) مدخل دراسي (

الديانات التقليدية في غرب إفريقيامدخل دراسي

غرب إفريقيا.. تلك المساحة التي تضم ست عشرة دول�ة، وال�تي ش��هدت على مر التاريخ ازدهارا لممالك عدي��دة، وثني��ة وإس��المية ونص��رانية. وق��د عرفت هذه المناطق وانتقلت ثقافاتها لتنتشر على مستوى العالم الق��ديم والحديث؛ بسبب الهجرات المطردة، والرحالت التعس�فية لتج�ارة الرقي�ق التي كان الغرب اإلفريقي فيها مضمارا لسباق محموم بين تجار النخاس��ة البيض في كل من أوروبا واألمريكتين الشمالية والجنوبية، كم��ا ي��بين ذل��ك الت��اريخ المري��ر لتل��ك الج��رائم ال��تي ارتكبت في ح��ق األفارق��ة في تل��ك

المحقب. وقد اصطحب السود المجلوبون من غ��رب إفريقي��ا إلى أمريك��ا الش��مالية والجنوبية والدومنيكان وجزر البحر الك��اريبي قيمهم وع��اداتهم وتقالي��دهم؛ إسالمية كانت )كأفراد قبائل المندنكا المس��لمة(، أو وثني��ة )ك��أفراد قبائ��ل الس��واحل الغاني��ة ومملك��ة داه��ومي(، وش��كلت تل��ك القيم والمعتق��دات واألفكار عقول كثير من األجي��ال الس�وداء ال��تي اس��توطنت فيم��ا بع��د في

تلك المناطق. والغرب اإلفريقي منطقة غنية بالديانات والعقائد المختلف��ة في مظاهره��ا والمتشابهة أحيانا في جذورها وأصولها، كما تتسم األعراق بس��لطة قبلي��ة فائقة نادرا ما ينعتق الفرد من ربقتها وما تستلزمه من أعراف ومعتق��دات معينة. كما يتسم الفرد في القبيلة ببساطة شديدة كمردود طبيعي لنس��بة األمية العالي��ة، وص��عوبة التعليم النظ��امي، وقل��ة م��وارد ال��دعم الحك��ومي والدولي له، ثم كان لكثافة الدغل اإلف��ريقي وص��عوبة التغلغ��ل الجغ��رافي أث��ر ب��الغ في انحس��ار التبش��ير ب��ديانات ذات وحي م��نزل بين أف��راد تل��ك

المناطق. أدت تل��ك العوام��ل وغيره��ا إلى أن تظ��ل كث��ير من القبائ��ل على وثنيته��ا وارتباطها العبادي بالطبيع��ة وأرواح األج��داد، ولم��ا ك��ان اإلنس��ان مفط��ورا

 www.alukah.net 2

ب��الطبع على التوج��ه نح��و وجه��ة علي��ا تفوق��ه في ه��ذا الك��ون، والفتق��اره الطبعي لقوة تحميه من تغ��ول الطبيع��ة؛ ثم لم��ا لم يكن ثم��ة ن��ور ه��اد أو وحي دال؛ فق��د لج��أ إنس��ان تل��ك المن��اطق إلى م��ا أس��ماه )األرواح( أو

)الوسائط( أو الفتيش )السحر(، كبدائل للدين الحق.محاور الدراسة:

تقدم هذه الدراس��ة ص�ورة لل�ديانات التقليدي�ة في غ�رب إفريقي�ا بص��ورة،Voodooعامة، وظاهرة الفودو ) Vodunعلى وج�ه الخص��وص، وهي )

ظاهرة عبادية ودي�انة تقليدية لقرابة عشرة ماليين شخص هناك، كنم��وذج للعقائ��د المنتش��رة في المنطق��ة، حيث تم��ارس في أرب��ع دول من دول الغرب اإلفريقي )بنين، توغو، غانا، نيجيريا(؛ وهي ظاهرة عالجتها شخصيا، وعاينت مجرياتها رأي العين خالل وجودي بجمهوري��ة توغ��و، وواجهت فيه��ا مواقف متفاوتة ما بين غ��ريب وطري��ف ومخي��ف، فه��ذه الدراس��ة ش��هادة

حاضر، وليس من رأى كمن سمع.تاريخ دراسة األديان اإلفريقية، ومسمياتها. المحور األول:

المحور الثاني: أساسيات معتقد وثنيي الغرب اإلفريقي.طرق دعوة الوثنيين إلى اإلسالم. المحور الثالث:

وغرضي من هذا البحث تبصير الدعاة والحريصين على نش��ر اإلس��الم في هذه المناطق؛ ليواجهوا هذه العقائد بعلم، ويجابهوا حججهم الواهي��ة بحجج

تستمد نورها من مشكاة الشرع، والله الموفق وعليه التكالن.تاريخ دراسة األديان اإلفريقية، ومسمياتها: المحور األول:

بدأت دراسة األديان اإلفريقية قبل قرن تقريبا، ق��ام به��ا علم��اء الس��الالت والمبش��رون الكنس��يون، ولم تكن كلم��ةanthrobologistsالبش��رية

)دين( أو )عقيدة( تطلق من قبل على الشعائر الممارسة في إفريقيا، ب��ل جاء وصفها به��ذه العب��ارات مت��أخرا، وال ي��زال محص��ورا في نط��اق ض��يق، والش��ائع في وس��ائل اإلعالم الغربي��ة واألوس��اط الثقافي��ة اس��تخدام تل��ك

 www.alukah.net 3

العب��ارة ال��تي أطلقه��ا ال��رواد األوائ��ل من علم���اء الس���الالت وغ��يرهم:Animism(1)(1)؛ لوص�ف الطقوس والشعائر اإلفريقية .

: إن المسميات الغربية لل��ديانات اإلفريقي��ة ق��د ت��أثرت)Mbiti)2()2يقول جدا بتلك األوصاف االنتقاصية التي أطلقه��ا أولئ��ك ال��ذين لف���قوا ونس��جوا قصص��ا خيالي��ة عن ال��ديانات والمثيولوجي��ا اإلفريقي��ة، فهم به��ذا ينش��رون وي��ذيعون م��ا س��يطر على عق��ول أولئ��ك األوائ��ل ال��ذين ق��دموا إلى ه��ذه

المناطق ووضعوا أفكارا وأوصافا خيالية دون ما تمحيص دقيق. ( التي يستخدمها الغربيون لوصف الطقوس اإلفريقيةAnimismوعبارة )

( الالتينية التي تعني )الروح( أو )النفس(، ويعدAnimaمشتقة من كلمة ))E.B.Taylorع��الم الس��الالت البش��رية اإلنجل��يزي م(1943م – 1866

.(3)(3)أول من أطلق هذا االسم على تلك الشعائر عن��د أص��حاب المعتق��دات اإلفريقي��ة قابل��ةanimaيقول ت��ايلور: )ال��روح

لمغادرة الجسد، ومن ثم الدخول في جسد آخر... إنس��انا ك��ان أو حيوان��ا، ثم تواصل مسيرتها في هذا الكون بعد م��وت الجس��د اآلخ��ر باالنتق��ال إلى جس��د ث��الث؛ وهك��ذا يعتق��د أولئ��ك بوج��ود م��ا ال يحص��ى من األنفس في

.(4)(4)الكون((1)(1)( Ray 2000.).7(، ص African Religions and Philosophy في كتابه )Mbiti انظر: (2)(2)(3)(3)( Mbiti،1969.) اقترح تايلور أن األحالم والرؤى والهلوسات، وكون الجثث بال حياة، جعلت البدائيين (4)(4)

( تسكن الجسد، واستنادا إلى هذه النظرية حلمواanimaيستنتجون أن نفسا )بالالتينية: تكرارا بأحبائهم األموات، وافترضوا أن نفسا تستمر في العيش بعد الموت، ولكنها تحل

في األشجار، الصخور، األنهار.. وهلم جرا. وأخيرا؛ فإن األموات واألشياء التي اعتقدوا أن م -R.R.Marett( 1866األنفس تسكنها صارت تعبد كآلهة. وهناك أنثروبولوجي آخر وهو

م( له نظرية أخرى )محسنة لمذهب الروحانية( دعاه )مذهب حيوية المادة1943animatismفبعد دراسته لمعتقدات ميالنيزي جزر المحيط الهادي، والوطنيين في ،)

إفريقيا وأمريكا؛ استنتج مارت أنه بدال من حيازة فكرة نفس شخصية؛ آمن الناس البدائيون بأنه توجد قوة غير شخصية، أو قوة فوق طبيعية تحيي كل شيء؛ وهذا االعتقاد

قد ألهب مشاعر الرهبة والخوف عند اإلنسان، فصارت فيما بعد دينا )ويسمى عنده:(.بحث الجنس البشري عن الله، إصدارة برج المراقبة، شهود يهوة.الدين البدائي(. )

 www.alukah.net 4

فعلى هذا، ووف��ق تحليل��ه يخلص ت��ايلور إلى أن األدي��ان اإلفريقي��ة وثني���ة؛ بمعنى أن األفارقة يخ�دمون ويعب�دون ع��دة آله�ة، وه�و األم�ر ال�ذي يع�ده

مثقفو القارة اإلفريقية وعلماء سالالتها محض افتراء!(5)(Paganismيطلق أحيانا على الش��عائر الطقوس��ية اإلفريقي��ة عب��ارة )

، وهو االس��م ال��ذي ي��راه ك��ذلك ع��دد من الب��احثين اإلفريق��يين مج��رد(5))Kofiاتهام.. يقول :Paganأصال اسم يطلق على أولئ��ك ال��ذين ليس��وا

بيهود أو مسيحيين أو مسلمين، ومع مرور الزمن صارت العب��ارة تس��تخدم أللئ���ك ال��ذين ليس لهم دين.. وب��الطبع؛ ف��إن إفريقي��ا له��ا دين، ووص��ف الديانات اإلفريقية بهذا الوصف يعد تحقيرا وانتقاص��ا له��ا وإنك��ارا لميراثه��ا

. (6)(6)الديني الكبير((Fitishism)(7)(7)من العب��ارات ال��تي تطل��ق وص��فا ل��ديانات الغ��رب :

، التي تطلقFeticoاإلفريقي، وهي مشتقة من اللغة البرتغالية من كلمة عموم��ا على )أي عم��ل منح��وت يص��نعه اإلنس��ان لغ��رض دي��ني كالتعواي��ذ

، والتي شاهدها البرتغ��اليون في رحالتهم إلى(8)(8)الجالبة للحظ والتمائم( إفريقيا على ص��دور وج��ذوع األفارق��ة، والحق��ا ص��ارت العب��ارة مس��تخدمة

Maryلوصف أديان الغ��رب اإلف��ريقي، حيث تق��ول Kingsleyعن��دما( : أعني بذلك الدين التقليدي لغرب إفريقيا(.Juju أو Fitishأقول

(Polytheism)(9)(9)وهو من المصطلحات المستعملة لوصف الديانات : فيE.G.Parrinderاإلفريقية، ويعني: )االعتقاد في أكثر من إله(، ويرى

( متس��امحةPolytheismكتابه أديان إفريقي��ا أن األدي��ان عدي��دة اآلله��ة ) في عقائدها، يمكنها بسهولة قبول أديان وعقائد أخرى، وال يوجد فيها آلهة

في القواميس االنجليزية: دين وثني، رجز: عبادة األوثان،Paganismترجمة كلمة (5)(5)وثنية.

(6)(6)( Kofi 1978، p 4.) في القواميس اإلنجليزية بالبدية، البدائية، طقوس دينيةFitishismتترجم كلمة (7)(7)

Atlas.engkish - Arabic talking Dictionary قائمة على التعاويذ(8)(8)( 1978 Kofi.) في القواميس اإلنجليزية: اإليمان بعدة آلهة أو عيادتهاPolythismترجمة كلمة (9)(9)

Atlas.engkish -Arabic talking Dictionary. www.alukah.net 5

غي��ورة تج��اه الش��رك؛ م��ا دامت لم ته��اجم المعتق��دات القديم��ة لهم، ل��ذا. (10)(10)أخذت هذا الوصف

ويعد المصطلح األكثر قبوال بين الباحثين األنثروبولوجيين األفارقة هو ذل��كHerbertال��ذي أطلق��ه ه��اربرت سبنس��ر Spencer م في1885 ع��ام

)مبادئ علم االجتماع(، وهو مصطلح:Principles of Sociologyكتابه (، استخدم سبنسر المصطلح بناءancestor worshipعبادة األسالف )

على تأمله الخاص لعقائد الغرب اإلفريقي، وص��ار المص��طلح ذائع��ا؛ ش��ائعاالستخدام بين الكتاب األفارقة لوصف أديان المنطقة.

لكن يعترض بعض باحثي الغرب اإلفريقي على ه��ذه التس��مية، وي��رون أن : )بال شك، يلعب األسالفKofiاألمر ليس عبادة بالمعنى المعروف، يقول

دورا كب��يرا في المعتق��دات التقليدي��ة اإلفريقي��ة، ولكن تس��مية ال��ديانات اإلفريقية بهذا االس��م يع�د إفراط��ا في التبس�يط للمص��طلح.. نعم لألج�داد احترام خاص، فاألبناء يحرص��ون على إطع��امهم، واستش��ارة أرواحهم في

1)(11)أغراض عالجية روحية، ولكن ليس األمر عبادة محضة كم��ا اص��طلح(1).

ويبدو واضحا أن الفالسفة وعلماء األدي��ان )س��ماوية ك��انت أو تقليدي��ة( لمحل. وتخضع معظم يستطيعوا اختيار اسم جامع يرضى عنه معتنقو هذه الن التسميات لثقافة المجموعة أو القبيلة المعتنقة لديان��ة معين��ة، ب��ل يش��جع بعضهم على التسميات المتخصصة حسب المناطق أو األعراق )اإلثنيات(، م��ع جع���ل اس��م واح��د يص���نف ك���ل األدي��ان تح���تها بمس��مى )ال��ديانات

(.African Traditional Religionsاإلفريقية التقليدية( ) في خمسينيات القرن المنصرم بدأ المثقفون الغربيون في إطالق عبارات إيجابي��ة )وف��ق تعب��ير البحاث��ة األفارق��ة( تج��اه الطق��وس والمعتق��دات

، وق��د أس��هم في ه��ذا التح��ولReligionاإلفريقي��ة، ومنه��ا عب��ارة دين Edward.E.Evans (12)(12)مجموع�ة من علم�اء الس�الالت البش�رية مثل

(10)(10)( Epworth Press، London،1961، p11.)(11)(11)( Kofi 1976.)(12)(12) Paris 1984.))

 www.alukah.net 6

Mercelو Griaule و Victor Turner:واألنثروبولوج��يين اإلفريق��يين ، E.Bolaji ldo و John Mbitiالل��ذين جه��دا في إثب��ات معرف��ة إنس��ان

:Mbitiإفريقي��ا األول لإلل��ه قب��ل أن يعرف��ه المبش��رون أنفس��هم! يق���ول )المبشرون الذين جلبوا األناجيل إلى إفريق�يا قب�ل م��ائتي س��نة فق��ط؛ لم يكونوا هم الذين أت��وا ب��الرب إلى قارتن��ا، ولكن )ال��رب( ه��و من أتى بهم! إنهم يس��تخدمون اس��م: )ال��رب( ال��ذي عرف��ه إنس��ان إفريقي��ا قبلهم فه��وNagi، Katonda، Mulungu، Mungu، Jok، Rohanga، Asis،

Olodumare، Modimo و ،Unkulunkuluوآالف األسماء األخ��رى .. .(13)(13)التي تشير إلى اإلله الواحد خالق هذا الكون..!(

يصعب ج��دا الفص��ل بين الش��عائر التعبدي��ة ومس�الك الحي��اة اليومي��ة عن��د أص��حاب ال��ديانات التقليدي��ة اإلفريقي��ة؛ حيث تج��د األفك��ار والمفهوم��ات الطقسية تتغلغ��ل في ثقاف��ة القبيل��ة؛ في قصص��ها وأس��اطيرها، طقوس��ها

: )إن كلم��ة دينRayالعالجي��ة والجنائزي��ة، أعياده��ا واحتفاالته��ا.. يق��ول Religionبمفهومه��ا الغ��ربي )مفص��وال عن الحي��اة( ال توج��د في التص��ور

اإلفريقي، بل ال توجد تلك العبارة في لغاتهم؛ ألن الدين يتغلغ��ل في حي��اةاإلفريقي اليومية كسلوك مباشر(.

: أن يق��ول عن األفارق��ة أنهم )أولئ��كIdowuوهو المفه��وم ال��ذي ح��دا ب� ، وأن يق��ول(14)(14)الن��اس ال��ذين يس��تخدمون ال��دين في ك��ل حي��اتهم(

Iwuoha)(15)(15): )الدين أمر يدور حول البشر وحياتهم في إفريقيا. : )إذا كان الدين هو م��ا يت��اح قبول��ه لك��ل البش��رMbonu Ojikeويق�ول

فإفريقيا ليست لها دين، أما إن كان الدين يع��ني: العم��ل أك��ثر من الكالم؛.(16)(16)فإن إفريقيا متدينة(

: )األفارقة متدينون للغاية، ولكل شعب منظومته الديني��ةMbitiكما يقول الخاصة مع سلسلة معتقدات وممارسات، ينفذ الدين إلى ك��ل مؤسس��ات

(13)(13)( Orita 1967.)(14)(14)( Iwuoha 2002.)(15)(15)( John Day 1946.)(16)(16)( Mbiti 1969.)

 www.alukah.net 7

الحياة بصورة من االكتمال يصعب أو يستحيل معه عزلها. دراسة مثل تلك المنظومات الدينية بالتالي؛ هي في نهاية األمر دراسة الناس أنفسهم في

كل تعقيدات الحياة التقليدية والحديثة... وألن الديانات التقليدية تنفذ إلى كل مؤسس��ات الحي��اة؛ فال وج��ود لتمي��يز شكلي بين جوانب الحياة المقدس��ة والدنيوي��ة، بين الديني��ة وغ��ير الديني��ة، بين الروحية والمادية. أينما حل اإلفريقي، هناك توج��د ديانت��ه، إن��ه يحمله��ا إلى الحقول حيث يزرع البذور، أو يحصد محصوال جديدا، يحمله��ا مع��ه إلى احتفاالت الجعة، أو لحض��ور مراس��م جن��ازة، وإذا ك��ان متعلم��ا فإن��ه يأخ��ذ ديانت��ه مع��ه إلى قاع��ة االمتح��ان في المدرس��ة أو في الجامع��ة؛ وإذا ك��ان سياس��يا فإن��ه يأخ��ذها مع��ه إلى البرلم��ان. رغم أن العدي��د من اللغ��ات

صرفة؛ فإنها ترافق مع ذلك الف��رد من��ذ«ديانة»اإلفريقية ليس فيها كلمة أزمان سابقة لمولده حتى أزمان طويلة تعقب وفاته الجسدية. عن طريق التغير الحديث فإن تلك الديانات التقليدية ال يمكنها أن تظ��ل غ��ير متبدل��ة، لكنها ليست منقرضة بحال من األحوال. في أوق��ات األزم��ات تطف��و تل��ك

. (17)(17)الديانات إلى السطح، أو أن الناس يعودون إليها سرا(��ة أم��ر أص��يل في المجتم��ع اإلف��ريقي، ح��تى إذن فال��دين والعالئ��ق الروحي يظهر ذلك في نظ��ام التس��مية للموالي��د الج��دد، حيث يش��يع في كث��ير من القبائل اإلفريقية تسمية المول�ودين الج�دد بن��اء على أح�داث، ظ��روف، أو مناسبات أو أيام ميالدهم، وإن كانت األخ��يرة هي األك��ثر ش��يوعا، ونج��دها

مرتبطة في مجملها بالقيم الدينية. الجدول اآلتي يوضح أمثلة لقبائل اإليفي- الفون- األكان في غ��رب إفريقي��ا

في نظام تسميتهم وفق األيام:

أيام األسبوع )ايفي،

فون(/ أكان

أي����اماألسبو

ع

أس������ماءاإلناث

أس�������ماءالذكور

المعنىفون/ )ايفي

(17)(17) (Mbiti 1969). www.alukah.net 8

)إيفي، ف�����ون( /

أكان

)إيفي، ف������ون( /

أكانأكان(

Dzoda/Dwoda

/AdjuaاالثنينAdjoa

Kodjo/Kojo

المتوس�����ل )أو

المتض��رع( / طف�����������ل

السالم

Blada/BenadaالثالثاءAbla/

AbenaKomla/Kwabe

na الق�������وي /

طفل النار

Kuda/Wukuda

األربعاء

Aku/Akua

Koku/Kweku

الش�����جاع /المشهور

Yoda/Yawdo

الخميس

Ayawa/Yaa

Yao/Yaw

المص������ون )غ��ير قاب��ل للفس����اد( /

القوي

Fida/Fida

الجمع��ة

Afi/Afua

Kofi/Kofi

الطف��������ل األعجوب����ة / الطف��������ل

الناميMemlida

/Memend

السبت

Ame/Ama

Komi/Kwam

e

المث�������ير / ال�����������ذي س������يرتقي

 www.alukah.net 9

a مكانا عالياKosida/

Akwesida

األحدAkosi

wa/Akosi

Kosi/Kwesi

القائ��د / ابنالشمس

المؤلفات السابقة: كتب عدة باحثين حول هذه األدي��ان والنح��ل اإلفريقي��ة، وك��ان للقساوس��ة واألنثروبولوجيين النصارى قصب السبق في الكتاب��ة والبحث، مث��ل القس

Placideالك���اثوليكي البلجيكي Tempels ال���ذي كتب كتاب���ه Bantu Philosophy م )الطبع��ة األولى بفرنس��ا، وخ��رجت الطبع��ة1945 ع��ام

( في زائير،Balubaم(، حول ديانة ال�بالوبا )1959اإلنجليزية األولى عام وه��و أول من أطل��ق مص��طلح )الق��وة الحيوي��ة( للتعب��ير عن الفلس��فة األساسية إليمان البالوبا، وقد استخدم ه��ذا المص��طلح أيض��ا في دراس��ات

.(18)(18)أخرى تالية له ،African Traditional Religion في كتابه E.G.Parrinderوكذلك

وهو تعري��ف ع��ام ومح�اوالت تص��نيفية ألدي��ان المنطق��ة اإلفريقي��ة، وأيض��اEvan Pretchard في كتابه Nuer Religionالذي يتناول عقائد قبيلة

Geoffreyالن��وير بجن��وب الس�ودان، و Lienhard في كتاب��ه Divinity and Experienceالذي يتناول عقائ��د وعب��ادات قبيل��ة ال��دينكا بجن��وب

السودان كذلك.Jomoومن بين الكتاب األفارقة نجد Kenyattaالرئيس األسبق لكيني��ا

Facingومؤل���ف كت���اب Mount Kenya( م(، و الك���اتب1938 J.B.Danquah في كتابيه Akan Doctrine of Godمعتقد األك��ان( Akanم(، و 1944ح��ول ال��رب( ) Laws and Customsق��وانين(

(18)(18)( Mbiti، p 10.) www.alukah.net 10

في كتاب��ه:Mbonu Ojikeم(، والك��اتب 1928وأعراف قبيل��ة األك��ان( )My Africa( Archdeaconم(، و 1946 J.Olumide Laucasفي

Theكتابي���ه Religion of Yoruba( )م(، و1948 )دين اليوروب���ا Religions in West Africa and Ancient Egyptالغرب )أديان

E.Bolajiم(، والك��اتب:1970اإلف��ريقي ومص��ر القديم��ة( ) Idowuفي :Olodumareكتابي���ه: God in Yoruba Belief( م(، و1962

African Traditional Religion: A Definitionالتقليدية )األديان Kofiم(، والك��اتب: 1973اإلفريقي��ة: تعري��ف( ) Antubamفي كتاب��ه

Ghanas Heritage of Culture( 1963.)م

 www.alukah.net 11

المحور الثاني: أساسيات معتقد وثنيي الغرب اإلفريقي:أوال: )الرب( في معتقد وثنيي الغرب اإلفريقي:

الفكرة الرئيس��ة ح��ول ه��ذا المعتق��د هي: اإليق��ان بإل��ه واح��د خ��الق له��ذا الكون؛ يعرف بأسماء عدي��دة وه��و روح علي��ا س��امية ال توج��د ل��ه تجلي��ات صورية مرئية، وهو المصدر الرئيس لكل قوة وطاقة في هذا الكون، وه��و

المعني أساسا بعملية اإلماتة واإلحياء. ويوضح الجدول اآلتي بعض ه�ذه األس��ماء ومعانيه��ا للخ��الق األس��مى عن��د

، وهناك كثير غيرها: (19)(19)بعض المجموعات في غرب إفريقيا

س��يراليون

Menda

Kono

غينياTend

aغانا

Akan

Leve،الخ����الق األعظم العلي

Ngewcال�����رب، ال�����روح العظيم

MaadaالجدMahawaالرئيس األعظم

Maha-yilei

الرئيس األوحد

Maha-Ngewc

الرئيس الرب

Yataaال���ذي تج���ده في كل مكان

Meketaاألزلي ال�������ذي ال يموت

(19)(19)( Kofi 1978.)  www.alukah.net 12

Hounounga

الذي لم يره أحد

Onyame،الك��ائن األس��مى ال��رب خ��الق ك��ل

شئ.

يتضح من األسماء واألوص��اف الس��ابقة ذل��ك التق��دير وتل��ك المكان��ة ال��تي يعطيها أصحاب الديانات الوثنية لإلله األسمى، وأن��ه ذو فوقي��ة وعل��و على المحسوسات فال يتجسد فيها، وال يمكن تصور هيئته بوصفه روحا س��امية، وهذا يتضح جليا من تسمية يطلقها عليه أهل نيجيريا معناها )الذي ال يدرك

عن هذا األمر بقولهم )إذا أردت أنAkan maximكنهه أحد(، ويعبر ال� . (20)(20)تتحدث مع الرب فأخبر الريح – يعني تنقل حديثك -(

- الرب الخالق:1 اإليمان بأن الله هو خالق هذا الكون أمر راسخ وأساسي في معتقد وثنيي الغرب اإلفريقي، وتختلف قصصهم وفق المثيولوجيا المتبعة في كل قبيلة

في نيجيريا يطلقون اس�م النج��ار على الخ��القTivأو عرقية، فمثال قبيلة Andoع��ز وج��ل ) Gbe Tar؛ أي ال��رب النج���ار، ويتخيلون��ه - تع��الى)

يتخيل��ون عملي��ةLodagaaوتقدس - نجارا يصنع المنحوت��ات، وقبيل��ة ال� خلقه - تعالى وتنزه - للخلق كصانع القدور مع قدوره، أما قبيلة الفون في

(،Mawu-Lissaب��نين فيعتق��دون أن الك��ون ق��د تك��ون بمش��يئة ال��رب ) )كن(. Faويعبرون عن الخلق بأنه قد قام وتكون بكلمة

كما تجد عند بعض القبائل األخرى في غ��رب إفريقي��ا تص��ورات أس��طورية للخلق بناء على بساطة العقول واستحكام قوة الطبيعة بغير توجيهات من

في تص�ورهم لإلل�ه داخ�ل كه�ف ومع�هMendeالوحي؛ كقبيل�ة المين�دي مجموعة من الكائنات، يأمرهم بأال يأكلوا طعامه - تعالى وتنزه -، فتقترب

(20)(20)( Kofi 1978.) www.alukah.net 13

بعض الكائنات فيمسخها إلى الصور المعروفة حاليا من الكائنات، كائنا بعد.(21)(21)آخر

أما عند اليوروب��ا ففي اعتق��ادهم أن األرض ك��انت في األص��ل مس��تنقعات )االسم الذي يطلقونه على الله عز وج��ل(Olodumareسبخة، ويسكن

في السماوات، مع اآللهة األخرى )األقل منه شأنا( - تعالى وتنزه س��بحانه الواح��د -، وأرادت ه��ذه اآلله��ة زي��ارة األرض للعب والص��يد، ونزل��وا من

أن يح��ول األرضOlodumareالسماوات على شبكة العنكب��وت، وش��اء ، وعهد إليهOrisha-nlaالمائية إلى صورة صلبة، فاستدعى رئيس اآللهة

بالمهمة، وأعطاه تربة في صدفة حلزون )وفي بعض الروايات في حقيب��ة Orisha-nlaصغيرة من أوراق الشجر( جمعته��ا دجاج��ة وحمام��ة، ف��نزل

وسكب التربة على األرض السبخة، وغطت التربة مساحة ضخمة ش��كلت بما حدث، فأرس��لOlodumare ليخبر Orishaفيما بعد اليابسة. ورجع

Olodumareرسوله الحرب�اء ليتأك�د من األم�ر، ف�ذهبت الحرب�اء الم�رة األولى وعادت قائلة: األرض واسعة ولكنها ليست جافة بم��ا في��ه الكفاي��ة.

.(22)(22)ثم ذهبت المرة الثانية وعادت قائلة: األرض اآلن واسعة وجافة ، في جن��وب ب��نين )مملك��ة داه��ومي س��ابقا(، أنFon تعتقد قبيلة الف��ون

الخالق )سبحانه( قد سلك مسلكا خاصا في خلق��ه للع��الم ال��ذي اس��تغرق الكون بالتكونFa بكلمته Mawu-Lissaأربعة أيام، في اليوم األول أمر

وخلق اإلنسان، في اليوم الثاني أرسل رسوال خاصا ليهيئ األرض ويجعله��ا صالحة لسكنى اإلنسان، وفي اليوم الثالث أعطى ال��رب اإلنس��ان نعم��تي البص��ر والكالم ليتعلم ويع��رف، وفي الي��وم الراب��ع واألخ��ير أعطى ال��رب اإلنسان المهارات والح�رف التي تمكنه من االس��تفادة من البيئ��ة والك��ون

.(23)(23)المحيط به في غانا حكم��ة س��ائرةAkanيعتقد أن كل ما خلقه الله صالح، ولقبيلة ال�

ح��ول ه��ذه القض��ية )ص��الح الخل��ق(، حيث يجعلونه��ا في فم الص��قر )(21)(21) W.T.Harris و )H.Sawyerr / The Springs of Mende Belief and conduct.) (22)(22)( Kofi 1978.)(23)(23)( Kofi.)

 www.alukah.net 14

Ksansa( الذي يقول: )كل ما خلقه الله جيد(، ولهم كذلك تعبير مختص��ر )(24)(24)عن عملي��ة الخل��ق يس��ردونه بلغ��ة الطب��ول �:Kdomankoma

)الطب��ال( ثمKyrema )ح��اجب المحكم��ة(، ثم Esen)الرب( خل��ق أوال )الموت( (.Kwawu Kwabrafoأخيرا

Esenيق��وم بمهمت��ه، وهي اإلعالن عن الق��رارات ال��تي يتخ��ذها رئيس يرم��ز إلى العلم، حيث أن��ه يع��رف ت��اريخKyremaالمحكم��ة )ال��رب(،

Kwawuالقبيل��ة وحكم��ة المجتم��ع، ويس��تطيع ترجمته��ا ع��بر الطب��ل، Kwabrafo.الموت( هو المنفذ للحكم(

عملية الخل��ق بلغ��ة الطب��ول إلى: األم��ر ب��الخلق، ثمAkanإذن يلخص ال�.(25)(25)خلق العلم، وأخيرا الموت

تشترك كل األساطير المبينة للخلق عند قبائل الغرب اإلف��ريقي في بي��ان عملية انفصال الخلق عن الخالق، وفي األغلب األعم يؤمنون ب��أن الخ��الق والبشر كانا في مكان واحد، في عالقة قوية أش��به م��ا تك��ون بعالق��ة األب��ر ه�ذه الوض��عية. إح��دى أس��اطير الخل��ق مع أطفال��ه، ثم ح��دث ش��يء غي

التي تذكر قصة الخالق مع الخلق في كهفMendeالموجودة عند قبيلة واحد، حيث منعهم من االقتراب من طعام معين، فلما أكلوه انفصلوا عنه. لهم رواية أخرى تذكر سببا آخر عن انفصال الخ��الق عن الخل��ق وإعطائ��ه

)األعلى(، حيث يعتقدون أنه: في زم��ان س��حيق خل��ق ال��ربLeveاسم: الكون ثم ختمه بخلق الرج��ل والم��رأة، ولم يكن ه�ذان )الرج��ل والم��رأة(

)الجد(. Maada-leيعرفان اسم الرب الحقيقي فقط كانا ينادينه ب�: في يوم من األيام خ��اطبهم ال��رب ق��ائال: )ك��ل م��ا تس��ألوني أعطيكم��وه(،

أعطن�ا ك�ذا..Maadaفكان�ا كلم�ا أرادا ش�يئا أو طعام�ا ذهب��ا إلي�ه وق�اال: )نعم، خذا(، وألجل هذه الكلمة وألن��ه دائم��ا م��اIn-ngeeفيعطيهما قائال:

لغة خاصة تستخم في المجتمعات البدائية، حيث لم تتوفر وسائل المواصالت (24)(24) الحديثة، تعتمد هذه اللغة على السماع، وتعد لها طبول ضخمة من جذوع األشجار

المفرغة، ولها عدة إيقاعات للمناسبات المختلفة، للتحذير أو الحرب أو الزواج، كما لهامفرداتها الخاصة. )المؤلف(.

(25)(25)( Kofi.) www.alukah.net 15

)الج�د: خ��ذ(. ولم�ا كان�اMaadageeكان يقولها لهما ظنا أن اس�مه ه�و يكثران من التردد عليه قال الرب في نفسه )تعالى وتنزه عن قولهم(: لو بقيت قريبا منهم سيضجرونني بأسئلتهم المتكررة، سأجعل مكانا لنفس��ي بعيدا عنهم. وفي يوم ما أصبح الناس وما وجدوا الرب في مكانه، فرفع��وا رؤوس����هم ألعلى ف����رأوه ف����وقهم عظيم����ا وكب����يرا ج����دا فق����الوا:

Ngeewklanga-waa-leخذ! ما أك��بره وأوس��عه وأعظم��ه( من أج��ل( )الرب عظيم(.Ngewcwaaهذا – حتى اللحظة - يقول�ون:

كان الرب والبشر في مك��ان واح��د مع��ا؛ حيث ك��انوا يمس��ونهAkanعند Fufuويش��عرون ب��ه )تع��الى وت��نزه س��بحانه(، وب��دأت ام��رأة بطحن ال���:

بانتظام باستخدام الهاون، وكانت ي��د اله��اون ت��رتطم ب��الرب )تع��الى عم��ا يقولون( كلما دقت الفوف��و فف��ارق البش��ر إلى الس��ماوات، وعن��دما أدرك البشر ما ح��دث ح��اولوا البحث عن طريق��ة ترج��ع ال��رب م��رة أخ��رى إلى وسطهم، اق��ترحت تل��ك الم��رأة العج��وز أن ي��أتي ك��ل واح��د منهم بهاون��ه ويضعوها فوق بعضها ليكونوا ما يشبه الس�لم ليص��لوا إلي��ه.. طبق��وا األم��ر واكتشفوا أنهم في حاج��ة إلى ه��اون واح��د فق��ط ليكمل��وا الس��لم، عن��دها اقترحت المرأة العجوز م�رة أخ��رى أن يس��حبوا اله��اون ال�ذي في قاع��دة

2)(26)السلم ويضعوه في األعلى، فلما سحبوه انهار كل البناء وق�تل كثيرون6).

(: تق��ولIdowuولليوروب��ا أك��ثر من قص��ة ت��روي ه��ذا االنفص��ال، يق��ول ) الروايات الشفهية إن السماء ك��انت قريب��ة من األرض، وك��ان من الممكن لكل واحد أن يصعد إلى الس��ماء ويرج��ع وقتم��ا يري��د، وك��ان هن��اك عالق��ة

، وكان إذا مد واحد يده اس��تطاع أن ي��درك به��اOlodumareمباشرة مع السماء، وكان بال شك ثم�ة وقت ك�ان االتص�ال بين الس�ماء واألرض بغ�ير حدود أو حواجز، كانت فترة ذهبية من عمر الك��ون. وح��دث ش��يء أح��دث هذه المسافة بين السماوات واألرض، وهناك قصص كث��يرة ج�دا ح��ول م�ا حدث، إحداها أن هناك شخصا شرها أخذ طعاما كثيرا جدا من السماء ل��ذا انفصلت، وأخرى تروي أن امرأة لمست السماء )غير الصلبة( بيد متسخة

(26)(26)( Kofi.) www.alukah.net 16

- وه��وOduduwa، وقصة أخ��رى عن��دهم ت��ذكر إن��زال(27)(27)فانفصلت اإلنسان األول وسلف اليوروبا - من السماء إلى األرض، وقد ن��زل متعلق��ا

. (28)(28)بسلسلة من حديد كل هذه القصص المأخوذة من الفو واليوروبا والمندي في غ��رب إفريقي��ا؛ مؤداها ونتيجتها أن اإلنسان كان في وقت ما قرب الرب في مكان ما، ثم حدث شيء ما جعل اإلنسان بعي��دا عن ال��رب، ولع��ل ه�ذه القص��ص - في روحها - تشي بوجود قديم للمعتقد الكتابي عن آدم وحواء عليهم��ا الس�الم في جنة عدن، وربم��ا ك��ان ثم��ة ن��ور ه��اد من قب��ل في المنطق��ة انطمس

بمرور الزمن. وفي دراس��ة عن عقائ��د القبائ��ل الوثني��ة في إفريقي��ا يق��ول القس ج��اك ماندلسون: )إن فكرة الله األعلى، تكاد تكون موجودة لدى جميع القبائ��ل، بل إن مفهوم الذات اإللهي��ة الكلي�ة الحض��ور، والذاتي�ة االكتف�اء والش�املة القدرة، نجده بين كثير من القبائل، ك��الزولو بجن��وب إفريقي��ا، والبايراون��دا واالشانتي بغانا وساحل العاج، واآلك��ان بغان��ا، واليروب��ا بنيجري��ا والبكونج��و

بأنجوال، والنجومية بالكونغو. - وهم أق��دم س��الالت(29)(29)ويجب أال يفوتنا هنا أن نذكر أن لدى األقزام

إفريقيا - كائنا يطلقون عليه اسم )مونجو(؛ وإلى ه��ذا الك��ائن العلي يع��زو األقزام، أيضا، خلق جميع األشياء، وأنها ترجع إليه، كما أن هناك أس��طورة بين قبائل لش��اجا )بتنزاني��ا( ت��روي أن الل��ه ق��د غض��ب من أعم��ال البش��ر فأهلكم فيما ع��دا قل��ة، وجلي م��دى التش��ابه بين ه��ذه األس��طورة وقص��ة

سيدنا نوح.

(27)(27)( Idowu.).36م، ص.1980 لويد (28)(28) هي القبائل التي تعيش في الغابات على صيد«البيغمي»قبائل األقزام أو (29)(29)

الحيوانات، وتنتشر هذه القبائل في وسط إفريقيا وغربها، وفي الكونغو برازافيل،والكاميرون، والغابون، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ورواندا، وبوروندي، وأوغندا.

 www.alukah.net 17

أن الرب ح��رم أك��ل ثم��ار(30)(30)ويروي البامبوتي والتشاجا والميروكيف شجرة معينة على اإلنسان، وكيف أنه حينم��ا عص��ى اإلنس��ان األم��ر وأك��ل

منها جاء الموت إلى األرض. وفي جميع األديان اإلفريقية التقليدية اعتق��اد فيم��ا وراء الم��وت بش��كل أو بآخر، كما تعتقد أن المت��وفى تس��تمر حيات��ه في ع��الم األرواح... ومف��اهيم الخير والشر موجودة أيضا في هذه الديانات، بل لعلها عميقة الجذور فيها إلى حد ال يتصور الكثير من الناس. وتعتق��د قبائ��ل التوركان��ا من كيني��ا مثال إن الله، مع أنه يشفي من المرض، ق��د يص��يب ب��ه أولئ��ك ال��ذين يغش��ون

. (31)(31)المحارم ويخالفون الطقوس الهامة( - الرب الجد:2

تسود في غرب إفريقيا عند القبائل الوثنية تسمية الرب )سبحانه وتع�الى( بالجد، إضافة لالسم الرئيس الذي يطلقونه عليه س��بحانه، والج��دول اآلتي

يوضح ذلك: : )إن للجد عند قبائل غرب إفريقيا تقدير خاص، وتسمية الربKofiيقول

بالج�د تواف�ق ذل�ك التق�دير والتعظيم ال��ذي يعطون��ه لل�رب، وال يل��زم من التسمية جعله بشريا. ويعد الجد عندهم رأس العائلة، وهو الش��خص ال��ذي ترجع إليه كل القضايا ليحكم فيها، ويحظى ب��احترام وتق��دير كب��يرين ج��دا، ويرسخ رؤساء القبائل وبقية الكبار فيها لهذه المفاهيم بنفس الق��در، ف��إن تسمية الرب بالجد األكبر، أو السلف األعظم منبثقة من الدور الذي يؤديه

.(32)(32)كرئيس وقائد أعلى للمجتمع( - عبادة الرب:3

بصورة عامة، وعلى النمط المعروف للش��رك ع��بر الق��رون، ال توج��د أي��ة عبادات تصرف لل��ه س��بحانه وتع��الى مباش��رة عن��د وثن��يي غ��رب إفريقي��ا؛

مجموعة من قبائل األقزام في الكونغو. (30)(30) الرب والله وجوجو.. األديان في إفريقية المعاصرة، تأليف القس جاك مندلسون،(31)(31)

.108(، ترجمة إبراهيم أسعد، ص uniturian churchesمن الكنائس التوحيدية )(32)(32)( Kofi، 25.)

 www.alukah.net 18

بالرغم من األسماء المشعرة بالتقديس والتعظيم لله عز وجل مما تنض��حبها أدبياتهم.

وال يجد المرء هيكال أو مبنى مخصصا لعبادة الله وحده )على كثرة الهياكل والمباني العبادية(، كما ال يوجد بينهم كهن��ة أو س��دنة مخصص��ون لإلرش��اد إلى عبادة الله سبحانه، مثل أولئك المكرسون للدالل��ة على كيفي��ة عب��ادة اآلله��ة وأرواح األس��الف، ولهم في ذل��ك فلس��فة ليس��ت بالغريب��ة على��ر، ال المسلم المتمعن في كتاب الل��ه س��بحانه، يقول��ون: )ال��رب دائم��ا خي يؤذي وال يضر وال يحت��اج إلى استرض�اء كم�ا األرواح واآلله��ة ال�تي يخش�ى

.(33)(33)غضبها وإيذائها( وهذا شبيه بما ذكره المولى سبحانه في كتابه العزي��ز عن مش��ركي مك��ة؛ إذ كانوا يقدمون القرابين والهدي آللهتهم بمزاعم شبيهة بما ي��زعم ه�ؤالء،��زعمهم ��ه ب يبا فق��الوا ه���ذا لل ﴿وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث واألنعام نص����ه فه��و ��ان لل ل إلى الل��ه وم��ا ك وه�ذا لشركآئنا فما كان لشركآئهم فال يص��

[، ق��ال أب��و محم��د بن136األنعام: ]﴾يصل إلى شركآئهم ساء ما يحكمون عطية األندلسي في تفسير هذه اآلية: )وسبب نزول هذه اآلي��ة أن الع��رب ك�انت تجع�ل من غالته�ا وزرعه�ا وثماره�ا ومن أنعامه�ا ج�زءا تس�ميه لل�ه وجزءا تسميه ألصنامها، وكانت عادته��ا التحفي واالهتب��ال بنص��يب األص��نام أكثر منها بنصيب الله؛ إذ كانوا يعتق�دون أن األص�نام به�ا فق�ر وليس ذل�ك بالله، فكانوا إذا جمعوا الزرع فهبت الريح فحملت من الذي لله إلى ال��ذي لش��ركائهم أق��روه، وإذا حملت من ال��ذي لش��ركائهم إلى الل��ه ردوه، وإذا تفجر من سقي ما جعلوه لله في نص��يب ش��ركائهم ترك��وه، وإن ب��العكس سدوه، وإذا لم يصيبوا في نصيب ش��ركائهم ش��يئا ق��الوا: ال ب��د لآلله��ة من نفقة. فيجعلون نصيب الله تعالى في ذل��ك، ق��ال ه��ذا المع��نى ابن عب��اس رض�ي الل�ه عنهم��ا، ومجاه�د، والس�دي وغ�يرهم؛ أنهم ك�انوا يفعل�ون ه�ذانة أكل��وا من ونحوه من الفعل، وكذلك في األنعام، وكانوا إذا أصابتهم الس��

. (34)(34)نصيب الله وتحاملوا نصيب شركائهم(

(33)(33)( Kofi، 30.).665 المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، البن عطية األندلسي، ص (34)(34)

 www.alukah.net 19

وكذلك ثمة مزعم آخر منهم، وهو أنه ال يتصور أن يرتبط اإلنسان بالك��ائن األس��مى مباش��رة إال ع��بر وس��ائط تسترض��ى من البش��ر لترض��ي ب��دورها

الرب.ثانيا: األسالف:

يكن معتنقو التقاليد اإلفريقية في غ��رب إفريقي��ا ألرواح األس��الف احترام��ا وتبجيال كبيرين جدا، يق��ول فرانس��وا ال بالن��تين: )إن ب��انتيون األج��داد ليس نسخة طبق األصل لعالم األحياء على غرار ما نج��ده في نظري��ة أفالط��ون األولى... فاألجداد الذين يتم ذكرهم وتمجيدهم مرات عديدة في اليوم هم باألحرى قوة حافظة تمنح الحيوية، وتقوي القرية، وتضمن تناغمه��ا، وت��تيح

.(35)(35)تحييد قوى أخرى وإبعادها( يؤمن وث��نيو الغ��رب اإلف��ريقي بتج��ول أرواح األج��داد في الك��ون الفس��يح، ويعتق��دون أن عالقتهم م��ع أس��الفهم عالق��ة قوي��ة، ويش��عرون برق��ابتهم

:Parisالمستمرة عليهم العتقادهم بوجوده��ا ح��ولهم وفيم��ا بينهم، يق��ول )من وجهة نظر هؤالء: ال يوجد موت بالمعنى الش��ائع، ب��ل يؤمن��ون بخل��ود النفس )الروح(، وأن هذه الوضعية التي اتخذتها الروح تجاه ه��ذا الش��خص بخروجها منه ليست إال بداية لدورة جديدة خارج جسده الم��ادي، وتس��مية هذه األحوال موتا يعد أمرا مغلوط��ا، ب��ل ه��و تح��ول من الحال��ة الفيزيائي��ة

.(36)(36)للحياة إلى الحالة الروحية الخالدة( إن اإليمان بمواصلة األسالف لحي��اتهم بع��د االنتق��ال )الم��وت( أم��ر ش��ائع، واألم��وات عن��د بعض القبائ��ل موج��ودون وس��ط األبن��اء؛ فمثال عن��د قبيل��ة

Babaاليوروبا يظل األب ال��ذي ت��وفي يس��مى siأبي(، واألم المتوف��اة( Iya miأمي(، ويعاملون كأنهما ال ي��زاال على قي��د الحي��اة، ف��الموتى ق��د(

انتقلوا فقط من عالم مادي إلى عالم روحي دون أن يقطعوا الوشائج م��ع.(37)(37)األحياء

أبحاث في السحر، مجموعة دراسات، ترجمة محمد أسليم، مكناس، مطبعة(35)(35)م. 1995سندي

(36)(36) Paris 1995، 52.))(37)(37)( Chife.)

 www.alukah.net 20

Biragoويعبر عن إيمانهم بهذا األمر الشاعر السنغالي المش��هور Diop :(38)(38)في قصيدة له قائال

الذين ماتوا لم يذهبوا أبدا..إنهم هناك.. في الظالل الكثيفة..

الموتى ليسوا تحت األرض..إنهم في األشجار حين تصدر حفيفا..إنهم في األخشاب حين تصدر أنينا..

إنهم في تلك المياه الجارية..إنهم في األكواخ.. إنهم وسط الحشود....

ويعتقد وث��نيو الغ��رب اإلف��ريقي أن األس��الف يس�كنون )أرض األرواح( )إذا حققوا أمورا معين��ة في حي��اتهم(، ويعتق��دون أن الح��ال ال��تي م��ات عليه��ا الشخص هي التي تحدد درجته ورتبته في هيكل األسالف، مثال تعتقد قبيلة األكان بغانا أن المرء لكي يصير سلفا ال بد له من حياة س��ابقة ذات قيم��ة وشرف، وأن يكون قدوة حسنة خالل سني حياته، ويم��وت عن عم��ر كب��ير

. وكذلك اليوروبا؛ يعتقدون أن الموتى األح��داث غ��ير(39)(39)وأبناء وأحفاد مؤهلين للدخول في منظوم��ة األس��الف، وأن على الم��رء أن يم��وت ميت��ة )جيدة(، فال يدخل في األسالف من مات بحادث، أو انتح��ار أو ش��كل آخ��ر من أشكال الم��وت الع��نيف. وك��ذلك أال تك��ون الميت��ة لس��بب مجه��ول، أو بسبب الجنون، االستسقاء، الج��ذام أو الص��رع. وتتش��ابه تقريب��ا الش��روط ال��تي تح��ددها مجموع��ات الغ��رب اإلف��ريقي لي��دخل الميت في نس��ق

األسالف. يحظى كب��ار الس��ن ب��احترام وتبجي��ل كب��يرين في مجتم��ع غ��رب إفريقي��ا عموم��ا، وعن��د القبائ��ل المؤمن��ة بق��وة األس��الف الروحي��ة خصوص��ا، فهم يعتقدون أن كبير السن قد مر بمراحل عديدة في هذه الحياة تؤهل��ه لني��ل

(38)(38)( Munto 1961، p. 108.)(39)(39)( Kofi، 36.)

 www.alukah.net 21

درجة رفيعة من الحكمة والخبرة، وبالتالي القرب من الله؛ مما يؤهل��ه أن يكون بعد مماته )وفق الشروط( س��لفا يحي��ا م��ع ال��رب في مك��ان واح��د!

في س��يراليون أنMendeوعلى س��بيل المث��ال يعتق��د وث��نيو المين��دي فيKonkombaاألسالف ذهبوا ليستريحوا مع الرب، ووثنيو الكونكومب��ا

)بيتUumbwardoش��مال غان��ا؛ يقول��ون إن أس��الفهم ق��د ذهب��وا إلى الرب(.

عن معتق���د قبيل���ة األك���ان - في غان���ا - ح���ولJ.B.Danquahويق���ول األس��الف: )يعمل��ون كوس��ائط بين البش��ر والك��ائن األس��مى، وتس��تجاب

.(40)(40)الصلوات المرفوعة للرب بسرعة إذا مرت عبر األسالف( يسود اعتقاد بأن األسالف يمارسون حياتهم ويس��تكملونها، ويفتق��رون إلى

:Margaret Greelالمقومات األساسية للعيش )الماء والطعام(. تقول )يحتف��ظ األس��الف بك��ل انفع��االتهم ورغب��اتهم كم��ا ك��انوا من قب��ل، فهم يشعرون بالجوع والعطش، يغض��بون ويس��رون؛ وينتقم��ون إذا م��ا أهمل�وا، ويرضون إذا ما عوملوا باالحترام الالئق، ووف�اء األبن�اء تج�اه األس�الف ه�و

4)(41)الذي يقيهم من الجوع والعطش إذا قدمت القرابين بصورة منتظمة(1).

ل��ذا يح��رص وث��نيو الغ��رب اإلف��ريقي على التواص��ل كلم��ا أحس��وا برغب��ة األسالف في شيء من االهتمام، والذي غالبا ما يعرفونه من خالل األحالم

وتكه�ن العرافين. والطريقة الشائعة بين القبائل الوثنية في االتصال باألس��الف هي طق��وس

التي قد تشتمل أحيانا على تقديم ق��رابين منLibation (42)(42)اإلراقة طعام وخمر، ويمارس هذا الطقس فرديا وجماعيا، فقبل أن يشرب المرء منهم خمرا أو ماء فإنه يريق بعضا من��ه على األرض، ويعتق��د أن��ه به��ذا ق��د

(40)(40)( Danquah.)(41)(41) Paris 1995، 52.)) )طقس اإلراقة( طقس وثني، يعتمد على إراقة بعض الخمور على األرض(42)(42)

استرضاء لألرواح واآللهة، يمارس في عدد من الديانات الوثنية، وانتقل إلى بعضالطوائف النصرانية.

 www.alukah.net 22

أعطى سلفه ما يحتاج من ماء أو خمر، وقبل األكل يلقي بلقمة من طعام على األرض لألسالف، ويشيع كذلك س��لوك بين وثن��يي الغ��رب اإلف��ريقي، وبخاصة بين وثنيي قبيلة األك��ان، وه��و التأك��د قب��ل الن��وم من أن خزان��ات المي��اه ب��البيت تحت��وي على ش��يء من الم��اء، فاألس��الف س��يتجولون ليال،

ويحبون أن يرتووا من بيوت أقربائهم.) أسس االعتقاد في األسالف كما يأتيKofi Opukoيلخص لنا

43)(43): - االعتقاد في استمرارية حياة األسالف وعدم انقطاعها بالموت.1 - االعتقاد في أن لألجداد عهد )وهو حماية العائلة أو القبيلة أو األسرة(،2

وأن هذا العهد ص��ار منوط��ا بهم من��ذ أن دخل��وا في هيك��ل األس��الف، وهميعطون أحفادهم مزيدا من القوة والحماية.

- يعد األس��الف )ض��ابطين( للحرك��ة الروحي��ة )غ��ير المرئي��ة( للمجتم��ع،3 فبتذكر الفرد منهم لألسالف، وبالتزامه بقوانينهم وأحكامهم الناجزة؛ تصير

حياته أكثر ضبطا والتزاما. - اإليمان بتناسخ األرواح وعودة أرواح األسالف في أجساد أبن��ائهم م��رة4

أخرى. - طقوس األسالف:1

معظم االحتفاالت الطقوسية الوثنية في غرب إفريقيا تحتوي على فقراتة بإطع��ام األس��الف، وعن��د قبيل��ة اإليفي واألك��ان واألش��انتي يوج��د خاص��

تقدير خ��اص لم��ا يس��مى )كرس��ي األس��الف(، وه��و ال يس��تعمل للجل��وسفقط، لكن له داللة رمزية لألسالف والرؤساء في األسرة.

كرسي األسالف: ، حيثAdaeعند قبيلة األكان مهرجان خاص بكرس��ي األس��الف يس��مونه

يحتف��ل بكراس��ي األس��الف العظم��اء )يعتق��دون أن م��وت الج��د على ه��ذا الكرسي يجعل له مكانا خاصا في هيكل األسالف(، حيث تسود الكراسي،

(43)(43)( Kofi.p،39.) www.alukah.net 23

وتجع�ل في بيت الكراس��ي الخ�اص بالرؤس��اء. وك�ل رئيس لقبيل��ة األك�انFuntumiaينحت لنفس��ه كرس��يا من ش���جرة ) africanaأو ش���جرة )

(، وعندما يموت، يوضع على كرسيه ثم يغسلAlstonia boneiاألومنيا ) قبل دفنه، ثم يحفظ الكرس��ي في مك��ان آمن ح��تى ي��أتي ميع��اد طق��وس

التسويد. يحتل طقس التسويد مكانة مهمة في االحتفال الجنائزي للرئيس الس��ابق للقبيلة، ويقوم عليه حامل كراس��ي األج��داد، وال��ذي يعين ب��دوره من قب��ل بقية الحمالين. وتق�ام طق�وس التس�ويد ليال حيث ي�ؤتي بجمي��ع الكراس��ي السابقة ليسود الجديد في حضرتها )عند األشانتي يتم التسويد في حض�ور

الكرسي الذهبي(. قبل التسويد يغسل الكرسي جيدا بالماء )عند بعض بط��ون األك��ان: ي��ؤتى بالكراسي القديم��ة، وتغس��ل في طس��ت نحاس��ي كب��ير، ثم بفض��لة الم��اء يغس��ل الكرس��ي الجدي��د لين��دمج الكرس��ي الجدي��د كلي��ا في س��لفه(، بع��د الغسل يسود الكرسي الجديد بتلطيخه بمادة سوداء مخلوطة بمح البيض، ثم يلطخ الحقا بدم شاة، وقطعة من ش��حم حي��واني، بع��د االحتف��ال تؤخ��ذ

كل الكراسي إلى بيت الكراسي مرة أخرى. يوما، يق��ع أح��د األعي��اد في ي��وم األح��د )42ويحتفل بهذا العيد مرتان كل

Akwasida( والثاني في يوم األربعاء ،)Wukudaeورئيس القبيلة هو ،) ��ه ال��وريث الش��رعي المسؤول المباشر عن هذا العي��د وطقوس��ه، حيث أن لألسالف واألجداد، وهو يرى أن هذا العيد من أعياده الخاصة ال��تي يرتب��طع ألرواح بها روحيا مع أسالفه؛ لذا يبدي أح��واال غاي��ة في االح�ترام والتخش�

. (44)(44)األسالف؛ بدءا بخلع نعليه داللة على االحترام يخرج رئيس القبيلة برفقة شيوخها لي��دخلAdaeفي الصباح الباكر ليوم

بيت الكراسي، يطرق حامل الكراسي الباب أوال، ثم ي��دخل، يعقب��ه رئيس القبيلة ثم الشيوخ، خالعين نعالهم وكاشفين صدورهم داللة على االح��ترام

Nananom، mema moالفائق، ثم يبدأ الرئيس بتحية األسالف قائال:

(44)(44)( Sarpong.) www.alukah.net 24

akye oصباح الخير أيها األسالف!(، ثم يق��وم بطقس اإلراق��ة، وين��ادي( ��ذبح بع��د ذل��ك الش��اة ال��تي يلطخ كل واحد منهم باسمه، ب��دءا ب��أكبرهم، ت بدمها الكرس��ي الجدي��د ويجه��ز الطع��ام الخ��اص به��ذا االحتف��ال، ويس��مى

nsamannuaneويعده حمالو الكراس��ي تحت اإلش��راف المباش��ر من ، الرئيس، في غضون ذلك يغادر الرئيس بيت الكراسي ويتوجه إلى عرشه،

ليبايعه أتباعه بيعة رسمية. عندما ينتهي تجهيز الطعام يرجع ال��رئيس إلى بيت الكراس��ي م��رة أخ��رى ليق��دم الطع��ام ألرواح األس��الف، وقب��ل أن يض��ع الطع��ام في المنض��دة الخاصة بهذا الطقس؛ يضع ماء ليغسل األسالف أيديهم، ويغسل ه��و أيض��ا يده من الماء نفسه، ثم يتذوق من الطعام، ويقدم بعضه للحاض��رين مع��ه داخل الغرفة، ثم يخرج تارك��ا الطع��ام لألس��الف، يعتق��د أن��ه به��ذا الطقس تحتفظ كراسي األسالف بأرواحها، ويرتبط الرئيس الجديد بصورة مباشرة

.(45)(45)مع أسالفه عند قبيلة األشانتي في غانا يسود الكرس��ي الجدي��د ب��دم بش��ري بالكيفي��ة اآلتية: عندما يموت الملك السابق تجتمع أخوات��ه وأبن��اؤهن الختي��ار المل��ك القادم، فنظام التوريث يتم بالخؤول��ة )نظ��ام ط��وطمي(، ويط��رح الخي��ار، وتكون التي تقدم دم أحد أبنائه��ا ليغس��ل ب��ه كرس��ي األج��داد ال��ذهبي هي المؤهلة لتكون الخالفة في بيته��ا. عن��دما يتقل��د المل��ك الجدي��د ي��أمر ب��ذبح مجموعة من الناس ليرافقوا أخاه ال��ذي ذبح ف��داء للكرس��ي- كعبي��د - في

. (46)(46)حياته األخرى، ويتحول المذبوح بدوره إلى سلف مبجل - األس��الف عن��د المجموع��ات القبلي��ة في غ��رب إفريقي��ا، وطق��وس2

تعظيمهم: في توغو:Eweأ - األسالف عند قبيلة اإليفي

يعتقد وثنيو قبيلة اإليفي في توغ��و بس��لطة األج��داد الفائق��ة، وبوس��اطتهم بينهم وبين ال��رب، وفلس��فتهم في ذل��ك أن الميت أق��رب إلى ال��رب من

(45)(45)( Kofi: 1967.) )شيخ صالح(.(46)(46)

 www.alukah.net 25

��ه أك��ثر ف��أكثر، ويتوس��ل الحي، لكونه قد انتقل إلى بعد آخر يقرب��ه من رب بالجد السابق فالسابق، فمثال عند حدوث مصيبة من مرض أو قحط فإنهم

– فالن -Togbuiأو Tobbeيصلون لألجداد بالكيفية اآلتية: )أيه��ا الج��د - يسمى باسمه - انقل دعواتنا إلى الجد فالن – الذي يليه تصاعديا - ثم إلى الجد فالن، ثم إلى الجد فالن، وصوال إلى الرب )الذي يطلقون عليه اس��م

ماوو(. يستشار األسالف عند اإليفي في كل القضايا والحوادث، فمثال عند الزواج تشتري قبيلة البنت خمورا غالية ج��دا، ويق��ام طقس اإلراق��ة ق��ائلين: أيه��ا الجد فالن. ثم يذكر األجداد تتابعا إلى أن يص��لوا إلى وال��د البنت ال��ذي إن كان حيا يق��ال لهم: إن بنت ابنكم فالن تري��د ال��زواج. وإن ك��ان ميت��ا فإن��ه يحسب ضمن األسالف، ويقال: إن حفيدتكم فالنة تريد الزواج، وليكن ه��ذا

. (47)(47)في علمكم توضع أحيانا أنصاب ممثلة لألسالف داخ��ل ال��بيوت، وترس��م ص��ورهم على

جدران المعابد ليتذكرهم أحفادهم.ب - األسالف عند قبيلة المندي في سيراليون:

يمثل األسالف عند الميندي دور الوسائط الروحيين، عند حدوث أية ملم��ة أو قضية ذات بعد روحي؛ يشعر األسالف بها قبل خمسة أو ستة أيام قب��ل

إقامة االحتفال الطقوسي الخاص بتلك القضية. من أهم المواسم التي تقوم قبيلة المندي فيها باستدعاء األسالف موس��م الحصاد، حيث يتكون االحتفال من قسمين، يبدأ أولهم�ا في ب�دء الموس��م: ش��هر س��بتمبر، والج��زء الث��اني في ديس��مبر. حينم��ا تحص��د أول الحب��وب، يذهب بها المس�ؤول عن الطقس إلى الت��ل المختص باالحتف��ال باألس��الف معلما إياهم ببدء الحصاد، مناديا ك��ل واح��د منهم باس��مه، واض��عا الحب��وب في ذلك المكان، في اليوم التالي يعود إلى المكان نفسه حامال معه زهرة األرز )مصنوعة من أوراق أرز محصودة حديثا( موضوعة على ورق��ة م��وز، قائال: )لقد جلبنا لكم زهرة األرز، لتراعوا وتحموا لنا أرزنا في مزارعنا من

)شيخ صالح/ سوسا(.(47)(47) www.alukah.net 26

الطيور والهوام والحيوانات لئال تفسده، نريد أن نبدأ حص��اد األرز فرجاؤن��ا أن تحموا مزارعنا، ال تأكلوا ه��ذه الزه��رة ألنه��ا حل��وة؛ ب��ل كلوه��ا لتهتم��وا

. (48)(48)وتراعوا حياتنا( بعد ه��ذا الطقس تتوج��ه مجموع��ة منهم لص��يد بعض الحيوان��ات لتق��ديمها كق��رابين لألج��داد، وفي ي��وم مح��دد يطبخ أرز م��ع زيت النخي��ل ولح��وم الحيوانات المصيدة وتق��رب كتقدم��ة ألرواح األج��داد، وال ينس��ى الق��وم أن يسكبوا بعض الم��اء على األرض ليش��رب األس��الف ويغس��لوا أي��ديهم قب��ل األكل، ثم يوضع الطع��ام على ورق��ة م��وز، ويوض��ع على الحج��ر المق��دس

المخصص لهذا األمر. في بنين:Fonج - األسالف عند الفون

يعتقد وثنيو الفون أن أرواح أجدادهم تعيش داخل أو قرب المياه، وي��ذهب السادن )أو السادنة( ق��رب النه��ر عن��د بداي��ة طق��وس األج��داد س��نويا في شهر م��ايو أو يوني��و، ح��امال الق��در والحص��ير المخصص��ين له��ذه الطق��وس االحتفالية إلى جرف النهر أو شالل المياه، ثم يبدأ السادن بدعاء األسالف إلى الخروج من أعماق المياه والدخول في القدر، وبعد هذا الن��داء يعتق��د السادن أن األرواح قد حلت داخل هذه القدور، ويعرف دخولها فيها بهزات

عنيفة تعتري حملتها، ثم يرجع بها إلى القرية إلكمال الطقوس هناك. توضع القدور في المذبح المخصص للقرابين داخل المعبد، ويتولى السادن نق��ل الص��لوات بين الجمه��ور وأج��دادهم، وال��تي تب��دأ في الغ��الب بش��كر األج��داد على حم��ايتهم للقري��ة في الع��ام الماض��ي، وس��ؤالهم حفظه��ا وحمايتها في هذا العام أيضا. تخرج كراسي األجداد من أماكنها، وفوق كل كرسي مظلة ملونة بألوان عديدة، وهذه الطقوس لبيان العالق��ة القوي��ة -

والودية جدا - بين أفراد القبيلة وأسالفهم. في بنين:)Egun)49()49د - األسالف عند اإليقو

(48)(48)( Harris، p.18.) ، ومعناها في لغة اليوروبا: الهيكل العظمي، حيثegun gunأصل الكلمة (49)(49)

يعتقدون أن الميت قد رجع وقد يؤذي، ويمثل األمر في طقس يلبس فيه السدنة أزياء خاصة، تخيط باليد )مليونين فرنك تقريبا(، وعند خياطته تجرى طقوس خاصة، وال يسمح

 www.alukah.net 27

يس��لك وث��نيو ه��ذه القبيل��ة مس��لكا غريب��ا ج��دا في تعظيم األس��الف، حيث ينبشون قبورهم بعد موتهم إلخراج جماجمهم بع��د س��بعة أو تس��عة أش��هر من الدفن )تنبش قبور النساء بعد سبعة أشهر وقب��ور الرج��ال بع��د تس��عة أش��هر(، تغس��ل الجم��اجم جي��دا، وت��رش عليه��ا دم��اء ق��رابين من ال��ديوك الصغار، ثم تحفظ الجماجم في مكان معين انتظارا ليوم االحتف��ال الكب��ير

)يوم تشريف وتذكر الموتى(. في ذلك اليوم تجلب كل الجماجم إلى وسط مي��دان االحتف��ال، موض��وعة في أوعية ومغطاة بقماش أبيض نظي��ف، يوض��ع على اآلني��ة ال��تي تحت��وى على جماجم الرجال قبع��ة وس��يفين، وتل��ك ال��تي تحت��وي جم��اجم نس��ائية يوضع عليها حلي وزينات نسائية. وفي اليوم التالي تؤخذ اآلنية في م��وكب

Oceanمهيب يقوده السدنة إلى حف��رة كب��يرة تس��مى حف��رة المحي��ط )Pit.ثم تبدأ مراسم الدفن للجماجم ،)

، يق��ام بع��د ع��ام من دفنAgoطقس آخ��ر عن��د نفس القبيل��ة يس��مى الجماجم، حيث ينصب الوثنيون خياما قرب المحي��ط )أو النه��ر(، وي��ذبحون عددا من القرابين، ويطبخ��ون الطع��ام ويجعلون��ه داخ��ل الخي��ام، وي��دعون األسالف ليدخلوا إليها ويتناولوا الطعام الذي صنع لهم خصوصا! ينادى ك��ل جد باالسم، ويدخل السادن داخل الخيام، ويمكث – حسب اعتق��ادهم- م��ع أرواح األج��داد، ويخ��رج لينق��ل لقوم��ه مق��دار ف��رح األج��داد واس��تمتاعهم بالطعام الذي أعد لهم، وهو خبر يستقبله القوم بفرح وابتهاج كبيرين. في اليوم التالي يقرب الشيوخ ق��رابين الطي��ور، ويقطع��وا أمعاءه��ا إلى قط��ع صغيرة، وتوض��ع على الزوائ��د المعدني��ة في الخي��ام ال��تي نص��بت لألج��داد؛

كداللة خاصة على االحترام والتبجيل.ثالثا: اآللهة واألرواح:

ألحد برؤية السادن حين يلبس ذلك الثوب، وال يمسه إنسان العتقاد سائد هناك بأن من يمسه يموت، وأن من بداخله إنسان ميت. )أحمد محمود - بنين(.

 www.alukah.net 28

هناك عدد كبير جدا من اآللهة ال��تي تعب��د في غ�رب إفريقي��ا كوس��ائط بين الخلق وال�رب، فيوج��د على س�بيل المث��ال عن��د قبيل��ة اإليفي وح��دها، في

! (50)(50) إله600توغو وغانا، ما يقرب من واالعتقاد السائد عند وثنيي الغرب اإلفريقي أن اآلله��ة )األرواح المعب��ودة( قد خلقها اإلله األكبر ألداء أمور معينة، يعني هذا أنهم لم ي��أتوا باختي��ارهم، وهم يشتركون مع سائر مخلوقات األخرى في المحدودي��ة والقص��ور أم��ام

5)(51)القوة العظمى للخالق، حيث يستمدون قوتهم وفع��اليتهم من ال��رب1) .

يعتقد بعض الوثنيين أن هذه اآللهة أبناء للرب ورس��ل ل�ه، وبعض�هم يعتق�د أنهم وكالء له على األرض. ويمكن أن تكون هذه األرواح المعبودة إن��اث أو��رة أو ش��ريرة، وق��د أعطيت ه��ذه اآلله��ة مواض��ع للس��كن ذكور، أرواح خي حس��ب تص��ورهم، كاألش��جار، المي��اه، الص��خور، ح��تى بعض الحيوان��ات، ويعتق��دون أن لألرواح ق��درة غ��ير مح��دودة على التنق��ل من مك��ان آلخ��ر

ومغادرة أماكنها التي تسكن فيها. كما يعتقدون أن لهذه اآللهة قوى خارقة، وأن لك��ل إل��ه )أو إله��ة( نطاقه��ا الخ��اص، فيوج��د عن��دهم آله��ة للح��رب، والخص��ب، والش��فاء واألوبئ��ة، والزراع��ة، والص��يد، وبعض مظ��اهر الطبيع��ة كالرع��د وال��برق والص��واعق وغيره��ا لك��ل مظه��ر منه��ا إل��ه، وفي نط��اق أعماله��ا ق��د فوض��ها ال��رب – بزعمهم - تفويضا كامال للعمل والتأثير، ولهذه اآللهة س��دنة وس��ادنات، وال يدل جنس السادن )الذكورة أو األنوث��ة( على جنس اإلل��ه ال��ذي يخدم��ه أو

.(52)(52)تخدمهوتنقسم هذه اآللهة من حيث نطاق العمل والتأثير إلى قسمين:

قسم خاص بحماية المجتمع والقبيل��ة، يج��وز لك��ل ف��رد أن يتملك��ه، وه��ذه اآللهة يعتقد أنها أبناء للرب – تعالى وتق��دس -، وأنه��ا تعب��د من زمن بعي��د جدا بأسمائها وأوضاعها الحالية، تسمى عند األكان في غان��ا – على س��بيل

(50)(50)( Alex / David 1995.)(51)(51)( Kofi.)(52)(52)( Dr. Peter 1967.)

 www.alukah.net 29

Teteالمث���������ال - abosomوعن���������د اإليفي في توغ���������و ، Togbuitrowo)53()53(.

القسم الثاني آلهة حديث��ة، تس��تخدم في الغ��الب لطلب الص��حة واألعم��الSumanالس��حرية، تس��مى عن��د األك��ان في غان��ا Brafo أو Bosom

Brafo وعند اإليفي في توغو ،Dzositrowo.

رابعا: السدانة: هم الوسطاء بين اآللهة وعابديهم، المترجمون لحاجياتهم،(54)(54)السدنة

وقادة الطقوس والترانيم االحتفالية. ويمارس السدنة في المجتم��ع غ��رب اإلفريقي أدوارا أخرى غ��ير العب��ادة وس��دانة األوث��ان، فهم يع��دون حكم��اء

ح��ول الس��دنة فيIdowuوأطباء شعبيون وقضاة ألقوامهم كذلك، ي��ذكر أرض اليوروب��ا بنيجيري��ا: )الوظيف��ة الرئيس��ية للس��ادن عن��د اليوروب��ا هي الوساطة بينهم وبين آلهتهم، هو الشخص الذي يرتبط بالبش��ر واآلله��ة في آن واحد، هو الذي بإمكانه أن يسمع كليهم��ا )اآلله��ة والبش��ر(، وه��و ال��ذي

5)(55)يرفع لآللهة صلوات عابديهم ليقبلوها، ويبارك العباد نيابة عن اآلله��ة(5) .

السدانة أمر يجد احتراما وتقديرا كبيرين جدا عند وثنيي الغرب اإلفريقي، وهو أمر مفتوح للرجال والنس��اء، وب��الرغم من أن الس��دانة تك��ون وراثي��ة في بيت معين من القبيل��ة في بعض المجتمع��ات؛ ف��إن بعض األش��خاص يرشحون ليكون��وا س��دنة إن أثبت��وا كف��اءتهم ل��ذلك، وثم��ة طريق��ة واح��دةح في أثن��اء لإلثب��ات، وه��و أن يتلبس اإلل��ه أو ال��روح المعب��ود بالمرش��

( اإلذن العملي باختي���ارPossessionالطق���وس، ويع���د ه���ذا التلبس )الشخص المتلبس ليكون ضمن سدنة اإلله المعين.

(53)(53)( N.K. Dzobo 1971.) عندAlufa عند اإليفي،Tronua عند األكان في غانا، Okomfoيسمى السدنة (54)(54)

((.Kofi عند اإليبو في نيجيريا Eze-alusi )أحمد محمود(، وOlufaاليوروبا )أو (55)(55)( Idowu 1973: p130.)

 www.alukah.net 30

يخضع الس��ادن المخت��ار بع��د ذل��ك لت��دريبات عدي��دة ح��ول عمل��ه الجدي��د، تتضمن دروسا في القانون الخ�اص باإلل�ه، والمحرم�ات، وكيفي�ة ال�رقص، وداللة كل رقصة، والموسيقى ونغمات الطبول، كم��ا يجب علي��ه أن يتعلم الحكم��ة الش��عبية )العالج باألعش��اب وأوراق الش��جر(، والطب ال��روحي،��اد، كم��ا يجب عليهم أن وكيفي��ة ط��رد األرواح الش��ريرة من أجس��ام العب

يتعلموا تاريخ المجتمع وعاداته وتقاليده بتوسع. وكثير من األمور االجتماعية توكل للسدنة بوصفهم قادة روحيين للمجتمع، كم��ا ي��ؤدي بعض��هم أدوار الق��ادة السياس��يين، كم��ا ح��دث ذل��ك في ق��رى

Rukuba في نيجيريا، ومن��اطق Guan في غان��ا )قب��ل أن يتب��نى Guan .(56)(56) في الرئاسة(Akanنظام األكان

ليست للديانات اإلفريقية كتب مقدسة كتلك التي للوثنيات المشهورة في شبه الجزيرة الهندية على سبيل المثال، أو طقوس جنائزي�ة مكتوب��ة بلغ�ة مقدسة كتلك الموجودة في الوثني��ة المص��رية، ف��الطقوس أم��ر مت��وارث، وغالبا ما يختار القائمون على س��دانة األوث��ان هن��اك بالوراث��ة أو ب��التلبس، وهو ما يجعل دراسة األديان اإلفريقية أمرا ليس باليس��ير، ل��ذا تعتم��د ج��ل

: )واح��دة منMbitiالدراسات على المالحظة المباشرة للطقوس، يق���ول ص��عوبات دراس��ة ال��ديانات والفلس��فة اإلفريقي��ة تكمن في انع��دام كتب مقدسة خاصة به��ا، الديان��ة في المجتمع��ات اإلفريقي��ة مدون��ة ال في ورق، لكنها مدونة في قلوب الناس، وعقولهم، وتاريخهم الشفهي، وطقوس��هم، والشخصيات الدينية مثل الكهنة، وصناع المطر، والكبار القائمين بالمه��ام، حتى الملوك، كل فرد هو حامل ديني، بالتالي علينا دراس��ة ليس فحس��ب المعتقدات الخاصة باإلل��ه واألرواح، لكن أيض��ا األش��خاص المس�ؤولين عن الطق��وس واالحتف��االت الرس��مية. م��ا يفعل��ه الن��اس يتم تحت تحف��يز م��ا يعتقدونه، وينبع م�ا يعتقدون�ه من م�ا يفعلون�ه ويجربون�ه، بالت�الي االعتق�اد والممارس��ة في مجتم��ع إف��ريقي تقلي��دي ال يمكن الفص��ل بينهم��ا: إنهم��ا

.(57)(57)ينتميان إلى كل واحد(

(56)(56)( Kofi 1978: p 75.)(57)(57)( Mbiti 1969.)

 www.alukah.net 31

خامسا: اليوم اآلخر: ال يؤمن وثنيو الغ��رب اإلف��ريقي، في الغ��الب، ب��البعث بع��د الم��وت، ولكن اإليم��ان بت��أثير األم��وات أم��ر حاض��ر على ال��دوام في فلس��فاتهم، فهم يعتقدون أن هناك حياة من نمط آخر يحياها أولئك الذين دخلوا في هياك��ل

األجداد. يقول القس جاك ماندلسون: )في جميع األديان اإلفريقية التقليدية اعتقاد فيما وراء الموت بشكل أو بآخر، كما تعتقد أن المتوفى تستمر حيات��ه في عالم األرواح... ومفاهيم الخير والشر موجودة أيضا في هذه الديانات، ب��ل لعلها عميقة الجذور فيه��ا إلى ح��د ال يتص��وره الكث��ير من الن��اس.. وتعتق��د قبائل التوركانا من كينيا - مثال - أن الله، مع أن��ه يش��في من الم��رض، ق��د

5)(58)يصيب به أولئك الذين يغشون المحارم ويخالفون الطق��وس الهام��ة(8) .

إن عدم اإليمان باليوم اآلخ��ر جع��ل مفه��ومهم للج��زاء منص��با على ال��دنيا فقط، حيث ال يظنون وج��ود عقوب��ة أو ث��واب في اآلخ��رة، ف��المجرم ين��ال

جزاءه في حال حياته، والبار يلقى من السعة والرغد ما يكافئ بره. ه�ذه الرؤي�ة ق��ائال: )ليس��ت هن��اك ال جن��ة يتم التطل��ع إلىMbitiينق�ل لنا

ولوجها، وال ن��ار تس��توجب الخ��وف منه��ا في الع��الم اآلخ��ر، ال تتطل��ع روح اإلنسان إلى تخلص من الخطيئة، وال إلى تواص��ل أوث��ق باإلل��ه في الع��الم اآلخر. إن هذه الحقيق��ة عنص��ر مهم في ال��ديانات التقليدي��ة، وهي حقيق��ة سوف تساعدنا في فهم تركيز التدين اإلفريقي على األم��ور الدنيوي��ة، م��ع اإلنسان في قلب هذا التدين. وهنا أيض��ا تظه�ر أهمي��ة المفه��وم اإلف��ريقي لمسألة الزمان، فالديانات والفلسفة التقليدية تعنى باإلنس��ان في الزم��ان الماضي والحاضر، يظهر اإلله في الصورة كتفسير لصلة اإلنسان بالزمان، ليس هن��اك أم��ل تبش��يري أو نظ��رة رؤيوي��ة م��ع اإلل��ه ب��ارزا في لحظ��ة مستقبلية ما، جالبا تحوال جذريا في حي�اة اإلنس�ان العادي�ة. ال يص��ور اإلل�ه

األديان في إفريقية المعاصرة، جاك ماندلسون.(58)(58) www.alukah.net 32

في عالقة أخالقية، وروحية مع اإلنسان. أفعال اإلنس��ان التعبدي��ة واللج��وء. (59)(59)إلى اإلله هي براجماتية ونفعية أكثر منها روحية أو روحانية(

سادسا: القضاء والقدر: يعتق�د الوث�نيون أن ك�ل األح�داث ال�تي تط��رأ على البش�ر إنم�ا هي ج�زاء أعمالهم، خيرا أو شرا، فتراهم يؤمن��ون بأهمي��ة الكس��ب في المص��ير، وال يرجعون تقدير هذه المسائل إلى الخالق سبحانه، ب��ل وال آللهتهم الوثني��ة،

إنما ينسبون قضية التقدير إلى ذواتهم، ويرون الجزاء نتيجة لتصرفاتهم. وأخالف هن��ا م��ا ذهب إلي��ه ب. س. لوي��د؛ إذ ي��ذكر أن )ش��عوب إفريقي��ا ال تزال تؤمن بشكل ما بالقض��اء والق��در، وأن اإلنس��ان يمكن��ه تع��ديل ق��دره

، حيث ت��دل أنم��اط تعب��دهم وإيق��انهم ب��الجزاء(60)(60)باألعمال الص��الحة( ونمطهم في التحكيم إلى أن المس��ائل ترتب��ط بأعم��الهم ال��تي ترض��ي أو تغضب آلهتهم، لذا يسترضونها على الدوام بالقرابين؛ ألنها مظن��ة الغض��ب والثورة باستمرار، ويتعلقون بالتمائم والتعاويذ الط��اردة لألرواح الش��ريرة التي تجلب غضب اآللهة، فال يرجع��ون حادث��ة م��ا أو مرض��ا أو ظ��اهرة من الظ��واهر الكوني��ة أو توفيق��ا أو خ��ذالنا إال إلى أعم��الهم المحض��ة، وم��زاج

آلهتهم.طرق دعوة الوثنيين إلى اإلسالم: المحور الثالث:

إذا ص��ح تص��نيف العقائ��د الوثني��ة إلى وثني��ات بس��يطة ووثني��ات مركب��ة أو معقدة )بناء على إيمانهم بوجود إله كلي القدرة خالق للكون(؛ فإن وثني��ة

الغرب اإلفريقي تندرج تحت الصنف األول )وثنيات بسيطة(. وكما سبق في هذا البحث؛ فإن وثنيي الغرب اإلفريقي يؤمنون بوجود إل��ه خ��الق س��ام يف��وق اإلدراك، ويق��رون بخلق��ه للس��موات واألرض واألنه��ار��ة والجبال، ويمكن تشبيه طريقتهم في تناول المعتقد بطريقة مشركي مك

﴿ولئن سألتهم منالذين كانوا يقرون بخلق الله تعالى للسموات واألرض: ه بل أكثرهم ال يعلم��ون ه قل الحمد لل ماوات واألرض ليقولن الل ﴾خلق الس

(59)(59)( Mbiti 1969.).49م، ص.1980 لويد (60)(60)

 www.alukah.net 33

ه قل[،� 25لقمان: ] ماوات واألرض ليقولن الل ﴿ولئن سألتهم من خلق السفات ر ه��ل هن كاش�� ه بض�� ه إن أرادني الل ��دعون من دون الل أف��رأيتم ما ت��ه ه علي بي الل ��ه ق��ل حس�� كات رحمت ه أو أرادني برحمة ه��ل هن ممس�� ضر

ل��ون ل المتوك [، وبالق��در نفس��ه إن س���ئل أح��د وثن��يي38الزم��ر: ]﴾يتوك الغرب اإلفريقي: من خلق الس��موات واألرض؟ فلن يمل��ك جواب��ا غ��ير أن

يقول: الله. وإذا دار النقاش معهم حول سبب تعلقهم باألوثان؛ ج��اءت اإلجاب��ة مماثل��ة تماما لحجة مشركي مكة الواهية، والتي أجازوا بها تعلقهم باألوث��ان، وهي

هم وال ينفعهماتخاذهم شفعاء عند الله، ر ﴿ويعبدون من دون الله ما ال يض��ئون الل��ه بم��ا ال يعلم في فعاؤنا عن��د الل��ه ق��ل أتنب ويقول��ون ه���ؤالء ش��

ماوات وال في األرض سبحانه وتعالى عما يشركون [.18يونس: ]﴾الس كما يتشابه معتقدهم في نقط��ة محوري��ة، وهي إش��راكهم الجن والمالئك��ة )يسميها وثنيو الغرب اإلفريقي: أرواحا، أو فودو( مع الله سبحانه وتع��الى، والزعم بأنهم أبناء لله وبنات له )تعالى عن قولهم(، وهو عين ما ذك��ر عن

��اتمشركي مكة: ��ه بنين وبن ركاء الجن وخلقهم وخرق��وا ل ﴿وجعلوا لله ش��رهم[100األنع��ام: ]﴾بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون ��وم يحش�� وي ،﴿

��دون ) ��انوا يعب اكم ك بحانك40جميعا ثم يقول للمالئكة أه��ؤالء إي ( ق��الوا س����ون ��رهم بهم مؤمن ��دون الجن أكث نا من دونهم بل كانوا يعب س��بأ:]﴾أنت ولي

40 – 41.] وكما أشار القرآن إلى غلو مشركي مك��ة في تعظيم آب��ائهم؛ ف��إن لوثن��يي الغرب اإلفريقي غلوا مماثال، لكنه يفوق هذه الدرجة باتخ��اذ أرواح األج��داد

وسائط إلى الله - سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا -. وخالص��ة األم��ر أن ش��بهات الوثن��يين في الغ��رب اإلف��ريقي يمكن عالجه��ا بطريقة القرآن الناجع��ة الناجح�ة المحكم�ة، وللمس�لم بحم��د الل�ه ذخ��يرة وافرة من الحجج والبراهين والطرق اإللهية والنبوية في عالج هؤالء الذين

راطينتظرون من يخرجهم هم إلى ص�� ��إذن رب ور ب ﴿... من الظلمات إلى الن[.1إبراهيم: ]﴾العزيز الحميد

وأورد في هذا المقام أهم أسباب الشرك وطريقة القرآن في عالجها: www.alukah.net 34

لوثنيي الغرب اإلفريقي إيمان عميق بسلطة اآلباء الروحية، كما م��ر معن��ا في البحث، وه��و أم��ر مش��ترك بينهم وبين المش��ركين األوائ��ل، ومعتق��د أكثرهم أن هذه اآللهة التي يعبدونها قد ورثوه��ا ك��ابرا عن ك��ابر فال يس��وغ

لهم تركها.المناقشة:

ينب���ه الوث��ني على أن اآلب��اء واألج��داد ق��د قض��وا، وأنهم أفض��وا إلى الل��ه تعالى، وأنهم في هذه اللحظة ال يعقلون شيئا مما يدعوهم به أبن��اؤهم، وال أحد ذو علم كامل، وواحد من وثنيي ه��ذا الق��رن يع��رف آالف المعلوم��ات العلمية والتقنية والدينية أضعاف م��ا ك�ان آب��اؤه يعرفون�ه، أفيتب��ع من يعلم

جهلهم تجاه قضية ما وهو قد جاءه البيان؟��هالحجة مأخوذة من قوله تع��الى: ﴿وإذا قي��ل لهم تع��الوا إلى م��ا أن��زل الل

سول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم ال يعلمون وإلى الر.[104المائدة: ]﴾شيئا وال يهتدون

حتى لو ثبت عندهم أن األجداد قد أمروا بعبادة ما، أو أرادوا شيئا ما! ه��ل ننظ��ر لم��ا يري��ده األج��داد أم لم��ا يري��ده خ��الق الس��موات واألرض؛ وأنتم

تقرون بإله عظيم كلي القدرة؟ة ق��الوا وج��دنا عليه��االحجة مأخوذة من قول��ه تع��الى: ��وا فاحش�� ﴿وإذا فعل

آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله ال يأمر بالفحشاء أتقولون على الل��ه م��ا ال[.28األعراف: ]﴾تعلمون

ثم لو سمى األجداد هذه األوثان آله��ة، وأنتم تبعتم��وهم في التس��مية على أنها آله�ة تض��ر وتنف��ع، ولم ي��نزل اإلل�ه األعظم ه�ذا األم�ر عليكم وال على آبائكم؛ فما الذي يجعلكم تعتقدون ألوهيتها وما جاءكم بيان من الله بذلك؛

أليس هذا مدعاة لوقوع الغضب والسخط عليكم من الله؟!كم رجس ﴿الحجة م��أخوذة من قول��ه تع��الى: ب ق��ال ق��د وق��ع عليكم من ر

ل الله به��ا من وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآبآؤكم ما نزي معكم من المنتظ��رين لطان ف��انتظروا إن [، ويمكن71األع��راف: ]﴾س��

 www.alukah.net 35

للداعية أن يذكر لهم قص��ص األنبي�اء ال�ذين ج�ادلوا أق�وامهم في عب�ادتهملغير الله، فلما أبوا أخذهم الله بالعذاب.

يبين للوثنيين أن الله تعالى لما خلق آدم )وهو األب األول للكل، ول��و ك��ان ثمة أحد األباء أحق باالتباع فهو الحقيق بذلك لكونه الس�لف األول(؛ أخ��رج من صلبه كل الذرية التي ستكون من بعده، بقدرته س��بحانه، وأخ��ذ عليهم العهد باإلقرار بوحدانيته، وأشهد كل واحد منا على نفس��ه ألس��ت ب��ربكم؟ فقلنا جميعا: بلى شهدنا على أنفسنا بأنك الرب المستحق للعبادة وح��دك. ثم منعنا الله أن نأتيه مشركين ونقول له إنما تبعنا آباءنا. فعن��دها لن ينف��ع اآلباء أبناءهم، بل ينشغل كل واحد بنفس��ه، وأنتم ق��د رأيتم هن��ا في ال��دنيا قبل اآلخرة كيف أن اإلنسان إذا أصابته مصيبة فإنه ال ينظر إال إلى نفس��ه كيف يخلصها، فلو سقطت مجموعة من اآلباء واألبن��اء في المحي��ط وكلهم ال يعرفون السباحة، فكل واحد منهم سينش��غل بنفس��ه ومحاول��ة الخ��روج ولن يلتفت إلى اآلخ��ر! فكي��ف بي��وم القيام��ة حين نق��ف أم��ام الل��ه ون��رى العذاب الشديد بأعيننا! كل واحد سيقول نفس��ي نفس��ي! ولن ينف��ع اآلب��اء

األبناء!ك من بني آدم من ظه��ورهمالحجة مأخوذة من قوله تع��الى: ﴿وإذ أخ��ذ رب

هدنا أن تقول��وا كم ق��الوا بلى ش�� تهم وأشهدهم على أنفسهم ألست برب ي ذرا عن هذا غ��افلين... اآلي��ات ا كن –�� 172األع��راف: ]﴾يوم القيامة إن 173]،

والمراد من هذا النقاش أن الله تعالى قد خلق اإلنس�ان مس�تعدا بفطرت��هوباألدلة الكونية للتوصل إلى الحق واالعتراف بخالق الكون.

ويبين الداعية لهم أن كثيرا من السدنة وأص��حاب األص��نام وخ��دامها؛ إنم��ا يبحثون عن العلو وطلب الرفع��ة بين أق��وامهم بس�بب ه�ذه اآلله��ة، وله��ذا يزعم��ون أنهم ورثوه��ا من آب��ائهم، وأنهم ال يري��دون أن ي��تركوا م��يراثهم، فيضفون عليها قداسة وشرعية، والحقيقة أنهم يريدون العلو واالستخفاف بعقول البسطاء، وأخذ غلتهم وثم��ار أرض��هم به��ذه الحج��ة، وي��رون أن في

عقيدة التوحيد ونبذ اآلباء منازعة لهم في سلطانهم.��االحجة مأخوذة من قوله تعالى: ��ه آباءن قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا علي ﴿

[.78يونس: ]﴾وتكون لكما الكبرياء في األرض وما نحن لكما بمؤمنين

 www.alukah.net 36

ويمكن للداعية أن يسأل الوثنيين: من أمركم بعب��ادة ه��ذه األص��نام؟ ف��إن كان الجواب: وجدنا آباءنا يعبدونها ونحن نعبدها. يورد حج��ة إب��راهيم علي��ه الس��الم: ه��ل يس��معونكم إذ ت��دعون؟ أو ينفع��ونكم حين تعب��دونهم؟ أو يض��رونكم إن لم تعب��دوهم؟ وإذا ك��انت ال تس��مع وال تض��ر وال تنف��ع؛ فم��ا

الداعي إلى عبادتها؟ ألمجرد تمسك آبائكم القدماء بها؟ ويمكن للداعية أن يقتدي بشعيب عليه الس��الم م��ع قوم��ه حين ق��الوا ل��ه:اء فعل في أموالنا ما نش�� ترك ما يعبد آباؤنا أو أن ن ﴿... أصالتك تأمرك أن ن

شيد ك ألنت الحليم الر [؛ قائال لهم: أخبروني يا ق��وم؛ إن كنت87هود: ]﴾إن على بص��يرة وبره��ان ق��اطع من ربي فيم��ا أدع��وكم إلي��ه )وأنتم ليس لكم البرهان القاطع على صدق األجداد واآلباء(، وق��د رزق��ني الل��ه ه��ذا ال��رزق)الحسن الذي ترونه )ويحبذ أن يأتي الداعية إلى وثنيي القرى بهندام جيد(

؛ فهل يعقل أن أخالف أمر الله ونهي��ه وأعظم أوام��ره أن نوح��ده،(61)(61وأعظم نواهيه أن نشرك به!

ويمكن للداعية أن يقت��دي بيوس��ف علي��ه الس��الم وه��و ي��دعو ص��احبيه في السجن، من األحسن أن تمارس هذه الطريقة عن��دما يج��د الداعي��ة قب��وال ولو مبدئيا من أه��ل القري��ة )أو الطائف��ة الم��دعوة(، ق��ائال: ي��ا ق��وم؛ أه��ذه األوثان والمعبودات المتعددة في الذوات والصفات، التي ال تض��ر وال تنف��ع خير للعبادة، أم الل��ه الواح��د المتف��رد باأللوهي��ة والربوبي��ة، المعب��ود بح��ق والغالب على كل شيء؟ ما تعبدون من غير الله من األصنام واألوث��ان م��ا هي إال مجرد أسماء ال حقيقة لها، سميتموها آله��ة أنتم وآب��اؤكم من تلق��اء أنفس��كم، م��ا أن��زل الل��ه به�ا من س��لطان، أنتم من س��ميتم هيفيس�و إله��ا للرعد، ه��ل الل��ه ه��و ال��ذي ق��ال لكم ه�ذا؟ أنتم من س��ميتم س��اكباتا إله��ا لألرض! من أين لكم هذه التسمية؟ هل أم��ركم الل��ه ب��أن تس��موه هك��ذا؟

أذكر أنه في إحدى رحالتنا الدعوية بإحدى القرى التي اهتدى بعض أفرادها؛ كانت(61)(61) هناك معارضة كبيرة من سدنة الصنم على وجودنا في المكان، وكان معنا الشيخ محمد

آدم عرب )مدير مكتب المنتدى اإلسالمي حاليا، وقد كان وقتها مسؤوال من قسم الدعوة(، فدخل في نقاش مع السدنة حول عدم جدوى عبادة غير الله، فقال له أحد

السدنة: هل إذا صرنا مسلمين سيزيد رزقنا؟ فقال لهم الشيخ محمد عرب: انظر إلياآلن! )وكان الشيخ في حلة جميلة( هل تراني يبدو علي الفقر؟ فأسلم السادن من فوره.

 www.alukah.net 37

أهذا هو الدين الذي يرتضيه الله؟ وي��ورد الداعي��ة أس��ماء اآلله��ة المعب��ودة في المنطقة ويفندها اس��ما اس��ما، وهي جم��ادات ال تس��مع وال تبص��ر، وال

تضر وال تنفع، ما أوحى الله بعبادتها، وما أنزل بها من حجة أو برهان. ��رالحجة مأخوذة من قوله تعالى: ق��ون خي جن أأرباب متفر ﴿يا صاحبي الس... اآليات [.40 – 39يوسف: ]﴾أم الله الواحد القهار

يذكر الشيخ عبد الرحمن إدريس قص��ة واقعي��ة ح��دثت مع��ه وأح��د عاب��دي هيفيسو، يقول: )كنا في قرية )فدبي( ال��ذين يعب��دون هيفيس��و، وكنت في مجلس للوعظ واإلرشاد في وسط القرية تحت شجرة، ف��إذا برج��ل ثم��ل يترنح الميمنة والميسرة إلى أن وقف أم��ام الجم��ع، يس��تهزئ بالمس��لمين والض��يوف ال��ذين ق��دموا إليهم – يقص��دنا -، وتعجب ك��ل أه��ل القري��ة من تصرفه، ثم انتهى به األمر إلى أن جلس بجانبنا يستمع إلى المواعظ ال��تي كانت تدور حول اآليات الكونية، ووجوب إف��راد الم��ولى س��بحانه بالعب��ادة، وعدم نفع األوثان والنصب وزيادتها ألصحابها رهقا وتعبا. واختتمنا مجلس��نا

ووعدناهم بالعودة غدا. ثم لما جئنا فوجئنا بأن أول القوم حضورا هو ذلك السكران، لكن��ه ب��دا لن��ا اليوم بحالة طيبة وذهن صاف ق��ائال: لق��د فهمت ك��ل م��ا قلتم��وه ب��األمس ووعيته، وأنا اليوم أريد أن أعلن إسالمي، وأن أخ��بركم عم��ا أع��رف ح��ول هذه األوثان. فمن العجب أن��ه أول من أس��لم في القري��ة بأس��رها، وأقمن��ا أول مصلى في القرية إلى جوار بيته، على قطعة أرض ج��ادت به��ا نفس��ه

في سبيل هذا الدين، فأسميناه أبا بكر(.

 www.alukah.net 38

المصادر األولية:م.2004 - النحوي، إبراهيم أبو بكر، 1م.2004 - أزياب جبريل، 2م.2004 - غمادوكو زبير، 3م.2004 - ناصر الحسن، 4م.2004 - شعيب الحسن، 5 - محمد آدم عرب، مدير مكتب المنتدى اإلسالمي – توغو.6 - أحمد محمود، مدير مكتب المنتدى اإلسالمي - بنين.7 - ص��الح الحس��ن، مس��ؤول الحج باتح��اد مس��لمي توغ��و ورئيس قس��م8

الرعاية االجتماعية بالمنتدى اإلسالمي – توغو. - على سوسا - مسؤول شؤون المهتدين في اتحاد مسلمي توغو.9

- سدنة وثن هوسا فودو، توغو – لومي إيبي كبوتا.10 - سدنة وثن هوسا فودو: توغو - تابليغبو.11 - قاضي المحكمة الوثنية: توغو- على الطريق بين لومي – تابليغبو.12

 www.alukah.net 39

المراجع العربية: - القرآن الكريم.1 - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ابن عطية األندلسي.2 - أبحاث في السحر، مجموعة دراسات، ترجمة محمد أسليم، مكناس -3

م. 1995مطبعة سندي، - بحث الجنس البشري عن الله، إصدارة برج المراقبة، شهود يهوة. 4 - ض��رار عم��ير: مق��ال، جري��دة البي��ان اإلماراتي��ة، الع��دد المنش��ور في5

م. 9/1/2002 - الرب والل��ه وجوج��و )األدي��ان في إفريقي��ة المعاص��رة(، ت��أليف القس6

uniturianج��اك مندلس��ون، من الكن��ائس التوحيدي��ة ) churches- �) . 108ترجمة إبراهيم أسعد، ص

- د. آمال النور حامد، الجهد المبذول ذو الطبيع��ة الراقص��ة واالنفع��االت7 المصاحبة له في طقوس الزار، مجلة اآلثار السودانية العدد الراب��ع، يولي��و

م.2005 - د. آمال النور حامد: الزار مفهوما أنيميا.8 - أسامة يس: المعاني.9

م.1980 - محمد الجوهري: علم الفلكلور، دار المعارف – القاهرة، 10 - بريتون ساكس لويد: إفريقيا في عص��ر التح��ول االجتم��اعي- ترجم��ة11

م.1980، أبريل 28شوقي جالل، كتاب عالم المعرفة رقم

هـ/1429مجلة قراءات إفريقية - العدد الثالث - ذو الحجة م2008ديسمبر

 www.alukah.net 40