طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

٤........................................................خالتي موزة ٩...................................................... مربوطة..تاء

١٥..........................!..!..للسيدة" حريما "عندما كان الرجال ٢٥.....................................................ما فيها شيء

٣٥................................................. وهو.. وهو..أنا ٤٠....................................................هال يا عيوني

٥٢....................................................... آه..الثالثة ٦٧........................................................فتاة وحيدة

٧٩..............................................أوجاع امرأة ال تهدأ ١٠٠......................................................رنين جسد

خالتي موزةخالتي موزة" موزة"دون غيرها يمكن أن يطلق اسم " الخليج"في بالدنا

في ، لم أفكر "موزة"على البنات، كانت إحدى خاالتي تسمى :معناه، إال عندما قالت لي أمي ذات مرة

.خذي موزة تغذيك :تساءلت

؟ا أيضلهل خالتي لألكمن أطيب " الموزة"مع الزمن، والعمر، عرفت أن

...الفاكهة عندما عرفت هذا لم تكن خالتي رشيقة .. ورشاقة..رائحةولكنها كانت تضع المسك والورد في طيات .. كالموزةوأصبحت أتعامل .. نسيت الموضوع كلهمع الزمن.. ثيابها

ا تمامابعيد.. مع فاكهة الموز كما أتعامل مع التفاح والبرتقالعن الشعور بخالتي موزة التي كبرت اآلن وكثر عيالها،

..وبعضهم أخذ وظائف محترمةانتقلت إلى فيال خاصة، حين أصبحت لي .. مع الزمن

البستاني شجرة في الحديقة الصغيرة زرع... أسرتي الخاصة

..عرفتها من أوراقها العريضة، تذكرت خالتي.. موز :وتساءلت

هل أوالد خالتي يزرعون أشجار الموز أمام الشاليه الذي جازاتهم؟ وهل يبتسمون حين ينطقون هذه أيقضون فيه

..!الكلمة، أم تعودوها، كما يتعود كل إنسان اسمه؟ أصبحت عالية حين اقترب البستاني من شجرة الموز، وقد

رفع .. تتجاوز في ارتفاعها قامته، كانت في يده فأس صغيرةقلبها /بها يده يريد أن يضرب الشجرة في جذرها

..!..!ليقتلعها :صحت به

ماذا تفعل؟- ظهر أثر ذنب . الرجل بنبرة الفزع، اعتدلئفوج

:ال يعرفه في عينيه، قال .. سأقتلع الموزة-

:قلت . سمح لك؟ كيف تقتلعها ؟ من- . حسب األصول-

..! أصول ؟ة؟ أي..!..! األصول - . أصول الزراعة- أصول الزراعة؟ من علمك هذا؟-

قال وقد نفد صبره لجهلي بقواعد البةنتس: كل الدنيا تعرف أن شجرة الموز تطرح ثمرها مرة -

..واحدة ..!مرة واحدة؟ -

.. سنة واحدة، ثم..فقط -

..ثم -

طي الفرصة لعيالها أن تكبر البد من اقتالعها لتع - ..وتثمر

:قلت بتهكم لم يالحظه ..!..!..يا سالم -

:قال بثقة ..نعم، إذا لم نقتلع األم لن يكبر أوالدها

في .. فكرت في خالتي موزة.. سرحت.. شردت ..أوالدها

يكبر أوالدها؟ فزعت هل من المحتم أن تموت خالتي لكي إال خالتي .. اومةمن تخيل هذا المنظر، رفضته، قررت المق

..!موزة :قلت ..اسمع - ..نعم -

.أترك الموزة األم، واترك عيالها -

..ال يجوز -

:قلت .اتركهم -لن نجد فيهم أي ثمار . نتركهم، ولكن على مسئوليتك -

.افي الموسم وأنا أعلمك بهذا مسبق

:قلت له ..وعيالها.. أريد خالتي.. ولو، ال أريد الثمر -

م أكن أعرف ماذا قلت إال نظر إلي بدهشة، لم يفهم، ل :وقال. عندما قلب عينيه في

خالتك؟ ما شأن خالتك بهذه الحديقة؟ أنا المسئول - ..وأنت تدفعين لي في مقابل هذا العمل

:قلتسأدفع لك ما اتفقنا عليه، ولكن ال تلمس .. ما عليك -

..الموزة، وال عيالها.. خـ ..كيفك، ولكن مرة ثانية أقول -

:اقال مؤمن ..تمام -

ترك خالتي موزة وعيالها، يرسلون الخضرة والظل أمام أثمرت خالتي ومن حولها سائر أفراد .. الفيال، في الموسم

..!..!العائلة

* * * * * * * * * *

مربوطة مربوطة....تاءتاءتترامى مساحات الجسد فتبدو من بعيد كأنها حوت يونس،

سكنى يتقاطر الطابور ويختفي في داخلها وكأننا نعود إلى على العتبة الفاصلة تداخلت أصوات من الهدير . الكهف

أدركني .. والفحيح والزئير والحشرجة والتشنج، وحتى النباح :قلت. شيء من الوجل والقلق

ماذا تخفي هذه األصوات العجيبة، وهل للحديد مشاعر متى سيكشف عن أسراره؟.. وعواطف يضمرها؟ وإذا كان

مة مصبوغة األظافر امتدت كف ناعقدمت البطاقة، أومأت لها . بعناية، تناولتها، نظرت فيها، تقدمتني إلى المقعد

. شاكرة :قالت بعربية فصيحة

. نحن في خدمتك يا سيدتي- جسمي في المقعد، يشده التعب واإلجهاد كأنني كيس انحط

رمل، السفر قطعة من العذاب حتى في عصر الصواريخ قبضت يد . ن حزام المقعدبحثت أصابعي ع. عابرة الكواكبلم يكن منظره يوحي . تطلعت بفزع وهلع. خشنة على يدي

انكمش جسدي، ولكني قلت . بالفظاظة التي أعلنتها حركة اليد :متحدية ..الرقم.. انظر..!..!ناك شيء؟ هذه بطاقة الحجزه - ..!..!الرقم صحيح، والمقعد خطأ. أعرف -

..لم أفهم -

..تفهمين.. وهناك.. تتفضلين بالقيام معي -

. أي هناك؟ لن أغادر هذا الكرسي..!هناك؟ -

ارتفعت نبرته، جحظت نظرته، ظهر الزبد على جانبي :فمه، ازداد ضغطا على أطراف أصابعي

.. الطائرة مقسومة.. ليس عندي وقت أضيعه معك -.. عندنا االختالط ممنوع. الجزء األمامي للرجال .أظن األمر واضح اآلن

: المقعدقلت متشبثة بجانبليس كما تظن، أنا حجزت على رسم تخطيطي -

.للطائرة، وهذا الكرسي يخصني أنا بالتحديد :ارتفع صوته

، والقانون ال يحمي )يعصك(ال يخصك وال - ..المغفلين

:زجرته غير هيابة ..!كيف تقول إنني مغفلة؟.. التزم األدب -

:ال تزال يده تضغط أصابعي حتى الوجع بين ا السيدة التي تحجز مكان..ال تحاولي إرهابي -

أو شيء آخر لو نطقت به .. الرجال إما أنها مغفلة .ينالني عقاب جنحة سب

الذي ئأدهشني تصميمه وجرأته وتحديه للجو الناعم الهاد عبارته األخيرة أشعلت نار الغضب في .تعودته في رحالتي

. عرف ما أفكر فيه. قلبي، جذبت يدي بقوة، فكرت أصفعهنصف خطوة، نادى تلك الحسناء التي أوصلتني من تراجع

اأمرها وزميلة أخرى لها بإخراجي من المقعد، متوعد. قبل .أنني إذا قاومت سيطردني من الرحلة

قمت، اقرأت الجدية في الوجوه الثالثة، لم أجد مفر ،كان المقعد . لم تكن القسمة عادلة. مضيت في اتجاه الذيل

نظرت إلى . ، ال يسمح بأي حركةائيب، خشنا، كاالبديل ضيق

في صمت أشار إلى المقعد، .. الرجل والفتاتين من خلفي :وقال كلمة واحدة

..هنا - :وقالت الفتاتان

.القسمة والنصيب - :صرخت

ولكني دفعت دنانير بقدر ما دفع أي رجل من هؤالء - .المتصدرين في مقدمة الطائرة

:قال الشاب ..لحيهذه حقوق مكتسبة للشوارب ول -

:صرخت مكتسبة؟ ودنانيري؟ -

:قال الشاب .دنانيرك المزعومة حق الرجل -

.. تعلق بصيص األمل بالفتاتين. عجزت عن التفاهم معه :اتجهت إليهما

هل توافقان على هذا الكالم؟ -

:قالت التي لم تتكلم من قبل وهل نملك االعتراض؟ -

:صرختلماذا ال تملكان االعتراض؟ هو مضيف، وأنت -

.. لك مثل ما له من حقوق.!..!.مضيفة :قال. اكتفى هو بنظرة هازئة

تلك .. هناك فرق.. مضيفة.. ف؟ مضي..!.. أرأيت - ..التاء المربوطة

:قالت األخرىألنها .. هناك أمر آخر ال تريد الزميلة أن تعترف به -

..!..!..!القديمة :عادت توضح.. لم أفهم

تي وزميل.. أنا الجديدة.. إنه زوجنا.. ببساطة - ..فكيف نعترض على أفكاره.. القديمة :قالت القديمة

- الغوا هذه .. أصل الكارثة.. التاء المربوطة.. اأبد ..التاء اللعينة، تستقيم العدالة

:قالت الجديدةالتاء المربوطة هي التي جعلته .. ال تصدقيها -

البد من .. وانصرف عنها.. يطاردني حتى تزوجني ..االحتفاظ بالتاء المربوطة

بدا .. نظرت كل من الفتاتين لألخرى في تحفز وتوجس.. انكمشت في الكرسي خائفة.. ا سيحدث وشيكاللي أن قتا

:، وهو يقولاأما هو فكان يستدير هازئ ..!..!وأنا السلطان.. حيلكم بينكم-

:صحوت من إفاءتي على صوت المضيف، يقوللحمد هللا ا.. نتأهب للهبوط بمطار الكويت الدولي.. اآلن-

على السالمة، ومن أجل سالمتكم نرجو التزام المقاعد حتى .. تتوقف الطائرة

* * * * ** * * * *

..!..!..!..!للسيدةللسيدة" " حريما حريما ""عندما كان الرجال عندما كان الرجال سمعت صوتها كأنها على بعد .. امن مسافة شاسعة جد

.. خطواتكانت .. رحت أحدق.. لم أجد من يحادثني.. ليتلفت حو

مساحات شاسعة بيضاء .. زعيمةإنها . تجلس أمام الكهفوثمرة التوت مغروسة . تعلوه كرتان من القشدة. تحدد الصدر .تلتمع بالعسل.. في قمة الكرة

إذ .. زاد عجبي. إنني أرى حركة فمها رغم البعد الشاسعفكيف . لو كان معي ميكروسكوب بهذه الدرجة من الحساسية

سافة على اكتشاف المنظر من هذه المصارت عيني قادرة ..!الطويلة؟

:عادت تقولعرفت أنها تقصدني، .. أقبلي.. ال تخافي المطر -

لها وعندي أمل أن تسمعني كما قلت.. طويت المظلة :اسمعها

..!..!أنا خائفة -

أنا خائفة منك البد إنها : كبحت الكلمة األخيرة كنت سأقول. نهضت. عرفت ما كنت سأقول. تملك حساسية مدهشةعتين، ترتفعان حتى تصال إلى موضع ظهرت ساقاها رفي

:االستدارة فيحدث اندماج ال بأس به، قالت ..أنا لو.. ال تخافي مني -

:قلت لها . اقتربتكنت ..أنت لو وأنا ألولوه.. أنا لست خائفة -

نظرت .. تلتمع ببريق صاف. ابتسمت عن أسنان بارقة :قالت. إلي من حولها

..أنت منا يا لولوه - ..أتشرف -

.قلتهكذا لم أعرف . تكدر وجهها الطازج مثل الفاكهة الصابحة

كان ظهرها العاري .. استدارت شبه معترضة.. السببينسدل من كتفين متسديرين ليتجمع مع الشعر .. الجمي

ثم ينبسط . المنهمر في عناقيد تصل إلى مستوى الخصر .. عند اجتماعهماالالردفان في شموخ يرتفع قلي

سألت .. لها الوحشي وعريها الجميلمألت عيني من جما :نفسي هل لو ..! أنثى مثل ساكنة الكهف؟اهل أنا حق -

مجرد افتراض يمكن أن أمارسه .. تجردت من ثيابيهل سأشاهد هذه .. في لحظة جنون أمام المرآة

...!االحتفالية للجمال؟" المظاهرة" ..لو كان

لماذا اخترعوا األحزمة، والبوركات، واألحذية ذات .. و.. و.. والسوتيانات.. الكعب العالي، والكورسيهات

بكل " األندروير"و.. وكريستيان ديور من أوله إلى آخره ..!..!مشتمالته؟ وعمليات التجميل

..!..!إلصالح ما أفسد الدهر من جمال حواء" ورشة"إنها :قلت في نفسي

..!ماذا أغضب السيدة لو؟ أو لعلها اآلنسة لو؟ - :قلت في نفسي

هذا الجمال لو فرقته على .. حرام.. ال..!نسة آ -تدير رأسه مائة " قضمة"العالم كله لنال كل رجل

..سنة ..!..!حرام أن تكون آنسة

..!المعاني التي دارت في ضميري؟" لو"كيف قرأت :قالت

.هؤالء أزواجي.. ال ترتبكي -كانوا نحو عشرة من .. نظرت.. مع هذا. .اشهقت فزع أجسادهم برونزية وقاماتهم مدكوكة كأنهم ..ذوي الشوارب

.سيدخلون مسابقة كمال األجسام هكذا قلت..!أزواجك؟ -

لكن الرجال العشرة قفزوا . قالت كلمة واحدة لم أفهمهافقد كنت .. اخاضعين، ونطق كل منهم اسمه الذي لم أتبينه أبد

، الويظهر أن بعضهم كان منفع.. منزعجة من منظر عريهمكان .. ، أو يتأهب ألداء وظيفته الزوجية"لو"ي أو يفكر ف

االمنظر عجيب!..!.. :قالت

- بالوي .. رد أزواجيى؟ إنهم مجلهل أنت خج ..ال تصلح إال للبيت

تغير .. كانوا يقفون أذالء، كأنهم في طابور السجن -" لو"المنظر بعض الشيء، بعد أن سمعوا سخرية

ذهبت الرغبة فحدث هبوط عام، بل زاد حد .االنكماش عند بعضهم

:لو"قالت ال شغل لهم غير األكل .. انظري كم هم مقرفون -

أقسم باإللهة ديميتر إلهة .. والشرب ومالعبة أطفاليلوال شفقتي عليهم ألرجعتهم إلى .. الخصب المقدس

..أمهاتهمآه من عينيها البنيتين .. اكنت اآلن قريبة منها جد

..الصافيتين مثل العسل :فسيقلت في ن

كيف ابتسمت هذه العيون الصريحة الصافية لعشرة -بعد اآلخر؟امن الرجال واحد !..

.. عشرة من الرجال.. كان للرقم رنين غريب في نفسي ؟المرأة واحدة

:جأتنياف كم رجل عندك؟.. لولوة -

:أجبت بسرعة أنفي التهمة- واحداطبع .

:قالت بدهشة مستنكرةأكثري .. ي أمثالنا هذه فضيحة ف..! واحد؟..!واحد؟ -

فالذي .. من األبقار والرجال قدر االستطاعة . ال يصلح للحلب

..!..!يصلح للحرثنظر الرجال العشرة في األرض خجلين من أنفسهم،

فرأيت جمالها الفارع من واستدارت من جديد، " لو"وقهقهت ثم مواجهة، حيث تلتقي خطوط المنحنى .. زاوية الجنب

.وتتفرع :وقالت. ا على فخذيها في بياض الحليبضربت بيديه

أقسم بديميتر المقدسة أنت على حق يا لولوة يا - .النا منهم؟ يكفي واحد فعذماذا أخ.. عيوني

):عادت تكرر(

.ماذا أخذنا منهم -.. هنا نظرت إليهم، كان العشرة في حالة انسحاب مطلق

:وقالت بشماتة. ساخرة" لو"ضحكت رجال .. شيء مخجل. .انظري.. وال هذا.. حتى -

..!..!آخر زمنالسؤال ال يزال . ، إنه شيء مرعب ومقززالم أنظر طبع :يلح علي، قلت لها

كيف تزوجت عشرة؟ - :قالتهذا اصطدته من الغابة، .. كما تتزوج كل النساء -

، وذاك دفعت فيه اقايضت عليه بقرة وثور.. وهذا ..ألمه السكيرة.. جرة من الجعة

:قلت هل دينكم يسمح لك بتعدد األزواج؟..لم أقصد -

: قالت

ديميتر نفسها إلهة الخصوبة ..!لماذا ال يسمح؟ -آخر .. وهم ال يكفونها.. متزوجة من جميع اآللهة

..!أخبارها أنها تبحث عن عشيق :قلت مندهشة

ومع هذا تؤدين لها العبادة؟ - " :لو"قالت

..! كيف تكون إلهة وتضايق نفسها؟..!..!هي حرة - : مندهشةقلت ..هي قضية نظام.. هذه ليست قضية مضايقة -

: قالتأختار من بين هؤالء .. أنا المسئولة.. أنا مع النظام -

وأسلمه ابنه .. من أريد أن يكون األب للولد القادموأحضر له الطعام إلى باب .. ليربيه كما أريد

هل يحلم بأحسن من هذا؟.. الكهفوهززت .. أصدمهاقالت عبارتها بثقة، فوافقت حتى ال

. ودفعته نحوي. فجأة بيد واحد من رجالهاأمسكت.. رأسي :وقالت

.إذا كان يعجبك خذيه لك". تشا"هذا اسمه -ولكني . كنت أعرف أن هذا غير ممكن، فأنا متزوجة

أراد أن . كان في نظرته خضوع.. التقت عينانا.. نظرت إليهإليه، ".. لو"أشارت . على طريقتهم .. يظهر دليل الموافقة

:وقالت ..اال يزال صالح.. انظري -

وهو . أصحاء.. يمكن أن تستخلصي منه عدة أطفال ..!..!المهم

على سبيل " لو"قلت لـ . حولت وجهي ناحية أخرى :الشكرأنا فقط رأيت أن .. لم أفكر في حرمانك من أزواجك -

أعرف على الطبيعة كيف كانت تعيش المرأة من ..عشرين ألف سنة

: لوقالت ..!هل أعجبتك حياتنا؟ -

ماذا أقول؟.. فكرت في الجواب ..!..!لصمتالزمت .. غير مقبول. حالةالجواب على أي

:تقول" لو"عادت ..!أم أيامكم؟.. أيامنا أحسن -

وانطلقت من .. فتحت المظلة.. الم أجد جواب.. مرة أخرى ..!..!جديد أسير تحت المطر

سأل أزواجها في وهي ت. المنفعل" لو" وجاءني صوتأمرنا .. لم تقبل أن تخلصني ولو من واحد منكم :ضيق

يجهز .. صاحب الدور يدخل الكهف.. لديميتر المقدسة ..!..!ال راحة في الدنيا.. أف.. نفسه

ما فيها شيءما فيها شيء .."واهللا العظيم وردة.. وردة"

رشت العطر على الصدر وامتداد الذراعين، أضافت وهي :م المرآةتدور حول نفسها أما

".ال ينقصها األريج" ذاكرتها قول الشاعرابتسمت وقد اعترض :

"..!..!أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا"مع أنها مسرورة بالوصف ألنه يناسبها، تضايقت أن ذيول

المشكلة ..!..!المذاكرة تطاردها حتى وهي تتزين للخروج الماضي، أنها لم تعرف مع أنها حفظت هذه األبيات األسبوع

...!هل قالها البحتري، أو أبو تمام؟فكرت أن تترك المرآة وتعود إلى صف الكتب لتوقف

:لكنها تحدث نفسها.. سيل القلقبالطقاق، ما الذي سيجري في العالم لو كان قائلها أبو -

..!..!العالء المعري؟ أو الزمخشري حتى هل كانت تكلم نفسها بصوت مسموع؟

كن صوت أمها اقتحم عليها تأملها ، لالم تعرف تماملنهديها وخصرها، وإعجابها الزائد بأماكن االستدارة وقصة

االبلوزة عندهما، صوت األم مكرر: ما تسمعيني؟.. يا بنية.. مريم -

فكرت أن تخفي بسرعة قلم أحمر الشفاه، ولكن هل أن تعيد زجاجة العطر ..!ستخفي اآلثار من على الشفتين؟

... ولكن الرائحة تنبعث من جسدهاإلى درجها، ... يا يمه سامعة واهللا...نعم" أمري هللا" -

..كانت وصلت إلى باب الغرفةهذا .. تقولين الزيارة في مستشفى.. يا بنية تأخرت -

..وقتهالتداري ارتباكها، جهزت " انتباه"وقفت متجهة نحو األم

كما بسرعة فائقة عبارات الدفاع عن نفسها، جرى السيناريو أمها.. أنها...اتوقعته تمام ..ا حافظتها جيد:

أنت صغيرة على .. ال يا بنيتي ما هذا يا مريم؟ - ..العطور

.. وتخفي رائحة العرق.. هرةطكولونيا يا يمه، مادة م - . بس

:ردت األم متشككة ..!بس؟ - ..!..!بس -

..!تناسب زيارة مستشفى؟.. وهذه البلوزة الشفافة -

نقها، كنوع من أسلحة المقاومة، أقبلت على أمها تعاترددت حتى ال تكتشف أحمر الشفاه، راوغت باالستدارة

قالت وهي تفتح حقيبة يدها الصغيرة وتنظر لالشيء اجانب ،في جوفها الخاوي إال من المناديل الورقية، وقطعة حلوى

:منسية ..!مناسبة؟.. األلوان..المهم -هذا .. ىفي مستشف.. صديقتك مريضة...يا بنيتي -

... هذا يناسب..اللبس ال يصلح

:قاطعتها بغير حدة

بيت .. يناسب زيارة أقاربنا.. عارفة.. عارفة يا يمه -وامتحاناتها حولتنا إلى لكن متى؟ الثانوية .. عمنا

..محنطين في صناديق حجرية اسمها البيوتتقولين زميالتك .. زيارة مريضة..لكن يا بنتي -

:عت أمهاقاط.. مرة أخرى.. كلهن

أكثر من هذا، وأحسن مني، ليس نزميالتي يلبس - ...عندنا فرصة أخرى للبس والخروج

..لكن يا بنيتي -

:هذه المرة بقبلة على خد األم" المقاطعة"كانت .باي.. باي.. الموعد ال يحتمل..خالص يا يمه -

كالفراشة طارت، حرصت على ركوب السيارة حتى ال على البنزين ليضاعف السائق األريج، ضغطت قدمها يتبدد

من سرعته، استرخت في مقعدها عندما رأته من بعيد يقف ى أن تردد أسمه بدون ألقاب، كم أمام مدخل الحديقة، كم تتمن

تتمنى أن ينجح تدبيرها ويسيران في شارع ال يعرفهما فيه هل سيحتفظ بيدها بعد أن يصافحها؟ ال؟ فكرت قلياسوي.. أحد

. فماذا تفعل؟.. إنه قد ال يمد يده إليها:شعرت بالقلق

رضيت عن الدنيا اانطلقت من باب السيارة أمامه تمام ،حين رفعت حركة نزولها ذيل التنورة من مستوى القدم اجد

إلى ما يقارب الركبة، الهواء شارك في أن يكون األمر لكنها أحبت أن تشعره بأنها غير منزعجة من عينيه اطبيعي ، ..ل ثيابها أو تتمهلفلم تعد

:وهو ينظر في ساعته- افي موعدك تمام.. بإرادة صارمة توقفت عن نطق (صباح الخير -

).اللقب

أنت طراز فريد ) تلفت حوله.. (ليت زميالتك مثلك - .يا مريم

..كالم له معناه، ال أحد عنده مثلها.. انتشي قلبها ..!صحيح؟ -

يده للسالم تتطلع إلى وجهه الحليق بشغف، لماذا ال يمد .. عليها؟ في الظرف المعتاد، ال يوجد دافع للمصافحة، اليوم

المناسب، والمكان المناسب يختلف، هل الشعور مختلف؟ خاتم الزواج في مكانه، لو أنه .. سرىتطلعت إلى كفه الي

.كانت ثورة تفتح الطريق.. وضعه في جيبه

هل وصفت لهن المكان بدقة؟ -ا، تحركت عيناه في اتجاهات لم ترد، ظن أنها هزت رأسه

مداخل الشوارع المطلة على الدوار، تحركت معه كأنها وضع يده ذات . تشاركه التوقع، كانت تفكر في الخطوة التالية

:نظر إليها. الخاتم في جيبهما دمت وصفت لهن المكان، أخشى أن يكون -

االختالف في الموعد، هل أخبرتهن أن التجمع في العاشرة؟

كانت على ثقة من أنها تؤدي كل ما يطلب منها لم ترد، اعتقد أنها هزت رأسها مرة أخرى بالموافقة، . بطريقة سليمة

على كعب، كان الكانت تعض على شفتها السفلى وتدور قلي :يسأل نفسه

..!زين، لماذا لم يحضر أحد؟ -أحست أنه من الضروري أن يحدث شيء يحسم الموقف،

:فكرت يستنتج؟ الحل الثاني مناسب هل أقول ؟ هل أتركه -

.اآلن

سيغضب، وال تدرياولكنه حين يعرف الحقيقة غد .... إذا اعترفت له.. ربما ينقلب عليها ويسخفها أمام زميالتها

لم تعرف ..!..!أو الهزيمة.. النصر.. تكون معركة فاصلةهل األحسن أن تكسر نظرتها وتحني رأسها إلى األرض؟

نظر إليه ليعرف أنها فعلت هذا من هل تظهر تعلقها به وت أجله؟

:فاجأها هل هناك شيء؟ -

تطلعت إليه لحظة، انحرفت بعينيها ا عميقاأخذت نفس ، :فانطلقت نظرتها مع المجهول

......الحقيقة أنني نسيت إخبار - :امندهش

نسيت - ..!..!كل الناس تنسي -

.، لكن كان من الواجب إخباري وإلغاء الزيارةالفع -

إنها التي دبرت هذا النسيان المقصود؟ المناورة هل تقول :اأكثر أمان

كنت قد اتصلت بمنى في المستشفى وأخبرتها - ..ويؤثر على نفسيتها اإللغاء يحزنها.. بالموعد

وماذا نفعل اآلن؟- -

..!..!نذهب -

وأنت؟.. وحدنا؟ أنا -

..!..!..ما فيها شيء.. أنت أستاذها، وأنا زميلتها -

ثل أشعة الليزر، إلى الهدف، ال يوقفها انطلقت كلماتها مبماذا .. تعلقت عيناها بشفتيه.. أفرغت شحنة االنفعال. حاجز

يحكم هذا القاضي المتصلب؟أخرج يده من جيبه، لمع خاتم الزواج تحت أشعة الشمس،

لن اتحيرت نظراته على مداخل الشوارع، مع علمه بأن أحد تابعتها بدقة من ..تجمعت النظرات على وجه مريم.. يأتي

من .. تسرح من الشعر إلى الثغر.. تحت جفون منكسرة .رأت أن تساعده على قرار الموافقة.. النحر إلى الصدر

- ها ".. أوتوجراف" أنت أحضرت لها .. انذهب سوي هو

..وأنا اشتريت لها هذا اإلطار لتضع فيه صورتها -

وزميالتك؟ -

- ن بهذه ال تخبره: تمنت أن تقول (انعتذر لهن غد ..!..!ونكررها بعد أيام) الزيارة

، بحثت أصابعه عن مفاتيح سيارته، تحرك اللم يفكر طويتهلل وجهها .. يده إلى مريمنصف خطوة رجع فيها، مد

واستعد ألن يكون مشرقا بالسير إلى المستشفى القريب إلى جانبه، تجرأت بالنظر مباشرة في عينيه، رأت بدقة لونهما

رأت أكثر ما فيهما .. امق من أقرب مسافة ممكنةالبني الغ.. ، تستطيع اآلنافرحت به جد.. من سعادة تريد أن تنطلق

ربما تناديه باسمه المجرد، كما تفعل حين تكون وحيدة، مدت خاتم الزواج .. يدها لتسحبه في االتجاه، قبضت على كفه

انتصرت .. نتوء مغلق مثل شوك السمك حين يعترض الحلق هو –قلقها المؤقت، وغيرت وضع يدها حتى ال يشعر على

:قالت بهمس النجوى.. بالخاتم–اآلخر .ومنى تنتظر.. و.. ا الموعد اآلن مناسب تمام..هيا -

فجأة، بدون حدة، سحب يده، أعادها إلى جيبه، أخرج :األوتوجراف، قال

.. سنجدد الموعد.. ، قدمي لها هديتيىاعتذري لمن -اونذهب جميع..

:الت آسفة، تحاول إنقاذ الزورق من الغرق المؤكدق هب وحدي؟هل يرضيك أن أذ -

عيناه اآلن ..ى ليلتقطهانحناسقطت سلسلة المفاتيح، مستقرتان على ظهر سيارته الواقفة على الجانب اآلخر من

..الدوار ......سلمي.. أن تذهبي وحدك.. المناسب -

ألبيض بين حين احتوت صديقتها الراقدة في السرير اأحضانها، انطلقت دمعة وحيدة من عينيها، غسلت خدها وخد

:قالت تخفف عنها.. بحنان صديقتهاا، التي تأثرت جدىمن .واهللا بخير.. أنا بخير.. ال تبكي يا مريم -

تنهدت، شدت عليها في حضنها، قبلت مفرق شعرها، .. قبل أن تنزل دمعة أخرىالابتعدت قلي

* * * * ** * * * *

وهو وهو.... وهو وهو....ااأنأنوجدني معه في حالة من .. فجأةعندما اقتحم الغرفة

في اكنا مع.. الذوبان، حتى ما استطعت النظر إلى عينيهأدار ظهره وصفق الباب .. لم ينتظر حتى الرد.. توحد لذيذ

.. فسيأزعجنا صوت الباب، ولمته في قرارة ن.. بقوة . يفصمهاي لم يستطع أن الذواسترسلنا في حالة التوحد

اال أدري، بل أدري ماذا يعتريني من حالة خاصة جد أبدأ باالقتراب، وقد جرت العادة .. عندما أنفرد به وينفرد بياأنه هو المرهون تاريخيأنا . ا باالقتراب، ال أضع طقوس

بالتحديد أخرج عن المألوف والدارج من األعراف أقترب منه .. وأفرح كوني تجاوزت.. والمنظومات التابوهية

أدغدغ أطرافه، قبل أن أصل إلى الرأس، أضمه .. أتلمسه.. متلهفة منساقة بوعي وإصرار.. اوأقبل حين.. اأحيان

يفتح شهيتي أكثر للفعل، أقدر فيه امتناعه أحيانباورغبة، إنه ، خاصة في حالة إجهاده ا ال أجحد له مبرراوكثير.. اأحيان

دون سواه أنه باآلخر ال يمانع المبهج فيه .. واستنزافه

شغف وسبق حتى تتالشى بيقبل .. يتجاوب دون افتعال ..أطمئن، أعطيه أكثر.. الشكوك داخلي

ذات يوم شكاني . بجرأة غريبة. أنشغل به عن سواه ابتسمت.. في االلتزام واألولوياتاأعطتني أمي درس.. ألمي

ي في عف ما استطعت وما استطاعت أن تعي ضولم أعلق،ى أذوب فال وإلى أي مد.. لحظات االستغراق والتوحد

بني من قربل هو في محاوالته هذه ي.. أغوص أكثر معه..أرد.. ابتعد عنه واقترب من ذاك.. يرفضهيذاك ويجعل داخل .. كأنه.. كأنه يعني كأنه يريد.. كأنه يسعى لذلك

ال أدري، ما أدريه حالة الوجد والصدق، االنجراف مع قدسية، وذاك كذلك ال يعصيني، .. عشق.. تلبت.. تعةاك مذ

.. وعندما أرى ذوبانه.. تجاوب معي إلى أقاصي الحدودياتأتجاهل .. أتناسى..ىأنس.. بال افتعال.. صدقه.. شوقه.. ولعه

.ومن أمي.. النقدات منهلم .. ، وكنت في توحدي مع اآلخراذلك اليوم جاء متأخر

عند اقتحامه الغرفة، وواصلت .. رت إليهنظ.. اأعره اهتماملمته في قرارة .. يومهااصفق الباب، وأيض.. مع ذاكيفهم، . .هو يقدر.. هو ليس بصغير.. ألومهنعم.. نفسي

.. يتالشى داخل ذاته.. ميتقز.. يضعف أمامنافلماذا .. كبيرزمان كان هو يحرضني على االقتراب من ذاك، على

النشغالي عنه بذاك اعتب أيام.. ب منهعلى التقر.. احتوائههو من األسباب الرئيسية .. هو.. وانشغالي بنفسي أكثر احتى أضاء في سماء رغباتي حافز.. لزيادة الحب لآلخر

أكبر للعطاء، ووجدتني من خالل توجهاته ونصائحه أعود .. بشوق وحميمية أكثر خاصة عندما ننفرد ببعضنا البعض

ننسى .. نحلق.. بتلهف يجرفني.. أقبليقبل.. يقترب أقترب بي نسخن، يصب.. نبرد.. ننسى الداخل.. الخارجوننسى الكون .. نذوب. أعطيه سخونة أنفاسي.. عصارتهوكيف ال وقد .. في حضرته أحس أنني ملكة.. الخارجي

.. نتخاصم.. وأصبح لي.. فكان.. فضلني على كل النساء أحيان ربما في.. نختلف ونتفق.. نصفو.. ، نتزاعلىنرض

كثيرة أفضله عليه لهذه الميزات، ديمقراطيته السمحة عنه الديكتاتور الذي متى ما أرادني أمرني بترك كل ما في يدي

قترب ألم يفكر ويسأل نفسه لماذا أفضله عليه و.. من أجله.. لم يكن يعي بأن اآلخر هو البحر والشجر.. منه أكثر وأكثر

بل لم يكن يريد أن .. لم يكن يعرف..الشمس والنار والزهر

كلها بل بعض اليعرف بأن عالقتي باآلخر لم تكن عس اتشلني ساعات وأيام.. قرصات، أوقاته كانت تميتني

حتىاوشهور ..اأعود إليه بحب، متعلقة صوب األبعد، مع في خاليا .. نعم لقد كان يستقر في تجاويف القلب.. نسبحهكذا كنا أنا وهو .. صحوه ومماتهونبضات العقل، .. الروح

..مغارة أسرارنانبتعد عن بعضنا، ونعود نتوحد داخل .. الحب.. من وريد مشتركىنتغذ.. يحتوينا رحم المكان

وهل يحب .. ونكون في زنزانة نرضاها باختيارنا أنا وهومثل الرهبان نسبح .. أنا وهو نحب.. المسجون زنزانتهنغرد .. نتالحم.. كي نتوحدنسبق الزمان .. بخضوع وخشوع

بل نسبق الزمن بلهفة، نبتعد عن لوثة الخارج وصخبه ، افي عالقة حميمية نغرد، يمد لي يده هادئ.. وصراعه

يشعر أنه .. أحاسيسه.. ، ال يكبت دواخلها، صادقاعفويصالة .. ى صالة الحب والهوانصلي مع.. معتزلي.. مالذي.. أحبه أكثر منه.. رس أ غيرلذا فأنا أسيرة من.. ىالنجو

تشكل في كلمات عسل القلب، يتجمد في .. تدفق بحر الزهرحروف، أخفيت في باطنها أسراري، كشفت في سياقاتها

ما أحمل وليدي، رفعتها كما أقنعة عالمي الوردي، حملتها ك

تاجي ليلة زفافي، أودعتها نحو مشرق الشمس لتحملها أرفع إلى مكامن العشق وتالفيف رسالة حب في نورها، يتسلل،

نتظر لحظة الميالد، لن يطول أوحيدة الفكر، جلست انتظاري، عدت فرحة بالوعد، مال خيالي على إطاللة وجهه

.سمي ويقدمني بطاقة حب إلى الواعديناالجميل يحمل ن المطبعة بعد أن سلمتهم الجزء األكبر من ملحمة معدت

أنجزت ما في داخلي، الحب هذه، توجهت إليه متلهفة بعد أن لم أجده، وفي زاوية الغرفة وجدت اآلخر .. بحثت هنا وهناك

اينزاأللوان من أطرافه األحمر/ تتساقط الدماء .. ألم ..لقد استغل غيبتي واقتحم عليه .. األسود.. األخضر.. األزرق

وفي .. المكتب، دخل معه في صراع، يبدو أنه تغلب عليه ا، مسموماحبيبي متكسر/ ية وجدتهالجهة األخرى من الزاو .لقد انتصر عليه، شريكه بي.. بفتافيت الغيرة والغضب

* * * * ** * * * *

هال يا عيونيهال يا عيوني محتدم الوجه، يقف على المنصة، نظرته الفوهرركان

النارية تثير الصفوف المتراصة باتساع الميدان، وقصته غطي كل األعالم الحمراء ت. تتدلى على جبينه" جناح الغراب"

لكن الصلبان عليها ليست كلها .. المداخل وتتقدم كل الصفوفى بحصر أشكال الصلبان، وأخذ عجيب راح يتله..!معقوفةهذا معقوف، وذلك صليب عادي، وذلك دائري : يعد

ارية جتذبته النظرة الناالتقت عيناه بعيني هتلر، . كالزوبعة لخشب، من بين نشارة اكما يلتقط المغناطيس مسمارا

:قال له الفوهرر .هناك.. أنت -

احاول أن يتهرب، نظر جانبلكن النداء .. الهدوءا متصنع ..تكرر ..!..!جاسم " هر"يا .. أنت..أنت -

:ازدرد ريقه بصعوبة "...!داهية، ويعرف اسمي" -

- من الصلبان وجدت؟ ولماذا اتعال إلى هنا؟ كم نوع تهتم بهذا الموضوع؟

حاول .. الحنجرة، حبست أنفاسهتوقفت دفعة الريق فوقلم . دفعته يد ضخمة من خلفه في اتجاه المنصة.. أن يعتذر

نظر .. يملك االمتناع، زحف كأنما يتجه إلى قاطرة لتدهسه ا إلى صاحب اليد التي تسوقه إلى حتفه، فلم يجد أحدبذل متى انسحب الناس، ..!ا تماماكان الميدان خالي.. خلفه

أذن لهم هتلر العظيم أن ينصرفوا ويتركوه وكيف؟ وهل ي ..! على المنصة؟اواقف

:بسرعة فكر .هل هذا لمصلحته، أو ضده؟

لوجه، اوقبل أن يصل إلى قرار كان أمام الفوهرر وجه أنفاسه تغطي وجهه، قبل أن يرفع يده بالتحية المقدسة هاتفا

؛ كان يشير بإصبعه في اتجاه عينه "هاي هتلر: "كما يجب :ا، ويقول له بصوت غريبمامت

أنت تعد، .. جاسم ما وعدتني أن تتزوج أوليفيا - .....!وتخلف

لم كان .. لكن.. حين سمع هتلر يخاطبه بلهجتهافرح كثيرصوته يشبه الممثل حسين رياض في فيلم مع عبد الحليم

......حافظ كان اسمهرفس برجله، الم يعثر على اسم الفيلم، تضايق جد ،

.ت حافة السرير، أوجعته، استيقظأصاب . اللهم اجعله خير..!شنو هذا؟ -

الساعة بجواره على طرف الطاولة، ال يزال تطلع إلى كيف اتسعت .. ، كل الذي نامه نصف ساعةاالفجر بعيد

ثالثون دقيقة للسفر في الزمان والمكان؟ ابتسامة متعبة، دس ت ندم عليها أخذ جرعا.. قدميه في النعال، واتجه إلى المبرد

..الماء البارد ينبهه، وهو في حاجة إلى النوم.. رغم عطشهاستلقى من جديد، راح يتملق النوم بكل طريقة سمع عنها

تلعثم، .. عد حتى المائة، مائة وعشرين. أو جربها من قبلانتقل إلى .. تنبه، بدأ العد من جديد، وصل إلى مائة وخمسين

قالوا ال تتحايل على النوم آية الكرسي، ثالث مرات قرأها، وظل ينتظر، أخذ كل .. فتح عينيك في السقف وانتظر، فتح

ربع .. الوقت ال يتحرك.. األوضاع الهندسية مع المخدةساعة ما بين مقابلة هتلر وكل هذه األهوال، المخدة تحت

استدار على .. رأسه، فوق رأسه، بين فخذيه، على صدرهد مثل ت مثل الدودة، تمىوتلتنفسه مثل قطعة الكرواسان،

سمكة ميتة، وضع صف وسائد خلفه، واستند مثل عجوز مثل ايعاني أزمة ربو، نقل الوسائد تحت ساقية، أصبح مقلوب

..!امرأة في غرفة الوالدة ..!ماكو فايدة

أعجبته العبارة، لكنه متأكد أن " النوم شيء ليس في الكتب"لكلمة الحقيقية؟ حاول، ما هي ا".. النوم"الكلمة األولى ليست

؟ ما هذه السخافة؟ هل يستطيع "..الشيء"هل هي .. لم يجدهاالشيء شيء ليس في الكتب؟ استمر في : أحمق أن يقول

المحاولة، اجتذب إلى الجملة كل الكلمات المختزنة في ذاكرته لم .. الثوم، العوم، الدوم، اللوم، الصوم: على وزن النوم ..يصل إلى نتيجة

:ي حل آخر يوصله إلى الكلمة الناقصة، سأل نفسهفكر ف ما هو الشيء الذي ليس في الكتب؟ -

.. احتار في الجوابحين فكر في العبارة المحفوظة، في الحقيقة، في الواقع،

ابتسم في .. ابتسم.. "فإن دل هذا على شيء فإنما يدل.. يعني

ع ظالم الغرفة ألنه تذكر مديره في الشغل، الذي يبدأ اجتما .." ما علينا منه.. أية جلسة بهذه المصكوكات اللغوية الجاهزة

ما هو الشيء الذي ليس في الكتب؟.. المهم .. وايدهأشياء ما هو الشيء الذي في الكتب؟... طيب

وعاد يرمق الساعة على طرف الطاولة، عقاربها تضيء ..ربع ساعة أخرى. بفسفور أحمر

ب أنت؟ في أي كتااهللا، تعال،يا نوم بحق ...ولم يعرف ماذا حدث

لم يعرف هل أيقظه ضوء متسلل من بين الستائر صب ..!في عينه نصف المغمضة أم هو جرس التليفون؟

:جاءه صوتها الراعش بالحنان أزعجتك؟.. اهللا بالخير يا وليدي -

..الاعتدل قليال يمه صبحك اهللا بكل خير، أنا ما نمت عشان -

..أصحى ..زين.. صوتك نايم -

.. نمت شويه..شويه -

..أنا جاهزة -

- مه؟ وفري صحتكالزم ي..

...و... الزم هذي أم عيالك -

..مهكيفك ي... أعرف، أعرف، ما حاجة تقولين -

..عاد ينظر إلى الساعة- مه، خلود كلمتني في منتصف الليلشوفي ي.

:قالت .أمي طالعة المطار الحين - من وين كلمتك خلود حبيبتي؟ -

..رانكفورتمن بيت خالها في ف -

كم يأخذ الوقت؟ -

.. يعني فيها ساعتين.. يبدلون في باريس طيارة ثانية - ..بعد ساعة أسأل المطار.. ثالث حتى توصل

..ولهت على خلود -

:اسألها مجاري.. تنهد بحرقة

..!وياسمين -هم نور عيني، لكن ياسمين مو وكل كلهم أوالدك -

..ر مثل خلودثكلبها

..!يتساوونه؟كلهم .. لهم أوالدي -

- تذكرني بطفولتك، يوم كنت أل، خلود تناجرني وايد ، ..ساكتة.. في عمرها، ياسمين مثل أمها

:عاد يتنهد بحرقة- ا أعرف متى طيب استريحي ساعة، ساعتين ولم

..الوصول أمر عليك ..زين مع السالمة -

تلعب أعاد السماعة إلى مكانها لكن المكالمة استمرت ثت إليه من منزل خالها أدولف، حاول أن خلود تحد.. بخياله

هل قالت ماما في طريقها إلى المطار، . يستعيد كلماتها بدقةأو أننا في طريقنا إلى المطار؟ كيف فاته أن يكتشف الفرق،

بصحتك، االتدخين ضار جد"ويدقق؟ وقعت نظرته على يده والتقط سيجارة هل يعقل أن فمد" ننصحك باالبتعاد عنه

عند خالها؟ أدولف عاقل " رهينة"وحدها وتترك البنتين تعود

ولن يسمح بهذا العبث وبيننا معامالت تجارية، إذا أخته ..!..!تمادت في إثارة المشاكل، البد أن يتأثر، وهو الخاسر

امتدت يده إلى التليفون، وبعد أن ضرب المفتاح الدولي .!.ماذا يظن أدولت؟.. ال داعي.. تراجع، وضع السماعة

، حتى لو كنت اال، أنا لست خفيف" نني خفيف، متوقع الغدر؟إإذا حدث لكل حادث حديث.. الغدرامتوقع..

من أن مخاوفه ساقته إلى هذه النقطة، حاول اتضايق جد اآلن قفزت .. ال جمياأن يخفف عن نفسه بأن يتذكر لها شيئ

" لكتبالذوق شيء ليس في ا"تمام، " الذوق.. "الكلمة المجهولةساقته .. صفقة سيارات جديدة مستعملة، كان هناك يعقد الفع

عمليات المكاتب إلى أدولف، ألماني درجة أولى، ثم رآها في األلمان أحسن ناس في العالم، : "هتلر قال.. سفرات تالية

، حين عرف أن أمها من أصل " أجمل نساء في العالمالسالف فأنا موجود، ن إذأنا أفكر: روسي قال على طريقة ديكارت

. فأنا أمتلك العالمنأنا أتزوجها إذ ..وأخذ العالم بين يديه.. تزوجها

ياسمين، سنة .. بعد سنة جاءت خلود، سنة أخرى وصلتتحول .. ثالثة ظهرت عليها عالمات الضيق، السنة الرابعة

.. السنة الخامسة تحولت المضايقة إلى جفوة.. إلى مضايقة ..!والصمت.. ي السريرف" االعتصام"وصلت حد :تقول له

..أنت تغيرت - :اوأحيان

.ولم تكن الرجل المناسب.. أنت ظهرت على حقيقتك - :يقول لها

وهذا جزائي، ولن ..تزوجتك بطموحي، ال بقلبي -، والهريس، وشرب اللومي أتوب عن أكل المكبوس

..!..!وم من قبرهحتى لو خرج اإلمبراطور غلي ..نظر إلى الجملة التحذيريةأشعل سيجارة أخرى، ولم ي

تكون مصيبة لو جاءت وحدها وتركت البنتين، ولو "ابدعوى تعليمهما تعليما راقيا داخلي."

استولى .. لعب خياله. السيجارة بعد نفس واحدصعفعليه حلم اليقظة، واستهزأ بنفسه كيف يكون وهو رجل المال

.؟..!هذه الطريقة، يحلم، ويهرب إلى الخيال باواألرقام ضعيف

رآه في برنامج عالم اكانت قدمه في الفخ، يتذكر منظر ذئب في منطقة ثلجية، أطبق فخ حديدي على قدمه، : الحيوان

رأى الذئب الصيادين المختبئين يقبلون عليه، عرف بغرائز من الذي ..!ماليين السنين من العداء الطبيعي أنه الموت

يادين سلخوا جلد أجداده أخبر الذئب أن أجداد هؤالء الصوباعوه في األسواق؟ بقوة اليأس جذب الذئب جسده في خطفة

، ترك قدمه في الفخ، وانطلق يعدو بثالثة أرجل.. واحدة .وخط أحمر يلون الثلوج البارقة

ولم يعرف لماذا كان اوجاء صوت مذيع التلفزيون كئيب ، :المذيع ينظر إليه وكأنه يعلن الخبر له وحده

وبعد مغادرة مطار فوق المحيط .. ا الخبر التاليجاءن"من بين .. أورلي بنصف ساعة سقطت طائرة ركاب

.."الضحاياخلود .. البنتان: ولكن.. سمع اسمها بدقة، إنها هي

طاح الجمل بما .. أحس بقهر ليس له مثيل!؟....وياسمين ...!أين يذهب، ماذا عليه أن يفعل؟: واآلن.. حمل

.. باردة.. كانت سوداء.. تلفزيوننظر إلى شاشة ال ..!لم يعرف من الذي أداره، من الذي أغلقه؟.. صامتة

قبل أن يفكر في الجواب، أطل المذيع نفسه، النظرة بسعادة مختفية ..ال.. بدون حزن..مختلفة، بحزن أقل، ال .وراء اللهجة المحايدة

:جاءنا التصحيح التالي من إدارة الطيرانأللمانية األصل هي وحدها التي كانت إن زوجة جاسم ا"

أما ابنتاه فهما ال تزاالن في مطار أورلي، .. على الطائرةوبخاصة أن البنت الصغيرة اوعليه أن يذهب للقائهما فور

".ليس معها حفاظات :جاءه صوت األم. وانتبه إلى رنين التليفون

وينك ساعة ساعتين ما اتصلت؟ .. جاسم يا وليدي - ؟خير يا وليدي

خمس .. الحا.. نمت يا يمه: قال. التقطت عينه الوقت .دقائق أنا عندك

قفز، دخل في الدشداشة الجاهزة، سقطت قدماه في االحذاء، وضع الغترة على كتفه، رش عطرأدار .. ا خاص .السيارة بالريموت كنترول وهو يغلق الباب

...اهللا ستر

داخلي، أخذه مدير الجوازات على الباب الاستقبله صديقه .من طريق جانبي إلى ممر الوصول

كان الركاب يلهثون بأحمالهم في الممر على األرض على الوصول في آخر لحظة احمد اهللا كثير.. الناعمةأطلت خلود تحمل عروستها، ففاح عطر الحياة من .. مناسبةنظر .. ومن خلفها كانت ياسمين نائمة بين ذراعي أمها.. قلبهتقدم إليها، قدمت إليه الطفلة .. اا كما هي دائمإنه.. إليها

أعفته هذه الحركة من معانقة . حملها بين يديه.. النائمة ..زوجته أو تقبيلها عند اللقاء كما هي عادتهما

اقال هامس: -أوليفياال ه ..يا عيونياله ..

. يتمعن في مالمح المالك النائم بين يديه..مضى أمامهماموضوع التلفزيون وكل الموضوعات األخرى انسى تمام.

* * * * ** * * * *

آه آه....الثالثةالثالثة ، (٢) ، النعال النجدية(١)الدشداشة المنشاة، الغترة الحمراء

يقلقه ثالث شعرات نافرة في حاجبه األيمن، البد أن .. آه حدث أن ال يعرف لماذا تلتوي وتدور،.. نهاتعود إلى أماك

ضها بكل وسيلة ولكن لم قصها، نتفها، صبغها، حاول ترويتر واحد ظلت كما هي، ما إن تطول إلى سنتيم،اتتروض أبد

در خطها المستقيم ال يعرف لماذا، حتى ترتفع إلى أعلى، تغاتلتوي حول نفسها مثل ثعابين صغيرة مشاغبة، تنطلق إلى أعلى مثل فنار الميناء، ترسم ثالثة خطوط كأنها رؤوس

ويكون .. رتكاب جريمةرار الأسهم تتجمع كما يتجمع األشإنها في الصعود، يرسم حاجبه األيمن إلى .. هو الضحية

..القرصان.. تعطيه هيئة.. أعلى، بالدنا لم أين شاهد صورة القرصان؟ البد في أحد األفالم

تعرف القراصنة، مرة واحدة ذكر الشيخ عبد العزيز الرشيد ته على ولم تدم سيطر" إرحمة"سيرة قرصان كويتي، اسمه

.زي الرجل الخليجي: الغترة + الدشداشة )١( .نعال للقدم: النعال النجدية)٢(

صفحة الخليج، لقد قتل، وفي سيرة هذا القرصان الخليجي االوحيد أنه كان ال يغير ثيابه، يعني، كان بائسإنه ا جد ،

عن القرصان الذي نشاهده في السينما، حيث ايختلف كثير العنفوان والبطش، إلى جانب الوسامة المجروحة بالغطاء

وعند هذا الجلدي يطمس العين اليسرى، أو يداريها، إنه يلعب بالسيف .. القرصان تقترن الشراسة والعاطفة الثائرة

، وحلمات الصدور بقلوب العذارى، يداعب مقبض السيفوالناهدة، يقبل الرصاصة قبل أن يقذفها إلى قلب عدوه، ويقبل

..الشفاة الملتهبة بعشق القوةبالعكس، يريد أن ا يكون قرصان بأناهو لم يحلم أبد ،

بالوداعة، اي وجدان اآلخر، أو األخرى، انطباعيترك فبالرقة، بأنه العاشق الحالم الذي لم يجد من يفهمه، هل يمكن أن تكون هذه الشعيرات النافرة إلى أعلى صيغة اعتراض

.على حلمه الذهبي النابع في قلبه؟ من الحرص على وضع المسباح العاج في جيبه، نثر قلي

م بأن تتوسد كتفه، وأن يجد عطره العطر على كتفيه، هل حل إلى أنفها الرقيق؟اطريق

:لنفترض أن هذا حدث، ماذا يمكن أن يقول لها

أحبك، أنا عاشق، صدقيني إنني متيم بك؟ راح زماني وكنت في انتظارك؟اهدر !..

يا لها من عبارات مستهلكة تعلن عن كذبها، إنها مثل ة حاضرة، صيغة ساندوتشات الشاورما والهامبورجر، بضاع

جاهزة، حب معلب، بل حب محنط في جمل مقبورة أو إذن ماذا سيقول . مهروسة من كثرة التداول لم يعد لها معنى

الصدق الصدق، وليس الصدق .. لها؟ لماذا ال يجرب الصدقكما يتخيله؟ مشكلته أنه يفكر في اللحظة اآلتية، ويرسم

عندما يتحول أطراف المقابلة، ويتخيل عبارات الحوار، والخيال إلى حقيقة، ينصرف قلبه ووجدانه إلى شيء واحد أن

وهنا تحدث فجوة رهيبة بين .. يحقق ما سبق له أن تخيله.. ويشعر محدثه أنه شخص مخاتل.. الواقع وما كان يتمناه

..مزيف، وتنتهي المقابلة إلى الفشل.. غير حقيقي.. الثالثة ثابتةلن يسمح بالفشل هذه المرة، إنها الثالثة، و

، ايؤمن في أعماق نفسه أن الثالثة مهمة جد.. آه.. الثالثةعندما كان يلعب وهو طفل، ويصطف مع األطفال للتسابق

اثنين، .. واحد: في الجري كان يأخذ مركز القيادة، كان يقول

وال شيء بعد ثالثة، إنما هو االنطالق في الجري .. ثالثة ..والمسابقة

ماذا اه األولى، ماذا لو حدثته عنها؟ حقاستعاد ذكرى اآللو قالت له لقد تزوجت قبلي مرتين فلماذا أكون الثالثة؟

هل من المناسب أن يلصق العيوب بهما؟ باآله ..!والثالثة آه؟األولى واآله الثانية؟ أال يجعلها هذا تخاف، وتتوقع أن تكون

نه يؤمن في لماذا يزيف الحقيقة؟ إ.. الثالثة؟ لكن" اآله"هي .. ، بل إنه إنسان غير قابل للخطأئقرارة نفسه أنه لم يخط

إنه يطيل التفكير، يقلب الرأي، يطرح كل االحتماالت، يبحث عن وجه الصواب في كل ما يفكر فيه، يستخدم المنطق،

أي اآلخر، وكل واأليديولوجية، وحق المخالفة، والرأي والرفكيف يكون .. لى الثقافةهذه الشعارات البراقة التي تدل ع

على خطأ؟)انتهى من نسف ٣ ترة، وضع المسباح في جيبه، الغ(

األزرار الذهبية في أعلى الدشداشة، قام وألقى نظرة وبرقتجانبية على شعره الذي لمع بسواد رباني وكأنه مصبوغ

.تعديل: نسف)٣(

بالكحل البدوي الشهير، وجدها في انتظاره حسب الموعد، كانت بثياب العمل التي رآها .. يء له في كل شاوكانت نقيض ..غلبته الدهشة.. بها في النهار

هل يعقل أن هذه الفتاة خرجت من بيتها للقاء الزوج المنتظر، للقاء حبيب؟ هل يعني هذا أنها لم تفكر فيه لحظة

في –نعكس تفكيرها لو أنها فكرت فيه لحظة ال..!واحدة؟ ..وجلس.. على ثيابها، على منظرها–األقل

:قالت ..ليس إال القهوة - :قال ..هذا مشروب العجائز وقارئات الفنجان -

:قالت مبتسمة ..وانتهى األمر.. قرأت فنجاني -

:انتهز الفرصة .وأمامي طريق سفر؟.. وجدتني في القاع -

:قالت مبتسمة ذات االبتسامة الهادئة

- وأمامك بيت وحياة اوجدتك على وجه القهوة طافي ، ..مستقرة

:ال بصدقتنهد، ق ..الحمد هللا - ..ولكن عندي استفسار -

بلع ريقه، لعب بالمسباح بتوتر ظاهر، عدل وضع الغترة صورة .. ..! اللعنة..!إنها الشعرات النافرة إلى أعلى؟.. آه

اللطخة السوداء تغطي العين .. القرصان تسطع في خيالهاليص تخل.. ى، والوجه المشدود، واألمر بذبح الضحاياسر

موجات العنف التي تسبح في داخله، بجهد كبير، تطلع من إلى وجهها السمح يستعين به على الخروج من الجو الدموي

.الرهيب :قالتلماذا طلقت الثانية؟ أنا ال .. لن أسألك عن األولى -

أنبش في الماضي، فقط على سبيل الخبرة والمعرفة قتران به؟أريد اال.. آه.. وأريد.. بالشخص الذي يريد

لماذا الثانية؟ .. انتشى قلبه بالفرح لما يسمع، ولكنوهل يمكن أن تبدأ حكاية من منتصفها؟ إنه ال يعرف

لماذا طلق الثانية إال بعد أن يذكر لماذا فارق ..!؟..األولى

:قال لها ..ولماذا التنكر لألولى - ..فليكن -

فليكن ماذا؟ -

..لماذا طلقت األولى -

..لم أطلقها -

لماذا؟ -

كانت خطبة، مجرد وعد .. كن تزوجتهاألني لم أ - .بالزواج

:أطبقت عليه هل ترى أن الوعد ال يستحق الوفاء؟ هل القدسية -

محددة بتوقيع المأذون؟ كنت أعتقد، وأنت متحضر اأن األمر عندك يختلف كثير.

انحنى .. ة الرصاص المنهمر على رأسهانحنى أمام زخنقذه النادل القادم أ.. حتى أخفى رأسه في الرمال كالنعامة

وكوبي ماء بارد تكثفت على جداريهما .. بفنجاني القهوة ...رذاذات ماء، فجسدت ما ينعم به من راحة البال

ليوحي بالثقةاقال بيأس يحاول أن يكون ال مبالي : .. ، وصمت.. ال..ال -

:قالت بجسارة .. ال..ماذا تعني بال -- اليست المسألة وعدمن الوعد ال سمح اهللا ا وتهرب.

ما هي المشكلة إذن؟ -

كتشفت أن خطيبتي ضلت طريقها إلى االمشكلة أنني - .ما تريد

:هزت رأسها، قلبت كفها، رشفت وجه الفنجان، قالت لم أفهم -اآلنسة معجونة في السياسة، .. ، المسألة بسيطةاحسن -

أمريكا اإلمبريالية، .. عقلها، دمها، أعصابها، كلهار المصير، أفغانستان، القوى العظمى، حق تقري

تصوري، أي واهللا، العولمة، .. حقوق المرأة، العولمة

ولم يتبق لها إال الحديث في الخصخصة، . للعمل في هيئة األمماوتقدم طلب.. والفرانكفونية

وماذا في هذا كله من مشكلة؟ هذا دليل على اتساع - ..أفقها

رف تعمشككة، هل تثيره؟ تستفزه؟ تريد أنرمقها بنظرة ماذا في أعماقه؟

:فكر، دبر، تمهل، قالال مانع، بل أنا كمثقف أرحب بالزوجة المثقفة، ولكن -

لبناء حياة زوجية سعيدة، االثقافة ال تصلح أساس اوببساطة شديدة أنا أريد أن أكون زوجا سعيد ،

هل أجد هذه السعادة .. وبعبارة محددة مختصرة وصليت له أن عندك؟ هذا ما أسعى إليه، ودعوت اهللا

.يحقق رغبتيابتسمت مشجعة، رمقته، ارتفعت أنامله تبرم الشعرات النافرة لتلغي صورة القرصان، تحسس سبحته القابعة في

..اابتسمت مجدد. جيبه :قالت

السياسة مستوى من الفكر، والفكر مهم، .. من حقك -أنت تشاركني في هذا؟اطبع :بادر متلهفا

- اطبع..نولك.. ا طبع..

..هذه لي" لكن"دع -

ولكن الزوجة الحقيقية البد أن تكون حذرة في طرح - .. القضايا العامة مع زوجها

حمر وجهها عند ذكر كلمة زوجها، تخيلت نفسها معه ا(في الفراش، تشوقت في لمحة إلى هذه اللحظة ولكنها آمنت

ألن تحلم بهذااأن الوقت ال يزال مبكر .( للحياة في امتدادنزل ليست اأقصد أن الحياة في الم -

..الخارج، البيت له أصول :د، قال بحرارةد الكلمة العزيزة، تنهصيت

أحسنت واهللا، هذا ما أفكر فيه ولم .. له أصول - .أستطع الوقوع على الكلمة المناسبة

أدهشها إطراؤه، فرحت بأنه لم يستطع، وهي استطاعت، :قررت أن تزيد فرحها، وفرحه، قالت

الزوج والزوجة، الحياة في .. البيت ملك أهله.. الفع - ..ولهذا مطالبه.. لهذا صفاته.. الخارج ملك المجتمع

انك تعرفين تمامإ.. هذا ما يعجبني فيك.. عم الرأين -ما هو المطلوب من زوجة محبة، فاهمة، تريد أن

..تعيش في سالم

؟..!..!والثانية -

قمة جبل، لم انقضت عليه الكلمة كحجر انحدر إليه منيكن يظن أنها نسيت، هو نفسه كان قد نسي، فرح بقدرته على التملص من تهمته األولى، فهل يحصل على البراءة

في الثانية لو أنه بدأ بالثانية لكان األمر أيسر عليهاأيض ..لم تكن مجنونة .. كانت األولى مجنونة بالسياسة لكن الثانية

وكان طرح قضيتها ال .. ، كانت غارقة في مسئولياتهاامطلقيحتاج إلى وضع صورتها في مقابل صورة األولى، ألن هذا يخدمها، كان يريد أن يركز عليها وحدها، لتبدو عند التي تسمع امرأة مهملة لزوجها، غارقة في ماضيها، مرتبطة بأصولها األسرية قبل الزواج، وهذا كله نقص في وعيها

..ة الزوج وحقوق األسرة الجديدةبأهمي صمت

:عادت تكرر ..والثانية -تجاوزنا الخطوبة إلى عقد .. كخطوة ثانية.. الثانية -

لم يكن ..ن، ولكن لم نجتمع تحت سقف واحدالقرا ..اهذا ممكن

..! لماذا؟ هل رأيت منها ما يخدش أخالقها؟- -

اسارع نافي: ، ولكنها ال، معاذ اهللا، كانت فاضلة ومحترمة. ال -

، يد، مثل المركب المربوطة بالشاطئكانت، بالتحد .عائمة، وتعجز عن الحركة

:هزت رأسها ..لم أفهم.. بصراحة - ..كانت تحب أهلها -

وهل في هذا ما يعيب؟ -

- اال، طبع ،كنت أحبهم، ولكن لشدة اصدقيني، أنا أيض .حبها لهم صرت أكرههم

..أعوذ باهللا -

هذه الكلمة، ولكن هذه وأنا أستعيد به مثلك، وآسف ل - لماذا شرع الدين فترة الخطوبة؟.. هي الحقيقة

ومن المؤسف .. لكي يتعرف كل طرف على طبائع اآلخر ..أن التعرف انتهى إلى الفشل

؟.. لم أفهم.. حتى اآلن -.. إذا جلسنا مثل هذه الجلسة، تصوري.. ال مث..،المث -

أنتأنا وأنت نتكلم اآلن عن تجربتي في الحياة،تتكلمين عن رأيك في هذه التجربة، هذا نوع من التفاعل الحي الذي يكشف الجوانب الغامضة في

.. إذا تزوجنا.. المث.. إذا تزوجنا.. الشخصية، وبذلكنكون على اتفاق، كل منا يعرف اآلخر بقدر اإلمكان

اطبع.

:قاطعتهكيف كانت مثل .. جميل كل هذا، ولكني لم أفهم -

؟.. بحبلالمركب المربوطة- مثل هذه اكانت مشدودة إلى أسرتها، إذا جلسنا مع ،

في ال كالم لها إال عن أختها المتفوقة.. الالجلسة مثالجامعة التي يطلب ودها األساتذة، ووالدها الذي

يرفض وضع توقيعه على أي ورقة إال إذا وجدها معتمدة من رئيسه، ومتطابقة مع اللوائح والقوانين،

لصغير الذي ال يقبل أن يشارك أوالد حتى أخيها اتحكي قصته .. الشارع اللعب إال إذا كان الرئيس

..بالتفصيل الممل

ولكنه يدل .. أنا أتفق معك، هذا أكثر من المطلوب - .على طفولة وصفاء نفس

وأنا أريد زوجة، وليس طفلة، وحنكة، وليس صفاء -ارومانسيأنا أعتقد أنك لست مثل : وبصراحة. ا تافه

.ذه وال تلكه

:قالت.. أسبلت عينيها، رشفت من الفنجان الرشفة األخيرة ؟..فما العيب الذي ستكتشفه في الجالسة أمامك -

طفرت ابتسامته الجاهزة، تحسس سبحته في قاع جيبه، :قال بثقة عالية

.. الكمال، والجمال، هو ما أشاهده... بصدق شديد - ..المهم أن يجمعنا بيت واحد

..هاء فنجاني القهوةوقاما بعد انت

..وجمعهما بيت واحد ودامت حياتهما عدة سنوات

وأنجبا البنين، والبنات ..ولم تتكلم الثالثة في السياسة ..ولم تتكلم الثالثة عن أسرتها

ولكنه في النهاية فارقها ** * **

القهوة هما ذاتهما، دار افي نفس المقهى، وربما كان فنجان ..الحوار :كان يقول للتي أمامهو

- استحملت.. تعذبت.. أنا عانيت.. اأنت مختلفة تمام ..واحدة مغرمة بالسياسة، والثانية مثل السفينة .. ضقت

المربوطة في الميناء ال تفكر إال في أهلها، والثالثة أما البغل الذي .. كانت تعبد أطفالها وال تفكر إال فيهم

لم تكن تعطيه أي . . أنا بالتحديد..أنا.. يجر العربةتؤكد لي كل يوم أنها .. إنني أحلم بزوجة.. اهتمام ..! ما رأيك أيتها الجميلة؟..ها.. زوجتي

فتاة وحيدةفتاة وحيدةالغربية، طارت ورقة من هبت نسمة خاطفة من النافذة

زهرة ذابلة نسيت في مكانها من المزهرية المهملة لثالثة الداكن، تابعت ى الرخام ورقة أخرى تدحرجت عل.. أيام

عيناها الورقة التي اصطدمت بخاتم ذهبي يلمع في وسطه إنه خاتم أمها .. فص الماس، في حجم حبة الحمص

ما الظروف التي جعلتها تتركه في هذا المكان؟ .. المرحومةما المناسبة التي اشترت فيها هذا الخاتم؟ ما الحاالت التي

.حومة؟صبع المرإأحاط فيها هذا الخاتم تنهدت بحرقة، تخيلت وجه أمها المورد الجميل في ساعات رضاها القليلة النادرة، حين كانت تناديها طيوبتي، زحفت صورة أخرى للوجه ذاته في ساعات الغضب الكثيرة،

أنفها يبدو كالسكين، وأسنانها كالمنشار، وهي تصرخ في كان :وجهها .بةيومك مثل وجهك يا طيو.. سةح أنت يالن-

ولكن كيف صار هذا الوجه .. يا لها من ذكريات قديمةورة التي وصل إليها بعد ثالثة أيام في القبر؟ اآلن؟ ما الص

عجبت أكثر .. بالخوف، عجبت لجرأة خيالها.. شعرت باإلثمالتي استوقفت فكرها حول الخاتم الماسي، " الفلسفة"لحالة

بصرها في رشفت الرشفة األخيرة من فنجان القهوة، ألقت :حجرها وتساءلت بحزن

هل يحاسبنا اهللا على أمنية، أو خاطر شيطاني لم ينطق - به اللسان؟

فكرت أن تسأل الشيخ . إبعاد السؤال عن عقلهاتستطع لم خالد المذكور وهو من رجال الدين، لكنها خافت أن ينظر

فكرت أن . إليها على أنها شريرة، فتكون بداية للقيل والقال.. الموضوع إلى البرامج الدينية باإلذاعة أو التلفزيونتكتب ب

بحاجة إلى الشعور بالبراءة من .. إنها بحاجة إلى الطمأنينةدم أمها، وأن هذه األمنية الشريرة ليست هي السبب في

..موتهاضغطت الجرس، جاءت الفلبينية بفنجان القهوة، ارتشفت

دخان الذي الوجه الرغوي الدسم وأشعلت سيجارة، نفثت ال ..انطلق كسهم راح يتبدد بعد قليل

لم يعد عندها من يتضايق من تدخينها، أو من يشفق عليها، أو من يشعرها بأنها ال تهمه في شيء، هي اآلن

ال تعرف هل تحزن، وما هي .. ضائعة.. وحيدة.. حرةإنها إذا .. لكنها ال يمكن أن تفرح. درجة الحزن التي تليق بها

" فتاة"مرت كلمة ..!..!اة شريرة بحقفرحت ستكون فتمريبة، مثل من ترتدي ثوب السهرة .. بخيالها غريبة، قلقة

نت الكلمة بشوق، مع هذا احتض.. وهي تشرب شاي الضحىإنها ذكرى والدها، ال تستطيع أن تتخيله في وضعية الموت،

أن األيام الثالثة التي مرت على رحيله يمكن اوال تعتقد أبد على مالمحه، أطل على خيالها بوجهه األسمر أن تؤثر

أمامها يبتسم ارأته واقف. المستدير، ولحيته الصغيرة المحببةحتى ظهرت سنته المكسورة في وسط فمه، دفع بطرف

: وراء كتفه وهو يحملها بين يديه، يقبلها يقول(٤)الغترة . طيبة فتاتي الوحيدة-

ى الدوارف يدور بها في الليوان القديم، يحملها إلوالمراجيح في العيد، وحين جاء زمان لم يعد يستطيع أن

فتاتي "يحملها، وال يتسع وقته لصحبتها، احتفظ لها باللقب ، رغم حظها الم يغير شيئ. هو االبتسامة السعيدة" الوحيدة

.يضعها الرجل الخليجي على رأسه: الغترة)٤(

مهما غال االمتعثر، لو كان األمر بيده الشترى لها زوج شراء زوج، ولكن أنه يحاولاثمنه، وقد شعرت أحيان

المرحومة، اهللا يسامحها، كانت تفسد كل شيء وبقيت فتاته كيف حدث هذا؟.. وحيدة، حتى بلغت الثالثين.. الوحيدة

.. فقد مات الوالد في نفس السيارة مع الوالدة.. الولكن مهبالعكساوهي لم تتمن له الموت أبد ، ..اكما كانت تشعر دائم احتمال ىويجعلها قادرة عل.. الحياةبأنه هو الذي يعيد إليها

حين عرفت معنى هذه الكلمة، وعرفت أنها تنطبق " العنوسة"حتى وإن تجنب الناس استعمال هذه الكلمة " عانس.. "عليها

كما يتجنبون ذكر العاهات في حضور من اأمامها، تمام .ابتالهم اهللا بها

اية وقد التقت نظراتها مع بقايا السيجارة الممتدة في الطفتحولت إلى عمود الرماد الهش الذي تطاير مع هبة نسيم

كثيرة اذاتها اكتشفت أن زهور.. متسللة من النافذة الغربيةلم .. فقدت أوراقها وتعرت أو كادت، من تلك الهبة العابرة

يبق منها غير أعواد جافة كالحة اللون، تعلوها دوائر منكمشة ...مثل الجماجم

على أسرار القلوب وخفايا المشاعر يعرف إن اهللا المطلع أنها حملت أمها سبب عنوستها، وتمنت أن يريحها اهللا منها لتواجه حياتها من غير ضغوط، ولكن اهللا العادل ال يمكن أن

ألنه يعرف الحقيقة، يعرف أن هذا الغضب " يسمع كالمها"يرتبط بمواقف كانت األم فيها هي السبب في انصراف

جاء من أجلها .. من خاطب جاء لب يدها، كمالخطاب عن ط، ولكنه بعد ال أو من أجل والدها، المهم أنه يتقدم فع..هي

.. يتبخر.. وقت ال يطول يتسرب كالرمل من بين األصابع.. ال يترك كلمة.. يختفي.. كالماء في إبريق منسي فوق الغاز

اال يقدم سببتبحث في .. تتلفت..تنزعج.. ا، ال يذكر عذر .الظروف فال تجد أمامها غير أمها

.. مرة أخرى تستحضر صورتها قبل مضي ثالثة أيام إلى آخر لحظة، ال تستبعد أنها .. جميلة.. فتية..كانت صبية

في لحظة انقالب السيارة كانت تطالع شعرها في المرآة، أو هذا الشعر الذي ظل .. تجدد خيوط حاجبها أو خطوط شفتيها

هور الشيب، وهاتين الشفتين الممتلئتين يتوهج رغم ظاناري ..تلمعان طوال أربع وعشرين ساعة :ضربتها، وقالت.. وهي طفلة حاولت تقليد أمها

أنت صغيرة على هذا، والبنت المهذبة تفعل ما يناسب - .عمرها

عندما استدار صدرها وردفاها سعت إلى اقتناء أدوات .سكينسخرت منها، في جملة قاطعة كحد ال.. الزينة

:قالت وتحطين (٥)ما عندك سالفة، وجهك مثل صحن المموش

..! هل تشتغلين في السيرك إن شاء اهللا؟..!ماكياج؟حتى مع ااستقرت مرارة الكالم في حلقها، لم تبرحه أبد

كما استقرت المالمح القاسية امرور خمسة عشر عام ،تلك المتهكمة في شبكية عينيها، فال تجد من وجه األم إال

..السخرية القاتلة أمها أن تقترب منها، أن تستعطفها ،"تصالح"حاولت أن

كيف أضع .. علميني كيف أتزين.. أنت أمي: وتقول لهاولكنها لم .. المكياج، كيف أختار األلوان والموديالت المناسبة

..تستطع أن تنطق كلمة واحدة

.أكلة خليجية: المموش)٥(

الكبرياء الصامت الذي ال . لقد ورثت كبرياء والدهابطبيعتها تضحية، " األمومة"حني، وفي المدرسة علموها أن ين

بنتها على نفسها، إن وإيثار، وأن األم بفطرتها تفضل اوحب،كل ما تشاهده من تصرفات أمها يصدم ما تتعلمه من

تعثرت خطواتها فلم ااألمومة، كفرت بالتعليم وباألمومة مع ،زت تحصل على الثانوية إال بعد تكرار الرسوب، وجاو

العشرين حتى خجلت من دخول الجامعة مع بنات صغار، ال عن ىتستبعد أن ترسب بينهن فتكون أضحوكة هي في غن

أوجاعها، واعتزلت أمها ما أمكن، فعاشت في العلن على ابتسامة والدها، وفي السر على تدخين السجائر، وفي األماني

.جديدةعلى انتظار الزوج الذي البد سيأتي وتبدأ معه حياة .. وثاني، وثالثول خاطب،أ.. انها تذكرهم جميعإ

معها، يسلي اثم هبط الصمت وال يزال الصمت مقيم.. ورابع لزميلة لها، اكان أول خاطب أخ. وحدتها بالشرود والخياالت

في أول مرة تقدمت المتحان الثانوية العامة، نجح ودخل خطبها، حين الجامعة، وحصل على الشهادة الجامعية، وجاء ي

الوالد رحب به، ... نجحت لثالث مرة تقدمت فيها لالمتحان :وشجعه، واألم قالت

-انعفي مالنا هذا حافي ما يصلح، طم . الثاني رفضت األم سماع بقية . ولم يسألها أحد رأيها

٦)وع: اسمه، قالت ما ..؟ هذا اللي ناقص..!..!بيسري ..( .أزوج األصيلة لبيسري

:قال األب كل الناس آلدم، وآدم من تراب، وهذا شاب ناجح -

.ونجاحه يكفي :قالت بشراسة

..!..! نجاحه ما يحوله من بيسري ألصيل-ولم يسألها أحد عن رأيها، وهي تعرف أن أمها بيسرية، وأن جمالها الملتهب هو الذي جعل والدها من العائلة األصيلة

عجبت لماذا يتزوجها، ويحمله على السكوت على شراستها، و اتتنكر أمها ألصلها، والمهم أن الخاطب اختفى مثخن

.بالجراح .الثالث وصلت أخباره كإشاعة ولم يظهر

:والرابع قالت األم

.داللة على االستهجان: وع)٦(

.. إن فرق السن كبير بينه وبين البنت-وأشار األب بأدب إلى أن طيبة نفسها بدأت تكبر، وقد

عن يفوتها قطار الزواج، ولكن األم ألقت عليه محاضرةالنصيب، وأن اهللا إذا أراد سيأتي الخاطب المناسب في دقيقة

.واحدةكيف يمكن أن يأتي خاطب في دقيقة الم تعرف طيبة أبد

لفتاة على أبواب العنوسة، ليست جميلة، وليس لها سند من عطف األم، وكل زادها في الحياة ابتسامة الوجه الطيب ألب

ايحاول دائم.. زوجتهأو هارب من قسوة .. مشغول بتجارتهأن يقلل من فرص اللقاء معها، ألن كل لقاء ينتهي إلى

..صدامهكذا بدأ سؤال جديد يعترض حلقها، وينشر الضباب أمام

كيف، ولماذا تزوج أبوها من أمها؟ وكيف، ولماذا ..عينيهاايظل بعيدبهذا ا عن حياة البيت ويتركها وحيدة، مكتفي

ال يحل مشاكلها األساسية؟التشجيع الرمزي، الذي في أزمة من أزماتها النفسية اعتقدت أن أمها تراهن على

، ويبذل اأن يموت هذا األب، وهو أكبر منها سن.. أمر خطيرامجهودفي تثمير أمواله، وأن ترث هي شركاته ا كبير

التي إذا " الخايبة"وعماراته، وتظل تتحكم في هذه البنت نها، ويطالب بحقوقها وربما يقف تزوجت ستجد من يدافع ع .إلى جانب زوجها فيتقوى

ا عميقاحين انتهت إلى هذا االعتقاد كرهت أمها كره ،وتعاطفت مع أبيها واعتقدت أنه ضحية، وأنه إذا مات سيكون هذا بسبب كراهية هذه األم له، ولها، وهنا تمنت أن يريحها

ها منها، فقد اهللا من هذه األم، فقد يأتي الخاطب ويريح أبايتجاوز مداعباته اينصلح حاله، ويشعر بها أكثر فيبذل جهود

.. ، التي ال يبددها غير وجود زوجالعابرة لفتاته الوحيدة .وأطفال، قبل فوات األوان

قبل الحادث بعدة أيام، وكانت في الصالة تقلب صفحات مجلة قديمة، رأت أن تطل على غرفة أمها، فرأت في جانب

..يشبه حقيبة سفر صغيرةمنها ما كانت .. دفعها الملل، والفراغ، والشعور بالحصار أن تفتح

المفاجأة أن وجدت في الحقيبة قطعة واحدة من ثيابها قمصان طيبة، عرفته ألن .. من قمصانهااالداخلية، قميص

حجمه ال يناسب األم وعالمته هي التي تحرص عليها، ولونه

على حاله، لم تفاتح أمها في ه تركت..!..!هي التي اختارته .األمر

:صباح اليوم التالي على مائدة اإلفطار قال األب لطيبةسأذهب أنا والوالدة إلى موعد يستغرق طوال اليوم -

اتقريب.. عندما نزال لركوب السيارة كانت الحقيبة إياها في يد

.والدها .هربت بعينيها عن مالحقة الحقيبة

..حدى ابتساماتها النادرةابتسمت األم في وجهها إ :وقال األب

.. أشوفك بخير يا فتاتي الوحيدة-دل حادث السيارة على أنهما كانا في قرية بدوية على

.حدود قرية مجاورة اذكر السائق الذي نجا بجراح مهلكة أنهما قصدا عراف

ال يعرف ما جرى تداول الناس ذكر أعماله المؤثرة، وأنه.. جد المحقق في السيارة غير جثتينبينهما وبينه، ولم ي

.فارغة.. وحقيبة سفر

:تنهدت بحزن . هل يحاسبني اهللا على أمنية لم ينطق بها اللسان؟-

:اختلجت شفتاها بأمل هل استفاد العراف من القميص؟ وهل يمكن أن تنتهي -حالة الفتاة الوحيدة؟ايوم !..

:همست بعطف وحسرة ..يرحمهما اهللا ويرحمني

تراب السيجارة قد تطاير، ولم يبق غير الفلتر في كان ة، أما أوراق انبها بفعل النسمة الهابالطفاية، يحوس في جو

.الورد فكانت تتطاير بين أركان الغرفة الواسعة * *** ** *** *

أوجاع امرأة ال تهدأأوجاع امرأة ال تهدأ "اهللا يلعن إبليس"

شبه فاقدة الوعي كانت، بلعت ريقها بصعوبة، فوجئت المصباح الساهر الذي تركته .. ة في غرفتها بالفندقأنها وحيدفي الحمام ليبدد خوفها كما هو، والمجلة التي ألقتها مضاء

مفتوحة على السرير الخالي بجوارها كما هي، والكأس الفارغ على الطاولة على الجانب اآلخر الزالت به بقايا

ق، لم تنم غير دقائ.. قوالب مكعبات الثلج عائمة في عصيرهاربما لم تنم على اإلطالق، فمتى هبط الكابوس على قلبها،

في بحيرة اوساقها في موكب من الشياطين لتسبح عارية تمام تجمعت من نفايات زيت السيارات فيها كل كآبة العالم؟

حاولت النهوض، لم تسعفها ساقاها، تربعت في مكانها، ألغت .. ابلبالريموت اشتغل التلفزيون المثبت في الجدار المق

ة شالصورة على الشا.. الصوت، الضوضاء في داخلها تكفيتسلل .. تكسر فظاعة الوحدة في بلد ليس لها أية معرفة به

هل .. هل تسرعت.. شيء من الندم يزاحم الخوف في قلبها رغباتها ..!أخطأت؟ ولكن ماذا تفعل ورغباتها أقوى منها؟

ذاب، والماء بركان يقذف بالحديد المصهور، والتراب الم ..الغالي، والغازات القاتلة

ما حدثتها ابنتها بهذه الدرجة من الفظاعةايوم . حاولت أن تضع يدها على فم الفتاة لتمنعها من

..االستمرارالفتاة التي دخلت في وقار الحجاب وهي في العشرين،

:هبت فيها.. أزاحت يد أمها بقسوة.. رفضت السكوت، "أف"أنت أمي، لن أقول لك .. أنا أخلص ضميري -

ما أقوله لك .. أمرنا اهللا بإحسان معاملة األب واألم الكفارهو صراحة، واجب المؤمن في نصح من .. ليس فظاعة

حرام .. دخان ونار وسموم.. أنت يا أمي بركان قاتل.. يحبهأجمل مني .. أن تلقي بنفسك في جهنم الشهوات وأنت جميلة

لماذا ال يكون جمالك .. فوق الخمسينأنا ابنة العشرين، وأنت رجال على لماذا تبعثرينه..!مصدر سعادة للشرفاء الطيبين؟

سمعتهم ال تشرف، وال يسمح لهم الشرفاء باالقتراب من بيوتهم، وفي بيتنا يجدون التسلية والشرب، والرقص

واالبتسامة الغاوية والضحكة .. والمجون المباح وغير المباح .تحسس الشهواني؟وال.. الفالتة

، صمتي تتمنى بأن تقول البنتها ا– ذلك المساء –كانت هذا كذب، خصوم أمك الذين يغارون من .. الزمي حد األدب

جمالها، ومن ثروتها، من كتبها الكثيرة التي يقبل الناس على والحديث عنها – بعد أن تشتريها هي من كتابها –شرائها

هؤالء ....تي ال تبارىهي سيدة الصالون الفي الصحف والناس من النساء والرجال هم الذين ينشرون هذه

لكنها لم تستطع، كيف وكل شيء يجري في ..!..!األقاويل ا وانكسارال وأوالدها ينزوون فش..!الفيال وبين جدرانها؟

.خلف األبواب عندما تفتح زجاجات الخمر في إنها ال تعرف أي شيطان يدفعها إلى أن تجد لذتها

ليست رغبة في الشجاعة والحرية، .. اإلعالن عن رغباتها في مجالسها دق مع النفس كما فعلتوليست مسألة ص

وألنها ال تعرف سببه .. االمسألة داء ال تعرف له سبب.. الليلية ..لم تجد له دواء

.. وتنهدت" آه.. "جلست أمام المرآة.. استطاعت أن تنهض بسطح المرآة وارتد إلى نفخت السيجارة، ارتطم الدخان

وجهها، استعادته بأنفاسها وهي سعيدة بمنظر وجهها الغارق .. يقولون إن هذا البلد مثل كل بالد آسيا.. في ضباب الدخان

اليتها تجد قطعة بأية طريقة، ستكون حتم.. المخدر متوفراأرحم وأكثر سعادة من الحبوب المنومة التي أدمنتها صباح

ا لو كان ممزوجان هذا الدخان ساحركم يكو.. ومساء ال تعرف ما الذي جعلها تسكت على هجوم ابنتها ..!بالكيف؟ .شرحت كل شيء لطبيب األمراض العصبية.. المحببة

:قال لها-وعندك حلم .. بالذنبا طبيعي أن في داخلك إحساس

بالبراءة فأنت تعتقدين أن ابنتك على حق في كل ما ..!..!تقول

:قالت له.. الكالمرفضت هذاأنا متمسكة بكل ما أفعل، ومن ال يوافق يشرب من

أما سكوتي على .. لن أبيع راحتي براحة أحد.. البحرأعتقد سببه أن ولدي األصغر منها أطلق لحيته وبدأ .. البنت

انأخذ فيه ثواب.. في األول سكتنا وقلنا.. يتردد على المساجدبعد .. وكنت في حالي..كان في حاله.. وندخل به الجنة

صمت، قاطع الفيال والشارع والمنطقة شهور تركني في ودخل السكن الجامعي، ورفض أن يتناول من يدي أي

حفيد المليونير عبد الجبار .. مصروف، تصور يا دكتور

يشتغل .. الطفران، وابن لبنى الطفران ابن الحسب والنسبف بالصيف في مشروع مقاومة الفئران ليوفر تكالي

وأعتقد أنني سكت على كالم ابنتي .. هذه فضيحة..الدراسة؟أستطيع اآلن أن .. حتى ال تلحق بأخيها وأنكشف أمام الناس

أقول لمن يسألني عنه أنه يقلد شباب أمريكا األغبياء في .. أو أمي.. االعتماد على النفس، أو أنه معتوه مثل أبيه

..أو.. أو.. بالوراثة ..! مثله ماذا أقول؟ولكن، لو البنت فعلت

.. لسعت جمرة السيجارة إصبعيها، ألقتها فوق السجادةفقط حين .. في األرضيةاانتفضت قبل أن تترك النار أثر

تعودت أن تنام . اال تزال عارية تماموقفت أدركت أنها عارية، وعدته أن تنام في حضنه في الليلة المتفق عليها

في فندق، .. وهي غريبةلماذا هذه الليلة .. عارية، ولكن ..وليس عندها ما يستدعي؟ حكم العادة

لون الشفق ال يزال .. تطلعت إلى جسدها األبيض الصافيويداري العروق الزرقاء النافرة في بعض .. يغلف بعضه

الرجال يسيل لعابهم حين يرونها، وهو .. المناطق المكشوفةبموعد، بالذات أخذ يطاردها بالتليفون أكثر من شهر ليفوز

التقطت نظرته الشرهة منذ اقترب منها في الجمعية التعاونية هي .. آه فهم كلهم مثله مع اختالف الطريقة.. وشم رائحتها

كانت تسخر من الوجه الذي يظهر به في .. تراوغهلم .. فزيون كرجل أخالقي وداعية فضيلةيالصحف، وفي التلر على استجابت له بقسم طاه.. بالعكس.. تفكر في فضحه

حلف مدنس أنها تفضح نفسها معه، وهي ليست ساذجة حتى تحطم الزورق األخير في صعودها وهي تقترب من الستين،

.. هي اآلن أفضل منه.. ولكنها كانت تبحث عن شفاء نفسهالها وجه واحد، حتى ولو كان الناس ال يرضون عن سلوكياتها فإنهم ال يجسرون على فتح الموضوع معها

وسهراتها الليلية .. جمالها، وثروتها.. بالعكس.. صراحةرب إليها، وتحويل قبائحها إلى قت على الاتجعل الكل حريصربما له وجوه أخرى .. فله وجهان.. فضائل، أما هو

إنه حريص، رفض االلتقاء بها داخل الحدود، .. ستعرفهاهكذا قال، كذلك استبعد كل البالد ذات الصلة، ولو محتملة،

، ربيع، جوها اآلن دافئ– هكذا قال –سيا جميلة مناطق آجمعت .. والغابات ستنعش ميولك المتوحشة، وهناك موعدنا .رماد السيجارة المطفأة من فوق السجادة، في قيامها

ال يزال – بفعل عملية التجميل – كان صدرها الممتلئيحتفظ باستقالل كل من جناحيه، كأنهما حمامتان متعلقتان

هما األحمران يرسالن اللهب ويغريان انقاربعنقها، م ..!..!عبةابالمد

...ليس للعري عندها بدايةاألب المزواج الذي مأل جيوبه من عرق الكادحين، مأل

قصره ذي األسوار العالية بالنساء، العربية السمراء، اأيض والشامية البيضاء، والكردية العمالقة، والزنجية في لون

الشرع يطلق، ويدفع يتزوجهن، وحسب بالحالل .. األبنوس والقصر ذو األسوار ممتلئ.. ستبدلمؤخر الصداق وي

يقولون إنهم إخوة وأخوات، لكن كل واحد يأخذ .. بأعداد.. أوامره من أمه، وهي أوامر مشحونة بلعنة أبناء الضرائر

كأنها .. شفافة.. بيضاء، حمراء.. من صغرها.. هيتتحول إلى رخام، داخلها ومن قريب .. مصنوعة من الزجاج

كانت تلك هي طريقتها في .. خراب، وخارجها ناعم يلمعوفي .. وتلزم الصمت.. تتجمد في مكانها.. الدفاع عن نفسها

..الخفاء تضرب كالحرباء

سحبت صمتها معها إلى المدرسة، فشهدت المعلمات لها حتى .. بالجمال والغباء، ولم تفلح معها الدروس الخصوصية

ي نهاية المرحلة االبتدائية لبالدتها وتباهيها بمال فصلت فأبيها واستفزاز بنات الفقراء، ولم تفلح هدايا عبد الجبار

إلى أن .. الطفران في أن تفتح لها طريق الطالبة المثاليةما لم تستطع أن تنساهاحدث يوم ..

هكذا كانت تدعى الزوجة السوداء، –كان ابن العبدة .. من غرفتهااتظاهر بأنه يرتب كتبه قريب ي–ويدعى ابنها

سبق أن الحظت أن عينه عليها، ولكن .. وكانت هي نائمة.. أمها قالت لها إن ابن العبدة هو أخوك وال يتجاسر عليك

في ذلك اليوم القائظ، والناس كلهم أخمدهم الحر، ولم تنفع كانت .. أجهزة التكييف في كسر دبابيس جهنم الساخنة

أحست باليد التي تتحسس .. لى وجهها في سريرهامستلقية عشعرت بالراحة وانتظرت أن تتمدد األم إلى .. ظهرها

..أزاحت ثيابها.. جوارها، نزلت الكف الملتهبة إلى ردفيهاقبل أن تحدد ما يحدث، وما يجب أن تفعل كان قد أزاح

فزعت، انتثرت، نهضت .. والتصق بردفيهااثيابه هو أيض

عرفته من ثيابه المتهدلة، حاولت أن تصرخ، على ركبتها، :وضع يده على فمها بقوة، قال لها

إن الفضيحة ستكون شاملة، وإن عبد الجبار سيجلدها - ..كما سيجلده

اارتعش جسدها رعب.. ئقبل أن تحدد موقفها كان قد بلغ شهوته، وأحست بش

جمعت بصقتها، .. على السريراها ويترك أثرييسيل على ردف ..!..!وقبل أن تطلق حنجرتها بالصراخ كان اختفى

لم يعد عندها دليل على ما جرى، غير تلوثها، فهل والدتها؟.. حتى.. تستطيع أن تقدم هذا الدليل إلى والدها، أو

إنها اآلن تتذكر هذه الحادثة البعيدة، وتتذكر ما جرى لم تعد تلتزم الصمت، ولم تعد هادئة مصنوعة من .. بعدهاام، قصرت جميع فساتينها، قصت جميع أكمامها، الرخ

وسعت أطواق مالبسها بحيث يظهر مجمع النهدين ويظهر تغير .. ا األنظارالبارز المغري الذي يجتذب إليه" الخال"

يالزمن، ولم تتغير عادة التعر. بعد ذلك بسنين كانت مشاركة في جلسة في إحدى مزارع

لجلسة من جيل أبيها، الفنطاس، كان المشارك الوحيد في ا

وفي مثل ثروته، وكان األب نفسه قد مات، واكتسبت المزيد من عريها، وكان زوجها األول لحق به وترك لها الولد

أما الجنس .. من حرية لم تنقص بوجودهاوالبنت، ومزيد.. اللطيف في الجلسة الخاصة فكانت واحدة على شاكلتها

.لزوم التسلية والترفيهيف العمالق أن تنزال إلى حمام السباحة الذي اقترح المض

تحميه أشجار المزرعة من عيون المتطفلين، اعتذرت لم تتردد هي في قبول .. األخرى بأن ليس معها لباس البحر

ومع أن .. ألنها ليست في حاجة إلى لباس البحر.. الدعوةالسيد صاحب المزرعة اتخذ االحتياطات الواجبة، وجاء

نة في غرفته الخاصة فإنها كانت الوحيدة بالالزم من خزاحتى تنصعق .. التي نزلت بقطعة وحيدة من ثوبها الداخلي

.األخرى وتغتاظلآلن لم تنس حالوة ذاك اليوم، وهو وحده الذي يخفف من

عليهاامرارة اليوم اآلخر الذي فوجئت فيه بابن العبدة جاثم ..سواء كانت . .إنها تحاول أن تتخلص من هذه الذكريات كلها

إنها تستفيد منها في الحكايات التي تعدلها .. أليمة أو لذيذةوتتورط عندما تسأل عن هذه الحكايات وال تعرف اإلجابة أو

عها طبيبها النفسي وقال لها إن هذه الكتابة جوقد ش.. الردتخلصها من عقدها المكبوتة وتحافظ على صفاء شكلها

..وراحتهاعت في حكاياتها الفاضحة تشعر كانت كلما توسالوفع

.بأنها مرتاحة أكثر، وأنها في صحتها أحسنولما دخلت في موضوع الزواج الثاني وكانت قد فشلت في رمي شباكها على فالح الذي أخذ منها ما أخذ، وكان الثاني رشيد زوج صديقتها التي احتوتها في أزماتها، ولما

من البلد كما عاتبتها على خطف زوجها هددتها بالترحيلفعلت مع رشيد بعد أن أخذت منه ما أرادت وانتقلت إلى بلد

.آخرحكت له .. كان رشيد أبو ظهر يعرف كل أسرار حياتها

ما أمكن، وكيف أنها النموذج للمرأة المنطلقة بال حدود، ال يعنيها شيء سوى عالقات المتعة، وكيف أنها أغرقت نفسها

وراء مكاسب ار حدود سعيفي هذا النوع من العالقات بغيإعالنية لحظية زائلة، وكيف أن الذين احتواهم قصرها كانوا يرددون حكايات لياليها في الخارج وينشرونها على المأل، رغم ما كانت تغدقه عليهم وعلى األضواء بما كانت تملك،

زوج إلى زوج، ورفيق إلى رفيق، وكيف أنها في انتقالها منتنازعها عوامل الغيرة والحقد على كانت تعيش مضطربة ت

أمها بسبب كثرة األزواج الذين دخلوا حياتها، وبسبب حياتها المستهترة، وتأثرها بحياة أمها والسير على منوالها، وعدم إحساسها بالسعادة برغم إغراقها في مظاهر الثراء في البيت الواسع، وشهرة األم الواسعة حتى إنها ال تتردد في تندرها

. أزواج أمها وعشاقهاحولوحكت له كيف أنها كانت باحثة على المغامرة والحب والجنس واألضواء وكان هذا يكلفها مبالغ باهظة، وكيف أنها ال تهفو إال للمتزوجين، والسعداء منهم على األخص، وحياكتها لخيوط العنكبوت حتى تقبض على ما تريد بطرائقها

بالعنف والقوة والتهديد المعسولة، ومهارة تمتزج في مراحلسيفلت من يدها، وكيف أنها مع اليمين إذا ما رأت أن الصيد

يمين، ومع اليسار يسار، وتسير مع كل األهواء، وحكت له كيف أنها لم تتوان حتى في أن تعشق زوج أختها وتمارس عليهما اإلرهاب والتسلط حتى وصل بها األمر أن سجلت

هما في أوساط العائلة، وكيف أن ، وشهرت بالهما لقاء غراميالرجال الذين عبروا حياتها كانوا يخجلون من الظهور معها

ة لما يحيطها من كالم، ولسلوكها نية في األماكن العامعالالجريء، وضربها بكل المواضعات نتيجة صخبها الداخلي

رافقها بالصوت العالي وغليانها الدائم، فكانت تحرج منكشاف جهالتها ومحدودية تعليمها والزجر والصراخ، وا

ومحاوالتها التخلص من صورتها هذه عند اآلخرين دون . جدوى، رغم كل محاوالت السيطرة والقبض على الظروف

وكيف أنها لم تستجب لنصيحة األخ واألخت حتى وصل األمر بهم لمقاطعتها والتبرؤ منها، وكيف أنها ترى قلقهم

وصاف بذيئة وتباهيها عليها بالشيء المقزز ووصفهم بأبتحديهم، وحتى حكت له عن حروبها الشعواء التي تشنها باإلشاعات واألكاذيب عن منافساتها وإسقاط ما بها عليهن بقصد إقفال األبواب عنهن كي ال يشهدن على ممارساتها

.وفضائحهاسمع رشيد كل حكاياتها وبرغم ما كانت تغدقه عليه من

.. نه ربط بين هذا وذاكأموال ومالبس ورحالت، ولك.. تعامل مع جسدها على أنه ملعب.. وتعامل معها بكل حرية

عرف كيف يقنعها بأن .. ليس للعب فيه قواعد وال حدودتأليف الحكايات يحتاج منها إلى هذه الممارسات بكل

فكان .. والجرأة.. أنواعها، لكي تمدها بالشعور، والخبرةهو بكتابة حكاياته معها ويقوم .. يلعب بها من كل الزوايا

..لهاكانت في البداية تشعر بالغرابة بعض الشيء، لكنها

تعاملت .. وجدت نفسها القديمة التي تعودتها في هذا النشاطال مكان للممنوع، وال .. مع جسمه كما يتعامل مع جسدها

واستمر اللعب بدون قواعد، وعاشت في .. حدود لالكتشافين العواصم، والفنادق، والسراير، حالة من الطيران الدائم ب

حتى أدار لها ظهره بعد أن حرمته من رؤية ابنه .. واأليدي من أن الوفقده دون أن يراه وبد.. الصغير وهو يحتضر

تعزيه وتواسي أحزانه اتهمته بالمحاكم بابتالع ثروتها، وأنه تركها تعاني كوابيس الزمان، .. بعد أن اطمأن على مستقبله

تشهر به وبحكاياته معها، ولكنها حين فتحت من وفكرت أن المخزن نافذة واحدة انطلقت روائح وفضائح وأخذ الناس

بل بدأت في .. يلوكون سيرتها ويذكرون الماضي واآلتيزمات حولها، وساعدها بعض عشاقها كي تشغل افتعال األ

.الناس عن هذه الروائح والفضائح :وجاءها ابن العبدة

..ه الفضائح تسيء لعبد الجبار في قبره أنا أخوك، وهذ- :صرخت في وجهه

نسيت ما فعلت؟ تريد أن أكشف لك .. خرج يا كلب ا- ..لترى ما تركت على جسدي

: امدهوشبنت الكردية ماذا .. جسدك؟ أعوذ باهللا من إبليس-

تخرف؟ :نبحت في وجهه

نسيت يا ابن العبدة؟ أظافرك مغروسة في لحمي وأنت - ..سي حتى ال أفضحكتكتم أنفا

في القلباوارب نظرته كأنه يستعد ليغرس خنجر : -ا تفضحينني؟ لماذا تفضحينني أنا كنت ولدا صغير .. .اشيطان

.. شيطنتي كانت صيد العصافير ولعبة صاده ما صادهلكن نظراتك المخمورة التي كانت تتبعني أينما ذهبت هي

..سكتتو.. أمك نفسها كانت تعرف.. التي شجعتني ..العبدة.. ال تذكر أمي، وكفاك أمك.. اصمت -

لكن .. عبدة حجت بيت اهللا وما تكلمت على أحد - ..أنت

مع ذلك أترحم .. ما عرفتم حتى قراءة الفاتحة.. وأمكعليها، كان بودها أن تضبطني معك، يمكن عبد الجبار

.يطردني ويحرمني من الميراث :عادت تصرخ فيه

إبليس من عيالك يا عبد يا .. اته أنت أخ؟ أنت إبليس ذ- .بن العبدة ملعون يا

، ما نهضت إلى جهاز التكييف، زادت في درجة التبريد عندها من ..!جدوى أن تتذكر هذا اآلن، وبعد سنين وسنين؟

تشرب األصفر واألحمر، وتدمن .. األحزان ما يكفيالمهدئات، وتستعين بالمخدر إذا تيسر، وال تحصل على نوم

تمنت أن .. الكوابيس تطاردها، وعقدها تحاصرها..عميقلماذا لم يشفع .. من أصحاب الدشاديشاتتزوج ولو صعلوك

لها جمالها؟ كلهم يريدون شفتيها، وأجزاء أخرى لم تضنكلهم على استعداد للشرب على مائدتها، وطلب الدفء .. بها

رماها .. ولكن دون الوصول إلى وثيقة زواج.. في سريرها نزقها المبكر، ومن ا لغد متحاشيا في ريعان شبابها ألبوأبوه

أبو لغد إلى أبو ظهر، واآلن تعيش كعصفورة على غصن هنا .. يعطف عليهاالعل أحد.. ا ونهارالتصوصو لي.. شجرة

.أو هناكولكن من يعطف عليها وقد وصلت أخبار مؤامراتها لكل

دعائها والكل عن هرولتها والتمسح للكبار مكان وعرف امن يعطف عليها وقد بانت ضحالتها .. بالتقدمية والرفض

وجهلها وقد شبعت الناس من عكاكيزها في استالب بالرقص والحفالت وتسجيل مواقفهم حتى إذا ما .. اآلخرين

أخرجت ما تمسكه عليهمارفضوا لها مطلب . انتهى الفيلم األجنبي، وافترش العلم الشاشة، وابتسمت

فراء بأسنانها البيضاء، وأغلقت الجهاز، المذيعة الصواستبشرت أن اليوم الجديد قد أقبل، وأنه سيصل في طائرة

..الصباح.. فكرت.. فكرت أن تذهب الستقباله في المطار، تراجعت

يجب أن تظهر بكل داللها المعهود وأن تريه بأنها ال تزال .الجميلة، الثرية

الفندق أسرعت إلى حين رأته ينزل من سيارة األجرة أمام .. السرير، تجردت، وتغطت بمالءة رقيقة وأغمضت عينيها

عدت الدقائق .. إنه يعرف الغرفة، هو الذي سيدخل ..وضع يده على المقبض وأدار المفتاح المشفر.. والثواني

:رغم خلو الغرفة من أحد غيرها همس .. صباح الخير-

القليرأت أن التمادي في النوم يفسد المنظر، نهضت سرتها .. صدرها العاري يتحدى.. واستندت إلى ظهر السرير

المستديرة تبدو من تحت الغطاء الشفاف المشدود على ..التراخت قلي.. أسفلها

:تصنعت الصوت الهامس النعسان .اشتقت إليك - ..وأنا أكثر -

.. خفف عن نفسك واسترح بجواري..تعال هنا -

: هامس واثقجلس على الكرسي المقابل، وقال بصوت ..اعلمي أنني ال أقبل الحرام -- االحب ليس حرام.

.ليس هذا مقصدي -

.وما هو مقصدك -

.نتزوج -

أنت جاد؟ -

- نسأل إدارة ..!أيوجد هنا مأذون يعقد قراننا؟.. اجد .. مااالفندق، البد أنها تعرف مأذون

: يكاد يسيلابتسم وهو يرمق سرتها ولعابه ما حاجتنا إلى مأذون؟ -

ركز عينيه على .. ها، انطفأ شيء من ابتسامتهابلعت ريق :عينيها ..!..!وينتهي األمر.. ك نفسيجتزو: قولي يا لبنى -

..صمت ثقيل.. عبد الجبار، في لحظة، عاد إلى الحياة، إنهما متشابهان

أبوها قضى عمره يجمع األموال بالمكر والخديعة وتضليل لتي ليس لها البسطاء، ووضع اليد على الصحراء الضائعة ا

..صاحب، وتسويرها وتقسيمها.. كل الناس يعرف هذا، ويعرف أن له في كل بلد خليلة

وفي مقابل المسجد يبني كنيسة، فمن اولكنه يبني مسجد ، ..! يالها من ذكرى..!يتكلم، ومن ينتقد؟

وقال لهااعاير أمها يوم : .أين وثيقة زواجك؟.. اإن كنت زوجتي حق -األم نكست رأسها . لموقف األسودإنها تذكر هذا ا -

اوابتسمت قهر ..اهي أيضعلى طريقة ا تبتسم قهر ..أمها

:قالت األمهذه البنت التي تلعب بعروستها وال تعرف معنى ما -

..لها شهادة ميالد.. والحمد هللا.. ابنتك.. تقولكانت لبنى تلعب بعروستها أمام مرآة خزانة أمها، حيث

ا في عناق ومداعبة مع العروس يسرها أن تشاهد نفسهأدركت الكالم .. المصنوعة من البالستيك بحجم طفلة حقيقية

في المستقبل كانت شديدة التمسك بشهادة .. ولم تعرف معناهعبد : ميالدها، وكانت تقرأ بإعجاب وشغف خانة اسم األب

... المولود...:الجبار الطفران، اسم األم

:عاد يكرر .... قولي..! نفسي؟زوجتك: قولي يا لبنى

..قبل أن تكمل الكلمة كان قد دفعها على وجههالمنفوشة كان أشد ما يضايقها لحيته ا...وامتطى ظهرها

.وهي تحتك بكتفيها وقفاها

* * ** ** *** *

رنين جسدرنين جسد .إنها تعرف أصواتهم

..تكتشف الرجفة وراء االندفاعت أنه تأكد" لوأ"ا جاء صوته عبر الهاتف، من أول عندم .إنه يقصدها هي بالذات.. ليس منهم

صغار الموظفين وشباب .. من المتطفليناليس واحدبقصد " أي رقم"الدواوين والسكارى الذين يتسلون بطلب

..!..!التسلية، لعل وعسى :تعرف اندفاعهم

أحالم موجودة؟ - :ولأ

هذا بيت سالم السامر؟ - :و لأ

خالتي موجودة؟ -

ف من المكالمات التي تأتي عند كانت قد تعودت هذا الصنتضع . منتصف الليل عادة، وكانت ال تكلف نفسها بالرد

.السماعة بعنف وكأنها تضرب الباب في وجه ضيف ثقيل :قال لها ببساطة. حين جاء صوته لم يتصنع

..!أريد أن أتحدث معك - هكذا ببساطة؟ -

.ليس أجمل من البساطة -

، ثم أسباب هذه حاولت أن تعرف عمره، ومستواه الثقافي .الرغبة التي تحركت عند منتصف الليل

:قالت لماذا أنا بالذات؟ هل تعرفني؟ -

:بصوت حاد .. هذا ما أحاول أن أفعله..!..!يا ليت - ..!والسبب؟ -

شعرت أنني مندفع نحوك .. لم أفكر في السبب - ..بجاذبية غريبة

أحست بالرغبة في استمرار الحوار، حتى ولو من قبيل ..التسلية :قالت .. لم أعرف أسمك..اسمع يا -

نقل السماعة إلى أذنه . نصف ضحكة من طرف أنفه عبر من السيجارة، أطلق نفسه الدافئاسحب نفس. األخرى

:الهاتف كأنه يصب في أذنها ..اسمي ليس مشكلة. شوفي -

ساخن أو بارد .. أخذ رشفة من سائل ما أمامه–صمت :عاد يكمل.. ال تدري

..أنا أريدك ..المهم أنت - :شهقت

.سأغلق الخط.. عن إذنك..!بهذه السهولة؟ -اسارع معتذر:

هذه الليلة بالذات أنا وحيد، .. أرجوك.. ال ، ال - ..!..!في االنتحار.. في.. إنني أفكر.. وحزين

:ضحكت ساخرة

. مرة واحدة؟ يالك من روميو تعبان..!االنتحار؟ - :قاطعها

يناسب ما أكنه لك هذا الكالم ال .. أرجوك.. ال، ال - ..من حب

..حب بدون أسباب.. حب، وأنا ال أعرفك -

:قلت لك .الجاذبية - ..حتى الجاذبية لها أسباب -

رأيتك على شاشة فضائية .. بصراحة.. معك حق - .لم أستطع النوم.. التلفزيون أمس

:ةمكتهم ..مسكين -اسمعيني .. أربع وعشرون ساعة.. مسكينالفع -

أنت لست جميلة.. اجيد..

- لذوقك الرفيعاشكر ..

لكنك امرأة بارعة، وصلت إلى قلبي في أقل من - ..!..!خمس دقائق

:مستمرة في التهكمثالث .. البد أن قلبك يسكن في السرداب..!يا سالم -

..ونصل.. درجات لتحت .. يقترن الحب بالقسوةادائم.. اهللا يسامحك -

:قهقهت عابثة.. اأصبحت حبفي دقيقة . كانت جاذبية..ما شاء اهللا -

..وربما بعد دقيقة أخرى يتحول الحب إلى عشق ..هنا مربط الفرس -

أنت .. ال يعنيني ما تقوله.. الحمار.. مربط الفرس - .تجاوزت وأنا سأغلق التليفون

أنا .. ، ولن تستطيعي منعي من عشقكالأنا عاشق فع -فقط صوتك، هل يمكن أن تسمحي .. عاشق صوتك

..لي بأن أسمع صوتك

..!صوتي؟فقط -

..!فقط صوتك؟ -

..أنت سمعتني في التلفزيون، كما تقول. احسن -

..إنها الحقيقة واهللا العظيم -

- صدقتك. اوأيض..

..الحمد هللا -

.. في اإلذاعةاسمعني غدا -

:، كان يرتشف من جديد فقطع الرشفةاصارخ قاطعها ..ال أريد اإلذاعة.. ال، ال -على خالف أم أنك . لماذا؟ اإلذاعة أخت التلفزيون -

مع مدير اإلذاعة؟

..إنه مثقف ممتاز. بالعكس -

زعالن من الموجة القصيرة؟.. احسن -

..القصيرة أحسن من الطويلة.. بالعكس -

..!لماذا؟ -

- األن القصيرة يمكن أن أحتويها جيدبين ذراعي ،اوأن أمتلكها جيد..

..!أنت غير طبيعي. هذا الكالم عيب -

هل التفاح ممنوع؟ -

:قالت بجدية-ال التفاح، وال العنب، وال حتى السفرجل.. ا ال طبع..

:قال قولي لي يا .. آه من التفاح.. ما علينا من السفرجل -

..!..!مدام.. قطبت تصنعت الغضب.. ارتجفت يدها على السماعة

:فكرت ..ربما آنسة.. لماذا تقول يا مدام -

:اقال ضاحك ..!حتى اآلنسة مدام؟ - .. أن أعرفكيف؟ أود.. يا سالم -

..هذه مسألة معروفة.. بالخبرة -

:قالت، وقد شعرت أنه يسحبها إلى بعيدلماذا ال تريد أن تسمعني في .. نعود إلى الصوت -

.اإلذاعة؟ :قال بتأكيد

أن يكون صوتك في .. أريد أن أسمعك على الهاتف -هل يشكل هذا أي خطر عليك؟ .. لوحدي.. أذني

أال يجوز أن . كل االحتماالت.. فكرت في وضعها

تعرفه بغير صوته ويريد أن يسخر ايكون شخص أو أحد المنافسين في العمل ويريد تسجيل ..!منها؟

مصيبة..!يختبرها؟.. من أقاربهااموقف؟ أو واحد .. :زمت شفتيها.. تجعدت جبهتها.. جمعت شجاعتها

.. يا..اسمع - ..ابـ -

..هذا شيء يعنيك.. ال أريد أن أعرف اسمك -

..!تك؟هل أغضب -

..ليس بيني وبينك ما يدعو للغضب -

.. الكالم نتكلم، وأقسم لك أنني لن أتجاوز.. نإذ - ..وسأحفظ السر

..!أي سر بيني وبينك؟.. هل جننت..!سر؟ -

الربما يفتح لك مجا.. خاص بنا.. هذا الحوار الليلي - ..للكالم وربما يساعدني على الحياة

..!..!الحياة -

وشفائي في أن أسمع . .قلت لك إنني وحيد وحزين - هل هذا كثير؟ هل هو حرام؟..صوتك

لماذا؟.. ال أعرف، ولكن -

..أريد أن أتكلم معك.. قلت لك إنه شفائي من دائي -

..!..!تكلم -

أريد أن تصافحيني في .. صافحيني.. أرجوك..إذن - ..التليفون

يمكنني أن أسايره دون .. افكرت، البد أنه مختل عصبييتالعب ا أن يكون خبيثايمكن أيض.. بيأن أسمح له بالعبث

..بعواطفي :قالت .. سلمت عليك..احسن - )بعد لحظة صمت(

..ا يدك ناعمة جد..اهللا - ..اترك يدي.. عيب -

:قال بإصرار، كأنه يقبض على معصمهادقيقة واحدة، .. اتركيني أسعد بلمسها.. أرجوك -

؟..!..!ممكن

ول مكالمة من أ. هذه وقاحة وقلة أدب..!كيف يجرؤ؟ ى يده قابضة على يدها؟ من يظنها؟ تبقيطلب منها أن

بحدة، قذفت بالسماعة التي ظلت تتأرجح كأنها جسد .مشنوق .أف -

ن هذا؟ وما الذي يجعلني أقبل م. أطلقت أنفاسها الحبيسةوحتى لو كانت في الوقت . استدراجه للكالم؟ هذه سخافة

غير أخالقية، . .غير مضمونة.. تظل غير مقبولة.. الضائعالمهم . خاصة وهي ال تعرف من هو، وماذا يريد بالتحديد

أنها تخلصت منه، لن تضع السماعة في مكانها من التليفون .. حتى ال يعود إلى طلبها هي تعرف هذا النوع اللحوح

:يقول. يكلمها بعد منتصف الليل.. اللزج.. ثم) أم الحنون؟هل قال الدافئ.. (صوتك الدافئ -

واهللا أعلم بماذا .. حتفظ بيدك دقيقةي لي أن أاسمح .يريد أن يحتفظ بعد ذلك

وصوت .. كانت السماعة ال تزال تتحرك حركة بندولية :يأتي عبرها

.. أرجوك يا مدام..!..! ألو..!..!ألو -

قالت له . هل هو وقح أم جريء.. تذكرت.. ابتسمت(.. لخبرةبا.. مدام.. قلنا حتى اآلنسة: فقال.. ربما كنت آنسة

)خبرة في ماذا يا قليل الحياء؟ لن أرد عليك :واستمر النداء في لهجة االستغاثة

..يا.. الرحمة.. تبت. خالص -قررت أن . خشيت أن تضعف، ولو بدافع حب االستطالع

عنده، ألنه االبد أن صوت إيقاع نعلها كان مسموع.. تبتعد :غير لهجته، وضراعته زادت

كلمة واحدة .. خالص.. ك باهللاستحلف.. ال، ال تذهبي - ..أريد أن أفهم

الم تهتم به، مضت خطواتها تتراقص وهي سعيدة جد ..بإلحاحه، بذله، بإصراره

)منهخليه يموت، ما علي ( ، إلى آخر الصالة، تحركت على مهل، فتحت ذهبت

شربت الجرعة األولى .. الثالجة وتناولت زجاجة غازيةتوقفت عن الحركة، وتدلت مثل وعيناها على السماعة التي

.جثة

:قالت في نفسها "تستاهل" -

.. آخر كان يغمز في قلبهااعورلكن شما الذي .. ثم) بها بهذه الدرجة؟اماذا لو كان متعلق(

كالم يجري في أسالك أو ..!..!أغضبها؟ إنه مجرد كالم نطق ا صغيراللنفترض أن طف.. موجات ال تعر ف معناه

هل تؤاخذه؟ إنه مجرد أداة .. و أفحش كالمبأحسن كالم، أ هكذا الوضع بالنسبة –تردد مفردات ال تعرف معناها

..!..! ال يعرفهاطفل ثرثار يقول كالم.. للتليفون لهذا التفسير، ولكن غضبها تجدد عندما الاستراحت قلي

عائدة في اتجاه السماعة المشنوقة، كان صوته قد اقتربتانحنت تلتقط السماعة. أنه أغلق الخطاعتقدت. اسكت تمام .

:وهي تقول ساخرة فهمتها اآلن يا ..!كلمة واحدة تريد أن تفهمها؟.. هه -

شاطر؟ : قبل أن تضع السماعة جاء صوته

- وهذا ظلم. باهللا ما فهمتاقسم..

:وأكمل.. قالها بمنتهى المسكنة والخضوع .الخط مفتوح منذ نصف ساعة.. انظري -

:بارةلفت انتباهها ع من أين يتكلم إذن؟". الخط مفتوح"

:قالت بال مباالة. قررت أن تعرفتصور نفسك .. المكالمات مجانية.. مغلق.. مفتوح -

أنا لم أطلب منك االتصال، وال ..ثم.. حاتم الطائي ..أريد أن أتكلم معك

:قال بجدية ..!..!ولكنك اآلن تتكلمين معي -

ة، قبضت تخلصت من زجاجة الماء الغازي.. ضحكتقالت بتهكم. على السماعةاجيد:

..من باب الشفقة - ..!فقط؟ -

وهل أعرفك ليكون في هذا الحوار أكثر من الشفقة - ؟ ..فقط

إذا وعدتني أن تتمهلي علي إلى آخر التعارف سأقول - ..لك من أنا

:ضحكت باستهزاءما هذا التنازل .. ثم.. يا لها من خطة. يا سالم -

..!فة اسمك؟العظيم أن تشرفني بمعر ..صمت :قالت ما الكلمة الواحدة التي تريد أن تعرفها؟ - بال زعل؟ -

:ثم قالت.. الفكرت قلي ..بال زعل.. احسن - :قالصمت .. متى تسمحين لي أن ألمس يدك في الحقيقة -

هل هو .. تحركت االحتماالت.. تمالكت. جديد عاشق حقيقي؟.. زميل، ماجن متفرغ.. قريب

:قالت ..أنت بالحتم مجنون.. إليكالنجوم أقرب -

اقال مقاطع: ..عترفأقر وأ -فتطمع في .. لم أسمح لك أن تلمس يدي في التليفون -

.لمسها في الحقيقة

تنهد، صوت والعة، وشيء ما يصب في كأس، أطلق انفسنقل السماعة إلى يده األخرى. ا حبيس..

لمسة .. بالنسبة لي. الخيال أقوى من الواقع.. اسمعي - .فتاح إلى الجنة ال يعرف معناها غيرييدك م

تصنعت العجب والدهشة، رفعت حاجبيها كأنه يراها، .. أنه يراها، ولهذا انتظرت أن يستمر في كالمهالظنت فع :قال لماذا لم تردي على كالمي؟ -

:قالتانتهينا، ماذا نقول عن .. مادمت اعترفت بأنك مجنون -

المجانين؟لم تسأليني عن لمسة . .نقول إنه أعقل من العقالء -

.اليد

:قالت باستهزاء ظاهر، يداري رغبة في االكتشاف سألتك؟ - :قال ..!اليد، لماذا فيها خمسة أصابع؟. وأنا سأجيب -

؟..!أجيبيربما بعض . بصراحة ال أعرف الطيور لها ثالثة أصابع

..الحيوانات لها أربعةلكن اإلنسان له خمسة، ألن اليد، بأصابعها .. الفع -

..لخمسة فيها قدرة على القيام بالحواس الخمسا ..اليد تشوف اليد تسمع

:قاطعته مستهينة ما هذا العلم الغزير؟؟.. يا سالم -

:استمر بنفس الجدية ..اليد، تتذوق، اليد تشم -

:كررت وراءه ..!وتشم ؟.. تسمع -

:قال بتأكيد

عندما تعجبنا أغنية تكون استجابة أصابعنا .. الفع -تنقر، وتعزف وحتى .. ستجابة أخرىي األسابقة ..ترقص

اليد تشم؟.. وتشم- -

ال يعجبك وأنا ال أريد اأقول كالم.. ، اليد تشمالفع - .إغضابك

:سارعت ..لن أغضب مادام كالم مجانين.. ال، ال، تكلم -لكنها تترجم اللمس إلى مناظر، .. اليد أداة اللمس -

س لو أن يدي تتحس.. ال تغضبي.. المث.. وروائح .جسدك اآلن

:صرخت فيه- الماذا تقول؟ أنت مجنون فع. رجاء..

:بنفس الهدوء وهذا حديث مجرد .. لو..لو.. أنا أقول.. يا سيدتي -

..محادثة في التليفون ..فيه تجاوز وعيب.. ديثح -

طلبة .. نتحمل العيب والتجاوز بدافع المعرفةاأحيان -وطلبة الطب .. كلية الحقوق يدرسون الجريمة

.وأنا.. رسون األمراضيد

:قاطعته ..لو.. انتهينا.. احسن.. احسن -.. في مواضع معينة، عن طريق اللمس..نعم، لو -

أشعر بأنني أغوص في حمام .. فقط، باليد، فقطأحس أنني دخلت حديقة كلها ورد وياسمين، .. دافئ

، وأتزحلق على الحشائش اأشاهد أضواء وألوان .. فئةوأجلس أمام المد.. الناعمة

:صرخت ..كفى -

:قال بتصميم ..هذه مقدمة لدخول الجحيم -

:عادت تصرخ ..اسكت -

.. ارتعشت.. شهقت. ضربت السماعة على رأس التليفونرأت نفسها في المرآة المقابلة لمجلسها، اكان جسدها ملتهب ،

...الحظت أن وجهها محتقن بدماء حارةة إلى قبل أن تترجم اللمس.. تحركت يدها تتلمس جسدها

.. اتجهت نحوه.. رن جرس التليفون من جديد.. نظر وسمعقربتها .. رفعت السماعة.. تراجعت في تراجعها.. تراجعت

من أذنها وهي تخشى أن تكون للسماعة يد تتحسس أو أسنان ..تعض

:جاءها صوت صديقتها ما بك؟.. أحالم..ألو -

:قالت بلهاث ...ال شيء -.. يرتعش.. دلصوتك ي.. أنت مريضة..!ال شيء؟ -

.. البد أن أطمئن عليك..أنا قادمة إليك

:قالت مقاطعة بسرعة

.. نتظر مكالمة مهمةأنا أ. ال، اطمئني، ال تقلقي -سوف .. وال أستطيع شغله معك اآلنانقطع الخط،

..أرجوك.. أغلقي اآلن.. اتصل بك الحقأ )وجلست في مكانها تنتظر الرنين(

... تظر ين..ورنين صاخب داخلها ال يتوقف

* *** ** *** *