جامعة بغداد–عميد آلية اإلعالم

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

نظريـة الـرأى ( إن كان هذا الكتـاب مـدخال إلـى

، فهـل أصـبح باإلمكـان الحـديث عـن نظريـة ) العاممتكاملة ، تنقل الظاهرة من التوزع والتشـتت إلـى إطـار مستقل متكامل تقريبا؟ وهـل أصـبح باإلمكـان اإلمسـاك

ى العـام، كظـاهرة مسـتقلة، فـى بعـدها بظاهرة الـرأ النظرى والتطبيقى على السواء؟ هـذان السـؤالن البـد أن

:يتبادرا إلى الذهن عند قراءة عنوان الكتابواإلجابة تحمل من التعقيد والتشابك ، أكثر مما يبدو من

.الوضوح والبساطةفى الحقيقة لقد قادتنى إلى هذا المسلك الوعر، والذى

جهودا كبيرة طيلة ثالثة أعوام، المحاضرات استغرق منى

التى ألقيتها على طلبة الدراسات العليا فى قسم اإلعالم ومعهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية فى بغداد،

الرأى " منذ منتصف الثمانينيات ، إذ وضعنى تدريس مادة التساع من ، فى إشكالية لم أكن أتصورها بهذا الحجم وا"العام

قبل، بالرغم من تدريسى لهذه المادة فى الدراسة الجامعية األولية، وأول اإلشكاالت كان فى البحث عن إطار نظرى يوضح أبعاد الظاهرة، وقوانينها ومتغيراتها، وما هى األدوات والمسالك التى ستقودنا إلى هذا اإلطار، وكانت

عام، من أكثر إشكالية المنهج وتأصل جوانب ظاهرة الرأى الاألمور التى استغرقت فى بحثها الوقت والجهد الكبير ، فقد كنت أمام ركام من األدبيات اإلعالمية والسياسية التى تناولت الرأى العام، ولو نزعت أسماء المؤلفين من أغلب األدبيات العربية، لما وجدت أى فرق يذكر عن أى مؤلف أجنبى

التناسخ واالستنساخ الذى ناهيك عن . مترجم فى هذا البابوكانت أكثر !! هيمن على العديد من المؤلفات العربية

األسئلة إلحاحا، هى ما الذى يحدث حينما نحاول تطبيق األفكار والنتائج التى توصل إليها الغرب، فى بلد ينتمى إلى واقع حضارى آخر كالعراق أو أى قطر عربى آخر ينتمى

وهذا ما !! عى وسياسى معينإلى حضارة أخرى وواقع اجتماقادنى بدوره إلى التوقف عند عالمية الحقائق السياسية واالجتماعية عند بحث ظاهرة الرأى العام من جانب وفى تناول المفاهيم والمصطلحات التى ولدت فى المجتمع والفكر الغربيين فى الحكم على الظاهرة وتناولها بالبحث باللغة

عربية وإسالمية واضحة المعالم العربية ، ومن خالل رؤية .من جانب آخر

فأغلب ما هو موجود ال يتحدث إال عن بنى أوربية وأمريكية ، ال تجد تطابقا لها فى واقعنا العربى اإلسالمى ال

ومحاولة قسر تطبيقاتها على . من بعيد وال من قريب مجتمعاتنا، ال تعنى إال الخلط بين الموضوع والطريقة ولعل

، ثم موقعها من المنظومة )الجماعية(و ) الفردية ( مفهوم بالذات " الرأى" االجتماعية والسياسية العربية ، ومفهوم

يوضح إلى أى حد يمكن أن يكون االختالف فى الرؤى إذ تلقى . والمفاهيم ، والتعامل العملى والنظرى مع الظاهرة

اق تأريخية المفهوم السياسى فى السياق األوربى ثم فى السيالعربى المعاصر، حيث للمفاهيم تأريخ تطور وتقدم، وتعبير

وهذا ما . عن واقع بعينه، يرتبط بهذا التأريخ وينبع منه

جعلنا أمام مفترق طرق، إما أن نمضى باتجاه ما هو سائد فى األدبيات اإلعالمية والسياسية العربية ، والذى يعنى

فى الدائرة التراثية، اغترابا علميا وثقافيا آخر، أو أن تتقوقع والتى تحمل إشكالية أكبر، تدعو للعودة إلى الينابيع الفكرية ثم اإلطار الحركى للممارسة السياسية فى النظام العربى

للمثالية "اإلسالمى ، حتى وإن كان هذا اإلطار تمثيال فى أوسع مفاهيمها وهو ما يستدعى طاقة " السياسية والفكرية

اإلطار الفردى، ولكن إشكاليته الحقيقية وجهدا تنـأى عن ليست فى ذلك فقط ، وإنما فى موقع ذلك من تطبيقات

.الظاهرة فى عالمنا المعاصرالمثاقفه المنهجية " لذا لم يكن أمامنا سوى اعتماد

داخل دائرة البحث العلمى، من أجل تحديد مدخل " المعرفية عام، ال أعتقد أساسى للولوج إلى دائرة وضع نظرية للرأى ال

أن الحقبة القادمة ستنتهى دون أن تحمل بشائرها إلينا، وقد بحث الرأى العام كظاهرة " المثاقفة " اعتمدت فى هذه

سياسية فى إطار النظام السياسى المعاصر من جانب وخصوصية مفاهيم الظاهرة فى تراثنا العربى أوال ثم

حالية ثانيا من موضعها فى البنية االجتماعية والسياسية ال .جانب آخر

ومن هنا فإن أكثر اإلشكاليات التى أظهرها البحث فى مدخل لنظرية الرأى العام ، كانت إشكالية مركبة فى أبعادها الحضارية والتأريخية واللغوية، من أجل صياغة مفهوم واضح ومحدد للرأى العام كما يجب أن نعالجه انطالقا من

ما وأنه أصبح من الثابت اليوم أن منظومتنا الحضارية وال سيتداخل عناصر المناهج وأدواتها المفهومية والمصطلحية وقوانينها فى مجاالت المعرفة المختلفة، مسألة إيجابية

ولكن مع األخذ بعين االعتبار أن االستمرار فى .ومخصبةإنجاز عمليات النقل المفاهيمى، تقتضى أن نتوقف بين الحين

عملية النقل هذه ، من أجل إبراز أنماط واآلخر، للبحث فى .)١(القيم المعرفية واألبستمولوجية المتولدة عن ذلك

إن هذه اإلشكالية المعقدة التى واجهتنا هنا، تتميز بخصوصية ال تكاد تعرفها أى جماعة معاصرة متقدمة أو

، )م يصعوبات االستعمال المنهجى للمفاه( كما ل عبد اللطيف ، ) ١(

إشكالية المناهج فى الفكر العربى والعلوم اإلنسانية، دار توبقال . وما بعدها٤٩ - ٤٨ ، ص ١٩٨٧/ للنشر، الدار البيضاء

الوظيفة " متخلفة فى عالمنا المعاصر، األمر الذى يجعل من وظيفة تنبع من بناء منطق فكرى " التراث القومية إلحياء

ينبع بدوره من طبيعة وذاتية الواقع القومى العربى وكل محاولة لتحليل هذه الطبيعة من منطلق . واإلسالمى

التقاليد الغربية أو الشرقية على السواء، ال يمكن إال أن تنتهى بالفشل ألن المنطقة العربية تمثل استمرارية تأريخية وإن

غير ظاهرة ، وتعكس نظاما قوميا وإن كان فى حالة كانتمن التحلل، وتملك منطقها السياسى واالجتماعى الخاص

وهذا ما يتطلب معالجة خاصة فى التعامل واالكتشاف )٢(بها ".نظرية الرأى العام" وهو ما سعينا إليه فى بحث

)١(

تتميز ظاهرة الـرأى العـام، بأنهـا ظـاهرة مركبـة، من حيث ارتباطها بالظـاهرة اإلنسـانية، أو بتعامـل سواء

الفرد من خاللها، وعالقته بالجماعـة التـى ينتمـى إليهـا، أو مــن حيــث ديناميــة الجماعــة البشــرية وانتظامــات

اسات اسى، معهد البحوث والدريحامد ربيع ، نظرية التحليل الس. د) ٢(

.٥، ص ١٩٨٨العربية ، مطبوع بالرونيو، بغداد ،

السلوك الفردى والجماعى فيها، و كـذلك تبـرز تركيبتهـا أيضا من خالل كونها ظاهرة اجتماعيـة وسياسـية فـى آن

عل دراستها تتوزع علومـا عـدة، منهـا واحد، وهذا ما يج علم اإلنسان الذى يـدرس الظـاهرة البشـرية ، ثـم علـم النفس العام واالجتماعى، ودعم االجتمـاع السياسـى الـذى يبحث فى الظاهرة سياسيا من زاويـة اجتماعيـة، وتـأتى االنثربولوجيا الثقافية والسياسـية لتتنـاول أبعـادا أخـرى

ـ ن األنظـار حتـى العقـدين فى الظاهرة ظلـت بعيـدة عاألخيرين، أما دراسـة النظـام السياسـى ، وموقعـه مـن النظرية السياسية ، والذى يتجلى بظـاهرة الـرأى العـام، فقد مثل بعدا آخر فى تناول دراسة ظـاهرة الـرأى العـام، ثــم يــأتى الجانــب االتصــالى ليعطــى البعــد الشــمولى

لجمـاهيرى للظاهرة من حيث عالقتها بـأدوات االتصـال ا إال أنه بالرغم من كل التطورات التـى صـاحبت دراسـة الرأى العـام، بـدخول علـوم جديـدة تتناولــه بالبحـث والتحليل فقد ظل ظاهرة معقدة ال يسـهل االتفـاق حولهـا مــن قبــل البــاحثين الــذين تباينــت آراؤهــم وتنوعــت اتجاهاتهم بهذا الخصـوص، تبعـا لتعـدد اختصاصـاتهم،

اين كانت لـه إيجابياتـه أيضـا ، إذ عملـت ولكن هذا التب بحوثهم وكشوفاتهم فى هذا االتجاه علـى بلـورة السـمات

.األساسية للظاهرةظاهرة مركبة ) الرأى العام( ومن خالل ذلك يتضح أن

) نفسية واجتماعية وسياسية واتصالية(تتسم بكونها ظاهرة فى آن واحد، مما جعل معطيات الحقول العلمية التى تصب

فى هذا االتجاه، تتداخل فى تناول الظاهرة، ولكن بالرغم من هذه األبعاد التى تتوزعها، فإن ظاهرة الرأى العام كظاهرة سياسية ، هى البعد األكثر إثارة لالهتمام، واألكثر تأكيدا لسمات الظاهرة وخواصها وديناميكيتها، وقد ظلت أغلب

إطارها المحاوالت التى عمدت إلى فصل الظاهرة فى .السياسى محاوالت ناقصة وعقيمة

ولألسف فإن أغلب الباحثين اإلعالميين قد تحاشوا تناول الموضوع من حيث كونه ظاهرة سياسية تتصل اتصاال وثيقا

للدولة، وتعبر عن هذه الوظيفة فى ) بالوظيفة االتصالية ( األمر الذى جعل بحوثهم ومؤلفاتهم، أقرب إلى . أدق مفاهيمها

. نهجية علوم النفس واالجتماع منها إلى المنهجية اإلعالمية ملذا فقد ركزنا على دراسة هذه الظاهرة ، من خالل بعدين

أساسيين هما البعد االتصالى أوال، والبعد السياسى ثانيا مع اعتمادنا على التأصيالت التى تصب فى بنية الظاهرة ،

.اع والتى تعتمد إنجازات علوم النفس واالجتم

)٢( نظرية الرأى ( ومن هذا المنظور يتضح أن البحث فى

، إنما يعنى البحث فى مجموعة من العلوم تلتقى عندها )العامجميع أنواع صور الثقافة االجتماعية والسياسية، وبالتالى فمنهجية التحليل تعنى التقاء جميع أنواع وصور التحليل

تتعلق ببنية االجتماعى والسياسى، وتلك نتيجة طبيعيةالظاهرة ذاتها، فلو نظرنا إليها كظاهرة سياسية على سبيل المثال، سنجد أنها ظاهرة ال وجود لها فى ذاتها، لكن الموقف

. وقد تحدد زمانا ومكانا هو الذى يصبغها بتلك الصبغة وإعطاء الموقف الصبغة السياسية بالتأكيد ينبع من الظروف

العملية تفترض تحليال لجميع المحيطة بهذا الموقف، وهذه.. القوى المرتبطة بالموقف، من اجتماعية ونفسية واقتصادية

إله ، وبالتالى فإن التحليل البد وأن يتطرق إلى جميع تلك وانطالقا من . النواحى بأوسع ما تمتلك هذه الكلمة من معان

هذه الحقيقة فإن تحليل الظاهرة ينبع من البحث فى بنية وتطور هذه البنية ، ثم اعتماد منهجية أساسية تقوم الظاهرة،

على أساس التقابل والتقاطع والتعاون بين مختلف الثقافات االجتماعية ، وهذا التزاوج بين الثقافات هو الذى يسمح وحده بالتخلص من الصعوبات التى تفترضها عملية التحليل، ومن

الكليات، ثم االرتفاع من الجزئيات فى عملية التحليل إلى والتى ال تعنى بأى حال تجميع النتائج فقط وإنما االرتفاع إلى

.)١(مستوى التصور العام لخالصة هذه النتائجإذن فإن اإلطار الفكرى الذى يبحث فى تأريخية الظاهرة

الفكرية التى تتصل بها من جانب، ثم الجانب ت، واإلشكالياوانبها الجزئية التجريبى الذى يتمثل بدراسة الظاهرة فى ج

من جانب آخر، وبعبارة أخرى إن دراسة الرأى العام قد تركزت فى دراسة البنية السياسية واالتصالية بعد تناول البنية النفسية واالجتماعية للظاهرة، مع التأكيد على حقيقة مهمة جدا وهى نسبية الحقائق وارتباطها بالواقع الموضوعى الذى

١٠ - ٩ص . ذ. س. حامد ربيع ، نظرية التحليل السياسى، م. د) ١(

.

ر من األحكام التى ليست إال نتاج يتناقض مع مثالية الكثي .الواقع الذى انبثقت منه

)٣(

إن الرأى العام كما هو معروف ظاهرة عالمية ، ولكن حينما نتناول هذه الظاهرة فى مجتمعنا فإن إشكالية التوافق البنيوى بين الوجود المجتمعى والسياسى أو بين الفكر

المعبر عنه، هى والممارسة السياسية المواكبة لذلك الوجود وفى التناول، فإشكالية " الكبح المنهجى " التى تواجهنا بنوع من

تناول الظاهرة ال ترتبط بمستوياتها وتطورها التاريخى ونسبية الحقائق التى تنبع منها وموقعها من البناء الفكرى والمجتمعى فقط وإنما هى بتشابكها المعقد ، ترتبط بأكثر المفاهيم تعقيدا

ة بمفهوم الرأى ذاته، وعموميته، وموقعه من ظاهرة ممثلالفردية والجماعية واختالف المفاهيم المحددة لذلك كما عرفتها الخبرة األوربية الكاثوليكية من جانب والتقاليد الفكرية السياسية العربية من جانب آخر، والبد من الدراسة المقارنة لهاتين

حد بخصوص الخبرتين، للوصول إلى إطار نظرى موالظاهرة ، يتعدى حدود اإلطار الزمانى والمكانى، مع التأكيد

على أن ما يهمنا هنا، وهو البحث فى النظرية كما عرفتها تقاليدنا وخبرتنا السياسية واالجتماعية، والتى تمتلك كل أسباب

لذا فإن محاولتنا فى . االختالف مع الخبرة والتقاليد الغربية من منظور عربى إسالمى، كانت تتركز دراسة الرأى العام

فى تناول اإلشكالية الحضارية أوال ثم اإلشكالية التأريخية ثانيا والتى تتجسد من خالل بحث األصول النظرية للظاهرة فى النظام السياسى العربى، ثم الواقع العينى الذى عبرت عنه ، الظاهرة فى الممارسة الفعلية فى الحياة السياسية العربية

وأخيرا تأتى اإلشكالية الثالثة وهى اإلشكالية اللغوية لتطرح ( و ) الرأى ( أكثر اإلشكاليات خطورة، والتى تتعلق بمفهوم

، والذى أظهرت الدراسة المقارنة لتطور المفهومين فى ) العامالحضارة العربية والغربية ، أنه يمثل بمفهومه العربى

شكالية الترجمة أن اإلسالمى خصوصية معينة، حاولت إتتجاوزه وأظهرنا من خالل هذه الدراسة أن المفهوم يعنى

).الرأى العام( ال ) رأى العامة (وبالرغم من توصلنـا لهذه النتيجـة فـإن الخطأ الشائع

" إلى ”puplic opinion“وهو بترجمة المصطلح االنكليزى نه هو الذى استخدمناه فى هذا الكتاب لكو" الرأى العام

المصطلح الشائع و المتداول فى األدبيات السياسية .واإلعالمية

لقد كانت محاولتنا هنا، هى تخطى النفق المظلم الذى دخلته ظاهرة الرأى العام، بالنسبة بتراثنا الحضارى نتيجة لسيطرة التقاليد والمفاهيم الغربية على أغلب الدراسات التى

بالبيعة ( رأى العام ممثلة تناولت الظاهرة ، فاختفت أشكال العن هذه الدراسات، وظلت هذه ) واإلجماع والشورى

المفاهيم حبيسة الرؤية الفقهية الخالصة، وما قمنا به محاولة ).نظرية الرأى العام ( للخروج بها إلى النور فى سياق

)٤(

نظرية الرأى ( لقد تركزت عملية تحديد مدخل عام لـ رئيسية ، اعتمدت الظاهرة ، فى عشرة فصول)العام

بأبعادها المختلفة، ففى الفصل األول عمدنا إلى تناول موقف زاهرة الرأى العام من خصائص المجتمع الدولى المعاصر من حيث األداء الوظيفى حيث اتسم هذا المجتمع بخصائص عدة تمثلت بطغيان األبعاد األيديولوجية وانهيار الحواجز بين

ة، وتأثير طغيان الصفة الجماهيرية فى المجتمعات السياسي

المجتمع السياسى على تطورات الظاهرة ، ثم مواقع التطور .التكنولوجى من ذلك

( أما فى الفصل الثانى فقد درسنا التطورات المعاصرة حيث قادت إلى هذا التطور ثالثة ) لنظرية الرأى العام

ظاهرة متغيرات أساسية هى الدراسة التجريبية لمتغيرات الأوال ثم السعى إلى ربط النظام الجزئى بالنظام الكلى ثانيا

ودوره ) حق االتصال ( و ) بحق اإلعالم( واالهتمام الدولى .فى تطور الظاهرة عالميا ثالثا

وكما بينا فإن اهتمامنا بالرأى العام كظاهرة سياسية واتصالية فى آن واحد، قد دفعنا إلى تخصيص الفصل الثالث

ذا الموضوع والذى يتجلى بدراسة الرأى العام كظاهرة لهتدور حول القوى النفسية المحركة للمجتمع السياسى وبعبارة أخرى من حيث كونه رد فعل للسلطة والتصورات المرتبطة بهذه السلطة، إذ يرتبط وجوده بتواجد ظاهرة السلطة كحقيقة

عام تصاعدية متكاملة ، حيث بهذا المعنى يصبح الرأى النوعا من التحرك للقوى النفسية فى مواجهة السلطة أو عملية

.ممارسة هذه السلطة

ثم يأتى الفصل الرابع ليحدد المفاهيم النفسية واالجتماعية ظاهرة ( التى ترتبط بمفهوم الرأى العام، من خالل دراسة

ممثلة بالحشد والجمهرة ثم ) الرأى العام ومستويات الجماعة الجمهور فالجماهير، وهنا عمدنا إلى تأصيل هذه الغوغاء ثم

المستويات وتحديد موقعها فى ظاهرة الرأى العام من خالل المقارنة بين بنية هذه المستويات وديناميتها كما أوضحتها

.التقاليد والخبرة النفسية واالجتماعية المعاصرة أما الفصل الخامس فإنه يبحث فى تحديد اإلدراك العلمى

األساسية والتى ) نظرية الرأى العام( ضح لمفاهيم والواتختلط لدى الكثير من الباحثين حيث يتم الخلط وبشكل مستمر

االتجاه والسلوك والعاطفة والعقيدة، والحكم ( مع مفاهيم ، وقد سعينا إلى التمييز الواضح بينها، )والتصويت السياسى

باين مع التأكيد على موقع كل منها من الرأى العام وتالمتغيرات األساسية الكامنة وراء هذا الخلط، ثم توضيح اختالفها البين عن الرأى العام، وإن كانت لصيقة به من

.حيث البنية األساسية لظاهرة الرأى العاموفى الفصل السادس تناولنا متغيـرات تكـوين الـرأى العام والتى حددناها بأربعة متغيرات أساسـية نعتقـد أنهـا

م فاعل فى تكوين وخلـق الـرأى العـام، والتـى ذات إسها ــذه ــل ه ــاهرة، إذ تتفاع ــائى للظ ــابع البن ــرتبط بالط ت

يصـعب فيـه ) مجـال حيـوى (المتغيرات مع بعضها فى الفصــل والعــزل فيمــا بينهــا وهــذه المتغيــرات هــى

الحضارة، والدين ، والقيادة، ثم األيـديولوجيا مـن حيـث (أمـا متغيـرات ) م أيضـا كونها نظاما إقناعيا ونظاما للقـي

ــال ــائعات، واالتص ــيم، والش ــى، والتعل ــاخ السياس المنالخ، فقد أغفلنا بحثها بصـورة تفصـيلية ألنهـا .. الدعائى

( فى الحقيقة ليست إال تعبيرا عـن الظـاهرة فـى جانبهـا ــوزمى ــب ) الميكروك ــت أغل ــد أن ظل ــة بع وخاص

الدراسات التى بحثت فى هذه المتغيـرات ال تخـرج عـن ذه المنهجية فـى التنـاول، وكـذلك فـإن النظـرة إلـى ه

سـترينا ) المكروكـوزمى ( الظاهرة فـى إطارهـا الكلـى بوضوح أن الجانـب البيـانى للظـاهرة، أعمـق وأكثـر أهمية فى تحديد أهمية المتغيـرات المـؤثرة فـى تكـوين

.الرأى العام وتحديد اتجاهاته من المتغيرات هذه وصعوبة منهاجية وهو ثم يأتى أكثر الفصول أهمية

مصطلح ، ومفهوم ( الفصل السابع الذى يبحث فى إشكالية

من خالل بحث ثالث إشكاليات ) وتعريف الرأى العام أساسية هى اإلشكالية التأريخية ثم اإلشكالية الحضارية ثم

منظومة من ( اإلشكالية اللغوية ، وقصدنا باإلشكالية هنا معين، مشاكل عديدة العالقات التى تنسجها داخل فكر

مترابطة ال تتوفر إمكانية حلها منفردة، وال تقبل الحل إال فى وبعبارة أخرى إنها تعنى ) إطار حل عام يشملها جميعا

النظرية التى لم تتوفر إمكانية صياغتها فهى توتر ونزوع نحو النظرية، أى نحو االستقرار الفكرى، والبد من اإلشارة

ظاهرة الرأى العام لم تتحدد فقط بما هنا إلى أن إشكالية أنتجه أو وضعه علماء االجتماع والسياسة المختصون بدراسة الظاهرة فى جوانبها المتعددة، وإنما المجال أكثر اتساعا ، حيث يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك إلى بقية جوانب الفكر األخرى فى إطارها الفلسفى والدينى والسياسى

صنا بعد تناول هذه اإلشكاليات إلى والحضارى ، وقد خلتعريف الرأى العام تعريفا ينبع من الخصوصية القومية والدينية ويعبر عن هذه الخصوصية بكل جالء حيث عرفناه

الرأى السائد الذى ينبع من األفراد وغايته الجماعة " على أنه بعد السؤال واالستفهام والنقاش، تعبيرا عن ) . الجماهير(

دة والوعى تجاه أمر ما، وفى وقت معين، ويشترط اإلراموافقته للشريعة والسير فى حدودها، من أجل تنظيم العالقة بين الحاكم والمحكوم، وترتبط اتجاهاته بالوالء القومى

".والوطنى والدينى ألفراد األمةأما الفصل الثامن فقد تركز فى بحث تقسيمات الرأى

منة وراء اختالف هذه التقسيمات العام، وبينا األسباب الكاوتعددها، بحيث ألقت ظالال كثيفة من التعقيد والغموض على الرأى العام، لذا اعتمدنا إلى تقسيم الرأى إلى أربعة أنواع

الرأى العام اإلقليمى، : الرأى العام الوطنى، وثانيا: هى أوالوقد . نوعىالرأى العام ال: الرأى العام العالمى، ورابعا: وثالثا

انطلقنا فى هذا التقسيم من خالل التأكيد على حقيقتين مهمتين أوالهما أن تصنيف الرأى العام إلى أنواع متعددة يعنى ترتيب هذا الرأى فى نظام خاص يسهل تمييز أنواعه عن

.بعضها وبين صلة بعضها بالبعض اآلخروثانيتهما تناول العالقة بين الخصائص الجوهرية

العرضية لكل نوع من أنواع التصنيف، ونعنى والخصائصهنا الخصائص الذاتية الدائمة الثابتة، والسمات الخارجة عن

الذى اعتمدناه ) والنظام ( ذات النوع والتى ال تقوم بنفسها،

فى هذا التصنيف ينبع فى خصائصه من طبيعة المجتمع السياسى المعاصر، والتى انعكست بشكل آخر على أنواع

العام بحيث بات كل منها يمثل حقيقة مستقلة ويعكس الرأى .خصائصه الذاتية بوضوح

وفى الفصل التاسع تناولنا الجانب االتصالى للظاهرة فى أدوات االتصال ( أوسع مفاهيمه من خالل بحث عالقة

) الوسيط االتصالى ( وقد ناقشنا دور ). بظاهرة الرأى العام االتصال المختلفة التى من حيث كونه يعنى مجموعة وسائل

تتضح أهميتها فى البعد الحضارى لالتصال وارتباط ذلك بالعملية االتصالية أوال ثم فى تأثيرها فى تنظيم التواصل بين األفراد ثانيا وقدبينا تأثيرها من خالل ثالثة متغيرات أساسية

اإلنسان قدرة تكنولوجيا التواصل اإلعالمى على صياغة : هىككائن (ملية ليس ككائن فردى واجتماعى فقط وإنما صياغة تكا

وهى قبيلة كونية بأبعادها ) قبيلة إعالمية( ينتمى إلى ) كونى الزمانية والمكانية أوال كما أنها قادت إلى تطور اإلنسان من

وأخيرا وثالثا تأثير . ثانيا) كائن استكشافى( إلى ) كائن اقتباسى( أما الفصل . تشكيل الرأى العامبنية األدوات االتصالية على

العاشر واألخير فإنه بحث أساليب وطرق قياس الرأى العام، من

خالل تناول التطور التأريخى لتقنيات قياس الرأى العام، ثم تحديد ماهية هذه القياسات ، وبعد ذلك استعرضنا الطرق الشائعة فى

.قياسات الرأى العام)٥(

قد وضع مدخال إلى وبعد هل يدعى هذا الكتاب أنه؟ بالتأكيد أن القارئ هو الذى يمتلك اإلجابة )نظرية الرأى العام(

) المدخل(والتقويم، فهو محاولة ليس إال لوضع إطار نظرى لهذا لذلك ال يمكن أن يدعى مطلقا دورا رياديا فى وضع النظرية، ألن الرأى العام، كالحرب النفسية مازال يبحث عن استقاللية، تجعل منه كيانا ونظرية متكاملة وأملى أن يتصدى الباحثون

.العرب لمثل هذه المهمة العسيرة وفى الختام ال يسعنى إال أن أشكر من صميم قلبى كل من

.قدم لى العون والمساهمة فى إعداد هذا الكتاب ، واهللا الموفق الدكتورة حميدة مهدى سميسم

٢٠٠٤ نوفمبر ٢٤بغداد فى

الرأى العام :أوال

وخصائص المجتمع المعاصر

طغيان األبعاد األيديولوجية •

انهيار الحواجز بين المجتمعات السياسية •

طغيان الصفة الجماهيرية فى المجتمع السياسى •

التطور التكنولوجى •

الرأى العام : أوال

وخصائص المجتمع المعاصر

ولها قبل أى حديث عن ظاهرة الرأى العام، وتحديد أصالفكرية ، وتأصيل مفاهيمها، كى يمكننا أن نتحدث عن

البد لنا من تأكيد حقيقة مهمة ) نظرية الرأى العام( جوانب وهى أن ظاهرة الرأى العام كظاهرة مستقلة لم يقدر لها حتى اآلن أن تحقق ذلك ، حيث مازال الفكر المعاصر يعترف

، ويمكن بعجزه عن تقديم النظرية التى تفسر الظاهرة الركون إلى مسلماتها علميا، وفى حقيقة األمر أن ذلك يرتبط بمتغيرين أساسيين يتعلقان بخصائص ظاهرة الرأى العام

:نفسهاأن ظاهرة الرأى العام تنبع من خصائص : أولهما

المجتمع السياسى وتعكس هذه الخصائص بوضوح وتبعا .لطبيعة المجتمع نفسه

قدر كونها ظاهرة سياسية تتسم أن الظاهرة ب: ثانيهما أيضا بكونها ظاهرة حضارية، لذا فهى ال تعكس خصائص المجتمع السياسى حسب، وإنما المناخ الحضارى العام الذى

.)١(ينتمى إليه ذلك المجتمعويمكننا أن نضيف إلى ذلك غموض الظاهرة نفسها، وحداثة دراستها وعدم استقالليتها كمعرفة محددة األبعاد،

.والتى تضافرت جميعها فى حدوث هذه االستحالة ولكن هذه المتغيرات بقدر توضيحها لإلطار الخارجى للظاهرة ، فإنها من جانب آخر تمدنا بمفاتيح الدراسة، وتحدد لنا طبيعة األصول الفكرية، التى من خاللها نستطيع أن نوضح جوانب ظاهرة الرأى العام ، وأن نؤصل العديد من

ها األساسية ، وفى ضوء ذلك فإن دراستنا لها تنطلق مفاهيمالسياسى والحضارى، ولما كان : من خالل المتغيرين

الجانب الحضارى لظاهرة الرأى العام ، يتسم بكونه تعبيرا عن التقاليد والخبرات الخاصة والتى تعطى الطابع القومى أو

انظر حول خصائص ظاهرة الرأى العام من حيث كونها ظاهرة ) ١(

حامد ربيع، مقدمة فى . د: حضارية وسياسية، فى سبيل المثالللطباعة والنشر والخدمات دار الجيل ٢ط ( العلوم السلوكية

). وما بعدها ٢٤٥ ص ١٩٨١اإلعالمية، دمشق،

المحلى لحضارة مجتمع ما، ومن ثم تصبح عملية التحديد ( لحضارة هذا المجتمع ذات خصوصية أيضا أى كظاهرة

يصعب االنطالق منها نحو المفهوم ) ميكروكوزميةالميكروكوزمى للظاهرة موضع الدراسة، أى بعبارة أخرى كونها حالة جزئية وليست كلية، فإننا لن نتعرض لها هنا فى هذه الدراسة وسيقتصر بحثنا على عالقة الرأى العام فى

وظيفى بخصائص المجتمع السياسى المعاصر، حيث أدائه ال :)١(اتسم هذا المجتمع بخصائص عدة وهى

: حامد ربيع. قارن بخصوص المجتمع السياسى المعاصر، د) ١(

النظرية السياسية الخارجية، كلية االقتصاد والعلوم السياسية، وما بعدها، ٢، ص ١٩٧٣مذكرات مطبوعة بالرونيو، القاهرة ،

عاية الخارجية ، كلية االقتصاد والعلوم وللمؤلف نفسه، نظرية الد ، ٥٠ - ٣٨، ص ١٩٧٢السياسية ، مذكرات مطبوعة بالرونيو ،

-وأيضا ، فلسفة الدعاية اإلسرائيلية، منظمة التحرير الفلسطينية وما بعدها، وأيضا ٣١، ص ١٩٧٠مركز األبحاث ، بيروت،

راتيجية األوربى واست-الحوار العربى .. للدكتور حامد ربيعالتعامل مع الدول الكبرى، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،

وما بعدها، وللمؤلف نفسه، الدعاية ٩٩، ص ١٩٨٠بيروت ، ١٩٧٥الصهيونية، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة ،

. وما بعدها٤٩ص

:طغيان األبعاد األيديولوجية: أوال

طبيعته وتكوينه وقياسه ودوره فى ( وأحمد بدر ، الرأى العام وما ٨٠ ص ١٩٧٧مكتبة غريب ، القاهرة ، ) العامةالسياسة .بعدها

) اإلنسان الجماهيرى ( وبخصوص الظاهرة الجماهيرية، و وتأثيرات فلسفة عصر التنوير والثورة الفرنسية ثم البلشفية ونظرية

ثورة الجماهير ( الصفوة، انظر بشكل خاص العرض الجيد لكتاب أورتيغا ( فى العصر الحديث ، الذى وضعه أشهر فالسفة أسبانيا )

أعظم كاتب أوربى بعد نيتشة ) ( البير كامو( الذى عده ) أى غاسيهحيث ) اسبانية منه( وفى الوقت نفسه يصعب أن يوجد كاتب أكثر

. الفلسفة الوجودية األسبانية ، د) أونامونو( وأستاذه ) غاسيه( مثل ، ) ه أورتيغا أى غاسي( حسن حنفى ثورة الجماهير عنـد

، ) ٥٤(مـجلة الفكر العربى ، معهد اإلنماء العربى، بيروت، العدد بوتو . ، و ت٤٩ – ٢٣، ص ١٩٨٨السنة التاسعة ، كانون األول

مور، النخبة والمجتمع، ترجمة جورج جحا، المؤسسة العربية ، أيديولوجية السلطة وسلطة ١٩٧٢للدراسات والنشر، ببروت، س مرقص، دار الوحدة، بيروت، ص األيديولوجية ، ترجمة إليا

. ، وفرانسوا شانلييه، أيديولوجيا اإلنسان، ترجمة د١٤٧ - ١٢٥خليل أحمد خليل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،

سويم العزى، المفاهيم . ، ود٧٢ – ٥٧، ص ١٩٨١بيروت، ) دراسة تحليلية نقدية( السياسية المعاصرة ودول العالم الثالث

وما بعدها، ٦٩، ص ١٩٨٧المركز الثقافى العربى، الرباط، عادل العوا، . وريمون رويه، الممارسة األيديولوجية، ترجمة د

. وما بعدها١٤، ص ١٩٨٧منشورات عويدات، بيروت،

عصر ( بغض النظر ، عن كون القرن التاسع عشر هو وأن القرن العشرين كما يرى العديد من ) األيديولوجية

ارون ادوارد شيلز، وريمون ( المفكرين والسياسيين ومنهم فإن العالقات ) عصر نهاية األيديولوجية( هو ) واتو برونو

الدولية مازالت خاضعة إلى المتغير األيديولوجى فى أكثر من بعد، والحرب الباردة تقدم أوضح النماذج بهذا الخصوص فقد دفعت الحرب الكونية الثانية باألبعاد األيديولوجية إلى

ل الدولى، حيث ما المواجهة فى التحكيم بمجريات التعامعادت المصلحة القومية هى األساس فقط، وإنما اختلطت األبعاد األيديولوجية بهذه المصلحة، لذا فكثيرا ما يطلق على

التى ) حرب األيدولوجيا( الصراع النفسى فى إطاره العالمى ستسيطر على العالقات الدولية فى األفق المنظور، وعلينا

لى طبيعة التطورات فى المعسكر هنا أن ال ننظر بسذاجة إالشرقى على أنها نهاية لهذه الحرب، فالتعايش السلمى والوفاق الدولى، قد يعنى تنظيم العالقات االقتصادية على أساس التعاون والتعامل، وقد يضع حدا للصراع الجسدى والقتال العضوى، ولكنه ال يتناول فى أى من أبعاده التصادم

عايش بين المعسكرين الشرقى والغربى لم فالت. األيديولوجى

ولن يؤثر على حقيقة الفرقة والخالف على التصور العقائدى بطبيعة الصراع األيديولوجى بين الطرفين، الذى أضحى تعبيرا عن طبيعة السلوك السياسى الدولى فى عالمنا

.المعاصرولو عدنا إلى تأصيل هذا السلوك لوجدنا أن السلوك

ح، أنه قد ارتبط بالمتغير األيديولوجى فى أحد السياسى، صحيأبعاده، فى أكثر من نموذج سياسى سبق الثورة الفرنسية، حيث تم ربط ظاهرة النشاط السياسى بالجانب األيديولوجى، إال أن الثورة الفرنسية فى حقيقة األمر ، ثم مجموعة التطورات التى أعقبتها ، قد أدت إلى حقيقة مزدوجة وهى أن

متغير األيديولوجى أصبح هو المسيطر على سلوك الفرد الالعادى، وليس فقط الطبقة الحاكمة، ثم جاءت الثورة البلشفية بعد ذلك لتنقل المفهوم من نطاق السلوك الفردى إلى السلوك الدولى، من خالل إنشاء األحزاب الشيوعية، كأدوات للتسلل

لى مجريات إلى الجسد القومى للدول األخرى، والتأثير عمع مجىء هتلر وصعوده ) النازية ( وجاءت . الحياة المحلية

إلى الحكم، وسرعان ما تلقت هذا المفهوم وبكل أبعاده فى محاولة مشابهة من خالل تحريك الطابور الخامس من قبل

النظام النازى من جانب ثم من خالل خلق قوى محلية ن جانب آخر، تخضع لتعاليم وأوامر الكنيسة الكاثوليكية م

وفى كل ذلك ظل الصراع األيديولوجى حتى الحرب الكونية الثانية يتسم بنوع من النسبية فى التحكم بالعالقات الدولية ، ولكن مع انتهاء هذه الحرب برز الصراع األيديولوجى إلى القمة بعد انهيار التحالف المؤقت بين االتحاد السوفيتى ودول

( ول الكتلة الشرقية، مفهوم الغرب، حيث برز مع نشوء دبأوسع معانيه، والذى يعنى ذلك النوع ) الحرب األيديولوجية

من أنواع الصراع النفسى، الذى أساسه الرغبة فى سيادة أيديولوجية على أخرى، بافتراض التناقض فى األيديوجيات الحتواء مجتمعات أخرى سواء بالتأكيد أو االقتناع، أى أن

العمل ( ة تفترض أن يصاحبها إما الحرب األيديولوجيبالنسبة للنموذج ) دعوة ( بالنسبة للنموذج األول أو ) الدعائى

تقود ) الدعوة ( تنتهى إلى التأييد و ) الدعاية ( الثانى حيث .إلى الوالء وخلق األنصار

وقد وصلت الحرب الباردة ذروتها فى عهد الرئيس ولوجية قد بلغت وكانت الحرب األيدي) ترومان ( األمريكى

ذروتها أيضا كتعبير عن هذه الحرب فى أحد مستوياتها .األكثر أهمية

ولكن من أكثر الظواهر المدهشة التى غلفت التعامل الدولى تصاعد الصراع األيديولوجى بين دول يفترض بها أن تعبر عن وحدة أيديولوجية ال عن خالف عقائدى محتدم،

ين هما الصين واالتحاد مثلما جرى بين دولتين شيوعيتوحتى ) ستالين ( السوفيتى فى خالفهما المشهور، منذ أيام

.اآلنوعلى مستوى العالم الثالث، كان الصراع األيديولوجى ولو بحدود معروفة يمثل صورة من تحكم المتغير األيديولوجى فى مسار الصراع اإلقليمى، حتى وإن كان هذا

.متعارضة) دينيةأيديولوجية( المتغير يعبر عن وهكذا أضحت األبعاد األيديولوجية، هى الصفة الطاغية على مجمل مسار العالقات الدولية فى عالمنا المعاصر، وبالتأكيد فإن لكل ذلك تأثيراته الواضحة على الرأى العام

.المحلى والدولى على السواء وهذا ما سنبحثه فيما بعد

معات السياسية انهيار الحواجز بين المجت: ثانيا

الموانع العقبات التى كانت تفصل بين الجسد القومى لمجتمع ما، والجسد القومى لمجتمع آخر، والتى كانت تتحكم بشكل واضح بعملية االتصال والتفاعل بينها لم يعد لها مثل

عاصر، والحقيقة أن ذلك يعود هذا الوجود فى المجتمع الم :إلى

لذى أبرز ألول مرة فى ا: التقارب األيديولوجى- ١تاريخ اإلنسانية كيف يمكن أن يؤدى بمعناه الواسع إلى تفتيت فى المصالح القومية مع فيضان لمفهوم األبعاد الحركية بين الطبقات واألقليات على حساب الوحدة القومية، والتضامن العمالى بين نقابات أكثر من بلد، ومنظمات تكتسب صفة

طار بعيدا عن أى تحديد للهوية الدولية وتعمل بهذا اإلاليسار ( القومية، تعد نماذج واضحة لذلك، ناهيك عن ظاهرة

والتحالف بين المنظمات اإلرهابية فى أكثر من بلد ، ) العالمىهو ) األممية(واألحزاب الشيوعية التى يضحى مفهوم

المتغير المسيطر على أى فعل حركى تقوم به ولو كان ذلك .الح القوميةعلى حساب المص

التى باتت تتحكم بالعالم : الظاهرة االتصالية - ٢المعاصر الذى أضحى أصغر حتى من قرية، بفعل أدوات

االتصال الجماهيرى، التى مكنت التجمعات السياسية من تخطى الحواجز والموانع بين الشعوب واألمم بكل سهولة،

وإلى وأدى تعلم اللغات وانتشارها إلى تخطى هذا العائقتزاوج عميق متعدد األبعاد، يتمثل فى أوسع صوره بالتحول من المستوى اإلقليمى إلى ما يقرب من المستوى المحلى ، وظاهرة دول الكومنولث البريطانى والدول الناطقة بالفرنسية نماذج تصور حياتنا المعاصرة فى إطارها السياسى، وفضال

لة القومية، ما عادت للدو) الوظيفة االتصالية (عن ذلك فإن فقط تمثل هذا النموذج، وإنما هناك أيضا وظائف اتصالية ال تقل أهمية عن الوظيفة االتصالية للدولة القومية، ومنظمة هيئة األمم المتحدة، والتجمعات اإلقليمية المختلفة، باتت

.تضطلع هى األخرى بهذه الوظيفة أيضاوالتى تعنى : )االندماج السياسى( بروز ظاهرة - ٣

أن مجموعة من دول مختلفة بغض النظر عن طبيعة ارتباطاتها السياسية والدولية تتخلى عن استقالليتها بحدود معينة لتقدم صورة جديدة من صور الوالء السياسى، والمتغيرات التى تكمن وراء ذلك تعود بالدرجة األولى إلى

ن أجل مواجهة أن العالم لم يعد عالم الكيانات الصغيرة ، وم

الكتل الكبيرة فى الواقع السياسى المعاصر، فإنها تجد نفسها تتجه لتعبر عن تكامل اقتصادى معين من خالل االنصهار فى بوتقة واحدة وتشكيل صورة سياسية جديدة، ولعل الصورة البارزة لهذا االندماج تتمثل بالسوق األوربية

ا الالتينية وجنوب المشتركة والتجمعات االقتصادية فى أمريكومن دالالت وصول الذروة فى االندماج . الخ.. شرق آسيا

دبلوماسية التجمعات ( ما حدثنا به بعض علماء السياسة عن . كصورة من صور التعبير عن هذه الظاهرة )١()

طغيان الصفة الجماهيرية فى المجتمع السياسى: ثالثايا بأكثر يتصف المجتمع المعاصر بكونه مجتمعا جماهير

من معنى، حيث تسوده من جانب فكرة الرجل العادى الذى يفهم كل شىء أو ال يفهم شيئا، ويخضع لنظام سياسى أساسه سيادة الكم على الكيف ويقوده قائد يعبر عن الوعى الجماعى

يقصد بها تلك الصورة من صور ) دبلوماسية التجمعات ) ( ١(

د المشتركة الدبلوماسية، التى تربط بين الجماعات ذات التقالير عن والمصالح المتقاربة، مع االنتماء إلقليم متكامل وبغض النظ

مدى دقة هذا التصور، إال أنه يظل تعبيرا عن هذه الظاهرة فى أحد حامد ربيع، محاضرات مرحلة الدبلوم، معهد . انظر د. أبعادها

.١٩٨٦البحوث والدراسات العربية، بغداد ،

( أكثر من تعبيره عن النبوغ الفردى، وإلى حد إطالق صفة تعنى ) لجماهير ا( عليه، حيث ظاهرة ) عصر الجماهير

سيادة األغلبية وإمحاء الفردية وظهور العقل الجمعى والرأى العام والنظم الجماعية ، حتى ليقال إن العصر الحاضر هو، عصر الجماعة، سواء فى البحث العلمى أو فى العمل

.السياسىوإذا ما عدنا إلى تطور مفهوم الجماهير، من خالل ثنائية

األقلية، بين الجماهير والصفوة، بين التقابل بين األغلبية وفى الوقت ) عصر التنوير( العامة والخاصة، نجد أن فلسفة الذى يمثل ) اإلنسان العام( الذى دعت فيه الظروف إلى ومهدت (Le citoyen Jumode)اإلنسانية كلها أو مواطن العالم

إلى قيام الثورة الفرنسية، خالل القرن نفسه، لم تلبث أن دى ( إلى اتجاه متغير واضح األبعاد على أيدى تحولت سان ( ، وثم )Maistreدى ميستر (و ) (De Bonald)بونالد

فى القرن التاسع عشر، إال أن ) سيمون، وكومت ، وبالنشالذى أعطى للمذهب الجماعى دفعة قوية من جانب ، ورسخ

) كارل ماركس( من تقدميته من جانب آخر هو ما جاء به به المذاهب االجتماعية األخرى التى أعطت وما جاءت

للمذاهب الجماعية طابعها التقدمى المعروف، ومن ثم جاء القرن العشرون ليقدم خصائص متميزة للمجتمع المعاصر، فبعد أن كان الخاصة أو الصفوة هم أصحاب السلطة، وكان لهم الحق فى تسيير الجماهير، أصبحت الجماهير هى صاحبة

هذا االنتصار ، سيادة غير المتخصصين على األمر، ورافقالمتخصصين، والمتعلمين على المثقفين، وهذا ما تؤكده

ومع التقدم . التغيرات السياسية المعاصرة التى شهدها العالمالتكنولوجى فى وسائل االتصال الجماهيرى، كان البد أن يؤدى ذلك إلى انهيار الحواجز بين السياسة الداخلية والسياسة.. الخارجية، بحيث باتت األخيرة تؤثر فى األولى بشكل كبير

وهذا ما انعكس على طبيعة التعامل القومى على المستوى .السياسى بين دول العالم

وإذا ما تفحصنا بدقة فكرة المجتمع الجماهيرى، سنجد أن ، كمفهوم وفكرة بالرغم من (L'homme- Hoyer)الرجل العادى

( ن حيث التأصيل والتحديد حيث سماه اتسامها بالغموض موالذى يتصف ) السنى من الناس ( أو (Dass Main)) هايد غر

الفيلسوف والمفكر األسبانى ) أورتيغا اى غاسيه( كما يرى ، بأنه نوع من البشر يتكون ) ثورة الجماهير ( فى كتابه

تكوينا سريعا، يتكرر باستمرار ويتشابه مع غيره، ال تاريخ وال رغبة له، يقبل أى نظام ويتشكل كما يطلب منه، له له

كل الحقوق، وال واجبات عليه، فارغ من تاريخه وطيع لكل النظم السياسية والدولية ، فإنها أى فكرة الرجل العادى أو

فى مفهومها الواضح تعنى عملية ) اإلنسان الجماهيرى(ة المشاركة السياسية فى أحد أبعادها ، أى أن الممارس

، وبعبارة ) الصفوة( السياسية والمشاركة لم تعد قاصرة على أخرى سيادة الكم على الكيف وسيادة النظرة الجماعية الواحدة التى تركز على المساواة، وعلى تبجيل الشخص العادى، وجعل صفاته هى وسيلة التقنين واالمتياز بوصفها

وقد ذهب ) النمطية الجماهيرية (العامل المشترك بين الجميع والتأكيد (Society)البعض فى هذا االتجاه إلى إنكار المجتمع

فنحن ال نعيش فى مجتمع بل ( (Association)على المشاركة ). فى مشاركات

) الجماهيرية ( وعلى العموم فإن أهم ما تتميز به ظاهرة :فى العصر الحالى

رفق فكل م(Piein) أو المأل (Aggiomeration) التجمع - ١يفيض بالبشر، المنازل والشوارع والمقاهى والمستشفيات

الخ حتى أصبحت مشكلة اليوم هى إيجاد .. ودور اللهوولم يحدث للجماهير من قبل أن تحولت إلى ) المكان الخالى (

.مثل هذه التجمعات الكبيرة إال فى المعارك والحروب القديمةالدور إذ تقوم الجماهير ب) الوعى التاريخى ( - ٢

من قبل ) الصفوة المختارة(الحيوى نفسه الذى كانت تقوم به بل أنها تتجاوز قيادة الصفوة وتتخذ موقفها الخاص بها، وتتمتع بما كان محرما عليها باألمس، فإن عرف الشعب قديما أن السيادة له، إال أنه لم يعتقد ذلك إال اليوم ولم يحول

ال بسيادة الجماهير، بعد تحرر اعتقاده هذا إلى حقيقة فعلية إ( اإلنسان العادى وشعوره بشخصيته المستقلة وخاصة أن

لم يحرر إال طبقة المثقفين حسب، وهكذا ) عصر التنويرأصبح عبد األمس سيد اليوم، وللمواطن الحق نفسه الذى للحاكم، وللطالب الحق نفسه الذى لألستاذ ألن عصرنا أصبح

أى مساواة كل فرد للفرد (Nivellement)) عصر التسوية ( !!اآلخر بعد أن أصبح هذا الفرد العادى محور التأريخ

أى أن الجماهير أضحت ) التعبير عن العصر (- ٣تعيش على مستوى العصر، على مستوى األحداث ، أو المسؤولية، وأضحى العصر عصر الجماهير، ال ترى أحداثه

ذه الجماهير إلى إال من خالل الجماهير ، بعد أن صعدت ه .مستوى التأريخ

فى طبيعة الواقع السياسى - بالتأكيد -وقد أثر كل ذلك ذاته، إذ أصبح الحاكم يسعى للحصول على التأييد الشعبى بأية وسيلة كانت، وعد هذا التأييد منطلقا للشرعية والتحرك

ولكن ما المتغير . السياسى فى مستواه الداخلى والخارجىبالتأكيد أن طبيعة التطور .. إلى مثل هذه النتائج ؟الذى قاد

الذى أصاب النظام الدولى هو الذى أدى إلى ذلك، ابتداء من القرن السادس عشر وحتى اليوم حيث تميز بوجود ثالثة نظم سيطرت على مدركات التعامل السياسى ودون تحديد مراحل

نهاية زمنية قاطعة نستطيع أن نحددها بالنظام الدولى حتىالقرن التاسع عشر إجماال، ثم فى مواجهة النظام الذى ساد وال يزال يسود عالمنا الراهن ابتداء من الحرب الكونية الثانية وحتى اليوم، ثم النظام الثالث الذى يتوسط الفترة بين هذين النظامين والذى يمكن وصفه بأنه تعبير عن مرحلة

نظام األول هو النظام ال( االنتقال من األول إلى الثالث ، ) والثالث هو النظام الدولى المعاصر) ( الدولى التقليدى

وما بين هذه النماذج الثالثة ) النظام االنتقالى(والثانى هو

ظاهرة (نستطيع أن نشير إلى طبيعة التطور الذى أصاب ، ففى األول وهو امتداد لحضارة عصر النهضة )القيادة

ة الخارجية لم يكن يتحكم والقوميات سنجد أن السياسبصياغتها وتخطيطها سوى صانع القرار، فهى حق األمير أو الحاكم، أما الشعب فال يتدخل بخصوصها إال نادرا وعلى مستوى ال يتعدى الشكليات، أما فى النظام االنتقالى فإن صانع القرار السياسى لم يعد صاحب اإلرادة األولى

داخلية أو الخارجية، بل والوحيدة فى صياغة السياسة التدخلت فى تشكيل وتحديد هذه السياسة قوى أخرى مناهضة ومؤثرة فى تلك الصياغة تختلف عن اهتمام القوى الشعبية

. بشكل أو بآخروالنموذج الثالث والذى يمثل النظام الدولى المعاصر أضاف حقيقة مهمة وهى أن العامل السياسى الدولى لم يعد

ول أو الحكومات وإنما أضحى تعامال بين تعامال بين الدالشعوب، وهكذا قاد هذا التطور إلى أن يسعى القائد الجماهيرى إلى مختلف التأييد الشعبى من جانب وإلى اللجوء إلى أسلوب التوافق فى ممارسة السلطة ، ومن خالل وضع الرجل العادى بعين االعتبار عند اتخاذ أى قرار سياسى من

بالتالى فإن أهمية الرأى العام، تظهر بوضوح جانب آخر، ولدينا من خالل متابعة هيمنة الطبيعة الجماهيرية للمجتمع المعاصر على التعامل السياسى بحيث إنها فرضت حتى على الظاهرة القيادية أن تجعل منها محور العملية السياسية من

.حيث التقاء الحاكم بالمحكوم التطور التكنولوجى: رابعاقف التطور التكنولوجى خلف جميع المتغيرات السابقة، ي

لذا ال ريب أن يضحى المتغير التكنولوجى أحد أبعاد الوجود الدولى، سواء فى موضع الوحدات السياسية من طبقات الدول، وبالتالى وزنها الحقيقى فى تسيير العالقات الدولية أو

دى هذا لقد أ. فى كونه أحد عناصر الحياة والنشاط الدولىالتطور بأبعاده االجتماعية إلى انهيار الحواجز وإلى التقارب

كما أسهم ) المجتمع الجماهيرى( بين الشعوب وخلق ظاهرة التطور التكنولوجى المرتبط بالتقدم الثابت والمطرد فى أدوات االتصال الدولى بمختلف مستوياتها فجعلها ترفض أن

اصة عقب استخدام تتقيد بالحدود القومية وتأبى بصفة خاألقمار الصناعية والتقدم الفنى الرهيب فى عملية نقل الصورة المرئية ، االعتراف بالحدود السياسية بين الشعوب،

لذا فإن الحديث عن ظاهرة الرأى العام الدولى بعيدا عن التى كانت (inter- Action)فكرة التقاطع أو التفاعل المتبادل

الرأى العام أضحت هى الفكرة سائدة فى تفسير ظاهرة أى دراسة الرأى العام .. المسلم بها فى دراسة الظاهرة .الدولى وهو ما سنبحثه فيما بعد

إن الظاهرة التكنولوجية قد قادت إلى تأثيرات معينة فى ، أحد ) العنصر التكنولوجى(المجتمع الدولى عندما أضحى

بين أنواع الوحدات العناصر األساسية التى يتحدد بها التمييزالسياسية وكذلك أدى التطور التكنولوجى إلى التطور العام

، )وهو االتجاه نحو الوحدة(المسيطر على العالقات الدولية حتى فكرة ) وستفاليا( ونظرة سريعة إلى أوربا منذ معاهدة

، تعطينا أكثر من مثال ١٩٩٣تحقيق الوحدة األوربية فى عام التغيير الواضح للظاهرة التكنولوجية ولكن . واضح حول ذلك

:فى المجتمع الدولى تتجلى فى أكثر من متغير أهمها وهى البد (New Lists) ظهور طبقات مختارة جديدة - ١

بدورها أن تخلق أساليب جديدة فى أسلوب الحكم وبالتالى فى تكوين السياسة الخارجية وبصفة خاصة فيما يتعلق بمضمون

انب وكيفية اتخاذ القرار السياسى من تلك السياسة من ج .جانب آخر

Political) خلق أنواع جديدة من العالقات السياسية – ٢

Relationships) وبالذات بين الطبقات نفسها ومحترفى السياسة Political ) ( ثانيا. لقد أدت الظاهرة التكنولوجية إلى التأكيد على - ٣

ثم انفجار اإلمبراطوريات ظاهرة الدولة القومية اإلقليمية االستعمارية فى أوربا بشكل خاص وكان لكل ذلك تأثيره

.الكبير فى المجتمع الدولى أن التزاوج فى العالقة بين التكنولوجيا والعالقات - ٤

الدولية قد ترك أثره الكبير فى هذا المجتمع، حيث أدى الى احتكار البحث العلمى وجعله سرا من أسرار الدولة وبالت

أصبح عنصرا من عناصر الحرب النفسية، إلى حدوث التغيير الكبير فى وظائف السياسة الخارجية وأدواتها من

.جانب والوظيفة الدبلوماسية من جانب آخر

التطورات المعاصرة: ثانيا لنظرية الرأى العام

الدراسة التجريبية لمتغيرات الظاهرة •

الكلى للظاهرةالسعى إلى ربط النظام الجزئى ب •

)حق االتصال ( و ) بحق اإلعالم ( االهتمام الدولى •

التطورات المعاصرة: ثانيا لنظرية الرأى العام

وندعو إلى ) كنظرية ( مادمنا نتحدث عن الرأى العام تأصيل مفاهيم هذه النظرية فالبد لنا أن نتوقف عند مفهوم

المعرفة المعممة النظرية ذاته من حيث كونها نسقا من وتفسيرا للجوانب المختلفة للواقع، حيث إن المالحظة الجديرة باالنتباه هنا هى أن النظرية تتميز من حيث البناء بكونها عملية مركبة ، تعكس الواقع روحيا أو عقليا وتردده، وفى الوقت نفسه ترتبط ارتباطا بالممارسة التى تضع مشكالت

وجب حلها أى بعبارة أخرى إنها ملحة أمام المعرفة ويتتصميم للنشاط المعرفى ونتائج الممارسة من خالل التحقق

ومن أجل ذلك نلجأ إلى ما . من الوقائع والعمل على تفسيرهايسمى فى منطق العلوم ، االفتراضات التى تصبح بعد التأكد منها قوانين، وعليه فإن النظرية تطبق على مجموعة الوقائع

قط مالحظة أو منسقة ولكن مفسرة ومنظمة، إنها التى ليست فالرابط الذى يضعه العقل فيما بين هذه الوقائع، ولكن هذا

الرابط غير شخصى طالما أنه غير صالح إال إذا تأكد وبعبارة أخرى فإن )١(بتجارب أخرى وبتجارب الغير

النظرية ببساطة ليست وصفا ، ولكنها أداة تحليلية، مجموعة ء ، وهى أيضا ليست نمطا مفهوما تتركز قيمته من المبادى

فى قدرته على توحيد الظواهر التى بدون النظرية تكون إما مثيرة للدهشة ، أو شاذة أو تترك كليا ودون أن تلحظ، وهنا

)٢(تساعد النظرية فى األقل فى تفسير الظاهرة والتنبؤ بهامن ثم وهذا ما ينطبق تماما فى دراسة ظاهرة الرأى العام و.

التى مازال ) نظرية الرأى العام( تحديد مالمح وجوانب الفكر السياسى يقف منها موقف المتردد حيث هناك حقيقة البد من إدراكها وهى أنه ليس من السهل إنشاء نظرية شاملة بخصوص هذه الظاهرة ولكن هذا ال يمنع من الدراسة البنائية

نظر، فى سبيل عتها البنائية، ابخصوص مفهوم النظرية وطبي) ١(

، ترجمة سعد ١روزنتال ب يودين، الموسوعة الفلسفية، ط : المثال، وأيضا مارسيل ٥٣٢، ص ١٩٨١كرم ، دار الطليعة ، بيروت،

، ترجمة محمد بوجادى، منشورات ٣بريو، علم السياسة، ط .١١٠ ، ص١٩٨٣عويدات ، بيروت ،

رحمن الصالحى، علم السياسة بين عبد ال. محمد نصر مهنا، د. د) ٢( ٨٧، ص ١٩٨٥التنظير والمعاصرة، منشأة المعارف، اإلسكندرية،

.وما بعدها

سة الواقعية، حيث فى جانبها المعرفى ثم الممار) للنظرية( ) نظرية الرأى ( نجد أن هناك ثالث خصائص أساسية تميز

فى تطوراتها المعاصرة ، فهى من جهة تجعل من نظرية البحث التجريبى األساس الوحيد الستنتاجها، ومن جهة ثانية هى تسعى ألن تكون نظرية عامة تربط بين مختلف األجزاء،

نساب فى العالقة بين ومن جهة ثالثة وأخيرة ، تحاول أن تالقانونين الداخلى والخارجى مكونة مجموعة معينة من الحقوق الفردية التى تعلو على المشروع الوصفى وتكاد

، وسنتناول )١(تكون قسطا من الحد األدنى للكرامة اإلنسانية :هذه الجوانب بالتفصيل

. الدراسة التجريبية لمتغيرات الظاهرة – ١ التجريبية، من قدرتها على أن تؤدى تنبع قيمة الدراسة

بطريق غير مباشر إلى تحطيم الحواجز بين الجماعات والمجتمعات السياسية ، وذلك بوساطة اعتمادها فى نظرية المعرفة على التجربة الحسية واعتبارها هى المصدر الوحيد

الرأى العام الدولى ( حامد ربيع ، . د. للمزيد حول ذلك انظر) ١(

السياسة الدولية، القاهرة، مجلد عام مجلة). والسلوك السياسى . وما بعدها٩١ص ) ٦١( ، العدد ١٩٦٦

للمعرفة، وبعيدا عن مفاهيم التجريبية المثالية كما عبر عنها أو التجريبية المادية ممثلة بأفكار ) الخ.. هيوم وماخبركلى ( ، فإن )٢(أو التجريبية المنطقية الحديثة) بيكون وهوبزولوث(

مفهوم الدراسة التجريبية تعنى استخالص الحقيقة من التجربة والمشاهدة، وهذان المتغيران بطبيعتهما نسبيان من حيث

التجرية ال يمكن الزمان والمكان، ولكن علينا أن ال ننسى أن أن تكون أساسا الستخالص القانون العلمى إال إذا تعددت وتوحدت فى الوقت نفسه مقوماتها وما تتضمنه من عالقات ارتباطية، وهذا التعدد يقود إلى االهتمام بالظاهرة موضع الدراسة، فى أكثر من مكان واحد وفى أكثر من زمن ويكمل

فى مدلول الخبرة، فالتوسع فى ذلك التعدد فى الخبرة المقارنة نطاق البحث األصلى بإدخال عناصر جديدة تختلف من حيث خصائصها عن العناصر األولى السابقة، ثم مقارنة النتائج فى كلتا الحالتين يؤكد أو ينفى أو يحدد قيود التأكد أو النفى

.١١٥ - ١١٠ذ، ص . س . م. يودين. ب .نظر روزنتال ا)٢(

للنتائج التى نكون قد وصلنا إليها فى منطوق التجربة .)٣(األولى

لجانب التجريبى فى معرفية الظاهرة، أى ظاهرة إن االرأى العام قد انعكس على خصائص النظرية من خالل متغيرات عدة، يظهر بعضها لنا بدقة ووضوح فى عملية

الظاهرة فى )١()ميكروكوزمية ( التحرى والبحث فى مفاهيمها الكلية ، فيما يظل البعض اآلخر غير واضح

هذا ال يمنع من اإلشارة إلى أهم هذه المالمح واألبعاد، ولكن :المتغيرات

. س . م: الرأى العام الدولى والسلوك السياسى : حامد ربيع . د) ٣(

.٩١ذ، ص العام، فى ظاهرة الرأى) الميكروكروزمية( يقصد بالظاهرة ) ١(

الظاهرة الكلية، حيث نجعل أساس المقارنة يدور حول المحيط م السياسى، بمعنى أثر التغيرات الهيكلى أى خصائص النظا

( واالختالفات الهيكلية على القرار السياسى للمواطن، أما الظاهرة فهى الجانب الجزئى من الظاهرة ، حيث يكون ) الميكروكروزمية

أساس المقارنة، هو كل ما له صلة بخصوص الفرد أو الناخب، أى راراته العالقة بين خصائص الفرد من حيث مقوماته ومبرراته وق

.السياسية

إن دراسة الظواهر النفسية واالجتماعية التى تصل : أوالبعملية تكوين الرأى العام وتغييره، والتأثير على اتجاهاته سواء أكان فى مستوى السلوك الفردى من حيث كونه سلوكا سياسيا أو من حيث الخصائص الجماعية للجمهور، أى فى

استطاعت أن تعطى ) العقل الجمعى(إطار ما يسمى بـ الباحثين من خالل المقارنة المنهاجية أوال والدقة العلمية ثانيا، تطورات واضحة عن طبيعة ظاهرة الرأى العام محلية كانت أم دولية ، ولعل دراسة ظاهرة الرأى العام الدولى، من

طت خالل البحوث التجريبية فى أكثر من مجتمع أعلخصائص النظرية الشىء الكثيرمن هذه التصورات، وبصورة فاقت دراسة الظاهرة فى المجتمعات المحلية، وما

لعالمية الثانية والفترة التى أعقبتها من ! قدمته لنا الحربيعد اآلن من األدبيات . نتائج علمية دقيقة بخصوص الظاهرة .التقليدية فى مباحث نظرية الرأى العام

لقد قادت الحرب الباردة بتقاليدها وخبرتها : ثانياالمعروفة، إضافة إلى ما تراكم من خبرة فى التعامل النفسى خالل الحرب الكونية الثانية، إلى جعل التعامل النفسى من خالل مستوى الحرب النفسية وأساليبها المتعددة مقدمة

للتعامل السياسى الخارجى، وفى مستوى الدعوة والدعاية اخلية ، تمهيدا لهذا التعامل على الصعيد المحلى، وكان الد

لألساليب النفسية التى امتلكت فلسفة واضحة األبعاد، من حيث اختالفها ممثلة بمناهج التعامل النفسى المعروفة فى

:)٢(االتصال الدعائى وهىمن خالل نظريته المعروفة باسم ) بافلوف ( فلسفة ) أ (

والتى تسود التقاليد السوفيتية ومنطقها ) رد الفعل المقيد (

ين األساليب الدعائية الفنية، وبين البد لنا هنا أن نميز بوضوح ب) ٢(االتصال ( النماذج النفسية للعمل الدعائى والتى ترتكز عليها فلسفة

، من حيث مازال البعض يصفها، أى هذه النماذج )الدعائى ذاته باألساليب وهذا خطأ كبير وقع فيه بعض الباحثين، حيث إن

األسلوب الدعائى الفنى يعنى مجموعة من العناصر القادرة على خلق رد فعل معين مقصود لدى المستقبل، بحيث تؤدى من خالل التأثير العاطفى المعرفى، أى إقناع الجمهور المستهدف وبالتالى تحقيق أهداف الخبير الدعائى، وهذه العناصر تتضمن أنظمة إقناعية

ى ذات الوقت، أى تصبح اللغة قناة تتستر خلف نظام تعبيرى فللظاهرة األسلوبية فهى تعبر واألسلوب يحقق األهداف الدعائية، أى

تتصف بكونها قواعد أسلوبية ترتكز على ( أنها األساليب الفنية ).المعطيات النفسية لهذه النماذج فى بعض جوانبها

للمزيد حول ذلك انظر رسالة الماجستير التى قامت الباحثة اإلشراف عليها، رجاء أحمد آل بهيش، الدعاية اإليرانية فى حرب ب

، ص ١٩٨٨الخليج، معهد البحوث والدراسات العربية، بغداد . وما بعدها١٠١

فكرة اإلغراق بجميع أدوات االتصال اإلعالمى واالتجاه نحو .المجتمع الجماهيرى

التى ترى فى اإلنسان مجموعة من ) فرويد ( فلسفة ) ب(العقد والنقائض وتأخذ بذلك منطقا مختلفا يركز على

لها، لذا فأكثر االنطالق من البؤر الثابتة ثم توسيعها واستغالاألفراد تعقيدا أفضلهم لنشر المفاهيم اإلعالمية والدعائية، وقد

.سادت هذه الفلسفة التقاليد النازيةبتقاليدها ) ديوى( الفلسفة التى تنطلق من نظرية ) جـ(

المعروفة والتى هيمنت على تقاليد اإلعالم األمريكى، تلط فى وأساسها أن التحكم يتم عن طريق التثقيف، وتخ

.تطبيقاتها بعملية التوعية نقول كان لهذه األساليب من حيث اختالفها فى المسالك والقنوات بغية تحقيق النجاح، األثر الكبير فى إثارة أكثر من تساؤل من جانب، وإلى الدعوة إلى التكامل فى هذا النجاح من جانب آخر، مما قدم خدمات كبرى للباحثين فى ظاهرة

، ووضعهم أمام النتائج التى تحتاج إلى التفسير الرأى العاموهذا بدوره قاد إلى . وإلى تحديد ديناميات الظاهرة وتفاصيلها

:مجموعة أخرى من المتغيرات أتى فى مقدمتها

أنها لم تعد ظاهرة سياسية محلية وإنما أخذت - ١تتصف بكونها ظاهرة إنسانية سياسية ، وأسهمت المقارنات

المسالك العلمية فى التجريب بين المجتمعات المنهاجية ، والسياسية ، فى وضع صورة علمية للسلوك السياسى للفرد أيا

.كان انتماؤه القومى أو العرقى إنه بالرغم من االختالف الكبير فى النظرة إلى – ٢

طبيعة الوظيفة اإلعالمية، تبعا للفلسفة السياسية التى تقف بى قد أظهر أن هناك قدرا وراءها إال أن البحث التجري

مشتركا من التشابه بين هذه الفلسفات والنظم التى أقيمت على أساسها، وهذا بدوره أيضا قد قاد إلى وحدة التفسير ووحدة النتائج بحدود معينة بالرغم من التقاطع واالختالف بين هذه

نظرية الرأى ( النظم وتلك الفلسفات، لإلسهام فى دفع تأصيل .خطوات إلى األمام) العام النتائج التى توصل إليها الباحثون بخصوص - ٣

سايكولوجية الرأى العام كانت بذاتها حصيلة تجارب محلية، ترتبط بمجتمعات معينة، ونظم سياسية معينة، ولكن جمع هذه النتائج ومقارنتها، أدى إلى تحديد المفاهيم والخصائص

فسية واجتماعية وسياسية لسايكولوجية الرأى العام، كظاهرة ن .فى آن واحد

السعى إلى ربط النظام الجزئى بالنظام الكلى - ٢ للظاهرة

إن الظواهر بصفة عامة إما أن تكون ظواهر جزئية أو تتكون من ) الميكرو( كلية ، ولكن حتى الظاهرة الجزئية

العديد من العناصر، وكل عنصر منها يمكن أن يوصف بأنه لكل، وهذه الحقيقة قد تبدو غير واضحة فى جزء من ا

الظواهر الطبيعية والتى قد تبدو أقل وضوحا فى الظواهر االجتماعية، تصير واضحة وخطيرة فى الظاهرة السياسية ، فالظاهرة السياسية من حيث طبيعتها ظاهرة كلية ولكنها من حيث مقوماتها هى مجموعة ضخمة من الظواهر الجزئية

تحليل الظاهرة السياسية على المستوى الجزئى ومن ثم فإن يعنى تحليال للمقومات األساسية للظاهرة، أو المستترة

، والتى )الرأى العام( والخفية والتى يعبر عنها بظاهرة أضحت قوة حقيقية متحكمة فى تطور الظاهرة السياسية، ولكى تفهم األمر بصورة أفضل، فإن التطور الذى نعنيه

اهرة من خالل السعى إلى ربط النظام الجزئى بخصوص الظ

بالنظام الكلى، يعنى فى جوهره نوعا من التصور والتخيل، أى بعبارة أخرى أنه بالرغم من كون االنتقال من الخاص إلى العام ال يعنى تعميم النتائج، بقدر ما يعنى تصور حقيقة تتصف بالغموض فإنه يقودنا فى حقيقة األمر إلى تحديد

ومات عملية االنتقال من الجزء إلى الكل والتى تفترض مقالظاهرة ( ظاهرة كلية من غير الممكن اإلمساك بها تجريبيا

، )الرأى العام( وظاهرة جزئية محددة تقريبيا ) السياسيةوالعالقة التى تربط بينهما على مستوى التحليل عالقة تبعية

الظاهرة الكلية و) الميكرو ( وانطواء بين الظاهرة الجزئية ، عالقة كاملة وثابتة، وبمعنى آخر أن ظاهرة الرأى )المكرو(

العام هى أحد العناصر التى تنتمى إلى الظاهرة السياسية إال أن أهم ما يميز . )١(وتنطوى تحت عالهما المستقل

الرأى العام هو كونه ظاهرة متقلبة وغير ثابتة وغير مستقرة وتحليلها فى حاجة إلى ودراستها تفرض صعوبات عديدة

جهود متعددة، وقدرة على البناء المتكامل للظاهرة من خالل ربط جزئياتها فى وحدة هيكلية محكمة، ومما يزيد األمر

السياسى ، محاضرات ألقيت على طلبة السنة حامد ربيع، المنطق. د) ١(

، معهد البحوث والدراسات ١٩٨٨ - ٨٧التمهيدية للعام الدراسى .٢٥ – ٢١ ، ص ١٩٨٨، مطبوعة بالرونيو، بغداد ، ربيةالع

صعوبة فى سبيل التوصل إلى ذلك، أن الرأى العام فى مسألة التقلص أى فى أوقات األزمات واألحداث الملتهبة ال يمكن

أو المقومات فى حالة االسترخاء أن يعكس الخصائص ذاتهاوالهدوء، بعيدا عن لحظات االضطراب، وباإلضافة إلى هذا كله فإن ظاهرة الرأى العام تتسم بكونها من حيث الطبيعة التركيبية تضم أكثر من جزئية، ومحاولة تحديد نظرية عامة للرأى العام تستوجب جمع هذه الجزئيات فى نظام كلى يقوم

ة الظاهرة فى معناه الجزئى، واالنتقال من على أساس وحدذلك نحو المعنى الكلى لها، وهذا ما عمد الباحثون إلى القيام به من خالل دراسة الجوانب األساسية التى تتوزع الظاهرة

:)١(وهىوما تعنيه من تحديد : ظاهرة السلوك السياسى- ١

خصائص مظاهر التعبير عن العالقة بين الفرد والسلطة لحاكمة من الناحية السلوكية، حيث إن السلوك السياسى بهذا ا

المعنى يضحى أحد مالمح الشخصية الفردية من حيث عالقة

ذ، ص . س . ية، محامد ربيع ، فلسفة الدعاية اإلسرائيل. د. قارن) ١(الرأى العام الدولى والسلوك ( وما بعدها، وأيضا للمؤلف نفسه، ١٩

، وأيضا الدعاية الصهيونية، معهد ٩٣ذ، ص . س. م) السياسى .٤٣، ص ١٩٧٥قاهرة ، البحوث والدراسات العربية ، ال

المواطن بالسلطة، أو فى هذا الجانب تغلب الدراسة من الناحية النفسية ، فالسلوك السياسى ليس إال صورة من صور ت السلوك الفردى ال تتغير مقوماته وإن تغيرت عالما

.اإلعالن عن وجوده الفلسفة التى تقف وراء النظرية اإلعالمية - ٢

وانعكاسها على عملية التعامل مع أدوات االتصال الجماهيرى، وكيفية قيامها بنقل الحقيقة اإلخبارية ومدى حقوق الفرد وواجبات الجماعة بخصوص هذه العملية ، وهنا

.يبرز اإلطار القانونى فى الدراسة بوضوح أما الجانب األخير فيتمثل بعملية تحليل القوى - ٣

المعارضة، وإرجاعها إلى أصولها الحقيقية وإلى مقوماتها االجتماعية، ثم الضغط على تلك المقومات وصهرها تدريجيا حتى تفنى فى الوجود المحيط بها وتمتنع عن أن تكون قوى

غيير للمقاومة، هذه العملية قد تسمح أيضا بإجراء عملية تاجتماعية، تعد بدورها لخلق أنماط جديدة من السلوك االجتماعى، األمر الذى يؤدى إلى تغيير فى الموقف السياسى سواء بخلق قوى للتأييد أو فى األقل بإلغاء قوى المقاومة، وهذه الدراسة بدورها يغلب عليها الطابع النفسى وبتحديد أدق

دعوة، دعاية ، حرب ( التعامل النفسى بمستوياته المعروفة إذ أنها فى النهاية ليست إال تحليال للفئات التى ) الخ.. نفسية

تتراكم حولها القوى الشعورية والالشعورية المعبرة عن المواقف السياسية الواضحة غر المبهمة، أى أن عملية ربط النظام الفرعى بالنظام الكلى تعنى بصورة أدق، عملية البحث

كرية والكشف عنها بأسلوب علمى من خالل عن العالقات الفعزل خصائص معينة والبحث عن مصادرها وعالقاتها

.االرتباطية بغيرها من الظواهر والمتغيرات ).حق االتصال ( و ) بحق اإلعالم ( االهتمام الدولى - ٣

، لم يكن هناك أى نص دولى يعلن ١٩٤٨حتى عام عن الرأى العام بصراحة ووضوح عن حماية مظاهر التعبير

ولو فى بعض جزئياته وعناصره الفرعية، وقد جاء الذى ) بحق المواطن فى حرية الرأى والتعبير( االعتراف

وكذلك حقه فى أن .. يعنى الحق فى أال يزعج الفرد فى آرائهيسعى دون اعتبارات متعلقة بالحدود للحقائق اإلخبارية

ستقبلها وأن ينشرها واآلراء بجميع وسائل التعبير عنها وأن يمن اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان ) ١٩( ، فى المادة

أيلول ١٠والذى أقرته الجمعية العمومية لألمم المتحدة فى ، والتى أضحت ) ٢٩( ، وأكمل هذا النص بالمادة ١٩٤٨

فى الكثير )١(من أكثر النصوص الدولية تداوال بهذا االتجاه التطور قد قاد وألول مرة إلى وهذا. من الوثائق الدولية

االعتراف بحرية التعبير للفرد كحق من حقوقه اإلنسانية وما يعنيه هذا الحق من طرائق ووسائل التعبير عنه، ولكن التطور السريع الذى أصاب العالم منذ الحرب الثانية وحتى اآلن، قد جعل من العمل اإلعالمى وقفا على بعض الكيانات

ى التى أخذت تسعى تحت شعار مبدأ حرية السياسية الكبرالصحافة إلى احتكار وسائل اإلعالم الكبرى والهيمنة على نسبة مرتفعة من تداول المعلومات، وبذلك لم تعد تراعى حتى المبادئ التى يقوم عليها اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان

، وهذا التطور أدى )بحق اإلعالم( وخاصة المادة المتعلقة ارتفاع صيحات المطالبة بإمكانية إعطاء مفهوم جديد إلى

وتعويض الحق المشار ) ولحق اإلعالم ( لحرية الصحافة الذى يمكن األفراد وجميع الشعوب من ) بحق االتصال(إليه

ق األمم المتحدة، واإلعالن العالمى لحقوق حول ذلك ميثا انظر) ١(

).٢٩ ، ١٩( اإلنسان، المادتين

اإلسهام فى العمل اإلعالمى والتمتع بحرية التعبير فى حق ( مفهومها الواسع، وهكذا أبرز االنتقال من مفهوم

حق ( الذى برز ألول مرة ) حق االتصال( إلى ) عالماإلرئيس ) جان دارسى( وكان ) ١٩٦٩االتصال فى عام

المعهد الدولى لالتصال أول من رسم بعض خطوطه الكبرى، عندما دعا إلى حق أوسع من نطاق الحق فى اإلعالم، وهو الحق فى االتصال، حيث ينطوى هذا الحق

) يسمع ويسمع (سان فى أنضمن أمور أخرى، على حق اإلنبل اعتبار هذا الحق من قبل العديد من ). يعلم ويعلم( وأن

المختصين، حقا أساسيا من حقوق اإلنسان، ومنه يتفرع عدد من الحقوق والحريات األخرى، مثل الحق فى اإلعالم

) ١٩( وحرية التعبير وحرية الرأى ، وهو ما عجزت المادةأما فيما يتعلق بالمستوى . تفى به من اإلعالن العالمى أن

الذى ينبغى أن يرتكز عليه حق االتصال فإنه يمثل الفرد والجماعة واألمة وعلى : المستويات الثالثة اآلتية

مستوى الفرد، أى فى اتجاه حقوق اإلنسان، وعلى مستوى الجماعة، باعتبار أن االتصاالت تندرج فى إطار اجتماعى،

فى اتجاه العالقات مع األمم األخرى، وعلى مستوى األمة أى

عن طريق االتصاالت الدولية ولذلك فإن المستويات الثالثة مرتبطة ارتباطا وثيقا ببعضها البعض، ولكن لم يكن قد تم

حول هذا )١(االتفاق فى المؤتمرات والمنظمات الدوليةالمفهوم، إال أنه قد سجل عدد من المساعى التى ترمى إلى

سلوك أخالقى ومواثيق شرف فى مجال وضع قواعد االتصاالت الوطنية واإلقليمية، وذلك أمر جوهرى، إذ نحن نعلم أن العديد من المنازعات التى تنشأ بين األمم مرجعها إلى االختالف فى المفاهيم حول الحدود التى ينبغى أن تفصل بين صالحيات الحكومات والدول ومسئوليات وسائل

.)٢(اإلعالم

فى هذا ) اليونسكو(من أهم المؤتمرات الدولية التى عقدتها منظمة ) ١(

، انظر حول ذلك ، أحمد )١٩٧٦نيروبى فى عام ( االتجاه مؤتمر ام لليونسكو فى مقدمة كتاب شون ماكبرايد مختار أمبو المدير الع

االتصال والمجتمع اليوم ( وآخرين، أصوات متعددة وعالم واحد ١١ ، ص ١٩٨١الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ) وغدا

. وما بعدهامصطفى المصمودى، النظام اإلعالمى الجديد، . ظر حول ذلك، دان) ٢(

، ص ١٩٨٥ واآلداب، الكويت ، المجلس الوطنى للثقافة والفنون وما ١٧ذ، ص . س. وما بعدها، أيضا، شون ماكبرايد، م١١٢

. بعدها

ذه التطورات أدت إلى نتائج كان لها تأثيرها الكبير كل هفى دراسة ظاهرة الرأى العام والتأثيرات المختلفة التى تسهم

:)٣(بتشكيل هذا الرأى بمستوياته المتعددة من حيث ضبط مفهوم العمل اإلعالمى داخل المجتمع نفسه - ١

فى إطاره المحلى، وبما يضمن فى كل المناطق الجغرافية مجموعات السكنية، عملية ممارسة الديمقراطية والمشاركة وال

.الفعالة لألفراد واألصناف االجتماعية كافة ممارسة العمل اإلعالمى على الصعيد الدولى - ٢

إلصالح االختالفات القائمة بين الشعوب وتدعيم عالقات .التفاهم والتقارب بينها

.٣٣٥ذ، ص . س. مصطفى المصمودى ، م. د) ٣(

موقع الرأى العام : ثالثا

هرة السياسيةمن الظا

إن أول ما يجب مالحظته بخصوص الرأى العام، هو أنه ظاهرة تدور حول القوى النفسية المحركة للمجتمع السياسى أو تفترض مركزا للثقل حيث به ومنه تتحدد أبعاد الحركة، أى بعبارة أخرى وإن الرأى العام ما هو إال رد فعل للسلطة

ويرتبط وجوده بتواجد والتصورات المرتبطة بهذه السلطة، ظاهرة السلطة كحقيقة تصاعدية متكاملة وبهذا المعنى يصبح الرأى العام نوعا من التحرك للقوى النفسية فى مواجهة

ويتجلى تبعا لذلك موقع )١(السلطة أو عملية ممارسة السلطة :ظاهرة الرأى من الظاهرة السياسية من خالل

القومى بعملية صنع عالقة الرأى العام الداخلى أو- ١ .القرار السياسى الداخلى والخارجى

. وما بعدها٩٧حامد ربيع، نظرية السياسة الخارجية ، ص . د) ١(

اعتبار الرأى العام أحد عناصر السياسة الخارجية - ٢فى صياغتها، فإن رأى الجماعات الضاغطة قد أضحى

.إحدى أدوات السياسة الخارجية فى عملية التنفيذ أضحت شرعية السلطة، وإعطاء المبررات - ٣

دول العالم الثالث بحاجة أكثر لوجودها، وبشكل خاص فى من أى وقت آخر إلى تأييد الرأى العام وبغض النظر، إن

من قبل السلطة السياسية ) خلق الرأى العام ( كان ذلك يعنى التى تنفرد بامتالكها الوسائل الكفيلة لخلق هذا الرأى، أو يتبنى الرأى العام السابق الموجود على الساحة السياسية ،

االستفادة منه فى إقناع الفرد بقبول تبريرات حيث يمكن وبالتأكيد إن كل ذلك إنما يعبر عن . معطيات صاحب لقرار

ممارسة الشرعية السلطوية فى أحد أبعادها، فى ظل ظروف المشاركة السياسية حيث ينخفض الميل لهذه المشاركة بفعل

.)٢(ظروف التخلف المعروفة التى يعيشها العالم الثالثلمتتبع التأريخى لموقع الرأى العام من الظاهرة إن ا

السياسية يجد أن الفارق االجتماعى بين البشر والحكام فى العصور القديمة كان كبيرا جدا حيث كان أفراد النخبة أو

.٧٨ - ٧٧ذ، ص . س. سويم العزى ، م. للمزيد انظر ، د) ٢(

السلطة الحاكمة هم المسيطرون على مقاليد األمور السياسية، سات التى وكان الجمهور فى منأى يكاد يكون تاما عن المناف

تقع بينهم، ولم يكن لرأيه أى وزن بل كان يعانى األحداث أو يقبلها، ولكنه ال يشارك فيها تحت وطأة ضغط السلطة الشديد إال أن يثور أحيانا، ثورة عنيفة من جراء االبتزازات التى كانت تثقل كاهله، ولكن التطورات التى أصابت العالم بعد

والثورة السكانية، وتكاثر البشر ذلك ممثلة بالثورة الصناعية ونمو المدن وظهور البرجوازية،والتطور الجماهيرى، وما

بحيث ) المجتمع الجماهيرى( رافقها من تطورات فى بنية أضحت إحدى خصائصه، جعلت جميع األفراد دونما تمييز فى المكان أو الفئة االجتماعية فى تماس مع أبناء العالم،

ءا من السلطة تبعا لديمقراطية وأضحى كل فرد يملك جزالنظام السياسى، ولم تعد السلطة بمنأى عن النقد، وإنما أصبحت أقرب إلى كل فرد، فهى خاضعة لتأثيرات الجمهور عليها، ولم يعد القائمون على السلطة قادرون على اتخاذ الكثير من القرارات من دون موافقة ضمنية فى األقل، وإن

وة الرأى العام هذه غير المنظورة لم تكن صريحة من ق . )١(والمتعددة الجوانب

وفى النظام السياسى المعاصر، فإنه ليس أدل على أهمية الرأى العام والظاهرة ( التفاعل واالرتباط بين الظاهرتين

، هو األول أى الرأى العام قد أضحى ظاهرة ال ) السياسيةشكله، أن يمكن ألى نظام سياسى، مهما كانت طبيعته أو

يتجاهلها ، ولكن كشأن أية ظاهرة أخرى فإن دورها فى الحياة السياسية متباين من بلد إلى آخر تبعا لدرجة التطور والخلفية الحضارية لهذه البلدان، والقيم السائدة فيها، وطبيعة المؤسسات السياسية القائمة، فالرأى العام فى المجتمعات

لنامية، كما أنه فى النظام الحديثة يختلف عنه فى الدول االرأسمالى يتكون ويؤثر بشكل يختلف عما هو عليه فى

والواقع أن طبيعة المشاكل فى المجتمعات . النظام االشتراكىتستقطب حولها عناصر تحمل سمات هذه المجتمعات،

الرأى ( وبالمقابل فإن الظاهرة االجتماعية المنبثقة عن ذلك

، ترجمة ٢العام ، ط تزل، وأالن جيرار، استطالع الرأىجان ستو) ١(

– ٢٣ ، ص ١٩٨٢نشورات عويدات ، بيروت، عيسى صقر، م٢٥.

داث وفقا لمتطلبات واقع هذه تؤثر فى سياق األح) العام المجتمعات، وخصوصا فيما يتعلق بأدوات االتصال الجماهيرى، ومستويات التعامل النفسى بأساليبها المتعددة وتقنيات تنفيذها والتى تلعب دورا خطيرا فى صياغة الرأى العام وكذلك فى التعبير عنه، وفى ضوء ذلك يتضح أن أى

-ال يمتلك مؤسسات للرأى العام نظام سياسى حتى ولو كان فذلك ال يعنى عدم وجوده، ألنه -وقد يتجاهل وجوده

موجود فى حالة كامنة، لذا ليس من الغرابة بشىء أن تكون عملية االستحواذ على الرأى العام هدفا لكل سياسة سواء أكانت فى السلطة أم خارجها ، غير أن طريقة االستحواذ

عـام تختلف باختالف طبيعتها وأهدافها السلطوى مع الرأى ال .)١(وأشكال مؤسساتها

إن العالقة االرتباطيـة بـين ظـاهرة الـرأى العـام والظاهرة السياسية يمكـن أن نحـدد جوانبهـا بدقـة مـن خالل موقع مستويات الرأى العـام مـن السـلطة، وتـأثير ذلك فى السياسة الداخليـة الخارجيـة لهـذا البلـد أو ذاك،

الرأى العام واإلعالم، بحث غير منشور، بغداد : صادق األسود. د) ١(

.١٣٨ - ١٣٧، ص ١٩٨٥،

ــت ــث نس ــذه حي ــين ه ــوح ب ــز بوض طيع أن نمي :)٢(المستويات

فهناك الرأى العـام المحلـى ومشـاكل السياسـة - ١القومية المرتبطة به سواء أكانـت هـذه السياسـة داخليـة أو خارجية، ولكـن إذا كانـت المجتمعـات المتقدمـة قـد أخذت باالهتمام بمشاكل السياسة الخارجيـة والتعبيـر عـن

فـإن المجتمعـات المختلفـة ال رأيها العام بهذا الخصوص تزال تعكس التقاليد السابقة على الحـرب الكونيـة الثانيـة مــن عــدم اهتمامهــا إال بالمشــاكل المتعلقــة بالسياســة

.الداخلية ثم هناك الرأى العـام المحلـى والقـومى الـذى - ٢

يمكن أن يصير هدفا لضغط خارجى بقصـد التـأثير علـى ضــعاف أو التقويــة فــى القــوى السياســية المحليــة باإل

مواجهة قرار سياسى خارجى أو عمـل سياسـى خـارجى لمصلحة دولـة معينـة وبعبـارة أخـرى تصـير عمليـة

االتصال االجتماعى، ترجمة وزارة اإلعالم ، : شمعون شور) ٢(

وأيضا حامد ربيع، نظرية الدعاية ٨٣، ص ١٩٧٥بغداد، . وما بعدها٨ذ ص ، س. الخارجية ، م

التأثير فى الرأى العام األجنبى، وهـو رأى قـومى محـدد ــل ــات المســاندة للعم ــا وموضــوعا كأحــد منطلق زمان

.السياسى الخارجىمتميـزا الرأى العام الدولى يأتى ليقـدم مسـتوى - ٣

من حيث عالقتـه بالظـاهرة السياسـية إن لـم نقـل إنـه تجسيد لفاعليتها حيث استطاع هذا الـرأى أن يكـون قـوة ضاغطة تحرك السياسة الخارجية محليـا وعلـى الصـعيد الدولى، ولعل أكثر األمثلـة وضـوحا حـول ذلـك هـى الثورة الجزائرية، وكيف تحكم الرأى العـام الـدولى فـى

والسياسة الفرنسـية إلـى تصـفية الموقـف ) ديغول( دفع وهذا مـا فسـر طبيعـة التطـور الـذى . فى شمال أفريقيا

تواجهه الجماعات السياسية المعاصـرة ، كقـوى ومراكـز للضغط كما هو الحال مـع المنظمـات والهيئـات الدوليـة وغير الحكومية حيـث لـم يعـد االنتمـاء القـومى هـو

السياسـية فـى عالمنـا المتغير المتحكم بتأثيرات الجماعات .المعاصر ثم أخيرا ارتباط الرأى العـام المحلـى بمسـتوى - ٤

آخر من الرأى يعكس مفاهيمـه نفسـها وهـو مـا يطلـق

، ويقصـد بـذلك )الـرأى العـام النـوعى ( عليه أحيانـا اتجاهات الرأى التى تعبر عن قطاع معـين مـن المجتمـع

الـذى السياسى الكلى، وأحد هـذه التطبيقـات االصـطالح الـرأى ( بكثـرة وهـو ) الفكـر الماركسـى ( يستخدم فى ، حيث تصـبح ظـاهرة الـرأى العـام هنـا )العام الطبقى

تعبيرا عن مصالح طبقية معينة وهى فـى أغلـب األحيـان الـرأى العـام ( تكون أكثر تجانسا أو أكثر تماسـكا مـن

الـرأى العـام ( ولكن قـد يبـدو ألول وهلـة أن ) القومى كالرأى العـام المحلـى أو اإلقليمـى، جزئيـة هو) الطبقى

من جزئيـات ذلـك الجسـد الكلـى للـرأى العـام وهـو ــوى ــل النفســى والمعن ــة عــن العام ــرات القومي التعبي

.للمجتمع السياسى

ظاهرة الرأى العام : رابعا )مستويات الجماعة( و

الحشد والجمهرة •

الغوغاء •

الجمهور •

الجماهير •

الرأى العامظاهرة: رابعا )مستويات الجماعة( و

مع نسـبة قـدمها، واحـدة ) جماعة ( لقد أضحت كلمة

من أكثر الكلمات استخداما فى اللغـة اليوميـة وهـذا مـا جعلها ذات مفهوم واسع يـرتبط بشـكل أو آخـر بطبيعـة االستخدام ذاتـه والهـدف المقصـود منـه، وهـى بهـذه

ـ ى الظـاهر، الصفة قد اكتسبت معنـى يبـدو واضـحا فوغدت اصطالحا شـائعا ، ولكنهـا تنطـوى فـى الواقـع على مجموعات اجتماعية تتصـف بـالتنوع فـى الحجـم والبناء انطالقا مـن النشـاطات الجماعيـة القوميـة إلـى أكثر الجماعات سرعة فـى الـزوال، والسـمة المشـتركة بين هذه المجموعـات، تقـوم علـى عدديـة األشـخاص

النظر عن قـوة هـذا التكافـل أو وتكافلهم الضمنى بغض ضعفه وهذا ما يقودنا إلـى تفهـم طبيعـة التعقيـد الـذى يرتبط بتحديد مفهـوم الجماعـة وطبيعـة العالقـات التـى تربط بين أعضائها من جانب، وامتـداد المعـانى الدالليـة

للكلمة التى تتسم فى ذاتيتها بعدم الدقة فـى التحديـد أمـام . )١(تهااالمتدادات الهامشية لدالال

من أكثر المفاهيم إثارة إلشكالية التحديد ) الجماعة ( وم مازال مفه) ١(

والتعريف، وكذلك لتطبيقات هذا المفهوم، ففى المعنى االجتماعى مع للمفهوم والذى ينبع من كون الجماعة فى أوسع معانيها تعنى تج

أكثر من شخص فى حالة تفاعل اجتماعى، هناك الجماعات األولية (Primary group) والجماعات الثانوية (Scondary) وهذا

المفهوم بالذات يقودنا إلى إشكالية أخرى تتعلق بعدد من التى تعنى المجموعة فى أسهل (group)المصطلحات منها كلمة ى يرمز إلى الزمالة الذ(association)تطبيقاتها، ثم مصطلح

الذى يرادف (Community)والصداقة والتوافق، وكذلك مصطلح ولكن المفهوم ). المجتمع القومى( من حيث شمولته واتساعه مفهوم

األخير فى بعده السياسى والدينى بالنسبة للتراث العربى اإلسالمى من خالل ) الجماعية(و ) الفردية ( فمفهوم . يأخذ أكثر من بعد

يرها عن طبيعة العالقة بين الفرد واآلخرين والفرد وذاته ثم تعبالفرد وعالقته بخالقه، وعالقة الجماعة بالخالق من جهة أخرى كلها تعنى أبعادا ومستويات متعددة، لها أطرها وأبعادها ففى سبيل المثال

اإلسالمى قد يبدو مرادفا لكلمة ) األمة ( هناك مصطلح (National Communitpy) ولكن داللية المصطلح فى الفكر ،

الغربى تختلف بشكل كلى عن دالليته بالنسبة للفكر اإلسالمى، وكذلك الحال بالنسبة لمفهوم وداللية الفردية، والتى بحثناها فى إشكالية تعريف ظاهرة الرأى العام، وهذا ما يدفعنا إلى االحتراز

عن االنطواء فى فى معالجة ظاهرة الرأى العام فى مجتمعنا بعيدا .المفاهيم التى تقدمها المناهج الغربية فى هذا الخصوص

للمزيد حول ذلك، انظر فى سبيل المثال، رضوان السيد، األمة ، دار ) دراسات فى الفكر العربى اإلسالمى( والجماعة والسلطة،

وكذلك فى داللة الكلمات التى تبـدو مرادفـة لهـا فـى ــور ــاهير والجمه ــة والجم ــومى كالكتل ــتعمال الي االسوالجمعيــة، والمنظمــة والطبقــة االجتماعيــة، الــخ، وإذا قمنا بتحديـد الفهـم الـدقيق لطبيعـة واحـدة مـن هـذه الجماعات ينبغى أن نضـع فـى حسـابنا متغيـرات عـدة

:)١(أهمها .رجة تنظيم الجماعة وطبيعة عملها د- ١ طرق التفاعل القائمـة بـين أعضـائها وتوزيـع - ٢

.أدوارهم أسلوب الجماعـة فـى التعبيـر عـن نشـاطها - ٣

ومـن هنـا يتضـح ) الكائن المجمـوع ( وفاعليتها بوصفها

وما بعدها، وللمؤلف أيضا ، ١٢٧، ص ١٩٨٤اقرأ، بيروت، ، ص ١٩٨٤سالم، دار التنوير، بيروت مفهوم الجماعات فى اإل

.وما بعدها . ٢٥) الجماعية ( وموقعها من الظاهرة ) الفردية( وبخصوص مفهوم

الرأى العام ( مارى أشقر، .فى الفكر العربى اإلسالمى انظر د، مجلة المستقبل العربى، بيروت ) العربى وتقنيات القياس الغربية

حامد . وكذلك د. ا بعدها وم٢٧، ص ١٩٨٣لسنة ) ٣٨( ، العدد .١٤٣ - ١٤١ص . ذ. س. ربيع، مقدمة فى العلوم السلوكية، م

جان ميزوف، دينامية الجماعات ، ترجمة فريد انطونيوس، ) ١( .٨ – ٥، ص ١٩٨٣منشورات دار عويدات، ببيروت،

أنه وراء االقتراب مـن ظـاهرة الجماعـة وفـى سـبيل انيـة ووظيفيـة تحديد المفاهيم بدقة وعمق تكمن أبعـاد بني

وسايكولوجية، وأى بحث لظاهرة الجماعـة البـد أن يأخـذ .ذلك فى االعتبار

وهنا ال نريد الخوض فى هذه المسـألة حيـث يحتـاج بحث هذا األمر موضعا آخـر ال مجـال لـه هنـا، إال أن تحديد مفهوم الجماعة ومن ثـم الخـوض فـى خصـائص

العـام، مستوياتها المتعددة، والتى ترتبط بظـاهرة الـرأى هو ما يهمنا بالدرجة األولى، وعلى ضـوء ذلـك يتوجـب

الجماعـة ( و aggregation)التجمـع ( علينا التمييـز بـين (Group ــاور ــى التج ــير المصــطلح األول إل ــث يش حي

المكانى لبعض األفراد دون أن يحدث بيـنهم تفاعـل مـن نوع ما، ومثال ذلك من يقفون على ناصـية الطريـق فـى

-إشارة المـرور الحمـراء ، أمـا الجماعـة انتظار تغيير فإنهـا -ونحن نقصد هنا بالتأكيـد الجماعـة االجتماعيـة

تعنى تجمع عدد كبير أو صـغير مـن األشـخاص خـالل فترة زمنية محددة قد تطول أو تقصر بحيـث يكـون ثمـة

بينهم، أى تربطهم عالقـات اجتماعيـة مـن نـوع اتصـال

مـنهم اآلخـر فـى معين متسمين بالتفاعل، واضـعا كـل حسبانه وتقديره، ويعتمد كـل فـرد علـى الجماعـة فـى تحقيــق أهــداف معينــة ومحــددة، أو مقابلــة احتياجــات

الجماعةــ والتـى يسـلم -معينة، وتتسم بوحدتها الذاتية وعلى هـذا األسـاس يتضـح . بها أعضاؤها وكذلك الغير

عـن ) جماعـة اجتماعيـة ( قد يتحول إلى ) التجمع ( أن الذى يحـدث بـين أولئـك (interaction)ق التفاعل طري

المتجاورين فى المكـان ممـا يجعلهـم يسـلكون مسـالك متعددة الصور واألشكال ويقومـون بأعمـال مختلفـة قـد تكو لفترة وجيزة، يحدث خاللهـا تنظـيم اجتمـاعى علـى درجة معينة من الدقـة والثبـات، أى بعبـارة أخـرى إن

ـ ( الفارق بين االثنـين ، يكمـن ) الجماعـة ( و ) ع التجمفى عملية التفاعل بين أفراد الجماعـة سـواء مـن حيـث

وهنـا يتضـح أن انعـدام التفاعـل )١(طبيعته أو درجتـه يعنى استبعاد التجمع من العالقـة بظـاهرة الـرأى العـام، التى ال تعنـى فـى جوهرهـا، إال التعبيـر عـن العمليـة

غريب محمد سيد أحمد، المدخل فى دراسة الجماعات . د) ١(

- ٩ ، ص ١٩٨٧جامعية ، القاهرة ، االجتماعية ، دار المعرفة ال٢١.

نـا، أن تبيـان التفاعلية بين أفراد الجماعة، كمـا يتضـح ل أهمية ودور الرأى العام من حيـث اتسـاعه مـن جانـب، وقوته وتأثيره من جانب آخر، يتصـل بالجماعـة وبشـكل

، والتى توضـح لنـا طبيعـة )٢(خاص بمستوياتها المتعددة الفرق بين الرأى العام ، والـرأى فـى هـذه الجماعـات،

:والتى تتمثل بالمستويات اآلتية

يتوقف حصرها وتصنيفها على إن هناك أنواعا من الجماعات ) ٢(

المعايير المرجعية المعمول بها فى تعريف الجماعة وتعيينها، ومن هذه المعايير حجم الجماعة ونوعية العالقات بين األفراد، وكثافة

( هم وديمومة الجماعة االنصهار بينهم، ومدى المسافة الفاصلة بينوبالنسبة لتحديد مفهوم ). تواصل أو تفاصل روابطها واتصاالتها( هو ) المستوى(، فإن ما نقصده هنا فى مفهوم )مستويات الجماعة(

فاعلية الجماعة من حيث عالقتها بظاهرة الرأى العام، وكون ه العملية هذه ذات أهداف سياسية بالدرجة األولى، وهو ما يهمنا بحث

انظر بخصوص أنواع وأشكال الجماعات فى . فى هذه الدراسة خليل أحمد خليل، المفاهيم األساسية فى علم . سبيل المثال د

و ١١٦ - ١١٣، ص ١٩٨٤االجتماع، دار الحداثة ، بيروت، . القيادة وديناميكية الجماعات، ترجمة د، بوهلن وآخرين. م. جو

شهاب ، مكتبة األنجلو إبراهيم خليل. محمد على العريان، ود وما بعدها، وجان مينو، ٧٢، ص ١٩٦٩المصرية ، القاهرة ،

الجماعات الضاغطة، ترجمة بهيج شعبان، منشورات عويدات ، وما بعدها، ودينكن ميتشيل ، معجم علم ١٢، ص ١٩٨٣بيروت،

إحسان محمد الحسن ، دار الطليعة، بيروت، . االجتماع، ترجمة د .١٠٨ ، ص ١٩٨١

:)١( (Crowd) الحشد أو الجمهرة- ١

(Crowd)) الحشد ( ثيرة حول ظاهرة بالرغم من الدراسات الك) ١(

، ونرى من منظور ) الجمهرة( فإن هناك من يطلق عليه تسمية عالقتها بظاهرة الرأى العام أن المصطلحين يعبران عن معنى واحد، والنقص الذى يتوجب على الباحثين تغطيته وسده، يتعلق

هرة الرأى العام وهو ما بطبيعة ظاهرة الحشد، وارتباطها بظاحاولنا الوصول إليه فى تناول هذا المفهوم، حيث مازال الحشد على المستوى الشعبى يمثل جماعة تعبر عن الرأى العام، وظاهرة

.أساسية من ظواهره، والحقيقة كما أظهرنا عكس ذلك أحمد زكى بدوى ، معجم . انظر فى سبيل المثال حول ذلك، د

، ص ١٩٧٨جتماعية ، مكتبة لبنان، بيروت، مصطلحات العلوم اال ، دار العلم للماليين، ٢ط . فاخر عقل، معجم علم النفس. و د٩١

أحمد رزق، موسوعة علم النفس، . ، ود٣٠، ص ١٩٧٧بيروت ، ٩٨، ص ١٩٧٧ط ا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت

جماعات غريب محمد سيد أحمد ، المدخل فى دراسة ال. ، ود٩٩ – - ٢٠، ص ١٩٨٧االجتماعية، دار المعرفة الجامعية ، إسكندرية،

، دار )القهيال( ، وفتحى اإلبيارى ، اإلعالم والرأى العام و ٤٣. ٩٢ - ٨٩، ص ١٩٨٥المعرفة الجامعية ، إسكندرية ،

. ب.وبخصوص سايكولوجية الحشد انظر فى سبيل المثال ج ، أشرف ١ج ) رية والتطبيقيةالنظ( جليفورد، ميادين علم النفس،

٢٤٧، ص ١٩٨٤يوسف مراد، دار المعارف ، . على الترجمة د .وما بعدها

ويقصد به مجموعة من األفراد اجتمعوا على أمر من غير ترتيب سابق ويكونون مركبا جديدا يختلف فى خصائصة عن الخصائص الفردية لكل فرد فيه ، ويتصف بكونه يمثل نموذجا سلوكيا يستجيب اإلفراد فيه بطرق غير

من متوقعة للمؤثرات الجماعية ، أى أنه يمثل جماعة مؤقتةالناس يتبادل أفرادها التفاعل فيما بينهم ولهم مركز انتباه

، ) غوستاف لولون( ويكاد يرجع مفهوم الحشد إلى . واحدالذى كان يرى أنه يعنى بصورة عامة، تجمع األفراد فى مكان معين حسب المهنة أو الجنس، فى فرص معينة حيث

ية ومن جهة النظرة السايكولوج. يحضر كل منهم اآلخر -أهمية خاصة، فتحت بعض الظروف ) للحشد( يفترض أن

يتجمع الناس مكونين خصائص –ظروف معينة بالذات معينة جديدة ومختلفة عن خصائص األفراد المكونين لهذا التجمع فيأخذ إحساس وأفكار أشخاص هذا التجمع شكال واتجاها واحدا، ويختفى شعور كل منهم بشخصيته خاصا

بخصائصه )١( (collective mind)العقل الجمعى ويتكون

وما زال المصطلح غير واضح ) بالعقل الجمعى( ما المقصود ) ١() العقل الجمعى( الم، بعد ما اشتد الجدل حول فكرة األبعاد والمع

ه إلى عقل ذاته، فهناك من يرى أن سلوك الجماعة يعود فى حقيقت

الوحدة(وتتكون وحدة معينة هى موضوع قانون . المتميزةويتسم الحشد بكونه يضم ثالثة عناصر . ) العقلية للحشدانعدام : وثانيها . كونه تجمعا لكائنات إنسانية: أساسية أولها

فعال أو هيمنة المشاركة الوقتية فى االن: التنظيم فيه، وثالثهااالهتمام أو الهدف العام، وهذا بدوره كان له تأثيره فى تحديد

:خصائص الحشد ممثلة بـ

جمعى يتألف من مجموعة منتظمة منسقة من القوى المختلفة التى تهدف إلى غرض خاص، بينما يرى آخرون، أن سلوك الجماعات يرجع إلى دينامكية خاصة تنشأ من تفاعل األفراد تفاعال يعتمد فى جوهره على العالقات االجتماعية المختلفة، التى تالبس الموقف

.الذى يحيط باألفرادمنذ ظهورها ) العقل الجمعى( والحقيقة أن إشكالية البحث فى ظاهرة

) لوبون ودوركهايم وليفى بريل–غوستاف ( وتطورها على يد مازالت تمثل صورة للنـزاع القائم بين علماء االجتماع وعلماء النفس حول تبعية علم النفس االجتماعى ألحد العلمين ، وبالرغم من

يث لهذه اإلشكالية، فإن البحث فيها مازال يشوبه تجاوز االتجاه الحدهذا التنازع، ولكن بغض النظر عن االتجاهات المختلفة وبخصوص

: ( فى هذا المبحث ) بالعقل الجمعى( تأصيل الظاهرة فإن ما نقصده االتجاه الموجه والمنظم الذى يسود سلوك الجماعة نحو أى موضوع

. د. ، انظر بخصوص ذلك)ةمستقال عن كل فرد من أفراد الجماع، والمؤلف القيم لعالم االجتماع ١٢٠ذ، . س. أحمد زكى بدوى، م

مطبعة الديوانية ٢العراقى، الدكتور حاتم الكعبى، السلوك الجمعى ج .٧٩ ـ ٥٣، ص ١٩٧٣الحديثة، ديوانية ،

مكانية التواجد المحدد، أى الحضور فى مكان معين ) أ ( .. بالنسبة لألفراد ، فهو(dlepresed)مع إمكانية التفرق

التفاعل االجتماعى يفتقد الضبط وإمكانية التنبؤ به ) ب( ام تقسيم العمل بين األفرادالنعداالختالف بين أعضاء الحشد فى التشابه ) جـ(

واالهتمامات إذ ال يوجد اتفاق وال تنظيم وال انتماء مشترك يمكن أن يوصف الحشد بأن له وجودا وليس ( فيما بينهم لذلك

لكونه غريزيا يرجع تكوينه إلى شعور أعضائه ) له جوهر .باألمن أو اإلعجاب بالقائد

- إن حدث -لذا فإن الرأى العام الذى يولد فى الحشد يعبر عن الغرائز األولية لدى اإلنسان كالخوف والشفقة والقسوة، أما المواقف التى تتبع ذلك، فذات طبيعة عامة وليس لها جوهر واضح، ومن هنا فإن من الصعوبة بمكان التعرف على االهتمام الذى يصدر عن الحشد فى المسائل

لتى تعرض له، وبسبب طبيعته هذه التى تطغى عليه من االممكن ألى فرد أن يتصدر الحشد وأن يوجهه نحو هدف معين كما يسهل أيضا استغالل المشاعر فيه بدون عناء، إال

أن أهم ما يميز الرأى العام الذى قد يولد فى الحشد عنه :بالنسبة لبقية مستويات الجماعة والذى استطعنا تحديده هو

خضوع الرأى العام فى الحشد لقابلية االيحاء ) أ ( المؤقت الذى ينتهى فعله بتفرق أفراد الحشد ذاته بينما نراه بالنسبة للجمهور والجماهير أكثر ثباتا ودواما وإن اتصف اإليحاء بأنه أقل أثرا وقوة فى أفراد هاتين الجماعتين ولكنه

.Mob)) ءالغوغا( يكاد يكون متشابها مع جماعة يتميز الرأى بكونه أحادى الجانب بحكم االنتماء ) ب(

الكامل لمجموعة الحشد فى حين يتسم بالنسبة للجمهور أو الجماهير بتعدديته أوال وبحرية االختيار ثانيا تبعا للمؤثرات المتحكمة فى اتخاذ هذا الموقف أو ذاك ولكنه يظل فعال

الفرد ينساق مع أفراد إذ أن. غريرزيا بالنسبة للغوغاء .غريزيا ال عقليا) الغوغاء( جماعة

آنية اتخاذ القرارات وسرعة تغييرها أيضا يجعل ) جـ(أى تحكم فى الرأى العام لجماعة الحشد والغوغاء ، عملية يصعب التحكم فيها، النعدام وظيفة الضبط االجتماعى بالنسبة

للجمهور والجماهير الحالة بالنسبةنإليها أساسا، بينما تكو .بالعكس تماما

:)١( (Mob) الغوغاء - ٢بأنها حشد كبير من الناس ) الغوغاء( وتعرف جماعة

مهتاج وميال إلى القيام بأعمال ال اجتماعية وتتميز بأن لها أغراضا هجومية أو نهبية، وتتصف هذه الجماعة بكونها ،

ظروف ولكنها بفعل) الحشد ( أصال عبارة عن جماعة ، لذا يصعب )غوغاء(معينة، تتطرف لتصبح جماعات

الفصل أحيانا بين الجماعتين إال من خالل الفعل الذى يقوم به ويتصف سلوك الغوغاء بالرعونة . أفراد الجماعة ذاتها

والطيش بحيث إن سلوك كل فرد فيها يتنافى أحيانا مع ن الفرد المعايير الخلقية التى أقامها الفرد لنفسه، ولو كا

، لراجعته نفسه فيما يفعل وألحجم ) الغوغاء(بمعزل عن بشدة عما يأتيه وهو منساق مع التيار العام ألفراد هذه

وسايكولوجية ) ع والسوقةأو الرعا) الغوغاء( انظر حول مفهوم ) ١(

. فاخر عقل، م. أسباب عدوانيتها، بشكل خاص، دهذه المجموعة و. ود٤٢ذ، ص . س. غريب سيد أحمد، م. ، ود٧١ص . ذ. س

، وفتحى اإلبيارى، الرأى العام ٢٧ذ، ص . س.أحمد زكى بدوى موالمخطط الصهيونى، دار المعرفة الجامعية، اإلسكندرية ، بال

. محاتم الكعبى، السلوك الجمعى،. ، ود٧٦ - ٧٥تاريخ، ص .١١٩ذ، ص . س

الجماعة، الذين يتأثرون بالوقت أوال وبالمساحة أو الفضاء فى منطقة - كما يشعرون -ثانيا، فهم المجموعة الكبرى

هذه الجماعة من قوة معينة، ويغمرهم اإلحساس العميق بما لواندفاع كبير، لذا ال ريب أن ينعكس ذلك على التصرفات

كما هو الحال فى . العدوانية لهم فى مقاومة من يعترضهمالمظاهرات واالضطرابات العنصرية ، بفعل اإلثارة العاطفية

حيث تتسم العالقة فيما ) مجموعة الغوغاء( التى تغلف أفراد صال العاطفى الذى يخلق شحنة من بينهم كما أسلفنا باالت

اإلحساس بالروابط العميقة بينهم فى تلك اللحظة، ويتميز :الرأى العام بالنسبة لجماعة الغوغاء بـ

التأثر السريع للرأى العام بحكم كونه أسيرا لعوامل ) أ ( الخ.. الخوف والرحمة والقسوة

ــاذ ) ب( ــى اتخ ــئولية ف ــل والمس ــة ب ــدان العقالني فق .ات المترتبة على هذا الرأىالقرار

سرعة االنتقال من فكرة إلى أخرى بفعل التأثيرات ) جـ(الخارجية والتى تصل أحيانا إلى حدود التناقض خاصة فى نقل حالة الغضب من ناحية ألخرى وذلك تبعا لقوة المثير

.الخارجى

:)١( (public) الجمهور - ٣

أو اتجاه أو وهو مجموعة من األفراد يجمع بينهم ميل عاطفة مشتركة أو إدراك فى وحدة المصالح لذلك يتولد لديهم شعور بالوحدة وتحقيق الذات، ويختلف مقدار هذا الشعور من جمهور إلى آخر، وتتصف وظيفة الجمهور كوحدة

(Social Cataory)بكونها أكبر من وظيفة الفئة االجتماعية

من أكثر المفاهيم اختالطا (public)هور مازال مفهوم الجم )١(

وهو ما حاولنا تبيانه لدى بحثنا (masses)بمفهوم الجماهير .المفهومين

انظر بخصوص الجمهور كظاهرة ومفهوم وتعريف فى سبيل أسعد . ود. ٣٢٨ ، ٢٥٩ذ، ص . س. المثال، أحمد زكى بدوى، م

النفس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، رزوق، موسوعة علم، وجان ميزوف، علم النفس االجتماعى ١٤٦، ص ١٩٧٧بيروت،

، ١٩٨٢منشورات عويدات، ترجم بإشراف هالة شيؤون، بيروت، ، وبخصوص خصائص الجمهور وعلى الرغم من ٣٢ - ٢٨ص

ذ، ص . س، م: حاتم الكعبى. خلط المؤلف له بالجماهير، انظر د ٣٥ذ، ص . س، م. غريب محمد سيد أحمد. ا بعدها ود وم١٩٣

يوسف مرزوق، مدخل إلى علم االتصال، دار . وما بعدها ود ١٤٨ - ١٤٤، ص ١٩٨٨المعرفة الجامعية، اإلسكندرية ،

.٩٣ - ٩٠ذ ، ص . س. وفتحى اإلبيارى، م

ت أو خريجى التى تتكون فقط من الناس كالنساء العامالوال يمكن عمليا حصر عدد أنواع الجمهور، . الخ .. الجامعة

إذ أن هناك أنواعا من الجمهور الممكن وجوده بقدر ما هناك من ميول واتجاهات بشرية، فهناك جمهور مريد لكاتب معين أو لممثل سينمائى، أو لمطرب معين، أو جمهور يغرم

ياء معينة، لذا فالجمهور بالعب من ألعاب القوى، أو اقتناء أشفى جوهره جماعة غير دائمة نسبيا، إذ أنها تتنافس مع الكثير من الجماعات المماثلة فى االستحواذ على وقت األشخاص أنفسهم وتأييدهم، فأية واحدة منها قد تدوم لكنها فى المتوسط

وبصفة عامة هناك نوعان من الجمهور ،ال يطول بقاؤها :هما

ــور ا) أ ( ــلحة جمه ــو (interest public)لمص وهمجموعة من األفراد يحـركهم دافـع اقتصـادى مشـترك فرابطة تجار التجزئة هـم جمهـور تجمعهـم المصـلحة، ــدوافع ــم ال ــتهلكين تجمعه ــن المس ــدفاع ع ــة ال ورابط

.االقتصادية ذاتها وهو (indentification public)جمهور التطابق ) ب(

قائد أو رمز ليتمتعوا بطريقة جماعة من األفراد يتحالفون مع

والجمهور . مباشرة بنجاح ال يتيسر لهم فى حياتهم الفرديةالرياضى المتابع لالعب معين، يتقمص شخصية هذا البطل الرياضى، وبذلك يشاركه فى انتصاراته ويظهر هذا النوع من الجمهور ويزدهر فى الوقت الذى يقابل فيه أعضاؤه

ون نوع الحياة التى يرغبون بعض الصعوبات التى تحول دفيها، وهذا االستمتاع بالنيابة عن طريق التقميص يغنى عن

عن (public)ويختلف الجمهور . الرضا المباشر بالحياة ذاتها بأنه أقل تماسكا واندماجا من (Crowd)الحشد أو الجمهرة

الحشد وفى لحظة معينة يتحول الجمهور إلى حشد، تحت عائى على سبيل المثال، والذى يحيل تأثير االتصال الد

الجمهور إلى جماعة متفاعلة تفاعال عاطفيا يتسم بخصائص الحشد الجماهيرى الفاعل، إال أن أهم ما يالحظ على الرأى

:العام بالنسبة للجمهور ، هو ما يأتىإن الجمهور بوصفه تجمعا مؤقتا ينشأ بسبب حادث ) أ (

وإلى حد إطالق صفة -أو موقف يتطلب عمال جمعيا يتم من خالل تطلبه -عليه ) الظاهرة الجماهيرية (

كالتوتر -لظروف معينة فى التعبير عن الجماعة بكونه تعبير الرأى العام فى حالته -االجتماعى مثال

الحركية الفاعلة حيث تظهر اتجاهات الرأى العام بشكل .واضح من خالل ذلك

بالجمهور ليس من خالل النظرة يرتبط الرأى العام) ب(إليه كوحدات مستقلة وإنما تتعدى النظرة إلى اعتباره قوى فى داخل األفراد الذين يتعرضون لمؤثرات أخرى إضافة إلى أنه من الضرورى قياس القوى النسبية مقدما لوالء األفراد أنفسهم لمختلف أنواع الجمهور الذى ينتمون إليه، فالجمهور

اندماجا ( دائما جماعة يندمج فيها أعضاؤها يكاد يكون أى أن الفرد يشترك فى جمهور معين بجزء من ) جزئيا

( وعليه يمكنه االنتماء لعدد كبير من .شخصيته فقطويؤخذ هذا التنوع فى االنتماء كدليل على مدى ) . الجمهور

اتساع ميوله وتنوعه بل وأحيانا تكامل شخصيته أو عدم .تكاملهاا كان للرأى العام أن يتواجد بطريقة فردية دون إذ) جـ(

( نماذج خاصة من التفكير كما هو الحال مع جماعة ، فإنه بالنسبة )غير العقلى( التى تكون المجتمع ) الغوغاء

للجمهور يعتمد على نموذج خاص، يتحدث فيه األفراد عن أنفسهم حيث يظهر إرشاد الرأى العام واختفاء المتضمنات

لناتجة والموقظة والمؤثرة فى المظهر العام، كما الخاصة اإذ يقوم األفراد . هو الحال مع النموذج الديمقراطى فى الحكم

بالتعبير عن رأيهم من خالل شخصياتهم الخاصة بالدرجة .األولى :)١( (Masses) الجماهير - ٤

وتعنى الكتل الكبيرة التى تضم مجموعة متنوعة ليس محدد، وال تتكون بحكم الوقت أو لها بناء أو تكوين

المساحة، أى أنها ال تجتمع فى صعيد واحد وفى وقت بانعدام ) الجماعة( معين ألمر معين، ويتصف أفراد هذه

المعرفة السابقة بينهم، غير أن لديهم بعض األفكار

. أحمد زكى بدوى، م. انظر د(mass)حول ظاهرة الجماهير ) ١(

ذ، . س. فاخر عقل، معجم علم النفس، م. د، و٢٥٩ذ، ص . س وما ١٧٣ذ، ص . س. حاتم الكعبى م. ، ود٦٨ - ٦٧ص

وما بعدها، ١١٣ذ، ص . س. أحمد بدر، الرأى العام م. بعدها، ود. وما بعدها٧٣ذ، ص . س. أحمد بدر، الرأى العام م. ود

وما ١٢ذ، ص . س. وللمؤلف نفسه، نظرة الدعاية الخارجية، م. وما بعدها ود٤٠ذ، ص . س. صادق األسود، م. ها، وأيضا دبعد

.١٣٤ - ١١٩ذ، ص . س.غريب محمد سيد أحمد م

والمصالح المشتركة، أو أنهم فى األقل يعتقدون بوجود هذه ركة بينهم وبحكم كون األفكار والمصالح بصورة مشت

الجماهير وحدة جماعية ال يسلم أفرادها بديمومة الوجود، فإن أفرادها مجموعة تتصرف بصورة متماثلة إزاء مصير واحد لكن إذا تغيرت الظروف فإن هذه الجماهير سينحل

تعنى نوعا بدائيا من االندماج ) كجماعة( كيانها أى أنها ماهير تتناسب مع نوع من فى المجتمع وبتعبير آخر إن الج

ومن الشعور بالرابطة الجماعية، وفى دمج ) الوجود معا( الجماهير فى المجتمع يبدو اختالط المدارك ضعيفا، بينما يمكن أن يكون الضغط الجماعى العفوى قويا وإذا كان األفراد يدركون حقيقة وجودهم فسيكون ذلك ضمن

.خاصالمجموعة المؤلفة من أرقام وليس من أشإن أهم ما يميز الجماهير عن الطبقة، هو االستقرار وإدراك الذات، اللذان تجدهما لدى الطبقة ، بينما تتصف الجماهير بانحالل كيانها تبعا للظروف، فالبرجوازية والبروليتاريا فى سبيل المثال، تعدان طبقتين، وليستا مجرد ن مجموعتى جماهير ، ألن تضامنهما يظل ضعيفا دون أ

يضمحل، كما أن أفرادهما يتحولون حسب تطورهم

البرجوازية ( االقتصادى، فتارة يرتفعون إلى الطبقة )١()البروليتاريين( وتارة أخرى يصبحون من ) الصغيرة

. والجماهير (public)ولكن ما هو التمييز بين الجمهور

(Mass) ؟ إن أغلب المؤلفات العربية بل واألجنبية أيضا تحديد الفوارق بين هذين المستويين، إن لم نقل تغفل عن

إنها تخلط بينهما بشكل غريب جدا ، وبشكل خاص فيما يتعلق بارتباطهما بظاهرة الرأى العام، ونرى أن التمييز

:بين هذين المستويين من الجماعات يتجلى فى

البعض إلى أن الطبقة تمثل الجماهير، ولكن ال يمكننا األخذ يذهب) ١(

بهذا الرأى ألن الجماهير أكثر اتساعا من الطبقة، فتجمع سياسى الطبقات، فهناك جماهير ما، ربما يضم أفرادا من عدد متنوع من الخ ، انظر فى سبيل .. الفالحين وجماهير العمال وجماهير الطلبة

أما . وما بعدها٤٢ذ، ص . س. صادق األسود،، م. المثال د. بخصوص مفهوم الطبقة وعالقاتها بالحشد والجمهور ، انظر ج

- ٢٦١ذ، ص . س. ، م١جليفورد، ميادين علم النفس ج . بقة الظاهرة الطبقية بالظاهرة السياسية ، انظر أما عن عال. ٢٦٤

بشكل خاص أشهر المؤلفات فى هذا الخصوص، نيكوالس بوالتتنراس، السلطة السياسية والطبقات االجتماعية ، ترجمة عادل

. وما بعدها٥٩غنيم، دار ابن خلدون، بيروت، ص

من ناحية الحجم، تتسم الجماهير، بكونها أكبر - ١، حيث تضم ) الجمهور( من جماعة حجما وأكثر اتساعا

الجماهير ، جمهور الرياضة، وجمهور الفن، وجمهور الخ، .. النجم السينمائى، وجمهور البرنامج الرياضى

وتتوضح طبيعة هذا الحجم فى كون الجماهير تمثل كتال متعددة كبيرة الحجم، بينما يتسم الجمهور بمحدودية حجمه

.نوعا ما) الجمهور ( تتركز فى جماعة وفى الوقت الذى- ٢

و زمانيا، فإن أفكار معينة، وتتسم بالتكوين المحدد مكانيا، هو افتقاد هذا التكوين، فى ) الجماهير ( أهم ما يميز

amassebled)ال تجتمع ) جماهير ( شكله العام، فهناك

masses)أو . الخ.. كجماهير العاطلين واألجانب والطلبة ، كما هو الحال (assembled Masses)أخرى تجتمع

ويتميز كال النوعين ) جماهير المشاهدين والمسافرين ( مع بانخفاض درجة االندماج وعدم االتصال المادى بين

.األفرادوأخيرا علينا أن نتنبه جيدا إلى التمييز اآلخر وهو

Mass(أهمية ما بين الظاهرة الجماهيريـــة

Phenomenon (اهيرى والمجتمع الجم)Mass Society (فاألولى ترتبط بالسلوك الجماهيرى، فى حين يقصد بالثانى المجتمع السياسى المعاصر فى خصائصه العامة حيث

.أضحى يتميز بسيادة الكم على الكيف

تحليل مفاهيم نظرية الرأى العام: خامسا

االتجاه •

السلوك •

العاطفة •

العقيدة •

الحكم •

التصويت السياسى •

تحليل مفاهيم نظرية الرأى العام: خامسا

من أجل الوصول إلى تحديد دقيق لظاهرة الرأى العام بوصفها تمثل جوهر النظرية، البد من التمييز بين مجموعة من المصطلحات غدت جزءا من لغة التعامل فى الفقه السياسى واإلعالمى وهو ما أغفلته الكثير من الدراسات التى

ومن ثم فإن التمييز بين هذه . ت ظاهرة الرأى العامتناولالمصطلحات يوضح إلى حد بعيد االلتباس الذى يقع فيه

:أغلب الباحثين :(1)(Attitude) االتجاه - ١

فى بخصوص مفهوم االتجاه وتعريفه، وعالقته بالمفاهيم األساسية ) ١(

شاهيناز طلعت، الرأى العام، مكتبة .ظاهرة الرأى العام انظر ، دعبد . وما بعدها، ود٥٠، ص ١٩٨٦األنجلو المصرية، القاهرة ،

الرحمن محمد عيسوى ، دراسات فى علم النفس االجتماعى، دار فاخر . وما بعدها، ود١٤٣، ص ١٩٧٤النهضة العربية ، بيروت، . أسعد رزوق، م. ، ود١٨ذ، ص . س. عقل، معجم علم النفس، م

، ٣٠ذ، ص . س. أحمد زكى بدوى، م. ، ود١١ - ١٠ذ، ص .سوأحمد زكى صالح، علم النفس التربوى، مكتبة النهضة، القاهرة ،

لقد ظل تعريف االتجاه، والبحث فى طبيعته موضوع جدل واختالف، بين علماء النفس واالجتماع ، ففى الوقت

من المفاهيم األساسية ) االتجاه ( الذى أصبح فيه مصطلح، فإنه فى الوقت ذاته، ) االتجاه الخاص( المتعلقة بالفرد

، كان كذلك ، ولكنه )االتجاه العام ( وعلى النطاق الجماعى أيضا أضحى نقطة لاللتقاء بين الجانبين من خالل علم النفس

.االجتماعىتجاه لال) ردكيتش( أما أهم هذه التعريفات فهو تعريف

على أنه تنظيم مكتسب له صفة االستمرار النسبى للمعتقدات التى يعتقدها الفرد نحو موضوع أو موقف ويهيؤه لالستجابة،

جوردن ( باستجابة تكون لها أفضلية عنده، فيما يعرفها على أنها حالة من االستعداد العقلى والعصبى، التى ) البورت

وما بعدها، ويوسف ميخائيل أسعد، السلوك ٨١٢، ص ١٩٧٢

واالنحرافات الشخصية، مكتبة األنجلو المصرية ، القاهرة ، حامد ربيع، مقدمة فى العلوم . و د١٥٤ - ١٥٣، ص ١٩٧٧

كمال دسوقى، ذخيرة . وما بعدها و٥٠ذ، ص . س، السلوكية ، م، ١٩٨٨، الدار الدولية للنشر والتوزيع، القاهرة ، ١علم النفس ، ج

وسامية محمد جابر، االتصال الجماهيرى . ١٧٦ - ١٧٥ص الجامعية ، ، دار المعرفة)النظرية والتطبيق ( والمجتمع الحديث

.١٨٥ – ١٨٤اإلسكندرية، بال تاريخ ، ص

خبرة ، والتى تسبب تأثيرا تنظم او تتكون خالل التجربة أو الموجها أو ديناميا على استجابات الفرد لكل الموضوعات والمواقف التى ترتبط بهذا االتجاه، فهو إذن حالة من االستعداد او التأهب العصبى والنفسى والذى تنتظم من خالله خبرة الشخص وتكون ذات أثر توجيهى أو دينامى على

ات والمواقف التى تثير هذا استجابة الفرد لجميع الموضوع. االتجاه التى قد تكون إيجابية أو سلبية، نوعية أو عامة

ويتضمن االتجاه مكونات عدة هى الجانب المعرفى ، وهى . والجانب الوجدانى أو العاطفى، ثم الجانب السلوكى

ومن هنا، . مجتمعة تكون االتجاهات النفسية لدى األفرادتجاه فى حقيقته ما هو إال موقف يتبين لنا بوضوح أن اال

نفسى يتمثل باالستجابة المكتسبة واالنفعالية بعض الشىء لمنبه معين كموقف المرء من الحرب مثال ، فهو تعبير عن نزعة اإلنسان لالستجابة إلى حادث معين أو فكرة معينة بطريقة محددة سلفا، وتتصف هذه االستجابة بثبوتها النسبى

شتمل على توقع تجربة ما، واالستعداد إلى حد ما ، وتالستجابة معينة دوما، سواء أكانت إيجابية أو سلبية، وبعبارة أخرى إنه عبارة عن واقعة ذاتية تنبع من الفرد وتتحدد

( واضحا أو ) علنيا( صورتها طبقا لطبيعته ويكون إما أى غير شعورى،بحيث يتوفر لدى الشخص دون أن ) كامنا

يعى وجوده، ولكنه يشير فى كل األحوال إلى أن يعلم به ، أوالشخص سوف يتصـرف بطريقة معينة إذا واجه موقفا

.محددا أو ظروفا معينة ولكن علينا أن نشير إلى متغير مهم وهو العالقة الداخلية االرتباطية بين االتجاهات الفردية والقيم االجتماعية ، حيث

( د بوساطة عدد كبير من تمتزج االتجاهات بالقيم فى كل فرالتى يستطيع المحيط االجتماعى وحده تلبيتها، ) التطلعات

وتتنمذج هذه التطلعات بأربعة نماذج عامة يأتى فى مقدمتها أهمية الرغبة فى القوة التى تمر على األخص عبر الملكية والسلطة السياسية ، والذى يعد من أكثر المتغيرات عالقة

وبشكل خاص فى النظم الديمقراطية ، بظاهرة الرأى العام،المشاركة السياسية باختالف درجتها ) تطلعات( حيث تصبح

وطبيعتها، من أهم دوافع األفراد ثم الجماعات، فى التعبير عن رأيها تجاه أى حدث أو واقعة بخصوص الحياة السياسية

.داخليا أو إقليميا أو دوليا

والرأى العام يتحدد بما ومن هنا فإن التمييز بين االتجاه :يأتى

أن االتجاه ليس هو الرأى، فاالتجاه يوجد قبل أن ) أ ( يتشكل الرأى، أو يتحدد تجاه واقعة ما، ألنه سابق للواقعة فى وجوده، والرأى يخضع لطبيعة االتجاه بشكل من األشكال،

.إن لم يكن تعبيرا عنه فى الوقت الذى يتصف به الرأى بكونه واضحا) ب(

وعلنيا وظاهرا، وخروجه إلى حيز العالم الخارجى، شرط ( أساسى الستقالله عن الفرد، بينما االتجاه يتصف بكونه

ويحتاج إلى موقف معين وظروف معينة كى يظهر ) كامنا إلى الوجود بصورته العلنية، أما قبل ذلك فإنه يظل فى حالة

).الكمون( يتسم الرأى واالتجاه كالهما بقابلية للتأثر بأدوات ) جـ(

االتصال الشخصى والجماهيرى، ولكن إذا كان من السهولة بمكان تغيير الرأى، فإن االتجاه يحتاج تغييره إلى وقت أطول ، واستمرار للمؤثر الخارجى فترة طويلة نسبيا ، فالرأى

تجاه يحتاج يمكن أن يتبدل خالل أيام أو أسابيع ولكن االتغييره إلى زمن أطول من ذلك بكثير، وربما تكون سنوات

عديدة الرتباطه بالعادات والتقاليد والموروث الحضارى، فالرأى األوروبى الكاثوليكى تجاه قضية معينة لبلد إسالمى قد يتغير تبعا لتغير المواقف، ولكن موقفه من اإلسالم كاتجاه

، ومن هنا يتضح أن االتجاه ليس من السهولة بمكان تغييره .يتحكم بطبيعة الرأى إلى حد كبير جدا

تغلب على االتجاه الذاتية، أكثر من الموضوعية، ) د ( لذا فخصائصه العاطفية تجعله متميزا عن الرأى من حيث

فهى تسمح بالتنبؤ باستجابة الفرد لبعض ) القوة التنبؤية ( . يختفى بالنسبة للرأىالمثيرات االجتماعية ، ولكن ذلك يكاد

إن االتجاه ليس وجهة نظر يكونها الفرد فى ) هـ ( محاولته للتأقلم مع البيئة المحيطة به، وهو ما يرتبط بطبيعة الرأى العام، وإنما هو عمل ليس إراديا، ال يكونه الفرد وإنما يولد مع الذات ويتطور تبعا لتطور الذات الفردية، بل قد

.فرد ذاته باالتجاهيوجد دون علم الإن الرأى يعكس استمرارا معينا للسلوك، ولذلك ) و (

فإنه يمكن أن نجد فى الرأى عالمة على وجود االتجاه، وهذا ما يمكننا من اكتشاف االتجاه وطبيعته من خالل معرفة

.الرأى

:(Behavior) السلوك - ٢

قبل أى حديث عن السلوك البد لنا من تحديد مفهوم مجموعة : ، التى تعنى فى أوسع معانيها) الظاهرة السلوكية (

التصرفات أو األفعال التى تعبر بها الحقيقة عن حقيقتها فى إطار ديناميكيتها الوجودية، وبهذا المعنى يصير السلوك عالمة ومظهرا لوجود الحقيقة الحية ، التى البد وأن تعبر

تها أى بسلوكها ، عن وجودها بحركتها ، وبتفاعلها بتصرفافالذرة لها سلوك كالحيوان وليس فقط كاإلنسان ، األجرام السماوية لها بدورها سلوكها الذى يعكس مدارها فى عالقتها بالعالم الالنهائى، والسلوك بهذا المعنى يتقيد باإلطار أو العالم الذى تنتمى إليه تلك الحقيقة الحية ، وأهم خصائص هذه

تقاللية كيانها األمر الذى يخضعها للتجربة، الظاهرية ، هو اسإال أن استقاللها ال يعنى عدم خضوعها لعالقة معينة بين الباطن الذى تصدر منه والعالم المحيط بمصدر الظاهرة ، وهذه العالقة التى تعبر عن منطق الظاهرة ثم قانونها العلمى

وهى بهذا المعنى تصبح معبرا وأمرا الزما لكل دراسة .)١(حركية ألى ظاهرة من الظواهر

إلى ) الظاهرة السلوكية( ولو نقلنا مفهوم هذه المفاهيم من فى مفهومه الكلى ثم الجزئى، الستطعنا أن نحدد ) السلوك(

تعريف السلوك وعالقته بالرأى العام، بأوضح صوره، -االستجابة الكلية : ( فالسلوك فى مفهومه الكلى يعنى

التى يقوم بها كائن عضوى ما، ألى -د بالحركة أو الغدموقف يواجهه، أى شىء مهما كان، ويفعله كائن حى ، وتترتب هذه االستجابة التى تتسم بكونها واضحة للعيان على

، )٢()تجربته السابقة، وتكون عقلية ، وعضلية أو هما معا فإن السلوك - وهو ما يعنينا هنا -أما فى مفهومه الجزئى

مجموعة :(، فهو يعنى) السلوك البشرى( ة بشرية كظاهرالتصرفات والتعبيرات الخارجية التى يسعى عن طريقها الفرد

.٥٦ذ، ص . س. حامد ربيع ، مقدمة العلوم السلوكية م.د) ١(. ،ود١٦١ذ، ص . س. كمال الدسوقى، ذخيرة علوم النفس ، م.د) ٢(

.٣٧ذ، ص . س. أحمد زكى بدوى ، م

ألن يحقق عملية األقلمة والتوفيق بين مقومات وجوده الباطنى، .)٣()ومقتضيات اإلطار االجتماعى الذى نعيش فى داخله

س إن ما نعنيه هنا فى بحث ظاهرة السلوك البشرى ، ليالسلوك بمعنى الحركة العضوية الالشعورية ، وإنما بمعنى التصرف اإلرادى حتى لو ارتبط باتجاه غريزى ويتخذ

:)١(أشكاال عدة تبعا إلى الذات التى تنسب إليها هذه الظاهرة ، حيث يتنوع - ١

.من سلوك ذاتى إلى سلوك فردى فسلوك جماعىعة النشاط المضمون أو الجوهر الذى يعين طبي- ٢

والطاقة التى تستتر خلف الحركة، والتى تحدد بدورها الهدف الحركى حيث تتخذ أشكاال عديدة منها السلوك الجنسى

.والسلوك السياسى والسلوك االقتصادىإال أن أهمها يجب أن يالحظ هنا، هو طبيعة العالقات

) السلوك الفردى( بين أشكال ومستويات السلوك، من حيث الذى أضحى مقدمة ) سلوك الذاتىال( داد طبيعى لـ هو امت

بحيث أصبح هذا األخير امتدادا له، كما ) السلوك الفردى(لـ

.٥٦حامد ربيع ، مقدمة فى العلوم السلوكية ، ص . د) ٣( .٦٠در نفسه، ص المص) ١(

أن وصف السلوك بأنه فردى ال يعنى أنه غير اجتماعى، فباستثناء السلوك الذاتى، فإن أى صورة أخرى من صور السلوك هى سلوك اجتماعى، األمر الذى ينقله إلى حلقة

) الفردى والجماعى(بل إن السلوكين ). سلوك الجماعىال( ، )السلوك الجمـاعى( يتفاعالن كحقيقة واحدة فى ظاهرة

يقدم للظاهرة القيادية بينما يعكس ) السلوك الفردى(حيث مظاهر التوتر والعنف الذى يرتبط بالحالة ) السلوك الجماعى(

ى إن هذه المفاهيم تعكس مستويات معينة ف.الجماهيرية، وهذا يعنى ) الرأى العام( التعامل معها من خالل ظاهرة

بدوره التحديد الدقيق لتفاعل هذه المستويات مع الظاهرة، فالعالقة بين السلوك الفردى والجماعى واضحة ومحددة، فعندما يكون السلوك الفردى حقيقة قائمة مستقلة بذاتها ال

ن له مالمحه وهيكله المعبر ، فإن السلوك ترتبط بتجمع معييظل فرديا ، ولكن حين يقبل السلوك الفردى ظاهرة التعميم

والسؤال المطروح هنا، أين موقع . فإنه يصبح سلوكا جماعيامن الظاهرة السياسية؟ فى ) الفردى والجماعى( السلوكين

كتعبير عن هذا ) السلوك السياسى ( الحقيقة يبرز هنا يتضمن (political behav our)الموقع، فالسلوك السياسى

ضروب الظاهرة السياسية كافة، ويتضمن تصرفات األشخاص وجماعات األفراد وردود فعلهم فيما يتعلق بشؤون الحكم، ويجعل من مضمون التعامل مع السلطة وحدة وجوهر

العديد ) الصعيد الجماعى(بينما يثير على ) السلوك الفردى( لجماعة التى ينتمى إليها، من األسئلة حول عالقة الفرد با

باختالف نوع الجماعة التى ) السلوك السياسى ( فيختلف ينتمى إليها الفرد، ولهذا يمكن قول الشىء الكثير عن السلوك السياسى للفرد من معرفة نوع الجماعة التى ينتمى إليها

إال أن كل هذا . )١(والذى يؤخذ كمبدأ لتحليل هذه الظاهرة( و ) السلوك الجماعى( عن التمييز بين يجب أن ال يبعدنافإن كانا يمثالن الصفة الجماعية من ) السلوك الجماهيرى

حيث إنها تعنى أن السلوك ينتسب إلى الجماعة كحقيقة كلية، فهو ال ينبع وال يتحدد فقط بفرد تحدد زمانا ومكانا، وإنما ينبع من جماعة تحددت زمانا ومكانا، ومن الحقيقة

السلوك ( ماعية فى كلياتها أى كحقيقة متكاملة، فإن االجتهذا فى حالة الهيجان واالضطرابات حيث يفقد ) الجماعى

نـز بوالدو، فن السلوك السياسى، منشورات دار اآلفاق هاي) ١(

.٥٣ - ٥٢الجديدة، بيروت، بال تاريخ ، ص

الفرد قدرته على التحكم، وتنقلب الجماعة فإذا بها كتلة سلوكا ( الشعورية تنتفض بالتفاعالت العنيفة ويصبح سلوكها

م من بالرغ) الرأى العام( ال تنفصل ظاهرة ). جماهيريا كونها أحد تطبيقات السلوك الجماعى عن اإلطار الفردى، فالسلوك الفردى هو مقدمة للسلوك الجماعى حيث تتحرك الجماعة كحقيقة كلية، أو جزء منها فى األقل بحيث تفنى فى مقوماته الجزئيات الفردية، وهذا هو جوهر ظاهرة الرأى

عيننا ، وهذا ما ي)١(العام التى تعد صورة واضحة لذلك كظاهرة فردية ) الرأى(على فهم العالقة االرتباطية بين

والسلوك، فما الرأى إال سلوك كالمى، وبمجرد اإلعالن عنه يصبح هذا الرأى واقعة وبالتالى فهو ليس إال ) أى الرأى(

سلوكا فى جوهره، وكذلك فإن الجماعة التى يتكون منها ة أو أخرى الفرد كأحد جزئياتها البد وأن تعكس بدرج

خصائص الصفة الغالبة لسلوك المواطن العادى فى سلوكها الجماعى، وهذا ما يتجلى فى عالقة السلوك الفردى السياسى

– ٥٦ذ، ص . س. لوكية ، محامد ربيع ، مقدمة فى العلوم الس. د) ٢(

٦٠.

باتجاهات الرأى العام، كتعبير عن السلوك السياسى فى .مستواه الجماعى

:)١( (Sentiment) العاطفة - ٣برغم االختالف فى تعريف العاطفة بين الباحثين

االستعداد والميل (العلماء، فإنها كمفهوم مجرد تعنى و، فهى استعداد )العاطفى الذى يدور حول فكرة شىء ما

وجدانى للشعور بتجربة وجدانية خاصة وللقيام بسلوك معين إزاء شىء أو شخص أو جماعة ما أو فكرة مجردة، ويتسم

يرا هذا االستعداد بكونه استعدادا مكتسبا، ولكنه ال يبتعد كثعن الميول الفطرية، فالعاطفة تنبث فى ثنايا الميول، ثم تتأثر بالعوامل االجتماعية وتنمو وتقوى تحت تأثير التفكير والتأمل

من دوافع ) الغريزة( والتجارب االنفعالية المختلفة وهى كـ

ر بشكل خاص بخصوص العاطفة وأنواعها ومداخل تكونها، انظ) ١(. م النفس العام، دار المعارف ، القاهرة يوسف مراد، مبادئ عل. د

وما بعدها، وركس نايت ومركريت نايت، ١٦٦، ص ١٩٨٢عبد على الجسمانى، . المدخل إلى علم النفس الحديث، تعريب د

، ١٩٨٤منشورات مكتبة آفاق عربية ومكتبة الفكر العربى، بغداد ، ، ٢٠٤ذ، ص . س. أسعد رزوق، م. وما بعدها، ود٢٧٤ص

ير اهللا، سيكولوجية اإلنسان، دار العالم العربى، القاهرة ، وسيد خ . وما بعدها٢٧٨، ص ١٩٧٤

، فى كونها ) االتجاه( السلوك المهمة، وتتميز العاطفة عن م نحو أبنائها تختلف عن اتجاه شخصية وذاتية ، فعاطفة األ

أكثر عمومية ) االتجاه( األم نحو عملها مثال، بينما يكون وشموال من العاطفة التى تقتصر على الجانب الشعورى الوجدانى، فى حين يشمل االتجاه جوانب عقلية ومعرفية

عن العاطفة ) االنفعال( وإدراكية وسلوكية متعددة، ويختلف ون األول مجرد استجابة لموقف خاص، أيضا، من خالل ك

فى حين أن العاطفة هى استعداد للقيام بنوع معين من االستجابات وفقا للحالة الشعورية الراهنة ولطبيعة الموقف

تأتى مصحوبة فى ) العاطفة اإلدراكية(الخارجى، لذا فإن غالب األحيان بعامل عقلى أو يتعلق من جانب الفرد بمثل

لخوف والغضب هى انفعاالت، بينما حب أعلى، فالحب واالوطن وروح المودة هى عواطف وهذا ما يجعل العاطفة

:تختلف عن الرأى فى أكثر من وجهةتتصف العاطفة بكونها أحادية الجانب ، أى أن ) أ (

الميول واالستعدادات هى التى تتحكم فى تحديدها باتجاه أى بادل لوجهات موقف، بينما الرأى هو حصيلة جدل ونقاش وت

نظر، وقد تسهم العاطفة فيه إلى حد كبير، ولكن العاطفة

تعبر عن نفسها ومواقفها دون الحاجة ألى من ذلك بالرغم تقترب من الرأى من حيث ) العاطفة الجمعية( من أن

المظهر الخارجى فى األقل، إال أنها ال يمكن أن تكون رأيا ة معينة من كارثة عاما، فالموقف الذى يتخذه أعضاء جماع

طبيعية تصيبهم وتصيب جيرانهم، بقدر ما يعبر عن مشاركة كلية فى التأسى والتعاطف إزاء هذه الكارثة، فإنه لن يكون

، ألن الرأى يتحدد وجوده )عاطفة جمعية( رأيا وإنما مجرد بداللة رأى آخر مخالف وربما عدة آراء، والمشاركة الكلية

وال وجود الرأى، ألنه ال يتحقق ال تعنى بأى حال من األح .إال من خالل وجود اآلراء المخالفة

إال ويكون مصحوبا بتجربة ) اتجاه عاطفى ( ما من ) ب(انفعالية، وهذا ما ال يشترط فى الرأى إن لم يكن مناقضا له، حينما يكون رأيا واعيا ومستنيرا ، فالرأى يتميز بارتباطه بـ

الرأى شكله النهائى، قد يثير بعض وقبل أن يتخذ ) الوعى( العواطف التى تحكم الفرد إزاء عمل اإلرادة التى تصدر عن اآلخرين، غير أن هذه العواطف ال يمكن أن يكون أساسها الرأى، وبعبارة أخرى، إن الرأى يوجد عندما تطرح أمام

الفرد، أو أعضاء الجماعة قضايا معينة فتتجاوز فى تأثيرها .لتدخل نطاق الوعىنطاق العواطف

الذى ال يمكن ) الذوق(وتقترب العاطفة بهذا المفهوم من بمعناه المجازى يدل ) فالذوق(أن نعده هو اآلخر يمثل رأيا

على الميل أو الولع بشئ ما، يتالءم وطبيعة الفرد، وبقدر فقدانه للتسبب المنطقى الذى يتحكم بعالئق األشياء بقدر ما

.اتية ويتصل بهايقترب من العواطف الذ

:)١()Dogma( العقيدة -٤

لقد عمدنا فى الحديث عن العقيدة على تنـاول المفهـوم بإطـاره ) ١(

ضـارة لحالغربى، ومفهومه الفلسفى، ألن بحث ذلك فى إطـار ا العربية اإلسالمية، يقودنا إلى إشكالية أخرى فى ضـوء التعدديـة

ئفية والمذهبية، ولكنه يظل أمرا بحاجة إلى البحث والدراسـة الطا الوافيـــة وهـــو مـــا يخـــرج عـــن إطـــار هذا البحث، انظر حول مفهوم العقيـدة وتعريفهـا فـى مختلـف اتجاهات الفكر الغربى، الموسوعة السـوفيتية الكبـرى، باللغـة

ويوريســوف، . ٦٢٣ – ٦٢٢، ص ١٩٧٥الروســية، موســكو، ، ٢١٥، ٨٠، ص ١٩٦٧لروسى، موسـكو، ا –القاموس العربى

سامية محمد جابر، . و د ١١٦، ٣٨.ذ.س.أحمد زكى بدوى، م . وديـودين، . روزنتـال، و ب . و م . وما بعـدها ١٧٩ذ، ص .س.م .٢٩٧ذ، ص .س.م

يعود مفهوم العقيدة فى المفهوم الغربى بجـذورها إلـى الـرأى أو القـرار أو (الذى يعنى ) Dogma(األصل اليونانى

، ولكن العقيدة حسـب )التعاليم أو المبدأ للقبول بشكل أعمى الموسوعة السـوفيتية (المفهوم الماركسى وحسب ما أوردته

الصيغة الثابتة المطلقة المدركة دون حسـاب (تعنى ) الكبرى -بالروسـية –) للظروف التأريخية المحددة والتفكير العقائدى

)detlile ( وهى) ،االلتزام بصيغ موضوعة مقدمة دون فحصهاوكل نظرية وكل مبدأ يمكن أن يتحول إلى عقيدة جامـدة إذا نظر إليها على نحو غير جـدلى ودون اعتمـاد الظـروف

، وهكذا نجد أن هناك أكثر من تعبير عن )أريخية المحددة الت) Doctrine(العقيدة أو ما يرتبط بها، فهناك العقيدة أو المذهب

المبـادئ التـى (أو ) الرأى الفلسفى أو الـدينى (والتى تعنى تسترشد بها طائفة دينية أو غيرها مـن الجماعـات وتـنظم

أن هنـاك ، كمـا )سلوك أفرادها دون إيراد الحجـة عليهـا الذى يتمثل بقبول أى رأى كحقيقة، ويتسـم " Belief"االعتقاد (

هذا القبول بكونه فكرى بالضرورة، ولـو أنـه قـد يتـأثر

مالحظات سوسيولوجية فى الرأى العام (عبد الرضا الطعان، . و د بغداد، العـدد القسم األول،مجلة آفاق عربية، ) ووسائل التأثير فيه

.١٣ – ١٠، ١٩٨٥الثامن، آب

بالعاطفة، وعلى أى حال فإنه يهيئ حالة عقلية لـدى الفـرد تتقدم كأساس للعمل االختيارى، ولكن هناك مالحظة مهمـة

يقة الموضـوعية وهى أن صدق االعتقاد ال يعتمد على الحق فى حد ذاتها والمتعلقة برأى معين، لـذا فهنـاك اعتقـادات

فهو التصلب ) الجمود العقائدى (خاطئة وأخرى صحيحة، أما فى الرأى أو القطع به بدون مناقشة أو تفكير، ويـدل علـى

ظر مبنية على مقدمات غير ممحصة تمحيصا وافيا، نوجهة عقيدة هـى المبـدأ ومن خالل ذلك يتضح بصورة جلية أن ال

الذى يتمسك به صاحبه ويؤمن بصوابه دون االسـتناد إلـى دليل، فهى تستوجب اإليمان وترتكز عليـه، إال أن مفهـوم

يمكـن أن – سواء أكان دينيا أو سياسيا أو شخصيا –اإليمان :يكون ذا محتويين مختلفين اختالفا تاما

، يتحـدد فى إطار التملك *)اريك فروم (األول كما يرى عن األسئلة المطروحة، وليس عنده إجاباتك الشخص تالبام

، كما يـرى )التملك والكينونة (اإليمان والعقيدة من خالل نمطى * تعنى ما تقـوم بـه السـلطة أو ) التملك(، فى األول )اريك فروم (

االيديولوجيا فى عالقتها كظاهرة جماعية بالفرد، فى حين تعنـى الفرد وينتهى بالجماعة، ، بالعكس، األمر يبدأ من )الكينونة(الثانية

وتقوم على اعطاء الفعل اإلنسانى حدوده المطلوبة، وإعطاء الفرد

دليل عقلى عليها، وهو يشتمل على صياغات توصل إليهـا وقبلها الشخص بحكم خضوعه لهم ، وهذا اإليمان اآلخرون،

خلق اإلحساس باليقين بفعل القوة حقيقية كانت أم متصـورة، ويعمل علـى وهو جواز االنضمام لجماعة كبيرة من البشر،

مهمـة التفكيـر ( أن يريح الشخص من أشق مهمة أال وهى وبه يصبح الشخص واحـدا مـن المـالكين ) واتخاذ القرار

، ) الكينونـة ( السعداء للعقيدة الصحيحة، أما فى إطار نمط وإن كان مـن ( فال يكون اإليمان مجرد إيمان بأفكار معينة

ان فى المقام األول ، إنما اإليم ) الممكن أن يتضمن هذا أيضا هو تواجد داخلى، موقف، يتضمن نوعا من اليقين ولكنه يقين أساسه التجربة الذاتية، وليس الخضوع إلى نمط معين مـن اإليمان، إنه يتمثل بيقين الحقيقة الذى قد يستحيل إثباته بأدلـة عقلية ملزمة، ومع ذلك فهى الحقيقة التى يكون الفرد علـى

ومن هنا ينشأ التصادم بـين الظـاهرة الفرديـة . حرية االختيار

والظاهرة فى إطارها السلطوى، وارتباط ذلك بظاهرة الرأى العام أنظـر اريـك تـروم، . يبدو بوضوح من خالل هاتين العالقتين

، ترجمـة سـعد )نتمسك أو نكون (ان بين الجوهر والمظهر اإلنسزهران، المجلس الوطنى للثقافة والفنون واألداب، الكويت، سلسلة

. وما بعدها٢٠، ص ١٩٨٩، الكويت، )١٤٠(عالم المعرفة

وجد ثمة أدلة عليها مـن خـالل تجربتـه يقين منها، ألنه ت الذاتية، واإليمان فى هذا النمط كما يظهر قائم على حقـائق وبالتالى فهو إيمان عقلى ولكنها حقائق ال يمكن إدراكهـا أو البرهنة عليها من خالل المناهج التجريبية، وإنمـا اإلنسـان الحى يستطيع ذلك من خالل اعتباره األداة الوحيـدة التـى

.يع تسجيل هذه الحقائقتستطإن عالقة العقيدة أو اإليمان بهذه العقيدة بالرأى ذاته، حيث سنجد أن الرأى هو اآلخر ال يتحقق وجوده إال عندما يتم االنتماء إلى فكرة أو مجموعة من األفكار التى ال يقوم يقينها على أساس من إثباتات جازمة، ثم التحقق منها

يقين على بداهة تفرض نفسها موضوعان وال يقوم هذا البسبب الصدق المطلق الذى تضمنته، ومع ذلك فإن الرأى يربط نفسه دائما بأسباب معقولة ليبدو بالتالى بمثابة مجموعة

أو فى األقل بمثابة -من المسبقات أو المعتقدات الصادقة ولكن التمييز واالختالف بين الرأى واإليمان بعقيدة -حدس

. فىمعينة يتركزأن الرأى ال يقوم على يقين ثابت، وإنما هو قابل ) أ (

للنقاش، بينما النقاش ال محل له بالنسبة لليقين المعتقد ألنه

يقوم على أحادية التصور، فاإليمان باهللا على سبيل المثال وبالنسبة للمسلم ال يمثل رأيا وإنما عقيدة ال تقبل النقاش أو

.المجادلة د يصبح عقيدة فى حالة انعدام وجود إن الرأى ق) ب(

الرأى المضاد، ولكن من الصعب، بل من المحال أحيانا .تحول العقيدة إلى رأى

يعتمد الرأى على الحقائق الموضوعية، فى حين ال ) جـ(تعنى العقيدة بذلك فهى وإن كانت تعنى قبوال فكريا لرأى ما،

وضوعية تدفع فإن ذلك محكوم بالتأثر العاطفى وبجوانب ال مالفرد التخاذ هذا الموقف أو ذاك، وجعله أساسا ألى عمل

.اختيارى يتخذ الفرد قرارا ما بشأنهإن العقيدة ليست فى جوهرها إال رأيا يتسم بالثبات ) د (

والجمود والتوقف وتحوال إلى مبدأ ال يقبل المناقشة والدحض أى دون واالفتراض، وإنما هو تعبير عن إيمان وتمسك بالر

.االستناد إلى دليل

:)١( (Judgement) الحكم - ٥يعنى الحكم كمفهوم فلسفة يعبر عنها فى صورة جميلة تقريرية تقوم على حجج وقوانين ، وتعطى تأكيدا ما عن

- موضوعيا -موضوعات معينة، وهى إما أن تكون صادقة، أو كاذبة، لذا فاألفكار التى يمكن وصفها بالصدق أو

الكذب باألحكام، كما هو الحال مع األسئلة واألوامر ويمكن تقسيم األحكام فلسفيا إلى أحكام . الخ.. والطلبات

بسيطة وأخرى مركبة، األولى هى تلك األحكام التى ال يمكن ردها إلى أحكام أخرى، أما الثانية -حدود نسق معين–فى

ويعد . فتتكون من أحكام بسيطة من خالل روابط منطقية عدةفى ظاهرة الرأى من أكثر ) الرأى(و ) الحكم(التمييز بين

األمور تعقيدا بالنسبة للباحثين، ولعل األمر بالنسبة للمفهوم الشعبى لكليهما أكثر تعقيدا، ولكن ما يتطلبه البحث األكاديمى

يوسف مفهوم الحكم فى إطاره الفلسفى والقانونى، انظر حول) ١(

حديثة، الدار العربية الصديق، المفاهيم واأللفاظ فى الفلسفة السامية محمد جابر، . ود. ١٣٣ ، ١٣٢، ص ١٩٨٠س، نللكتاب، تو

ذ، . س. يودين، م. ، روزنتال، ب١٨٤ – ١٨٣ذ، ص . س. م ، دار ٣، والمنجد فى اللغة واإلعالم ج ١٨٦ - ١٨٥ص

.١٤٦ ، ص ١٩٨٦المشرق، بيروت،

هو التفريق والتمييز الدقيق بينهما حتى وإن كان ذلك نستطيع أن نميز بينهما بما ألغراض أكاديمية بحتة، حيث

:يأتىيعتمد الحكم على عدة معايير فى إطالقه، تتطلب الدقة -أ

فى التقدير، والتعمق فى الواقـع الموضـوعى للحـدث أو الموقف، بينما الرأى يتصف بكونه تعبيرا عن وجهة نظر، قد تعتمد معيارا واحدا، وهو ثابل للمناقشة والـنقض السـريع،

ذى يتسم بثبات نسبى وقدرة على االسـتمرار بعكس الحكم ال .أكثر من الرأى

إن العنصر المهم بالنسبة للرأى يتمثل فى اإلعـالن -ب، والعلنية شرط أساسـى )manifestation(واإلفصاح عنه وبيانه

من شروطه، وحتى إن كان كامنا فى لحظة ما فال بد له من شترط ذلك، الظهور فى لحظة أخرى مناسبة، بينما الحكم ال ي

إذ بإمكان الفرد تكوين حكم معين حول موقف محـدد، دون .اإلفصاح عنه

يتسم الرأى بأحاديته فى التكوين، حيث يظل تعبيرا -جذاتيا ال يتطلب الدقة والعمق، بينما الحكم يفترض أساسا أنه محصلة نهائية لمجموعة من المناقشات واالختالف فى

معاضة، ومن ثم التوصل إلى وجهات النظر مؤيدة كانت أم .قرار نهائى يعبر عن خالصة كل ذلك

:)١()Vote ( التصويت السياسى-٦وهو ممارسة سياسة فعلية يقوم بها المواطن فى التعبيـر عن وجهة نظره المتضمنة الموافقة أو الـرفض لموضـوع معين أو شخص ما، والذى يجرى التصـويت القـراره أو

ـ انتخابه، عملية التصوي التصـويت ( ت فى حالة الموافقة بـالتصويت (وفى حالة الرفض بـ ") affirmetive vote"اإليجابى وهو عكس التصويت اإليجابى وأقوى من ") negative"السلبى

: حيث النتيجة من االستنكاف وهناك نوعان من التصـويت عندما يعين الناخب مـن ينتخبـه ) direct(التصويت المباشر

حـين يعـين ) indirect(ويت غير المباشـر مباشرة، والتص

٨٥الدراسى حامد ربيع، محاضرات مرحلة الدبلوم للعام . أنظر د ) ١(

حامـد . ، معهد البحوث والدراسات العربية، بغداد، و د ١٩٨٦ –. و د وما بعدها، ١٨ذ، ص .س.ربيع، نظرية الدعاية الخارجية، م

المؤسسة العربية ٣، ط ١عبد الوهاب الكيالى، موسوعة السياسة، ج . ، و د ٣٤٢ – ٣٤١، ص ١٩٨٦للدراسات والنشـر، بيـروت،

.٤١٤ذ، ص .س.أحمد زكى بدوى م

الناخب ناخبا آخر يكون عليه إجراء االنتخابات، وفـى كـل ــريا ــويت س ــون التص ــا أن يك ــاالت إم ــذه الح ه

)secret voting ( أو علنيا)open voting .( أما القرار المتخذ عادةفإما أن يكون بأغلبية األصوات، أى أكثر من نصف من لهم

فى قرارات معينة يشترط ضـرورة تـوفر حق التصويت، و .أغلبية خاصة أو أغلبية مطلقة

وقد أضحت عملية التصويت السياسى فى الواقع السياسى المعاصر األداة النظامية التى يعبر المواطن من خاللها عـن ممارسته للوظيفـة السياسـية التـى تفرضـها الخاصـية

.الديمقراطية للرأى العامبكونـه أكثـر ) Election(النتخاب ويتميز التصويت عن ا

إذ أنه يتضمن عمليـة االنتخـاب كأحـد (اتساعا من جانب وبالمباشرة فى التعبير عن الموقف السياسى، بينما ) ممارساته

هو الحال فى االنتخـاب يتصف االنتخاب بكونه مباشرا كما القائم على درجة واحدة، أو غير مباشرة حيث يقوم الناخبون

.بين ثانويين يتولون أمر انتخاب األخيرباختيار ناخولكن علينا هنا أن نميز بوضوح بين ظاهرة الرأى العام والتصويت السياسى، من حيث كونه مشاركة فى صنع

القرار السياسى ، ففى ظاهرة الرأى العام فإن الرأى إنما هو تعبير عن رد الفعل لعالقة المواطن بالسلطة من حيث تقبله

رفضه لهذا السلوك الذى يتصل بموقفها من لسلوكها، أو مشاكل معينة، بينما فى عملية التصويت، يكون الموقف إعالنا عن إرادة فعلية للمواطن، ويختلف مداها من حيث المشاركة أو عدمها فى الفاعلية السياسية ، وهو أمر يتوقف ويتحدد بطبيعة وخصائص النظام السياسى، ففى سبيل المثال

السياسى الفرنسى الذى يفرض أخذ رأى المجتمع أن النظامالسياسى فى قرارات معينة، يختلف بدوره عن نظام آخر كالنظام اإلنكليزى الذى ال يعرف هذه الصورة من صور

.المشاركة فى عملية صنع القرار السياسىلذا فإن الرأى العام قد يوجد دون أن يعبر عن ذاته من

وجد عملية التصويت دون أن خالل عملية التصويت، وقد تيرتبط بها رأى عام، ولكن عملية التصويت مع ذلك تظل إحدى القنوات السياسية والشرعية للتعبير عن الرأى العام بصدد قضية معينة ولنقله من حيز الرأى إلى المحيط

.السياسى أو ترجمته فى شكل سياسة عامة

متغيرات تكوين الرأى العام: سادسا

حضارة متغير ال •

األيديولوجيا •

االيديولوجيا السياسية كنظام •

االيديولوجيا كنظام للقيم •

الدين •

القيادة •

متغيرات تكوين الرأى العام : سادسا

بقدر ما يبدو أن باإلمكان تحديد أهم المتغيرات التى تسهم بتكوين وخلق الرأى العام، ومن خـالل الفاعليـة والعالقـة

يرات وظاهرة الـرأى العـام، فـإن المباشرة بين هذه المتغ النظرة التبسيطية التى يقع بها هذا الجهد، إنما تنبع من عـدم الرؤية العميقة للطـابع البنـائى للظـاهرة، وتفاعـل هـذه

بحيث يصعب ) مجال حيوى (المتغيرات مع بعضها فى إطار الفصل والعزل فيما بينها، وبعيدا عن بحث جوانـب المنـاخ

ت، والتعليم، واالتصال اإلعالمى والدعائى السياسى، والشائعا التى ما هى فى حقيقتها إال تعبير عن الظاهرة فى جانبها …

، ظلت أغلب الدراسات التى بحثت فى هذه )الميكروكوزمى(المتغيرات ال تخرج عن هذه المنهجية فى التناول، ولكن لـو

، سنجد )المكروكوزمى(نظرنا إلى الظاهرة فى إطارها الكلى الجانب البنيانى للظاهرة أعمق وأكثر أهمية فـى تحديـد أن

أهمية المتغيرات المؤثرة فى تكوين الـرأى العـام وتحديـد اتجاهاتها من المتغيرات السابقة، وهذا ما قمنا به من خـالل

:دراسة

: متغير الحضارة والثقافة-أقد يبدو غريبا أن يظل الجدل الذى قام حول مصـطلحى

منـذ العقـد ) Culture( والثقافة) Civilization(الحضارة األول من هذا القرن، ما يزال سائدا بين المختصين فى علـم

الـخ وإن ٠٠٠االجتماع واالنثروبولوجيا والعلوم السياسية هذا الجـدل شهد عدم االهتمام النسبى من حين آلخر إال أن

وهذه المناقشات قد ساعدت بشكل وآخر على استنباط قاسـم فى مفهوم الثقافة، وكذلك ما جرى أيضا بخصـوص مشترك

، بعـد أن ) حضارة (المشكلة ذاتها المطروحة بالنسبة لكلمة ظل الفكر الغربى حتى أواسط األربعينيات فى بعض األقطار األوربية كما هو الحال مـع بريطانيـا يقابـل المفهـومين بالرفض، حيث كان اإلنكليز يتصورون الثقافة بمعنى تربوى

وبفعل الظروف التى شهدتها ألمانيا )١(حض، ولكن األلمان مإبان صعود النازية إلى الحكم، والدعوة إلى ثقافة وحضـارة جرمانية، قد دفع بهم إلى محاولة التفرقة بين المصـطلحين،

على األجهـزة الفنيـة ) حضارة ( حيث بدأوا يطبقون لفظة

عادل . لو، الثقافة الفردية وثقافة الجمهور، ترجمة دلويس دول) ١( وما ٣٢، ص ١٩٨٢، بيروت ، ٢العوا، منشورات عويدات ،ط

.بعدها

لمادية ولفظـة للمجتمع مثل العلم والتكنولوجيا واإلمكانات ا على األجهزة غير المادية فى المجتمع مثل الفـن، ) ثقافة (

الدين، الفلسفة ولكن هذا االستخدام لم يكتـب لـه االنتشـار . )١(العالمى

ويتجلى الخالف فى داللة المفهومين فى أن ذكر الحضارة والثقافة، فى جميع المعاجم وفى كتب المفردات

ت مطولة فى العالم إنما والموسوعات مصحوبا بإيضاحا يقابل واقعا معينا، وهذا ما الحظه وأكده الشاعر اإلنكليزى

الذى توقف طويال أمام المشكلة )٢()اليوت . س. ت( إن حاجة الكلمة للتعريف تزداد بعد استعمالها السيئ : ( بقوله

).مثلما يحتاج مذهب بعد ظهور بدعة فيه حال من األحوال، عن إال أن ذلك يجب أال يبعدنا بأى

بحث ظاهرة الثقافة والحضارة من حيث اعتبارهما من أكثر

محمد أحمد . انظر حول تبلور المفهوم فى الفقه األوربى، د) ١(، ١٩٨٣لوجيا الثقافية ، الدار الجامعية، بيروت، البيومى، األنثروبو

عمر التومى الشيبانى ، التربية وتنمية . وأيضا د، ها وما بعد٧ص - ٢٩، ص ١٩٨٥المجتمع العربى، الدار العربية للكتاب، تونس

٣١. .١٠ذ، ص . س. لويس دوللو ، م) ٢(

المتغيرات تأثيرا على الفرد، وتحكما بآرائه واتجاهاته وسلوكه، فمما ال شك فيه أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة التى تميزه عن سواه فى طرائق العيش والتفكير واإلبداع، حيث

ار والقيم والمعتقدات والتقاليد إن الثقافة هى مجموعة األفكوالعادات والمهارات وطرق التفكير وأسلوب الحياة والعرف والفن والنحت والرقص والتصوير واألدب واألساطير ووسائل االتصال واالنتقال وكل ما توارثه اإلنسان وأضافه إلى تراثه نتيجة عيشه فى مجتمع معين، وبعبارة أخرى أن

هى ذلك الكل المركب الذى : ( )٣(لور الثقافة كما يقول تاييحتوى على المعرفة واالعتقاد والفن واألخالق والقانون والعادات والتقاليد وأى قدرات أخرى تكتسب بوساطة

).اإلنسان بوصفه عضوا فى المجتمع أما متغيرات الثقافة من حيث التصنيف كما حددها

استعماال فى وهو أكثر التصنيفات وأوسعها ) رالف نيستون( :)٤(الوقت الحاضر فهى تشير إلى ثالثة مستويات

.٨ذ، ص . س. محمد أحمد بيومى ، م. نقال عن د) ٣(أحمد زكى بدوى، ص . ذ، ود. س. نى، معمر التومى الشيبا.د) ٤(

٩٣ – ٩٢ ، ٢١.

وتشير إلى تلك : (universal) العموميات- ١الخصائص الجوهرية فى الثقافة والتى تتسم بالعموم ويتطلبها المجتمع مثل القوانين واألنساق الحكومية واالقتصادية

.والدينيةتلك األنواع من وتشير إلى (Alternat ves) البدائل - ٢

األنشطة التى يكون فيها لألفراد المعنيين اختيارات معينة أو .حين تكون هناك حقوق مشروعة محددة

وهى تلك : (Specialties) الخصوصيات - ٣الخصائص الخاصة ألدوار وظائف معينة فالخبير فى حقل معين مثال لديه معرفة ومهارات خاصة بل أيضا

. يجعل مهنته تختلف عن اآلخرينومصطلحات ونسق قيمىويتضح من هذا التصنيف أن العموميات فى الثقافة هـى من أكثر المتغيرات تأثيرا وقدرة على صياغة الرأى العـام واتجاهاته ولكن هذا ال يعنى أن خصوصيات الثقافة ال تمتلك التأثير أيضا، إن لم نقل التفاعل فى حدود متفاوتـة فـاآلراء

السلوك الخاص مثال بالتجمعات التـى يمثلهـا واالتجاهات و الصحفيون أو األطباء أو المعلمون، لها دورها وقدرتها فـى

كم والتوجيه والتأثير فى اتجاهات الرأى العام، وبطـرق حالت

ووسائل مختلفة ولكن هذا التأثير والدور الذى يقوم به أفـراد ، أو هذه المجموعات االجتماعية المتميزة، ال يمكـن إغفالـه

التقليل منه، أو تحديده من خالل العملية التفاعليـة، وكـذلك األمر بالنسبة لبدائل الثقافة، ولكن تبقى هذه البدائل، مظـاهر سريعة التغيير فى البنية الثقافية فهى سرعان ما تتغير وتحل محلها مظاهر أقوى سرعان ما تتعرض لنفس ما تعرضت له

عنى أنها أقرب إلى العاطفـة سابقاتها من تغير، األمر الذى ي والذوق منها إلى الرأى العام ولكن هذا ال يمنع من التفاعـل بين العناصر الثالثة، ومن ثم انعكاس ذلك فى التأثير علـى

.الرأى العامإن الثقافة وعلى الرغم من كونها ظاهرة إنسـانية فـى

والسياسية، فإن قضية خصوصية الثقافة ةاالجتماعيوظيفتها قلب التكوين االنثروبولـوجى والنفسـى واالجتمـاعى تحتل

والسياسى للثقافة، أية ثقافة، وليس ذلك فقط فى إطارها العام من حيث عناصرها وخصائصها الدينامية فى المجتمـع بـل وحتى فى طبيعة الخصوصيات الداخلية الفردية والجماعيـة، لمجتمع أصحاب الثقافة الواحدة الذين يشتركون فـى فكـرة

مة هى انتسابهم إلى هذه الثقافة واالستفادة مـن إبـداعها عا

وانتاجها ومع أن هذه الخصوصيات تقسم إلى خصوصـيات مهنية وطبقية وعرقية وعقائدية ألنها انتاج بحت لدور شرائح معينة، فإنها تعد وتصبح فى ظل القبول االجتماعى األوسـع لكافة شرائح المجتمع وفئاتـه وقطاعاتـه ضـمن التكـوين

السلوكى العام للمجتمع وبالتالى تسهم بشكل رئيسى فى صنع .ثقافته

سر لنا رأى البعض فى أن كـل ثقافـة مـن فوهذا ما ي الثقافات تسيطر عليها اتجاهات عامة وشاملة تطبعها بطـابع

)١()روث بنـدكيت (خاص يميزها عن غيرهـا وأسـمتها الفـردى ، والتى تعد السلوك )الصيغة الثقافية العامة (بنظرية

مجرد اتفاق وتواؤم مع التعاليم والمثل والقـيم واالتجاهـات الثقافية الموجودة بالفعل، وما أكده البعض اآلخر من أن أيـة

لقيم خاص بهـا، ) نسق(ثقافة من الثقافات ال تخلو من وجود بل إن فى كل ثقافة يوجد نسق للقيم هو الذى يعطـى هـذه

ارها كما أنه هـو الـذى الثقافة تماسكها واستقرارها واستمر يبرر سلوك األفراد وأفكـارهم والخصوصـية الثقافيـة وإن

، صحيفة القاديسية، بغداد، العدد )موسوعة القاديسية(نقال عن ) ١(

.١٩٨٩ / ٨ / ٢٨الصادر فى

النمط (اختلفت التسميات التى أطلقت عليها والتى من أبرزها ، الذى نرى أنه )الذاتية الثقافية (و ) النسق الثقافى (و ) الثقافى

.(*)أكثر دقة وشمولية فى التعبير عن ذلك) بنية الشخصية(تى تحدد هذه هى ال) الذاتية الثقافية(

شديدة التبعية للثقافة المميزة لمجتمع -أى البنية–بوصفها خاص، حيث ينزع كل مجتمع إلى تكوين كل ثقافى أصيل،

حيث درجة نموها ومثال ذلك أن مجتمعات متناظرة من

بموضوع العالقـة بـين الثقافـة ) الذاتية الثقافية (تتصل مسألة *

والمجتمع اتصاال عضويا ومصيريا من حيث أن الثقافـة فـى أى لحيـاة مجتمع هى جماع وحصيلة النشاط االجتماعى وأسـاليب ا

وأنماط القيم وما يتخذه اإلنسان من أدوات ومعدات تسهل له سـبل عن جدلية األصالة والمعاصرة ) الذاتية الثقافية (العيش ولذلك تعبر

فى تشكيل الهوية القومية الثقافية من حيث أن االثنين قضية واحدة، تدخل فى التكوين الحضارى والقومى وجزءا عضـويا منـه، وال

ير عنه إال بالقدرات الذاتية المبدعة من جهة ومن حيث يمكن التعب .أن الثقافة هى روح األمة من جهة أخرى

، ١٩٧٢الموسوعة العربية الميسرة، دار الشعب، القـاهرة، : أنظر .٥٨١ص

محنة الثقافة العربية بـين (برهان غليون، اغتيال العقل . وأيضا د ، ١٩٨٥لنشر، بيـروت، ، دار التنوير للطباعة وا )السلفية والتبعية

. وما بعدها١٤ص

االقتصادى، يمكنها أن تكون متغايرة ومختلفة فى العمق من بع منظومة القيم األساسية حيث ثقافتها ، ونقصد هنا بالط

للمجتمع التى تسعى إلى التمييز فى المجتمعات المختلفة سواء المنظومة الثقافية ( أكانت قيما سائدة، أو موجهة، ومن خالل

يتم إدراك الواقع الموضوعى للفرد، الذى يعيش فى عالم ) رمزى، مرموز ، من صنعه، فكل واقع هو بالنسبة إليه

م والتقويمات واإلدراكات متعلقة مرموز وكل األحكا وهذه المنظومة هى )١(بالمنظومة الثقافية التى تنتسب إليها

التى ترسم للفرد إن لم نقل تحدد أبعاد الرأى العام فى القضايا (Cultural heritage)المتصلة اتصاال وثيقا بالميراث الثقافى

العام بالرأى العام الدائم أو الثابت، فى حين يتصف الرأى الذى ال صلة له بالحلول أو القرارات التى تهيمن على المنظومة الثقافية والميراث الثقافى وتنبع منه بكونه رأيا عاما

.)٢(مؤقتا

. س. خليل أحمد خليل، المفاهيم األساسية فى علم االجتماع ، م. د) ١(

.٨٦ – ٨٤ذ، ص ، دار المعرفة الجامعية ، فتحى اإلبيارى، اإلعالم والرأى العام) ٢(

. وما بعدها٣٧القاهرة ، ص

وبعبارة أخرى إن الرأى العام والعالقة التفاعلية التى ترك تأثيراتها بوضوح تتحدد بعدة تتربط بين االثنين و

:)٣(متغيرات أهمها التى تعد أهم (Cultur patterne) األنماط الثقافية )أ (

المتغيرات التى يجب مراعاتها كعوامل مؤثرة فى درجة التفاعل الديناميكى لتكوين الرأى العام، إذ أن النمط الثقافى بوصفه مجموعة من السمات والعناصر التى تعمل ككل بالنسبة لبعض المواقف، هى التى تتحكم بطبيعة ردود

ال تجاه هذه المواقف، فعبادة اإلله وهو ما نطلق عليه األفعالتوحيد، يمثل نمطا معقدا يتألف من أفكار محددة ومن مشاعر وطقوس فى المجتمع المتحضر، ولكن إن كانت األنماط الثقافية تبدو وكأن لها أساسا منطقيا ثابتا فى المجتمع

صادفة ، فإن الكثير منها يبدو وكأنه قد جاء نتيجة الم .التأريخية

صرية ، القاهرة هيناز طلعت، الرأى العام ، مكتبة األنجلو المشا. د) ٣(

ذ، . س. محمد أحمد بيومى ، م. ، ود٢٥٥ – ٢٥٤، ص ١٩٨٦ .٩٣ذ، ص . س. أحمد زكى بدوى ، م. وما بعدها ، ود١ص

القواعد الثقافية التى تعمل على تنظيم السلوك ) ب(اإلنسانى وعما يجب أن يكون وما ال يجب أن يكون، وفى المجتمع، خاصة المجتمع التقليدى بثقافته المحدودة، فإن لهذه القواعد تأثيرا على عملية تكوين الرأى العام ، وإن اتسم هذا

.التأثير بالمحدودية وكذلك فإن مدى تقدم المجتمعات يعد عامال آخر )جـ(

مهما ومؤثرا فى الثقافة ، فالمجتمع التقليدى ثقافته كما هو قد -معروف، محدودة وبالتالى فإن الفرد فى هذا المجتمع

ال يكون له فى مسألة ما إال عدد قليل ومحدود من االتجاهات الثقافية واآلراء، وعلى الرغم من هذا ومن أن األنماط

والقواعد الثقافية فى المجتمعات التقليدية جامدة أو ثابتة إال أنها قوية التأثير ، وهو ما ال يعطى للفرد مجاال واسعا لكى يختار، كما تكون مدة تكوين الرأى وإلى حد كبير قصيرة ، وعلى العكس من ذلك فى المجتمع العصرى، فالثقافات فى

لثقافية والقواعد فى تغيير تطور ونمو سريع، واألنماط امستمر دائم، وهى تتحول باستمرار من مجرد متطلبات إلى مؤثرات كثيرة متعددة تضع أمام الفرد ، ومن ثم الجمهور

وهو يكون رأيه، اختيارات متعددة ومن ثم تطول فترة تكوين .الرأى

إن الظاهرة التى تستوقفنا بخصوص التراث الثقافى عام، هى أن فاعلية الرأى العام وديناميكية وتأثيره فى الرأى ال

من التأثيرات إن جاز لنا ) نظامين( هذا الرأى، تستتر خلف فى المجتمعات ، ) التقدم والتخلف( التعبير، يرتبطان بظاهرة

وهذا ما يدعو إلى التوقف مليا عند طبيعة الرأى العام وتأثيراته بالنسبة للمجتمع المتقدم العصرى والمجتمع

متخلف التقليدى، التمييز بين المجتمعين بالنسبة لظاهرة ال .)١(الرأى العام ينبع من متغيرات أساسية

فى المجتمع المتقدم الشخصية الفردية متكاملة ) أ ( وتمثل درجة معينة من التماسك فهى ال تعانى الفراغ الفكرى، وتمتلك نظاما واحدا للقيم فقط، بحيث ليس هناك أى

فى التعبير عن الذاتية الفردية تجاه أى موقف أو ازدواجية واقعة ، وهى تنطلق فى ذلك من الثقة فى النفس والتى تجد

حول ( حامد ربيع، إعادة كتابة التأريخ ونظرية الحرب النفسية .د) ١(

تحليل ظاهرة الصراع القومى فى العالم العربى، بحث غير منشور، وما ٨ ص ١٩٨٧/ ١٢ / ١٧كتابة التأريخ، بغداد الندوة الدولية ل

.بعدها

مصادرها فى العلم من جانب ولو بمستوى معين أوال، والتجانس فى اإلدراك ثانيا والقدرة على الجدل والمناقشة ثالثا، وهذا ما يسمح للشخصية بسهولة ودون مقاومة، األمر

لذى يجعل الرأى العام أكثر تأثيرا من جانب ورسوخا وثباتا ا .من جانب آخر

الترابط الحضارى بين الماضى والحاضر يميز ) ب( –الثقافة السائدة، ويصير فى اإلدراك الجماعى السائد، هو

محور التعامل بين السلطة ورجل الشارع، -وهو وحده نظر عن أبعاده ومن ثم فإن نظام القيم السياسية وبغض ال

األخالقية يتكون من ترتيب تصاعدى للقيم المتراصة والمتجانسة والمترابطة، وهنا يضحى الخجل من الماضى أمرا ال يعرفه المجتمع المتقدم، واالستمرارية التاريخية ، ليست موضع مناقشة ، وهذا ما يجعل تأثير التقاليد الثقافية

مل المؤثرة فى البنية والخبرة التاريخية ، من أكثر العواالشخصية للفرد، ويجعلها تتحكم بخصوص مواقفه وردود أفعاله واتجاهاته، األمر الذى ينعكس على رأيه الشخصى وعلى الرأى العام اللذين ينطلقان من هذه الخبرة وتلك التقاليد

.فى التعبير عن المواقف واالتجاهات

لوك الفرد ، وحدة نظام القيم لها أثرها الكبير فى س) جـ(ويتجلى ذلك بشكل واضح عندما نقارن بين المجتمعات المتقدمة واألخرى المتخلفة حيث إن المرء يصيبه الذهول إزاء تعدد نظم القيم السائدة، فالمجتمع الريفى يختلف عن مجتمع المدينة، والطبقة الحاكمة نظامها يختلف بل وقد

المحكومة، وتأتى يتناقض مع نظام القيم السائدة فى الطبقات الفئات المثقفة لتقدم أنموذجا ثالثا ، وهكذا نستطيع أن نجد فى بعض التطبيقات خمسة نماذج مختلفة لنظام القيم السائد، وقد يكون االنتقال من نظام القيم إلى نظام آخر ال يعنى أكثر من مسافة عدة دقائق، ولنتصور فى سبيل المثال نظام القيم

ى وحى آخر يسكنه أبناء الطبقة المرفهة السائد فى حى شعبفى أى عاصمة عربية ، لنجد االختالف الكبير فى نظام

.القيم بين هذين الحيينإن التأثير الخاص بالثقافة فى ظاهرة الرأى العام، يتضح

عامةتعارف عليها ) عرفية ( من خالل ما تقدم، فى قاعدة واألناسة والتى الباحثون فى شأن األنثروبولوجيا الثقافية

لكل فرد ، وهذه القاعدة ) الجنسية الثقافية ( تتحدد بموجبها تقتضى أن الفرد ال ينسب إلى ثقافة معينة إال إذا كان يفكر

داخلها، والتفكير داخل ثقافة معينة ال يعنى التفكير فى قضاياها، بل التفكير بوساطتها، فقد يتم التفكير فى قضايا

ثقافة أخرى، ومع ذلك يبقى الفرد منتميا ثقافة معينة بوساطةولكن ماذا يعنى بالضبط، التفكير بوساطة .إلى هذه دون تلك

ثقافة ما، وما هو تأثير ذلك على الرأى الشخصى والعام فى الحقيقة ؟ إنه سواء اعتبرنا الثقافة تضم مختلف أنواع اإلنتاج المادى والروحى ومختلف أنماط السلوك االجتماعى

خالقى ، أو حصرنا معناها فى اإلنتاج النظرى وحده، واأل( فهناك فى جميع األحوال ، معطيات تشكل أو تعبر عن

لهذا الشعب أو ذاك، لهذه األمة أو تلك ) الخصوصية الثقافية ، وهى خصوصية راجعة إلى متغيرات عدة، منها المحيط الجغرافى واالجتماعى والثقافى الذى يتحدد به شعب ما أو

وهذه الخصوصية تزداد أهميتها فيما .مجموعة من الشعوبنحن بصدده إذا نظرنا إليها بوصفها نتاجا تاريخيا يحمل عبر الزمن تصورات وآراء ومعتقدات، وأيضا طرائق فى التفكير وأساليب فى االستدالل هى األخرى من الخصوصية ، بل إننا

-ثقافة ما ال نبالغ إذا قلنا إن الجزء األكبر من خصوصية

إنما يرجع إلى -إذا جاز تجزئة الخصوصية إلى أجزاء .التاريخ الخاص بهذه الثقافة

وبعبارة أخرى ، إن التفكير بوساطة ثقافة ما، معناه عملية التفكير من خالل منظومة مرجعية تشكل إحداثيتها األساسية من محددات هذه الثقافة ومكوناتها وفى مقدمتها

افى والمحيط االجتماعى والنظرة إلى المستقبل الموروث الثق إلى الكون واإلنسان كما - بل والنظرة إلى العالم -

تحددها مكونات تلك الثقافة، وهكذا إذا كان الفرد يحمل معه آثار مكوناته وبصمات الواقع -تاريخه شاء أم كره

. )١(الحضارى الذى تتشكل فيه ومن خالله

أو الذاتية الثقافية ، كما نرى، حول مفهوم الخصوصية الثقافية) ١(

انظر الدراسة القيمة للدكتور محمد عابد الجابرى ، تكوين العقل ، المركز الثقافى العربى ٣ ، ط ١ج ) نقد العقل العربى ( العربى،

وما بعدها، حيث تظل هذه ٥دار البيضاء، ص للنشر والتوزيع ، ال( الدراسة باتجاهاتها الحديثة فى منهجية التحليل دراسة رائدة لفهم

والتكوين الثقافى لألمة العربية ، رغم االعتراضات ) العقل العربى التى تبرز هنا وهناك بخصوص تحليالتها، إال أن ذلك ال يقلل من

.أهميتها بأى حال من األحوال

وره ، إلى تأثير الحضارة والنمط ولكن هذا يقودنا بدالحضارى على الرأى العام من جانب، وعالقة الحضارة فى

..هذه العملية بالثقافة من جانب آخرإن الحضارة كمفهوم وتعريف، تعد من أكثر األمور العسيرة والشاقة، فى هذا المجال ، وربما يعود ذلك إلى

تاريخ ( بـ حداثة المفهوم أوال وحداثة الدراسات الخاصة، وإذا ما عولنا على الفالسفة فى معرفة إجابتهم )الحضارات

فإن األمر صعب ) ما هى الحضارة ؟( عن السؤال عن وشاق كما أسلفنا، فثمة مائة وواحد وستون تعريفا لكلمة

١٨٧٦الفريد كروبر ( حضارة جمعها العالم األنثروبولوجى لهذه التعاريف وقد يكون من العبث أن نعرض ) ١٩٦٠ -

المتعددة ، ولكن المفهوم السائد للفظة الحضارة (Civilization) يشير إلى نوع متقدم من المجتمعات يتميز

بفنونه المتقدمة والعلم والدين، وقد شهد القرن التاسع عشر ( بدايات االستخدام الواسع لها، مع ظهور الدراسات الخاصة

عض األنثروبولوجيين،أنه ، التى أظهر ب) بالشعوب ا لبدائية على الرغم من أن كثيرا من الشعوب ال تمتلك مراكز

. حضارية أو مدنا حضارية إال أنها تتميز بحضارة عالية

وقد جاء الفكر األلمانى بعد ذلك ليقدم التمييز بين الثقافة والحضارة على أساس أن الثقافة تمثل الجانب الروحى

، إال أن هذا التقييم قوبل والحضارة تمثل الجانب المادى بالرفض من جانب العديد من علماء االجتماع ومنهم

اللذان الحظا أن التفريق بين ما هو ) سوركين وكيفيلير ( لذا مال . روحى فلسفى، وما هو عملى تطبيقى غير واضح

علماء آخرون إلى تفسير كلمة حضارة على اعتبار أنها مادية والمعنوية، وذلك أسلوب حياة المجتمع من جوانبه ال

العتقادهم بأن الحضارة تعبر عن نظام كلى شامل يحدد ويوجه واقع الحياة االجتماعية فى المجتمع بصرف النظر

فيحاول آخرون التمييز بين . عن درجة تقدمه أو تأخره ولكن بغض . )١() الحضارة والمدنية والثقافة ( مصطلحات

:العلماء بين المصطلحات الثالثة هو التمييز الذى وضعه هؤالء) ١(

ال مادامت تضم وتعد أكثر النظم اتساعا وشمو: الحضارة -١جميع القواعد والمعارف والعقائد والوسائل العملية التى يستعين بها المجتمع فى مواجهة البيئة الطبيعية وفى تنظيم

عات البشرية عالقة أعضائه ببعضهم، وعالقته بالمجتم .األخرى،وفى تحديد مواقفه من حاضره وماضيه ومستقبله

وتمثل نوعية خاصة من المجتمعات التى قطعت : المدنية -٢أشواطا بعيدة فى محاوالت التكنولوجيا والميادين العلمية

ظاهرة الحضارة أو النظر عن المضى بعيدا فى دراسة الثقافة، حيث مازالت العديد من الدراسات تخلط بينهما بشكل عجيب، فإن تأثير الحضارة على الفرد والمجتمع، يتحدد من

النظرية والتطبيقية وحقول التجارة واالقتصاد والفنون

.والعمارة

المعرفية والفكرية والفلسفية وتشير إلى المكتسبات: الثقافة -٣الواعية أو فئة من األفراد وال شك ) الطليعة( التى تحوزها

أن المثقفين يمثلون نسبة من المجتمع وليس المجتمع بكامله، .ويحتلون منـزلة فكرية ال تتساوى مع منزلة المتعلمين

أحمد على الفيش، أصول التربية ، الدار . للمزيد حول ذلك انظر د .٣١ - ٣٠ربية للكتاب، تونس، ص الع

إلى أن كلمة حضارة تدل على ) ارنولد توينبى( وقد ذهب ابتكارات اجتماعية ذات قدر من االتساع، لذا فأفريقيا السوداء

) بنديتو كروتشه( قدعرفت ثقافات ولكنها لم تحدث حضارات،أما فقد ذهبا إلى أن الثقافة والحضارة تمثالن ) دونتر كورتيز( و

مرحلتين من حيث الثقافة هى التى تسبق الحضارة، وأن الحضارة ) أفول الغرب( فى كتابه ) شبلنجر( ليست انحطاطا كما كان يرى

أما الباحثون الروس، . بل على العكس صعود نحو الحضاراتفإنهم يؤكدون على تعارض الثقافة والحضارة، وهى نظرة سبقت

ساس أن الحضارة ، شكل ، وذلك على أ١٩١٧قيام ثورة أكتوبر .من النمو االجتماعى الخاص بالناحية المادية

.٣٣ – ٢٢ذ، ص . س. للمزيد انظر لويس دوللو، م

) الخصوصية الحضارية ( أوال و ) التراث الحضارى(خالل ثانيا، فإذا كان التراث يمثل الظاهرة فى جانبها الكلى، فإن

الجزئى منها، وتتجلى أهمية الخصوصية تمثل الجانبالتراث الحضارى فى أنها تعطى قالبا منمطا التجاهات وآراء الفرد تبعا النتمائه الحضارى والميراث الحضارى الذى صاغ هذه اآلراء أو االتجاهات، وإلى حد اعتقاد بعض

أنه باإلمكان علميا وعن طريق افتراضات ( الباحثين فى ر واآلراء التى سيعتنقها شخص ما، معينة تحديد نوع األفكا

) تحديدا مسبقا قبل مولده إذا نحن درسنا ميراثه الحضارى ( بل إن الفكر السياسى قد بات يتحدث اآلن عن ظاهرة . )١(

والتى تعرف على أنها مجموعة المواقف ) الحضارة السياسيةوالمعتقدات والعواطف التى توجد االستقرار للمجتمع وتعطى

لية السياسية والتى تشكل قاعدة للنظم وتحكم معنى للعمالسلوك فى النظام السياسى، وبما أنها تتعلق فى أساسها بإيجاد الثقة العامة بالنظام وهذه الثقة تنعكس بدورها فى مدى المشاركة السياسية ومستوى التكامل القومى ومدى االستقرار

محمد عبد القادر حاتم، الرأى العام، مكتبة األنجلو المصرية ، . د) ١(

. وما بعدها٧٥، ص ١٩٧٢القاهرة ،

فى السياسى الحيوى، فإنها تكاد تكون مفقودة إلى حد ماالبلدان النامية، ألن الحضارة السياسية مجزأة، لذا فإن الفوضى السياسية تكاد تعم حياتها العامة، بحكم التجزئة فى الحياة السياسية لها، وفى غياب حضارة سياسية سائدة، تقود وتشكل الهيئات االجتماعية والسياسية المختلفة يميل األفراد

ال يختلف فى اآلمال والمجتمع إلى العمل السياسى الذى )٢(والطموحات حسب، بل وتسيره دوافع غير منضبطة

وهذا ما يبين لنا بكل جالء بعضا من جوانب االختالف فى خصائص وتأثيرات الرأى العام بالنسبة للمجتمعات المتقدمة والمتخلفة، حيث تضحى الحضارة السياسية أكثر المتغيرات

ين بخصوص ظاهرة الرأى قدرة فى التعبير عن التمييز والتبا .العام فى كال المجتمعين

والتى ترتبط ارتباطا وثيقا ) خصوصية الحضارة ( أما ، إن لم نقل إنها تعبير عن هذه الخصوصية )بالذاتية الثقافية(

فإن تأثيرها فى عملية اتخاذ الرأى أو تحديد اتجاهات الرأى ن كون العام تجاه موقف معين ، ينبع فى حقيقة األمر م

االجتماعى ، توفيق فرج ، قاموس التحليل. فيصل السالم ، د. د) ٢(

.١١٨ - ١١٧، ص ١٩٨٠، بيروت ، دار الثلث للتصميم والنشر

الثقافة تحدد لكل فرد انتماءه إلى إحدى الجماعات ومجال االتصاالت داخل الجماعات وفيما بينها، كما أنها تحدد أصالة الجماعة وتنشىء فى الوقت ذاته وحدة مشتركة بين مرتكزات األخالق والمعرفة والعمل لذا تغدو عملية رفض

ماد نظام من االنتماء إلى جماعة ما ، والتكلم بلغتها واعتالمعايير والمعارف المشتركة رفضا للثقافة ورفضا للحضارة

وهذا ما يقودنا بدوره إلى )١(التى تنتمى إليها هذه الثقافة ونقصد هنا -أكثر األمور حساسية بخصوص الرأى العام

حيث تبرز ظاهرة -الرأى العام الدولى على وجه التحديد أساسا على أثر الشخصية التى تقوم ) الطابع القومى (

، فى السلوك الفردى (Model personality)المشروطة والجماعى من حيث تطوراته وتغيراته المختلفة ، وما يتبعه من تأثير ذلك فى المواقف واالتجاهات المتخذة تجاه واقعة أو

.فما هو المقصود بالطابع القومى. حدث ما

، المجتمع )العنف وعلم االجتماع ( ك ، فيليب برتو انظر حول ذل) ١(

والعنف ترجمة إلياس زحالوى، المؤسسة الجامعية للدراسات . وما بعدها٧٧، ص ١٩٨٥والنشر والتوزيع ، بيروت ،

فى أوسع ) ىالطابع القوم( إن مفهوم هذا المصطلح تلك المجموعة من الخصائص واألنماط : معانيه يعنى

السلوكية والسمات بين أعضاء المجتمع الواحد الذى تسوده العادات نفسها ويرتبط بالتقاليد نفسها ويسيطر عليه نظام ثقافة مشترك، ونجد أمثلة كثيرة لذلك فى سبيل المثال فى

لشعوب المفاهيم التى يكونها شعب من الشعوب عن ا.. األخرى، كنظرة اإلنكليز مثال إلى اليابانيين واألفارقة

فهو إذن ـ أى الطابع القومى ـ تكمن خطورته .. الخوعالقته بظاهرة الرأى العام من خالل متغيرين أساسيين

:)٢(هما الطابع القومى هو الذى يحدد منطق وأسلوب تفكير - ١

فى فهم منطق هذا الشعب أو ذاك، لذا فهو أداة مهمة وأسلوب تفكير هذا الشعب، ومن ثم يقودنا ذلك إلى معرفة

.تأثير ذلك على الرأى العام بشكل عام

باعتباره نموذجا للتفاعل ) طابع القومىال( للمزيد حول نظرية ) ٢(

حامد ربيع ، . والترابط بين الحركة السياسية والثقافة العلمية انظر د . وما بعدها١٥٢ذ، ص . س . مقدمة فى العلوم السلوكية ، م

وفى ضوء ذلك يمكننا التنبؤ أو تحديد ردود الفعل - ٢المتوقعة، بما يمكن أن يحدث أو يحتمل حدوثه من شعب

.معين، أو تحديد موقف معين :(ideology) األيديولوجيا - ٢

( ليس هناك فى عالمنا المعاصر من لم يردد كلمة ، ولكن دون أن يكون لها معنى واحد لدى ) األيديولوجيا

عالم السياسة ورجل السياسة أو الحزبى أو المناضل فى لذا فإن أى حديث عن . حركة ثورية أو لدى رجل الشارع

تاريخ األيديولوجيا واختالف اآلراء حولها وبشكل خاص مونها الذى قلما يجتمع حوله اثنان، سيقودنا إلى حول مض

إشكالية منهاجية تدفع بنا بعيدا عن بحث تأثير األيديولوجيا وارتباطها سواء أكانت نظاما فكريا، أم عالقات، أم نظاما

والردود المتوقعة فى تأثيراتها على هذا . للقيم، بالرأى العام من حيث كونها وعلى هذا األساس سنبحث الظاهرة . الرأى

عبارة عن عالقات مجتمعة تتصف بعدم فرديتها أو تجريدها الذهنى من جانب، وبكونها ممارسة تعبر عن تالزم العالقات السلطوية والعالقات المادية من حيث كونهما ينبعان من

وهذا ما يقودنا إلى االنطالق من تاريخه . طبيعة واحدة هناك توافقا بنيويا المصطلح حيث يمكن القول إجماال، بأن

كامال بين المجتمعى والسياسى من جهة، وبين الفكر .السياسى المواكب لذلك الوجود والمعبر عنه من جهة ثانية

دستو ( إن أول من استخدم المصطلح الفيلسوف الفرنسى ، الذى دون عناصر (destott De Tracy)دى تراسى

وجيا ، األجرومية األيديول( األيديولوجيا من خالل كتبه ) ١٨١٥ - ١٨٠١( ما بين عام ) العامة، المنطق واإلرادة

إذ تعنى الكلمة )١(وعنى بها علما جديدا موضوعه األفكارولكن المقصود بذلك ) علم األفكار ( فى أصلها اليونانى

األفكار ذات الصلة بالمجال الفلسفى، ولم يلبث هذا المفهوم ليأخذ له معنى سياسيا ، تجلى أن خرج عن حدوده الفلسفية

- أكثر مما لدى تراسى فى مزجه للفلسفة بالسياسة -بعمق أفكار ( الذى نظر إلى األيديولوجيا على أنها ) نابليون( لدى

وإلى األيديولوجيين كثرثارين ال يعرفون حتى ) وهمية

األيديولوجية ( مراد وهبة . ك فى سبيل المثال دانظر حول ذل ) ١(

، السنة ١٢ و ١١دان، ، قضايا عربية ، بيروت العد) والحضارة . وما بعدها٧، ص ١٩٨١، تشرين الثانى، كانون األول ، ) ١٨(

أخذت األيديولوجيا بعدا جديدا، فعلى ) ماركس( أنفسهم، ومع من استمرار محافظتها على عالقتها بالمجال السياسى الرغم

عندما ) فماركس وانجلز وهيس(، فإنها أخذت منظورا آخر ) ١٨٤٦ - ١٨٤٥( عام ) األيديولوجية األلمانية ( كتبوا

أعطوا لأليديولوجية معنى جديدا يقوم على أساس أن األيديولوجيا هى نظام تمثيلى للواقع صيغ بشكل معين وذلك

) ماركس( وتتلخص رؤية . )١(عد معالجته للواقعبلأليديولوجيا على أنها وهم حين تنعزل عن الشروط الموضوعية التى أدت إلى نشأتها ، ومعنى ذلك أنه ليس كل أيديولوجيا وهما، فهى ليست وهما حين تربط الوعى بالوجود، وحين تربط الوعى هذا بشروطه ، والنظرة النقدية

سويم العزى ، المفاهيم . د. انظر حول تطور مفهوم األيديولوجية) ١(

السياسية المعاصرة ودول العالم الثالث، المركز الثقافى العربى، - ٨ذ، ص . س . وما بعدها، ومـراد وهبة ، م٦٩الرباط، ص

١٥.

ليس الوعى هو :( تنطلق من مقولته المأثـورةماركس هذه ل . )٢()الذى يحدد الحياة، وإنما الحياة هى التى تحدد الوعى

وهكذا تنازع األيديولوجيا فى التفسير أكثرمن اتجاه، ففى ( الوقت الذى وصفت بأنها نتاج الوعى ، وجدها آخرون أنها

) تربالوعى المغ(أو ) انجلز( كما كان يرى ) الوعى الخاطئ، أو النظر إليها من خالل مفهوم )لوكاتش( ،مثلما يراها

المادية التاريخية على أنها أداة سيطرة تحاول الطبقة المسيطرة أن تمد بوساطتها هيمنتها على المجتمع ، ثم جاء

ليقدم تفسيرا جديدا لها من خالل اعتبارها العالقة ) التوسير( ) مادية( ومؤكدا علىالوهمية بين األشخاص وشروط وجودهم

األيديولوجيا ووجودها فى الواقع بشكل الثقافة ، ففصلها عن الوعى، وكان هناك أيضا من أراد تحطيم األيديولوجيا واأليديولوجيا الزائفة إال أنه أقام حججا وبنى لها أجهزة فأفلح أو لم يفلح، غير أنه لم يعمل أكثر من إنتاج أيديولوجيا

الذى يعود ) نهاية األيديولوجيا( ر ولعل تيا. )٣(جديدة

من أيديولوجيا ( غانم المهنا . ذ، وأيضا د. س.مراد وهبة ، د.د) ٢(، تشرين ٩سنة ) ٥٣( الفكر العربى العدد ) الدولة ىالسلطة إل ما بعدها و٥٧ذ، ص . س. ، م١٩٨٨األول ،

.٣١ذ، ص . س. انم المهنا، مغ) ٣(

حتى ) كونت ( بجذوره إلى الفلسفة الوضعية ابتداء من ومن البرجماتية حتى الفلسفة اللغوية والتى تقوم ) بوبر (

على أن العلم الخالص خال من األيديولوجيا ، يمثل نموذجا .)٤(واضحا لذلك

( ى آراء فى حقيقة األمر ، إل) اينهاية األيديولوج( يستند تيار ) ٤(

سوسيولوجيا ( فى كتابه ) ١٩١٧ - ١٨٩٣) ( كارل ما نهايم حيث قسم األيديولوجيا إلى ) األيديولوجيا واليوتوبيا المعرفة و

، األولى )األيديولوجيا الجزئية، واأليديولوجيا الكلية( قسمين هما تشير إلى جزء من آراء الخصم وإلى مضمون هذا الجزء،والثانية

ظرة الكونية للخصم، كما أن األيديولوجيا الجزئية تقيم تشير إلى النتحليلها على أساس سيكولوجى، فى حين تقم الكلية تحليلها على أساس عقلى ، والواقع أن المفهوم الكلى لأليديولوجيا ، يثير مسألة الربط بين األيديولوجيا والوعى الزائف ، األمر الذى أدى إلى

الذى بدأ بالتبلور ) هاية األيديولوجيان(ظهور هذا التيار أى تيار كنظرية خاصة منذ انعقاد مؤتمر الحرية الثقافية فى ميالنو بإيطاليا

حيت اتفق المؤتمرون على ضرورة الكف عن . ١٩٥٥عام الصراع األيديولوجى بين اليمين واليسار، من أجل مكافحة األفكار

يمون ر( المعادية للمعسكر الغربى، ومن ثم جاءت طروحات ليؤكد ) أفيون المثقفين( عالم االجتماع الفرنسى فى كتابه ) ارون

بدأ علماء االجتماع األمريكيين ١٩٦٠ومنذ عام . على هذا االتجاه( من خالل نظرية ) نهاية األيديولوجيا ( من الترويج لنظرية

، للمزيد )المجتمع الصناعى الجديد أو مجتمع ما بعد البرجوازية

سية ، إن عملية تحليل األيديولوجيا إلى عناصرها األساالبد أن تقودنا إلى حقيقة مهمة تمتلك من الدقة الكثير، وهى أن األيديولوجيا خليط من الزائف والحقيقى، من الوهمى والعلمى ، ومن المحافظة والتغيير، من المعرفى والتشويهى ، ونسبة تفاعل هذه العناصر داخل المؤسسة األيديولوجية

فإن أفضل مدخل لذا. )١(تختلف من مرحلة تاريخية ألخرىلدراسة تأثير خصائص األيديولوجيا البنائية فى آراء األفراد

:ثم فى المجتمع ينبع من النظر إلى األيديولوجيا على أنها : األيديولوجيا السياسية كنظام - ١

أمام اعتبار األيديولوجيا مصدرا للوهم وعدم المعرفة ء األيديولوجيا وعقال للغموض ، فإن اعتبارها من خالل إعطا

الصفة العلمية ، ونظاما لألفكار، يخدم شيئا ما، وال يؤلف هدفا بحد ذاته كما هو الحال بالنسبة للنظام الفلسفى ، وبعبارة

- ١٣ذ، ص . س. مراد وهبة، مك. ية انظر ، دحول هذه النظر١٤.

) مالحظات نقدية دراسة الخطاب السياسى(عبد العليم محمد . د) ١( ـ ٢٥، باريس ، ص ١٩٨٥السنة األولى، تموز ) ٧(المنار العدد

٢٧.

أخرى أنها تتكون وبشكل أساسى من برنامج للعمل ومن تبرير لهذا البرنامج، وبذلك فإنها تمتلك صفة المنظم، والذى

م ، يتم تحقيق مصالح األفراد من خالله، أى التنظيوالجماعات، ولما كانت السلطة السياسية تعد خالقة لأليديولوجيا فإنها ومن خالل هذا التنظيم، تعمل على التأثير

( فى اآلخرين وإقناعهم بمثالية أهدافها وهذا يفسر لنا مقولة هى نظام : ( من أن األيديولوجية)٢()جان جاك شفاليه لألفكار وهى تمثيل فكرى أو عقلى قادر متماسك أو تنظيم

).على تقرير السلوك اإلنسانى فى اتجاه معين والنظام الفكرى هذا ، يرتبط بمجموعة من الوظائف أوال، تبرر غايته، وثانيا تقدم نماذج محددة تعبر عن بناء فكرى مجسد تتمكن من خالله من تحديد ردود األفعال تجاه

لذهنية على السواء أى أن عملية المواقف الواقعية، أو االنموذج تدفع إلى سلوك معين وتقرر طبيعة فهمنا لألمور وآراءنا ومواقفنا تجاهها، من خالل المقارنة والمقاربة بين

ويتجلى هذا التأثير من خالل العالقة . الوقائع والنموذج ذاته

.٧١ذ، ص . س. سويم العزى، م. د) ٢(

االرتباطية بين المنظومة الفكرية وطبيعة السلوك الناتج عنها، :)١(ى وظائف األيديولوجية اآلتية ف : تعميم الخاص- ١

تعد هذه الوظيفة من أهم وظائف األيديولوجيا ومضمونها يتلخص فى أن الطبقة الحاكمة، أو الفئة المهيمنة فى مؤسسة سياسية أو دينية أو اجتماعية ، تعمل على تقديم مصالحها

أو -جتمع الخاصة على أنها المصالح العامة لكل أفراد الم ويرتبط هذا –، أو الطائفة ) العليا للشعب ( ألنها المصالح

المسلك العقلى ارتباطا جوهريا بموقعها فى العالقات فبحكم هذا الموقع ال ترى من األشياء إال . االجتماعية القائمة

ظواهرها، ومن ثم فهى ترى مظاهر العالقات االجتماعية أى ية التى تتمثل فيها على أنها األشكال القانونية والفكر

جوهرها، فمثال قدمت أجهزة اإلعالم الغربى، أزمة ارتفاع أسعار النفط فى السبعينيات على أنها تعود لرفع الدول

واألقطار ) أوبك( المنتجة للنفط، وبشكل خاص منظمة

. س. مبد العليم محمد، ع. بخصوص وظائف األيديولوجيا، انظر د) ١(

توفيق فرج، قاموس . فيصل السالم، ود. ، د٥٧ – ٢٥ذ، ص .١٠٨ذ، ص . س. التحليل االجتماعى ، م

العربية المصدرة للنفط، أسعارها بشكل كبير بينما كان األمر محاولة وقف استغالل الدول الغربية فى حقيقته يعود إلى

للدول المنتجة، ووضع أسعار معقولة للنفط المنتج وتحجيم وهكذا غاب الجوهر فى إطار . االستغالل الغربى بهذا االتجاه

اإلدراك األيديولوجى للطبقات والقوى الحاكمة والمسيطرة ولكن علينا أن ننتبه إلى حقيقة مهمة فى هذا . فى هذه الدول

جاه، هى أنه فى كل مرحلة تاريخية تتحدد األشكال االتفالغزو االستعمارى لبلدان . واألنماط التى تصاحب هذا التقديم

العالم الثالث خالل القرنين التاسع عشر والعشرين ما كان بحثا عن األسواق والمواد األولية، وإنما هو إنجاز لمهمة

) الحضارة العربية (مقدسة وحضارية تتلخص بمهمة ، وهذا )البدائية ( تجاه الشعوب ) الرجل األبيض( ورسالة

التعميم ال يقتصر فقط على المصالح المادية واالجتماعية المباشرة ، وإنما يمتد كذلك لينسحب على جملة المفاهيم

. والتصورات والقيم التى تمثل جزءا من النظام األيديولوجى هم نحو األحداث وهذه بمجملها تحدد موقف األفراد واتجاهات

والوقائع المختلفة، فهى تقودهم إلى حيث تريد أن يتساءل أحد

عن مدى صدق وحقيقة طبيعة المدركات التى قادت إلى مثل .هذا الفهم والتفسير الجاهز لهذه الظواهر

ليست فى ) تعميم الخاص( وبعبارة أخرى أن وظيفة يز جوهرها إال عملية منهجة للنظام الفكرى، من حيث ترك

االهتمام على الجوانب التى تقدمها االفتراضات المقبولة كسبب كاف للفهم والتفسير من قبل الطبقة أو الفئة المسيطرة والخالقة لأليديولوجيا فى تحديد صيرورة الظواهر من خالل

لما يتالءم والصالح واألهداف الخاصة ) المبدأ االنتقائى ( .بها

: تقنيع الواقع - ٢

استبدال العالقة المادية أو الوجود المادى ويقصد بهالحى، بعالقة أخرى تصورية، أى أن الفرد فى إطار األيديولوجيا يعيش عالقته االجتماعية باآلخرين ليس كما هى قائمة فعال وإنما بشكل آخر أيديولوجى يشوه هذا الواقع ويجزؤه ويضفى عليه أقنعة معينة،تخفى الحقيقى من هذا

وبعبارة أخرى استبدال الواقع المعاش بالمتخيل الواقع، والوهمى، وهنا تتضح عالقة األيديولوجيا باألسطورة

السياسية وباليوتوبيا، حيث هناك األسطورة التى تمكننا ليس من تفسير الماضى أو التعريف بالحاضر وإنما بامتالك

وامتالكية عناصر المستقبل وفى المسافة بين الحاضر تفعل المنظومة األيديولوجية فعلها من خاللالمستقبل، :بعدين

أنها تقيم مسافة بين الفرد والواقع االجتماعى من : أولهماناحية ، وبينه وبين تصوره لذاته فى ذلك الواقع من ناحية

تعد تعبيرا عن طابع األيديولوجيا ) المسافة ( ثانية،وهذه ) منتجها( ، النقدى الممارس، وعن ارتباطها بواقع حاملها

وواقع الفئة التى ينتمى إليها، وهنا يتموضع تحيز الفرد ( ، لذلك فإن الفيلسوف األلمانى )األيديولوجى( والتزامه

قل لى ألى فلسفة : " عندما كان يقول ) يوهان غوتليب فختة، إنما كان يشير إلى هذا " تنتمى ، أقل لك أى إنسان أنت .)١(الطابع الممارسى للفهم والفلسفة

أنها فى الوقت نفسه تقيم مسافة بين تصور : وثانيهماالفرد لذاته فى واقع اجتماعى معين، ويوتوبيا الواقع الذى يريد ، حيث تعطى لهذا الفرد ليس القوة اإلضافية للتحكم فى

س.٣٠ذ، ص . س. نا، مغانم المه. د) ١(

العالم الخارجى، وإنما أمرا أكثر أهمية، وهو إعطاؤه الوهم فهمه فعال ، طالما أنه يمتلك بأنه يستطيع أن يفهم العالم وأنه ي

التى تتيح له أن يطل على مستقبله ، ) األيديولوجيا ( الوسيلة وأن يمتلك إمكانية التنبؤ بالمستقبل، بل والمشاركة فى بناء هذا المستقبل، والفعل الحركى لأليديولوجيا ليس إال عبارة

الخ ).. دولة الرايخ( عن حركته المتجهة نحو المستقبل، و اطير أيديولوجية عملت على تقنيع الواقع من خالل إشعار أس

حياته ) األيديولوجى( الفرد بقدسيتها وضرورة تكريس الفرد .فى سبيلها

: اإلدماج - ٣

بمقتضى هذه الوظيفة يتم تحديد دور كل فرد فى إطار العالقات االجتماعية القائمة حسب طبيعة موقعه فى المجتمع،

ملية تتشكل اتجاهات األفراد وسلوكهم ومن خالل هذه العوطريقة نظرهم للدور الذى يقومون به، وبمعنى آخر تتكفل هذه العملية بإدماج األفراد فى نسيج المجتمع القائم عبر منظومة من المفاهيم ، لتشكيل وعيه وشخصيته ونمط

استجابته إزاء الواقع بطريقة تضمن تكيفه فى إطار العالقات التصورات األيديولوجية بالممارسة ) إدماج ( القائمة ، و

على نحو ضاغط، وعلى : يتم تحقيقه على نحوين. العملية نحو إقناعى، وبعبارة أخرى أنه إذا كان تقرير السلوك اإلنسانى هو نتيجة للتأثير بمبادىء وأفكار أيديولوجية ، فهذا ن التأثير ال يعنى بالضرورة اقتناع الفرد بهذه المبادئ ، أل

هناك دائما ربطا بين فكرة التأثير وفكرتى الخوف من القهر والبحث عن التعويض، وهى التى تلعب دورا فى تبنى الفرد لفكرة ما، خصوصا إذا كان وراء هذه الفكرة سلطة أو طبقة أو فئة تملك كل أشكال القوة، ولكن مع ذلك فإن السلوك

يمكن أن يتخذ صفة اإلنسانى الناتج عن التأثير األيديولوجى .اإلقناع الفكرى

: األيديولوجيا كنظام للقيم - ٢

إن قدرة أية فكرة على خلق التأثير تتوقف إلى حد كبير على أهمية القيم التى تحملها، وعلى مدى قدرتها على االستجابة لمطالب ومصالح األفراد، وتختلف هذه القدرة من

ى تتبنى هذه مجتمع إلى آخر حسب طبيعة المجموعة الت

الفكرة وحسب الوقت الذى يقع فيه هذا التبنى، وتتجلى قدرة الفكرة هذه، ، فى طبيعة الفعل الحركى للفرد المؤمن بها، والذى يصل أحيانا إلى حد الفناء الجسدى من أجلها، وبغض النظر عن تفسير سايكولوجية هذا االرتباط بين اإلطار

لنموذج الفكرى الفكرى والفعل الحركى، حيث يمنح االمقترح، للفرد قدرا من االستقرار العاطفى، ويحقق له التوازن النفسى ويعطى فى الوقت نفسه، معنى للفعل الحركى الذى يقوم به، ولكن هناك عالقة الفكر والفعل الحركى، يمكن وصفها بأنها قائمة على عدم المساواة وبمعنى آخر ،

العمل االجتماعى للفرد عالقة قائمة على سيطرة الفكر على( وتظهر هذه السيطرة من خالل محاولة الفكرة قولبة الفرد

ألن عملية القولبة هذه تخدم استراتيجية ) بنموذجها القيمىهذه بالنسبة ) القولبة(الفكرة وتحقق مصالحها، وتعنى عملية

اندماج الفرد بالحقيقة التى يجب ) منتجها( لخالق الفكرة أو .)١(ضال من أجلهاالكفاح والن

.٩٠ذ، ص . س. م/ م العزى سوي. د) ١(

هذا ) النموذج القيمى( ولكن ما يجب مالحظته هنا أن يتصف بمجموعة من الخصائص تنعكس سلبا وإيجابا على

:)٢(الفرد ومواقفه وآرائه وطبيعة اتجاهاته وهىأن لكل جماعة سياسية وفى كل فترة زمنية تصورا ) أ (

وض، لما هو عاما لنظام كامل للقيم، لما هو متقبل أو مرفقابل للدفاع عنه أو غير قابل لذلك، والنظام القيمى هذا يعد

محكا ومحورا للتكامل االجتماعى للجماعة، لذا فإن عدم وجوده يعنى حقيقة واحدة وهى أن النظام السياسى فى طريقه

وهنا علينا أن نتذكر أن بعض القيم السياسية . للتفكيك السريع .بة اإلرادة الجماعيةلها فاعلية تعبر عن صال

١٠ذ، ص . س. انظر حول ذلك ، حامد ربيع ، القيم السياسية، م) ٢(

لمبادىء األساسية فى نظرة مصطفى هاشم زينى، اوما بعدها، والقيم السياسية فى النواحى المنهاجية لألستاذ حامد عبد اهللا ربيع ، معهد البحوث والدراسات العربة ، مطبوع بالرونيو ، بغداد ،

.١٤ – ٥، ص ١٩٨٦

إن القيم السياسية بوصفها أطرا مثالية تسيطر على ) ب(فى نطاق البناء السياسى، أو الظاهرة . الحركة الجماعية

السياسية ، وبعبارة أخرى كونها روح الجسد السياسى، تعنى من حيث العالقة بالظاهرة السياسية ، تحكمها بالعالقات بين

جانب آخر، أفراد الجماعة السياسية من جانب والسلطة من وتحديدها لطبيعة عالقة الحاكم بالمحكوم فى النظام السياسى، ولكن ما يجب مالحظته والذى ينعكس فى تأثيراته على ظاهرة الرأى العام، أن القيم ذاتها بقدر ما تمثل فى طبيعتها

) نظرية القيم ( الحقائق التجريدية المطلقة، فإنها فى إطار وجهات النظر أوال، واألخذ تفترض المناقشات والخالف فى

بنظر االعتبار تأثيرات العنصر العاطفى فى عملية تحليل القيم ذاتها ثانيا، فهى تتضمن مصادر تتعلق بالوجدان

.الجماعى، سواء أكانت تلك المصادر دينية أو حضارية وهكذا يتضح أن عملية التفاعل والتأثير الذى تتركه

الرأى أو تحديده تجاه موقف األيديولوجية، فى عملية تكوينمعين ، تنبع فى حقيقة األمر من كون األيديولوجية كما

أى بمعنى أن " مجرد نظام للتمثيل: " )١() التوسير( يصفها

.٣١ذ، ص . س. م. غانم المهنا. نقال عن د) ١(

األيديولوجية تعبر عن قيم ومعايير ومعتقدات نظام داخل :ديولوجية فى هذه الحالة يتحدد بـإطار مجتمع ما، فدور األي

.اتخاذ موقف تجاه فكرة ماتقرير ) أ ( الدفاع عن الفكرة وذلك عن طريق العمل على ) ب(

ترسيخها فى نفسية الفرد، من خالل قولبته فى إطارها ومن .دون أخذ تغيرات الظروف داخليا وخارجيا بنظر االعتبار

ويتم التعبير عن دور األيديولوجيا داخل النظام السياسى لدولة ، والتى تعنى بمعناها من خالل الوظيفة االتصالية ل

الواسع إحدى وظائف الدولة المعاصرة، عملية خلق العالقة المعنوية والفكرية الثابتة بين الفرد والدولة، حيث تنبع من

ترتيب نظام : هذه العالقة أكثر من وظيفة ، يأتى فى مقدمتهاالقيم الجماعية ، وتدعيم مفهوم التماسك السياسى، من خالل

األيديولوجية العقائدية والتى تعنى عملية السعى نحو الوظيفة خلق المجتمع المثالى وفقا ألنماط معينة لغرض إنمائه

.لمواجهة التطور السياسى العام

:(Religion)الدين الدين ظاهرة إنسانية ، عرفتها جميع المجتمعات قديمها وحديثها، ومن المعترف به اآلن كحقيقة، أن كل المجتمعات

بطريقة أو بأخرى، ) دينية ( لمعروفة لدينا تتميز بكونها اوهذا االعتراف يتضمن االتفاق على ما يشكل السلوك الدينى

- وهو ما يهمنا هنا من حيث عالقته بظاهرة الرأى العام -ولكن الحقيقة هذه تشير أيضا إلى أن هناك اختالفا حول

لت مستمرة حول تحديد معنى الدين ، فالمناقشات التى مازاب، وعن العلم نتعريف الدين وكيفية تميزه عن السحر من جا

والفلسفة وسائر أشكال الحماس االجتماعى والسياسى من جانب آخر، كما أن تنوع األديان أدى إلى أن مشكلة التعريف الذى قد يستنبط من دين معين ال ينطبق بالضرورة على

(sms)ل الهندسية وكذلك اختالط األشكا . )١(أديان أخرىالخ ، فى العديد من عناصرها مشابهة .. كالفاشية والشيوعية

للدين من حيث وجود نسق اعتقادى وشعائر معينة ووالء من

محمد أحمد . دم الدين وتعريفه، انظربخصوص إشكالية مفهو) ١(

دار المعرفة الجامعية ، القاهرة ٢بيومى، علم االجتماع الدينى ، ط .١٨٣ وما بعدها ، ص ١٧، ص ١٩٨٥،

األعضاء، وحماس تبشيرى، قد قاد إلى صعوبة التمييز بين لذا فإن كان . ما هو دينى وغير دينى فى السلوك اإلنسانى

اد فإن هذا االعتقاد لم يعد الدين يعرف من خالل االعتقمؤشرا كافيا لذلك، بعد ما استبعدت االعتقادات فى عالمنا المعاصر، كقوى سببية فى تفسير الفعل اإلنسانى، وأضحى الدين يعرف من خالل أنظمته والسلوك القابل للقياس، وهذا يعنى بدوره أن دراسة تأثير الدين فى عملية تكوين الرأى

تنبع من الدراسة العلمية للدين، وبعيدا عن العام ال يجب أناالهتمام الفلسفى بالعناصر الفكرية فى االعتقاد، فمعالجة الدين على أنه نسق فلسفى ، هو الوجه المناقض لالهتمام الحديث بأثر الدين فى السلوك سواء على المستوى الفردى أو ه، الجماعى، فاالهتمام اآلن ليس بالفكر الدينى فى حد ذات

ولكن بالطرق التى من خاللها تستطيع األفكار الدينية توجيه سلوك األفراد نحو غايات معينة، سواء أكانت عملية أم

.)٢(روحية ؟ قد ..وما الذى يعنيه كتعريف.. فما هو الدين كمفهوم

تبدو اإلجابة واضحة بخصوص أكثر الجوانب أهمية فى

.٢٦ – ٢٥ذ، ص . س. م) ٢(

يكمن خطر حياتنا، ولكن فى النظرة التبسيطية هذه ،المحاولة ذاتها، وهذا ما جعل إشكالية المفهوم والتعريف تتوزع باتجاهات شتى ارتبطت بالبناء الثقافى والحضارى

، فإن )١(واأليديولوجى، وبعيدا عن الدخول فى متاهات ذلك التعريف اللغوى للدين يبدو أقربها مثاال للتحديد، فلفظة

(religion) اللفظة الالتينية اإلنكليزية مستمدة من(Religare) إال أن هناك اختالفا حول معنى اللفظة ، سواء بوصفها تعنى االعتبار ، أو إيجاد ما قد فقد مرة أخرى أو باشتقاقها من

(Religare) لتعنى ليربط أو ليصل (to. Tie) أى أن الدين أما فى اللغة العربية . )٢(يعنى اتصال اإلنسان بقوى عليا

ى يشوبه الغموض والخلط، حيث تعنى لفظةفإن المعنالملك ، الخدمة، اإلحسان، العادة، القهر، السلطان ، ): الدين (

الخ ولكن على الرغم .. الطاعة، المعصية، اإلسالم، التوحيد

ن مازالت إشكالية مفهوم الدين وتعريفه موضع جدل ونقاش كبير بي) ١(

ق العلماء والباحثين ورجال الدين، حيث ظل التعريف المحدد والمتفرشدى . انظر حول ذلك فى سبيل المثال، د. عليه بعيدا عن المنال

قحطان عبد الرحمن الدورى، أصول الدين اإلسالمى، . عليان، ود .٢٨ - ١٩، ص ١٩٨٦ مطبعة اإلرشاد، بغداد ٢ط

.١٧٣ذ، ص . س. انظر حول ذلك محمد أحمد بيومى م) ٢(

من هذا االختالف إال أن هناك صلة تامة فى جوهر المعنى زمةتكاد تكون متال) دين ( حيث إن المعانى المختلفة للفظة

) دين(وجملة القول فى هذه المعانى المختلفة للفظة . . )٣(تشير إلى عالقة بين طرفين يعظم أحدهما ( فى اللغة العربية

اآلخر ويخضع له، فإذا وصف بها الطرف األول كانت خضوعا وانقيادا ، وإذا وصف بها الطرف الثانى كانت أمرا

بها الرباط الجامع بين وسلطانا، وحكما والتزاما وإذا نظر الطرفين كانت هى الدستور المنظم لتلك العالقة والمظهر

.)٤ ().الذى يعبر عنهاأما تعريف الدين كظاهرة اجتماعية ، فإنه يعنى مجموعة من المعتقدات تؤمن بها جماعة ما، وتكون نظاما متصال وتتعلق فى الغالب بعالم ما بعد الطبيعة، وممارسة شعائر

ان، دراسة رشدى عليان، وسعدون الساموك، األدي. انظر د) ٣(

لية ، جامعة بغداد ،ك١ج ) مةيـالديانات القد( تاريخية مقارنة .٢١ - ١٩، ص ١٩٧٦اآلداب

.٢١ذ، ص . س. م) ٤(

قوس مقدسة، واالعتقاد فى قوة روحية عليا وقد تكون هذه وط .)٥(القوة متكثرة أو أحادية

وبعبارة أخرى إنه يعنى مجموعة من العقائد والممارسات والمالحظة . التى يحاول الناس من خاللها التكيف مع بيئتهم

الجديرة باالنتباه هنا، أن معظم األديان تضم وظائف عامة رة للظواهر الحياتية ، أو مدعمة للمعايير أما أن تكون مفس

االجتماعية ، أو تنبؤية ، والوظيفة هذه والتى يطلق عليها (Functionalism) كمفهوم ، تعنى أن األجزاء الدينية للبناء

االجتماعى يمكن أن تفهم، على أنها جهود للقيام بوظائف وبناء على هذه النظرة ، فإن . معينة بالنسبة للمجتمع

لمجتمعات ليست مغلقة على أنفسها أو غير قابلة للتغيير، اوإنما هناك ديناميكية التغيير المستمر فى بنية المجتمع والذى يرتبط بطبيعة النظام نفسه، ومن هذا المنطلق فإن المفهوم الوظيفى عند تطبيقه على الدين ، يعنى أن كل مجتمع له دين

وبمعى (Ant- religious)، حتى ولو عد مجتمعا ال دينيا آخر أن فى كل مجتمع نوعا من أنماط االعتقاد والفعل

أحمد زكى بدوى ، معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ، مكتبة . د) ٥(

.٢٥٣، ص ١٩٧٨لبنان، بيروت ،

الدينى، والتى بوساطتها يستطيع المجتمع والفرد القيام وال يمكن تصور وجود مجتمع ما من . بوظائف حيوية معينة

دون نسق تكاملى للقيم ، وذلك ألن طبيعة المجتمع اإلنسانى .تقتضى وجود مثل هذا النسق

ن يتضح لنا، أن تأثير الدين بخصوص ظاهرة الرأى إذالعام ينطلق من مفهوم سياسى وهو أن الدين باعتباره أحد أنظمة المجتمع، جزء من نسق يتأثر ويؤثر فى العمليات االقتصادية والسياسية فى المجتمع ، وفى أنماط األسرة والتكنولوجيا وفى طبيعة المجتمعات المحلية ، وتتحدد طبيعة

فلو ) عالقة تفاعلية ( ذه العالقة بشكل دقيق من حيث كونها هتغير أحد أجزاء النظام فإن كل األجزاء قد تتأثر بطريقة وأخرى، أى أن الدين كظاهرة ينظر إليه على أنه فى تفاعل مع األنظمة والقوى االجتماعية فى المجتمع، ولعل عالقة

لسياسى، من التفاعل هذه وبشكل خاص بين الدين والوالء اأكثر الظواهر شيوعا فى حياتنا العامة، حيث غالبا ما يتداخل الوالء السياسى مع المنظور الدينى، وإلى حد تأثر المنظور السياسى بالدين ، إن لم نقل أنه يعبر عن وحدة قيمية ، دعت

على ) نظام القيم ( العديد من الباحثين إلى إطالق تسمية

المتسم بوحدة النظام القيمى ، -م النظام السياسى المتحك كما هو -حيث تغدو وظيفة الحاكم هى تطبيق القيم الدينية

. اإلسالمى-الحال فى أنموذج الحكم العربى فضال عن ذلك فإن تأثير القيم الدينية فى الفرد ، يتجلى من خالل لعب هذه القيم الدور األساسى فى تعزيز االتفاق

اللتزامات االجتماعية ، وذلك عن حول طبيعة ومحتوى اطريق تزويد المجتمع بالقيم التى تشكل اتجاهات أعضاء المجتمع، نحو مختلف القضايا والوقائع التى توجههم وتحدد

إذن فالدين ينظر إليه على أنه . لهم محتوى هذه االلتزاماتعامل مهم فى خلق أنساق من القيم االجتماعية، والتى لها

والتماسك، المطلقة، ويضع فى نسق متكامل صفة التكامل .القيم السلبية، وكأن ليس لها معنى أو أهمية

واتجاهات األفراد نحو القيم ، فى حقيقة األمر ، هى اتجاهاتهم نحو موضوعات قد تندرج من أشياء مادية بحتة إلى أشياء مجردة، والموقف السياسى، والتعبير عنه كرأى

القيم ويعبر عنها، وإلى حد جعلها فردى ينطلق من خالل هذهمرتكزا لمواقف أيديولوجية، كما هو الحال فى سبيل المثال

فى موقف الغرب من العالم العربى اإلسالمى، طيلة قرون .)١(عديدة من الصراع المستديم

إن رؤية واضحة لصراع الشرق المسلم مع أوربا أكثر وضوحا، المسيحية وطيلة قرون عديدة، يقدم لنا أنموذجا

بل والصورة التى -فى تأثير الدين فى اآلراء والسلوك هذا الكون المناوئ الذى ( عن ) أوربا المسيحية (كونتها

حيث كان اإلسالم - العالم العربى اإلسالمى -يصطدم به ويمكن اختصار ) يبدو موضوعا للدهشة أو فضيحة لألوربيين

عالم اإلسالم هو قبل كل تمييز ثالثة وجوه لهذا اإلدراك ، أيديولوجية معادية ، لكنه أيضا حضارة -شىء بنية سياسية

مختلفة ومنطقة اقتصادية غريبة ، هذه الوجوه المتنوعة تثير مواقف فضول ورد فعل من أنواع مختلفة عند األفراد أنفسهم

حكم القيم ياسى واالجتماعى،وتبخصوص عالقة الدين بالنظام الس) ١(

الدينية فى توجهات الفرد والمجتمع، وارتباط تأثير ذلك بظاهرة جورج قرم، تعدد األديان وأنظمة الحكم، دار . الرأى العام، انظر د

محمد أحمد بيومى .، ود٧٢ - ٤١، ص ١٩٧٩النهار، بيروت ، وأيضا شاهيناز طلعت، الرأى العام، ٢٣٦ - ٦٣ذ، ص . س.م، والمؤلف القيم للدكتور حامد ربيع، ٢٦٧ - ٢٦٢ذ، ص . س. م

نظرية القيم ، جامعة القاهرة ، كلية االقتصاد والعلوم السياسية ، .٥٩ - ١٠، ص ١٩٧٧ - ٧٦القاهرة ،

وكم من المدهش أن نلحظ كم كان موقف .. فى أحيان كثيرة -تجاه العالم اإلسالمى كبنية سياسية العالم المسيحى

أيديولوجية يشبه موقف العالم الرأسمالى الغربى اليوم إزاء العالم الشيوعى، وبنيانيا، التشابهات جلية، فى الحالتين ،

منقسمة ومتخاصمة ( تتجابه منظومتان ، تجمع كل منها دوال )مكسيم ردونسون ( كما يقول ) لكن توحدها األيديولوجيا

فى دراسة الصراع األيديولوجى الدينى بين الشرق )١(العربى اإلسالمى والغرب، وتأثير هذا الصراع فى اتجاهات الرأى العام الغربى تجاه العرب بشكل خاص، ومن ثم موقفه السلبى من الكثير من قضاياهم، وأن يصبح العرب واإلسالم

رة رمزا للرعب والدمار الشيطانى، وأمواج من البراب" .)٢("المعتوهين

هذه النظرة نجدها فى أغلب الدراسات اإلعالمية التى بحثت صورة الفرد العربى ، والحضارة العربية ، بالنسبة

جاذبية اإلسالم ، ترجمة إلياس مرقص، دار التنوير للطباعة ) ١(

.١٩ - ١٧ ، ص ١٩٨٢والنشر، بيروت ، الغرب، إدوارد سعيد، االستشراق، حول صورة العربى فى انظر) ٢(

ب، مؤسسة ترجمة كمال أبو دي) المعرفة ، السلطة، اإلنشاء( .٨٩٧ ، ص ١٩٨١األبحاث العربية ، بيروت ،

للغرب، حيث كان المتغير الدينى، وطبيعة الصراع عبر ، والتى ) الصورة القومية ( القرون الماضية، قد شكل هذه

رد الغربى، حيث البعد مازالت تضغط على آراء ومواقف الف .)٣(التاريخى مازال ماثال فى ذلك

إن من أكثر التساؤالت التى تطرح نفسها بخصوص عالقة ظاهرة الرأى العام وتأثرها بالقيم الدينية ، أن هذه القيم باعتبارها تتمثل فى معتقدات الفرد الدينية ، قد أصبحت من

العام، وهذا الميدان الحقائق الثابتة غير القابلة إلبداء الرأى المستقر، هو ليس ميدان الرأى العام، ألن ميدانه هو ما يثار حوله النقاش والجدل، ولكن إن ما يالحظ فى العصر الحديث وبفعل متغيرات عديدة، أصبحت هذه القيم والمعتقدات فى دائرة النسبية، بحيث عادت تقبل النقاش واتسعت دائرة الرأى

والنقاش حولها، بالرغم من اعتبارها العام، وأمور الجدل حتى وقت قريب من المحرمات، وفى الحقيقة أن ذلك يرتبط

ر فى سبيل المثال نادية سالم ، صورة العرب واإلسرائيليين فى انظ) ٣(

الواليات المتحدة األمريكية ، معهد البحوث والدراسات العربية ، . وما بعدها١٧٥، ص ١٩٧٨هرة ، القا

أساسا بديناميكية األديان ذاتها، وضرورة مواجهة متطلبات .العصر، وهو ما يعكـس آثاره فى الرأى العام بشكل وآخر

:(Leadership)القيادة ى والسياسى منذ أن عرفت البشرية فكرة التنظيم االجتماع

بمستوياته المتعددة، وانتهاء بالدولة برزت ظاهرة القيادة من خالل ارتباط عملية التطور والنمو فى ميادين الحياة االجتماعية والسياسية، بأسلوب القادة من جانب، ومدى فهم سايكولوجية الجماعات االجتماعية والتأثير فيها، وإيجاد

راد الجماعة من جانب آخر التعاون الكامل والتفاعل بين أفوبعيدا عن البحث التاريخى فى تأصيل ظاهرة القيادة، فإن بحث الظاهرة فى مستواها السياسى وارتباط تأثيرها بالرأى

يرتبط بعقبات - وهو ما يهمنا اآلن فى هذا البحث -عديدة، تنطلق أوال من كون الظاهرة القيادية ظاهرة معقدة

عملية التحليل العلمى بأساليبه المعتادة، ومركبة، تكاد ترفض سواء من حيث اتصافها بالغموض، أو عدم القدرة على

اتسام الظاهرة بتعدد األبعاد وتنوع التطبيقات، : التوقع، وثانياوتباين المصادر الفكرية ، وثالثا وأخيرا إثارتها فى عملية الدراسة لمشاكل ال حصر لها ، ممثلة بوجود دراسة

ئص القيادة ووظائفها، والسلوك القيادى وما يرتبط به خصامن نماذج ، ثم العالقة بين القائد ومختلف عناصر المجتمع

. )١(الذى يخضع للعمل القيادىلذا فإن تحليل الظاهرة القيادية ، وعالقتها بالرأى العام

الذى يقودنا إلى مفهوم ) المسلك االجتماعى( إذا ما استثنينا بالظاهرة القيادية على مستوى التعامل اليوم، معين يتصل

هو الذى يقودنا إلى تحديد أبعاد ) المسلك السياسى( فإن الظاهرة القيادية بالنسبة لظاهرة الرأى العام ، ومن خالل البحث فى المتغيرات الكامنة وراء اختيار شخص معين

واالنسياق - من قبل الجماعة -ووضع الثقة الكاملة فيه فه فى كل الظروف واألحوال، والبحث فى الوقت ذاته عن خل

فى اإلمساك بزمام ) القائد ( المتغيرات التى أدت إلى نجاح وقد يبدو ذلك عملية .القيادة وتوجيهها والتحكم فى مصيرها

انظر بخصوص الصعوبات المنهجية فى دراسة ظاهرة القيادة، ) ١(

– ٣١٩ذ، ص . س.كية ، محامد ربيع، مقدمة فى العلوم السلووأيضا عبد التواب هديب، محمود زكى، القيادة، دار الفكر . ٣٢٣

نظام . ود. وما بعدها١٧٠العربى، بال تاريخ، القاهرة ، ص ات، مراكز القوى وأنموذج صنع القرار السياسى، دار الجيل برك

. وما بعدها١٢، ص ١٩٨٣للنشر، عمان ،

بحث عن ظاهرتين منفردتين، ولكن لو دققنا فى الجانب بوضوح أننا االتصالى الذى تتضمنه الظاهرة القيادية ، لرأينا

بصدد الحديث عن ظاهرة واحدة تستوجب أصال وجود ممثال بالقائد و ) الفرد ( طرفين فى العملية االتصالية ، هما

ممثلة بمستويات الظاهرة الجماهيرية، والنموذج ) الجماعة( االتصالى بما يتضمنه من مرسل ومستقبل ورجع للصدى

دائرة النموذج وتعديل للرسالة االتصالية تبعا لذلك فىوقبل أن نعرض فى . االتصالى المعروف فى أبسط مستوياته

بحث البد لنا من التوقف قليال عند تأصيل الظاهرة القيادية الوظيفة االتصالية ( ومفهومها ووظائفها، كى نبحث فى

كأهم متغير يوضح لنا تأثير القيادة فى الرأى العام ) للقيادة .والعكس صحيح أيضا

ونعنى هنا القيادة والقائد - (leadership)ادة والقيالمعترف به من جماعته وليس مفهوم الرئاسة والرئيس

(Headship) والمعترف به رسميا فى نظام سياسى معين - ال بوصفها ساسية ) القيادة السياسية ( وبشكل أكثر دقة

مجردة بل بوصفها المحصلة التاريخية لتداخل وتكاتف لنوعية فى المجتمع سواء أكانت قيادات علمية أو القيادات ا

( الخ حيث تتصف هذه القيادة .. فنية أو روحية أو عسكريةبأدائها للدور السياسى بالدرجة األولى ) القيادة السياسية

وبالرغم من (status politique)وبكونها ذات مقام سياسى كرى، ارتباطها بالسياسة فإنها قد تكون ذات مصدر روحى، ف

الخ ولكنها من حيث العلم وفن .. أدبى، مدنى، عسكرى وتكفى العودة . )١(الممارسة ، تنبع من فن وعلم سياسيين

إلى تأريخانية المفهوم لتوضيح ذلك، والذى يتمثل بمفهوم البطولة السياسية فى التقاليد الرومانية والجرمانية، والمفهوم

لقدر ، ثم ما جاءت الهيجلى للبطل السياسى، وجعله إرادة لبه المدرسة االجتماعية بعد ذلك بتحليالتها الجماهيرية

وانتهاء ) كارل ماركس( وتصوراتها التجريبية ، ابتداء من برواد المدرسة السلوكية، من حيث تصور القائد على أنه أداة من أدوات اإلحالل النفسى للثقة والتماسك فى الجسد

حول تأصيل مفهوم القيادة والتطور التاريخى لمفهوم القيادة، انظر ) ١(

بحث ( خليل أحمد خليل، العرب والقيادة، . بشكل خاص، دللطباعة ، دار الحداثة )معنى السلطة ودور القائد اجتماعى فى

، وبالنسبة للمفهوم اللغوى ٤٢ – ٧، ص ١٩٨١ بيروت، ،والنشر انظر جميل كاظم المناف، القيادة واألزمة الحضارية، والفلسفى ،

، ص ١٩٨٠ دار الرشيد للنشر، بغداد ، -وزارة الثقافة واإلعالم ٤٦ - ٤٠.

( ين األخيرين يبرز مفهوم السياسى، ومن بين هذين التطوركممثل للمدرسة االنكلوسكسونية بخصوص ) توماس كارليل

البطل التأريخى، وهذه التطورات فى المفهوم قادت فى النهاية إلى مفهوم القائد الكاريزمى، كما عبر عنه عالم

بعد ذلك كنموذج للقائد ) ماكس فيبر( االجتماع األلمانى ر ، وكظاهرة سياسية متميزة السياسى فى عالمنا المعاص

وجدت تطبيقاتها فى العديد من القيادات السياسية من القرن .العشرين

وبما أن القيادة السياسية ليست فى جوهرها إال تطبيقا من تطبيقات الظاهرة القيادية بمستوياتها ونماذجها المتعددة، لذا فإن ما يقال بخصوص ظاهرة القيادة بصفة عامة ينطبق

ا على القيادة السياسية أيضا، وهذا ما يتجلى بوضوح أيضعند بحثنا لطبيعة الظاهرة القيادية، من حيث هى عالقة

:)١(ووظيفة وقيمة والتى نتناولها بإيجاز

المبادئ ( انظر بخصوص هذا التحديد ، مصطفى هاشم زينى، ) ١(م السياسية فى النواحى المنهاجية لألستاذ يسية فى نظرية القاألسا

مطبوع بالرونيو، معهد البحوث والدراسات ) حامد عبد اهللا ربيع حامد ربيع ، . ، وأيضا د١٣ - ٢، ص ١٩٨٦العربية ، بغداد،

نظرية التحليل السياسى، مطبوع بالرونيو، معهد البحوث

:القيادة السياسية كعالقة ) أ (

إن القيادة فى جوهرها هى عالقة ، فالقائد البد له من ة أن يتم التحكم بطبيعة اتباع ، والبد من خالل هذه العالق

الروابط التى تصل بين من هو قائد ومن هو تابع ، وتقوم ركيزة هذه العالقة على عملية التفاعل بين القائد والجماعة فى سلسلة من العالقات االرتباطية التى أساسها التأثير والتأثر، وبشكل خاص عندما يرتبط بهذا األساس نوع من

بيرات عنيفة لدى الجماعة ، ولكن التأزم الذى يقود إلى تعيجب االنتباه إلى أن عملية التفاعل االجتماعى والتى هى جوهر الحقيقة االجتماعية ، ظاهرة متسعة األبعاد متعددة النواحى، فهى ظاهرة نفسية وسلوكية ونظامية فى آن واحد، وإذا تجاوزنا الجانبين النفسى والسلوكى، الذى يبحث فى

سلوك الفردى والجماعى فى جوانبها المتعددة، العالقة بين الفإن الناحية النظامية أكثرها أهمية ، حيث تغدو الظاهرة

وللمؤلف . وما بعدها٨ص ، ١٩٨٧والدراسات العربية ، بغداد ،

جامعة -نفسه، نظرية التطور السياسى، مذكرات ، كلية االقتصاد . وما بعدها ٢٠، ص ١٩٧٢القاهرة ، مطبوع بالرونيو ،

القيادية أحد مظاهر التعبير الواضحة عن الناحية النظامية وأكثر األمثلة قربا ووضوحا )٢(لظاهرة التفاعل االجتماعى

امية، فى التعبير عن ذلك أى عن الظاهرة القيادية كظاهرة نظ) الكاريزمى( نجدها فى العالقة التى تربط بين القائد

عن التغيير النظامى فى ) الكاريزما( والجماعة، حيث يعبر إذ تتصف بكونها الوسيلة األكثر شيوعا لقلب . أوسع مفاهيمه

وإزالة النظام التقليدى أو القانونى، وبالتأكيد يرتبط هذا االقتصادية ( ب التغيير بالمتغيرات الخارجة من جان

داخل الفئة أو الجماعة ( وبالتحول الذاتى، ) والسياسية ( ومن خالل قدرة ). الدينية أو الفكرية من جانب آخر

على السيطرة والهيمنة ، وبغض النظر إن كان ) الكاريزماذلك يتم حدسيا أم عقالنيا معرفيا، وكذلك فإن القيادة السياسية

أن القيادة السياسية ما هى إال أداة تنبع من مفهوم محدد، وهو للتفاعل بمعنى التأثير والتأثر والذى يفترض ويستند فى جانبه اإليجابى إلى عامل التضامن والوالء واالستعداد للقضية أو التستر خلف عامل الكراهية والخوف إن لم يكن التصدى

ذ، ص .س.حامد ربيع ، مقدمة فى العلوم السلوكية، م. د: انظر ) ٢(

. وما بعدها٣٢٢

حيث تحدد مستويات التفاعل . والعدوان فى جانبه السلبى :)١( للقيادة السياسية بـ بالنسبة تحقيق التكامل القومى من خالل التفاعل بين - ١

مختلف عناصر المجتمع وما يسمح بتخطى العديد من .الصراعات يأتى فى مقدمتها الصراع الطبقى

التفاعل بين األهداف القومية والتصورات - ٢د، األيديولوجية، فاأليديولوجية مثاليات سياسية تتسم بالتجري

واألهداف القومية تعبير عن المصالح االستراتيجية اإلقليمية والمحلية ، وعملية التطويع والتوفيق ال يستطيع أن يؤديها إال القائد من خالل تعامله السلوكى األول فى احتواء اإلرادات

process of)وفقا لما يريده القائد ،والثانية أى عملية التوفيق

adjustment) الدفاع ، التهرب، ( األربعة بصورهماوالتى تعنى تحقق الفرد من خالل هذه ) اإلضافة، االعتدال

الصور حالة التفاعل واالندماج الكامل، أو الجزئى بين سلوكه الفردى واإلطار االجتماعى للسلوك، حيث يستوجب أن يصبح السلوك الفردى أحد مالمح انتماء إلى الجماعة

١٧٩ذ، ص .س. ، مالعلوم السلوكيةانظر حامد ربيع، مقدمة فى ا) ١(

.وما بعدها

على السلوك الفردى أن يتأقلم واإلطار العام الذى يتعين .ويتشكل به

التفاعل بين األهداف القومية والحركة السياسية ، – ٣فاألهداف القومية متعددة متباينة بل وفى بعض األحيان متناقضة، وعملية ترتيب هذه األهداف وخلق التتابع الحركى بالتقديم والتأخير دون أن يعنى ذلك التضحية بأى منها تبعا

قدرات واإلمكانيات، هى جوهر القيادة السياسية وهى لل .بدورها أحد مستويات التفاعل للحركة السياسية

التفاعل بين المجتمع والموقف ، فكل مجتمع له - ٤تقاليده وأفضلياته، وكل موقف له خصائصه ومتغيراته، وعملية تطويع الجماعة لتصبح أكثر صالحية للتعامل مع

أن يؤديها سوى القائد من خالل تلك الموقف ال يستطيعالحساسية التى تسمح له أن يخلق المرونة فى المجتمع وأن يخلق أو أن يعيد تشكيل الموقف، بحيث يسير التقابل بين الجماعة والموقف من دون صراع أو صدام، يخلق النزق

.والتحلل فى بنية الجسد السياسىلقرار الذى وأخيرا يأتى مستوى التفاعل بين ا- ٥

يفرضه الموقف والحركة التى تعنى التعامل مع الموقف، فإن

الحركة مجموعة قرارات وكل قرار يجب أن يأتى متجانسا مع خصائص الموقف، ونبوغ القائد يبرز عندما يستطيع أن يخلق التفاعل ليس فقط بين القرار والموقف حسب، ولكن

الموقف امتدادا بين القرار والموقف والمجتمع، بحيث يصير لخصائص الجماعة وتصير الجماعة إرادة متكتلة فى اتجاه

.القرار : )١(القيادة والقيم السياسية) ب(

إن القيم فى جوهرها هى حقائق مجردة نمت صناعة صياغتها عبر التاريخ لتكمل تشكيل الوجود اإلنسانى ولتدلل

ان فى على إنسانية اإلنسان، فهى دوافع لتعجيل حركة اإلنسسعيه نحو تحقق مثالية وجوده وتجاوز واقعه، ولهذا فالقيم

حقيقة مجردة : تعبر بشكل عام عن خصائص فكرية هى أوالهى مرغوبة لذاتها أى أنها : قيمتها بذاتها ولذاتها ، وثانيا

تحمل مقاييسها الخاصة ، فهى ال تخضع : مثالية ، وثالثا

أحمد زكى بدوى، معجم مصطلحات . بخصوص القيادة انظر ، د) ١(

حامد ربيع، . ود. ٤٣٩ - ٤٣٨ذ، ص .س.العلوم االجتماعية محامد ربيع ، مقدمة فى . ود. وما بعدها٢٧٧نظرية القيم، ص . وما بعدها٣٢٤ذ، ص . س. العلوم السلوكية ، م

ال : كمى، ورابعاللقياس وليست فى حاجة إلى القياس التخضع لمبدأ اإلشباع فهى غير قابلة لإلشباع مطلقا، وترتبط القيم بالفعل الحركى من حيث كونها ثوابت شاخصة توجه الحركة وتقوم مساراتها وتحثها وتزودها بالزخم الالزم

رغم أنها تحمل طابعا ) والقيم السياسية( لتحقيق أهدافها، فى نطاق األخالقيات . م األخالقية أخالقيا إال أنها ليست القي

بكونها تسود بين الجماعة السياسية وتعمل على تقييد حركة الجماعة أو تقويم مساراتها، ولها وظيفة مهمة فى الجماعة السياسية ، وهى أنها أساس ظاهرة السلطة وسبيل تحديد

.عالقة الحاكم بالمحكوممة هى إن الطبيعة المثالية للقيم السياسية بصفة عا

نعنى هنا -األهداف التى تسيطر على الحركة السياسية الحركة السياسية التى من سماتها أن تكون واعية أوال ثم أن تكون لها أهداف سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة ـ ظاهرة أم باطنة ثانيا ـ وإن لم تكن الغاية المباشرة لها فهى

تضفى الكرامة والقوة تتضمن نوعا من أنواع العلو والسمو ووتفرض الهيبة واالرتقاء على الحركة، وبهذا المعنى فالقيم السياسية إطار فكرى يغلف الحركة ويعطيها صورة سامية

معينة، ولو كانت مصطنعة وهو ما يسميه الدكتور حامد وكل هذا يفسر نتائج معينة هى ) أخالقيات الحركة( ربيع بـ

: تها هى تجريدية ومطلقة ، إن القيم بحكم طبيع- ١

وبالتالى فهى أحكام مسبقة تجاه موقف معين، تعبر عنه وهنا تبرز . وتنطلق منه نحو تحديد التعبير عن هذا الموقف

العالقة واضحة بين الرأى العام والنظام القيمى للجماعة السياسية ، حيث تمتلك بعض القيم السياسية فاعلية التعبير

.ماعية عن صالبة اإلرادة الج االرتباط اآلخر بالرأى يبرز من خالل تأثير - ٢

العنصر العاطفى فى تحليل القيم ، فهى تتضمن مصادر تتعلق بالوجدان االجتماعى سواء أكانت تلك المصادر دينية كقيمة التوحيد والعبودية إلله واحد، أو قومية كالبطولة أو

.ق واالعتدالالرجولة السياسية، أو حضارية كالعدل أو التوفيأما من حيث الطبيعة الفلسفية للقيم السياسية فهى تتمثل

ترابط ( بأكثر األشكال والصور أهمية، وهى عالقة الترابط بحيث البد أن تخلق جذبا أو رفضا بين القيم ) من نوع معين

فى تعددها أو فى تنوعها، بمعنى أن هناك قيما معينة البد أن

ن يؤدى ذلك إلى قيم ثالثة، تفرض رفض قيم أخرى وأفالعنصرية ترفض المساواة وتنتهى إلى رفض الديمقراطية، كما أن العدالة تفرض المساواة وتقود إلى الديمقراطية ولو

.ولكل ذلك تأثيراته بخصوص الرأى العام. نسبيا ولكن تظهر عالقة القيم بالقيادة وبالتالى التأثير فى الرأى

ة التفاعل التى تحدثنا عنها، من خالل العام من خالل عملي، )القيم السياسية( كون القيادة ذاتها تمثل قيما معينة وبالذات

فالقيادة تفرض نفسها ليس ألنها مفروضة ولكن لما تستتر خلفها من مثاليات البد وأن تختلف من حالة إلى حالة أخرى،

فنا كانت هذه المثاليات كما أسل. ومن مجتمع إلى مجتمع آخر. تدور حول احترام مصالح الجماعة التى تحكمها تلك القيادة

فهى بهذا المعنى دائما حقيقة بشرية ، ومن ثم فإنه تنبع منها من حيث طبيعتها ومن حيث كيفية مزاولتها لسلطاتها ولمزاياها من قيم معينة هى انعكاس لخصائصها كحقيقة

رد أن وبمج. حركية، وهذه القيم تتجدد فى شخص القائد وتتحدد –تتبلور فى محيط العالقات اإلنسانية الذى تنبع منه

البد أن تحدث عملية تحرك فى داخل المجتمع بين -به فئاته من حيث عالقة تلك الفئات بذلك القائد، حيث هو ذاته

فإذا بنظام للقيم يتصاعد من -يتوسط الوجود االجتماعى تلفة تقترب أو تبتعد من القائد وإذا بالفئات االجتماعية المخ

القائد، تعبيرا لتعبيرها بصورة أكثر أو أقل وضوحا من تلك إذن فالقيادة تعنى توزيعا للقوى، فهناك القائد ثم . الصفات

تحيط به الطبقة القيادية ويحيط بهذه األعوان والتابعون الخ،وتحديد من ينتمى إلى كل هذه المجموعات . والمنتفعون

. الذى يمثله القائد (Values system)لقيم يتحدد بنظام اوهنا تبرز وظيفة القائد فى عالقته بالنظام القيمى، أى عندما يصبح القائد من خالل النظام القيمى الذى يمثل صورة التصور العام، والكامل لنظام القيم للجماعة السياسية وفى فترة زمنية معينة ، وبالتالى فهو يجسد إرادة الجماعة

خصوص ما هو متقبل أو مرفوض لما هو قابل للدفاع عنه بأو غير قابل لذلك، لذا يتصف هذا النظام ، بكونه محك ومحور التكامل االجتماعى للجماعة السياسية ، وعدم وجوده يعنى حقيقة واحدة هى أن هذا النظام فى طريقه السريع دة للتفكك، ولما كانت القيم السياسية تعبر عن صالبة اإلرا

الجماعية من خالل الفاعلية ، فإن فاعلية القيادة تتضح عندما يصبح القائد رمزا للجماعة، وبعبارة أدق عندما يصبح

بشخصه الواقعى يمثل الجماعة كرمز ألمانيها وآمالها وتعبير عن شرفها وكرامتها، وبالتالى فالقائد بهذا المعنى يؤكد

أى -جتمع السياسى ريخية وتماسك المأاستمرار الوظيفة الت أن القيم السياسية تتجسد فى شخصية معينة -بعبارة أخرى

هى شخصية القائد الذى يصبح رمزا ، وتبعا للترتيب المتصاعد للنظام القيمى يتحدد اقتراب المجموعات المحيطة

ولكن متى يصبح القائد رمزا . بالقائد بمستوياتها المتعددة قيقة يجب أن نفهم القانون الذى يتحكم وطنيا وتأريخيا؟ فى الح

بآلية إطالق الرمزية، والذى يتم غالبا لعملية الربط بين ( رمزى تأريخى دخل مرحلة القالب المصبوب فى رمزيته

:حيث تتخذ هذه العملية المرحلتين اآلتيتين) قائد معاصر تحول الرمز التأريخى المجرد والذى ترتبط - ١

خية وواقع تأريخى معروف إلى قالب رمزيته بحادثة تإري) الرمز( رمزى مصبوب وهنا تمتزج داللية الشخصية

كحقيقة تأريخية بالمعانى الرمزية المكتسبة من الواقعة التأريخية ، وليصبح رمزا محددا إيجابيا كان أو سلبيا، ومن

يمكن أن نوضح عملية التحول ) السيمياء( خالل علم الداللة ( هو الشخصية التأريخية ، و ) الدال : ( تىهذه بالشكل اآل

هو الحقيقة التأريخية مضاف إليها المعانى ) المدلول األول المدلول ( الرمزية المكتسبة والتى تحولت إلى اصطالح ، أما

ففيه يتم انتقال الرمز من حقيقة مجردة إلى رمز ) الثانى ز جنكي( و ) فهوالكو(محدود وذلك فى قالب رمزى مصبوب

الخ تمثل نماذج واضحة على ذلك ) .. نيرون ( و ) خان .حيث أصبحت رمزا للطغاة وسفاكى الدماء عبر التأريخ

المدلول ( إن المدلولين األول والثانى يعطيانا - ٢ومن خالل عالقة المشابهة التى تتضمن موقفا آنيا ) الرمزى

.وقفوواقعا محددا يتم إطالق الحكم التأريخى على الم : الوظيفة االتصالية للقيادة-جـ

إن العملية السياسية ال يمكن تصورها مطلقا من دون االتصال ، إن لم تقل إن الوظيفة االتصالية، هى جوهر العمل السياسى والتعبير الواضح عنه باعتبارها تمثل

بين ) الرسائل( السلوكيات واألفعال التى تتعلق بتبادل ن، ولذا ال ريب أن يكون جوهر نظرية الفاعلين السياسيي

االتصال ، هو تناول نقل الرسائل التى ال تعنى الحدث بذاته وإنما معلومات بخصوصه، وتتصف هذه المعلومات بكونها قابلة للقياس والتحديد، ومن هنا أضحى االتصال السياسى أى

نقل الرسائل فيما بين أجزاء النظام السياسى ثم بينه وبين االجتماعى الذى يعد بمثابة العنصر الدينامى للوجود النظام

السياسى الذى تغدو الظاهرة القيادية أبرز متغيراته وأكثرها أهمية من حيث كونها أى القيادة السياسية هى فى جوهرها

.أداة اتصالية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانإن مفهوم االتصال بمعنى نقل المدركات من مرسل إلى

ل لم يبرز واضحا فى التطبيق السياسى للمفهوم القيادى متقبوخالل القرن التاسع عشر، وظهور ) هيجل( إال مع فلسفة

الذى ظل مفهوما غير واضح ) البطولة السياسية ( مفهوم وغير محدد حتى جاءت التقاليد الرومانية الجرمانية فبعثته

كان وجعلت منه على يد فكر القرن التاسع عشر أساسا، والبطل ( خير من عبر عن هذه الفلسفة، عندما جعل ) هيجل(

إرادة القدر، يعمل ليس فقط بوحى منضميره ، ) السياسىولكنه يمثل أحد مسالك اإلرادة الخالدة أو العليا أو اإللهية فى تعاملها مع الجماعة، بحيث تفرض تلك البطوالت كأداة من

اإلنسانية وابتداء من أدوات اإلشباع الحركى لتحقيق أهدافها هذا التصور أخذت فكرة االتصال تغلف مفهوم القيادة

فالبطل ليس مجرد إرادة اجتماعية أو جماعية -السياسية

أى اإلرادة التى تتحكم فى –وإنما هو أداة اإلرادة الخالدة المصير اإلنسانى ومن ثم فى تطوير الجماعة وتحديد

اإلرادة الخالدة تتقمص الوجود مساراتها، إنه أداة من خاللهاالبشرى وتتعامل مع ذلك الوجود فى تطوراته المتعاقبة بغض النظر عن صحة ذلك التصور، فإنه قاد ألول مرة ، إلى

( إنها : تقديم القيادة على أنها مسارات متدفقة من جانبين .، إنها أداة من أدوات االتصال ) عطاء( و ) أخذ

فى . ؟) بالوظيفة االتصالية للقيادة (ولكن ما الذى نعنيه الحقيقة إن ظاهرة القيادة السياسية ، ليست إال عبارة عن تعامل مع موقف، وتستند إلى ثالثة مسالك للعمل الفردى،

: أوال الخديعة أو : القوة أو الضغط أو اإلكراه ، وثانياعملية اإلقناع : التحايل والمساومة ثم تأتى ثالثا وأخيرا

قتناع، ولما كان المسلكان األول والثانى ال يبرزان وال وااليلجأ إليهما القائد إال فى لحظات االستثناء، فإن المسلك الثالث

يعد جوهر العمل القيادى، ) اإلقناع واالقتناع ( وهو عملية واالتصال بهذا المعنى، هو فى حقيقته المنطلق الحقيقى الذى

ولكن هناك مالحظة مهمة منه وبه تتحدد طبيعة الظاهرة ،جدا، وحرى بنا أن نتوقف عندها، وهى أن االتصال فى

نطاق العمل القيادى، ال يعنى ذلك المفهوم المتداول فى نطاق االتصال االجتماعى، وإنما يأخذ االتصال القيادى معانى

وبعبارة أخرى إنه يعنى . مختلفة ويفرض مستويات متبادلةقة التفاعل والتماسك بين القيادة قدرة القائد على خلق عال

والمجتمع السياسى، بخلق قنوات اإلقناع واالقتناع فى الداخل أو الوصول إلى تأثيرات محددة لهدف خارج حدود القومية بالتعاون أو الصراع، بينما ظل االتصال االجتماعى محددا بدائرة التأثير والتأثر من خالل التعامل والتفاعل اليومى بين

.حدات االجتماعية الوإن االتصال كجوهر للعمل القيادى يتسم بامتالكه سبعة أبعاد تتداخل فيما بينها ورغم هذا فإن لكل منها عناصره ومستوياته المعروفة ، وهذه األبعاد التى تشكل جوهر التعامل

:القيادى هى استقبال المعلومات سواء أكانت من البيئة الداخلية : أوال كارل ( جية والذى يأخذ مفاهيم معينة حددها أو الخار : بـ )١()دويتش

المنوفى ، نظرية النظم السياسية ، وكالة كمال . نقال عن د) ١(

وانظر أيضا . وما بعدها١٤٥ ، ص ١٩٨٥يت، المطبوعات ، الكو

) المعلومات ( ويقصد به الرسائل (Load)الحمل ) أ ( .موضع االستقبال كافة فى لحظة معينة

بمعنى القدرة على (Load Capacity)مقدرة التحمل ) ب(استقبال ومعالجة كل المعلومات الواردة، وتتوقف هذه القدرة

كما –وأنواع وحالة القوات االتصالية المتاحة على عدد ترتبط أوثق االرتباط بعدة عوامل منها درجة الدقة فى جمع المعلومات ومدى التشويه الذى يطرأ على المعلومات فيما

فكلما كان هناك .بين لحظة استقبالها ولحظة االستجابة لهاه عدم دقة فى جمع المعلومات، وكلما ازدادت كمية التشوي

البد وأن يواجه القائد السياسى والنظام الذى يمثله ، متاعب لن تكون للموقف الفعلى وإنما ) قراره ( جمة ألن استجابته

.لتصور غير دقيق ومشوه بخصوصهخلق الخلفية العامة لبناء إطار الحركة من خالل : ثانيا

استدعاء الخبرة السابقة فى عملية تحليل المعلومات ، واتخاذ ار معين بخصوصها يتمثل فى التعبير الحركى عنه داخل قر

.إطار معين ألبعاد هذه الحركة

٣٢٤ذ، ص . س. حامد ربيع، مقدمة فى العلوم السلوكية ، م. ، د

.وما بعدها

خلق التفاهم والتقارب بين عناصر المجتمع : ثالثاالسياسى، من خالل قيام القائد بعملية التوفيق والتحكيم فى الصراعات المختلفة والخالفات المتعددة بين عناصر

دور أداة الضبط للعالقات الجماعة، وهنا يضطلع القائد بالداخلية، سواء أكانت عملية الضبط هذه مباشرة أم غير

.مباشرة البحث عن أدوات الحماية الذاتية وتقديم الصورة : رابعا

.الذاتية نقية وغير مشوهةخلق الثقة بين عناصر الجسد السياسى، والقيادة : خامسا

حيث يصبح القائد بعناصرها المتعددة إزاء المواقف المتجددة .عداد والتنظيمأداة تكتيل الوعى الجماهــيرى وإرادة لإل

سادسا المعرفة المسبقة بحدود الحركة وإمكاناتها، فالقائد يستقبل االنطباعات أوال ثم يقوم بناء الحركة على أساس

.القدرات الحقيقية والصالحة للتالعب مع المواقفل فى لحظات الصراع التكتل حول القائد البط: سابعا

رمزا ( المصيرى أو الخطر القومى وإلى حد أن يصبح القائد يؤكد استمرار الوظيفة التأريخية لألمة، وتماسك ) قوميا

المجتمع السياسى فيها ، وهو بهذا المفهوم يصبح أداة من

أدوات اإلحالل النفسى للثقة والتماسك تجاه موضع الخوف .فى لحظة ما

د ما كان لها أن تتصف بهذا االتساع إن هذه األبعاواألهمية ، لوال تضخم مهمة القائد ووظيفته، وإلى حد ما، ارتباط مخاطر القيادة ذاتها بمصير المجتمع السياسى، بحيث لم تعد مقرونة بالمجتمع السياسى المحلى، وإنما اتجهت

وجمال ( الوظيفة القيادية نحو المجتمع اإلقليمى والدولى ، ، وأخيرا تأثيرات الوظيفة ) ناصر وجواهر الل نهروعبد ال

فى أوربا الشرقية ثم الغربية والتى ) لغورباتشوف( القيادية وصلت حتى الصين وأحداث الصدامات الطالبية فى ساحات

تقدم أكثر من مثال حول اجتياز القيادة ) بكين ( العاصمة ومية إلى وتأثيراتها ومن خالل الوظيفة االتصالية الحدود الق

الرأى العام ( دائرة أوسع هى المجتمع الدولى وبروز ظاهرة عقب أحداث الحرب الكونية الثانية ، والتى يقصد بها ) الدولى

كل تعبير تلقائى عن وجهة نظر معينة ال ( كاصطالح تقتصر على إثبات وجودها على مجتمع محلى معين وإنما

ر عن نوع معين تتعدى الحدود بين الجماعات السياسية لتعبمن التوافق بين الطبقات أو الفئات التى تنتمى إلى أكثر من

دولة واحدة سواء كانت تلك الدول فى مجموعها تكون مجتمعا إقليميا دوليا أو كانت تنتمى إلى أكثر من مجتمع

).إقليمىوفى الحقيقة كان هناك متغيران أساسيان وراء بروز

وبالتالى تداخل الوظيفة ظاهرة الرأى العام الدولى ، االتصالية للقيادة مع الوظيفة االتصالية للدولة، وهذان

:المتغيران هما التقدم التكنولوجى بالنسبة ألدوات االتصال - ١

حسب ) قرية صغيرة ( والتى جعلت من العالم : الجماهيرى، قد مكنت القائد من أن يصل إلى )مارشال ماكلوهان( تعبير

فرد حتى خارج الحدود القومية ، وأن يصبح كل موطن وكل القائد حقيقة دائمة ومتعاملة مع كل فئة من فئات المجتمع السياسى، وفضال عن ذلك فقد قادت المتغيرات التى عملت على تطور المجتمع الدولى المعاصر وحطمت الحواجز بين الشعوب إلى إحداث تغيرات أساسية فى بنية النظام الدولى

ظائف جديدة للدولة العصرية ، بحيث أضحت وبلورت وبمستواها الداخلى والخارجى التعبير ) الوظيفة االتصالية(

الحى عن ديناميكية العالقة بين مختلف العناصر التى يتكون

منها الجسد السياسى فى تماسكه الداخلى وفى حركته .الخارجية

الظاهرة الجماهيرية( وكل هذا قد قاد إلى سيطرة - ٢باعتبارها أهم خصائص المجتمع المعاصر على السلوك )

السياسى، وبشكل خاص على السياسة الخارجية التى ال تزال تعلن بثبات أن نجاحها إنما ينبع من قدرة القائد على تطويع إمكاناته مع خصائص العالم المعاصر كما هو الحال مع

ل هذا ظهور التجمعات فوق القومية كاألحزاب والنقابات، وكغلف بطغيان األبعاد األيديولوجية، على السياسة الخارجية

وبما تعنيه من عملية ) الوظيفة العقائدية ( للدولة وارتباط الوظيفة ( المشاركة فى التطور السياسى الدولى، والثانية

والتى ال تتحدد فقط بمجرد توحيد اإلدراك ) الحضارية بأن مجتمعا معينا القومى، وإنما ترتفع إلى خلق اإليمان

يمتلك وظيفة معينة فى اإلطار اإلنسانى وهى الوظيفة التى .تفسر وتبرر االختراق الخارجى بمختلف مستوياته

وباإلضافة إلى هذين المتغيرين ، يمكن القول أن هناك متغيرا آخر ليس فى حقيقته إال تعبيرا عن النتائج المتعلقة

ايد لالتصال الدولى، والذى بهما ، وهو عملية التدفق المتز

جعل من الضرورى إعادة دراسة االفتراضات السابقة على فهم وتحليل العالقات الدولية من جانب، وبروز الوظيفة االتصالية للقيادة السياسية من جانب آخر، وبما يتجاوز الحدود القومية والجمهور المحلى ، وهذا التدفق فى الوقت

لحكومات الحتكارها للجمهور المحلى نفسه قد قاد إلى فقدان اوإلى تقوية االتصال المباشر بين شعوب العالم ، وبما يؤدى إلى تقوية شبكات التعاون الدولى، وفى خلق تصورات مشتركة بين هذه الشعوب والتى زادت من تأثيرات الرأى العام الدولى فى السياسة الدولية ، وبشكل خاص فى تأثير

على المجتمعات المحلية ، ) كرموز قيادية (القيادات الدولية وما عاد االتصال يتم عن طريق القنوات الحكومية ، وإذا ما

، فى )هارولد سبراوت وبرانت ويدج( عدنا إلى أنموذج تحديد قنوات االتصال فى أى عالقة ثنائية ، سنجد ومن

: )١(خالل المخطط اآلتى

لهارولد سبراوت وبرانت ( انظر بخصوص األنموذج االتصالى ) ١( ).ويدج

Bryant Welge, international propaganda and State- Craft,

The Annais of American Academy of political and Social Science vol, 392, Now, 171, p37

Ac الرسمى للحكومة األولى و تعنى التمثيل Agحيث تعنى المجتمع السياسى المحلى التابع للحكومة األولى

Bg تعنى التمثيل الرسمى للحكومة الثانية Bcالثانية تعنى المجتمع السياسى المحلى التابع للحكومة

إن االتصال الدولى من خالل أربع قنوات أولية (primary) وثمانى قنوات ثانوية (secondary) واثنتى عشرة :ن هذا المخطط يمكننا أن نشير إلى وم(Tertiary)ة يقناة ثالث فى القنوات األولية (Bg) و Bg أن االتصال بين - ١

، هو أحد أشكال االتصال التقليدية التى عرفتها الحكومات فى الفترة السابقة للثورة التكنولوجية ، والدبلوماسية التقليدية

.كتمثل أنموذجا لذل

ذ، . س.حامد ربيع ، نظرية الدعاية الخارجية ، م. وأيضا د

Aدولة Bدولة

BgAg

BcAc

(Ac) و (Bg) أو بين (Bc) و (Ag) االتصال بين - ٢هو اتصال بين حكومة وشعب أجنبى ، وهنا تبرز جوانب الوظيفة االتصالية للقائد ، ومن خالل االتصال الدعائى،

كشخصية أنقاذية للشعب -) الرمز( بتقديم القائد بصورة قد كما هو الحال مع أنموذج هتلر واإليمان بها-األجنبى

تجاوز الحدود األلمانية ، ووصل إلى العديد من األقطار العربية فى سبيل المثال حتى وإن كان ذلك على سبيل النكاية

التى كانت تحتل ) بريطانيا وفرنسا ( العربية بدول الحلفاء .أجزاء من الوطن العربى

( وفى نهاية العقد الثامن من هذا القرن يأتى ذجا آخر وصيحات المتظاهرين فى ليقدم أنمو) غورباتشوف

ثم ما جرى فى -) أنقذنا يا غوربى ( -ألمانيا الشرقية ولكن تكمن . الصين أمثلة ودالئل ليست بحاجة إلى تفسير

خطورة هذا االتصال فيما يستتر خلف هذه القناة االتصالية .من دعاية مقنعة ، أو هجوم واضح وصريح

هو اتصال بين (Bc) و (Ac) أن االتصال بين - ٣شعبين بشكل مباشر من دون تدخل األجهزة الحكومية فيما بينها، ويأخذ أشكاال متعددة تتراوح بين البساطة والتعقيد،

المنظمات ذات الكيان ) التعقيد( ومن نماذج المستوى الثانى السياسى، والمنظمات الدولية ، والجمعيات الثقافية، ولكن

ارتباطا بظاهرة الراى العام والقيادة أكثرها تأثيرا وأهمية وهى المنظمات الدولية ذات الفاعلية والتأثير فى توجيه

.وصياغة الرأى العام العالمىإن هذا المستوى من االتصال تظهر خطورته بخصوص الوظيفة االتصالية للقيادة من إدماج الوظيفة العقائدية بالوظيفة

ية واألحزاب الشيوعية االتصالية ، واألحزاب الفاشية الناز تمثل نماذج واضحة لذلك ، -خارج االتحاد السوفيتى

، ) موسولينى( و ) هتلر ( األولى فى التفافها حول قيادة والثانية حول رموز القيادة السوفيتية بحكم تبعيتها العقائدية لالتحاد السوفيتى، ونماذج هذه التبعية أكثر من أن تحصى

ال تحتاج إلى ) وستالين ، وخروشوفلينين، (وما حصل مع .توضيح أكثر

إذن فالوظيفة االتصالية للقيادة ، إنما هى نتائج لخصائص الواقع المعاصر من جانب واتجاه هذا المجتمع إلى تأكيد العنصر القيادى بل إلى جعل القيادة محورا للحركة وإلى حد

.ها جعله المتغير الوحيد الذى يسمح بنجاح السياسة أو فشل

:الرأى العام وإشكالية : سابعا

)المصطلح ، المفهوم ، التعريف (

اإلشكالية التأريخية •

اإلشكالية الحضارية •

االشكالية اللغوية •

"الرأى العام" تعريف مصطلح •

:الرأى العام وإشكالية : سابعا )ح ، المفهوم ، التعريف المصطل(

التحديد فى ظاهرة الرأى العام ، مازالت ) إشكالية (

بالرغم من عشرات البحوث والمؤلفات وبشكل خاص تزداد اتساعا ، - باللغة العربية -الموضوع منها

ومازالت المنهجية والرؤية التى تؤطر هذه المنهجية ، تتوزع ت التحليل السياسى، ما بين مناهج علم االجتماع ونظرا

، وبعيدا عن )العالقات العامة( وتتوسطهما منهجية دراسة الخوض فى إشكالية المنهج هذه ، فإن الموضوع األكثر أهمية وحساسية هنا، هو البحث فى إشكالية التحديد الدقيق لدالالت المصطلح، ومدلوالت المفهوم، وتعبير التعريف عن

خالل الرؤية التى يطرحها دال ومدلول الرأى العام ، منالتوافق البنيوى بين الوجود المجتمعى والسياسى، أو بين الفكر السياسى المواكب لذلك الوجود والمعبر عنه، وهنا

والتى تستوجب المعالجة والتحديد، ولكن ) اإلشكالية ( تكمن يبدو أننا سنزيد األمور غموضا وتعقيدا بالحديث عن

تحمل فى جوانبها الغموض ) اإلشكالية ( ى أا،ألنه)اإلشكالية(وعدم التحديد فى األقل فى مستوى المعنى االإصطالحى لها،

فما الذى نعنيه بإشكالية ظاهرة الرأى العام ؟ يحمل جذرها العربى جانبا (problematique)اإلشكالية

أشكل األمر عليه ، : أساسيا من معناها االصطالحى، يقال بس عليه واختلط ، وهذا مظهر من المعنى بمعنى الت

) اإلشكالية ( ث تعنى ياالصطالحى المعاصر للكلمة، حمنظومة من العالقات التى تنسجها داخل فكر معين، مشاكل عديدة مترابطة ال تتوافر إمكانية حلها منفردة، وال تقبل الحل إال فى إطار حل عام يشملها جميعا، وبعبارة أخرى أن

لم تتوافر إمكانية صياغتها فهى هى النظرية التى اإلشكالية، )١(توتر ونزوع نحو النظرية، أى نحو االستقرار الفكرى

فى ) المصطلح والمفهوم والتعريف( إشكالية : وحينما نقول ظاهرة الرأى العام، فإن ما يشغلنا فى الحقيقة ليس هذه ية المشكلة فقط، وإنما هناك مشاكل عدة مترابطة، تتصل بعمل

ظر بشكل خاص ان. مفهوم اإلشكالية ووحدة المفهوم فى الفكر حول) ١(

قراءات معاصرة فى تراثنا ( حن والتراث محمد عابد الجابرى، ن. د، ١٩٨٦، المركز الثقافى العربى ، الدار البيضاء، ٥ط ) الفلسفى

.٢٩ - ٢٧ص

الظاهرة ذاتها ومستوياتها المتعددة من جانب وموقعها من البناء الفكرى والمجتمعى الذى توجد فيه من جانب آخر، وهى تتداخل وتتشابك بحيث يغدو من المستحيل البحث فى إمكانية حل أى منها بمعزل عن الباقى، بل ال يمكن تحليل ة أى منها دون ربط الخيوط مع المشكالت األخرى ممثل

الرأى ذاته، وعموميته وموقعها من ظاهرة الفردية ( بمفهوم والجماعية، واختالف المفاهيم المحددة لذلك كما عرفتها الخبرة الفردية الكاثوليكية من جانب، والتقاليد الفكرية

، أى أن أى تناول )السياسية العربية اإلسالمية من جانب آخرل بقية المفاهيم أو واحد من هذه األمور يعنى بالضرورة تناو

:)١(جوانب منها، وهنا البد أن نتوقف عند أمرين مهمين هما أن إشكالية ظاهرة الرأى العام ال تتحدد فقط بما - ١

أنتجه أو وضعه علماء االجتماع والسياسة والمختصون بدراسة الظاهرة ، عن جوانبها المتعددة، وإنما يتسع المجال

بقية جوانب الفكر األخرى، إلى ما هو أبعد من ذلك ، إلى

الرأى العام ( مارى األشقر، . وأيضا د. ٢٨ص . ن. انظر م) ١(

، مجلة المستقبل العربى ، بيروت )العربى وتقنيات القياس الغربية .وما بعدها ٢٥، ص ١٩٨٢نيسان ) ٣٨( العدد

فى إطارها الفلسفى والدينى والسياسى بل والحضارى أيضا، ) الجماعية( ، وموقعها من ) الفردية ( فالموقف من ظاهرة

فى الفكر الغربى، ونحن نقصد هنا الحضارة الغربية البد وأن يختلف اختالفا -باتجاهاتها وتياراتها المختلفة

ا عرفته التقاليد العربية اإلسالمية، فمفهوم واضحا وبينا عن مالفرد واستقاللية آرائه فى الفكر الغربى االجتماعى والسياسى، يجعل من الفرد رقما فى جداول اإلحصاء ومساواة آراء جميع األفراد، أى اعتبار كل رأى من اآلراء الفردية، ومهما كانت صفات حامله االجتماعية وحدة قياسية

ل اإلحصائية، بينما فى مجتمعنا نجد أن اآلراء فى الجداوالفردية ال يعبر عنها بشكل مستقل وال تتميز بتميز األفراد داخل هذه االنتماءات القيمة نفسها فى تحديد اآلراء الجماعية ، وليس كل تصنيف لفئات المجتمع مجرد قيمة إحصائية بة تستخدم لوضع جداول أكثر وضوحا ، وكذلك األمر بالنس

لمفهوم الجماعة بين الفكرين فكل منهما يمثل مفهوما متناقضا .عن اآلخر

ولكن هذه الخصوصية فى التعبير عن اإلشكالية ، - ٢ال تعنى أن إشكالية الظاهرة تتقيد باإلطار الزمانى والمكانى،

ألنها فى عالم أصبح قرية صغيرة بفضل ثورة االتصال التى وطغيان األبعاد األيديولوجية فى يشهدها قرننا المعاصر ،

التعامل الدولى على المستوى الفردى أو الجماعى، نقول الرأى العام الدولى ).الزمكانى( تجاوزت الظاهرة اإلطار

وفى ضوء ذلك . بمختلف تعبيراته يمثل أنموذجا واضحا لذلكيتضح أن عملية إيجاد تعريف محدد ومتفق عليه لظاهرة

ارة أخرى أنه يجب التمييز جيدا بين الرأى العام ، وبعبالظاهرة فى إطارها الكلى ثم الجزئى، وخصائص كل من اإلطارين تبعا للزمان والمكان من جانب، وخارج هذه

من جانب آخر، ولكى نوضح عناصر اإلشكالية ) الزمكانية ( :هذه ، فإننا سنناقشها من خالل بحث

: اإلشكالية التأريخية - ١ل مهم جدا، من الضرورى جدا إشغال أنفسنا هنالك تساؤ

ما الذى يحدث للمفاهيم السياسية : باإلجابة الوافية عنه، وهو الحديثة والتى ولدت فى المجتمع والفكر الغربيين، عندما ننتقل إلى الكتابة العربية المعاصرة من جانب، وعندما يتحدث بها المتحدثون من جانب ثان، وعندما يجتهدون

رنتها بما يحدث فى العالم الغربى األوروبى من جانب بمقا .)١(ثالث

وقبل أية إجابة البد لنا من تأكيد حقيقة مهمة، وهى ضرورة أن يكون التعامل مع المفاهيم الغربية واألجنبية

ليس كلمة ) االصطالح(بصفة عامة بكثير من الحذر، فإن االجتماعى تطلق، وإنما تعبير عن حقيقة حية تنبع من الواقع

.)٢(والسياسى، وتمثيل الحقيقة الحضارية فى هذا االتجاه تبرز (public Openion)وبالنسبة لظاهرة الرأى العام

سواء فى - فى أكثر من موضع -هذه الحقيقة بوضوح دراسة الظاهرة من خالل تطور الفكر السياسى، وما يعنيه

يديولوجية ذلك من دراسة وتحليل المضامين المعرفية واألللنتاج النظرى المتعلق بالظاهرة، وفى أكثر من حقبة

المفاهيم السياسية ( انظر فى سبيل المثال مقالة السعيد بن سعيد ، ) ١(

( ، فى كتاب )فى التداول العربى المعاصر، مالحظات منهاجية ، دار توبقال )إشكاليات المنهاج فى الفكر العربى والعلوم اإلنسانية

.٢٦ ص ١٩٨٧بيضاء ، للنشر، الدار ال الممالك فى تدبير سلوك( ة تحقيق كتاب حامد ربيع، مقدم. د) ٢(

، دار ١لشهاب الدين أحمد بن محمد بن أبى الربيع ، جـ ) الممالك .١١٧ ص ١٩٨٠الشعب، القاهرة

تأريخية، من خالل النصوص أو تقاليد الممارسة ، أو بتناول الدراسة فى إطارها الدستورى والحقوقى، وهنا علينا أن ننتبه إلى إشكالية أخرى ، وهى التمييز والتأكيد على أن

.)١(للظاهرة مستويين هماالنظرية للظاهرة ، كما تقدمها المناهج األصول - ١

الغربية ، أى كما يتم تكوينها فى الفكر السياسى والحقوقى .الحديث والمعاصر فى الغرب

الواقع العينى ، أى واقع الممارسات الفعلية فى - ٢الحياة السياسية العربية ، سواء ما كان منها من يعلن

فى الحكم، أو ينتهج استمرار التقاليد العربية اإلسالمية ، أيديولوجيات مستوردة، وانعكاس ذلك على طبيعة الممارسة السياسية ، حيث إشكالية التعامل مع التراث السياسى واالجتماعى ، تقودنا إلى مسالك لم يتحقق لها التأصيل والنظرة المعاصرة ، وهذا ما ال نستطيع اإلجابة عنه فى هذا

.الموضع التأريخية التى تظهرها دراسة ومن هنا فإن اإلشكالية

، تنبع من تطورات المفهوم والمصطلح )الرأى العام( ظاهرة

.٢٦ذ، ص . س.السعيد بن سعيد، م) ١(

فى الفكر الغربى أوال والطبيعة الخاصة بالظاهرة ومفاهيمها اإلسالمى ثانيا، -وتعدد مصطلحاتها فى الفكر العربى

وبعبارة أخرى أننا نميل إلى الحقيقة القائلة بأن للمفهوم تأريخ تطور وتقدم أى أن هناك تأريخية معلومة تأريخا هو

للمفهوم السياسى فى السياق الفكرى، أوربيا كان أم عربيا هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن الذى يبحث . إسالميا

فى أى مفهوم أو مفاهيم سياسية فى االستعمال الغربى ة المعاصر ، يتعين عليه أن يقيم وزنا كبيرا للتواريخ الحاسم

للتحوالت التى عاشها العالم العربى ولكن مع التأكيد على أن للمفهوم حياة ودينامية تجعالنه يعلو على كل الفواصل

. )٢(واألحداث السياسية واالجتماعية متى أخذت وحدها : الرأى العام فى الفكر الغربى- ١

فى ) ظاهرة الرأى العام( وإذا عدنا إلى تطور مفهوم ، فإن لهذا المفهوم دالالت دقيقة وواضحة فى الفكر العربى

وهناك حد ). الغربى( كل من الوجود والفكر بالنسبة لإلنسان أدنى من االتفاق حولها، بل إن هذا الحد األدنى يظل واحدا ومشتركا حتى عند األنظمة االشتراكية والشيوعية مادام

.٣١ – ٣٠ص . ن. م) ٢(

ته األساس العقلى الذى يؤسسها واحدا،ولكن ما يجب مالحظالحاسمة والمميزة لمدلوالت المفهوم بين ) القطيعة ( هو

العالم الغربى الحديث عن عالم العصور الوسطى وعن فمدن اليونان )١(دالالته فى الحضارة اليونانية ثم الرومانية

المستقلة عرفت الرأى واختبرت سطوته ونفوذه قرونا عديدة لمطلقة لهيئة قبل ميالد السيد المسيح، من خالل السيادة ا

المواطنين مجتمعين، أى من خالل التعبير السياسى للمواطن ولكن أن -األثينى، ممثال بحرية المناقشة وإبداء الرأى

فى قيمة ذلك وقدرته فى التعامل السياسى، ) أفالطون( تشكك إال أن المفهوم ظل -إلى العكس تماما ) أرسطو( وذهب

لسياسية الواقعية وممثلة بشكل منطويا فى إطار الممارسة ااجتاز ) روما(وبعد أن تمت الغلبة لـ ). بالخطابة( خاص

الرأى العام مرحلة جديدة من مراحل النمو واالعتراف وتمثل ذلك بظهور المصطلحات أو دالالت المفهوم . بأهميته

بخصوص القطيعة الداللية للمفاهيم السياسية فى الفكر الغربى، ) ١(

ألمة بين لغة مفهوم ا(المثال ، عمر إبراهيم انظر فى سبيل ، كانون ١٧مجلة الفكر العربى المعاصر، بيروت ، العدد ) وأخرى . وما بعدها٦٢، ص ١٩٨٢، كانون الثانى ١٨األول

من قبل المفكرين والفالسفة للتعبير عن الرأى العام حيث :)٢(أطلقوا عليه

).صوت الشعب ( والذى يعنى (Vox populi)طلح مص − ).الشؤون العامة( ويعنى (Res puplcae)مصطلح − وهو اختصار لتسمية مجلس الشيوخ (C.P.S.P)رمز الـ −

.الرومانى أو شعب روماوبعبارة أكثر دقة، تبين دالالت المفهوم واصطالحاته

عبد شاكر ( خالل تلك الحقبة الزمنية، وكما يقول الدكتور فإنه بالرغم من أن أحدا لم يستخدم الرأى العام : )٣()الحميد

فقد كان المفهوم مألوفا لديهم تماما إلى درجة أنهم كانوا يعملون به كما لو كان أمرا واقعا يثقون فى وجوده، وقد ظهرت بعض الجوانب المتفرقة للرأى العام فى المفاهيم

ى الشهرة أو االنتشار أ(FAMT)الكالسيكية التى من قبيل Vox( وصوت الشعب (Rumour)والشهرة العامة، والشائعة

مجلة آفاق ) الفكرة والتأريخ : الرأى العام( الحميد شاكر عبد. د) ٢(

٦١ ص ١٩٨٦آب السنة الحادية عشرة، ) ٨( عربية ، بغداد العدد – ٦٢.

.٦٢ص . ن. م) ٣(

populi ( واإلجماع الشعبى)consendus popoli (وغيرها، وقد كان هذه المصطلح األخير يعبر عن كون الرأى العام أساسا مهما للسلطة التشريعية والسياسية ، وهى

فكرة علمانية الدولة، الفكرة التى أصبحت فيما بعد أساسا ل) ميكافللى( التى ظهرت بعد عصر النهضة والتى عبر عنها

وفولتير وهوبز . ( فى القرن السادس عشر) األمير(فى كتابه .فى القرنين السابع عشر والثامن عشر) وهيومولوك ولوك

أما العصور الوسطى فقد شهدت القطيعة األولى مع وتجلت هذه . نى ، للرأى العامدالالت المفهوم األثينى والروما

من (Vox Populi) القطيعة بانتقال مفهوم صوت الشعب ( فكرة الدنيوى النسبى إلى اإللهى المطلق، عندما أضحى

وقد (Vox Populi Vox Dei)صوت الشعب من صوت اهللا ترافق ذلك مع تطور حاسم وهو دخول فكرة االتفاق العام أو

قاليد الفكرية السياسية وهى فى الت(Commanis)اإلجماع Sensus)مستمدة أصال من فكرة الشعور العام أو الجماعى

Commanis) غداة ) الكاثوليكية الرومانية ( الذى جاءت بهوخصومهم من أنصار ) البابا( الصراع الناشئ بين أنصار

للتعبير عن ) البابا( األمبراطور حيث استخدمها أنصار

تجاهات العامة للرأى فى المناطق المختلفة التقاليد السائدة واالالمتنازع عليها، وقد جاءت انتقالة المفهوم هذه بفعل متغيرين

:أساسيين شهدتهما القرون الوسطى هما كما نرى أن فترة القرون الوسطى الممتدة من القرن الخامس - ١

الميالدى حتى نهاية القرن الخامس عشر، قد شهدت ظهور نتشارها فى أوربا الوثنية، وهنا يجب االنتباه المسيحية ، وا

إلى أن المسيحية الشرقية، وإلى حد أصبحت فيه الديانة أكثر من أى شىء آخر، إنها ) كاثوليكية رومانية( المسيحية

تمثل انتقالة التقاليد السياسية واالجتماعية الرومانية إلى قلب فى ثناياها الديانة الجديدة القادمة من الشرق، والتى تحمل

ثنائية قيمية ما بين المطلق اإللهى والنسبى األرضى، وهذا ما يظهر بوضوح من خالل سيادة مفهوم االتفاق العام

(Consensus) المبنى على المفهوم الرواقى لفكرة الشعور شيشـــرون وكانتون ( العام، والتى نجدها فى خطابات

ة أصدق فى مجلـس الشيوخ الرومانى، ممثل) وزـــالعج :)١(تمثيل

اهرة الرأى العام حول المفهوم الذى ينفى تطور أو حتى وجود ظ) ١(

سعيد . انظر فى سبيل المثال د. خالل فترة العصور الوسطى

فى فكرة ( وقد قام هذا التطور الذى جاءت به المسيحية إلى اتساع مفهوم الظاهرة ، الذى أصبح تعبيرا ) الرأى العام

من جانب ، ) البابا ( عن الواقع السلطوى للكنيسة و .والسلطة السياسية لألمراء واإلقطاعيين من جانب آخر

عن عدم وجود )١(ثينوبالتالى فإن ما يذكره بعض الباحرأى عام أو ضموره خالل هذه الفترة، ال يمتلك القدرة على

) األيديولوجية البابوية(الصمود خاصة إذا نظرنا إلى انتصارفيما بعد ، وتوحيد اإلرادة الكاثوليكية ، فى صراعها ضد اإلسالم، من خالل الحروب الصليبية، على أنها تعبير عن

ما بين الكنيسة واألمراء األوربيين، ) ىالكاثوليك( االتفاق على توجيه الرأى العام األوربى، نحو الشرق العربى المسلم

.، بعيدا عن الصراعات الداخلية التى شهدتها القارة العجوزفى أواخر القرن ) األيديولوجيا البابوية ( صعود - ٢

الحادى عشر، عقب انهيار األيديولوجية اإلمبراطورية

. سراج، الرأى العام مقوماته وأثره فى النظم السياسية المعاصرة

.١٩ – ١٨، ص ١٩٨٧الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة .١٩ - ١٦ص . ن. جاذبية اإلسالم م) ١(

إذ لم تعد )٢(المتمركزة على البر األوربى) ولنجيةالكار( الحروب محلية ، وإنما شرعت أوربا كلها تتعبأ للقتال إلى

والتى كانت (Reconquista)) أسبانى االسترجاع( جانب بداية لظهور حركة تعزيز الوحدة المسيحية ، التى يمجدها البابوات بمشروعات عظيمة تتواصل بصورة مشتركة تحت

( ادتهم، وأى عمل مشترك يمكن أن يكون أكثر تحفيزا من قيموسعا إلى كل هذا العالم المتوسطى الذى تتوجه ) االسترجاع

نحوه بالضبط المدن التجارية اإليطالية بنجاح متعاظم فى وكانت ) مكسيم ردونسون( كما يقول . الميدان االقتصادىلوحدة تعبيرا عن ا) ١٣٠٢ - ١٠٩٧( الحروب الصليبية

األيديولوجية للعالم المسيحى الالتينى المصهور ببطء، والتى أفضت إلى توضيح صورة العدو، وإلى توجيه الطاقات نحو

وبذلك استطاعت أن توحد الرأى العام األوربى . الصليبية

انتهت ) اإلمبراطورية الكارولنجية( إمبراطورية شارلمان هى ) ٢(

انظر مكسيم رودنسون . مبراطورية واحدة قبل قرنين من ذلك إك، جاذبية اإلسالم، ترجمة إلياس مرقص، دار التنوير للطباعة

طالل عامر . يد د، وأيضا للمز١٩ - ١٦والنشر، بيروت ص لبنان بال تاريخ ، -بيروت . المهتار، التأريخ العسكرى، دار اقرأ

.١٤٨ – ٤٧ص

( وأن تصل بالرأى العام األوربى ) الحرب المقدسة( تجاه الرأى العام اإلقليمى والنعنى هنا الرأى العام القومى وإنما

، من المحلية المتمركزة حول الذات األوربية )بأوسع مفاهيمهبانقساماتها األثنية المعروفة ، إلى رأى عام دينى، تقوده

ورجال الكهنوت المسيحى، ) البابا ( ويمثل رمزيته ) الكنيسة استطاعت أن ) األيديولوجية البابوية ( وبعبارة أخرى أن

دا من جانب، وبذلك فقد عرفت ظاهرة الرأى تخرج رأيا موحالعام خالل فترة القرون الوسطى تطورا خطيرا يتمثل

:باآلتى استخدام الرأى العام كقوة سلطوية من قبل الكنيسة - ١

واألمراء على السواء فى صراعهم مع البعض، وحرص كل من القوتين على تهيئة هذا الرأى وقيادته من أجل حسم

صالحه، وهذا ما لم تعرفه أثينا أو روما، بهذا الصراع لاالتساع وهذه الحدة فى الصراع، واستخدام األساليب الدعائية

.أو التحويل العقائدى فى المواجهة انتقال ظاهرة الرأى العام من كونها ظاهرة محلية - ٢

محددة بفئة أو مدينة أو إقطاعية إلى رأى عام دولى ، يمثل ا الصراع فى بعض جوانبه ، ويمكننا أن الصراع وإدارة هذ

نسجل هنا وكما سجل مؤلفون عديدون فإنه من المدهش أن نلحظ كم كان موقف العالم المسيحى تجاه العالم اإلسالمى

أيديولوجية يشبه موقف العالم الرأسمالى -كبنية سياسية الغربى إزاء العالم الشيوعى بنيائيا، التشابهات جلية وفى

ن تتجابه منظومتان تجمع كل منهما دوال منقسمة الحالتي .)١(ومتخاصمة لكن توحدها األيديولوجيا

وقد أعقب نهاية القرن الخامس عشر ظهور عصر النهضة فى أوربا، الذى شهد تطورا خطيرا بخصوص الدور الذى كان على الرأى الجماهيرى أن يؤديه، نتيجة للتطورات

عصر، ممثلة بالثورة االتصالية الهائلة، التى شهدها هذا ال) غوتنبرغ( التى أحدثتها عملية اختراع آلة الطباعة من قبل

عند حوالى منتصف القرن الخامس عشر، وأدت إلى التزود بإحدى أهم أدوات االتصال الجماهيرى، وهى الصحف والكتب والمنشورات، كما قد جاء ظهور البروتستانتية

األركان التى كانت تقوم عليها وتقويضها فيما بعد الكثير منهيمنة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ، كمتغير ساهم فى

جوليان فرويد ، سوسيولوجيا ماكس فيبر، ترجمة جورج أبى ) ١(

.١٠٠صالح مركز اإلنماء القومى، بيروت ، بال تأريخ ص

إحداث التطور الفكرى فى مختلف الميادين ، وبشكل خاص ) البروتستانتية(فى الميدان السياسى واالقتصادى، إذ أدت

أحد مصادر عقلنة الحياة التى أسهمت فى تكوين ( بوصفها ، إن لم نقل إنها أكثر األسباب أهمية فى الروح الرأسمالية وهذا قاد )١()ماكس فيبر( كما يرى ) انطالق الرأسمالية

بدوره إلى إحداث التغييرات العنيفة فى البنية السياسية واالجتماعية للمجتمع األوربى، وكذلك قادت ظروف ازدهار التجارة ، واكتشاف العالم الجديد، إلى حدوث التطورات

لتى شهدها عصر النهضة أو التى أسهمت بمجملها الهائلة افى تحقيق اليقظة التدريجية لما يمكن أن نطلق عليه دائرة الرأى العام المتسعة والجديدة خالل القرنين الخامس

الذى عاش ما بين ) ميكافللى(وتعد أفكار . والسادس عشر، )١٥٢٧ - ١٤١٩( القرنين الخامس عشر والسادس عشر

حول السلطة ، والشعب وتحليل بخصوص آراء ميكافللى ) ١(

جية الجماهير وطبيعة التعامل معها، مما يدخل فى إطار سايكولونظرية التعامل النفسى بمستوياتها المعروفة وقواعدها الشائعة، انظر

تعريب خيرى حماد، ١٣مطارحات ميكافللى ط . نيقوال ميكافللى وما ٤٠٢ ص ١٩٨٢منشورات دار اآلفاق الجديدة، بيروت ،

.بعدها

أنموذجا متقدما ) المطارحات( ى كتابه وبشكل خاص فلدراسة سايكولوجية الجماهير، وطبيعة تعاملها من السلطة، وتعامل السلطة معها ودورها بالنسبة للنظام السياسى، وهنا لم تكن عنده عملية تطويع هذه الجماهير ، إال الهدف األساس فى معالجاته وليست أهميته وتأثيرها فى المشاركة السياسية،

وبذلك دخلت ظاهرة التعبير عن الرأى العام فى أفكار دائرة التقنين السياسى المحدد فهى تعبير عن ) ميكافللى(

أما )٢(ظاهرة التعامل النفسى، أكثر من أى شىء آخرالقرنان السابع والثامن عشر وبشكل خاص القرن الثامن عشر، فقد شهدا ظهور إسهامات الفكر الفرنسى والتقاليد

) الرأى العام( فى تطوير مفهوم ) األنكلوسكسونية( اسية السيوكان السؤال األكثر أهمية والذى حاول الليبراليون الفرنسيون واإلنكليز اإلجابة عنه فى أواخر هذا القرن، هو معرفة السبل التى من شأنها أن توفق بين الليبرالية وبين

ا أكثر منه الديمقراطية، حيث اكتسب هذا التأمل طابعا سياسياقتصاديا ، عمل على الفصل بين الفكر الليبرالى الفرنسى

مجلة المنار، باريس، العدد العاشر، ) ية منابع الليبرال( فراندس ) ٢(

.١٤٧ - ١٤٦، ص ١٩٨٥أكتوبر تشرين األول ،

وبين الليبرالية األنكلوسكسونية التى لم تفرق بين المفهومين ، وكـان لألفكــار واالتجــاهات )٣(فى معالجتها لهما

الليبرالية أبلغ األثــر فـى إعطاء الرأى العام، أهمية فائقة ة السياسية ، والتى أعطت نتائجها فى التعبير عن الممارس

فيما بعد خالل القرن التاسع عشر، وبعيدا عن بحث ذلك بالتفصيل حيث ال موضع له هنا، فإن أهم ما شهده القرن الثامن عشر ، ظهور مصطلح جديد يقترب من مصطلح

على يد جان (Opinion Publilue)الرأى العام بالفرنسية واضعا بذلك أساس تطوير )امةاإلرادة الع( جاك روسو وهو

General)فكرة الرأى العام ، ولكن إن كان هذا المصطلح

Will) – يعد شديد االقتراب من فكرة - اإلرادة العامة لم يبين على وجه التحديد ) روسو(الرأى العام ، إال أن

العالقة بين االثنين ، ولكنه فى تناوله للمفهوم ركز على فى تنفيذ سياسات الدولة، وعلى اهمية قيام أهمية الرأى العام

حكم نخبوى نقيض للديمقراطية يجب أن يكون مقيدا بمشاركة

بحث موجز فى -أعالم الفكر السياسى ( موريس كراتسون ) ٣(مراجعة فيصل جلول، مجلة الفكر العربى ) فلسفة الغرب السياسية

/ تشرين األول٢٨٥ – ٢٨٢ بيروت ص -ثالثة لالسنة ا) ٣(العدد .١٩٨١ن الثانى تشري

إذ على المرء أن يشترك شخصيا فى تشكيل ( المحكومين فالذى يخضع للحكم إداريا يجب أن يكون نفسه هو . الحكم

المشروع ، ومع أن روسو ال يؤيد حكما ديمقراطيا إال أنه ال .)١()رف إال بسيادة وحيدة هى سيادة الشعب يعت

الذى عاصر ) هوبز(فى حين ذهب الفيلسوف اإلنكليزى ، إلى )١٦٤٩( فى بريطانيا وأعدام فى عام ) تشارلز األول(

اعتبار التبشير األيديولوجى والسياسى الذى قام به وعاظ متحمسون سببا أساسيا فى خلق اتجاهات متعددة للرأى العام،

همت فى نشوء الحروب األهلية فى بريطانيا، وهذا ما سايفسر موقفه المتحمس ضد الدور الذى لعبه الرأى العام فى الممارسة السياسية اإلنكليزية، داعيا إلى سلطة غير مجزأة ،

. فالدولة هى صاحبة القدرة الكلية وهى فوق أى نقد أخالقى وف آخر أوقف لذا يجد الباحثون صعوبة كبرى فى إيجاد فيلس

)٢()هوبز( آراؤه على الدولة والسيادة المطلقة كما هو شأن فقد كانت آراءه ) لوك(أما مواطنه اآلخر الفيلسوف

.٢٨٩ – ٢٨٦ص . ن. م) ١( ، دار الطليعة، ٢محمد فايز ، قضايا علم السياسة العام، ط .د) ٢(

.١٠٤، ص ١٩٨٦بيروت ،

بخصوص الحرية قد أعطت أهمية فائقة للرأى العام ، واحترام الرأى الفردى بشكل خاص بحيث أعطى المواطن

ن خالل حق العصيان إزاء أى قيود تهدد فرديته من ذلك، ماعتباره حق الرأى العام شكال من أشكال الرقابة االجتماعية

. )٣(، وأنه أحد مصادر الحق الطبيعى والحق المدنى إال أن أهم حدث أسهم بشكل خطير ومهم فى إبراز وتأكيد أهمية دور الرأى العام ، وعالقته بالظاهرة السياسية

جلى هذا ، وقد ت)١٧٨٩( هو قيام الثورة الفرنسية عام :التطور كما نرى بـ

لقد ظل الرأى العام طيلة الوقت الذى سبق قيام : أوالالثورة الفرنسية يستند وينطلق فى الغالب بناء على رأى رجل اشتهر بقدرته فى مجال إعطاء حكم سياسى، أى ما

، الثورة الفرنسية )قائد الرأى العام( يقترب من ظاهرة ناك بعد آخر قد ظهر هذه حافظت على ذلك ، ولكن كان ه

المرة وهو دور التنظيمات السياسية واالجتماعية فى صناعة هذا الرأى واستخدامه، ولعل التيارات والتنظيمات التى شهدها األيديولوجيون الفرنسيون تقدم لنا مثاال واضحا بهذا

.١٠٥ – ١٠٤ص . ن. م) ٣(

أى أن الرأى العام أضحى رأى تجمعات وأحزاب . االتجاهاتها، أكثر من كونه يعد تعبيرا عن سياسية ويخضع لتأثير

فى القيادة، وهنا البد أن نشير إلى حقيقة ) الفردية ( الظاهرة .مهمة أدى إليها هذا التطور ممثلة بما سنتناوله فى ثانيا

تعبيرا عن ) الرأى العام( لقد أضحت الظاهرة : ثانياالممارسة الجماهيرية ، وجوهرا محددا لطبيعة الظاهرة

ماهيرية التى أظهرتها إلى الوجود الثورة الفرنسية ، الجوبذلك أدى انتقال الظاهرة السياسية إلى صلب الظاهرة الجماهيرية ، إلى انتقال صناعة وقيادة الرأى العام من

.المستوى الفردى إلى المستوى الجماعىالتطور الثالث واألخير يتعلق بمسألة أصالة الرأى : ثالثا

ة فصل هذه األصالة عن عنصر الشرعية العام وإمكاني .والوالء لكيان الدولة

فالرأى العام ليس نتاج سلطة الحقيقة التى عبر عنها ( على أنها ١٧٧١ - ١٧١٥ (Helvetius)هيلفيتيوس الذى عده سيد العالم، حيث إن هناك لحظات ) الرأى العام

ام غير مشكوك فيها يسود ويحكم فيها الرأى العام على الحكأنفسهم، إذ أن التجربة العملية كانت تشير إلى عكس ذلك

حيث إن جميع المسائل األخالقية والسياسية إنما تحسم بسلطة القوة ال من خالل الفهم ، لهذا فإنه عندما يسود الرأى على مجتمع ما، فإنه يتوافق مع صاحب القوة والسلطة والذى

ة أخرى، إن وبعبار. بدوره يحكم ويسود على هذا الرأى الرأى العام حتى لو نبع من مصادر مخالفة للقانون أو معادية لكيان الدولة يمكن أن يكون له تأثير فى بعض الظروف والمناسبات حتى ولو لم تعرف المصادر التى جاء منها،

)١(ولكن ال يمكن االعتماد عليه كما لو كان شيئا أصيال دائما الذى تمثله الثورة وفى ضوء ذلك يتضح الحد الفاصل

الفرنسية ، فى الطبيعة التطويرية لظاهرة الرأى العام، فالتراث الفكرى الذى مهد لقيام الثورة، ومنه نهلت كل التيارات السياسية التى عاصرتها وجاءت بعدها، قد استطاع أن يشير وألول مرة إلى تأثير ودور الرأى العام، فى سياسة

ى العام فى عالقته بالثقة العامة الدولة، وبخاصة أهمية الرأجاك ( وهو ما جاء به (Lespirit Credit)أو التصديق العام

وزير مالية لويس الخامس عشر والذى أكد أيضا أن ) نيكر

طبيعته وتكوينه وقياسه ودوره فى ( أحمد بدر، الرأى العام، ) ١(

.٣٢مكتبة غريب ، القاهرة ، بال تأريخ، ص ) السياسة العامة

طبيعة الرأى العام وقوته يختلفان وفقا لشكل الحكومات وطرازها وهو ذو تأثير وفائدة حتى فى الحكومات الملكية

بة صمام األمان ضد إساءة استخدام السلطة، حيث يكون بمثاوقد جاء قيام الثورة الفرنسية ليسهم فى اتساع مدى النقاش حول أهمية الرأى العام خاصة فى ألمانيا وإنكلترا وأمريكا حيث كانت هذه النقاشات بال شك فى عقول واضعى دستور

د فى الواليات المتحدة األمريكية ، أما فى ألمانيا فق) ١٧٨٧( تؤكد على أن (G.m wieland)) ويالند( كانت كتابات

الحكومات لم تعد تستطيع أن تحكم دون احترام الرأى العام بالنظرية العامة للدولة، ويجعل الرأى العام أساس حكم

فقد كان يرى أن الرأى العام (Hegel)أما هيجل . القانونحيث ) البطولة( يجب أن ينظر إليه ، من خالل فكرته عن

إن مهمة الرجل العظيم هى التنقيب عن الحقيقة وسط الرأى القرن التاسع . )٢(العام من أجل صالح الجيل الذى يعايشه

عشر شهد معالجة ظاهرة الرأى العام، من قبل الفيلسوف ، بوصفها أداة للضبط االجتماعى، )جيرى بنتام( اإلنكليزى

ذ، . س. سراج سعيد، م. ، وأيضا د٣٤ - ٣٢ص . ن. ر مانظ) ٢(

.٢١ - ١٩ص

ل فون كار(كما شهد فى النصف األول منه ظهور مؤلف ومن أهم المؤلفات . لفكرة وطبيعة الرأى العام) جيزر دورن

جورج ( التى صدرت فى ذلك الوقت ممثلة بما كتبه ) كورنوديل لويس، وفرانزفون هولتزندورف وجيمس برايس

عن طبيعة وقيمة ظاهرة الرأى العام، وسايكولوجية الجمهور، إال أن التطور المهم للظاهرة يتجلى فى دخولها

هو - التاسع عشر –ل الربع الثانى من هذا القرن خالدخول ظاهرة الرأى العام كأحد متغيرات النظرية السياسية، األمر الذى انعكس على دراسة الظاهرة من جانب، والتنوع

وهذا ما تحقق . المعرفى فى النظرة إليها من جانب آخر بشكل واسع فى القرن العشرين وبشكل خاص فى النصف

ولكن ما هى التطورات التى شهدتها ظاهرة . منهالثانى الرأى العام فى القرن العشرين؟

فى الحقيقة أن هناك جملة من التطورات التى ارتبطت ببناء الظاهرة أوال، وبمنهاجية دراستها ثانيا، وبالمتغيرات التى قادت إليها الثورة االتصالية فى هذا القرن، ممثلة

.رى ثالثابأدوات االتصال الجماهي

وأهم الخصائص التى اتسمت بها الظاهرة خالل القرن :العشرين هى كما نرى

خروج ظاهرة الرأى العام من الدائرة السياسية : أوال وسيطرة علماء السياسة على الدراسة المتعلقة بها، إلى دائرة علم النفس والعلوم االجتماعية بصفة عامة، حيث شرعت

دأت باالنتشار فى مطلع هذا القرن مدارس الصحافة التى بفى دراسة أثر الصحافة على الرأى العام بطريقة منتظمة، بعد أن كانت نهاية القرن التاسع عشر قد شهدت بدايات

.التعرف على هذا التأثير بطريقة عامةظهور الدراسات المهتمة بتطور األساليب : ثانيا

محاولة لقياسه اإلحصائية وتطويعها لدراسة الرأى العام فى ) جماعات الضغط( وتحليله، والدراسات التى تعالج موضوع

وعالقتها بالرأى العام والسياسة العامة، واتصفت هذه الدراسات باتجاهاتها المتعددة بكونها قد أصبحت أكثر تنظيما وعلمية، وبعبارة أخرى أن األساليب العلمية ومنذ الربع

ارس دورها الحقيقى ، األول من القرن العشرين أخذت تمومن ثم فقد صارت دراسة ظاهرة الرأى العام أقرب إلى العلم منها إلى االنطباعات والتحليالت الكيفية والنظرية،

وكانت إسهامات علماء اإلحصاء والسياسة والنفس مهمة وكثيرة حيث أسهمت فى دفع عجلة التقدم فى هذا الفرع من

.العلم كثيرا إلى األمامإن كانت الحرب الكونية األولى قد أدت إلى قيام : ثالثا

الجهود الخاصة بالدراسات العسكرية وغير العسكرية للروح المعنوية، وسايكولوجية القيادة والعالقة بين الضباط والجنود، مستفيدة من علم النفس التطبيقى وإسهاماته فى هذا المجال،

تربوية خاصة فى مجال اختبار الذكاء واالختبارات الواستخداماتها فى اختبار الجنود وتوجيههم، فإن الحرب الكونية الثانية، قادت هى األخرى إلى إسهام أكثر اتساعا

) تحليل المضمون( تمثل باالهتمام بالتنظير باستخدام أسلوب لمواد التخاطب واالتصال فى الصحافة واإلذاعة والسينما

نفس بأساليبهم وغيرها من قنوات االتصال ودخل علماء الالتجريبية فى هذا المجال، ودخل التأصيل الفعلى لظاهرة

عاية واإلعالن والعالقات الرأى من حيث عالقتها بالد .الدولية

لم تعد ظاهرة الرأى العام فى النصف الثانى من : رابعا هذا القرن محصورة فى جهود علماء السياسة والنفس

لتشمل علماء واالجتماع ، وإنما اتسعت الدائرة األنثروبولوجيا والبيولوجيا والفسيولوجيا والتأريخ واالقتصاد فى دراستهم للجوانب المختلفة للرأى العام، هذا من جانب ومن جانب آخر، اتسمت هذه الجهود بدخولها عالم التجريبية فى دراسة الظاهرة ، أى تبيان العالقات المتحكمة بها

ى نطاق اكتشاف الظاهرة ، تدخل ف)ميكروكزمية( كظاهرة ( الكلية المتعلقة بالسلطة ونظام الحكم فى إطاره

:وهذا ما انعكس فى جملة من المتغيرات منها) المكروكزمىأن المنهجية التجريبية قادت بشكل أو آخر، إلى ) أ (

ظهور استطالعات الرأى فى العقد الرابع من هذا القرن لوم االجتماعية فى والتى تعد واحدة من أهم إسهامات الع

كما أن التجريبية هذه قد أضحت فى العقود . القرن العشرين هى السمة المهيمنة على الدراسات المتعلقة . الثالثة األخيرة

.بالظاهرة أنها بدأت تتركز فى تناول ظاهرة الرأى العام ) ب(

كظاهرة مستقلة لها جوانبها المتعددة، والسعى إلى بناء صحيح أن الفكر السياسى مازال يقف نظرية خاصة بها،

منها مترددا ولكن هناك ثالث خصائص أساسية تتسم بها هذه

النظرية فى تطوراتها المعاصرة وهى أنها من جهة تجعل من نظرية البحث التجريبى األساس الوحيد الستنتاجها، ومن جهة ثانية أنها تسعى ألن تكون نظرية عامة تربط بين

من جهة ثالثة وأخيرة تحاول أن تنساب مختلف األجزاء ، وفى العالقة بين القانونين الداخلى والخارجى مكونة مجموعة معينة من الحقوق الفردية التى تكاد تكون جزءا من الحد

.األدنى للكرامة اإلنسانية، وهذا ما بحثناه من قبل بالتفصيل : الرأى العام فى الفكر العربى اإلسالمى- ٢

م بقدر كونه ظاهرة سياسية ، تنبع من إن الرأى العاخصائص المجتمع السياسى وتعبر عنه، فإنه ظاهرة اجتماعية وحضارية بالقدر نفسه ، وهذا يستدعى بالضرورة عند دراسة ظاهرة الرأى العام فى أى مجتمع أن يأخذ بنظر

: )١(االعتبار مجموعة من الحقائق، يرتبط بالسلطة )الرأى العام ( أنه كظاهرة سياسية : أوال

ومفاهيمها وممارستها ، والتى تتنوع وتختلف بتنوع التركيبة

ال هذا الموضوع بحاجة إلى دراسات جادة لتبيان تطور النظام ماز) ١(مفهوم ( فؤاد إسحق الخورى، . السياسى العربى، وللمزيد انظر د

، مجلة الفكر العربى، بيروت ، العدد)السلطة لدى القبائل العربية .٨٧ - ٧٥ ، ص ١٩٨١تشرين األول /أيلول ) ٢٢(

االجتماعية واختالفها، حيث تتأثر هذه التركيبة بدورها، بالقاعدة التكنولوجية والتنظيم االقتصادى للمجتمع وباألوضاع

.الديمغرافية وكثافة السكان، ومستوى التمدين ا ضرورة التمييز بين وهذا يعنى بدوره أيض: ثانيا

األنظمة السياسية المتطورة نسبيا من جانب، واألنظمة حيث تتصف األولى . السياسية المبسطة من جانب آخر

كالملكية، ومركزية السلطة، والمجالس التشريعية (واالستشارية ، والتنظيم الهرمى للسلطة، وتنظيم القضاء

-و شبه سياسية تركيبات سياسية أ-باعتبارها ) واإلدارة ال تقوم إال فى المجتمعات المتطورة زراعيا وحرفيا والمتعددة التركيب أثنيا واجتماعيا، حيث تميل التركيبات إلى أن توجد فى المجتمعات التى السياسية المتطورة نسبياتتمتع بكثافة سكانيا عالية ، وبالتالى تنظيمــات طبقية

المبسطة فتتصف ( واحـــــدة ، أما الثانية والتضاد المتوازن ) segmentation(بالتجــــــرؤ

)Balanced opposition( وبالتنظيمات غير الهرمية التى تقوموهى تسود المجتمعات : على اإلجماع أوال واألعراف ثانيا

الرعوية، والتى تقوم على زراعة بالمعول بدل المحراث،

لكثافة السكانية وبالتالى وغالبا ما تكون هذه المجتمعات قليلة ا .خالية من التنظيمات الطبقية

كما تتنوع األنظمة السياسية بتنوع التركيبة : ثالثااالجتماعية ، فإن مفاهيم السلطة تتنوع كذلك بتنوع األنظمة السياسية وطبيعة تركيبها، فالسلطة التى تمارسها الدولة ال

لمجتمعات القبلية تتطابق مع السلطة التى تمارسها القبائل أو ابمعناها ) السلطة ( ، وهنا يجب الفصل بين مفهومى

، ومعناها "العقل " و " الضبط " االجتماعى الشامل أى أى الصالحيات المنوطة بالمناصب ( التنظيمى المحدد

، إن المفهوم األول للسلطة وهو المتبع فى )الشرعية Authorityالتنظيمات القبلية ، ال يفرق بين السلطة

أو القوة (inftuence) ، بين النفوذ (power)أوالسلطان (Force) وبين القسر (Coers on) أو الهيمنة (Dominace)

) األعراف (و ) التنظيم االجتماعى ( فكلها تدخل فى زاويتى . عليه مفهوم السلطة وارتكازها عند القبيلة مالذى يقو

لدولة فإنه يفرق أما المفهوم الثانى المتبع فى تنظيمات ابين هذه المفاهيم بوضوح تام، ناهيك عن الوظائف السياسية

.التى ترتبط بتطبيقات المفهومين أيضا

وفى ضوء ذلك يتضح أن دراسة ظاهرة الرأى العام فى الفكر العربى اإلسالمى تنطلق من دراسة بنية هذا المجتمع

دراسة أو أوال ومؤسساته السياسية ثانيا، وهذا يعنى بدورهإلقاء الضوء على المجتمع العربى قبل اإلسالم ثم تبيان أثر الدين الجديد فى البنية السياسية واالجتماعية المرتبطة بقيام أولى المؤسسات السلطوية بعد هجرة الرسول الكريم محمد

، ) مكة ( إلى المدينة، ثم فتحه ) صلى اهللا عليه وسلم ( ذلك فى العصور المختلفة وتطور المؤسسات السياسية بعد

.التى شهدها التأريخ العربى اإلسالمىالسؤال األكثر أهمية وإلحاحا يدور حول وجود ظاهرة .. الرأى العام أو انعدامها فى الجزيرة العربية قبل اإلسالم

البعض يذهب إلى أن الرأى العام قبل اإلسالم قد تبلور من مجلس ( أو ) مألكمجلس ال( خالل بعض المؤسسات القبلية

المتكون من رؤساء األقوام أو األسر ) شورى القبيلة التى اتخذت مركزا يجتمع فيه ) كدار الندوة( الممثلين لقبائلهم

شيوخ قريش إذا ما طرأ أمر ما، حيث تتجسد ظاهرة الرأى أو رئيس القبيلة كما يتجسد فى ) السيد( العام بطريقة اختيار

القبيلة على االبتعاد عن مظاهر حدود معينة، ويحرص شيخ

االستبداد ودأبه على استشارة مجلس القبيلة كصورة مبسطة والبعض )١(للشورى التى أصبحت مبدأ شرعيا فى اإلسالم

اآلخر يرى أن ظاهرة الرأى فرديا كان أم عاما، قد تبلور فى عدة ظواهر شهدتها الجزيرة ، ومنها فى سبيل المثال

حلف ( بائل العربية ، كما هو الحال مع األحالف بين القالذى يعده هؤالء تعبيرا عن األصوات الساخطة ) الفضول

التى رفعها الرأى العام العربى احتجاجا وإنصافا للمظلومين . )٢(والغرباء

والواقع أن هناك جملة من المالحظات بخصوص هذين :الرأيين

بائل العربية، أن مفهوم السلطة وممارستها لدى الق: أولها مستمد من تنظيمها االجتماعى ومن أعرافها المتبعة، فالقبيلة واالنتماء القبلى عند العرب ليس له مضمون تنظيمى وإنما

، وهذا يعنى (status)هو رمز من رموز المنزلة االجتماعية

كظاهرة تعبر ) أسواق العرب( ، و )مجلس المأل ( اعتبار حول) ١(( عادل محيى الدين األلوسى، الرأى العام . عن الرأى العام انظر د

دار ) م٩٠٧ – ٨١٣ هـ ٢٩٥ - ٢١٨فى القرن الثالث الهجرى .٢٣ – ٢١ص ، ١٩٨٧الشؤون الثقافية العامة، بغداد

.ن. م) ٢(

أنه ليس للقبيلة العربية تنظيم سياسى أو إدارى موحد يجمع لذا عرفت . احدة فى هيكل متكاملبين فصائل القبيلة الو

القبائل العربية بأمرائها وشيوخها، وحتى اختيار هؤالء أو من قبل ) باإلجماع( اتخاذ القرارات المهمة وإن كان يتم

جماع هذا فى حقيقته ال يعنى عملية أفراد القبيلة، ولكن اإلالتصويت ، وإنما يعنى التمسك باألعراف والتقاليد ويأتى هذا

ك عن طرق مشاركة مجموعة من األنساب التى تمثل التمس لذا )١(العائالت المختلفة ضمن العشيرة فى المناقشات العامة

يمكن القول أنه يمثل رأى نخبة أو صفوة وبعبارة أدق أنه يمثل رأى صانعى القرار وليس رأيا عاما يتسم بالخصائص

.المعروفة لظاهرة الرأى العام على ذلك، ويدعمه بحدود واسعة أن مما يساعد: وثانيها

طبيعة التنظيم االجتماعى فالمجتمع العربى القويم أسوة ال ) الجماعة( بالمجتمعات البدوية كانت وحدته األساسية هى

لذلك فإنه وفقا لمفاهيم القبيلة وعاداتها وتقاليدها ) . الفرد ( ه تتحدد أفكار الفرد العربى وتصرفاته وتطلعاته وبالتالى آراؤ

التى اتسمت بخاصية الجماعية وذوبان الشخصية الفردية،

.٨٠ – ٧٩ذ، ص . س. خورى ، مفؤاد إسحق ال. د) ١(

تتحكم بمسلك الفرد فى النشاطات ) الجماعة( بحيث أضحت بل غدت السلطة ذاتها . االجتماعية والسياسية كافة

تتمثل فى هذه الجماعية – ولو بشكلها البسيط -ومؤسساتها ى فى ، التى تتحكم بها األعراف من جهة والتنظيم االجتماع

.القبيلة من جهة أخرى أن األعراف القبلية ال الرأى الشخصى أو : وثالثها

الجماعى هو الذى يتحكم فى مواقف األفراد واتجاهاتهم وآرائهم ، فهى أسس مسلكية مستمدة من سيرة األجداد،واستمرارها يتم بفعل القسر الذى تمارسه المجموعة

نه المجموعة على الفرد، فمن خرج عن االعراف خرجت عأو باألحرى أخرجته عنها، فهى تشمل مرافق الحياة جميعها

.لذا فال عجب أن تعد األعراف ضربا من ضروب اإلجماعواستنادا إلى كل ذلك يبدو واضحا للعيان أن مفهوم الرأى العام وتبلوره فى النظام السياسى السائد فى الجزيرة العربية

. متبلورا من حيث المضمونقبل اإلسالم ال يبدو واضحا ونعم قد يبدو كذلك من ناحية الممارسة الشكلية ولو بحدود معينة، ولكنه ليس كذلك من ناحية المضمون الفعلى والمعبر

أما الدول التى قامت فى . عن الظاهرة بأبعادها المختلفة

) معين(جنوب الجزيرة العربية ونقصد الممالك األربع ) قتبان(و ) مأرب(وعاصمتها ) سبأ( ، و ) قرناو(وعاصمتها ، )شبوة(وعاصمتها ) حضر موت(، و ) تمنع(وعاصمتها

فإن النشاط التجارى والزراعى لهذه الدول، بالرغم من أنه ساعد على تكوين كيانات سياسية أكثر ثباتا واتساعا، إال أن

لم يتجاوز - إن صح التعبير –صنع القرار السياسى للملوك، أما مجالس المشاورين والوجهاء اإلرادة الفردية

فكانت أشبه بمجالس استشارية وال نملك الكثير )١(واألعيانمن المعلومات لتحديد مهامها وطبيعة التمثيل السياسى الذى تلعبه ، فى عالقة الملك بأفراد الدولة ، لذا فالحديث عن ظاهرة الرأى العام فى هذه الدول، يظل خاضعا لما يستجد

معلومات فى هذا الخصوص، وإذا ما تفحصنا الجانب من اآلخر، لما يراه البعض، من حيث كون التحالفات القبلية تعبيرا عن ظاهرة الرأى العام، فإن هناك عدة حقائق تنفى مثل هذا الحكم وهى تنبع من طبيعة البنية االقتصادية ، والسياسية واالجتماعية للتنظيم القبلى فى الجزيرة العربية

دراسة ( كوين التأريخى لألمة العربية عبد العزيز الدودى، الت.د) ١(

مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ) فى الهوية والوعى القومى .٢٦ – ٢٥، ص ١٩٨٤

بل والتأثير البيئوى المرتبط بكل ذلك ، فالبيئة الصحراوية تتسم بكونها ال تتسع للتجمعات الكبيرة عادة، بل إنها تتخذ نطاقا عاما يتناسب وإمكانيات البيئة ويتمثل فى التماسك والقدرة على الحركة المشتركة من جهة ومدى توافر الماء

كانت القبيلة هى والمرعى للتجمع من جهة أخرى، ومن هناالوحدة الكبرى، وهى وحدة سياسية قبل كل شىء، بينما

هى الوحدة الطبيعية المتماسكة فى البادية ، )٢(كانت العشيرةأو بشرية ) مثل الجفاف( ولكن قد تدعو ظروف طبيعية

إلى تكوين تحالفات أكبر بين ) كالغزو والطموح(استثنائية جزيرة كانت تسكنها وحدات عدة جماعات أو قبائل، وهكذا فال

كما يقول )٣(قبلية تتجزأ أو تتحالف مع غيرها باستمرار

مدن، أو فى إن كانت القبائل حيث وجدت فى البادية أو فى ال) ٢(

القرى تخضع لتنظيم اجتماعى موحد، وإن اختلفت أشكاله وأعرافه، باعتبارها مجموعة ( فإنه يجب أن نفصل هنا بين مفهوم القبيلة

، تمثل مرتبة اجتماعية ، والعشيرة باعتبارها األداة )ذات اتجاه واحدثروة والجاه التنظيمية التى تجرى على أساسها توزيع المال، وال

لطة، والمناصب والمناهج العامة، ضمن القبيلة ذاتها، انظر والسذ، ص . س. فؤاد إسحق الخورى م. حول ذلك فى سبيل المثال، د

٧٩ – ٧٧. ٢٧ذ، ص . س، م) ٣(

–) السلم المكى( لذا فإن ) عبد العزيز الدورى(الدكتور والذى استطاعت قريش أن تحققه بين -نسبة إلى مكة

مجموعة من القبائل البدوية والحضر، والذى تمثل بجعل ل فيها لتسيير الحج لصالح األشهر الحرم فترة يتوقف القتا

عكاظ ومجنة وذى (النشاط االجتماعى واألدبى فى أسواقها وجاءت االتفاقات التى عقدتها قريش مع القبائل ). المجاز

على طرق التجارة إلى الشام واليمن وشرق الجزيرة السلم ( تنظيمات متممة لتنظيمات ) اإليالف(المعروفة بـ

.)١()المكى اء االجتماعى والسياسى كان وراء ظهور وكذلك فإن البن

التحالفات القبلية، وليس ضغوط أو اتجاهات الرأى العام ، تمدنا بأكثر من متغير ) للعصبية القبلية ( والتفسير الخلدونى

.)٢(فى هذا االتجاه حيث نالحظ

.٣٠ص . ن. م-) ١(. د( انظر حول ذلك أكثر الدراسات أهمية فى الفكر الخلدونى ) ٢(

معالم ( دولة ية والفكر ابن خلدون، العصب) محمد عابد الجابرىدار السئون الثقافية العامة، ). نظرية خلدونية من التاريخ اإلسالمى

عبد القادر . وأيضا د٢٧٢ - ٢٥١بغداد، بال تاريخ ، ص جغلول، االشكاليات التاريخية فى علم االجتماع السياسى عند ابن

إن التضامن الذى يربط الفرد بالعصبية، والعصبية – ١ المجتمع القبلى ،مسؤولية بالفرد، قد جعل المسؤولية فى

جماعية ، فالجماعة التى صدر منها العدوان، تعد كلها مسؤولة عنه، حتى ولو لم تكن موافقة عليه وال مشجعة له، مثلما أن العصبة المعتدى عليها تعد نفسها مسؤولة عن رد العدوان والثأر له، وإال فتحت الباب بتقاعسها، أمام المعتدين

وقد أضحت عملية الثأر تعنى وبشكل . ماليلتهموها التهامختصر عملية الكفاح من أجل البقاء ، وأمام صالدة هذا المفهوم وخطورته فى العالقات بين القبائل، فقد وجد المجتمع القبلى نفسه مدفوعا بخطر الفناء، بسبب عادة الثأر هذه ،

بين ) التعايش السلمى( وهذا ما دفعه إلى إيجاد نوع من عات التى يتشكل منها، وذلك بالتخفيف من هذه الجما

بأعراف وتقاليد ونظم معينة، وأهم هذه ) السلبية (العالقات النظم، التى تلعب دورا إيجابيا فى المحافظة على عالقات

نظام ( اعتيادية ، وأحيانا ودية ، بين الجماعات المتجاورة ).الحلف

فيصل عباس ، دار الحداثة، بيروت، . ، ترجمة د٢خلدون ، ط

٧٤ - ٥٨ص ، ١٩٨٢

يعته إن نظام التحالف هذا فى جوهره ، وطب- ٢القانونية والسياسية ، ال يتعدى أن يكون أشبه بالمعاهدات التى تجرى اليوم بين الدول تحت شعار الصداقة وحسن الجوار والتعايش السلمى، وبعبارة أخرى أنه تعبير عن مصالح مشتركة معينة قائمة بالفعل، لمجموعة معينة من

.القبائل ضد مجموعات أخرى ، ليس إالأنه من االدعاء وجود ظاهرة الرأى العام ومن هنا يتضح

بمفهومها المعروف فى الفترة التى سبقت ظهور اإلسالم فى الجزيرة العربية ، ألنها كأى ظاهرة سياسية تنبع من خصائص المجتمع السياسية وتعبر عنه، وإذ عرفت الحضارة اليونانية أو الرومانية جوانب من الظاهرة ، فليس من المعيب

النقص، أن ال يمتلك البناء الحضارى العربى قبل وال من ( اإلسالم مثل هذا التصور، مادام البناء االجتماعى لم يعرف

فى طبيعة تكوينه، حيث يشعر العربى ) الظاهرة الفردية دائما أنه جزء ال يتجزأ من العصبة التى ينتمى إليها ، بل إن

نتماء الكلى ذلك يتمثل باالستعداد الدائم فى نفس الفرد، لالللعصبة واستعداده لتجسيم هذا االنتماء بفنائه فيها فناء كليا، أى أن الفرد فى هذه الحالة يفقد شخصيته بل فرديته،

ويتقمص شخصية العصبة ، ولكن علينا أن نالحظ أن مثل هذا الشعور ال يبدو واضحا وال يصبح شعورا فاعال، إال إذا

د العصبة أو ينال من كان هناك خطر خارجى يهدد وجوكيانها المادى أو المعنوى، أما فى األحوال االعتيادية فهو فى

يطغى عليه شعور الفرد بأناه ) شعور كامن( الغالب .)١(وشخصيته واستقالله فيحيا حينئذ وكأنه وحده الموجود

التى عرفها ) الظاهرة الفردية ( وبعبارة أخرى إن ستقاللية للشخصية ، وإنما العربى ليست تعبيرا عن وحدة ا

هى تعبير عن التنظيم االجتماعى أوال واألعراف ثانيا واللذين ارتكز عليهما مفهوم السلطة والممارسة السياسية للفرد من خالل هذه السلطة، التى تستوعب بمجملها فى

كتجسيد للتنظيم السياسى والروح العامة ) العصبية ( ظاهرة ا التنظيم بكونه متأسسا على ترابط واتصاف هذ. التى تسوده

واقعين متناقضين هما التضامن القبلى من جهة، ووجود

. محمد عابد الجابرى ، فكر ابن خلدون، العصبية والدولة ، م. د) ١(

.٢٥١ – ٢٥٠ذ، ص . س

جماعة مسيطرة فى داخل القبيلة من جهة أخرى والتى تمثل .)٢(النخبة أو الصفوة التى تتولى المهام القيادية فى القبيلة

ولعل ما يؤكد هذه الحقيقة ، التراث الشعرى الذى تركه جاهلية ، حيث نالحظ وبوضوح فقر القصائد لنا عرب ال

الجاهلية عامة، للتصوير النفسى والتفصيل فى األحوال الفردية، فقد كان الشاعر الجاهلى يطمس فرديته الخاصة،

وكانت هذه الذاتية ، تنوب عن ). الذاتية العامة ( ليبرز الموضوعية الذاتية، بالموضوعية اإلنسانية فهو لم يكن نتيجة

ة البناء االجتماعى والسياسى للقبيلة، بأن يؤكد لطبيعشخصيته كجوهر متعال للفرد وإبراز للفردية، وإنما كان يتحدث باسم اإلنسان العربى ذاته، كما هو مدرك من خالل مثل اللغة والتربية ، والسلوك االجتماعى، وبالمقابل فإن الجماعة كانت تنتظر من شعرائها تأكيد ذاتيتها كما هى فى

ومع . )١(الواقع، أو كما يجب أن يكون عليه هذا الواقع مجىء اإلسالم وظهور الدعوة المحمدية، كان البناء

.٦٥ – ٦٣ذ، ص . س. عبد القادر جغلول، م. د) ٢( ١ج ) موسوعة الشعر الجاهلى ( مقدمة كتاب . جبرائيل جبور. د) ١(

.٤٦، ص ١٩٧٤بيروت . شركة خياط للكتب والنشر

المجتمعى والسياسى فى الجزيرة العربية بأكملها ومتطلعا إلى أرض السواد، فى اتجاهه الوحدوى هذا ، كمرحلة أولى،ومع ظهور بدايات إنشاء المؤسسات السياسية فى عهد

رسول ، ثم عهد الخلفاء الراشدين، كانت ظاهرة الرأى الالعام، كأداة سياسية، قد بدأت بالظهور إن لم نقل إنها قد احتلت موقعا فعليا فى دولة الخلفاء الراشدين، ولكن قبل أن

-نبحث نشوء الظاهرة وتطورها فى المجتمع العربى ية ودول اإلسالمى الجديد مرورا بالدولتين األموية والعباس

المغرب العربى حيث هناك مجموعة من المتغيرات يجب أن نقف عندها، ألنها توضح لنا طبيعة هذا الرأى، وعالقته بالحياة السياسية ، والنظام السياسى برمته، والتى ترتبط

فى أوسع تطبيقاته ، حيث )٢()اإلسالم والسياسة( بمفهوم

هنا، هو اإلسالم كظاهرة سياسية ، ) باإلسالم السياسى(ما نقصده ) ٢(ظواهر متعددة دينية واجتماعية واقتصادية كوالتفريق بين اإلسالم

أكاديمى من أجل متابعة تطور الفكر السياسى، ما هو إال تفريق والمدرسة السياسية فى الحضارة العربية اإلسالمية ، كظاهرة

بصورة منفصلة عن بقية النظام مستقلة يمكن تحديدها وتحليلها القيمى الموحد الذى يتحكم باإلسالم كدين، حيث اإلسالم فى حقيقته ليس إال حقيقة كلية ، الحضارة تندمج فيه بالسلوك، والبعد الدينى

.يتعانق مع الوجود السياسى

تعبيرا عن النظام السياسى ومؤسساته ليس فى جوهره إالالتعاليم اإلسالمية والتى انعكست على المثالية السياسية فى

وأهم هذه المتغيرات التى . التقاليد العربية اإلسالميةاستطاعت أن تحدد مثالية النظام السياسى وقدرته على االقتراب بشكل وآخر من التعاليم والتقاليد التى صاغها

له صلة بالعالقات اإلسالمى فى كل ما-التراث العربى : )٣(بين الحاكم والمحكوم هى اآلتى

. مبدأ الخالفة - ١ . اإلسالمية - وحدة األمة العربية - ٢ . األخذ بمبدأ الشورى أسلوبا من أساليب الحكم- ٣ . تطبيق الشريعة كأساس للنظام القانونى الداخلى - ٤ والدولة مبدأ العدالة هو محور العالقة بين المواطن - ٥ وينبع من مبدأ العدالة ، النظام القائم على احترام - ٦

.الكرامة الفردية

، مستقبل اإلسالم السياسى ، معهد البحوث حامد ربيع . انظر د) ٣(

.٢١ – ١٦ ، ص ١٩٨٣ ، بغداد والدراسات العربية

إن حق التشريع هو وليد حق اإلفتاء وبذلك فهو مستقل - ٧ .تماما عن سلطة الحاكم

. ويرتبط بذلك مبدأ استقالل السلطة القضائية- ٨ . سيطرة مبدأ الجهاد على استقالل السلطة القضائية- ٩ ويغلف كل ذلك التزام الدولة بأن يستطيع الفرد، أن - ١٠

يحقق ذاته، وأن يصل إلى النقاء الروحى فى ظل .السلطة

وبقدر ما تمثل هذه المثالية من خصائص ترتبط بالنموذج السياسى والحضارى العربى اإلسالمى، فإنها تعكس هذه ة الخصائص، وأول ما نالحظه حول ذلك ونقصد هنا الخبر

اإلسالمية كما عرفها التطبيق العربى، أن تلك التقاليد لم تقبل سوى خليفة واحد، فكما أن القرآن واحد والرسول واحد، فكذلك البد وأن يكون الحاكم األعلى الذى يتولى حكم

ومن هذا . الجماعة باسم تلك اإلرادة التأريخية واحدا أيضا على المجتمع المنطلق نفهم النتيجة األخرى التى سيطرت

العربى اإلسالمى وهى الشعور بالتجانس من جانب والتميز من جانب آخر، فكل من ينتمى إلى المجتمع اإلسالمى، حتى لو لم يكن مسلما هو جزء من الجماعة وله حقوق وعليه

التزامات ، وغير من ينتمى إلى تلك الجماعة وطالما أنه -العربية ( ارة خارج عن عالقة تقاليد القناعة بهذه الحض

أما الممارسة السياسية فقد . فهو أقل منها رتبة) اإلسالمية كمحور للممارسة السياسية من ) الشورى( تمثلت بعنصر

جانب الحاكم، أى ليس من حق صاحب السلطة أيا كان ( ومهما ارتفعت مرتبته أن يتخذ قرارا من دون أخذ رأى

ونى وسياسى يفرض ، فالشورى التزام قان)أهل الحل والربطنفسه على الحاكم بحيث إن شرعية قراره تفقد أصولها لو لم

.يسبق اتخاذ القرار السؤال واالستفهاموإذا ما تتبعنا عالقة الدولة بالمواطن، فى مستوى آخر

، نجد ) الحل والربط( من العالقة، والتى تلى عالقته بأهل ند إلى أوامر أن هذه العالقة تنبع من القناعة الدينية وتست

معينة وقواعد سلوكية ال يستطيع الخليفة أن يخرج عليها أو يتناقض فى ممارسته مع أى منها، ال نعنى بذلك القرآن الكريم ألن جميع تعاليم القرآن لم تتجه إلى المواطن فى عالقته بالحاكم، بأى قيود أو تعاليم وإنما ترك المواطن ينظم

وهو بهذا المعنى إن اإلسالم . قلةواقعه السياسى بإرادته المستأكثر األديان عصرية والتقاء مع خبرة اإلنسان المعاصر،

أى اإلرادة ) البيعة( فهو يقيم العالقة السياسية على مبدأ مصدرا مباشرا لتنظيم ) اإلجماع( الجماعية، وهو يجعل من

العالقة السياسية أى اإلرادة الجامعية، وهو يفرض على أ الشورى أى مبدأ تعدد اإلرادات فى صنع القرار الحاكم مبد

الساسى القومى وغير القومى، وهو يفرض مبدأ المسؤولية كلكم راع " على كل من يملك سلطة، فال حق من دون التزام

أى كل من يملك سلطة فهو " وكلكم مسؤول عن رعيتهوأكثر صور . مسؤول إزاء من يمارس فى حقه تلك السلطة

بالرغم من أنه ) الجهاد( جليا تظهر فى مفهوم هذه الحقيقة تيعنى العالقة الخارجية، فهو ليس التزاما فرديا، وإنما نظام متكامل من القيم يربط الفرد بالجماعة بحيث إن كليهما

.)١(ينصهر فى إطار معنوى واحد تقوده الدولة وتلتزم بهوفى ضوء ذلك ومن خالل خصائص المثالية السياسة

الم، نستطيع أن نتبين مفهوم العالقة بين السلطة لإلسوالجمهور، من خالل ظاهرة الرأى العام ودورها فى الممارسة السياسية، ولو فى األقل فى إطارها الفكرى وكما

– ١٨ذ، ص . س. حامد ربيع ، مستقبل اإلسالم السياسى م.د) ١(

٥١ ، ٢٤، ١٩.

تناولته األدبيات السياسية فى التراث العربى اإلسالمى، بالرغم من أن هذه المثالية الفكرية قد ال تجد تطبيقاتها

يدانية، ووجودها الموضوعى فى العديد من نماذج الحكم الم .فى الحضارة العربية اإلسالمية

إن خالفة الراشدين ، قد أظهرت بداية إنشاء المؤسسات السياسية فى الجزيرة العربية ولكن هذه المؤسسات ، بما فيها منصب الخليفة ذاته، لم يكن ليتجاوز عملية القيام بضمان

هنا فإن الرأى )٢(ومن . ريعة والتقيد بهاتطبيق أحكام الشبالدرجة األولى ، ) النصيحة(و) المشورة ( وإن كان يعنى

إال أنه الرأى الموافق للشريعة والسائر فى حدودها وهذا ما ال تقولوا لى : " تجسده مقولة الخليفة الثانى عمر بن الخطاب

الرأى الذى تظنونه يوافق رأيى، بل قولوا الرأى الذى فالرأى هنا تعبير الحقيقة السياسية ) تحسبونه موافقا للحق

عن المثالية الدينية ، وال موضوع للرأى الذى يعبر عن واقع ، أو اتجاه سياسى قد يتعارض )طبقى(اجتماعى أو اقتصادى

ويختلف كليا أو جزئيا مع النظام القيمى المتكامل الذى جاء

عبد الرحمن الشرقاوى ، الفاروق عمر بن الخطاب، مركز ) ٢(

.٢٥٦ ، ص ١٩٨٧ القاهرة -األهرام للترجمة والنشر

حاجة إلى معرفة التغذية به الدين الجديد، لذا فهو دائما بالعكسية الراجعة، لعملية اتخاذ القرار السياسى، من خالل

عن رأيهم فى أداء الخليفة وإن كان قد ( سؤال الصحابة أما خصائص التعبير )١()قصر فى مسؤوليته عن رعيته

يحق على ( عن هذا الرأى فهى كما يقول الخليفة الثانى ينهم، بين ذوى الرأى منهم المسلمين أن يكون أمرهم شورى ب

فالناس تبع لمن قام بهذا األمر، فما اجتمعوا عليه ورضوا - وبتعبير آخر ، إن )٢()به لزم الناس، وكانوا فيه تبعا لهم

، سواء أكانوا "ذوى الرأى" عملية الشورى مرهونة بـ قادة " صانعى القرار السياسى أم ما يصطلح عليه اآلن بـ

هو الذى يحدد إلزامية التعبير ) اإلجماع ( و". الرأى العامعن الرأى، صحيح أن هناك مكانا للرأى المخالف وفقا لحدود الكرامة والحرية الشخصية ، ولكنه يظل أسيرا لشرطية اإلجماع، فالجماعية ليست فى جوهرها إال تعبير عن المثالية الدينية، وبالتالى فال خروج عليها، وإن كان هناك موقف

فمن استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال . "فض لها ر

.٢٠٩ص . ن. م) ١( .٢٥٦ص . ن. م) ٢(

، كما يقول الخليفة الرابع على بن أبى "شاركها فى عقولها ولكنه من جانب آخر، يظل فى اشتراط عدم )٣(طالب

الراضى بفعل " خروجه على حدود الشرع وأحكام الدين ألن قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل فى باطل إثمان، إثم

أما مستويات هذا الرأى ، . )٤(" مل به، وإثم الرضى بهالعفيحددها الخليفة الرابع ، من خالل مقولته الشهيرة فى وصيته

فعالم ربانى ، : الناس ثالثة): " لكميل بن زياد النخعى( ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق،

م يلجأوا يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ول وهو ما نعرفه اليوم برأى النخبة أو )٥("إلى ركن وثيق

الصفوة ، والرأى العام المستنير ، والرأى العام غير المستنير .، والذى يقترب من مفهوم الغوغاء بشكل كبير

، دار المعرفة للطباعة ٤ محمد عبده، جـ نهج البالغة، تحقيق) ٣(

.٤١والنشر، بيروت ، بال تأريخ ص .٤٠ص . ن. م) ٤( .٤٠ - ٣٥ص . ن. م) ٥(

وهكذا يتضح أن أهم ما تطرحه التجربة السياسية للخالفة ى العام اإلسالمية فى عهد الراشدين بخصوص ظاهرة الرأ

:مجموعة من الحقائق هى إن الظاهرة أى ظاهرة الرأى العام، تنبع من - ١

خصائص النظام السياسى الجديد، والمؤسسات السياسية التى تنتظم فى داخله، حيث يقوم هذا النظام فى ممارسته السياسية

( على أساس البيعة، والشورى، واإلجماع ، وتكفل الخليفة ).سة الدين وسير أحكام الشريعةبسياسة الدنيا وحرا

إن الرأى بقدر ما هو تعبير عن حرية الفرد فى - ٢إبداء هذا الرأى، فإنه يفترض التنظيم من خالل التعبير عنه بوساطة قادة الرأى العام، والذين خرجوا عن دائرة المصالح

.القبلية إلى دائرة أرحب هى دائرة الجماعة اإلسالمية أنموذج الحكم اإلسالمى األول، قد ومن ثم فإن- ٣

طرح لنا عدة مفاهيم لظاهرة الرأى العام، البد من مناقشتها :وتبيان موقعها من الظاهرة وهى

:البيعة ) أ ( وتعنى لغويا التعاهد والتعاقد بين الطرفين ، فيقال بايعه

: أى عاهده وعاقده عليه ، وبويع له بالخالفة: على األمر

يعه الناس خليفة، ويتجلى معنى البيعة بصورة توالها أو باإن الذين يبايعونك " أكثر وضوحا من خالل قولـه تعالى

، فالبيعة هنا فعل تعاقدى بين المسلمين )١(" إنما يبايعون اهللاوالرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم ، ولكنه فى الوقت ذاته

الى ورسوله مبايعة إيمانية للحق الذى يمثله اهللا سبحانه وتع .الكريم

إال أن البيعة بمفهومها الواسع تعنى التولية لفرد من األمة ( تتوافر فيه شروط معينة من خالل عملية تعاقدية يتعهد فيها

-حقوق األمة ( الذى تمت له البيعة، بتأدية ) الخليفة قد أدى حق اهللا تعالى فيما لهم وعليهم، -وعندها يكون

ولكن ما هى )٢()قان ، الطاعة والنصرةووجب له عليهم، حمؤتمر ( ؟ هنا اختلف المسلمون منذ ..شروط خالفة الرسول

حيث كان للفرق ) نظرية الخالفة( بخصوص ) السقيفةاإلسالمية مواقفها المعروفة حول ذلك، وما شهدته أزمة الحكم فى الدول العربية اإلسالمية، إنما يعود فى حقيقته إلى

المنظمة العربية للتربية ) الروس( المعجم العربى األساسى ، ) ١(

.١٩٨٩ – ٨٨ ص ١٩٨٩والثقافة والعلوم، تونس لواليات الدينية ، االحسن الماوردى ، األحكام السلطانية و أبو) ٢(

.٣٢ ص ١٩٨٩المكتبة العالمية ، بغداد

بين هذه الفرق، فإن كان البعض ) ظرية الخالفةن( إشكالية منها يرى أن الخالفة قد نص عليها، خالف ذلك آخرون،

المحدد بشروط معينة، ولكن مهما ) باالختيار ( وقالوا إنها كانت عملية االختالف، فإن الخالفة تتطلب إشهار البيعة وإعالنها من قبل المسلمين، وهى هنا واجب عقلى وواجب

تمثل ) البيعة( ى الوقت ذاته، وإذا شئنا الدقة فإن شرعى فالتعبير عن المشاركة السياسية من جانب، والتأكيد على شرعية الخليفة، سواء أكان منصوص على خالفته أم تم

.من جانب آخر) التعيين أو الشورى( اختياره بوساطة فى ظاهرها ، عملية تجسيد لظاهرة ) البيعة( إذن تبدو

ام، والتعبير عن اتجاهاته، إال أن تفحص طبيعة الرأى العالبيعة والتأنى فى تحديد خصائصها، من خالل المثاليات السياسية التى يمثلها الفكر السياسى اإلسالمى، أو الممارسة الواقعية التى تبدو مناقضة لهذه المثالية فى بعض جوانبها

:يدعونا إلى الوقوف عند أكثر الحقائق أهمية وهى إن البيعة كما عرفها التراث العربى اإلسالمى،وفى - ١

عهد الخلفاء الراشدين فى األقل، إن كانت فى جوهرها ، فإنها كأسلوب من أساليب الممارسة ) مشاركة سياسية (

التى تعنى فى ) التصويت( الديمقراطية، تتماثل مع عملية لرأى حقيقة األمر االعتراف بقوة الرأى الفردى واحترام هذا ا

ولو من حيث الشكل كأحد عناصر صنع القرار المرتبط مماثلة ) البيعة( بالجماعة وبمصالح الجماعة وبذلك تبدو

كما عرفها الفكر السياسى المعاصر، ) التصويت( لممارسة ليس إال فعال طقسيا يرتبط بالمشاركة السياسية، وهى العالمة

متسلطة لفرد أو األولى والحقيقية على أن الحكم ليس إرادة مع )١(لفئة، وإنما هو تقابل بين إرادة حاكمة وإرادة محكومة

مالحظة أن اإلرادتين ال تمتلكان أسباب التعارض بقدر امتالكهما صفة التوافق، لذا فإن البيعة وإن أفرغت من محتواها األصيل فى العصور اإلسالمية التالية، إال أنها ظلت

إلضفاء الشرعية على أى خليفة تعنى صورة شكلية البد منها جديد من أجل تبرير وجوده السياسى من منطلق الوعى

.الجماعىحيث تعنى فى جوهرها الممارسة ) البيعة( إن - ٢

السياسية ما هى إال عملية تحقيق توازن بين الحاكم

) سلوك المالك فى تدبير الممالك( حامد ربيع ، مقدمة كتاب . د) ١(

.٤٨ – ٤٦، ص .ذ. س.لشهاب الدين ابن أبى الربيع، م

والمحكوم،وقدرة الفرد على انتزاع حقه وفرض االحترام ذه الحقيقة لنوع من التطور لرأيه على الحاكم، وإن خضعت ه

العكسى مع التقدم الحضارى للمجتمع اإلسالمى فإن هذا ال ( ، ومن خالل ذلك يتضح أن )١(يمنع من تأكيد هذه الداللة

هى ممارسة سياسية تحمل فى ثناياها التعبير عن ) البيعةاتجاهات الرأى العام، وتضع له أهمية كبرى، وإن كانت فى

ة شكلية للتعبير عن ظاهرة الرأى العام أغلب األحيان ممارسإال أنها وبعبارة أدق ال تعنى ظاهرة الرأى العام وإنما حالة مماثلة للتصويت والمشاركة السياسية والتى تنبع من طبيعة .الفرق والجماعات والمدركات السائدة فى المجتمع اإلسالمى

:الشورى ) ب(تالبا للجدل من أكثر المفاهيم اج) الشورى( يظل مفهوم

واالختالف سواء من ناحية الرؤية المذهبية إليه من قبل الفرق اإلسالمية المتعددة، أو من ناحية تطوره كمثالية سياسية تناولها الفكر السياسى والدينى فى مرافعات الدفاعات المذهبية منذ بدء أزمة الحكم فى اإلسالم وحتى اآلن بالرغم

.١٤٦ص . ن. م) ١(

ة للشورى بعد زوال دولة الخلفاء من انتهاء الممارسة السياسي .الراشدين، وبقائه مطلبا مثاليا فى العصور اإلسالمية التالية

كمصطلح لغوى تعنى التشاور كما جاء ) الشورى ( إن ، أو االسم من أشار )وأمرهم شورى بينهم( فى قوله تعالى

) الخالفة شورى ( عليه والقول إن الخليفة الثانى قد ترك ( خالفة أمر متشاور فيه، والمعنى المعاصر يعنى أن ال

يقصد به المجلس المؤلف الستماع ) لمجلس الشورى الدعاوى عرفيا أو فى شؤون البالد، ويتكون من أصحاب الرأى الذين تستشيرهم الحكومة من خالله فى مختلف شؤون

ويتضح أن المفهوم الواسع للمصطلح يتضمن إبداء . )٢(البلدومن هنا نفهم أن . وتصويبه وإبداء النصيحةالرأى ومناقشته

النصائح التى تضمنتها مؤلفات الفكر السياسى بالنسبة لصانع . اإلسالمى-القرار السياسى فى النظام السياسى العربى

الماوردى، وابن أبى الربيع ، ( ونظرة سريعة فى مؤلفات تفصح عن الخطوط ) وابن األزرق، والمرادى، وابن الحداد

ذ، . س. انظر حول معنى الشورى، المعجم العربى األساسى ، م) ٢(

– ٤٠٧ذ، ص . س. ألعالم، م اللغة وا والمنجد فى٧٠٨ص ٤٠٨.

ريضة للمعنى االصطالحى للشورى بمعنى الوظيفة العاالستشارية للعالم السياسى ودوره فى صنع هذا القرار، وإن ظل ذلك بعيدا عن الممارسة الواقعية فى أكثر األحيان، ولكن ذلك ال ينفى المهمة األساسية للغاية التى وضعت من أجلها

.هذه المؤلفاتمن ظاهرة الرأى وموقعه ) الشورى ( لكى نحدد مفهوم

العام، وباألحرى كونه تعبيرا عن الظاهرة فى جوهرها، وبعيدا عن اختالفات النشأة، حيث عدها البعض، أساسا لفلسفة الحكم، فيما رفض آخرون هذا المفهوم، فإنه يمكن

خالل حكم دولة الخلفاء الراشدين ) الشورى ( القول أن صدر اإلسالم، كانت تمثل فلسفة الحكم والدولة فى عصر

وإن كان البعض يرجعها إلى عهد الرسول الكريم صلى اهللا حيث خرجت الشورى من النطاق الفردى غيرا ( عليه وسلم

. لمنظم إلى نطاق التنظيم المحكوم بمؤسسة من المؤسسات فهناك ما يشير إلى وجود مجلس شورى فى عهد الرسول،

الهيئة التى كان عدد أعضائه سبعين عضوا، كما كانت تلك المهاجرين ( عرفت فى كتب التأريخ ومباحث اإلمامة باسم

وهى الهيئة التى كانت أشبه بحكومة الرسول، والتى ) األولين

استأثرت بمنصب الخليفة ، ترشحه من بين أعضائها وتختاره هى، ثم يبايعه بعد ذلك ويصدق على قرارها من حضر

محمد ( ول الدكتور كما يق) المدينة من المهاجرين واألنصار إال أنه رغم االعتراضات المتعددة على هذا )١()عمارة

الرأى ، وبشكل خاص حول ظهور المؤسسة السياسية اإلسالمية بهذه الصيغة، إال أن مفهوم الشورى كما جاء فى القرآن الكريم كفلسفة وسلوك، يمثل حقيقة ال اختالف عليها،

ختالفها بخصوص اتخاذ من حيث كونه يمثل تعددية اآلراء واتقدم ) األحزاب( القرارات المهمة بالنسبة للمسلمين ، وغزوة

قاعدة (لوضوح حول استخدام أنموذجا واضحا تمام افى اتخاذ القرارات الدينية والسياسية والعسكرية، ) الشورى

ومعنى المشاركة فى صنع القرار السياسى، ولكن مما ال شك فة بعد عمر بن الخطاب إلى عثمان انتقال الخال( فيه أن فى

بن عفان تتأكد فلسفة الشورى فى دولة الخالفة ويتسع نطاقها ليشمل كل من ضمته العاصمة من المسلمين، مهاجرين كانوا أم أنصارا، إال أن القرار الحاسم ظل للهيئة التى تميز

المؤسسة العربية للدراسات -الخالفة ونشأة األحزاب اإلسالمية ) ١(

.٥٤ – ٥٣ ص ١٩٧٧والنشر، بيروت

ومع )٢()المرشح وتختاره ، وهى هيئة المهاجرين األولين األموية طويت صفحة دولة الخالفة ونظامها مجىء الدولة

الذى أسس على فلسفة الشورى،وتحولت الدولة إلى ملك وراثى، احتكره األمويون، وبذلك انتهت تجربة الشورى فى الدولة العربية اإلسالمية، وبدال من أن تتوسع هيئة الشورى ويتم تنظيمها فإنها قد ذهبت بذهاب دولة الخالفة ونظامها

تها فى الشورى، ولم نعد نسمع عن الشورى إال حديثا وفلسفتردده الفرق اإلسالمية المناهضة لنظم الحكم التى سادت وهو حديث نظرى، وأكثر من ذلك فإنه حديث يتناول الشورى من دون أن يقدم تصورا لشكل تنظيمى يجسد

.)١(الشورى فى المؤسساتر إن نظرة متفحصة إلى تجربة الشورى خالل عص

ما هى فى ) الشورى (صدر اإلسالم، ترينا بوضوح أن طبقية سياسية -) للرأى العام الطبقى( حقيقتها إال أنموذج

فهى تعبر عن الظاهرة أى ظاهرة الرأى العام فى أحد -مستوياتها وهو الرأى العام الطبقى، ولكنها ال تقدم الشمولية

.٦٠ – ٥٩، ص . ن. م) ٢( .٦٦ – ٦٢ص . ن. انظر م) ١(

م من خالل عدة والحقيقة الكلية للظاهرة ، ويتضح هذا الحك :متغيراتأن هيئة الشورى التى مارست دورا بارزا فى دولة : أوال

الخالفة الراشدية، كانت تمثل أوائل المهاجرين واألنصار ومن كانت لهم سابقة فى اإلسالم، ولم تتعد ذلك إلى بقية

فهو رأى يمثل . المسلمين من التابعين فى سبيل المثالةالمفهوم الواسع لطبقة كما نعنيه الصفوة وطبقة معينة بقدر

هنا، وأما استشارة بقية المسلمين فى أمر ما، فإنه ظل أيضا تعبيرا عن هذه الطبقية من خالل انحصارها فى أصحاب السابقة فى اإلسالم، والتى تمتلك التأثير والقوة وال يعنى ذلك عدم االستماع أو تقبل اآلراء األخرى للمسلمين ، ولكن

من الناحية العملية ظل محصورا بالطبقة األولى، يمثل التأثيراتجاهاتها ويعبر عن إرادتها بحكم كونها الصفوة المختارة

.األكثر فهما باإلسالم ووعيا بأحكامه ومما يؤكد هذه الحقيقة أيضا أن العاصمة : ثانيا

ظلت تمثل مركز ممارسة الشورى ، واختيار الهيئة ) المدينة(ا، بينما لم تتملك الحواضر والمدن األخرى الخاصة به

ولم ) المدينة( األهمية ذاتها، فالقرار كان يأتى من العاصمة

تكن الحواضر األخرى فى أرض السواد لتمتلك مثل هذا . التأثير

وبالتأكيد أن . ولكن كانت أصوات المسلمين فيها تسمع مسلمين هيئة الشورى فى المدينة إنما تمثل الوعى الجماعى لل .فى كل مكان، والتعبير عن اإلرادة الجماعية للمسلمين

: اإلجماع-ج فكرة اإلجماع ال تنفصل عن نظام الشورى ، فهى

لذا فقد اختلفت المذاهب . مستمدة منه وتأكيد لشرعيتهتبعا لرفضها أو ) اإلجماع( اإلسالمية أيضا فى تفسير حقيقة الوقت الذى أجمع فيه ففى . قبولها مبدأ الشورى فى الحكم

أكثر أهل السنة على أن اإلجماع حجة شرعية ، ذهب اإلمامية من الشيعة مذهبا آخر حيث لم يرفضوه ولكنهم قللوا من أهمية اإلجماع وقيمته كمصدر للعلم الدينى، وسلموا

.نظريا بقيمته فى الفصل بالمسائل الدينية عنى سنجد أنه ي) اإلجماع ( وإذا عدنا الى معنى

فى أكثر معانيه شيوعا ، ومنه قولهم أجمع القوم ) االتفاق ( على القتال أى اتفقوا عليه ، واالتفاق هذا ال ينعقد إال من اثنين فيما فوقهما ، فهو متعلق باتفاق الجماعة على أمر ما ،

أما المعنى الفقهى كما عبرت عنه المذاهب السنية األربعة سلمين فى عصر ما على أمر ما فهو اتفاق المجتهدين من الم

اإلجماع ( ويعد أصال من أصول التشريع ، ومنه أيضا الذى يعنى سكوت الباقين ، وأما باعتباره أى ) السكوتى

اتفاق : أحد مصادر التشريع اإلسالمى ، فيعنى ) اإلجماع ( أهل النظر فى المصالح ، وهم رجال الشورى الذين تعرض

ناولونها بالبحث، وتتفق آراءهم فيها عليهم الحوادث دينيا ويت، وال عبرة لمن يخالفهم عليها ، ألن الجماعة أحق باإلصابة

إال أن اإلشكالية التى وقع فيها مفهوم )١(وأولى بالحجة هل يمكن قيام إجماع فى عصر ما حول : اإلجماع فقهيا هى

مسألة معينة بعد أن استقر الخالف حولها فى العصر السابق جابة حول ذلك غير متفق عليها، إال أن العديد من ؟ واإل

فاتفاق العصر الثانى بعد : ( الفقهاء قد اتفقوا بعدم جواز ذلك استقرار الخالف فى العصر األول ممتنع عند األشعرى

انظر حول التعريف اللغوى واالصطالحى لإلجماع ـ المعجم )١(

، والمنجد فى اللغة ٢٦١ـ٢٦٠ذ،ص .س.العربى األساسى معادل محيى الدين األلوسى ، الرأى .، ود١٠١ص. س.واألعالم م

هـ ، دار الشؤون ٢٩٥ ـ١٩٨العام فى القرن الثالث الهجرى . ٢٨ـ٢٧، ص١٩٨٧الثقافية، بغداد،

، وبعيدا )٢() واإلمام حجة اإلسالم الغزالى وإمام الحرمين ا بظاهرة عن البحث فى حل هذه اإلشكالية وبالرغم من تعلقه

الرأى العام ، حيث األقوال المتزاحمة والمتضاربة والتى تركها لنا علماء األصول، فإن أهم مالحظة تستوقفنا بخصوص ظاهرة اإلجماع أنها ظلت تعنى مبدأ نظريا أكثر منه حقيقة ملموسة، والممارسة الوحيدة والحقيقية هى ما

ع فيها شهدته دولة الخلفاء الراشدين ، حيث كان اإلجماتعبيرا عن الظاهرة السياسية وبشكل خاص فى ممارسة السلطة، حيث تضعنا القراءة التاريخية لفكرة اإلجماع من

:)١(خالل الممارسة السياسية أمام ثالثة أفكار رئيسية هى ، ) ذو أصل أصيل فى الدين ( ـ ان اإلجماع ولو أنه ١

اجتماع فإن أمره يرجع تأريخيا إلى حادثة سياسية وهى .الصحابة الختيار خليفة للنبى بعد وفاته

محمد عابد . نقال عن د١٧٣، ص١ الغزالى ، المستصفى، جـ)٢(

دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة فى ( الجابرى ، بنية العقل العربى، ١٩٨ ، المركز الثقافى العربى ، الدار البيضاء ،) الثقافة العربية

.١٢٧ص انظر بخصوص ذلك ، الدكتور محمد عابد الجابرى، بنية العقل العربى )١(

ذ، ص .س.عادل محيى الدين األلوسى ، م. ود١٣٥ـ١١٩ذ، ص.س.م . ٥١ـ٣٧ذ، ص.س. ، معبد العزيز الدورى. ود٣٥ـ٢٧

إن العصر األول ، عصر الصحابة ، عصر بناء -٢الدولة اإلسالمية ، قد امتاز بالتشاور فى كل ماال نص فيه ،

كان أهل الحل والعقد ( وأنه من خالل عملية التشاور هذه يشتركون فى وضع أسس تأريخية واجتماعية لمصدر

بمعنى أن اإلجماع كأصل من أصول ) عىاإلجماع الشرالتشريع إنما يجد مصدره فى التأريخ والمجتمع ، ال فى أى

فى ) التشاور ( شىء آخر ، وأنه يعنى من الناحية العملية .كل ما ال نص فيه

إلى ) العصر األول( ـ أن تحول الحكم فى اإلسالم بعد ٣والقضاء ) نظرتقييد ال(قد أدى إلى ) الحكم المطلق الوراثى (

وبالتالى على المضمون الحقيقى لفكرة ) التشاور(على . اإلجماع

إذن يتضح أن اإلجماع كممارسة سياسية أو كتعبير عـن ظاهرة الرأى العام ، إنما هو محصور فى فتـرة زمنيـة ال تتجاوز زمن الخالفة الراشدية ولكنه حتى خالل هذه الفتـرة

هل يعـد اإلجمـاع :ظل يعبر عن إشكالية واضحة، وهى إجماع المسلمين باختالف طبقاتهم ومراتبهم أم إجماع واتفاق المجتهدين؟ وفى الحقيقة أن اإلجابة قد اختلفت أيضـا، إال أن

غالبية علماء أصول الفقه الذين ناقشوا المسألة قد قـدروا أن وليس إجماع ) إجماع المجتهدين (هو ) اإلجماع(المقصود بـ

ذهب البعض منهم إلى اعتبار موافقة العوام عامة الناس، فيما شرطا ضروريا النعقاد اإلجماع، وأصـحاب هـذا االتجـاه

اتفاق أمة محمد بدال من : (تبعا لذلك بأنه ) اإلجماع (يعرفون )٢() اتفاق المجتهدين

على عبد الرازق ، اإلجماع فى الشريعة اإلسالمية ، دار الفكر )٢(

. ٧ ص ١٩٤٧العربى ، القاهرة

إذن وفى ضوء ذلك هل يمكننا اعتبار اإلجماع رأيا عاما طبقيا محصورا بطبقة المجتهدين، أم انه رأى عام لألغلبية

وهو ) الرأى الجامع ( باألحرى أنه رأى عام جمعى أو أو ) .General Opnion(ما يطلق عليه باإلنكليزية

إن تأريخ الفقه اإلسالمى الدينى والسياسى، يظهر لنا بكل الء أن اإلجماع ظل تعبيرا عن رأى وإرادة الفقهاء ج

والمجتهدين أكثر من كونه إجماع العامة، وبحكم وحدة النظام القيمى والذى يعنى اختالف الفقهاء، والمجتهدين مع العامة فى الرؤية الواحدة للقواعد الشرعية، بحكم اتباع العامة ية لجوازات واشتراطات الفقهاء بخصوص المسائل الدين

والسياسية، والتى ماهى إال تعبير عن نظام قيمى واحد، سواء بالنسبة ) بالتقليد(بالنسبة للسنة أو ) باالتباع ( أكان ذلك

لذا فإن اإلجماع ما هو فى حقيقته إال رأى عام طبقى، .للشيعةيمثل رأى طبقة الفقهاء والمجتهدين دون سواهم، والذين

ورى، وهكذا فإن انتفاء يمثلون فى الوقت ذاته هيئة الش .أيضا) اإلجماع ( الشورى كان يعنى ضمنا انتفاء

، األول )االستحسان(و ) للرأى والقياس ( أما بالنسبة حيث يعنى اإلعتماد على الفكر فى استنباط األحكام الشرعية،

فيما يعنى .وحيث الرأى مرادف للقياس واالجتهاد تحديده، اعتماد الفكر الذى اختلف الفقهاء فى) االستحسان(

لالستصالح (استنباط األحكام الشرعية، وكذلك األمر بالنسبة الحكم فى مسألة ال حكم ( والذى يعنى ) أو المصالح المرسلة

فيها لمصلحة يهتدى اليها المجتهد برأيه فيضع لها الحكم الرأى واالستحسان والمصالح ( فإنها أى )١() المناسب إال أن .)الرأى العام النوعى( تعبر عن وإن كانت) المسترسلة

محدودية األخذ بها من قبل الفرق اإلسالمية المتعددة من جانب، واقتصارها على أنموذج سياسى بعينه يعد جزءا من النماذج المتعددة فى النظام السياسى اإلسالمى من جانب آخر، ال يدع مجاال أمامنا على اعتبارهم يمثلون ظاهرة

. م بمفهومها الكلى فى الحضارة العربية اإلسالميةالرأى العافهم جزء من الظاهرة فى مستوياتها المتعددة، واليمكن اعتبارهم النماذج المتمثلة لظاهرة الرأى العام فى مفهومها

).المكروكزمى(وإذا ما عدنا إلى تطورات ظاهرة الرأى العام فى الفكر

ثلة بالخالفة السياسى اإلسالمى والممارسة السلطوية مم

. ٥٢ـ٢٧ذ، ص .س.عادل محيى الدين األلوسى، م. د) ١(

اإلسالمية، سنجد أن تطورات الظاهرة تتمثل خالل العصور :)١(المتالحقة بـ

ـ كان للحرية الفردية وللرأى العام دورهما الواضح ١فى حياة األمة، وكانت البيعة تعبيرا عن عقد بين األمة والخليفة، فالخالفة فى زمن الراشدين قد قامت على أساس

ة كما فى حال الخليفتين األول والرابع االختيار بصورة مباشرأو بالتسمية التى تسبقها معرفة رأى الشخصيات البارزة بين الصحابة بالنسبة للخليفة الثانى، أو عن طريق تسمية مجلس من ممثلى المجموعات القرشية الرئيسية فى المدينة كما فى

أساسا ) الشورى والمأل( شورى الخليفة عمر، وكانت فكرة .داول فى الشؤون العامة للت

أما العصر األموى فعلى الرغم من اتجاه الخلفاء فيه -٢إلى إنهاء مهام الشورى، وتحول البيعة إلى تأييد الخليفة المعين بالوراثة، بدال من أن تكون تأييدا لعملية االختيار، إال

والرأى العام كانت ال تزال ) االنتخاب والشورى ( أن مفاهيم ل هذه الفترة، بالرغم من عدم وجود مؤسسات قائمة خال

ويبدو أن عدم ظهور مفهوم مستقر ، تجسد اآلراء السياسية .ية قد ساهم فى ذلك إلى حد كبيرللدولة والتطورات االجتماع

وانظر بشكل خاص . ٤٨ـ٤٠ص .س. عبد العزيز الدورى م. د) ١(

تور حامد ربيع، مقدمة كتاب سلوك المالك فى تدبير الممالك، الدك . وما بعدها ١٥٨ذ، ص .س. م ١ج

ـ ثم جاء العصر العباسى ليؤكد حقيقة مهمة بخصوص ٣دور الرأى العام فى اختيار الخالفة، وهى انتفاء هذا الدور،

د أكد العباسيون على مبدأ الوراثة، وقرنوا ذلك بالمشيئة فقاإللهية التى اختارت آل البيت للحكم، ولم يعد للشورى أو

ونشأ عن هذا .للرأى العام مكان لديهم فى أمر الخالفةاالتجاه ـ وعن تأثير تقاليد الحكم المطلق فى المنطقة وهو

الفة إلى الحكم تأثير بدأ فى العصر األموى ـ أن اتجهت الخالمطلق واألخذ بالوراثة فى األسرة وهى وراثة لم يقيدها إال فكرة العهد ألكثر من واحد، مما أفسح المجال للقوى الموجودة للتدخل فى أمر الخالفة، وهذه القوى كانت األسرة

والجيش ) عربية، فارسية(العباسية والكتل المتصلة بالقصر حربين أهليتين فى الفترة بين والبيروقراطية، مما أدى إلى

بداية العصر العباسى وأواسط القرن الثالث الهجرى، وإذا كانت مفاهيم االختيار والشورى قد اختفت فى الواقع، فإن الفكر بقى يؤكد هذه المفاهيم ويرى فى العدالة أساسا للحكم

)جنب المسئولية أمام اهللا( وفى حق األمة فى النقد والتوجيه لسالمة الحكم وهكذا اتسعت الفجوة بين المفاهيم ضمانا

.اإلسالمية فى الحكم وبين طبيعة المؤسسة السياسية النظرية السياسية ( إذن نخلص من خالل كل ذلك إلى أن

قد قامت فى األساس على أن قوة الرأى العام ) اإلسالمية إنما هى فى النهاية المحور الحقيقى للممارسة السياسية،

ن خالل النظرة إلى الرأى العام علما أنه قيمة فى وذلك مذاته حيث إن الشرعية السياسية تستمد مصادرها الحقيقية فى المجتمع اإلسالمى من قوة الرأى العام، رغم أن هذا الرأى قد يفهم بمعان متعددة، وقد تكون تطبيقاته متنوعة ومتناقضة

ى أو بحيث يتعارض أو يتنافى مع فكرة التعصب العنصرالتمييز الطبقى، إال أن الرأى العام كمفهوم فى الممارسة السياسية اإلسالمية يصير مرادفا لكلمة األمة، ووحدة األمة هى المنطلق األول واألخير فى تفسير التعامل السياسى، وتأتى المظاهر فتتنوع وتختلف تبعا لكل موقف ولكل فقه بل

اذج للرأى العام فاإلجماع والشورى هما نم:ولكل تقليدالطبقى، والعرف وحق اإلفتاء نماذج للرأى العام القومى، واالستحسان والمصالح المرسلة مداخل تنبع من مدارس فقهية معينة بحيث تكاد تصير تعبيرا عن الرأى العام

.النوعى :)١(اإلشكالية الحضارية

لقد سبق وأن تعرضنا للمفهوم الحضارى وعالقته بالثقافة وتأثير ) ١(

االثنين على عملية تكون الرأى العام، وذلك عند حديثنا عن حاولنا الحضارة باعتبارها أحد متغيرت تكوين الرأى العام، ولكن

هنا، فى مسألة تحديد اإلشكالية، البحث فى إشكالية المتغير ( الحضارى باعتباره يشكل موقفا أيديولوجيا، وهو ما يطلق عليه

حامد ربيع، نظرية القيم السياسية .قارن د) األيديولوجيا الحضارية وللمؤلف أيضا سلوك المالك . ٢١٥ـ٢١٠، ٣٨ـ٧ذ، ص .س.م

إن اإلشكالية الحضارية، بالنسبة لظاهرة الرأى العام، فى حقيقتها من محاولة التأكيد على خصوصية الهوية تنبع

الثقافية والحضارية، وبشكل خاص بعد انهيار األيديولوجية اإلنسانية والحضارية التى سادت الفكر المعاصر منذ القرن الماضى، والتى وقعت تحت تأثيرها عملية بناء النظم ن السياسية واالجتماعية الحديثة فى العالم الثالث، حيث كا

ينظر إلى القيم والنظم السياسية واألخالقية والعقلية التقليدية، على أنها امتداد لثقافة القرون الوسطى وأن بقاءها يشكل عائقا أساسيا أمام دخول الحضارة وتطورها، وهذا ما نراه واضحا بشأن ظاهرة الرأى العام، أما بالنسبة للحضارة

ات التى تناولت الظاهرة، العربية اإلسالمية، فما زالت الدراسلم تخرج من إطار الحضارة الغربية والتعبير عنها، بحيث أضحت الدراسات العربية لظاهرة الرأى العام، محاولة لتطبيق المفاهيم الغربية بالنسبة للنظام السياسى واالجتماعى السائد فى أوربا على النظم السياسية واالجتماعية فى الوطن

خرى رؤية الرأى العام كظاهرة سياسية العربى، وبعبارة أواجتماعية وتعبير عن النظام القيمى وفى األقل فى جانبه

صالح . د. ٤٥ـ٣٠. ذ، ص.س.، م١جفى تدبير الممالك، دار التنوير، بيروت، ) نظرية القيم فى الفكر المعاصر( قانصوة، وما بعدها وانظر للدكتور حامد ربيع، اإلسالم ٣٤، ص١٩٨٤

الرأى العام ( مارى أشقر . ود. ٢٠ـ٨ذ، ص . س.السياسى، م . ٢٦ ـ ١٩ص ) وتقنيات القياس الغربية

السياسى، بعيون اآلخرين الذين ينتمون إلى حضارة اآلخر، لذا فلن نجد سوى تعريفات الغرب كما يفهم الفردية كنزعة

فلسفية متحكمة بالسلوك العام للفرد األوروبى واألمريكى، بر عنه الحضارة السياسية للغرب، ومن هنا فإن وكما تع

الباحثين مدعوون إلى البحث فى ثنايا الخطاب السياسى العربى، عن مرتكزات الظاهرة وطبيعتها وصوال إلى تحديد أبعاد ظاهرة الرأى العام فى مجتمع عربى إسالمى يمتد من آسيا مرورا بأفريقيا حتى المحيط األطلسى، إنها محاولة فى

حث عن الذات الحضارية، وأن نرى أنفسنا والنظام البالعربية ـ (السياسى فى العالم من خالل رؤيتنا الذاتية

لهذا النظام والتعامل معه على هذا األساسى بدال ) اإلسالمية .من رؤيته كما نفعل اآلن بعيون الغربيين واتجاهاتهم

وبعيدا عن الخوض فى اإلشكالية الحضارية فى السياسية واإلعالمية، والتى ما زال النقاش حولها الدراسات

مطروحا بشكله الواسع، بعد فشل األيديولوجية الكونية، وبروز نظرية جديد ة مكانها فى الهوية، قائمة على تأكيد الخصائص القومية أو باألحرى اكتشاف نظام قيم محلى من المفترض أن يختلف جوهريا عن نظام القيم السائدة فى بالد

.أخرى أى فى الغربإال أن المشكلة التى تدور فى إطار بحث العالقة بين

القيم ( ظاهرة القيم والتطور الحضارى، تتركز فى تحديد

، والتى ما زال يقف إزاءها الفكر حتى هذه اللحظة )الحقيقية موقف التساؤل بل ولصمت فى بعض األحيان، وإن كان

أن يجابهوا المشكلة وهى علماء االجتماع السياسى يحاولون حقيقة العالقة بين تلك القيم السياسية واإلطار الحضارى، ففكرة الحضارة فى أوسع معانيها تختلط بالثقافة، واإلطار الحضارى ال يعنى فى حقيقته سوى مجموعة من النماذج السلوكية والمفاهيم الفكرية والجزاءات الوضعية إلى جوار

ة بجماعة معينة، فالحضارة تدور حول القيم التقليدية المرتبطمتغيرات ثابتة، فهى نماذج أوال للسلوك وللتصرف على المستوى الفردى ووظائف ثانيا بمعنى أهداف لتلك النماذج السلوكية، ثم قيم ترتفع فتخلق عالقة التجانس بين النماذج

وهكذا فإن مفهوم الحضارة .السلوكية والوظائف االجتماعيةن المفاهيم يمكن التمييز فى داخله بين ثالث كمجموعة م

:درجات متتابعة هىـ مجموعة من القواعد تحدد الوظائف أو النماذج ١

.السلوكية ـ مجموعة من الجزاءات تضمن احترام تلك القواعد ٢

.والنماذج السلوكية ـ مجموعة من القيم تغلف السلوك والجزاء وترتفع عن ٣

تنطلق فى إطار مطلق يدور حول مستوى الجزئية اليومية ل

مفهوم مثالى للوجود والعالقة السياسية بل وللوظيفة .الحضارية بمعناها الواسع

الطبيعة الحضارية هذه تفترض عدة نتائج وتثير بعض المالحظات، حيث نرى أن هناك ثالثة نماذج من الحضارات من حيث الطبيعة السياسية، والتى تتحكم وتحدد طبيعة

. الرأى العام خالل اإلطار الحضارى لهاظاهرةهناك ثالثة نماذج للحضارة من حيث ظاهرة القيم السائدة فى الوجود السياسى واالجتماعى لتلك الحضارات أو النماذج

:وهى .ـ الحضارة السياسية١ .ـ الحضارة غير السياسية٢ .ـ الحضارة الالسياسية٣

التى هى أساسا ) الغربية الحضارة( وأنموذجها :األولىحضارة سياسية وهى بهذا المعنى تختلف عن جميع

أن ) الحضارة السياسية ( إذ تعنى . الحضارات األخرىالمحور األصيل فى تحليل الظاهرة االجتماعية هو العالقة بين الحاكم والمحكوم والتى تدور حول حقوق السلطة

ها على المفاهيم وهى تستند فى أصول.والرقابة على السلطةالفلسفية فى التراث اليونانى، المصدر التأريخى للحضارة الغربية ورغم التأثير الدينى من خالل الحضارة الكاثوليكية فى العصور الوسطى فى عملية التفاعل السياسى، وعلى

وجه التحديد فى إطار القيم الكلية الشاملة، فإن التطور العام اسا من مفاهيم الصراع والعنف للحضارة الغربية ينطلق أس

والذى وصل فى بعض األحيان إلى مستوى الرفض التام ليس فقط مع المفاهيم الدينية خالل القرنين الماضيين بل بين الحاكم والمحكوم فى المجتمع السياسى، وهذه العالقة أدت إلى المواجهة فى نظام القيم أيضا، فالحضارة الغربية بغض

يقاتها فإن المعالم الرئيسية لظاهرة القيم النظر عن واقع تطبفى مجتمعها السياسى تتسم بالمزاحمة لما تراه السلطة الحاكمة من جهة وما ترتضيه الطبقات المحكومة من جهة أخرى وبهذه المزاحمة استطاعت الحضارة الغربية أن تشكل

.نظام قيمها فى إطار ثابت من حيث االستمرارية التأريخية :موذج الثانىأما الن

فإنها تتصف بكونها ) غير السياسية(وهو الحضارة تضفى على الممارسة المتعلقة بالنظام السياسى صفة إدارية مطلقة، فالمواطن يقف من السلطة موقف عدم االهتمام وعدم الممارسة، والنموذج المعبر عن هذه الحضارة هو

نية الحضارات الشرقية وبصفة خاصة، الحضارة الفرعووالحضارة الفارسية، ويالحظ أنه فى كال التطبيقين أن العالقة بين المواطن والسلطة عالقة بيروقراطية فقط، يغلفها طابع التنظيم واالستقرار فى العالقات اليومية وتنبع من

دون أن تعرف النواحى العقيدية ) األبوة السياسية (مفهوم

م القائم بالتغيير ودون أن تثير التشكيك فى مثالية النظاوالتبديل لهذا النظام فهى حضارة غير سياسية، ألنها ال تعرف مفهوم السياسة فى العالقة بين الحاكم والمحكوم كمحور حركى يعبرعن قيم سياسية تسعى الجماعة بأسلوب أو بآخر لتحقيقها أو بعبارة أخرى، أن ظاهرة نظام القيم فى

عدد والتجزئة ببين مختلف هذه الحضارات غالبا ما تتسم بالتطبقات المجتمع السياسى، أى لكل طبقة نظام يتميز عن

.اآلخر فى نطاق النظام العام لقيم تلك الحضارة :ثم يأتى النموذج الثالث واألخير للحضارات

ـ ) Opolitcal) (الحضارة الالسياسية ( وهو أنموذج د أكثر وإن كان هذا المصطلح غير دقيق تماما ـ حيث يع

النماذج غموضا ودقة إذ هذا األنموذج من الحضارات ال يرفض ظاهرة المشاركة السياسية بل يفرضها ويجعلها أكثر عمقا واتساعا، فهذا النوع من الحضارت هو أصال حضارات مثاليات دينية أو عقيدية غذ تتفاعل المصادر الغيبية غالبا مع

والسلطة تصبح واحدة الحياة المدنية، فالعالقة بين المواطنلتحقيق مثالية الوجود، والحاكم ال مجرد رمز للنظام السياسى ولتدعيم االستقرار، بل هو أداة لتثبيت القيم الدينية واألخالقية، فهو مقيد كالمواطن بتلك الرابطة العقيدية، ليس فى دالالتها الفلسفية، ولكن أيضا فى جزئياتها كنظام للقيم

والسلطة هنا عالقة مجردة تعبر عن جوهر وأسلوب للحياة، .أخالقى ومثالى يسيطر على الحاكم والمحكوم

ال بمعنى أنها ) الالسياسية ( وبمعنى آخر أن الحضارة ترفض السياسة وإنما بمعنى أنها تجعل محور تلك الحضارة عالقة أكثر اتساعا وأكثر تماسكا من العالقة التى تغلف

تتجاهل الطابع السياسى للسلطة وإنما الحضارة السياسية، والتجعل من هذا الطابع نتيجة أو بعدا من أبعاد العالقة بين الحاكم والمحكوم والمرتبطة بتلك الطبيعة المثالية التى تتحكم فى جوهر المفهوم الحضارى للوجود البشرى بما فى ذلك

الوجود السياسى، وهذا يعنى أن نظام القيم فى هذه الحضارة احد يسود الحاكم والمحكوم ال يتجزأ ويتجاوز جميع و

الظواهر االجتماعية والسياسية لجماعة تلك الحضارة، بثالثة نماذج كل منها ) الحضارة الالسياسية ( وتحدد نماذج

الحضارة ( يقدم لنا خبرة من نوع معين األولى هى الخبرة اليهودية فى ( والثانية تدور حول ) الكاثوليكية

، والثالثة تقدم لنا أكثر النماذج )يمها الصهيونيةمفاهوبشكل ) الحضارة العربية اإلسالمية(الحضارية إيناعا وهى

خاص تركزها حول الخبرة اإلسالمية للممارسة السياسية إذ يتميز هذا األنموذج باختالفه الكبير والحقيقى عن التطبيقين

:السابقين، حيث من خصائص هذا التطبيق .صالبة فى الحركة ـ ال١

.ـ األصالة فى النظم٢ .ـ وحدة القيم السياسية٣

وهذه الخصائص تتلخص بوصفها تمثل القوة الذاتية للحضارة العربية ـ اإلسالمية، فهذه الحضارة، منطقية مع نفسها، فهى تفرض نظام قيمها الذاتى وال تتقبل حتى ولو

تعبر عن على حساب المرونة أى نظم سياسية، إن لم تكنالذاتية التلقائية المحلية المرتبطة بعملية التوفيق بين مقتضيات الحياة اليومية وتلك القيم الدينية الثابتة الواضحة المعالم والمحددة، وهكذا فالحضارة العربية ـ اإلسالمية، حضارة ال سياسية نظام قيمها واحد ال يتجزأ يسود الحاكم والمحكوم

اسية واجبا والتزاما خلقيا، كما أن ويجعل المشاركة السيالنظام القيمى ال يقف عند السلطة بل يتعداها إلى الوجود اإلنسانى، وبذلك تختلف الحضارة العربية اإلسالمية عن الحضارة الغربية فى هذا االتجاه، حيث ومنذ القرن السابع عشر، شهدت الحضارة الغربية ليس فقط الفصل بين الدين

ما إلغاء الدين فى العالقة السياسية، وجعل القيم والدولة، وإنالكاثوليكية أو الدينية تقف وتتحدد بالتفسير الميتافيزيقى والمعنوى للوجود الفردى، وبهذا المعنى أضحى رجل

الرجل ( الحضارة الحديثة فى العالم الغربى هو دائما ولكنه مستقل ومنفصل عن التفسير الميتافيزيقى،( الكاثوليكى

وبذلك أضحت الحضارة الغربية بوصفها حضارة سياسية

قناة تحمل عناصر الوجود الفردى والغايات المادية مستقلة .عن التجردات الكاثوليكية بجميع معانيها وأبعادها

) الجماعة(و ) الفردية(وهذا ما انعكس بخصوص مفهوم بالنسبة للحضارة الغربية وخصائص التنظيم االجتماعى

نشأت الفردية كظاهرة اجتماعية فى الحضارة فثيها،فقدالغربية، كإحدى النتائج المباشرة للثورة الصناعية والتغييرات الجذرية التى أحدثتها فى البناء االجتماعى لتلك المجتمعات، فقد كان وضع الفرد فى أوروبا قبل الثورة الصناعية وحتى

جتمع نهاية القرون الوسطى يختلف تماما عن وضعه فى الماألوروبى المعاصر، فقد كانت الحرية فى ذلك الوقت شبه منعدمة، وكانت مكانة الفرد االجتماعية محددة مسبقا، بحيث لم يكن لدى الفرد فرصة لالختيار فى أى مجال من مجاالت حياته وإنما انتماؤه الطبقى بحدوده الفاصلة هو الذى يحدد

حرية المتاحة له، سمات مكانته االجتماعية وبالتالى نوع الوما أن بدأت عوامل التفكك فى مجتمعات القرون الوسطى فى أواخر تلك المرحلة التأريخية حيث بدأت المجتمعات األوروبية بفقدان مظاهر وحدتها ومركزيتها تدريجيا، وبدأت قيم المنافسة فى مجال العمل واإلنتاج، وقيم النشاط

وبرزت أوال .قيمىاالقتصادى الفردى تتسرب إلى النسق البعض سمات النزعة الفردية، ثم امتدت تدريجيا لتشمل جميع

.مجاالت الحياة

وهكذا ظهر مذهب الفردية، من خالل متغيرات عديدة ومتشابكة إال أنه من الثابت أن قيم الفردية والحرية والمساواة فى المجتمعات األوربية تتصل بالثورة الصناعية وباألحداث

ارتبطت بها أو تأثرت بالظروف التى أوجدتها ـ التى إماكالثورة الفرنسية مثال ـ فالشعارات التى رفعتها هذه الثورة أكدت حق الفرد فى الحرية واإلخاء والمساواة، وكانت هذه المبادئ هى الوسيلة التى سمحت للفرد بالهجرة من الريف

يدة، واالتجاه إلى المراكز الحضرية للعمل فى المصانع الجدوأعطت حق تملك األراضى الزراعية والمبانى، وحق شراء

وتحديد المذهب .. ما يعن له من البضائع والسلع والمنتجات الخ ومكنته من الخروج من .. الدينى الذى يفضل اعتناقه

دائرته المحدودة واالنتماء لعدة دوائر مختلفة فى وقت الحضارة فكان خروج الفرد من سيطرة الجماعة فى .واحد

الغربية، قد أدى إلى تعميق الفروق الفردية، وخلق الحاجة .إلى االنتماء لتلك الدوائر

أما المجتمع العربى فقد اختلف فى نسقه القيمى عن المجتمعات الغربية بشكل كبير، وارتبط ذلك بطبيعة تطوره الحضارى وخصائصه الثقافية والحضارية بشكل عام، فقيم

والتى تعكس معالم الحضارة والثقافة ( اعية الفردية والجم(العربية اإلسالمية فيما يتعلق بعالقة الفرد بالجماعة حيث :امتاز النسق القيمى للمجتمعات العربية بعدة خصائص منها

التمسك بالتقاليد واألعراف المتوارثة أوال، وبالعاطفية والترابط وحب المعاشرة ثانيا والتى تعكس قيمة أهمية

لجماعة لدى الفرد فى المجتمعات العربية، فعادة التعبير عن االمشاعر بطريقة علنية مثال، هى دعوة يوجهها الفرد لجماعته لتشاركه فى أفراحه وأحزانه، وبذلك تكمن القيمة الحقيقية ألى حدث سعيد يحل بالفرد فى إمكانية إشراك

أن األسرة والمعارف فى اإلحساس بالسعادة، فالعربى يفضليكون على اتصال بالجماعة عاطفيا وفيزيقيا بصفة مستمرة، وقد الحظ العديد من الباحثين فى هذا االتجاه فى سبيل المثال أن العرب على خالف األوربيين واألمريكيين عادة ما يفضلون الوقوف أو الجلوس على مقربة شديدة من بعضهم

ص أهمية ثم يأتى أكثر الخصائ. البعض فى األماكن العامةوهو تقديم الجماعة على الفرد ثالثا، حيث يرتبط العربى ارتباطا وثيقا بالجماعة ويبديها على نفسه إلى الدرجة التى تذوب فيها شخصية الفرد فى شخصية أسرته، وتتوحد هوية أعضاء األسرة الواحدة، ويصبح كل عضو فى األسرة

ن ذلك مسؤوال عن سلوك األعضاء اآلخرين، وسواء أكاالسلوك مشرفا آلو مشينا فهو ينعكس على األسرة بأكملها،

.أى أن الفرد يكون عضوا اكثر منه فردا مستقالغريبة على المجتمعات ) الفردية(وهكذا يتضح أن ظاهرة

العربية، التى تقدم دائما قيم الجماعة على قيم الفرد، وهذه

لة للظروف القيم بالطبع لم تنشأ من فراغ بل كانت محصالتأريخية التى عاشتها المجتمعات العربية وارتكزت على أسس مستمدة من مبادئ الدين اإلسالمى الحنيف حيث قادت إلى ذلك، أى إلى تقديم الجماعية على الفردية عدة متغيرات

:منها ـ أن مفهوم الحرية الفردية فى اإلسالم يرتبط ارتباطا ١

النتماء إلى الجماعة والمشاركة وثيقا يضمان حرية الفرد فى افى نشاطها وهو كما يتجلى بوضوج يتعارض تماما مع

.التفسير الغربى لمفهوم الفردية ـ إن بادئ الدين اإلسالمى تؤكد على واجبات الفرد ٢

والتزاماته نحو الجماعة التى ينتمى إليها بدال من التركيز .على الفرد وحقوقه كما هو حادث فى الغرب

ـ لذا فمبدأ استقاللية الفرد الذى يسود المجتمعات ٣الغربية يعد أنانية بحتة فى المجتمع العربى، الذى كان وسيظل يركز على اندماج الفرد فى الجماعة وربطه لها، وتتطلب منه التضحية ونكران الذات من أجلها، حيث يستمد

.العربى هويته من الجماعة ودوره فيهافى الحضارة ) الجماعية(الفردية و(النظرة إلى مفهوم

العربية ـ اإلسالمية واختالفها من حيث النظام القيمى عن الحضارة الغربية ال بد وأن يترك بصماته الواضحة على االختالف بين الحضارتين فى النظرة إلى الرأى وتحديد

طبيعته، ومن ثم طريقة التعبير عنه من خالل النظام رنة للحضارتين بهذا الصدد توضح السياسى، والدراسة المقا

لنا أى فوارق هائلة بين الجانبين فى هذا االتجاه، وهذا ما انعكس على ظاهرة الرأى العام وتطوراتها فى الحضارتين ومن ثم النظرة المعاصرة إليهما وإن كانت محاولة األخذ بالنظم السياسية الغربية تحاول اإلقالل من الفرق بينهما وفى

فه، أى الرأى العام ظاهرة سياسية عالمية ال األقل بوصتختص بشعب معين أو قطر من األقطار، إال أن الفروق

.تظل قائمة فى كل األحوال إذن إن مفهوم الرأى العام كما تعبر عنه الحضارة الغربية، من خالل الفكر الذى تعبر عنه فى مختلف

بكل فرد الميادين، يعنى وجود آراء فردية بمعنى أنها خاصة من األفراد، ويعنى أيضا إمكانية التعبير الفردى الخاص عن هذه اآلراء، ومفهوم الرأى العام يرتبط تبعا لذلك بمفهوم

، حرية الفرد ومكانته داخل الجماعة )الفردية( معين واستقالليته وبمفهوم المسأواة التامة بين آراء جميع األفراد

فرد من األفراد لها داخل هذه الجماعة، أى أن آراء كل القيمة اإلحصائية نفسها وتستطيع التعبير عن نفسها بحرية واستقاللية تامة بحيث نستطيع فعال القول أن معرفة الرأى العام حول موضوع معين ليست إال عملية إحصائية نستخلصها من قياس متوسط آراء جميع أفراد مجتمع محدد،

اد المجتمع القيمة وبعبارة أخرى أن لرأى كل فرد من أفراإلحصائية نفسها مهما اختلفت منزلتهم ومكانتهم االجتماعية

آرائهم يشكل الرأى العام الذى ليس فى جوهره ) متوسط(وإال متوسط إحصائي لآلراء الفردية، حيث للفرد فعال األولوية األساسية، وتشكيل اآلراء الجماعية ال يعنى إال مجموع

.األفراد وتراكم آرائهموكل هذا يخالف وبحدة ما هو موجود فى المجتمع العربى عبر تطوراته المختلفة، فاألولوية فى هذا المجتمع لآلراء الجماعية التى تتكون حسب عوامل وشروط اجتماعية واقتصادية وفكرية معينة، ليس لها عالقة مباشرة بالفرد

ضمن كوحدة قياسية فيها، ومن ثم فإن تحديد الفرد آلرائه يتمويعبر عنها بقدر ما تسمح له ) الجماعية(حدود اآلراء

الجماعة بذلك من جهة، أو ما يسمح له ارتباطه بالجماعة من .جهة أخرى

إذن فاآلراء الفردية ضمن حضارتنا ال يعبر عنها بشكل مستقل وال تتميز بتميز األفراد كأفراد بل حسب انتماءاتهم

وحسب .. ) ة، العشيرة، الطائفة العائل( االجتماعية المختلفة مكانة كل منهم داخل هذه الجماعة أو تلك، وال يعنى االنتماء هذا مجرد تصنيف للفئات االجتماعية المختلفة أى أنه ليس لرأى كل فرد من األفراد داخل هذه االنتماءات القيمة نفسها فى تحديد اآلراء الجماعية وليس لكل تصنيف لفئات المجتمع

قيمة إحصائية تستخدم لوضع جداول أكثر وضوحا مجرد .فقط

وهذا ما يترك انعكاساته على عملية قياس الرأى العام فى .المجتمعات التى تنتمى للحضارتين، وهو ما نتناوله فيما بعد

) الرأى العام ( وهكذا وبكلمة أدق، يصبح هنا مفهوم ، أى أنه ال مفهوما مختلفا، ومفهوم الفرد مفهوما مختلفا أيضا

يعتمد على اعتبار كل فرد من األفراد كيانا مستقال مميزا عن اآلخرين، بل تحدد طبيعة آراء هذا الفرد بالنسبة إلى عالقته بالجماعات المختلفة التى ينتمى إليها، وفى الوقت نفسه ال يعود كل فرد من أفراد المجتمع مجرد رقم إحصائى نستطيع

يدنا لعينة قياس هذا الرأى مثال، إبداله برقم آخر، فى تحدوإنما تصبح آراء بعض األفراد ـ نتيجة مكانتهم االجتماعية وتأثيرهم فى اآلخرين ـ أكثر أهمية ويجب معرفتها أوال كى

.نستطيع فعال معرفة آراء بقية أعضاء الجماعةإذن فإن اإلشكالية التى تطرحها عملية تحديد مفهوم

فيها، يجب أن تأخذ بنظر االعتبار ظاهرة الرأى العام وتعرالطبيعة البنائية للحضارة العربية اإلسالمية وتحليل االيديولوجيات التى شهدتها، والبنى االجتماعية السائدة، ثم طبيعة النظام السياسى وتجربة هذه الحضارة فى السلطة والحكم كى يمكننا أن نحدد هذا المفهوم ثم التعريف بشكل

اولنا تبيانه من قبل عند حديثنا عن تأثير دقيق وهذا ما ح .المتغير الحضارى والثقافى فى تكوين الرأى العام

ـ اإلشكالية اللغوية ٣تظل اإلشكالية اللغوية فى كل أبعادها، تفصح عن

العالقة االرتباطية باإلشكالية التأريخية من جانب واإلشكالية ثل نتاجا لهما الحضارية من جانب آخر، إن لم نقل إنها تم

ومحورا نستطيع من خالله تتبع التطور التأريخى والحضارى للنظام الفكرى فى أى مجتمع، فالبعد التأريخى يتجلى بارتباط اللغة أو مستوى التعبير فى هذه اللغة فى كل فترة تأريخية بالواقع السياسى واالجتماعى واالقتصادى الذى

أو دينى كمفهوم يعيشه مجتمع ما، فتطور مفهوم سياسى فى سبيل المثال عبر التطور السياسى )١()األمة(و) الجماعة(

بحاجة إلى قراءة ) الجماعة(فى اإلسالم، و) ةاألم( ما زال مفهوم )١(

سياسية جديدة، بعيدة عن التعصب المذهبى والولوج فى إطار الحقوق السياسية من خالل الرؤية التأريخية للفرق والمذاهب

( رضوان السيد( اإلسالمية، ولكن بالرغم من ذلك تظل جهود حديد جهودا رائدة فى هذا االتجاه مع مايشوبها من نقص فى ت

فى اإلسالم من النظرية السياسة، ) األمة(و) الجماعة( موضع دراسات فى ( قارن رضوان السيد، األمة والجماعة والسلطة

١٩٨٤دار اقرأ، بيروت ) الفكر السياسى العربى اإلسالمى وللمؤلف نفسه مفاهيم الجماعات فى اإلسالم، دار التنوير للطباعة،

. ١٩٨٤بيروت

الذى مرت به األمة العربية يرينا بوضوح، تعد دالالت المصطلحين وتعبيرهما عن واقع أنظمة الحكم المختلفة والصراع السياسى كما جسدته ظاهرة المعارضة السياسية

ا إلى دالالتها فى وأزمة الحكم فى اإلسالم، وإذا ما عدناللغات اإلنكليزية والفرنسية واأللمانية سنجد أن مفاهيم هذين المصطلحين تختلف اختالفا حادا، بحيث ال نجد لها أى

.تشابه مع مفهومها فى هذه اللغاتوإذا ما عدنا إلى اللغة العربية سنجد أن مفهومها يتطور

بل .ضامن عصر آلخر ويختلف فى مدلوالته خالل ذلك أيلو نظرنا إلى استخدامات اللغة العربية فى صحافة القرن التاسع عشر وأوائل هذا القرن حتى اآلن لهالنا االختالف

.الكبير فى استخدامات اللغة واألمر ذاته كذلك بالنسبة للبعد الحضارى، حيث تتفق آراء اللغويين واللسانيين على تمثيلية اللغة للحضارة التى

، وصفة التمثيلية هذه، كما يعبر عنها العالم اللغوى تنبع منهامن أن بنى اإلنسان ال يعيشون فى العالم ( )١(إدوارد سابير

المحسوس الخارجى وحده، بل يكونون ـ إلى درجة كبيرة ـ تحت رحمة اللغة الخاصة بهم والتى أصبحت وسيلة

وقائع الندوة الدولية ) التعريب والمعاصرة ( يف،مصطفى بنخل) ١(

١٩٨٧آذار )٢٤ـ٢١( األولى لجمعية اللسانيات بالمغرب، للفترة . ٢١٠ ـ ٢٠١ص١٩٨٨منشورات عكاظ، الرباط

مارشال ( ، وفى االتجاه نفسه يذهب )االتصال فى مجتمعهمبتحديده للطباعة كمتغير أساسى قاد إلى ظهور ) اكلوهان م

القوميات، والذى يبدو أنه جاء من خالل تأثره بالعالم اللغوى الذى كان يؤكد على أن اللغة ليست مجرد وسيلة ) بنيامين (

للتعبير عن األفكار بل أنها هى نفسها التى تشكل تلك ب الخطوط التى فنحن نقسم الطبيعة أو العالم بموج.األفكار

ترسمها لنا لغاتنا القومية، فإن المرء يفكر بلغته، ولغة المرء .)٢(انعكاس لثقافته وحضارته

والتمثيلية اللغوية هذه هى التى دفعت علماء السيميائيات " :واألنتولوجيا اللسانية إلى تبنى األطروحة العامة والقائلة

س فقط إن منظومة لغوية ما ـ الشىء الذى يعنى ليمفرداتها، بل أيضا نحوها وتراكيبها ـ تؤثر فى طريقه رؤية أهلها للعالم وفى كيفية مفصلتهم له، وبالتالى فى طريقة

، وبعبارة أخرى أن الكلمة التى يرجح بها إلى "تفكيرهم معناها اللغوى، إنما يطلب مدلولها، كما كان يتحدد داخل

التالى فهى ال بد وأن منظومة اللغوية التى تنتمى إليها، وبلاتحمل فى معناها اللغوى قليال أو كثيرا من خصائص رؤية أهلها للعالم وكيفية مفصلتهم له وطريقة تفكيرهم فى ظواهره

. ٢٠١ص . ن . م)٢(

) Benjamin Whart( ويذهب العالم اللغوى )٣(وحوادثه إلى أبعد من ذلك حين يرى أن اللغة ال تؤثر على الفكر

لعا، بل أن البنيات اللسانية والتفكير منهجية وتصورا وتطلذا فإن .)٤(تحدد ما يدركه الفرد وتحدد كيفية تشكيل أفكاره

تحديد ما هية الرأى العام، وبعبارة أخرى تحديد مفهومه من خالل النظام االصطالحى للظاهرة حيث تعكس نشأة المصطلحات بشكل أو آخر نشأة المفاهيم وتطورها،وإذا ما

فى أبعاده " Public Opinion"العامأخذنا مصطلح الرأى االصطالحية وهى البعد اللغوى الذى يحدد قيمته الداللية وخصائصه كمركب اسمى داخل النظام المعجمى أوال، وبعد اجتماعى وسياسى يحدد وظيفته ثانيا ثم البعد الفلسفى المنطقى الذى يعكس المصطلح كوحدة تجريدية ثالثا، يهتم

النظام المعرفى فى مجتمع ما، بشكل وبآخر فى بناء )١(وحضارة وثقافة هذا المجتمع

المفاهيم السياسية فى التداول العربى المعاصر ( السعيد بن سعيد )٣(

المنهاج فى الفكر العربى والعلوم ، مالحظات منهجية إشكاليات ) .٢٣ن، ص .س.اإلنسانية م

.٢٠١ذ، ص . س. مصطفى بنخليف، م) ٤(علم المصطلح بين المنهجية وعلم ( عثمان بنطالب . قارن، د) ١(

وقائع الندوة الدولية ) الداللية، اإلشكاليات النظرية والمنهجية . ومابعدها ١٤٩ذ، ص .س.األولى لجمعية اللسانيات بالمغرب م

وقد بينا من خالل الحديث عن اإلشكالية التأريخية التطورات التى مربها الرأى العام، فى الحضارة الغربية عبر مراحلها المتعددة، سواء فى أثينا أو روما، ثم العصور

.الوسطى ثم عصر النهضة الحديثةطورات المصطلح تعبر عن الواقع اللغوى حيث كانت ت

والفلسفى والسياسى واالجتماعى فى كل عصر، وبذلك فقط من حيث داللته لهذه الحضارة ) وحدة تمثيلية(كان المصطلح

وبكل ما تحمله هذه الداللة من معان مختلفة سواء فى إطار .الفكر السياسى أو الممارسة السياسيةفى ) الرأى العام(هرة ولكن حينما ننظر إلى الظا

الحضارة العربية نجد أن اإلشكالية اللغوية غير واضحة البيعة، الشورى، ( األبعاد حيث ظلت مصطلحات تعبر عن المفهوم ذاته ) االستحسان، القياس، الرأى، اإلجماع

فى جوهره فى المعجم العربى، وربما يرجع ذلك باألساس ى الرجوع بالكلمة إلى حرص المعاجم العربية القديمة عل

إلى األصل الذى أخذت منه، وإلى إبراز العالقة التى قد تربط هذا األصل اللغوى بالموضوع الحسى الذى وضعت

ثم هناك عامل آخر ساعد )٢(لتشير إليه فى البيئة العربية على ذلك وهو أن هذه المفاهيم ظلت فى إطار الفكر السياسى

. وما بعدها ٦٨ذ، ص .س.محمد عابد الجابرى، نحن والتراث، م) ٢(

ما، ولكنه تطور ال العربى ـ اإلسالمى، تعبر عن تطور .عالقة له بالممارسة السياسية

إذن فهو من حيث الداللة اللغوية تطور يعبر عن التبرير الفكرى للسلطة السياسية وال يتعدى هذا اإلطار، فيما ظلت التجسيدات الحسية للمدلول اللغوى ال تجد لها أنموذجا أو

ما يجعلنا فى وهذا .واقعة تستطيع أن تحدد أبعادها من خاللههذه المحاولة لتحديد مفهوم الرأى العام كما عرفته حضارتنا، نذهب فى اإلطار التجريدى ذاته ما دامت قطيعة الفكر والممارسة السياسية تواصل إشكاليتها حتى عصرنا

وإذا ما اعتمدنا الحقول الداللية بخصوص تطور .الحالى، وذلك من خالل المصطلح ومفهومه وداللته فى اللغة العربية

المدلول الخاص بالوحدة ( قاعدة داللية أساسية وهى اعتبار المصطلحية، هو المؤسس لها كوحدة لسانية، أو كعالمة دالة، مقترنا فى ذلك مع دالة، ويصبح المدلول داال بدوره على المفهوم أى على قيمة العالمة الداللية كمصطلح، فإن المفهوم

رجة االصطالح الثانية، أى عند يقوم بدور المدلول فى داعتبار الوحدة مصطلحا خاصا عامال فى ميدان ما من

وما يخصنا هو ميدان المعرفة )١() ميادين المعرفة :السياسية لوجدنا من خالل الجدول اآلتى

. ١٥٦ـ١٥٥ذ، .س.عثمان بنطالب م. د) ١(

المفهوم المدلوللمصطلحاـ الصفة على إيجاب ١ البيعة

البيع .ـ المبايعة والطاعة ٢ أو العهد ـ المعاهدة ٣ـ المعاقدة وفى ٤

الحديث أال تبايعونى على (

هى عبارة ) اإلسالم كان (عن المعاقدة حيث

كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه

الصة نفسه وأعطاه خ )وطاعته ودخيلة أمره

عقد مبروم بين :ـ فى القرآن الكريم١اهللا سبحانه وتعالى والمؤمنين خاصة

جنة، وال أحد الراغبين فى شراء الأوفى من اهللا فى عهده، فاهللا سبحانه يطلب من الذين دخلوا معه فى عقد البيعة أن يفوا بعهدهم الذى عاهدوا عليه، ألنه هناك بيعة فى عنق كل

ما من مسلم إال وهللا فى عنقه ( مسلم، و ) بيعه، وفى بها أو مات عليها

:ـ فى السنة٢حاكم أ ـ إثبات حق األمة فى نصب ال

وبالبيعة تخلع على الحاكم مظاهر .السلطان

ب ـ عقد بين األمة كصاحبة للسلطان كرئيس للدولة ) (وبين رسول اهللا

.اإلسالمية :ـ فى السياسة٣

التولية لفرد من األمة تتوافر فيه شروط محددة من خالل عملية تعاقدية

ـ الخليفة ـ الذى ) اإلمام(يتعهد فيها ة بتأدية حقوق األمة ـ تمت له البيع

وعنده يكون ـ قد أدى حق اهللا تعالى فيما لهم وعليهم،ووجب له عليهم

.حق الطاعة وحق النصرة.حقان :وتتم البيعة للخليفة من خالل بيعتين

أ ـ البيعة الخاصة وهى بيعة أهل الحل والعقد أو الشورى للخليفة الذى يختارونه اختيارا أوليا أى

.للخالفة يرشحونه :ب ـ البيعة العامة

مبايعة األمة للخليفة بعد أن يعرض عليها أهل الحل والعقد أمر البيعة

ـ طلب الرأى أو ١ الشورى .النصيحة من آخرين

ـ التشأورفى أمر ٢ .من األمور

ـ اجتماع على أمر ٣يشير كل واحد برأيه،

.مأخوذ من اإلشارة

:ـ فى القرآن١شاور فى فصل األمور أ ـ الت

.والمشكالت التى تواجه أسرة المؤمنب ـ طلب الرأى والنصيحة والتشاور

الذى هو السياسة ) األمر ( بخصوص والشؤون البشرية وجوانبها الدنيوية

.بالذات :ـ فى السنة٢

أ ـ فلسفة للحكم واجبة على رسول .اهللا وواجبة على الحاكم

اتخاذ ب ـ سلوك سياسى بخصوص .قرار ما

:ـ فى السياسة٣أ ـ فلسفة الحكم كما عرفتها الخالفة

.اإلسالميةب ـ تقليب اآلراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة فى قضية من القضايا السياسية واختبارها من أصحاب العقول واألفهام حتى يتوصل إلى الصواب فيها، أو إلى أصوبها

ء األمور حتى وأحسنها ليعمل به أوليا .تتحقق احسن النتائج

ج ـ مجلس الشورى، مجلس يتكون من أصحاب الرأى تستشيره الحكومة

.فى شؤون البالد

.ـ العزم فى أمر ما١ اإلجماعـ االتفاق على أمر ٢

ما، وهذا االتفاق يعنى .اتفاق الكثرة

ـ اتفاق أهل النظر ٣فى المصالح وهم

ـ فى الشرع ١أ ـ اتفاق مجتهدى عصر من أمة

على أمر دينى، أو اتفاق محمد المجتهدين فى عصر على حكم شرعى

.ويعد أحد مصادر التشريع اإلسالمىب ـ التعاليم واألفكار المجمع عليها

رجال الشورى الذين ض عليهم الحوادث تعر

ويتناولونها بالبحث وتتفق آراؤهم فيها وال عبرة لمن يخالفهم عليها ألن الجماعة أحق باإلصابة وأولى

.بالحجة

من أهل الحل والعقد فى زمن معين فهم الذين لهم الحق فى بيان الفقه

وهم يحكمون .والعلم واستنتاج ذلكبصحة استعمالها وهو نوعان، إجماع الخاصة والعامة أوال وإجماع الخاصة

.دون العامة ثانيا :ـ فى السياسة٢

أمر من إجماع أهل كل عصر على األمور السياسية

وهكذا نحاول من هنا ومن خالل إيراد المصطلحات المرادفة لمصطلح الرأى العام، كما عرفته حضارتنا العربية اإلسالمية، ومن إضافة الجدول الخاص بمدلول كل منها، أن نبين تحول القيمة الداللية إلى قيمة مفهومية بتحويلها من حقل

وظيفة فى المعجم اللغوى، إلى حقل مفهومى داللى عام لهفى جدول مصطلحى )مرجعية سياقية (خاص له وظيفة

.خاص وحسب معايير تصنيفية مضبوطةولكن يجب االنتباه أى أن المفهوم هنا كمجال داللى،

المفهوم (إنما هو ملخص لقيمة المصطلح ونعنى بذلكترجم عنها بوصفه يشكل الشبكة الداللية التى ي) الخاص

تعريف المصطلح، وبعبارة أخرى أن المفهوم الخاص بوصفه تصورا وظيفيا للخصائص المعرفة للمصطلح وهذه

الوظيفة التى عمدنا إليها من خالل هذه الجداول هى إبراز كما عرفت )الرأى العام ( خصائص موضوع اصطالح

مستوياته فى الحضارة العربية اإلسالمية وصوال إلى تعريفة .)١(بكل دقة وشمول

والتعريف الذى نقصده هنا هو تعريف المصطلح أو ـ وهو قضية مركزية لهذا ) الخطاب المعرف للمصطلح (

الخطاب ـ إنما هو بناء داللى للمفهوم الخاص، شامل لخصائص المرجع وسياقاته فى النصوص التراثية التى بين

.أيدينالية، فالتعريف الذى ولما كان الخطاب التعريفى بنية تحلي

نطلبه هو الذى ال يترجم للمدلول بصفته داللة معجمية، أى البيعة، الشورى، ( كما جاء التحديد اللغوى لمصطلحات

وإنما للمفهوم الخاص بصفته تحديد للوظيفة ) اإلجماع فما هى . )٢(المرجعية فى إطار قاموس االصطالح عامة هوم الخاص الخصائص العامة التى يتضمنها المف

. للمصطلحات آنفة الذكر؟فإن أهم هذه الخصائص المفهومية ) للبيعة ( فبالنسبة

: الخاصة تتجلى فى مستويين هما

. ١٧٣ـ١٧٢ن، ص .م) ١( . ١٧٢ن، ص . م ) ٢(

:أوال ) المؤمن ( المسلم ـ عقد على مستوى اهللا ١

. الجزئية إنه يعنى الكلية ) المؤمنين ( المسلمين ـ ثم عقد على مستوى الرسول٢

. الكلى هو يعنى الجزئى و ) المؤمنين( المسلمين ـ ثم إنه عقد على مستوى الخليفة ٣

: وهذا يتضمن . أهل الحل والعقد أ ـ البيعة الخاصة ممثلة بالخليفة

.المسلمينب ـ البيعة العامة ممثلة بأهل الحل والعقد :ثانيا

وكذلك فهو حق يتضمن الوجوب على المسلمين . اهللا سبحانه وتعالىالرسول

:أما الشورى فخصائصها المفهومية هى) األسرى ( طلب الرأى على المستوى الشخصى : أوال .)شؤون الدولة والحكم ( والعام . أ ـ فلسفة النظام السياسى:ثانيا

. ب ـ سلوك سياسى الشورى أضحت صورة من صور الممارسة :ثالثا .ية فى اإلسالم السياس

:أما اإلجماع فيعنى بخصائصه المفهومية اتفاق المجتهدين المسلمين فى زمان محدد ومكان :أوال .محدد

: وهو من اختصاص:ثانيا إجماع الخاصة دون العامة أ ـ اهل الحل والعقد

إجماع ب ـ إجماع العوام وأهل الحل والعقد .الخاصة والعامة

:ف الرأى العامتعريقبل أى محاولة لتعريف الرأى العام وتحديد ماهيته، ال بد

كظاهرة لها دورها ) الرأى السياسى (لنا من التفريق بين بمفهومه ) الرأى العام( فى عملية صنع القرار السياسى، و

الجماهيرى أو كظاهرة اجتماعية ـ سياسية، حيث يعنى المشترك الذى يصوره مجموعة القرار :)الرأى السياسى (

من األفراد المتنفذين فى مراكز حكومية أو غير حكومية استجابة لطلب المجتمع، أو استجابة لما يظنون أن المجتمع

) الرأى العام ( و )١(يرغب بحدوثه أو يتوقعه أو يحتاجه .أوال ثم عموميته) الرأى(الذى يتضمن

(1) David. L. Sills (Editor) International Encyclopedia

of the social sciences Vol.13 The Macmillan company . the free press . New

York . l968. P. l88 .

ة، وبنيته الخاصة إذ لكل منهما مفهومه الخاص:ثانيا .فيما بعد) للرأى العام ( أيضا، وهذا سنتناوله عند تعريفنا

الرأى ( :ولكن ما هى العالقة التى تربط بين االثنين ؟)الرأى العام( و) السياسى

( فى الحقيقة أن هذه العالقة تتضح من خالل تعبير عن العالقة أو مجموع العالقات التى تربط) الرأى السياسى

بين عملية تكوين الرأى العام وعملية صنع القرار السياسى، وتحديدها ينبع من خالل دراسة المتغيرات المؤثرة فى عملية صنع القرار السياسى، وتأصيلها، ومدى أهمية الرأى العام فى صناعة هذا القرار، وطبيعة النظرة إليه كوسيلة قانونية

م من خالل استخدامها أو أداة للضغط أو قوة للبناء أو للتحطي )٢( من قبل صانع القرار ذاته

وبحث ذلك ربما يخرجنا عن إطار هذه الدراسة بشكل وبآخر، لذا فإننا سنركز على تعريف الرأى العام والجهود

. التى بذلت بهذا االتجاه من قبل الباحثين األجانب والعربإن أهم ما يواجه الباحث فى ظاهرة الرأى العام، وبشكل

اص إشكالية التعريف، هى تعدد التعريفات وتشعبها التى خترتبط بطبيعة الظاهرة ذاتها إذ تتصف ظاهرة الرأى العام

(2) ibid p. l88 .

) Amorphous and Fluid Nature(بكونها ذات طبيعة مائعة : وهذه الطبيعة تعود فى حقيقة األمر إلى)٣(

ختالف فى وجهة النظر السياسية واالجتماعية إلى ـ اال١وع باختالف العلماء والباحثين الذين تناولوا الظاهرة، الموض

من حيث تعبيرهم عن حضارة معينة وثقافة سياسية محددة، أو انطالقهم من أيديولوجية بعينها إذ أن تعريف أية ظاهرة إنما هو تعبير عن رؤيا معينة، وموقف معروف، إن لم نقل

.إنه تعبير عن أيديولوجيا حضارية وثقافية وفكريةـ ثم تأتى عملية الخلط بين مستويات الظاهرة ٢

وأشكالها، وهو ما حأولنا تبيانه من خالل دراستنا للمفاهيم .األساسية يتصل بنظرية الرأى العام

وتتضح الطبيعة المائعة للظاهرة، من خالل وجود أكثر تعريفا للرأى العام والتى تتصل بهوية الباحث ) ٥٠(من

تصاصه العلمى، سواء أكان من علماء المطلق للتعريف واخاالجتماع أو السياسة أو من المختصين بعلم النفس أو من

ولو تتبعنا بدقة تعريف مصطلح الرأى العام منذ ..المؤرخين Jacques( أن أطلقه أيام الثورة الفرنسية جاك نيكر

Necker ( وزير مالية فرنسا فى عهد الملك ) لويس السادسهو الحاكم ) الرأى العام( ان يرى أن ، والذى ك)عشر

. ٤٣ذ، ص .س.احمد بدر، الرأى العام م. د) ٣(

)١(لتصرفات المستثمرين فى سوق باريس المالى والتعريفات الحالية له تبين لنا الفرق الواضح والتطورات

وهذا .السريعة التى أصابت النظرة العلمية إلى هذه الظاهرةما أوضحناه عند حديثنا عن اإلشكالية التأريخية والحضارية

ى العام وتطورات استخدام المصطلح، وما لمفهوم الرأسنحاول تبيانه بخصوص وضع تعريف محددة للظاهرة من خالل استعراض تعريفات العلماء والباحثين األجانب أوال ثم

:المحاوالت العربية فى هذا االتجاه ثانيا :أوال ـ التعريفات األجنبية

ت إن أهم ما يجب أن نتوقف عنده بخصوص هذه التعريفاهو وجود االختالف الكبير فيها، وفى تحديد وتعريف الظاهرة، حيث ما زالت النقاشات واالختالفات بين العلماء والباحثين حاليا كما هى الخالفات فى المناقشات القديمة، والفرق الوحيد بين االثنين، إنما يتعلق بإدراك مدى النفوذ

.لفالسفةالذى يفرضه الرأى العام على تصرفات الساسة واوقد كانت محاوالت علماء االجتماع هى السابقة فى بحث

نظر إليها ) Tard( فتارد.ظاهرة الرأى العام وتحديد تعريفهامن ـ زاوية اجتماعية بالطبع ـ على أنها صبغة فردية، واعتبره محض تقليد، ففى كل مجتمع من المجتمعات أفراد

، مكتبة القاهرة ٢أحمد الخشاب وكرم حبيب، علم االجتماع، ج . د) ١(

. ١٣٩ ـ ١٣٨الحديثة، القاهرة، ص

كار والتجديد، يمتازون بمواهب خاصة، وقدرة على االبتفتسرى موجة بين أفراد المجتمع اآلخرين نحو تقليد هؤالء

.األفراد النابهين وهكذا يتكون الرأى العام فقد كان يرى الرأى العام بأنه Mackininأما ماكينون

رأى فى موضوع ما يضمره األشخاص المتميزون بالذكاء ه كل نتشار التدريجى ويأخذ بوحسن الخلق وهو يتسم باال

.الناس تقريبا حتى لو تباينوا فى مستواهم التعليمى إلى أن الرأى العام E.A. Lawall فى حين ذهب ألويل

إنما هو قبول لواحدة أو اثنين أو أكثر من وجهات نظر .متضاربة يقبلها العقل والمنطق بوصفها حقيقة

ليعطى الرأى العام ) كولى(ثم جاء عالم االجتماع الشهيره االجتماعية المعاصرة حينما أكد أن الرأى العام لن سمات

يكون تجمعا ألحكام فردية مختلفة، ولكنه تنظيم تعاونى، يتم عن طريق اتصال التأثير المتبادل والمشترك، لذا فربما يختلف الرأى العام عن افتراض أن األفراد ربما يكونون فى

)١(تفكير معين كأفراد منفصل الواحد منهم عن اآلخر ) جون ستيوارت مل ( أما الفالسفة المحدثون ومنهم

هو ما ) الرأى العام ( فقد ذهب األول إلى أن ) كوليردج(و

بد الحميد أحمد حسين ع. انظر حول آراء علماء االجتماع، د) ١(

.٢٣٣ ـ٢٢٩، ص ١٩٨٧رشوان، المكتب الجامعى،

يريده المجتمع ـ أو الجزء القوى فيه، أو ما ال يريده ـ فيعتبر األمر الحاسم الذى يقرر بصفة علمية القواعد التى

رأى، فى يجب مراعاتها وعدم تعارضها مع القانون أو الهو الحكم الذى تصل إليه ) الرأى العام ( حين رأى الثانى أن

الجماعة فى مسألة ذات اعتبار عام بعد مناقشات علنية .ووافية

إال أن أكثر التعريفات أهمية جاءت من باحثين آخرين، :وأهم هذه التعريفات هى )٢( Leonard Dob تعريف ليونارد دوب

أنه ) الرأى العام والدعاية (وهو كما يرى فى كتابه يعنى اتجاهات ومواقف الناس إزاء موضوع يشغل بالهم

.بشرط أن تكون هذه الجماهير فى مستوى اجتماعى واحدفالرأى العام فى نظر دوب هو ثمرة الجدال والنقاش بين األفراد حيث يسود أحد اآلراء على بقية اآلراء أو تصل

بادئ األمر رأيا فرديا ثم الجماعة إلى رأى جديد كان فى .تنأولته الجماعة بالتحوير والتبديل

)١( V.O. Key تعريف كى

(2) Leonard W. Doob. Public Opinion and : Propaganda , Hamden Archon Books l966, p. 35 .

. ٤٨ذ، ص .س.نقال عن احمد بدر، الرأى العام م) ١(

يعنى الرأى العام اآلراء التى يعتنقها بعض األشخاص وتجد الحكومة أن من الحكمة اتباعها أى أنه يربط بين الرأى

بين رأى الفرد ) كى(العام أو السلطة كتعريف، وبذلك يفرق ولكنه فى الوقت نفسه يضيف بعدا .وميةورأى جهة حك

جديدا، إلى الرأى العام من خالل تبيانه أن الرأى العام يجب أن تحذره الحكومة أى السلطة السياسية، والتى ال يدخل

.رأيها ضمن الرأى العام بالطبعوهذه التفرقة تثير إشكاال رئيسيا وحاسما وهو أن كل

.له الحق فى الرأى العاممواطن فى الدولة البد وأن يكون )٢( F.H. Allport تعريف فلويد أولبورت

الرأى العام هو تعبير صادر عن مجموعة كبيرة من الناس للموافقة أو التأييد، أو المعارضة لمسألة من المسائل، أو حالة معينة، أو شخص معين، أو اقتراح محدد له أهمية

أو القوة، أو الدوام، واسعة االنتشار، سواء من ناحية العددمما يترتب عليه احتمال القيام بعمل مباشر أو غير مباشر يتعلق بالموضوع الذى يدور حوله بما يحقق الهدف

(2) Flord Allport, “Toward a science of public opinion “

in public opinion, Vol l, l73 , p. 28.

وكما هو واضح فإنه يتكلم هنا عن الرأى العام من .المطلوبخالل المقومات النفسية للشخص، حيث إن رأى الفرد يتفق

ذلك قد ال يكون فى كل مع ما فى نفسه دائما، غير أن .األحوال

قد أظهر جوانب متعددة ) البورت( ومع ذلك فإن تعريف للرأى العام منها الذى يدخل فى التعريف، وهو تحديده بأشخاص كثيرين أو موقف يشترك فيه عدد كبير من الناس، كذلك يظهر التعريف الشدة أو العمق والتأثير الذى يعطى

.لاحتمال إجراء مؤثر وفعاويالحظ على البورت أنه ركز على الرأى العام الكامن مع أنه ال ينكر أن هناك درجات متفاوتة فى المشاركة

.واالهتمام بالنسبة للمسائل العامة )١( William Albig تعريف وليام البيج

) الرأى العام الحديث ( وقد عرف الرأى العام فى كتابه يكون موضوع مناقشة من على أنه تعبير عن موضوع معين

، ويصفة كنتاج للتفاعل بين جماعات من األفراد )جماعة ما يتنأولون بالمناقشة قضية أو موضوعا ما، جدليا، تتعارض

(1) William Albig, Modren public opinion Mcgraw

Hill, l956, p. 31.

هنا، كما يبدو واضحا يؤكد ) البيج( و.اآلراء فيه أو تتساوىعلى عملية التفاعل بين األفراد والجماعات بوصفها أساسا

رأى مشترك يعبر عن األغلبية ويعرف وشرطا للوصول إلى .من خالل وسائل االتصال

إلى اتفاقه مع ) بلومر( ذهب ) البيج ( وفى ذات اتجاه فى تعريفه مضيفا إليه، أن هذا التفاعل الذى يتم بين ) البيج (

األفراد ال يتم من فراغ وإنما يتم من خالل عملية تحدث ه الوظيفى كما داخل مجتمع معين وتعكس تنظيمه وبناء

اشترط أن تتم عملية الرأى العام فى اتجاه اتخاذ القرار .وتصل إلى من بيدهم القدرة على اتخاذ القرارات

)٢( D.w. Minar تعريف مينار ويرى أن الرأى العام هو مجموعة االتجاهات والمشاعر التى يكونها قطاع كبير من الناس فى مسالة مهمة وفى فترة

.تأثير الدعايةمعينة تحت ويالحظ أن اشتراط االتصال الدعائى كمؤثر أساسى فى تكوين الرأى العام، ال يتالءم وطبيعة المتغيرات األساسية التى تتداخل فى عملية تكوين الرأى العام، حيث يظل تفسير أية ظاهرة بمتغير واحد ليس إال ابتسار للظاهرة، واجتزاء

.جانب منها فقط

. ٤٢ذ، ص .س.نقال عن أحمد بدر، الرأى العام م) ٢(

)٣( T.H. Clare س كالر تعريف توماإن الرأى العام هو مجموعة األحكام التى تصدرها الجماهير على عمل من األعمال، وهذا الرأى هو رأى

.األغلبية من هذه الجماهيروأهم االنتقادات التى يمكننا أن نوجهها إلى تعريف

هو أن الرأى ال يعنى الحكم فالتمييز بينهما واضح ) كالر(و ) الحكم( ، وهذا ما قمنا به عند الحديث عن تمام الوضوح

عند الحديث عن مفاهيم نظرية الرأى ) اختالفه عن الرأى(وأهم هذه االختالفات هى الطبيعة المعيارية التى يتسم . العام

بها االثنان، ثم اشتراط العلنية للرأى وعدم ضرورة ذلك .للحكم، وأخيرا ذاتية الرأى، وموضوعية الحكم

)١( H. Childs هاروود شيلدز تعريفالرأى العام مجرد مجموعة من اآلراء ) شيلدز( ويعد

الفردية وهو يستند إلى جمهور نوعى معين التجاهاته إزاء .موضوع جدلى محدد، أو هو حاصل جمع اآلراء الفردية

ولكن مما يؤخذ على هذا التعريف وصفه الرأى العام ، إال أنه فى الواقع يظل على أنه مجموع لآلراء الفردية

سيكولوجية الرأى العام وطرق ( نقال عن خليل إبراهيم رسول ) ٣( . ٢٠ ص ١٩٨١بغداد ) قياسه

. ن . منقال عن ) ١(

الرأى العام ليس محصلة جمع آراء األفراد جمعا رياضيا ولكنه محصلة وناتج تفاعل آراء األفراد مع بعضهم البعض اآلخر، فقد يكون الرأى الذى تنتهى إليه جماعة أو جمهور معين يتفق مع رأى البعض ويختلف مع رأى البعض اآلخر،

.عن جميع آراء أفرادهوقد يحون هذا الرأى مختلفا إن أهم ما يالحظ على هذه التعريفات وبشكل خاص

، أن هؤالء العلماء قد قللوا )دوب، البورت، البيج(تعريفات من أهمية الدور المهم والحاسم الذى تقوم به بعض الشخصيات المهمة والمحركة للفعل التأريخى ومن أصحاب

و من الرجال القادة المذاهب والفلسفات واألفكار الجديدة، أ، فى قدرتهم الفذة )قادة حركيون ( الذين يمتازون بأنهم

والكبيرة على تغيير رأى الجماعة ورسم اتجاه جديد وفرض .شخصياتهم على مجرى األحداث

إال أنه على العموم فإن هذه التعريفات التى أوردناها، ر كال(تفرز بعض نقاط االتفاق واالختالف فيما نجد كال من

يعرفان الرأى العام بأنه حاصل جمع اآلراء الفردية ) وشيلدزيؤكد على أن الرأى العام هو حاصل تفاعل ) كولى( نرى

آراء الجماعة وليس حاصل جمع تلك اآلراء، ويؤيده فى هذا كما نجد أن هذه .)البورت، والبيج، ودوب ( كل من

ناقشة التعريفات كلها تقريبا قد وضحت عناصر الجدل والمالتى ينتج عنها الرأى العام، كما أكدت التعريفات األخـرى

كالر ( كما هو الحال مع تعريفات .على مفهوم األغلبية .)والبورت

:ثانيا ـ التعريفات العربية

قبل أى حديث، عن تعريفات الباحثين العرب، ال بد لنا ة من اإلشارة إلى عدد من الحقائق تتعلق بطبيعة المنهاجي

التى انطلقت منها هذه التعريفات من جانب، ومدى تعبيرها عن الواقع السياسى العربى، بكل امتداداته الحضارية، ومحاولة االنطالق من التراث السياسى الحضارى العربى فى تحديد خصائص المفهوم العام لظاهرة الرأى العام، وبالتالى

.قيق للرأى العام من جانب آخرتبيان التعريف الدفهى ما زالت أسيرة المناهج الغربية، والتى تعبر عن مدركات الحضارة الغربية، والممارسة السياسية فيها، مهما اختلفت هذه الممارسة بين المعسكر الشرقى والغربى، فهى تظل مدركات معينة وبحدود مشتركة، مهما كان االختالف،

، فى انها لم تحاول أن تنطلق من التراث كما بينا ذلك من قبلالسياسى العربى اإلسالمى، فى تحديد المفهوم وخصائصه، حتى ولو فى اإلطار النظرى المجرد، الذى يسمو فوق الوقائع اآلنية، ليقدم صورة إدراكية للمفاهيم السياسية، عسى

.أن تجد مكانها على أرض الواقع

والمعالجة تقع خارج إذن فنحن أمام مشكلتين أساسيتينإطار هذا البحث، لذا سنكتفى باإلشارة إليهما ونحن نتناول ما

.قدمه الباحثون العرب فى هذا االتجاهوأهم هذه التعريفات، التى تظل لصيقة للتعريفات األجنبية

:وظاللها فى أحسن األحوال هى )١(تعريف الدكتور أحمد بدر

عن آراء الناخبين ـ أو من هو التعبير الحر:الرأى العامفى حكمهم ـ بالنسبة للمسائل العامة المختلف عليها، على أن تكون درجة اقتناع الناخبين بهذه اآلراء وثباتهم عليها، كافية للتأثير فى السياسة العامة، واألمور ذات الصالح العام، .وبحيث يكون هذا التعبير ممثال لرأى األغلبية ولرضا األقلية

ذا التعريف كما يعترف صابه يقترب من تعريف وهالذى أوردناه فى التعريفات األجنبية، وإن ) فلويد أولبورت (

كانت المالحظات التى أوردناها عن هذا التعريف، تصح ) الرأى العام(أيضا على ما قدمه الدكتور أحمد بدر فى كتابه

فإن المالحظة الجديرة باألهمية بالنسبة لهذا التعريف هىو ) التصويت السياسى ( خلطه الكبير ما بين مفهومى

و ) الرأى العام ( من جانب، ومفهوم ) الرأى العام(من جانب آخر، وكليهما له مستواه ) الممارسة االنتخابية (

. ٥٢ذ، ص .س.أحمد بدر، الرأى العام، م. د) ١(

الخاص فى التعامل وطبيعته المختلفة، وخصائصه المتفردة ( و)التصويت السياسى ( ونقاط االشتراك بين مفهومى

مع ظاهرة الرأى العام ال تبرر بأى شكل من ) النتخابااألشكال مثل هذا الخلط فى المفاهيم األمر الذى يعنى أن

المفهوم القانونى للظاهرة هو المسيطر على هذا التعريف، مع إهمال بقية الجوانب المتفاعلة فى تكوينه وتحديد سماته

.الخاصة )١(تعريف حسنين عبد القادر

الرأى العام والدعاية ( الرأى العام فى كتابه وقد عرفوهو ) كلوريدج (من خالل تبنيه لتعريف ) وحرية الصحافة

الرأى العام هو الحكم الذى تصل إليه الجماعة فى ( أن وذلك بعد .)مسألة ذات اعتبار عام، بعد مناقشات علنية وافية

رها إيراده مجموعة من التعريفات، دون أن يشير إلى مصادلذا فإن أى مناقشة له تعنى رأيا أجنبيا األمر الذى يستدعى عدم التعرض له، هنا فى هذا الموضع، بعد أن تعرضنا لهذا

.التعريف فى موضع سابق

٢حسنين عبد القادر، الرأى العام والدعاية وحرية الصحافة، ط . د) ١(

.٢١ ص ١٩٦٢بال دار نشر، القاهرة

)٢(تعريف الدكتور سمير حسين ويعد تعريفه من أكثر التعريفات اتساعا ومطاطية فى

خالصة ( أنه تناول الظاهرة، حينما عرف الرأى العام على آراء مجموعة من الناس، الرأى الغالب، أو االعتقاد السائد، )

أو جماع اآلراء، أو االتفاق الجماعى لدى غالبية فئات الشعب أو الجمهور، تجاه أمر ما، أو ظاهرة أو موضوع، أو قضية من القضايا قد تكون اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية،

أو قومى أو اقليمى، أو دولى، كما قد تكون ذات طابع محلى،ويثور حولها الجدل، وان هذا اإلجماع له قوة وتأثير على

.القضية أو الموضوع الذى يتعلق به وإذا ما تفحصنا هذا التعريف، سنجد أن الطبيعة اإلجرائية هى السمة الغالبة عليه، ولكنه يخلط ما بين أكثر

، ) حسنين سمير( من ظاهرة فى الوقت نفسه، فالدكتور بالرغم من أنه يرى أن الرأى العام هو الرأى الغالب، فإنه فى الوقت ذاته يعطى أكثر من مترادف بديل لصفة الغالبية،

). االعتقاد السائد، جماع اآلراء، االتفاق الجمعى( ممثلة ب

، ١٩٨٢ سمير محمد حسين، مذكرات فى الرأى العام، القاهرة )٢(

بة األنجلو شاهيناز طلعت، الرأى العام، مكت. نقال عن د١١ص . ١٥٤، ص١٩٨٦المصرية، القاهرة،

وهنا يخلط بين االعتقاد والرأى، واالتجاه السائد، ولهذه خصائص معينة، تعطيها ميزة الظاهرة منفردة كما نعلم

االختالف عن بعضها بشكل وبآخر، كما أوضحنا ذلك عند .الحديث عن مفاهيم نظرية الرأى العام

فئات ( واألمر ذاته يتكرر بالنسبة لتحديد الجماعة فهى عن ) الجماهير( وبهذا التحديد يستبعد ) الشعب، الجمهور

وكبير، يجب عملية اتخاذ الرأى العام، وهذا نقص فادح .تالفيه عند أى عملية تعريفية بظاهرة الرأى العام

)١(تعريف الدكتور مختار التهامى يعرف الدكتور التهامى الرأى العام بأنه الرأى السائد بين أغلبية الشعب الواعية فى فترة معينة بالنسبة لقضية، أو أكثر

أو يحتدم فيها الجدل والنقاش وتمس مصالح هذه األغلبية، وميزة هذا التعريف هى اقتران .قيمها اإلنسانية مسا مباشراكأساس وشرط ال بد ) بالوعى ( عملية اتخاذ الرأى أو تبنيه

كما أنه ميز فى . منه للحكم على الرأى بأنه رأى عاممنظومة مصالح الجمهور، بين المصالح المادية والمصالح

ما توجه إلى مثل هذا وبالرغم من االنتقادات التى رب.المعنويةالتعريف، إال أنه يظل محاولة رائدة لتعريف الرأى العام،

، دار ٣، ط١مختار التهامى، الرأى العام والحرب النفسية، ج. د) ١(

. ١٧، ص ١٩٧٣٤المعارف، القاهرة

وتفسير الظاهرة، من خالل دراسة مجتمعات العالم الثالث، ومراقبة الظواهر والممارسات السياسية فى مجتمعات هذه الدول وكما نعلم فإن لظاهرة الرأى العام فى دول العالم

محددة التى تميزها بوضوح عن الثالث خصائصها وصفاتها الالظاهرة فى العالم المتقدم، وتأتى طبيعة النظام القيمى وما بحثناه فى هذا الخصوص فى مقدمة المتغيرات التى تحتم هذا

.التميز واالختالف )١(تعريف الدكتور عبد القادر حاتم

الرأى الذى " :بأنه) الرأى العام( وقد عرفه فى كتابه ؤثرات وردود األفعال المتبادلة بين أفراد أى ينتج عن الم

."جماعة كبيرة من الناس حيث يصبح ) الجمهور ( ويضع هذا الرأى ميزة لجماعة

من وجهة نظر هذا الجمهور تعبيرا عن مواقف أعضاء هذه الجماعة الذين يبدون اهتماما من أى نوع، بأى موضوع

ر األقلية أو األقليات معين، لذا فالرأى العام تبعا لذلك هو تعبي .فى وقت واحد

وأهم االنتقادات التى توجه إلى هذا التعريف هو أنه بالرغم من اشتراطه للمؤثرات فى حدوث الرأى العام، إال أنه

) الرأى العام وتأثيره باإلعالم والدعاية ( محمد عبد القادر حاتم . د) ١(

.٥٣ـ٤٩، ص١٩٨٩ مكتبة لبنان، بيروت ١ج

لم يحدد هذه المؤثرات وطبيعتها، فهل يعد حدوث كارثة ما، ؟ ..وردود الفعل إزاءها، رأيا عاما

على الجماعة، ويدفعها نحو وهل يعد اتجاه معين يسيطر ؟ ..ردود معينة، رأيا عاما فى سبيل المثال

) الجمهور( أما االنتقاد اآلخر، فهو اقتصاره على جماعةالتى تظل فى حقيقتها مستوى منحدرا من مستويات التجمع،

، وهذا )الجمهور ( كما بينا تختلف عن ) فالجماهير ( وين الرأى العام من جانب بالتأكيد يترك آثاره، على عملية تك

.وعلى طبيعته من جانب آخر )٢(تعريف الدكتور إسماعيل على سعد

) االتصال والرأى العام ( الرأى العام كما جاء فى كتابه :هو

حصيلة أفكار ومعتقدات ومواقف األفراد والجماعات ( إزاء شأن أو شؤون تمس النسق االجتماعى كأفراد وتنظيمات

تى يمكن أن تؤثر نسبيا أو كليا فى مجريات أمور ونظم، وال .)الجماعة اإلنسانية على النطاق المحلى أو الدولى

مبحث فى القوى ( اعيل على، االتصال والرأى العام سعد إسم. د) ٢(

، ص ١٩٨٩دار المعرفة الجامعية، اإلسكندرية ) واأليديولوجيا ١٢٢ ـ ١٢٠

والجديد فى هذا التعريف هو تعريفه للظاهرة، كظاهرة اتصالية، وبالتالى فهى تخضع لمجريات العملية االتصالية، والمؤثرات التى ترافق عملية انتقال الرسالة االتصالية، إال

أنه، أى هذا التعريف، قد بقى موغال فى التجريد والتعميم للظاهرة، والذى يعنى ) بالمفهوم الخاص( دون أن يهتم

ترجمة داللة المصطلح أوال وتبيان التصور الوظيفى للخصائص التى اعتمدها فى التعريف ثانيا، والتى حددها

األفكار والمواقف ونطاقاتها، ثم ( الدكتور إسماعيل ب التفاق أو االتساق، والفاعلية ودواعى المصلحة الفرية أو ا

الجماعية وصياغة الرأى والتأثير من خالل العملية االتصالية، ثم حدود تأثير هذا الرأى وارتباط ذلك بالقوة القادرة على تحقيق التأثير المرجو، لهذا الرأى، على عملية

.)صنع القرار )١(تعريف الدكتورة شاهيناز طلعت

والصادر فى عام ) الرأى العام ( وقد عرفته فى كتابها مجموعة مركبة من األفضليات التى يعبر " على أنه ١٩٨٦

بها غالبية األفراد فى مجموعة جماهيرية ما ـ فى مجتمع ما ـ عن مسألة عامة، يهتمون بها، بعد مناقشتها الفترة

". المناسبة، ربما يكون لهذا الرأى تأثير معين

. ١٥٩ذ، ص .س.شاهيناز طلعت، الرأى العام، م. د) ١(

على ما ) طلعت ( وفى هذا التعريف اعتمدت الدكتورةبخصوص نظام األفضليات التى يراها الفرد، " بلومر"جاء به

ولكنها نقلت األفضليات الفردية هذه إلى األفضليات وفى تحديدها للمتغيرات األساسية التى يتضمنها . الجماعية

كشرط أساس ومقياس ) العقالنية(التعريف تذهب إلى تحديد .لرأى الفردىل

وتؤكد على أن من فقدوا قواهم العقلية ال يمكن أن يكون وبالتأكيد أن هذه الحقيقة من .لهم رأى فردى خاص بهم

المسلمات والبديهيات، ولكن كان من األجدر التمييز بين وحقوق المواطنة فى إطار ) الجماعى ( الفردى ثم ) الوعى (

فى هذه ) المساواة ( رة المشاركة السياسية، حيث تبرز فك أو عدم ) الوعى ( المشاركة،بغض النظر عن وجود

يجعل من اتجاه ) الوعى ( وبالتالى فغياب عنصر ) وجوده(من ) الحشد والغوغاء(الرأى العام، اقرب منه إلى مستوى

كما أنها أغفلت .)الجماهير( الجمهور الذى يختلط لديها ب ثير، فإنها وقد جعلت احتمالية جانبا مهما يتعلق بعملية التأ

.تأثيره تركت هذه االحتمالية دون ارتباطها بالنظام السياسىفهل يتشابه تأثير الرأى العام .والنظام القيمى الذى يسير عليه

وعدم تأثيره فى دول العالم المتقدم حيث يصبح متغير الرأى

ل، العام احد متغيرات صنع القرار السياسى فى نظم هذه الدو مع تأثير هذا الرأى بل وجوده فى دول العالم الثالث؟

إذن ال بد من مالحظة الطبيعة البنائية للنظام السياسى واالجتماعى فى الدولة لتحديد طبيعة الرأى وتأثيره، قبل إطالق أى حكم يعتمد النظام الفكرى للباحثين األجانب فى

.هذا الخصوص :عاجم ثالثا ـ تعريفات الموسوعات والم

بماذا تختلف تعريفات مصطلح الرأى العام، كما أوردها الباحثون والمفكرون األجانب والعرب، عن التعريفات الواردة فى المعاجم والقواميس والموسوعات العربية

؟ ..واألجنبية إن التمييز الواضح بين االثنين يتجلى فى طبيعة اإلطار

قة العضوية بين المرجعى الذى تحدده، حيث تتجاوز العالالمصطلح ووظيفته المرجعية، تأريخية جهود هؤالء الباحثين إلى الوظيفة االستعمالية المنظمة لممارسة معرفية خاصة

بينما تنتفى .ومتغيرة، ترتبط بالتطور المستمر للمفاهيم العلميةهذه الصفة فى التعريفات التى أوردناها لهؤالء الباحثين ألنها

لية، ألن التطورات الداللية للمصطلح ـ كما تظل تعريفات أو

أشرنا ـ تبقى مرتبطة بتطورات االستعمال الذى تحدده )١( مراجعة العلوم المختلفة لمفاهيمها

وهذا ما يتضح من خالل مراجعة هذه التعريفات والتأكيد على األفكار الجديدة التى طرأت على موضوع التعريف، فى

معاجم والقواميس والموسوعات، الطبعات المتتالية لهذه الاألمر الذى يعطينا تناوال حديثا للموضوع، مثلما يقدم لنا فى الوقت نفسه وضعية معينة لالستعمال يمكن اعتبارها وثيقة أو

.مرجعا تجاوزها االستعمال وتحداهاومن هنا تظهر أهمية التعريفات التى اعتاد أغلب

يفات الباحثين الباحثين العرب على إيرادها ضمن تعر :والمفكرين، لظاهرة الرأى العام، وأهم التعريفات هى

)١(ـ تعريف معجم المصطلحات اإلعالمية ـ وجهة نظر أغلبية الجماعة الذى اليفوقه رأى آخر، ١

وذلك فى وقت معين وإزاء مسألة تعنى الجماعة، وتدور .حولها المناقشة صراحة أو ضمنا فى إطار هذه الجماعة

.١٥٧ـ ١٥٥ذ، ص . س.عثمان بنطالب م. د) ١( دار الشروق، ١طكرم شلبى، معجم المصطلحات اإلعالمية، . د) ١(

.٤٨، ص ١٩٨٩القاهرة

عبارة تستعمل عادة للداللة على تكامل آراء الناس ـ ٢وليس مجرد التقاء آرائهم أو تجميعها، وذلك بشأن مسألة أو مسائل تعنى المجتمع الذى يحتوى هؤالء الناس على نحو من

وعلى هذا األساس يمكن أن نعتبر الرأى العام، .. األنحاء صورة من صور السلوك الجماعى، تمخضت عن مناقشة

ل بين أفراد متعددين تعنيهم المسألة التى يتعلق بها هذا وجدالسلوك أو هذه المناقشة ويتجهون لتحقيق هدف أو غاية

.مشتركة، ويتأثرون فى ذلك باعتبارات وعوامل مختلفة )٢(تعريف الموسوعة السياسية

وهو اتجاه أغلبية الناس فى مجتمع ما اتجاها موحدا إزاء المجتمع أو تهمه أو تعرض عليه، القضايا التى تؤثر فى

ومن شأن الرأى العام إذا ما عبر عن نفسه أن يناصر أو يخذل قضية ما، أو اقتراحا معينا،وكثيرا ما يكون قوة موجهة للسلطات الحاكمة علما بأن الرأى العام ليس ظاهرة ثابتة

.بالضرورة وقد يتغير إزاء مسألة ما من حين إلى حين

، ١، ط٢عبد الوهاب الكيالى وآخرون، موسوعة السياسة جـ. د) ٢(

. ٨٠٣، ص١٩٨١المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت

)٣(العسكرية تعريف الموسوعة هو المحصلة النهائية لمجموعة آراء ) الرأى العام(ـ ١

ما، بغض النظر ) مجموعة بشرية ( األفراد فى مجتمع أو .عن اتفاق اآلراء الفردية أو وحدتها أو درجة تجانسها

ـ يمثل الرأى العام رد الفعل الذى يقوم به الناس بشكل ٢ يؤمنون به أو عفوى ودون تبريرات أو تفسيرات واضحة لما

.آلرائهم ومواقفهم وأحكامهمـ هو قوة اجتماعية تنظيمية تدل على اتجاهات الناس ٣

.وتسيطر عليهاـ الرأى العام يتكون من تفاعل اآلراء الشخصية التى ٤

تعد القاعدة الضرورية لتشكيل هذا الرأى، وذلك للعديد من النتباه الناس عندما يكون هناك موضوع أو مسألة تتطلب ا

العام، وتكون هذه المسألة حيوية، بما يكفى لحث الناس على اتخاذ موقف بصددها، فقد يكون لبعض األفراد آراء شخصية بصدد أزمة ما، ولكن هذه اآلراء ال تصبح رأيا عاما ما لم تشتد األزمة وتصبح مسألة عامة، يهتم بها الناس ويعبرون

ة التى تشكل الرأى عن ذلك االهتمام بطرح آرائهم الشخصي .العام

، المؤسسة العربية للدراسات ١، ط٢الموسوعة العسكرية جـ) ٣(

. ٨٠١ ـ ٨٠٠، ص ١٩٧٩والنشر بيروت

)١(تعريف المعجم العربى األساس وهو وجهة نظر الجماهير:الرأى العام

)٢(تعريف معجم مصطلحات العلوم االجتماعية وهو وجهات النظر والشعور السائد بين جمهور معين،

.فى وقت معين إزاء موقف أو مشكلة من المشكالت )٣(علوم االجتماعية تعريف الموسوعة الدولية فى ال

هو مجموعة من اآلراء الشخصية حول :الرأى العامموضوع يهم المجتمع أو مجموعة األفراد المكونة آراؤهم حول هذا الموضوع ومجموعة اآلراء هذه ستؤثر على .تصرف هؤالء األفراد وكذلك على صنع السياسة الحكومية

)٤(تعريف قاموس وبستر

/ ة للتربية والثقافة والعلوم، المعجم العربى األساس المنظمة العربي) ١(

. ٤٩٥ ص ١٩٨٩باريس أحمد زكى بدوى، معجم مصطلحات العلوم االجتماعية، مكتبة . د) ٢(

. ٣٢٨ ص ١٩٧٨بيروت / لبنان (3) David L. Sills (Editor), International Encyclopedia

of the sodial Scinces, Vol. 13 . The Macmillan company , the free press, New York, l968. p.188 .

(4) Webgters third new International Dictionary ( unabriged) Mass G and C. Nerrim . Co, l976, P.18 .

خصوصا عندما يظهر أنه رأى وهو الرأى المشترك، .العامة من الناس

)١(تعريف الموسوعة الفلسفية مجموع معين من األفكار والمفاهيم التى تعبر عن موقف مجموعة أو عدة مجموعات اجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر

.من الحياة االجتماعية وإزاء نشاط الطبقات واألفرادستنكار أفعال إنسان ما ويظهر الرأى العام فى إقرار أو ا

من جانب الناس المحيطين به، وهو يتشكل بطريقة عرضية بوساطة المنظمات والمؤسسات الطبقية، كما يتشكل أيضا

.تلقائيا عندما يهتدى الناس بالخبرة العملية والتقاليد وحدهاوهذا هو السبب فى أن الرأى العام ال يكشف فقط عن

أيضا عن درجة متفاوتة من اختالف المصالح وإنما يكشف .الوعى االجتماعى

)٢(تعريف القاموس السياسى السوفييتى ويطرح هذا القاموس وجهة النظر الماركسية اللينينية بخصوص البنية السياسية للمجتمع حيث يعرف الرأى العام

االتجاه الموحد لمعظم الناس فى مجتمع ما، حيال ( :بأنه

٤الموسوعة الفلسفية ط) إشراف ( يودين . روزنتال وب . م) ١( . ٢٢٦، ص١٩٧٤ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت

. ١٢٦، ص ١٩٨٤موسكو ) باللغة الروسية ( القاموس السياسى ) ٢(

ويرى أن من أدوات .)تعرض لهم القضايا والمشاكل التى أما .تشكيل الرأى العام توحيد الثقافة والنظرة إلى األمور

قياس هذا الرأى فيتم من خالل التأكد من ردود الفعل باألسئلة المباشرة، واالختبارات ومالحظة ما يفعله األشخاص فى

.مختلف مواقف الحياة التى يعتمد فيها السلوك على اآلراء )٣( الموسوعة البريطانية واألمريكية تعريف

يكاد ال يختلف تعريف الرأى فى الموسوعة البريطانية، عن التعريف الوارد فى الموسوعة األمريكية، لذا ارتأينا

:إيرادهما معا، حيث يعرفان الرأى العام بأنهمجموعة آراء أفراد ومواقفهم ومعتقداتهم حول "

من خالل مجموعة مهمة موضوع معين، ويتم التعبير عنهوال يعد الرأى ) Community: الجمهور( من الجماعة

." الخاص رأيا عاما إال من خالل التعبير عنه بصورة عامة :"الرأى العام " تعريف مصطلح

. انظر حول ذلك ) ٣(

1- The New Encyclopaedia Britanica, 75 the Edition, l985, Vol, 26, 352- 358, Encyclopaedia Br banica, Inc, Chicago, USA.

2- The Encyclopaedia Americana, Vol 22, 757 – 760, l979. Americana ooperation Danbury, connectiout, USA.

بعد أن تناولنا إشكالية تعريف الرأى العام، بمستوياتها الغربى الثالثة، وحددنا تطورات داللة المفهوم فى الفكر

والعربى اإلسالمى، ومن ثم تتبعنا تعريفات المصطلح غربيا " وعربيا، فإن وضع تعريف محدد للرأى العام ال يعانى عقدة

وينبع من تطورات الظاهرة فى حضارتنا العربية " االغتراب اإلسالمية، ويعبر عن الممارسة السياسية كما عرفتها هذه

النظامية على مستوى الحضارة، وكما عبرت عنها بأشكالها البنية السياسية واأليديولوجية، التى تقف منها موقف المساند أو الرفض، ال بد لنا كى نحقق ذلك أن نبنى هذا التعريف

:انطالقا من حقيقتين أساسيتين هماـ أن تحديد داللة ومفهوم ألفاظ المصطلح، يجب أن ١

ذاته، وقراءة تبدأ من قراءة األلفاظ ذاتها قبل قراءة المعنى اللفظ هنا تعنى التعامل معه كعنصر فى شبكة من العالقات، ال كمفردة مستقلة بمعناها وهذا ما يتطلب إخضاع المصطلح بألفاظه إلى عملية تحليل دقيق وتشريح عميق، نستطيع من خاللها أن نبين حدود المصطلح ومفهومه وتعريفه تعريفا

.وافياا يطلق عليه األلسنيون أو م" ـ لما كان التعريف ٢

هو تركيب إخبارى وتحليلى، " الخطاب المعرف للمصطلحفالعالقة بين االسم كوحدة مصطلحية وتعريفه فى المعجم أو القاموس هى عالقة من نوع خاص، فالتعريف هنا ليس

مجرد تلخيص للمضمون المدلولى لالسم فى جملة أو عدة لتدريجى للسمات جمل، بل هو بناء يخضع لمبدأ الترتيب ا

الداللية التى تمكن من تحديد المصطلح فى إطار مجموعة من العالقات المصطلحية ومبدأ حصر العناصر السياقية المكونة لمرجعه وتأسيس المفهوم على مجمل هذه

وهكذا تنحصر قضية تعريف المصطلح بمستويين .العناصرلح وصف المصط( المستوى اللغوى المعجمى " أساسيين هما وصف الواقع من ( ، والمستوى الموسوعى )كوحدة لسانية

)١() " خالل حصر المفهومالرأى " وفى ضوء هاتين الحقيقتين فإن تعريف مصطلح

ما دامت " عام"و" رأى"، ينطلق أوال من قراءة لفظتى "العام بخصوص المصطلح، ألنه ىءالمعاجم العربية ال تمدنا بأى شل معاجمنا اللغوية خالل هذا مصطلح مترجم أساسا، ودخ

القرن، وقد ظلت اللغة العربية تعبر عن مفهوم المصطلح إن .)الخ.. اإلجماع، البيعة، الشورى ( بتعبيراتها الخاصة

التحليل األولى للمصطلح يظهر بوضوح أنه ترجمة حرفية والذى " Public Opinion" للمصطلح اإلنكليزى

وهذا ما يظهر بوضوح Opinion publique يقابله بالفرنسية وحدة المصطلح ووحدة الداللة له، فى الفكر السياسى الغربى

( عثمان بنطالب، علم المصطلح بين المعجمية، وعلم الداللة . د) ١(

. ١٩٦ذ،ص.س.، م)اإلشكاليات النظرية والمنهجية

واألوربى منه بشكل خاص، وإذا ما عدنا إلى أصول جذر فى اللغة اإلنكليزية، ) Opinion(و ) Puplic(الكلمتين

كما يوردها معجم أصول ) Puplic( سنجد أن جذر كلمة )١( :هو " Dictionary of word orgins" الكلمــــات

“ Publicus Public, adj ME Publique, Fr Mf, Fr, L,

probalter, of poplicus , fr puplique the people”

يتضح من النص، أن أصل الكلمة فرنسى، ويعنى .الجمهور أو العامة من الناس، أو عموم الشعب

نية األصل، كما أوردها وهى التي) Opinion ( أما كلمة وجذر )٢( ) فكرة، رأى، معتقد فكرى ( المعجم نفسه فتعنى

يعتقد أو يرتأى، أو ( والذى يعنى ) Opine( الكلمة العقل وتبعا للجذر الالتينى للكلمة فإنها فى الالتينية ) يكون فكرة

)Opinio ( وفى الفرنسية )Opinion( . لى من الالتينية، ه الدالفالمصطلح إذن يعنى حسب تطوراإلنكليزية، قد ) public(والفرنسية يعنى جملة أمور، فكلمة

والتى تعنى عامة Publiqueجاءت من الكلمة الفرنسية الناس، أو عموم أفراد الشعب، ال تمتلك جذرها الالتينى كما هو الحال مع كلمة الرأى وإنما هى من األلفاظ المستحدثة،

ورة الفرنسية لتعطى لها مدلوالتها الحديثة، والتى جاءت الث

(1) Litrairie Ju Liban Beirut, l983, p.p. l95 – l96 (2) Ibd P. l69 .

حيث برزت ألول مرة ظاهرة المجتمع الجماهيرى والذى يعنى أن العمل السياسى ممارسة ومشاركة لم يعد من حق الملوك اآللهة، أو الطبقة االرستقراطية واإلقطاعية، وبذلك

حقه ممثال بإعالن وثيقة حقوق اإلنسان، " للمواطن " أصبح فى الحياة السياسية، وهو تطور خطير له دالالته ودوره

ومغزاه بالنسبة للتطور السياسى المعاصر، فداللة ومفهوم يرتبط بالثورة الفرنسية والتطورات الخطيرة Publicكلمة

التى أورثتها هذه الثورة فى بنية المجتمع السياسى األوربى ة ثم العالمى بعد ذلك خالل قرنين من الزمان، أما كلم

Opinion ،فهى بجذرها الالتينى تحمل معانى التفكير واالعتقاد، والرأى مرادف لعمليتى التفكير واالعتقاد، فهو

.عمل عقالنى يعتمد العقل فى التفكير واالعتقاد Public Opinionوتبعا لذلك فإن مصطلح الرأى العام

والذين نطلق ) رأى العامة من الناس (يعنى بشكل دقيق ، وقد جاءت الترجمة )الجماهير ( يهم اآلن مصطلح عل

إلى الرأى ) رأى العامة( العربية للمصطلح لتنقله من مفهوم لغويا وفلسفيا وفقهيا، وذلك ما سنتنأوله بعد أن نتابع ) العام(

وبعبارة أخرى أن .مفهوم ألفاظ المصطلح فى اللغة العربية فى مدى دقة السؤال المهم الذى يطالعنا، ونحن نبحث

المصطلح كما عرفته التجربة العربية اإلسالمية، عبر الممارسة السياسية فى حضارتنا، واإلجابة عن ذلك تبدأ أوال

من تحديد الداللة اللفظية لمفردات المصطلح فى المعجم .العربى، وتطور هذه الداللة

:أوالـ الرأى، رأى، يرى، رؤية، راء، الرائى( يقال فى اللغة ، ورأى الشىء أبصره بحاسة البصر، ورأى فالن )مرئى

هى المشاهدة بالبصر حيث ) فالرؤية ( رؤيا، فيما يرى النائم فيما يراه المرء ويعتقده " الرؤيا " كان فى الدنيا واآلخرة، و

فإن " الرأى " وإذا ما بحثنا فى المعنى التداولى لكلمة . )١(: الرأى( يوضح أن )٢(عين أقدم المعاجم العربية هو معجم ال

ما أضل آراءهم ( ويجمع على اآلراء تقول ) رأى القلب ورأيته … ، أيضا ورأيت بعينى رؤية )رءاهم(على التعجب و

رأى العين، أى حيث يقع البصر عليه، وتقول من رأى القلب، ارتأيت وفالن يتراءى لى برأى فالن، إذا كان يرى

وهنا يبين الخليل بن أحمد رأيه، ويميل إليه ويقتدى به، رأى ( و ) رأى القلب( الفراهيدى، أن الرأى، قسمان هما

ربى األساسى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، المعجم الع) ١(

، والمنجد فى اللغة ٤٩٥ ـ ٤٩٤بال دار للطبع، بال تأريخ، ص . ٢٤٣، ص ١٩٨٨، دار المشرق، بيروت، ٣واألعالم ط

مهدى . ، تحقيق د٨الخليل بن أحمد الفراهيدى، كتاب العين، ج ) ٢(ة الثقافة واإلعالم، بغداد، إبراهيم السامرائى، وزار. المخزومى، د

. ٣١٠ـ ٣٠٦، ص ١٩٨٥

الرؤيا ( العيانية، و) الرؤية ( ، ويفصل بين مستوى )العين كما سنبين فيما " الرؤيا العقلية " والتى ليست إال ) القلبية

.بعدفى ) الرأى(أما القرآن الكريم فقدر وردت فيه كلمة

: ( حيث جداء فى قوله تعالى) هود(و) آل عمران ( سورتى فئة تقاتل فى سبيل اهللا وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى

ما نراك اتبعك إال الذين (و ) ٣آل عمران ـ اآلية (.)العينأما ما ورد ). ١١هود ـ اآلية ) (هم أرذالنا بــادى الرأى

ها فى الكتاب الكريم فإنه قد جاء فى الكلمات التى جذركما أوردها المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم ) ى.أ.ر(وإن كانت ) الرؤيا(و) الرؤية ( ، فإنها قد جاءت بمعنى )١(

ألن القرآن .أغلبها قد جاءت بمعنى المشاهدة العيانيةيقترب من المحسوس والملموس فى " نداء حركيا" باعتباره

.المخاطبة، كى يكون قريبا من األذهانسنجد أنه ) هود(وإذا ما عدنا إلى سورتى آل عمران و

، أما فى )رأى العين(هنا هو ) الرأى(فى السورة األولى أن بادى (، و)الرأى القلبى العقلى ( هو ) فالرأى ) ( هود(سورة

محمد فؤاد عبد الباقى، المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم، دار ) ١(

.٢٢٤الفكر، القاهرة، ص

فى )٢() ابن كثير ( أى فى بادى الرأى، كما يقول ) الرأى ليس بمذمة وال )بادى الرأى(تفسيره للقرآن الكريم وقولهم

عيب ألن الحق إذا وضح ال يبقى للرأى وال للفكر مجال، بل ال بد من اتباع الحق، والحالة هذه لكل ذى زكاء وذكاء، بل ال يفكر ههنا، إال غبى أو عيى، والرسل صلوات اهللا وسالمه عليهم أجمعين إنما جاءوا بأمر جلى واضح، وقد جاء فى

ما دعوت أحدا إلى ( :قال) (الحديث أن رسول اهللا اإلسالم إال كانت له كبوة غير أبى بكر فإنه لم يتلعثم، أى ما تردد وال تروى ألنه رأى أمرا جليا واضحا فبادر إليه

فى هذا الموضع من التفسير يثير ) ابن كثير ( و.)وسارعثالثة تساؤالت أساسية بخصوص مفهوم الرأى، التساؤل

يعنى عدم التمحيص والتفكير بما )بادى الرأى ( األول هل الذى ينبع من الوعى ) الرأى( أم أنه يعنى ؟بان من الحق

( هو وليد ) رأى القلب ( التام بصورة الحق وبالتالى فإن تنقصه الروية والتفكير ) بادى الرأى( أم أن ) رأى العقل

والتمحيص فيما ظهر من الحق، وأن إيمانهم لم يكن إيمانا أن بادى الرأى ليس بمذمة وال ( وهذا ما يفسر قوله ! !واعيا وهو التساؤل الثانى، أما التساؤل األخير فإنه يبرز .)عيب ) ألن الحق إذا وضح ال يبقى للرأى والفكر مجال ( بقوله

، ١٩٨٨، دار الجيل، بيروت، لبنان، ٣تفسير القرآن العظيم، ج ) ٢(

.٤٢٦ص

، وأن الفكر أو التفكير بأمر )الفكر( ليس وليد ) الرأى( فهل نترك اإلجابة ، و؟ما، ال يعنى تحديد رأى معين بخصوصه

.عن ذلك إلى حينإذن فالرأى والعقل ينبعان من دائرة واحدة والعالقة

، "العقل " يكون هو ) الرأى(بينهما وثيقة بحيث يكاد مفهوم وإذا ما راجعنا المعاجم العربية التى ال اهتمت بجمع المادة

( كما هو الحال مع معجم ) بمعانيها المترادفة ( اللغوية البن سيده وهو من أعالم اللغويين العرب فى ) المخصص

فى ) الرأى( القرن الخامس الهجرى لوجدنا أنه يضع كلمة العقل بأنه ضد الحمق ( ويورد معنى ) العقل والرأى ( باب

ورجل .. ، عقل يعقل فهو عاقل، وعقل الرجل صار عاقال، ) هو الذى يمضى لرأيه :)بضم السين وفتح الكافين ( سكاكه

ويضع ذلك فى )١(يشاور أحدا، وال يبالى كيف وقع رأيه ال وفى الباب نفسه يورد أيضا ). صفات اإلنسان الخلقية( باب

فالمأفون الذى ال ".)ضعف العقل والرأى ( الجهل بمعنى بفتح ( ال رأى له، والغبن :رأى له يرجع إليه، ورجل إمعة

رجل ضعف الرأى، وقد غبن رأيه، و) الغين والباء مغبون،وغبين، والرأى الفطير، هو الذى لم يمعن النظر فيه

ويوضع ضعف الرأى والعقل فى مرادفة ". ولم يجد

إلفصاح فى نقال عن عبد الفتاح الصعيدى، حسين يوسف موسى، ا) ١( .٨٢ـ٨١، ص ١٩٨٧فقه اللغة، دار الكتب العلمية، بيروت،

، فالرأى إذن رديف العقل، )الحمق، الخرق، السخف( وضعف الرأى رديف البهل، والحمق والخرق واالفن،

فى معناه اللغوى ) الرأى(وبذلك نالحظ أن .. الخ ..والغبن .)العقل(ل عن دائرة ال ينفص

) العقل ( وإذا ما مضينـا فى البحث اللغوى فى مفهوم ( يورد معنى كلمة )٢(البن منظور ) لسان العرب ( فإن

الحجر والنهى، ضد الحمق والعاقل هو ) العقل( بـ ) العقل والعاقل من يحبس نفسه ويردها عن .الجامع ألمره ورأيه

يعبر فى األغلب ) عاقل(إن معنى هواها، أما القرآن الكريم، فاألعم عن التمييز بين الخير والشر، بين الهداية والضالل، ولعل مما له مغزاه فى هذا الصدد أن القرآن الكريم ال

لم ) العقل ( فى صيغة االسم، فلفظة .) ل.ق.ع(يستعمل مادة وردت هذه المادة فى صيغة ترد قط فى القرآن وإنما

الحاالت، فالقرآن يؤنب المشركين لكونهم فى معظم ) الفعل(لهم قلوب ال يفقهون بها، " ال يميزون بين الحق والباطل،

ولهم أعين ال يبصرون بها، ولهم آذان ال يسمعون بها، أولئك األعراف آية " ( كاألنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون

هنا بمعنى ) القلب العقل(، وفى هذه اآلية يظهر أن )١٧٩حد، وهناك آيات أخرى تظهر المعنى ذاته، ومن هنا يمكن وا

١٤٢٠، ص ١٩٥٥، بيروت، ٤٠لسان العرب، دار صادر، جـ ) ٢(

.

فى التصور الذى تنقله اللغة العربية " العقل"القول أن المعجمية يرتبط دوما بالذات وحاالتها الوجدانية وأحكامها القيمية، فهو فى الوقت نفسه عقل وقلب، وفكر ووجدان،

.)١(وتأمل وعبرة ( أورده الفراهيدى فى الذى) الرأى القلبى ( لذا فإن

وهو ما أكده .)رأى العقل (ال يخرج عن إطار كونه ) العين ابن سيده أيضا فى المخصص، وقد ظهر هذا األمر بوضوح

( أكبر مع التأسيس الفقهى فى اإلسالم، حيث برز مصطلح خالل الصراع الفقهى بل الفكرى ) أهل الرأى(و ) الرأى

ويعده األصل الذى يجب )الرأى ( بين تيار يتمسك ب اعتماده سواء فى الحكم على ما جد من الشؤون، أو فهم

زعيم مدرسة ) أبو حنيفة ( الموروث اإلسالمى نفسه، وكان ليقنن أصولها من حيث وضع ) الشافعى ( الرأى، التى جاء

فى حدود واضحة، أما التيار الثانى فكان يتمسك ) الرأى( لى اعتماده أصال وحيدا للحكم بالموروث اإلسالمى ويدعو إ

القياس ( يرادف ) الرأى ( وقد كان .)٢(على األشياء لدى فقهاء ) واالستحسان، والمصالح المرسلة

، ٣ذ، ص .س.محمد عابد الجابرى، تكوين العقل العربى، م. د) ١(

ونقد العقل العربى، المركز الثقافى العربى، الدار البيضاء، ص . ٣١ـ٣٠

. وما بعدها ١٠٠ص . ن.م) ٢(

الدائرة الفقهية أصبح يعنى ) الرأى( وبدخوله .آخرينوهو ما ) االعتماد على الفكر فى استنباط األحكام الشرعية (

أهل ( لدى ) العقل ( وكان أوضحناه عند الحديث عن الرأى، ، والعالقة )المشرع له( أو ) المشرع ( عامة هو ) الرأى

.بين االثنين كما نرى واضحة تماماقد انعكس على المفهوم ) الرأى(هذا المفهوم لكلمة نه نبع عنه أيضا، وأقدم النصوص ‘الفلسفى أيضا إن لم نقل

والرسوم الحدود( لدينا بهذا الخصوص ما جاء فى كتاب الظن الظاهر فى ( من تعريف للرأى على أنه )٣() للكندى

إنه اعتقاد النفس أحد شيئين :ويقال) القول والكتاب أنه الظن مع " متناقضين اعتقادا يمكن الزوال عنه، ويقال

ثبات القضية عند القاضى، والرأى إذن سكون الظن، فالرأى وقتى بأحد )اعتقاد(و) ظن ظاهر ( كما يراه الكندى

يماثل ) الظن الظاهر(متناقضين، وكما يبدو واضحا فإن الذى يمكن الزوال عنه، وبعبارة أخرى أن الرأى ) االعتقاد(

ليس إال اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظن، والظن هو االعتقاد الراجح مع احتمال (:)الجرجانى( كما يوضح

فى كتاب الدكتور عبد ) الحدود والرسوم ( انظر رسالة الكندى ) ٣(

األمير األعسم، المصطلح الفلسفى عند العرب، مكتبة الفكر العربى، . ١٩٣، ص ١٩٨٥بغداد،

يقين تحتمل الشك، وال أى أنه معرفة أدنى من ال) اليقين تصل إلى العلم، فالرأى كما يتبين اعتقاد متغير، لم تتوافر له

اإليمان ( األسباب الكافيه ليصل درجة االعتقاد الكامل وهو قابل للتغير والتبدل، حسب تبدل ) الرأى( ، وبذلك فإن )

ابن ( الحقائق، والمواقف، وهذا ما جعل فيلسوفا آخر هو مقدمة كلية محمودة ( :إلى الرأى على أنه ينظر )١() سينا

فى أن كذا كائن، أو غير كائن، موجود أو غير موجود، ( حيث يصبح الرأى عملية ) صواب فعله أو غير صواب

إجالة الخاطر فى المقدمات التى يرجى منها إنتاج المطلوب ()٢(.

وهكذا يتبين لنا من خالل الفهم الفلسفى اإلسالمى أنه ال يخرج عن كونه اعتقادا محتمال، ) رأى ال( لمصطلح

ينوء عن االعتقاد اليقين، ويظل حالة وسطا بين الشك واليقين ويتسم بكونه االعتقاد الذى تكون فيه أسباب اإليجاب أقوى

.٢٠٠ن، ص . م)١( ، الشركة العالمية للكتاب، ٢جميل صليبا، المعجم الفلسفى، ج. د) ٢(

.٦٠٣ تأريخ، ص بيروت، بال

من أسباب النفى، كاعتقادنا أن االقتصاد الموجه افضل من .)٣(االقتصاد الحر فى سبيل المثال

، وهما )العقل( ، و)القلب ( هو رأى )فالرأى ( إذن هم من يعملون العقل ) أهل الرأى ( بمعنى واحد كما بينا، و

فى استنباط األحكام الشرعية، فى الوقائع التى لم يرد فيها نص، وهو االعتقاد المحتمل، الذى قد يزول بزيادة الشك، أو يصبح يقينا بزيادة اإليجاب على النفى، إنه بمعنى آخر ليس

اإلمالة بين جواهر ( تتمثل ب ) روية ( و.)تدبيرا ( إال .)الكندى( كما يرى ) النفس

:ثانيا ـ العامالعام فى اللغة يعنى الشامــل وعكسه الخاص، وجذر

وقد جاء فى معجم )١(يعم عموما، عام ) م.م.ع( الكلمة عم الشىء بالناس يعم " فى باب العين والميم، )٢(العين

ما، فهو عام، إذا بلغ المواضع كلها، والعماعم الجماعات، ع

. ن .م ) ٣( .٨٦٩د،ص .س.المعجم األساسى، م) ١( ، وزارة الثقافة ١الخليل بن أحمد الفراهيدى، كتاب العين، ج) ٢(

٩٥ـ٩٤واإلعالم، بغداد، ص

والعامة، عيدان يضم بعضها إلى بعض .. والواحدة عمعمة " . الشخص الذى بدا لك :والعامة.فى البحر ثم تركب

أما فى القرآن الكريم، فلم ترد هذه اللفظة مطلقا، وإنما يعنينا ، األمر الذى ال)السنة(وردت فى عدة مواضع بمعنى

فى فهم مدلولها القرآنى، وهذا ما يجعل دائرة البحث تنصب فى اإلطار اللغوى والفلسفى بشكل خاص، أما المعاجم األخرى فإنها ال تمدنا بأكثر من الدالالت اللغوية بجذر الكلمة

الشىء شمل الجماعة، وعم المطر " :فعم عموما) م.م.ع( ضد :ملهم، وعمماألرض أشملها، وعم القوم بالعطية ش

خالف الخاص، والعامة جمع عوام وهى : والعام" خصص مؤنث العام وعامة الناس خالف خاصتهم، ويقال جاء القوم عامة أى جميعا والعمم الجماعة الكثيرة، ورجل عمى بضم العين وفتح الميم، تعنى عام، والعمم الكثرة واالجتماع وهم

بكسر العين ( مامة اسم جمع للعامة خالف الخاصة، والع )٣(" تعنى القيامة تعم الناس ) وفتح الميم

وهذه المفردات تدخل فى معانيها فى باب الشمول، ) جماعى(واالجتماع والكثرة من الناس، فهى تتحدد بما هو

) الكلى(و ) األقلية ( مقابل ) األغلبية(أو ) الفردى( مقابل مادى محسوس ، ولكنها ال تخرج عن إطار)الجزئى( مقابل

.٥٣٩ ـ ٥٣٨د، ص .س.المنجد فى اللغة واإلعالم، م) ٣(

( وهو لفظة ) العام(، وبعبارة أخرى بمؤنث )الناس(هو ، وهذه الكلمة إذا ما )العوام ( والتى تجمع على ) العامة

) قراءة تزامنية ( بحثنا فى مدلولها من خالل Syncnionique ،أى القراءة المطابقة زمنيا للنص المقروء

لنص لكى نقرأ والتى تحاول العودة إلى الوراء، إلى زمن ا( ، نجد أن لفظة)٤(مفرداته وتركيباته بمعانيها السائدة آنذاك

) الجماعات ( العماعم التى أوردها الفراهيدى تعنى بوضوح ) الجمهور( وهى أقرب إلى مفهوم ) جماعات الناس ( أى

مؤنث ( أقل دقة، أما العامة بصفتها ) الجماهير(بشكل دقيق واك إذا استثنينا معناها كأداة أو آلة فإن مفهومها آنذ) العام

الشخص ( البحرية، فإن الفراهيدى بتعريفه للعامة على أنها العامة ( ، وهذا المعنى يبين بوضوح أن صفة )الذى بدا لك

، تعنى الشخص المجهول، غير المعروف، أنه أحد )والعامى أفراد الناس الذين ال نمتلك إزاءهم أى معرفة شخصية

( لنا منهم، لذا فإن مفهوم ) بدا(هم ال تتجاوز ما والمعرفة ببالدرجة األولى وليس ) المجهولية(قد جاء من ) العوام

لخصائص معينة ترتبط بأذهاننا اآلن بخصوص هذا اللفظ وما يرتبط ببالفظة فى مرجعية الكلمة بعد عصر الفراهيدى

إنما يمثل ) الخ ..الغوغاء، الدهماء، السوقة ( من ألفاظ

هاشم انظرمحمد أركون، الفكر اإلسالمى قراءة علمية، ترجمة ) ٤( . ٢١٣، ص ١٩٨٧صالح مركز االتحاد القومى، بيروت،

( ورا آخر فى المفهوم، ولكنه تطور سلبى حيث غدت تطيختلفون ( العامة من الناس الذين ) عوام ( وجمعها ) العامة

عن خاصتهم، وبعبارة أخرى ممن ليس من الفئة المثقفة، ) ويبدو أن المفهوم قد أخذ بعدا طبقيا ليعنى الطبقة الفقيرة،

عاشه النظام وممن ليسوا بأغنياء وفقا للمفهوم السلطوى الذىالسياسى اإلسالمى أيام األمويين ثم العباسيين، وفى المعنى الثقافى والسلطوى كان المبدأ الذى يعكس هذا المفهوم هو أنه

من أية مساهمة فى االجتهاد ) الجماهير (ينبغى إبعاد العوام " الذى يؤهل صاحبه لممارسة السيادة العليا الدينية والسياسية

إلجام العوام ( ا قاله الغزالى عن ضرورة وصالحيتها، وم يوضح تطورات هذا المفهوم بشكل )١() عن علم الكالم

من مرجعية سلبية ) العامة(خاص، ويبدو أن ما علق بمفهوم Publicكان من األسباب التى دعت من ترجموا مصطلح

.بدال من العامة، وهذا ما سنبينه بعد قليل) العام(إلى فقهى ( كمصطلح ) العام ( تطورات لفظة ولكن ماذا عن

يعرف العام على )٢(، إن الجرجانى فى تعريفاته )وفلسفى لفظ وضع وضعا واحدا لكثير غير محصور مستغرق ( :أنه

، ويفرق ما بين العام بصيغته ومعناه، )جميع ما يصلح له

. ١٨٧ن، ص .م) ١(عبدالرحمن عميرة، عالم الكتب، . الجرجانى، التعريفات، تحقيق د) ٢(

.١٨٩، ص ١٩٨٧بيروت،

( والثانى كلفظتى ) الرجال( والعام بمعناه فقط، األول كلفظة .) والقوم الرهط

الفرد ( وأما فى الفلسفة فإن ابن سينا يضع مقابل ( مقابل ) الكلى ( ، فى الوقت الذى يضع فيه )والخاص المعنى " :)١() النجاة ( كما فى قوله فى كتابه ) الجزئى

الكلى بما هو إنسان شىء، وبما هو عام أو خاص أو واحد " .أو كثير شىء آخر

فلسفيا كما أورده ) العام ( مة إن هذا المفهوم لكلالجرجانى وابن سينا، يبتعد هنا فى داللته الخاصة عن الداللة

وتدخل ) الشمول ( اللغوية للكلمة بالرغم من تضمنها لمفهوم دالالته، حقال دالليا آخر، ومفهوما آخر، بالنسبة للغات

Generalاألوربية حيث يصبح مرادفا لمعنى العام العام، ( ويعنى تعريف الكلمة Generais و باإلنكليزية

، أما التعريف الفلسفى لمصطلح العام )الكلى، السائد، الشائع كل ما يتناول أفرادا متفقة الحدود فى سبيل " فإنه يعنى

:)٢(وله معنيان هما " الشمول العام الذى يتنأول أغلب الحاالت، أو أكثر " :أوال

إضراب عام، تعبئة :ثناء كقولنااألفراد، ويصبح فى االست

.٤٩،ص١س، ج.جميل صليبا، م . نقال عن د) ١( . ٤٨ن، ص .م) ٢(

" : وثانيا Coilectifعامة، وهو بهذا المعنى مرادف للجمعى العام الذى يتناول كل الحاالت أو جميع األفراد وال يصح فيه

" .االستثناء مثل اإلنسان فهو يدل على جميع أفراده فإن General و Publicوإذا ما وضعنا كلمتى الـ

كما بينا، بينما لفظة " عامة الشعب، الجمهور " األولى تعنى General لذا فإن "العام، السائد، الجمعى، والشائع" تعنى ،

عن مفهوم المصطلح باإلرادة العامة " روسو"ما عبر عنه General Will ثم مونتسكيو بالروح العام، الذى جاءت به

لم يكن الكنيسة الكاثوليكية كما أسلفنا، لذا فإن الرأى العام ) الرأى الجامع( ليخرج عن كونه تعبيرا عن مصطلح

General Opinion وفى الحقيقة أن الرأى العام لم يكنيتجأوز هذه الحدود، وهذا ما يثير لدينا أكثر األسئلة أهمية وهو لماذا لم يشع هذا المصطلح مع قيام الثورة الفرنسية،

جابة عنه واإل،General لتحل محل Publicوجاءت كلمة تستدعى العودة إلى التطور الداللى للمصطلح تأريخيا،

Vox Populiفالرومان كانوا يطلقون على الظاهرة مصطلح ولكن مع ظهور المسيحية وانتشارها، ) صوت الشعب( أى

كتعبير عن ذلك، وبالذات عن ) االتفاق العام ( وظهور فكرة إلى ) الشعب صوت (تحول ) األيديولوجية البابوية ( صوت

، وأصبح خالل الفترة التى هيمنت )Voxdetصوت اهللا ( فيها الكنيسة مصطلح الرأى العام يمثل الرأى الجامع وجاءت

المتجاوز " العام المطلق " لتعبر بصدق عن General كلمة ."الدنيوى النسبى " لفكرة

لكن الثورة الفرنسية أرجعت المصطلح إلى جذوره Publiqueرفتها الحضارة اليونانية فكانت كلمة األولى كما ع

وهذا التبدل الذى قد يبدو Generalقد حلت محل كلمة بسيطا، ولكنه كان يعنى تحوال فكريا خطيرا جدا، حيث حلت سلطة الدولة مكان سلطة الكنيسة، ومذهب العقالنية محل

.القانون السماوىت المترجمة، وهذا ما يبين خطورة التعامل مع المصطلحا

ألن الرأى العام كما نفهمه نحن لغويا من تحليلنا لمفردتى المصطلح باللغة العربية يجب أن يكون مرتبطا بمفهوم كلمة

General وليس Public وإذا أردنا ترجمة المصطلح بشكل الرأى العام ( وليس ) رأى العامة، أو الشعب ( دقيق فهو

يكاد يكون مرادفا لمصطلح ألنه ) المطلق، الكلى، الجامع .من تراثنا اللغوى والسياسى) اإلجماع (

الرأى ( إلى Public Opinion وهكذا يتضح أن ترجمة غير دقيق وال يعبر عن المصطلح وفقا لداللته كما ) العام

بدال ) العام(عرفته الحضارة الغربية، ألنه بترجمته إلى الرأى ومرجعية مصطلح الـ ينقلنا إلى دالالت) العامة ( من

Generalوهذا ما يؤكد . فى مفهومه الفلسفى الذى تحدثنا عنهحقيقة مهمة وهى أن التطابق فى داللة المفردات فى اللغات

المختلفة عند الترجمة، ال يمكن أن يكون مطلقا، فإذا تطابقت مفردات العربية واإلنكليزية فى دالالتها على بعض المسميات

وسة كالمنزل والسيارة فى سبيل المثال، فإنها ال المادية الملمتتطابق فى الداللة على المفاهيم األخرى، كما هو الحال مع المفاهيم المجردة ومنها مصطلح الرأى العام فى سبيل المثال أيضا، ألن الكلمة فى لغة من اللغات مهما نجحت فى التعبير

فى لغة أخرى عن قسم كبير من المفهوم الذى تعبر عنه الكلمة ، وهذا )١( فإنها نادرا ما تعبر بصورة تامة عن ذلك المفهوم

فهى فى اللغة ) الرأى ( ما تبين لنا عند حديثنا عن كلمة فالرأى .العربية ال تفصل بوضوح بين ارتباطها بالقلب والعقل

فى داللته، ) العقل( و ) رأى العقل ( ، و)رأى القلب ( هو اللغة العربية المعجمية يرتبط دوما وفى التصور الذى تنقله

بالذات وحاالتها الوجدانية وأحكامها القيمية، فهو فى الوقت ، أما فى )عقل وقلب وفكر ووجدان وتأمل وعبر( نفسه

التصور الذى تنقله اللغات األوربية فالعقل مرتبط دوما بالموضوع فهو إما نظام الوجود، وإما إدراك هذا النظام، أو

، لذا فمفهوم الرأى لدى العربى ال يمكن أن )١(مدركة القوة ال

بة، المنشأة العامة للنشر عمار حاتم، فقه اللغة، تاريخ الكتا. د) ١( ١٩٨٢والتوزيع واإلعالن، طرابلس،

. ٣١ن، ص . س.محمد عابد الجابرى، تكوين العقل العربى، م. د) ١(

يتطابق مع مفهوم الرأى كما أنتجته الحضارة الغربية، ألنها مهما كانت دقة المقاربة بين المفهومين تظل هناك حدود فاصلة ال يمكن تجاوزها بأى حال من األحوال، ألنها تمثل

تلفة كل بنية مختلفة، تعبر هى األخرى عن حقيقة نظامية مخ .االختالف عن الحقيقة ذاتها فى الجانب الحضارى اآلخر

، وهنا نستخدم )للرأى العام ( لذا فإن أى تعريف ( المصطلح ذاته بالرغم من اعتراضنا عليه لعدم دقته، وأنه

فى الوقت ) الجماهير ( والتى تمثل مصطلح ) رأى العامة ا ندرك صعوبة الحاضر، ولكننا نستخدمه بصيغته الشائعة ألنن

حقيقة تغيير واقعة غزت جميع أدبياتنا اإلعالمية والسياسية والفكرية، مع اعتراضنا على المفهوم واختالفه فى الحضارة

( العربية اإلسالمية عن الحضارة الغربية، تقول إن تعريف البد له أن ينبع من اإلشكال التى عرفتها ) الرأى العام

البيعة، ( رة، ونقصد حضارتنا فى تعبيرها عن الظاهالرأى والقياس " ، مع الفهم لطبيعة )اإلجماع، الشورى

ومكانها فى جزئيات " واالستحسان، والمصالح المرسلةالظاهرة، ثم موقع كل ذلك من مفهوم الفردية والجماعية فى البناء االجتماعى العربى اإلسالمى أوال ومفاهيم الحكم

وفقا لتطوراته فى العصور والسلطة وطبيعة النظام السياسى المختلفة ثانيا ثم التأثير المتبادل للتركيبة السياسية

واالجتماعية بالتنظيم االقتصادى واألوضاع الديموغرافية .ثالثا

ينبع من " للرأى العام " وفى ضوء ذلك نقترح تعريفا متغيرات تكون الظاهرة، وتطورها فى اإلطار النظامى

المية، ويعبر عن خصوصيتها المثالية للحضارة العربية اإلسوالواقعية، ويمثل خالصة ما توصلنا إليه من أفكار، فنعرف

:بأنه) الرأى العام ( الرأى السائد الذى ينبع من األفراد وغايتـه الجماعـة "

، بعد السؤال واالستفهام والنقاش، تعبيـرا عـن )الجماهير (ـ ين ويشـترط اإلرادة والوعى، تجاه أمر ما، وفى وقت مع

موافقته للشريعة والسير فى حدودها، من أجل تنظيم العالقة بين الحاكم والمحكوم، وترتبط اتجاهاتـه بـالوالء القـومى

"والوطنى والدينى ألفراد األمة

: ثامنا ـ تقسيمات الرأى العام

الرأى العام الوطنى •

الرأى العام االقليمى •

الرأى العام العالمى •

الرأى العام النوعى •

:ثامنا ـ تقسيمات الرأى العام

مثلما قادت متغيرات عديدة، إلى عدم التوصل لوضع نظرية خاصة بظاهرة الرأى العام، فإنه يبدو أن المتغيرات

تقف أيضا وراء عدم اتفاق علماء الرأى العام حول ذاتها، تقسيم كلى وشامل ألنواع الرأى العام وتحديد العالقات بين هذه األنواع، وتبيان الصالت المختلفة فى التقييم النوعى ذاته

. ولعل أهم هذه المتغيرات هو توزع دراسة الظاهرة بين ل أكثر من حقل تخصصى حيث انعكس ذلك فى عدم استقال

المعرفة والدراسة الخاصة بالرأى العام كنظام فكرى من حيث التجريد، وكحقيقة مهنية من حيث الواقع، فالرأى العام ينتمى إلى علم السلطة، وهو أحد فروع العلوم السياسية، ولكنه فى الوقت نفسه ينتمى أيضا إلى علم النفس سواء أخذ

أو سمى صورة جزئية من جزئيات علم النفس االجتماعى باسم علم النفس السياسى، وهو كذلك يكون جزءا ال يتجزأ من علم االجتماع، سواء أكان علم االجتماع اإلعالمى أو السياسى، بل هو يحتل المركز األول من مقومات نظرية الضبط االجتماعى، وهذا االختالف والتنازع البد أن يعكس

استقرارها على بدوره ذبذبة الثقافة المرتبطة بالظاهرة وعدم . تقاليد واضحة ومحددة

وهذا ما يبدو بوضوح فى األدبيات العربية بشكل خاص، ففضال عن اضطرار الخبير اإلعالمى إلى تحاشى االصطدام بالنظام السياسى القائم، فإن الكثيرين ممن تناولوا الظاهرة قد جاءوا من ميادين علمية ال تلتقى بالتخصص اإلعالمى أو

لقادر على دراسة الظاهرة من حيث اعتبارها السياسى اظاهرة سياسية أو إعالمية فى األقل، حيث يالحظ على التصنيفات التى تناولت أنواع الرأى العام فى األدبيات

: العربية إنها ترجمة تكاد تكون حرفية، لما تحفل به : أوال

األدبيات الغربية التى تبحث فى ظاهرة الرأى العام، حيث ر فى المؤلفات العربية بالعبارة ذاتها وكأنها نسخة واحدة تتكر

. ما عدا محاوالت علمية قليلة ورائدة فى هذا : ثانيا

االتجاه، فإن أغلب هذه األدبيات لم تتوقف لتناقش طبيعة هذه التقسيمات من جانب والصالت التى تربط فيما بينها من

. جانب آخر ى دراسة ظاهرة األمر الذى يستدعى جهودا خاصة ف

الرأى العام فى الوطن العربى، وتبيان تأثير النظام السلطوى فى تحديد هذه التقسيمات، والتى تختلف بالتأكيد عن ما هو

وكى نضع تقسيما أكثر . موجود فى دول العالم المتقدم : مالءمة ودقة، البد لنا من التأكيد على حقيقتين مهمتين هما

ام إلى أنواع متعددة يعنى أ ـ أن تصنيف الرأى العترتيب هذا الرأى فى نظام خاص يسهل تمييز أنواعه عن

. بعضها ويبين صلة بعضه بالبعض اآلخر ، و)الخصائص الجوهرية ( ب ـ تناول العالقة ما بين

، لكل نوع من أنواع التصنيف، )الخصائص العرضية ( ونعنى هنا الخصائص الذاتية الدائمة الثابتة، والسمات

)١(الخارجة عن ذات النوع والتى ال تقوم بنفسها والنظام الذى نقصده هنا، ينبع فى خصائصه من طبيعة المجتمع السياسى المعاصر والتى انعكست بشكل وبآخر على أنواع الرأى العام بحيث بات كل منها يمثل حقيقة مستقلة ويعكس خصائصه الذاتية بوضوح، وفى ضوء هذه الحقيقة

بنى الرأى القائل بتقسيم الرأى العام إلى أربعة أنواع فنحن نت :)٢(أساسية هى

العناصر : لح بين المنطق وعلم اللغة علم المصط( على القاسمى ) ١(وقائع الندوة الدولية األولى ) المنطقية والوجودية فى علم المصطلح

. ١٩٠ذ، ص . س. لجمعية اللسانيات بالمغرب، محامد ربيع، نظرية . د: انظر حول أنواع الرأى العام بشكل خاص ) ٢(

الرأى "ومقالة . وما بعدها ٢٠ذ، ص . س .الدعاية الخارجية، م وما بعدها، وخليل ٩٢ذ،ص .س.م" العام الدولى والسلوك السياسى

ذ، ص .س.إبراهيم رسول، سيكولوجية الرأى العام وطرق قياسه، م

: ـ الرأى العام الوطنى ١ويقصد به الرأى العام الذى يرتبط بالدولة والذى تستند إليه السلطة القائمة، ويكون بمثابة الشرعية السلطوية للدولة،

: ويمتاز بخصائص معينه أهمها س بطبيعته رغم الخالفات فهو متجان: أ ـ التجانس

الداخلية التى تصل إلى حد الصراع الحزبى والتطاحن الحركى بين مختلف القوى والتنظيمات السياسية فى بلد ما، فهو يمتلك تقاليد واضحة وتراثا ثرا، فضال عن تركزه حول

.مفاهيم معينه واضحة ومحددة

، ١مختار التهامى، الرأى العام والحرب النفسية، ج. ، ود٤٤ـ٤٠

، وجوفان دجور ٥٥ـ ٣٦، ص ١٩٧٤دار المعارف، القاهرة، صادق األسود، . م االشتراكى، ترجمة دجفش، الرأى العام فى النظا

وما ٣٢، ص ١٩٧٠جامعة بغداد ، كلية القانون والسياسة، بغداد، طبيعته وتكوينه وقياسه ودوره " أحمد بدر، الرأى العام . بعدها، ود

محمد عبد . ود٦٢ـ٥٨ذ، ص .س.م" فى السياسة العامة حمد سامية م. ود١٣٣ـ١٢٢ذ، ص.س.القادرحاتم، الرأى العام، م

السيد محمد حيرى . وما بعدها، ود١٨٤ذ، ص .س.جابر، موآخرون، تغيير الرأى العام وعالقته باالتجاه نحو الجريمة، المركز

وما ٣٨، ص ١٩٨٧العربى للدراسات األمنية والتدريب، الرياض . بعدها

ده حيث تسهل عملية التنبؤ بأبعا: ب ـ إمكانية التنبؤ به وردود فعله بفضل أجهزة األبحاث الميدانية، سواء أكانت أجهزة خاصة كما فى الدول الغربية التى تتصف بالثنائية أو

أو كانت إدارات تنتمى . بالتعددية الحزبية والتعددية السياسية . إلى بعض المصالح كما فى الدول األخرى

ج ـ إنه يدور حول المشاكل القومية، وتعينه وتحددهويندر أن يكون مضمونه إحدى . سلفا المشاكل الوطنية

المشكالت الدولية، وفى أغلب األحيان عندما يهتم بالمشاكل .الدولية يكون رأيا عاما معبأ ومصطنعا

وهنا البد لنا أن نفرق بوضوح بين طبيعة هذا الرأى فى المجتمعات المتقدمة واألخرى المتخلفة، والذى أشرنا إلى

ائصه من قبل، إذ يتصف هذا الرأى بثالث بعض من خصخصائص تعكس طبيعته والتى تنبع من حقيقة مهمة وهى أن الرأى العام أضحى اليوم يمثل أحد المداخل الحقيقية لفهم أى جماعة سياسية سواء أكان ذلك مرتبطا بالداللة الحضارية أو

. باألوضاع السلوكية فى هذه الجماعة ت الرأى العام بمالمح وسمات وهذه الخصائص التى طبع

: محددة هى أنه رأى سطحى وغير عميق، وذلك يعود الختفاء ) أ (

العمق واالندماج الكلى أو الجزئى بين الشخصية الفردية

والمواقف السياسية أو االجتماعية المرتبطة بمختلف المشاكل . اليومية أى بمختلف مظاهر التعبير عن الرأى

الوظيفى له، بسبب هيكليته المرتبكة اختالل النظام) ب(فى بنائها األساسى وبشكل خاص فيما يتعلق بتوزيع شرائح الرأى العام فى المجتمع المتخلف، األمر الذى أدى إلى اختفاء وظيفة الرأى العام األساسية وهى الرقابة والضبط فى

.هذه المجتمعاترتبط عدم إمكانية قياس هذا الرأى لمتغيرات عديدة ت) ج(

بالمجتمع المتخلف األمر الذى يجعل من هذه العملية من . حيث حقيقتها موضعا للكثير من التساؤالت

لذا فإن الحديث عن الرأى العام الوطنى فى مجتمع متقدم يختلف بالتأكيد فى العديد من خصائصه عن هذا الرأى فى

. مجتمع متخلف ر األمور إال أن كل ذلك ال يبعدنا عن التساؤل عن أكث

مدعاة للبحث والمناقشة بخصوص هذا الرأى وهى مدى شموليته لجميع فئات وشرائح وطبقات المجتمع السياسى وهل تستوجب مثل هذه الشمولية لنتمكن من القول بوجود رأى عام وطنى أم أنه رأى فئة أو شريحة أو طبقة معينة أو

اؤل آخر بتحالف اثنين منهما أو أكثر وهذا ما يقودنا إلى تسوهو هل الرأى العام الوطنى رأى من يمتلك السلطة ويعبر عنها، أم من ال يمتلكها أم أنه محصلة لتفاعل واتفاق اإلثنين

؟ الفكر السياسى المعاصر لم يجب عن هذه التساؤالت لحد .. .اآلن : ـ الرأى العام اإلقليمى ٢

الرأى السائد بين مجموعة من الشعوب المتجاورة وهو جغرافيا فى فترة معينة نحو قضية معينة، وقد قادت تطورات المجتمع المعاصر إلى مثل هذا النوع من الرأى، حيث يميل هذا التطور إلى تأكيد التقارب بين الدول التى تنتمى إلى إقليم واحد، رغم انفصالها الهيكلى فى تجمعات معينة، عكست

كن باإلمكان لم ي. بدورها صورة من صور الرأى العام اعتبارها رأيا عاما قوميا، ال ألنها تمثل توافقا فى الرأى بين شعوب أكثر من دولة واحدة، ولكنها ال يمكن أن توصف بأنها رأى عام دولى، ألنها ترتبط بخلفية واحدة مشتركة من حيث القيم الحضارية وفى أغلب األحيان من حيث التقارب

. اللغوى النوع من التجمعات قد أظهر صورة وفى الحقيقة أن هذا

جديدة بالنسبة للرأى العام، بحيث يمكن القول بأن هذه التجمعات تعبر عن تطبيق آخر من تطبيقات الرأى العام

.)القومى(تتوسط بين الرأى العام الدولى والرأى العام الوطنىولكن هناك إشكالية ما زالت تعبر عن االختالف فى

هل الرأى : يديولوجية والسياسية وهى المفاهيم والرؤية األالعام الوطنى هو الرأى العام القومى ؟ بمعنى آخر،هل الكيان

السياسى هو الذى يحدد طبيعة هذا الرأى من حيث كونه رأيا عاما وطنيا وقوميا ؟

وهذه اإلشكالية تتجسد فى عدة نماذج، فى سبيل المثال، صين، يضم مجتمعها إن دوال قارية كاالتحاد السوفييتى أو ال

العديد من القوميات والفئات العرقية، فإلى أى النوعين من الرأى ينتمى الرأى العام؟ فالمفهوم الوطنى يشمل رأى القوميات المتعددة، بمعنى أن الرأى العام القومى يضحى جزءا من كليات الظاهرة فى إطارها الوطنى المحلى الذى

. يحدده النظام السياسى ه الحالة تأخذ شكال معاكسا تماما، فالرأى العام ولكن هذ

القومى العربى، يمثل الظاهرة فى كلياتها، والرأى الوطنى يمثل الجزء، إذ فى كل قطر عربى هناك رأى محلى ومجموع هذا الرأى فى هذه األقطار يشكل الرأى العام القومى، وهنا نالحظ أن الرأى القومى قد تجاوز الكيان

ول، ليقترب من صورة الرأى العام اإلقليمى، السياسى للدولكن الوحدة الحضارية واللغوية والتأريخية لألمة العربية

. تتقاطع مع ذلك إذن فالرأي العام العربى يمثل رأيا إقليميا من ناحية االمتداد من جانب ولكنه يظل تعبيرا عن المحلية القومية من

. جانب آخر

عو إلى تحديد مقياس هذا إشكالية كهذه كما نرى، تدالتنوع فى صور الرأى هل هو باالعتماد على الكيان السياسى للدولة، أم بالوحدة القومية لكيانات سياسية متعددة ؟ إشكالية لم تحل بعد من قبل المشتغلين بالعلوم اإلعالمية أو

.السياسية على السواء لعام ولكن ما هى المتغيرات التى قادت إلى ظهور الرأى ا

فى الحقيقة أن ذلك .. األقليمى بمثل هذه الصورة المعروفة ؟ : يعود إلى

ـ ميل المجتمع السياسى المعاصر، نحو تشكيل ١تكتالت معينة سياسية أم اقتصادية كانت، إنه عالم الكبار والقوى الكبرى، حيث يصبح ال موضع للقوى المنفردة

روبية المقترحة فى الصغيرة فى التعامل الدولى، الوحدة األوفى جنوب شرق آسيا، تمثل ) النمور الخمسة ( التسعينيات، و

. نماذج واضحة بهذا الخصوص ـ وهذا التحول نحو التكتالت اإلقليمية يرتبط ٢

بالتطورات الهائلة فى النظام الدولى المعاصر، فالنظام الدولى حتى الحرب الكونية األولى كان يقوم على أساس العالقات

ولكن تلك . ثنائية وفى بعض األحيان التكتالت اإلقليمية الالتكتالت لم تكن تعكس ال الحقيقة الدائمة الثابتة وال الدرجة

ولكن هذا النظام اتسم . التصاعدية فى سلم العالقات الدولية بعد الحرب الكونية الثانية باتجاهه نحو التغير بفكرة

تتحدد بأنها مجرد تنسيق المنظمات اإلقليمية التى تبعد عن أن وتعاون بين سياسات محلية إلى أن تكون نوعا من أنواع الطبقية فى العالقات الدولية، بحيث يمكن القول بأن عملية التوازن الدولى أضحت تستند على أعمدة من التوازن اإلقليمى والمحلى تعبر عن درجة معينة من درجات االنتقال

وبالتأكيد فإن . الدولى العام بين الدولة الصغيرة واإلطار هذا التطور كان البد وأن يفرض صورا جديدة من صور التعامل ولكن بصفة خاصة نوعا من التفاعل المستمر بين النظام الدولى بمعنى النظام الدولى الكلى الشامل والنظام الداخلى بمعنى الخصائص المحلية القومية التى يحددها

فى مدلولها التقليدى، ولعل أوضح اإلطار اإلقليمى للدولة الصور التى أفرزها التطور هذا ظهور ما يسميه فئة

التى لم تعد تعبر ) بدبلوماسية التجمعات ( العالقات الدولية عن عالقة التعامل الدبلوماسى بين الدول، بل تعدت ذلك إلى جميع صور التفاعل والتداخل بين النظم القومية والنظم

.ا عنه فى موضع آخر من هذا الكتابا ما تحدثناإلقليمية وهذإن االتجاه المعاصر هذا قد خلق بالضرورة حالة : ثالثا

من التفاعل بين مراكز التأثير فى حلقات التقابل بين القوى المحلية عبر الحدود، وإن اتسم بشمولية نحو العالمية تارة

وهو وهو ما يرتبط بالرأى العام ونحو اإلقليمية تارة أخرى . ما عبرنا عنه بالرأى العام اإلقيمى

: ـ الرأى العام العالمى ٣إن كانت هنا إشكالية ما زال الفكر اإلعالمى والسياسى يقف منها حائرا مترددا، فهى إشكالية وجود ظاهرة الرأى

؟ ..العام العالمى، وكونه وهما أم حقيقة ولعل أوضح دليل على ذلك أن خبراء الرأى العام

لمتخصصين به، قد ظلوا حتى العشرين عاما األخيرة، ابعيدين عن دراسة هذه الظاهرة، األمر الذى يعكس نوعا معينا من عدم االهتمام، قد ساد هذا النوع من أنواع ظاهرة

. الرأى العام فى " هانس مورغنتو " ويأتى العالم األمريكى المعروف

الرأى العام مقدمة المتخصصين الذين ينكرون وجود ظاهرةإن الرأى العام العالمى : " العالمى، عندما ذهب إلى القول

هو شىء غير ممكن تحقيقه فى إطار التركيب الذى تعرفه اإلنسانية فى عصرنا هذا، التركيب الذى يدور على محور

ال يوجد رأى عام "، أى بعبارة أخرى أنه )١(القوميات ل هو غير ممكن وهذا الرأى ليس مفقودا حسب ب" . عالمى

. أن يوجد فى عالم تقسمه القوميات

ملحم قربان، إشكاالت، دار الريحانى للنشر، . انظر حول ذلك د) ١(

، وللمؤلف نفسه، المنهجية والسياسة ط ١٦٠ ، ص١٩٦٧بيروت، . ٣٧٧ ـ ٣٧٦، ص ١٩٧٧، دار العلم للماليين، بيروت، ٣

ويفسر االتجاه النافى لوجود ظاهرة الرأى العام العالمى، بوضوح إلى أن عدم وجود هذا " مورغنتو " والذى عبر عنه

: النوع من الرأى يعود فى حقيقته إلى جملة متغيرات أهمها عام أوال ـ تلبس المصلحة الوطنية والقومية بالرأى ال

الوطنى أو القومى قد قاد إلى عدم وجود رأى عام دولى موحد، بل إلى تعددية تنطلق من هذه المصلحة، بحيث يمكن القول أن هناك عددا من اآلراء القومية بعضها مع سياسة

.معينة، وبعضها ضد هذه السياسةثانيا ـ إشكالية سايكولوجية تتمثل بعدم التشابه فى

التى يشترك فيها جميع الناس، الصفات السايكولوجيةوافتقارهم إلى تجارب حياتية مشتركة من جهة، ومعتقدات شاملة من جهة أخرى، وإذا أريد خلق رأى عام عالمى، يتوجب أوال تسهيل تفاعل السايكولوجيات الطبيعية فى اإلنسان، بطرائق تضمن استجابة أصحابها للمشاكل اإلنسانية

. استجابة موحدة أن ظروف فئات من اإلنسانية تختلف عن ظروف ثالثا ـ

فئات أخرى، بشكل يجعل التجارب الحياتية فى هذه الفئات تختلف عن بعضها، األمر الذى يؤدى إلى إضعاف الرأى

. العام بسبب هذا االختالف رابعا ـ االختالف فى المعتقدات الفلسفية والمذاهب

أن يؤدى إلى عدم الدينية واأليديولوجية بين الشعوب، ال بد

وجود رأى عام مشترك بين هذه الشعوب وبشكل خاص فيما يتعلق باألحكام الخلقية والقيم السياسية فى هذه المجتمعات،

. والتى تمتلك التأثير الكبير فى وجود الرأى العام إال أن كل هذه المتغيرات بكل ما تمتلكه من قدرة على

رراتها إزاء منع ظهور مثل هذا الرأى، قد فقدت مبالتطورات الخطيرة والعميقة التى شهدتها بنية المجتمع السياسى الدولى المعاصر، وبشكل خاص خالل هذا القرن، ويحدد أصحاب الرأى اآلخر ـ الذى يؤكد على وجود ظاهرة الرأى العام العالمى وأهميتها فى السياسة الدولية

أى العام المعاصرة ـ المتغيرات التى قادت إلى ظهور الر : وتطورها بـ

أوال ـ الدراسة العلمية لنفسية الشعوب حيث يغدو االهتمام بالظاهرة النفسية مصدرا لتحديد الخصائص العامة للمجتمع السياسى، من حيث كون هذا المجتمع يعبر عن نفسية معينة أو بعبارة أدق عن خصائص نفسية عامة

إلنسانية مشتركة بحيث تميزه عن غيره من المجتمعات اوقد برزت ثالثة تيارات اهتم كل منها بالعالقة بين . األخرى

النفسية الفردية وبين الظاهرة السياسية من خالل وجهة ديناميكية الجماعات وكان من نتائجها تقديم األسس الواضحة

. والمباشرة لنظرية الرأى العام العالمى

ممثلة ثانيا ـ التطورات المعاصرة لنظرية الرأى العامبالدراسة التجريبية لمتغيرات الظاهرة والسعى إلى ربط النظام الجزئى بالنظام الكلى للظاهرة واالهتمام الدولى بحق

. اإلعالم وحق االتصال ثالثا ـ بروز فكرة الحرب النفسية كإحدى نتائج الحرب

فبعد أن ظلت هذه الحرب ومنذ أقدم العصور . الكونية الثانية حتى ) كسالح تابع( ابعة ومرتبطة بالقتال المسلح تمثل أداة ت

الحرب الثانية، حيث استخدمها كل من دول المحور ودول الحلفاء أثناء الحرب على نطاق واسع، أضحت تمثل سالحا أساسيا، فى تطور لم يألفه العالم إال خالل الفترة التى أعقبت

من بالرغم ) النفسية ( ، إذ استمرت هذه الحرب ١٩٤٨عام توقف الصراع والتصادم الجسدى، وأصبحت إحدى خصائص العالم المعاصر رغم عدم وجود قتال مسلح،

بين كتلتين كل منها تعبر ) الحرب الباردة ( وتحت تسمية عن عقيدة أيديولوجية معينة، هما كتلة المعسكر االشتراكى

. والمعسكر الغربى الرأسمالى سى المعاصر كمجتمع رابعا ـ أن طبيعة المجتمع السيا

جماهيرى يتجه إلى اكتساب صفات مشتركة لم تساعد على تكامل نظرية الرأى العام العالمى حسب بل أعطاها طعما

. خاصا بها وصبغها بلون معين

وبعيدا عن أى دراسة مقارنة لحجج الطرفين، فإن كل الدالئل والدراسات تشير إلى وجود هذا الرأى وأهميته والى

فيه أحد المتغيرات األساسية فى صنع السياسة حد أصبحالخارجية للعديد من دول العالم، والتى يلخصها بوضوح قول

فى أثناء خطابه فى الجمعية ) جون كندى(الرئيس األمريكى نشأت فى عصرنا هذا قوة " العامة لألمم المتحدة من أنه قد

ثالثة تقف حيالها الحكومات، على ما يظهر بخشوع ورهبة،وفى الحقيقة أن هذا الرأى قد . )١(" إنها الرأى العام العالمى

: ( ولنذكر بعض األمثلة . أثبت فاعليته فى أكثر من مناسبة األزمة الدستورية اليونانية، استخدام الغازات السامة من قبل القوات األمريكية فى فيتنام، الحرب الهندية ـ الباكستانية،

فهى جميعا تمثل نماذج واضحة ) العدوان الثالثى على مصر لكيفية استطاعة الرأى العام العالمى أن يكون قوة ضاغطة تحرك السياسة الخارجية محليا وعلى الصعيد الدولى، ولكن

؟ ..ما المقصود بالقوة الثالثة هذه اصطالحيا كل تعبير تلقائى : الرأى العام العالمى كمصطلح يعنى

على إثبات وجودها على عن وجهة نظر معينة ال تقتصر مجتمع محلى معين، وإنما تتعدى الحدود بين الجماعات السياسية لتعبر عن نوع معين من التوافق بين الطبقات أو الفئات التى تنتمى إلى أكثر من دولة واحدة، سواء أكانت تلك

.ذ.س.ملحم قربان، إشكاالت، م. د) ١(

الدول فى مجموعها، تكون مجتمعا إقليميا دوليا، أو كانت . )١(ع إقليمى دولى تنتمى إلى أكثر من مجتم

هر يعبر عن أكثر من حقيقة وهذا التعريف، كما يظ :أهمها

أ ـ أن الرأى العام ليكون عالميا يجب أن يعبرعن اتجاه تلقائى من جانب أكثر من مجتمع واحد فى محيط األسرة

كما هو الحال فى ) الرأى العام المصطنع ( الدولية، لذا فإن ى يستغل وظيفة ظاهرة الرأى العام األنظمة الديكتاتورية والذ

لتأكيد شرعيته، من خالل التعبئة المصطنعة للرأى العام المحلى، ال يمكننا أن نعده رأيا عاما عالميا، وان كان متماثال

.فى أكثر من دولة تجمع بين سلطاتها الدكتاتورية مصالح ما أن تكون فى أكثر ) التلقائية ( ب ـ إال أنه يشترط بهذه

مجتمع سياسى، واحد، وال يقصد بالمجتمع السياسى، من المجتمع الفرعى أو التابع، وإنما المجتمع غير التابع، أى الدولة المستقلة فى معناها الحقيقى، وطالما وجد الرأى العام وقد اكتسب صفة التوافق فى أكثر من مجتمع سياسى واحد،

. فإنه يصطبغ بصبغة الرأى العام العالمى

" الرأى العام الدولى والسلوك السياسى " حامد ربيع، .د) ١(

٩١ص .ذ.س.م

ه يتمتع بكل مظاهر التعبير عن فكرة الرأى العام، ج ـ أنومن ثم فهو أوال رأى وثانيا عام، وبهذا المعنى يجب أن تتوافر فى الرأى العام العالمى جميع مقومات فكرة الرأى

. العام، من حيث الخصائص ومراحل التكوين : ـ الرأى العام النوعى ٤

ى التى تعبر ويقصد به فى مفهومه الواسع اتجاهات الرأعن قطاع معين من المجتمع السياسى الكلى، ويكون على نطاق محلى، أو إقليمى أو عالمى، وفى الحقيقة أن هذا النوع من الرأى يتسع ليشمل تقسيمات عديدة حفلت بها األدبيات

فهو يكاد يكون . اإلعالمية والسياسية العربية واألجنبية ى جانبها النوعى وهذا ما تعبيرا عن االتجاه الكلى للظاهرة ف

محلية أو ( يفسر إمكانية وجوده فى أنواع الرأى العام السابقة ولعل نظرة فاحصة إلى بعض التقسيمات ) إقليمية أو عالمية

توضح هذا الرأى بشكل كبير، فتقسيم الرأى العام حسب درجة تأثره بالدعاية فى سبيل المثال إلى الرأى العام النابه أو

الرأى العام المنساق إو المنقاد ما هو إال تعبير عن القائد وليس فى ) النابه أو القائد( نوعية هذا الرأى، فالرأى األول

حقيقته إال رأى صانعى القرار السياسى باختالف موقعهم من . عملية صنع هذا القرار

إنه تعبير عن فئة إو قطاع معين يتسم أفرادها بالتجانس يث التشابه فى الخلفيات االجتماعية أو واالنسجام سواء من ح

االتجاهات والقيم ومهارات القوة واالتصاالت الشخصية وهو ما يطلق عليه رأى الصفوة أو النخبة التى تمتلك القوة وتؤثر

. على بعض أو كل فئات المجتمع األخرى فإنه وإن كان ) المنساق أو المنقاد ( أما الرأى الثانى

بكونه رأى أقلية فإنه بالرغم من بعكس األول المتصف ( اتسامه بكونه رأى األكثرية إال أنه فى حقيقته ال يمثل إال

من ناحية الفعل والتأثير المباشر، وبعبارة أخرى إنه ) أقلية إن صح التعبير، وال يعنى ذلك ) رجل الشارع ( رأى

انتقاصا من أهميته فى الممارسة السياسية فى عالمنا بفعل عدم اختصاصه يظل بعيدا عن المعاصر ولكنه

ممارسات صنع القرار السياسى، وبشكل خاص فيما يتعلق بشؤون السياسة الخارجية، فما دام لدى المواطن العادى اهتمام ومعرفة قليلة بالشؤون الخارجية وهى بالتأكيد أقل من اهتمامه ومعرفته باألحداث التى تقع فى بلده ويكون على

إن التالعب بهذا الرأى فى الشؤون تماس معها، لذا فالخارجية سهل جدا من قبل الصفوة أو النخبة الحاكمة التى غالبا ما يترك لها المواطن العادى أمر التصرف بهذه األمور على أساس الخبرة والدراية بها والرأى العام فى أكثر من

. دولة كبرى يوضح هذه الحقيقة بكل جالء

أيا نوعيا من حيث افتقاده وخالصة القول أنه ليس رالقدرة الفعلية على اتخاذ القرار السياسى من جانب وعدم

. تخصصه من جانب آخر ) الصفوة، رجل الشارع ( وتظل عملية تأثير الرأيين

:بالوسائل الدعائية مرهونة بمتغيرات عدة منها) النابه أو القائد ( ـ أن أسطورة عدم تأثر الرأى العام ١

عائى وتأثير وسائل االتصال لم يعد لها موضوع بالعمل الدفى علمنا المعاصر فال يوجد أحد على وجه األرض ال يتأثر

)١() التسميم السياسى ( بشكل وبآخر بذلك، أليست ظاهرة وما تعنيه من التالعب بإدراك القيادات وجرها إلى اتخاذ

إذن . مواقف خاطئة، تمثل أنموذجا لعملية التأثير هذه تأثير كشرط لمثل هذا النوع من الرأى العام لم يعد له فال

. موضع فى الفكر المعاصر

مل إن التسميم السياسى يعد أكثر المفاهيم حداثة فى ظاهرة التعا) ١(

النفسى، ويدور حول زرع أفكار معينه من خالل الخديعة والكذب، بحيث تؤدى إلى تصور معين للموقف يختلف عن حقيقته مما يترتب عليه عند اكتشاف تلك الحقيقة نوع من الصدمة النفسية، األمر الذى يؤدى إلى شلل نفسى وبالتالى عدم القدرة على المواجهة

جه إلى الفرد وإنما إلى المجتمع بأكمله، فهو غسل دماغ، ولكنه ال يتحامد ربيع، الحرب النفسية فى الوطن . انظر حول المفهوم د

. ٣٣، ص ١٩٨٩العربى، دار واسط للدراسات والنشر، بغداد،

ـ إن تأثر الرأى العام المنقاد أو رأى رجل الشارع ٢بالدعاية وأدواتها اليمثل أنموذجا ثابتا، فهذا التأثر محكوم بظروف معينة واالستجابات المتوقعة او غير المتوقعة للعمل

بل أنها تعكس أحيانا حالة . يرات عديدة الدعائى تحددها متغمناقضة فيما يتعلق بالدعاية المعادية الموجهة إلى جمهور

التحول ( يتسم بالتماسك العقائدى وفضح لبرامج معينة من ) . )٢(العقائدى

إن اكثر صور الرأى العام النوعى تظهر بشكل خاص عام الرأى ال( بالنسبة للرأى العام العالمى حيث تتمثل ب

الذى يغدو فى أبسط صورة تكافال وتضامنا مهنيا ) الطبقى عبر الحدود القومية بين الفئات المتشابهة مهنيا، وقد حفلت األدبيات الماركسية طيلة ثمانية عقود من هذا القرن بالحديث عن الرأى العام الطبقى حيث تصير ظاهرة الرأى العام فى

يعرف التحويل العقائدى بأنه صورة من صور غسل الدماغ ولكنها ) ٢(

تعصبين، تتجه إلى المجتمع الداخلى بقصد خلق األصدقاء والموبعبارة أخرى إنه دعوى عقائدية ولكنها ال تقتصر على اإلقناع، وإنما تسعى إلى خلق القوى العنيفة فى تعصبها، المبالغة فى التزامها، الرافضة ألى مواقف ال تتضمن الصالبة المطلقة، وغالبا

و . ما يخلط الباحثون بين التحويل العقائدى، وغسل الدماغ . ، حول تأصيل هذه المفاهيم، انظر مؤلف د"االختراق الفكرى "

حميدة سميسم، الحرب النفسية اإليرانية فى الحرب العراقية . وما بعدها ١٠٥، ص ١٩٨٩اإليرانية، محددة التداول، بغداد

عينة، وإذا ما نظرنا تلك اللحظة تعبيرا عن مصالح طبقية مإلى هذا النوع من الرأى بعد أن نخلصه من المتعلقات األيديولوجية التى أحاطت بالكثير منها المتغيرات الدولية األخيرة فإنه يبدو فى اإلطار المحلى أو الوطنى بوضوح كتعبير عن طبقة معينة بالنسبة للعديد من الدول الرأسمالية،

جديد فى هذا النوع من الرأى ولكن لو دققنا النظر من بالنسبة لدول العالم الثالث فإنه يصبح من خالل استعارة المفهوم الماركسى فى التحليل يعنى أجزاء الطبقة االجتماعــية وليست الطـبقة ذاتها حيث تتمثل هذه

أحد أعمدة )١(" نيكوالس بوالنتزاس"األجزاء كما يصفها :كسى المعاصر باآلتى المدرسة البنائية فى الفكر المار

وتعنى تلك المجموعات : أ ـ الفئات االجتماعية والتى يمكن أن تصبح قوى اجتماعية ) المؤثرة ( االجتماعية

وتتميز بارتباطها النوعى والمتحكم بالبنية غير االقتصادية . ( كما هو الحال فى البيروقراطية التى ترتبط بالدولة و

. لميدان األيديولوجىالذين يرتبطون با) المثقفين

٢نيكوالس بوالنتزاس، السلطة السياسية والطبقات االجتماعية، ط ) ١(

٩١ـ٩٥، ص ١٩٨٣ترجمة عادل غنيم، دار ابن خلدون، بيروت، .

ويقصد به تلك المجموعات : ب ـ أقسام الطبقة االجتماعية التى يمكن أن تصبح أقساما مستقلة وفقا لمعيار

. الوجود المؤثر ج ـ أما الشرائح االجتماعية فهى بالرغم من عدم تشكيلها قوى اجتماعية إال أنها تمتلك القدرة على التأثير فى

. الممارسة السياسية إن أهم ما يميز األقسام عن الفئات االجتماعية فى هذه الحالة هو أن الفئات االجتماعية نتاج نوعى لألبنية السياسية واأليديولوجية وترتبط بعالقة من الحتمية المعقدة ومثال ذلك

)البيروقراطية(عالقة . فى سبيل المثال بجهاز الدولة بمعناه الضيق

ح وأقسام الطبقة فيرتبط ارتباطا أما التمييز بين الشرائوثيقا بما قد يكون لها من انعكاس فى الميدان السياسى، فأقسام الطبقة على العكس من الشرائح االجتماعية يمكن أن تصبح قوى اجتماعية إذا ما استقلت واصبح لها ذاتيتها، وهذا اليعنى بأى حال أن هناك تطابقا تاما بين كل من التمييز بين

الطبقة والشرائح االجتماعية، والتمييز بين انعكاسات أقسام المستوى االقتصادى، وانعكاسات المستوى السياسى ـ األيديولوجى، فمن األقسام ما ينتمى إلى المستوى االقتصادى

وحده،ومن الشرائح االجتماعية ما يمكننا تحديد معالمه على . مثال ) كارستقراطية العمال ( الصعيد االقتصادى

الطبقة ) الرأى العام الطبقى ( إن أهم أشكال وصور وأقسامها التى شهدها العالم المعاصر قد جاءت بفعل

: )١(متغيرات معينة منها ـ انتشار مبدأ التضامن الطبقى الذى لم يعد يقبل ١

االنتماء أو الوالء القومى بل وظهرت آثاره فى كثير من مبدأ الوالء بل األحيان وهو يتعارض ويتناقض صراحة مع

. ويطغى عليه ويقيده ـ كذلك وجود األحزاب الشيوعية، صريحة شرعية أو ٢

خفية سرية، كامتداد صريح لتعاليم واحدة، وفى األقل لوحدة . حركية ال تتجزأ رغم التعدد القومى

ـ أضف إلى ذلك العالقات النقابية الوثيقة، وبصفة ٣ة فى نطاق المهن ذات التقاليد الواضحة كمهنة الطب أو خاص

المحاماة، وتتضح خطورة هذا الترابط المهنى فى العالقة بين القوميات المتجانسة، أى تلك التى تنتمى إلى حقيقة إقليمية واحدة كما حدث فى غرب أوروبا وكما هو يحدث اآلن فى

. الوطن العربى

وما ١٢ذ، ص .س.حامد ربيع، نظرية الدعاية الخارجية، م. د) ١( .بعدها

هذا التطور وهو ـ ومتغير آخر ساعد على تقوية٤التضامن الواضح فى نطاق العالقات الدولية بين مختلف فئات العلماء إذ أن التقارب العلمى بين الباحثين والمتخصصين فى العالم قد أضحى حقيقة واضحة، عبرت عن نفسها فى أكثر من مناسبة واحدة ليس فقط عبر الحدود

قف من السياسية، بل وعبر الحوائط األيديولوجية والمو . التجارب النووية يمثل أنموذجا واضحا لذلك

وبعد هذا االستعراض الموجز، هناك أكثر من تساؤل .. يثار بخصوص التقسيمات األخرى ألنواع الرأى العام

ولنستعرض هذه التقسيمات مع رأينا فى عدم اعتبارها تقسيمات مستقلة وإنما هى تنطوى تحت المفاهيم األساسية

:هرة الرأى العام لمستويات ظا : ـ الرأى العام من حيث الوجود ١

: والذى يقسم إلى أ ـ الرأى العام الكامن أو المتوقع والذى يقصد به الرأى العام المتوقع وجوده حينما تثار قضية ما، أو حينما يقع حدث

فحينما يحدث هذا الحدث فى المستقبل يتكون حوله . معين رأى العام ليس موجودا فى الوقت رأى عام وهذا يعنى أن ال

الحالى ولكن من المتوقع نشأته مستقبال، والذى نراه هنا

بخصوص هذا النوع من الرأى، أنه اقرب إلى أن يكون اتجاها عاما من أن يكون رأيا، فالرأى كما أوضحنا ال يمكننا

أو فعلى عنه، ولما " تعبير قولى " أن نعده رأيا من دون امالن فإنه يظل تعبيرا عن اتجاه علماء غاب عنه هذان الع

النفس واالجتماع الذين تناولوا الظاهرة، أكثر من كونه ظاهرة سياسية لها كيانها الخاص والمؤثر فى صنع القرار

. السياسى ب ـ الرأى العام الظاهر أو الموجود فعليا، وهنا الرأى العام قد اصبح موجودا نتيجة حدوث أحداث معينة تشغل

مام الجمهور وقد ترتب على ذلك أن كون الجمهور رأيا اهتنحو هذه األحداث، وفى هذه الحالة فإنه يدل على الفعل والواقعية، ويمتلك إمكانية التحول إلى موقف عملى، إن لم يكن قد عبر عن هذه العملية، وبالتالى فإنه من خالل وجوده

.وتجسده واقعيا يمكن قياسه وتحديد اتجاهاته يتضح أن الحديث عن الرأى العام من حيث وهكذا

ظهوره كنوع من أنواع الرأى ال يعنى أكثر من اإلشارة إلى الظاهرة فى مستواها الكلى أكثر من كونه نوعا، إنه تحديد

. لمفهوم ظاهرة الرأى العام ليس إال : ـ الرأى العام من حيث استمراره ٢

: إذ يقسم وفقا لهذا المعيار إلى

لعام المؤقت الذى يقصد به الرأى الذى يستمر الرأى الفترة زمنية ليست بالطويلة ويعد زوال أسباب ظهورها سببا بانتهائه، وبعبارة أخرى أنه يتكون بفعل مؤثرات معينة وينتهى ويزول بانتهاء هذه المؤثرات، كاألحداث الطارئة فى سبيل المثال، ويرى البعض أنه يقوم على أساس االنتماء

يديولوجى ألى جماعة، حيث تمثله األحزاب السياسية األوالهيئات ذات األهداف المحددة، وينتهى بانتهاء هذه األحزاب وتلك الهيئات، وفى الحقيقة أن هناك جملة من المآخذ على

: وجود مثل هذا النوع من الرأى أهمها ـ أن زمانية امتداده، غير محدودة، بالرغم من كونها ١

( ما هى بالتحديد مدة زمانيته، هل تستمر قصيرة، ولكن ؟ ثم هناك تساؤل آخر ) يوما ـ أسبوعا ـ شهرا ـ سنة

أكثر إثارة وهو أن الرأى يتكون لفترة قصيرة ربما تستمر شهرا، ولكن هل يمكن أن يزول من دون أن يترك أى اثر فى المجتمع السياسى، بل حتى دون أن يدعم اتجاها ما، أو

آخر حتى وإن كان ضعيفا ؟ يخلق اتجاها إن برامج األحزاب السياسية ونقصد هنا بعضها، يتسم بكونه ينطلق من أيديولوجية تنادى بالثورة الدائمة أو المستمرة،فأين نضع هذه األحزاب من تقسيم الرأى العام المؤقت ؟ ثم هناك تساؤل آخر هو هل هناك أيديولوجية

األيديولوجى هو الذى التكتيك( مؤقته، أم أن الصحيح هو

كل هذه األسئلة بالتأكيد . ؟ ) يخلق هذا الرأى العام المؤقت تظل بال إجابات واضحة أمام هذا التقسيم وهذا النوع من

. الرأى العام ب ـ الرأ ى العام الدائم والثابت ويطلق عليه البعض

حيث يتصف باالستمرار لفترة طويلة ) الرأى العام الكلى ( يتعرض للتغيرات ويرتكز على الموروث الحضارى دون أن

وفى الحقيقة إنه ليس أال اتجاها . والثقافى والعادات والتقاليد فالرأى العام يتصف دائما بالحركية والتغيير، فى حين . عاما

أن االتجاه العام يتصف بالثبات والدوام كما نعلم وهذا ما . العام أوضحناه عند الحديث عن مفاهيم ظاهرة الرأى

ج ـ الرأى العام اليومى، والذى تراه بعض األدبيات إنه الرأى الذى يتأثر باألحداث اليومية الجارية وتحركه وسائل اإلعالم، ويتصف بالتقلب من يوم إلى آخر، ويتمثل بالفكرة اليومية التى يعتنقها أفراد الجماعة أو معظمهم، نتيجة لحادث

أميل ( سى خطير، ويعد مفاجئ، أو كارثة، أو حدث سيامدير معهد الصحافة فى جامعة برلين أول من ) دوفيفات . أشار إليه

وكما هو واضح فإنه يمثل رأيا صحفيا ال يستند إلى ال يرقى بأى حال من األحوال ) دوفيفات( حقائق علمية ف

إلى علماء الرأى العام والباحثين فيه وبالتالى فهذا الرأى مت إلى تقسيمات الرأى العام بصفة ما من المنقول عبثا، ال ي

جانب، ويغدو تعبيرا عن موقف الغوغاء وليس الجماهير من . جانب آخر

وهكذا يتضح أن الرأى العام الظاهر ليس فى حقيقته إال الرأى العام الفعلى، والرأى العام الكامن إنما هو الرأى العام

هذه األنواع المتوقع وأن هناك خلطا عجيبا فى األدبيات بينمن أنواع الرأى العام، أما بالنسبة لبقية التصنيفات فهى كما أوضحنا تعبر عن مفاهيم نفسية واجتماعية أكثر من كونها مفاهيم ترتبط بالعملية السياسية وهو أكثر المتغيرات أهمية .فى دراسة ظاهرة الرأى العام، إن لم نقل إنه جوهر الظاهرة

أدوات االتصال والرأى العام تاسعا ـ

الوظيفة الحضارية لوسائل االتصال الجماهيرى •

بنية وسائل االتصال الجماهيرى وتأثيرها فى • الرأى العام

:تاسعا ـ أدوات االتصال والرأى العام

قبل الحديث عن تأثير األدوات االتصالية على تكوين

ه ثانيا، البد لنا أن نميز الرأى العام أوال، وتحديد اتجاهاتوالعملية االتصالية أى بعبارة ) التواصل( بوضوح بين عملية

ضمن إطار ظاهرة أوسع تتضمن هاتين ) االتصال( أخرى اإلنسانى التى تطرح ) التواصل(الظاهرتين، وهى ظاهرة

بدورها ومن خالل كونها ظاهرة تأريخية حضارية، أكثر من ، حيث يعتمد )اآلخر(و)األنا(ن إشكالية بخصوص العالقة بي

األول على األنماط األصلية للتواصل، والثانى على التقنيات الحديثة لالتصال، ومن ثم فإنه بمقتضى طبيعة العالقة التى

وهى عالقة يحددها ميزان القوى ) اآلخر(و) األنا(تربط بين . الحضارى تكون العالقة بين أجناس التواصل واالتصال

يفيد مفهوم العالقة والتبادل واألخذ والعطاء ) التواصل(وهو أمر ممكن حيث يلتقى المرسل والمستقبل للرسالة

.االتصالية وأما االتصال فإنه ال يفيد التفاعل بقدر ما يفيد الفعل فى الشىء، وفى ذلك ما ينم عن رؤية حضارية ميكانيكية، إذ أن

معه، وهذا ما المطلوب من اآللة هو تنفيذ األمر ال التفاعل ينطبق على أدوات ووسائل االتصال الجماهيرى والتى جعلت

من عملية العالقة بين المرسل والمستقبل عالقة أحادية االتجاه، وبالرغم من الصراع بين أنماط التواصل األصلية كما هو الحال مع التواصل الشفاهى، ودق الطبول فى سبيل

الصحافة واإلذاعة المثال، مع وسائل االتصال الحديثة كوالتلفاز، إال أن هناك فى حقيقة األمر نوعا من التعايش بين

ولكن يجب االنتباه هنا إلى مسألة )١() الجنسين االتصاليين ( مهمة، وهى أن عملية االتصال أو التواصل ال بد لها من وسط ناقل والذى يرتبط بدوره بالطبيعة الحضارية لمجتمع ما

. أثير الرسالة االتصالية من جانب آخر من جانب وبتحكمه بت Lesفى تحديد الوسيط ) السيميائية(وإذا ما استعرنا المفاهيم

Media فإن الوسيط هذا يعرف بأنه مجموعة وسائل ،.. االتصال المختلفة، الكتاب الراديو، السينما األزياء

فالوسيط يتضمن مادة العالمة وركن وحامل هذه العالمة نى كل الوسائل التى يتم بمقتضاها توصيل ،أى أنه يع)١(

. فكرة من شخص آلخر

التواصل فى " حول االتصال والتواصل، انظر، رضا مثنانى، ) ١(

، المجلة التونسية لعلوم االتصال، معهد "الحضارات الشفاهية " جانفى ـ جوان ) " ٥(الصحافة وعلوم األخبار، تونس العدد

.٥٦ ـ ٣٣ص ١٩٨٤بيار غيرو، السيمياء، ترجمة أنطـوان أبى زيد، منشورات ) ١(

.٢٢ـ٢١، ص ١٩٨٤عويدات، بيروت،

إن أهمية الوسيط أو األداة فى العملية االتصالية، تكمن فى البعد الحضارى لهذه األدوات أوال وتأثيرها فى تنظيم

. عملية التواصل بين األفراد ثانيا وفى الحقيقة تبرز لدينا هنا ظاهرة الماكلوهانية

Mcluhanism فى تفسير هاتين العالقتين حيث يرتكز جوهرالماكلوهانية على فكرة أن المجتمع عبر التأريخ اإلنسانى دائما يتشكل بفعل طبيعة الوسيلة التى يتواصل الناس

. بوساطتها أكثر مما يتشكل بفعل مضمون وسيلة االتصال وبالتالى فإن طبيعة وتطور المعرفة البشرية يمكن فهمها على

جه بدراسة أنماط اإلدراك واالتصال، تلك األنماط أتم وفإن " : " ماكلوهان"المعرضة للتغير باستمرار، وكما يقول

، ففى المجتمعات التى تجهل القراءة "الوسيلة هى الرسالة بالدرجة األولى، ) شفويا ـ سمعيا ( والكتابة يكون االتصال

حوار إال أنه يعتمد على الحواس الخمس، وقد اندغمت فى المجابهة بين فرد وآخر، وهذه المرحلة هى المرحلة األولى فى التطوير الحضارى البشرى، أما المرحلة التى أعقبت ذلك فى التطور، فهى مرحلة الحرف المكتوب الذى ينزع الطابع الشخصى عن االتصال إلى حد ما، فقد أدى اختراع الطباعة

ية االتصال إلى إحداث طالق بين عمل) غوتنبرغ(من قبل بين الحواس كلها باستثناء حاسة البصر، أى أن المعرفة فى

أضحى الحصول عليها يتم فى صمت ) غوتنبرغ(عصر

ووحدة بينما الدماغ يتابع العالقات الخطية والمنطقية فى النص المطبوع، ولكن عصر غوتنبرغ لم يلبث أن حلت

ص محله أداة االتصال الكهربائى واإللكترونى وبشكل خاالشفوية ـ ( التلفاز الذى يعمل بطريقة تشبه طريقة االتصال

Globalالتى حولت العالم إلى قرية عالمية ) السمعية Village. )٢(

إذن فإن أدوات االتصال التى تصلنا بالعالم هى حواسنا الخمس، وما التطور الذى طرأ على أدوات الحضارة إال

ارة هو امتداد صورة من صور هذه الحواس، فدوالب السيللقدم البشرية أو انعكاس لها، والكتاب هو امتداد للعين

الخ، وهكذا فإن التكنولوجيا ليست سوى صورة .. البشرية عن الوظائف التى تقوم بها الحواس البشرية، ومع كل اختراع تقنى جديد يطرأ تغير أوتكيف أو تعديل ألنماط

. السلوك البشرى

انظر مارشيال ماكلوهان، كيف نفهم " الماكلوهانية " للمزيد حول ) ٢(

وسائل االتصال، ترجمة خليل صابات وآخرون، دار النهضة وهانية من حضارة الماكل" ، وخلدون الشمعة١٩٧٥العربية القاهرة،

، مجلة الفكر العربى ـ طرابلس، تشرين "الكتابالى حضارة الكالم .٢٥٩ـ٢٥٥، ص ١٩٧٨الثانى ـ كانون األول،

ثير أدوات االتصال الجماهيرى وعلى هذا األساس فإن تأفى مجتمع ما، يتجلى باستخدام التكنولوجيا االتصالية، ضمن

: )١(نمط معين نظام التواصل ذاته والذى يتضمن أجهزة البث وااللتقاط اإلذاعى : ـ وسائل اإلنتاج ١

..الخ..والتلفازى، الورق، اآلالت الموسيقيةصناف العالقات عالقات الملكية، ا: ـ عالقات اإلنتاج ٢

بين عنصرى اإلرسال واالستقبال، طبيعة التقسيم التقنى أى أن لألرضية المادية لنمط إنتاج نظام . الخ .. للعمل

التواصل، أثر كبير وواضح على عالقة التفاعل بين المرسل والمستقبل، حيث تؤثر على ممارسات وسلوك وآراء

ل العالقة ومواقف المستمع أو المشاهد أو القارئ من خالالترابطية لها مع المستوى القانونى ـ السياسى، والمستوى األيديولوجى واللذين ال بد أن يتركا تأثيراتهما على األفكار والتصورات واالعتقادات والمشاعر الخاصة باألفراد،

هذا ما . فاإلنسان متفاعل بالضرورة مع وسائل إنتاجه ائل اإلنتاج هذه، بأنه حملنا على أن نعرف اإلنسان بتطور وس

اإلنسان الصيدى واإلنسان الزراعى واإلنسان الصناعى،

التواصل ومسألة " عبد القادر بن الشيخ ويوسف بن رمضان، ) ١(المجلة التونسية لعلوم " استشراف أبعاد المستقبل فى البالد العربية

) ٧(افة وعلوم األخبار، تونس، العدد االتصال، معهد الصح .٨، ص١٠٨٥) جانفىـ جوان (

" اإلنسان اإلعالمى" فاإلنسان ما بعد الصناعى، ثم أخيرا الذى يمثل ذروة التطور الحضارى التواصلى وروح الثورة

. التكنولوجية والثورة ما بعد الصناعية هى وسائل كما يجب االنتباه إلى أن كل وسائل اإلنتاج

تبادلية أو تواصلية بين المنتج والموزع والمستهلك، ولكن وسائل اإلنتاج االتصالية، هى وسائل تواصل على المستوى األعلى للكينونة اإلنسانية، أى على مستوى التخاطب بين فكر إنسان وفكر اإلنسان اآلخر، بل بين ذات إنسان وذات

ثين فى سبيل المثال اإلنسان اآلخر، وهذا ما حمل بعض الباح أن يصفوا القرن العشرين كله بعصر االتصال الجماهيرى

Mass communication ألن أدوات الثورة االتصالية من األداة الطباعية إلى األداة اإللكترونية، قد أضحت تقتحم كل مجال خاص او عام من مجاالت وجود اإلنسان وتتوغل فيه

)١(. ت االتصالية، ودور هذه إن البعد الحضارى لألدوا

األدوات فى تكتيل النظام الثقافى والحضارى ألفراد مجتمع ما فى هذا القرن يتحد فى أكثر من متغير يفصح عن ذلك،

)٢(وأهم هذه المتغيرات هى

حسن صعب، إعجاز التواصل الحضارى اإلعالمى، بال دار . د) ١( .٤١، ص١٩٨٤نشر، بيروت،

.٤١ ـ ٨ن، ص .م) ٢(

إن تكنولوجية التواصل اإلعالمى قد أضحت ال : أوال تصوغ اإلنسان صياغة تكاملية جديدة، ككائن فردى وككائن

ينتمى إلى قبيلة " ككائن كونى " ماعى فقط، وإنما اجتإعالمية، ما هى إال قبيلة كونية، بأبعادها الزمانية والمكانية والكيانية، وهذا ما جعل من مشاهير الممثلين نجوما كونيين ال نجوما قوميين فقط، ومن نوابغ العالم الموسيقى

. ين فقط والمصورين والنحاتين نوابغ كونيين ال نوابغ قومي" وهذا التطور فى جوهره يعود إلى التطور النوعى من

" الكونية الفورية " ـ نسبة إلى المدة ـ إلى " الكونية األمدية ـ فقد عرفت اإلنسانية قبل اآلن آلهة وعلماء وأبطال عالميين، ولكنهم عرفوا فى زمان ما دون اآلخر وعرفوا فى

تصالية هى ثورة مكان ما دون اآلخر، ولكن الثورة االالفورية التى تعرف باألحداث واألشخاص على الفور فى كل زمان ومكان، فتشعر الفرد المستقبل للرسالة االتصالية بأن األحداث هى أحداثه، وبأن األبطال هم أبطاله، فتعزز لديه الوعى بأن الكون كله هو كونه هو بالذات، ويشمل وعيه

ونين المادى واإلعالمى، الكونين الطبيعى والصناعى، الك . وكأنهما كون روحى واحد

كائن ( كما أنها قادت إلى تطور اإلنسان من : ثانيا فالنزعة االستكشافية، نزعة ) كائن استكشافى ( إلى ) اقتباسى

طبيعية فى اإلنسان، الذى يتسم بكونه كائنا فضوليا، وكل

تمع يريد بالطبع أن يعرف ولكن المج" أرسطو"إنسان يؤكده تعهد هذه النزعة، حتى مطلع القرن العشرين لدى أقلية من البشر، ولكن الثورة االتصالية، قد أصبحت تتعهدها لدى جميع البشر، ألنها اآلن تمس جميع البشر وتستثير فضول

. جميع البشر وتخبر جميع البشر، وتثقف جميع البشر ى إن الثورة االتصالية، صحيح أنها ال تزال ف: ثالثا

طفولتها، ولكن هذه الطفولة إن كانت تتالزم مع طفولة إنسانية كيانية، فإنها فى الوقت ذاته تتناقض معها، ففى الوقت الذى دخل فيه المجتمع المعاصر، االتصال الوحدانى الكونى الذى لم تعرف الحضارة له مثيال من قبل، دخلنا طور التعدد

ريخ مثيال من قبل، الكيانى السياسى الذى لم يعرف له التاولما كانت السيادة اإلعالمية هى أحد مقومات السيادة الوطنية، فقد وقعنا على الصعيد الدولى فى إشكالية التناقض ما بين الوحدانية اإلعالمية الكونية والتعددية الكيانية السياسية، وهذا ما لم تعرفه النظم السياسية والعالقات الدولية

بالنسبة لتأثير األدوات االتصالية من حيث أما.. عبر التأريخ خصائصها وتحكم هذه الخصائص وباألحرى تحكم بنية األداة االتصالية فى مضمون الرسالة ذاتها، وفى حجم تأثيرها

فمما الشك فيه أن لكل أداة اتصالية . وطبيعة هذا التأثير ثانيا" و خصائصها وسماتها التأثيرية، وما يهمنا بالدرجة األولى ه

وتأثيرها فى تشكيل الرأى العام " أدوات االتصال الجماهيرى

وتحديد اتجاهاته، وكى نحدد خصائص هذه األدوات البد لنا من تمييزها عن أدوات االتصال األخرى، من خالل المقارنة بين أدوات االتصال الجماهيرى والوسائل االتصالية األخرى

)١(والذى يتمثل فى ناحيتين فوسائل االتصال أكثر شمولية من : مضمون ـ حجم ال١

أدوات االتصال الجماهيرى، فهى تتعلق بكل وسيلة تسير االتصال المباشر وغير المباشر بين األفراد والجماعات والدول، وبناء عليه فهى تضم الهاتف والتلغراف والتلكس

أما أدوات . الخ..والصحافة واإلذاعة واألقمار الصناعية اهيرى فهى اإلذاعة المسموعة والمرئية االتصال الجم

. والصحافة والسينما والكتب فإن وسائل االتصال قد : ـ حجم الجمهور المخاطب ٢

تقتصر وسائلها على شخصين فقط، كما فى االتصال الشخصى فقط، أما أدوات االتصال الجماهيرى فهى تصل

. حشودا من الجماهير فى رسائلهم اإلعالمية والدعائية نا يجب أن نالحظ أنه إذا كان لكل وسيلة أو أداة وه

اتصالية خصائصها المنفردة فى التأثير ومحدودية فاعليتها فإن ذلك يستدعى الحاجة إلى تكملتها أو . فى مجال واحد

رجاء آل بهيش، الدعاية اإليرانية فى حرب الخليج، رسالة ) ١(

ات العربية، بغداد، ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراس . ١٤٧، ص ١٩٨٨

مساندتها بوسائل أو أدوات أخرى، إلحداث التأثير المطلوب األمر الذى يعنى استخدام عدة وسائل أو أدوات تصل كل منها إلى الفرد المستهدف بشكل خاص تجعله يستجيب من جديد إلى الفكرة نفسها، وفى االتجاه نفسه، ولكن بشكل مختلف، حيث إن لكل وسيلة أو أداة جمهورها الخاص، إذ

. أن كل منها مالئمة بشكل خاص لنوع معين من االتصال إن التطورات التكنولوجية الحديثة قد عملت على إزالة

وارق بين األدوات االتصالية هذه، والحدود التى طالما الففصلت بين وسائل اإلعالم المختلفة، حتى أواخر السبعينيات، إذ نشأت عالقات لم يتوقعها أو يتصورها أحد، وهى عالقات باتت تربط بين األدوات السمعية والبصرية واالتصاالت

أجهزة بعيدة المدى والمعلوماتية والتداخل المتزايد بين " تسمية )١(" نور اومينك " اإلعالم التى أطلق عيها

والتى تعنى التزاوج بين االتصاالت البعيدة المدى " التليماتيك هو أسلوب " التليماتيك " والمعلوماتية، وبعبارة أخرى إن

جديد لتسمية نتائج القضاء التدريجى، والنسبى، على الحدود الم عالما مستقال بذاته، التى كانت تجعل من كل وسائل اإلع

إنها تسمية جديدة لبيان تلك االرتباطات التى تتزايد يوما بعد

فرنسيس بال، وسائل اإلعالم والدول المتطورة، ترجمة حسين ) ١(العودات، إدارة اإلعالم، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،

. ٤٢ـ ٤١، ص ١٩٨٣تونس،

يوم بين الصحف، وهيئات اإلذاعة والتلفزيون ووسائل التليكس، وبنك المعلومات، واألقمار ( اإلعالم الحديثة

) . الصناعيةويتجسد التقارب بين وسائل اإلعالم على مستوى

وعلى مستوى نشاطاتها الفكرية، ويمكن نشاطاتها الصناعيةتوضيح هذا التقارب فى الحقيقة بأن الهاتف وشاشة التلفاز فى طريقهما للتحول لتصبحا أدوات متعددة األساليب، وحوامل اتصاالت مختلفة من حيث المصدر أو الهدف، كما يتجسد هذا التقارب باالندماج المتزايد بين نشاطات اإلنتاج

كرية، إلى حد إقامة نظام جديد لالتصال، ففى والبرمجة الفالوقت الذى تتقارب فيه وسائل اإلعالم من بعضها، تتطور بنية النشر والبث واالتصاالت متجاهلة الحدود الجغرافية الوطنية، وهكذا فإن هذه التفرعات قد ساعدت على وجود مجموعات محددة ذات بنية وطنية تحتية ومتعدية الحدود لكى

. فى الواقع نظاما متعدد الجنسيات أو عالميا تقيم أما أهم سمات نظام وسائل اإلعالم هذه، فهى كونها أكثر اتساعا، إذ أن الجزء األكبر من وسائل التبادل واالتصاالت بين األفراد قد اصبح يتلخص بالضبط فى إمكانية الوصول

. إلى جماهير واسعة ومتنوعة وموزعة د الجنسيات وينفرد بكثافته، وذلك كما يتسم بكونه متعد

بتكاثر هذه الوسائل، فأجهزة االتصاالت تزداد من سنة إلى

أخرى وأضحت عملية االتصال تتم بين األفراد أو المجموعات التى تشكل المجتمعات، وأخيرا فإن نظام وسائل اإلعالم يتميز بدرجة هذا التميز، فهو يسهم بصورة مختلفة

مة السياسية، فى التوسع وازدهار جميع طبقا للبلد أو األنظ . أجهزة البث واالتصال فى الوقت نفسه

إذن فالبعد الحضارى والبنائى ألدوات ووسائل االتصال الجماهيرى هى التى حددت وتحدد طبيعة االرتباط والعالقة التأثيرية بظاهرة الرأى العام وهذا ما سنحاول تبيانه من

: خالل دراسة

: الحضارية لوسائل االتصال الجماهيرى أ ـ الوظيفة

إن ما نعنيه بالوظيفة الحضارية للوسائل واألدوات االتصالية الجماهيرية، ال نعنى به المثالية التى تعبر عنها هذه الوظيفة فى اكثر مفاهيمها اتساعا، وإنما نستخدم

بمعنى الدور أو األداء الذى ) الوظيفة الحضارية(مصطلح الوسائل فى التطور الحضارى، وبعبارة أخرى تمارسه هذه

البعد الحضارى وأدوات إنتاج من جانب، ولعالقات اإلنتاج من جانب آخر، حيث األرضية المادية لنمط اإلنتاج فى النظام االتصالى أثرها الواضح فى العالقة بين طرفى

، ألن )المستهلك(، والمستقبل )المنتج( االتصال المرسل .دائما وبالضرورة متفاعال مع وسائل إنتاجه اإلنسان يظل

ولعل هذا ما يفسر لنا تصنيف عصور التطور اإلنسانى تبعا للوسيلة االتصالية واستخداماتها فى عصر ما ، ومن ثم

" .االتصال الجماهيرى" تسمية عصرنا الراهن بعصر

لوسائل االتصال الجماهيرى ) فالوظيفة الحضارية ( إذن تنبع من الجوانب السياسـية واالقتصـادية فى ضوء ذلك ،

واالجتماعية لحضارة اإلنسان المعاصر، وتأثيره بهـا فـى الوقت نفسه، حيث أضحت هـذه الوسـائل ليسـت وسـائل إعالمية فقط ، وإنمـا هـى وسـائل سياسـية واقتصـادية

واجتماعية وتربوية فضال عن كونها أجهزة ثقافية أيضا

ويتلخص البعد السياسى فى تأثير الممارسة السياسية على هذه الوسائل، وتأثيرها فى هذه الممارسة فى اللحظة ذاتها، فالنظام السياسى يظل بحاجة إلى توضيح اختياراته فى صنع القرارات السياسية للجماهير، من أجل أن يحظى بمساندتها

إلبالغ ردة لتحقيق هذه االختيارات، مثال الجماهير بحاجة فعلها حول ذلك، وبعبارة أوضح أن وسائل االتصال الجماهيرى قد أضحت من أفض األدوات وأكثرها خطورة

. وأهمية فى ربط الصلة بين الحاكم والمحكوم " وهنا تبرز واحدة من أكثر األمور أهمية وهى قضية

والتى ما زالت تشغل اهتمامات " أيديولوجيا االتصال خالل العقود الثالثة األخيرة، فسياسة االتصال المعنيين بذلك

: ال بد لها أن تخضع لمتغيرين أساسيين هما .ـ ملكية وسائل االتصال ١ . ـ بنية النظام السياسى ٢

فالسياسة االتصالية تخضع عن وعى أو ال وعى لتمثل تعكسه الممارسة ـ ونقصد بالطبع الممارسة السياسية ـ هذا

وهر العالقة بين التمثل والممارسة، بين ما مع التنبيه إلى ج

أما بنية النظام السياسى، فإنها )١(هو خفى وما هو ظاهرتترك بصماتها الواضحة على تحديد مضمون الخطاب

. االتصالى من جانب، وتقنين هذا الخطاب من جانب آخر وهنا تظهر تدخالت السلطة فى امتالك هذه الوسائل، أو فى

تبعا لبنية النظام السياسى وتوجهاته السياسية عملية التخطيط . داخليا وخارجيا

ومن ثم فال وجود لوسيلة اتصال جماهيرى خارج نطاق ألن عملية استخدام هذه الوسيلة ما " أيديولوجيا االتصال "

فى حد ذاتها، وتعبير عن موقف " أيديولوجيا " هى إال وجيا أيديولوجى بغض النظر عن محتوى هذه األيديول

وبالتالى فإنها تفرض حضورها على هذه . وطبيعتها الوسائل فى تحقيقها للعالقة بين السلطة ـ مهما كانت طبيعة السلطة ـ والجماهير، ممثلة بتحقيق نمط من العالقات المفتوحة بين القمة والقاعدة، وبين القاعدة والقمة، باإلضافة

ن جانب ووحدات إلى االتصاالت األفقية بين وحدات القمة م . القاعدة من جانب آخر

دور اإلذاعة والتليفزيون فى التنمية " عبد القادر بن الشيخ، . د) ١(

، منشورات اتحاد إذاعات " وتساؤالت أساسية الثقافية منطلقات .٢١، ص ١٩٨٨الدول العربية، تونس،

وفى ضوء ذلك يمكننا أن نحدد تأثيرات الوظيفة الحضارية لوسائل االتصال الجماهيرى فى أبعادها السياسية

: بما يلى إن االتصال فى جانبه السياسى قد أضحى أكثر : أوال

قوة بين الشعوب، بفعل تجاوزه الحدود القومية والقيود التى عها الدولة، قبل عصر االتصال الجماهيرى، األمر كانت تض

:الذى قد أدى إلى القدرة على إثارة الرأى العام، من مارج الحدود ) ١(

وبعيدا عن تأثيرات السلطة، بل ورغما عنها فى ، القومية بعض األحيان، وهو ما لم يشهده النظام السياسى قبل بدء

. الثورة االتصالية خالل هذا القرن إن الرأى العام العالمى، الذى لم يعرف كظاهرة ) ٢(

سياسية لها تأثيرها فى صنع القرارات السياسية سابقا، قد أضحى حقيقة واضحة، وذات تأثير كبير فى السياسة الدولية واإلقليمية على السواء،وما الموقف من العدوان الثالثى على

. الشقيقة مصر، إال أنموذج واضح فى سبيل المثال تداخل الحدود بين الرأى العام الوطنى واإلقليمى ) ٣(

والدولى بحيث بات من الصعب جدا، تحديد اتجاهات كل

منهما منفصال عن اآلخر، وذلك لتفاعلهما واقترابهما فى أحيان كثيرة، تجاه قضايا معينة، وبذلك خرجت مواقف واتجاهات الرأى العام من إطارها القومى إلى اإلطار الكونى

شامل، والموقف من قضايا التلوث البيئى ومخاطر استخدام الفى أكثر من " الخضر" المحطات النووية، وظهور جماعات

. بلد أوربى ما هو فى حقيقته إال تأكيد لهذه القضية ثانيا ـ وحدة الرموز السياسية بين العديد من شعوب

. العالم، األمر الذى لم يكن ممكنا قبل ذلك لشخصيات السياسية قد أضحت رموزا فالعديد من ا

عالمية واإلعجاب بها وتبنى آرائها ومقوالتها السياسية قد تجاوز الحدود القومية،بل واإلقليمية،والرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر يقدم لنا أنموذجا شديد القرب منا

. لذلك ، التى ما هى فى حقيقة "أيديولوجيا االتصال " ثالثا ـ إن

مر إال تعبير عن السياسة الداخلية، وأهداف السياسة األالخارجية للدولة، قد تركت بصماتها الواضحة على وسائل االتصال الجماهيرى، من حيث كونها نقاط التقاء حضارى

. بين الشعوب، ونقاط تقاطع فى الوقت ذاته

وفى كلتا الحالتين فإنها هى التى تنبئنا وبوضوح عن وحدود االفتراق والتقاطع، وهذا ما كان جوانب االلتقاء،

يترك اتجاهات السلطة ذاتها وفى داخل الحدود القومية، دون أن تكون هناك فرصة للرأى العام القومى ألن يسمع وجهة النظر المقابلة، وبالتالى تعديل موقفه فى ضوئها، وهذا ما جعل مهام السلطة أكثر اتساعا وصعوبة فى تحقيق اإليمان

ائدى بمنطلقاتها األيديولوجية وهو مالم يعرفه النظام العق . الدولى سابقا

أما بالنسبة للبعد االقتصادى حضاريا، فإنه يكمن فى : متغيرين أساسيين هما

ألول مرة فى التأريخ " المجتمع اإلعالمى " ـ ظهور ١اإلنسانى، فلمليون سنة خلت من هذا التأريخ، كانت هناك فئة

البشر قد اتخذت من النشاطات الفكرية مهنة ضئيلة جدا منوعمال لها، فيما أضحت تمثل هذه النشاطات اآلن فى الدول المتقدمة بشكل خاص، قطاعا واسعا جدا، تزداد نسبته ضمن الناتج القومى باطراد، حيث بلغت فى سبيل المثال حوالى

فى الواليات المتحدة األمريكية، أما العاملون فى قطاع % ٥٠ ١٩٧٠تصال واإلعالم فقد تجاوزت نسبتهم فى عام اال

وبذلك فقد % ٤٥ بنسبة Poratوحسب بعض الدراسات أضحت أدوات االتصال الجماهيرى تمثل قوة اقتصادية كبيرة لها إمكانياتها التى ال يمكن تقديرها فى أغلب دول العالم، فهى تؤثر تأثيرا مباشرا على اإلنتاجية، كما تساعد على

اكبر قدر ممكن من النمو، بحيث اصبح ليس ثمة تحقيقمجال للشك فى أهمية الدور الذى تضطلع به هذه الوسائل فى التخطيط االقتصادى، وال فى مكانتها فى استراتيجية التنمية

)١(وال فى حجم الموارد التى ينبغى أن يكرسها المجتمع لها لفرد والجماعة ويمكننا أن نحدد تأثيرها فى هذا االتجاه بإزاء ا

:)٢(بما يأتى أ ـ إنها، أى أدوات االتصال الجماهيرى، قد باتت هى التى تسمح لإلنسان بإدراك طبيعة العوامل االقتصادية

وظائف أجهزة اإلعالم ووظائف أجهزة " مصطفى المصمودى ) ١(

، التكامل بين أجهزة اإلعالم وأجهزة الثقافة فى الوطن "الثقافة ، ١٩٧٤العربى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس،

.٦٠ـ٥٩صأحمد النكالوى، المدخل السوسيولوجى . أحمد الخشاب، د. د) ٢(

، ص ١٩٧٤لإلعالم، دار الكتب الجامعية، اإلسكندرية، . وما بعدها ١٥ذ، ص.س.، وحسن صعب، م١٠٧ـ١٠٥

واالجتماعية ووعى خصائصها، وفهم تأثيرها فى مسار التنمية الوطنية أو النشاط االقتصادى وتمكنه بالتالى من اتخاذ

الموقف السليم باعتبار أننا نتأثر وإلى القرار المالئم، وتبينحد كبير بما تمليه علينا أدوات االتصال الجماهيرى من

.توجهات سواء أكانت ظاهرة أو خفية وغير مباشرة ب ـ إن من أهم خصائص المجتمع اإلعالمى، هو تطلب هذا النوع من المجتمعات تعليما جيدا وفعاال فى

الشباب ليكون للعدد األكبر الصغر وإعادة للتعليم فى مرحلةمن الناس األدوات واالهتمام للعمل، ودور وسائل االتصال الجماهيرى فى هذه العملية دور حساس ومهم جدا فى تحديد

. نوعية الحياة فى المجتمع اإلعالمى ـ إال أن المجتمع اإلعالمى فى وسط الثورة االنفجارية ٢

ظهور شكل جديد فى عالم االتصاالت، ال بد أن يعانى منوإلى هذه . من التفاوت االجتماعى ونشأة طبقة النخبة

)١( NATAN kATZMANالمشكلة يشير ناتان كاتزمان

ايثيل دوسو البول، التكنولوجيا والسياسة فى عصر المعلومات، ) ١(

الثقافة والعلوم، ترجمة مارى عوض، المنظمة العربية للتربية و . ٧، ص١٩٨٣تونس،

إنه بينما سيحصل المجتمع على مزيد من المعلومات " بقوله عندما يزداد تدفق المعلومات فى المجتمع، فإن النسبة الكبرى

صال النصيب األكبر من الزيادة ستذهب إلى الذين يملكون أمن المعلومات، وهم الذين يملكون مصادر المال والعلم والمهارة الستيعاب المزيد من التدفق الجديد، وبذلك تزداد الهوة بين أغنياء المعلومات وفقرائها، وبعبارة أخرى أن طبيعة بنية المجتمع اإلعالمى ال بد أن تؤثر فى عدد كبير

قلية والمزاج النفسى بصورة من الناس من حيث القدرة العغير إيجابية، لذا فإن أولئك الذين يجدون أنفسهم تحت تأثير

)٢(كهذا يتجهون فى األغلب إلى الرفض واالحتجاج وبالتأكيد فإن كل ذلك سيترك تأثيرا كبيرا فى طبيعة الرأى

. العام من حيث بنيته وبالتالى فى تحديد اتجاهاته ذاتها فمما الشك فيه أن العمل ،د االجتماعية أما بالنسبة لألبعا

اإلعالمى الذى تؤديه أدوات االتصال االجتماعى يعد اليوم تبرز جوانبها بوضوح فى ) عملية اجتماعية ( بحد ذاته

التيارات المتعارضة والعديدة، والتى بالرغم من تعارضها تتفاعل فى آن واحد داخل المجتمع ويؤثر بعضها فى بعض،

.١٩ـ١٨ن، ص .م) ٢(

حا أن النقص الملحوظ والتحريف والتناقض وقد غدا واضالظاهر، فيما تقدمه هذه األدوات ماهو فى واقع األمر إال صدى للتغيير والتناقض الملحوظ داخل المجتمعات المعاصرة

وعموما يظهر البعد االجتماعى حضاريا لوسائل . )١( : االتصال فى

أ ـ أن دور وسائل االتصال الجماهيرى فى خلق نوع البد أن يترك تأثيره فى المشاركة ) الترابط االجتماعى ( من

االجتماعية والسياسية ، فاألفراد والجماعات التى تكون أكثر تعرضا لهذه الوسائل هم األكثر مشاركة فى الحياة االجتماعية، ومن ثم تبلور اآلراء والمواقف التى تترك

.بصماتها على الرأى العام بمختلف أنواعه وتطبيقاته ب ـ إنها أصبحت قادرة على التقريب بين خصائص وسمات المستقبل للرسالة االتصالية، ومن توقع االستجابة أو تحديد تأثيرها بالنسبة للمستقبل، وهذا اليعنى إلغاء االستجابة أو تحديد تأثيرها بالنسبة للمستقبل، وهذا ال يعنى إلغاء

، وإنما فى الفروق والتميزات المحلية للجماعات والشعوبوسط غمار هذا التمايز واالنفصال الذى يكون أحيانا حادا

.٦٠ـ ٥٨ذ، ص .ص.مصطفى المصمودى، م. د) ١(

جدا، استطاعت أدوات االتصال الجماهيرى أن تضع تصورا معينا للمستقبل ولسايكولوجية تأثير الرسالة االتصالية، األمر الذى دفع بهذه األدوات إلى أن تكون وسائل مهمة وخطيرة

. وإعادة صياغة اتجاهاتهجدا، فى عملية صناعة الرأى العامب ـ بنية وسائل االتصال الجماهيرى وتأثيرها فى

: الرأى العام حينما نتحدث فى بنية الوسيلة االتصالية، فإننا نقصد، بشكل خاص العالقات الترابطية بين العناصر التى تتكون منها بنية األداة أو الوسيلة االتصالية والتى تشكل نظاما

أى تغير فى أحد عناصره البد أن يؤدى خاصا يتصف بأنإلى تغير العناصر األخرى، وبالتإلى تغير بنية النظام بأكملها

وبعبارة أخرى أن العالقة بين المرسل والرسالة والوسيلة )١(االتصالية والمستقبل هى عالقة ارتباط تشكل او تحدد طبيعة

المرسل العملية االتصالية برمتها، وإذا افترضنا ثبات متغير والرسالة والمستقبل، بوصفها المتغيرات التى تسبق التجسيد المادى للرسالة االتصالية، فإن الوسيلة هى التى ستحدد نجاح

، دار الرشاد ١محمد الحناش، البنيوية فى اللسانيات، ج . د) ٢(

.١٠٥ـ ١٠٢، ١٩٨٠الحديثة، الدار البيضاء،

العملية االتصالية أو فشلها، قدرتها على تحقيق أهداف الخبير فالرسالة مهما كان . …والمخطط االعالمى والدعائى أوال ة األداة االتصالية وقدرتها محتواها أو مضمونها تظل رهين

الذى يستتر الخبير اإلعالمى ) النظام اإلقناعى(على تجسيد من خالل الرسالة اإلعالمية، واكتشاف طبيعة التفاعل والترابط بين العناصر التى تشكل بنية العملية االتصالية، ومن ثم وضع قوانينها العامة، هى التى ستبين لنا ـ بالتأكيد

. لة االتصالية فى المستقبل للرسالة االتصالية ـ تأثير الوسيفلكل وسيلة بنيتها، ونظامها الخاص، وبالتالى فإن الرسالة التى قد تنجح عن طريق الصحافة ستفشل لو اعتمدت الراديو

. أو التلفاز، وكذلك األمر بالنسبة للوسيلتين األخريينلى ونحن إذ بحثنا آثار ونتائج بنية الوسيلة االتصالية ع

النظام السياسى واالجتماعى واالقتصادى، من خالل بحثنا للوظيفة الحضارية لهذه الوسائل،وبينا تأثيرها فى تقسيمات

) الماكلوهانية ( التطور الحضارى لإلنسانية سواء من خالل أو النظريات السيمولوجية الحديثة فإن تركيزهنا هنا سيكون

اد والجماعات، على تأثير هذه الرسائل فى اقناع األفر . بمضامين الرسائل اإلقناعية التى تحملها الرسائل هذه

إن من أهم خصائص أدوات االتصال بالجماهير، أنها ثانيا " اختيارية"ذات اتجاه أحادى أوال، وأنها ذات طبيعة

ذات طابع مزدوح، فمثلما يختار الجمهور " االختيارية"وهذه جمهور الذى ترغب فى وسيلة بعينها فإن الوسيلة تختار ال

وهذا ما يجعل العالقة بين المرسل . الوصول إليه أيضا البد أن تترك آثارها على العملية " عالقة انتقائية " والمستقبل

أنها تجعل من مستقبلى " االنتقالية " االتصالية وأهم نتائج هذه الرسالة االتصالية ناقصى المعلومات حول المواضيع األهم

ala Uneى تثبتها وسائل االتصال الجماهيرى، فنحن نميل التإلى الرضا بقراءة المقاالت وإلى االستماع أو مشاهدة المثبوتات التى تالئم مصلحتنا ونرفض األخرى، فهناك

بول الزار (عملية غربلة وانتقاء مسبقة للمعلومات، وقد أثبت أن االنتباه آلخر األخبار سببه فى الواقع وبصورة ) سفلداسية ما لنا من عالقة بالحدث، وهذا يفسر تشدد المواقف أس

السابقة بدال من تغييرها بوساطة الوسائل، إذ أن ظاهرة التذكر االنتقائى تمحو من الذاكرة أقساما معينة ال تتالءم مع آراء الفرد الذاتية، وبعبارة أخرى فإن صعوبة استيعاب

ها، يرتبط إما رسالة ما، وبالتالى تحديد الموقف السياسى من

بعالقة مضمونها بالمواقف المسبقة للمستقبل، أو بالمضمون .)١(وبالمواقف بآن واحد معا

إن هناك أكثر من تساؤل بخصوص حدود التأثير السياسى ألدوات االتصال الجماهيرى وهل هذا التأثير يرتب بالعالقة المباشرة بين المرسل والمستقبل، أم بالعالقة غير

ة بها؟ وفى الحقيقة أن التأثير يرتبط بالطابع المباشرالشخصى، فكلما كان االتصال يدخل فى نطاق العالقات

األقوى " الوسيلة " الشخصية، كان هؤالء األشخاص هم تأثيرا من كل الوسائل المادية األخرى، ممثلة بوسائل

. االتصال الجماهيرى أى العام يظل لذا فإن التأثير المباشر لهذه الوسائل فى الر

أضعف بكثير من تأثيرها من خالل قادة الرأى العام، إذ أن ما تنشره أو تثبه وسائل االتصال الجماهيرى، يصل أوال إلى األشخاص األكثر انتباها، واألكثر حماسة، وقادة الرأى هؤالء او الموجهون ينقلون ذلك إلى األفراد اآلخرين األقل اهتماما

two step flow of( وحماسة وهذا ما يسمى

شرودر وآخرون، التسويق السياسى، ترجمة على مقلد، . ش .ـه) ١(

.٥٨ـ٥٧، ص٩٨٣منشورات عويدات، بيروت، ذ

communication ( أى الخطوة اإلعالمية المزدوجة، التىباإلمكان مضاعفتها وذلك بمقدار ما يكون هناك قادة للرأى العام، وهكذا ال تكون للرسائل االتصالية من خالل وسائل االتصال الجماهيرى، تأثيرات معينة إال بمقدار ما تكون

.)١(ن قبل قادة الرأى مقبولة، ومستعادة ومنقولة موبغض النظر عن طبيعة التأثير مباشرا كان، أم عن طريق قادة الرأى العام، فإن لكل وسيلة خصائصها التأثيرية، والتى تنم عن بنية معينة تتالءم والبنية االجتماعية والسياسية واالقتصادية لمستقبلى الرسالة االتصالية، وذلك ضمن شرط

ة االتصالية الجماهيرية، وهو أساسى للتعرض للوسيل هذه الوسيلة، فكما هو معلوم Avalability ضرورة إتاحة

فإن أعظم تركيز لوسائل االتصال الجماهيرى يكون عادة فى الدول والمجتمعات الصناعية األكثر تقدما وكذلك بين الطبقات والفئات االجتماعية المميزة، ومن ثم فإن الوسائل

دد إلى حد كبير التعرض المحتمل المختارة هذه، قد تحوقوعة للرسالة، لذا فان االفتقال النسبى لسهولة الوصول إلى وسائل االتصال الجماهيرى فى البلدان األقل تقدما وفى

. وما بعدها ٥٤ن، ص .م) ١(

الطبقات االجتماعية غير المميزة، يقف عقبة خطيرة فى اتساع انتشار فاعلية استخدام هذه الوسائل من جانب ومدى

لطبقات والفئات والمجتمعات من جانب آخر مالءمتها لهذه ا، وتتجلى أهمية ذلك فى أن االتصال المطبوع او )٢(

المكتوب فى سبيل المثال، ذو فائدة محدودة جدا فى معظم المجتمعات المتخلفة واألقل تقدما، بينما نجد أن الراديو يتجه إلى أن يكون أكثر األدوات االتصالية انتشارا فى هذه

بينما ظل التلفاز بالرغم من قدراته الكبيرة فى المجتمعات،التأثير، ظل يمثل حالة التأرجح تبعا لشرط اإلتاحة، إذ ما زالت نسبة انتشاره فى الكثير من الدول األفريقية واآلسيوية

. فى سبيل المثال ليس كبيرا إن بنية األدوات االتصالية وتأثيرها فى الرأى العام يبدو

المهمة الخطيرة التى تقوم بها هذه وبصورة واضحة مناألدوات فى هذا اإلطار ونقصد هنا فى ضوء التطور البنائى الحديث للدولة والسلطة، أضحت مهمة وسائل االتصال

وإعادة تشكيلها، إذ ) بناء البيئة السياسية ( الجماهيرى، هى

شاهيناز طلعت، وسائل اإلعالم والتنمية اإلجتماعية، مكتبة . د) ٢(

٢١ـ٢٠، ص١٩٨٠األنجلوا المصرية، القاهرة،

من دون هذه الوسائل، ما عاد أحد خارج الحلقة السياسية، يطلع على األحداث السياسية، فهناك جمع من يستطيع أن

األحداث المتسارعة، والبنيات التى ترتكز عليها غير معروفة إال عن طريق الوسائل التى ترسم لنا واقعا قد مضى، وهذا قد يكون خطيرا بمقدار ما ال يمكن تصحيح تحريف الواقع وتشويهه تبعا ألهداف الخبير الدعائى أو المخطط اإلعالمى،

.ن هذه الوسائل هى وحدها التى تعرفنا بهذا الواقعأل )١(ويتم بناء البيئة السياسية من خالل

فصحيح أن هذه ) : ظاهرة الشخصنة السياسية ( ـ ١الظاهرة لم توجدها وسائل االتصال الجماهيرية، إال أن هذه الوسائل قد ضخمتها إلى حد تحويلها إلى عامل أساسى فى

ذا االتجاه قد سرعته الوسائل السمعية التركيب السياسى،وهالتى كان ) فالمحادثات قرب الموقد (والسمعية البصرية،

تمثل ) ١٩٣٦(يجريها روزفلت فى الواليات المتحدة فى عام ( أنموذجا لمدى تأثيرها فى الرأى العام المدافع والمعارض

حيث دمغت شخصية البيئة األمريكية بطابعها ) لروزفلت

.١٠٧ـ ٤١ذ، ص .س.شرودر، م. ش. هـ ) ١(

ا هو جوهر ظاهرة الشخصنة السياسية فى الخاص، وهذ . أوسع مفاهيمها

فالحياة السياسية التى ) :مسرحة الحياة السياسية(ـ ٢سبقت عصر االتصال الجماهيرى، ظلت بعيدة عن التعريف، والعالقة المباشرة مع الجماهير، ثم جاءت أدوات االتصال

تدور من خالله " مسرحا" الجماهيرى لتجعل من نفسها داث الحياة السياسية، وبالتالى استطاعت هذه األدوات ان أح

تغير من نمط الحياة السياسية ذاته، والوقت الذى يمضيه المسؤولون السياسيون بالحديث والمناقشة، والمقابالت التلفازية، والحوارات الساخنة، تبين إلى أى حد أضحت هذه اة الوسائل، ذات أهمية فائقة فى تعريف الجمهور بالحي

وهذا . السياسية وماذا يدور فيها بشكل يقترب من الحقيقة ما لم تعرفه الحياة السياسية قبل عصر االتصال الجماهيرى

فيما يتعلق ) تابوسياسى(بأى شكل من األشكال، ألن هناك . بالدولة والسلطة وممارستها المختلفة

ـ الدور السياسى لوسائل االتصال الجماهيرى، فى ٣صورة السياسية لحزب من األحزاب، أو لسياسى ما، تغيير ال

أو للنظام السياسى، من جانب آخر، صحيح قد ال يكون

التأثير حاسما ولكنه يظل تأثيرا محسوبا فى كل األحوال، وتسهم زيادة كمية اإلعالم أو الدعاية السياسية المقدمة من خالل هذه الوسائل فى تحسين الصورة أو التأثير فى السلوك السياسى، فى أوقات الحمالت الدعائية او السياسية تجاه

. موقف، أو حدث ما وإذا ما عدنا إلى تأثير بنية الوسيلة االتصالية فى الجمهور أو الجماهير المستهدفة بالرسالة االتصالية سنجد أن التالزم يكاد أن يكون من أكثرها تأثيرا وبشكل خاص فى

ازى لرجل السياسة فى سبيل الدول المتقدمة، فالعرض التلفله، ) الشخصية التلفازية (المثال، البد أن يقود إلى تحديد

له، وهذا ) بالصورة الشخصية ( والتى تندمج بشكل آخر يعنى إعطاء حكم معين نحو هذه الشخصية من خالل

لذا فليس من الغرابة . الجوانب التفصيلية فى الحلقات الثالث التلفازية بين المرشحين األمريكان بشىء أن تصبح المقابالت

لمنصب الرئاسة فى الحمالت االنتخابية ذات تأثير حاسم فى . اختيار المرشح

فى ) دعامة إضافية ( أما الراديو فقد أضحى يمثل التأثير، إذ أن غياب الصورة يؤدى إلى انحسار انتباه

المستمع ضمن مضمون الرسالة الشفهية، وهو هنا قد يكون .أثيرا وإقناعا من التلفاز أقل ت

ولكنه فى الوقت نفسه أكثر من التلفاز قدرة فى معالجة . األحداث بشكل أكثر حيوية وأسرع من الصحافة المكتوبة

إن فلسفة األدوات االتصالية الجماهيرية تكمن بشكل خاص فى قدرتها على تحرير العملية االتصالية من قيود

ها نوعا من البنية الصورية بين الزمان والمكان أوال وفى خلقاإلنسان والعالم الموضوعى الحقيقى ثانيا،وبذلك استطاعت أن

: تقوم بما يأتى الواقع ( بنوع من ) الواقع الموضوعى ( أ ـ إنها تغلف

، وهنا تكمن خطورة استثارة األساطير الدعائية فى )البديل ل نماذج تمث"النازية"و" الشيوعية"إثارة الجمهور، وأساطير

واضحة لذلك، إنها تقود ما هو حسى عقالنى، إلى ما هو غير منظور ال شعورى، وبذلك تغلب التأثيرات العاطفية على الحس العقالنى للجمهور، من خالل ممارسة هذه الوسائل على المدركات الحسية، دور القوى الترويضية

.الفاعلة

رسة ب ـ لقد أصبحت إحدى األدوات السلطوية فى مماوفى ترسيخ أيديولوجية وقيم السلطة ) الضبط االجتماعى (

. الحاكمة المسيطرة على هذه األدوات جـ ـ اتساع حجم المشاركة فى الممارسة السياسية واالجتماعية واالقتصادية، أفلم يصبح العالم قرية صغيرة حسب تعبير ماكلوهان ؟ وهو أوضح تعبير عن اتساع حجم

.المشاركة هذه

:عاشرا ـ قياس الرأى العام

التطور التأريخى لتقنيات قياس الرأى العام •

ماهى قياسات الرأى العام ؟ • طرق قياس الرأى العام •

:عاشرا ـ قياس الرأى العام

م فى المباحث السابقة، إن كانت عملية تعريف الرأى العا

قد واجهتنا بإشكالية حضارية تتصل بخصوصية الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع موضوع الدراسة، وإشكالية تأريخية، تنبع من طبيعة الممارسة السلطوية ذاتها، والبنية السياسية التى كانت تتحكم بهذه الممارسة، وأخيرا اإلشكالية

ية فى التعبير عن المفاهيم فى اللغوية التى ال تقل أهممرجعيتها التأريخية والحضارية، وما تفصح عنه من جوانب العالقة االرتباطية بين اإلشكالية التأريخية من جانب

.واإلشكالية الحضارية من جانب آخرفإن قياس هذا الرأى سواء من حيث الطرائق أو

ليها األساليب، يكاد ال ينفصل عن هذه اإلشكالية، مضاف إمتغير آخر ال يقل خطورة فى عملية التحديد الدقيق، وهو المتغير األيدولوجى وعالقته بالبنية االجتماعية السائدة، والظروف الواقعية للمجتمع، والذى البد أن يلقى بظالله على

التحديد الدقيق للمفاهيم النظرية المختلفة، التى يتركز عليها . مة فى قياس هذا الرأى منهج القياس والتقنيات المستخد

إن المعضلة األولى التى تواجهنا هى معضلة نظرية، ترتبط بتحديد المفاهيم األساسية للرأى العام والعالقة بين الفرد والجماعة، ألنها هى التى تحدد طبيعة هذا القياس ومثلما اظهرنا فى الفصول السابقة، فإن كال من هذه المفاهيم

الحضارية والسياسية للمجتمع يعبر عن خصائص البنيةالقومى من جانب، وعن مفهوم أيديولوجى معين فى الرؤية والتحليل من جانب آخر، ففى سبيل المثال أن النظرة إلى الرأى العام على أنه يمثل متوسط إحصائى لآلراء الفردية ال بد أن يتقاطع من حيث مفهوم الرأى ومفهوم الفردية، لو

طائفة إسالمية معينة، إذ يتداخل هنا أردنا أن نطبقه علىالموروث الدينى أوال مع التجربة السياسية فى الحكم تأريخيا ثانيا ويظلل االثنين معا الموروث الحضارى اإلسالمى بكل أبعاده، حيث الرأى الفردى كما أسلفنا يصطدم بالوحدات االجتماعية والممارسة العقيدية وتضحى فردية الرأى نتاجا

ناهيك عن . الخ … للقيم والعادات والتقاليد واألفكار غربيا

مفهوم الفردية ذاته، الذى يثير إشكاليات متعددة فى الوقت ..!! نفسه

ثم تأتى المعضلة األخرى وهى معضلة المقاييس أو طرق القياس التى يتم على أساسها تصنيف الفئات المختلفة

ما يمكننا أن نطلق التى تتكون منها العينة، وهنا تظهر أبعاد فمشكلة اختيار العينة ( ، "أيديولوجية االختيار " عليه بـ

وتمثيلها ليست مشكلة تقنية بحتة وإنما هى اساسا مشكلة منهجية أيديولوحية تتعلق باختيارات الباحث النظرية

، )١() والسياسية والثقافية وبالمفاهيم والمناهج التى تتبناها االجتماعية الممثلة فى العينة، يفترض كما أن اختيار الفئات

عدة أمور تنبع عن التقسيمات الطبقية والسياسية والدينية بل وحتى العرقية التى تتوزع فى المجتمع القومى، ومن ثم تترك آثارها على عملية االختيار الجزئى لهذه الفئات، واعتبارها تمثل المجتمع الكلى الذى يعبر عن هذا الرأى ويعطيه

ثم يأتى فضال عن كل ذلك متغير آخر، . ائص مميزة خص، ونقصد "أيديولوجية االختيار " يعد أكثر أهمية وخطورة فى

بين فئات العينة الممثلة، والذى " االنسجام" به توفر عنصر

.٢٥ذ، ص .س. انظر مارى أشقر، م) ١(

يعد ضرورة ال بد منها فى منهاجية اعتبار الجزء يمثل الخارجى ليس فى اإلطار " االنسجام " وهذا . المجتمع الكلى

فقط، كما هو الحال فى اإلطار المهنى مثال بالتجمعات النقابية فى سبيل المثال، وإنما هو توحد فى المدركات المختلفة نحو الموقف الذى يعبر عنه الرأى العام باتجاه معين

تعد من أكثر األمور صعوبة، " توحد المدركات" وقضية . ية، واالجتماعية، فى ألن المنطلقات األيديولوجية، واالقتصادالمجتمع االجتماعي " أكثر األحيان تفعل فعلها فى تقسيم

الذى تمثله العينة وفئاتها المختلفة، فافتراض أن عددا من "الصحفيين يمثلون الصحفيين بأكملهم، ليس له أهمية ومعنى، أن كان الموقف الذى يعبر عنه الرأى ال يتصل ببنية مهنية،

ية أيديولوجية، كما هو الحال فى قرارات بقدر ما يعبر عن بن . معينة ذات صفة اشتراكية فى سبيل المثال

إن المعضالت الثالث التى ذكرناها، البد أن تترك أثارها وبوضوح على عملية قياس الرأى العام،بالنسبة الختالف المجتمعات كما هو الحال بين المجتمعات الغربية والمجتمع

راك الذى تعبر عنه فلسفة هذا القياس العربى، بحيث إن اإلدفى أوروبا، ال ينطبق بالضرورة على المجتمع العربى،

وبالتالى فالنتائج البد أن تكون غير موضوعية إن لم نقل إنها . خاطئة تماما

ومن هنا فإنه وفقا لإلشكالية الحضارية والتأريخية التى اهج قياس تناولناها عند تعريف ظاهرة الرأى العام، فإن من

الرأى العام، التى كانت نتاج الحضارة الغربية، ال تستطيع أن تكون منهاجية صالحة لقياس الرأى العام فى الوطن

فى التعامل " مقاييسنا الخاصة " العربى، وحتى أن يكون لنا مع الظاهرة، فإن المقاييس والمنهاجية التى أنتجها العلم

نحتكم إليها، وبالرغم من الغربى، هى الوسائل واألدوات التى يقيننا بعدم مالءمتها، ومن هذا المنطلق سنبحث فى طرق وأساليب وقياسات الرأى العام التى تتلخص فلسفتها بعملية تحويل هذا الرأى إلى وصف إحصائى لبعض أوجه الواقع وتحويله إلى مجرد قياس بحت بجعل التركيز على تقنيات

المعرفة " و" الموضوعية " القياس والتحليل الكمى هاجس . )١(" العلمية الدقيقة

:التطور التأريخى لتقنيات قياس الرأى العام

.٢٧ن، ص .م) ١(

إن هناك حقيقتين مهمتين ال بد من تناولهما قبل التطرق إلى التطور التأريخى لتقنيات القياس، أوالهما أنها ارتبطت بنشوئها بأهداف واتجاهات علم االجتماع فى بيئة وإطار

ى بحت، فهى نتاج األهداف التجارية أو السياسية رأسماللمؤسسات معينة، كانت تهدف من ورائها الترويج لبضائع وسلع معينة، أو تسويق ناخبين فى الحمالت االنتخابية،

أن األهداف التطبيقية لمثل هذه القياسات قد : وثانيتهما فرضت المنهاجية اإلحصائية فى توزيع االتجاهات

ون أن تخوض بأى تحليل فعلى للبنية االجتماعية وتحديدها، دأو السياسية للمجتمع، ودون أن تكلف نفسها عناء البحث فى المتغيرات األساسية الكامنة وراء ظهور أى اتجاه من

. االتجاهات فى المجتمع وهكذا تضافرت الجهود التطبيقية، مع البحث عن أقل

ارية وسياسية الوسائل كلفة فى البحث العلمى ألغراض تجبحتة، فى أن تأخذ قياسات الرأى العام شكلها المعروف، والمنهاجية الشائعة فى التعامل مع ظاهرة الرأى العام

. ومحاولة قياسها وتحديد أبعادها

وتضاف إلى هاتين الحقيقتين حقيقة أخرى تطغى بأبعادها على اإلدراك المعاصر فى التعامل مع قياسات الرأى العام،

أنها قد أضحت تعبر فى الوقت الراهن عن كونها أداة وهىللفعل السياسى، وبالتالى فهى قد باتت تخضع فى منهجيتها للمصالح السياسية، وبالذات تقنين الممارسة السياسية بالنسبة لمن يمارسون السلطة، إذ تحاول هذه القياسات أن تخلق

ويدعم الوهم بأن هناك رأيــا عاما ساحقا يساند السلطة . عالقات القوى السائدة ليس إال

لقد ظهرت أبحاث قياس الرأى العام بشكلها المعاصر من خالل عدة متغيرات قادت إلى ظهور مثل هذا النوع من األساليب العلمية فى القياس، وهى ترتبط بتطور العلم االحصائى، وظهور النظم النيابية والتمثيل النيابى من

فضال عن التطور الصناعى الكبير، الذى الممارسة السياسية، قاد بدوره إلى ظهور الدعاية التجارية من اجل متطلبات

" دولة الرفاهية " النمط االستهالكى الواسع من خالل مفاهيم وبالذات فى الواليات المتحدة األمريكية، ويمكننا أن نحدد

:أهم هذه المتغيرات

: ـ الطريقة التمثيلية ١

مكان أن تصبح عملية قياس الرأى العام، واقعا لم يكن باإلعلى يد علماء " الطريقة التمثيلية " محسوسا قبل ظهور

اإلحصاء، بحيث أصبح باإلمكان االستغناء عن استطالع آراء جميع أفراد المجتمع، بوساطة عينة ممثلة لهم، وذلك من خالل مالحظة عدد محدد من العينات المنتقاة انتقاء مناسبا،

لت محل عمليات التعداد الشاقة جدا وذات الكلفة والمتعذرة ح .فى أغلب األحيان

وفى الحقيقة أن هذه الطريقة قد واجهت القبول منذ آواخر القرن التاسع عشر، ويعود الفضل فى جعلها حقيقة علمية

، الذى )كيار.ن.أ( مقبولة إلى العالم اإلحصائى النرويجى ، )١٩٠٣(حصاء فى عام فرض على المعهد الدولى لإل

التوصية باستخدام هذه الطريقة بعد مناقشات بدأت منذ عام ومن ثم عمت الطريقة العالم بأسره، حيث اصبح ) ١٨٩٥(

باإلمكان اللجوء إلى تحقيقات محددة عن طريق االستطالع لدراسة الظواهر المتعلقة بالسكان، وباالستخدام ن وباإلنتاج

. الخ .. الصناعى أو الزراعى

وهكذا جاءت هذه الطريقة لتزيح واحدة من أهم العقبات فى معرفة اتجاهات الرأى العام وقياسه، ألنها تمزج فى

" و" االنتقاء بالمصادفة : " حقيقة األمر بين طريقتين هما وبذلك تم حل مشكلة تحديد العينة " االنتقاء المدروس

تمثيلية للعينة واختيارها، حيث أصبح باإلمكان توفير الصفة الالكلية، أى أن الصفة التمثيلية وحدها التى تتيح التعميم، ومن

. )١(ثم امتداد النتائج الملحوظة على الجزء إلى الــكل :ـ قياس المواقف ٢

إن الطريقة التمثيلية بالرغم من أهميتها فى علم اإلحصاء، إال أنها فى الحقيقة ظلت بعيدة عن قياس الرأى

عوبة أو استحالة قياس الجوانب االجتماعية، ولكن العام، لصظهور الدراسات النفسية فى القارة الجديدة بعد الحرب الكونية األولى والتى تركز على دراسة السلوك، قد قادت إلى اكتشاف أن أصل السلوك ما هو إال بعض صور التهيؤ

، وهذا التعبير اللفظى "مواقف " للعمل وأطلقت عليها تسمية س إال الرأى العام فى جوهره، وقد ذهبت هذه الدراسات، لي

جان ستوتزل، وآالن جيرار، استطالع الرأى العام، ترجمة عيسى ) ١(

.٤٥ـ٤١، ص ١٩٨٢عصفور، منشورات عويدات، بيروت،

هذه يمكن قياسها " المواقف" إلى تأكيد حقيقة مهمة وهى أن مثلما يتم قياس القابليات، سواء عن طريق المقياس المترى

، أو استخدام طريقة "بينية وسيمون " للذكاء الذى وضعه ئل فنية لتقدير الروائز، وبذلك تم إظهار إمكانية استخدام وسا

، وهكذا استطاع علماء النفس االجتماعيون، أن "المواقف" يبتكروا وسائل فنية لتقدير المواقف تستند إلى أسئلة حول آراء تطرح على مجموعة من األفراد، ومن ثم تحسنت هذه الوسائل تدريجيا،وهى أصل استطالعات الرأى العام كما

. نعرفها اليوم كانوا فى " المواقف " عملوا على قياس إن الباحثين الذين

" الغالب هم رواد موضوع قياسات الرأى العام، ومن أبرزهم ، بأبحاث متقدمة جدا )١٩٢٧(الذى بدأ منذ عام " ثيرستون

الذى أصبح فيما " هارى كانتريل"حول طرق قياس المواقف، وبعد مديرا لدائرة األبحاث حول الرأى العام فى الواليات

" ، فضال عن علماء وباحثين آخرين، كان من أبرزهم المتحدة( الذى ابتكر وسيلة فنية جديدة للتحليل وهى " لويس غوتمان

" الذى ابتكر طريقة ) بول الزار سفيلد (، و)التحيل التسلسلى وبوساطة جهود هؤالء العلماء، تم تجاوز " . البنية الكامنة

العام، إلى البحث إشكالية البحث عن ماهية المواقف أو الرأى فى الحسابات التى تربط بين شتى ظواهر المواقف أو الرأى

. التى نالحظها فى شروط محددةوقد اتسمت هذه الوسائل جميعا باتباعها المذهب التجريبى، الذى قاد إلى ظهور األبحاث الميدانية، ومالحظة ر الوقائع وتسجيلها، وبالتأكيد فإن قياس الرأى العام، يعد أكث

الوسائل تجريبية وميدانية، لذا فقد أدى ذلك إلى ازدهار حقيقى لتجارب قياس الرأى العام ميدانيا ومن ثم تجاوز

)١(المشكالت التى واجهت هذه البحوث فى بداية ظهورها :ـ التسويق التجارى ٣

اتسم المتغيران السابقان، بأنهما يمثالن مشكالت إن لحقل، فإن هذا المتغير يعد علمية قد تم تجاوزها فى هذا ا

األكثر أهمية فى ظهور األبحاث الخاصة بقياسات الرأى العام، وقد يبدو فى األمر مفارقة كبيرة، فإن اإلنتاج الواسع والبحث عن مستهلكين جدد، قد نبهت المشاريع الصناعية والتجارية إلى أنه من الفضل البحث عما يرغب فيه الزبائن

.٤٧ـ٤٤ن، ص .م) ١(

دال من أن تفرض عليهم المنتجات التى ويستطيعون شراءه، بكانت قد قررت تقديمها لهم، وبذلك بدا علم جديد بالتبلور والظهور فيما يخص سايكولوجيا الدعاية واإلعالن التجارى، من حيث عالقتها بدراسات التسويق التجارى، ومن ثم أضحت هذه الدراسات استطالعات حقيقية للرأى العام، من

عادات واألشياء المفضلة واآلراء فى حيث دراستها للموضوع االستهالك، وكانت أدواتها البحثية تتوزع على األسئلة والمقابالت وأخذ عينات الموضوعات المطروحة للسؤال، وكان التشابه بين الجانبين كبيرا جدا، ووصل إلى حد أصبح فيه الفارق الوحيد بينهما هو أن دراسات التسويق

تطالعات الرأى العام، كانت نتائجها تبقى التجارى بعكس اس . سرية وتتوخى نتيجة تجارية الطالع الجمهور

إن أهم أوجه الصلة والتشابه بين دراسات التسويق التجارى ودراسات الرأى العام، تتجلى بكونها ال تستفيد من نجاحاتها المتبادلة حسب، وإنما طبيعة البحث ذاتها متقاربة

، وان اختلف موضوع البحث، فإن جدا من وجوه كثيرةمعرفة سبب تفضيل فرد ما أو مجموعة أفراد أحد المنتجات على اآلخر، تطرح فى الواقع مجموعة من األسئلة مماثلة

لتلك التى تطرح باالختيار السياسى فى عملية التصويت فى االنتخابات فى سبيل المثال، ثم هناك جانب آخر ال يقل أهمية

يقة بين العمل اإلعالنى والدعاية، فكليهما وهو الصلة الوثيسعى إلى اإلقناع، وإلى االستمالة والتأثير فى اآلراء وتعديل التصرفات فى اتجاه محدد، كما أن أساليب تحقيق ذلك ال تكاد تختلف فى كلتا العمليتين، وهذا ما ترك آثاره على دراسات التسويق التجارى واستطالعات الرأى العام، بحيث

ن المؤسسات التى تقوم باالستطالعات تقوم بالوقت نفسه إ )١(. بدراسات التسويق فى الوقت الحاضر

وإذا ما أردنا أن نحدد بوضوح تأثير عملية التسويق بالممارسة ) أبحاثا نظرية ودراسات ميدانية ( التجارى

السياسية، فإنه يكفى أن نشير إلى حقيقة مهمة وهى انتقال التجارى إلى نوع جديد من أنواع التسويق تقاليد التسويق

الذى يتعامل مع األحداث السياسية " التسويق السياسى " وهو واالجتماعية بدال من التعامل مع السلع والبضائع ألنها أشياء يمكننا استخدامها بذكاء فى تحقيق االهداف السياسية

يهدف إلى تسميق (المطلوبة، مهما كانت هذه الجهة، فهو

. ن .م) ١(

Opumisation الرموز السياسية، وزيادة المساعدات المالية واالنتسابات إلى حزب معين، أو برنامج أو مرشح سياسى، وذلك باستخدام كل الوسائل الضرورية للوصول إلى هدف

.)١()محدد، بصورة مسبقة توظيفا لتطلعات الرأى العام ، وهكذا بدال من خلق االستعداد لشراء السلع االستهالكية

خلق أو تنشيط " التسويق السياسى" فإنه يتم من خالل االستعداد المسبق للموافقة على العقيدة السياسية او البرنامج الحزبى حيث يؤثر فى الفرد فى اختباراتها السياسية بشكل

بهذا " فالتسويق السياسى . " مقصود ومحدد بصورة مسبقة جارى، فهو المعنى ال يختلف فى مفاهيمة عن التسويق الت

فى السوق، وفقا " منتوج سياسى " ليس أكثر من بيع " الستراتيجية يلعب فيها االتصال دورا مهما، فهو

، ومن ثم فإن تقنيات التسويق، تكاد تكون "استراتيجية بيع ذاتها من حيث التأثير فى أكبر عدد ممكن من األفراد فى أقل

العالم وقت ممكن، وقد أظهرت التجارب االنتخابية فى

شرودر وآخرون، التسويق السياسى، ترجمة على مقلد، . ش. هـ ) ١(

.١٩ـ١٦، ص١٩٨٣منشورات عويدات، بيروت،

الرأسمإلى، أن التسويق السياسى أداة فاعلة فى خدمة اللعبة . السياسية

وهكذا فإن ممارسة سياسية كهذه، استدعت وضع الدراسات الخاصة بفهم العوامل المؤثرة نسبيا فى المشاركين بالممارسة السياسية والنظام السياسى، وذلك من خالل السعى

من عوامل اللعبة السياسية، إلى تحديد درجة تأثير كل عاملومقارنة درجات التأثير النسبى لهذه العوامل من خالل

)٢(اإلجابة عن خمسة أسئلة مهمة وهى . ـ درجة التغيير فى وضع العامل المتأثر ١ ـ زخم التأثير ٢

مقاسا بالكلفة التى يتوجب على ) أ ( .تحملها إن هو استجاب ) ب(

. الموافقة ) تواتر ( ة أو ـ أهمية الفوارق االحتمالي٣ . ـ الفوارق فى اإلجابات المقدمة ٤ .ـ عدد األشخاص المستجيبين ٥

.٢٤ن،ص .م) ٢(

وتأتى أسلوبية االستفتاءات أو استطالعات الرأى العام لتقدم أكثر الوسائل أهمية فى هذا االتجاه، وبذلك قاد التسويق التجارى ثم التسويق السياسى إلى تطوير واستحداث أساليب

دوات جديدة فى قياسات اتجاهات الرأى العام، والتى وأأضحت أحد العوامل المهمة فى صنع القرار السياسى أو

. وصول رجال السياسة إلى السلطة ومن خالل ما ذكرنا، يبدو واضحا أن المتغيرات الثالثة قد أدت إلى نشوء حركة فكرية مهمة منذ أوائل هذا القرن،

سواء من ناحية علماء النفس اهتمت ببحوث الرأى العامواإلحصاء، أومن علماء القانون والسياسة واإلعالم، وبدأت االجتهادات الفكرية والعلمية لوضع أسس علمية وفنية لهذه البحوث والدراسات فى محاولة للوصول إلى أدق الطرق المؤدية لقياس الرأى العام بصورة إيجابية، تؤدى إلى محاولة

يق الصحيح المؤدى لمعرفة اتجاهات الوقوف على الطرالجماهير وآرائهم، حول القضايا العامة كافة سواء من

الخ وقد … الناحية السياسية أو االقتصادية أو االجتماعية انتقل االهتمام بهذه البحوث إلى علماء اإلعالم والسياسة بشكل خاص فى العقدين االخيرين، بعد أن أصبحت وسائل

ى تمارس أكثر األدوار خطورة فى التأثير االتصال الجماهيربالبنية السياسية للمجتمع، ولم يقتصد هذا التأثير على دول الغرب، وإنما امتدت تأثيراته حتى إلى االتحاد السوفييتى ودول أوربا الشرقية، فقد أنشأ الروس،ومنذ مرحلة مبكرة

فى موسكو، " Gallupsky Institute جالوبسكى " معهد فى الواليات المتحدة " لمعهد غالوب " عد شبيها والذى ي

. )١(األمريكية لقد خرجت عملية قياس الرأى العام من اإلطار القومى،

كثر من مؤسسة دولية لقياس أإلى حدود العالمية حيث أنشئت : هى )٢(الرأى العام، واشهر هذه المؤسسات

. ـ المنظمة العالمية ألبحاث الرأى العام ١The World Association for public opinion Research .

. ـ منظمة األبحاث العالمية ٢International Research Association .

(1) The New Encyclopaedia britanica , op, cit, p. 353 . (2) The New Encyclopaedia Americana , op. cit . p. 756 .

كما تم إنشاء عدة بنوك للمعلومات الخاصة بقياسات الرأى العام، ويعد بنك

Roper`s Public Opinion Research Center, Wiliams College , USA

The council of social science date archives:وبنك الذى تسهم فيه جميع الجامعات األمريكية، ويقوم بإصدار

Public:مجلة فصلية خاصة بأبحاث الرأى العام هى مجلة

Opinion Quarterly كما تصدر فى هولندا مجلة أخرى " . Polls"باالتجاه نفسه وهى مجلة

ارب قليلة بهذا أما فى الوطن العربى فإن هناك تجالخصوص جرت فى مصر والعراق وفضال عن المحاولة الرائدة التى قام بها مركز دراسات الوحدة العربية، بخصوص االتجاهات نحو الوحدة العربية فى الوطن العربى

ولكنها بمجملها لم تصل إلى مستوى متقدم، فهى ما زالت . تاءات فى سبيل أسيرة النماذج والخبرة الغربية، فطريقة االستف

المثال، ما زالت ال تلقى الرواج والقبول وذلك ألسباب متعددة، تخرج عن نطاق هذا البحث، ناهيك عن أنه ال يخرج عن إطار المؤسسات الحكومية وألهداف خاصة بهذه

. المؤسسات فقط

ـ ما هى قياسات الرأى العام ؟ يقصد عموما بقياس الرأى العام أو استطالعه أو

تائه، الوقوف على اتجاهات الرأى العام تجاه قضية استفعامة، أو عدة قضايا يدور حولها الجدل أو النقاش، وتمس

أحمد زكى ( المصالح العامة للمواطنين، كما يرى الدكتور )١() بدوى

وتمثل قياسات الرأى العام نقطة االلتقاء لعلوم متعددة هى د واألنثروبولوجيا علم السياسة والنفس واالجتماع واالقتصا

فضال عن اإلحصاء والرياضيات بصفة عامة، األمر الذى دفع بكل علم من هذه العلوم بخبراته المنهاجية إلى اإلسهام فى تدعيم قياسات وبحوث الرأى العام وبالتالى إلى تدعيم أساليبها المنهجية، بحيث أصبحت المحصلة النهائية ألساليب

تجمع بين القياسات الكمية البحث فى مجال الرأى العامالمبنية على األسلوب االحصائى والمعالجات الرياضية البحتة من جهة، وبين األساليب الكيفية متمثلة فى المالحظة

من جهة ثانية، وأصبحت Mass observation ية رالجماهي

أحمد زكى بدوى، معجم مصطلحات اإلعالم، دار الكتاب . د) ١( .١٣٣، ص ١٩٨٥المصرى، القاهرة،

البحوث المتكاملة للرأى العام بذلك، ال تقتصر على أسلوب لمزج بين أكثر من أسلوب طالما أن دون اآلخر بل تحاول ا

هذا يؤدى إلى امتزاج الدقة بالعمق، بالشمول فى قياسات . الرأى العام وبحوثه

إن أهم اإلشكاليات التى تواجه هذا النوع من الدراسات العلمية، هى مدى تمثيل الرأى العام لرأى األفراد المكونين

نه قد ال يكون له، حيث الحظ العديد من علماء الرأى العام، أنفسه رأى األفراد المكونين له، وإنما قد يكون عبارة عن قوة حيوية مؤثرة تتلبس كل فرد من أفراد الجماعة دون أن

والبعض اآلخر من الباحثين يرى، أن الرأى . يشعروا بها العام يتحول إلى عقل المجموعة المفكرة مع إرادة خاصة به،

ال يمكن أن يتصرف بها مما يجعل الجماعة تتصرف بطريقةأى فرد من الجماعة إن كان بمفرده، وتعرض للظروف نفسها، وقد تباينت اآلراء حول سبب ذلك، ومن التفسيرات المهمة حول ذلك أن آراء األفراد تتصل مع بعضها البعض

وهذا يعنى أن الرأى العام " المنظمة " لتتحول إلى نوع من ت الفردية، يصبح قرارا بدال من كونه مجموعة من القرارا

صادرا من منظمة واحدة، مكونة من االتصاالت الفكرية

لألفراد، ولهذا وحسب هذا التفسير، فإن دراسة آراء األفراد بصورة متفرقة هى دراسة غير مجدية ـ لعدم أهمية هذه اآلراء ـ ويجب دراسة الرأى العام لمجموعة من األفراد فى

المجموعات وأساليب تكونها ظروف معينة، لذا يجب دراسةوكيفية استمرارها، وانحاللها ودراسة قادة أو قائد هذه المجموعة،وتأثيره على األفراد وطبيعة العالقة بين الطرفين،

وبالرغم من التطور . الخ.. ثم أساليب التأثير المستخدمة الكبير الذى أصاب دراسات وبحوث الرأى العام،

ـات غير متكاملة، وبشكل فإنهــــا ما زالت دراســخاص فإن الدراسات المكونة للبنية الداخليــــة

.)١(للمجموعات المكونة للرأى العام ما تزال فى بدايتها : طرق قياس الرأى العام

عندما تتحدث عن طرق قياس الرأى العام، البد من نظرية " التأكيد على أكثر الحقائق أهمية وهى أنه ليس هناك

وإنما هناك مجموعة كثيرة التنوع من المسائل " للبحث النظرية واإلبستمولوجية والمنهجية، لذا فإن تقنيات البحث

، ٣محمد بهجت كشك، العالقات العامة والخدمة االجتماعية، ص) ١(

١٠٣ـ١٠٢، ص ١٩٨٥كتب الجامعى الحديث، اإلسكندرية الم

المختلفة،ممثلة بطرق قياس الرأى العام، ال تنفرد عن هذا . اإلطار وإنما تمثل هذا التنوع وتخضع له

فما يبدو للنظرة األولى تقنى بحت، يظهر فى النهاية لوجى، فالرأى العام ذو معنى سياسى كإختيار أيديو

وسوسيولوجى، وال يمكن النظر إليه أو التعامل معه ببساطة كتجميع لألجوبة الفردية، ألنه نتيجة لظاهرة دينامية معقدة، وحيث ال يملك كل األفراد الوزن االجتماعى نفسه، وحيث للقادة وألدوات االتصال الجماهيرى دور أساسى، وقياسات

صورة عن "ام، تهمل ذلك كله، وال تعطينا سوى الرأى الع وهذه الصورة صحيح أنها )١(" الرأى العام فى لحظة معينة

تمثل لحظة معينة، ولكن ليس أمامنا غير ذلك لتحديد اكثر األمور أهمية وحساسية فى حياتنا، وقد اختلف الباحثون فى تحديد هذه الطرق فمنهم من يرى أنها ست طرق، وآخرون

ونها إلى ثالث طرق فقط، األولى هى طرق يوصلاالستبيان، والمالحظة، وتحليل المضمون، والمقابلة، والمناقشة الجماعية ثم الطرق اإلسقاطية، والثانية والتى

االستفتاء، والمسح، : ( يجمع عليها الباحثون هى طريقة

وما بعدها ١٠٢ذ، ص .س.شرودر وآخرون، م. ش. هـ ) ١(

ونحن نميل إلى الرأى بوجود ثالث طرق ) وتحليل المضمون : العام هى لقياس الرأى

Questionnaire Methodأوال ـ طريقة االستفتاء ستفتاء بأنه عبارة عن مجموعة من يعرف اال

االختبارات والطرائق، القصد منها الوقوف على اتجاهات الرأى العام، حيال العديد من المشاكل العامة، التى تنفعل بها

السياسية : جماهير الرأى العام فى المجاالت كافة وتتلخص هذه الطريقة . االجتماعية واالقتصادية وغيرها و

فى اختيار عينة من جمهور الرأى العام يتم اختيارها بدقة بالغة، ويوجه إليها العديد من األسئلة التى تحوى موجزا كامال عن المشكلة العامة المراد قياس اتجاهات الرأى العام

فا بكل دقة، حيالها وتوضع هذه األسئلة طبقا لخطة معدة سلويتم استخالص النتائج من إجابات األفراد عن هذه األسئلة، التى ترسل إلى المبحوثين، إما بطريق البريد، أو تنشر على صفحات الصحف أو المجالت أو من على شاشة التلفاز، أو عن طريق اإلذاعة ليجيب عنها المبحوثين ويقوموا بإرسالها

و تسلم باليد للمبحوثين ثم إلى الهيئة المشرفة على البحث أليقوموا بملئها بأنفسهم ثم يتولى الباحث أو أحد مندوبيه

جمعها منهم بعد أن يدونوا إجاباتهم عليها، ويطلق على االستفتاء الذى يرسله الباحث بالبريد أو بنشره فى الصحف

تمييزا له عن االستفتاء " االستفتاء البريدى" والمجالت اسم ذى يتولى الباحث أو أحد مندوبيه توزيعه غير البريدى ال

غير " و" االستفتاء البريدى "ويتفق . وجمعه من المبحوثين فى أن المبحوث هو الذى يتولى بنفسه اإلجابة عن " البريدى

)١(األسئلة وملئها بنفسه دون مساعدة من جانب الباحث إن تأريخ هذا النوع من القياسات يعود إلى منتصف

يات فى هذا القرن، حيث ظهر فى الواليات المتحدة الثالثيناألمريكية أول األمر، كمحاولة للتنبؤ بنتائج االنتخابات الرئاسية، ولم تلبث حتى شاعت وانتشرت فى أوربا وفى أرجاء متعددة من العالم، حيث أصبحت هناك هيئات

محمد فريد محمود عزت، قاموس . انظر حول طريقة االستفتاء، د) ١(

، ٢٢٦، ص١٩٨٤المصطلحات اإلعالمية، دار الشروق، جدة، ظم السياسية سعيد سراج، الرأى العام، مقوماته وأثره فى الن.ود

. ٥٩ـ٥٨، ص١٩٧٨المعاصرة، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، السيد محمد خيرى وآخرون، تغيير الرأى العام وعالقته .وأيضا د

باالتجاه نحو الجريمة، دار النشر بالمركز العربى للدراسات األمنية .ومابعدها ٢٩، ص ١٩٨٧والتدريب، الرياض،

ومنظمات متخصصة تطبق هذه الطريقة لقياس الرأى العام، حدث أو مشكلة من المشاكل الوطنية أو الدولية، بالنسبة ألى

سواء كانت الستطالع الرأى العام حول االنتخابات العامة، أو حول الموضوعات االقتصادية كسياسة إلغاء الدعم عن بعض السلع الغذائية أو إبقائه فى سبيل المثال، أو حول موضوعات اجتماعية، وذات مساس باألسرة، إن أهم المزايا

ى تتسم بها هذه الطريقة هى تقديم مجموعه واسعة من التالمعلومات مقارنة ببطء أدوات البحث األخرى،وسهولة استخدامها لعد كبير من المجيبين، وإعطاء الفرصة لهؤالء المستجوبين للتفكير أثناء إجابتهم عن األسئلة ثم االقتصاد فى الجهد والمال والوقت ناهيك عن سهولة تحليل النتائج

ومعالجتها اإلحصائية، ولكن هذا ال يمنع من اإلشارة إلى عدة :)٢(عيوب أو مآخذ على هذه الطريقة ومنها

ـ أنها تقيس الرأى الشخصى دون الرأى العام، ألنها ١ تعتمد على سؤال األفراد كل على حده، وليس من شك فى أن

يم عن مناهج البحث العلمى، مؤسسة انظر طلعت همام، سين وج) ٢(

ومحمد بهجت . وما بعدها ١١٤، ص١٩٨٤الرسالة، دار عمان، .١١٧ذ، ص .س.كشك، م

األفراد لو سئلوا عن آرائهم كل على حدة، فإن هذه اآلراء ختلف كثيرا عنها إذا ما سئلوا عن آرائهم وسط الجماعة ت

. التى ينتمون إليها ـ أنها ال تصلح إال للمتعلمين، ألن االستفتاء يفترض ٢

. باألشخاص معرفة القراءة والكتابةـ إن هذا النوع من القياسات، قد يكون ناجحا فى ٣

الث، الدول المتقدمة ولكن فى الدول المتخلفة ودول العالم الثفإن المخاوف الكثيرة التى تنتاب المستجوبين وألسباب سياسية واجتماعية شتى، تدفع بهم إلى عدم اإلجابة بشكل

. صحيح، أو التهرب من اإلجابة وإغفال أسئلة دون أخرى ـ عدم ضمان إعادة االستفتاء من قبل من اختيروا من ٤

شكل تمثيال األفراد وبذلك يكون العائد منه قليال، مما قد ال ي . صحيحا للمجتمع

؟ . ولكن ماهى أنواع االستفتاء وما هى أساليب إجرائه )١(وفى الحقيقة فإن هناك نوعين من االستفتاء هما

إبراهيم الداقوقى، مبادئ العالقات العامة فى . مختار التهامى، د. د) ١(

البلدان النامية، وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، بغداد، ص

أوال ـ االستفتاء اللفظى وهو من حيث الصياغة ينقسم : إلى

ويتكون من : أ ـ االستفتاء المقيد أو المحدد اإلجابة سلبا أو إيجابا، أو على اختيارات عدة أسئلة تتطلب اإلجابة

أخرى، كمؤيد أو معارض أو ال رأى له، ويتطلب وضع .عالمة معينة أمام اإلجابة الصحيحة

وهو عبارة عن سؤال أو عدة : ب ـ االستفتاء المفتوحأسئلة، يطلب فيها من المستجيب أن يجيب عنها بحرية، ومن

هات، واآلراء دون تقيد، فهو حر فى إجابته وانتقائه لالتجا .واألفكار

االستفتاء الذى يجمع بين النوعين السابقين، حيث -جـ تكون بعض فقراته محددة اإلجابة، و األخرى حرة، وهذا

األمر مرهون دائما بطبيعة البحث، ومتطلباته وأهدافه

رسول، سيكولوجية الرأى العام وطرق ، وخليل إبراهيم٥٤ـ٤٧

. ٧٩ـ٧٤، ص١٩٨١قياسه، بغداد،

:ثانيا ـ االستفتاء المصورويعتمد فى هذا النوع من االستفتاءات على الباحث بالدرجة األولى، فى تدوين االستجابات الشفوية تحريرا، حيث يعرض على المستجوبين رسوما وصورا معينة، ويترك لهم حرية االختيار، بعد أن يوضح أهداف االستفتاء

ويتلقى اإلجابة شفويا وأهميته وكيفية اإلجابة عنه، شفوياأيضا، حيث يقوم بعد ذلك بتدوينها، وتستخدم هذه الطريقة بشكل خاص فى المجتمعات التى تشيع فيها األمية، حيث تتعذر اإلجابة لعدم القدرة على التعامل مع الحرف المكتوب، كما أن للرسوم والصور هذه، قدرة فى تبيان األمور أكثر من

نتباه واالستمالة الشخصية للمستجوب، الكلمات، وفى جذب االولكن تظل إشكالية قدرة الرسم فى التعبير وطريقة الباحث فى التوضيح من أكثر األمور أهمية فى مدى نجاح هذا النوع

.من االستفتاءات :إعداد االستفتاء

تمر عملية إعداد االستفتاء وبالذات فى عمليات قياس :)١(همة هىالرأى العام بست مراحل أساسية وم

. ـ إعداد الخطة العامة١

ـ ٥٤ذ، ص . س. سعيد سراج، م . انظر فى سبيل المثال، د) ١(

٥٨.

. ـ تصميم استمارة االستفتاء٢ . ـ اختيار العينة٣ . ـ تبويب البيانات٤ . ـ تحليل البيانات واإلجابات٥ . ـ إعداد تقرير كامل بالنتائج٦

وإذا ما استعرضنا هذه المراحل، فإن عملية اختيار العينة للبحث برمته، وال تكاد تكون أكثرها صعوبة وأهمية بالنسبة

يعنى هذا عدم أهمية أو خطورة المراحل األخرى فى نجاح االستفتاء، فلكل منها موقعه بالنسبة لتسلسل مراحل اإلعداد، وسنحاول أن نستعرض هذه المراحل مع التركيز على

.أكثرها أهمية كما ذكرنا General(المرحلة األولى وهى إعداد الخطة العامة

Plan(ا أوال وضع تصور عام عن المشكلة أو ، يتم فيهالحدث المراد قياس الرأى العام إزاءه ثم تتم دراسة الحدث أو الموقف أو المشكلة بعناية فائقة وتوضع االفتراضات

ثانيا، أو بعبارة . المحددة والتى تحتاج إلى أجوبة معينةأخرى تحديد المعلومات التى يسعى الباحث للحصول عليها

أما المرحلة الثانية فتتعلق بتقنية . ذا االستفتاءمن خالل ه) Designing Ouestionnare(تصميم وإعداد االستمارة

ويتوجب فيها على الباحث استخدام الدقة فى اختيار األسئلة، وصياغتها، ومراعاة الظروف النفسية والموضوعية

للمستجوبين، وهنا تبرز أهمية التأكد من داللة األلفاظ، وعدم تخدام الكلمات ذات الدالالت الهامشية، أو الكلمات المحملة اس

التى ترتبط بمرجعية ذات أبعاد متباينة لدى المستجوبين، ثم يأتى اختيار العينة . وهو ما تقع بأخطائه أغلب القياسات

)Desigining Samble ( والذى يعد كما أسلفنا من آخرتائج القياس المراحل وأكثرها أهمية، أو تتوقف عليها ليس ن

فقط وإنما القياس برمته، وتبرز هنا أكثر المشاكل صعوبة وهى تمثيل العينة للمجتمع، ما دام المجتمع األصلى ليس باإلمكان أخذه بأكمله، وفى هذا االتجاه تكاد آراء الباحثين والمتخصصين فى قياسات الرأى العام تتفق على ضرورة أن

ا على عينة منتقاة من تتم قياسات الرأى العام، بإجرائهالمجتمع الذى يجرى عليه القياس، بحيث تمثل هذا المجتمع أصدق تمثيل، فبدال من إجراء البحث على المجتمع كله، األمر الذى يتطلب الكثير من الجهد والوقت والنفقات، ويكتفى عادة بالنسبة للمجتمعات الكبيرة العدد، باختيار عينة بنسبة

لبحوث والدراسات قد أظهرت أن صغيرة، خاصة وأن ازيادة حجم العينة ال يعنى دائما زيادة دقة النتائج بدرجة تبرر

.الزيادة الباهظة فى الوقت والنفقاتويتم عادة اختيار العينة بمراعاة التعدد العام لجمهور الرأى العام وطبيعة هذا الجمهور، من حيث السن والثقافة

ي وغير ذلك من االعتبارات والوضع االقتصادى واالجتماع

حتى تكون العينة ممثلة لكافة فئات جمهور الرأى العام المراد .تطبيق االستفتاء عليه

إن موضوع اختيار العينات قد أضحى يمثل أهمية كبرى :)١(فى عملية قياس الرأى العام وذلك لألسباب األتية

ـ لقد أصبحت عملية صنع القرار السياسى أو ١أو االجتماعى، مرتبطة إلى حد معين االقتصادى

باستطالعات الرأى العام ومدى معارضتها أو قبلوها أو حياديتها تجاه المواقف المرتبطة بهذه القرارات، لذا فإن هذه العينات ينبغى أن تكون ممثلة للجمهور الذى تقوم بدراسة الرأى العام به فعال، حتى يكون هذا الرأى الذى ينتهى

ه من دراسة هذه العينة يمثل الرأى العام فى الباحث إلي .الجمهور كله

ـ بيما أن الرأى العام ال يتصف بالثبات، وإنما يؤثر ٢الوقت واألحداث فيه تأثيرا كبيرا، لذا فإنه عند إجراء قياسات الرأى العام، أصبحت عملية الحصر الشامل، ال محل لها،

لعملية البديلة التى بعد أن أضحت عملية اختيار العينات هى ا .ال غنى عنها

، وخليل إبراهيم ١٠٥ ـ ١٠٤ذ ص . س. محمد بهجت كشك، م ) ١(

إبراهيم . مختار التهامى، ود. ، ود٧٨ذ ص. س. رسول، م .٤٧ذ، ص . س. الداقوقى، م

ـ نظرا ألن قياس الرأى العام يتسم باالستمرارية، لذا ٣فيجب مراعاة عنصر التكاليف، حيث لذلك أهميته الفائقة فى قياسات الرأى العام وبالذات تلك التى تتم على المستوى

.الوطنى أو القومى :)٢(إن هناك نوعين من العينات هى

:نات االحتماليةأوال ـ العيوتتسم هذه العينات بإتاحتها للفرص المتكافئة لكل من فئات المجتمع الكلى للتمثل فى العينة، وبالتالى فإن التمثيل الصحيح هذا ال بد أن يقدم لنا البيانات والمعلومات التى نستطيع من خاللها تعميم نتائجها على المجتمع الكلى الذى

:ن أهم أنواع العينات االجتماعية نقيس الرأى العام فيه، وم : العينة العشوائية البسيطة–أ

تهامى، الرأى العام والحرب النفسية، مختار ال. انظر حول ذلك د) ٢(

. ود. ٧١ـ ٦٢، ص ١٩٧٤، دار المعارف، القاهرة، ٣، ط١جعلى إدريس، مدخل إلى مناهج البحث العلمى، الدار العربية

٨٥ذ ، ص . س. وما بعدها، وطلعت همام، م ١٩٧للكتاب، ص ، ومحمد ٦٥ـ ٥٤ذ، ص . س. سعيد سراج، م . وما بعدها، ود

مختار التهامى، . ، ود١١٠ ـ ١٠٩ذ، ص . س. بهجت كشك، م ، وخليل إبراهيم رسول، ٤٩ذ، ص . س.. إبراهيم الداقوقى، م. ود .١٠٠ ـ ٧٦ذ، ص . س. م

وهى العينة التى يتم اختيارها بطريقة تتيح لكل فرد من أفراد المجتمع موضوع الدراسة احتماال متساويا للظهور فى العينة ويمكن حسابه، ولما كانت هذه النوعية من العينات ال

د للحصول على الفرص تقتصر على إتاحة الفرصة لألفراالمتساوية للظهور فى العينة فقط، فإن لكل مجموعة من المجموعات الفرصة نفسها فى الحصول على الفرص المتساوية للظهور، ومن أهم الشروط الواجب توفرها فى هذه العينة، هى وجوب اشتراك وحدات المجتمع المأخوذة منها

الختيار مثل العينة فى الصفات والظهور، وهناك طريقتانهذا النوع من العينات هما طريقة االقتراع المباشر أوال ثم

.طريقة الجداول العشوائية ثانيا :ب ـ العينة العشوائية المتعددة المراحل

وهى نوعية العينة العشوائية البسيطة نفسها، ولكن بدال من االقتصار على عدد محدد من األفراد فهى تشمل عددا

سعة، ويميل بعض خبراء الرأى العام ومجموعات واواإلحصاء إلى دمج هذا النوع من العينة، بالعينة العشوائية البسيطة واعتبارهما نوعا واحدا، وهو ما نميل إليه فى

.تصنيف هذه العينات :جـ ـ العينة الطبقية

وفيها يتم اختيار العينة داخل كل طبقة من طبقات ذلك يتم ضمان تمثيل العينة المجتمع بطريقة عشوائية، وب

لكافة طبقات المجتمع المتباينة، لذا فإن هذه الطريقة من أكثر الطرق استخداما فى أحيان كثيرة، نظرا لعدم تجانس األفراد فى المجتمع، باعتبارهم يتدرجون فى طبقات متباينة، ويختلفون فى مستوياتهم الثقافة واالجتماعية واالقتصادية،

ملية اختيار العينة، تقسيم المجتمع إلى طبقات ويتوجب فى عمحددة، تتصف بالتناسق والتقارب والتشابه فى الصفات والخصائص ذات الصلة بموضوع البحث، ويتم اختيار العينة

:الطبقية من خاللوهو أخذ عدد متساو من جميع : ـ التوزيع المتساوى١

عن طبقات العينة، حتى لو اختلف عدد أفراد كل طبقة .األخرىوهو أخذ عدد متناسب مع حجم : ـ التوزيع المتناسب٢

.الطبقة فى المجتمعوفيه يكون حجم الطبقة، والتباين، : ـ التوزيع األمثل٣

.هو أساس االختيار هنا :د ـ العينة المنتظمة

وهى من أوسع العينات استخداما فى قياسات الرأى العام، ، فضال عن قلة األخطاء التى لقلة تكاليفها وسهولتها النسبية

ترتكب فى اختيار مفردات العينة إذ أن االختيار هنا يتم على مسافة متساوية مما يساعد فى الوصول إلى أدق النتائج، ويمكن تطبيق هذه الطريقة باختيار عينة منتظمة فى الزمان،

فرد وأن ) ٥٠٠(فإذا افترضنا أن مجتمع البحث يتكون من سمائهم وأرقامهم المسلسلة وكان المطلوب لدينا قائمة بأ

فرد فى ) ٢٠(فردا أى واحد من كل ) ٢٥(اختيار عينة من المجتمع، فإن البحث يختار عشوائيا رقما من األرقام

) ٢٠(ثم يضيف إليه ) ٧(العشرين األولى، ولنفرض أنه رقم ) ٤٧(ويختار الرقم ) ٢٠(ثم يضيف) ٢٧(ويختار الرقم

.وهكذا :ينة الثابتة و ـ الع

تقوم عملية اختيار العينات الثابتة أو الدائمة على أساس أنه بدال من اختيار عينة لكل عملية قياس للرأى العام لذا فإنه باإلمكان استخدام العينة نفسها لعدة قياسات ويعرف هذا

ويتم اختيار العينة ) The ponel Technique(األسلوب باسم ى للوحدات، ثم تجمع البيانات فى هذه هنا باالختيار العشوائ

العينة على فترات منتظمة سواء بالبريد أو المقابلة الشخصية ألفراد العينة، وبالتالى يتحقق ما ذكرناه من فائدة هذا النوع من العينات فى دراسة الثبات أو التغير سواء فى السلوك أو

رة، االتجاهات، أو فى دراسة األثر الناتج عن مؤثرات متغيولكن مما يؤخذ على هذا النوع من العينات، أن تعرض أفراد العينة الدائمة لقياسات الرأى العام قد يؤثر فى نتائج هذه القياسات، بحيث ال تصبح آراؤهم تمثل فعال الرأى العام، تمثيال صحيحا وبمرور الوقت، وقد يؤدى إلى تمسك الفرد،

ى إلى ميل أقل من بما سبق أن أدلى به من آراء بما يؤدتغيير الرأى العام عما هو حادث فعال فى الواقع، وتخلصا من ذلك يلجأ إلى إعادة النظر فى العينة الدائمة من وقت

.آلخر واستبدالها بعينة أخرى دائمة :العينات غير االحتمالية: ثانيا

وهى تلك العينات التى ال يتم اختيارها حسب نظرية الحال مع العينات االحتمالية، أى أن أخذ االحتماالت كما هو

الوحدات المكونة للعينة بطريقة تحكمية، ال تقوم على :األساس العشوائى، وأهم أنواع هذه العينات هى

: أ ـ العينة الحصصيةتؤخذ العينة من هذا النوع، بعد تقسيم المجتمع إلى م طبقات، نسبة إلى بعض المعايير ذات العالقة فى البحث، ث

يؤخذ بطريقة شخصية، من كل طبقة عدد من الوحدات، بما ينساب حجم الطبقة فتكون عينة تجمع جميع الطبقات، وبعبارة أخرى، فإن هذه الطريقة تتم بقيام الشخص المكلف بالقياس، بمقابلة عدد من األشخاص لهم صفات اجتماعية أو ع، اقتصادية أو سياسية معينة داخل منطقة محددة من المجتم

أى أن المجتمع ينقسم إلى طبقات، وتتم هذه المقابالت حتى يتم الحصول على الحصة المطلوبة لكل طبقة من الطبقات، وهنا ال تتم المقابالت عشوائيا، ولكن الشخص المكلف بالقياس يستخدم أى معلومات تجعله ينتهى من الحصة

و المطلوبة بسرعة، إذ أن الغرض األساس من هذه الطريقة هاستخدام مزايا التقسيم إلى طبقات من دون تكاليف اختيار

.العينة العشوائية ذات التكاليف المادية العاليةإن أهم المآخذ على هذا النوع من العينات التى أسهم فى

: تدعيم استخدامها عدد من العلماء والباحثين من أمثال الذين اكتسبت ) شيرفيون، ودروير، وكروسلى وغالوب(

حاتهم للرأى العام، اهتماما واسعا بعد انتخابات الرئاسة مسو" العمل الذاتى"يمكننا تحديدها، بتدخل ) ١٩٣٦(األمريكية عام

سواء فى مرحلة التصميم أو فى مرحلة التنفيذ مما يبعدها بالتالى عن التمثيل الصحيح للتجمع الكلى الذى يتطلب األمر

.قياس الرأى العام فيهديد العينة الحصصية وتصميمها تمر بثالث إن عملية تح :مراحل رئيسة

ـ تحديد خصائص معينة يصنف أفراد المجتمع وفقا ١ .لها، وتستخدم هذه الخصائص كضوابط لالختيار

ـ تحديد نسبة أفراد المجتمع الذين يتسمون بهذه ٢ .الخصائص

ـ تقسيم العينة إلى حصص، بحيث يكون لهذه ٣بى نفسه الذى لها فى المجتمع، ثم الحصص التوزيع النس

يحدد لكل فرد من القائمين بعملية جمع البيانات وعدد األفراد الذين ينبغى له أن يستطلع آراءهم داخل كل حصة من هذه

الحصص، وفى هذه الحالة تعطى لهم حرية اختيار األفراد .الذين يقومون باختيارهم

:ب ـ العينة العمدية نة من وحدات محددة، بحيث تعطى يتم اختيار هذه العي

المعدل المتوسط للمجتمع الكلى، وتبرز أهمية العمدية هنا، بتحديد االختيار للوحدات، من خالل البحث المسبق لها، والذى يعطينا الظروف الموضوعية والذاتية للوحدات المختارة،وبالتالى فإن الباحث هنا يمتلك تحديد صفة النوع،

الخاص باتجاهات " الكم" عليه هو وما يرغب فى الحصول .الرأى العام فى الوحدات المعينة والمحددة اختيارا

:جـ ـ العينة العارضةوتعتمد على المصادقة وحدها فى تحديد أفراد العينة، ولكن من المآخذ على مثل هذا النوع من العينات كمانرى،

ليس باإلمكان االعتماد عليه فى " قانون المصادفة"أن صول على قياسات ناجحة للرأى العام، ومن ثم فإن تمثيل الح

العينة للمجتمع الكلى يضعف إلى حد كبير فى مثل هذا النوع .من العينات

أما المرحلة الرابعة فيتم خاللها تبويب البيانات )Tobulation of Data ( وتحديد اإلجابة على األسئلة التى

ة عنها، وذلك تضمنتها استمارات االستفتاء وتمت اإلجاببتفريغها فى قوائم خاصة، إما باليد أو باستخدام اآلالت

الحاسبة، وقد أصبحت عملية التبويب اآلن، تتم من خالل .أجهزة الكمبيوتر

مرحلة تحليل البيانات "وتأتى بعد ذلك المرحلة الخامسة وهى من المراحل المهمة ألنها تمثل الحصيلة " واإلجابات

قياس والتوضيح النهائية التجاهات الرأى النهائية لعملية الالعام، حيث يقوم اختصاصيو قياس الرأى العام، بعمليات التحليل للبيانات التى تم تجميعها وتدوين المالحظات عليها

.وتفسير نتائجهاوأخيرا يقوم االختصاصيون فى المرحلة السادسة وهى

نهائي لنتيجة بإعداد التقرير ال" إعداد تقرير بالنتائج" مرحلة القياس، موضحا به المالحظات والتوصيات والنتائج التى تم التوصل إليها، واتجاهات الرأى العام تجاه الموقف أو المشكلة أو الحدث المطلوب قياس اتجاهات الرأى العام

.إزاءهومن ثم فإن صانع القرار السياسى سيكون على معرفة

.ر الذى اتخذهواضحة تجاه ردود األفعال تجاه القرا The Survey Methodطريقة المسح : ثانيا

تستخدم هذه الطريقة فى دراسة الظواهر، لتحديد طبيعتها ومعرفة خصائصها، التى تتعلق بتركيبها ووظائفها وذلك بجمع الحقائق عن الظاهرة وتحليلها وتفسيرها للوصول إلى

يقة وتعد طريقة المسح أهم وأشمل من طر. تعميمات بشأنها

االستفتاء، ألنها تبين اتجاهات الرأى العام غير الظاهرة، العتبارات عديدة تأتى فى مقدمتها عدم القدرة على التعبير عن هذا الرأى أوال ثم لعدم إلمام الجمهور، بموقف السلطة

.من الموقف أو الحدث الذى أثار انتباه الرأى العام ثانيا بد من مراعاة وفى هذا النوع من طرق القياس، ال

المتغيرات التى لها تأثير بالموقف أو الحدث، كما أنه البد من الوقوف على العوامل األساسية الكامنة وراء ذلك، لذا من الضرورى اإلحاطة بالموضوع من كل جوانبه قبل البدء بتحديد المتغيرات المشتركة، وإحصاء اإلجابات، وتحديد

.النسب المئوية لهاياس الرأى العام عن طريق المسح أسلوبان ويستخدم فى ق

:هما :)١(أ ـ أسلوب المالحظة

تعد المالحظة األداة أو الوسيلة الرئيسة فى البحث العلمى، وبالذات فى العلوم التجريبية، ولكن بغض النظر عن صعوبة استخدامها فى العلوم اإلنسانية، فإنها تعد من الوسائل

فى قياسات الرأى العام، التى ال غنى عنها، وبشكل خاص

، وطلعت همام، م ١٣٨ ـ ١٣٧ذ، ص . س. على إدريس، م . د) ١(

ذ، ص . س. مختار التهامى، م. وما بعدها، ود١٣٨ذ، ص . س. .٧٤ ـ ٧٢

وتنبع قيمة المالحظة فى قياسات الرأى العام، من كونها أكثر الوسائل المباشرة لدراسة مدى واسع من الظاهرة، إذ أنها تسمح بتسجيل السلوك مع حدوثه فى ذات الوقت، بدال من االعتماد بدرجة كبيرة على األشياء الماضية أو االنعكاسات،

لتعرف على البيانات التى قد ال يفكر فيها كما أنها تسمح باالباحث عند االستجابة للمراسالت واالستبيانات، وتتبين أهميتها عند مقارنتها باالستفتاء بشكل واضح، إذ أن القائم بعملية المالحظة يهتم بتسجيل الرأى كله، ومالبساته بينما االستفتاء يهتم بنسب المؤيدين، والمعارضين فى حدود عينة

.البحثكما تبدو المالحظة في قياسات الرأى العام، وخاصة فى الموضوعات التى قد ال يرغب األفراد بالتحدث فيها مجاهرة أو قد ال يرغبون فى اإلجابة عن األسئلة التى توجه إليهم بشأنها، ولذلك يهتم الباحث بمالحظة سلوك الجماهير

. شكلة معينةوانفعاالتها وبشكل خاص، تلك التى تدور حول موبذلك يستطيع من خالل هذه المالحظة وتحليل هذه األنماط من السلوك من نكات وشائعات سياسية وتعليقات متداولة بين الجمهور حيال المشاكل العامة، فى التعرف على اتجاهات

.الرأى العامإال أن هناك بعض المآخذ على هذه الطريقة فى قياسات

كثير من األفراد وعن قصد ـ عند الرأى العام وأهمها أن ال

معرفة أنهم موضوعون تحت المالحظة ـ يميلون إلى إظهار كما أنه ال يمكن . انطباعات مصطنعة للقائم بعملية المالحظة

للباحث أن يتنبأ فى أحيان كثيرة بوقوع حدث معين، حتى يكون موجودا أثناء حدوثه، فضال عن أن المالحظة بحد

وقت الذى تحدث فيه األحداث، وبعض تلك ذاتها، محدودة بالاألحداث قد يستغرق سنوات وبعضها يمكن أن يحدث فى الوقت نفسه ولكن فى أماكن متفرقة، وبالتالى فسيكون من المستحيل على الباحث، أن يجمع البيانات واألدلة الضرورية الالزمة، إال أن كل ذلك ال يقلل من أهمية هذه الطريقة فى

ى العام فهى من أكثر الطرق مالءمة لالستخدام قياسات الرأفى بلدان العالم الثالث، حيث ترتفع نسبة األمية، وحيث يسود جمهور الفالحين والعمال والبسطاء من الناس، الشك فى كل

.ما له طابع رسمى أو شبه رسمى :)١(إن أهم أنواع أساليب المالحظة هى

: ـ المالحظة البسيطة ١

مختار التهامى، . ، ود١٤٤ ـ ١٣٨ذ، ص . س. طلعت همام، م ) ١(

ذ، . س. ، وخليل إبراهيم رسول، م ٧٤ ـ ٧٢ذ، ص . س. م وما بعدها، وسمير محمد حسن، بحوث اإلعالم، األسس ٨٩ص

.٥٢ ـ ٤٣، ص ١٩٧٦والمبادئ عالم الكتب، القاهرة،

السلوكية، سواء أكان طبيعيا أم متغيرا وتعنى المراقبةوتتصف باستخدام األدوات البسيطة والمباشرة، ويشيع

.استخدامها غالبا فى البحوث االستطالعية أو االستكشافية : ـ المالحظة العلمية٢

وتعتمد منهجية المقارنة بين الموقف السلوكى للفرد بعد تمارات المالحظة مالحظته، بسلوك األفراد اآلخرين، وتعد اس

.أكثر األدوات شيوعا فى هذا النوع من أنواع المالحظة : ـ المالحظة المشاركة٣

وفى هذا النوع، تتم عملية المالحظة من خالل مشاركة القائم بالمالحظة فى الموقف ذاته،األمر الذى يستدعى تواجده الميدانى فى مكان الحدث، ومشاركته فى صنع الحدث ذاته،

ى يقل فيها وإلى حد كبير التحريف أو التحيز وبالتال .الشخصى : ـ المالحظة المنظمة٤

ويعتمد فى إجرائها على استخدام األدوات ذات التقنية العالية، كأجهزة الكمبيوتر، وأجهزة التصوير السينمائى،

إلخ وغالبا ما تستخدم فى .. وأدوات التسجيل الصوتىيث باإلمكان مالحظة العمليات الوصفية أو التشخيصية، ح

سلوك الجماعات من خالل تهيئة موقف اختبارى للمالحظة،

يكون فيه الباحث قادرا على رؤية المبحوثين ومراقبتهم، دون أن يرصد المبحوثين ذلك أو يعرفوا به، األمر الذى يعطى

.لألفراد حرية كبيرة فى التصرف بتلقائية : ـ المالحظة الجماعية٥

على مجموعة من المالحظين، تقوم وهى طريقة تعتمدبتسجيل مالحظاتها على الرأى العام، ثم إرسال هذه المالحظات إلى مركز رئيس لتجميع المعلومات، حيث يتم تحليل هذه المالحظات أو المعلومات، وتصنيفها أو ترتيبها،

.ثم تدوين النتائج الخاصة بها : ـ المالحظة المنهجية٦

تغير من متغيرات الموقف، وأهم خصائصها هى عزل مأو الظاهرة، وعده مؤثرا له دوره فى التغيير، مما يستدعى

.مالحظته وتعليله وصوال لتحقيق فرض مسبقوعموما تستعمل هذه الطريقة لتحقيق الفرضيات، من خالل تشخيص الظاهرة حيث يلجأ المالحظ إلى أخذ فكرة

يمكن عد كل شمولية عن الموقف، أو الحادثة المبحوثة، إذحادثة تخضع لهذا النوع من المالحظة مالحظة تجريبية

.يمكن االستفادة منها

ويتوجب على الباحث عند استخدامه هذه الطريقة أن :)١(يأخذ بنظر االعتبار عددا من الخطوات هى

ـ تحديد الهدف من المالحظة ألن ذلك سوف يوفر ١ المالحظة، على الباحث الجهد، حيث إن تحديد الهدف من

سوف يوجه الباحث مباشرة نحو ما يجب أن يركز عليه فى .هذه المالحظة تحقيقا لهذا الهدف

ـ تحديد إطار مادة المالحظة وهى الفرد أم الجماعة ٢ .أم المؤسسة

ـ تحديد الظواهر أو الوقائع ذات الصلة بموضوع ٣المالحظة، وهذا بطبيعة الحال يرتبط بالهدف من المالحظة، وأن يتأكد بأن الموقف أو األشياء أو األشخاص الذين تركهم

.من دون مالحظة ليست لها داللة بالنسبة للدراسة ـ تحديد أنماط السلوك االجتماعى التى ستكون ٤

.موضوع مالحظته . ـ تدحيد الوحدات الزمنية للمالحظة٥

:ب ـ أسلوب المقابلة ل لفظى بين تفاع: (يعرف بعض الباحثين المقابلة بأنها

شخصين فى موقف مواجهة، حيث يحاول أحدهما وهو القائم بالمقابلة أن يستثير بعض المعلومات أو التعبيرات لدى

.١٢١ذ، ص . س. محمد بهجت كشك، م) ١(

، كما يعرفها )المبحوث، والتى تدور حول آرائه ومعتقداتهآخرون بأنها محادثة هادفة بين القائم بالمقابلة، وبين الشخص

.أو األشخاص المطلوب معرفة أرائهمومن هذين التعريفين يظهر بوضوح أن المقابلة، تعتمد على المواجهة واالتصال بين الباحث والمبحوث، وتوجه نحو عرض واضح، ومحدد حيث هدف المقابلة هو التعرف على اتجاهات الرأى العام نحو قضية أو مسألة معينة تشغل اهتمام

.الجمهور فى فترة معينةعطى للباحث إمكانية وتتميز هذه الطريقة بكونها، ت

الوصول إلى هدفه بصورة مباشرة وسريعة، عن طريق االتصال الشخصى المباشر، الذى يساعده على تكوين فكرة شاملة عن الظاهرة بصورة قد تعجز عنها طرق القياس األخرى، كما أنه يمكن استخدامها فى موضوعات متعددة، إال

تى، وأنها أداة أن ذلك ال يعنى أنها بعيدة عن الجانب الذاذاتية، أكثر مما هى موضوعية، ولكن فائدتها تفوق الجانب

.الذاتىفضال عن ذلك فإن المقابلة تتيح الفرصة أيضا للتعرف على الحقائق واآلراء والمعتقدات التى تختلف باختالف األشخاص وظروفهم، وكذلك تستخدم فى التأكد من البيانات

لباحث من مصادر أخرى والمعلومات التى حصل عليها امستقلة، مثلما تساعد أيضا فى التقويم الناقد للبيانات

والمعلومات التى يحصل عليها الباحث بأساليب أخرى، إال أن أكثر خصائص المقابلة أهمية فى استخدامها فى قياسات الرأى العام هى كونها وسيلة مناسبة الستخدامها مع الجمهور

ية مرتفعة، وفى الوقت نفسه تتيح الذى تكون فيه درجة األمللباحث والمبحوث فرصة المواجهة المباشرة مما يساعد على التعمق فى فهم الظاهرة موضوع الدراسة، ومالحظة سلوك المبحوث الذى ال يستطيع أن يعبر عنه تعبيرا لفظيا، كما أن وجود الباحث أو المبحوث فى موقف المواجهة يتيح الفرصة

عدم الفهم أو الفهم الخاطئ، إذ يستطيع الباحث للتغلب على .أن يوضح للمبحوث ما غمض عليه من أمور معينة

وفى هذا المجال يجب أن يقوم الباحث باكتساب ثقة األفراد المبحوثين وتفهم حالتهم النفسية واالجتماعية واالقتصادية، والوقوف على أبعاد المشكلة المطروحة كافة،

سهولة وبصدق عن أى تساؤل منها، كما حتى يمكن اإلجابة ب .يجب إعطاء األفراد الوقت الكافى للتفكير واإلجابة

وتصنف المقابالت على أساس الهدف الذى تسعى لتحقيقه . إلى أربعة أنواع، مسحية، وتشخيصية، وعالجية، وإرشادية

، والتى )المقابالت المسحية(وما يهمنا هنا النوع األول وهو : الرأى العام، وأهم أنواع المقابلة هى تستخدم فى قياس

: ـ المقابلة الفردية١وهى التى تتم بين القائم بالمقابلة وبين شخص واحد من المبحوثين، ومما يؤخذ عليها خاصة فى عملية قياسات الرأى العام، أنها قد تركز على قياس الرأى العام ألنها تعتمد على

ما أنها تتطلب الكثير من سؤال األفراد كل واحد على حدة، ك .الجهد والنفقات

: ـ المقابلة الجماعية٢وتعد وسيلة ناجحة للتعرف على الرأى العام فى جماعة معينة، فى فترة معينة بأقل جهد وكلفة، وذلك ألنها تتم بين الباحث وبين عدد من األفراد فى مكان واحد ووقت واحد،

ة الجماعية، بين وأهم ميزاتها، أنها تتيح فرصة المناقشمجموعة األفراد حول قضية أو مسألة تشغل اهتمامهم، حيث يستطيع كل فرد التعبير عن رأيه، ومن ثم تتم مناقشة هذه اآلراء المختلفة من جميع الوجوه، ومن خالل هذه المناقشة تصل الجماعة إلى رأى معين يعبر عن رأى غالبية الجماعة

.وهو ما يطلق عليه الرأى العام : ـ المقابلة المقننة٣

بالرغم من اتسامها بالجمود، إال أن هذا النوع من المقابالت يتسم بالعلمية حيث يجيب كل مبحوث عن األسئلة

ذاتها، ولكن اإلجابة هنا تقتصر على االختيار من إجابات .محددة سلفا فى قائمة تقدم للمبحوث

: ـ المقابلة غير المقننة٤يس هناك قيود محددة أو معينة فى مثل هذا النوع، ل

بخصوص المبحوثين واستجاباتهم، كما أن األسئلة الموجهة باإلمكان تعديلها فى أية لحظة، كما أن الكثير من المعلومات

.يتم الحصول عليها أحيانا بصورة عرضيةوتبرز أهمية المقابالت غير المقننة، فى إجراء المرحلة

قننة، حيث تساعد على اختيار االستطالعية للمقابالت غير الماألسئلة وصياغتها ومعرفة الدوافع اإلنسانية، والتفاعل االجتماعى، األمر الذى يسهم وإلى حد كبير فى صياغة

.فرضيات مقبولة وناجحةإال أن أهم ما يؤخذ على هذه الطريقة، هو اعتمادها على

أى التقرير اللفظى للمبحوث والذى قد ال يكون فردا صادقا،أن رأيه ال يتفق مع ما لدية من اتجاهات حول الموضوع والقضية المثارة، كما تحتاج المقابلة إلى عدد كبير من جامعى البيانات الذين يتم اختيارهم وتدريبهم بعناية، األمر الذى يؤدى إلى ارتفاع نفقات كلفة قياسات الرأى العام،

عن أن ناهيك عما تستغرقه من وقت وجهد طويلين، فضال .المقابالت الفردية، قد تركز على القياس الرأى العام

:طريقة تحليل المضمون : ثالثا

Content Analysis Method إن فكرة تحليل المضمون فى الواقع ليست جديدة، وهى ليست قاصرة على التحليل اإلعالمى أو السياسى وإنما هى

الحال مع علم تمتد إلى مختلف العلوم االجتماعية كما هو إلخ، فهى فى أوسع معانيها ... االجتماع والقانون والتأريخ

محاولة لفهم مضمون رسالة معينة فى شكل كلمات أو رموز انفصلت عن شخص صاحبها، وهذه العملية يقوم بها كل فرد فى كل لحظة من لحظات حياته اليومية بطريقة تلقائية وال

ل رمز ينفصل عنه شعورية، فكل كلمة تصدر من الفرد وكوكل حركة أو إشارة يعبر بها عن استحسان أو استهجان ليست إال مظاهر سلوكية على من تتجه إليه أو تنصب فى وعائه أن يفسرا ويفهم مدلولها، وتحليل المضمون بهذا

.المفهوم يرتبط بالوظيفة االتصالية بكل أبعادها إال أن عملية تحليل المضمون أضحت تمثل فى عصرنا

الراهن خطوة أكثر تقدما، فهى أسلوب يرمى ال إلى اكتشاف المقصود من العبارات والرموز واأللفاظ التى تعبر بها الحقيقة البشرية عن مفاهيمها فقط، وإنما أن يتم هذا االكتشاف بأسلوب علمى يسمح بأن يجعل لمدلول االكتشاف

محدد العناصر واألوزان بغض النظر عن شخص الباحث أو .)١(عن ذلك الذى يسعى لتحقيق عملية االكتشاف

وعملية تحليل المضمون بهذا المعنى عملية حديثة، فقد بدأ االلتجاء إليها فى خالل األعوام األولى من القرن الحالى ولكن فى صورة فطرية وتكاد تكون غير ملموسة، علما بأن مضى الوقت زاد من االهتمام بهذا األسلوب من أساليب

حليل، بحيث إن عدد ما نشر من األبحاث خالل الربع التاألول من هذا القرن، يعد على عدد أصابع اليد خالل كل

تشارلز ميلز "عام، ومن أوائل الباحثين فى هذا المضمار New York(حيث نشرا تقويمين لصحيفة " وولتر ليبمان

Times ( إذ توصل الباحثان من دراستيهما إلى أن التمييز قد عرض صورة غير متميزة عن الثورة الروسية، إذ فىفشل

أنها لم تعط للقارئ الفرصة ليتخذ وجهة نظر، وكان المنهج الذى استخدماه هو مقارنة مضمون المقاالت بالحقائق الموضوعية، ثم جاءت أعوام الثالثينيات لتشهد الدراسات

بروز االهتمام بارتفاع عدد " هارولد الزويل"التى قام بها بحثا، ) ٤٠(وث قبيل الحرب العالمية الثانية إلى حوالى البح

ولكن أثناء الحرب العالمية الثانية ظهرت الحاجة الماسة إلى تحليل المضمون فى سد نقص المعلومات من جانب ودراسة التأثير النفسى من جانب آخر ، فى عمليات إدارة الصراع

.١٨ذ، ص . س. الخارجية، م حامد ربيع، نظرية الدعاية. د) ١(

الفردية إلى خالل الحرب، لذا فقد انتقل االهتمام من الدائرةالمؤسسات الحكومية، ذات القدرات واإلمكانات الكبيرة على

" الزويل"إجراء دراسات من هذا النوع، ويمكننا أن نعد كتاب ، تتويجا لهذا ١٩٤٩الذى أصدره فى عام " لغة السياسة"

االتجاه، حيث تطرق فيه إلى البحث فى الطرق الكمية لعملية تحليل "الشهير " بيرلسون"تحليل المضمون، وكذلك كتاب

والذى يعد من أهم الكتب التى " المضمون فى أبحاث االتصال . ظهرت فى هذا المجال

وقد ازداد عدد البحوث التى أجريت فى العالم خالل فترة بحث، إال أن قى ) ١٠٠(الحرب الكورية ليصل الرقم إلى

فترة الستينيات وبصفة خاصة فى النصف األول من هذا دأت األهمية تتقلص ويتراجع عدد األبحاث التى تنشر العقد، ب

سنويا ، والتى تستخدم أسلوب تحليل المضمون كأداه األمريكية فى سبيل " مشيغان"للوصول إلى الحقيقة، فجامعة

المثال ترفض أن تقوم بأى بحث فى تحليل المضمون منذ وحتى اليوم، وقد يبدو ألول وهلة، أن هذا يعنى ١٩٦٢عام عن االهتمام بهذا األسلوب من أساليب البحث عدوال

ذلك ال يعنى فى الواقع إال أن اإلعالمى والسياسى ، إال أن ون تحديدا لطبيعة ومدى األهمية الحقيقية دون مبالغة يك

لبعض أساليب وتحليل وقياس السلوك السياسى بصفة عامة .)١(والحركة السياسية بصفة خاصة تحليل المضمون فى العالم لقد هيمنت على منهجية

مدرستان أساسيتان هما المدرسة األمريكية فى تحليل المضمون ثم المدرسة الفرنسية، األولى اهتمت بالجوانب

" هارولد الزويل"الكمية فى تحلل المضمون وبالذات من قبل من خالل تحديده لرموز ووحدات التحليل وهى الفئات التى

التى ال تهتم بالجوانب الشكلية تستخدم فى العد والتحليل، وفقط لالتصال وإنما أيضا بمادة االتصال وشدة التعبير، بينما اهتمت المدرسة الثانية وهى المدرسة الفرنسية بالتحليل الكيفى، حيث أسهم العلماء الفرنسيون بنصيب وافر فى تطوير التحليل الكيفى فى تفسيرهم لنتائج تحليل المضمون

كمى، مما ساعد على تطوير تحليل المضمون ذات الطابع الكأداة للقياس والتحليل، ويبرز فى هذا المجال ما قدمته

انظر حميدة سميسم، تحليل المضمون، بحث مطبوع بالرونيو، ) ١(

س ، وأيضا ، أحمد بدر، الرأى العام، م . ٨ـ١، ص ١٩٨٦بغداد، . وما بعدها٣٧ذ ، ص .

المدرسة الفرنسية، فى مجال التحليل البنائى مما يفوق الدقة .)٢(التى اتسمت بها األساليب الكمية األمريكية

أما بالنسبة للوطن العربى، فإن اإلشكالية التى ال تزال عملية البحث العلمى والمشكالت الخاصة بها تعانى منها

وتطبيقاتها فى البحوث العربية، فإنها تدور حول اعتبار أم " Method"تحليل المضمون منهجا من مناهج البحث

.لجمع المعلومات وتنظيمها" Technique"أسلوبا ولكن على الرغم من ظهور هذا الخالف فى البحوث

معينا من االهتمام بهذا المنهج العربية، الذى يعكس قدرا واستخداماته، نجده ال يمثل اهتماما فى تراث تحليل المضمون فى الدراسات والبحوث الغربية التى تهتم باستحداث طرق وأساليب جديدة للخطوات اإلجرائية فى مرحلة التطبيق كالتصنيف والترميز وحساب المعامالت

ا بتحديد موقع تحليل اإلحصائية المختلفة أكثر من اهتمامهالمضمون من مناهج وأساليب البحث العلمى تحديدا دقيقا، أو فى سياق مناقشة الجوانب المنهجية لتحليل المضمون واستخداماته، بل أكثر من ذلك أن استخدام مصطلح المنهج

عواطف عبد الرحمن وأخريات، تحليل المضمون فى الدراسات . د) ٢(

ـ ٢٩١، ص ١٩٨٦وزيع، القاهرة، العالمية، دار الثقافة للنشر والت٢٩٢.

واألسلوب فى الدراسة الواحدة للداللة على تحليل المضمون .حوث والدراساتهو الشائع فى معظم هذه الب

وقد يعتقد أن هذا الخالف ال يمثل أهمية كبيرة فى بحوث اإلعالم، ولكن أهميته الحقيقية تنبع من عدم تجاهل تأثير هذا الخالف على جرأة الباحث من االقتراب من المشاكل البحثية فى مجاالت اإلعالم واختيار المنهج الذى يتفق وطبيعتها،

على تحديد الباحثين الخطوات فضال عن أن الخالف ينعكس .اإلجرائية وعرض نتائج التحليل وتفسيرها

إال أنه يتوجب القول، أنه مع اعترافنا بوجود الخالف فى الكثير من الجوانب فى عملية تحليل المضمون غير قضية

، فإن هذا الخالف هو جزء من كل، )األسلوب والمنهج( المنهجية، التى لم والذى يشمل خالفا فى الكثير من القضايا

فضال ) Methodology(يستقر االتفاق عليها بعد علم المناهج عن الخالف حول المفاهيم والمحددات األساسية لعلوم

.)١(االتصال الجماهيرى واإلعالموإذا ما بحثنا فى مسألة تحديد تعريف متفق عليه بالنسبة د لتحليل المضمون، سنجد أن ذلك من الصعوبة بمكان، وق. بحثت أغلب المصادر التى تناولت عملية تحليل المضمون

هذا االختالف فى تحديد المفهوم ثم التعريف، وعملية بحث

محمد عبد الحميد، تحليل المحتوى فى بحوث اإلعالم، دار . د ) ١( .٤٥ ـ ٤٠، ص ١٩٨٣الشروق، جدة،

ذلك ربما تخرجنا عن موضوع هذه الدراسة، لذا فإن تعريف ) التحليل(تحليل المضمون هنا ينبع من تحديد مفهوم كلمتى

).المضمون(واك األشياء والظواهر هو عملية إدر) Analysis(فالتحليل

بوضوح من خالل عزل عناصرها بعضها عن بعض ومعرفة خصائص أو سمات هذه العناصر وطبيعة العالقات

فى العلوم ) Content(التى تقوم بينها ، أما المضمون االتصالية فهو كل ما يقوله الفرد أو يكتبه ليحقق من خالله

ز لغوية يتم أهدافا اتصالية مع آخرين، فهو عبارة عن رموتنظيمها بطريقة معينة ترتبط بشخصية الفرد وسماته االجتماعية، فيصبح مظهرا من مظاهر السلوك يميزه عن غيره من األفراد، ويستهدف جمهورا محددا بسماته واحتياجاته واهتماماته ليدرك ما فى المضمون من معان

.)٢(ر وأفكار فيتحقق اللقاء والمشاركة بين المصدر والجمهووبالرغم من وضوح مفاهيم الكلمتين، فإن التعريفات التى تناولت عملية تحليل المضمون قد اتخذت اتجاهين أساسيين هما االتجاه الوصفى أوال ثم االتجاه االستداللى ثانيا والذى يتسم بتخطى عملية وصف المضمون إلى الخروج

.١٦ ـ١٤، ص .ن. م ) ٢(

ى الضمنية باستدالالت عن عناصر العملية اإلعالمية والمعان .)١(الكامنة فى هذا المحتوى

ومن دون الدخول فى بحث الخصائص العامة لالتجاهين هو كل بحث يستند إلى : " يمكن القول بأن تحليل المضمون

أدوات فنية تسمح باكتشاف عالقات ارتباطية من خالل عملية التحديد بتنظيم وموضوعية لخصائص معبرة استنادا إلى

.)٢(ة الرموز االتصاليأما بالنسبة ألنواع تحليل المضمون، فإن أغلب الدراسات تميل إلى التمييز بين ثالثة أنواع كل منهما يملك خصائصه وكل منها يملك مميزاته، وإحدى المهام التى يتعين على الباحث اإلعالمى االبتداء بها هو أن يسأل نفسه قبل البدء

أكثر صالحية بالعمل، أى نوع من أنواع تحليل المضمونلخدمة هدفه الحقيقى وبالتالى، أى نوع يجب أن يلجأ إليه ليحدد فى ضوئه استراتيجية البحث العامة والكلية، وهذه

:)٣(األنواع هى

.١٦ ـ١٥ن ، ص . م ) ١( .١١١ذ، ص . س. حامد ربيع، نظرية السياسة الخارجية، م. د) ٢( .، وما بعدها١٢٥ن ، ص . م ) ٣(

:ـ التحليل الكمى والتحليل النوعى والتحليل الكيفى١النوع األول تسوده فكرة التكرار بمعنى عدد المرات التى

نة أو رمز معين يمثل فى ذاته الداللة تساق فيها كلمة معيالتى يجب أن نبحث عن اكتشافها والتى تكفينا فى التحليل، أما التحليل النوعى فإنه ال يقف عند ذلك وإنما يسعى إلى اكتشاف ما هو أبعد من التكرار أى ما هو أبعد من االهتمام، التحليل النوعى يتساءل عن وجود صفة معينة من عدمها،

الصفة تحدد النوع وهكذا، هو يتساءل هل االهتمام حيث إنهو بالتأييد أو المعارضة، بالقبول أم الرفض، أما التحليل الكيفى فإنه يتقدم خطوة أكثر من ذلك، التكرار هنا يكفيه ولكن النوع أيضا ال يقنعه، إنه يريد أن يجيب عن السؤال

تابع كيف حدث الوصول إلى تلك الصفة، بعبارة أخرى هو يالحقيقة االتصالية كعملية تطور، ومن ثم يسعى إلى التعميق

.فى حقيقة العملية النفسية التى تستتر خلف الكلمات والرموز :ـ التحليل المباشر و التحليل غير المباشر٢

يعنى التحليل المباشر، االقتصار على تحليل الذى قيل أو ى إلى ما هو أعلن عنه، أما التحليل غير المباشر، فإنه يسع

خلف اإلجابة، إنه ال يحلل ما قيل فى الرسالة، وإنما يسعى إلى اكتشاف ذلك الذى لم تعلن عنه الرسالة، بعبارة أدق إنه ذلك الذى أراد مصدر الرسالة أن يجهله أو يتجنب الحديث

.معه

ـ التحليل الرمزى، وضع الجداول الكمية وتحليل ٣ :الموضوع

به االكتفاء بالعناوين أو رؤوس إن التحليل الرمزى يقصدالموضوعات واعتبارها ذات داللة موضوعية على مضمون الرسالة، ويقوم على افتراض أساسه أن العنوان يعكس عادة

.مضمون الرسالةأما وضع الجداول الكمية فهو تعبير آخر عن فكرة التحليل الكمى للمضمون ويقف عند تقديم الصياغة الكمية

فإنه يمثل درجة ) لتحليل الموضوع( بالنسبة للرسالة، أمامتقدمة لتحليل المضمون، حيث يعنى ذلك البحث عن المبدأ العام الذى يمثل الوحدة النهائية التى تستتر خلف المفاهيم، وبعبارة أخرى القصد الحقيقى منه هو الوصول إلى المنطق العام الذى يستتر خلف الرسالة، فهنا ال يريد أن يصف

ن الفكر، وإنما يريد الباحث أن يغوص إلى وحدة مضموالفكر، واالفتراض الذى يقوم عليه البحث هو أن عملية االتصال هى عملية نفسية فى ارتفاع وانخفاض، وأن هناك نقطة معينة تمثل أقصى مراحل االرتفاع، وهذه النقطة لو استطعنا تجميعها لوصلنا إلى الداللة العامة التى تمثل الخلفية

الحقيقية لمنطق المرسل، وفى هذا األسلوب من أساليب التحليل، ال يقتصر التحليل على النوع الكمى أو الكيفى بل يتعدى ذلك إلى التصور واكشاف االنطباعات من خالل تلك

الصور الثالث من صور التحليل، ولذلك فهو يفترض كلتا على المقارنة المنهاجية والصياغة الرقمية ولكنه ال يقتصر

أما الخطوات التى يمكن من خاللها القيام بعملية . ذلك فقط :)١(تحليل المضمون فإنها تندرج فى خمس خطوات هى

.ـ تحديد المفاهيم والفروض العملية١ .ـ اختيار العينة٢ .ـ تحديد وحدات التحليل وفئاته٣ .ـ قياس ثبات التحليل٤ .ـ التحليل اإلحصائى وتفسير النتائج٥

عض الباحثين إلى إنه تسبق عملية وضع ويذهب بوهو (preliminary Analysis)الفروض القيام بتحليل مبدئى

تحليل كيفى يتم على عينات أصغر من الوثائق لغرض تحديد العناصر المكونة لوحدات التحليل النهائى التى ستتخذ أساسا للتصنيف، حيث يعدونه خطوة ضرورية كدراسة استطالعية

ليها الباحث قبل البدء فى الدراسة التحليلية االستداللية يلجأ إلتحقيق العديد من الوظائف التى ترتبط باستخدام تحليل المحتوى فى االستدالل عن المعانى الكامنة لمضمون الرسالة اإلعالمية، وحتى يكتسب الباحث األلفة الكافية مع المحتوى

مختار التهامى، تحليل مضمون الدعاية فى . انظر حول ذلك، د) ١(

.٤٨ـ ١٨، ص ١٩٧٤النظرية والتطبيق، دار المعارف، القاهرة،

خاصة لتنمية مهارات البحث، فضال عن الوظائف البالدراسات االستطالعية فى البحوث االجتماعية واإلنسانية

.)١(بصفة عامةويرى هؤالء الباحثون أن هذه الخطوة ضرورية لتحديد المفاهيم والمصطلحات المستخدمة، إذ كلما كان التحديد بالدقة والوضوح المطلوب، كان البحث أكثر دقة وتحديدا، فالمفاهيم

ساسية التى يستعين بها اإلنسان هي الوسيلة الرمزية األللتعبير عن المعانى و األفكار المختلفة بغية توصليها لآلخرين، ومن ثم تبدأ خطوة تحديد الفروض باعتبارها تحديدات مبدئية تظل صحتها وصالحيتها موضعا لالختيار فى عملية تحليل المضمون، حيث إن الفرض العلمى ما هو

ة بين متغيرين أو أكثر، ومن ثم فى جوهره إال تصور للعالقفإن صياغة هذه الفروض تفترض بداية، وجود عملية دينامية وعالقات بين عناصر هذه العملية التى تتسم بالحركة والتفاعل، وأهم ما تجب مالحظته عند وضع الفروض، هو أن وضع هذه الفروض ال يمكن أن يأتى من فراغ، وإنما البد

مدركات النظرية التى تعطى دورا أن تتضمن هذه الفروض اللالتصال فى تحليل التنظيم السياسى والتغيير االجتماعى، خاصة وأن المضمون فى الرسالة االتصالية، ما هو إال انعكاس للتنظيم االجتماعى السائد والنظام القيمى للمجتمع

.٨١ـ ٧٧ذ، ص . س. محمد عبد الحميد، م . د) ١(

بعد ذلك تأتى الخطوة التالية وهى . )١(وللجماعات المختلفةالعينات، والتى تعد جزءا من المجتمع الكلى عملية اختيار

المراد تحديد سماته، ممثلة بنسبة مئوية يتم حسابها طبقا للمعايير اإلحصائية وطبيعة مشكلة البحث ومصادر بياناته، وتمر عملية اختيار العينة أوال، ثم تحديد إطارها ثانيا، فى

: همهاإطار تحديد العينة، البد من توافر شروط معينة أالكفاية، الكمال، الدقة، تحديد حجم العينة، وقد تناولنا فى هذا المبحث أنواع العينات وطرق اختيارها فى قياسات الرأى

.)٢(العامأما بالنسبة للخطوة الثالثة وهى تحديد وحدات التحليل، فإنه البد للباحث أن يحدد وحدات الترميز األساسية قبل البدء

ضمون، وهذه الوحدة هى أصغر قسم أو فى عملية تحليل المأصغر جزء أو قطاع فى المضمون، وتضم عملية تحليل

:)٣(المضمون خمس وحدات رئيسة للتحليل هى

مختار التهامى، تحليل مضمون الدعاية فى النظرية والتطبيق، . د) ١(

ذ، ص . س. الحميد، ممحمد عبد. ، ود٢٧ ـ ٢٦ذ، ص . م س . وما بعدها٨١

.١٠٧ ـ ٩٠ذ، ص . س. محمد عبدالحميد، م . د) ٢(، وما ١٤ذ، ص . س. حميدة سميسم، تحليل المضون، م . انظر د) ٣(

مختار . ، ود١٣ذ، ص . س. بعدها، وخليل إبراهيم رسول، م .٣٠ ـ ٢٨ذ، ص . س. التهامى، م

وهى أصغر وحدة تستخدم فى -: (word) ـ الكلمة١تحليل المضمون، وينتج عن استخدام هذه الوحدة قائمة من

.خصةالتكرارات النسبية للكلمات المختارة أو المش) الكلمة( وتلى هذه الوحدة، وحدة - :(ineme)ـ الفكرة ٢

فى الحجم، والفكرة بشكلها الضيق هى جملة بسيطة أو جملة مركبة، ولها من السعة ما يكفى إلعطاء معنى، ومن الصغر ما يقلل من احتمال تضمنها لعدة اتجاهات أو آراء، لذا فإنها

مضمون االتصال ذات فائدة كبيرة فى ميدان دراسة تأثيرعلى الرأى العام ولكنها مع ذلك تعد من الوحدات الصعبة فى

.دراسة الثبات وتستخدم الشخصية -:(character)ـ الشخصية ٣

التأريخية أو الخيالية كوحدة فى تحليل القصص والدراما وفصول التراجم والسير، وعندما تتناول هذه األجناس األدبية

صية تكون أفضل وحدة مالئمة أشخاصا معينين فإن الشخللتحليل، وقد يبدو أن هناك تشابها بين وحدة الشخصية ووحدة الكلمة فى حالة األشخاص ولكن وحدة الكلمة عندما تهتم بشخص معين فإنها تهتم به ألنه يعبر عن فكرة أو اتجاه، بينما تهتم وحدة الشخصية بتحليل الشخصية وتطورها

.راجم والسيرفى عمل أدبى أو فى الت يعد الموضوع أكثر الوحدات - :(item)ـ الموضوع ٤

استخداما فى عملية تحليل المضمون، ويقصد بها الوحدة

الطبيعية الكاملة التى قدمها منتجو مادة االتصال، ويختلف الموضوع باختالف مجاالت االتصال، فقد يكون كتابا أو

فى الراديو أو قصة أو مقالة فى مجلة أو خطبة أو برنامجاوهذه الوحدة تصنف . الخ.... رسالة أو قصة إخبارية أو

المادة على نطاق واسع، لهذا السبب فإنها تستخدم بكثرة، ويمكن استخدام هذه الوحدة إذا كان مضمون المادة فى

، أما إذا كان المحتوى مختلفا فإنه يصبح )متجانسا(الموضوع .من الخطر استخدام هذه الوحدة

وتتمثل هذه المقاييس فى -: مقاييس المساحة والزمانـ٥تقسيم المضمون تقسيمات مادية مثل األعمدة، أو عدد السطور، أو عدد الصفحات، أو عدد الدقائق أو وحدات

.الطولوبعد قيام بعملية تحديد وحدات التحليل، تأتى المرحلة الالحقة وهى تحديد الفئات المستخدمة، والتى تدور حول

ثم ) ما قيل(تفرقة بين المادة والشكل، حيث تشكل إجابة عن ال) ما قيل(، فهناك أوال فئات موضوع االتصال )كيف قيل(

والتى تتضمن فئة موضوع االتصال، واتجاه مضمون االتصال سواء أكان يمثل موضوعات مؤيدة، أو غير مؤيدة، أم محايدة، ثم فئة المعايير التى تطبق على مضمون العملية

االتصالية أو فئة طرق تحقيق الغايات، وفئة المرجع أو المصدر، والفئة التى تتناول إمكانية صدور المادة االتصالية،

وأخيرا فئة المخاطبين والتى تستخدم للكشف عن الجماعة أو أما . الجماعات التى توجه لها الرسالة االتصالية خصيصا

كيف (تصال الصنف الثانى من الفئات فهو فئات شكل االوالتى تتناول فئة شكل أو نوع االتصال، وفئة شدة ) قيل

وفئة الشكل الذى يتخذه الموضوع، ثم فئة ) االنفعالية(التعبير أما الخطوة الرابعة فهى . )١(الوسيلة التى يتبعها المضمون

قياس ثبات التحليل الذى قام به الباحث، والهدف من القياس الموضوعية، وتقليص الذاتية بشكل عام هو توفير قدر من

لدى القائم بعملية التحليل للحصول على وصف موضوعى هنا ) الثبات(لمضمون العملية االتصالية، ويستخدم مصطلح

بمعناه اإلحصائى نفسه وهو قياس درجة استغالل البيانات من أداة القياس، وبغض النظر عن القائم بالتحليل والزمن

ية التحليل فإن الثبات فى التحليل الذى تمت فيه إجراءات عمل .)١(يمكن الحصول عليه من خالل نوعين من االتساق

ـ االتساق بين المحللين المختلفين بمعنى أن يحصلوا ١على النتائج نفسها إذا طبقوا الفئات نفسها على المضمون

.نفسه

.٣٥ـ ٣١ص ، ن ، مختار التهامى، تحليل المضمون، م. د) ١(رشدى منصور، تحليل المحتوى، محاضرات لمرحلة الدراسات . د) ١(

ـ ٨، ص ١٩٧٧العليا، كلية التربية، بحث غير منشور، بغداد ، ١٠.

ـ االتساق عبر الزمن، بمعنى أنه ينبغى أن يحصل ٢لين على النتائج نفسها، إذا طبقوا المحلل أو مجموعة المحل

.المضمون نفسه على فترات متباعدةوأخيرا يقوم الباحث بعملية التحليل اإلحصائى وتفسير النتائج وهى الخطوة األخيرة فى العملية برمتها، وهو الذى يعطينا النتائج األخيرة لعملية التحليل، حيث يساعد التحليل

ظته وقياسة وما يهدف اإلحصائى على شرح ما تمت مالحإليه الباحث بدراسته لمضمون المادة االتصالية، لتعقب ذلك عملية تفسير النتائج ووضعها فى اإلطار المطلوب، وهنا البد للباحث من أن يقوم إما بالمقارنة بين االتجاهات وذلك باختيار فترتين زمنيتين متمايزتين، والمقارنة بينهما على

وصل إليها البحث فى تحليل المضمون، أساس النتائج التى تأو إجراء المقارنة بين األجزاء الداخلية فى مضمون المادة االتصالية، حيث تبنى النتائج الرئيسة على العالقات بين سمتين أو أكثر أو جزأين أو أكثر من األجزاء أو السمات التى تحتوى المضمون نفسه، أو القيام بمقارنة األنواع

المضمون، أو مقارنة المضمون بالنسبة لمعيار المختلفة من .معين، سواء أكان هذا المعيار تأييدا أم معارضة أو حيادا

وفى ضوء ذلك فإن عملية تحليل المضمون فى قياسات الرأى العام ليست فى حقيقتها إال تحليال غير مباشر، والذى يستخدم بصفة عامة فى اإلعالم الخارجى، إذ أن الدولة ال

تتجه إلى الرأى العام األجنبى بوجهة نظرها، أو ما يحدث فى داخل أرضها، بل العكس أنها تتجه إلى الرأى العام إعجابا كان أم خلق أداة من أدوات التقارب، وهى نماذج من صور التأثير على هذا الرأى، لذا فإن قياس الرأى العام

.الخارجى، ينبع من فكرة التحليل غير المباشر أن هناك مالحظة أساسية بهذا الخصوص، وهى أن كما

عملية تحليل المضمون قد اقتصرت بشكل خاص على تحليل الرأى العام للدولة وقياسه وذلك ألسباب عدة، منها أن الدول ال تسمح لغيرها باستطالع الرأى العام فى بالدها، ألن ذلك ربما يشكل تهديدا ألمنها القومى، كما أن اختالف النظم

السياسية وتباين الحضارات وما تنطوى عليه من قيم ورموز وتباين المستويات االجتماعية واالقتصادية قد جعل من المتعذر تطبيق أساليب موحدة فى مختلف األقطار حول

لذا فإن الحرب النفسية . )١(قضية معينة وفى وقت واحد بأساليبها المعروفة فى دائرة الصراع الدولى كانت متغيرا

مهما وحاسما فى خلق مثل هذا االتجاه فى قياسات الرأى العام، والذى أظهرته الحرب الكونية الثانية، ثم األزمات

.الدولية المختلفة بشكل واضح ال غموض وال لبس فيه

ـ ١٣٣ذ، ص . س. صادق األسود، الرأى العام واإلعالم، م. د) ١(

١٥.

اتمةـالخ

مما الش فيه، أن ما بحثناه فى هذا الكتاب، يظل محاولة

رة الرأى العام، لتلمس الطريق نحو بناء نظرية تفسر ظاهوتضع المسلمات العلمية الخاصة بهذه الظاهرة وإن كان هذا المطلب سيظل عزيزا وبعيد المنال فى األفق المنظور لمتغيرات عديدة يأتى فى مقدمتها المتغير البيئوى الذى يعبر عن خصائص المجتمع السياسى، وهى خصائص بقدر ما

تحمل بقدر أكبر، تحمل من الشمول فى بعض الجوانب، فإنهاسمات التميز واالختالف، بحيث تجعل من الظاهرة عند دراستها، تجسد حقائق محلية ترتبط بالمجتمع موضوع الدراسة، أكثر من كونها تحدد حقائق نظرية عامة، لذا فإن الكلى فى النظرية فى موضوع ما، يظل جزئيا ونسبيا فى

فى تحديد موضوع آخر، ومما يزيد من تفاقم الصعوبة اإلطار الكلى للنظرية التى تفسر الظاهرة، إن الرأى العام بقدر ما هو ظاهرة سياسية، فإن ظاهرة حضارية ال تعكس خصائص المجتمع السياسى حسب، وإنما تعبر وتجسد بوضوح كاف الخصائص الحضارية لهذا المجتمع، وهذا ما

راد يقود الباحث إلى السعى لحل اإلشكالية الحضارية إن أ

تحديد المسالك والقنوات التى ينطلق منها البحث فى تحديد .إطار النظرية فى أصولها وفروعها

وانطالقا نحو وضع مدخل للنظرية، فقد عمدنا جاهدين إلى البحث فى ظاهرة الرأى العام من خالل المستوى

" المكروكوزمى"وصوال إلى المستوى " الميكروكروزمى"رة فى إطار الخبرة التى أفرزتها للظاهرة، أى بحث الظاه

تطبيقات الظاهرة فى النظام الدولى المعاصر أوال، ثم عمدنا إلى وضع ذلك أمام الخصائص الحضارية التى تعبر عنها تجربة الحضارة العربية اإلسالمية ثانيا كى نصل إلى تحديد

.السمات النظرية العامةإلى ومن هنا فقد تركزت مباحث الكتاب فى السعى

انتزاع الظاهرة فى التفسير الغرب، والذى سيطر على األدبيات اإلعالمية والسياسية العربية ـ لألسف ـ إذ لم يسع الباحثون العرب إلى أن يفهموا الفلسفة الكامنة وراء حركية الظاهرة بالنسبة لمجتمعنا وحضارتنا، سواء من ناحية البنية

لتى عبرت عن الظاهرة االجتماعية والسياسية، أو الممارسة ا .بأسماء وأشكال مختلفة ومتعددة من جانب آخر

وأن القارئ وهو يتصفح هذه األدبيات، يشعر بخيبة األمل ألن أغلب ما كتب ال يتعدى أن يكون كتابا واحدا، أعيد ترتيب الصفحات فيه من كتاب آلخر، وما يلبث أن يظل

تفسر نتائج التساؤل الملح فى ذهنه، وهو هل باإلمكان أن

البحوث الغربية على مجتمع عربى مسلم، له اختالفاته البيئية كانت فى ) الجماعية(و) الفردية(عن الغرب، ولعل موضوعة

مقدمة اإلشكاالت التى تنسف الطروحات الغربية بالنسبة .لتفسير الظاهرة فى المجتمع العربى

فنحن إذن أمام إشكالية سياسية واجتماعية ولغوية يخية، تؤطرها إشكالية حضارية، ال يمكن تجاوزها بأى وتأر .حال

ومن هنا فقد تركزت منهجية البحث فى وضع مدخل :للنظرية، على البحث فى جانبين مهمين هما

اعتماد البحوث والنتائج العلمية التى خلصت إليها : أوال االجتماع، وعلم النفس االجتماعى، وعلم النفس العام، (علوم

وهو ما بدا واضحا فى تناول ) إلخ... بولوجيا الثقافيةواألنثرومستويات الجماعة ومكونات الرأى العام وتأثيرات ذلك على

ثم فى تناول قياسات الرأى العام مع تثبيت . الظاهرةالتحفظات التى نراها بالنسبة لهذه القياسات فى الوطن

.العربىهرة بالنسبة أما بالنسبة لإلطار العام لبحث الظا: ثانيا

للواقع السياسى الدولى المعاصر، فقد تمثل فى دراستها من خالل تناول خصائص المجتمع الدولى المعاصر، ثم موقع الظاهرة من النظرية السياسية، وعالقة التأثر والتأثير التى

.تمارسها أدوات االتصال الجماهيرى بالنسبة للرأى العام

ية هذا المدخل وما بين هذين الجانبين كانت خصوصتتجلى فى الخوض بأشكاليات الظاهرة فى البيئة العربية اإلسالمية، وهى اإلشكالية الحضارية والتأريخية واللغوية، التى تجعل الظاهرة ذات أبعاد نسبية تلتصق بنسبية وخصاص البيئة الحضارية اإلسالمية، والنظام القيمى الذى

ا واجتماعيا، والتى تنبع من يتحكم بهذه الحضارة سياسيا ودينيحقيقة واحدة، حيث ال انفصام فى مستوياتها المختلفة، وقد أظهرت نتائج البحث فى هذه اإلشكاليات أن للظاهرة خصوصيتها المتميزة فى تراثنا الحضاري، وواقعنا الحالى، والذى ال يقبل التفسيرات الغربية، وهذا ما انعكس فى رحلة

تعريف لظاهرة الرأى العام، يعبر عن البحث المضنية لتحديد .هذه الخصوصية بكل أبعادها المختلفة

وهكذا كانت محاولتنا بهذا الشأن، محاولة متواضعة الذى أظهر وبكل وضوح، أن ) البيئوى(انطالقا من المتغير

نظرية الرأى العام، تظل بالرغم من عالمية الظاهرة، ذات ما يجعل من اكتشافات بعد محلى بحت فى الوقت نفسه، وهذا

اآلخرين المطلقة بالنسبة إلى مجتمعاتهم، ذات بعد نسبى بالنسبة إلينا، أو لألخرين الذين يماثلوننا، والنظرية أيضا بهذا

.االتجاه، ستظل فى إشكالية بحثية من جانب آخرلذا فإن النتائج التى خلص إليها الكتاب، هى محاولة

اطته أن نلج التفسير متواضعة لوضع مدخل نستطيع بوس

لمتغيرات الظاهرة، ونحن على دراية ومعرفة بشعابها، تنأى بنا عن الخلط والوقوع فى شرك عالمية الحقائق السياسية واالجتماعية، وبالرغم أن عالمنا بفعل الثورة االتصالية قد أصبح قرية صغيرة، ولكنها قرية فى شوارعها العامة فقط،

.نا ال تتشابه مطلقاأما منازلها فقد ظلت مد واهللا الموفق