسبيا استنادا إىل السلطات املدرجة يف الدستور، فهل

املمنوحة السلطات هذه وهل نفسه؟ التقييم العام الرأي يعكس

عىل "الورق" تعكس التأثري الفعيل للمجالس الترشيعية يف السياسة،

من وجهة نظر مواطنيها؟

من أجل القيام بهذه املقارنة عىل نحو موضوعي، سنستخدم األسئلة

الترشيعية يف ثالث دول، العريب حول املجالس املوجودة يف املؤرش

الدول هذه ومقارنة اختيار ويعد والكويت. واملغرب األردن هي:

األدبيات بالفعل يف ثبت لقد أوال، الثالث مفيدين لسببني رئيسني:

ومن واقع التجربة املقارنة بدول عربية أخرى أن البملانات يف هذه

ثانيا، هذه الدول الثالث قابلة البلدان ليست مؤسسات بال معنى.

للمقارنة ألنها جميعا أنظمة ملكية، ما ميكننا تحييد تصنيف النظام

يف املمنوحة الترشيعية السلطات يف لالختالفات تفسريي كمتغري

هذه األنظمة.

تفسير مؤشر القوة البرلمانيةيتكون مؤرش القوة البملانية من أربعة أجزاء كام أرشنا يف املقدمة.

األول هو مؤرش يقيس تأثري الهيئة الترشيعية يف السلطة التنفيذية،

الدستورية السلطات عدد تقييم طريق عن ذلك قياس ويتم

عزل عىل القدرة املثال سبيل عىل الترشيعي، للمجلس املمنوحة

الرئيس/ رئيس وزراء، والقدرة عىل توزير أعضاء املجلس الترشيعي،

وغري ذلك. املكون الثاين هو مؤرش قياس االستقالل املؤسيس، ويتم

الترشيعي للمجلس املمنوحة الصالحيات إىل استنادا أيضا تقييمه

الترشيعي عىل املثال قدرة املجلس الدستور، عىل سبيل رسميا يف

التصويت بحجب الثقة عن الحكومة، والحصانة من الحل من قبل

السلطة التنفيذية، وغري ذلك. أما املكون الثالث فيتمثل يف حساب

مثل الترشيعي، املجلس بها يتمتع التي املحددة الصالحيات

الدول املعاهدات مع التصديق عىل و الحرب، إعالن القدرة عىل

يقيس حني يف ذلك. وغري املركزي، البنك رئيس وتعيني األجنبية،

عقد يتم هل املثال، سبيل عىل املؤسسية، القدرة الرابع املكون

جلسات للمجلس الترشيعي بانتظام؟ هل لدى املرشعني موظفون

يتمتعون بخبة سياسية؟ هل مناصب املرشع والعضوية يف املجلس

جذابة مبا فيه الكفاية بحيث يقوم املرشع بالنزول إىل االنتخابات

باستمرار؟ وغريها.

95المؤشر العربي

تقييم قوة المجالس التشريعية في ثالث دول عربية وتصور الرأي العام العربي لها: حاالت األردن والكويت والمغرب

يتم دمج هذه املكونات األربعة لتكوين مؤرش واحد للقوة البملانية،

يراوح من 0 (األقل قوة) إىل 1 (األقوى). ويف الجدول قيم مؤرش القوة

البملانية يف الكويت واألردن واملغرب.

الرأي العام العربي

لهذه العريب العام الــرأي تصور مبراجعة الجزء هذا يف نقوم

قوة حيال العام الرأي تطابق مدى لتقييم الترشيعية، املجالس

هذه املجالس مع مؤرش القوة البملانية. وسنستخدم أحدث بيانات

املؤرش العريب لعام 2017/ 2018 لهذا الغرض.

إذا ما قيمنا ردود املستجيبني يف استبيان املؤرش عىل السؤال التايل:

العبارة بشدة عىل تعارض أم تعارض، توافق، بشدة، توافق "هل

الترشيعي/ (النواب/ املنتخب التمثييل املجلس حول التالية

أعاملها عىل الحكومة مبحاسبة النواب مجلس يقوم الشعب):

للمجالس العريب العام الــرأي تصور أن سنجد وسياساتها؟"،

الترشيعية يتسق مع تقييم مؤرش القوة البملانية. فكام نالحظ يف

الشكل (1)، تستحوذ الكويت (املقيم مجلسها الترشيعي عىل أنه

البملانية) القوة مؤرش يف واملغرب األردن مبجليس مقارنة األقوى

مجلسهم أن يعتقدون الذين املستجيبني من نسبة أعىل عىل

الحكومة/ السلطة محاسبة عىل قادر األمة) (مجلس الترشيعي

القوة أيضا مع مؤرش املغرب واألردن نتائج تتسق التنفيذية. كام

مصنف األردين النواب مجلس أن إىل نظرا ما، حد إىل البملانية

عليه وبناء املذكورة. الثالثة الترشيعية املجالس أضعف أنه عىل

بقدرة مجلسهم اقتناعا األقل األردنيني هم املستجيبني أن نالحظ

السلطة الحكومة/ محاسبة عىل النواب) (مجلس الترشيعي

التنفيذية، حيث إن 24 يف املئة منهم مقتنعون بذلك، مقابل 37 يف

املئة يف املغرب، و77 يف املئة يف الكويت.

وينعكس النمط نفسه عندما يتعلق األمر بثقة الرأي العام العريب،

الكويتي، األمة يتمتع مجلس الترشيعية؛ حيث عموما، مبجالسهم

العام بالتقييم البملانية، القوى مؤرش بحسب املنطقة يف األقوى

األكرث إيجابية، حيث اعتب 59 يف املئة من املستجيبني أن املؤسسة

أن املغاربة املستجيبني من املئة يف 32 يرى بينام بالثقة. جديرة

مجلسهم الترشيعي (مجلس النواب) جدير بالثقة، وهو ثاين أقوى

الجدول )1(

قيم مؤرش القوة الربملانية يف األردن والكويت واملغرب يف عام 2008-2007*

مؤرش القوة الربملانيةالدولةالقدرة عىل التأثري يف

السلطة التنفيذية

االستقالل املؤسيس

للمجلس

الصالحيات املحددة

للمجلسالقدرة املؤسسية للمجلس

0.224012األردن

0.383225الكويت

0.313214املغرب

املصدر:

كام نالحظ من النتيجة النهائية، فإن املجالس الترشيعية يف الوطن العريب ضعيفة نسبيا، حتى يف الدول الثالث التي تعتب فيها املجالس الترشيعية األشد فاعلية نسبيا يف املنطقة

العربية. فالدول الثالث تقييمها أقرب إىل الصفر من 1، بدءا باملجلس الترشيعي األردين األضعف عند 0.22، إىل مجلس الكويت األقوى عند 0.38، وبينهام مجلس املغرب عند 0.31.

* M. Steven Fish & Matthew Kroenig, The Handbook of National Legislatures: A Global Survey (New York: Cambridge University Press, 2009).

96 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

الشكل )1(

تقييم الرأي العام لقدرة املجالس الترشيعية عىل محاسبة الحكومة عىل أعاملها وسياساتها

0 10 20 30 40 50 60 70 80 90 100

21

1

3

17

3

43

25

19

30

29

60

21

8

17

3

األردن

الكويت

املغرب

أوافق بشدة أوافقأعارضأعارض بشدةال أعرف / رفض اإلجابة

الشكل )2(

تقييم املستجيبني ملدى ثقتهم مبجالسهم الترشيعية عموما

األردن

الكويت

املغرب

0 10 20 30 40 50 60 70 80 90 100

9

0

1

27

11

66

31

30

14

28

38

16

5

21

3

ثقة كب­ة ال أعرف / رفض اإلجابة تثق إىل حد ما ال تثق إىل حد ما ال تثق عىل اإلطالق

97المؤشر العربي

تقييم قوة المجالس التشريعية في ثالث دول عربية وتصور الرأي العام العربي لها: حاالت األردن والكويت والمغرب

املجالس الترشيعية وفقا ملؤرش القوة البملانية. وأخريا، يرى 19 يف

بالثقة. ونالحظ أن مجلسهم جدير األردنيني املستجيبني املئة من

البملانية، القوة مؤرش مع متسق العام الرأي تقييم أن مجددا،

النواب األردين هو األضعف فاعلية وفقا ملؤرش باعتبار أن مجلس

البملانية. القوة

نتائج التحليلمتكننا هذه النظرة الرسيعة والوصفية من الخروج ببعض االنطباعات

معقوال تقييام يعد البملانية القوة مؤرش أن املالحظ فمن األولية.

لسلطة املجالس الترشيعية يف ثالث دول عربية ذات املجالس األكرث

حرية نسبيا. واألبرز من ذلك هو أن االتساق بني تقييم مؤرش القوة

الترشيعية. املجالس هذه لقوة العريب العام الرأي وتصور البملانية

متطور العريب العام الرأي إن االتساق، هذا عىل بناء القول، ميكن

يف هذا املجال، خالفا ملا هو متوقع، نظرا إىل التصور املتشائم حيال

املجالس الترشيعية. ومن املهم أيضا أن نالحظ أن الرأي العام العريب ال

يحكم عىل هذه املجالس بأنها صورية عىل نحو مطلق، بل يعتمد ذلك

عىل الدولة املعنية. وتدل الرتاتبية يف تقييم املجالس الترشيعية عىل أن

الرأي العام العريب قادر، أيضا، عىل أن يفرق بني هذه املجالس حتى

يف سياق سلطوي يفرتض عدم وجود اختالفات بينها. لكن اإلشكالية

هي أن األسئلة املوجودة يف استبيان املؤرش العريب ال توفر لنا األسباب

التي تدفع املستجيبني إىل تقييم املجلس الترشيعي يف دولتهم سلبيا

عىل املستجيبني أن افرتاض الباحث عىل يصعب وعليه إيجابيا، أو

للسلطة املؤسسية املخصصة بلدهم والسلطات تامة بدستور دراية

الترشيعية فيه، لكن عىل أقل تقدير لدى املستجيبني القدرة عىل تقييم

قوة املجالس الترشيعية عموما إىل حد بعيد.

ولتقييم تصور الرأي العام العريب لقوة املجالس الترشيعية أثر أوسع

ينسحب، عىل سبيل املثال، عىل تصور الرأي العام للتمثيل واملشاركة

معظم يذكر املثال، سبيل فعىل الترشيعي. املجلس يف السياسية

املستجيبني يف الكويت أن مجلس األمة ميثل مختلف أطياف املجتمع

بدرجة متوسطة إىل كبرية. ومرة أخرى، نجد أن الرأي العام العريب

انسجاما كبريا؛ فنالحظ أن البملانية القوة ينسجم مع تقييم مؤرش

املستجيب املغريب ال يرى أن مجلسه الترشيعي ممثل لكافة األطياف

االجتامعية، ويليه املستجيب األردين يف ذلك (انظر الشكل 3).

املستجيبني بقرار يتعلق فيام نفسه االستنتاج إىل الوصول ميكن

البملانية. االنتخابات يف والتصويت السياسية العملية يف املشاركة

العريب املؤرش بيانات إىل استنادا قطعي نحو عىل الجزم ميكننا ال

بأن مثة عالقة سببية بني قوة املجلس الترشيعي وقرار املشاركة يف

الشكل )3(

تقييم الرأي العام ملدى متثيل املجالس الترشيعية كافة األطياف االجتامعية

األردن

الكويت

املغرب

0 10 20 30 40 50 60 70 80 90 100

14

2

1

20

3

52

32

21

18

25

55

20

8

19

8

درجة كب�ة درجة متوسطة درجة قليلة

ال �ثل أطياف املجتمع عىل اإلطالقال أعرف / رفض اإلجابة

99

98 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

العملية السياسية، ولكن ميكن القول، عىل األقل، إن هناك ارتباطا بني

املتغريين يستحق الدراسة عن كثب وعىل نحو أعمق. ففي الكويت،

نجد أن معظم املستجيبني ينوون املشاركة يف انتخابات مجلس األمة

القادمة. بخالف املغرب، حيث يبدو أن نصف املستجيبني لن يشاركوا

يف انتخابات مجلس النواب القادمة. أما املستجيبون األردنيون فتصل

املستجيبة العينة غالبية أي املئة؛ يف 69 إىل املشاركة رفض نتيجة

(انظر الشكل 4).

الخطوات القادمةتكمن أهمية هذا التحليل يف أنه يوضح لنا الحاجة إىل أخذ املجالس

االعتبار وجديا يف املذكورة) يف الثالث الدول الترشيعية (خاصة يف

الوطن العريب، كام توضح لنا أهمية فهم العوامل أو املؤرشات التي

إن إذ إيجابيا، أو سلبيا لقوتها العريب العام الرأي تقييم إىل تؤدي

التقييم العام املوجود يف املؤرش العريب غري كاف. كام أن األسئلة يف

استبيان املؤرش العريب ركزت عىل جانب الرقابة واملحاسبة من دون

االلتفات إىل الجانب الترشيعي، وهو الجانب السياسايت الذي ميس

الدراسة التحليل يف هذه أن املواطن مبارشة. هذا إضافة إىل حياة

ركز عىل قوة املجالس الترشيعية وليس عىل فاعليتها، إذ إن هناك

الحكومة محاسبة عىل ومقدرته املجلس فقوة بينهام؛ كبريا فرقا

قوانني إصدار يف فعال مجلس أنه بالرضورة تعنيان ال ومقارعتها

واالستجابة للمواطن املعييش الوضع تحسني شأنها وترشيعات من

لرغباته. وأخريا من املهم أن يحتوي استبيان املؤرش العريب عىل أسئلة

من شأنها أن تساعد عىل فهم أولويات املواطن السياسية واالقتصادية

واالجتامعية، إذ إن ذلك يفتح املجال أمام دراسات من شأنها املقارنة

السلطة إىل املرشعون يوجهها التي واألسئلة املواطن أولويات بني

التنفيذية والقوانني التي يقرتحونها ومدى اتساقها.

الشكل )4(

تقييم الرأي العام الرغبة يف املشاركة يف انتخابات املجالس الترشيعية القادمة

0 10 20 30 40 50 60 70 80 90 100

5

2

1

49

28

69

46

70

31األردن

الكويت

املغرب

نعم ال ال أعرف

99

Documentationالتوثيق

99

101100

101

محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربيMilestones in Democratic Transition in the Arab World

101101

يتضمــــــن هــــــذا التقريــــــر توثيقا ألبرز محطــات التحول الديمقراطي فــي الوطن العربي في المدة 1 آذار/ مارس 30- نيسان/ أبريل 2019.

كلمات مفتاحية: الجزائر، مصر، اليمن، السودان، ليبيا، سورية.

Keywords: Algeria, Egypt, Yamen, Sudan, Libya, Syria.

102 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

مفتشيها إن الكيميائية األسلحة حظر منظمة قالت 2019/3/1

خلصوا إىل أن "مادة كيميائية سامة" تحتوي عىل "الكلور"، استخدمت

يف هجوم يف دوما بسورية يف نيسان/ أبريل 2018.

(العريب الجديد، 2019/3/1)

اعتقلت قوات من الرشطة املرصية سبعة شبان وفتاة، 2019/3/2

تظاهروا يف محيط ميدان التحرير وسط القاهرة، وتم اقتيادهم إىل

جهة غري معلومة. وبحسب ناشطني عىل مواقع التواصل االجتامعي،

فإن العرشات من املناوئني للرئيس عبد الفتاح السييس رددوا هتافات

منددة بالنظام الحاكم؛ من بينها: "الشعب يريد إسقاط النظام".

(العريب الجديد، 2019/3/2)

إنه قال املركز املرصي للحقوق االقتصادية واالجتامعية 2019/3/3

تلقى بالغات بإلقاء قوات األمن القبض عىل 21 شابا، بينهم فتاتان،

املرصية العاصمة وسط والتحرير ورمسيس العتبة ميادين من

القاهرة، منذ مساء 1 آذار/ مارس 2019.

(الخليج أون الين، 2019/3/3)

ترشحه بوتفليقة، العزيز عبد الجزائري الرئيس أعلن 2019/3/4

رسميا لالنتخابات الرئاسية املقررة يف نيسان/ أبريل 2019. ونقلت

الغني الجزائري، عبد الرئيس رويرتز لألنباء عن مدير حملة وكالة

زعالن، قوله إن بوتفليقة سيعلن عن انتخابات رئاسية مبكرة يف أقل

من سنة يف حالة إعادة انتخابه. جاء هذا الترصيح بعد إيداع ملف

ترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة لدى املجلس الدستوري. وردا عىل

رافضة تظاهرات الجزائرية الجامعات من عدد شهد الرتشح هذا

لرتشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لوالية خامسة، داخل عدد من

الكليات الجامعية، وردد الطلبة هتافات تقول "ال للعهدة الخامسة".

(الجزيرة مبارش، 2019/3/4)

قوى وتحالف السودانيني" املهنيني "تجمع عن صدر 2019/3/5

اإلجامع و"قــوى السودان" "نــداء تحالف يف ممثلة املعارضة

الوطني" و"تحالف االتحاديني"، دعوة إىل اإلرضاب العام. وتضمنت

الفنية األنشطة باستثناء كافة األنشطة أداء عن التوقف الدعوة

القطاع رشكات عىل الرتكيز مع الخدمات، الستمرارية املهمة

العمل وأصحاب والعامل واملهنيني اإلنتاجية والقطاعات الخاص

واملحامني والبياطرة واملصارف الجامعات وأساتذة والصحافيني

مع التعامل عدا ما الطبية، الكوادر وجميع واألطباء والقضاة

مثل الخدمات ورشكات املعلمني إىل إضافة الحرجة، الحاالت

االتصال والكهرباء واملياه.

(الجزيرة نت، 2019/3/5)

الليبي املعرتف بها الوطني الوفاق أعلن رئيس حكومة 2019/3/6

دوليا، فايز الرساج، أنه اتفق مع قائد الجيش خليفة حفرت، يف اجتامع

االنتقالية، وإجراء الفرتة إطالة املايض، عىل "عدم األسبوع أبوظبي

للرساج ذلك يف ترصيحات جاء ."2019 عام نهاية قبل االنتخابات

بالعاصمة الغربية باملنطقة البلديات لقائه بعدد من عمداء خالل

طرابلس، بحسب بيان للمكتب اإلعالمي للرساج.

(شبكة األناضول، 2019/3/6)

2019/3/7 استهدفت طائرات تابعة للنظام السوري مدينة رساقب،

رشق إدلب، شامل غرب سورية، يف استمرار لقصفها عىل املحافظة،

الجتامع املعارضة تحرض حني يف سوتيش، التفاق خرقا يأيت الذي

مراسل وقال املحافظة. ومستقبل الخروقات فيه تناقش مصريي

قنابل تحمل بصواريخ استهدفت النظام قوات إن تلفزيون سوريا

"عنقودية"، مدينة رساقب، ما أسفر عن مقتل أربعة مدنيني وجرح

أكرث من 15 آخرين، نقلوا إىل نقاط طبية يف املنطقة.

(تلفزيون سوريا، 2019/3/7)

مؤمترا شكرى، سامح املرصي، الخارجية وزير عقد 2019/1/10

أنباء وكالة بومبيو. ووفق صحفيا مشرتكا مع نظريه األمرييك، مايك

الدويل القاهرة مطار إىل بومبيو وصل املرصية، األوسط الرشق

قادما من العراق يف زيارة ملرص يلتقي خاللها عددا من املسؤولني،

ملناقشة "سبل تعزيز العالقات املشرتكة وتطورات األوضاع يف الرشق

األوسط"، بحسب املصدر ذاته.

(عريب 21، 2019/1/10)

عدد يف حاشدة تظاهرات يف السودانيني مئات خرج 2019/3/8

من أحياء العاصمة الخرطوم، وفرقتهم الرشطة بإطالق الغاز املسيل

للدموع. وشملت األحياء التي شهدت احتجاجات تصدت لها األجهزة

األمنية كال من دنوباوي وبرب الالماب وبري الدرايسة وحي الالماب

إىل جانب منطقة الخرطوم بحري. وكان تجمع املهنيني السودانيني

املعارض قد دعا إىل تنظيم مواكب سلمية، يوم الجمعة، تنطلق من

نحو 50 مسجدا يف العاصمة يف سياق استمرار االحتجاجات املطالبة

برحيل الرئيس عمر البشري.

(الحرة، 2019/3/8)

بورقيبة الحبيب شارع وسط حاشدة مسرية انتظمت 2019/3/9

املنظامت من والعديد وتونسيون جزائريون فيها شارك تونس، يف

ومكونات املجتمع املدين من كال البلدين، مساندة للشعب الجزائري

للعهدة "ال منها شعارات عدة رفعت حيث مصريه، تقرير يف

قرر و"الشعب الجزائر"، يف الدميقراطية وقت و"حان الخامسة"،

مصريه فلرتحلوا"، و"تونسيات جزائريات مع الحريات".

(العريب الجديد، 2019/3/9)

2019/3/12 قال املتحدث باسم الخارجية األمريكية، روبرت باالدينو،

آرائهم والتعبري عن التظاهر الجزائريني يف تؤيد "حق واشنطن إن

بسالم"، وكذلك "انتخابات حرة ونزيهة". وأضاف: "ندعم الجهود يف

103التوثيق

محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي

جميع إرادة يحرتم حوار أساس عىل جديدة عملية لوضع الجزائر

الجزائريني وتطلعاتهم إىل مستقبل سلمي ومزدهر".

(فرانس 24، 2019/3/12)

القاهرة جنايات محكمة استعرضته تقرير كشف 2019/3/14

املرصية أن اإلمارات مولت مجموعة معارضة يف عهد الرئيس املرصي

إعادة من جلسات والخمسني الخامسة الجلسة ويف محمد مريس.

بقضية إعالميا املعروفة القضية يف آخرين، و25 مريس محاكمة

"اقتحام السجون" إبان ثورة 25 يناير 2011، فضت املحكمة أحرازا

كشفت تورط اإلمارات. ووفقا لصحيفة الرشوق املرصية، استعرضت

العام، النائب املستشار عىل للعرض بأنه معنونا تقريرا املحكمة

للغاية، رسي أنه عليه ومدونا ،2013 فباير شباط/ 19 يف مؤرخا

ويفرم عقب قراءته، ويتناول التقرير وقائع املحرض رقم 609 لسنة

الثاين/ كانون 30 يف أنه إىل يشري الذي النيل، قرص إداري 2013

يناير حرر قسم قرص النيل محرضا، أثبت فيه محرره قيام تشكيالت

الفوىض، بتنفيذ مشاريع إجرامية ممنهجة، غرضها إحداث عصابية

والتعدي عىل قوات الرشطة.

(عريب 21، 2019/3/14)

2019/3/16 قال رئيس الوزراء املوريتاين األسبق سيدي محمد ولد

بوبكر يف بيان له إنه "بناء عىل دراسة شاملة ألوضاع البلد، وحاجته

االتصاالت نتائج من وانطالقا السلمي، الدميقراطي التناوب إىل

السياسية، األطياف مختلف مع أجراها التي الواسعة واملشاورات

قد قرر الرتشح". وأضاف أنه سيرتشح مستقال، لالستحقاقات الرئاسية

املقبلة، وسيعرض رؤيته بخصوص مشكالت البلد وطرق عالجها.

(صحراء ميديا، 2019/3/16)

أمام الضبط وأمناء واملحامني القضاة عرشات تجمع 2019/3/17

دعمهم عن معبين احتجاجية وقفة يف تيبازة، قضاء مجلس مقر

وندد الشارع. ملطالب املرشوطة غري ومساندتهم الشعبي للحراك

الدستور بخرق شعاراتهم يف القضاة فريق بقيادة املتظاهرون

وعدم استقاللية السلطة القضائية وبقائها جهازا من أجهزة السلطة

الشعب"، إرادة ملصادرة "ال شعارات املتظاهرون وردد التنفيذية.

وإذالل لتضعيف "ال القانون"، لدولة "نعم القضاء"، الضطهاد "ال

القضاء"، وهي شعارات من أرسة العدالة تعبريا عن دعمهم للحراك

الشعبي، ورفضهم لإلجراءات التي أعلن عنها بوتفليقة مؤخرا.

(TSA عريب، 2019/3/17)

2019/3/17 رفض تكتل يضم ست نقابات يف قطاع الرتبية والتعليم

يف الجزائر عرضا من رئيس الحكومة املكلف، نور الدين بدوي، بشأن

التشاور حول تشكيل الحكومة الجديدة، رافضا االعرتاف بالحكومة

حتى رحيل رموز النظام القائم.

(العريب الجديد، 2019/3/17)

2019/3/21 استقال ألفا عضو من حزب التجمع الوطني الدميقراطي،

الذي يقوده رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى املشارك يف االئتالف

الحاكم بالجزائر، دعام للحراك الشعبي؛ وذلك يف مؤرش جديد عىل

أمام بوتفليقة لرشخ العزيز عبد الجزائري الرئيس معسكر تعرض

لهم، بيان يف املستقيلون، األعضاء وقال املسبوقة. غري التظاهرات

االستقالة هذه وإن الجزائري، الشعب صوت مع متضامنون إنهم

نتيجة طبيعية بعد املستجدات األخرية عىل الساحة السياسية.

(الجزيرة نت، 2019/3/21)

شامل حلب بريف إعزاز مدينة يف تظاهرة خرجت 2019/3/22

يف أخرى خرجت حني يف السوري، النظام بإسقاط مطالبة سورية

املؤسسات "الفاسدين" يف املسؤولني تطالب مبحاسبة الباب مدينة

والفصائل التابعة للمعارضة السورية، كام نددت بالفلتان األمني يف

املنطقة التي تسيطر عليها املعارضة.

(العريب الجديد، 2019/3/22)

الحوثيني سقط خمسة قتىل يف مواجهات جديدة بني 2019/1/25

والقوات املوالية للحكومة اليمنية املعرتف بها دوليا مبدينة الحديدة،

األمم سارعت حني يف الثقيلة، األسلحة نريان خاللها تبادلوا وقد

الذي يعد رشيان امليناء الهدنة يف اتفاق إنقاذ املتحدة إىل محاولة

القوات يف مسؤول وقال املجاعة. خطر يواجهون ملاليني حياة

الحكومية لوكالة فرانس برس إن املواجهات اندلعت، مساء األحد، يف

الجزء الرشقي من املدينة و"استمرت لساعات".

(فرانس برس، 2019/3/25)

2019/1/27 رفضت األحزاب املعارضة يف الجزائر ترصيحات رئيس

أركان الجيش، أحمد قايد صالح، الداعية إىل تفعيل املادة 102 من

العزيز بوتفليقة، كمخرج الرئيس عبد الدستور لبدء إجراءات عزل

لألزمة التي تشهدها البالد منذ أكرث من شهر.

(يب يب يس عريب، 2019/3/27)

2019/3/27 انتقد الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس ائتالف دعم

مرص، زعيم األغلبية البملانية، دعوات تنظيم وقفات احتجاجية ضد

التعديالت الدستورية، رغم أن مجلس النواب فتح بابه أمام الجميع

إلبداء رأيه سواء كان مؤيدا أو معارضا. ووصف القصبي الداعني إىل

الحوار بـالـ "أصوات خائنة". جاء ذلك خالل جلسة الوقفات هذه

املجتمعي التي تعقدها لجنة الشؤون الدستورية والترشيعية مبجلس

النواب بشأن التعديالت الدستورية، برئاسة الدكتور عيل عبد العال،

العامة والشخصيات ــامل، واألع واملــال االقتصاد رجــال وحضور

واملجتمع املدين.

(مرصاوي، 2019/3/27)

ملف لتسوية حراك عن عراقيون، مسؤولون كشف 2019/3/30

الحصول عىل وتأجيله، مقابل العراق األمريكية من القوات إخراج

104 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

إيران. ويخوض املفروضة عىل العقوبات العراق من إعفاء متديد

املسؤولني مع حوارات الحلبويس محمـد العراقي، البملان رئيس

امللفني. وبحسب مسؤول الشأن، محاوال تسوية األمريكيني يف هذا

سيايس مطلع، فإن "زيارة الحلبويس لواشنطن ال متثل رئيس البملان

"رأي أن الجديد لـ العريب وذكر أيضا"، الحكومة متثل بل وحده،

بقاء بشأن والحكومة، الجمهورية رئييس لرأي مطابق الحلبويس

الحايل غري الظرف أن العراق، وهم يعتقدون القوات األمريكية يف

حاليا يبحث "الحلبويس أن املصدر وأوضح إلخراجها". مناسب

إىل للتوصل األمريكيني، املسؤولني مع واشنطن يف امللف هذا

من األمريكية القوات إخراج قانون مترير وتعطيل بشأنه، توافق

مبينا التصويت"، عىل عرضه سياسية جهات تعتزم الذي العراق

أن "الحلبويس يسعى يف مقابل هذا امللف إىل حصول العراق عىل

إيران، عىل املفروضة العقوبات من العراق إلعفاء جديد متديد

وملدة ال تقل عن ثالث سنوات".

(العريب الجديد، 2019/3/30)

رسميا بوتفليقة، العزيز عبد الجزائري الرئيس أعلن 2019/4/1

28 يف الرئاسية واليته نهاية قبل منصبه من استقالته تقديم نيته

بيان وأفاد قرارات دستورية جديدة. واتخاذ أبريل 2019، نيسان/

صادر عن رئاسة الجمهورية الجزائرية أن بوتفليقة "سيقدم استقالته

الحايل". أبريل نيسان/ 28 يف املنتظرة الرئاسية واليته انتهاء قبل

وأوضح البيان أن هذا القرار جاء "طبقا لألحكام الدستورية وقصد

ضامن استمرارية سري مؤسسات الدولة أثناء الفرتة االنتقالية"، وذلك

"اعتبارا من التاريخ الذي ستقرر فيه االستقالة".

(العريب الجديد، 2019/4/1)

"املبادرة األردن عن إطالق اإلسالمية يف الحركة أعلنت 2019/4/1

مقدمتها يف عدة، مقرتحات تتضمن وهي الوطنية" السياسية

جامع، حــوار فتح إىل تهدف إنها وقالت دستورية، تعديالت

السياسية األزمــات حل يف يسهم وطني، إجامع حكومة ترعاه

واالقتصادية واالجتامعية.

(صحيفة الغد، 2019/4/1)

2019/4/2 كشفت مصادر برملانية مرصية أن رئيس مجلس النواب،

للتصويت 2019 أبريل نيسان/ 16 جلسة حدد العال، عبد عيل

نائب، كل باسم نداء الدستورية، التعديالت مرشوع عىل النهايئ

رشيطة التزامهم بقول "موافق" أو "غري موافق" خالل تصويتهم، من

دون تبيان أسباب تأييد التعديالت أو رفضها.

(الخليج الجديد، 2019/4/2)

2019/4/2 بعد عرشين عاما قضاها يف الحكم، قدم الرئيس الجزائري

عبد العزيز بوتفليقة استقالته للمجلس الدستوري إثر حراك شعبي

غري مسبوق انطلق يف 22 شباط/ فباير وطالب برحيل النظام. وكان

قائد أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، دعا يف وقت سابق

إىل تطبيق "الحل الدستوري" إلعالن الشغور الرئايس فورا.

(فرانس 24، 2019/4/2)

2019/4/4 أعلن اللواء املتقاعد خليفة حفرت انطالق "عملية تحرير

الرساج فايز الليبي الرئايس املجلس رئيس أعلن طرابلس"، يف حني

حالة النفري العام ملواجهة التصعيد العسكري من جانب قوات حفرت.

وطالب حفرت، يف تسجيل صويت، سكان طرابلس بإلقاء السالح ورفع

الراية البيضاء لضامن أمنهم وسالمتهم، كام طالب مقاتليه بالحفاظ

إن وقال األجانب، والضيوف العامة واملرافق املواطنني عىل سالمة

"الصابرين"، طرابلس أهايل لنداءات استجابة تأيت العملية هذه

وزارة إىل فورية برقية الرساج، يف أمر بحسب وصفه. ومن جهته،

أخرى، عسكرية ومناطق الرئايس والحرس األركان ورئاسة الدفاع

ما لكل والتصدي التمركز وإعادة القصوى، االستعداد درجة برفع

يهدد حياة املدنيني من جامعات وصفها باإلرهابية واإلجرامية. كام

يهدد للتصدي لكل ما القوة باستعامل الجوية القوات الرساج أمر

حياة املدنيني واملرافق الحيوية، منددا بهذا "التصعيد"، ومبديا أسفه

بسبب ما صدر من "ترصيحات وبيانات مستفزة".

(القدس العريب، 2019/4/4)

2019/4/5 يف سابع جمعة لهم، خرج الجزائريون بأعداد قياسية يف

العاصمة ومختلف املحافظات لرفض الوجوه املحتملة لقيادة املرحلة

االنتقالية، بحسب ما يقتضيه الدستور. وقد خرج الجزائريون لقطع

وبلعيز". وبدوي، صالح، "بن وهم الثالث"؛ "الباءات أمام الطريق

كام رفضوا أيضا وجوها سياسية كانت تقدم نفسها عىل أنها مخولة

للحديث عن الحراك الشعبي، عىل غرار رشيد نكاز املرشح للرئاسيات

املثري للجدل.

(الحرة، 2019/4/5)

2019/4/9 تهدد حملة النظام السوري املستمرة منذ مطلع شباط/

التفاهامت سورية، غرب شامل يف عدة مناطق عىل 2019 فباير

الرتكية - الروسية يف سوتيش حول تلك املنطقة، وتدل عىل أن النظام

ماض يف خطة هادفة إىل نسف هذا االتفاق وفتح الطريق أمام عمل

عسكري واسع النطاق، يبقى رهنا مبوافقة موسكو، والتي تحرض فيها

امللف السوري خالل زيارة الرئيس الرتيك رجب طيب أردوغان إليها.

وارتفعت حصيلة القتىل بني املدنيني من جراء الغارات املكثفة التي

شنتها قوات النظام عىل قرى وبلدات يف ريف إدلب، يوم األحد، يف

استمرار لتصعيد بدأ يف مطلع شباط/ فباير املايض، وأدى إىل مقتل

وإصابة وتهجري آالف املدنيني يف شامل غرب سورية.

(تركيا بالعريب، 2019/4/9)

2019/4/10 "أن تستقيل .. أو تجب عىل ذلك بقوة الشعب"، هكذا

اختار الجزائريون أن تكون رسالتهم إىل الرئيس املؤقت عبد القادر

105التوثيق

محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي

بن صالح مبارشة بعد تنصيبه، عقب إقرار البملان باإلعالن النهايئ عن

شغور منصب الرئيس، وتفعيل املادة 102 من الدستور.

(الجزيرة نت، 2019/4/10)

القادر بن صالح، حدد الرئيس الجزائري املؤقت، عبد 2019/4/10

الرابع من متوز/ يوليو 2019، تاريخا إلجراء االنتخابات الرئاسية، وهو

موعد يتزامن مع الذكرى الـ 57 الستقالل الجزائر.

(عرب 48، 2019/4/10)

الدفاع، ووزير السوداين للرئيس األول النائب أدى 2019/4/11

عوض بن عوف، الذي قاد عملية االنقالب عىل عمر البشري، القسم

السودانيني آالف كرس مع بالتزامن العسكري، للمجلس رئيسا

السوداين التلفزيون وأورد الجيش. عنه أعلن الذي التجوال حظر

الرسمي أن عوض بن عوف يقود املجلس العسكري االنتقايل بصفته

رئيسا، يف حني أدى الفريق كامل عبد املعروف املاحي اليمني نائبا

املجلس. لرئيس

(العريب الجديد، 2019/4/11)

أعلن رئيس املجلس العسكري يف السودان، عوض بن 2019/4/12

عوف، تنازله عن رئاسة املجلس، بعد يوم واحد من تنصيب نفسه،

وعني الفريق عبد الفتاح البهان مكانه.

(العريب الجديد، 2019/4/12)

للرئيس بيان ألول رفضها السودانية املعارضة أعلنت 2019/4/13

مشددة البهان، عبد الفتاح االنتقايل، العسكري للمجلس الجديد

سبعة تحقيق حتى املدين والعصيان االعتصامات استمرار عىل

مطالب، أعربت عن متسكها بها، منها: االعتقال والتحفظ ومحاكمة

معروفة قيادات و"هي واالستخبارات، األمن جهاز قيادات كل

بارتكاب جرائم ضد الشعب".

(شبكة األناضول، 2019/4/13)

تأييده السودان يف االنتقايل العسكري املجلس أعلن 2019/4/14

تويل شخصية مستقلة رئاسة الحكومة.

(الرشوق، 2019/4/14)

التابع لالتحاد األفريقي، أمهل "مجلس السلم واألمن" 2019/4/15

السلطة لتسليم يوما 15 بالسودان االنتقايل" العسكري "املجلس

لحكومة مدنية أو تعليق عضوية هذا البلد العريب. جاء ذلك خالل

مؤمتر صحفي للمجلس، إثر جلسة عقدها بالعاصمة اإلثيوبية أديس

أبابا، ملناقشة تطورات الوضع يف السودان.

(القدس العريب، 2019/4/15)

2019/4/17 بعد أكرث من شهرين عىل طرحها داخل مجلس النواب

التي الدستورية التعديالت سلفا، متوقعا كان كام أقرت، املرصي

عام حتى السلطة يف بالبقاء السييس الفتاح عبد للرئيس تسمح

2030، وذلك بعد أيام من انتهاء جلسات الحوار املجتمعي برعاية

املجلس أثارت انتقادات من معاريض التعديالت، معتبين أن "الحوار

مل يشملهم".

(إندبندنت عربية، 2019/4/17)

عن الشاهد، يوسف التونسية، الحكومة رئيس أعلن 2019/4/17

لألشهر "خارطة طريق" راسام املقبلة املرحلة أولويات حكومته يف

التونيس بسبب غالء الشارع احتقان يف القادمة وسط حالة الستة

املعيشة وزيادات يف أسعار الوقود.

(ميدل إيست أون الين، 2019/4/17)

أن مشرتك، بيان يف حقوقية، منظامت ست رأت 2019/4/18

إجراءات التعديالت الدستورية يف مرص تتم يف مناخ "قمعي سلطوي"

قائم عىل "مصادرة" الرأي اآلخر، و"تشويه وترهيب" املعارضني، مبا

منظامت وقالت تعبريها. حد عىل البملان، أعضاء بعض ذلك يف

"مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان"، و"الجبهة املرصية لحقوق

والحريات"، للحقوق بالدي و"مركز النديم"، و"مركز اإلنسان"،

التعديالت مترير "مساعي إن الحرية"، و"مبادرة الحرية"، و"لجنة

بالحد تتسم استفتاء لعملية الضامنات بكافة عصفت الدستورية

األدىن من النزاهة والحرية".

(يس إن إن، 2019/4/18)

خمسة توقيف تم إنه الجزائري التلفزيون قال 2019/4/22

قضايا يف تحقيقات إطار يف املليارات أصحاب من جزائريني

يعتب الذي ربراب يسعد هم الخمسة هؤالء أن وأضاف فساد.

كونيناف عائلة من أشقاء وأربعة الجزائر، يف أعامل رجل أغنى

العزيز عبد السابق الجزائري الرئيس من مقربة إنها يقال التي

أن السبت يوم أعلن قد الجزائري التلفزيون وكان بوتفليقة.

أويحيى، أحمد السابق الوزراء رئيس استدعت محكمة جزائرية

املقرب من املحيط لوكال، وهام من الحايل محمد املالية ووزير

بشأن تحقيق إطار يف بوتفليقة، العزيز عبد املتنحي الرئيس

تبديد املال العام.

(فرانس 24، 2019/4/22)

القيادة محيط يف اعتصامهم السودانيني آالف واصل 2019/4/22

من لنداء استجابة الخرطوم، العاصمة يف السوداين للجيش العامة

قوى "إعالن الحرية والتغيري" املعارض الذي أعلن تعليق تفاوضه مع

املجلس العسكري االنتقايل، يف حني أعلن حزب الصادق املهدي رفضه

املشاركة يف الحكومة االنتقالية.

(العريب الجديد، 2019/4/22)

2019/4/22 انطلقت بالجزائر مشاورات دعت إليها الرئاسة لبحث

السياسية للطبقة ضعيف حضور وسط البالد تعيشها التي األزمة

بسبب مقاطعة أحزاب املعارضة وأخرى من املواالة لها.

(شبكة األناضول، 2019/4/22)

106 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

من الخرطوم، إىل املحتجني مئات ينقل قطار وصل 2019/4/23

قيادة مقر أمام االعتصام إىل لالنضامم البالد وسط عطبة مدينة

جاء ملدنيني. السلطة بتسليم العسكري املجلس ومطالبة الجيش،

للتحركات استنكارها أعلنت التي املعارضة لدعوات تلبية ذلك

املهلة لتمديد السييس، الفتاح عبد الرئيس يقودها التي املرصية

لتسليم العسكري للمجلس األفريقي االتحاد منحها التي الزمنية

السلطة لحكومة مدنية، بعد إطاحتها بالرئيس املعزول عمر البشري.

(عرب 48، 2019/4/23)

2019/4/26 تجمع عدد كبري من املحتجني السودانيني خارج السفارة

يف مرصية" بـ "تدخالت وصفوه مبا منددين الخرطوم، يف املرصية

أطلق البالد تشهده حاشد احتجاج ضمن وذلك السودان، شؤون

عليه املتظاهرون اسم "مليونية السلطة املدنية".

(يب يب يس، 2019/4/26)

العسكري املجلس بني التفاوض جلسات أوىل انتهت 2019/4/27

الحرية والتغيري" لبحث ترتيبات املرحلة يف السودان و"قوى إعالن

مصادر قالت بينام الجانبني، من تفاؤل وسط البالد، يف االنتقالية

مجلس عىل االتفاق من يقرتبان الطرفني إن الجديد لـ العريب

أن التفاوض، انتهاء جلسة املصادر، مبجرد سيادي مختلط. وأكدت

يتألف من االتفاق عىل مجلس سيادي مختلط اقرتبا من الجانبني

مدنيني وعسكريني يكون عىل رأس هيكلة الحكم يف الفرتة االنتقالية.

الجديدة بات الصيغة التوافق عىل أن املصادر ذاتها عىل وشددت

شبه مؤكد، الفتة إىل أن تطمينات ستقدم للطرفني من خالل تحديد

مهامت املجلس السيادي، جنبا إىل جنب مع مهامت مجلس الوزراء

واملجلس الترشيعي.

(العريب الجديد، 2019/4/27)

العسكري، املجلس إن السودانيني املهنيني تجمع قال 2019/4/30

فض يحاول البائد"، للنظام الجديدة بـ "النسخة وصفه الذي

االعتصام أمام القيادة العامة للقوات املسلحة يف العاصمة الخرطوم.

"اإلرضاب إعالن إىل باللجوء السودانيني املهنيني تجمع هدد وقد

تحالف بني بروز خالفات بعد املدين"، والعصيان الشامل السيايس

قوى إعالن الحرية والتغيري واملجلس العسكري. واتهم تحالف قوى

إعالن الحرية والتغيري السوداين املعارض، املجلس العسكري االنتقايل

يسعى وأنه مدنية"، لحكومة السلطة تسليم يف الجدية بـ "عدم

لـ"احتكار السلطة لنفسه، ويريد تكرار تجربة نظام الرئيس املخلوع

عمر البشري".

(العريب الجديد، 2019/4/30)

الوقائع الفلسطينيةPalestine Over Two Months

107107

يتضمــــــن هــــــذا التقريــــر توثيقا ألهم الوقائــــع الفلســــــطينية واألحداث المرتبطــــة بالصــــراع العربي - اإلسرائيلي في المدة 1 آذار/ مارس 30- نيسان/ أبريل 2019.

كلمات مفتاحية: فلسطين، إسرائيل، الصراع العربي - اإلسرائيلي.

Keywords: Palestine, Israel, Arab - Israeli Conflict.

108 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

اتخذتها التي اإلجراءات بسلسلة الرشيف األزهر ندد 2019/3/1

القدس األيام األخرية يف حق مدينة سلطات االحتالل اإلرسائييل يف

املحتلة، وما شملته من اعتقاالت لرموز املدينة واقتحامات متكررة

للمسجد األقىص املبارك.(سام اإلخبارية، 2019/3/1)

رامي الفلسطينية، األعامل تسيري رئيس حكومة ناقش 2019/3/1

االقتطاع "إرسائيل" قرار تداعيات الله رام يف أمس الله، الحمد

الدويل، املجتمع وطالب الفلسطينية. الرضائب عائدات أموال من

ال سيام االتحاد األورويب، بالضغط عىل "إرسائيل" لوقف االقتطاع من

أموال الرضائب الفلسطينية وإعادتها بالكامل.(صحيفة الرشق األوسط، 2019/3/1)

2019/3/1 أطلقت قوات االحتالل اإلرسائييل النار عىل الفلسطينيني

طول عىل الحصار وكرس العودة مسريات فعاليات يف املشاركني

املناطق الرشقية لقطاع غزة. وذكرت املصادر الطبية أن 17 مواطنا

أصيبوا بالرصاص الحي خالل أحداث الجمعة الـ 49 ملسريات العودة

وكرس الحصار، يف حني أصيب عدد آخر باالختناق.(فلسطني أون الين، 2019/3/1)

2019/3/2 قال زعيم حزب العامل البيطاين، جريمي كوربني، إن عىل

وأن إرسائيل، بها تقوم التي القتل عمليات إدانة املتحدة اململكة

قال تغريدة "تويرت" يف ونرش عىل حسابه لها. األسلحة بيع تجمد

إرسائيل قتل أن فيه أكدت بيانا، أصدرت املتحدة األمم إن فيها:

للمتظاهرين يف غزة، مبن فيهم األطفال واملسعفون والصحافيون، قد

يشكل "جرائم حرب أو جرائم ضد اإلنسانية".(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/3/2)

2019/3/2 تستعد قطر خالل األيام القليلة املقبلة إلطالق مرشوع

التشغيل املؤقت "النقد مقابل العمل" ملصلحة الشعب الفلسطيني

يف قطاع غزة، وذلك من خالل وكالة األمم املتحدة إلغاثة وتشغيل

الالجئني الفلسطينيني "األونروا" وبرنامج األمم املتحدة اإلمنايئ.(صحيفة الرشق القطرية، 2019/3/2)

2019/3/2 قال وزير الجيش اإلرسائييل السابق، أفيغدور ليبمان، إنه

ال مفر من حرب رابعة وأخرية عىل قطاع غزة، لكرس أي قوة لدى

الفلسطينيني هناك.(صحيفة القدس، 2019/3/2)

خفض املتحدة الواليات قرار أن أمرييك مسؤول أعلن 2019/3/3

قنصليتها دمج عب التنفيذ حيز سيدخل الفلسطينيني لدى متثيلها

الخارجية وزير وكان "إرسائيل". يف سفارتها يف املحتلة القدس يف

األول/ ترشين يف الدمج إعالن عند قال، بومبيو، مايك األمرييك،

أكتوبر املايض، إن الهدف هو تحسني "الفاعلية" مشريا اىل أن هذا

األمر ال ميثل تغيريا يف السياسة.

(فلسطني اليوم، 2019/3/3)

"استهدفت عريب: سبوتنيك لوكالة عيان شاهد قال 2019/3/4

مروحيات إرسائيلية مواقع تابعة للمقاومة الفلسطينية وسط قطاع

غزة من دون وقوع إصابات أو خسائر يف األرواح". وأضاف: "أطلقت

املقاومة مواقع عىل صواريخ أربعة من أكرث اإلرسائيلية الطائرات

وألحقت أرضارا مادية جسيمة".

(وكالة سبوتنيك عريب، 2019/3/4)

اثنني دهس بادعاء ثالث وأصيب فلسطينيان استشهد 2019/3/4

من جنود االحتالل يف قرية كفر نعمة الواقعة غرب مدينة رام الله،

وتبني أن أحدهام ضابط.

(عرب 48، 2019/3/4)

وزعيم اإلرسائييل، التعليم وزير بينيت، نفتايل طالب 2019/3/5

أمر بإصدار نتنياهو بنيامني الوزراء رئيس الجديد، اليمني حزب

بإخالء قرية الخان األحمر الفلسطينية رشق القدس.

(صحيفة القدس، 2019/3/5)

2019/3/5 أعلن الجيش اإلرسائييل عن اعتقال عرشة فلسطينيني يف

مناطق متعددة من الضفة الغربية خالل ساعات الليلة املاضية.

(القدس العريب، 2019/3/5)

عىل االحتالل تغول الفلسطينية الخارجية وزارة دانت 2019/3/5

املسجد األقىص املبارك وحراسه، واعتداءاته املتواصلة عىل األوقاف

اإلسالمية ومشايخها ومدارسها، كام دانت حملة اإلبعادات املتواصلة

للمواطنني املقدسيني ورموزهم.

(صحيفة الرشق األوسط، 2019/3/5)

أمني مرصي إىل قطاع غزة عن طريق معب وصل وفد 2019/3/7

بيت حانون "إيرز"، لعقد لقاءات مع قادة الفصائل الفلسطينية.

(املركز الفلسطيني لإلعالم، 2019/3/7)

2019/3/7 أعلن الجيش املرصي عن تدمري تسعة أنفاق عىل الرشيط

الحدودي مع قطاع غزة شامل سيناء.

(املركز الفلسطيني لإلعالم، 2019/3/7)

استشهاد عن غزة الفلسطينية يف الصحة وزارة أعلنت 2019/3/9

مواطن وإصابة 48 فلسطينيا برصاص الجيش اإلرسائييل وقنابل الغاز

"العودة" مسرية فعاليات يف مشاركتهم خالل وذلك القطاع، رشق

األسبوعية، يف حني اعتقل آخرون بدعوى اجتيازهم السياج األمني.

(صحيفة الدستور، 2019/3/9)

2019/3/9 أعلن وزير املالية اإلرسائييل، موشيه كحلون، عن مصادرة ما

يزيد عىل 463 دومنا من أرايض قرى القدس الرشقية املحتلة وأطرافها.

(صحيفة الرأي األردنية، 2019/3/9)

2019/3/10 كلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السيد محمد

اشتية عضو اللجنة املركزية لحركة فتح، بتشكيل الحكومة الجديدة.

(صحيفة الرشق القطرية، 2019/3/10)

109التوثيق

الوقائع الفلسطينية

أعلن شكري بشارة، وزير املالية والتخطيط، عن رصف 2019/3/11

راتب كامل للموظفني العموميني ممن يتقاضون 2000 شيكل، مقابل

50 يف املئة لنظرائهم ممن يتقاضون رواتب أعىل، وأعلن عن تبني موازنة

طوارئ، مبا يقتضيه ذلك من اتخاذ سلسلة من اإلجراءات تتضمن وقف

التعيينات والرتقيات والعالوات اإلضافية، والحفاظ عىل الحد األدىن من

املوازنة التشغيلية، وتخفيض بنود املصاريف النرثية ومهامت السفر،

وبنود الضيافة واملحروقات، ووقف االستمالكات ورشاء املباين واستبدال

املركبات، وعدم اعتامد مبالغ جديدة عىل النفقات التطويرية الطويلة

األمد سوى استكامل املشاريع املطروحة والقامئة حاليا.

(صحيفة األيام الفلسطينية، 2019/3/11)

2019/3/12 أعلن موقع القناة اإلرسائيلية السابعة أنه جرى توقيع

خالل القدس مدينة يف استيطانية وحدة ألف 23 لبناء اتفاقية

السنوات الخمس املقبلة.

(دنيا الوطن، 2019/3/12)

2019/3/12 منعت الرشطة اإلرسائيلية رفع أذان املغرب من املسجد

األقىص؛ ما اضطر املصلني إىل رفعه، وأداء الصالة قبالة بواباته.

(القدس العريب، 2019/3/12)

التابعة املستعربني وحــدة من مجموعة قامت 2019/3/13

وسط سيارتهم داخل من شبان ثالثة بخطف اإلرسائييل للجيش

مخيم الجلزون.

(وكالة فتح اليوم، 2019/3/13)

2019/3/14 غريت وزارة الخارجية األمريكية وصفها املعتاد ملرتفعات

"تحتلها أرض من الفلسطينية الغربية والضفة السورية الجوالن

أن الوزارة تأكيد رغم إرسائيل"، عليها تسيطر "التي إىل إرسائيل"

املوقف السيايس كام هو.

(الجزيرة نت، 2019/3/14)

2019/3/14 زعم إعالم االحتالل اإلرسائييل أن صاروخني عىل األقل

أطلقا من قطاع غزة يف اتجاه مدينة "تل أبيب"، يف حني مل تتمكن

منظومة القبة الحديدية من اعرتاض أي منهام.

(دنيا الوطن، 2019/3/14)

اإلسالمية "حامس" املقاومة أمن حركة أجهزة اعتدت 2019/3/15

يف قطاع غزة عىل مئات الشبان املطالبني بوقف الغالء عىل األسعار

الكبى الرتنس "جمعة منهم يف العديد واعتقلت االنقسام، وإنهاء

ورفع الرضائب".

(صدى اإلعالم، 2019/3/15)

2019/3/15 أعلنت الهيئة الوطنية ملسريات العودة وكرس الحصار،

التصعيد ظل يف وذلك استثنايئ"، "بشكل اليوم فعاليات إلغاء

اإلرسائييل يف قطاع غزة.

(عرب 48، 2019/3/15)

سلفيت مدينة اإلرسائييل االحتالل قوات اقتحمت 2019/3/16

شامل النوباين ومزارع زيد بني قراوة وقرى قيس، خربة وقرية

رام الله، واللنب الرشقية وعمورية جنوب نابلس.(فلسطني اليوم، 2019/3/16)

اإلرسائيلية املحكمة قرار الفلسطينية الرئاسة دانت 2019/3/17

استمرارا واعتبته املبارك، األقىص املسجد الرحمة يف بباب املتعلق

لسياسة التصعيد ضد مدينة القدس ومقدساتها.(وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا"، 2019/3/17)

الحرم املوجودة قرب مداخل االحتالل اعتقلت قوات 2019/3/17

غيث طلب أكرم والء الفتاة الخليل، وسط الرشيف، اإلبراهيمي

(17عاما)، بحجة محاولتها تنفيذ عملية طعن. وأشارت املصادر إىل

أنه جرى نقلها إىل جهة مجهولة.(النورس، 2019/3/17)

االنتهاكات اإلنسان حقوق مجلس يف متحدثون دان 2019/3/18

ما وخاصة األخري، االحتالل قوات وتصعيد فلسطني، يف اإلرسائيلية

والتهديدات الفلسطينية، األموال األقىص، ورسقة املسجد يف حصل

والتحريض اإلرسائييل ضد الشعب والقيادة الفلسطينية.(سام اإلخبارية، 2019/3/18)

املجلس عضو سيف، أبو عاطف الدكتور أصيب 2019/3/19

املركزي، والناطق باسم حركة فتح، بجروح وكسور بالغة، بعد تعرضه

لالختطاف والرضب من قبل مجموعة من املسلحني، وقد كان ليلة

أمس قرب منزله الكائن يف منطقة بيت الهيا شامل قطاع غزة.(صحيفة األيام الفلسطينية، 2019/3/19)

2019/3/20 استشهد الشاب الفلسطيني عمر أبو ليىل املتهم بتنفيذ

عملية سلفيت التي أدت إىل مقتل جندي وحاخام إرسائيليني، بعد

اشتباك مسلح وقع قرب رام الله وسط الضفة الغربية املحتلة.(الجزيرة نت، 2019/3/20)

ترتيبات عن العبية، يرسائيل هيوم تحدثت صحيفة 2019/3/21

خليجية ودول والسعودية وقطر مرص مبشاركة دولية – عربية

الفلسطينية، السلطة بعلم أخرى، ودول املتحدة واألمم وعربية،

بشأن الوضع يف قطاع غزة وتطورات املستقبل القريب.(سام اإلخبارية، 2019/3/21)

ثالثة أن غزة قطاع يف الفلسطينية الصحة وزارة ذكرت 2019/3/23

مواطنني أصيبوا، وذلك يف استهداف طائرة استطالع تابعة لجيش االحتالل

ملجموعة من مطلقي البالونات الحارقة رشق البيج وسط قطاع غزة.(دنيا الوطن، 2019/3/23)

أصيب سبعة شبان فلسطينيني من جراء قصف جوي 2019/3/23

الحدود عىل الشبان من مجموعات تجاه نار وإطالق إرسائييل

الرشقية لقطاع غزة.

(صحيفة القدس، 2019/3/23)

110 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

جراء من باالختناق واملعلمني الطلبة عرشات أصيب 2019/3/24

اإلرسائييل االحتالل قوات أطلقته للدموع مسيال غازا استنشاقهم

صوب مدرسة يف مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية املحتلة.

(وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا"، 2019/3/4)

متأثرا املرصي، حبيب الفلسطيني الشاب استشهد 2019/3/24

بجراحه البالغة التي أصيب بها الليلة املاضية خالل فعاليات "اإلرباك

اللييل" شامل قطاع غزة.

(املركز الفلسطيني لإلعالم، 2019/3/24)

2019/3/26 احتشدت دبابات إرسائيلية قرب قطاع غزة، وذلك بعد

ليلة من شن غارات عىل القطاع، وإطالق صواريخ عىل إرسائيل.

(الحرة، 2019/3/26)

2019/3/26 أصيب شابان بالرصاص املعدين املغلف باملطاط، وذلك

مخيم مدخل عىل اإلرسائييل االحتالل قوات مع مواجهات خالل

الجلزون شامل رام الله.

(سام اإلخبارية، 2019/3/26)

2019/3/27 شنت إرسائيل غارات جوية جديدة عىل أهداف يف قطاع

اإلرسائيلية. األرايض تجاه القطاع من إطالق صاروخ ردا عىل غزة،

ونفى مسؤولون إرسائيليون التوصل إىل اتفاق لوقف إطالق النار مع

الفصائل الفلسطينية. وأشارت تقارير إىل أن وفدا مرصيا سيصل إىل

غزة يوم األربعاء للوساطة بني الجانبني.

(يب يب يس عريب، 2019/3/27)

املقاصة أموال االقتطاع من ردا عىل مواصلة إرسائيل 2019/3/27

التي تجبيها لصالح الفلسطينيني، أوقفت السلطة الوطنية التحويالت

آذار/ 26 من بداية اإلرسائيلية املستشفيات إىل للمرىض الطبية

مارس 2019.

(إندبندنت عربية، 2019/3/27)

فعاليات خالل االحتالل برصاص مواطنا 11 أصيب 2019/3/27

إصابة الصحة وزارة وأكدت وجباليا. غزة رشق اللييل" "اإلربــاك

االحتالل قوات إطالق جراء من مختلفة بجروح مواطنني خمسة

اإلرسائييل الرصاص عليهم رشق جباليا، وإصابة ستة آخرين بجروح

متفاوتة رشق غزة.

(جي يب يس نيوز، 2019/3/27)

املواطنني استشهد شاب وثالثة أطفال، وأصيب مئات 2019/3/30

من جراء إطالق قوات االحتالل اإلرسائييل النار عىل الفلسطينيني يف

مسريات يوم األرض السلمية يف قطاع غزة.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/3/30)

2019/3/31 تعتزم اإلدارة املدنية التابعة لجيش االحتالل اإلرسائييل

التصديق عىل بناء 1427 وحدة استيطانية جديدة يف الضفة الغربية

الحقا، استيطانية وحدة 3500 عىل التصديق سيتم كام املحتلة،

بحسب ما أفادت صحيفة هآرتس.

(عرب 48، 2019/3/31)

2019/4/2 وقع وزير املالية اإلرسائييل موشيه كحلون قرارا بخصم

42 مليون شيكل شهريا من أموال عوائد املقاصة الفلسطينية.

(صحيفة األيام الفلسطينية، 2019/4/2)

2019/4/3 استشهد الشاب محمد عبد املنعم عبد الفتاح (23 عاما)

متأثرا بجروحه، يف حني أصيب الشاب خالد صالح رواجبة (26 عاما)

بجروح متوسطة، بسبب إطالق النار من قبل مستوطن عند مفرتق

بلدة بيتا جنوب نابلس.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/3)

2019/4/4 فازت حركة الشبيبة الطالبية، الذراع الطالبية لحركة فتح،

جامعة يف 2020 /2019 الطلبة مجلس انتخابات يف مقعدا بـ 30

لحركة الطالبية الذراع اإلسالمية، الكتلة حصلت حني يف الخليل.

حامس، عىل 11 مقعدا، ومل تحصل الكتل الطالبية التابعة للجبهتني

الشعبية والدميقراطية عىل أي مقاعد. كام قاطعت الرابطة اإلسالمية،

الذراع الطالبية لحركة الجهاد اإلسالمي، االنتخابات.

(سام اإلخبارية، 2019/4/4)

يف الطلبة اتحاد مجلس انتخابات لجنة رئيس أعلن 2019/4/5

جامعة بيت لحم وعميد شؤون الطلبة فيها عن فوز كتلة "القدس

كتلة انسحاب بعد وذلك بالتزكية، فتح لحركة التابعة والعودة"

"وطن" اليسارية من سباق هذه االنتخابات.

(صحيفة القدس، 2019/4/5)

إنه اإلرسائيلية، الحكومة رئيس نتنياهو، بنيامني قال 2019/4/6

وإن غزة، قطاع يف الحكم إىل الفلسطينية السلطة عودة يرفض

إرسائيل مستفيدة من االنقسام الفلسطيني.

(صحيفة األيام الفلسطينية، 2019/4/6)

2019/4/7 أعلنت سلطات االحتالل اإلرسائييل فرض إغالق شامل عىل

األرايض الفلسطينية املحتلة، يوم الثالثاء، خالل انتخابات الكنيست،

وذلك بداية من منتصف ليلة 9 نيسان/ أبريل الجاري، حتى منتصف

ليلة 10 نيسان/ أبريل. وقال جيش االحتالل اإلرسائييل يف بيان صدر

عنه إنه سيتم فرض إغالق شامل عىل منطقة يهودا والسامرة، وسيتم

الـ 21، للكنيست االنتخابات يوم يف غزة قطاع مع املعابر إغالق

يف املدة املحددة سابقا.

(عرب 48، 2019/4/7)

جبيل اللواء الفلسطينية، األوملبية اللجنة رئيس قدم 2019/4/8

الرجوب، مرشوع اعتامد "القدس عاصمة الرياضة اإلسالمية 2020"،

خالل االجتامع الطارئ للجمعية العمومية لالتحاد الريايض للتضامن

111التوثيق

الوقائع الفلسطينية

السعودية، العربية باململكة مدينة جدة عقدته يف الذي اإلسالمي

النتخاب رئيس لالتحاد الريايض للتضامن اإلسالمي.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/8)

بجروح لحم بيت غرب نحالني بلدة من شاب أصيب 2019/4/8

االلتفايف الشارع خطرية من جراء دهسه من أحد املستوطنني عىل

رقم 60 الواصل بني القدس ومجمع مستوطنة "غوش عصيون".

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/8)

2019/4/8 قررت سلطات االحتالل االستيالء عىل مئات الدومنات من

أرايض 7 قرى جنوب مدينة نابلس لشق طريق استيطاين.

(املركز الفلسطيني لإلعالم، 2019/4/8)

يف "فتح"، لحركة الطالبية الذراع الشبيبة، حركة فازت 2019/4/8

انتخابات مجلس اتحاد الطلبة يف جامعة القدس، بحصولها عىل 31

لالنتخابات النهائية النتائج وأظهرت مقعدا. 51 أصل من مقعدا

سبعة عىل والشعبية مقعدا، 11 عىل الدميقراطية الجبهة حصول

مقعد عىل العودة وتحالف املبادرة كتلتي وحصول مقاعد،

لكل منهام.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/8)

واملواطنني واملعلمني التالميذ من العرشات أصيب 2019/4/9

بحاالت اختناق، عقب إطالق قوات االحتالل اإلرسائييل قنابل الغاز

يف الجنوبية باملنطقة املدارس من عدد ومحيط ساحات يف السام

مدينة الخليل.

(سام اإلخبارية، 2019/4/9)

2019/4/11 ذكرت مصادر مطلعة أن رئيس الوزراء املكلف، محمد

تؤدي أن متوقعة الجديدة، الحكومة تشكيل من انتهى اشتية،

الحكومة اليمني الدستورية يوم السبت املقبل.

(فلسطني اليوم، 2019/4/11)

طوارئ خطة لدينا اشتية، محمد الوزراء رئيس قال 2019/4/13

أرضهم عىل املواطنني صمود تعزيز عىل سنعمل إذ أشهر، لثالثة

بني الثقة وتعزيز الوطني، لالقتصاد اإلنتاجية القاعدة وتوسيع

الحكومة واملؤسسات الوطنية من جهة، واملواطن من جهة أخرى.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/13)

2019/4/14 حرض يوم أمس أعضاء الحكومة الفلسطينية الجديدة

أن وقبل الرئيس، أمام الدستورية اليمني وأدوا الرئايس املقر إىل

يتسلموا مهامتهم بشكل قانوين، طلب منهم العودة إىل املقر الرئايس

إىل خطأ ذلك يعود معتاد. لسبب غريب وغري أخرى مرة للحلف

نادر الحدوث، إذ تقرر أن تعيد الحكومة الفلسطينية الجديدة أداء

الرئيس محمود عباس، بعد أمام اليوم األحد القانونية ظهر اليمني

جدل حول النص الدستوري متعلق بقسم األعضاء لليمني أمس. وقد

اليوم، ملحم إبراهيم الفلسطينية، الحكومة باسم املتحدث كشف

إدراج اليمني أمس من دون أقسموا الحكومة وأعضاءها أن رئيس

اليمني تتضمنه ما وهو القومي"، وتراثه للشعب "اإلخالص جملة

القانونية الصحيحة.

(الجزيرة نت، 2019/4/14)

اإلجــراءات من سلسلة اتخاذ ــوزراء ال مجلس قرر 2019/4/15

والعمل املقدسيني، وتعزيز صمود املالية األزمة ملواجهة التقشفية

عىل تعزيز صمود املواطنني يف أرضهم.

(صحيفة الحدث، 2019/4/15)

الحرائق من عدد اندالع عبية إعالم وسائل أفادت 2019/4/15

البالونات يف مستوطنات محاذية لقطاع غزة، بعد إطالق عدد من

الحارقة من القطاع.

(سام اإلخبارية، 2019/4/15)

2019/4/16 تحت رعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أوقدت

الخليل، ومحافظة األسري، ونادي واملحررين، األرسى شؤون هيئة

أهايل الوطنية ولجان والقوى الخليل، "فتح"، وبلدية وإقليم حركة

وسط رشد ابن مدرسة ساحة يف لألرسى، الحرية شعلة األرسى،

املدينة، إيذانا بانطالق فعاليات يوم األسري الفلسطيني.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/16)

2019/4/18 اختطف "مستعربون"، طفلني من مخيم شعفاط وسط

مدينة القدس املحتلة يف الشارع الرئيس للمخيم.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"،2019/4/18)

دهس مستوطن الطفل محمد رائد عسكر (5 أعوام) 2019/4/20

من الفرديس رشق بيت لحم، وقد تم نقله إىل إحدى املستشفيات يف

مدينة القدس، ووصفت حالته باملتوسطة.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/20)

2019/4/21 عقد اجتامع طارئ ملجلس جامعة الدول العربية عىل

مستوى وزراء الخارجية العرب مبقرها يف القاهرة، مساء اليوم، برئاسة

ملناقشة عباس، محمود الفلسطيني الرئيس ومبشاركة الصومال،

أمام الوزراء ودولهم أجل وضع الفلسطينية، من األوضاع تطورات

التطورات التي تشهدها القضية املركزية العربية.

(إندبندنت عربية، 2019/4/21)

عن فتح، حركة رئيس نائب العالول محمود كشف 2019/4/22

جلسة خالل تنفيذها الفلسطينية القيادة تعتزم التي الخطوات

وقال املقبل. مايو أيار/ منتصف املقرر عقدها يف املركزي املجلس

العالول يف ترصيح صحفي إن "القيادة تعتزم إعالن سحب االعرتاف

بإرسائيل ووقف التنسيق األمني يف جلسة املركزي".

(وكالة وطن لألنباء، 2019/4/22)

موافقة عن املدنية للشؤون العامة الهيئة أعلنت 2019/4/23

للمسيحيني ترصيح 300 إصدار عىل اإلرسائييل االحتالل سلطات

112 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

بعد جهود املحتلتني، والقدس الغربية الضفة إىل للوصول الغزيني

بذلتها. وأشارت إىل أنه تم املوافقة أيضا عىل 200 ترصيح للخروج

خارج الوطن، لالحتفال باألعياد.

(وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا"، 2019/4/23)

2019/4/23 اقتحمت قوات االحتالل اإلرسائييل منزل ذوي الشهيد

أن املصادر وأضافت سلفيت. غرب الزاوية بلدة يف ليىل أبو عمر

جيش االحتالل أخىل املنازل املجاورة ملنزل ذوي الشهيد من ساكنيها،

صوب الصوتية، والقنابل للدموع، املسيل الغاز قنابل وأطلق

الصحافيني املوجودين يف مبنى مجاور؛ ما أصابهم باالختناق. وأعلن

جيش االحتالل أن بلدة الزاوية منطقة عسكرية مغلقة.

(وكالة األنباء واملعلومات الفلسطينية "وفا"، 2019/4/23)

رحبت حركة الجهاد اإلسالمي يف فلسطني بترصيحات 2019/4/23

الرئيس نائب رئيس حركة فتح، وقد قال فيها إن العالول، محمود

عباس متجه لسحب االعرتاف بدولة االحتالل ووقف التنسيق األمني.

(سام اإلخبارية، 2019/4/23)

2019/4/24 هدمت قوات جيش االحتالل اإلرسائييل منزل الشهيد

كام الغربية، بالضفة سلفيت قضاء الزاوية بلدة يف ليىل أبو عمر

ألحقت أرضارا بعدد من املنازل املجاورة، من جراء تفجري املنزل الذي

يتألف من طابقني بواقع أربع شقق سكنية.

(عرب 48، 2019/4/24)

2019/4/24 أشاد رئيس الوزراء محمد اشتية بدور االتحاد األورويب

يف دعم قطاع الصحة يف فلسطني، مشريا إىل املساعي الحثيثة لتوطني

فلسطينيني أطباء استقدام خالل من سيام ال الطبية، الخدمات

لتقديم الخدمات يف املستشفيات الفلسطينية، وبناء 6 مستشفيات

جديدة لتوفري كافة الخدمات الصحية للمواطنني.

(سام اإلخبارية، 2019/4/24)

2019/4/24 اقتحم مستوطنون إرسائيليون، لليوم الثالث عىل التوايل،

املسجد األقىص مبدينة القدس الرشقية، مبناسبة عيد الفصح اليهودي.

(شبكة األناضول، 2109/4/24)

ائتالف تشكيل إىل اشتية محمد الوزراء رئيس دعا 2019/4/25

املبادرة ملجابهة الدولتني حل عىل الحفاظ أجل من دويل وطني

األمريكية التي تريد أن تطيح بإمكانية إقامة دولة فلسطينية.

(صفا: وكالة الصحافة الفلسطينية، 2019/4/25)

2019/4/27 اقتحم 250 مستوطنا موقعا أثريا يف قرية الجيب بقضاء

مدينة القدس املحتلة، يف حني ألقت مجموعة من املستوطنني مواد

سامة يف برئ مياه رشق يطا بقضاء الخليل.

(عرب 48، 2019/4/27)

2019/4/27 استشهد الشاب عمر عوين عبد الكريم يونس من قرية

برصاص مصابا اعتقاله من أسبوع بعد قلقيلية، مبحافظة سنرييا

جيش االحتالل اإلرسائييل قرب حاجز زعرتة العسكري جنوب نابلس،

بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن.

(صحيفة القدس، 2019/4/27)

إسامعيل حامس، لحركة السيايس املكتب رئيس أكد 2019/4/28

الفلسطينية، موضحا الجغرافيا إطار إال يف لـغزة هنية، أن ال متدد

أن كل ما يروج عن أخذ أراض يف سيناء هو "خزعبالت" ال أساس لها

من الصحة.

(وكالة سوا اإلخبارية، 2019/4/28)

آري كنودسن وساري حنفي. تحريـــر: ديما شرف. تـرجمة:

جابر سليمان مراجعة:

الالجئون الفلسطينيون في المشرق العربي:الهوية والفضاء والمكان

صدر عن المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات، ضمن سلسلة ترجمان، كتاب عنوانه الالجئون الفلسطينيون في المشرق العربي: الهوية والفضاء والمكان، بمشاركة مجموعة من الباحثين، وتحرير آري كنودسن وساري حنفي، وترجمة ديما الشريف، وتقديم جابر سليمان ومراجعته. ويتألف هذا الكتاب من 430 صفحة من القطع الكبير، وهو ترجمة للنسخة اإلنكليزية غير أن نسخته العربية

المترجمة ذات تحديثات، وإضافات، وتقديم خاص.

صـدر حديـثا

مصطفى أيت خرواش. تـأليف:

نظرية العلمانية عند عزمي بشارة: نقد السرديات الكبرى للعلمنة والعلمانية

نقعأ درسلارتأ بشراة:أ عز يأ عنعأ نظراةأ ددلامنيةأ كتربهأ خرواشأ اعرفأ صطفىأ اتأبأنهأ السيرسرت،أ ودااسةأ لألبحرثأ العريبأ املركزأ عنأ الصرداأ و ددلامنية،أ دلدلمنةأ دكربىأ

ترااخيأ الدانأوالعلامنيةأيفأسيرقأ تتبعنرأ رشوعأ بهأ نأخاللأ ضنأقمنرأ "لعملأ تتياجأللمفكرأالعريبأعز يأبشراةأ]...[أوارجعأسببأاهتام نرأمبرشوعأالدانأوالعلامنيةأعمي رأالتيأقرابتأإشكرلأ النقداةأ تتبعنرأعدداأ نأاملرشوعرتأ اعتبراان:أاكمنأ ولهامأيفأ إىلأاإلصالحأ زاواةأ الدانيأ نأ املياوثأ انتقدتأ التيأ تلكأ اإلسال ي،أسياءأ العرملأ الدانأيفأوإعردةأالنهيض،أ مأتلكأالتيأانتقدتأالدانأبغرضأالتجروزأ وأالقطيعةأاإلبستيميليجية.أواستنتجنرأضخر ةأاملجهيدأالعلميأاملبذولألدااسةأهذاأاإلشكرل،ألكنأ نأدونأ نأاتجددأالفكرأالدانيأواملجتمعي،أو نأدونأ نأاحصلأ يأإصالحأدانيأحقيقي.أ رأاالعتبراأالثرين،أفيتمحياأحيلأفرضيةأاعتبراأسؤالأالدانأسؤاالأ ستهلكرأالأاعبأعنأجيهرأاإلشكرلأالذيأوكذاأ وتطياه،أ اليعيأ دااسةأ منرطأ بنرأ اجداأ امبرأ و نهأ حله،أ املرشوعرتأ هذهأ جلأ تحرولأ

منرطأالعلمنةأالتيأتفرزه".

115

صـدر حديـثا

أكرم زعيتر تأليف:

يوميات أكرم زعيتر: سنوات األزمة 1970-1967كتربأ السيرسرتأ ودااسةأ لألبحرثأ العريبأ املركزأ فلسطني"أيفأ "ذاكرةأ سلسلةأ عنأ صداأوقرئعأ فيهأ دونأ اي يرتهأ جزءأ نأ وهيأ 1967-1970،أ سني تأ ألز ةأ زعيرت:أ اي يرتأ كرمأ

كرنأعضياأيفأ 67راأوي7را،أحيثأ األز ةأاملمتدةأبنيأعر يأ سنياتأصعبة،أهيأسنياتأ جلسأاألعيرنأاألادين،أثمأوزاراأللبالطأعقبأحربأحزاران أاينييأ67را.أو نأ يقعهأهذا،أقدمأزعيرتأصياةأدقيقةألألوضرع؛أ ادنير،أوفلسطينيرأوعربير،أعشيةأالحربأوخاللهر،أويفأالعر ة،أ التيأ ضحتأ عروفةأيفأخطيطهرأ واليثرئقأ اليقرئعأ الكثريأ نأ عقربهر،أ ياداأوترشحأ اليقرئع،أ كثرياأ نأ تفسأ العريبأ القرااأ صنعأ بعضأ راكزأ اإلطاللةأعىلأ تلكأ إالأ نأاملسراأالذيأسلكتهأالحيادثأقبيلأالهزمية،أويفأ ثنرءأوقيعهر،أوالتعر لأ عأتداعيرتهرأ67،أواصطدا هرأ حربأ بعدأ الفلسطينيةأ املقرو ةأ حركةأ بتصرعدأ ذلك،أ روااأ بعدأ ونترئجهرأبرلنظرمأاألادينأيفأ اليل أسبتمبأي7را.أاتألفأالكتربأ)أ67أصفحةأبرلقطعأاليسط،أ يثقرأ

و فهرسر(أ نأ قد ة،أو ابعةأفصيل،أو جميعةأ نأاملالحقأوالصيا.

115

Book Reviewsمراجعات وعروض كتب

115

117116

117

117117

*  باحث، املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.* Researcher, Arab Center for Research and Policy Studies.

عنوان الكتاب: دولة الخالفة: التقدم إىل املايض )'داعش' واملجتمع املحيل يف العراق(.

املؤلف: فالح عبد الجبار.

مكان النرش: الدوحة/ بريوت.

سنة النرش: 2017.

النارش: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.

عدد الصفحات: 463 صفحة.

*Chamseddin Alkilani | شمس الدين الكيالني

"دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع المحلي في العراق("

"The Caliphate State: Advancing Towards the Past, ISIL and the Local Community in Iraq"

118 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

تقديم

رحل فالح عبد الجبار يف 26 شباط/ فباير 2018 رحيال خاطفا، يف

جه بكتابه دولة الخالفة. وكان عبد الجبار عز عطائه الفكري الذي تو

الذي ولد يف بغداد عام 1946 قد استيقظ فيها عىل السياسة مبكرا،

ومر فكره مبراحل مختلفة، يف ضوء قراءته النقدية لتجاربه العملية،

بأحد التحق ثم الشيوعي، الحزب إىل البعث حزب من فانتقل

عام عامن، قرب فلسطني، لتحرير الدميقراطية الجبهة معسكرات

والسلطة الفلسطينية التحرير منظمة بني الرصاع أثناء يف ،1970

األردنية. والتجأ عبد الجبار إىل براغ، ومنها انتقل إىل بريوت، إىل أن

التحق بالحركة املسلحة الكردية يف كردستان العراق، بكل ما يحمله

عاد ثم الوطني، الضمري صعيد عىل "مخاطرة"، من االختبار هذا

إىل بريوت عندما اندحرت الجبهة الكردية، بعد اتفاقية الجزائر بني

العراق وإيران عام 1975. وبقي منذئذ يتنقل بني السياسة والعلم

والطموح األكادميي.

فانكب املاركيس، اليساري واملرتجم الباحث دور بريوت يف أخذ

عىل إنجاز كتاب العمر يف الرتجمة، أال وهو كتاب رأس املال لكارل

العاصمة يف استقر التسعينيات ويف مجلدات. ستة يف ماركس،

الدكتوراه شهادة جامعاتها إحدى من نال حيث لندن، البيطانية

يف علم االجتامع، ثم انخرط من جديد يف صحافة الحركة الشيوعية

حتى صفحاتها، يف الكتابة عىل وثابر النهج، مجلة يف العربية،

السياسية بالتجارب غنية حياة عاش السوفيايت. االتحاد أفول بعد

نقد د يف يرتد ومل الفكر، عامل األوقات كل وتخطفه يف والشخصية،

تجاربه، واالستجابة لرضورات التجديد.

تهدف هذه املراجعة أساسا إىل قراءة كتابه دولة الخالفة، بالعودة أوال

السابقة، ويعد بعضها متهيدا فكريا ومنهجيا أبحاث عبد الجبار إىل

لكتابه األخري، وبعضها اآلخر شكل محطات يف تاريخه الفكري، لعل

الرتكيبة تكشف ثم الفكرية؛ سريته إىل بالتعرف لنا يسمح ذلك

الهيكلية للكتاب، ونتوقف قليال عند منهجيته التي اتبعها يف تناول

موضوع "داعش"، وما يتميز به من غريه من الدارسني الذين تناولوا

املوضوع نفسه من قبل، ثم نتفحص الوقائع التاريخية واملحلية التي

صه تجربة حاول أن يسب غورها، وقد تناولنا، عىل وجه الخصوص، تفح

مه يف الناس واألشياء املحيطة بهم، عب إدارته العنيفة، داعش يف تحك

وهو ما سامه عبد الجبار "مستعمرة العقاب الريعية"، فكشف مظاهر

التسلط الوحيش لداعش يف األماكن التي استطاع االستحواذ عليها.

استعمل عبد الجبار يف معالجاته طرائق علم االجتامع السيايس، من

وحموالته األفكار، قواعد تفحص يف املجتمع إىل كلية نظرة خالل

وحاضناته، ومن خالل طرائق بحثه التجريبية واإلحصائية أيضا، وبقي

متحررا من الفهم امليكانييك للعالقة بني االجتامعي والفكري واملتخيل،

فاستخدم يف منهجه االجتامعي الجمع بني مقابالته املبارشة لعينات

من الناس، موضوع البحث، ثم قرأ تلك املعطيات باستخدام املنهجني

استخدام مع التاريخ، سياقاتها إىل بها والعودة والوصفي، التحلييل

تقنية تحليل النصوص، واتكل يف تشخيصه لتنظيم داعش عىل منهج

عالقته ويف الفعيل، تاريخه يف فعاينه التاريخي، السيايس االجتامع

بتاريخ العراق الحديث، ويف محيطه، وبالتجربة التاريخية لبناء دولة

االستبداد (دولة الالدولة)، ثم عمد إىل الربط "التحلييل بني العوامل

ظهور يف ساهمت التي والفكرية األيديولوجية والعوامل البنيوية

داعش"(1). واتجه إىل تفنيد العالقة الزائفة بني صعود داعش ووجود

افرتايض لقاعدته االجتامعية (حاضنته) يف املناطق السنية. وقدم وصفا

متأنيا لحياة الناس اليومية تحت سيطرة داعش، وال سيام يف املوصل

منا موضوعات التي سيطر عليها سيطرة كاسحة عام 2014، وقد قس

الكتاب إىل محاور رئيسة تساعد يف اخرتاق موضوعاته وأفكاره.

أوال: بين اإلخالص أليديولوجيا الماضي ومواكبة أسئلة الحاضر

عىل الرغم من الهزات الكبى لليسار العاملي بانهيار االتحاد السوفيايت،

فبقي املاركسية، فقه معرفة يف ع التوس عىل ثابر الجبار عبد فإن

1 خليل عناين، "'دولة الخالفة': تفكيك البنية األيديولوجية والرمزية والسياسية لـ 'داعش'"، مجلة عمران، العدد 24 (ربيع 2018)، ص 119.

119مراجعات وعروض كتب

"دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع المحلي في العراق("

ملتصقا به حتى الرمق األخري، عىل الرغم من التجديدات التي حاول

االجتامع مجال إىل األيديولوجيا، قفص من املاركسية بها ينقل أن

السيايس التاريخي، واالنفتاح عىل أفكار شتى من البحث ومناهجه،

واآلخر، الحني بني يعود، كان الصعوبة. من يخلو ال ذلك بدا وإن

النقدية املراجعات من عددا فقدم وتالميذه، ماركس مرابض إىل

للامركسية، مع اإلبقاء عىل حافة ماركسية متجذرة يف أعامقه. وميكن

ما بعد ماركس (2010) منوذجا لطريقة يعد كتابه عن ماركس أن

فهم عبد الجبار ملاركس، أو ملا تبقى منه، لكن عبد الجبار مل يطرح

بعد واملاركسية ماركس من تبقى ماذا والواجب: الفيصل السؤال

انهيار املنظومة السوفياتية؟ أي بعد انتهاء التجربة التاريخية الفعلية

للامركسية، وإمنا سأل سؤاال عاما تقادم زمانه: "ما بعد ماركس؟".

يؤكد، بل املاركسية، تجاوز معيار من الجبار عبد ينطلق ال إذا،

التسليم مع "تجديدها"، رضورة الكبى"، "الرسديات كأصحاب

بنظرياتها األساسية (نظرية القيمة، والعمل، ونظرية فضل القيمة).

وعندما يتحدث عن إسهام ماركس يف نظرية الدولة، يكتفي بالقول إن

نظرية ماركس يف هذا الجانب مل تكتمل، وتحتاج إىل استكامل وترميم.

طها تبسيطا والحال أن ماركس مل يكابد كثريا يف نظرية الدولة؛ فهو بس

بامللكية، الطبقات، وعىل نحو أعمق شديدا، منذ أن ربطها برصاع

فربط الدولة وجودا وعدما بوجود امللكية، وبالطبقة صاحبة امللكية.

ومبا أن أساس سعيه يهدف إىل تقويض االثنني معا، امللكية والطبقات،

فإن الدولة لديه ال تعدو أن تكون أكرث من كيان قمعي طبقي، يزول

خالل املرحلة االنتقالية لالشرتاكية. ومن ثم، مل يول ماركس الجوانب

الحضارية والتنظيمية للدولة اهتامما يف تحليله، وال إلمكانية إجراء

اإلطار االجتامعية، عب العمومية وظائفها ملصلحة تحول جدي يف

الدميقراطي للحكم. وكام بينت تجربة االشرتاكية يف القرن العرشين،

مل يؤد تاريخ مصادرة امللكية والطبقة يف مامرسة املنظومة السوفياتية

إىل اضمحالل الدولة ملصلحة اإلدارة الذاتية االجتامعية لعملية اإلنتاج

والتوزيع، بل أدى إىل ملكية الدولة العاتية التي صادرت يف شموليتها

نظر وجهة من يغري مل ذلك أن غري والثقافة. واملجتمع االقتصاد

عبد الجبار، فـ "يف التحليل األخري، ينبغي للطبقة العاملة أن تستويل

عىل هذه األداة، وتحطمها، وتحل محلها أداة سياسية جديدة، كيام

وأداته (البوليتاريا)، الجديد املنظم لزوال األساس إرساء يتسنى

التنظيمية الجديدة (الدولة االشرتاكية)، أو اضمحاللها التدريجي"(2).

ولعل عبد الجبار ما زال يعول عىل إمكانية اضمحالل الدولة؛ لتنبثق

من خالل ذلك االشرتاكية.

2 فالح عبد الجبار، ما بعد ماركس (بريوت: دار الفارايب، 2010)، ص 10.

محاولة هي واحدة، زاوية من الدولة يتناول ماركس أن والحال

اإلجابة عن كيفية تدمريها يف الثورة االجتامعية، فيستغرق باحثا يف

الطبقي عىل حساب درس مسألة والرصاع وامللكية اإلنتاج عملية

ملاركس الجبار عبد يسوغ الجانب، هذا عىل وتعليقا الدولة.

األولوية ماركس "أعطى بالقول: الدولة نظرية إنتاج يف قصوره

األخاذة، الغزارة بتلك اإلنتاج منط لتحليل التفصييل عمله يف

وذلك التنقيب الدقيق، املتأين، املركب"(3)، فامركس اهتم بالقاعدة

لتأبيد والتنظيمية؛ القمعية، الطبقية وظائفها وتحديد الطبقية،

سيطرة الطبقة السائدة، ولألفكار الداعمة لسيادتها.

أوال فهي للدولة؛ ماركس بتحديدات إعجابه الجبار عبد ويظهر

ماركس "إن القول: مع الطبقي"، والقمع الطبقية للهيمنة "أداة

مهيمنة "قوة ثانيا، وهي، زوالها"، وداعية اللدود، الدولة عدو

منفصلة عن املجتمع"، ويؤكد، ثالثا، "تاريخية الدولة". أما بالنسبة

إىل كتاب فريديريك إنجلز أصل العائلة وامللكية الخاصة والدولة،

فريى عبد الجبار أن إنجلز "يجد صعوبة كبرية يف الربط املبارش بني

نشوء الدولة، كسلطة عامة منفصلة عن الجامعة ]...[ وبني احتدام

أن الجبار عبد يرى ذلك، من الرغم وعىل الطبقية". التناحرات

املنهجية ينطوي عىل تطبيق جانب أسايس هام من الكتاب "هذا

العميقة"(4). املاركسية

أكرث جرأة، نقدا م ليقد والثورة، الدولة لينني كتاب عند ويتوقف

لكنه ال يخلو من حذر، فيقول: "ميكن املجازفة باالفرتاض أن كتاب

(الدولة واحد حقل إىل الدولة عن ماركس مفهوم اختزل لينني

أداة هيمنة)"، ثم يعيد األفضلية إىل ماركس نفسه، فـ "لينني ألغى

ذات الدولة بني ماركس أرساه الذي املؤسسايت البنيوي التاميز

األغلبية العاملية وذات املؤسسات الدميقراطية الراسخة (بريطانيا)

ألغى كام املحددة، الرشوط هذه لديها تتوافر ال التي تلك وبني

السلمي، االرتقايئ التطور التاريخي، للتطور املمكنة الثنائية

الجبار لعبد مدخل النقد هذا لعل الثوري"(5). القطعي والتطور

لتجديد املاركسية، وانفتاحه نحو أفق الدميقراطية.

ويعزز عبد الجبار نقده، هذا، مبعارضته لألطروحة القائلة إن النظرية

واملادية التاريخية، املادية أقسام هي: ثالثة "تتألف من املاركسية

الديالكتيكية، واالشرتاكية العلمية"، فيقول إن هذا التقسيم اعتباطي

الثالثة"، وإن املاركسية لينني: مصادر وزائف، و"مستمد من مقالة

3 املرجع نفسه، ص 12 - 134.

4 املرجع نفسه، ص 38، 41.

5 املرجع نفسه، ص 47.

120 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

"تحويل هذا القول إىل مذهب، كان أحد منابع تقويض املاركسية"،

النظام تحليل نظرية املاركسية هي "النظرية إن ذلك بعد ليقول

لنقد التاريخية اإلمكانيات عن البحث ونظرية ونقده، الرأساميل

الرأساملية وتجاوزها"(6)؛ فوضع عبد الجبار نفسه يف صف املجددين،

بضمه هذه التعقيبات األخرية إىل مضامني ممكنة للامركسية، ومن

نظرية بتأكيده أسس املاركسية؛ إىل انتسابه ليعزز عاد مجددا ثم

ماركس االجتامعية: "اعتب ماركس العالقة بني العمل ورأس املال هي

الجوهر البنيوي الذي ينبغي فهم كل العالئق االجتامعية يف إطاره"(7)،

بنظريته بالتذكري وراهنيته، ماركس علم جدية أيضا وبتأكيده

يقول: أن إىل القيمة، وفضل القيمة - العمل، بنظرية االقتصادية:

إن "الجوهري ]...[ أن منط اإلنتاج الرأساميل، القائم عىل مبدأ الربح

(استخالص فائض القيمة - املطلق أوال، فالنسبي الحقا) ال يستطيع

العيش بدون توسع (إعادة اإلنتاج املوسعة) التي تتطلب توسعا يف

السوق القومية والعاملية، ويتحقق عب التجارة الدولية، بتوسط الدولة

(يف القرون األوىل) وخارج قيود هذا التوسط يف عرص العوملة"(8)؛ لهذا،

يصل إىل استنتاج نظري حاسم، هو تأكيد حيوية املاركسية وبقائها،

وحاجتنا إليها: "إن (موت) املاركسية (املعلن) سيثبت زيفه يف أول

دين للامركسية، لكنه، أزمة واسعة آتية"(9)، فأبقى لنفسه بطاقة املجد

يف املامرسة النظرية، ترك مقعده فارغا فعال، فقد خلت أغلب أبحاثه

الجدية التطبيقية من املنهجية الطبقية املاركسية.

ثانيا: أبحاث مهدت لكتاب"دولة الخالفة"

الثامنينيات حتى رحيله عام 2018، أصدر عبد الجبار، منذ أواسط

املادية أهمها: من والسوسيولوجية، الفكرية الدراسات من كثريا

يف والخرافة العقالنية ومعامل ،(1985) املعارص الديني والفكر

الفكر السيايس العريب (1992)، والدولة واملجتمع املدين يف العراق

،(1998) املمكنة والدميقراطية املستحيلة والدميقراطية ،(1995)

والدميقراطية: مقاربة سوسيولوجية تاريخية (2006).

املنابع عن ــوال: واأله األحــوال يف دراسته نرش ،2007 عام ويف

االجتامعية والثقافية للعنف التي درس فيها التداخل بني امليثولوجيا

6 املرجع نفسه، ص 58 - 59.

7 املرجع نفسه، ص 72.

8 املرجع نفسه، ص 75 - 76.

9 املرجع نفسه، ص 81.

والثقافة الدينية والفكر الوضعي الحديث يف اإلطار العريب(10)، وفيها

يرى أنه إذا كان العنف يشتبك يف التاريخ، فله بذاته تاريخه، وأمناطه

وأشكاله املنبثة يف التاريخ. يقول عبد الجبار: "كلام أوغلنا يف دروب

من فكرثة (املجتمع)، أو (الغرائز)، إىل انتهينا العنف، عن البحث

علامء االجتامع والبيولوجيا تنتهي دوما إىل هزال النتائج التي تقول

(انحراف العدوانية وأن (طبيعي)، فعل رد إىل ينتمي العنف إن

(العنف) للبياض تقرير ما ييل: "ال وجود غريزي)"(11). وينتهي إىل

مبعزل عن األشياء البيضاء. وينبغي االنتقال من املحمول (البياض) إىل

الحامل، إىل البنية االجتامعية - الثقافية يف مجرى تحوالتها وتوتراتها.

وأن األديان واملذاهب، والقوميات واإلثنيات، والطبقات والجامعات،

والقيم واأليديولوجيات، هي سداة ولحمة هذه البنية، وهي يف حال

من النشوء والتنوع واالنشطار، والتعدد، والتصادم"(12)، ويتابع القول:

"إن هذا االنشطار والتعدد، والتحول واالختالف إمنا يؤول مآال عنيفا

يف رشوط شتى ]...[ وأن منابع االختالف (وهي منابع عنف) تخرتق

املذهب، أو الدين أو اللغة، ]...[ اختالف يف املستويات ]...[ هذه

أو (العرق)، اللون أو العيش، طرز أو القيم، نظام أو الجنس أو

املهنة، أو الجنس"(13). ويبقى األمر األساس يف مسألة العنف "ليست

ويف تأويله، ويف إليه، النظر طريقة يف بل (االختالف) يف املشكلة

حامله االجتامعي بقيمه وعقله"(14).

م عبد الجبار دراسات تتعلق بسوسيولوجيا الدين والتدين، كانت، وقد

شغفا أبدى فقد الخالفة، دولة دراسته لطريق مهام متهيدا أيضا،

بدراسة سوسيولوجيا الجامعات الدينية والقتالية يف العراق، وهو ما

واألفندي العاممة كتابيه قبيل من أبحاثه، من عدد يف ماثال نراه

(2012)، والدولة: اللوثيان الجديد (2017)، اللذين كانا مبنزلة متهيد

وجرس نحو دولة الخالفة، فدرس يف اللوثيان الجديد الطريق املؤدية

إىل عامرة الدولة التسلطية العراقية التي اكتمل بناؤها يف زمن صدام

حسني، ودرس يف العاممة واألفندي تحول املشهد الشيعي يف العراق،

فيه، الدينية الحياة واقتصاد وفئاته، وأرسه بشخصياته ومؤسساته،

يف والدنيوي املقدس بني العالقة لفهم محاولة مبنزلة عنده فكان

يف مضمرة، مبقارنة العراق(15)، يف الدينية االحتجاج حركة مناشئ

10 شوقي عبد األمري، "فالح عبد الجبار املقاتل عىل جبهة الحياة"، الفيصل، 2018/5/1، http://bit.ly/2Vj2biQ :شوهد يف 2019/5/14، يف

11 فالح عبد الجبار، يف األحوال واألهوال: عن املنابع االجتامعية والثقافية للعنف، ط 2 (بريوت: الفرات للنرش والتوزيع، 2008)، ص 14.

12 املرجع نفسه، ص 15.

13 املرجع نفسه.

14 املرجع نفسه، ص 15 - 16.

15 سامي زبيدة، "مقدمة"، يف: فالح عبد الجبار، العاممة واألفندي: سوسيولوجيا خطاب وحركة االحتجاج الديني، ترجمة أمجد حسني (بريوت/ بغداد: منشورات الجمل، 2010)، ص 8.

121مراجعات وعروض كتب

"دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع المحلي في العراق("

األغلب، بإيران، اعتامدا عىل األدوات النظرية لسوسيولوجيا الدين،

وعىل مناهج البحث األكادميية.

لدى الذايت الوعي أصول الجبار عبد درس واألفندي، العاممة يف

تحليليا خطا راسام العرشين، القرن ثالثينيات منذ العراق شيعة

التي بالكيفية نفسها "التدين" الشيعية، مستعمال مصطلح للحركة

و"الدين"، "الديني" مقابل بشارة، وعزمي فيب ماكس يستعملها

فأجرى تحليال لتحوالت التيارات الشيعية، بعد انقالب 1958، والحظ

يف بكثافة الشيعي املكون متدد مع الشيعة السياسية الحركة تأثر

املدن، وباستلهام الجدل الفقهي الذي غذى تيارات وأحزابا جديدة،

مثل حزب الدعوة والتيار الصدري وسواهام(16). إن اإلسالم السيايس

الشيعي، بحسب عبد الجبار، جزء من الصعود العام لإلسالم السيايس

يف الرشق األوسط، وهو استجابة محلية ضد التمييز الطائفي أيضا،

مبعنى أنه مزيج من االثنني، الطائفية واألصولية(17).

الحركات أنظار أن مفادها بفرضية هذا مؤلفه الجبار عبد افتتح

نادرة، فرصة عدته ما عىل مفرطا تركزا تركزت الشيعية اإلسالمية

تشكيل إلعادة األب؛ بوش جورج األمرييك الرئيس حرب تقدمها

النظام السيايس، ويف نهاية املطاف فرصة ألسلمة السلطة، أو الثأر، ملا

وقع عىل الشيعة من ظلم طائفي، فيصور يف هذه املقدمة الدوافع

الكبى املحركة للحركات السياسية الشيعية العراقية التي حكمت،

إىل حد بعيد، مامرستها السياسية يف ظل االحتالل، وما بعده(18).

ثالثا: دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي

تضمن كتاب عبد الجبار، دولة الخالفة: التقدم إىل املايض، مقدمة

دراسة عىل املقدمة تركز وملحقا. ختاميا، وفصال فصول، وعرشة

رشيكه اآلخر، وعن نفسه، عن السني املحيل املجتمع تصورات

هو ما تصديق اإلمكان يف كان إن عام نقديا فيتساءل الوطن، يف

للعامل رؤيته يف أنه تفرتض املجتمع، هذا عن تصورات من شائع

ويف تخيالته عن نفسه أصبح حاضنة لداعش، وغريه من التنظيامت

ل قاعدة اجتامعية املشابهة، بالقدر الذي أصبح فيه منتجا لها، وشك

مالمئة الستدعاء داعش؛ ليعب بها عن نفسه.

16 محمد عثامين، "العاممة واألفندي: سوسيولوجيا خطاب وحركات االحتجاج الديني"، http://bit.ly/2Hj9Hqj :إضاءات، 2018/11/1، شوهد يف 2019/5/14، يف

17 عبد الجبار، العاممة واألفندي، ص 48.

18 عبد الجبار، املرجع نفسه، ص 20 - 21.

يستبعد عبد الجبار، بقوة، هذا التفسري ويدينه. ويف املقابل، يرجع

دولة بناء يف السياسة النخبة فشل إىل يرجعها، ما أكرث املشكلة،

بالتساوي، فيجد التي تحمي الجميع، وتعطيهم حقوقهم املواطنة

وأيديولوجيته، التكفريي التيار لبوز تفسرييا إطارا املجال يف هذا

.(28 (ص اآلن" الخالفة "دولة فكرة إىل انتقاله وأسباب ورموزه،

العراقية الدولة تحليل من الجبار عبد يعود األساس، هذا وعىل

لذاته متثالته يف العراقي املحيل املجتمع تحليل ومن الفاشلة،

وللعامل، ومن إدراك التفاعالت بني فشل التنمية السياسية والوطنية،

إىل إدراك التحوالت التي أصابت عالقة الدولة، واملرشوع السيايس

إىل لينتهي االجتامعي، وبالوعي باملجتمع للنخبة، واالجتامعي

واستغالل االجتامعي، املجال عىل داعش انقضاض آليات تحليل

فرصة فراغ السلطة، وتعرف آليات إدارته لألشياء والبرش، وطرائق

الوحشية عليهام. سيطرته

يعمل عبد الجبار، يف الفصل األول من الكتاب، عىل اشتغال الدولة

الناظمة العالقات اختالل من منها نتج وما التسلطية، العراقية

إليه آلت الذي املآل ليكشف املتعددة، والهويات واألمة للجامعة

الدولة يف تفكيكها بنى املجتمع وهتك جسده وروحه، لتساعد بذلك

توج أن إىل وأخطارها، نشاطها وتفاقم التكفريية، الحركات منو يف

الثاين والثالث، فيصب املؤلف الفصلني أما يف الخالفة. ذلك بإعالن

يف وأيديولوجيته"، التكفريي "التيار موضوع عىل التحلييل جهده

"الدولة أيديولوجيا بالتحليل فيتناول الخالفة"، "دولة إىل تحوله

وتحول الخالفة، فكرة إحياء إىل قادت التي والبواعث اإلسالمية"،

لكن اآلن". "الخالفة لشعار الفوري التطبيق إىل التكفريي التيار

القدمية، "بل الفكرة الخالفة مل يكن وليد هذه التنفيذ اآلين لفكرة

لفية العراقية نفسها، نتاج الدخول العام للكادر كان نتاج مسار الس

العسكري – التكنوقراطي من الحقبة البعثية (إىل السلفية الجهادية)

من واألهم: 'الضالل'، من ومنقذا مالذا الفكرة هذه يف وجد حني

االنحسار والنسيان" (ص 55).

باأليديولوجيا وعالقتها الرموز دراسة يف الرابع الفصل واستغرق

قبل وتفاعالته، السني، املحيل املجتمع مخيال وتحليل التكفريية،

ويتفحص وبعده. السنية، املدن عىل اإلسالمية" "الدولة استيالء

الذي يسميه أمام داعش، املحيل املجتمع الخامس مخيال الفصل

الفصل 29). ثم ينرصف من الالدولة" (ص الفاشلة: "دولة الدولة

واالجتامعية، امليدانية املعاينة إىل العارش الفصل إىل السادس

والتنقيب عن املفاهيم واألساليب واآلليات التي استخدمها داعش

الفصول، تلك إىل يضيف ثم عليه. والسيطرة املجتمع إنهاك يف

122 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

املحيل املجتمع أحوال ميدانيا ح ترش مالحق والكثيفة، الغنية

الباحثني من بكثري االستعانة خالل من داعش، سيطرة أثناء يف

املخيال لتحوالت مكثف بعرض كله ذلك يختم ثم املساعدين،

إىل جــرت التي اإلرهــاب عىل الدولية الحرب إطــار يف املحيل

الرصاع عىل أرض العراق، إضافة إىل املخاوف واآلمال التي تحملها

املحلية. االجتامعية القطاعات

يركز الكتاب عىل كشف زيف الفرضية التي تعاملت مع "الجامعة

الحامل االجتامعي لتوجهات داعش" (ص 28)، أنها السنية عىل

املجتمعات حال تشخيصها يف مغلوطة تصورات هذه معتبا

تحليله يف فيخلص املشكالت، تجزئة عىل تعتمد وأنها املحلية،

املجتمع عن صورة ليس داعش أن مفادها مهمة نتيجة إىل

، وال هو معب عنه، أو صورة عن متثالته، بل إن األمر برمته املحيل

يعود إىل فشل النخبة الحاكمة يف بناء دولة املواطنة التي ميكنها

لتيار الفشل هذا هيأ وقد تنوعهم. عىل الجميع، تحتضن أن

العربية أيديولوجيا الخالفة، موجودة بذوره أصال يف املجتمعات

ويف والسالح. بالتنظيم مستقويا املشهد، يتصدر أن اإلسالمية،

السيايس االجتامع عاشها التي العميقة األزمة كانت الخالصة،

العراقي هي التي هيأت األرضية لبوز داعش. يقول عبد الجبار:

إىل تحال ولكنها املحيل، املجتمع قبول نتاج (داعش) "ليست

مجتمع بناء يف الدولة إخفاق هو أولهام أساسيني: إطارين

هو والثاين د، بالتعد املؤسسايت - الفعيل قبولها ويف تعددي،

املجتمعات يف الخالفة أيديولوجيا يحمل اجتامعي تيار وجود

العربية اإلسالمية - ومنها العراق - منذ أمد بعيد، بل إن انتقال

(الدولة/ إعالن لحظة إىل العنف لحظة من التكفريي التيار

احتجاج سياق يف العراقية الدولة بإخفاق مرهون الخالفة)

قبل الجبار، عبد تناول لذلك، 28)؛ عليها" (ص املحيل املجتمع

االستبدادية - التكفريية، داعش عامرة عن الكشف يف انخراطه

املمهدات التي أسست البيئة املالمئة لصعود داعش؛ بفعل إدارة

االحتالل األمرييك للعراق، فـ "ما حصل بعد عام 2003 هو انتشار

تسييس الهويات املذهبية عىل نطاق جامهريي ]... الذي[ أكسب

الهويات الجزئية زخام هائال، تزايد حني ارتبط برصاع النخب يف

السلطة واملوارد، وذلك لحظة رشوع سلطة االحتالل القمة عىل

يف عملية تكوين الدولة الجديدة التي أقامها دون إرشاك جميع

عىل التفاهم اقترص ، جيل اختالل عىل وقام املجتمع، أطراف

تفاهم شيعي - كردي"(19).

19 املرجع نفسه، ص 47.

السلفية الطائفية، وتغذية أسس هذا لوضع مالئم النفجار املسألة

الجهادية، ومن ثم، "بعث الحياة" يف جسد داعش الذي كان ينمو

حذر بني وخبت صعدت التي اإلسالمية" العراق "دولة قلب يف

والخوف والتهميش، بالتضييق الشعور مواجهة يف السني املجتمع

من "دولة العراق اإلسالمية". من هنا، لجأ املجتمع السني إىل مرشوع

"الصحوة"؛ للتخلص من مامرسات "أبو مصعب الزرقاوي" وتالميذه،

وخيارهم اإلرهايب الطائفي.

نوري ء بتبو العراق يف السيايس الوضع أصاب أن التغري لبث ما

يف املاليك ورشوع االحتالل، قوات خروج ثم الحكم، سدة املاليك

نبذ "الصحوة"، ورفضه انخراطهم يف املؤسسات األمنية والعسكرية؛

ل ونكوص، اغتنم تنظيم "دولة فمنذ عام 2012، وهو يعد عام تحو

العراق اإلسالمية" ما عده الفرصة الكبى للعودة إىل الساحة العراقية

ها يف فرض استجابة من خالل فشل االعتصامات التي كانت عىل أشد

إىل الشباب واتجه العاصف، "الغضب فتفاقم ملطالبها، الحكومة

ي، فعملت (داعش) عىل اإلفادة من الغضب املحيل لجذب التحد

بحملة اقرتن متددها أن لبث وما التجنيد يف صفوفها. إىل األهايل

السنية" الهوية شأن وإعالء الشيعة، ضد سافرة طائفية دعائية

خالص عن يبحث املحيل املجتمع كان حني يف ،(154-153 (ص

وليس عن مخلص.

رابعا: الدولة الفاشلة ممرا لداعش

شعبية حاضنة من هناك ليس أن البداية، منذ الجبار، عبد يؤكد

استدعت صعود داعش وأمثاله من تنظيامت تكفريية، وأن ما قاد

سلمي تفويض أسس عىل بناء رشعيتها يف الدولة إخفاق ذلك إىل

دميقراطي، ومقاومة النخب الحاكمة ألي تغيري، واستخدامها العنف

القدمية الدولة ميل هو كلها الحاالت يف املشرتك وأن السافر،

وعجزها التسلطي، االحتكار إىل (العراق) الجديدة أو (سورية)

أو الهويايت، املجتمعي بالتعدد القبول عىل – اعرتاضها - أو عن

القبول بالتعدد السيايس (ص 35، 36). ويرى أن هذا يعادل القول

األمر االحتالل زاد وقد .(36 (ص األمة" بناء يف الدولة "إخفاق بـ

حني ذلك وتزايد هائال. زخام الجزئية الهويات فاكتسبت تفاقام،

سياسات أفضت وقد .(55 السلطة (ص عىل النخبة برصاع ارتبط

املاليك الناتجة من رغبته يف احتكار السلطة إىل تفكيك املجتمع، عىل

قاعدة تأويل مقلوب ملفهوم األغلبية: من كونه مفهوما سياسيا إىل أن

يكون مفهوما ثقافيا – طائفيا.

123مراجعات وعروض كتب

"دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع المحلي في العراق("

عقالنية، غري أخرى خيارات لبوز املجال السياسات هذه فتحت

مسلحا داعش أت حينها التغيري. طريق سلوك تدعي وعنيفة،

"رمز املعارصين اإلسالميني من لتيار تبدو التي الخالفة بفكرة

املايض إنها مقبل. مجيد تاريخ بناء ويوتوبيا ع، مضي تليد تاريخ

استعادة هي الخالفة طلب علة لكن مكني. اتحاد يف واملستقبل

الدولة، واستعادة الدولة رشط أساس الستعادة اإلسالم نفسه. من

هنا تالزم فكرة الخالفة وفكرة الدولة، وتالزم فكرة الدولة ومطلب

األسلمة" (ص 55).

إن الحلم بعودة الخالفة يف الجناح السني، أو عودة املهدي يف الجناح

الشيعي، فكرة قدمية، تنبجس أحيانا عىل حني غرة، فلم تكن الخالفة

يف القرن التاسع عرش موضع نقاش. وحتى اإلصالحيون جمعوا بني

املسألة عىل خلفية برزت ثم والخالفة، الحديثة الدستورية النزعة

مبدأ إىل املقدسة الخالفة من فانتقلنا العثامنية، الخالفة انهيار

الجمهور الدنيوي (ص 59)، كام أن اإلخوان املسلمني، وجل الحركات

تقي باستثناء الخالفة، ال اإلسالمية، الدولة بشعار تلهج اإلسالمية،

الدين النبهاين (حزب التحرير) الذي متسك بالخالفة، ومببدأ السيادة

القاعدة أولوية لدى تنظيم الخالفة ذات للرشيعة. وكذلك مل تكن

بقدر أولوية استهداف الواليات املتحدة األمريكية.

بعد احتالل الواليات املتحدة العراق أصبح السلفي الجهادي العراقي

مياال إىل االستحواذ عىل الدولة؛ لبناء دولة عىل أنقاض "دولة الشيعة"،

ولتوجيه الجهاد ضد االحتالل، يف حني كان املجاهدون الغرباء، وعىل

رأسهم الزرقاوي، يرفضون إنشاء أجهزة مركزية، ويرفضون فكرة الدولة،

يقول: إذ الشيعة؛ مقارعة إىل ميال أشد وكانوا الجبار، عبد بحسب

"فكرة (الدولة اآلن) و(الخالفة اآلن) فكرة عراقية، ولدت وترعرعت

يف الوسط التكنوقراطي العراقي: العسكري واالستخباري واملدين ]...[

بعد عام 2003 ]...[ لذا فإن إعالن (دولة العراق اإلسالمية) يف ترشين

األول/ أكتوبر 2006، ثم إعالن دولة الخالفة يف عام 2014 مل يأت من

فراغ. إنه قران فريد بني اللحظة العراقية واملوروث األيديولوجي لفكرة

الخالفة عىل امتداد القرن العرشين. ولعل مرصع الزرقاوي أزال عقبة

كبى أمام املرشوع الدولتي العراقي" (ص 73).

ونحن ال نوافق عبد الجبار عىل هذا الرأي؛ ذلك أن الزرقاوي وتالمذته

بها؛ الدولة واهتموا روا يف الشواهد، فك يفيد كثري من العرب، كام

ولهذا السبب، كال أبو عمر البغدادي وأبو بكر البغدادي املديح لهم.

وفقهه، داعش أيديولوجية سب إىل ذلك، بعد الجبار، عبد ينتقل

هدف هو السيايس ــالم اإلس حركات مع يجمعه ما أن فــريى

إسالمها أصيب جامعات من األفراد نقل أي املجتمع"، "أسلمة

بالخلل، ما بني الجهل والكفر، إىل اإلسالم الحق أو الصحيح؛ إذ يقول:

لتنوع رحبا مجاال الجاهلية مبقولة األسلمة مفهوم ترابط "يفسح

والرتهيب، االغتيال إىل والتثقيف، التوعية من الحل: مقاربات

لحظة السلطة، االستيالء عىل إطار عنفا يف أكرث أعامل إىل وصوال

مسار ذلك ويصاحب .(83 الجاهلية" (ص مبقولة الحاكم شمول

متشابك من مفاهيم الحاكمية والجاهلية والتكفري والجهاد، يجمع

املودودي بسيد قطب بعبد السالم فرج، وصوال إىل أيب بكر ناجي،

وتجهيل الدولة، تكفري إىل وصوال التوحش، إدارة كتاب صاحب

املجتمع، وتقدم العالج بحروب دينية.

الفكرية واملصادر املقوالت خلو هؤالء من داعش مييز ما إن

بكر (أبو "التوحش" مفهوم محله ليحل "الجاهلية"، مفهوم من

ناجي)، و"فقه الدماء" (أبو عبد الله املهاجر)؛ فداعش يعتمد فقه

الدماء، فهو فقه أما كتاب له، التوحش "دستورا" الدماء وإدارة

"يبيح له إجازة قتل املرشكني، وقتل املسلمني عرضا، ممن ال يجوز

منطلقا ،(85 (ص االنتحارية)" (العمليات النفس وقتل قتلهم،

دار إىل تحول وقد الردة، وحد الكفر بني العامل أن فرضية من

التوحش، فهو يصف مرحلة إدارة قتاله. وأما كتاب يبيح حرب،

يسميها عبد الجبار "أخطر مرحلة ستمر به األمة بعامل السياسية

واإلدارة العسكرية – املدنية، أي: رسم إسرتاتيجية عاملية – محلية

عبد ويرى .(87 (ص تنفيذها" وسبل مقوماتها، ورشح للرصاع،

متثل التوحش) وإدارة الدماء، (فقه الكتابني خالصة أن الجبار

الفضائل فضيلة مرتبة إىل به واالرتقاء الخالص، للعنف "متجيدا

]...[ وموضوعاته األيديولوجية هي أخالط إسالمية - قومية، ميتزج

الطائفية" (ص والكراهية الديني بالتعصب األجانب رهاب فيها

"منظومة كونها عىل تقترص ال أيديولوجيا، بوصفها وهي .(91

تنطوي ولكنها فيه، الفاعل الجامعة/ وموقع العامل لتمثل أفكار

االنتشار أما ]...[ باآليت الحلم قوامها أيضا، يوتوبيا خالصية عىل

هو عامل الرسديات؛ أو التأسيسية، األساطري من بعامل فيتحقق

وتجسيدات بالقدسية، مشحونة تاريخية رسديات من مزيج

قبيل من 92)؛ (ص بالرموز" مدعمة الرسديات لكن مادية.

الرايات السود، والعامئم السود، والبدالت السود التي ترتفع فوق

القدم، مضافة إليها شعارات "باقية وتتمدد"، و"صليل السيوف"،

و"الرشيعة"، و"األمة"، و"الخالفة"، مع اإلحالة عىل املايض املجيد:

من الدولة العباسية، والنسب القريش، والحرص عىل أسامء تراثية،

بها، مهدوي زمن التصاق مع والنبوة، الخالفة عامل إىل إضافة

القوة والجبوت، والذبح االستعرايض وعروض عسكرية ترمز إىل

(ص 99-92).

124 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

خامسا: مخيال الجماعة السنيةاألسطوري، املرعب الغريب داعش، لعامل التفكيك هذا مقابل يف

التاريخي، واالستقصاء والتفكيك، بالتحليل الجبار عبد يتعرض

واملعاينة املبارشة، للتعرف إىل "مخيال الجامعة السنية"، عشية بروز

مه بالعباد، فيتمكن، عب ذلك، من اإلجابة عن داعش، ويف أثناء تحك

سؤال يخيم يف األفق: هل هذا املخيال هو حاضنة داعش ومرضعه؟

ومن أنتج داعش وصنعه؟ وكانت إجابته عن هذا السؤال حاسمة:

إن فشل النخبة السياسية يف بناء دولة املواطنة هو الذي هيأ األوضاع

لوالدة داعش العسرية.

إن أول ما يظهر يف دراسته لهذا املخيال أنه وليد أزمة، بدايتها مع

صدام لحكم مذلة هزمية من منها نتج وما الثانية، الخليج حرب

ثم املشهد، واجهة هذه للعراق. أمرييك وتدمري التسلطي، حسني

مشكالت تفاقمت ومعها وتالحقت، والهزائم األزمــات تراكمت

العراقيني يف ظل تفاقم االستبداد والحصار، وتوج ذلك بالغزو األمرييك

للعراق. وعن ذلك يقول عبد الجبار: "لعل عام 1991 يشكل نقطة

بداية معقولة للدراسة. فهو عام الهزمية العسكرية يف حرب الكويت

التي قوضت الدولة العراقية، وهو عام نشوب متردات مسلحة ضد

وافرة قرائن ظهرت حينها ومن .(112-111 (ص البعثية" الدولة

نحو يتجه أخذ ]...[ الكبى املدن يف السني املخيال أن إىل "تشري

]...[" (ص 112). ويف العام ابتداء من ذلك تشكيل (هوية سنية)،

ن الخصوم السياسيون حكام سلبيا، غدت لديهم املناطق املقابل، كو

منها الخالص، الرش "موطن كأنها األغلبية السنة فيها يشكل التي

تأيت املفخخات؛ ومنها يأيت املتطرفون، ومنها تأيت عرقلة أي مرشوع

'دولة أسست وفيها 'داعــش'، جاءت ومنها واملصالحة، للتهدئة

الخالفة'" (ص 112).

م عبد الجبار صورة لنشوء هذا املخيال وتطوره يف سياق التاريخ يقد

املأزوم، فقد خضع بطريقة عجائبية يف تاريخه التكويني، وبقي هذا

التحول محتدما منذ عام 1991. وتركز الخوف، قبل عام 2003، عىل

الدولة وليس منها، والخوف من قيام مترد عليها. ولعله ممكن "اعتبار

سة، ولكن ذلك يقوم حينئذ ذلك أول تجل للهوية املذهبية املسي

الحال لكن للدولة" (ص 116-115). العلامنية الهوية قاعدة عىل

يصبح أكرث احتداما بعد االحتالل األمرييك، وترتيب البيت العراقي

عىل أسس طائفية.

كان املجتمع السني حتى مجيء االحتالل مجتمعا متدينا محافظا.

لكن ال توجد فيه سوى "أنوية سلفية ذات تأثري محدود ]...[ وبداية

املسواك" استخدام وشيوع القصرية، والدشداشة اللحية انتشار

والعوز التسعينيات، اإلميانية يف الحصار، والحملة (ص 120-119).

األيديولوجيا انهيار أبرزها تغريات، خلق ذلك كل الدولة، وتفكك

العربية، واإلحساس بالخطر عىل الدولة (ص 121)، وجرى يف املقابل

املجال يف تروج وبدأت سياسية. مذهبية - هوية عقال "إطالق

الصفويون"، أيها "العراق عريب قبيل السني شعارات، من السيايس

ويقصد منها إدانة مبارشة لشيعة العراق بتوصيفهم غرباء. ويضيف

والتكفرييني (البعث) بني االنتقامي التقارب مهد "ثم الجبار: عبد

لبناء هوية طائفية سنية محاربة" (ص 129).

ويرى عبد الجبار أن مسار الهوية انطلق عام 1991، من الدفاع عن

ثم السنية، الجامعة الدولة، الدفاع عن جامعة إىل الجامعة، دولة

انتقل إىل املعارضة املسلحة يف الفرتة 2004 - 2006، ثم إىل الصحوات

الفرتة 2006 - 2008، ثم تفككت عىل يد املاليك بدعم أمرييك خالل

املتواقت مع الشعبي، الحراك راوح الفرتة 2011 - 2012، وأخريا، يف

الربيع العريب، يف فلك املاليك الضيق، بال طائل، فانتهى "هذا الوضع

وعودة ،2014 عام يف الخالفة) (دولة بيد الكبى املدن بسقوط

املجتمع السني إىل نقطة البداية" (ص 134).

كانت حقبة املاليك، بحسب عبد الجبار، مبنزلة الفيصل يف التحول

اخرتاق لداعش وهيأ ة، السن لدى منتهاه إىل اليأس أوصل الذي

املشهد، وأدى إىل هزمية الجيش من دون خشية من عداء الجامعة

الطائفية، باسم الدعوة) (حزب املاليك م "حك يقول: إذ السنية؛

الضيقة دائرته مع حكم ثم الدعوة)، (حزب باسم النخبة وحكم

يخرق أن إىل قاده وهذا النخبة"، باسم وانسباؤه أحمد (ابنه

"أربعة أسس للدولة-األمة: مبدأ املشاركة ]...[ بوصفه أساسا لبناء

]...[ ]...[ ومبدأ الحكومة االئتالفية إثنيا ودينيا أمة غري متجانسة

التمرد ومكافحة النزاعات حل ومبدأ ]...[ البملاين النظام ومبدأ

واستعبد ،(143 (ص املحلية" املجتمعات زج يوجب الذي ]...[

وشخصن الشيعية، وحتى والسنية الكردية الزعامات الجميع،

ترتيبات تفكيك ثم عمل عىل به، إلحاقها بعد السلطوية األجهزة

مكافحة التمرد كلها (ترسيح الصحوات)، وإقامة ما يشبه االحتالل

واملداهامت االعتقاالت "كانت فـ السنية، للمحافظات العسكري

قادة من كثريين االعتقاالت وشملت ]...[ يوميا زادا التعسفية

رفعت وعندما داعــش. حاربوا الذين ،(145 (ص الصحوات"

،2012 عام السلمية مطالبها السنية األغلبية ذات املحافظات

مل تجد من املاليك سوى الصد والقمع، فلقد تراجعت لديه "فكرة

دحر وعندما .(151 (ص األمني" الحل فكرة وتقدمت الحوار،

125مراجعات وعروض كتب

"دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع المحلي في العراق("

العريب، الربيع املتواقتة مع السلمية، االحتجاجية الحركات املاليك

خيم نوع من االحتجاج العدمي، ال يركن إىل يشء، فأصبح يف عام

2015 "يتسم برفض كل يشء، رفض داعش، رفض الدولة (الشيعية)،

ة يف املركز، رفض الحشد الشعبي (الشيعي)، رفض السياسيني السن

رفض رجال الدين، ورفض رجال الدين السياسيني" (ص 111).

مخيلة يف حامت اليأس، عىل يبعث الذي املحتدم الوضع هذا يف

الواقع، وبديال متخيلة، تعويضا عن السنية فكرة خالصية الجامعة

منه، لكن مل يخطر يف مخيلتها أن تكون الجامعات السلفية الجهادية،

أو تنظيم "دولة العراق اإلسالمية"، فارسا للخالص؛ يقول عبد الجبار:

"جاءت فكرة الخالص يف صورة وعد وبشارة انترشا يف املوصل وبعض

وشيوخ (البعث) يقودها شعبية ثورة نشوء بقرب األنبار مدن

تكون وأن ]...[ الوجهاء وبعض السابقون والعسكريون العشائر

من اتعظت التي ]...[ كتائبها من كتيبة اإلسالمية الدولة كتائب

داعش إىل يتطلع مل املحيل فاملجتمع ]...[ وأخطائه املايض دروس

]...[ بل لو حصلت ثورة جامهريية ال عالقة لإلسالم بها، لحصلت عىل

تأييد كبري" (ص 152). غري أن دولة الخالفة اغتنمت الفرصة الكبى

الشباب أمزجة واتجهت العاصف، الغضب احتدام مع للعودة،

ساحات يف بالظهور األسلحة بعض وبدأت والعنف، التحدي نحو

السلطة انهزام السني املكون "استقبل الوضع هذا يف االعتصام.

معنى الرتحاب هذا يحمل يكن مل ،(2014) بالرتحاب (الشيعية)

التأييد لبنامج داعش وال لخططها، كان ذلك نوعا من التشفي بزوال

ف، وهو تشف عام، حتى عند خصوم (الخالفة)، لكن قصري متعس

األجل ]...[ تيش الواقعة مبدى اليأس الذي أصاب املخيال السني من

ة" (ص 133). حصول انفراج يف أوضاع السن

يف األمة تشكيل "يتوقف اآلتية: الفرضية من الجبار عبد ينطلق

بال منها واحد والعراق املتجانسة غري املجتمعات حاالت يف دولة

أوسع عىل والثقايف واالقتصادي السيايس الفضاء انفتاح عىل ريب

مشاركة ممكنة. وغياب هذا الفضاء املفتوح محنة كبى، بل معضلة

انقسام عن ناشئا األمة الدولة - اضطراب كان إن يهم وال كبى.

إثني، أو انشطار ديني/ مذهبي، أو انقسامات قبلية أو جهوية، أو

ه بعض هذه االنقسامات أو كلها، فالنتيجة واحدة، توليد كائن مشو

اسمه: الدولة الفاشلة" (ص 50). يف هذه الحال، تخفق هذه الدولة

به. الناس رضا مع العنف وسائل احتكار ويف الرشعية، كسب يف

بناء إخفاق بني البنيوي الرتابط عىل الجبار عبد يشدد ثم، ومن

ر أمام أنظار الجميع يف األمة - الدولة وصعود داعش، وهو مثال تكر

سورية (ص 52-51).

م م، فقد مل متض أيام عىل سقوط املوصل حتى رشع داعش يف التجه

تبدأ التي املدينة" "وثيقة باسم واإلدارة م للتحك برنامجه للسكان

الرافضة، سجون من األرسى وتحرير الربانية، بالفتوحات بالتذكري

العيش، وبرغد بالحسنى، واألخذ الخالفة"، "أمجاد والعمل إلرجاع

والحض عىل صالة الجامعة، ثم تبدأ بالوعيد والتحرميات، فتفرط يف

لغة العقاب، وتحرم التعدد الفكري، وتلغي القوانني الوضعية.

عمل داعش عىل طرد الشيعة وأفراد اإلدارة، أو قتلهم، ونكل بأتباع

الديانات األخرى، من سبي، وإكراه عىل اإلسالم، وحض عىل الوشاية.

وشيئا فشيئا، بدأت ألوان الحياة يف التغري. صار األسود واألبيض دالني

عىل انقسام عامل الخالفة إىل قوة عقاب وقوة نصح. األسود للمقاتلني،

واألبيض لرجال الحسبة.

"املحاكم يسمى ما فأنشأ بقوانينه، وتقدم املحاكم، داعش أغلق

القضاة كحال بال عمل؛ أنفسهم املحامني آالف ووجد الرشعية"،

ليتوىل فأعدموا، منهم، كبري بعدد الردة تهمة داعش ألصق الذين

عنارصه وظيفة القضاء.

تكاثرت التحرميات واألحكام القاسية، يرافقها املحتسب الذي يحض

ب املحرمات تحت طائلة العقاب الصارم. فالحسبة الناس عىل تجن

ذ وتنف املخالفات. اص قن بل اليومية، الحياة يف الدولة "عني هي

الحسبة ويتميز رجل ]...[ تنوعه القتل عىل الجلد، وأحكام أعامل

بردائه األبيض، وشخصه مثال للجالفة والصلف والقسوة" (ص 179).

وتعرضت النساء لتحرميات أشد قسوة وتفصيال، من حجاب ونقاب،

واالتصال الفرجة لوسائل كراهيته داعش ومارس ذلك. إىل وما

والستااليت، فأغلق محالتها (ص 179).

يطلق عبد الجبار عىل داعش صفة "الخالفة الريعية"، فهي تعتمد

عىل ريع النفط أساسا، وتتميز، إىل جانب ذلك، بثالث سامت، فهي

ذلك مقتديا يف بدائية، ورأساملية العقالنية وغنائم، دولة رضائب،

مباكس فيب.

للمصادر جردا ينظم أن الجبار لعبد امليدانية املسوحات أتاحت

اقتصاد من كبريا شطرا متثل التي الغنائم فهناك لداعش؛ املالية

الدولة اإلسالمية، وهي تشمل مصادرة الودائع النقدية من املصارف،

اآلثار وتهريب العراقي، الجيش أسلحة مستودعات ومصادرة

كان املوارد من األكب الشطر لكن العقارات. ونهب واملخدرات،

يتدفق من املعونات الخارجية (ص 205-202).

مع داعش تعامل عن متحركة صورة يقدم أن الجبار عبد حاول

يف الفضىل قاعدته عليها يطبق التي املختلفة االجتامعية الفئات

126 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

النهب "الغنيمة" والقرس. وينطبق هذا األمر عىل فئة رجال األعامل

الذين منهم من هرب ناجيا بجلده، من دون انتظار مرارة التجربة

البقاء. اختار أو البقاء، عىل أجب من ومنهم داعش، حكم تحت

والتجار) والصناع (املقاولون األعامل رجال أغلب ترك هذا، وعىل

رشكاتهم يف صالح الدين واألنبار، وبقيت يف املوصل مجموعة صغرية

من املقاولني والتجار.

العمل. فرص غابت ولكن سابقا، املسترشي الفساد زال ثم، ومن

الحسبة. مسؤويل جانب من األسعار يف التدخل نسبة وازدادت

وانهارت األعامل الكبى؛ بسبب النزوح والهجرة (ص 263-261).

وباال ومكانتهم العشائر رؤساء بدور داعش اهتامم كان رمبا

ليد، ويدا مبارشة، العشائر رؤساء إبالغ عىل فلقد حرص عليهم،

الجبار عبد ويخترص الخليفة. لبيعة البيعة؛ ديوان إىل للحضور

تقرير الحال بقول يردده األهايل: إن املنتمني إىل دولة الخالفة، من

بني أبناء املحافظة، هم قلة قليلة، بضعة آالف إزاء ماليني، وإنهم

فكان .(265 (ص أخالق بال أشخاص ومن هامشية، عوائل من

ال بد من أن يحدث صدام بني منطق القبيلة وقيمها وهويتها من

جهة، وداعش من جهة أخرى. ويشري عبد الجبار إىل أن التصادم

أنتج اإلسالمية، العراق دولة وتنظيم القبلية، الشبكات بقايا بني

داعش، مع األمر وتكرر قبل. من لها املضادة الصحوات حركة

وهي وثقافته، املحيل املجتمع مصالح تعكس القبلية فالشبكات

ثقافية، وقيم واجتامعية، واقتصادية سياسية دنيوية، مصالح

للتكفريي. األيديولوجية املنظومة أحيانا مع تقف يف تضاد صارخ

فالقبيل يعيش عىل العرف، والتكفريي يعيش عىل التفسري املتزمت

أن عن فضال ،(286-285 (ص كبرية بينهام والفجوة للرشيعة.

دا تشد اإلسالمية) و(الدولة القاعدة)، (تنظيم د تشد "مناوأة

مفرطا يف أمور الدين وتجاهلها العادات واألعراف، هي أحد منابع النزاع، ليس مع األوساط القبلية، ولكن أيضا رجال الدين املحليني"

(ص 288-287).

وكان ال بد لداعش، ساعة أصبح سلطة استبدادية شمولية، من أن

يويل تلقني الناس إسالمه، أو صورته عن اإلسالم، عناية فائقة، وهي

لقن إذ األخري؛ الكتاب فصل يف عنايته، الجبار عبد أوالها مسألة

مبوازاة ضبطه اإلسالم، عن الشبان، صورته سيام وال الناس، داعش

الجامعة املحكومة لديه بالسالح، وبالتنظيم اإلداري واألمني، فكان

العمل وحفظ البريوقراطية وتنظيم باإلدارة الخالفة) "هوس (دولة

االستامرات مفرط، يعيد إىل األذهان سري عمل األجهزة البريوقراطية

يف ظل التوتاليتارية" (ص 335)، ويف املقابل تقدم دروسهم الدينية

القتال)، وهو النبي محمدا "املرسل رحمة للعاملني باسم (الضحوك

اسم، أو وصف يشري إىل مريض باإلجرام ال إىل نبي، ويقدمون الله

(الرحمن الرحيم) بصورة اإلله املتجهم الذي ال يبتسم إال عندما يرى

الرؤوس تتطاير بأيدي املسلمني" (ص 348).

في الختاماملجتمع يف النظر ا أمعن "كلام أنه بحق، تأكيد، الجبار عبد يعيد

يحيلنا و]...[ لـ (داعش). الحاضنة مقولة تفككت السني املحيل

]األمر[ عىل الدولة الفاشلة يف بناء األمة أو إعادة بنائها" (ص 369).

البغدادي عمر أيب أيام تعلن مل الخالفة أن إىل عبد الجبار وينبه

البغدادي، بكر أيب قيادة ظل يف أعلنت لكنها ،(2010-2006)

من عمليا العراقية الدولة وانسحاب السورية، الدولة انهيار بعد

التكفريية، القوى نهوض ولحظة أزمة لحظة إنها السنية. املناطق

بتعبريات عبد الجبار الذي يقول إن ذلك تواقت مع تضخم فكرة

الخطر الوجودي الذي يتهدد الجامعة السنية يف املخيال الجمعي،

تنبأ وقد .(373-372 (ص الشعبي الحشد تشكيالت بروز إثر يف

موته بذور يحمل فهو الخالفة، دولة تنظيم بأفول عبد الجبار

الخالفة) (دولة "إن بخنقه: الكفيلني األعداء كاثر إذ داخله؛ يف

األول آخيل، كعب من أكرث لنفسها خلقت وإنها لها، مستقبل ال

نة ]...[ فأعادت سياسة الجامعة (النقية) التي أنزلت العقاب بالس

الثاين آخيل وكعب ]...[ الصحوات أيام املخفقة سياستها تطبيق

إثنيتني ومذهبيتني: األكراد والشيعة أنها استعدت أكب مجموعتني

]...[ وأخريا الطابع الريعي الطاغي عىل مواردها"(ص 380-379).

وأزمته أن ال خالص من محنته، مفاده بتأكيد الجبار عبد ويختم

املستدامة، إال بسلوك "الطريق الوسطية العابرة للطوائف. وتشكل

السليامنية ومدينة الجنوب ومدن بغداد يف االحتجاج حركات

نصيحة أن ويبدو .(380 (ص الطريق" هذا عىل جلية دالئل

يف أمعنت التي العربية البلدان لكافة تصلح تلك، الجبار، عبد

متزيق عرى املواطنة لشعوبها، واتخذت طريق االستعامر املعروف

بـ "فرق تسد".

يف بالغ أنه هو الكتاب هذا عىل نضعها التي األساسية املالحظة

أغلب ففي العربية، الثقافة يف بالخالفة يؤمن تيار وجود تقدير

ومل الطوباوية، من نوع أو حلم، سوى الخالفة تكن مل األوقات

تتحول إىل مرشوع سيايس إال عىل نطاق ضيق جدا (تفرد بها حزب

ما مجال يف فوضعتها اإلسالمية، الحركات أغلب أما التحرير).

السياسية، اإلسرتاتيجية، وبقيت هدفا يف آخر مرمى لخططها بعد

127مراجعات وعروض كتب

"دولة الخالفة: التقدم إلى الماضي ) 'داعش' والمجتمع المحلي في العراق("

هذه عىل الطلب يزدد ومل املسلمني. اإلخوان عىل ينطبق وهذا

الفكرة، إال يف أثناء األزمات الكبى التي يجد فيها الجمهور نفسه

دميقراطية؛ سلمية بطرق التقدم عليه يتعرث تاريخي، احتباس يف

لذلك بقيت الدعوة إىل الخالفة عىل هامش األحداث يف املنتصف

الليبالية، وبقيت املايض، يف زمن دولة االستقالل القرن األول من

إىل الخمسينيات من العربية، الفكرة صعود مرحلة يف هامشية

السبعينيات. لكن مع هزمية 5 حزيران/ يونيو 1967 رشعت الفكرة

الهزائم تعاقب مع داعش صحبة يف بقوة أطلت ثم الرواج، يف

والكوارث، مع الحروب التي انتهت باحتالل العراق، وفشل الدولة

يف حامية املواطن والوطن.

ا؛ ذلك أنه، عىل ويف كل األحوال، قدم عبد الجبار دراسة مهمة جد

األقل، أجاب بالنفي عن سؤال تردد كثريا، هو: هل من قاعدة اجتامعية

ثابتة لداعش يف اإلسالم السني؟ معززا نفيه بالباهني الحاسمة.

المراجعالحياة". جبهة عىل املقاتل الجبار عبد "فالح شوقي. األمري، عبد

http://bit.ly/2Vj2biQ :الفيصل، 2018/5/1. يف

عبد الجبار، فالح. ما بعد ماركس. بريوت: دار الفارايب، 2010.

________. العاممة واألفندي: سوسيولوجيا خطاب وحركة االحتجاج

الديني. ترجمة أمجد حسني. بريوت/ بغداد: منشورات الجمل، 2010.

________. يف األحوال واألهوال: عن املنابع االجتامعية والثقافية

للعنف. ط 2. بريوت: الفرات للنرش والتوزيع، 2008.

وحركات خطاب سوسيولوجيا واألفندي: "العاممة محمد. عثامين،

http://bit.ly/2Hj9Hqj :االحتجاج الديني". إضاءات. 2018/11/1. يف

والرمزية األيديولوجية البنية تفكيك الخالفة': "'دولة خليل. عناين،

والسياسية لـ 'داعش'". مجلة عمران. العدد 24 (ربيع 2018).

*Marwa Fekry | مروة فكري

مصالحات غير مكتملة: قراءة نقدية في كتاب "ثورات لم تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي"

Incomplete Reconciliation: Critical Review of "Unfinished Revolutions: Yemen, Libya, and Tunisia after the Arab Spring"

128 ددعلألا

128 اراأ أ رايأرايأ

* أستاذة العلوم السياسية، كلية االقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة* Professor of Political Science, Faculty of Economics and Political Science, Cairo University

.Unfinished Revolutions: Yemen, Libya, and Tunisia after the Arab Spring :عنوان الكتاب يف لغته

عنوان الكتاب: ثورات مل تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العريب

املؤلف: إبراهيم فريحات.

سنة النرش: 2016.

.Yale University Press :النارش

عدد الصفحات: 304 صفحة.

129مراجعات وعروض كتب

مصالحات غير مكتملة: قراءة نقدية في كتاب "ثورات لم تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي"

مقدمةبعد مرور مثاين سنوات عىل ثورات الربيع العريب، نجد أنفسنا أمام

التحول مسار أن نجد التونسية، التجربة فبخالف مشكل. واقع

الدميقراطي يف دول الثورات العربية قد تعرث تعرثا كبريا، ونتجت منه

العنف التي تراوح درجة التفكك واالستقطاب املجتمعي حالة من

املصاحب لها من حالة إىل أخرى. ولذلك، يجب أن نتوقف ونتساءل

عام حدث من خطأ، واألهم هو التساؤل عن الكيفية التي ميكن بها

تصحيح املسار؛ وهنا تظهر املصالحة بوصفها قضية أساسية لتعديل

الثورات. أجلها التي قامت من األساسية األهداف املسار، وتحقيق

ومتشابكة، معقدة فإنها القضية، هذه أهمية من الرغم وعىل

وخالفية يف الوقت ذاته.

ومن هنا، يناقش الكتاب املصالحة من خالل الرتكيز عىل حاالت ثالث

أساسية من دول ثورات الربيع العريب، هي: تونس، وليبيا، واليمن.

ويقدم مادة ثرية العتامده عىل عدد كبري من اللقاءات مع األطراف

الذي ميكن األمر املدروسة، وهو الحاالت الفاعلة يف كل حالة من

املعاين يف املختلفة األطراف تفكري لكيفية أفضل فهم من القارئ

املرتبطة باملصالحة.

يعد مفهوم املصالحة من املفاهيم التي تتعدد تعريفاتها وتتداخل

يضع وهنا منه. االقرتابات تعدد إىل إضافة أخرى، مفاهيم مع

من يتم التي "العملية بأنها للمصالحة محددا تعريفا الكتاب

تعريف إعادة بهدف الرصاع أطراف مظامل مع التعامل خاللها

ذلك، ولدراسة .(7 (ص جديد" اجتامعي عقد وإقامة عالقاتها

قسم الكاتب دراسته إىل ثالثة أجزاء فرعية تتعلق بقضايا املصالحة

واالقرتابات املذكورة)، الثالث الحاالت يف ومناقشتها (تحديدها

مراجعتنا وتنقسم املصالحة. وكالء وأخريا للمصالحة، املختلفة

للكتاب إىل ثالثة أقسام: نتناول يف القسم األول عرضا رسيعا للنقاط

األساسية التي تناولها كل جزء من أجزاء الكتاب، ثم نفرد يف الجزء

التي واألسئلة جزء، بكل الخاصة املالحظات من مجموعة الثاين

أطروحة عىل عامة مالحظات مبجموعة نختتم وأخريا، يثريها، قد

الكتاب واالقرتابات املستخدمة فيه.

املجتمعات "يجب عىل أنه يف للكتاب األساسية األطروحة تتلخص

العربية، إذا ما أرادت االنتقال بنجاح من الثورة إىل استقرار وسالم

مستدامني، أن تنخرط يف مصالحة قومية شاملة وجامعة. حيث ميكن

الرصاع تتجنب أن الوطنية املصالحة خالل من املجتمعات لهذه

وتحافظ عىل الوحدة الوطنية أو تستعيدها" (ص 2). ويبر الكاتب

اختياره الرتكيز عىل هذه الحاالت الثالث عىل اعتبار أنها قد نجحت

بالفعل يف إزاحة حكامها األوتوقراطيني، وال تزال تحاول االنتقال من

استفهام توجد عالمة وهنا ومتثيال. أكرث شموال نظم إىل السلطوية

كبرية متعلقة بانطباق ذلك التوصيف عىل حالتي اليمن وليبيا، خاصة

أن الكاتب نفسه وصف الوضع يف اليمن بأنه تجديد للنظام وليس

تغيريا له. كام أنه - عىل خالف ما أورد الكاتب حني قال إن "مسار

للدميقراطية يف تونس، إىل الناجح التدعيم التحول اآلن يرتاوح من

تجدد الرصاع املدين يف ليبيا" (ص 7) - من املبكر الحديث عن تدعيم

تزال ال إذ Democratic consolidation؛ تونس يف الدميقراطية

يحفها كثري من املخاطر الداخلية والخارجية كذلك.

حوار النحو: هذا عىل املصالحة، عملية مكونات الكتاب ويفصل

والسعي الرئيسني، املصلحة أصحاب كل يضم موسع وطني

للحقيقة والوقوف عىل حقيقة ما حدث يف املايض، ثم التعويضات

للمترضرين، واملحاسبة والتطهري من خالل التعامل مع عنارص النظام

السابق الذين تورطوا يف الفساد وانتهاكات حقوق اإلنسان، واإلصالح

اإلنسان، حقوق تحمي بطريقة الدولة مؤسسات لهيكلة املؤسيس

"إقامة عليه نطلق أن ما ميكن أو االنتهاكات، تكرار عدم وتضمن

حكم القانون".

تقسيم أفكار الكتابقضايا املصالحة ثالث بقضايا الخاص األول الجزء الكاتب يف يحدد

املنترص، ثقافة شيوع هي: ليبيا، يف املصالحة دون تحول أساسية

والحرب األهلية، ونزع السالح. ثم ينتقل إىل الحالة اليمينة مناقشا

تحدياتها األساسية املتعلقة مبطالب انفصال الجنوب، ومترد الحوثيني

أما فيام يتعلق بتونس، يف الشامل، والحرب األهلية يف عام 2015.

واالستقطاب الثورة، حامية لجان إشكاليتني: عىل الكاتب فريكز

يف املصالحة قضايا مقارنة من الكاتب ويخلص السلفي - الليبايل.

الحاالت الثالث إىل أن هناك مجموعة من القضايا التي متثل تحديا

إىل حالة من درجاتها اختالف مع واالستقرار، والسلم للمصالحة

130 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

أخرى: نزع السالح، وقوة الدولة العميقة، وقدرة النظم القدمية عىل

شن ثورة مضادة.

يف الجزء الثاين ("صلب الكتاب" وفقا للكاتب نفسه)، يتناول الكاتب

والتطهري، املحاسبة مثل املصالحة؛ لتحقيق املتعددة االقرتابات

توظيفها يتم التي األساليب من وغريها الحقائق، تقيص ولجان

لتحقيق هذا الهدف، ويشدد يف هذا الجزء عىل أهمية البدء بحوار

وطني شامل وجامع، أخذا يف االعتبار مجموعة من األمور املتعلقة

لدوائرهم املشاركني متثيل وضامن املالمئني، املشاركني اختيار بـــ:

أفعال عىل إىل االتفاقيات آلية لرتجمة بالرشعية، وتطوير ومتتعهم

تتحاور أن الصعب من أنه اعتبار (عىل املالئم والتوقيت األرض،

األطراف حول أهداف مشرتكة يف الوقت الذي يستمر فيه العنف).

ويخلص الكاتب من استعراض الحاالت الثالث إىل أن كال منها تبنى

اقرتابا مختلفا للحوار الوطني، وأن هذه االقرتابات من املحتمل أن

بأكملها االنتقال بالفعل) يف عملية أثرت الحاالت تؤثر (ويف بعض

الناجح الدميقراطي االنتقال بني "االرتباط أن يرى فهو ،(78 (ص

واستخدام الحوار الوطني، مثل ما حدث يف تونس، وإىل حد ما يف

اليمن، ليس صدفة وال ميكن، وال يجب، تجاوزه" (ص 98).

الكاتب عىل "وكالء املصالحة"، وقد تم الثالث فريكز فيه أما الجزء

تحديدهم يف ثالثة فاعلني أساسيني: املجتمع املدين، والنساء، والقبيلة.

ويالحظ هنا اقتصار الكاتب يف هذا الجزء الحديث عىل حالتني فقط

يف كل فصل، وهو األمر الذي قد أثر، إىل حد ما، يف استخالص النتائج

واملالحظات العامة من عملية املقارنة.

املجتمع هذا يفهم ال أنه الكاتب أكد فقد املدين، املجتمع أما

بوصفه كتلة واحدة أو حتى موحدة. ولكنه تبنى تعريفا ضيقا له،

األهلية. والجمعيات الحكومية غري املنظامت إىل األساس يف يشري

الكاتب رضورة تضمينهن يف عملية االنتقال النساء، أكد وعن دور

هنا ويالحظ األساسية. املعنية لألطراف الصادق التمثيل لضامن

وتلك املدين باملجتمع املنوطة األدوار مناقشة يف الكبري التشابه

الخاصة بالنساء.

املصالحة، موضوع يف القبيلة تؤديه أن ميكن الذي الدور عن أما

للقبيلة السلبي األثر حول السائدة النظرة من العكس عىل فهو

ومعادتها للدولة املركزية، وعدم توافقها مع مقومات الدولة القومية

الحديثة؛ إذ يفرد الكاتب حديثا عن دور إيجايب للقبيلة يف تحقيق

األمن، يراه رشطا رضوريا لنجاح االنتقال. ويرى فريحات أن الطبيعة

قوي موقع يجعالنها يف للقبائل، السياسية وغري األيديولوجية، غري

من رأيه، بحسب ذلك، ميكنها كام واملعارضة، الدولة بني للتوسط

من والطائفية املذهبية الخالفات مع التعامل يف الدولة مساعدة

وفقا االنتقال، القبيلة يف عملية أثر ويتوقف العريف. قانونها خالل

فإما أن السياسية، السلطة بها التي تدرجها الطريقة للكاتب، عىل

تكون عامال مفسدا، وإما أن تكون عامال مساعدا يف عملية االنتقال.

الكتاب، يف األساسية واملوضوعات لألفكار املوجز العرض بعد هذا

ننتقل إىل بعض املالحظات التفصيلية املتعلقة بأجزائه الثالثة، متهيدا

لبلورة مجموعة من املالحظات العامة بخصوص تناول الكتاب لقضية

املصالحة عىل نحو عام.

المصالحة ومعضالتهايف ما يتعلق بالجزء األول الخاص بقضايا املصالحة، هناك مجموعة

املرتبطة بكل حالة عىل حدة، وأخرى منطبقة عىل من املالحظات

الليبية، حيث بالحالة الدراسة عموما. ولنبدأ الثالث محل الحاالت

أفرد الكاتب حديثا لشيوع ثقافة املنترص، والحرب األهلية، بوصفهام

قضيتني منفصلتني تعرقالن املصالحة، وهو األمر الذي يثري لدى القارئ

التساؤل حول صحة هذا الفصل؛ نظرا إىل العالقة االرتباطية الواضحة

بني األمرين. فالحرب األهلية هي يف جزء منها نتاج لتفكري متعلق

باألطراف املختلفة مفاده أن البديل من الفوز هو الخسارة، وأنه ال

ميكن الوصول إىل وضع تكون فيه جميع األطراف فائزة. ويرتبط ذلك

"ثقافة انتشار ألسباب الكتاب مناقشة بعدم خاصة أخرى بنقطة

املنترص": هل هي أسباب متعلقة بطبيعة القوى السياسية املوجودة؟

أم مرياث النظام القديم؟ أم طبيعة منط التحول الذي حدث يف ليبيا؟

الوقوف وميثل السائدة عموما؟ السياسية الثقافة أم هي جزء من

عىل هذه األسباب الخطوة األوىل لتقديم الحلول املتعلقة باملصالحة،

وتحديد اآلليات األكرث مناسبة للتعامل مع هذه القضايا.

يالحظ أيضا، يف أكرث من موضع، استخدام الكاتب مصطلح "الدولة

الليبية" كطرف مقابل طرف الثوار، وهنا يطرح السؤال: هل ميكننا

بالفعل، اآلن، الحديث عن كيان يسمى الدولة الليبية؟ وما مقوماتها

تنفيذيتان سلطتان ذاتها؛ الدولة متثيل يف االنقسام حالة ظل يف

منها كل يدعي مسلحة ومجموعات الرشعية، يتنازعان وبرملانان

الخاصة للنقطة التعرض يتم مل كذلك، الليبي"؟ "الشعب متثيل

بشكل هذه الدولة املستقبلية. وعىل سبيل املثال، هل أن سيناريو

املتنازعة أم التي تفكر فيها األطراف السيناريوهات الفيدرالية من

أنه غري محل اتفاق؟

ننتقل إىل الحالة اليمنية، حيث تبدو التحديات الثالثة التي أوردها

الكتاب كأنها تحد واحد مرتبط بالتمزق املجتمعي، وغياب اللحمة

أو االنفصال لدعوات التحتية األسباب عن ماذا ولكن الوطنية.

131مراجعات وعروض كتب

مصالحات غير مكتملة: قراءة نقدية في كتاب "ثورات لم تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي"

التمرد؟ إذا كنا نريد بالفعل الدفع يف املصالحة، فعلينا فهم املسببات

للتعامل معها عىل نحو صحيح. ومن ثم تصبح هذه األسباب التحتية

هي التحديات األساسية للمصالحة (أساس املرض)، أما غريها (رغبة

الجنوب يف االنفصال، أو مترد الحوثيني يف الشامل) فهي مبنزلة أعراض

املرض عىل وليس األعراض، حل عىل ركزنا ما فإذا األسباب. لهذه

نفسه، ينبغي أن نتوقع عودة املرض أو تحوره وإفرازه ألعراض أخرى.

أما املالحظات العامة املتعلقة بالجزء األول، فتتمثل فيام ييل:

محل اإلشكاليات كانت إذا ما الكتاب من واضحا يكن مل

األطراف قبل من تحديدها تم قد الجزء هذا يف املناقشة

خالل الثالثة الحاالت من حالة كل يف املختلفة السياسية

كانت أم حولها، اإلجامع من قدر وتوافر املتعددة، اللقاءات

مبنزلة االستخالصات العامة للكاتب من مجمل هذه اللقاءات.

التحديات اعتامده يف عرض هذه تم الذي الرتتيب كان وهل

املختلفة األطــراف أولتها التي األهمية يعكس مبا مقصودا

نهاية هذا أورد يف الكاتب أن أم ال؟ كام املذكورة، للتحديات

الجزء ثالث قضايا يرى أنها مبنزلة التحديات األساسية للمصالحة

والسلم، عىل اختالف درجاتها يف الحاالت الثالث املدروسة: نزع

القدمية عىل شن النظم العميقة، وقدرة الدولة السالح، وقوة

ثورة مضادة. وبغض النظر عن أن التحديني األخريين هام مبنزلة

تحد واحد، فإنه كان من األفضل يف هذا الجزء تناول الحاالت

املذكورة التحديات من يتخذ مقارن إطار خالل من الثالث

أساسا للمقارنة مبينا اختالف تجلياتها، أو حدتها، من حالة إىل

املفاهيم والقضايا التعبري عن تم أخرى. فعىل نحو عام، كلام

بحاالت املقارنة تطبيق إمكانية زادت تجريدا، أكرث بطريقة

أكرث نتائج إىل الوصول املساعدة يف ثم أخرى ومختلفة، ومن

الحالة الكاتب عند مناقشته أشار املثال، تعميام. وعىل سبيل

اليمينة إىل أن اليمن يواجه قضايا صعبة تتعلق باإلصالح األمني

اليمن يعانيها ال التي القضايا والتنمية، وهي الرشيد والحكم

الربيع دول معظم فيها يشرتك مجردة قضايا ولكنها وحده،

العريب، إن مل يكن كلهم.

هناك غياب ملناقشة دور العامل الخارجي متاما يف الحالة الليبية

اليمنية؛ وذلك عىل الحالة والتونسية، وتهميشه إىل حد ما يف

الرغم من أن هذا العامل والسياق اإلقليمي من أهم التحديات

ال ميكن والتي الثالث، الدول تواجهها التي األساسية املشرتكة

هناك كانت كلام أنه إىل التاريخية الخبات وتشري تجاهلها.

املصالحة. عملية تعقدت الرصاع، يف منخرطة أخرى أطراف

العامل أن كيف الثورات دول يف األحداث تطورات وتكشف

البداية، منذ بقوة، حارضين كانا الدويل والعامل اإلقليمي

ومارسا تأثريهام يف عرقلة االنتقال الدميقراطي، وتعزيز مشاعر

االنقسام بني األطراف املنخرطة.

االقتصادي، التحدي الحديث عن غياب الجزء يالحظ يف هذا

قلب يف كانت االقتصادية املطالب أن من الرغم عىل وذلك

إن القول ميكن بل املحتجني، مطالب مقدمة ويف الثورات،

أمام األساسية التحديات أحد هو االقتصادية األحوال تدهور

عملية االنتقال واملصالحة معا. وهذا يثري التساؤل حول ما إذا

األطراف تصور يف بقوة حارضا ليس االقتصادي العامل كان

السياسية التي تم اللقاء معها.

الخاصة النقطة إىل بعيد، أو قريب من ــارة، اإلش تتم مل

آخر جزء أي يف أو الجزء هذا يف سواء السياسية، باإلرادة

املحوري ودورها أهميتها من الرغم عىل وذلك الكتاب، يف

- اعتقادي - يف السياسية اإلرادة فغياب املصالحة. يف قضية

دول يف واالنتقال املصالحة لعملية التحديات أكب من يعد

زعامة بتوافر السياسية هنا اإلرادة وترتبط العربية. الثورات

الثورات. افتقدته الذي األمر وهو رؤية، صاحبة سياسية

املصالحة حديث سيظل قياداتها، الثورات هذه تفرز وحتى

هنا وميكن الصحفية. واللقاءات األكادميية التصورات حبيس

اإلشارة إىل حالة جنوب أفريقيا التي استندت عملية املصالحة

السياسية القيادة توافر إىل نظرا والتوافق، التفاوض إىل فيها

كلريك)، دي وفريدريك مانديال، (نيلسون األساسية لألطراف

ورمبا صعبة، قرارات اتخاذ عىل القدرة لديها كانت والتي

وعىل لها. الشعبي التأييد وحشد أحيانا، لداعميها صادمة

أفريقيا لجنوب رئيس آخر كلريك، دي خاطر املثال، سبيل

ببدء قرارا اتخذ حينام حزبه بشعبية البيضاء، األقلية من

أن البيض مستوعبني فيه معظم يكن املفاوضات يف وقت مل

132 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

استمرار الفصل العنرصي ستكون نتيجته حربا أهلية طاحنة.

وانعكس ذلك يف حصول الحزب اليميني املحافظ عىل األغلبية

نيلسون فإن وباملثل، للبملان. النصفي التجديد انتخابات يف

مانديال قرر العودة إىل مائدة املفاوضات بعد انسحاب حزب

السوداء، لألغلبية الرئيس املمثل األفريقي، الوطني املؤمتر

ارتكبت يف حق نتيجة ملذابح يونيو 1992، منها يف حزيران/

بعض املواطنني السود.

أخريا، كان ميكن أن تطور املادة الرثية التي تضمنها الكتاب إطارا مقارنا

،Agency-structure يساهم يف الجدل الدائر حول الهيكل - الوكيل

ومدى مساهمة كل منهام يف الحالة التي وصلت إليها هذه الدول،

املصالحة. عملية مفاتيح تكمن أين تحديد عىل القدرة ثم ومن

االختالفات يف ألسباب فهمنا تعزيز اإلطار هذا شأن من كان وقد

الدرجة بني الحاالت الثالث: أهي طبيعة النظام السابق؟ أم هي نتاج

الختيارات النخب؟ أم أن السياق الداخيل والخارجي يرتكان بصمتهام

عىل التطورات الحادثة؟

اقترابات تحقيق المصالحةنجاح بني الكاتب ربط املصالحة، باقرتابات الخاص الثاين الجزء يف

الذي األمر وهو الوطني، الحوار واستخدام الدميقراطي االنتقال

االقرتابات أن الذي يحتاج إىل مراجعة، ذلك التعميم فيه قدر من

املختلفة للحوار الوطني- كام ناقشها الكتاب - مل تكن يف ذاتها عامال

والظروف السياق من ونابع تابع مبتغري أشبه كانت بل مستقال،

املحيطة بكل حالة؛ أي إن محك النجاح والفشل ال يكمن يف االقرتاب

للحوار الوطني ذاته، ولكن هناك عوامل أخرى سهلت، أو عوقت،

يف نفسه الكاتب إليه أشار الذي األمر وهو الوطني، الحوار إمتام

حديثه عن وجود اقرتابني كشفتهام تجارب الحوار الوطني: أحدهام

نابع من الداخل Home grown، وهو يتمثل يف التجربة التونسية،

وقد اليمينة. الحالة دولية كام جاءت بوساطة كان فقد اآلخر أما

التونسيني أنجح لشعور التونسية كانت التجربة أن الكاتب أوضح

بأن الحوار حوارهم. إال أنه يعود يف جزء آخر ويتحدث عن افتقاد

الذي األمر وهو اليمينة، الحالة يف الحوار يف الجدية الحوثيني

املتبع، االقرتاب يف بالرضورة يكمن ال النجاح معيار أن إىل يشري

اإلرادة وتوافر املنخرطني، الفاعلني أيضا عىل خيارات يتوقف وإمنا

السياسية لديهم، لتحقيق التوافق والتفاوض.

يف إشارة أي غياب ظل يف السياسية، اإلرادة عامل أهمية وتظهر

الكتاب، إذا ما كان هناك اتفاق بني األطراف عىل قاسم مشرتك أدىن،

تكشف للكاتب من خالل اللقاءات التي أجراها. فعىل سبيل املثال،

الحقيقة، وإىل أي نقطة زمنية بالبحث عن عند مناقشة ما يتعلق

نبدأ من عندها هذا البحث، مل يرش الكاتب إىل وجود توافق حول

عن والكشف املصالحة، جهود عندها من تبدأ بعينها زمنية فرتة

الحقيقة، وما إذا كانت األطراف املعنية تقبل بفكرة التدرج يف فتح

بتداعيات الرتباطها الهينة بالقضية ليست وهذه املايض. ملفات

املامرسة من والحرمان املثال، سبيل عىل بالتطهري، متعلقة مهمة

والحقوق السياسيني.

ويف عودة إىل قضية التطهري، يوضح فريحات أنه ال يوجد دليل قوي

إنه بل الوطنية، واملصالحة السلمي االنتقال املساهمة يف أنه عىل

قد "االنتقامية" العدالة خالل من الزائدة املحاسبة أن من حذر

تؤدي إىل نتائج عكسية، وتولد املزيد من عدم االستقرار، وتعقد من

عملية االنتقال. وهنا ال يسع املتخصص إال التساؤل عن كيفية الربط

بني هذه النتيجة وأدبيات التحول الدميقراطي، خاصة تلك املتعلقة

.Pact transitions التحالفات أو الصفقة بالتحول من خالل منط

نجاحا األكرث هو النمط هذا مثل أن النتيجة هذه تعني فهل

واستقرارا، بدليل أن اعتامد التطهري يف ليبيا من خالل تطبيق قانون

العزل السيايس قد قلب العملية السياسية كلها، وكان العامل األهم

بخالف النمط هذا ملثل نجاحا نشهد مل وملاذا العنف؟ تأجيج يف

املحاكامت تعوق أن ميكن ظروف أي وتحت التونسية؟ التجربة

واألشكال املختلفة للعقوبة والتطهري عملية املصالحة؟

كان هناك أيضا قدر من التعميم عند تناول الجزء الخاص بتعويضات

أشار فقد الجزء. هذا من السابع الفصل يف املايض جرائم ضحايا

الكاتب إىل أن الحاالت الثالث محل الدراسة تكشف عن وجود عالقة

بني آلية التعويض لضحايا املايض من جهة، واالستقرار أو االستقطاب

مل العالقة مثل هذه أن والحقيقة أخرى. من جهة األهيل والسلم

تكن عىل هذا القدر من الوضوح عند مناقشة الحاالت الثالث، وكان

األوضح أن عدم االستقرار كانت أسبابه سياسية واقتصادية يف األغلب.

يف نهاية هذا الجزء، يشعر القارئ بأنه كانت هناك حاجة إىل تصنيف

اقرتابات املصالحة من حيث املدى الزمني. فاملصالحة عملية معقدة

التي االقرتابات فإن ولذلك استعجالها؛ ميكن وال املدى، وطويلة

ناقشها الكاتب، من معرفة الحقيقة والتعويضات والتطهري والعدالة

الـ "قصرية املصالحة باقرتابات تسميتها ميكن والتي التصالحية،

املدى"، من شأنها خلق الظروف املواتية وتعزيز فرص املصالحة. ولكن

ال تزال هناك حاجة إىل االستثامر الطويل املدى. وهنا تأيت االقرتابات

الطويلة املدى التي تهدف إىل تغيري التوجهات والسلوك اللذين أفرزا

الرصاع. ومن أبرز هذه االقرتابات التعليم، حيث تبز أهمية صوغ

املناهج التعليمية لرأب الصدع، وجمع شمل األمة، وتشكيل ذاكرتها

133مراجعات وعروض كتب

مصالحات غير مكتملة: قراءة نقدية في كتاب "ثورات لم تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي"

املستقبل؛ نحو ورؤيتها املايض، يف بعينها أحداث حول الجامعية

املجتمعات بعض قبل من بالفعل تبنيها تم التي االقرتابات وهي

التي مرت مبراحل انقسام واقتتال داخليني، مثل برنامج التعليم من

.Education for reconciliation أجل املصالحة يف أيرلندا

وكالء المصالحةبالنسبة إىل الجزء الثالث الخاص بـ "وكالء املصالحة"؛ عىل الرغم من

الثقل الكبري للمنظامت األهلية وغري الحكومية كمكونات للمجتمع

ومنظامت الدينية، املؤسسات دور إغفال ميكن ال فإنه املــدين،

الكتاب الشباب. وقد كان يجب أن يهتم األعامل، واإلعالم، وكذلك

بهذه الفئة األخرية، تحديدا، التي كانت وقود الثورة ويف القلب منها،

إضافة إىل أنها متثل املكون األكرث عددا يف جميع الدول العربية. كام

األيديولوجيا، حواجز تخطي عىل قدرة األكرث هي الشباب فئة أن

واالنقسامات املذهبية، والقبلية، والطائفية بأنواعها. فمن مقومات

نجاح املصالحة النجاح يف خلق روابط مختلفة بني املجموعات تتاميز

عن خط التقسيم األسايس يف املجتمع؛ سواء كان إثنيا، أو جهويا، أو

فكريا. ورمبا كان الشباب هم األقدر عىل تجاوز خطوط التقسيم هذه

الخطوط النساء دور يتخطى أن متاما كام ميكن للرصاعات، املثرية

اإلسالمي- االنقسام تجاوز مثل األطــراف، بني للفصل التقليدية

العلامين، للدفع بقضايا املرأة وتعزيز دورها يف النظام السيايس.

ويف اإلشارة إىل دور القبيلة؛ فمام ال شك فيه أن االعتامد عىل مكونات

الثقافة املحلية من العوامل التي تعزز عملية املصالحة. إال أن دور

القبيلة يف هذا الشأن يثري إشكالية أساسية: كيف يكون األمر إذا كانت

القبائل أيضا مسيسة؟ أو أن الفواعل السياسية قبلية هي أيضا؟ عىل

سبيل املثال، إن جوهر الرصاع يف ليبيا هو رصاع املناطق والقبائل يف

األساس؛ إما ألنها ترضرت من سقوط نظام القذايف وتحاول استعادة

مكانتها، وإما ألنها عانت التهميش يف ظله، ومن ثم تحاول التأكد من

عدم تجاوزها مرة أخرى. لذا، كيف ميكن للفاعل نفسه مصدر الرصاع

(القبيلة، يف هذه الحالة) أن يكون عامال مساعدا يف عملية املصالحة؟

مناقشة أفكار الكتاببعد استعراض أجزاء الكتاب والتعليق عليها، هناك عدة نقاط عامة

محل نقاش وتساؤل.

("العملية الكاتب عرفها التي املصالحة مبعنى تتعلق األوىل:

الرصاع بهدف التعامل مع مظامل أطراف يتم من خاللها التي

إعادة تعريف عالقاتها وإقامة عقد اجتامعي جديد"، ص 7)،

إليه؛ ونظرتنا املفهوم مزيد ترشيح هذا إىل الحاجة تبز فهنا

بسبب ذلك يكون ورمبا معقد، مصطلح "املصالحة" أن ذلك

لتحقيقه)، السعي يتم (شيئا غاية هدفا/ متثل املصالحة أن

الكثري فإن ثم ومن الهدف)، لتحقيق (وسيلة عملية وكذلك

املصالحة. فهي ما بني طبيعتي الخلط يدور حول الجدل من

بني للعالقة بناء، إعادة أو بناء، إىل تهدف عملية، بوصفها

الجامعات واألفراد يف املجتمع (مصالحة بني أطياف املجتمع)،

واملجتمع)، الدولة بني (مصالحة ومواطنيها الدولة بني وأيضا

بناء العالقات هذه بناء إعادة إىل تشري غاية، بوصفها وهي

بالذي نحاول إعادة عىل معايري ومبادئ محددة، أي االهتامم

بنائه من خاللها. ينعكس هذا الفرق بني االتجاهني يف تعريف

العام فالتوجه املصالحة. وتوقيت ملوقع رؤيتنا عىل املصالحة

ينهي سالم يتحقق عندما تبدأ عملية، بوصفها املصالحة أن

الرصاع، ولو مؤقتا. أما لو نظرنا إليها بوصفها غاية، فيمكن أن

إنهاء الرصاع ذاته. وقد انعكس هذا تصبح جزءا ال يتجزأ من

الخلط عىل موقع املصالحة كام تم التعبري عنه يف أجزاء مختلفة

عملية االنخراط يف أن الكاتب يرى ناحية، فمن الكتاب. من

مصالحة شاملة وجامعة (املصالحة كخطوة سابقة لحل الرصاع)

هو السبيل الوحيد لتحقيق الشعوب العربية السلم واالستقرار.

ومن ناحية أخرى، عندما تحدث الكاتب عن التوقيت املناسب

الوطني الحوار يبدأ أن ميكن ال أنه إىل أشار الوطني للحوار

الحقة كخطوة (املصالحة مستمران والقتال العنف بينام

لحل الرصاع).

االنتقال وعملية املصالحة بني بالرتابط تتعلق الثانية:

السياق باختالف تختلف املصالحة أن صحيح الدميقراطي؛

وطبيعة الرصاع، ولكنها أيضا تتأثر بنمط وطبيعة االنتقال، ومن

الدميقراطي؛ التحول مسار منفصلة عن دراستها ينبغي ال ثم

اعتامد وبينهام متشابكان الدميقراطي والتحول فاملصالحة

متبادل. فمن ناحية، تحتاج املصالحة إىل حد أدىن من العدالة

االجتامعية، واملشاركة يف السلطة السياسية واالجتامعية، والبيئة

الداعمة لحقوق اإلنسان. ومن هنا، فإن هناك أمثلة ملجتمعات

ألن Unfinished reconciliation املصالحة فيها تكتمل مل

وتعتب الدميقراطية، إىل بالحاجة يعرتف مل األطراف من طرفا

زميبابوي من أبرز الحاالت الدالة عىل ذلك.

التحول لنجاح الــالزم األســاس املصالحة تضع أخــرى، ناحية من

الدميقراطي من خالل عملية إعادة الثقة والتعاون والعالقات الصحية

بني بعض األفراد وبعضهم اآلخر، وبينهم وبني الدولة. ومن ثم ميكن

الحديث عن مقومات نجاح املصالحة كاآليت: توافر اإلرادة السياسية،

134 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

أكرث مناخ سيايس األطياف، وتهيئة وإقامة حوار وطني شامل لكل

أو مرشوع رؤية وطنية توافر وأخريا التعبري، يضمن حرية انفتاحا

وطني يضع تصورا للغاية النهائية لألمة كام يراها املواطنون، أو ما

ميكن تسميته بـ "فلسفة املصالحة".

يسكن الذي النظري لإلطار الكتاب بفقدان تتعلق الثالثة:

الدميقراطي، التحول األشمل، وهو إطارها املصالحة يف عملية

ومن ثم تحديد أكرث ملوقعها من عملية االنتقال، وهي خطوة

واملصالحة التحول لقضايا فهمنا أو نظرتنا تطوير شأنها من

معا. فببساطة، لن تبدأ عملية املصالحة ما مل تسبقها خطوات

جادة نحو االنتقال. كام كان ميكن تسكني املوضوع يف إطار آخر

يتعلق بنظريات حل الرصاع، وهو األمر الذي أشار إليه الكاتب

نفسه يف املقدمة عندما أوضح أن جانبا أساسيا يف هذا البحث

هو "التحدي الذي يفرضه عىل نظريات حل النزاعات املوجودة

فيام الكتاب يتطرق مل ذلك ومع .(xii (ص تكوينها" وكيفية

إليها يف التي توصل النتائج بها التي تساهم الكيفية إىل بعد

تطوير، أو تكوين، نظريات حل النزاعات. وأرى أن غياب اإلطار

النظري كان هو السبب يف ارتباك بعض األجزاء أو تكرار بعض

املعلومات يف مواضع مختلفة.

الرابعة: تناول الكتاب كثريا من التحديات واملعوقات األساسية

أمام املصالحة يف الدول الثالث، وهذا بالطبع أمر مهم ومطلوب

وخطوة أساسية لطرح الحلول. ولكنه مل يلق الضوء عىل املناخ

الالزم والسياق الرشوط أي املصالحة، آليات فيه تصاغ الذي

عملية بالفعل تبدأ متى املصلحة: عملية لنجاح توافرهام

املصالحة؟ وما الرشوط التي تساعد عىل التغلب عىل التحديات

التي تواجهها؟ عىل نحو يبتعد بنا عن صيغة ما يجب أن يكون،

ويكون أقرب إىل الرؤية الواقعية العملية ملا ميكن تحقيقه يف

إطار السياق السائد. ففي حالة جنوب أفريقيا عىل سبيل املثال،

حدثت اتفاقات CODESA عىل أرضية اعرتاف كل طرف بأنه

هذا وكان الرصاع. إنهاء القصري املدى عىل املمكن من ليس

يعني من وجهة نظر القيادة السياسية – بالنسبة إىل الجانبني

- أن خيارها املفضل غري ممكن التحقق: الحل العسكري لدى

األقلية البيضاء، والثورة من وجهة نظر األغلبية السوداء. ومن

ثم كان أفضل ثاين الخيارات هو التفاوض حول إنهاء الرصاع.

يف الحالة العربية، نجد، بخالف تونس، أن هناك شكوكا حول ما إذا

الكتاب، أوضح وكام املصالحة. لعملية مهيأة األخرى الدول كانت

األطراف بني صفرية مباراة الحاالت، غالبية يف املباراة، أصبحت

السياسية املختلفة. وهكذا، تصبح القضية األساسية هي كيف ميكن

العمل أخرى غري صفرية؟ كيف ميكن إىل الصفرية املباراة تحويل

عىل إعادة الثقة بني األطراف املختلفة بحيث يصبح التعاون ممكنا،

مع االبتعاد عن الخيانة؟ وذلك خاصة يف ظل نظرة األطراف، يف كل

الحاالت التي متت دراستها، إىل مناخ ما بعد الثورة عىل أنه الفرصة

الوحيدة - ورمبا األخرية - املتاحة لها لتحقيق أي مكسب سيايس.

لعملية االقتصادي االجتامعي السياق يحظ مل الخامسة:

الكتاب. وقد انعكس ذلك، مثال، الكايف يف املصالحة باالهتامم

الذي ركز باألساس الكاتب العدالة االنتقالية عند عىل مفهوم

النظام عنارص مع بالتعامل املتعلقة الجنائية العدالة عىل

السابق؛ من خالل املحاسبة، والتطهري، ولجان كشف الحقائق.

التوزيع، إعــادة بعيد - عدالة حد أغفل - إىل املقابل، ويف

وغريها من اآلليات التي تهدف إىل معالجة القضايا االقتصادية

أفريقيا، تجربة جنوب إىل وبالعودة أخرى، ومرة االجتامعية.

نجد أن أحد املآخذ األساسية عىل لجان املصالحة والحقيقة أنها

مل تتعامل مع العنف الهيكيل القائم، األمر الذي أدى إىل تغري

طبيعة العنف من عنف سيايس إىل عنف الجرمية.

John Paul لدرتش بول إليه جون أشار مبا تتعلق السادسة:

Lederach، أستاذ بناء السلم الدويل يف جامعة نوتردام بالواليات

املتحدة، وأحد أشهر املتخصصني يف مجال حل النزاعات؛ ففي

Locus and focusنظره، تنطوي املصالحة عىل متركز ومتوضع

بني العالقات صياغة إعــادة تصبح أن بالتمركز، ويقصد .

أن فهو التموضع، أما االهتامم. بؤرة هي املختلفة األطراف

متثل املصالحة املجال أو املكان أو امللتقى ألطراف الرصاع. وهنا

نتحدث عن مستويات للمصالحة يناسب كل منها اقرتابا أو آلية

مختلفة، وتؤثر فيها مجموعات فاعلني محددة. بناء عىل ذلك،

فيه ينخرط املستوى وهذا للمصالحة، األعىل املستوى هناك

السياسيون والقادة والزعامء، ويرتبط باألساس باألبعاد القانونية

والدستورية، وهناك املستوى الثاين، وهو املستوى الوسيط الذي

وهناك الحقائق، كشف ولجان والتعليم اإلعالم بدور يرتبط

بالعالقات يرتبط الذي القاعدة األخري، وهو مستوى املستوى

البينية يف إطار املجموعات املختلفة يف املجتمع، وهنا مثال قد

هذا ويعني األخرى. املحلية املجتمعات أو القبيلة دور يأيت

أن التخطيط للمصالحة ال ينبغي أن يكون عملية عشوائية بل

أن ميكن املثال، سبيل وعىل الثالثة. املستويات فيها تتكامل

الكايف التأهيل دون من الوطنية، املصالحة يف الترسع يؤدي

الذي األمر املجتمع خاصة؛ باالغرتاب عن الشعور إىل لألفراد،

بني املصالحة عىل وكذلك الفردية املصالحة عىل ينعكس قد

135مراجعات وعروض كتب

مصالحات غير مكتملة: قراءة نقدية في كتاب "ثورات لم تنته: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي"

الجامعات، وهي النقطة التي مل يسلط الكتاب الضوء عليها ومل

يناقش كيفية تحقيق التكامل بني مستويات املصالحة هذه.

مبعناها مقارنة املجتمع يف املصالحة مبعنى تتعلق السابعة:

النظري الذي تم تقدميه يف الكتاب. فالكاتب مل يرش إىل رؤية

وال إمتامها، لرشوط وتصورهم للمصالحة، السياسيني الفاعلني

إذا وما املصالحة، لعملية الثالث الدول يف املجتمع نظرة إىل

كان هناك تقبل لها أم أن هناك حاجة إىل العمل عىل تصحيح

مفهومها؟ فعند بعض املجتمعات، تكون املصالحة "حجة" لتنايس

املايض، ومن ثم تظهر الحاجة إىل تهيئة الرأي العام للمصالحة

من خالل طرح املفهوم ومضامينه للنقاش العام (هنا يأيت دور

بهذه ويرتبط املدين). واملجتمع واإلعالم واملدارس، السلطة،

النقطة أيضا ما ميكن تسميته بــ "واقعية املصالحة"، ومبا يتوقع

املجتمع واألفراد من هذه العملية، يف مقابل ما ميكن تحقيقه

بالفعل. فاملصالحة يف األساس هي إيجاد طريقة للتعايش بني

بسهولة أو برسعة املجتمع تنقل ال إنها إذ السابقني؛ األعداء

إىل وضع مثايل، وهي نقطة يجب أن تكون واضحة ومعروفة

لدى الرأي العام ألنها ستساعد يف تقليل سقف التوقعات لدى

الضحايا وعائالتهم.

وإن التصحيح، إىل حاجة يف املعلومات بعض هناك الثامنة:

الكتاب. فقد التي يعرضها كانت ال تؤثر يف جوهر األطروحة

أورد الكاتب أن الجرنال عبد الفتاح السييس قاد جبهة اإلنقاذ

الجبهة هذه إن حيث صحيحة؛ غري معلومة وهي ،(5 (ص

وعمرو صباحي، وحمدين البادعي، محمد بقيادة تشكلت

خطأ هناك اليمن، حالة دراسة ويف البدوي. والسيد موىس،

التاريخ؛ حيث يتحدث الكاتب عن تصاعد الحرب األهلية يف

عام يف والحوثيني صالح الله عبد عيل السابق الرئيس بني

كانوا حلفاء يف والحوثيني أن صالح والواقع ،(42 2015 (ص

هذا الوقت.

التي يجيب عنها األسئلة تتوقف قيمة أي عمل عىل النهاية، ال يف

ويثريها يطرحها التي واإلشكاليات األسئلة كم ولكن عىل فحسب،

أيضا، وهو ما حققه هذا الكتاب بالفعل. فمن خالل تعرضه إلشكالية

معقدة - وهي املصالحة - وتقدميه ترشيحا دقيقا لها، ورؤية للتغلب

سالسة، بكل متابعته للقارئ ميكن وواضح سهل بأسلوب عليها،

السياسة واملجتمع، وهو العالقة بني علم إعادة الكتاب يف يساهم

األمر الذي نحن يف أشد الحاجة إليه يف ظل األزمة التي باتت واضحة

للحقل األكادميي واقرتاباته السائدة.

137

صـدر حديـثا

عبد العزيز ركح تأليف:

الشرعية الديمقراطية: من التعاقد إلى التواصل، هبرماس في مواجهة رولز

صداأعنأاملركزأالعريبألألبحرثأودااسةأالسيرسرتأكتربأ درشعيةأ دعميقر طية:أ نأ دتدرقعأإىلأ دتي صل،أهرب رسأيفأ ي جهةأاودز،أواسلطأفيهأ ؤلفه،أعبدأالعزازأاكح،أالضيءأعىلأ

منيذجنيأ نأاإلتيقرأالعمي ية،أهامأالنظراةأالليباليةأالتعرقداةأكامأتجسدتأحرصاأيفأ عاملأجينأاولز،أوالنظراةأالتداوليةأالقرمئةأعىلأ سسأفلسفةأالتياصلأوإتيقرأالحيااأكامأاعرضهرأاياغنأهب رس.أواملقرتحرنأ رشوعرأرشعنةأسيرسيةأللمسراأالدميقراطي،أ ركزاأعىلأإبرازأ وجهأاختالفهامأوتشربههام،أ فرتضرأ نأالخالفأالظرهرأبينهامأاخفيأيفأالعمقأتداخالأوتشربهرأكبريان؛أإذأميكنأالقيلأإنهامأ منيذجأواحدأصيغأبطراقتنيأ ختلفتني،أنتيجةأاتألفأهذاأ والثقرفية.أ الترااخيةأ واختالفأ رجعيرتهامأ فيهام،أ وضعرأ اللتنيأ البيئتنيأ تبرانأ

الكتربأ)7أ3أصفحةأبرلقطعأاليسط،أ يثقرأو فهرسر(أ نأثالثةأفصيلأوخرمتة.

137

Reportتقرير

137

139138

139

*Ihab Maharmeh | إيهاب محارمة

الحركتان االحتجاجيتان في السودان والجزائر وآفاق التغيير الديمقراطي

The Two Protest Movements in Sudan and Algeria and Prospects for Democratic Change

139139

* باحث، املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.* Researcher, Arab Center for Research and Policy Studies.

140 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

نظم املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، يف الدوحة، ندوتني تناولتا

واقع الحراك الشعبي وآفاقه ومآالت االنتقال الدميقراطي يف السودان

والجزائر، وذلك يف إطار سلسلة الندوات التي تعقدها وحدة الدراسات

السياسية يف املركز. عقدت الندوة األوىل يف 16 نيسان/ أبريل 2019،

السودان"، يف الدميقراطي التغيري وآفاق االحتجاجية بعنوان"الحركة

عنوانها الثانية فعقدت يف 20 نيسان/ أبريل 2019، وكان الندوة أما

"آفاق الحركة االحتجاجية ومستقبل التحول الدميقراطي يف الجزائر".

أوال: الحركة االحتجاجية وآفاق التغيير الديمقراطي في السودان

افتتح منسق مرشوع التحول الدميقراطي يف املركز العريب، عبد الفتاح

مايض، الندوة باإلشارة إىل أن ما يجري يف السودان حراك شعبي، نجح

يف إسقاط رأس النظام خالل عدة شهور، وهذا األمر غري جديد عىل

املاضية، العقود خالل عدة مرات انتفض الذي السوداين، الشعب

االستقالل أجل من يناضل يزال وال العربية، الشعوب شأن شأنه

الوطني ومن أجل حياة دميقراطية ودستورية.

1. بنية النظام السوداني وتناقضاتهيف مداخلته، يفكك التجاين عبد القادر، رئيس قسم العلوم االجتامعية

يف مركز ابن خلدون يف جامعة قطر، النظام السوداين السابق، الذي

وصل إىل الحكم مدفوعا بظروف سياسية وإقليمية معينة، تحالفت

فيه مجموعة عسكرية مع أخرى مدنية، وعرف يف حينه بنظام اإلنقاذ.

أتت ،1989 عام االنقالب قادت التي السياسية النخبة أن ويرى

الرسمية ومؤسساتها، وقد لوحظ يف حينه أن جل الدولة من خارج

أولوياتها تركز عىل التحكم يف مؤسسات الدولة الرسمية ثم التحكم

يف املجتمع. ويضيف عبد القادر أن هذه املجموعة عملت عىل ضبط

املجتمع والتحكم فيه، مستفيدة من سيطرتها عىل مؤسسات الدولة.

لكن هذه املؤسسات، وإن استجابت لرغبة املجموعة الحاكمة، فإنها

مل تنفذ القرارات امللزمة بها، أو عىل األقل مل تنفذها بالرسعة املطلوبة.

تبني أن تحاول العسكرية القوى أن هذه إىل القادر عبد ويذهب

مرشوعيتها عند السيطرة عىل مفاصل الحكم من خالل رسعة اإلنجاز،

ولذلك تقيم مؤسسات بديلة/ موازية للمؤسسات الرسمية، عسكرية،

أمنية، أو اقتصادية، وينتج من ذلك ازدواجية بني املؤسسات التقليدية

للدولة واملؤسسات املوالية للنظام، وبطبيعة الحال تكون املؤسسات

املوازية هي األقوى واألشد والء للمجموعة الحاكمة.

هذه خالل من يعمل، القائم النظام أن إىل القادر عبد ويذهب

املؤسسات الرسمية واملوازية، عىل اخرتاق املجتمع والتحكم فيه، لكن

مبا أن الرصاع يدور حول اإلشكاليات االقتصادية والقانونية الكبى،

فإن أول من يدخل يف رصاع مع هذه املنظومة هو مجموعات املصالح

االقتصادية/ التجارية، لتجد مسالك يف مؤسسات الدولة الرسمية أو

غري الرسمية. ونتيجة هذا الصدام، يحدث نوع من التفاهم/ التواطؤ

بني هذه القطاعات؛ األمر الذي يقوي الدولة إىل حني.

ويعتقد عبد القادر أن نظام اإلنقاذ جاء يف ظروف عسكرية ضاغطة،

أطراف يف تــدور التي بالحروب مشغوال الحاكم النظام فكان

الشعبية الحركة قيادة تحت الجنوب حرب وأرشسها السودان،

لتغطية االقتصادية املوارد يستهلك كان ولذلك السودان. لتحرير

أعباء الحرب؛ عىل نحو رفع تكلفة الضغط عىل املجتمع ومجموعات

املصالح ومؤسسات الدولة، فلم يستطع النظام توفري املوارد الالزمة،

وال املتطلبات الحياتية العادية للمواطنني. ويف املقابل، فإن مجموعات

املصالح استطاعت تحقيق مصالحها من خالل االلتفاف عىل مطالب

املواطنني، أما املجموعات األخرى، فهي التي تتمرد عىل النظام رأسا،

ومن للنظام، ين مستمر واستنزافا ضغطا فتشكل وتخرج، وتتسلح

الحاكمة ضغوط من عدة جوانب؛ ضغط ثم يكون عىل املجموعة

عسكري، ال تقوى عىل التخيل عنه، وضغط اقتصادي، ال تقدر عىل

إيجاد موارد أو إحداث تنمية بالصورة املطلوبة.

أنه إىل القادر عبد يذهب السودان، يف الثورة ظهور عوامل وعن

فقد جوبه مبقاطعات بطريقة عسكرية، النظام جاء إىل كون نظرا

جعله نحو عىل الخارجي، الدعم فافتقد الخارج، من ومحاربات

محارصا داخليا وإقليميا. فأدى هذا األمر إىل متلمل يف النواة القيادية

الحاكمة نفسها، ويف ذلك، انشقاق وخالف يف األولويات والسياسات،

مجموعة ليست الحاكمة املجموعة ألن ذاتها؛ األيديولوجيا ويف

متجانسة واحدة، إمنا تتكون من عنارص مدنية وعسكرية وإسالمية

عقائدية. وإزاء هذه الضغوط العسكرية واالقتصادية، حدث انشقاق

عام 1999، بقيادة حسن الرتايب، أما املجموعة األخرى (نظام اإلنقاذ)

عىل الضغوط ازدادت الرتايب، مجموعة وبخروج املسري. فواصلت

ضغوط والعسكرية االقتصادية الضغوط عىل زادت حيث النظام،

فكرية؛ كون الرتايب معارضا رشسا للنظام، وقد سعى مرارا لتقويضه،

عىل اعتبار أنه انحرف عن االتفاقية األساسية. وخلقت هذه الضغوط

توافر فام متوقعة، غري بصورة قوى مراكز النظام داخل املتوالية

للمؤسسات املوازية من موارد جعلها مركزا من مراكز القوى، وأصبح

بعيد، مناوئة ومنافسة الدولة مؤسسات مستقلة إىل حد يف داخل

املوازية، وكل واحدة من هذه املؤسسات حاول رأسها للمؤسسات

باستقاللية له، والدعم املوالني وحشد وإمكانياته، نفوذه توسيع

للنظام، متصارعة رؤوس عدة فنشأت للدولة؛ املركزية اإلدارة عن

سواء عىل املستوى االقتصادي أو العسكري؛ فهناك مؤسسة الدفاع

141تقرير

الحركتان االحتجاجيتان في السودان والجزائر وآفاق التغيير الديمقراطي

الشعبي وما تقوم به من عمليات، ومؤسسة القوات املسلحة التي

متثل الجيش النظامي، وقوات أخرى بديلة كالدعم الرسيع والقوات

الصديقة، إضافة إىل قوات جهاز األمن.

وهذه النزاعات بني الرؤوس املختلفة ال ميكن أن تحل، إال عن طريق

لجوء رأس كل فريق إىل اسرتضاء رأس النظام، فيكون هو من يحتكم

إليه، ويف هذه الحالة هو الرئيس عمر البشري، ومن ثم تحول النظام

من الطبيعة العسكرية، أي من حكم املجموعة، إىل حكم الفرد الذي

يستمرئ هذه الشقاقات، حتى يعزز من مكانته بصفته حكام أخريا

النظام، بصورة السياسية. وال يكون هذا األمر يف مصلحة اللعبة يف

النظام، مستمرة؛ كون هذه التصادمات عىل املدى الطويل تضعف

مام يحفز القوى الشعبية التي مل تحظ بيشء من التنمية، ودفعت

تكلفة الحرب والنزاعات، وبالنتيجة تتولد انشقاقات داخل املجتمع

ترجح التي الحرجة، الكتلة التجاين بوصف تشكل ما وهي ذاته،

كفة امليزان، بتجميعها للسخط، مشكلة الثورة الشعبية التي تضعف

املجموعة الحاكمة، وتسقطها. ورغم بلوغ رأس النظام درجة عالية

من التسلط، فإنه غري قادر عىل إحكام قبضته عىل أطراف النزاع، وال

يتمكن من العودة إىل املجتمع؛ بسبب اهتزاز ثقة قطاعات املجتمع

به، وبذلك يكون قد مهد النظام الطريق لسقوطه، وقد سقط بالفعل.

2. تجارب االنتفاضات السودانية: التحديات والدروس المستفادة

يطرح أحمد إبراهيم أبو شوك، أستاذ التاريخ الحديث واملعارص يف

كلية اآلداب والعلوم يف جامعة قطر، سؤال: ملاذا التغيري؟ ويجيب عنه

البعد من خالل بعدين، األول زمني متحرك، واآلخر موضوعي. أما

الزمني، فيبدأ عام 1953، عندما بدأ السودان بعد االستقالل بحكومة

دميقراطية، وينتهي عام 2019. فبالنظر إىل نظام الحكم، يالحظ أن

العسكري النظام أما الدميقراطي عاش مدة خمس سنوات، النظام

األول فست سنوات، والنظام الدميقراطي الثاين خمس سنوات، وفرتة

أربع الثالثة والدميقراطية النمريي ست عرشة سنة، الرئيس جعفر

سنوات، أما نظام اإلنقاذ فاستمر مدة ثالثني سنة. ويستنتج من هذه

القراءة الرقمية أن نظام الحكم، الذي حكم السودان، يف حاجة إىل

تغيري، ويف ذلك العودة إىل نقطة صفر، وإعادة بنية الدولة. وبالنسبة

الدميقراطي النظام أن شوك أبو يجد السياسية، األحزاب عدد إىل

يف السودان بدأ بستة أحزاب سياسية؛ ويف الدميقراطية الثانية، بلغ

عددها خمسة عرش حزبا؛ أما يف الدميقراطية الثالثة، فأصبح العدد

ومثانني ثالثة السودان األحزاب يف فيبلغ عدد اآلن، أما ستة عرش؛

حزبا مسجال. ويف ذلك داللة عىل أن البنية الحزبية فشلت كذلك يف

أن تحقق أي نجاحات.

السودانية االنتفاضات بني املشرتكات من عددا شوك أبو ويذكر

،1985 عام انتفاضة عىل ومير ،1964 عام بانتفاضة ويبدأ الثالث،

زوايا من الزمني الخط هذا ويقرأ ،2019 عام بانتفاضة وينتهي

مختلفة. أما عن مساهمة القطاع الشبايب يف هذه االنتفاضات، فريى

أبو شوك أن الذين ولدوا عام 1953، كانت أعامرهم أحد عرش عاما،

عام انتفاضة جاءت ملا العسكرية، الحكومة نهاية ولدوا والذين

1985، كانت أعامرهم واحدا وعرشين عاما، ويف الفرتة 1985 - 2019،

التي أيضا املشرتكات وعن عاما. وثالثني أربعة أعامرهم أصبحت

برزت بني هذه االنتفاضات، يرى أن جميعها كانت تسعى للعودة

دولة وبناء وأعوانه، العسكري النظام آثار وإزالة الدميقراطية، إىل

القانون واملؤسسات. ويف سياق املشرتكات بني هذه الثورات الثالث،

يرى أبو شوك أنها تتسم بثالث نقاط، هي:

فهي االنتفاضات؛ لهذه واضحة إسرتاتيجية رؤية وجود عدم

ال متلك برمجة رصينة لتنفيذ أجندة التغيري والتحديث، بدليل أن

الشاغل إىل هذا اليوم، من رئيس الوزراء؟ وما الحكومة املدنية؟

الذي قاد إىل نزاع داخيل، يف الدميقراطية؛ األمر الثقافة غياب

أوساط من قاد هذه الحراكات الشعبية، وانتهى بترشذم أفسح

املجال لعودة املؤسسة العسكرية مرة أخرى.

عدم التجانس بني قوى التغيري، سواء جبهة الهيئات، أم التجمع

أبريل نيسان/ يف ذلك ويالحظ املهنيني. تجمع واآلن النقايب،

التغيري قوى فشلت إذ 1969؛ األول/ أكتوبر وترشين 1985

هذه حبيسة وبقيت الخطاب تجانس بتحقيق املساهمة يف

يلبي تغيري منها، إلحداث أبعد تنظر ومل التاريخية، املنظومة

احتياجات التحول الدميقراطي.

ففي الثالث؛ الثورات بني االختالفات من عــددا شوك أبو يرى

والقطاع النقابية باألجهزة التغيري قوى ارتبطت األوىل، االنتفاضة

القوى أما املدن. بعض ويف الخرطوم يف محصورة وكانت الطاليب،

التي واجهت القطاعات املنتفضة، فتمثلت يف األمن النظامي، سواء

الرشطة أم األجهزة األمنية، ومدة االنتفاضة مل تزد عىل أسبوع واحد،

إبراهيم عبود، ونشأ عن ذلك الفريق نظام أن تسقط واستطاعت

النقابية. الرتكيبة ذات الهيئات حكومة سميت مدنية، حكومة

واستمرت الفرتة االنتقالية مدة عام واحد، وكانت القطاعات التقليدية

القوى رأس كان عىل الشيوعي الحزب ألن التغيري؛ من املستفيدة

العالقة وقطع التقليدية، الدولة تفكيك يرى رضورة الذي املؤثرة،

االنتفاضة وأسفرت القبلية. واملؤسسات الطائفية املؤسسات بني

وتصدت أسبوعني، استمرت والتي نيسان/ أبريل 1985، يف الثانية

األمنية، عن مجلس عسكري وحكومة مدنية الرشطة واألجهزة لها

142 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

واحد. عام مدة السلطة زمام تسلمت للنقابات، الوطني للتجمع

ويرى أن السلطة إثر هذه االنتفاضة انشغلت مبشكالت جانبية، مثل

قضية الجنوب. أما االنتفاضة الثالثة عام 2019، فتتميز بشمولها يف

منصات ساهمت وكذلك ورأسيا، أفقيا امتدت فقد وأرياف؛ مدن

التواصل االجتامعي، والقنوات الفضائية، والسودانيون يف الخارج، يف

بل للثورة، تتصدى وحدها األمنية األجهزة تكن ومل الوعي. تنوير

ظهرت كتائب الظل، وهي أجهزة من خارج الدولة حاولت القضاء

عىل املظاهرات، لكنها فشلت.

وعن مسار التغيري واآلفاق املقرتحة، رأى أبو شوك أنه يبدو محفوفا

باملخاطر؛ فبقراءة الثورة الحالية، يتبني غياب الرؤية اإلسرتاتيجية التي

تخدم شعار الثورة، إضافة إىل وجود قوى خارج هذه املنظومة التي

تتبنى التغيري، فالحركات املسلحة مل تنضم إىل فيلق التغيري. هذا فضال

أوساط نقد ذايت يف الدميقراطية؛ حيث ال يوجد الثقافة عن غياب

األحزاب السياسية، وال بناء قواسم مشرتكة لتجاوز الرصاع التقليدي

بني اإلسالميني والشيوعيني. يضاف إىل ذلك عدم وجود نخبة سياسية

املهنيني إلعالن تجمع تجانس خطاب وعدم الشعب، يلتف حولها

أبو شوك رضورة املتاحة، فريى املسارات الحرية والتغيري. وأما عن

إعالن حكومة مدنية لها برنامج واضح، خالفا لخطاب تجمع املهنيني

الذي ينادي بحكومة كفاءات. كام يجب عدم التقوقع داخل التجارب

التاريخية، فلامذا يجب أن يكون مجلس عسكري بدال من مجلس

سيادي، يجمع بني املدنيني والعسكريني، ومهمته تكون سياسية، مع

وجود حكومة تنفيذية؟ ويرى أيضا أن برنامج قوى التغيري يجب أن

يكون واضحا، ويتصدر الشعارات املطروحة؛ فيجب عدم حرص الثورة

القانونية ينبغي له أن الفائت، فإجراء املحاسبة النظام يف محاسبة

لتحقيق سياسة وجود يستوجب وهذا عدلية، مؤسسات عب يتم

العدالة االنتقالية. وكام يتأكد إعادة هيكلة الدولة وفق أسس علمية،

ومعالجة املشكالت االقتصادية؛ لكون اإلشكال ليس سياسيا فحسب،

إمنا هناك مشكلة اقتصادية معقدة. وأخريا، ال بد من اإلعداد للتحول

الدميقراطي من خالل فتح النقاش حول الدستور وقانون االنتخابات،

وتأسيس لجنة وطنية محايدة تساعد عملية التحول الدميقراطي.

3. خلفيات الحركة االحتجاجية السودانية وآفاقها

عىل والطفل، املرأة حامية مجال يف الناشطة حسن، ناهد ركزت

وأبرز السودان، يف االجتامعية وقواها االحتجاجية الحركة بنية

القوى الفاعلة فيها، وموقف املعارضة السودانية، ومستقبل الحركة

ثورة 2019، الباحثة، يف حديثها عن السودان. وترى االجتامعية يف

وهي ثورة الشباب، أن الشعب السوداين مل يتوقف لحظة عن النضال

مختلفة، بأشكال الضحايا وقدم ،1989 عام منذ النظام هذا ضد

سواء داخل املعتقالت أو يف حركات احتجاجية متقطعة، يأيت حراك

2019 ضمنها.

ولفهم بنية الحركة االحتجاجية، تشري الباحثة إىل أنه يجب العودة

إىل نشأة بنية النظام الحايل، الذي هو تحالف بني "اإلخوان املسلمني"

والعسكر؛ فهذا التحالف أعطى فرصة جيدة للسودانيني، حتى يعوا

فشل هذا النظام وفشل شعاراته والقيم التي دعا إليها، كام يقدم

والتحوالت املنطقة يف السياسية األحزاب بدراسة للمهتمني فرصة

التي أدت إىل الوضع التي تطرأ عليها. ولفهم اإلشكاالت األساسية

- األيديولوجية السياسية الحركات فكر الباحثة تناقش الحايل،

وعالقاتها وانتامئها الحركات هذه بنية عىل بالرتكيز السودان، يف

بالخارج، وعىل كونها حركات مركزية. وتشدد الباحثة عىل أنه عند

األخرى اإلسالمية بالحركات السودانية اإلسالمية الحركة مقارنة

كتابات عىل فباالطالع جدا، متقدمة حركة أنها نجد املنطقة، يف

الرتايب مثال، يف السبعينيات والثامنينيات، نجد الحديث عن حسن

الحديث عند لكن املوضوعات. من وغريها للصالة، املرأة إمامة

مبدئية غري نجدها الحركة هذه عىل طرأت التي التحوالت عن

تاريخ يف املفصلية املرحلة وهنا الديني، مع السيايس تقاطع يف

لها تعرضت التي للضغوطات يعود ذلك أن وترى الحركة. هذه

عند وصولها إىل السلطة، ويف مثال عىل ذلك، تناقش قانون الطفل

السودان، يف الحقوقية املنظامت عليه عملت الذي ،2010 لعام

وتشري إىل أن املوقف من حقوق اإلنسان كان يتأرجح لدى النخبة

السياسية وفقا ملصالحها.

وتوضح ناهد حسن أن الرئيس عمر البشري، منذ وصوله إىل السلطة،

سلطة وجود اعتبار عىل واإلعــالم؛ الناس أفواه تكميم عىل عمل

مطلقة بال رقابة، ومن ثم انتقل للعمل عىل مرشوع "إعادة صياغة

سياسيا، وآخر أيديولوجيا جانبا يتضمن الذي السوداين"، اإلنسان

وإحالل النقابات، كرس من النظام هذا لتمكني سلطويا، وكذلك

مؤسسات بديلة منها؛ عىل نحو جعل السيطرة عىل القطاعني العام

والخاص ملنسويب هذا النظام، وحتى الرتقي يف املناصب كان يتم وفقا

للعالقة بالنظام. وبذلك، سيطر عىل كل مفاصل الدولة، وبدأ يف عزل

األحزاب األخرى، إىل فرتة طويلة. يف مقابل ذلك، تستنتج الباحثة أن

البشري بهذه الترصفات كان يعزل نفسه، ويعزل الحزب، عن التفاكر

والنقد الذي يوجهه إليه اآلخرون، فذلك يؤدي إىل التأخر والرتاجع.

وتروي عن تجربتها الشخصية أنها كانت تعمل يف مرشوع "إيقاف

املرشوع، يف عملها فأثناء السودانية"؛ املدارس يف البدنية العقوبة

الرتبية وزارة يف لجنة من موافقة عىل تحصل بأن مطالبة كانت

143تقرير

الحركتان االحتجاجيتان في السودان والجزائر وآفاق التغيير الديمقراطي

والتعليم، فرضت عليها ترك مرشوعها والعمل عىل بحث آخر. وتذكر

أيضا أن جزءا من سياسة النظام كان موجها ضد األشخاص املحرومني؛

وهذا ما يفرس أن ذوي اإلعاقة قوة فاعلة، ومن أكرث الرشائح خروجا

ا كتب يف وصف صورة أحد ضد النظام يف الحراك الحايل، وتقتبس نص

ذوي اإلعاقة، عب مواقع التواصل االجتامعي، يقول: "كم يعاين حني

يخطو خطوتني، لكنه مييض بإرصار وشكيمة. مل نر وجهه، لكن رأينا

وجهته والعزمية.. ماذا لو هرولت هذه الجموع، ال يفكر بالرجوع،

اتكأ. هل عكازته وعىل للحق، نصريا لم خرج؟ بالخضوع. يبايل ال

يا ترى ذاق طعم الذل يوما، فبىك؟". وتقول أيضا إن األطفال كانوا

من أيقونات الثورة؛ فهم مل يخرجوا ألنه جرى تلقينهم، بل خرجوا

النظام. هذا سياسات ضد شديدة، وشكيمة عال بصوت يهتفون

فقد ولهذا املرأة، مع عداء خلق النظام هذا بأن بالقول وتختم

ناضلت املرأة السودانية ضده منذ عام 1989؛ فالفتيات يف الجامعات

كن يحتججن بطريقتهن الخاصة. ولهذا فبنية االحتجاجات، تحمل

رغبة يف التعايف، واالنتصار للذات من القهر والتسلط، وهذا ما مييزها

من غريها من االحتجاجات، إذ كانت تعب عن نفسها بأشكال عديدة

ومبشاركة فئات واسعة من الشعب.

ثانيا: آفاق الحركة االحتجاجية ومستقبل التحول الديمقراطي في

الجزائرمروان العريب، املركز يف السياسية الدراسات وحدة مدير افتتح

قبالن الندوة، باإلشارة إىل أن الجزائر تواجه اليوم مسارين رئيسني.

أولهام املسار الدستوري الذي يدفع به الجيش واملؤسسة العسكرية،

ويتخوف منه الكثريون بأن يتحول عائقا أمام التحول الدميقراطي. أما

املسار الثاين، فهو املسار السيايس الذي تدفع به الحركة االحتجاجية،

عىل أمل أن يساهم هذا املسار يف تحقيق تحول دميقراطي حقيقي.

وأضاف أن الجزائر اليوم تضطلع بدور مهم ومعاكس، فسابقا كانت

متثل لدى الشعوب العربية فزاعة بسبب حادثة "العرشية السوداء"،

أما اآلن فقد باتت منوذجا فريدا من نوعه يف تحقيق التغيري؛ فحراكها

متيز بسلميته وحضاريته من أجل تحقيق التحول الدميقراطي.

1. ديناميات الحركة االحتجاجية: بنيتها وأهم القوى الفاعلة فيها

ناقشت الجلسة األوىل ديناميات الحركة االحتجاجية يف الجزائر، وقدم

فيها املؤرخ نارص الدين سعيدوين مداخلة عنوانها "الخلفية التاريخية

هي نقاط، ثالث عىل سعيدوين ركز الجزائر". يف الشعبي للحراك

موقع الجزائر من خالل الخلفية التاريخية، والثورة الجزائرية والثورة

املضادة، وطبيعة الحراك وآفاقه وموقع النخب السياسية الجزائرية.

محطات عدة عب وموقعه الجزائري التاريخ سعيدوين سريورة قرأ

تبدأ، الجزائر يسري يف دورات مغلقة، تاريخ تاريخية، وأشار إىل أن

برتاكم ملشكالت، ثم انغالق يف الرؤية، ثم انسداد، ثم انفجار. وهذا

الجزائر من خالل تفقد إذ أو غريها، أو مرص ما مييزها من تونس

املغلقة الدورة وهذه "االستمرارية"، مسألة التاريخية سريورتها

.2019 ،1954 ،1945 ،1871 ،1830 أعــوام يف الجزائر عاشتها

يف يعيش الجزائر تاريخ جعلت الغريبة الظاهرة هذه أن ويرى

أن الجزائر، موقع عن حديثه يف ويضيف دامئة. ثورية انفجارات

صامت، شعب فهو االختزال، عىل القدرة لديه الجزائري الشعب

إذا ما قورن بشعوب أخرى تتحدث بالسياسة. يضاف إىل ذلك أنه

شعب يختزن قدرات هائلة، وعندما ينفجر، ال ميكن أن نتنبأ بذلك.

الشعب، لهذا الفردي السلوك تحليل خالل من الباحث، ويرى

من مجموعة إىل ذلك ويعزى قرسية، حلول إىل دوما يذهب أنه

االستعامر. منذ الجزائري الشعب عاشها التي التاريخية الرتسبات

بتجارب التاريخية الجزائر تجربة حول حديثه سعيدوين ويختتم

،1954 التحريرية والثورة ،1945 مايو أيار/ 8 مجازر مثل سابقة،

السوداء العرشية وتجربة أكتوبر 1988، األول/ وأحداث 5 ترشين

يف التسعينيات. ويلخص سعيدوين تجربة الجزائر التاريخية، بالقول

إنها تجربة مقاومة وثورة، وأن تاريخها تاريخ مقاومة وثورة، وهذه

الجدلية يف الواقع طبعت تاريخ الجزائر وموقعه.

املضادة، الجزائرية والثورة الثورة الحديث عن انتقل سعيدوين إىل

ورأى أن املعضلة مل تكن أبدا يف النخبة؛ فالقضية يف الجزائر ليست

قضية نخبة سياسية، فالحقيقة أن الشعب الجزائري يتسم بالوعي

أنها ويرى ،1954 عام ثورة من ذلك الباحث ويستقرئ السيايس.

وكانت الجزائرية، النخب تجاوزت شعبية وإرادة بتحرك انطلقت

النتيجة الحتمية يف حينه أن النخبة أصبحت تابعة ومستخدمة من

حلام كانت أنها يرى الثورة، هذه وعن الجزائريني. الثوار جانب

أجله، من استشهد والذي صنعه، الذي الجزائري الشعب عاشه

وكانت حلام يراود جميع الجزائريني والعرب الذين نظروا إىل هذه

الثورة عىل أنها تحمل طموحات الشعوب العربية وآمالها. ولكنها يف

النهاية انتهت؛ فمنذ استقالل الجزائر، أصبح نظام الحكم فيها نظاما

الجزائريون إدارة بريوقراطية، وهنا وجد عسكريا، وهذا إىل جانب

بظاهرة ذلك عىل سعيدوين ويستدل مضادة. ثورة أمام أنفسهم

"الفرنسة" التي اجتاحت النظام البريوقراطي والعسكري يف الجزائر.

ويرى أن الثورة املضادة طرحت قضايا مل تكن موجودة عىل أجندة

الرأي. واختالف التعريب، وعملية األمازيغية، مثل الجزائريني،

144 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

وانتهت مضادة ثورة فجرتها ثورة أمام الجزائريون بات ويضيف

االستقالل بينام الدولة، وإقامة السيايس االستقالل تحقيق إىل

للدميقراطية الذي ميهد والعلمي الثقايف االستقالل الحقيقي - وهو

أنجزوا الجزائريني أن إىل يشري وهنا نجده. مل الحرة - واملواطنة

إنجاز دون فمن الثورة، ينجزوا ومل االستعامر من التحرير حرب

الدميقراطية واملواطنة يصعب الحديث عن ثورة؛ فالثورة موجهة من

التحرير موجهة إىل بينام حرب املجتمع، أجل تحطيم ميكانيزمات

التحرر من االستعامر الخارجي.

عرج سعيدوين يف الحديث عن مفهوم النخبة والنخبة الجزائرية، وطرح

سؤاله: هل هناك نخبة جزائرية؟ ويف تعريفه النخبة يقول إنها جامعة

مستقلة بذاتها، ولها إطار تنظيمي ولو نسبيا، وإمكانية للتواصل مع

املجتمع، والقدرة عىل التعامل مع الدولة. لهذا فهي أقلية فاعلة ذات

قوة مؤثرة وسلطة أدبية تجعل أفرادها مؤهلني للتعامل مع السلطة

معنويا أو ماديا؛ ما يسمح لها باالرتقاء إىل أعىل الهرم االجتامعي. بهذا

املفهوم، يجد سعيدوين أن استخدام النخبة يف السياق الجزائري هو

الجامعات خريجي من العديد الجزائر يف نجد إذ للمفهوم. تجاوز

املثقف من هم أين ولكن الكتب، ومؤلفي الشهادات وحاميل

الحقيقي، وهو املثقف الذي يرصد ضمري األمة؟ ويضيف أننا ننتظر

من النخبة الجزائرية أن تفهم الواقع االجتامعي، وتستوعب الحراك

الشعبي، وتنتج أفكارا جديدة، وهذا ما نجده غائبا يف هذه النخبة التي

تعيش مأزقا تاريخيا ال ميكن التهرب منه. ذلك أن النخب الجزائرية

نخب ظرفية واستهالكية مرتبطة بدوائر الحكم، ثم إنها نخبة هشة

عاجزة عن إجراء نقد ذايت لواقعها؛ فهي متغربة عن املجتمع وتعيش

العزلة والنفي الثقايف، ثم أنها نخبة متوترة وقلقة وناقدة وكأنها غريبة

عن املجتمع وتنضم إىل مجتمع غري موجود ونظرتها إليه سطحية.

مرشوع فشل ضد انتفض الجزائري الشعب بأن الباحث ويختتم

أهم وهو الجزائرية - الثورة رصيد إهدار وضد الوطنية، الدولة

رصيد للعرب والجزائريني - وضد حكم عسكري بريوقراطي استهلك

أن ويضيف اآلفاق. أمامهم وأغلق وثرواتهم الجزائريني مقدرات

هذه الثورة سواء نجحت أو فشلت، فقد أسهمت يف تجاوز العمل

السيايس الحزيب والطرح األيديولوجي الضيق الذي يعول عليه النظام،

وأسهمت يف تشكيل إجامع وطني يخاطب جميع الجزائريني ويحطم

أطرهم التقليدية، وأسهمت يف بلورة رد فعل عىل مامرسات النظام

فهذا شبابية، نخبة إبراز يف وأسهمت الكرامة، أجل من وقمعه

الحراك عامده الشباب الجزائري.

الحركة "بنية بعنوان مداخلة بكيس الدين نور األكادميي وقدم

هي رئيسة، عنارص ثالثة عىل فيها عرج الجزائر"، يف االحتجاجية

وأشار الجديدة. والرهانات املوازية، والفضاءات الحراك، دينامية

بكيس إىل أن حراك عام 2019 غري منفصل عن الحركات االحتجاجية

التي بدأت يف الجزائر منذ عام 2011. فقد أسهمت هذه الحراكات

يف صياغة واقع سيايس غري مسبوق يف الجزائر، يتم فيه انتزاع تنازالت

أن عىل يشدد ولهذا الشارع. إىل باالحتكام الحاكمة السلطة من

الجزائريني أمام لحظة مل تولد اآلن، فقد كان لهذه االحتجاجات تحضري

مسبق، من دون أن يعي الجزائريون تاريخه وطبيعته وديناميته.

وأشار بكيس يف معرض حديثه عن دينامية الحركة االحتجاجية منذ

عام 2011، إىل أن الجزائر شهدت قبل هذه األحداث قرابة 10 آالف

حركة احتجاجية سنوية، ويف السنة املاضية تحديدا، شهدت الجزائر

أن بكيس ويرى احتجاجي. حراك ألف من أكرث وحدها العاصمة

هذه االحتجاجات تختلف عن احتجاج عام 2019، إذ كانت غالبيتها

الراديكايل. وبني أن حراك 5 كانون الثاين/ يناير 2011 املنحى تتخذ

املتزامن مع الثورة يف تونس ومرص، شهد انتشارا واسعا، ويف 32 والية،

فيه محتجون من أعامر مختلفة، أيام، كام شارك وعىل مدار ثالثة

أن هذا إىل بكيس ويذهب الشباب. فئة من أغلبيتهم كانت وإن

الحراك فرض عىل الجزائريني منطا جديدا من االنفتاح السيايس؛ إذ

كان غري مسبوق من حيث استهداف رمزية املؤسسات الوطنية، مثل

البلديات، ومؤسسات جباية الرضائب، وبعض املؤسسات الخدماتية،

فضال عن استهداف بعض املؤسسات التعليمية، والقضاء، واملؤسسات

املحتجون صنعه االحتجاجي املسار هذا أن ويضيف األمنية.

أيضا قررت السلطة هي السلطة، لكنه ال ينفي أن املنتفضون ضد

احتواء الحراك حتى ال يرتقي إىل أكرث من ذلك. وهنا يشري إىل اتفاق

باالحتجاج للجزائريني سمحت التي وهي السلطة، عقدته ضمني

إىل مطالبهم ترتقي أال عىل السوسيواقتصادية، املطالب لتحقيق

مطالب له 2011 عام احتجاج أن عىل ويشدد سياسية. مطالب

أسس فإنه راديكالية، أدواته كانت وإن واضحة، ومساحة واضحة

فعال احتجاجيا غري مسبوق يف الجزائر. وعن طبيعة تعامل السلطة،

يرى بكيس أن الوعود التي قدمتها السلطة للمحتجني يف عام 2011

تضاءلت يف عام 2014؛ إذ أصبح من الصعب املحافظة عىل الصفقة

االستبدادية الناعمة التي احتوى بها النظام احتجاجات عام 2011،

بسبب أزمة النفط العاملية.

التي أنتجت الباحث إىل الحديث عن الفضاءات املوازية انتقل ثم

القدم" كرة "ملعب أهمية عىل ذلك يف واستدل الحراكات، هذه

السياسية. للمحاكمة موطنا أصبح امللعب أن إىل يشري الذي وهو

فسوسيولوجيا امللعب باتت مصنعا إلنتاج الشعارات. ويرى هنا، أن

أمام رهانات كبرية جدا. واختتم حديثه أنفسهم الجزائريني وجدوا

التي للخبة نتيجة حتمية احتجاجات 22 شباط/ فباير 2019 بأن

145تقرير

الحركتان االحتجاجيتان في السودان والجزائر وآفاق التغيير الديمقراطي

حصل عليها الشارع من االحتجاجات املرتاكمة منذ عام 2011، الذي

بات لديه خبة يف التعامل مع السلطة الحاكمة؛ فالشباب املحتجون

الذين يقودون الحراك يؤدون دورا متاميزا يظهر تحديدا يف الطابع

السلمي، فهم حريصون عىل تفادي انزالق الثورة.

2. الوضع الدستوري ومواقف القوى اإلقليمية والدولية

"املقاربة بعنوان مداخلة أوصديق فوزي الدستوري الخبري قدم

القانونية والدستورية للحراك الجزائري". وانطلق من أن حراك عام

2019 هو استكامل للمرشوع الوطني الذي بدأ مع الثورة التحريرية؛

فالجزائر حصلت عىل االستقالل عام 1962، واآلن يعيش الجزائريون

األسايس القانون ديباجة عليه تنص ما وفق السيايس االستقالل

الجزائريني أن ويضيف حر. الجزائري الشعب أن عىل ينص الذي

واملرشوعية الدستورية، الرشعية هام منطقني، بني يعيشون اآلن

الشعبية. ويرى أن الجزائري، منذ ستينيات القرن املايض، كان مرتهنا

التاريخية التي باتت طوق النجاة للرشعية الدستورية، للمرشوعية

بينام منذ اندالع احتجاجات شباط/ فباير 2019، نجد أن املرشوعية

الشعبية هي طوق النجاة للرشعية الدستورية.

التي املادة 102، استنفد مبوجب الحايل الدستور يرى أوصديق أن

انتقال الرئاسة عب الجميع تنظيم حالة شغور منصب توجب عىل

البملان) مدة 90 العليا يف السلطة إىل رئيس مجلس األمة (الغرفة

يوما، والدعوة إىل انتخابات. وشدد عىل أهمية هذه املادة، واستدل

تنص التي و9، و8 7 املواد إىل بالعودة املحتجني مبطالبات عليها

والفصل الحكام، اختيار بحرية تفيد والتي الشعب، سيادة عىل

الحل أن أوصديق يرى ولهذا القضاء. واستقاللية السلطات، بني

الدستوري يجب أن يفرض حلوال سياسية ذات طابع دستوري، وليس

حلوال دستورية ذات أثر سيايس.

اختتم أوصديق مداخلته مؤكدا أن الوضع السيايس يف الجزائر يحكمه

ويتمثل يف اإلصالح" "منطق األول سامه إىل منطقني. يستند رصاع

املسار الدستوري الذي اقرتحه الجيش الجزائري يف آذار/ مارس 2019

وعىل أساس تطبيق املادة 102 من الدستور الجزائري؛ فهذه املادة

استثنايئ لوضع وليس الطبيعية السياسية الظروف إلدارة صممت

الذي املنطق فهو تغيري"، "منطق الثاين، أما ضاغطة. واحتجاجات

ينادي به املحتجون الجزائريون مبن فيهم املعارضة السياسية، وهذا

املنطق ال يستند إىل القواعد الدستورية املكتوبة. وشدد أوصديق يف

مداخلته عىل استنفاد الحلول الدستورية لجميع الخيارات املتاحة،

تنتقل سياسية حلوال تتطلب الجزائر يف الراهنة االحتجاجات وأن

بالجزائريني نحو الدميقراطية، ال حلوال دستورية.

يف الجلسة الثانية، قدم عامر جفال مداخلة بعنوان "مواقف القوى

اإلقليمية والدولية من االحتجاجات الجزائرية"، أكد فيها أن السياسة

واالستمرارية، الثبات من كبري بقدر متيزت الجزائرية الخارجية

األطر فهذه واملصلحية؛ املبدئية األطر من مجموعة والتزمت

واملبادئ نتاج مرحلة التحرر، ونتاج مجموعة من القوانني واألعراف

الدولية املنصوص عليها دوليا، مثل حق تقرير املصري، وعدم املساس

املساس وعدم الداخلية، الشؤون يف التدخل وعدم بالسيادة،

بالحقوق املوروثة، وحل النزاعات بالطرق السلمية. وشدد جفال عىل

لهذه احرتامه أبدى لطاملا للجزائر، الخارجي السيايس الخطاب أن

العبارات وهو الذي كررها، واعتبها جزءا من سياساته الخارجية.

الجزائر تجاه والدولية اإلقليمية القوى مواقف جفال يقسم

األوىل املجموعة تضم مجموعتني؛ إىل الشعبية واالحتجاجات

بهذه الجزائر عالقات أن ويرى اإلقليمي، واملحيط وروسيا، الصني،

الدول اتسمت باالستمرارية واالحرتام املتبادل. وبالنسبة إىل القوتني

العظميني، روسيا والصني، يرى جفال أن مثة عالقات عميقة جدا متتد

إىل ستينيات القرن املايض، تعود من جهة إىل انسجام أيديولوجي بني

هذه األطراف، ومن جهة أخرى إىل جملة من املصالح االقتصادية؛

حتى سياسية وبإرادة هائال تطورا بالصني العالقات تطورت فمثال

أضحت بيكني أحد أهم الرشكاء الدوليني يف مجال الزراعة والصناعة.

واألمر نفسه بالنسبة إىل روسيا، فقد شدد جفال عىل أهمية العالقة

العالقة متتني عىل القوتان هاتان تحرص إذ العسكري، القطاع يف

فيذهب اإلقليمي، املستوى أما عىل إسرتاتيجي. إىل مستوى لتصل

جفال إىل أن الجزائر تحظى بعالقة مميزة بالدول العربية واألفريقية،

ويرجع ذلك إىل الرصيد التاريخي للثورة، ويعتقد أن البعض يعيده

بشؤون املساس عدم عىل القامئة الجزائرية الدبلوماسية قوة إىل

األورويب االتحاد دول من فتتكون الثانية، املجموعة أما الغري.

والواليات املتحدة األمريكية. وبخصوص الواليات املتحدة، يرى جفال

أن رد فعلها كان معتدال، إذ شدد عىل رضورة احرتام قرار املواطنني،

ويستدل عىل ذلك بترصيحات اإلدارة األمريكية. ويرى جفال أن ذلك

يعود إىل طبيعة العالقات التي تطورت بني الطرفني خالل فرتة حكم

النفط قطاعي يف سيام وال بوتفليقة، العزيز عبد السابق، الرئيس

بخصوص أما األفريقي. الساحل منطقة يف االستخبارايت والتعاون

األول هو إىل مستويني. املوقف فقد قسم جفال األورويب، االتحاد

االحتجاجات تجاه محايدا بيانا أصدر الذي املؤسيس، املستوى

الجزائرية. أما الثاين، فهو املستوى البيني؛ إذ يرى جفال أن عالقات

الجزائر مبختلف الدول األوروبية طيبة، عدا فرنسا، وهذا يعود إىل

الرواسب التاريخية والعالقات االقتصادية والنخبوية. ويالحظ جفال

التجديد عن راضيا يكن مل الحراك، قبل ما الفرنيس، املوقف أن

146 ددعلألا

اراأ أ رايأرايأ

رسمية غري بإشارات ذلك عىل ويستدل خامسة، لعهدة لبوتفليقة

أو شبه رسمية، مثل صورة الرئيس بوتفليقة بعد زيارة وزير الدولة

الفرنيس، وترصيحات بعض السياسيني الفرنسيني بأن الرئيس الجزائري

يعيش باآلالت، وهذا فضال عن العديد من التقارير الصحافية التي

وصفت بوتفليقة بأوصاف عديدة. يرى جفال أن تأييد فرنسا الرسمي

لعهدة خامسة، جاء بعد أن أيقنت بأن رئيس الوزراء السابق، أحمد

أويحيى، ال يحظى باإلجامع الشعبي. ويختتم جفال مداخلته مؤكدا

أن املواقف اإلقليمية والدولية لن تتغري؛ فهذه الدول كام بات واضحا

معنية باالستقرار أكرث من حرصها عىل الدميقراطية.

3. مستقبل االنتقال الديمقراطي في الجزائر

الدميقراطي االنتقال مستقبل استرشاف النقاشية الجلسة ناقشت

أن فأكد قــرياط، محمد اإلعــالم، أستاذ فيها وتحدث الجزائر، يف

يف يؤخذ أن دون من ممكن غري القائم السيايس االنسداد تجاوز

االعتبار خمسة متغريات رئيسة، هي املؤسسة العسكرية، واألحزاب

السياسية، ومنظومة اإلعالم، والقضاء واملجتمع املدين. فاملتتبع لدور

ورئيس الجزائري األركــان رئيس أن يالحظ العسكرية، املؤسسة

واإلعالمي السيايس املشهد يتصدر القايد صالح، االنتقالية، املرحلة

حول عديدة استفهام عالمات وضع يستوجب وهذا الجزائر. يف

قيادة إىل السلطة الجيش تسليم للجزائريني يضمن فمن دوره،

مدنية. وشدد قرياط عىل أن التحول الدميقراطي يستوجب أيضا دورا

من رئيس عامد وهام املدين، واملجتمع السياسية لألحزاب حقيقيا

الجزائرية، اإلعالمية املنظومة وبخصوص السيايس. التغيري أعمدة

يشري قرياط إىل أنها تعاين خلال كبريا، وبعض املؤسسات ال ترقى إىل

مستوى مؤسسة إعالمية. وبخصوص القضاء، فقد أكد استقالليته يف

الظروف االنتقالية التي من شأنها التأثري يف مسار التحول الدميقراطي

واملساهمة فيه.

دراجي حفيظ الجزائري، اإلعالمي استعرض الثانية، املداخلة ويف

الجزائري، الرسمي التلفزيون يف عقدين مدة العمل يف تجربته

الرئيس حكم فرتة يف والسيايس اإلعالمي التفاعل عىل مشددا

الحراك سلمية أن دراجي وأضاف بوتفليقة. العزيز عبد الجزائري

يف التي ساهمت كبري، وهي إنجاز تحقيق الجزائر ساهمت يف يف

التغيري تحقيق بأهمية دورهم وقدرتهم عىل الجزائريني رفع وعي

السيايس. وأوضح دراجي، من خالل االستفادة من املقاربة الجيلية،

أن ما مييز هذا الحراك هو قدرته عىل استقطاب أجيال مختلفة؛ فمن

جهة هناك دور مهم للشباب يف هذا الحراك، ومن جهة أخرى تجد

الكبار أيضا فاعلني أساسيني فيه.

اختتم دراجي مداخلته بتأكيد النتائج اإليجابية التي حققها الحراك،

ومن بينها استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وشدد عىل رضورة

وهم الجزائريني، مطالب باحرتام يقيض إصالحي برنامج تقديم

بحراكهم هذا وضعوا لبنة مهمة لتحقيق التغيري السيايس واالنتقال

نحو دولة مدنية ودميقراطية.

صـدر حديـثا

إبراهيم معمر تأليف:

دور األمم المتحدة تجاه األقليات:الفلسطينيون داخل الخط األخضر

صداأعنأاملركزأالعريبألألبحرثأودااسةأالسيرسرتأكتربأإبراهيمأ عمرألواأ أل مأ ملتحعةأتجرهأ ألقليرت:أ دفلسطينيينأل خلأ دخطأ ألخرض،أالذيأبحثأفيهأدواأ نظمةأاأل مأاملتحدةأ

تجرهأاألقليرت،أ نطلقرأ نأدااسةأحرلةأالفلسطينينيأداخلأالخطأاألخرض،أفهؤالءأهمأ هلأالعصيا،أ عىلأ رأ الجغرافيةأ البقعةأ هذهأ يفأ السكرنأ وشكلياأ كرثاةأ األصليين،أ البلدأااتكبتهأإرسائيلأ نأ نتيجةأ رأ بلدهم،أ " قلية"أيفأ " كرثاة"أإىلأ تحيلياأقساأ نأ لكنهمأ جرزاأوقتلأوتهجريأقسيأبحقهم،أواضطرااأعددأكبريأ نهمأإىلأالنزوحأإىلأخراجأ اضأفلسطني.أبقيأجزءأ نأهؤالءأالفلسطينينيأيفأاملنرطقأاملحتلةأيفأعرمأ48را،أوتطبقأ

عليهأالقياننيأاإلرسائيلية.

ISSN:) مجلة سياسات عربية مجلة محكمة تصدر عن املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات. تحمل الرقم الدويل املعياري

2307-1583). وقد صدر عددها األول يف آذار/ مارس 2013. وهي مجلة محكمة تصدر مرة واحدة كل شهرين، ولها هيئة

تحرير اختصاصية وهيئة استشارية دولية فاعلة ترشف عىل عملها. وتستند إىل ميثاق أخالقي لقواعد النرش فيها والعالقة

بينها وبني الباحثني. وبعد ثالث سنوات من الخبة، والتفاعل مع املختصني واملهتمني، صدر خاللها من املجلة مثانية عرش عددا،

أعادت املجلة هيكلة نفسها مبا يتوافق مع املواصفات الشكلية واملوضوعية للمجالت الدولية املحكمة. كام تستند إىل الئحة

داخلية تنظم عمل التحكيم، وإىل الئحة معتمدة باملحكمني يف االختصاصات كافة.

تعنى املجلة باملقاالت والدراسات والبحوث وباألوراق البحثية عموما يف مجاالت العلوم السياسية والعالقات الدولية، والسياسات

املقارنة، والنظم املؤسسية الوطنية أو اإلقليمية والدولية، مبا يف ذلك دراسات الحاالت والسياسات، وعمل النظم السياسية

والسلوك السيايس للحكومات والقوى السياسية واالجتامعية والحزبية وسائر الفاعلني االجتامعيني - السياسيني، واتجاهات

املجتمع املدين واملشاركة السياسية واالجتامعية. ويندرج يف هذا السياق اهتاممها بالسياسات العمومية وبالدراسات األمنية

والرصاعات والحروب والتهجري الهجرة وقضايا العام الرأي ودراسات الدويل، والتعاون الديبلوماسية وقضايا واإلسرتاتيجية

األهلية وقضايا حقوق اإلنسان. وتهتم بصورة خاصة مبرحلة االنتقال السيايس العامة الجارية يف الوطن العريب، وال سيام منها

مراحل االنتقال الدميقراطي عىل املستويات السياسية كافة، وما يتعلق بها من جوانب قانونية دستورية ومؤسسية.

العريب لألبحاث ودراسة املركز املجلة يف عملها إىل وحدتني نشطتني يف التحريرية واالستشارية، تستند الهيئتني إضافة إىل

السياسات، هام "وحدة تحليل السياسات " ووحدة "املؤرش العريب " الذي يصدر تقريره كل عام. وتتكامل يف عملها مع

برنامج العلوم السياسية يف معهد الدوحة للدراسات العليا، ومع برنامج "التحول الدميقراطي " يف املركز.

تعتمد مجلة "سياسات عربية " املواصفات الشكلية واملوضوعية للمجالت الدولية املحكمة، وفقا ملا ييل:

أوال: أن يكون البحث أصيال معدا خصيصا للمجلة، وأال يكون قد نرش جزئيا أو كليا أو نرش ما يشبهه يف أي وسيلة نرش –

إلكرتونية أو ورقية، أو قدم يف أحد املؤمترات العلمية من غري املؤمترات التي يعقدها املركز، أو إىل أي جهة أخرى.

ثانيا: أن يرفق البحث بالسرية العلمية للباحث باللغتني العربية واإلنكليزية. –

ثالثا: يجب أن يشتمل البحث عىل العنارص التالية: –

عنوان البحث باللغتني العربية واإلنكليزية، وتعريف موجز بالباحث واملؤسسة العلمية التي ينتمي إليها وآخر إصداراته

باللغتني العربية واإلنكليزية.

(Key Words) امللخص التنفيذي باللغتني العربية واإلنكليزية يف نحو (100 - 125) كلمة لكل لغة، والكلامت املفتاحية

الرئيسة، والطرق املستخدمة يف بحثها، البحث امللخص بجمل قصرية ودقيقة وواضحة إشكالية امللخص، ويقدم بعد

والنتائج التي توصل إليها البحث.

تحديد مشكلة البحث، وأهداف الدراسة، وأهميتها، واملراجعة النقدية ملا سبق وكتب عن املوضوع، مبا يف ذلك أحدث

ما صدر يف مجال البحث، وتحديد مواصفات فرضية البحث أو أطروحته، ووضع التصور املفاهيمي وتحديد مؤرشاته

بيبليوغرافية بقامئة البحث مذيال يكون أن والنتائج، واالستنتاجات. عىل والتحليل البحث، الرئيسة، ووصف منهجية

تتضمن أهم املراجع التي استند إليها الباحث إضافة إىل املراجع األساسية التي استفاد منها ومل يرش إليها يف الهوامش.

وتذكر يف القامئة بيانات البحوث بلغتها األصلية(األجنبية) يف حال العودة إىل عدة مصادر بعدة لغات.

أن يتقيد البحث مبواصفات التوثيق وفقا لنظام اإلحاالت املرجعية الذي يعتمده املركز( ملحق 1: أسلوب كتابة الهوامش

وعرض املراجع).

ال تنرش املجلة مستالت أو فصوال من رسائل جامعية أقرت إال بشكل استثنايئ، وبعد أن يعدها الباحث من جديد للنرش

يف املجلة، ويف هذه الحالة عىل الباحث أن يشري إىل ذلك، ويقدم بيانات وافية عن عنوان األطروحة وتاريخ مناقشتها

واملؤسسة التي جرت فيها املناقشة.

أن يقع البحث يف مجال أهداف املجلة واهتامماتها البحثية.

تهتم املجلة بنرش مراجعات نقدية للكتب املهمة التي صدرت حديثا يف مجاالت اختصاصها بأي لغة من اللغات، رشط

أال يكون قد مىض عىل صدورها أكرث من ثالث سنوات. يرتاوح حجم املراجعة بني 4500-5000 كلمة، وتخضع لقواعد

تحكيم األبحاث يف املركز العريب.

البيبليوغرافية والقامئة اإليضاحية، والهوامش املرجعية اإلحاالت يف املراجع ذلك يف مبا البحث، كلامت عدد يراوح

تنرش، بحسب أن الجداول يف حال وجودها، وامللحقات يف حال وجودها، بني 6000 - 8000 كلمة، وللمجلة وكلامت

تقديراتها وبصورة استثنائية، بعض البحوث والدراسات التي تتجاوز هذا العدد من الكلامت.

يف حال وجود مخططات أو أشكال أو معادالت أو رسوم بيانية أو جداول، ينبغي إرسالها بالطريقة التي استغلت بها يف

األصل بحسب برنامجي اكسل(Excel) أو وورد(Word)، وال تقبل األشكال والرسوم والجداول التي ترسل صورا.

دقيقا يف موضوع – اختصاصا املختصني املحكمني به محكامن من يقوم تام، تحكيم رسي إىل كل بحث يخضع رابعا:

البحث، ومن ذوي الخبة العلمية مبا أنجز يف مجاله، ومن املعتمدين يف قامئة املحكمني - القراء يف املركز. ويف حال تباين

تقارير املحكمني، يحال البحث إىل محكم مرجح ثالث. وتلتزم املجلة موافاة الباحث بقرارها األخري؛ النرش/ النرش بعد

إجراء تعديالت محددة/ االعتذار عن عدم النرش، وذلك يف غضون شهرين من استالم البحث.

خامسا: تلتزم املجلة ميثاقا أخالقيا يشتمل عىل احرتام الخصوصية والرسية واملوضوعية وعدم إفصاح املحررين واملراجعني –

وأعضاء هيئة التحرير عن أي معلومات بخصوص البحث املحال إليهم إىل أي شخص آخر غري املؤلف واملحكمني وفريق

التحرير (ملحق 2).

تلتزم املجلة جودة الخدمات التدقيقية والتحريرية التي تقدمها للبحث... إلخ.

يخضع ترتيب نرش البحوث إىل مقتضيات فنية ال عالقة لها مبكانة الباحث.

ال تدفع املجلة مكافآت مالية عن املواد - من البحوث والدراسات واملقاالت - التي تنرشها؛ مثلام هو متبع يف الدوريات

العلمية يف العامل. وال تتقاىض املجلة أي رسوم عىل النرش فيها.

ملحق 1:أسلوب كتابة الهوامش وعرض المراجع

الكتباسم املؤلف، عنوان الكتاب، اسم املرتجم أو املحرر، الطبعة (مكان النرش: النارش، تاريخ النرش)، رقم الصفحة.

والفنون للثقافة الوطني املجلس (الكويت: 265 املعرفة عامل سلسلة املعلومات، وعرص العربية الثقافة عيل، نبيل

واآلداب، 2001)، ص 227.

كيت ناش، السوسيولوجيا السياسية املعارصة: العوملة والسياسة والسلطة، ترجمة حيدر حاج إسامعيل (بريوت: املنظمة

العربية للرتجمة، 2013)، ص 116.

ويستشهد بالكتاب يف الهامش الالحق غري املوايل مبارشة عىل النحو التايل مثال: ناش، ص 117.

أما إن وجد أكرث من مرجع واحد للمؤلف نفسه، ففي هذه الحالة يجري استخدام العنوان مخترصا: ناش، السوسيولوجيا،

ص 117.

ويستشهد بالكتاب يف الهامش الالحق املوايل مبارشة عىل النحو التايل: املرجع نفسه، ص 118.

أما يف قامئة املراجع فريد الكتاب عىل النحو التايل:

ناش، كيت. السوسيولوجيا السياسية املعارصة: العوملة والسياسة والسلطة. ترجمة حيدر حاج إسامعيل. بريوت: املنظمة

العربية للرتجمة، 2013.

وبالنسبة إىل الكتاب الذي اشرتك يف تأليفه أكرث من ثالثة مؤلفني، فيكتب اسم املؤلف الرئيس أو املحرر أو املرشف عىل تجميع

املادة مع عبارة "وآخرون ". مثال:

،(1991 العربية، الوحدة دراسات مركز (بريوت: العريب، ط 4 القومي الفكر مضمون تحليل وآخرون، ياسني السيد

ص 109.

ويستشهد به يف الهامش الالحق كام ييل: ياسني وآخرون، ص 109.

أما يف قامئة املراجع فيكون كالتايل:

ياسني، السيد وآخرون. تحليل مضمون الفكر القومي العريب. ط 4. بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1991.

الدورياتاسم املؤلف، "عنوان الدراسة أو املقالة "، اسم املجلة، املجلد و/أو رقم العدد (سنة النرش)، رقم الصفحة. مثال:

محمد حسن، "األمن القومي العريب "، إسرتاتيجيات، املجلد 15، العدد 1 (2009)، ص 129.

أما يف قامئة املراجع، فنكتب:

حسن، محمد. "األمن القومي العريب ". إسرتاتيجيات. املجلد 15. العدد 1 (2009).

مقاالت الجرائدتكتب بالرتتيب التايل (تذكر يف الهوامش فحسب، ومن دون قامئة املراجع). مثال:

إيان بالك، "األسد يحث الواليات املتحدة إلعادة فتح الطرق الدبلوماسية مع دمشق "، الغارديان، 2009/2/17.

المنشورات اإللكترونيةعند االقتباس من مواد منشورة يف مواقع إلكرتونية، يتعني أن تذكر البيانات جميعها ووفق الرتتيب والعبارات التالية نفسها:

اسم الكاتب إن وجد، "عنوان املقال أو التقرير "، اسم السلسلة (إن وجد)، اسم املوقع اإللكرتوين، تاريخ النرش (إن وجد)،

......http://www :شوهد يف 2016/8/9، يف

ويتعني ذكر الرابط كامال، أو يكتب مخترصا باالعتامد عىل مخترص الروابط (Bitly) أو (Google Shortner). مثل:

http://bit.ly/2bAw2OB :ارتفاع عجز املوازنة املرصية إىل %4.5 "، الجزيرة نت، 2012/12/24، شوهد يف 2012/12/25، يف"

"معارك كرس حصار حلب وتداعياتها امليدانية والسياسية "، تقدير موقف، املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات،

http://bit.ly/2b3FLeD :2016/8/10، شوهد يف 2016/8/18، يف

ملحق 2

أخالقيات النشر في مجالت المركز العربي لألبحاث ودراسة السياساتتعتمد مجالت املركز قواعد الرسية واملوضوعية يف عملية التحكيم، بالنسبة إىل الباحث واملحكمني عىل حد سواء، وتحيل

كل بحث قابل للتحكيم عىل محكمني معتمدين لديها من ذوي الخبة واالختصاص الدقيق مبوضوع البحث، لتقييمه

وفق نقاط محددة. ويف حال تعارض التقييم بني املحكمني، تحيل املجلة البحث عىل قارئ مرجح آخر.

تعتمد مجالت املركز محكمني موثوقني ومجربني ومن ذوي الخبة بالجديد يف اختصاصهم.

تعتمد مجالت املركز تنظيام داخليا دقيقا واضح الواجبات واملسؤوليات يف عمل جهاز التحرير ومراتبه الوظيفية.

ال يجوز للمحررين واملحكمني، باستثناء املسؤول املبارش عن عملية التحرير (رئيس التحرير أو من ينوب عنه) أن يبحث

الورقة مع أي شخص آخر، مبا يف ذلك املؤلف. وينبغي اإلبقاء عىل أي معلومة متميزة أو رأي جرى الحصول عليه من

خالل التحكيم قيد الرسية، وال يجوز استعامل أي منهام الستفادة شخصية.

للباحثني بحسب ما يستدعي األمر ذلك تقدم املجلة يف ضوء تقارير املحكمني خدمة دعم فني ومنهجي ومعلومايت

ويخدم تجويد البحث.

تلتزم املجلة إعالم الباحث باملوافقة عىل نرش البحث من دون تعديل أو وفق تعديالت معينة، بناء عىل ما يرد يف تقارير

التحكيم، أو االعتذار عن عدم النرش، مع بيان أسبابه.

تلتزم مجالت املركز جودة الخدمات التدقيقية والتحريرية والطباعية واإللكرتونية التي تقدمها للبحث.

احرتام قاعدة عدم التمييز: يقيم املحررون واملراجعون املادة البحثية بحسب محتواها الفكري، مع مراعاة مبدأ عدم

التمييز عىل أساس العرق أو الجنس االجتامعي أو املعتقد الديني أو الفلسفة السياسية للكاتب.

قاعدة عدم تضارب املصالح بني املحررين والباحث، سواء كان ذلك نتيجة عالقة تنافسية أو تعاونية أو عالقات أخرى أو

روابط مع أي مؤلف من املؤلفني، أو الرشكات، أو املؤسسات ذات الصلة بالبحث.

تتقيد املجالت بعدم جواز استخدام أي من أعضاء هيئتها أو املحررين املواد غري املنشورة التي يتضمنها البحث املحال

عىل املجلة يف بحوثهم الخاصة.

النسخة النهائية للبحث والتعديالت: تعرض املجلة النسخة املحررة شبه النهائية من البحث بصيغة PDF عىل الباحث

قبل النرش. ويف هذه املرحلة، ال تقبل أي تعديالت مهمة أو إضافات عىل البحث، إال ما كان من تصحيحات أو تصويبات

أو تعديالت طفيفة؛ وذلك ضمن أمد زمني وجيز جدا تحدده رسالة املجلة إىل الباحث.

املقاالت إىل بالنسبة الفكرية امللكية السياسات حقوق ودراسة لألبحاث العريب املركز ميلك الفكرية: امللكية حقوق

املنشورة يف مجالته العلمية املحكمة، وال يجوز إعادة نرشها جزئيا أو كليا، سواء باللغة العربية أو ترجمتها إىل لغات

أجنبية، من دون إذن خطي رصيح من املركز العريب.

تتقيد مجالت املركز يف نرشها ملقاالت مرتجمة تقيدا كامال بالحصول عىل إذن الدورية األجنبية النارشة، وباحرتام حقوق

امللكية الفكرية.

املجانية. تلتزم مجالت املركز العريب مبجانية النرش، وتعفي الباحثني واملؤلفني من جميع رسوم النرش.

10. Confidentiality: Unpublished data obtained through peer-review must be kept confidential and

cannot be used for personal research.

11. Intellectual property and copyright: The ACRPS retains copyright to all articles published in its

peer-reviewed journals. The articles may not be published elsewhere fully or partially, in Arabic or

in another language, without an explicit written authorization from the ACRPS.

12. Siyasat Arabiya's editorial board fully respects intellectual property when translating and publishing

an article published in a foreign journal, and will not proceed before getting the authorization from

the journal in question.

13. Siyasat Arabiya does not make payments for manuscripts published in the journal, and all authors

and researchers are exempt from publication fees.

Policy Analysis Unit-ACRPS, "President Trump: An Attempt to Understand the Background,

" Assessment Report, The Arab Center for Research and Policy Studies, accessed on 10 /11 /2016, at:

http://bit.ly/2j36v5S

Annex II

Ethical Guidelines for Publication in Siyasat Arabiya1. Siyasat Arabiya's editorial board maintains confidentiality and adheres to objectivity in the peer-

reviewing process. It adopts an anonymized peer review process, where the editorial board selects

the appropriate reviewer to assess paper's suitability for publication, according to specific criteria. In

case of a conflict between the reviewers regarding the publication assessment, a third peer-reviewer

will be selected.

2. Siyasat Arabiya relies on an accredited pool of experienced peer-reviewers who are up to date with

the latest developments in their field.

3. Siyasat Arabiya adopts a rigorous internal organization with clear duties and obligations to be

fulfilled by the editorial board.

4. Disclosure: With the exception of the editor in charge (editor-in-chief or those standing in for the

editor), neither the editors, nor the peer-reviewers, are allowed to discuss the manuscript with third

parties, including the author. Information or ideas obtained in the course of the reviewing and

editing processes and related to possible benefits must be kept confidential and cannot be used for

obtaining personal gain.

5. When needed, based on the reviewer report, the editorial board may offer researchers methodological,

technical and other assistance in order to improve the quality of their submissions.

6. Siyasat Arabiya's editors commit to informing authors of the acceptance or otherwise of their

manuscripts, based on the reviewers' report, or to notify in case of rejection, specifying the reasons.

7. The journal remains committed to providing quality professional copy editing, proof reading and

online publishing service.

8. Fairness: The editors and the reviewers evaluate manuscripts for their intellectual and scientific

merit, without regard to race, ethnicity, gender, religious beliefs or political views of the authors.

9. Conflict of interests: Editors and peer-reviewers should not consider manuscripts in which they have

conflict of interests resulting from competitive, collaborative or other relationships or connections

with any of the authors, companies, or institutions connected to the papers.

Michael Gibbons et al., The New Production of Knowledge: The Dynamics of Science and Research in

Contemporary Societies (London: Sage, 1994), pp. 220 - 221.

In later quotes: Gibbons et al., p. 35.

The corresponding bibliographical entry:

Gibbons, Michael et al., The New Production of Knowledge: The Dynamics of Science and Research in

Contemporary Societies. London: Sage, 1994.

Periodicals Author's name, "article title, " journal title, volume number, issue number (Month/season Year),

page numbers.

Joshua I. Weinstein, "The Market in Plato's Republic, " Classical Philology, no. 104 (2009), p. 440.

The corresponding bibliographical entry:

Weinstein, Joshua I. "The Market in Plato's Republic. " Classical Philology. no. 104 (2009),.

Articles in a Newspaper or Popular MagazineN.B. Cited only in footnotes, not in the references/bibliography. Example:

Ellen Barry, "Insisting on Assad's Exit Will Cost More Lives, Russian Says, " The New York Times,

29 /12 /2012.

Electronic ResourcesWhen quoting electronic resources on websites, please include all the following: Author's name

(if available), "The article or report title, " series name (if available), website's name, date of publication

(if available), accessed on 9 /8 /2016, at: http://www...

The full link to the exact page should be included. Please use an URL Shortener (Bitly) or (Google

Shortner). Example:

John Vidal, "Middle East faces water shortages for the next 25 years, study says, " The Guardian,

27 /8 /2015, accessed on 31 /10 /2015, at: http://bit.ly/2k97Wxw

rigorous scrutiny which apply to research papers. Book reviews must be between 4,500 and 5,000

words in length.

4. The peer review process for Siyasat Arabiya and for all journals published by the ACRPS is

conducted in the strictest confidence. Two preliminary reviewers are selected from a short list

of approved reader-reviewers. In cases where there is a major discrepancy between the first two

reviewers in their assessment of the paper, the paper will be referred to a third reviewer. The editors

will notify all authors of a decision either to publish, publish with modifications, or to decline to

publish, within two months of the receipt of the first draft.

5. Siyasat Arabiya's editorial board adheres to a strict code of ethical conduct, which has the clearest

respect for the privacy and the confidentiality of authors. The journal does not make payments

for articles published in the journal, nor does it accept payment in exchange for publication. In

the final production stages, the order of articles published in specific editions is decided on purely

technical grounds.

Annex I

Footnotes and Bibliography

BooksAuthor's name, Title of Book, Edition (Place of publication: Publisher, Year of publication), page number.

Michael Pollan, The Omnivore's Dilemma: A Natural History of Four Meals (New York: Penguin, 2006),

pp. 99 - 100.

Gabriel García Márquez, Love in the Time of Cholera, Edith Grossman (trans.), (London: Cape, 1988),

pp. 242 - 55.

In quotes not immediately following the reference: Pollan, p. 31.

Where there are several references by the same author, add a short title: Pollan, Omnivore's Dilemma,

p. 31.

In quotes immediately following the reference: Ibid., p. 32.

The corresponding bibliographical entry:

Pollan, Michael. The Omnivore's Dilemma: A Natural History of Four Meals. New York: Penguin, 2006.

For books by three or more authors, in the note, list only the first author, followed by et al.:

2. Submissions must be accompanied by a curriculum vitae (CV) of the author, in both Arabic

and English.

3. All submissions must include the following elements:

a. A title in both Arabic and English together with the author's institutional affiliation.

b. An abstract, ranging between 250 and 300 words in length as well as a list of keywords. The

abstract must explicitly and clearly spell out the research problematic, the methodologies used, and

the main conclusions arrived at. These must be provided in one English, and one Arabic version.

c. The research paper must include the following: a specification of the research problematic; an

explanation of the significance of the topic; specification of thesis or arguments; review of literature

emphasizing gaps or limitations in previous analysis; description of research methodology;

hypothesis and conceptual framework; bibliography.

d. All research papers submitted for consideration must include a complete bibliography covering

all references, regardless of whether or not these appear in the footnotes. References must be cited in

the original language in which the source was written. Authors must follow the referencing guidelines

adopted by the Arab Center for Research and Policy Studies (See Appendix I for a complete guide

to the reference style used across all of our journals).

e. Research papers must normally be between 6,000 and 8,000 words in length, inclusive of references,

charts and tables, and appendices. The editors reserve the right to publish articles of longer length

in exceptional circumstances.

f. All diagrams, charts, figures and tables must be provided in a format compatible with either

Microsoft Office's spreadsheet software (Excel) or Microsoft Office's word processing suite (Word),

alongside high resolution images. Charts will not be accepted without the accompanying data from

which they were produced.

g. Submitted research must fall within the aims and research interests of the journal.

h. Extracts or chapters from doctoral theses and other student projects are only published in

exceptional circumstances. In such cases, the researcher should point this out clearly, and provide

full information about the thesis, including the title, the awarding institution and date of award.

i. Book reviews will be considered for submission to the journal provided that the book covers a

topic which falls within the scope of the journal and within the reviewer's academic specialization

and/or main areas of research. Reviews are accepted for books written in any language, provided

they have been published in the previous 3 years. Book reviews are subject to the same standards of

Siyasat Arabiya is a bi-monthly peer reviewed academic journal published by the Arab Center for

Research and Policy Studies (ISSN 2307 - 1583) dedicated to political science, international relations,

strategic affairs and public policy. First published in March 2013, the journal is overseen by an academic

editorial board and an actively engaged board of international advisers.

Contributions in Siyasat Arabiya are drawn from all fields of political science including international

relations, comparative politics, and national, regional, and international institutional systems. The

journal publishes critical insights into the operation of political systems, the behavior of governments

and political parties as well as the trends in civil society and social and political participation more

broadly. This is complemented with publications covering public opinion, issues of migration and

forced migration, war, civil war, conflict and human rights issues. Particular attention is paid to the

present-day political transition in the Arab world, especially democratization at all political levels and

its legal-constitutional and institutional aspects.

In addition to the editorial and advisory boards, the journal relies on two units active within the Arab

Center of Research and Policy Studies (ACRPS): the Policy Analysis Unit and the Arab Opinion Index,

which produces an annual report on public opinion across the Arab world. The journal's work is also

closely linked to the political science program at the Doha Institute for Graduate Studies and the

Program for the Study of Arab Democratization within the ACRPS.

Publication in Siyasat Arabiya is governed by a strict code of ethics guiding the relationship between

the editorial staff and contributors. With three years of experience and interaction with specialists and

contributors the journal was recently (Spring, 2016) restructured to bring it in line with international

standards of academic publishing. Submission to and publication in Siyasat Arabiya must therefore

adhere to the following guidelines:

1. Original work which is submitted exclusively for publication within the journal. No work which

has been previously published fully or in part will be considered for publication in Siyasat Arabiya.

Similarly, no work which substantially resembles any other work published in either print or

electronic form, or submitted to a conference other than the conferences held by the ACRPS will

be considered for publication.

تدعو دورية "سياسات عربية" األكاديميين والباحثين وسائر الكتاب المهتمين بشؤون والتطبيقية النظرية األبحاث الدورية تقبل صفحاتها. على للكتابة السياسات المكتوبة باللغة العربية، كما تفتح صفحاتها أيضا لمراجعات الكتب، وللحوار الجاد "سياسات إلى تصل التي المواد كل تخضع موضوعات. من فيها ينشر ما حول عربية" للتحكيم من جانب مختصين من األكاديميين. ولذلك تتوقع هذه الدورية ممن يكتبون إليها االلتزام بمعاييرها، وبما يبديه المحكمون من مالحظات. فاتباع التقاليد واحترام التجربة بتراكم يسمح الذي هو محدوديتها، على المؤسسية، العلمية المعايير العلمية، وضمان جودة المادة التي تصل إلى القراء. تهدف هذه الدورية إلى أن تكون طيعة الفهم لدى المختصين وغير المختصين من القراء، من دون التضحية

برصانة المضمون.

ترسل كل األوراق الموجهة للنشر باسم رئيس التحرير على العنوان اإللكتروني الخاص بالمجلة

siyasat.arabia@dohainstitute.org

دعوة للكتابة

االسم

العنوان البريدي

البريد اإللكتروني

عدد النسخ المطلوبة

طريقة الدفع

قسيمة االشتراك

تحويل بنيك   شيك ألمر املركز

شروط النشر

تنشر "سياسات عربية" البحوث األصيلة )لم يسبق نشرها أو نشر ما يشبهها( التي تعتمد األصول العلمية المتعارف عليها.

تقدم البحوث باللغة العربية وفق شــروط النشر في المجلة. يتراوح حجم البحث من 5000 إلى 6000 كلمة، بما فيها المراجع والجداول. وتحتفــظ هيئة التحرير بحقها في قبول بعض األوراق

التي تتجاوز هذا الحجم في حاالت استثنائية.

عروض الكتب من 2000 إلى 3000 كلمة، على أال يمر على صدور الكتاب أكثر من ثالث سنوات. وتقبل المجلة مراجعات أطول على شكل دراسات نقدية.

تخضع المواد المرســلة كافة، لتقييم وقراءة محكمين من ذوي االختصاص والخبرة. وترســل المالحظات المقترحة للكاتب لتعديل ورقته في ضوئها، قبل تسليمها للتحرير النهائي.

يرفق البحث بسيرة ذاتية موجزة للكاتب، وملخص عن البحث بنحو 250 كلمة باللغتين العربية واإلنكليزية، إضافة إلى كلمات مفتاحية.

في حال وجود مخططات أو أشــكال أو معادالت أو رســوم بيانية أو جداول ، ينبغي إرســالها ذت بها في األصل، بحســب برنامجي : اكســل أو وورد. وال تقبل األشــكال بالطريقة التي نف

والرسوم والجداول التي ترسل صورا.

االشتراكات السنوية)ستة أعداد في السنة بما في ذلك أجور البريد المسجل(

35 دوالرا أمريكيا لألفراد يف لبنان.

55 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف لبنان.

55 دوالرا أمريكيا لألفراد يف الدول العربية وأفريقيا.

75 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف الدول العربية وأفريقيا.

95 دوالرا أمريكيا لألفراد يف أوروبا.

120 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف أوروبا.

120 دوالرا أمريكيا لألفراد يف القارة األمريكية.

140 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف القارة األمريكية.

عنوان االشتراكات: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات

جادة الجرنال فؤاد شهاب - بناية الصيفي 174 - مار مارون

ص.ب: 4965-11 رياض الصلح 2180-1107 بريوت - لبنان

عنوان التحويل البنكي:

Invitation to submit papers

The editors of Siyasat Arabia invite scholars to submit papers for consideration in future editions of

the journal. Siyasat Arabia, published bi-monthly in Arabic, covers the range of specialisms within

political science and strategic studies, including international relations, geopolitics and geostrategic

studies. The journal also carries critical, incisive essays and book reviews as well as primary source

materials. All submitted manuscripts will be subject to the same rigorous peer review process. The

journal aims to further and deepen debate around these topics for diverse audiences of professional

scholars and non-specialists alike while continuing to uphold its high academic standards.

Allأsubmissionsأintendedأforأpublicationأshouldأbeأsentأbyأemail:

siyasat.arabia@dohainstitute.org

AddressأallأcorrespondenceأtoأtheأEditor-in-Chief

االشتراكات السنوية)ستة أعداد في السنة بما في ذلك أجور البريد المسجل(

35 دوالرا أمريكيا لألفراد يف لبنان.

55 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف لبنان.

55 دوالرا أمريكيا لألفراد يف الدول العربية وأفريقيا.

75 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف الدول العربية وأفريقيا.

95 دوالرا أمريكيا لألفراد يف أوروبا.

120 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف أوروبا.

120 دوالرا أمريكيا لألفراد يف القارة األمريكية.

140 دوالرا أمريكيا للحكومات واملؤسسات يف القارة األمريكية.

عنوان االشتراكات: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات

جادة الجرنال فؤاد شهاب - بناية الصيفي 174 - مار مارون

ص.ب: 4965-11 رياض الصلح 2180-1107 بريوت - لبنان

عنوان التحويل البنكي:

ARABأCENTERأFORأRESEARCHأ&أPOLICYأSTUDIES