دروس في علم األخالق

في دروس

علم األخالق

أبيض

مقدمة تمهيدية

الحمد هللا رب العالمين حمدا كثيرا كما هو أهله، وصلى اهللا على المبعوث

لعالمين، صاحب الخلق العظيم، خاتم النبيين أبي القاسم محمد وآله رحمة ل .الطاهرين، السيما قائمهم بقية اهللا في األرضين، خاتم األوصياء المهديين

لقد استفاق اإلنسان على بيئة اجتماعية تتطلب منه الكثير من المعارف العقلية اته، والتقليل من والقدرات النفسية والوسائل الضرورية، من أجل تنظيم حي

أنه يسعى دائما نحو تحقيق أكبر وخصوصاالخسائر التي يمكن أن تصيبه، قدر ممكن من النجاح والحظوة بنعيم الحياة الدنيا واآلخرة، وفي الوقت نفسه، يحاول االبتعاد قدر اإلمكان عن موارد الخسران، ويعمل جاهدا في البحث عن

.قاتهطرق الحماية لنفسه، ولجميع متعل ومنذ وجوده على هذه البسيطة، بالعمل ،نطالقا من هذه الرؤية، قام اإلنسانإ

على حفظ هذه المكتسبات المادية والمعنوية كافة، من خالل تطبيق األنظمة . التشريعية ـ سماوية كانت أم وضعية ـ أو القوانين العرفية والعادات والتقاليد

من وضع القوانين العرفية واألنظمة وعلى الرغم من محاوالت الفكر البشريالتشريعية لتنظيم العالقات اإلنسانية، والتي استطاعت بحسب المعايير المادية أن تحقق شيئا من العدالة اإلجتماعية في بعض أقطار العالم، إال أنها لم تلبالحاجات الفطرية األساسية، ولم تقدر هذه الحضارة الصناعية على اإلجابة عن

تفسيرا واضحا لعالقة الكثير من التساؤالت الماورائية عند اإلنسان، ولم تعط قدمته ما ولذا فإن. اإلنسان بالفكر الغيبي الذي طرحته الديانات السماوية

كان متوازنا بين الحاجات الدنيوية والوظائف األخروية الشرائع اإللهية المقدسة وقوى مناعته الروحية لمواجهة ،إلنسانعند اإلى حد هيأ االستقرار الباطني

.تحديات الحياةمن ضمن تلك المبادئ اإللهية التي عرفها اإلنسان، وطرحتها التعاليم الدينية

المبدأ األخالقي الذي يشكل محورا أساسيا في حياة اإلنسان، ألنه ال الحقة األخالقية التي تلك القوانينحتاج إلى هو ميوم على حياة المرء إال ويأتي

.تنظم سلوكه القولي والفعلي

الكثير ، فإن)١( كان المبدأ األخالقي قائما على التحسين والتقبيح العقليينولمامن األحكام الخلقية، كما ورد ة عمل بها الناس دون اإلستناد إلى التعاليم الديني

، فعندما قالت )-(في حديثها مع النبي" حاتم الطائي"ابنة " سفانا"في قضية شبع الجائع، ويكسو العاري، ، وي)األسير( العاني أن أباها يفك )-(للنبي

قري الضيف، ويويطعم الطعام، وييا جارية هذه : "لها )-(قال... المفشي السصفة المؤمن حقا، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان

فحاتم الطائي لم يكن مسلما، لكنه كان محبا لفعل ، )٢("يحب مكارم األخالق .الخير ومدركا لحسن مكارم األخالق

، العـدل ـ أي الذي يحسنه العقل أو يقبحه دون اإلستناد إلى الشرع في ذلك كقبح الظلم وحـسن ١

.١/٢٥٩جعفر السبحاني، اإللهيات، الشيخ :راجع .١/٢٨٧، بيروت، دار التعارف، ١السيد محسن األمين، أعيان الشيعة، ط ـ٢

من هنا، يمكن القول إننا قد نجد عند بعض الناس أخالقا متميزة ليس تجاه تجاه الحيوانات أيضا، وذلك بسبب إدراكهم العقلي بل اإلنسان فحسب،

.بعض األشياء وقبحها حسنل

ذكر أن رجال كان يسير في الصحراء، فرأى كلبا قد وفي هذا السياق، بالقرب الذي كانأجهده العطش، وكان لشدة عطشه يلطع مرطوب التراب

من بئر ماء، فرق قلب الرجل له، فأخرج له مقدارا من الماء بكفه وسقاه، بعد ذلك نزل الوحي من السماء على نبي ذلك الزمان . فأنقذه من الهالك

.)١("اهللا له وأدخله الجنةشكر "بأن

ومن جهة أخرى، ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذه التصرفات الحسنة إذا هذا لكن. الدينية فهي مجرد عادات ليس إاللم تكن مستندة إلى األصول

فرق بين الحاالت العاطفية الغرائزية الكالم ال يؤخذ على إطالقه، فثمة الفعل العاطفي كمثل عناية األم بطفلها هو فعل ، وذلك ألن واألفعال االختيارية

بغض و، بشكل تلقائيبواجبها العاطفي والغرائزيغير اختياري، إنما هي تقوم أنهذا األمروالدليل على . ذلكفعل تها على النظر عن األحكام الدينية التي حث

ا مثال، تجاه طفل جارتهها متفاعلة ومتعاطفة ال نجد الحاضنة لطفلهااألم نفسهان الفعل إأما إذا قلنا . يمكن أن يقال إنها من قبيل العادة،ففي هذه الحالة

غ اإلنسان األخالقي هو الذي يصدر عن قصد واختيار فإنن يقوم ير المتدي ،بأفعال أخالقية صادرة عن قصد واختيار، والعرف ال يصفها بأفعال اعتيادية

هــ، ١٤٢٤، بيروت، مؤسسة أم القرى، ١ اإلسالم، ط مرتضى مطهري، فلسفة األخالق في ـ الشيخ ١

.٢٤ص

ذهبنا إلى القول إنها من باب العادة، ولو ،إنما يصف صاحبها بالخلق الرفيعو .نا صفة العقالنية عنها، وهذا بعيدبفنكون قد سل

ولهذا، نجد أن الفلسفات الغربية القديمة والحديثة طرحت النظام األخالقي ل على أن الفكرة قديمة قدم اإلنسان، بعيدا عن التقييم مما يدل،في تعاليمهاي بعض المجتمعات مجرد أقوال ونظريات، قد نجدها ففإننا . التطبيقي لها

ونلحظ في غيرها اإلثنين معا، والسر في ذلك، أن النظريات األخالقية يصعب .أجمعتطبيقها دائما، وبمستوى واحد ومتساو عند الناس

وعلى أي حال، ال يمكن ألي نظام من األنظمة أن يستغني عن المبادئ : اإلنساني، وعلى حد قول الشاعراألخالقية الرتباطها الوثيق بالوجود

)١(فإن هم ذهبت أخالقهم ذهبوا ما األمم األخالق ما بقيت إن

القية، كما في كل حضارة من الحضارات ترتبط بمبادئ أخوعليه، فإن، بشكل خاص والهندية والغربية بشكل عام، وعند العربالحضارة اإلغريقية

ن الحضارة الغربية ـ كما سيأتي ـ تشير مع الفارق في تفسير معنى األخالق، أل .األخالق بالعاطفة والقلبعلم إلى

علم األخالق مرتبة هامة في الحياة اإلنسانية لصلته من هذا المنطلق، يحتلالحياتية، فال يوجد حقل من الدائمة في أفعال اإلنسان، وفي مختلف الشؤون

فالعالم .إلى األخالقيحتاج و العلمية، وميدانا من ميادين الحياة، إاللالحقوالرباني، والفيلسوف، والسياسي، والطبيب، والمهندس، والفلكي، والعسكري،

كلهم يحتاجون إلى ... والتاجر، والخباز، والحداد، والمؤمن، والكافر وغيرهم

.٦ـ مكارم األخالق، البن أبي الدينا، ص١

، ألنه الطريق األساسي لتسهيل العالقات الحسنلتزام بالمبدأ األخالقياإل . األفراد إلى سعادتهم الدنيوية واألخرويةاإلنسانية، وإيصال

لكن يبقى العالم الرباني ـ وبحسب الفكر اإلسالمي وبخاصة اإلمامي ـ حاجة الناس وذلك ألن،م السماويةيمسؤوال بشكل أساسي عن تطبيق التعال

وهذا . إلى الدين ومن يرشدهم إليه حاجة دائمة ال يستغني عنها اإلنسان الناس يحتاجون إليها في أوقات اصات العلمية، فإنبخالف باقي االختص

ووجه الصلة بين مسألة الحاجة . متباعدة، وقد تكون عند بعض الناس قليلةالدائمة والمستمرة ليل نهار إلى العالم الرباني وبين مسألة األخالق أن العالم

وذلك من خالل يقوم بعملية ترغيب الناس بالدين وهدايتهم إلى الحق، لذلك فإن الصلة . مبادئ األخالقية الفاضلة التي ال تنفصل عن دوره الرساليال

، أو على سبيل فرص المصالح الدنيويةو ليست من قبيل التعاقد التجاريبينهما راض شخصية، بحيث ال يرى اإلنسان إال نفسه، ويعمل غخاصة لتحصيل أ

ب إلى ذلك بعض على تحقيقها ولو أدى ذلك إلى دمار العالم بأكمله، كما ذهإنما هي من قبيل عالقة الخالص من ظلمات الدنيا و، المفكرين الغربيين

.وضاللهاناجحا في دوره التبليغي الديني واإلنساني ال بد أن العالم وألجل أن يكون

يتميز عن غيره بأقواله وأفعاله، بل ال بد أن يكون قدوة ومثاال في األخالق و يقوم ببعض وا طبيبا حاذقا يشرب الخمر، أفالناس إذا رأ. اإلنسانية

، ويستغنوا عن خبراتهضوا عنهعرفمن غير المعلوم أن ي، المخالفات األخالقيةنحن نريد االستفادة من خبرته الطبية وليس لنا شأن في حياته : لكنهم يقولون

ختصاصات األخرى، وكأن الناس وهكذا في مختلف المجاالت واإل ،الخاصة

عالم الدين وأما .المتخصصينلنظر عن الحياة الشخصية لمثل هؤالء يغضون افإنهم يراقبون تفاصيل حياته الصغيرة والكبيرة، وعندما يالحظون أي خلل في سيرته الشخصية، فإنهم يعرضون عنه، وأحيانا قد يهتكونه ويأكلون لحمه

إلى كنظرتهم الديني عالم ال إلى نظرة كثير منهمبالغيبة والبهتان، وسبب ذلك أن وهذا يذكرنا بما . المعنويمستغراب وحط من قدرهاإل نظرة ،والرسلاألنبياء

N: قوله تعالىحكاه القرآن عن استغراب الناس لتصرفات األنبياء، كما في M)على الرسل، فهم يعيبون)١

من صنف هم يريدونهم ألنمن تكوين وماهية اإلنسان، وليس ذلك إالأمور .من غير جنسهم البشريالمالئكة و

بوظيفته على الوجه الصحيح، فمن غير العالم لو قام ،وفي الوقت عينه وفي .ه، وقد يطلبون منه منزلة كمنزلة األنبياء واألولياءالمعلوم أن يعطوه حق

.ة بجاههم ودنياهم، فيعيبونه ويعرضون عنهمضربعض األوقات يرون أفعاله إن مثل هذه المعايير العجيبة والمتناقضة في تقييم شخصية العالم تجعله أكثر حرصا على التمسك بالمبادئ األخالقية، ال ألجل إرضاء الناس، وهو أمر

ما ألجل أن يقوم بدوره إن،ـ )٢(ملكال تغاية رضا الناس مستحيل ـ ألنب جهدا بالغا وهذا األمر يتطل. ال في هداية أكبر قدر ممكن من الناسالفع

واقعية صلبة ال تزلزلها الهزاهز، وأن يكون ذا خصال وعظيما، وشخصية .أخالقية حميدة تميزه عن سائر الناس

.٧: ـ الفرقان١ .٢٥٢صـ الشيخ علي النمازي الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار، ٢

أن ) )(م لفقه آل محمد األخالق التي ينبغي على الفقيه والمتعل هيهذهمعصومون بشكل متسام ربانيون رحها وطبقها علماء يلتزم بها، وهي نفسها ط

وقد استطاعوا أن يقدموا نموذجا رائعا في التعالي عن صغائر . ال نظير لها والتغاضي عن الحقوق الشخصية، فكانوا يتجاوزون عمن ظلمهم .األمور

وشتمهم، وفي بعض األحيان كانوا يبادرون إلى زيارة مبغضيهم، كما في قضية اإلمام المجتبى مع ذلك الشامي الذي سبA( (لحسن بن علياإلمام امع ابن أخيه علي بن )A(أو كما فعل اإلمام موسى الكاظم ،)١(وآذاه

بن األخ هذا من إاسماعيل الذي أغدق عليه المال، ومع ذلك لم يتورع .الذهاب إلى هارون الرشيد والوشاية عليهانظر يا ": قال له)A(وسى الكاظموقد ذكر األصفهاني في مقاتله أن اإلمام م

، وأمر له بثالثمائة دينار وأربعة آالف ي ال تؤتم أوالد،ابن أخي واتق اهللا لما حضر في مجلس هارون الرشيد ـ أي علي بن اسماعيل ـولكنه ". درهمإن األموال تحمل إليه من المشرق والمغرب، وإن له بيوت أموال ": قال له

.)٢(..."إلى آخر الرواية هذا،. فكم هو الفارق بين فعل اإلمام األخالقي وبين فعل قريبه السيء

في عدم مبادرة من قطع صلتهم ))(ناهيك عن القدرة النفسية الهائلة عندهم .وال يقطعونبالمثل، فكانوا يفعلون ما يؤمرون، ويصلون

سرهقوا بأخالق اهللا، وأدبوا أنفسهم باألدب الرفيع الذي ال يبلغهم بحق تخل

. من تراث األئمة األخالقي:راجع الفصل العاشر من هذا الكتاب ـ١ .٣٣٤صالطالبيين، أبو الفرج األصفهاني، مقاتل - ٢

لهذا شكلوا مدرسة أخالقية فريدة نهل منها الفقهاء كما وهم، غيرأحد وغوره .نهلوا من علومهم األخرى

بشكل اإلسالمية األصلية وعليه، تتكون شخصية الفقيه في هذه المدرسة م حالل اهللا وحرامه من النبع استثنائي، ألنه يأخذ معارفه وأدبه منها، ويتعل

ويالحظ أن تلك .مال األوحدي في الوجود البشريالصافي، الجامع للك، الجامعة () المعصوميناتفي شخصياألخالقية والسلوكية الخصائص

للفضائل والكماالت الباهرة يسري شيء منها إلى نفس العالم الفقيه، وذلك لكثرة المواظبة على قراءة رواياتهم والتدبر في معانيها، واستخراج األحكام

.للهواءكتنفسه حتى يكاد أن يتنفسها الشرعية منها، ، هو التقيد بالمبادئ )اإلمامي(وفي الحقيقة، إن روح أحكام الفقه اإلسالمي

األخالقية، ألن أهم خصائص هذا الفقه اإلمامي العظيم االعتدال، ومطابقته .للفطرة اإلنسانية

يل، أن وعلى مر العصور، جيال بعد ج،من هنا، لقد ارتسم في أذهان الناسيتميزون بأخالقهم العملية، بسبب تأثير الجامعة ) -(الموالين آلل محمدعلى سلوكهم، بل من المستهجن أن يكونوا على )-(األخالقية آلل محمد ).)(خالف طريقة األئمة

وعلى هذا األساس، تنعقد المسؤولية الكبرى في ترجمة تلك الوصايا الربانية واقع عملي وسلوكي، فالفقاهة ال تنفصل عن في شخصية العالم الفقيه إلى

زينة علمه في خلقياته وسيرته هي الجانب التزكوي لنفس العالم، بل ومثله مثل الساقية التي يؤخذ منها الماء، فإن كانت الساقية خالية . المستقيمة

من القذارات فالناس يغترفون منها دون أدنى تردد، أما لو كانت ـ ال سمح اهللا

، فالناس ال يغترفون منها حتى لو أدى بهم العطش والقذاراتباألوساخ ـ مليئة صفات طالب العلم التي تجعل ) )( وفي هذا الصدد حدد األئمة،إلى الهالك

.من ساقيته العلمية واألخالقية مالذا للناسمؤمنين كان أمير ال: " يقول)A(سمعت أبا عبد اهللا: " قال"أبي بصير"عن ف

:طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرةيا ": يقولصلوات اهللا عليهه التواضع، وعينه البراءة من الحسد، وأذنه الفهم، ولسانه الصدق، أسفر

وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة األشياء واألمور، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السالمة، وحكمته الورع، ومستقره

ئده العافية، ومركبه الوفاء، وسالحه لين الكلمة، وسيفه الرضا، النجاة، وقاوقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، وماله األدب، وذخيرته اجتناب

.)١("الذنوب، وزاده المعروف، وماؤه الوداعة، ودليله الهدى، ورفيقه األخيارب السالكين مادة علم األخالق لها منزلة عظيمة في قلوومما ال شك فيه أن

نون به ويسترون مساوئ عيوبهم، على جادة الشريعة، وهي ثوبهم الذي يتزي .وهي ال تنفصل عن الدراسات العلمية على اإلطالق

لهذا، كان العلماء يعتنون بها كعنايتهم بالمطالب العلمية األخرى، وفي هذا دة في ععقود دروس األخالق كانت منعقدة منذ الصدد يذكر أحد العلماء أن

ـ منذ عقود عدة ـ كانت دروس األخالق فيها منعقدة ألكثر من " حوزة كربالء" .ثالثة عشر عالما فاضال

العلمية ، يعلق وجود الحوزة )!(وفي كتاب الجهاد األكبر لإلمام الخميني

.١/٤٨الشيخ الكليني، الكافي، ـ١

إن الحوزات العلمية تفتقر : ")!(يقول ،على تدريس مادة األخالقوبقاءها خالقية، الروحية، والمعنوية، جنبا إلى جنب مع إلى تدريس العلوم األ

إن اإلرشادات الخلقية، وتربية القوى ... األمور العلمية الموجودة فعالإلى أن ".ضرورات ال بد منها... اإليمانية، ومجالس النصيحة والموعظة

ولكن من المؤسف أن االهتمام بمثل هذه المسائل المهمة : "يقول، وبدأت العلوم األخالقية تتضاءل، إلى حد أنه ة أصبح قلياليوالضرور

يخشى أن ال تتمكن مراكزنا العلمية في المستقبل من تربية علماء أخالق وإذا بقيت الحوزات العلمية هكذا خالية : ")!(ويقول. "ومربين ومهذبين

من المدرسين األخالقيين ومجالس النصيحة والموعظة فإنها محكومة .)١("بالفناء

قا من هذا المبدأ األساسي بالحرص على تفعيل العملية التربوية انطالالحوزوية، والحاجة الضرورية للمقدار المطلوب في مراعاة القواعد الخلقية من

قمت ،خاصة المراحل الدراسية األولى ـب ـ وقبل أبناء الحوزة العلمية الكرام وهي ،م األخالقبتدوين بعض المالحظات األساسية في مجال تعليم مادة عل

عبارة عن تجربة متواضعة في مجال تدريس هذه المادة لمدة تزيد عن عشر ووافية من حيث عناوينها ،سنوات، فعسى أن تكون تذكرة لهذه النفس الجانية

الضرورية، وقادرة على معالجة أهم القضايا التربوية واألخالقية التي نحتاج .إليها، خصوصا في أيامنا المعاصرة

فصول عدة، ففي الفصل األول، تكلمت على طبيعة في هذا عقدنا البحث ول

.٧ص، بيروت، الدار اإلسالمية، ١ ـ اإلمام الخميني، الجهاد األكبر، ط١

ثم تحدثت في الفصل الثاني عن قابلية اإلنسان لبلوغ .اإلنسان بين الخير والشرموانع النفس من بلوغها كمالها توقفت عند وفي الفصل الثالث كماله النوعي،

ل األخالقي اللغوي عن المدلوتناولت الحديثالرابع وفي الفصل اإلنساني، وفي الفصل والدراسات التربوية واألخالقية القديمة والحديثة، ،صطالحيواإل

ثم .الخامس تحدثت عن الفروقات بين التربية واألخالق، واألخالق والعرفانتكلمت في الفصل السادس على الحاجة البشرية لعلم األخالق عبر التاريخ،

ى المستوى األخالقي عند الشعوب وفي الفصل السابع سلطت الضوء علات األخالقية في المجتمع اإلتجاهاألوروبية، وفي الفصل الثامن توقفت عند

العربي حديثا وقديما، وبعد ذلك في الفصل التاسع شرعت الحديث عن .األخالق اإلسالمية

للتراث األخالقي، وفي ) )(وفي الفصل العاشر تكلمت على حفظ األئمة عشر أخذ البحث يتجه نحو التطبيقات األخالقية فبدأت الفصل الحادي

وفي الفصل الثاني عشر تكلمت على مكارم . أتحدث عن خلقياتهم العمليةالفصل الثالث عشر توقفت في ، و)A(األخالق وأدعية اإلمام زين العابدين

وفي الفصل الرابع ). )(ألتحدث عن المنهج األخالقي عند بقية المعصوميناألخالقي، ثم عرجت على الفصل ) )( خصائص منهج األئمةنتبيعشر

. الخامس عشر ألبدأ الحديث عن منهج علماء اإلمامية في السيرة األخالقيةفي علم اإلمامية وفي الفصل السادس عشر تحدثت عن تصنيف علماء

األخالق، وفي الفصل السابع عشر بينت أهم المظاهر الخلقية في سيرة الفصل الثامن عشر قيمت منهج العلماء األخالقي، وفي الفصل العلماء، وفي

التاسع عشر بحثت في اآلثار األخالقية والتربوية للدراسات الفقهية، وفي

الفصل العشرين أشرت إلى الوسائل التربوية الكتساب األخالق، وفي الفصل ، ثم في الفصل الثاني معينةت على أزمات سلوكيةمالواحد والعشرين تكل

والعشرين أنهيت بحثي بالتطبيقات األخالقية والذي أعتبره من أهم أبحاث أتبعته بفصلين آخرين أشرت فيهما إلى نماذج من تلك التطبيقات،ثم ، الكتاب

.وقد خلصت إلى نتائج ذكرتها في خاتمة الكتابعلينا بحسن التوفيق إلكمال هذا العمل المتواضع، وأن أسأله تعالى أن يمن

والحمد هللا رب العالمين وصلى .التسديد والتأييد إنه ولي ،مقبوال عندهيكون .اهللا على النبي محمد وآله الطاهرين

اإلنسان

الشر والخير بين طبيعة

:الفصل األول

يعة اإلنسان الفطرية وقابليته من الضروري أن نتوقف في بداية بحثنا عند طب

لجهة الخير والصالح، أو لجهة الشر تميل في تحديد ميوالته النفسية إن كانت أو الدركات والعدوانية، مع مالحظة قدراتها الذاتية على بلوغ المراتب الكمالية

، ومدى تأثير القيم السلوكية الخير أو الشرين، اإلتجاهفي أحد االنحطاطية . واآلداب في صناعة النفس اإلنسانية الكاملةوالخلقية التربية عن، ألن الكالم من أولويات أبحاث الكتابهذا التساؤل يعتبر

. الفاعل الذي ال يظهر إال بوجود القابل عند اإلنسانعناألخالقية هو كالم ثر لها من دون وجود طبيعة إنسانية قابلة أفاألخالق والتربية الخلقية ال

.ر في المبادئ األخالقية وترجمتها إلى سلوك فعلي وواقعيلإلنصهانفعال بين الجانب النفسي والجانب األخالقي، وإذا استطعنا أن نحدد ذلك اإل

ألن طبيعة النفس إذا ،أمكننا معرفة األهداف المتوخاة من العملية األخالقيةة تبعا لتلك كانت واحدة في جميع األزمنة وال تتغير، فاألهداف تكون واحد

ة أن طبيعة اإلنسان تختلف من زمن وفي حال أثبتت النظريات الفلسفي. الطبيعةرة تبعا لذلك اإلختالفإلى آخر، فإن األهداف التربوية األخالقية ستكون متغي.

تعتبر دراسة الفالسفة للنفس اإلنسانية من أقدم الدراسات التي عالجت طبيعة

وأول من أجاب عن تلك التساؤالت حول النفس اإلنسانية .اهيتهاالنفس وم .)٣("أرسطو" و)٢("أفالطون" و)١("سقراط"هم فالسفة اليونان، أمثال

، فقد اعتبر النفس اإلنسانية ذات طبيعة ثنائية، وأن أصلها في "سقراط"أما . األصليحلوال عرضيا ما تلبث وتعود إلى موضعهاالبدن السماء، ثم حلت في

وبرأيه يكون الجسد أداة للنفس، واإلنسان يريد الخير دائما ويهرب من الشر .بالضرورة

لكنه يعتقد أن شرط إرادة الخير هو معرفة ماهيته ومعرفة خيره، فمن عرف ذلك أراد الخير حتما، ومن جهل نفسه وخيره فهو رجل شهواني، وعليه تكون

. )٤(ن الرذيلة بنظره جهلالفضيلة بنظر سقراط علما، كما أفقد شبه اإلنسان بالكون، فكما أن الكون فيه عالم المادة " أفالطون"وأما

). الجسم(، وعالم المادة )العقل(وعالم الروح، كذلك اإلنسان من عالم الروح ووفقا لرأيه فإن اإلنسان يتجاذبه عالمان، عالم علوي ال يستطيع أن يصل إليه

.قدرته العقلية، وعالم سفلي واقعي عملي لمحدوديةاإلنسان اإلنسان يولد طاهرا من المعاصي نطالقا من هذه الرؤية الفلسفية، فإنإ

ألي إثم، وفي الوقت ذاته لم يخلق محسنا أو مكتسبا متحمل، غير واآلثام

.رأس الحكماء اليونانيين، مؤسس قواعد الثقافة الغربية.) م.ق ٤٧٠ ـ ٣٩٩ (ـ١ .القوانين، السياسي الجمهورية، :من آثاره) هـ٤٢٧(تلميذ سقراط، ولد بعد وفاة بريليكس، ـ٢ .من أبرز مفكري العصور القديمة.) م.ق ٢٧١ ـ ٣٤١ (ـ٣ .١١٥ ـ ١١٤ص، ٢٠٠٤، بيروت، دار الكتاب الجديدة المتحدة، ٣أحمد الفنيش، أصول التربية، ط ـ٤

إن طبيعة النفس اإلنسانية هي طبيعة : ويمكن القول. )١(لفضيلة من الفضائل، ي قابلة لإلتصاف بالخير أو بالشرمسبقة، بل هبأي صفة ير متصفة محايدة غ

N :تعالى قولهوهذا ما يؤكده M)على ضوء هذه النظرية القرآنية نفهم و. )٢

يولد على الفطرة فأبواه اللذان ما من مولود إال" :)-(هللارسول اقول وتوصيف ، فالنفس بحسب القرآن الكريم )٣("يهودانه وينصرانه ويمجسانه

وهذا ما .قابلة للملكات الفاضلة أو الرذيلة تولد صفحة بيضاء )-(النبي لهاة، ما الحدث كاألرض الخاليما قلبإن: " بقوله)A( عليأشار إليه اإلمام

.)٤("ا من شيء قبلتههلقي فيأفقد ذهب ). )(وعلى ذلك اقتفى علماء المسلمين قول المعصومين

إن الفطرة هي مجرد االستعداد، وإن الصبي بجوهره خلق قابال ": "الغزالي" .)٥("للخير والشر جميعا، وإنما أبواه يميالن به إلى أحد الجانبين

س في بدء فطرتها خالية عن جميع أن النف" ):!(وذكر اإلمام الخميني .)٦("األخالق والملكات، وليس لها فعلية، بل هي محض قوة

. ١٤٤صهـ، ١٤١٥، إيران، مجمع البحوث اإلسالمية، ١شريعتمداري، علي، التربية والتعليم في اإلسالم، طـ ١

.١٠ ـ ٧: الشمس ـ٢ .١٥/١٢٦ـ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ٣ .٧٠صاني، تحف العقول، الحر ـ٤ .٣/٢٠٠ هـ، ١٤١٤، دمشق، دار الخير، ٣الغزالي، إحياء علوم الدين، ط ـ٥ .٤٣ص هـ، ١٤١١اإلمام الخميني، األربعون حديثا، ال ط، بيروت، دار التعارف، ـ٦

أو كانتوبشكل عام، نالحظ أن أكثر اآلراء الفلسفية قديما وحديثا، إسالمية طبيعة محايدة، أو على األقل ليست مية، تميل إلى أن طبيعة اإلنسانغير إسال

ائمة إلى التوجيه والمراقبة، ألنها لو تركت طبيعة شريرة، ولكنها بحاجة د ولهذا قال اإلمام زين .تباع األهواء وفعل المحرماتالمالت إلى

إلهي أشكو إليك نفسا بالسوء أمارة، وإلى : " في حق النفس)A(العابدينالخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك

إن مسها أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة األمل، تجعلني عندك والمهالك، ، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة وإن مسها الخير تمنع،الشر تجزع

.)١("والسهو

في مقابل هذه النظرية، هناك اتجاه آخر يعارض هذه النظرية ويقول إن

ات الدينية أو اإلتجاه نراه في بعض طبيعة اإلنسان طبيعة شريرة، وهذا مااالجتماعية الغربية القديمة أو الحديثة ففي العقيدة المسيحية يعتبر اإلنسان

آثما وعليه أن يتخلص حامال لخطيئة آدم األولى، ووارثا لها، بمعنى أنه يولد .)٢(من هذه اآلثام الموروثة

ات اإلتجاه بعض ة قد تأثرت بهاومن الواضح أن هذه الرؤية المسيحيالقرن السابع " (توماس هوبز"جتماعية الغربية، فالفيلسوف اإلنكليزي اإل

.٢٨٣صدية، مناجاة الشاكرين، من أدعية الصحيفة السجا ـ١ .٩١صهـ، ١٤١٧، بيروت، دار األمين، ١ـ عزيز، الفات، محمد والمسيح، ط٢

، وبحسب إن اإلنسان ذئب ألخيه اإلنسان :ذهب إلى القول) ميالديعشردفع ت تي الي وحب المجد والفخار ه فإن المنافسة وسوء الظن،فلسفته

: لولده هارون الرشيدالهوهذا ما يشابه ما ق. )١(اإلنسان نحو منطق النزاع .)٢("، فإن الملك عقيمعيناكواهللا لو نازعتني هذا األمر ألخذت الذي فيه "

ولقد تركت هذه اآلراء طابعا مأساويا على تربية اإلنسان، حيث صدرت ) م١٦٧٢(، وقانون كنتيكت )م١٦٤١(بعض القوانين كقانون ماشوستس .)٣( جامحين العنيديناللذين أقرا عقوبة اإلعدام لألطفال ال

ات الغربية بوجوهها المختلفة دفعت اإلتجاهومما ال شك فيه، أن هذه نقالب على المفاهيم عددا من الفالسفة الغربيين إلى تغيير هذا الواقع واإل

ومن . الكنيسية والنزوع نحو مجتمع ال يؤمن إال بالنظريات المادية الحسيةبي، وتحددت مسيرة العالم األوروبي بتربية حينها ارتسمت معالم العالم الغر

اإلنسان تربية نفعية ذات بعد رأسمالي، وقد أثرت هذه المفاهيم الفلسفية الجديدة على الفكر األخالقي والتربوي وتفلتت من النظريات القديمة

المدرسة الغربية ـ وبات العالم أمام رؤية جديدة رأيالمتحجرة ـ بحسب .وكية والعلميةتجاه الخلقيات السل

لكن، وفي تقييم أولي لهذه اآلراء، نجد أن الحضارة الغربية، وفي خصوص التربية واألخالق، لم تطبق نظريات وسطية معتدلة، إنما عاشت

.١١٦صالفنيش، أصول التربية، مصدر سابق، ـ١ .٢/٨٥ـ الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا، ٢ .١١٩ص مصدر سابق،الفنيش، ـ٣

في الماضي والحاضر، إفراطا وتفريطا، فاإلنحالل الخلقي كان سائدا وال .يزال إلى يومنا هذا

األوالد بغية تربيتهم هو الصواب رببضفال التحجر العقلي والقساوة .هو الحل المناسبوالضوابط والحل الناجع، وال التفلت المطلق من القيود

الكثير من المفاهيم األخالقية في العالم الغربي وبنظرة أكثر دقة، نالحظ أن بشكل عام اتسمت بصفات الجاهلية العمياء، حيث تعرض اإلنسان لتجارب

النظرة الغالبة ومع أن هذا األمر هو .طبيعته الخيرةمتعددة قضت على ال يخلو من اتجاهات محافظة ه أن، إالوالتقييم السائد في المجتمع الغربي

. الفاضلة على التمسك بالمبادئ األخالقيةتحثنستقربه في فإن ما ،ظريات الفلسفية واإلجتماعيةنبناء على ما تقدم من ال

بشكل عام ذو نفس أمارة بالسوء كما حدثنا القرآن نسان اإلأن الموضوعهذا وعدم ،للمرء وذلك لكثرة المغريات الحسية التي يزينها الشيطان ،الكريم

الزيادة مع بإقتناعه باليسير من األشياء المباحة والمحللة له، فهو دائم الط بشكل هذه الطبيعة تحتاجلذلك، فإن . نحرافحتى لو آل به ذلك إلى اإل

قال . فعلهعلى وتعتاد تذعن للخير دائم إلى ترويض وتوجيه وإمساك كي وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم " :)%(اإلمام علي

.)١("الخوف األكبر ولما كان اإلنسان قابال بفطرته لبلوغ كماله اإلنساني، وذا طبيعة قادرة على

في الصفحات ـتحقيق أعلى درجات الخصال الحميدة، سنحاول البحث

.٣/٥٢نهج البالغة، مصدر سابق، ـ١

عن مدى تأثير المبادئ األخالقية في عملية تغيير سجايا اإلنسان ـالتالية .وطبائعه المختلفة

الثانيالفصل

قابلية اإلنسان رتقاء والتكامللإل

: الفصل الثاني

بعد أن تعرفنا على طبيعة النفس اإلنسانية، يرد على أذهاننا سؤال أساسي في مراتب بنفسه هذا السياق، وهو أنه هل بإمكان اإلنسان أن يغير من خلقه ويبلغ

تخلقوا بأخالق ": )-(يخلقها بأخالق اهللا نسبة لحديث النبيو الكمال تخرج عن كونها تمنيات ال واقع لها؟مجرد قضية ال ذلك ، أم )١("اهللا

:لإلجابة على هذا السؤال، ال بد أوال من مالحظة جهتين وهي القابلية عند اإلنسان، أي المقتضيات الذاتية والفطرية :الجهة األولى .حتراقإلاطب على لك، كقابلية الحالتي تؤهله لذ ،اإلنسان إلى مطلبهالبحث عن الموانع التي تحول دون وصول : الجهة الثانية

.طب بالنار الرطوبة الذي يمنع من احتراق الحكمانع، فاإلنسان مكون من عنصرين، األول مادي، والثاني أما الجهة األولى

وتركيبته في غاية اإلتقان الخلقي، حيث تتفاعل العناصر المادية مع .روحيالناحية السلبية أو الروحية تفاعال كبيرا، بحيث يؤثر أحدهما على اآلخر من

.اإليجابية وهو جسم اإلنسان، فإنه ينمو بالتغذية وله مقادير زمنية ،أما الجانب المادي

محددة في غاية نموه وشكله ومقدار طوله حتى يأخذ صورته النهائية وكماله

.٥٨/١٢٩سي، بحار األنوار، العالمة المجل-١

ومما ال شك فيه أنه يحتاج إلى عناية شديدة للحفاظ على نشاطه . الجسماني .وحيويته فهي جوهر بسيط، شريف ،جانب الروحي، ويقصد به النفس اإلنسانيةوأما ال

.)١(الطبع، وهي أشرف وأعلى ما في اإلنسان : أو قوىوقد قسمها الفالسفة إلى أربعة أقسام

. محبة للعلم والحكمة، ومركزها الدماغ:ـ النفس العاملة١ . هي مصدر الشجاعة والعواطف الكريمة:ـ النفس الغضبية٢ هي مصدر الرغبات المادية، كحب الطعام والمال :س الشهوانيةـ النف٣

. ومركزها القلب،والشهوات ،وقد شبه أفالطون هذه القوى الثالث بعربة فيها سائق هو النفس العاملة

يقود فرسين، أحدهما مطيع أصيل، وهو النفس الغضبية، وآخر لئيم هو النفس .الشهوانية

.)٢(دراك المعاني الجزئية، كإدراك حب زيد وظيفتها إ:ـ النفس الوهمية٤إلى حد اإلفراط أو إلى حد بالنفس منها وظيفة، إما أن تميل قوة ولكل

التفريط، أو أنها تأخذ حدها األوسط المعتدل بينهما وهو المطلوب، وكل ذلك .موكول إلى مهمة تهذيب النفس ورعايتها أو إهمالها

يل اإلنسان إلى التهور، وإما إلى الجبن، ففي القوة الغضبية، إما أن يم .الحد األوسط بينهما هو الشجاعةووكالهما إفراط وتفريط،

.٤٠٥ص المصطلحات الفلسفية، -١ .٥٨ـ السيد كمال الحيدري، مقدمة في علم األخالق، دار فراقد، ص٢

ره والجمود، وحد لتفريط فيها الشاوكذلك في القوة الشهوية، فاإلفراط و الجربزة ـ الطرفان ـ فالجانبان ، وهكذا في القوة الفكرية.االعتدال هو العفة١(تدال بينهما هو الحكمةع اإلوالبالدة، وحد(.

وعلى هذا، نقيس سائر حاالت اإلنسان، فالتواضع بين التكبر والخسة، . والبشاشة بين التزمت والدعابة، واالقتصاد في المعيشة بين التبذير والتقتير

هلك في اثنان محب غال وعدو قال ": )A(ومثله ما قاله اإلمام علي والناجي هو المتبع له دون ،اإلفراط والتفريطفكالهما جانبا . )٢("ـ مبغض ـ

.زيادة أو نقصانوهنا يأتي دور علم األخالق، حيث يبين حد كل واحد منها في اإلفراط

جميلة، ثم يشير إلى كيفية اتخاذها ملكة الحسنة األخالق الوالتفريط، ثم يبين هيئة راسخة في النفس من طرفي العلم والعمل، وتكرار العمل بها حتى تصير

.)٣(في النفسوألجل أن يكون اإلنسان ملكة االعتدال في الخصال كلها، ال بد أن يكون ذا

.ة كبيرة لنوازع النفس األمارة بالسوءدجهد دائم، ومجاه أنه لما عادت سرية من )-(عن النبي"وهذا يذكرنا بالحديث المشهور

صغر وبقي عليهم الجهاد مرحبا بقوم قضوا الجهاد األ: )-(القتال قال

.١/٣٧١ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، -١ .٣٤/٣٤٤ بحار األنوار، مصدر سابق، -٢ .١/٣٧٣ الميزان في تفسير القرآن، مرجع سابق، -٣

.)١("النفسجهاد : األكبر، فقيل يا رسول اهللا، وما الجهاد األكبر؟ قال مراتب ةأربعوألهمية مجاهدة اإلنسان لنفسه، فقد عرفنا القرآن الكريم على .للنفس، وذلك يعود إلى المستوى الذي يجاهد اإلنسان به نفسه

N :بة لقوله تعالىنس، "النفس األمارة بالسوء" وهي :األولىM)٢(.

.)٣(NM: نسبة لقوله تعالى،"النفس اللوامة" :الثانية .)٤(NM: نسبة لقوله تعالى،"النفس الملهمة": الثالثةN: نسبة لقوله تعالى،"النفس المطمئنة" :الرابعة

M)٥(. ما هو إال الختالف تعددهاو مراتبهاإن هذا االختالف في أقسام النفس

.لنفسية المتفاوتة بين شخص وآخرجاهدات امال

: )A(ومن أجمل التعابير الدالة على ذلك، ما قاله أمير المؤمنين اإلمام عليب في المالئكة عقال بال شهوة، وركب في البهائم شهوة بال إن اهللا رك"

عقل، وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من

. ١٥/٢١٠شيعة، مصدر سابق، وسائل ال-١ .٥٣: ـ يوسف٢ .٢: القيامة ـ٣ .٨: ـ الشمس٤ .٣٠ـ٢٧: ـ الفجر٥

.)١("ته عقله فهو شر من البهائمالمالئكة، ومن غلبت شهو وغلبة العقل على الشهوة تعددت درجات اإليمان ،وبفعل هذه الصراعات

.بين الناس، وتفاوتت مراتب تقواهم وورعهمم، لاإليمان عشر درجات، بمنزلة الس" :)-(فقد ورد في الحديث عن النبي

و ذر في التاسعة، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، وكان المقداد في الثامنة وأب .)٢("وسلمان في العاشرةولو علم أبو ذر ما في قلب سلمان " : بحق اآلخرين)-(وقد قال النبي

.)٣("لقتله :وبهذا اللحاظ، قسم العلماء الورع إلى أربعة أقسام

وهو المصحح .وهو ما يخرج به اإلنسان من الفسقورع التائبين، : األول .عادالمرء اليكون به أي ،لقبول الشهادة

ورع الصالحين، وهو االجتناب عن الشبهات خوفا منها، ومن الوقوع : الثاني .في المحرمات

ورع المتقين، وهو ترك الحالل خوفا من أن ينجر إلى الحرام، مثل : الثالث

.١٥/٢١٠. مصدر سايقالحر العاملي، الوسائل، ـ١

.١٠/١٢١ بحار األنوار، المجلسي، -٢لـع أبـو طاهو أنه إذا نستقربه وليس المقصود من القتل هنا قتل الجسد وإزهاق الروح، بل الذي ـ٣

) بخـل بـه (نـه بـه ظصـه، اشـتد على ما في قلب سلمان وعلم موافقة باطنه ظاهره وشدة إخال ذر ، بمعنى أنه كاد يقتله كما يقولون في من والود نظذلك ال فقتله ومحبته له وتمسكه بمودته ونصرته،

الكتـاب ، دار ١، الرسـائل االعتقاديـة، ط الخـاجوئي : يهوى غيره وتشتد محبته له أنه قد قتله؛ أنظر . ٢/٣١ هـ، ١٤١١اإلعالمي، قم،

.ترك التحدث بأحوال الناس مخافة أن ينجر إلى الغيبةتعالى خوفا من صرف ساعة ورع السالكين، وهو اإلعراض عما سواه : الرابع

من العمر فيما ال يفيد زيادة القرب منه تعالى، وإن علم أنه ال ينجر إلى .)١(الحرام

ب هو الذي يسبولجمهاعلى ضوء هذا التدرج، فإن مخالفة النفس خالف نفسك ": )A(االستقامة، وذلك على حد قول أمير المؤمنين

.)٢("تستقمالسالك إلى ربه بالدعاء دون المجاهدة ومن غير الصحيح، أن يكتفي

والمشقة الشديدة في الصبر على ترك المعصية ومغريات لنفسهوالمخالفة .الدنيا

أحد الطلبة أراد طلب أن"مباني المعرفة" في كتابه "الريشهريالشيخ "ينقل العلم ـ التفقه في الحوزة ـ فلما بدأ بدراسته وجد أمامه طريقا شاقة

ويتوسل به إلى ،)A( فارتأى أن يذهب إلى أبي الفضل العباستنتظره،جتهاد دون ذلك العناء الشديد، وبعد عسى أن يمنحه رتبة اإل،اهللا تعالى

جاءه أبو الفضل ،وكثرة الدعاء) )(التوسل بمقام أهل بيت العترة ومعه بعض المساعدين من خدمة الروضة ،في عالم الرؤية) A(العباس

.أيديهم الموثقات والحبال كي يوثقونه ويضربونه على قدميهالعباسية، وبفسأل أبا الفضل أنه لماذا تفعل بي ذلك يا موالي؟ فقال أبو

.٦٧/١٠٠بحار األنوار، مصدر سابق، ـ١ .٤١٦ص الريشهري، محمدي، العلم والحكمة في الكتاب والسنة، دار الحديث، -٢

إن العلماء أتعبوا أنفسهم تعبا شديدا وجاهدوا بأنفسهم حتى : )A(الفضلبلغوا تلك المراتب العليا، وأنت تريد أن تبلغها بالتمني والدعاء، فاذهب

.)١(ما فعلوا كي تبلغ ذلكوافعل ك والروايات وكالم العلماء حول أقسام لبعض اآلياتبعد هذا االستعراض

النفس ومراتبها ودرجاتها يتضح بشكل جلي أن األخالق ليست مسألة من خارج الواقع، فباستطاعة اإلنسان أن يغير من عاداته وأفعاله ويرفعها من

اللهم ، )٢("حسنوا أخالقكم": )-(قال ولهذا. إلى كمالها اإلنسانيالحضيض لكل داء دواء يستطب به إال الحماقة و األحمق فإنه ال يداوى وال يعالج، إال

طلب العلم "إذا، هذا هو اإلنسان الذي يملك القدرة على .)٣(أعيت من يداويها، والوعاء الفكري الذي يتسع بالعلم والمعرفة وال )٤("من المهد إلى اللحد

بالفطرة على تغيير ملكاته الخلقية، وخصاله النفسية مهيأ، قابل و)٥(يضيق بهانتفاء الموانع الظاهرية ه متوقف على كلذلك لكن ،وبلوغ كماله اإلنساني

.الثالث وهذا ما سنتحدث عنه في الفصل ،والباطنية

.، ـ بتصرف ـ١٩٠م، ص١٩٩٣، بيروت، دار المرتضى، ١ـ محمدي الريشهري، مباني المعرفة، ط١ .١/٤٧نراقي، جامع السعادات، محمد مهدي الـ ٢ .١٨/٥ـ اآللوسي، تفسير اآللوسي، ٣ .٢٠٥ص العلم والحكمة في الكتاب والسنة، الريشهري، -٤ .٤/٤٧ نهج البالغة، -٥

الثالثالفصل

موانع النفس من بلوغ كمالها اإلنساني

لفصل الثالثا

ال يخلو أمر من أمور الحياة الدنيا إال وتحجزه الموانع عن بلوغه، وبذلك تتفاضل الناس بين مجاهد وقاعد، وبين متعلم وجاهل، وبين غني وفقير، ففي كثير من األحيان تختلف صفات الناس بسبب انقسامهم إلى قسمين، قسم

ويسعى ويذلل العقبات والموانع الصعبة ويصل إلى مراده، وقسم ال يجاهد .يبالي لمسؤولياته فيبقى أسيرا للكثير من العقبات التي تمنعه من تغيير حياته

وأصعب شيء في ذلك، هو موانع النفس وحجبها التي تعيق تطور اإلنسان . وتمنعه من بلوغ كماله اإلنساني،الفكري والروحي

بالكنوز والفيوضات الربانية، وأن ئااإلنسان مليأن ل إشارة إلى وفي أواالهتداء إلى ذلك متوقف على التخلق بأخالق اهللا، هو ما أشار إليه النبي

ليس العلم في السماء فينزل إليكم، وال في تخوم ": بقوله)A(عيسى يظهر تكم فتخلقوا بأخالق اهللال فيصعد إليكم، وإنما جبل في جباألرض

.)١("لكم

فاألخالق بحسب هذه الرواية المباركة ليست طريقة وأسلوبا لمعرفة قواعد التعامل مع اآلخرين فحسب، ـ١

ه معان خفية وعميقة في النفس، وهو أمر متوقف على اإللتفات إنما هي سلوك إلى اهللا تعالى، يفتح على عبد والتخلق معناه اتبـاع سـنن . إلى قابليات النفس وقدراتها، وإمكانية بلوغها أعلى المراتب األخالقية والعلمية

ومعرفة الحالل والحرام في رسائلهم، وتقديم الحق على هوى النفس والباطـل؛ الـسيد محمـد تعالى أنبيائه .٦، صم١٩٩١، بيروت، دار المرتضى، ٣من أعالم القرن الحادي عشر، آداب النفس، طاثي العين

فينبغي لمن أراد أن يسير في طريق التكامل أن تكون وجهة سيره من .نفسهالخارج إلى الداخل، أي إلى باطن

من لم يتخلق بأخالق اهللا لن يظهر له ذلك العلم، أن الرواية، المفهوم من وستبقى الموانع مقيدة له من السفر إلى الحياة السعيدة، أي الحياة المليئة

وبمالحظة كثرة الموانع الموجودة في .بالمجاهدات واالكتشافات األنفسية :حياة اإلنسان، فقد قسمناها إلى قسمين

.بكل ما هو تحت تصرف اإلنسان خارجي يتعلق: القسم األول .باطني يرتبط بالعوارض النفسية والملكات الخلقية: القسم الثاني

الوظائف والمسؤوليات الملقاة على و ، فهو يتعلق بالمهامالقسم األولأما أهم شرائط نجاحه في إتمام ما توجب عليه هو إذ أن من، وتنظيمهااإلنسان

بمعنى ان يكون عادال في إعطاء حقوق بدنه ،تنظيم وقته وإنصاف نفسه .ونفسه وعدم تحميلها أكثر مما تحمل

عه اإلمام م اإلنسان وقته وفقا للترتيب الذي وضمن المفترض أن يقسوساعة يناجي فيها ربه، " ثالث ساعات، لمؤمن ل حينما جعل)A(علي

وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ـمرمة لمعاش : من أن يكون شاخصا في ثالثاويجمل، وليس للمؤمن بد

ة في لذ أو ،ـاآلخرة ـ أو خطوة إلى معاد ، ـ في الدنياتحصيل المعاش . )١("غير محرم

واجباته بين ومن أجمل ما في هذا التقسيم أنه وفق بين حقوق اإلنسان و

.١٤٧صالشيخ الطوسي، اآلمالي، ـ١

. يحرم من حقوقه وال يقصر في واجباته البحيثفلو اتبع اإلنسان هذا التقسيم، فلن يكون هناك ما يمنعه من أداء عباداته على

انعا من أداء ما عليه من األعمال األخرى متصيروجهها الصحيح بمعنى أنه ال الواجبات الدينية التي تزكي النفس وتوقظها من السر بملذات الدنياك.

أن كل من لم يعط األشياء حقوقها فإنه يعيش في حالة ،والمشاهد بالعيانيبعده عن الهدف حول نفسه، ويعيش التكرار الممل، وهذا من الدوران

.المنشود واألخالق الحميدةموانع أخرى ترتبط باألمور الخارجية أيضا، من قبيل االختبارات وثمة

فإنها تعرض على اإلنسان لمصالح كثيرة ال يحيط بها علما، إال ،واالبتالءاتباكات التي تحول حياته إلى تأنه قد يلتهي بآثارها وتدخله في كثير من اإلر

.فوضى عارمة أنه يعلمنا االستعاذة من مثل )A(اإلمام زين العابدينلذا، نالحظ في دعاء

.هذه الموانع وطلب النشاط من اهللا سبحانه وتعالىوامنن علينا بالنشاط، وأعذنا من الفشل والكسل ": )A(فقد ورد عنه

.)١("والعجز والعلل والضرر والضجر والملل والحزن والعجز اللهم إني أعوذ بك من الهم": أيضا)A(وعنه

ذوا باهللا تعو": قالأنه )-(عن النبي في بعض المضامين وورد. )٢("والكسل

.٤٧صالصحيفة السجادية، ـ١ .٢٨١ون، صيوم الثامن والعشرالالمصدر نفسه، من أدعية شهر رمضان، ـ٢

.)١("من حب الحزنوال تبتلني ": قال)A( مكارم األخالق لإلمام زين العابدينوفي دعاء

بالكسل عن عبادتك، وال العمى عن سبيلك، وال بالتعرض لخالف .)٢("محبتك

هة نستنتج ضرورة التعومن " تعالى"ذ باهللا في هذه األدعية والمضامين المنبهذه األشياء المانعة من كمال اإلنسان األخالقي، ألن كثرة االستغراق فيها

.ستجعل الواحد منا على هامش الحياة، بل في عداد الموتى على عدم كثرة )A(لذلك، نرى أنه حتى في مسألة األوالد نبه اإلمام علي

، حتى ال يكونوا مانعا كبيرا في ذلكلإنما المطلوب االعتداواإلنشغال بهم، .من االلتفات إلى المهام األساسية في هذه الحياة الدنيا

ال تجعلن أكثر شغلك بأهلك وولدك فإن يكن ": لبعض أصحابه)A(قالن يكونوا أعداء الله أهلك وولدك أولياء الله فإن الله ال يضيع أولياءه وإ

اء اللهدبأع وشغلك كما ه٣("فم( . إذا، فإن الملهيات واالنشغاالت الخارجية كثيرة ال تعد وال تحصى، والمهم أن يحدد اإلنسان هدفه في هذا السير الدنيوي، ألنه ما من أحد يتوق للوصول إلى

مور األخرى أشياء ثانوية ال قيمة لها في مقابل هدفه األساسي إال وتصبح األ . أال وهو تخليق النفس باألخالق اإللهية،الهدف الكبير الذي يسعى إلى تحقيقه

.١٥٩\٧٠، مصدر سابق، بحار االنوار ـ١ .١٠٥ص، دية، دعاء مكارم األخالق الصحيفة السجا ـ٢ .٤/٨٢، مصدر سابق، نهج البالغة-٣

فهو الموانع الباطنية والحجب القلبية، ورأس هذه الموانع القسم الثاني،أما و"الدنياحب "، وهو الميل العاطفي)١("حب الدنيا رأس كل خطيئة" ألن ،

من دون ،والغرائزي إلى ملذاتها وشهواتها على نحو عشوائي وغير انضباطيآلة لفعل السلوكيات ـ فضال عن نفسه ـ مما يجعل جسم اإلنسان ،قيود

.المنحرفة الدنيا "والخطورة في هذا المانع أنه كماء البحر، وقد ورد في األحاديث أن

.)٢("، ازداد عطشاما شرب منه العطشانمثلها كمثل ماء البحر كلN :ولهذا تحدث القرآن الكريم عن هذه الحقيقة بقوله تعالى

M)نسي ـ الدنيا ـ، فمن مال إلى األولى )٣ منهما تختلف ة ومن الصعب جدا الجمع بينهما، ألن طبيعة كل واحد،الثانيةخرى، وهما ضرتان وعدوتان ال تتفقان على اإلطالق، وبمجرد أن يميل عن األ

.اإلنسان إلى واحدة منهما تركته األخرىلذا، فإن كل ما يفعله اإلنسان المؤمن في هذه الحياة الفانية هو من باب

سحره بأكاذيبها، لو ذاق طعم نعيمها فال تغره وتالمقدمات لعالم اآلخرة، وحتى

.٣/٢٢٢ ميزان الحكمة، مصدر سابق، -١ .٣/٢٦٢ ميزان الحكمة، مصدر سابق، -٢ .١٧ ـ ١٦: األعلى -٣

.)١(ي عينه حقيرة وصغيرة ال تستحق أن يؤثرها على نعيم آخرتهفتبقى ف ـومن أعظم األمور والموانع التي يواجهها اإلنسان الذي ارتطم بهذه المؤاثرة

حب الرئاسة، ك : هو ما يتشعب من حب الدنياـأي تفضيل الدنيا على اآلخرة م، والميل إلى المال، والجاه، والنساء، والطعام، والشراب، والنوكثرة و

وغير ذلك من هذه الرفاهية المطلقة، والتواني، والكسل عن العبادة،وأحيانا قد يكون العلم نفسه . المضالت والمهلكات التي تقصم ظهر اإلنسان

حاجبا ومانعا كبيرا من الوصول إلى اهللا تعالى والتخلق بأخالقه، لما يقع فيه لرئاسة والشهرة، والتنزيل من قدر الناس من الغرور والعجب والكبرياء وحب ا

.وعدم احترام اآلخرينفبدل أن يكون العلم مساعدا لتخليص النفس من هذه األمراض والموانع الباطنية، يصبح غاية بحد نفسه، وطريقا للتفاخر والتخاتل والتكبر، فينحرف

ذلك إلى المتعلم عن مساره األساسي، وتصبح الدنيا أكبر همه، حتى لو أدى .االبتداع في الدين، واالستئكال به

فعلى المتعلم أن يدرك أن صراطه الوحيد للفوز بتلك الدرجات المعنوية هو تهذيب النفس وتحليتها بفضائل األخالق، وتخليتها من جميع الرذائل ومعالجتها باألضداد، فالجهل يعالج بالعلم، والبخل بالسخاء، والكبر بالتواضع،

إذا : وبكلمة أخيرة، أقول لك أيها العزيز. )٢(الكف عن المشتهياتوالشره ب

: تصنع بهـا مـاذا؟ قلـت : إنا لنحب الدنيا، فقال لي : )%(قلت ألبي عبد اهللا : عن ابن أبي يعفور -١ليس هذا من الدنيا، هذا من : وأحج، وأنفق على عيالي وأنيل إخواني وأتصدق، قال لي أتزوج منها،

. ١٨باب /١٢وسائل الشيعة، ". اآلخرة .١/٩٤ ورام بن أبي فراس، تنبيه الخواطر ونزهة الخواطر، مؤسسة األعلمي، -٢

أردت أن تستفيد من تلك القابليات التي تحدثنا عنها فاجعل هذه الحياة الدنيا من مدارج السفر إلى عالم اآلخرة، وتذكر أنك إذا اموطئ قدم لك، ومدرج

ئرة واإللتهاء به، ذهبت إلى مطار للسفر، فليست غايتك الوصول إلى مدرج الطاواألمر نفسه نكرره ليل نهار . عمال قبيحا ومستغرباـ بنظر العقالء ـفإنه يعتبر

في مدرج الحياة الدنيا، فإلى متى اإللتهاء به دون اإلرتقاء والسفر الفعلي إلى .عالم اآلخرة

الرابعالفصل

تعاريف وفروقات

الرابعالفصل

من المفيد جدا أن نتوقف عند التعاريف اللغوية واإلصطالحية لمدلول كلمة األخالق، لما في ذلك من ارتباط وثيق في تحديد الموضوع الذي نبحث فيه،

.والمسائل المتعلقة به، والهدف من األعمال األخالقيةبين واألخالقكلمة ثم ال بد من أن نعطف على ذكر الفروقات بين مدلول

صلة وثيقة بالموضوع ذات العديد من المصطلحات والعناوين العلمية، لكونها األخالقي حيث تتداخل فيما بينها إلى حد بعيد، كتحديد الفرق بين األخالق

ولمعرفة ذلك نتوقف أوال عند . وغير ذلك،والتربية، والفرق بين الفلسفة والتربية :معرفة األخالق

لضم وبضمتين، وهو السجية والطبع والمروة جمع خلق با:األخالق :منها، نذكر اصطالحا، فقد عرفت بتعريفات عدةوأما . )١(والدينبأن الخلق عبارة عن هيئة في النفس، راسخة، عنها تصدر : " الغزاليعرفها

وإنما قلنا هيئة ... األفعال بسهولة ويسر، ومن غير حاجة إلى فكر ورويةلحاجة عارضة ) النادر(نه بذل المال على الندور راسخة، ألنه من يصدر م

.)٢("ال يقال خلقه السخاء، ما لم يثبت في نفسه رسوخ ثبوت

لقـاموس المحـيط، ؛ الفيـروز أبـادي، ا ٦٦/٣٧٤العالمة المجلسي، بحار األنوار، مؤسسة الوفاء، ـ١

.٨٠ص؛ الفيومي، المصباح المنير، ٨١٢ص .٣/١٧٧الغزالي، إحياء علوم الدين، ـ٢

ملكة للنفس مقتضية لصدور : "وعرفها النراقي في جامع السعادات بأنها . )١("األفعال بسهولة من دون احتياج إلى فكر وروية

من المبادئ المعيارية التي ينبغي أن علم األخالق مجموعة ": وذكر الشيخ مغنية .)٢("أن يجري السلوك البشري على مقتضاها، وهو علم يبحث عن الخير

إنها الفعل الجدير بالثناء والشكر، ": وفي تعريف الشهيد المطهري قالوالبشر ينظرون إليه بعين الرضا واإلعجاب، والقيمة التي يمنحها البشر بهذا

للعامل إزاء عمله، فالفعل األخالقي ىعطلتي تالفعل ليست من نوع القيمة ا٣("م بالمالأعلى من أن يقي(.

:وتعليقا على هذه التعاريف نتوقف عند النقاط التالية أن يكون فعل حسن إذا أردنا وصفه بأنه فعل أخالقي ال بدكل: األولىيقوم فيه، بحيث تكلف ، وكونه أمرا ال اختيارو عن قصد ن اإلنسانمصادرا

.اإلنسان بفعل الخير دون أي تفكر، وسبب ذلك أنها ملكة راسخة في نفسه مقابل الحالة التي تعرض على ،وحينما نقول ملكة، يعني يصعب زوالها بسهولة

ه النفس وتذهب بسرعة، فالذي عنده ملكة النفقة في سبيل اهللا وفعل الخير، فإنهذا . ون أي مشكلة في ذلكينفق ماله في السراء والضراء والسر والعلن د

إال في إنفاقه على الغير بخالف الذي يخاف على ماله من النقصان، فيمتنع من

.٣٧ص، ٢٠٠٦، بيروت، مؤسسة األعلمي، ١الشيخ مهدي النراقي، جامع السعادات، ط ـ١ هــ، ١٤٠٤، بيـروت، دار الجـواد، ٣الشيخ محمد جواد مغنية، فلسفة األخالق في اإلسالم، ط ـ٢

.١٢ص .١٢صالشيخ مطهري، مرجع سابق، ـ٣

اإلحراج أمام اآلخرين وهتك كعروض سبب طارئ من قبيل حالة نادرة وذلك .سمعته، فيكون حفظ ماء الوجه وحب السمعة سببا لدفع المال ليس إال

ري في مقابل العلم الوصفي، أي ما ينبغي علم األخالق هو علم معيا: الثانية أما العلم الوصفي فهو .أن يكون فعل اإلنسان على طبق علم األخالق وقواعده

. كعلم التربية،معالجة واقع اإلنسان الفعلياألخالق هل هي علم حقيقة، أم أنها مجرد توجيهات عامة ال كلمة: الثالثة

عليها مجازا؟مالعلتحتاج إلى تحصيل ومعرفة، ويطلق اسم هوفي الحقيقة قد يكون مستهجنا طرح مثل هذا السؤال، لبداهة أن األخالق

. وهو العمدة في تحقيق الخشية والحذر من عقاب اآلخرة،علم مستقل بذاتهحيث تركوا هذا ،بعض الناس، بل من بعض أهل العلممن أن العجب إال

الظاهرية، وظنوا أن السعادة ، واقتصروا على معرفة األحكام العلم الشريف .األخروية منحصرة فيها

والصحيح، هو أن علم األخالق كان في القديم من أجزاء علم الفقه، حيث هو العلم باألحكام من "لم يكن هناك انفصال بينهما، فالفقه كما عرف قديما

.)١("الحالل والحرام وباألخالق وآفات النفوسيشمل علم األخالق، ولكن المتأخرين فالفقه بحسب هذا التعريف كان وفي هذا . وميزوا بينه وبين علم األخالق،ةخصصوا الفقه باألحكام الظاهريكان علم األخالق الذي هو عبارة عن : "الصدد، يقول صاحب الحدائق

تحلية النفس بالفضائل وتخليتها من الرذائل أحد أفراد العلوم بل هو أصلها

.٨/٨٨٢صالح المازندراني، شرح أصول الكافي، ـ١

وهو الممدوح في اآليات رأسهاه، بل هو وأساسها الذي عليه مدارNواألخبار كما في قوله تعالى

M)فالخشية واإلنذار إنما تترتب على علوم اآلخرة ال هذه العلوم )١ ، .)٢("الرسمية

الفقه "، وهو )الحكمة العملية(م التطبيقية إذا، علم األخالق هو من قسم العلو. ، وهو في مقابل العلم النظري الذي غايته إدراك الحق)٣(وعليه العمدة" األكبر

لذلك . )٤(والعلوم العملية هي علم األخالق، وعلم تدبر المنزل، وعلم سياسة المدن ج من حضيضربعلم األخالق تتم اإلنسانية ويع: "قال صاحب جامع السعادات

ل أخسوصة إلى ذرى الرتب الملكية، وأي صناعة أشرف مما ييميالبهها، وكذلك كان السلف من الحكماء ال يطلقون العلم االموجودات إلى أرق

كسير األعظم، وكان أول تعاليمهم، علم األخالق، ويسمونه اإلىحقيقة إال علتقدون أن ويبالغون في تدوينه وتعليمه والبحث عن إجماله وتفصيله، ويع

ولذا سماه صاحب الجواهر ، )٥("المتعلم ما لم يهذب أخالقه ال تنفعه سائر العلوم .)٦(بطب النفس، وعلم القلب ألنه السبيل الوحيد لمعالجة علل النفس

آخرهذا العلم هو العلم الباطني لتطبيب النفوس، وال طريق لذا، فإن

.٢٨: فاطر .ـ١ .١٠/٦٤الشيخ يوسف البحراني، الحدائق الناضرة، ـ٢ .١٠، صم١٩٩٦ـ الشيخ جوادي آملي، الحياة الخالدة في علم األخالق، دار الهادي، ٣ .١٢١ ـ ٥٨ ،مصدر سابقالمجلسي، ـ٤ . ٤٠صلنراقي، مصدر سابق، الشيخ ا ـ٥ .٧٧/٢٠٧جواهر الكالم، مصدر سابق، ـ٦

.سواه لتحصيل السعادات والكماالتن الملفت أن كلمة الخلق، أو األخالق، أو حسن الخلق لم ترد م: الرابعة

يعبر عن كافة السجايا والطبائع عام وحدها في األخبار واألحاديث كعنوان .والخصال الحميدة

كعنوان أساسي مع ذكر ))( واألئمة)-(إنما وردت في أخبار النبيو .مصاديق الخلقيات ومراتبها ودرجاتهاكافة

حسن خلقك ": )-(ل، تارة جاء في الحديث عن رسول اهللاومن باب المثاالخلق السيء يفسد ": آخرورد في حديث أو كما، )١("يخفف اهللا حسابك

.)٢("العمل كما يفسد الخل العسل: قالأنه )A(عن اإلمام الصادقصيغة أخرى كما روي وتارة أخرى ورد ب

، أو كما )٣("قلة الصبريا بني إياك والضجر وسوء الخلق و: قال لقمان البنه"أفضل الحسنات عند اهللا حسن الخلق، والتواضع، ": )-(قال رسول اهللا

.)٤("والصبر على البلية، والرضا بالقضاء والقدرجاء التعبير عن الخلق بالمراتب والدرجات، وذلك من خالل إطالق وثالثة

ورد في وذلك كما أوصاف مختلفة، وإعطاء أمثلة عليها، أو تبيان حقيقتهامن . الروايات بكلمات مختلفة تدل على أن األخالق درجات ورتب مختلفة

.١/٦٢٢ ميزان الحكمة، مصدر سابق، -١ .١/٨٠٥ المصدر نفسه، -٢ . المصدر نفسه، الموضع نفسه-٣ .١/٦٣٧ المصدر نفسه، -٤

أشرف الخالئق التواضع ": أنه قال)A(هذه الروايات، روي عن اإلمام عليأكرم األخالق السخاء وأهمها نفعا "أو بكلمة ،)١("والحلم ولين الجانب

.)٢("العدل: )A(، قال"ضل األخالق عن أف)A(، سئل اإلمام الباقروفي حديث آخر

وورد ، )٤("أزين األخالق الورع والعفاف": )A(، وقال)٣("الصبر والسماحة"أن تعفو عمن ظلمك، وأن : ثالثة من مكارم األخالق"الحديث المشهور في

. )٥("تصل من قطعك، وأن تعطي من حرمكوالسؤال الذي يطرح نفسه أنه لماذا ذكر حسن الخلق في الروايات مع ذكر

صفات وخصال أخرى هي في الحقيقة تندرج تحت عنوان األخالق؟والجواب هو أن هذا االختالف في التعبير عن معنى الخلق الحسن هو في الحقيقة ليس اختالفا، إنما هو من باب تعداد مصاديق األخالق الحسنة أو السيئة، وكذلك تسميتها بأوصاف مختلفة كاألكرم واألشرف واألحسن

.فكل ذلك يدل على مراتبها المختلفة بلحاظ األعمال الحسنةواألزين، وبمقتضى الجمع بين هذه الروايات، فإن كل فعل يقوم به اإلنسان يسمى

مذموما، أي الطريقة التي يتبعها في سائر م سواء كان ممدوحا أ،خلقا

.١/٨٠٨ المصدر نفسه، -١ . المصدر نفسه، الموضع نفسه-٢ . المصدر نفسه، الموضع نفسه-٣ .لمصدر نفسه، الموضع نفسه ا-٤ . المصدر نفسه، الموضع نفسه-٥

ة وقد الحظت الروايات طبيع.تصرفاته، الدالة على رجاحة عقله أو مرجوحيتهإلى ذكر أي قابليتها الحسنة في أداء األعمال الحسنة، مضافا اإلنسان نفسها،

ثم أتت هذه ،ة التي تعتبر من سنخية الخلق الحسناألفعال والسجايا الممدوحاألحاديث لتحدد مراتب لألخالق الحسنة، ففرقت بين أكرم األخالق وأشرفها

.وأفضلها وأزينها وأعالها مر مألوف في الدين اإلسالمي حيث يبتني فيه اإليمانهو أوهذا المنطق

من كون سابقا والجهاد على درجات، وذلك يعود إلى ما ذكرناه والورع .اإلنسان يصعد ويهبط بحسب مجاهدته لنفسه

اختلفت تعاريف األخالق الحسنة، وهذا من باب ،وهنا، في باب األخالقالعطاء النفسي والكرم إلى أعلى درجات من من أجل الوصولالترغيب

.)١(األخالقي الذي يضارع ويشابه أفعال المعصومينولهذا، فإن العلماء الذين صنفوا في هذا العلم أجملوا هذه الجوانب

.والدرجات الخلقية كافة دون تقسيم أبحاثهم على أساسها

سنشير الحقا في الفصل الذي نتناول فيه تصنيف العلماء في علم األخالق أنهم لم يلحظوا فـي -١صنيفاتهم منهجا يعتمد على مراتب علم األخالق، ولم يأخذوا بعين االعتبار اختالف مهـن النـاس ت

د الخلقيات وفقا لتعدأن توضـع وهو إليه اوهذا ما ندعو . د الحقول العلمية والمهنية وغير ذلك وتعدالتصانيف األخالقية وفقا الختالف مراتبها أو لتعـدد وظـائف النـاس، فهنـاك أخالقيـات الطبيـب والمهندس والعسكري والسياسي والقانوني وغير ذلك مع اتحاد الجميع في عنوان الخلـق الحـسن

.هم ومآربهمبغض النظر عن مشارب

الخامسالفصل

التربية واألخالق

: الخامسالفصل

ف اإلنسان مفهوم التربية منذ القدم، إذ قام بها استجابة للحاجات الغرائزية رع

فالحاجة الضرورية إلى التعرف على موارد العيش، .والمتطلبات الحياتيةوكيفية تحصيل المعاش من المأكل والمشرب والمسكن، وجميع المتطلبات

وقد . تربوية لتحصيل تلك الغاياتالضرورية دعت اإلنسان إلى اتخاذ قواعدتطورت هذه القواعد التربوية من زمان إلى آخر وفق التطور الذي شهدته

من البدو إلى الحضر، حيث عرفت المفردات التربوية بطريقة الحضارات .بسيطة وعفوية غير منظمة

حيث انتقلت من تلك الطرق األولية ،ثم بعد ذلك أخذت شكال متطورا .إلى المؤسسات التعليمية والتدريبية، وخضعت لقواعد جديدة متطورةالبدائية

بدأت التربية بأنواع قليلة من التربية البدنية والمهنية والعسكرية، لذلك، فقدأن تطورت إلى التربية الفكرية بجميع أبعادها، والتربية الصحية، لبث ثم ما

وغيرها من ،صادية، والوطنيةقتلخلقية، والروحية، والدينية، واإلوالتعليمية، وا .أنواع التربيةومعرفة كيفية ،لطاقات البشرية والطبيعيةلمة التربية هي عملية منظف، وعليه

وباإلمكان .نسان وغيرهاستخدام نتائجها في مصلحة اإلنسان، وهي شاملة لإل يعني أنها كلمة... يربي األنعام والنباتفالن ن يربي اإلنسان، والقول، فال

.تستعمل وتطلق على كافة األشياء التي تحتاج إلى تنمية وعناية تامةوقد تنوعت التعاريف التربوية إلى العشرات، وذلك لتعدد المدارس التربوية

التربية فن "تفق الفالسفة وعلماء التربية على أن ا وباإلجمال .القديمة والحديثة من أجل إيصاله إلى مرتبة قيادة اإلنسان وتنمية قواه البدنية والروحية

.)١("الكمالتنمية القابليات اإلنسانية الكاملة في : " بأنها)!(وعرفها الشيخ مطهري

.)٢("باطن اإلنسان والموجودة بالقوة فيه وإخراجها إلى مرحلة الفعليةالتربية هي عملية رعاية وتنمية وعناية وإيصال الشيء إلى ذروته ف، وعليه

هذه لمالحظ من خالل التعاريف اللغوية واإلصطالحية أنالقصوى وكماله، واجتماعية والدينية، العلمية واإل في كافة المجاالت والحقولتستعملا المفردة

سواء كانت علمية أو دينية أو ،فيصح إطالق التربية على كل عملية تنمويةتربية وطنية اجتماعية، لذا يقولون تربية دينية، وتربية أخالقية، وتربية علمية، و

وحتى في عوالم أخرى غير العالم اإلنساني، يمكن استعمال كلمة ،وغير ذلك .والنبات، فكلمة التربية تطلق على اإلنسان وغيرهالحيوان التربية، كما في عالم

منحصر في العنصر اإلنساني لفظ األخالق إطالقه في قبال هذا، نالحظ لمن يربي جواده بأنه يحسن تعليمه لإلنسان، فال يقال حيث ال يستخدم إال

، لذا.قه خلوما يقال يربيه، لذلك فاإلنسان وحده من يقال عنه إنإنواألخالق، كلما ارتقى اإلنسان بأخالقه ازداد كماال وتميزا عن باقي البشر مما يضفي عليه

.٢٦ التربية، بيروت، دار النبالء، صالدكتور علي القائمي، أسس ـ١ .٣٣ هـ، ص١٤١٣، بيروت، دار الهادي، ١الشيخ مرتضى المطهري، التربية والتعليم في اإلسالم، ط ـ٢

طابع القداسة، فاألخالق هي الحياة اإلنسانية، وروح المدنية، وناموس .)١(اع، ومعراج السعادة والرقياالجتم

وذلك ،ومما ال شك فيه أن للتربية تأثير كبير على تهذيب األخالق الفاضلةمن خالل تنمية الخصال الحميدة في نفس اإلنسان وإبعادها عن الخصال

.)٢(المذمومة

لية، العرفان حالة كشف وشهود قلبي ترتقي باإلنسان إلى درجات روحية عا

يستطيع من خاللها قطع األسفار الطويلة للوصول إلى مشاهدة الحق بالمرآة وبعبارة أخرى، هي رياضة روحية يقوم بها اإلنسان على قدر ،القلبية

استطاعته، وتربية باطنية يستطيع من خاللها السالك إلى اهللا معرفته نها تعبر عن وال شك أ. بالمشاهدات القلبية وليس عن طريق الحجة والبرهان

.روحية راقية يصعب وصفها على نحو دقيق لخفاء معانيها العميقةحالة ولما كان من أهم العوامل المساعدة على بلوغ تلك المراتب العرفانية نفي الحجب

جتهادات العبادية، فإن السلوكيات وإضاءته باألعمال واإل،عن قلب اإلنسانقات العرفانية ودة تصب في خدمة التألاألخالقية المحسنة لخصال النفس المحم

.حيث تساعد على إزالة آثار النوايا السيئة عن صفحة قلب اإلنسانوعلى ضوء هذا التوضيح، يظهر أن الخصال األخالقية تتجلى في األفعال

اآلثار العرفانية الخارجية والسلوكيات اإلجتماعية اإلنسانية، في حين أن

.١١٨ـ السيد حسن القبانجي، الجواهر الروحية، ص١ .١٧صبيروت، دار القارئ، ، ١ـ عبد اهللا الهاشمي، األخالق اإلسالمية، ط ٢

. إلى اهللا تعالىلكمق الباطني عند الساى في العالشهودية تتجل في وقت ال تكون المقامات العرفانيةبلوغ ان بناء عليه، ال يمكن ألي ك

.شخصية العارف باهللا تعالىطبائعه الخلقية متوافقة مع تلك القيم واألخالق ين أهم مباني العرفان العملي هإوبحسب ما نعتقد،

والحرام، وهذا بعينه يتوافق مع تعريف األعالم الحسنة المرتبطة بتطبيق الحالل .لعلم األخالق أنه أصل العلوم وأساسها

نعدام الومن الخطأ الكبير فصل العلوم كافة عن المبادئ األخالقية القويمة .فوائدها اإلنسانية والوقوع في تطبيقات عملية بعيدة عن جادة الصراط الحق

الخصال الحسنة يتكامل بشكل كبير مع لهذا، فإن تهذيب النفس باألخالق و وبعبارة .الحاالت العرفانية، وتكون الخلقيات العملية مقدمة للعرفان الحقيقي

أخرى، فإن السلوكيات األخالقية هي التطبيقات الفعلية للعرفان في الخارج، في حين نرى السلوكيات العرفانية تجليات في العوالم الباطنية لإلنسان، ومن

ض أن تكون السجايا الخلقية مساعدة لبلورة الصورة العرفانية في نفس المفتر .اإلنسان

ولمعرفة المزيد عن قيمة األخالق في الثقافة اإلنسانية نتوقف في الفصل .التالي عند السيرة األخالقية في التاريخ البشري

أبيض

السادسالفصل

األخالق في التاريخ البشري

:السادسالفصل

حتاج اإلنسان على مر العصور والدهور إلى تنظيم حياته من خالل قوانين إعادلة تنصف الناس بأجمعهم، وذلك من أجل ضبط المنازعات وكبح الرغبات

.الجامحة في نفس اإلنسان، والتي ال تضبطها إال السلطة العادلة تظهر ،اإلنسان التاريخية باتجاهاته ومبادئه المختلفةلكن، عند تتبع سيرة

.نتائج مؤلمة على مستوى احترام حرية اإلنسان وحقوقه الخاصةفليس هناك ما يؤكد على أن مجتمعا من المجتمعات ـ على نحو واسع أو

كان - على نحو دائم ـضيق ـ قد نعم بمبادئ أخالقية، وفضائل وقيم إنسانية جيه أفراد المجتمع، باستثناء أقوام األنبياء الذين صدقوا دعواهم لها دور في تو . وهم قلة قليلة قياسا مع باقي األمم،واتبعوا أحكامهم

حكي لنا عن مدن فاضلة مثالية، بل يفالتاريخ ليس دائما صفحة بيضاء العكس من ذلك هو الصحيح، فالقليل من الناس عاشوا نظاما أخالقيا عادال

فمثال نجد أن . قوقهم دون استثناء، كمجتمع المدينة في أول الدعوةحفظ حيجتماعيا ال مثيل له، من جهة تساوي إقد طبق نظاما أخالقيا ) -(رسول اهللا

جميع الناس، والتآخي، والتصاهر، وحفظ الحقوق، والمعاقبة على تجاوزها، خلوقا جعله )-( حاول النبيوترك المنكرات وغير ذلك، فقد كان مجتمعا

قادرون على أن البشر وهذا يعني، أن.متقيدا بنظام إلهي عادل ال مثيل له

باألخالق الفاضلة عند وجود القائد القدوة القادر على إدارة يتنعموا .المجتمع باختالف مآربه ومشاربه

وفي المقابل، نجد أن الشعوب األخرى، وبخاصة الشعوب الغربية بشكل ات طويلة من الظلم والعدوان، وارتوت من سفك الدماء إلى عام، عاشت فتر

وذلك بسبب الحقد الدفين الذي عاشه القادة السياسيون .حد ال يتصوره العقلالحرية عندهم كانت ف. الذين كانوا يدعون الحضارة المثلى والحريات العامة

وفي هذا .ل وقتل األبرياء العز،يالء على أمالك الضعفاء وثرواتهمتعني اإلستالصدد، ذكر بعض الباحثين أن أوروبا لم تعرف السلم في غضون ثالثة قرون ـ

ـ إال ثالثين عاما، وقد شهدت عشرمن القرن السادس عشر حتى القرن الثامن .)١( وسبعين عاما من العنف والحروبمئتين

ثم في القرن العشرين شهدت أبشع األعمال العنيفة في الحربين العالميتيناألولى والثانية، ذهب ضحيتها عشرات الماليين من المدنيين، وكان ريعها

.)٢(يعود إلى القوى العظمىوقد جرى إحصاء لعدد الحروب والنزاعات العرقية والوحشية التي ال هدف

) ٢٣٤٠( تبين أن من أصل ،)م١٩٩٠ وم١٩٤٥ ( عاميبين منها سوى قتل الناس يعرف العالم فيها الحرب، وقد بلغ عدد النزاعات ثالثة أسابيع فقط لمياأسبوع .)٣( من البشرا مليون)٤٠( إلى )٣٥( نزاعا، ذهب ضحيتها ما بين )١٦٠(فيها

.١٢، ص٢٠٠٠، بيروت، مركز الدراسات االستراتيجية، ١ـ غسان العزي، سياسة القوة، ط١ .١٤ـ المرجع نفسه، ص٢ .٧٤ـ المرجع نفسه، ص٣

العشرينالقرن ضحايا العنف األيديولوجي في )١("بريجنسكي"وقد أحصى مليون شخص، وبحسب تعبير )٨٠( فوصل مجموعهم إلى الميالدياالختالل العقلي الذي أصاب اإلنسانية خالل القرن إنها كلفة : بريجنسكي .)٢(العشرين

، إذ كم هو ورؤسائها مخيف عند هذه الشعوب الوقائع لهي أمرإن هذه الحروب التي قادها اإلسالم من أجل صون بين والعنصرية الفارق بين حروبهم

.الحريات العامة ووضعها في إطارها األخالقي العظيمبل هذه التواريخ، نالحظ أن الحضارات التي توالت على مر وبالعودة إلى ما ق

لم ،األيام، كالحضارة األسبانية، واإلنجليزية، أو ما قبلها من الحضارات القديمةإنما كانت تقتصر على وتوفق لجعل المعايير األخالقية نظاما شامال،

،)-(خاتم األنبياءحاول بعض األفراد، في وقت علىمجموعات قليلة، أوالنظام األخالقي على قدر اإلمكانالذي جاء بلسان مكارم األخالق، أن يعمم

.كل أوجه الحياة، الدامسالجاهلي وحده منغمسا في الظالم العربي لذلك، لم يكن المجتمع

إنما كانت الشعوب األخرى، كشعوب أوروبا، تعيش األزمة نفسها ألنها و .تمردت على تعاليم األنبياء، وهجرتها

إنما تعم ومن هنا، فالجاهلية هي صفة ال تختص بالمجتمع العربي وحده،

ـ وزير خارجية أمريكا سابقا، ومستشار األمن القومي، منظر سياسـي، ولـه كتابـات عديـدة منهـا ١

.ياالنفجار، ومذكرات بريجنسك .ـ المرجع نفسه، الموضع نفسه٢

ما قبل عصرطلح على تسمية ولهذا اص. كل مجتمع وأمة عاشت المآسي ذاتهاة يالنهضة الصناعية في أوروبا بعصر الظالم، وال ندري إن كانت اآللة الصناع

داد أكثر من قادرة على محو الظالم المعنوي الذي ازعصرنا الراهنفي . لكن تحت عناوين علمية وثقافية أغرقت الجميع بضالل دائم،الماضي

نشير إلى أن مجتمع العصر الجاهلي الذي سادت ،ولزيادة شيء من التوضيحفيه المفاهيم المشؤومة، كان يعيش حياة متخلفة حيث أبرزت أبشع العادات

ورة اإلنسان المعنوية والتقاليد الخلقية السيئة، والتي ساعدت على تشويه ص .ونقلته من مرتبته اإلنسانية إلى أقل مراتب الحيوانية

،والميزان في تميز المجتمع األخالقي عن غيره هو التغلب على الشهواتفعل بشتى الطرق المحرمة عقال طلب من غير مواضعها، وتوالملذات التي ت

.وشرعال بشكل دائم على القضاء تسم بالعماومن الملفت أن المجتمع الجاهلي

فلم نجد عنده ما نبحث عنه وندافع ،العقليةعلى الوعي البشري وقدراته أشياء عنه من القيم الخلقية الحسنة، بل كان في تربية المجتمع الجاهلي

بحسب المعتقدات التي كانت سائدة بعض الرذائل ـ عندناـقبيحة، ألنذيلة العصبية التي كانت بنظرهم ، كرندهم ال تعبر إال عن فضيلة عظيمةع

يفعل باسمها كل شيء، وهي أيضا عقيدة أخالقية بالنسبة فضيلة كبيرة،إليهم، فالفضيلة عندهم أن تكون قويا قادرا على البطش واإلستيالء على ممتلكات اآلخرين بغير حق، وهتك أعراضهم، وسفك دمائهم، ولذا فهم

.ينلم اآلخريتغنون بأشعارهم بالقتل والغزو وظ

:في معلقته" زهير بن أبي سلمى"قال بالظلم يظلموإن ال يبدسريعا جريء متى يظلم يعاقب بظلمه

:"عمرو بن كلثوم"وكما أنشد ــي غـهم فــنجذ رؤوسا يــف ير بر١(اذا يتقوناـدرون مـم(

ن أبي علي ب" أمير المؤمنين" من صور واقعهم هو سيد البلغاء وخير دين، وفي شر دار، وأنتم معشر العرب على شر: " حينما قال)A(طالب

منيحون بين حجارة خشن، وحيات صم، تشربون الكدر، وتأكلون الجشب، تسفكون دماءكم، وتقطعون أرحامكم، األصنام فيكم منصوبة، واآلثام فيكم

.)٢("معصوبةاألهواء، واستزلتهم قد استهوتهم : "... )A(وفي وصف آخر، يقول

الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهالء، حيارى في زلزال من األمر، وبالء .)٣("من الجهل

نعم، كانت أهواؤهم تحكم بوأد البنات، خوفا من العار، وهروبا من الفقر ظالما كان أو مظلوما، وكانت المرأة ،والعوز، وكان الرجل ينصر أخاه

إلنسانية، وبحسب تصرفاتهم لم تكن إنسانا، إنما عندهم خارجة عن طور اأقل رتبة منه، وما ذلك كله إال بسبب فقدان التوجيه األخالقي الحسن، فأين هي معايير األخالق؟، وكيف يمكن أن نوافق على ما ذهب إليه بعض

.١٠٧، صم١٩٩٣الزوزني، شرح المعلقات السبع، ـ١ .٢٦: نهج البالغة، رقم النص ـ٢ .٥٩: المصدر نفسه، رقم النص ـ٣

وقد . المستشرقين من أن اإلسالم أخذ الكثير من تعاليم الجاهلية وأمضاهاإن ذلك العصر الذي لم تكن لبالد : "باحثين إلى القولذهب بعض ال

نزل، من الخطأ أن مالعرب فيه ناموس واع، وال نبي معهم، وال كتاب به غرب الجنوب عرب نصف بالجهل هيئة اجتماعية امتازت بما امتاز

.)١("من ثقافة وحضارةجاء فلماذا ،لو كانت هذه الهيئة اإلجتماعية قد امتازت بخصائص ممدوحة

في كماالقرآن الكريم ليخبرنا أن اهللا تعالى بعث رسوله ليزكي هؤالء وليعلمهم N: قوله تعالى

M)بأشياء حسنة مثلهم وكيف يمكن لنا أن نصف هيئة اجتماعية . )٢

هم ناشبة، فكان ض األخالقية متأصلة فيهم، وأسبابوكانت األدواء واألمرا"شرب الخمر واسع الشيوع، شديد الرسوخ فيهم، تتحدث عن معاقرتها

.)٣("اإلجتماع على شربها الشعراءجاهلية يقامر على أهله وماله فيقعد حزينا سليبا وكان الرجل في ال"

وهذا .)٤("ينظر إلى ماله في يد غيره، فكانت تورث بينهم عداوة وبغضاء

.١٢٨م، ص٢٠٠٢، تاريخ العرب، يفيليب حت ـ١ .٢: الجمعة ـ٢ .١٢٧تاريخ العرب، مرجع سابق، ـ٣ .٧/٤٧ابن جرير الطبري، جامع البيان، ـ٤

وتعاطي الربا، واختالط النسل ، والزنا،غيض من فيض، ناهيك عن الغشولو أردنا أن نصف هذا المجتمع بكلمة مختصرة .فيما بينهمبسبب الفاحشة

حريات اآلخرين سلبمجتمع عرف الحياة عن طريق إنه : "فنقول ".وقتلهم، وبدل أن يبني جدار اإلنسانية فقد دمره من أساسه

ي حفر في ذهن أبناء العصر ذ هو الموروث الشعبي والتقليدي الإذا، هذاالجاهلي، وقد شكل مادة ال أخالقية للصراع المقبل مع المشروع األخالقي

.اإلسالمي الكبير

السابعالفصل

المستوى األخالقي عند الشعوب األوروبية

:الفصل السابع

لم يكن المجتمع األوروبي والغربي أحسن حاال من المجتمع العربي الجاهلي، فقد كان مجتمعا مليئا بالشرور والنوازع الجامحة نحو القتل

السيطرة، وهم يشتركون مع المجتمع العربي بصفة الجهل والجاهلية، فعندهم و .الكثير من العادات والتقاليد المخالفة لألخالق

يعتبر تعذيبهن بعد وفاة أزواجهن " الفيحان"فقد كانت زوجات رؤساء قبائل خلص إحدى هؤالء النساء من تعذيب قومها " وليامز"واجبا مقدسا، ويقال إن

، ولكنها هربت في الليل وعبرت النهر سباحة وقدمت نفسها لقومها لها .)١("وأصرت على إتمام عملية التضحية، وأنها قد هربت في ساعة ضعف منها

إن األخالق التي كان يعترف بها في أوروبا وأمريكا ": نتاويقول ديورهي األخالق المسيحية المسالمة، ولكن األخالق الفعلية هي األخالق

لعسكرية التي تعتمد على السلب والنهب التي استمدت منها الطبقات االحاكمة أخالقها في معظم أوروبا، فالعدوان والسلب والنهب والغدر والخيانة أمور مستباحة بين الشعوب المحاربة التي عودتها الحرب على

.)٢("هذه الصفات

.٤٨٩صوول ديورانت، قصة الفلسفة، ـ١ ٤٩٠صالمرجع نفسه، ـ٢

لقوس والنبل والرمح ولذا كان هنود أمريكا الشماليون يعتبرون أن استخدام اوالهرواة الحربية أسمى وظائف اإلنسان، واعتبروا األعمال الزراعية واآللية

.)١("أعماال منحطةوفي الدولة الرومية الشرقية، ذابت أسس الفضيلة، وانهارت دعائم األخالق، "

حتى صار الناس يفضلون العزوبة على الحياة الزوجية ليقضوا مآربهم في وكانت الرشوة والخيانة . العدل يباع ويساوم عليه مثل السلعوكان . حرية

وفي آخر القرن السادس وصلت الدولة في تدنيها .تناالن من األمة التشجيع .)٢("وهبوطها إلى آخر نقطة

لقد أطبق على أوروبا ليل ": "Robert Briffault"بريفولت روبرت "يقول ان هذا الليل يزداد ظالما حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر، وك

وسوادا، فقد كانت همجية ذلك العهد أشد هوال وأفظع من همجية العهد القديم، ألنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفنت، وقد انطمست معالم هذه الحضارة وزالت من الوجود، وقد كانت األقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها

الماضي، كإيطاليا وفرنسا، فريسة الدمار هذه الحضارة وبلغت أوجها في .)٣(والفوضى والخراب

وليس بعيدا عن هذا االنحالل الخلقي والتساقط القيمي، كانت اليهودية منغمسة من رأس هرمها إلى حضيضها بالفساد وسفك ) نية التلموديةيوالصه(

.المرجع نفسه، الموضع نفسه ـ١

.٤١صالندوي، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، مرجع سابق، ـ٢

.١٦٤ Robert Briffault: The Making of Humanity, p ـ٣

تصدق الدماء، فهي أمة لم تؤمن يوما بشيء اسمه قيم إنسانية وأخالق، ولم مبعوثا واحدا من رسل السماء، إنما عملت على قتلهم وآثرت عليهم عبادة

وقامت قواعد األوثان وجمع األموال والبنين، وأكبر جريمة أخالقية افتعلوها هي العنصرية الحادة التي ألغت الوجود البشري لجميع كيانهم الغاصب عليها

ارجين عن الدين اليهودي الشعوب حتى وصل بهم األمر إلى القول بأن الخ فما ذلك إال ،خنازير نجسة، وإذا كان غير اليهودي قد خلق على هيئة اإلنسان

.)١(" خلقت الدنيا ألجلهمالذينليكون الئقا لخدمة اليهود لذلك تراهم يربون اليهودي على روح الكراهية لآلخر، ألنهم أحق بالحياة

ـ زعمهممن غيرهم، وهم شعب اهللا المختار ـ على حد . عقيدة المسلمين وأخالق نبيهم بينها وبين أنظر إلى هذه العقيدة، وقارنها ، فترى مبدأ احترام اآلخر وحفظ ))(العظيمة وسيرة األئمة المعصومين

.ساشيئا مقدضمن الضوابط اإلسالمية حريته N: يقول اهللا تعالى في كتابه العزيز

M )ال فضل لعربي على أعجمي إال ": )-(، وقال النبي)٢

خ لك في الناس صنفان إما أ": لاق ،)A(وعن اإلمام علي .)٣("بالتقوى

.٦ئد اليهود والتلمود، ص، مركز المصطفى، عقا))(مكتبة أهل البيت ـ١ .١٣: الحجرات ـ٢

.٤٩٢ ص))(ـ السيد حسن الصدر، أخالق أهل البيت٣

.)١("الدين أو نظير لك في الخلقإنه منطق الحق الذي ينطق بعدل وحكمة، حيث لم يدع أحد من مؤسسي

أفضل األمم، وأننا خير منهم جزافا وعنادا، بل كانت هذه أنناالدين اإلسالمي رسالته خاتمة ، وألناألمة خير أمة أخرجت للناس ألنها أمة آخر األنبياء

، ولم تجعل العنصرية والتعصب وسفك الدماء طريقا للسلطة الرساالت ،إنما المعيار األخالقي المتسامي عندها هو المفاضلة بالتقوىووالحاكمية،

N: قال تعالى. والنهي عن المنكر،واألمر بالمعروف M)التعاليم اإلسالمية ، إال أن )٢

واألخالق العظيمة جعلت المعيار في المفاضلة هو التقوى، وهذا ما سنتحدث .تضاعيف األبحاث التاليةفي " تعالى"عنه إن شاء اهللا

..٦/٢٢١ـ الشهيد الثاني، شرح اللمعة، ١ .١١٠: ـ آل عمران٢

أبيض

الثامنالفصل

ات األخالقية اإلتجاه وحديثافي المجتمع الغربي قديما

:الفصل الثامن

تخذت المفاهيم األخالقية في المجتمع الغربي ثالثة أشكال، أو ثالثة إ

. مثلت معنى المثل العليا والحياة األخالقية،اتجاهاتلرحمة واللين من فضل ا)١()A("المسيح"و" بوذا"ما دعا إليه : األول

والمحبة التي تدعو إلى المساواة بين الناس، وتدفع الشر بالخير، وتعتبر الحب .هو الفضيلة، وتميل في السياسة إلى الديمقراطية المطلقة

من فضائل العنف والرجولة التي )٢("نيتشه"و" ماكيافيللي"ما دعا إليه : الثانيحرب والفتح والحكم، وتعتبر تدعو إلى عدم المساواة بين الناس، وتمجد ال

.)٣(القوة هي الفضيلة وتعظم االرستقراطية الوراثية في الحكمأخالق سقراط وأفالطون وأرسطو، التي تنكر إمكانية تطبيق النوعين : الثالث

األولين من األخالق تطبيقا شامال، وتعتقد أن العقل الناضج المثقف وحده هو وف المختلفة متى يجب أن يسود الحب، الذي يستطيع أن يحكم تبعا للظر

.)٤(ومتى ينبغي أن تتحكم القوة، فالفضيلة بنظر الفالسفة هي العقلات اختلفت في تفسير معنى الفضيلة، فقد دارت اإلتجاهوالنتيجة أن هذه

غير الئـق، وقـد ) وول ديورانت(غير موحد من الكاتب بين إنسان موحد وإنسانـ إن الجمع بين ١

. وأخالقه اإللهية مع كونه بوذيا ملحدا)%(تأثر األول بالنبي عيسىهما لجهة جمع بين . ألماني مشهور، مهد بآرائه إلى الفلسفة االنتهازيةفيلسوفـ ٢ .٢٢٥صديورانت، مرجع سابق، ـ٣ .ـ المرجع نفسه، الموضع نفسه٤

الحديث للفالسفة الغربيين اإلتجاهبين الحب والقوة والعقل، ولكن الملفت أن لتطرف حينما اعتبر أن ي القوة، جنح إلى أقصى االذي قال بأن الفضيلة ه

كلمة ال معنى لها وال رصيد، والفعل األخالقي مسبب عن سذاجة األخالقاإلنسان، واإلنسان العاقل ال يسعى لذلك وال يطلبه حثيثا، بل يحث الخطى وراء الملذات والشهوات، ذلك أنه ال يوجد في هذا العالم سوى اللذة

.)١(والمنفعة ويعلم ،النظام األخالقي يدعو الناس إلى الضعفإن )٢("سبينوزا"وبنظر

اإلنسان أن يكون ضعيفا، فهو ـ بحسب رأيه ـ نظام ال قيمة له وغير جدير باإلهتمام، فالفضيلة بنظره ليست سوى مجهود اإلنسان في االحتفاظ ببقائه،

.)٣( وجودهوسعادة اإلنسان تتألف من قوة اإلنسان على حماية، ألن "نيتشه" مثل مثله ال يؤمن بالتواضع"سبينوزا"فمن باب المثال، نجد أن وهي ،ق من جانب من له غرض، أو خجل ووجلالتواضع بنظره نفاق وتمل

الثاني القائل اإلتجاهمن صفات العبيد، وهو بهذه النظرة إلى األخالق يؤيد .بالقوة

لة القائمة على العاطفة ألنه يعتبرها فكرة ومن ناحية أخرى ينتقد فكرة الفضي .ناقصة، ألن العواطف متطرفة تمنع العقل من التفكير إال في موضع واحد

إن أساس االختالف بين هذه النظريات الفلسفية الحديثة واألخالق

.٢٢ص هـ، ١٤٢٤ى، ، بيروت، مؤسسة أم القر٢الشيخ مرتضى مطهري، فلسفة األخالق في اإلسالم، ط ـ١ .فيلسوف صوفي كبير، آمن بحق الشعب في الحكم ـ٢ .٢٢٨ص مرجع سابق،ديورانت، ـ٣

اإلسالمية، أن اإلسالم لم يطرح األخالق الحسنة من منطلق الضعف والحقارة، يم، كالتواضع مثال، داعيا لتكوين شخصية إنسانية حتى يصبح الخلق القو .مريضة ومنحطة نفسيا

وجعله المنطلق ،لكن اإلسالم جاء وأيقظ العقل البشري من سباته العميقاألساسي لفهم ماهية الوجود واإلرتباط بمبدأ التوحيد، وهذا بحد ذاته نقطة

المعرفة لتحصين هذه رتكاز عند اإلنسان، ودعا إلى زيادة العلم والقوة واإلالقوة المنيعة، ولم يفصل بين تكوين القوة واألخالق الفاضلة في شخصية

.اإلنسانلهذا، وانطالقا من هذا األساس القوي والواعي جدا، جاءت دعوة اإلسالم لإلنسان بأن يتعامل مع الناس باألخالق الحسنة وعدم االعتداء على أموالهم

حترام حرمات الناس وعدم التعدي على أمالكهم وأعراضهم ودمائهم، ألن االمادية والمعنوية، وكذلك عدم جرحهم، أو قتلهم، أو سبهم، أو شتمهم وسلب أموالهم، أو هتك أعراضهم، ليس إال قمة التسامح ومنتهى العقالنية،

يمثل قمة ـ مع القدرة على هتكها ـ إذ الحفاظ على الحدود والحرمات لغربيين الذين وليس كما ذهب إليه بعض ا،لفاضلةالشجاعة واألخالق ا .جتماعي فأطلقوا تلك المواقف المنافية للمروءة والعقلتأثروا بواقعهم اإل

فاألخالق ليست نقطة ضعف في الفلسفة اإلسالمية، إنما هي تعبير عظيم روا هذه القوة وقد أراد اهللا تعالى للبشر أن يسخ،عن مظاهر الرحمة اإللهية

. بعضهم، ال لقتل بعضهم البعضلخدمةومن جهة أخرى، ليست العاطفة دائما وراء األعمال األخالقية، كما في

في تلك : "، فإنها ـ برأيه ـ أفضل من األعمال الحسنة، وقد قال"بوذا"فلسفة الحسنات على اختالف أنواعها ال تبلغ سدس فضل المحبة التي تحرر القلب

ه المحبة تضمن سائر الحسنات، إن المحبة من شوائب الشر، ألن مثل هذتشرق نورا وبهاء، ترون األم تحيط بولدها حتى في األخطار التي تهدد حياتها، كذلك، يجب على كل إنسان أن يغرس في نفسه الحب العميق الصادق لسائر

.)١("الخلقصحيح أن اإلسالم أولى جانبا مهما للمحبة والتعاطف مع اآلخرين، لكن

قوم اإلنسان أحيانا ببعض األفعال نتيجة القناعة بحسن الخير وقبح قد ييقوم وأما الذي ، فيكون عمله أخالقيا وممدوحاالشر، بعيدا عن العاطفة

بالدفاع عن حقوق اآلخرين، أو يضحي من أجل تحصيل حق من الحقوق وحإنما هو عمل ممدوعمال أخالقيا، ه عملعتبر يفال من منطلق عاطفي

، فالعمل الممدوح أعم مطلقا من العمل األخالقي، وليس العكس، أي فقطيسمى أخالقا، ال ،المحبةبدافع أن كل عمل ممدوح كالقيام باألعمال

ولكنه ال يعد عمال أخالقيا، ورقة قلب األم ،فالفارس مثال يمدح على بسالتهاألعمال إنما تنبع من على ولدها ال تعد عمال أخالقيا، وذلك ألن مثل هذه

ختيار لمعيار فيه هو عنصر اإل فا،ا بالنسبة للعمل األخالقيأم"غريزة اإلنسان، اإلنسان بالمجاهدة والتربية، فاألخالق أوسع يحصلهاكتساب لملكات واإل

هي ليست و ،من دائرة المحبة والعاطفة والتضحية التي يقوم بها اإلنسان

.١٧٣ص، م١٩٧٢، مكتبة النهضة المصرية، ٣ أديان الهند، ط ـالشلبي، أحمد، مقارنة األديان .د ـ١

.)١("منطلقة من العاطفةتراثا عظيما من ) )(وآله األطهار) -( لهذه الرؤية، ترك الرسولوفقا

ألنه ليس األخالق اإللهية الجديرة بالدراسة واإلتباع والعمل بها قدر المستطاع، Nوذلك من باب كل ما يفعله أكابر الناس يستطيع أن يفعله غيرهم،

M )سنبحث عنه في الصفحات التالية، وهذا ما)٢ .

.٤٤ ـ ٤٣ص مطهري، مرجع سابق، :جعرا ـ١ .٢٨٦: البقرة ـ٢

التاسعالفصل

األخالق اإلسالمية

: الفصل التاسع

في الوقت الذي تخبطت فيه الشعوب الغربية في القرون الوسطى عامة، والمجتمع العربي الجاهلي ـ بشكل خاص ـ بعادات الجهل والضالل، وتمادت

واإلنحدار إلى أقصى حضيض مساوئ ،ق الخرافات والترهاتفي اعتنااألخالق ورذائل األفعال، جاء الدين اإلسالمي بشريعته السمحاء السهلة على

فاستفاق اإلنسان ،، كما يجيء الضوء إلى عتمة الظالم)-(يد الصادق األمينعلى طريقة جديدة من العيش حيث ال توجد امتيازات ألحد على أحد، وال

،ضل ألحد على أحد إال بالتقوى، وأصبحت التقوى رأس النظام اإلجتماعيف .)١("رئيس األخالق"كما ورد في األخبار أن التقوى

من ذلك الحين بدأ اإلنسان يعتاد على استعمال كلمة الخلق الحسن واألخالق الفاضلة، بعد أن كانت شبه منتفية في العصر الجاهلي، وال وجود لها

العربي، فلم يكن عندهم تربية منظمة، وال يوجد هدف في حياتهم في اللسان سوى المأكل والمشرب، ووسائل عيشهم لم ترتق إلى مبادئ إنسانية وقيم أخالقية، بل كان كافيا أن يحصل معاشه بشتى الطرق، حتى لو كان عن طريق

.فيها وال حرماتحالل اإلعتداء والسلب والظلم، إذ كانت الحياة ال حمل هذا و حصلت ثورة علمية وأخالقية، ،وحينما جاء الدين اإلسالمي

.٦٧/٢٨٤سابق، بحار األنوار، مصدر ـ١

مما ،الدين الحنيف مضامين علمية وأخالقية عالية إلى أمة الفصاحة والبالغة .جتماعية والعلمية إلى انقالب عظيم في المفاهيم اإلأدى

ية، والشيء المهم، أن اإلسالم انطلق من الجوانب كافة إلظهار القيم األخالقفلم يقتصر على الجانب العاطفي كما انطلقت منه األخالق الهندية أو المسيحية وغيرها، بل تعداه إلى الجوانب العقلية حيث استطاع أن يزكي

.المجتمع اإلسالمي في قوانينه ونظامه على مبدأ األخالق الساميةأمة من وفي الحقيقة، تعتبر العملية التربوية األخالقية حاجة ضرورية لكل

األمم، وهي ليست شيئا هامشيا أو شكليا تضيف حالة من الشكليات الخاوية التي ال نفع منها، أو أنها عبارة عن عادات وتقاليد وأعراف يقتصر عليها، إنما هي في عمق عقيدة اإلنسان المسلم على المستوى النظري، وفي ميدان تطبيق

الهدف ، فير عقول المسلمينوهي ليست شعارات تطرح لتخد. الفروع كافةمن طرحها تحويل األخالق إلى نظام حياة ومنهج واقعي، ولهذا كان

على إحياء اإلنسان ـ قبل الدعوة وبعدها ـ حريصا كل الحرص ) -(النبيبالقيم األخالقية والموازين العلمية، وقد صدح بصوت عال وواضح

إنما بعثت "):-(عنهو، )١("إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق "):-(بقوله لماذا بعثت يا رسول اهللا؟ لكان :وسأله) -(ولو كان أحدنا في زمنه ."بالتعليمإنني بعثت مصدقا لما بين يدي من الكتب السماوية ومتمما ): "-(جوابه

."لألخالق اإللهية وهاديا بالعلم والعملاألنبياء أحد ) -(على الرغم من كون النبيـ أنه وهو وثمة شيء آخر،

.١/٨٠٤ـ ميزان الحكمة، مصدر سابق، ١

، وهو الجامع لعلوم األولين واآلخرين، )١(األربعة الذين بعثوا بالسيفN: والممدوح على لسان رب العالمين بقوله تعالى

M)ة ولم ي،إال أن أخالقه العظيمة تجلت في قوته العسكرية والسياس)٢المشروع إنما سخر و ،يسخر األخالق لخدمة مشروعه السياسي والعسكري

وهذا هو الفارق بين القائد اإللهي ،السياسي والعسكري لخدمة األخالق اإللهية . والقائد المجرم الذي يدمر العالم من أجل مآربه ومشاريعه الشخصية

من تقلب األحوال، وشدة ) -(وأكبر دليل على ذلك ما مر على الرسول، لم تكن هذه نين غزوةشركين، وخوض أكثر من ثماالنزاع مع الكافرين والم

ت فيه األمور كلها مانعة وحاجبة من ظهور شخصية الرسول القدوة، حيث تجلاألخالق اإللهية العظيمة في مختلف الوقائع واألحوال، حتى حال االقتدار

.نتقام من أحد بغير حققتصاص واإل دون اإلحالوالسطوة، فإن قلبه الرحيم إن اهللا قد أذهب عنكم نخوة " ):-(ففي يوم فتح مكة، وبعد أن قال

إلى أن "... الجاهلية وتعظيمها اآلباء والناس من آدم وآدم من ترابخيرا، أخ كريم " :قالوا "ني فاعل بكم؟أيا معشر قريش، ما ترون " ):-(قال

.)٣("اذهبوا أنتم الطلقاء): "-(قال ،"وابن أخ كريم" سفانة"ابنة حاتم الطائي تجاه ) -(ومن تلك المواقف الشهيرة، ما بدر منه

إن اهللا اختـار مـن كـل شـيء أربعـة، واختـار مـن األنبيـاء للـسيف : )%(ـ قال اإلمام الكاظم ١

.٣/١٢٠، بحار األنوار، )-(ومحمد)%( وموسى)%( وداوود)%(إبراهيم .٤: القلم ـ٢ .٤/٨٧٠م، ١٩٦٣ط، القاهرة، ابن هشام الحميري، السيرة النبوية، ال ـ٣

فبعدما طلبت سفانة من . عندما وقعا في األسر بيد المسلمين" عدي"وأخيها هلك الوالد، وغاب الوافد، : اهللايا رسول: "إخالء سبيلها بقولها) -(النبي

، "عدي: "قالت" من وافدك؟: ")-(قال". فامنن علي، من اهللا عليكيا محمد : "، وفي اليوم الثالث قالت له..."الفار من اهللا ورسوله: ")-(قال

إن رأيت أن تخلي عنا، وال تشمت بنا أحياء العرب فإني ابنة سيد قومي، ، ويشبع الجائع، ويكسو )٢(ويفك العاني، )١(وإن أبي كان يحب الذمار

طالبالعاري، ويقري الضيف، ويطعم الطعام، ويفشي السالم، ولم يرد يا جارية هذه صفة المؤمن حقا، لو كان ): "-(فقال لها النبي". حاجة قط

أبوك مسلما لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم .)٣("األخالق

) -(وعلى غرار هذه المواقف األخالقية العظيمة، وفي وقت كان النبييخوض معركة بدر الكبرى دفاعا عن حياض اإلسالم وتأسيسا لمجتمع

منعة وسيادة، كان المنتظر منه ـ بعد أن حقق المسلمون انتصارهم إسالمي ذي المظفر، ووقع في أيديهم أسرى من المشركين ـ أن يحول مسألة األسرى إلى ،ورقة ضغط سياسية على مشركي قريش، أو يرجئ أمرهم إلى مهمات صعبة

ن لم يكن من المشركين عندهلكنه فعل شيئا لم يكن ببال أحد، وهو أنه م

.٣/٥٧٠، ١٩٧ابن كثير، السيرة النبوية، ال ط، بيروت، دار المعرفة، ـ١ .٣٧١ص ،مصدر سابقالفيروز أبادي، : جعما يلزمك حفظه ورعايته من قومك، را: الذمار ـ٢ .األسير: العاني ـ٣

.)١( لفداء علم عشرة من المسلمينل أوقية ونأربع

هدف إلى أمرين اثنين هذا الموقف بظاهره وأهدافه قد إن: تجلت أخالقه العظيمة في مختلف مواقف وطرق معالجته ) -(أنه: األول

لألمور، ولم تمل نفسه الطاهرة المعصومة إلى اإلنتقام من أعدائه مع ما له من عجاز اإللهي، بل أثبت للعالم كله، للصديق والعدو، أنه السطوة والعظمة واإل

).)(صاحب األخالق اإللهية التي ال يرتقي إليها أحد دون المعصومينأكد للمسلمين وللمشركين أنه لم يبعث فقط بالجانب األخالقي، : الثاني

إنما أيضا بعث بالجانب التعليمي الذي له دور كبير في تزكية النفس ووعظمت " تعالى"م بها، ألنه من اتسعت معرفته ازداد خوفه من اهللا واالهتما

.أخالقه وكمل عقلهعلى هذا األساس، يبرز األساس األخالقي كمؤثر كبير في التربية اإلسالمية، فالمفاهيم األخالقية كان لها دور أساسي في ترويج المبادئ اإلسالمية وتثبيت

.ي الجاهليدعائم اإلسالم في نفوس المجتمع العربخطواته األولى إلى قلوب المؤمنين ويمكن القول إن هذا الدين الحنيف شق

من صفات ومواقف أخالقية كانت محط ) -(بفضل ما تحلى به الرسولإكبار وتقدير عظيمين من قبل مجتمع يستغرب هكذا طبيعة فريدة ونادرة،

واإلسالمظلمة السابقة على عصر النور وفي مثل تلك البيئة الم. من هنا، ظهر الجانب الخلقي في رسالة اإلسالم ورسولها على درجة كبيرة من األهمية، وهو ال يقل أهمية عن ظهور الجانب الجهادي ـ الحربي ـ أو

.١/٢٨٧عيان الشيعة، تحقيق حسن األمين، بيروت، دار التعارف، أالسيد محسن األمين، ـ١

ة في بدايات نزول القرآن الكريم تناولتالجانب العلمي، فأغلب اآليات المكي يت عقيدة المسلمين، وحتى أن من أجل تثبالموضوعات العقائدية واألخالقية

وسورة الجمعة التزكية على التعليم، القرآن الكريم قدم في سورة آل عمرانN وذلك في قوله تعالى

M)١(، N تلوي منهوال مسر ينيي االمث فعي بالذ وه

عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي والسبب في ذلك أن هذا التحول النوعي من عصر مليء ، )٢(M مبينضالل

البد أن الخيرةباألخالق الذميمة إلى عصر العدل والعلم والمعرفة والحضارةء له بتزكية األنفس وتطهيرها من الرذائل والعادات السيئة، حتى تجد هذه يهي

.منينالمفاهيم السماوية الجديدة محال لها في قلوب المؤ لم يكن موضوع األخالق موضوعا هامشيا وثانويا في المبادئ ،لذلك

قد يعتقد البعض أنه يمثل الجانب األضعف من الدعوة إلى كما اإلسالمية، أو الصحيح أن السلوك األخالقي هو تعبير عن روح اإلسالم، إنما اهللا تعالى، و

ة، وليس انطالقا من ونابع من أسس اإليمان بالغيب، وقائم على منطق القو .الضعف واالنهزام

في كثير من المناسبات التاريخية ال يعبر عن تنازل ) -(فالذي صدر عن النبيـ قوة العقل والضميرـ إنما هو نابع من منطق القوة وأو تراجع تجاه الطرف اآلخر،

.١٦٤: ـ آل عمران ١ .٢: ـ الجمعة٢

.والرحمة باآلخرينابه، وعفوا عند ـ الذي ال ينطق عن الهوى ـ حليما عند استغض) -(فقد كان

تعالى وتقدست ـ وكفى ما قاله .. المقدرة، ومحبا ومتسامحا عند إيذائه .)١(NM) -( بحقه ـأسماؤه

وقد ،ومما ال شك فيه، أن تعاليم هذه المدرسة تركت آثارها عند المسلمينهرين حيث اقتفوا أثر وأهل بيته الطا)A(تجلت في مدرسة اإلمام علي

على شيء واحد، الرسول حذو القذة بالقذة، ولم تدل أفعالهم قبل أقوالهم إالنتوقف س وخزانة أسراره، ولمعرفة ذلك )-(هو أنهم حقا عيبة علم رسول اهللا

.في الصفحات التالية عند منهج األئمة األخالقي

.٤: ـ القلم١

العاشرالفصل

) )(حفظ األئمة بادئ األخالقيةللم

:الفصل العاشر(

بهذه الكيفية والطريقة الحسنة انتقلت تعاليم اإلسالم إلى األوصياء المعصومين الذين حفظوا هذه التعاليم وحرصوا عليها أشد الحرص ليبقى

.اإلسالم قائما على هذه القيم اإللهية واإلنسانية العظيمة) -(ـ آل بيت الرسول) )(ض له األئمة المعصومونلى الرغم مما تعروع

والتشنيع عليهم، ،ـ من محاوالت استقصائهم عن مكانتهم، واضطهادهم فإنهم لم يخرجوا بأعمالهم عن إطار هذه المبادئ ،وحبسهم في السجون

اإللهية السامية، فما صدر منهم لم يكن نتيجة شعورهم بضعف أو خوف، أو إنما كانت وا عن أنفسهم، أو شكال من أشكال التخفي عن أعدائهم، دفاع

أخالقهم نابعة من طبائعهم وجبلتهم، التي هي تعبير عن معارفهم وكنوز .علمهم وحقيقتهم

ومن غير المعقول والمتصور أن أشخاصا إلهيين أمثالهم زقوا العلم زقا، حقائقه الظاهرة والخفية، وجمعوا،وبقروا أسراره، وكشفوا مألوفه وغريبه

يغيب عنهم الترفع عن الجزئيات ، أروع الدروس التربوية واألخالقيةوجسدوا أن وأعلمهم بالحقيرة في عالقاتهم اإلجتماعية والسياسية، فهم من أرشد الناس

معرفته بالمبادئ وجب عليه أن تزداد اإلنسان كلما ازدادت معارفه وعلومه وقد بقيت آثار أفعالهم شاخصة . رعايته لآلخرينتعظيم واإلنسانية واألخالقية

الناس أثرها إلى يومنا هذا، وما ذلك إال لعظم قدرها يقتفيأمام عين التاريخ، .وندرتها

وأخالقه ) -(لعلم رسول اهللالحقيقيين وما يؤكد على كونهم الورثة ، )١(علمنا غابر" :في حق علمهم) A(العظيمة، قول اإلمام الصادق

، ونكت في القلوب، ونقر في األسماع، والجفر األحمر، والجفر )٢(زبوروم، إن عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج )&(األبيض، ومصحف فاطمة

.)٣("الناس إليهأمام هذه الحقائق، من المستحيل أن تكون سجاياهم وطبائعهم مثل سائر

قهم، وهم من ورد الناس، ألن العلم في مدرستهم يعني العمل، وعملهم أخالإن حسن الخلق يميث الخطيئة كما تميث الشمس : "قولهم) )(عنهم

وكذلك فإن . )٥("يذيب الذنوب كما يذيب الماء الملح"وإنه . )٤("الجليد .)٦("سوء الخلق يفسد اإليمان كما يفسد الخل العسل"

إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم ببسط ": قال) -(وعن النبي .)٧("سن الخلقالوجه وح

هذه هي مبادئهم التي تكشف حقيقتهم، وغوامض ذواتهم وكنه أفعالهم، وهم معصومون، يقولون ويفعلون، وأقوالهم وأفعالهم واحدة ال تتبدل وال

.علم بما كان:غابر ـ١ .علم بما سيكون: المزبور ـ٢ .٢٨٦ص هـ، ١٤٢٢، ١الطبرسي، أسرار اإلمامة، ط ـ٣ .٢/١٠٠أصول الكافي، ـ٤ .٧٨ص مصدر سابق،المامقاني، مرآة الرشاد، ـ٥ .١٠صالمرجع نفسه، ـ٦ .٢٦ي، مقدمة في علم األخالق، صـ السيد كمال الحيدر٧

رتتغي،وهم مختارون في ، من الدنس والخطايا"تعالى"رهم اهللا ولهذا طه N: قال تعالى. أمورهم

M)١(. ولهذا، ال يجد المرء مثيال لهم على اإلطالق، وعلى ضوء هذه السياسة الربانية أسسوا مبادئ علم األخالق الذي يستحيل أن ينفك عنهم ألنهم أكثر

قوا بأخالق تخل): "-(ل اهللالناس تخلقا بأخالق اهللا تعالى، طبقا لقول رسووذكر صاحب كتاب تأسيس علوم الشيعة أن أول مؤسس لعلم . )٢("اهللا

.)٣( )A(األخالق هو اإلمام علي وال يؤدي عنه إال ، هو شخص النبي)A(ومع أن شخصية األمير

ن نفس أفعال وأقوال إ، لكن في الحقيقة )-(، كما ورد عنه)٤()A(عليساء القواعد األخالقية والتربوية ـ رسة األولى في إكانت المدر) -(رسول اهللا

تقوية هذا )A(سابقا ـ ومن ثم أكمل أمير المؤمنينإلى ذلك أشرنا وقد )A(الجانب، وقد يكون السيد الصدر ناظرا في كالمه إلى كون اإلمام علي

مليئا بالشرور من الداخل، وحروبا كثيرة، انصبت ) -(عاصر زمنا بعد النبييه من أعداء متلبسين بثوب اإلسالم، فكانت الضرورة تقتضي إفراد هذا عل

العلم من خالل التوجيه األخالقي للمسلمين، أو التأكيد عليه عبر الخطابات

.٣٣: ـ األحزاب١ .٥٨/١٢٩بحار األنوار، مصدر سابق، ـ٢

.٤٠٤صالسيد حسن الصدر، تأسيس علوم الشيعة، دار الرائد العربي، ـ٣ .١٢/١٠كاشف الغطاء، كشف الغطاء، آل الشيخ جعفر ـ٤

.التبليغية والتعليمية للناس ليدل بذلك على أن نما نالحظه في نصوص نهج البالغة بشكل متكرروهذا

على الروحية نفسها التي عاشها مع رسول لم يبق ) -(المجتمع بعد النبي مما ينعكس على ،وهذه طبيعة الفتن التي تخلق جوا متوترا). -(اهللا

.سلوكيات األفراد بالتبدل واإلنحراف إلى تأسيس قواعد علم النحو والبالغة، )A(وهذا ما يشابه دعوة األمير

نه يدل على أن وهذا إن دل على شيء فإ. وتعليم الخط، وعلم الحالل والحرامويألفونها شيئا عليها الناس يتعود ثم ،العلوم تبدأ من مرحلتها األولى غريبة

وبالفعل كانت أفعال . فشيئا، وبعد ذلك، ترسى قواعدها وتصبح علما مستقال ألن القلة القليلة من كان يؤمن ،غريبة في مجتمعاتهم) )(واألئمة) -(النبي

بين ي قواعد اجتماعية أخالقية، يجب التعامل هالتربويةبأن هذه القواعد الناس على أساسها، ألنه كما يعتقد اليوم العديد من منظري الفكر الغربي أن )١(األخالق ال تعبر إال عن سذاجة اإلنسان، وال بد من إتباع سياسة البراغماتية

في كل شيء، كذلك كان في ذلك الزمان أشخاص وأقوام يعملون بالطريقة .انفسه

مع أول شخصية سعت إلى )A(فمن باب المثال، لو أخذنا مكاتبات األمير، لحصلنا على نتائج كبيرة في هذا "معاوية بن أبي سفيان"هدم أركان اإلسالم

على التمسك باألخالق السياسية عندما )A(المضمار، حيث حرص األميرولوال كراهية ،ال واهللا ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر): "A(قال

".الغاية تبرر الوسيلة: "ة المشهورةالسياسة النفعية التي ألجلها تبرر كل الوسائل، ومنها المقول ـ١

.)١("غدرة فجرة، وكل فجرة كفرةكل ولكن ،الغدر لكنت من أدهى الناسولكن قد ترى بعض المتفلسفين منحازين إلى سياسة معاوية بحجة أن

لم يعامل معاوية بالمثل، ولماذا لم يفعل كما فعل ذلك المتعدي )A(اإلمام على اإلسالم والمسلمين؟

الذي )A(ا أن يقال هذا الكالم بحق اإلمامفي الحقيقة، من المستهجن جدأرسى قواعد علمية أخالقية واجتماعية عظيمة، إذ نظر)A( فيها إلى اإلنسان

في واألدبقخلتنظرة مجردة عن كل االعتبارات ـ مثل ما ورد بحسن الإن الناس صنفان إما : " ـ فأمر باإلحسان إلى الناس، وقال)٢(مجالسة اليهودي

: )A(، أو كما ورد عن الصادق)٣("لك في الدين أو نظير لك في الخلقأخ .)٤("أال تفتش الناس عن أديانهم فتبقى بال صديق"

مع الخوارج بعدما )A(ويمكن االستشهاد على هذا األمر بما فعله األميرخرجوا عن طاعته وقبل إهالكهم في معركة النهروان، لم يمنعهم من دخول

مهم من حقوقهم المالية وغير ذلك مع علمه أنهم أعداؤه المسجد، ولم يحر .األلداء

هو العدل وفهذا يشكف عن أساس جوهري في األخالق السياسية والذين ،واإلنصاف، فاإلمام ليس من الذين يبرون حاشيتهم والمقربين إليهم

.٩٩ابن شعبة الحراني، تحف العقول، ص ـ١

ـ صانع المنافق ب ": )%(عن أبي جعفر ـ٢ ، وإن جالـسك يهـودي وأخلـص ودك للمـؤمن سانك، ل .٢/٦٠، مستدرك وسائل الشيعة، "فأحسن مجالسته

.٣/٩٩نهج البالغة، ـ٣ .٣٦٩تحف العقول، مصدر سابق، ص ـ٤

الذي و": يصفقون لهم ويتخمونهم شعرا ومدحا، حاشا وكال، بل هو الذي قال في نملة أن أسلبها النسمة لو ملكت األقاليم السبع على أن أعصي اهللابرأ

.)١("شعيرة ما فعلت) ةقشر(جلب ال قرابة فيه، ومنحه ال حدود له، وهذا هو المنهج ) A( كان عطاؤه،لذا

الذي أرساه األئمة من بعده، وتأسى به علماء اإلمامية وساروا على هديه، من طبائعهم وسالئقهم دون تصنع أو جزءوورثوه بوعي وحكمة حتى أصبح

.مكابرة أو مداهنةفي األزمنة المختلفة ـ والتي اتخذت منهجا ) )(وانطالقا من سيرة األئمة

يمكننا منهجة الحديث عن سجاياهم ،واحدا مع تعدد ظروفهم واختالفها ـة واالقتصادية يمالخلقية الرائدة وفقا لتعدد مواقفهم السياسية واالجتماعية والعل

.وغيرهاففي جميع األماكن، في المساجد، واألسواق، ومجالس المؤمنين، واألسفار، وساحات الجهاد، برزت أخالقهم كدروس تربوية متناسقة تركت أثرها في

مثاال أعلى وأسوة حسنة يحتذى بها، يندر أفعال المؤمنين ألنها كانت وستظل .أن تتكرر في كل زمان ومكان

أهم الخصائص التربوية في سلوكياتهم األخالقية هو اعتمادهم بشكل ومن كبير على الجانب العملي، وتوجيه الناس باألفعال ال باألقوال فقط، فقد

كونوا دعاة للناس : " قولهم)صلوات اهللا عليهم أجمعين(اشتهر عنهم

.٢/٢١٨ لبالغة،ـ نهج ا١

، وقد )١("بالخير بغير ألسنتكم حتى يروا منكم اإلجتهاد والصدق والورع ،جسدوا هذه المقولة خير تجسيد بقاعدة عظيمة ال يتحملها إال ملك مقرب

عدة قاأو نبي مرسل، أو وصي، أو مؤمن امتحن اهللا قلبه باإليمان، وهذه ، وهي ))(هموطبقها، ثم جرت على ألسنتهم كل) -(سنها رسول اهللا

يا علي مكارم): " -(تعرف بقاعدة مكارم األخالق، فقد قال رسول اهللاأن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من : األخالق ثالثة

، وهي من أهم قواعد األخالق اإللهية حيث عملوا بأخالق اهللا، )٢("قطعكوالوجه في ذلك أن اهللا تعالى يقابل المنع بالعطاء، والشر بالخير، والتبغض

ولهذا . الكرمبالتودد، والغفلة بالذكر، واإلعراض باإلجابة، والبخل بالجود و باإلحسان، اإلساءةكان األئمة في مضامين أدعيتهم يعلمون الناس مقابلة

يقابلونها كثيرا ما النعم التي ينزلها اهللا عليهم فإنهم وبرغم ويذكرونهم أنه في دعاء )A(اإلمام زين العابدينوذلك كما جاء على لسان . باإلساءة .)٣(" إليك صاعدشرناوخيرك إلينا نازل إلهي : "السحر

تتحبب إلي " ):.(فتتاح المروي عن اإلمام المهديوفي دعاء اإليقول اإلمام في موضع آخر و ،)٤("فأتبغض إليك، وتتودد إلي فال أقبل منك

ويا من هو على المقبلين عليه بالذكر مقبل، " :)A(زين العابدين

.٢/١٥٥الشيخ الكليني، أصول الكافي، باب الورع، ـ١ .٨/٣١٩اني، شرح أصول الكافي، رـ المازند٢ .٥٨٧صالشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ـ٣ .١/٣٢٧ابن طاووس، إقبال األعمال، ـ٤

ه يعلمنا أن فهذا كل ".وبالعطف عليهم عائد، وعلى الغافلين رحيم رؤوف .مجال الرحمة وسعتها أوسع بكثير مما نعتقد ونتصور

سماء تمطر ماءها وتنزل الولو تأملنا في آيات اهللا تعالى الكونية لرأينا أن والذاكر والغافل دون استثناء، ألن مقتضى رحمته ،خيرها على البار والفاجر

سعة، ألن المنع من يمنع خلقه من نعمه الواوأخالقه القدسية أال" عز وجل" المطلق الذي ال يفقره عطاؤه ورزقه، وال يزيده الغنيشيم الناقصين، وهو

في سيرة ه نجدوهذا ما. غنى، وهو غني ال يفتقر تقربا إليهإنفاق الباذلين، "عز وجل"هم بأخالق ربإذ عملوا ، ـ وهم الكمل بأخالقهم ـ، ))(األئمةمحب لهم فرز الناس بين أساس علىيقدموا خدمات إجتماعيةلم و

على أساس أن هذا األمر هو مطابق بذلوا وأنفقوا ما بأيديهمما إن،ومبغض، وهذا ما يريدونه من أهل العلم الربانيين خاصة، ومن "عز وجل"لفعل اهللا قابل اإلساءة بالحلم، والمنع بالبذل، والقطيعة بالسالم أن توهو ،الناس عامةمور العجيبة في زمننا أن بعض الناس يبخلون حتى ومن األ. والتواصل

لقون التحية اإلسالمية إال بالسالم ـ الذي هو عبارة عن صيغة دعاء ـ فال ي فكيف ينتظر من أمثال هؤالء الذين ،على من يعرفونه أو يميلون إليه

يشعرون بعقد النقص في نفوسهم واإلنهزام أن يبادروا إلى شيء أعظم من ... م في وجه المؤمن والصلة بعد القطيعة واإلعطاء بعد المنعتبسالسالم وال

أين أخالق اهللا وأوليائه؟ . بصلةالعلم الذي ال يمت إلى األعمىه الجهلإنيفهمون األخالق بطريق معاكسة للمدرسة الذين مع وهل يستوي أولئك

اإلسالمية؟ أين الثرى من الثريا؟

إليه، أنه لمن الخطأ الجسيم أن والشيء المهم الذي يجب أن نلتفتإلى تعاليم اإلسالم، فنكون قد وأهواءنا النفسية ندخل حساباتنا الشخصانية

فاإلسالم يدعو إلى التزكية ،ضللنا ضالال بعيدا، وخسرنا خسرانا مبيناحن ، ون)١(NMوالتهذيب ومخالفة الهوى

بتلك الحسابات نشرع أحكاما جديدة بعرض أحكام اإلسالم، حتى يصل أنهم التزموا بمبدأ سماوي ال تطاله واألمر ببعض الناس إلى نسيان أنفسهم

فكيف يجمعون بين هذا وذاك؟ ،األيدي وال االجتهادات الشخصيةرون شيعتهم على أن يجعلوا أخالقلهذا نبسببا هم ه األئمة المعصومون المطهكونوا زينا ): ")(، لذلك ورد عنهم))( أئمتهم أخالقالناس عنلحديث

وا إلينا كل ضونا، جرلنا وال تكونوا شينا علينا، حببونا إلى الناس وال تبغوفي رواية أخرى، يقول اإلمام . )٢("مودة وادفعوا عنا كل قبيح

حم اهللا جعفر بن وال تكونوا شينا علينا، حتى يقولوا عنا ر": )A(الصادقN: يقول"تعالى"، واهللا )٣("محمد فقد أدب أصحابهM )أي مع العترة الطاهرة المطهرة)٤ ،.

الحسن ": للشقراني لشربه الخمر، قال له)A(وفي توبيخ اإلمام الصادق وإن القبيح من كل أحد ، وإنه منك أحسن لمكانك منا،من كل أحد حسن

.٢٦: ص ـ١ .٣٥٦، ص)%(ـ علي بن بابويه، فقه الرضا٢

.٧٥/٣٤٨وار، العالمة المجلسي، بحار األن ـ٣ .١١٩: التوبة ـ٤

.)١(" وإنه منك أقبح،قبيح وأهل بيته الطاهرين سنجد أن )-( جلنا في سيرة النبي األكرموكيفما

سجاياهم األخالقية هي ملكات نفسانية تشع نورا وهداية على كل من يدور .وهذا ما سنالحظه في الفصل التالي. في فلكهم

.٣٥٦؛ درر األخبار، ص٤١/٣٤٩العالمة المجلسي، بحار األنوار، ـ١

يضأب

الحادي عشرالفصل

من األخالقي))( تراث األئمة

: الفصل الحادي عشر

( رأينا من المناسب أن ،في السلوكيات الخلقية) )(وفقا لمنهجية األئمة

وإن كانت ـ ، وهي ))(نتوقف عند بعض التطبيقات التي صدرت منهمد لتكون معينا وعونا ألنفسنا إبراز بعض الشواهمنها المقصد أن إال ـكثيرةتذكر دائما أن أشرف خلق اهللا وأطهرهم لم يقفوا عند حدود وحواجز تتعلق نل

. بل تعدوها لتكون أفعالهم وأخالقهم حجة على العالمين،بأمورهم الشخصيةعن بعضها تختلف ) )(وفي البداية ال بد من التذكير أن أزمنة األئمة

من جهة طول فترة إمامة كل إمام، وظروف حياته السياسية ،البعض) )( على سبيل المثال هو أكثر األئمة)A(واالجتماعية، فاإلمام الصادق

عاما، في مقابل بعضهم )٣٤(الذين دامت إمامتهم حيث بقيت إمامته أكثر من اإلمام عاما، أو )٢٥( الذي استشهد وهو ابن )A(كاإلمام الجواد

. عاما)٢٨(استشهد وهو ابن الذي )A(العسكريلها دخالة في إبراز أكبر قدر ممكن من وسائر الظروف األخرى فطول الفترة

مما ، ولهذا نجد أن ما ورد عن بعض األئمة هو أكثر )A(معالم شخصية اإلمام، وما ذلك إال للظروف التاريخية التي أحاطت بكل إمام ورد عن البعض اآلخر

على حدة، وال يعني هذا أن أخالق بعضهم بلغت كماال أكثر من البعض اآلخر، لهم إلى آخرهم مارسوا األخالق اإللهية إلى درجة يصعب بل جميعهم من أو

إال أن ،من سنخية واحدة، وشجرة واحدة) )(معها تمييز إمام عن آخر، ألنهم .كثر من إمام آخراختالف الظروف هو الذي سبب وصول شيء إلينا عن إمام أ

في أعماق بحار كنوز يغوص حينما أنه من الدواعي التي تسر الباحث والتي يعجز األخالقية المواقف واألفعال بثروة غنية يكتشف أنه ) )(األئمة

أنها تبقى مدرسة خالدة سوىها شيئا اللسان عن وصفها، وال يمكن القول بحق .قتداء بها وجعلها منهج حياة، عسى أن نوفق لإل اإلنسانيفي السلوك

مع قادة )A(أولى طالئع تلك األخالق العلوية أنه بينما كان اإلمام عليجيشه في معركة صفين يون خطط الحرب دخل عليهم أعرابي، وإذ به عد

لما سمع بعض القادة اهللا واحد؟ نإ هل تقول: " بالسؤال)A(يبادر اإلماملصعبة، اندفع لتوبيخه أو ضربه اعتقادا منه هذا السؤال وفي مثل هذه الظروف ادعوه فإن الذي يريده األعرابي : ")A(أن السائل يهزأ بهم، عندها قال اإلمام

مة أخالقية يلقد مثل هذا الموقف العظيم ق. )١("هو الذي نريده من القومإنما استغل سؤاله و ولم ينزعج من هكذا متطفل، )A(إلهية، إذ لم يغضب

ام أعين القادة وينبههم على أنهم يقاتلون أعداءهم ألجل هذا الهدف، ليضعه أمومن مواقفه . ونفي الشرك عنه" عز وجل"وهو دعوة الناس إلى توحيد اهللا

األشتر ا ما أوصى به مالك،التي تكشف عن القمة اإلنسانية واألخالقية العاليةريا تغتنم أكلهم وال تكونن عليهم سبعا ضا: "حينما جعله واليا على مصر

إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، ،صنفان - الناسـفإنهم فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك اهللا من عفوه

. )٢("وصفحه

.٦الشيخ الصدوق، معاني األخبار، ص ـ١ .٣/٨٤ مصدر سابق،ـ نهج البالغة،٢

إلى مقابلة الخطأ بالعفو كما يحب أن يقابله اهللا تعالى )A(لقد دعاه اإلمام .بالعفو والصفح

د على احترام اإلنسان ألخيه أنه أك)A(ام عليوالمالحظ في أخالق اإلم ،)١("كونوا عباد اهللا إخوانا: ")A(اإلنسان، وحفظ حرية اآلخرين، قال

.)٢(" أم كرهاإلنسان أخ اإلنسان أحب": أيضا)A(ويقول يمكن مالحظتها في ،ولشدة تأثير هذه التربية األخالقية على أصحابه

لى سبيل المثال، ما حصل مع مالك األشتر تصرفاتهم ومواقفهم من الناس، وعالنخعي حينما رماه رجل في السوق بالطين على رأسه، فقد مشى هذا الصحابي الجليل قدما ولم يلتفت وراءه، ولما رأى الناس فعل الرجل، قالوا له

فأسرع الرجل يطلب مالكا ،إنه مالك: ال، قالوا: أتعرف من رميت؟ قال فإذ به يجد هذا الصحابي الجليل ـ وهو خيط من عتذار والصفح عنه،لإل

ـ يصلي في المسجد ويدعو حتى يعفو اهللا عن )A(شمس أمير المؤمنين وهي من ،ها من روائع األخالقإن .)٣(الرجل، فأخذ يطلب المسامحة من مالك

. ضوءا منيرا في سماء اإلنسانيةالذي يعدA( (نهج اإلمام علي في العدل والقضاء )A(قيات أمير المؤمنينثم تعال وانظر إلى أخال

متهمة ه في والية عمر أتي بامرأة حامل وي أنر، فقد واة بين الناسوالمسافسألها عمر، فاعترفت بالفجور، فأمر بها أن ترجم، فلقيها أمير بالفاحشة،

.٣٩٣ـ السيد محمد تقي الحكيم، األصول العامة للفقه المقارن، ص١ .٢١٥ ـ ١١٣ص، م٢٠٠٨، بيروت، دار السالم، ١٠صدقاء، طالسيد الحيدري، كيف تكسب األ: راجعـ ٢ .٤٢٨ ـ ٣٤٢صرضا علوي سيد أحمد، فن التعامل مع الناس، دار البيان العربي، : ـ راجع٣

أمر بها عمر أن ترجم، فردها : ما بال هذه؟ فقالوا: ، فقال)A(المؤمنين علينعم، اعترفت عندي : أمرت بها أن ترجم؟ فقال: ، فقال لعمر)A(اإلمام

: فما سلطانك على ما في بطنها؟ ثم قال له،هذا سلطانك عليها: بالفجور، فقالما سمعت رسول أو: قد كان كذلك، قال: تها؟ فقالفلعلك انتهرتها أو أخف

نه من قيدت أو حبست إال حد على معترف بعد بالء، ": يقول) -(اهللاعجزت النساء أن تلد :وتهددت فال إقرار له، فخلى عمر سبيلها ثم قال

.)١("مثل علي بن أبي طالب، لوال علي لهلك عمرمن هذا الموقف النبيل والرفيع يتضح لنا أنه مهما كان لإلنسان من سلطان أو

ى حدود األخالق والعدالة، وما خطه وسنه أمير عليه أال يتعد،سطوة . بأخالقه المهنية ال وجود له على وجه األرض)A(المؤمنين

ل من أسس علم ـ كما ذكرنا سابقا ـ هو أوA((وعليه، فإن اإلمام عليأن كتابه " الشيعة وفنون اإلسالم" وقد ذكر السيد الصدر في كتابه .األخالق

.)٢( يعتبر الصحيفة األولى لعلم األخالق)A(لحسن المجتبىالولده دون استثناء، فولده ) )(والت أفعال األئمة المعصومينوعلى هذا المبدأ، توأبيه ) -( أحد من الشرف بعد رسول اهللاغما بل )A(اإلمام الحسن المجتبى

أنه مر يوما بفقراء وضعوا كسيرات وروي .)A(مثلما بلغه الحسن بن عليهلم يا ابن رسول : "على األرض، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها، فقالوا له

إن اهللا ال يحب المستكبرين، وجعل يأكل : فنزل وقال، إلى الغذاء)-(اهللا

.٢٧ص، ١٩٤٧، )%(القمي، عجائب أحكام أمير المؤمنين ـ١

.٨٢ص، ١٩٧٦، مطبوعات النجاح بالقاهرة، ٤السيد حسن الصدر، الشيعة وفنون اإلسالم، ط ـ٢

، ثم دعاهم إلى ضيافته )A(معهم حتى اكتفوا والزاد على حاله ببركته .)١("وأطعمهم وكساهمجد فيها أعطوه ما في الخزانة، فوA(" :(فقال أعرابي، هوروي أنه جاء

يا موالي أال تركتني أبوح : عشرون ألف درهم، فدفعت إليه، فقال األعرابي : يقول)A(، فأنشأ الحسن)٢("بحاجتي، وأنشر مدحتي

نحـــن أنـــاس نوالنـــا خـــضل

ــل ــاء واألمــ ــه الرجــ ــع فيــ يرتــ

ــسنا ت ــسؤال أنفـ ــل الـ ــود قبـ جـ

ــسل ــن ي ــاء الوجــه م ــى م ــا عل خوف

أين المدعون الذين ينفقون أموالهم ثم ال يتركون مناسبة أو مجلسا إال : أقوله مقدار ما أنفقوا وبذلوا حتى ال يبقى ماء وال دم وال لحم وال عظم وأشاعوا في

في بدن السائل إال ويذهب من ذل المنة، أين هؤالء من أئمة الكرم والجود Nالذين M)٣(.

)A(وليس بعيدا عن هذه الطبائع المدهشة والراقية، نرى اإلمام الحسين طعاما ونقودا إلى منازل امملوءكيف كان يحمل في دجى الليل جرابا

أما : "بقوله" معاوية بن أبي سفيان"األرامل واليتامى، حتى شهد له بذلك ام من قتل مع أبيه بصفين، فإن بقي شيء تحر به الحسين، فيبدأ بأيت

.٤٣/٣٥٢ـ بحار األنوار، مصدر سابق، ١

.٢٩ص، م١٩٩٧ الشيخ الكبير راضي آل ياسي، صلح الحسن، مؤسسة النعمان،: جعـ را٢ .٩ـ٨: ـ اإلنسان٣

.)١("الجذور وسقى به اللبن )٢("الحر بن يزيد الرياحي"ومن مواقفه العظيمة ما فعله من معروف مع

فمن المعلوم أن الحر في بداية . وعسكره حينما كان متوجها إلى أرض الطفلحر ومن معه ، ومع ذلك لما جعجع ا)A(األمر لم يكن مناصرا للحسين

سقاية الحر )A( وأهله وأوقفوهم عن المسير، أمر الحسين)A(بالحسين، وقد دار )A(وجيشه األموي الماء على الرغم من كونهم أعداء لإلمام

أن )A(حديث طويل بين اإلمام والحر لم يصال بعده إلى نتيجة، وأبى اإلمام نهاية األمر عاد الحر إلى لكن في .)٣( ابن أبيهيستسلم ليزيد بن معاوية وزياد

.)A(رشده وهداه اهللا إلى الحق حتى استشهد مع اإلمام الحسينهذا غيض من فيض أخالقهم اإللهية، وبهذه الطريقة يتميز أولياء اهللا وحججهم عن سائر العباد بأفعالهم النادرة وغير المعهودة في تعامل البشر مع

.بعضهم البعض

.٤٠ص، )%(أعالم الهداية، اإلمام الحسين ـ١ .١/٨٤ـ مقتل أبي محنف، الطبري، ٢ .٤١/٣٠١نوار، ؛ بحار األ٨/٢٥١ـ شرح أصول الكافي، المازندراني، ٣

أبيض

الثاني عشرل الفص

مكارم األخالق وأدعية )%( اإلمام زين العابدين

: الفصل الثاني عشر

)A(

ار ابن اإلمام سعلى هذه الطريقة من اإلبداع الخالق للقيم اإلنسانية ل سيد الساجدين، وهو من قي)A( اإلمام زين العابدين)A(الحسين

أنت أبر الناس وال نراك تؤاكل أمك ـ بمعنى ال تأكل معها ـ : ")A(لهأخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه فأكون قد : )A(قال

.)١("عققتها في مجتمع كان قد امتأل ها ؤضوهذا مثال على كرمه وأخالقه التي شع

الدعائية المعروفة ظهرت مكارم أخالقه العالية من خالل مدرسته بالفساد، وقد كانت طريقا أوحديا لتهذيب النفس، حتى أصبحت بالصحيفة السجادية، حيث

، بحيث ال )٢(من خصوصيات المسلمين الشيعة المميزة والفريدة عبر التاريخعن ورد شيئا مثل ما نجد عند باقي المسلمين من كنوز األدعية الربانية

).'(لي بن الحسين وبخاصة اإلمام السجاد ع،))(المعصومين مرحلة جديدة من مراحل التربية السلوكية )A(وتعتبر أدعية اإلمام السجاد

)A(واألخالقية بعد الخطاب التأسيسي لعلم األخالق الذي أبرزه اإلمام علي

.٥١٨الشيخ الصدوق، الخصال، ص ـ١ .ـ بتصرف١٢٧صـ الشيخ المظفر، عقائد اإلمامية، ٢

وقد تضمنت أرقى ،)A(في خطبة البيان، والتي وجهها لولده الحسن .)١( جديرة بأن تكتب بماء الذهبنهاإالمبادئ األخالقية، وأقل ما يقال بحقها

ستطاع إوفي وقت عصفت بالمجتمع اإلسالمي رياح االنحراف، " أن ينشر من خالل الدعاء جوا ـبما أوتي من هذه المواهبـ )A(اإلمام

يساهم في تثبيت اإلنسان المسلم عندما تعصف ،روحيا في المجتمع اإلسالميه األرض إليها، وتأكيد ما نشأ عليه من وشده إلى ربه حينما تجر،به المغريات .)٢("قيم روحية

فهي لقوة مضامينها الروحية ،)A(وإذا أردنا أن نصنف آثار اإلمام السجادنا إلى المستند األول الذي بقي بين أيديباعتبارهاتبقى رائدة في عالم األخالق،

.يومنا هذاد على ضرورة كان يؤك كما )A( اإلمام إلى أنإلفات النظروهنا ال بد من

حكام الحالل والحرام، كان في أل تهمرفومعبدينهم الشيعة المسلمين ه أبناء تفقني بتوجيه النفس إلى سبيل نجاتهايعت االوقت عينه يضع منهجا تربوي.

مضافا إلى الصحيفة السجادية، ترك اإلمام أثرا عظيما في حقوق النفس . ا في التربية األخالقية، وقد عرفت برسالة الحقوقاإلنسانية يعد مصدرا أساسي

، وقد حوت على ميزان أخالقي ال مثيل لهوهذه الرسالة هي في الحقيقة فريد يبين حق النفس والبدن دستورعلى من الحقوق، واخمسين حق

.، والرعية، وذوي الرحم وغير ذلكواألفعال، واألئمة

.ـ ولألسف لم يسلم سندها من الضعف الرجالي١ .١٥ص، ١٩٩٥السيد الشهيد محمد باقر الصدر، من مقدمة الصحيفة السجادية، دار التيار الجديد، ـ ١

حق أعضاء البدن، فجعل )A(امومن جملة الحقوق التي عالجها اإلمولو ... للسان حقا، ولألذن حقا، وللعين حقا، وللبطن حقا، وللرجلين حقا، و

وأما حق اللسان : ")A(قالنجده قد أخذنا حق اللسان على سبيل المثال، )٢( وحمله على األدب، وإجمامه،، وتعويده على الخير)١(فإكرامه عن الخنى

نفعة للدين والدنيا، وإعفاؤه عن الفضول الشنيعة إال لموضع الحاجة والم .)٣("القليلة الفائدة التي ال يؤمن ضررها مع قلة عائدتها

،أن رجال افترى عليه وبالغ في سبه: )A(ومما روي عن حياتهإن كنا كما قلت فنستغفر اهللا، وإن لم نكن كما قلت فغفر : " له)A(فقال

".اهللا لكنما نراه يقول ويفعل، وهذا هو أكثر ما يحتاج إليه ما أروع هذا اإلمام حي

. السالك إلى اهللا تعالىالمؤمنكيف قابلوا اإلساءة ) )(وهذا موضع جديد نستشهد به على أن األئمة

. على خطأأنهمع الحكمة العالية في إشعار الغير ، المحبةالبغض ببالحلم، و، لكنا أقمنا )A( اإلماموالحق يقال، إنها لو حدثت لنا حادثة شبيهة لحادثة

ا، وكيف يمكن السكوت عن ذلك؟الدنيا ولم نقعدها، بذريعة أننا أهنحسن لنفسهحسنلكن الحقيقة، أن الذي يسيء ومن ، يكما قال فلهاي ،

.الفحش من الكالم: الخنى ـ١ قطعه عن الكالم: مامهإج ـ٢ .٢٥٥صاني، تحف العقول، الحر ـ٣

.)١( NM" تعالى"ر عن هذا اإلمام العظيم أنه كان كثير الكرم والسخاء، ومن المعروف والمتوات

حتى قيل إنه كان يعول أكثر من مائة عائلة وبيت سرا، وروي عن .)٢( أنه كان يعول سبعين بيتا)A(الصادق

عالية تجعل له شأنا إذا وصل إلى مراتب ه السالك إلى ربلذلك، فإن اإلنسان بل يزيده ،مستضعفين والفقراء من الناسالمن تفقد ذلك ال يمنعه،الشأنمن

بآالم وأوجاع الفقراء واأليتام؟استحسذلك على طالب العلم أن يلتفت إلى أن األعراف وتقاليد الناس ليست دائما لذا،

على حق، ومن الخطأ أن يجعلها قدوة للعمل ومرآة لقضاء حوائج الناس، بل بحق أصحاب الحاجة كان فضيلة ) )(عليه أن يلتفت إلى أن ما فعله األئمة

ولم يزدهم ذلك إال ارتقاء، ألنهم لم ينطلقوا في أفعالهم يوما ما ،ومنقبة عظيمةلجلب رضا زيد أو عمرو، بل إنهم لم يقيموا ألحد وزنا إال لعلمه وتقواه،

مراحل بعد طيوخصوصافلماذا ال نبادر إلى الجمع بين العلم والعمل؟ يستطيع طالب العلم حينها أن يجمع بين حقوق نفسه دراسية معتد بها،

فال اإلفراط وتضييع الوقت صحيح، وال التفريط . وحقوق أهل العوز والحاجةإنما خير األمور أوسطها، بشرط أن ال ووالالمباالة بأحوال الناس أيضا صحيح، . وبرامجه العباديةيكون ذلك على حساب تحصيله العلمي

، نرى من المناسب جدا )A(ن اإلمام زين العابدينوفي سياق الحديث ع

.٧: اإلسراء ـ١ .٦/٢٨، أعالم الهداية، ٢٨٩/ ٢؛ كشف الغمة، ١٦٦/ ٤مناقب آل أبي طالب، : راجع ـ٢

أن يصاحب طالب العلم الصحيفة السجادية ويجعلها وسيلة لتهذيب النفس، قلما نجد دعاء من ، وعلى أي حال.وبشكل خاص قراءة دعاء مكارم األخالق

تذكير بحسن األدب، وترويض النفس باألخالق وفيهأدعيته الشريفة إالجاوز عن المسيئين، إنها بحق عالمة فارقة في الحياة اإلنسانية والتالفاضلة،

.ألنها من أصدق مضامين الرحمة اإللهيةاألخالقية، سنتوقف في الفصل ) )(ولمعرفة المزيد من مآثر مدرسة األئمة

.التالي عند شواهد إضافية من خلقياتهم الخالدة

الثالث عشرالفصل

المنهج األخالقي عند ))( بقية األئمة المعصومين

: الفصل الثالث عشر

( ر التي إذا طالعها اإلنسان طه-سة الشريفة المقد) )(عند تتبع سيرة األئمة

ي تواصل ال نرى انقطاعا بين إمام وآخر ف- نفسه من الضغائن ولواقح الفتند الفاعلين إنما نرى عمال أخالقيا واحدا، مع تعدوسياستهم الرحيمة والعادلة،

.له الذي سبه ،ذاك الرجل) A(وكنا قد ذكرنا سابقا كيف قابل اإلمام السجاد

).)( بمكارم األخالق، وهذا ما نالحظه في باقي األئمة األطهار،وشتمهكان عظيم الحلم إلى حد ال يقدر ) عفرأبا ج) (A(فقد روي أن اإلمام الباقر

. بعد جهد عظيماإلنسان أن يقوم بذلك الدور إالواعتدى عليه، وخاطبه بمرA ( (يقال إن رجال كتابيا هاجم اإلمام الباقر"

، وقابله ببسمات طافحة بالمروءة )A(أنت بقر، فلطف به اإلمام: القولأنت : "قائال) A( يهاجم اإلمام، وراح الرجل الكتابي"ال أنا باقر: "قائال

ذاك " بل قال له ،، فتبسم اإلمام، ولم يثره هذا االعتداء"ابن الطباخةأنت ابن : "، ولم ينته الكتابي عن غيه، وإنما راح يهاجم اإلمام قائال"حرفتها

، وإنما قابله باللطف )A( ولم يغضب اإلمام،"السوداء الزنجية البذية ".غفر اهللا لها، وإن كذبت غفر اهللا لكإن كنت صدقت : "قائال

التي ضارعت أخالق ) A(هنا بهت الكتابي، وانبهر من أخالق اإلمام

.)١( فأعلن إسالمه واختار طريق الحق،))(األنبياءفي مواطن أخرى، فقد تهجم عليه رجل شامي ) A(وهكذا فعل اإلمام

بل أغدق عليه عامله بالطريقة المعهودة،) A(، إال أن اإلمام)A(لهوأساء المحبة حالةوعامله بالمعروف، حتى انتقل هذا الشامي من حالة البغض إلى

.)٢(والوالء الصادق، هو عينه جواب اإلمام )A(ونالحظ هنا أن جواب اإلمام الباقر

األئمة بقية منهج واحد، من مدرسة واحدة، وال تزداد عند ، ألنه)A(السجاد .إال توهجا ووضوحا) )(

سخائه وصبره وعن ، )A(اإلمام الباقرلم ح الكثير عن ىلحقيقة، رووفي اوشجاعته وعلمه، فقد كان آية في الكرم والسخاء، وكان كثير اإلنفاق على المحتاجين، وشديد الحرص على التواصل مع أصدقائه والمؤمنين، فقد كان

أناه: " أنه كان يحمل إليهم الصلة والكسوة ويقولودودا إلى حدا لكم من هي .)٣("أول السنة

أنه كان يدخل عليه إخوانه فال يخرجون من عنده "وروت موالته سلمى ،حتى يطعمهم الطعام الطيب، ويلبسهم الثياب الحسنة، ويهب لهم الدراهم

يا سلمى ما يؤمل في : " ـ عاتبته ـ سلمى عن ذلك، فقال لها)٤(لتهذوقد ع

.٢/٣٨٣؛ مستدرك البحار، ٤٦/٢٨٩؛ بحار األنوار، ٣/٣٣٧مناقب آل أبي طالب، ـ١ .١١/٣٨٣ ـ العالمة المجلسي، بحار األنوار،٢ .٥/٣٧؛ أعالم الهداية، ٢١٧صعيون األخبار وفنون اآلثار، ـ٣ .أي سبق القتل العتاب والمالمة. سبق السيف العذل: العذل أي العتاب والمالمة ومنه المثل المعروفـ ٤

ما حسنت الدنيا إال : "يقول) A( وكان،"الدنيا بعد المعارف واإلخوان .)١("صلة اإلخوان والمعارف

هللا درهم من أهل بيت ال يحسبون للمال حسابا، وينفقون مما رزقهم اهللا لشدة تمسكهم أن يزيدوا الناس زادهم اهللا من رزقه، تعالى، وكلما أرادوا

."تبارك وتعالى"بأخالق اهللا السيدة البتول فاطمة هي أخالق مستودعهم األعظمالسجايا هذه .التي كانت تدعو طوال الليل لجيرانها، وتقول الجار ثم الدار) &(الزهراء

إنها مدرسة نكران الذات، والتفكر باآلخرين، وهي قمة السمو والروح المالئكية، حيث تحولت أفعالهم إلى تسابيح تعجز المالئكة عن إدراكها وفعل

.أمثالهالطاهرة المطهرة، نقف لننهل من معين اإلمام وعلى عتبات هذه الرياض ا

) A"(أبي عبد اهللا الصادق"السادس، من أئمة الهدى ومصابيح الدجى، اإلمام الذي ترك آثارا عظيمة، كانت قمة في العطاء ومرجعا للسالكين إلى طريق

.الطهارة والصفاء والعلم، ومما روي )٢("إنا أهل بيت مروءتنا العفو عمن ظلمنا): "A(فهو القائل

أن رجال من الحجاج توهم أن هميانه ـ كيس يجعل فيه المال ): A(بحقه) A(ـ قد ضاع منه، فخرج يفتش عنه، فرأى ـ الرجل ـ اإلمام الصادق

أنت أخذت : "يصلي في الجامع النبوي فتعلق به، ولم يعرفه، وقال له

.٥/٣١ية ا؛ أعالم الهد٢/٦٣ة الصفوة وصف ـ١ .١/١٠ـ الشيخ الصدوق، الخصال، ٢

: ، قال لإلمام"ما كان فيه؟: "بعطف ورفق) A(فقال له اإلمام" همياني؟، فأعطاه اإلمام ألف دينار، ومضى الرجل إلى مكانه فوجد "ألف دينار"

قبوله، وقال ) A(هميانه، فعاد إلى اإلمام معتذرا، ومعه المال، فأبى اإلمام، )A( فبهر الرجل بأخالق اإلمام،شيء خرج من يدي فال يعود إلي: له

ال : "ح الرجل يقول بإعجابهذا جعفر الصادق، ورا: وسأل عنه، فقيل له .)١("جرم هذا فعال أمثاله

لشيعته من اإلرث األخالقي رواية ) A(ومن أعظم ما تركه اإلمام الصادقعنوان البصري المشهورة، والتي اعتنى بها علماء السلف الصالح أشد عناية،

ن ينبغي أ: "العمل بها، وبعضهم كان يقول لطالبهبوكانوا يأمرون طالبهم ".ها مرة أو مرتين في األسبوعوا بها في جيوبكم وتطالعوتحتفظ

وخالصة هذه الرواية أنها تحوي مطالب شاملة وجامعة في بيان كيفية المعاشرة والخلوة، وكيفية مقدار تناول الغذاء، وكيفية تحصيل العلم، وكيفية يقة الحلم، ومقدار الصبر واإلستقامة وتحمل الشدائد أمام أقوال الطاعنين، وحق .العبودية والتسليم والرضا، والوصول إلى أعلى مراتب العرفان والتوحيد

وألهمية الرواية ـ التي ذكرها العالمة المجلسي والشيخ البهائي ـ نذكرها .)٢(بكاملها في الحاشية

.٦/٣٠، )%( جعفر الصادقأعالم الهداية، اإلمام ـ١

.٣٩ ـ ٣٨/ ١ـ شجرة طوبى، الشيخ محمد مهدي الحائري ٢ ه اهللا إنما هو نور يـضع ،ليس العلم بكثرة التعلم : لعنوان البصري حين دخل عليه )%(قال الصادق

تبارك وتعالى في قلب من يريد اهللا أن يهديه، فإن أردت العلـم فأطلـب أوال فـي نفـسك حقيقـة . قلـت يـا شـريف : نـوان البـصري قـال ع . واطلب العلم باستعماله، واستفهم اهللا لفهمك العبودية،

هذه الرواية الشريفة ـ التي تضاف إلى المستندات األخالقية فيوشاهدنا ) )(وبقية األئمة )A( واإلمام السجاد)A(علي اإلمام تركهاالسابقة التي

فمن قال : وأما اللواتي في الحلم: ")A(في علم اآلداب والسلوك ـ قوله

ما حقيقة العبودية ) )%(أي الصادق (قلت يا أبا عبد اهللا ). كنية عنوان (قل يا أبا عبد اهللا : )%(فقال

ون لهـم أن ال يرى العبد من نفسه فيما خوله اهللا ملكا ألن العبيـد ال يكـ : ثالثة أشياء : )%(؟ فقال بل يرون المال مال اهللا يضعونه حيث أمر اهللا به، وال يدبر العبد لنفسه تدبيرا، وجعـل اشـتغاله ،ملك

: قلت يا أبـا عبـد اهللا ،فيما أمره اهللا تعالى، ونهى عنه وال يدع أيامه باطال، وهذا أول درجة المتقين إلى اهللا تعـالى، إسـأل أن يوفقـك أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لن يرى الطريق : قال ،أوصني

حفظهـا االستعماله، ثالثة منها في رياضة النفس ، وثالثة منها في الحلم ، وثالثة منها في العلـم ، ف أما اللواتي في الرياضة فإياك أن تأكل ما : )%( فقال ،ففرغت قلبي : قال عنوان ،وإياك والتهاون بها

سـم اهللا تأكل إال عند الجوع، فإذا أكلـت فكـل حـالال و ال تشتهيه فإنه يورث الحمق والبله ، وال ، ما مأل ابن آدم وعاء شرا من بطنه، وإن كان وال بد فثلـت لطعامـه )-(تعالى، واذكر حديث النبي إن قلت واحـدة سـمعت عـشرا، : وأما اللواتي في الحلم، فمن قال لك . وثلث لشرابه، وثلث لنفسه

إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل اهللا :واحدة ، ومن شتمك فقل إن قلت عشرا لم تسمع مني : فقلت وأما . أن يغفر لي ، وإن كنت كاذبا فأسأله أن يغفر لك، ومن وعدك بالخيانة فعده بالنصيحة والدعاء

إياك أن تعمل بذلك ) ١(سأل العلماء ما جهلت ، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة االلواتي في العلم ف اط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيال، وأهـرب مـن الفتيـا فـرارك مـن األسـد شيئا وخذ باإلحتي

قم يا أبا عبد اهللا عني فقد نصحتك ، وال تفسد علـي وردي . والذئب، وال تجعل رقبتك جسرا للناس ؛ ٢٧/١٦٣وسائل الشيعة، مصدر سابق، : راجع. والحمد هللا رب العالمين ،بنفسي) ٢(فإني رجل ضنين

.٣/٣٩٧، ميزان الحكمة

ل لغيـر الوجـه الـذي أ أي ال تـس . وهو االمر الشاق ،التعنت طلب العنت . ال تسأل تعنتا : المعنىـ ١ . كالمغالبة والمجادلة،ينبغي طلب العلم له

أو ظنين بالظن بمعنى إتهم نفسه ، يعني بخيل بنفسه بأن يدع أوقاته باطال ،ورجل ضنين : المعنىـ ٢ ".عز وجل"في العبودية له

إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، : إن قلت واحدة سمعت عشرا، فقل: لكإن كنت صادقا فيما تقول فأسأل اهللا أن يغفر لي، وإن : ومن شتمك فقل له ."ل فاهللا أسأل أن يغفر لككنت كاذبا فيما تقو

إلى تلك القاعدة األخالقية التي سنها ) A(مرة جديدة يعيدنا اإلمام الصادقعلى طالب ولهذا، ...."وإن كنت كاذبا... إن كنت صادقا": آباؤه الطاهرون

العلم أن يكون على قدر المسؤولية تجاه نفسه وتجاه اآلخرين، وأن ال يعتبر ل من شأنه وقيمته الواقعية، فاهللا تعالى الخالق البارئ ه تقلقأن الكلمة السيئة بح

لم يقدقدره، قال تعالىره الناس حق :NM)وكم هم )١ ، الظن، ويتهمونه، وال يرضون بقضائه وقدره، ومع ذلك تعالىالذين يسيئون به

.غدق عليهم من كرمهال يعاملهم بالطريقة ذاتها، بل يرحمهم ويجت في سماء ، وتوه))(وعلى هذه القاعدة، لمعت أخالق األئمةباع من سائر البشر، ولم باالتاإلنسانية، ولذلك هم أئمة معصومون بحق، أحق

.هللا تعالىاتر الجزيرة العربية أسيادا أمثالهم، ألن وجودهم كله كان في طاعة يئا من حياة إمام آخر، كاإلمام ولو توسعنا أكثر من ذلك، وقرأنا ش

لرأينا في أخالقه عجبا لشدة كظمه للغيظ، فقد مثل قدوة )A(الكاظموي ومما ذكر ور.صالحة في مجتمعه حتى كان أحدوثة على ألسنة العباد

،)A(لهكان يسيء " عمر بن الخطاب"أن شخصا من أحفاد : )A(عنه، فأراد بعض شيعة اإلمام )A(ويكيل السب والشتم لجده أمير المؤمنين

عن ذلك، ورأى أن يعالجه بغير ذلك، فسأل عن )A(اغتياله فنهاهم

.٩١: األنعام ـ١

بغلته ومضى )A(إنه يزرع في بعض نواحي المدينة، فركب: مكانه، فقيل ،إليه متنكرا، فوجده في مزرعته فأقبل نحوه، فصاح به، ال تطأ زرعنا

جلس إلى جنبه وأخذ واستمر اإلمام حتى وصل إليه، ولما انتهى إليه .يالطفه ويحدثه بأطيب الحديث

"كم غرمت في زرعك هذا؟: " بلطف ولين)A(وقال له ".مائة دينار: "قال "كم ترجو أن يجيئك منها؟: ")A(قال

".أرجو أن يجيئني مائتا دينار: "قال الرجل، وبعد "هذه لك وزرعك على حاله: "فأعطاه اإلمام ثالثمائة دينار، وقال له

خجل من نفسه )A(ن علم العمري بأن هذا الرجل هو اإلمام الكاظمأ .)A(على ما فعله تجاه اإلمام

ولما خرج اإلمام وعاد إلى المسجد، فوجد أن الرجل قد سبقه، ودنا منه، .)١(...اهللا أعلم حيث يجعل رسالته في من يشاء: "وقال له

سنجد األمر نفسه ) )(وعلى هذا المنوال، لو جلنا في سيرة بقية األئمةفتلك سيرة اإلمام أبي والموقف نفسه، يساء إليهم فيحسنون إلى الناس،

. مليئة بالمواقف األخالقية الراقية)A(الحسن علي بن موسى الرضا يشتري العبيد )A(، كان يرسم ألتباعه المنهج السلوكي القويم)A(كانهم إعدادا،عتقهمثم يبعد أن يعد فقد اعتق ألف مملوك ،اره في دا تربوي

.٢٣٣هـ، ١٤١٤، بيروت، دار المفيد، ٢ـ الشيخ المفيد، اإلرشاد، ط١

.)١(طول سني حياتهح هؤالء بعد التربية وهذا العدد الكبير له تأثير في سير األخالق، حيث يصب

.)٢(لقي تيارا من المخلصين الواعين يعمل في المجتمع الكبيرخواإلعداد الال ، فق)٣(ه أنه كان متواضعا للناس، فقد دخل يوما الحمامومما ينقل بحق

ر فعرفوه، فجعل الرجل يعتذ،كهدلعل يكني يا رجل فجلد: بعض الناسله منه، وهو يب قلبه وي٤(كهدلطي(.

وكان كثير العفو والصفح كآبائه وأجداده، ال يقابل اإلساءة باإلساءة، رحيما ال .يحمل حقدا وال عداء لمن يؤذيه من عامة الناس أو من خواصهم

بناء )A( كان همه،المليئة بالجهاد والتضحياتوفي مجمل سيرته وحياته وليس شيئا غريبا على بيت العترة . والمجتمع الفاضلالمؤمنة الجماعة

.والطهارة أن يكونوا في هذه المنزلة األخالقية والرفيعةوهكذا تتعدد المواقف، وتنتقل من إمام إلى آخر، إال أنها كلها تحكي عن

.خالقمضمون واحد وهو مكارم األساء إلى اإلمام يكم ،).(وفي زمن غيبة إمام زماننا المهدي المنتظر

من يؤذيه، وخصوصا من قبل الذين ينكرون وجوده، ثمة، وكم ).(المهدي

.١٥٥صاالتحاف بجب األشراف، الشيراوي، ـ ١ .١٠/١٠٤أعالم الهداية، مرجع سابق، ـ ٢كان متعارفا في الماضي استعمال الحمامات العامة التـي يـشير معناهـا إلـى موضـع التنظيـف ـ ٣

ما يطلق عليه اليوم الحمام الموجود في البيوت ففيه تسامح في التعبيـر وهـو لفـظ وأما . والتطييب ".بيت الخالء"منقول، وإال فيسمى

.٤/٤٠٢مناقب آل أبي طالب، ـ ٤

ومع ذلك فهو على طريقة آبائه األطهار ذو صبر عظيم، وهو الكريم ابن .الكرماء

وا قدر ومنزلة أن الكثير من الناس لم يعرف، نرىأمام هذه الحقائقفي حياتهم، إنما األجيال المتعاقبة اكتشفت قيمة هذه الشخصيات ) )(األئمة

اإللهية أكثر من األزمنة المتقدمة، لكن لم يخل األمر من وجود رجال خلص ، وبعد أن كثر الظلم عليهم، كثر الموالون لهم والمعتقدون حول كل إمام

.بإمامتهمدرك مكانتهم ولم يناصرهم، ولذلك، ليس من الغرابة أنمن عاداهم لم ي

. إنما حاربهم وحسدهم حتى أدى ذلك إلى قتلهم إما بالسيف أو بالسموججا على العباد وماتوا شهداء أبرار، وسيبعثهم اهللا يوم عاشوا ح) )(فهم

.القيامة أسياد الجنة، شفعاء يشفعون لشيعتهم بإذن اهللا تعالى

رابع عشرالالفصل

خصائص منهج األخالقي))( أهل البيت

: الفصل الرابع عشر

( على ضوء ما تقدم، من الجدير أن نسجل أهم خصائص منهج أهل

:األخالقي، وذلك على النحو التالي) )(البيت على لغة المجامالت ))(تقتصر التعاليم األخالقية عند األئمةلم :األولىإنما تحدد منهجهم و اللبقة، ورد الكلمة السيئة بالكلمة الحسنة، ةوالمدارا

الهائلة وقدرتهمالسلوكي بقوة استيعاب كافة المواقف السلبية المستثيرة لهم، ومن أجمل ما روي . الحاقدين والحاسدينفي قلوبعلى إطفاء نار الحقد

أحصد الشر من صدر غيرك بقلعه من ): "A( علي اإلمامه قال ما))(عنهمقد استطاعوا من خالل هذا األسلوب الرحماني أن يعيدوا صياغة ل .)١("صدرك

ح للمنازعات والمشاحنات المفاهيم اإلنسانية ضمن عالقات منضبطة ال تسم .الها على أبواب الطاعة والعبادة هللا تعالىحمن حط رن إ .يهم األخالققهوا من خالل فثأن يب) )( لقد استطاع األئمة:الثانية والتي لها تأثير على السلوك اإلجتماعي العام هي أكثر وأهم يةللقيات العمالخ

.من المواقف الكالمية الحسنة من ، وبالعطاءات المالية الالمحدودة،فكانوا يعالجون المشاكل بالفعل الحسن

.أجل إحياء قلوب ميتة أماتها الجهل والضالل

.١/٥٤ غرر الحكم ودرر الكلم، اآلصفي، -١

خير تمثيل، واهللا )١(" بغير ألسنتكمللناسكونوا دعاة : "ل قولهموهم من مث . أعلم حيث يجعل رسالته

قة نفسها التي سلكها لقد حرصوا على تبليغ الرسالة اإلسالمية بالطري:الثالثة، حيث قابل الظلم بالعفو، والقطيعة بالصلة، والحرمان )-(جدهم النبي

.بالعطاءعلها األئمة نظاما اجتماعيا يتعالى فوق تقاليد هذه العناوين الثالثة، ج

فحاولوا أن يلفتوا أنظار العالم أن حدود ،الءهالجوموروثاتها المجتمعات ما إنواإلنسانية ليست بالمحل الذي أنتم ترونه وفقا لحساباتكم الشخصية،

هون الذي ينت تنتهي معتقدات الناس، أي من عند الحد حيثاإلنسانية تبدأ من ))(فاألئمة. السلوكيةهميعملون به ويتخذون على ضوئه مواقفو إليه

قة ، إن هناك حياتين، حياة تقليدية ضيلعامة الناسيريدون بذلك أن يقولوا مة لكل األفق ال تلتقي عندها المشاعر اإلنسانية كلها، وحياة أخرى متم

.يحرم منها المجتمع وال يعرف قيمتهاالنقائص التي : الشاعروصفهمجتمع كما فال

)٢( المرء في القناة سنانابرك قناةبت الزمان ـما أنـكليسارع عند وقوع الحوادث إلى وضع المجتمع من الجهة العملية فإن،لذلك

اإلنساني غرسة االنفتاحعملوا على زرع إال أن األئمة حواجز وموانع فيما بينه، قادر على إيجاد مخارج أن اإلنسان طالما تعارض مع مبدأ التوحيد، فتي ال تال

.١/٥٧ـ وسائل الشيعة، الحر العاملي، ١

.٤/١٩٤ نهج البالغة، ابن ابي الحديد، شرح-٢

رفعوا تلك المبادئ ولذا، . فينبغي أال يقصر في اتباع ذلك،جتماعيةلمشاكله اإلإلفات نظر اإلنسان إلى مهمته األساسية التي وجد من أجلها األخالقية من أجل

، وعدم اإلنشغال بالعداواتوهي العبادة التوحيدية هللا تعالى أال ،في األرضةالشخصي.

األخالق هي من إن و ، ارتبطت األخالق بمبدأ التوحيد،وعلى هذا المبدأ . العقائدي العظيماألصلأجل أن يصل اإلنسان إلى حقيقة هذا

بعض من آذاهم لقد صدر من األئمة بعض المواقف الحازمة بحق :الرابعةرامه إلى استعمال الدعاء على الظالم، أو عدم إكؤواوظلمهم، فقد التج

أن ذلك ال يتنافى مع قواعدهم األخالقية الفاضلة، ألن اإلمام ومداراته، إال ويقدر أن بعض المواقف السيئة ،المعصوم يدرك وظيفته العملية على نحو تام

اهللا تعالى، ما ألجل أن يثبت حقإنو معالجتها بالطريقة الهادئة، يكفيتجاهه ال ،اليته الدينية بحق بعض من يسيء إليهو، نراه يجري وحق الشريعة والدين

ـوإن كانوا عظيمي الرحمة والتسامحـ يعلم أهل الباطل أن أئمة الحق حتى ،"تعالى"لكنهم في الوقت نفسه شديدي التمسك بالحق، وهم على أخالق اهللا

.)١(NM": عز وجل"كما قال أجمل مظاهر هذه المدرسة األخالقية هي نكران الذات من إن:الخامسة

وأنها ،"تعالى " الدنيا وقيمتها عند اهللابحقيقة لمعرفتهم ،والتفاني في سبيل اهللاال تعادل عند اهللا جناح بعوضة، فيبذلون مالهم ودمهم في سبيل الحق،

تون ي وال يب،خرون شيئا من مال الدنيا، وال يدويؤثرون اآلخرة على الدنيا

.٩٨: المائدة -١

.عندهم الدراهم والدنانير، وذلك ألنهم أغنياء باهللا، ومن استغنى باهللا لم يفتقرلقد شكلت تعاليمهم التربوية واألخالقية مدرسة غنية بمفرداتها : السادسة

ومن. بآثارهاان كل إمام منهم قدوة صالحة يحتذىالعلمية المؤثرة، حيث ك. الصعب جدا أن يكون الباحث موضوعا أخالقيا دون النهل من سيرتهم العطرة

أو أن يشخص حال لمعضلة من المعضالت دون الرجوع إلى خبرتهم وسنرى في . ألنهم المصدر األساسي لتعاليم السماء.االجتماعية والدينية

في حياتهم الفصل الالحق كيف استفاد العلماء من هذا المنهج، وجسدوه .العملية تجسيدا رائعا

أبيض

الخامس عشرالفصل

علماء اإلمامية في السيرة األخالقية

:الفصل الخامس عشر

وعلومهم ))(الفقيه هو الوارث الحقيقي لصفات األئمة المعصومين

كان ، ولما )١("العلماء ورثة األنبياء" أن )-(لنبيقد ورد عن ا، والشريفة وأنى ألحد ـ))(العالم الفقيه غير متاح له أن يتحلى ويتصف بجميع صفاتهم

ببعض خصالهم فنراه يجهد نفسه ويخالف أهواءه ليتحلى ـأن يبلغ مبلغهم وال يصل إلى ،وصفاتهم العلمية والخلقية، أو يشابههم ببعض الشكليات

.ة ما هم عليهحقيقفقد على المحافظة على منهج األئمة المعصومين العلمي، العلماءدهكما جو

وذلك من خالل ،على التمسك بأخالقياتهم الخالدةحرصوا إلى يومنا هذا :أمرين

الصادرة عن الخطابيةستفادة من اإلرشادات والتوجيهات اإل: األمر األول ملضوابط التقوائية واألخالقية، بل كان ه وذلك بضرورة التقيد با،))(األئمة، وهذا لغيرهعي للتشيع القدوة والمثل أن يكون الموالي لهم والمد))(األئمة

ال ، بطرق عمليةةة والديني عبر التمسك بالمبادئ األخالقيقه إالال يمكن تحقمضمونبرفع الشعارات الفارغة من أي .

يا خيثمة أبلغ موالينا أنه ال ": قال) A(ففي الحديث عن اإلمام الصادق

.١/٣٢ ـ الشيخ الكليني، الكافي، ١

ن ا عنهم من اهللا شيئا إال بعمل، وإنهم لن ينالوا واليتنا إال بالورع، وينغن .)١("أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدال ثم خالفه إلى غيره

ليس منا ـ وال كرامة ـ من كان ": قال)" A"(أبي عبد اهللا الصادق"وعن .)٢("لف أو يزيدون، وكان في ذلك المصر أحد أورع منهفي مصر فيه مائة أ

إنا ال نعد الرجل مؤمنا حتى يكون لجميع أمرنا ": أيضا أنه قال) A(وعنهمتبعا ومريدا، أال وإن من اتباع أمرنا وإرادته الورع، فتزينوا به يرحمكم

.)٣("اهللا المخدرات ليس من شيعتنا من ال تتحدث": أيضا أنه قال) A(وعنه

وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آالف ،بورعه في خدورهن .)٤("أورع منههللا رجل فيهم خلق

إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه واشتد ": أيضا أنه قال) A(وعنهجهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه، فإذا رأيت ذلك فأولئك

.)٥("شيعة جعفر على ))(الروائية الموقظة والمنبهة، عمل األئمة المضامين هذهمن خالل

إلى الذين يتحدثون باسمهم وبشكل خاص ،توجيهها إلى الموالين من شيعتهم

.٢/١٧٦المصدر نفسه، ـ١ .٧٨المصدر نفسه، ص ـ٢ .٨/٢٤٩محمد صالح المازندراني، شرح أصول الكافي، ـ٣ .١٥/٢٤٦ ـ الحر العاملي، وسائل الشيعة،٤ .المعروف مصاديق، باب ذكر أمور هي من١/٤٢١السيد علي السيستاني، منهاج الصالحين، ـ٥

من وقد حرصوا من خاللها وويرفعون شعاراتهم، ويتبعون حاللهم وحرامهم، روايات أخرى على عدم فصل الجانب الفقهي والعلمي عن التطبيقات خالل

وكالهما يتكامالن مع األخالقية، حيث يعدان شيئا واحدا من الناحية العملية، هو بعضهما البعض، ألن االلتزام بالمبدأ الشرعي هو عمل أخالقي، وكل ما

.على األخالق الحسنةتربية اإلنسان موجود في الشريعة من شأنه يكونوا في ، لكي واآلخرينلذلك تتعاظم مسؤولية العلماء تجاه أنفسهم

مقدمة الملتزمين بالمعاني األخالقية والتقوائية التي تقدها، وكذلك م ذكر .ليشكلوا القدوة الحسنة في أقوامهم ومجتمعاتهم على مر السنين

وهذا ما قدموه بالفعل، حيث رسموا منهجا مقدسا يرشد الناس إلى الجادة هؤالء على مر التاريخ وإلى المستقيمة، وقد حفلت المدرسة اإلمامية بأمثال

ج عليه في الصفحات التاليةيومنا هذا، وهذا ما سنعر. تجاه ) )(من خالل المواقف العملية التي صدرت من األئمة: األمر الثاني

وأهم ما في ذلك، أنهم لم يقوموا .الناس، حيث قاموا بدور إصالحي عظيمناس إلى الحق والتوحيد ونفي بنشاطاتهم الدينية والدنيوية إال ألجل دعوة ال

وبما أنهم هم تجليات الحق في ."سبحانه وتعالى"الشرك عن ذات المولى دوا أقوالهم في األرض، فقد هوت القلوب إليهم، وانقادت وراءهم، ألنهم جس

هذا ، الخالدينلهااريخ البشرية، وبخاصة في رجاأفعال، وقلما نجد في ت وكل ما . الناس، ومداراتهم وقضاء حوائجهملق الرفيع وعدم التجافي عنالخ

لون يكون عدا هذا فهو من عادات الرؤساء واألمراء والملوك الذين يحصلون نقصهم بالطرق الظالمةكماالتهم ويكم.

هم أغنياء بعلومهم، ومعرفتهم باهللا تعالى، وحضور الناس ) )(فاألئمة

ان، ألنالهم هو اهللا، وهذا هو غناهم باهللا، وميزان أعمعندهم وعدمه سي .الكمال اإلنساني بعينه

ما قاموا به من تعليم الناس على العطف والرحمة واإلغداق، وجعل ،فلذلك ليس لتكثير العدد وزيادة الحاشية، أو إلكمال ما قد ،العدو صديقا وحبيبا

يتصور أنه ناقص عندهم، وإنما هو من خصالهم الذاتية، ومن كمالهم اإلنساني ".سبحانه وتعالى"باني، وغايته اإلرشاد إلى الحق المتعالي الر

على هذا المنهج سار علماء اإلمامية، وقدموا نموذجا رائعا في إصالح المجتمع والتغاضي عن الكثير من األذى الذي لحق بهم، وجهدوا أن يتأسوا

بقضاء حوائج الناس والتحسس بآالمهم وأوجاعهم ))(باألئمة الطاهرين في ميادين ))( فجسدوا الوريث الصالح ألخالق األئمة،لتي ال تنقضيا

.الحياةومن أروع تلك المواقف األخالقية لعلماء الدين ما حصل للعالم الرباني

عندما كان يصلي جماعة بالناس، فأقدم ) قده(السيد أبي الحسن األصفهاني . ذبحا وهو يصلي خلف أبيههأحد المجرمين على قتل نجل

وحينها أسرع المؤمنون وألقوا القبض عليه، وكادوا أن ينزلوا العقاب به ويقتلوه قبل الرجوع إلى هذا المرجع الذي تخلق بأخالق العترة الطاهرة، لكن السيد فاجأ الناس والمؤمنين بالعفو عن القاتل بوصفه صاحب الدم، وقد آثر

.)١(المصلحة العامة على مصلحته الشخصية عظيم ال يمكن أن يصدر إال ممن تربى في هذه المدرسة العلوية إنه لموقف

.١٧١ص، )١١٦(وخواطر، قصة ص قص، الشيخ عبد العظيم المهتدي البحراني: راجع-١

التي جسدت قمة النبالة والتهذيب والرحمة، وأكدت على أن منهج علماء وعدم معاملة اآلخرين بالمثل ومقابلة ،اإلمامية األخالقي قائم على التسامح

.أفعالهم السيئة بالطريقة نفسها

عشرالسادس الفصل

صنيف علماء اإلمامية ت في علم األخالق

: الفصل السادس عشر

ستقامة في خط علماء اإلمامية منهجية اإلنسانية تكونت معالم اإلطبقا لهذه الحتى كاد الفقيه يشعر أن رتبة فقاهته ال تبلغ نضوجها إال بمالمسة رتبة العصمة

يتجسد في أفعاله ))(أو مقاربتها، بمعنى أن المنهج األخالقي ألهل البيت وما ذلك كله إال ،وأقواله إلى درجة تحصيل أقصى مراتب التقوى وملكاتها

.))(بسبب إدراكه لمراتب األئمة المعصومينذين الجانبين كانا منطلقا أساسيا في منهج علماء اإلمامية األخالقي فإن ه،لذاومن المالحظ في .التربوي، وباعثا على تدوين قواعد هذا العلم الشريفودوناتهم أنهم لم يصنفوها ويكتبوها في إطار موضوع محدد، إنما تناولت م

ة، وكل ما يساهم في بناء شخصية الفرد المسلمأغلب العناوين األخالقي . مرام ، وذلك حسبآخرفي كتاب دون محددةولذلك قد نجد عناوين

الكاتب، وهذا يدل على أن المعالجات الخلقية واسعة جدا، ومن الصعب له وظائفه اإلنسان جوارح من جارحة حصرها في موضوعات محددة، ألن كل

، فضال عن وظائف عناصر اإلنسان العقلية والروحية، وسلوكه وأخالقياته مواهبه العقلية والنفسية، ومدى تأثير المصادر المعرفية الحسية على،الباطني

مضافا إلى تصرفاته السلوكية التي يتكيف معها لتحقيق استقامة الشخصية .اإلنسانية واعتدالها

ومما ال شك فيه أن ما تركه العلماء من آثار أخالقية جمة في هذا الحقل

ا إصالح العلمي يشكل مادة غنية وثروة مليئة باإلنارات والنصائح التي من شأنه .الذات اإلنسانية

يتبعوا منهجا واحدا لتحديد تلك العناوين األخالقية، إال ان المالحظ أنهم لمفلم يأخذوا بعين االعتبار مسألة تجزئة الموضوعات األخالقية إلى موضوعات مختلفة بحسب اتجاهات الناس المهنية واإلجتماعية والدينية والعلمية وغير

.ذلكما نالحظه في تصانيفهم بشكل عام أنهم الحظوا المادة األخالقية وأقصى وأدرجوا عناوينها وفق القوى النفسية األربعة التي أشرنا إليها في أول ،نفسها .)١(الكتاب

بدأت تظهر ،منذ العصر األول لإلسالمإنطالقا من هذه المنهجية، والكتابات التربويفقد ذكر . اآلداب العامةوسنن ة فيما يتعلق بالة واألخالقي

أن أول من صنف من الشيعة في األخالق كان "السيد حسن الصدر"صفة المؤمن "اه كتاب وسم" بن أبي نصر السكونيإسماعيل بن مهران"

ثم ظهرت كتابات أخرى . )٢( للهجرة، وهو من علماء المائة الثانية"والفاجرالمتوفي " حمد بن عمر الواقديأبي عبد اهللا م" للقاضي "اآلداب"ككتاب

ألبي جعفر أحمد ""آداب المعاشرة"، وكذلك كتاب )٣(سنة سبع ومائتين، المتوفي سنة أربع وسبعين ومائتين، وله أيضا "بن محمد بن خالد البرقي

.العقلية والشهوية والغضبية والوهميةالقوى أي -١ .٩٧صالسيد حسن الصدر، الشيعة وفنون اإلسالم، مرجع سابق، ـ٢ .١/١٠بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آقا ـ٣

مذام "، وكتاب "التهذيب"، وكتاب "أدب النفس"، وكتاب "المحاسن"كتاب ."مكارم األخالق"، وكتاب "األخالق

أبي محمد " للعالم "تحف العقول"كتاب ظهر ثم في القرن الثالث للهجرة، صاحبه روايات ه الذي ضمن"الحسن علي بن الحسين بن شعبة الحراني

أثر روحي ملموسذات وأخبار األئمة على نحو متسلسل ومنظم، وقراءته. عشرات الكتب األخالقية التي تدل على اهتمام "الذريعة"وذكر صاحب

لتي تلك العناوين األخالقية اأهم ومن . ماء اإلمامية بهذا العلم الشريفعل :ذكرها العالمة الطهراني نذكر

للشيخ محمد حسين المنتهي نسبه إلى الحر ، "اإليمان والتقوى"ـ كتاب ١ .الرياحي

.للسيد أبي القاسم الحسيني الواعظ األصفهاني، "بدائع األخبار"ـ كتاب ٢

. للشيخ الرئيس أبي علي سينا،"ي األخالقف البر واإلثم"ـ ٣

الخازن الرازي همسكوي البن ،"طهارة األعراق في علم األخالق"ـ ٤ . هـ٤٢١المتوفي سنة

.للشيخ الفقيه حسينقلي الهمداني النجفي، "تذكرة المتقين"ـ ٥

للسيد علي بن أبي طالب الحسيني ، "تذكرة النفس في األخالق"ـ ٦ .الهمداني

.البن مسكوية، " السعاداتترتيب"ـ ٧

.للشيخ الطوسي، "مكارم األخالق"ـ ٨

.للشيخ نصير الدين الطوسي ،"عن موانع اإلفالح تزكية األرواح"ـ ٩

للسيد إبراهيم بن السيد محمد بشر الحسيني ، "تهذيب األخالق"ـ ١٠ .النجفي

اآلقا ، "الذريعة"ذكرها صاحب التي وهناك العديد من العناوين األخرى .، فمن أراد مالحظتها فليراجعها في الكتاب نفسهزرك الطهرانيب

ومن المالحظ أنه قلما يوجد عالم من علماء اإلمامية كتب في أحكام .الشريعة وأصول الفقه وغيرهما إال وكتب في محاسن األخالق

، عدد السيد حسن الصدر في كتابه "الذريعة"وعلى طريقة صاحب من كتب من علماء اإلمامية في علم ، أول"سالمتأسيس الشيعة لعلوم اإل"

إلى زمن العلماء المتأخرين، نذكر بعضا ) )(األخالق، من زمن األئمةعبد اهللا بن أبي " و،"حذيفة بن منصور"و ، "الجارود بن المنذر: "منهمأبو "و ، "أبو يعقوب إسماعيل"و ، "عبد الرحمن بن الحجاج"و ، "يعفور

، وهؤالء "و جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمريأب"، و"عمرو عثمان ،)هـ٣٥٢" (علي بن أحمد" إلى أن ذكر .األجالء) )(صحاب األئمةأمن

علم الحكم "وله كتاب في " ابن الهبارية"، و"مكارم األخالق"وله كتاب في ، "أبو علي الحسن بن محمد"، و"محي الدين أبو عبد اهللا"، و"واألخالق

إرشاد القلوب في علم "صاحب " حسن الديلميالحسن بن أبي ال"و ،"كتاب اآلداب الدينية"صاحب " الشيخ أمين الدين الطبرسي"، و"األخالق

صاحب " العالمة المجلسي"، و"منية المريد"صاحب كتاب " الشهيد الثاني"و

، "البهجة المرضية"صاحب كتاب " إبن طاووس"و " عين الحياة"كتاب ..وغيرهم

" تعالى"صر كتب العديد من العلماء والسالكين إلى اهللا وفي زمننا المعاالعديد من الكتب األخالقية التي زادت المكتبة اإلسالمية غنى، ة والتربوي

جامع" :نذكر منها على سبيل المثال ،لعلموشكلت دعامة أساسية لطالب ا آداب"، و"لإلمام الخميني" "األربعون حديثا"، و"للنراقي" "السعادات

للسيد كمال " "األخالق التربية الروحية وعلم"، و"للغياثي" "نفسال "أخالق أهل البيت"، و"للمامقاني" "مرآة الكمال والرشاد"، و"الحيدري

فلسفة األخالق في "و ، "رشبعبد اهللا ل" "األخالق"، و"للسيد الصدر"، "الشيخ حسين معن"للشهيد " اإلعداد الروحي"، و"للشيخ مغنية" "اإلسالم

، "للشيخ بهاء الدين ""كلمات ربانية"، و"للشيخ الكاظمي ""الومضات"وللشيخ " "جهاد النفس"، و"للسيد محمد رضا الطباطبائي ""مبادئ األخالق"و

قناديل "، و"للسيد مصطفى الشبركة ""من تعاليم أهل البيت"، و"المظاهريحديقة "، و"لآلملي ""الحماسة والعرفان"للشيخ اليعقوبي، و ""العارفيندراسات في "، و"للقبانجي ""الجواهر الروحية"و، "للمازندراني ""العارفين، "لعبد اهللا الهاشمي ""األخالق اإلسالمية"، و"للشيخ مظاهري ""األخالق

كيف تكسب "، و"لرضا علوي سيد أحمد"" ن التعامل مع الناسف"و

، )١("األخالق في القرآن الكريم"، و"للسيد محمد الحيدري ""األصدقاءالكتب األخالقية التي أتاحت لطالب العلم التعرف على هذه وغيرها من

ق لمصاحبة العلماء الربانيين لم يوفالكنوز الربانية، وخصوصا أنه في حال ختالط الدائم بهم، مطالعاته وأبحاثه العلمية عن اإلبشكل دائم، أو شغلتهقراءة سيرهم، ومواقفهم، وقصصهم المتواترة على مل فليس لمصلحته أن يه

أنه ظهر في اآلونة األخيرة العديد من خصوصاألسنة أبناء الحوزة العلمية، المؤلفات التي جمعت خصوصيات العلماء، وقصصهم المربية والمهذبة

.)٢(للنفس

ط، بيـروت، دار دراسات في األخالق، للشيخ حـسين المظـاهري، ال : من اإلطالع راجع للمزيد -١

.١٠صالتعارف، للبحرانـي، وكتـاب " وخـواطر صقـص " من جملة الكتب التي تعرضت لمثل هذه األمور كتاب -٢للعقيلـي، وكتـاب " كرامـات األبـرار "للتنكابني، وكتـاب " العلماء صقص"، وكتاب "خلق األعالم "أذكيـاء الفقهـاء "للعلوي، وكتـاب " قبسات من حياة المرعشي النجفي "، وكتاب "ائل المنسية الفض"

" جمـال الـسالكين "، وكتـاب "السيد محمد مهدي بحر العلـوم "للحكيمي، وكتاب عن " والمحدثينيحكي عن حيـاة العـارف " أسوة العارفين "، وكتاب "السيد عبد األعلى السبزواري "يحكي عن حياة

الـشيخ إبـراهيم "لمختاري، وكتاب عن حياة " سيماء الصالحين"، وكتاب "محمد تقي بهجت الشيخ " ).(رعاية اإلمـام المهـدي "، وكتاب "للشيخ اآلملي" "في سماء المعرفة"، وكتاب "يضسليمان البيا

عن حياة " لسان الصدق"، وكتاب "لمحات من شخصية السيد السيستاني"، وكتاب "للمراجع والعلماء فـي أجزائـه المختلفـة " أعيان الشيعة "ويمكن أن يستفاد من كتاب ". عبد الكريم الكشميري السيد" ".للسيد محسن األمين"

فـي حواشـي الكتـاب، والـبعض حثنا، فبعضها ذكرناه بإن أكثر هذه العناوين شكلت مادة أساسية ل .اآلخر عددناه هنا وجعلناه في المصادر والمراجع

أبيض

السابع عشرالفصل

أهم المظاهر الخلقية ة العلماءفي سير

: الفصل السابع عشر

منهجهم استنادا إلى منهج العلماء الذي أتينا على ذكره سابقا، فقد تميز ، ))(ظهر بوضوح مدى اهتمامهم البالغ بتعاليم األئمة تعدةبخصائص

، تقوى واألخالقوسعيهم الدؤوب في مجاهدة النفس لتحصيل أعلى مراتب ال الخصيصة، ألن هذه بأعلى درجاتهاوبالمصطلح الشرعي تحصيل مرتبة العدالة

حيث ،المتصدي لمرجعية التقليدوخصوصا هي من أهم صفات العالم، على جادة االستقامة والعدالة تعني ،من شروط مرجع التقليدواحدا تشكل

ها الديني تعبر عن هي في بعدوالواجب وترك المحرم، فعل الشريعة، أو .درجة عالية من اإلنضباط النفسي والخلقي

وكلما كان العالم متميزا بأخالقه وورعه مع شروطه األخرى، ازداد المؤمنون ان أهل العلم ه المرتكز في أذ ألن،اطمئنانا باللجوء إليه واالعتماد عليه

والمؤمنين الشيعة أنالعامة هو أقرب ى للفتوى والمرجعية العالم الذي يتصد .من جهة امتثال أوامرهم وترك نواهيهم اإللهية) )(الناس إلى األئمة

عمره في سبيل فهم الشريعة فهما ل يصرف جفإن العالم الفقيهوعليه، رة في علم األصول، واستنباط األحكام من مظانها وفق القواعد المقر،صحيحا

ة لسان، أو حتى ال يصدر منه زلويقوم بمجاهدة نفسه ومراقبتها بشكل دائم يعد عمله هذا مسؤولية ،وفي الحقيقة. إفتاء بغير علم، أو أي هفوة ال تغتفر

N، قال تعالى ا شيء من مسؤوليات الحياة الدنياكبرى ال يضاهيهM)١(

حتذى بهولهذا، يتمية تعتبر مثاال أعلى يومن .ز الفقيه اإلمامي بخصائص عد :أهم هذه الخصائص

.ل الشدائدمكابدة العناء وتحم: أوال يوطن نفسه ،منذ اليوم األول الذي يشرع فيه طالب العلم بتحصيله العلمي

نسبة للتعبير ـ)٢(ت الشوكةعلى أن هذا الطريق الذي سلكه هو طريق ذا وفيه الكثير من العناء والمشقة لما يتطلبه من عزلة الناس والتفرغ ـالقرآني

.الكلي للقراءة والكتابة والصبر على ذلك العلم يستغربون هذا النمط من بومن المالحظ أن بعض المحيطين بطال

عن مثل هذه الحياة ومما يدفعهم إلى االبتعاد . الحياة لكونه غير مألوف عندهمأن طبيعة هذا السلوك بجوهره وأهدافه طبيعة أخروية، وما يعرض عليه من

.أمور الدنيا أمر ثانوي وغير أساسي نرى )٣("الدنيا واآلخرة ضرتان ال تجتمعان"وانطالقا من الحكمة المشهورة أن

رونهم بمنافع كهم يذأن أكثر أبناء الدنيا ال يحبون أبناء اآلخرة، بل ينفرون منهم ألن فإنهم يأنسون بمعاشرة ،وبما أن منافع الدنيا معجلة ومقبوضة. متأخرة غير معجلة

. األغنياء من أهل الدنيا العتقادهم أنهم أسرع نفعا من غيرهم

.٤٦ ـ ٤٤: الحاقة -١ .NM ٧آية /في سورة األنفال" تعالى" يقول -٢ .٢٨٠صوخواطر، صالمهتدي البحراني، قصالعظيم عبد ـ٣

فذلك توفيق من اهللا ،لذلك، فإن من يسلك هذا الطريق ويوفق لبلوغ مرامه ".عز وجل"نه لعبده وعناية خاصة م" تعالى"

ممن ولج في هذا العالم الخاص بأهل اآلخرة قد خرج العديدترى ولهذا، أمام هذه الحقيقة، لعدم القدرة على تحمل أعباء هذا القهقرى منه خروج

.الطريقعدنا إلى العلماء الفقهاء الذين سلكوا هذا الطريق الرباني إذا ،وفي الواقع

لوا مرارة الفقر المدقع الشديد، ولم تحمقد لوجدناهم وبلغوا مرامهم وأهدافهم ا الدنيام تبصروا منها دار اآلخرة فرفضويلتفتوا إلى زينة الدنيا وزبرجها، ولكنه

هم، وانكبوا على تحصيل العلم والبحث والتأليف حتى آخر وجعلوها آخر هم .لحظة من حياتهم "خراسانياآلخوند ال" الشيخ هم بهذا الخصوص، أن بعضوفيما ينقل عن

مرتضى " حينما كان طالبا يدرس عند أستاذه الشيخ "الكفاية"صاحب له ذات مرة وانتظر حتى ينشف، كان عنده ثوب واحد فقط، فغس"األنصاري

والثوب ال زال رطبا، فلبس الجبة رابطا أكمامها، ،ولكن اقترب وقت الدرسالدرس خرج مسرعا بعدما انتهى وولف على نفسه عباءة، وأسرع إلى الدرس،

أستاذه فاجأه بطرق باب أنلع على حاله، إالإلى داره لكيال يراه أحد ويطعتذار عن عدم إمكانه إحضار ثوب قدم له اإلا وقدم له ثوبه، بعدمداره، .)١(جديد

حينما كنت أدرس في حوزة مشهد : "نهإويقول أحد آيات اهللا من العلماء،

.٥٥٩صوخواطر، مرجع سابق، صقص ـ١

والجوع أجمع قشور بعض األطعمة في الطرق ة الفقر كنت لشد،المقدسة وذات يوم دخلت إلى مسجد ألصلي فلم أستطع القيام ،فأغسلها وآكلها

أشاب : للصالة من ضعف بدني، فصليت جالسا، فرآني أحد األثرياء وسألنيمثلك يصلي من جلوس؟ وبالتأكيد هو ال يعلم أن الجوع أضعفه عن الوقوف

.)١("في الصالةآية اهللا الشيخ جواد البالغي النجفي، لما أراد طبع مؤلفاته حكى أنوي

تلك النفيسة، لم يكن لديه شيء من المال، فباع بيته وطبع مؤلفاته بثمن .)٢(الدار

يا لها من مؤاثرة عظيمة وتفان فريد في سبيل بقاء كلمة الحق راسخة في طبيعة ألنها ،فيس وليس غريبا على مثل هؤالء أن يبذلوا الغالي والن.األرض

، إلدراكهم اليقيني أنA((أبناء اآلخرة، يكابدون العناء، ويصبرون صبر أيوبنعيم هذه الدار زائل فان، فال يمدون أعينهم إلى زينتها وأهلها، وال يستوحشون من قلة السالكين معهم، بل يستعدون ويمهدون طريقهم لنيل

.الثواب العظيم والنجاة بدار النعيم :ا ـ تحصيل المطالب العلمية والتأليفثاني

نهومين اللذين ال يشبعان، وعلى حد تعبير أمير طالب العلم هو أحد الموعلى . )٣("دنيا ال يشبعان طالب علم وطالب منهومان": قال) A(المؤمنين

.وخواطر، مرجع سابق، الموضع نفسهصقص ـ١ .١١٤صابق، عبد العظيم المهتدي البحراني، مرجع س ـ٢منهومـان ال "ورد هذا الحـديث بألفـاظ مختلفـة، مثـل . ٤/١٠٥نهج البالغة، من قصار الحكم، ـ٣

.١٧/٣٦، وسائل الشيعة، "يشبعان منهوم دنيا، ومنهوم علم

حد قول الشيخ األنصاري حينما كان يصل إلى بعض اإلستنتاجات العلمية كان من هذه اللذة والسعادة، ولو علموا وأبناء الملوك وك أين لذة المل: يقول

.بها لنازعونا عليهامن أجل تحصيل المراتب عبر التاريخ أهل العلم العزيمة والثبات ثابر بهذه

تكاليفهم الشرعية عن طريق اإلجتهاد والوسع الذي وتحديد العلمية العليا .لطريق، الذي هو أول افحسبيبذلونه، وليس عن طريق التقليد

بعضهم كان إذا وصلته رسالة من بعض ، يحكى أنم للعلهمولشدة إخالصوقيل . أقاربه، كان يضعها تحت وسادته ويؤجل قراءتها كي ال تلهيه عن درسه

فتحها وحينما ، أربعة أشهرتهار قراءأخو وصلته رسالة من أهلهإن أحد الطلبةوكل ذلك إخالصا ،هو ال يدري أباه قد وافته المنية من ذلك الحين، وعلم أن

. الدنيالطلب العلم، وتجنبا لإللتهاء بمشاغلومن المشهور بين أهل العلم، أن من أعراف النجف العلمية آنذاك كان من المعيب عندهم أن يخرج الطالب من مدرسته أو داره أيام التحصيل لإلشتغال

ظن في كونه من أهل بأمور مباحة، أو للزيارة، ويضع نفسه موضع التهمة وال التحصيل أم ال؟

فلما عاد عاتبه ،))(روى أن العالمة الحلي ذهب مرة لزيارة أحد األئمةوي ، فبادره الوالد بإخراج )وقت التدريس (ولده على الخروج في مثل هذا الوقت

.كتبه وهو على ظهر دابتهالذي " المختصر النافع"ه الفقهي الجديد كتاب الشهيد األول كان قد كتب والمشهورة بين أهل العلم أنومن األمور العجيبة

، وقد استشهد رحمه اهللا في )١(اللمعة الدمشقية في السجن بغضون سبعة أيام، وهذا ليس غريبا عن العلماء الذين وعوا أحاديث أخبار األئمة ) هـ٧٨٦(سنة

مله حتى وعيا تاما، وأدركوا أن هذا االشتغال بالعلم يحتاج إلى العمر بأكال فقه لمن ال يديم ): "A( وكما قال اإلمام علي.جزء منهيحصل اإلنسان

إن أعطيته بحق العلم أنك قوالت المشهورة في الحوزة س، ومن الم)٢("الدرسيقسمون أوقاتهم للدراسة إلى عدة أقسام، العلماء وكان. منهكلك أعطاك جزء

األسحار، والمباحثة في أول عليك بالحفظ في "تهمحتى اشتهر على ألسن ".النهار، والكتابة في وسط النهار، وفي آخره للتكرار

وكان تعطيلهم السنوي قليال جدا، فال يعرفون األعطال إال أيام العيدين ويوم وبعض األيام التي فيها مناسبات إسالمية، حتى العطلة المحرم العاشر من

يوم الجمعة، ويقال إن العالمة الحلي األسبوعية لم تكن إال يوما واحدا وهو ، فجرت العادة على تعطيل )A(كان يذهب ليلة الجمعة لزيارة اإلمام الحسين .)٣(الحوزة يوم الخميس مضافا إلى يوم الجمعة

ومن الشواهد التي تبين شدة حرص العلماء على أوقاتهم، يقال إن الشيخ ن يكتب كل ليلة قسطا محمد حسن النجفي الذي كان قد تعهد على نفسه أ

، صادف أن توفي ولد له في ليلة )جواهر الكالم(من كتابه الفقهي المعروف بـ من تلك الليالي، فلما حضرت جنازته أحضر معه القلم واألوراق ليتابع الكتابة

.٩٧صوخواطر، صعبد العظيم المهتدي البحراني، قص ـ١ .٥٣٧ـ علي بن محمد الليثي الواسطي، عيون المواعظ والحكم، ص ٢ .١١٨أذكياء الفقهاء والمحدثين، مصدر سابق، : لمعرفة المزيد عن حياة العالمة راجع ـ٣

.)١(وهو في أشد الحزن على ولدهالس إلى الشيخ مرتضى األنصاري وهو ججاؤوان عددا من الطلبة ويقال إ"

ليلة القدر في الثالث والعشرين من شهر )A(في روضة أمير المؤمنين .رمضان المبارك، يسألونه عن أفضل األعمال في هذه الليلة

فسألهم الشيخ عن مرحلتهم الدراسية، فقالوا إنهم يشتغلون بألفية ابن مالك ا حجرتكم وتحفظوتدخلواأفضل األعمال هو أن إن": النحوية، فأجابهم

. )٢("أبيات األلفية وقدسيتهمثالثا ـ بركة العلماء وإخالصهم

لوال تزييد في حديثكم وتمريج في قلوبكم، ": أنه قال) -(ورد عن النبي .)٣("لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع

إن من أشد الناس بحثا عن طهارة النفس وصفائها وتخليتها من الرذائل ء الربانيون الذين يصرفون زهرة عمرهم في وتحليتها بالفضائل، هم العلما

.الذات اإللهية المقدسةرضا سبيل الوصول إلى وهم يدركون تمام اإلدراك ـ بسبب ما منحهم اهللا من قوة المعرفة والنور الذي في صدورهم ـ أن التراكم الكمي ـ مع العناية الربانية ـ ال بد من أن

العلمية والعبادية، والمجاهدات يوصل إلى تغيير نوعي، فكثرة االجتهاداتالنفسية ستمنح الفقيه قوة قدسية تشعره بصفاء نفسي يأبى معه الولوج في

.٣٢، قصة ٩٠ص رجع سابق،عبد العظيم المهتدي البحراني، م ـ١ .٥١٥ ـ ٥١٤ص، ١٩٩٨، بيروت، األعملي، ١الشيخ الحكيمي، أذكياء الفقهاء والمحدثين، ط ـ٢ .٣/١٣١، دار صادر، الت، ـ ابن العربي، الفتوحات المكية، بيروت٣

كلما اقترب إلى المراتب أنه مهالك الدنيا وخبائثها ونجاساتها المعنوية، أي شتغال بآيات الكتاب كاإل،العليا من التطهير الذاتي بفعل اإلنشغال العلمي

بتعد بالدرجة نفسها عن الخبث القلبي، ألنه إ ،))(األئمةوروايات الرسول وسيصل إلى أمور تكشف له حقيقة األشياء فيراها على حقيقتها، فالحق سيلحقه والباطل سيتركه، ألن نفسه تأبى النظر إلى األشياء المبغوضة عند المولى

.شتغال بهااإل وأ " وجلعز"وتحليته ة الباطن من الرذائل األولى من تخليويعتبر هذا الجهد الخطوة

عنده القدرة على التمييز بين ما يضره وما ينفعه، تصير حيث بالفضائل، الحق ويكره الباطل، ويحب الخير ويكره الشرفيحب .

الذات اإللهية القرب من ومن هنا يبدأ السفر الفكري والروحي للبحث عن مة فعل المباح وتضييع المقدسة، ويبدأ العروج شيئا فشيئا حتى يشعر بحر

تستنكف نفسه ،وبعبارة أخرى. األوقات على أشياء ال قيمة لها وال فائدة منها مع ـهذه الحالة الباطنيةب. من فضول المعاش، ويتعالى عن األمور السخيفة

، حيث يجهد نفسه أشد يقبل بجوارحه على الطاعة ـالعناية والمراقبة الدائمةوجبه اهللا تعالى عليه من فرائض وطاعات، ويترك كل جتهاد لكي يأتي بما أاإل

، بل يعمل قدر اإلمكان على فعل المستحبات وترك " وجلعز"ما نهى عنه ".عز وجل"المكروهات لما يرى فيها من المحبوبية والمبغوضية للمولى

وصل إلى هذه الرتبة الشريفة فسيبدأ باستشعار شيء من ذلك إذا ساعتئذ، ر، وسيتحول شيئا فشيئا إلى سنخية المالئكة والصفوة الطاهرة من العالم الطاه

أن يقدم هذا المقامأولياء اهللا، والمهم أنه من المستبعد جدا بعدما وصل إلى على معصية اهللا، وال يتصوأن يعصيه وال اهللا حبا صادقا ر بحق من أحب

من نسج الخيال، وال نتحدث عن شيء،، وهذه مسألة عملية واقعيةيطيعه .)١(" مطيعإن المحب لمن أحب"على قاعدة

هذا الترفع عن مظاهر الدنيا وغرورها، واالستغناء باهللا عن الخلق، وعدم وترك المعاتبات بين الناس وفضول الكالم، والتنزه ،اإلكتراث لمادح أو ذام

ة، يظهر فيها عن أفعال اللئام هو الذي يجعل من هذه النفس نفسا مقدسة مباركعجائب األمور والبركات والكرامات، ولكن أنى لنا ذلك ونحن نعيش في

الجهل والظالم وانعدام البيئة اإليمانية، والطهارة النفسية الجماعية، أي غياهب ق إلى مثل هذه أصبح كل شيء غريبا، فكيف للمؤمن كما في زمننا أن يوف

الدرجات المباركة؟ومن دون شك،البركة هبة إلهية يجعلها اهللا في أوعية طاهرة، وقلوب فإن

على هذه الطريقة كان . صادقة، وإن األشياء تلحق أشباهها وتألف أجناسهاسين، مباركين بأفعالهم وأقوالهم، تحسبهم معصومين وهم فقهاء اإلمامية مقد

ار ليسوا كذلك، ولكنهم قطعوا شوطا كبيرا في المجاهدة، فوصلوا إلى ست ربانية فريدة، ا وليس مستغربا أن نسمع عنهم كرامات عجيبة، وألطاف.العصمة

N: ألنهم انقطعوا إلى اهللا انقطاعا صادقا، وفهموا قوله تعالىM)عليهم في الشدة )٢ وذكروه في الرخاء فذكرهم ومن ،

.)٣(والضراء

.٢٩٤تحف العقول، مصدر سابق، ص ـ١ .١٥٢ : ـ البقرة٢ .١٧٤ص هـ، ١٤٢٤محمد جواد البستاني، خلق األعالم، مكتبة الصدر، : راجع ـ٣

عبد األعلى السبزواري وهو في األربعين وينقل عن المقدس آية اهللا السيدمن عمره كان في قافلة متوجهة إلى الحج، وبينما هم على الطريق، أضل

. منه الوقوددذهب يمنة ويسرة حتى نفوالسائق طريقه، وصل األمر وهنا، لم يجدوا أمامهم إال صحراء قاحلة ال حياة وال ماء فيها،

هم شبح الموت، وغلبت عليهم قساوة بالجميع إلى حد اليأس، وقد دنا من .الحياة، وأقفلت بوجههم أبواب الفرج من كل صوب

منهم الطعام والشراب، دلم للموت شيئا فشيئا بعد أن نفوبدأ الجميع يستسإال أن السيد المقدس أراد أن ينفذ إلى الحياة، فأخذ مصاله وذهب بعيدا

ولما أصبح السيد على وشك ،"جعفر الطيار"صالة " الحبوة"ليصلي صالة فأسرع، " فإننا ننتظرك أنت فقط،أسرع يا سيد، تعال"ودي اإلنتهاء منها، ن

ما الذي طرأ : ، فقال له)الحافلة(فإذا به يرى الركاب جالسين في السيارة ، وأمر السائق بتشغيل السيارة، وسقاناجاء فارس أطعمنا : "قالوا" وحدث؟

إنها طريق مكة : وقال،ر بيده إلى تلك الجهةفاشتغلت كما ترى، ثم أشا١(" نادوا السيد وبلغوه السالم:مة، ولما أراد الرحيل قالالمكر(.

ومن جملة ما حكي عن العلماء أيضا أن العديد منهم ظهرت عليهم صالة االستسقاء، كالصالة التي وا كرامات نزول الغيث من السماء بعدما صل

في جبل ) رضوان اهللا تعالى عليه(سن األمين ها المقدس السيد محصال .)٢(، والتي ذاع صيتها في العالم اإلسالميعامل

.١٥٠ص مرجع سابق،المهتدي البحراني، العظيم عبد ـ١انيـة واأللطـاف اإللهيـة أنـه بعـد في أعيانه، أنه مما اتفق لنا من العناية الرب ) رض(يذكر السيد ـ٢

وعلى أي حال، وإن لم نكن في مقام عرض كرامات العلماء كافة، إال أن بد أن ال،التجربة أثبتت أن الذي يسير في هذا الطريق بصدق وعزم وإخالص

، قال "من جد وجد، ومن لج ولج"و يصل إلى مبتغاه ويفوز بالرحمة اإللهية، .)١(NM: تعالى

رابعا ـ تميزهم بالعبادة والمداومة على المستحبات الذين ))( المعصومينعن األئمةالعلماء ها ورثهي إحدى الخصال التي

كاإلمام زين ـ بشتى القربات، فمنهم "تعالى"تواصلون مع اهللا كانوا يمن كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، ومنهم كاإلمام ـ )A(العابدين كان يختم القرآن كل ثالثة أيام، ومنهم من كان يسجد الذي)A(الرضا

باإلضافة إلى كثرة اإلشتغال ،سجدة طويلة من طلوع الشمس إلى الزوال، .)٢(وراد واألدعية واألذكارباألإن : " في بعض أدعيته)A(اإلمام زين العابدينمن منطلق ما قاله و

يعتقد علماء ، )٣("الشريف من شرفته عبادتك والعزيز من أعزته عبادتك

نزوحي من دمشق وعودي إلى الوطن في جبل عامل، قحط الناس وانقطع المطـر، فـدعونا النـاس

إلى أن يقـول بعـد أن ... ، وصمنا األربعاء والخميس والجمعة"تبنين"موافاتنا إلى سهل الخان قرب للبكاء إلى آخر النهار طلبا الستجابة الدعاء بقينا مشتغلين بالدعاء والتضرع وا : صلى صالة االستسقاء

فما عـدنا إال وقـد انتـشر الغمـام فـي .. في آخر ساعة من يوم الجمعة ثم أفطرنا وصلينا العشاءين ١٠/٣٧٠أعيان الشيعة، . تلك الليلة مطرا أحيا الزرع والضرعالسماء ومطر الناس.

.٦٩: العنكبوت ـ١ .٨/٤٦٥درك سفينة البحار، مصدر سابق، ؛ مست٥١٧صالخصال، مصدر سابق، ـ٢ .١٨٢، الصحيفة السجادية، ص)%(ـ اإلمام زين العابدين٣

فيصبح شتغال بالقربات والطاعات تؤثر في تصفية الباطن اإلمامية أن كثرة اإلليس ": ورد في الحديث، ويؤيده ما ة اإللهيأكثر قابلية لتقبل المعارف المرء

. )١("ما هو نور يقذفه اهللا في قلب من يريد أن يهديهم، إنالعلم بكثرة التعل يحتاج إلى رفع الموانع والحجب وتطهير الباطن كي تستقيم األمرهذالكن و

. للقداسة والمباركةالنفس وتصبح فعال محال فهو ،كذلك القلبف بيتا فيه كلب، وكما ورد أن المالئكة ال تدخل

يبية وكلب المفاسد والرذائل ساكنبيت، وال يمكن أن تدخله المعاني الغ .فيه

فأفضل دواء لعالج آثار المعاصي والذنوب هو المداومة على بعض صالة الليل"ات والطاعات، وفي مقدمة هذه األعمال المستحبة المستحب "

.قيه لنيل الفيوضات اإللهيةالتي تعد طريق العالم الفوا صالة ة علماء ال يقبلون أن يعطوا درسا لطالبهم ما لم يصلولذا كان ثم

بنفسهد ويطلع على أحوالهم ليتأك، وبعضهم كان يتفقدهم أثناء الليل،الليل . كانوا يصلون صالة الليل أم النإ

ب العلمطالمن أسباب توفيق كبير صالة الليل سبب ومن المعلوم أن ، المستحبة العظيمة التي دأب الصالةوالعجب العجاب بمن يستهزأ بهذه

شرف "أن ومما ورد في فضلها من األخبار . إليهااألنبياء واألولياء على القيام

.٦٧/١٤٠ـ بحار األنوار، مصدر سابق، ١

وكان الشهيد . )١("المؤمن صالة الليل، وعزه استغناؤه عن الناسيوصيه كان أستاذه )E(مة الطباطبائي العال إن: يقول)E(مطهري

أردت اآلخرة ذا أردت الدنيا فصل الليل، وإذاإ: "قول له وي،بصالة الليل، واآلخر "جعفر الطيار"وبعضهم تراه يواظب على صالة . )٢("فصل الليل

يداوم على السجدة اليونسية بعد صالة الليل أربعمائة مرة كل يوم، وهي .)٣(N M: قوله تعالى

.٩/٤٤٨وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ١ . ١٧٨ص، ـه١٤١٣، بيروت، دار البالغة، ١ الصالحين، الشيخ رضا مختاري، طسيماء ـ٢ .١٩٥صالمرجع نفسه، ـ٣

الثامن عشرالفصل

تقييم لمنهج العلماء األخالقي

: الفصل الثامن عشر

إن من أهم المزايا التي تمتع بها علماء اإلمامية، أنهم كانوا كالشمس في زول الغيث، ال يفرق وكالمطر ون،ن مؤمن وكافرأخالقهم، فضوءها ال يميز بي

والعلماء كذلك، أخالقهم سواء بين من أحبهم وبين من .بين بار وفاجر١(زون عن غيرهمأبغضهم، وإال فبماذا يتمي(.

كانوا منهجا فريدا في سلوكياتهم، وقد برزت مزاياهم في العديد من وهكذا :محطات حياتهم، نذكر منها

ولو كان ،لل أو ملل دون ك العلمإلصرار والعزم على متابعة طريقا: أوال .طعمه أمر من الحنظل

وعدم هدر الوقت باألمور ،المداومة على الدراسة والقراءة والكتابة: ثانيا .التافهة، فالمهم أن حولهمعدم االستيحاش من قلة المناصرين والتفاف الناس : ثالثا . على حقوايكونالثقة باهللا تعالى بشكل مطلق، واليأس من الناس، واللجوء إليه دائما : ارابع

.دون ضعف في اإليمان والتوفيق بينها وبين الدراسات اليومية، ،المداومة على المستحبات: خامسا

.١٣٨ـ الشيخ أحمد بن عبد اهللا الكوز الكتاني، إيقاظ العلماء وتنبيه األمراء، ص١

.دون التعلل أن كثرة المستحبات تزاحم الدراسةالعتماد على اهللا وا، والصبر على مصائبه،التجافي عن دار الغرور: سادسا

.وحده في طلب الرزق .زاء بهم وبحوائجهمالناس قدر المستطاع، وعدم االستهقضاء حوائج : سابعاستئكال واإلستفادات الشخصية، إنما لم يحولوا اإلسالم إلى مرتع لإل: ثامنا

.عرفوا موضعهم المناسب وكيف يتحدثون باسم الدين الحنيفكرامات التي كانت تحدث معهم، وعدم حبهم وال لألسرار حفظهم: تاسعا

.للظهور والشهرة وتربية الطالب ،الحرص على تربية النفس وتهذيبها وترويضها: عاشرا

.وتبنيهم روحيا كي تبقى المسيرة العلمية محفوظة ،هتمام بالطالب واإللتفات إلى أمورهم الدراسية والمعيشيةاإل: عشرأحد

.وتفقدهم بين حين وآخرخالف نفسك ): "A(مخالفتهم ألهوائهم، على قاعدة األمير: عشرإثنا .)١("تستقمشدة تواضعهم وحضورهم الفعلي بين الناس على نحو يكسر : عشرثالثة

الحواجز بينهم، مما يسهل الطريق على كافة أفراد المجتمع بالوصول إلى .العالم وطرح أسئلتهم عليه دون أي حرج في ذلك

ارتباط علماء زمن الغيبة الصغرى والكبرى بإمام زمانهم ارتباطا : عشرأربعةروحيا ال مثيل له، حيث يحرصون في دعائهم أن يرزقهم اهللا رضاه، كحرص

.٤/٣٤٨ـ ميزان الحكمة، مصدر سابق، ١

الولد على أن يحظى برضا أبيه، فالشيخ النجفي في جواهره يعبر عن ذلك حينما " يخوند الخراسانآلا" و.)١("اللهم ارزقنا رضا صاحب الزمان": بعبارة

استحى من قلة ما عنده ليتصدق به على بعض الفقراء، ناوله الشيء المتصدق حينما تعرض أحد السذج من و". اذهب قبل أن يرانا المهدي": قال لهوبه

وحكم عليه بالردة عن صاحب " محمد باقر البهبهاني"عامة الناس للعالمة ولقنه درسا جعله يأتي ـساذج للـ في عالم الرؤيا )A( فجاءه اإلمام،الزمان

.)٢(العالمة في منتصف الليل ليقبل يديه ويعتذر منه

.أذكر أنني قرأت هذه العبارة في كتاب الجواهر، وقد غفلت عن موضعها ـ١ كربالء، في )%(، دفن في حرم سيد الشهداء )ـ ه ١٢٠٦، ـ ه ١١١٨(من أعالم القرن الثالث عشر ـ٢

. ٨٥صللمراجع والعلماء األعالم، الجهرمي، ).(رعاية اإلمام المهدي: راجع القصة

التاسع عشرالفصل

اآلثار األخالقية والتربوية للدراسات الفقهية

: الفصل التاسع عشر

المدرسة اإلمامية تمثل منظومة متكاملة من األحكام إن النظريات الفقهية في

ومن أهم خصائص هذه . الشاملة التي تنظم عالقة اإلنسان بربه وبالناساألحكام إحاطتها التامة والشاملة بكل ما يتعلق بتصرفات اإلنسان الدينية

ما من واقعة إال وهللا"ه و متداول على ألسنة الفقهاء أنذا ما هوالدنيوية، وهد على يؤكدون إغفال أي جانب منها، فإن هذا التتبع للجزئيات )١("فيها حكم

وهذه . سعة الشريعة ومرونتها وضبطها لجميع أفعال اإلنسان وتصرفاته .ها تنضوي تحت علم شريف، وهو علم الفقهاألحكام كل

فهو علم مبارك، وطلبه عبادة، ألن فيه تعلم الحالل والحرام، ومجلسه من .ه المالئكة وتباركهر المجالس، تحفخي

حديث فيه حالل أو حرام تأخذه عن : ")A(وقد ورد عن الصادق .)٢(" من ذهب أو فضة،صادق، خير من الدنيا وما فيها

دخل يوما إلى المسجد، فوجد ) -(وورد في بعض الروايات أن النبيذاكرة دة، فاختار مجلس الممجلسين، مجلس علم ومذاكرة، ومجلس ذكر عبا

التي فيها كل حالل وحرام صحيفة فاطمة ، عندما كان يصف )%(وهو مؤدى رواية عن الصادق ـ ١

.٢٩/٣٥٦ حتى األرش في الخدش، وسائل الشيعة، ،وكل شيء يحتاج إليه الناس .١/٢٠ج، المهذب، ـ القاضي ابن البرا٢

فيه قداسة العلم اإللهي فإنه يدل على أن، إن دل على شيء، هذاإن. والعلمتترك أثرها الروحي على سلوك العالم الفقيه، ألن تطبيق أحكام وبركات

ر عن اإلاتها ودقالشريعة بجزئيلتزام بالمبادئ األخالقيةائقها يعب. رسا في األخالق، فقال بعض الطلبة سأل أحد األعالم أن يعطيه دوقيل إن

من أفضل دروس ة فهي الرسالة العملية وطبقها كاملإذهب وافتح": له )١(".األخالق

، ال المباشر على نفس اإلنسانلذا، كثيرة هي العلوم التي ال تترك أثرهااآلثار بشكل غير مباشر، ولذا بعض وإن كان أحيانا لها ،اإليجابي وال السلبي

أنه وفي رواية أخرى )٢("ي أعوذ بك من علم ال ينفعاللهم إن): "-(قال)-(دخل المسجد و ه، فسألجد رجال تتحلق الناس حولو)-( عن هذا

أعلم الناس بأنساب : ما العالمة؟ فقالوا: )-(هو عالمة، فقال: الرجل، فقيل ذاك علم": )-(العرب ووقائعها وأيام الجاهلية واألشعار العربية، فقال النبي

لذلك، فإن من يدرس الهندسة، أو .)٣("ال يضر من جهله، وال ينفع من علمهوعلم الكالم األحكام الشرعية علم البرمجة، أو اللغات، ليس كمن يدرس

.واألخالقي ال تمس ي من المهارات والمواهب الفعلية التحى العلمي األول يقونفالملمنحى العلمي الثاني يبحث في جتماعي بصلة، بينما االواقع األخالقي واإلإلى

.أي رسالة المجتهد المطلق التي يبدي فيها فتاواه من باب الطهارات إلى باب الديات ـ١ .٥٠/٧٠ـ مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ٢

.١/٣٢ـ الشيخ الكليني، الكافي، ٣

وما يتعلق به بشكل مباشر، مما وأفعاله وعقيدته أسرار اإلنسان ووجوده إلى سلوكية من حالة وينتقل بصاحبها اإلنسانية على النفس ةمباشرينعكس

مع األخذ بعين ، عنده ملكات علمية وأخالقية فاضلةأخرى، حتى تصبح حال المشاهد والملموس أن وهكذا فإن . األشخاصبينلفة عتبار القابليات المختاإل

تترك أثرا واضحا في أخالق طالب المختلفة دراسة العلوم الدينية بموادها .العلم

في ذلك، أن العلوم التي يتعلمها طالب العلم مستقاة من مصدر والسر ري إلى ، فإن آثارها المباركة ستسالوحي، وحينما تصبح شغله الشاغل ليل نهار

البحث في الروايات ك وسيتطبع بها، وهي بحد ذاتها بيئة مربية له،،روحه .))( وعترته الطاهرة)-(واألخبار المباركة المروية عن النبي

ملؤه النور، مما ينعكس ،لذلك، فإن طالب العلم ينهل من نبع صادق وطاهربقية الشروط اة مراعراه يتحول شيئا فشيئا ـ مع تذلك على قلبه وعقله، و

األخرى كاإلخالص هللا تعالى وحسن المنشأ وغيرها ـ إلى إنسان آخر، ويظهر بإشراق نور ، حتى يصل األمر ضوح على قسمات وجهه وفلتات لسانهذلك بو

وجوه طلبة العلوم الدينية ألنهم يشربون من ماء زالل العلم والتقوى على .واحد

في توجيههم من أهل البيت ) )(مينام األئمة المعصومن هنا، انصب اهتم ومن ،نيهوا في الدتفق" :))(ضرورة التفقه في الدين، فقالواعلى لشيعتهم

( أمير المؤمنينوقال ،)١("ين فهو أعرابيلم يتفقه في الدA(: " يا معشر

.١/٣١ـ الكافي، مصدر سابق، ١

الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، واهللا للربا في ،التجارى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا أيمانكم بالصدق، هذه األمة أخف

،)١("التاجر فاجر، والفاجر في النار إال من أخذ الحق وأعطى الحق :)A(وكذلك قال اإلمام ،)٢("من اتجر بغير علم ارتطم بالربا" :)A(وقال

.)٣("التاجر فاجر ما لم يتفقه في الدين"وهو ،ل الحرام، هو أمر واحد فقطإذا، الشيء الذي يمنع اإلنسان من أكل ما

تعلم األحكام بحاللها وحرامها، ووجود وازع وضابط نفسي يهذب هذه النفس د تصرفاتهاويقي.

رة والتي قطعت شوطا طويال ومن المفارقات أننا نالحظ في الدول المتطوفي تثقيف وتربية المواطن على احترام القانون العام واألنظمة المدبرة لحركة

في التقيد بنظافة الشوارع، المواطن، كيف أن المواطن يحترم الحق العام ومنع قطع األشجار، ،نضباط بألوان إشارات السير، واحتضان البيئة النباتيةواإل

والعناية الشديدة بالحيوانات، واحترام وتقدير ذوي المشاكل الصحية م مدني ال عالقة له والعاهات واألمراض المزمنة، وهذا كله بتوجيه وتنظي

بأنظمة دينية، بينما نجد في المقابل خلقيات وضوابط شرعية أهم بكثير من تلك، لكن لألسف لم تنجح عملية التثقيف والتوعية في إيصال هذه

أو هو على سبيل رفع العتابنها البعض فالمعلومات إلى جميع الناس، وإن بي ،

.١٧/٣٨١ـ وسائل الشيعة، مصدر سابق، ١ .وضع نفسهـ المصدر نفسه، الم٢ .٣/٣٦٥ـ الشيخ الطريحي، مجمع البحرين، ٣

.ي التوعيةوليس على نحو برنامج متكامل فجهد فردي، ، )١(كراهة قطع األشجارنا في السنن واآلداب ورد عند، فمن باب المثالص البيوت وحفظها من بيوت العناكب وعدم ترك يواستحباب تجص .)٢(القمامة فيها ليال

حرمة تعطيل شوارع المرور على الناس، وحرمة إضرار ورد وكذلك ر وال ضرار في ال ضر" :)-(اآلخرين بأي شيء كان، وقصة قول النبي

. مشهورة ومعروفة)٣("اإلسالموكذلك ما ورد في آداب التعامل مع الدواب وعدم ضربها، وتربية الدواجن

.)٤(واألنعام وإطعامها وغير ذلك فمن البعيد جدا أن ال ينبهر ،فإذا اطلع اإلنسان على هذه األحكام واآلداب

.في سلوكه وخلقياتههذه الضوابط الشرعية، وال تكون عامال مؤثرا بوعليه، فإن طالب العلم يعكس فكر هذه المنظومة الشاملة التي لم يغب عنها

.شيء من تفاصيل الحياةأحكام الطهارات التفقه هو فقط معرفة ومن الخطأ أن يعتقد البعض أن

الدين إن كان أمرا أساسيا وهاما ـ إال أنووالنجاسات وأركان وشرائط الصالة، ـ ي نظرته للحياة الحظ كافة نشاطات اإلنسان المحتملة وعالقته بالمخلوقات ف

ـ حلية المتقين في اآلداب والسنن واألخالق، المجلسي، تعريب الـشيخ خليـل رزق، دار األميـر، ١

.٦٦٦ص، ٢٠٠٤، ٣بيروت، ط .٦٣٣ص نفسه، رجعـ الم٢ .٥٣٧ـ الشيخ الصدوق، المقنع، ص٣ .٦٢٥صـ حلية المتقين، مرجع سابق، ٤

. والجماد والنباتاألربعة، أي تنظيم العالقة مع اإلنسان والحيوانفهذه األقسام تتفاعل فيما بينها، والشرع أوجد لها نظاما شامال لتفعيل حركة

إلنسان لمعنى أال وهو تحصيل ا،الحياة في سبيل تسخيرها في محل واحد .العبودية الحقة

وعليه، أليس من الجدير أن تكون الدراسات الفقهية ضمن الدراسات .المعاصرة لتنمي من الفكر األخالقي، وتساهم في تهذيب النفوس البشرية

إذا، ال تنفك الدراسات الفقهية عن السلوك األخالقي، بل هما مكمالن خالق هي الحقل التطبيقي لألحكام ويمكن القول، إن األ.لبعضهما البعض

الفقهية، وكلما تعمق الفقيه العالم باألحكام، ازدادت أخالقه ثباتا وتماسكا، .وتحولت إلى ملكة ال يمكن زوالها بسرعة

أبيض

العشرونالفصل

الوسائل التربوية الكتساب األخالق

: الفصل العشرون

إن كل شيء يتحرك حول اإلنسان يساهم في بناء وتكوين شخصيته، سواء

. من الناحية الفكرية والمعنويةمكان من الناحية الحسية أأما نراه في اإلنسان من خصال حميدة أو أفعال رذيلة هي وبعبارة ثانية، إن

.خلق بأخالقهانطباع لصورة كلية عن المجتمع الذي تزين فيه وتلذلك، فإن أول وسيلة لتربية النفس اإلنسانية على القيم الخلقية هي انتخاب

خالية ـ إلى حد ما ـ من أكثر المعوقات التي تعيق حركة التمرن صالحةبيئة .والتدرب والتدرج في الخلقيات الفاضلة عند اإلنسانوالديني السليم هو طالب وأكثر من يحتاج إلى مثل هذا المناخ االجتماعي

ث فطرته وتذهب بصفاء روحه العلم، ألن البيئة السيئة في بعض نواحيها تلو مما قد يعرضه ذلك إلى الحرمان من الكثير من المواهب ،ونقاوة براءته

.اإللهيةارتباط بقدوته ومثاله مثال الطفل الذي ال يتحرك لحظة واحدة دون

ويبقى على هذا المنوال إلى فترة متقدمة من العمر ب واألم، الصالحة، وهما األ الصحيح، ويجنبه الوقوع في اإلتجاهلشعوره بالحاجة إلى من يقوم أعماله بى ال يعبر عن لهذا، فإن هذا المنح .األخطاء التي بإمكانه تجاوزها وتفاديها

.وجهة نظر، إنما هو قانون ينبغي أخذه بعين االعتبار الدين اإلسالمي اتخذ القدوة الحسنة وسيلة لترقية من هنا، نالحظ أن

. عن االنحطاط والتخلفاالمجتمعات اإلنسانية في سلم الكمال الخلقي، وإبعاده

N ":عز وجل"وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله

M)١(. والمهم في القدوة الحسنة، أنه ال يهدي إلى الرشد والصالح فحسب، إنما

.يكون سببا لسعادة المجتمعات في آخرتهم ونجاتهم من عذاب الناروفي هذه البيئة بالذات، ينبغي النظر في كثير من التفاصيل والوسائل التربوية

اإليجابي، بأن يكون للتربية اإلسالمية اإلتجاهم السلوك األخالقي بالتي تقو : ومن أهم هذه الوسائل.إسهام كبير في صياغة السلوك األخالقي الفردي

.القدوة الحسنة والقيادة المؤثرة: األولىلمربي لما لوال ا: "من الحكم القديمة التي جرت على ألسن العلماء قولهم

وعلى نحو شامل دون ـ ميدان من الميادين، نالحظ ففي كل، "عرفت ربي كل متعلم أو سائر على طريق هادف، معلم حكيم أمامأن يكون ـ استثناء

ومرب ناجح، لكي يدربه على تطبيق القواعد العلمية أو الخلقية أو الدينية، أو ات الصغيرةحتى على مستوى آداب الطعام والشراب والجزئي.

حسنة أو المعلم الماهر يختصر لإلنسان وقتا كبيرا في طيه لمنازل فالقدوة الاالرتقاء، ويرشده إلى الطرق الموصلة إلى الحق، ويحذره من المواطن

.عن هدفه األساسييقع فيها وهو غني عنها فتشغله والمواضع التي يمكن أن ن شخصيته وانطالقا من هذا المبدأ، فإن ما يقوم به طالب العلم من تكوي

يكون مصدرا للعطاء، هللناس، بمعنى أنأساسي العلمية والخلقية هو تكوين

.٢١ :ـ األحزاب١

التأثر ئما أن يتذكر أن الناس سريعووقدوة صالحة يحتذى بأخالقه، وعليه داأفعاله وأقواله، فهو كالضوء في بصائر في ببعضهم، وبخاصة إذا كان ذا كمال

ر عنه البشر، ولهذا عفضله على العابد "ويات بالشمس والقمر، الروافي ب أنأن فضله على العابد "و، )١("القمر على سائر النجوم ليلة البدركفضل

.)٢("كفضل الشمس على الكواكبلإلنسان مذكرين أن يكون قوله وفعله وهو إذا، هذا ما ينتظر طالب العلم،

.له نحو الطاعة والتقوى واإلجتهادومحركين قال يوما )A( عيسىأن النبي": )-(هذا الموضوع ورد عن النبيوفي

يا روح اهللا بماذا نتحبب إلى : تحببوا إلى اهللا وتقربوا إليه، قالوا:للحواريين والتمسوا رضى اهللا بسخطهم، ،ببغض أهل المعاصي: اهللا ونتقرب؟ قال

ه، ويزيد في رؤيتمن يذكركم اهللا: يا روح اهللا فمن نجالس إذا؟ قال: قالوا . )٣("علمكم منطقه، ويرغبكم في اآلخرة عمله

. والترغيب والترهيب،نظام الثواب والعقاب: الثانيةإن من أهم الوسائل المربية والتي تخدم المبادئ األخالقية هي إجزاء المحسن على عمله الحسن بعظيم أو قليل المثوبة، ومعاقبة المسيء على فعله بما يناسب

اإلثابة ـ بالكلمة الطيبة أو المؤنبة، وأخرى أوالعقاب فتارة يكون ـ .ءةحجم اإلسا .بتقديم الهدية، أو بالتأديب الشرعي الذي ال يخرج عن حده المألوف

.٢٦ص؛ بصائر الدرجات، الصفار، ٢/١٨ـ بحار األنوار، مصدر سابق، ١ .٤٤صـ تحف العقول، مصدر سابق، ٢ .٤٤صـ تحف العقول، مصدر سابق، ٣

وهذا النظام، من شأنه أن يربي قاعدة أخالقية عند اإلنسان بأن النفس ليست لشرعية والقانونية، حرة في أفعالها كلها، فهي تملك الحرية ضمن حدودها ا

ذا سلطة وسطوة، ألن ميزان العدل يشمل جميع الناس اإلنسانحتى لو كان .باختالف طبقاتهم

فإن ثبت ذلك في نفسه، فيصبح شديد المحاسبة والمراقبة خوفا من التقصير على حقوق ئهتجرتجاه مسؤولية ما، أو من العقاب الذي سيلحق به جراء

.غيرهيه، أن هذه القاعدة تساعد كثيرا على تقوية أصل اجتماعي ومما ال شك ف

. وهو األمر بالمعروف والنهي عن المنكر،كبيريصبح عنده ضوابط ذاتية تتفاعل سالمجتمع إذا اعتاد على هذا النظام، فإن

ويعبر عن ذلك بالطريقة الالئقة والمؤثرة بحق ،في داخله بشكل تلقائي، فينمي بذرة المعروف وثقافة )١(NMاآلخرين، على قاعدة

.اإلثابة عليه، ويضعف من فكر المنكر ويعاقب عليهإن هذا المبدأ، يعتبر وسيلة فعالة داخل أي جسم علمي، وباألخص في العلم الديني، ألن المطلوب هو تربية علماء يشكلون بأخالقياتهم نظام توجيه وإرشاد

.ويكونون سدا منيعا أمام التجاوزات الخاطئة أو البدع المخترعةعند الناس، التعرف على وسائل الحياة المتطورة: الثالثة

من الخطأ أن يكون اإلنسان أجنبيا عن مستلزمات عصره، وما يمكن أن يسخر له من وسائل تعليمية وتربوية واجتماعية واقتصادية وغير ذلك، ألن

.٢٢: ـ الغاشية ١

ستفادة من بعض جوانبها، منعه من اإلي الوسائل العيش بمنأى عن هذه .حجزه عن إيصال الفكر السليم واألخالق الفاضلة إلى الناسيو

ومن أهم تلك الوسائل هي دور اإلعالم في صناعة المعرفة والثقافة في فمن المالحظ اليوم، ونحن أبناء هذه الحياة .ينأذهان الناس والمهتم

ائية تلعب دورا خطيرا في إعداد الفكر اإلنساني، المتطورة، أن القنوات الفض وتكاد تكون مؤثرة أكثر من الصروح العلمية والمعاهد والجامعات

جتماعيات واإلالعرفية ، وقد أصبحت مؤثرة في التقاليد والشخصيات العلمائيةتكفي وهذه بحد ذاتها بيئة ضخمة ال .كتأثيرها على الرأي العام في السياسة

.خاطرها بطريقة تقليدية ممعالجةفينبغي انتقاء ما هو نافع منها، ومواجهة الضار بطريقة مضادة، أي كل قناة

حتى تحفظ منعة الناس نافعة وصالحةفاسدة ينبغي أن يكون في مقابلها قناة .اإليمانية واألخالقية

وهنا يأتي دور طالب العلم الذي ينبغي أن ال يغيب عن فكره أنه إذا أصبح أن يتصدى لمثل فعليه كافة الوسائل األخالقية والعلمية درا على استعمال قا

وحسب، أو العلميةي بيئته ليس ف،، وأن يكون الشخصية القدوةهذه المخاطرمجلس تدريسه، إنما أيضا أن يكون القدوة اإلعالمية التي تحمي المبادئ

ض أهل العلم الذين بل قد يتعين على بع.األخالقية من االنحالل والضياعخبروا وسائل الحياة على نحو جيد أن يستغلوها لنشر القيم األخالقية وينقلوا

.لحقيقية عن عقائد اإلسالم وفروعه إلى الناس كافةالصورة ا

الواحد والعشرونالفصل

أزمات السلوكيات األخالقية

)الجامعة نموذجا(

: ونالفصل الواحد والعشر

الصروح األكاديمية هي عنصر أساسي في عصرنا الراهن لتكوين البناءات اإلجتماعية الصالحة، والخبرات المهنية والوظائفية التي تسهم في تنشيط

اإلقتصادية من خالل ةاالقتصاد القومي وتعطي تفاعال كبيرا في تنمية الدور ـعندنا سنويا من الجامعات العلمية الذين يتخرجون ـضع مئات الطالب و

مما يساعد على رفع مستوى ثقافة المواطنين وقدراتهم ،في أماكنهم الصحيحة .وطاقاتهم التي تبنى على أساسها األوطان

شـوطا ـ بمختلف فروعهـا وحقولهـا ـ الجامعاتوقد قطعت هذه الكليات و وذلـك تبعـا لتطـور ،التخصـصية اهجها واتساع مجاالتهـا كبيرا في تحديث من .الحياة اإلنسانية

الجامعية في عصرنا الراهن أصبحومما ال شك فيه، أن تحصيل اإلجازةعالمة فارقة بين المتعلم وغيره، حيث أعطت قيمة معرفية وإنسانية يتعاطى

ن في الحقيقة ما ولك. المجتمع على أساسها في تصنيف الطبقات اإلجتماعية تعتني بمنح إجازات ال ـ بشكل عام ـنريد أن نتوقف عنده هنا، أن الجامعات ال ،وهنا، وبكل تأكيد. وحسن السلوكمن نوع آخر، وهي اإلجازات الخلقية

.أتحدث عن كافة الطالب والطالبات، إنما نتحدث على نحو العموم بنيوي ومنهجي هو إقصاء وبحسب تجربتنا المتواضعة، نالحظ أن أول خطأ

مما فتح ،مادة علم األخالق من البرامج الجامعية، بل إعدامها من المواد العلمية

المجال أمام الحرية المطلقة التي ال تؤمن بالمقدسات والمحرمات، وقد نجحت في فصل العالقة بين التحصيل العلمي والتطبيقات األخالقية في الحياة

م في تعطيل الفكر األخالقي وتهميشه من عقائد اإلجتماعية، مما ساهالتي تحدثنا عنها في أول الكتاب " سبينوزا"المتعلمين، بل اتجه نحو نظرية

.ن األخالق والنظريات األخالقية ناتجة عن ضعف اإلنسانإ: القائلةولهذا السبب، وأسباب أخرى من قبيل غياب الرقابة الذاتية عند الكثير من

المعلمين و أولياء األمور، اآلباء واألمهات، كثير من وتراجع،باتالطالب والطال أصيبت أكثر الصروح العلمية بالتحلل ،م التربوي واألخالقيعن أداء دوره

الخلقي، وتسلل الفساد اإلجتماعي إليها على نحو تدميري، وتحول أكثر هذه ء، وترويج الفواحش األماكن العلمية إلى مصادر لنشر الفساد بين الرجال والنسا

إلى اللواط، والسحاق، فضال ،الكبيرة في المجتمع اإلنساني، من فاحشة الزناعن إسقاط المرأة من سجل الهوية اإلنسانية، وتوجيهها نحو أمر واحد وهو . استغاللها وقتل اإلنسان الذي في داخلها، والتعاطي معها كأنثى دون اإلنسان

بي يعتصر ألما على هذه األزمة المهلكة وإنني أكتب هذه الحقيقة وقل .لمجتمعنا

عسى أن يكون ثمة ،وبعد عرض عنوان هذه األزمة، ال بد أن نقدم عالجا لهامن الخطأ الكبير فصل العلم عن السلوكيات األخالقية، ألن فآذان صاغية،

المبادئ األخالقية تساعد المتخصص على تطبيق قواعده العلمية بأمانة . بعيدا عن الغش والتزوير والتالعب والخداع،الص وصدقوإخ

والصواب، هو إدراج مادة علم األخالق في البرامج الجامعية، وذلك بتخصيص حصة واحدة في األسبوع، ولو تعلم الدول نفسها ما لألخالق من

دور في بناء المجتمع الصالح المنضبط، والمتقيد بالقوانين واألنظمة المدنية، .عت إلى إقرارها وإدراجها في صلب المواد العلمية األساسيةلسار

في مناهجمادة األخالق إدراج ، أن يا أخي الطالب وأختي الطالبةواعلم الدراسة الجامعية تقلل من حوادث السير، ومن اإلجتماعات والخلوات

والتي تؤدي في بعض األحيان إلى الموت، واالنفالت المريبةالغامضةوكذلك تساعد على تنمية الطاقات الفكرية وتنظيمها، . القي الوحشياألخ

، ألن عددا ال بأس به من الطالب يلتهون فيما حوترفع من مستويات النجا .في الجامعاتبينهم بقضايا تحرفهم عن هدفهم األساسي

ومن غير الصحيح أن يعتقد البعض أن التمسك بالقواعد األخالقية متوقف م الديني، بمعنى أن المتوجب عليه التقيد بهذه القواعد هو فقط على اإللتزا

...الذي يصلي ويصوم ويحج، وغير ذلكبواجباته واستطاع أن يقوم كل الميادين في الحقيقة، إن من جاهد نفسه في

فقد أن يكون مثال أعلى في األخالق، والعينية الدينية، كالصالة والصوم، .لكمال اإلنسانيالمطلوب، وبه يحصل احصل

وفي حال لم يقم اإلنسان بواجباته العبادية العينية، وقد استحوذ عليه الشيطان، ولم يوفق لمثل هذه البيئة الصالحة، فال يعني ذلك أن يتحلل كليا من كافة التكاليف األخالقية، بأن يزني، ويشرب الخمر، ويحصل ماله بالربا،

نظر بهما إلى أعراض الناس، وأن يكذب ويحول عينيه إلى وكر للشيطان ي !!ويغش ويدخل المالهي الليلة ويفعل ما يشاء

لذلك، لست في مقام الدعوة إلى إقامة جمهوريات إسالمية في الجامعات العلمانية .بقدر ما أدعو إلى إقامة ضوابط أخالقية في هذه المعاهد والكليات العلمية

ى يفيد المجتمع العلمي إلى حد إن التقييم اإلجتماعي على هذا المستوتقليال من شأن هذه الصروح العلمية، إنما هو تذكير بأن السير كبير، وهو ليس

التصاعدي للكثير منها أصبح في موقع آخر، والمطلوب أن نخرج القيم نضباط فال يجوز فصل مفردات التقوى واإل،اإلنسانية قبل الشهادات العلمية

.عن التفوق العلميفضال عن ـ إنني أدعو أن يعتمد التقييم األخالقي في المدارس والثانويات

على نحو جدي وشامل قبل فوات األوان، وقبل أن يصبح تعاطي ـ الجامعات المخدرات والمسكرات من زاد الطالب اليومي الذي يصطحبه معه إلى مقعد

.الدراسةتحصيل العلمي هي مبادئ إن ما قدمته في أول الكتاب عن آداب وخلقيات ال

تصلح لجميع الناس بمختلف اتجاهاتهم وعلومهم، فليست مختصة بالعالم الديني، إنما هي شاملة لطالب الجامعات، فالعلم هو أمر مقدس إذا حافظنا

وإال فيصبح وسيلة لبعض األمور الدنيوية التي تغيبه عن الموقع ،على خلقياته .الصحيح له

أبيض

الثاني والعشرونلفصل ا

التطبيقات األخالقية

: الفصل الثاني والعشرون

بعد أن بينا أهمية القواعد األخالقية في األنظمة التعليمية والدينية والسياسية وغيرها من ميادين الحياة، وما لها من جذور تاريخية ،واإلجتماعية بشكل عام

ومكانتها في المفاهيم اإلسالمية، كان من األهمية بمكان أن نتوقف ودينية،عند مفصل أساسي في علم األخالق، وهو المجال التطبيقي لآلداب والقواعد

.الخلقيةوالسبب الرئيس الذي دعانا إلى طرح هذا الموضوع، أن اإلنسان قد يتعلم

تبقى خبرته التطبيقية في المبادئ األخالقية ويختزنها في وعائه الفكري، لكن بعض الحاالت ضعيفة جدا، وذلك بسبب عدم القدرة على تحديد حقيقة

ولشدة إيمانه ـ الوقائع الخارجية، وتشخيصها على نحو دقيق، بمعنى أنه ي فيعتقد أن تطبيق النظريات األخالقية على حد سواء ـ بالخلق الحسن

وبين حالة . شخص وآخرمختلف الحاالت والمستويات، دون تفريق بين قد ، وفي بعض الحاالت،وأخرى، أو حتى بين عرف اجتماعي وآخر، وأحيانا

يتعرض اإلنسان لبعض المواقف الحرجة، فال يستطيع أن يحدد الموقف العملي منها، وذلك من قبيل لقائه بشخص متكبر غير متواضع، وال يعرف

اضلة ويتواضع له، أم يقابله بالمثل كيف يتعامل معه، فهل يعامله بأخالقياته الف ويتكبر عليه؟

وكذلك، لو رأى شخصا يحمل بيده سالحا يبحث عن رجل يريد قتله،

فهل يخبره ويصدق في ـوسأله عن مكانه وهو يعرف مخبأ الرجل الهارب بالحقيقة؟وال يخبره تخليص الهارب من المجرم ل عليه يكذبجوابه، أم أنه

رجل في موارد الدفاع عن الحق، فهل يكون استفزضا، لو ومن هذا القبيل أيحيث يظهر منه قلة الحمية والغيرة، أم يظهر الشدة حليما لينا غير مكترث،

والغلظة بحق من اعتدى على الدين؟إجابات في هذا لها هذه األسئلة وغيرها من المفاهيم المشابهة لها سيرد

ة الخبرة التطبيقية ألخالق اإلنسان الحميدة، هو ما قصدناه من فائدوالسياق، .وسنبحث فيها تباعا بعد أن نبين أصال أساسيا في هذه المسألة

األخالقية على من المعلوم أن الدين اإلسالمي لما طرح مبادئ المدرسة فهو تحدث عن عناوين كلية بغض النظر عن سلوكياتها ،ضوء الكتاب والسنةة في الخارج، إذ هناك فرق بين األخالق بما هي، وبين وتطبيقاتها المختلف

.الخلقيات والسلوكيات التي تختلف من شخص إلى آخربمعنى أن األصول األخالقية ثابتة ال تتغير، إنما الذي يتغير هو مصاديقها في

وقد بحث هذه المسألة الفالسفة وعلماء األخالق تحت عنوان .)١(الخارج، حيث ذهب بعضهم إلى "لنسبي المتغير والمطلق الثابتاألخالق بين األمر ا"

ومنهم من . للتغير والتبدلقابل أمر واحد هما القول بأن الخصال والسلوكيات .)٢(ذهب إلى القول إن الخصال ثابتة، إنما المتغير هو السلوكيات الخارجية

.٦٦صالشيخ مرتضى مطهري، ثبات األخالق، ـ١نـسبية عنـد الـشهيد ة، ملف األخالق والدين، مقالة الدين واألخـالق وإشـكالية ال مجلة المحج ـ٢

.١١٨ ـ ٩٥ص، ٢٠٠٣، ٧مطهري، عدد

وهذا من قبيل اختالف سلوكيات المرأة عن الرجل، حيث ورد في نهج : خيار خصال النساء شرار خصال الرجال" : قوله)A(بالغة عن اإلمامال

الزهو والجبن والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوة متكبرة لم تمكن نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فزعت

ـ بين المرأة والرجل ـفالتغاير هنا .)١(" من كل شيء يعرض لهاـ هربت ـليس باعتباره خصلة نفسية، ألنه بهذا المعنى أمر ثابت ال يختلف بين االثنين،

ويوضحه مثال . )٢(وإنما يختلف باعتباره سلوكا وخلقيات تطبيقية في الخارج عند اإلنسان واحد ال يتغير، والذي يتغير هو اآلداب آخر، أن النظام الغرائزي

هي أمور اكتسابية كالصنائع والفنون المرتبطة بنفس اإلنسان، وهذه اآلداب وسلوكيات الحياة بشكل عام، فهذه يعبر عنها بالعادات واآلثار، فهي ،والمهن

ال " :ه بقول)A(وهذا ما أشار إليه اإلمام علي. قابلة للتغير من زمن إلى آخرفليس .)٣("قون لزمان غير زمانكموتكرهوا أوالدكم على آثاركم، فإنهم مخل

هنا، أنه ال تلزموا أوالدكم بعقائدكم ودينكم، وهذا واضح، إنما المقصودالمراد هو أن لكل جيل سلوكيات تعبر عن طباع اإلنسان وغرائزه، وهي

عاش، وهذه المسألة يستفاد منها كثيرا في العملية تخضع لطبيعة العصر الم .التربوية التي تخدم المصالح األخالقية

كام األخالقية بعناوينها األولية ثابتة بحق الجميع، إال انت األحوإن وعليه،

.٤/٥٢نهج البالغة، مصدر سابق، ـ١ .٢/٨٧الشهرستاني، الملل والنحل، ـ٢ .١٣/٤٥١السيد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ـ٣

وذلك تبعا للظروف التي يواجهها ،أنها قد تتغير وتختلف بعناوينها الثانويةتبدلة من األحكام األولية إلى موهذا األمر يشابه األحكام الشرعية ال. اإلنسان

كل شيء طاهر "يء، األحكام الثانوية، فالطهارة مثال مبدأ عام في كل ش .)١("ونظيف حتى تعلم أنه قذر

وهو العلم بالنجاسة الطارئة على ،فهذا هو األصل، إال إذا حصل االستثناءاألصل، وال يعني طروء الشيء أنه كان نجسا، إنما هو بذاته طاهر، ولكنه

. متنجسافجعلهعرض شيء على الماء أو غيره إنما الذي ، الخير أنها ال تتغير وال تتبدلوفي مسألتنا هنا، األصل في خصال .)٢(يتغير هو مصاديقها وأمثلتها في الخارج

من هنا، نالحظ أن الكثير من العناوين األخالقية التي عددها علماء . عناوين أخرى عليهالطروء قابلة )٣(األخالق

.٣/٤٦٦وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ١

نما األصل في األشياء هو الخير، لكن شر بذاتها، إ هيوال يعني ذلك أن األشياء الموصوفة بالشر ـ٢ .الشر يعرض عليها، أو يكون شرا نسبة ألمور أخرى

ر التربية على األخالق، النفس وقواها األربع، الخواطر النفسانية والوسـاوس الـشيطانية، ي تأث :مثل ـ٣ بالنـاس، العجلة، سوء الظن بـاهللا، سـوء الظـن ،المكر، االحتيال، الجبن والشجاعة، الخوف من اهللا

الغضب وعالجه، االنتقام، العفو، الحقد، العداوة، العجب، الكبر، اإلفتخار، البغـي، العـصبية، قـساوة القلب، الشره، حب الدنيا، حب المال، الزهد، الغنى، الفقـر، الحـرص، البخـل، الكـذب، الـصدقة،

يمة، الغيبة، المزاح، الـسخرية، الهدية، الخيانة، الحسد، إخافة المؤمنين، قطع الرحم، إفشاء السر، النم الصدقة، عقوق الوالدين، التهاجر، اإلهانة، الظلم، النفاق، الرياء، طول األمل، حب الجـاه والـشهرة،

ومنهم من ذكـر . حب المدح، اإلصرار على الذنوب، التوكل على اهللا، الرضا، الصبر، الجزع وغيرها ...خطلب العلم، والعمل، والزواج، وتربية األوالد إل

ي بعد وضوح هذه الفكرة، نأتي هنا لنجيب على األسئلة التي طرحناها فبداية هذا الفصل، مضافا إلى كافة الموضوعات المشابهة لها، فإننا سوف نتحدث عنها تباعا وفق ترتيب موزع على هذا الفصل وما يتلوه من بقية

.الفصول التكبر والغرور

من المعلوم أن التكبر واإلختيال على الناس من األمور المبغوضة عقال شخصية المتكبر، فيحاول تعويض ما وشرعا، وهي حالة تعبر عن نقص في

بهذه الطريقة المرضية، حيث يظهر ـ لشدة جهله ـفاته من كماالت نفسانية عند بقية بنظره المعدومة والخصالنفسه بمظهر اإلنسان المالك للصفات

.الناس يهذب اإلنسان نفسه أو يهملها، وهي حينما الوهذه طبيعة قد تقوى وتشتد

، يقول "تعالى"لمهلكات ألنها من األمور المبغوضة عند اهللا من الموبقات واN": عز وجل" M)(ورد عن النبيو .)١- (

.)٢("ويل لمن يختال في األرض يعاند جبار السماوات واألرض": قوله في مشيه، إن اهللا ليبغض المتجبر المتكبر المختال": أيضا )-(عنه وورد

.)٣(..."ومن مشى في األرض اختياال لعنته األرض من تحتها ومن فوقهاليأخذ بدء تكوينه ونهاية حياته والعجيب أنه كيف ال ينظر اإلنسان إلى

.١٨: لقمان ـ١ .١٣/٤٥١ السيد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ـ٢ .١١/٣٠٤وسائل الشيعة، ـ الحر العاملي، ٣

ابن آدم أوله نطفة، وآخره إن: "أنه قال) A(العبرة، فقد ورد عن اإلمام علي١("رجيفة، وهو بينهما وعاء للغائط فكيف يتكب(.

ما قاله اإلمام لتي وردت بحق المتواضع والمتكبرالمعاني اومن أجمل يا هشام إن الزرع ينبت بالسهل وال ينبت ": لهشام بن الحكم)A(الصادق

، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع وال تعمر في قلب )٢(في الصفاكبر من آلة المتكبر الجبار، ألن اهللا جعل التواضع آلة العقل، وجعل الت

الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه، ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه، وكذلك من لم يتواضع هللا خفضه اهللا، ومن تواضع هللا

.)٣("رفعه سلوك يتنافى وإذا، التكبر مرض نفسي يضر باإلنسان في دنياه وآخرته، وه

كمة، والذي ليس بحاجة إلى اعتبارات مع شخصية المؤمن الغني باإليمان والح .زائفة وتزكيات قادحة كي ترفعه

كخصلة ،لكن أحيانا قد يصادف اإلنسان أشخاصا متطبعين باألخالق السيئةالكبر على الناس، وغير مستعدين لتغيير سجاياهم، بل يعتقدون ذلك كماال في

ليس من باب ، ةفساعتئذ يضطر اإلنسان إلى استعمال نفس الطريق، شخصيتهموقد ورد . تكبرهمباب ردعهم عن تماديهم في تيههم وإنما من ، التشبه بهم

.٤٧٩عيون الحكم والمواعظ، ص ـ١ .الحجر الصلد: الصفا ـ٢ .٣٩٦صتحف العقول، مصدر سابق، ـ٣

وقد ذهب الشهيد .)١("الكبر على المتكبر صدقة"في بعض األحاديث أن ، وقد يندب ااألول إلى القول بوجوب الكبر على الكفار في الحرب وفي غيره

.)٢("اتقليال لبدعة المبتدع، إن كان طريقا إليهفما يفعله اإلنسان في مثل هذه الحاالت وأشباهها هو من باب التعليم لآلخرين، وحفظا لعزة المؤمن، وال ضير في ذلك طالما أنها لم تصدر من

.نفس المؤمن بمثل ما صدرت عن غيرهولمعرفة المزيد من هذه األمثلة، ننتقل إلى الفصل التالي لنتحدث عن

.الغضب وغيرهالصدق والكذب، ومسألة ا

.١١/٣٠٤وسائل الشيعة، ـ الحر العاملي، ١ .٢/١٥٤هيد األول، القواعد والفوائد، الشـ ٢

الثالث والعشرونالفصل

آفات إجتماعية ستثنائيةإوسلوكيات

)ملحق بالتطبيقات السابقة(

:الفصل الثالث والعشرون

وكما . بآفة من آفات اللسان، ورذيلة من رذائل األفعال واألقوال، هي الكذ

. )١("أكبر ما يدخل الناس النار األجوفان، الفم والفرج": )-(قالوهل يكب الناس على مناخرهم في النار إال حصائد ": )-(وقال

.)٢("ألسنتهم عليه، وذلك لضعف هيوهذه اآلفة تعني اإلخبار عن األشياء على خالف ما

والكذب . ة والحسداإليمان وغلبة قوة الشهوة عند اإلنسان، أو بسبب العداوعلى نوعين، فتارة يكون في األمور الدينية، وأخرى في األمور الدنيوية، أما

الكذب على اهللا ورسوله، أو مثل إظهار الزهد في األمور الدينية، فهيالذي : قال تبارك وتعالى. والتعظيم هللا تعالى،والتقوى والخوف والرجاء والحب

NM)٣(. إياكم والكذب، فإن ": بقوله)A(وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين

.١٥/٢٤٩وسائل الشيعة، ـ الحر العاملي، ١ .٥٦صـ تحف العقول، مصدر سابق، ٢ .١٠٥: ـ النحل ٣

الكذاب أنه ال يطلب ما عالمة ألن .)١("كل راج طالب وكل خائف هارب .يرجوه، وال يهرب مما يدعي الخوف منه

وقد يكون أحيانا في .في جده وهزلهفهي في األمور الدنيوية، الذي وأما تعال، ": لصبيلقال كمن ،الحاالت وال يلتفت العبد إلى ذلكأدق وأخفى

ومثل هذا الحديث، ورد عن أسماء بنت . )٢(" فهي كذبة،هاك، ثم لم يعطهقالت إحدانا لشيء تشتهيه، ال أشتهيه، يعد إن: يا رسول اهللا: قالت،يزيد

إن الكذب يكتب كذبا حتى تكتب الكذيبة :)-(ذلك كذبا؟ قال .)٣("كذيبة

وذهبت الشريعة إلى التحذير من الكذب بالحديث بدافع اإلضحاك والتهريج ويل للذي ": )-(قال رسول اهللا. كما هو شائع بكثرة في أيامنا عند أهل الدنيا

.)٤("يحدث بالحديث ليضحك منه القوم فيكذب، ويل له ويل لهعض الناس كما يعتقد بـومن المواضع التي يصبح فيها الكذب مفتاحا للرزق

وسببا للتكالب على الدنيا والثراء الفاحش، حينما يدخل اإلنسان في عالم ـ يغالي في سلعته فيكذب ئعالتجارة، وعرض السلع، في بيعها وشرائها، فالبا

N ـ والشاري يريد البخس،حتى يطلع الفجر M)ـ)٥

.١٢/٢٤٥ـ وسائل الشيعة، مصدر سابق، ١ .٣٨ص، ١٩٧٤، قطر، ٩زالي، خلق المسلم، ط غـ محمد ال٢ .ـ المرجع نفسه، الموضع نفسه٣ .٣/٣٨٢، ١٩٨٣، دار الفكر، ، بيروت٢ـ سنن الترمذي، الترمذي، ط ٤ .٨٥: ـ األعراف ٥

. ويذهب البركة فكل ذلك يمحق الرزق،فيكذب حتى تطلع الشمس ومخذولة أمام .ما أصعب أن يعيش المرء في حياة ملتوية ومتلونة بالباطل

الحق، خبزها وعيشها إخفاء الحق وإظهار الباطل، ولذلك أمرنا رسول فإن الصدق يهدي إلى البر، ، بالصدق عليكم": )-( بالصدق، فقال)-(اهللا

رى الصدق حتىوالبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحالفجور، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى. يكتب عند اهللا صديقا

وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى .)١("يكتب عند اهللا كذابا

وكما تحدثنا عن نوعي الكذب، كذلك األمر في الصدق، فهناك صدق في ، والتوكلصدق في النية، والعزم على فعل الخير، والصبر، المقامات الدينية، كال

في األمور صدقهناك والرجاء، والحب، والزهد، والتسليم هللا تعالى، و وال .الدنيوية، بأن يطابق فعله قوله، ويخبر عن الواقع، ال يزيد عنه وال ينقص

Nيجعل اهللا عرضة أليمانه، M)فالصادق )٢ ،يتجنب كثرة األيمان، واالستخفاف بعقد اليمين في لحظة، ومع كل كبيرة

.وصغيرة، وهو أمر مكروه، فضال عن كونه محرما إذا كان حلفانا كاذبا جاء واهللا، ورأيته :ومن العادات الشائعة في بالدنا، أننا مع كل لحظة نقول

إلى ما ال ... واهللا، وذهبت واهللاواشتريتت واهللا، واهللا، وأكلت واهللا، ونجح وكأن الدافع إلى تكرار اسم الجاللة بهذه الطريقة هو فقدان الثقة بين ،نهاية

.٩/٣٩٩ـ شرح أصول الكافي، مرجع سابق، ١ .٢٢٤: البقرة ـ ٢

.الناس، وأن األصل فيما بينهم هو الكذب وليس العكسلذلك، من أراد أن ينجي نفسه من هذه المهلكة العظيمة، فليس له إال أن

ويبتعد عن المماراة والتملق والثناء ،د على اختصار كالمهيراقب نفسه، ويعتا .واإلطراء، ويدرب نفسه على الصمت

إنما ": )A(وقال أبو جعفر الباقر ،)١("من صمت نجا": )-(قال رسول اهللا .)٢("شيعتنا الخرس

وكما ذكرنا ـهذا كله بعناوينه األولية، فإذا كان الكذب من الكبائر، إال أنه قد يكون هناك مصلحة مهمة لإلنسان- حديثنا عن بعض الحاالت في أول أن يكذب، وال يمكن تحصيلها عن طريق الصدق، بل قد يترتب عليه في

ضرر، كاإلخبار عن مكان المراد قتله، ففي حال أراد اإلنسان أن ينقذ مسلما ، من القتل، أو يحفظ عرضه، أو ماله، كان الكذب في مثل هذه الحاالت جائزا

.بل قد يكون واجبا، كما إذا توقف عليه إنقاذ نفس محترمة :مواضعثالثة وقد وردت أخبار عديدة بجواز الكذب في

الرجل : أنه لم يرخص الكذب إال في ثالث حاالت": )-(فعن النبييقول القول يريد به اإلصالح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل

ث امرأته والمرأة تحد٣("ث زوجهايحد(. وفي حاالت ـ وما نالحظه هنا، أنه مع رذالة الكذب وقبحه، إال أنه

.٧٤/٨٨ـ بحار األنوار، مصدر سابق، ١ .١٢/١٨٢ـ وسائل الشيعة، مصدر سابق، ٢ .٢/٢٥٠جامع السعادات، مرجع سابق، ـ ٣

، وهو في "كاإلصالح بين الناس" يجوز اللجوء إلى هذا األمر ـاستثنائيةالحقيقة ال يعد في مثل هذه الحالة خصلة من خصال الصادق، إنما هي وسيلة

.آنية للخالص من الشدائدنسان الصادق أن يكون حذرا من الوقوع في مهلكة ومن هنا، ينبغي لإل

الكذب بأعذار واهية قد يبررها لنفسه، فإن أباح له الشرع اللجوء إلى الكذب فال يعني ذلك أنه يمكن له استعمال هذه ،في مثل تلك الحاالت االستثنائيةه وهذا األمر كله يخضع لصدق الصادق بين. الطريقة كلما يحلو له، ومتى شاء

.ولكل امرئ ما نوى. وبين ربه هي المواقف التي تثير مشاعر اإلنسان، وتؤجج فيه صراعات عميقة، كثيرة

فمنهم من يكظم غيظه، ويتجرع .فتختلف ردات الفعل بين شخص وآخرار ويقابل الكلمة ثنيران األذية التي تتراكم في صدره، ومنهم من يست

لضربة بالضربتين، وقد تخرج األمور أحيانا عن حد السيطرة، بالكلمتين، وا عن العقالنية إلى الجنون المفاجئ ويصبح أداة بيد الشيطان، الغضبانيخرج و

فتراه يقدح اآلخرين ويسبهم ويشتمهم، وقد يصل به األمر إلى درجة اإلدماء .والقتل

في األحاديث ا ورد ألنها كمالعظيمة ولذلك، تعد خصلة الغضب من الرذائل وأن الحدة من الجنون ألن صاحبها يندم، فإن لم يندم ، )١("مفتاح كل شر"

.١٥/٣٠٨وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ ١

.)١("فجنونه مستحكمإن هذا السالح النفسي من أخطر األسلحة الخبيثة التي يستعملها الشيطان

إن الشيطان قد يئس أن يعبده ": )-(للفتنة بين الناس، قال رسول اهللا .)٢(" العرب، ولكنه لم ييأس من التحريش بينهمالمصلون في جزيرة

فتنافر ودها، وانكسرت زجاجتها، ارتد ،لذا، فإن الشر إذا تمكن من األفئدة ،الناس إلى حال من القسوة والعناد، يقطعون فيها ما أمر اهللا به أن يوصل

N" تعالى"، ولذا يقول اهللا )٣(ويفسدون في األرض M )٤(.

وذلك ألنه ،)٥("ال تغضب": يوصي من يستوصيه بقوله)-(وكان رسول اهللا .مفتاح الشرور كما ذكرنا

فقد ذكر صاحب جامع السعادات طرقا ،وألجل معالجة هذا الداء العضال .)٦(عديدة إلزالة الغضب

القلب غير ممكن، فيعمل على كسر قلع أصل الغضب من بما أن: األولى .شوكته والتضييق عليه حتى ال يشتد هيجانه

.٤/٥٦ مصدر سابق، نهج البالغة،ـ ١ .٤/٤٣٦ميزان الحكمة، مصدر سابق، ـ ٢ .٨٨صخلق المسلم، مرجع سابق، ـ ٣ .١٩٩: األعراف ـ ٤ .١٥/٣٥٩وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ ٥ .١٩٥ص، األعلمي، بيروت، ١الشيخ النراقي، جامع السعادات، طـ ٦

.أن يتذكر قبح الغضب وسوء عاقبته: الثانيةمن ": )-(أن يتذكر ما ورد من المدح والثواب على دفع الغضب، كقوله: الثالثة

.)١("كف غضبه عن الناس كف اهللا تبارك وتعالى عنه عذاب يوم القيامة . أن يتذكر الفوائد التي هي ضد الغضب كالحلم وكظم الغيظ:الرابعة

أن يتحرز عن مصاحبة أرباب الغضب والذين يتبححون بتشفي : الخامسة .الغيظ وطاعة الغضب

أن يتذكر أن قدرة اهللا تعالى عليه أقوى وأشد من قدرته على هذا :السادسةيا ابن ": توراة أنه مكتوب في ال)A(الضعيف، فقد ورد عن اإلمام الصادق

.)٢("أمحقفي من آدم اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فال أمحقك وكذلك عليه أن يتذكر أن الغضب يفضح عيوبه، ويجلب له الهوان واألذية له

.وألهله ولمتعلقاتهفمن كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه "وبعد هذا، يكون الرجل حليما،

، وعن اإلمام زين )٣(" وإيمانا يوم القيامةحشا اهللا تعالى قلبه أمناما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ ال أكافي بها ": )A(العابدين .)٤("صاحبها

أما لو كان اإلنسان في موقف الدفاع عن الحق وحماية الدين والشريعة، أو

.٧٥/٣٥٩وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ ١ . نفسهالمصدر نفسه، الموضعـ ٢ .١/٢٤٠شرح أصول الكافي، مصدر سابق، ـ ٣ .١٢/١٧٦وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ ٤

، فهو حق، لذلكوغضبالعرض والمال، فإنه إذا ثار فيه مثار الحمية والغيرة، .ألنه غضب لذات اهللا المقدسة، وليس للتشفي وإرواء الغيظ

في معركة الخندق حينما )A(وقد جسد هذه الحادثة فعل أمير المؤمنينه رعد أن تفل بوجه األمير، فلم يستثب" عمرو بن عبد ود العامري"ضب من غ

ضبه هللاغفالذي دفعه لقتله هو . بعد أن هدأ روعه عاد وأجهز عليهوأوال، ، )١("إن من استغضب ولم يغضب فهو حمار"ولهذا قيل . تعالى وليس لنفسه

أي أن الغلظة والشدة على الكافر هي من آثار الحمية والغيرة على الدين، وهو Nمن الغضب الممدوح، لذلك قال تعالى

M)وفي مثل هذه الحال، من ال يغضب هللا ففي إيمانه شك، بل . )٢ .هو كاألنعام ال يعقل وال يسمع

.٣/٢٧٠ميزان الحكمة، مصدر سابق، ـ ١ .٧٣: التوبة ـ ٢

أبيض

الرابع والعشرونالفصل

نماذج من الفضائلات االستثنائية والخلقي

)ملحق بالتطبيقات األخالقية(

: الفصل الرابع والعشرون

سنحاول في هذا الفصل تقديم المزيد من األمثلة العملية للتطبيقات الخلقية واستثناءاتها، ألن المهم في الفكر األخالقي أن يكون اإلنسان بارعا في وضع

حسبما ـاألمور في مواضعها، وإذا لم نستقص جميع الخلقيات االستثنائية هم أننا نؤسس لرؤية حول هذا الموضوع، فإن الشيء المـيقتضي هذا الكتاب

المس ون،ق بطريقة جديدة تلحظ هذا األمرويكون دافعا لمنهجة علم األخالعلم األخالق بواقعية أكثر بحيث تجمع بين المنهج المعياري والمنهج .الوصفي، أي بين كيف ينبغي أن يعيش اإلنسان وبين كيف يعيش فعال وواقعا

ا الفصل بعض الفضائل، وكيفية تطبيقها في حاالتها وعليه، سنذكر في هذ ).اإلضطرارية(األولية والثانوية

جتماعيا أن يتالقى الناس بأجمل ما عندهم، وذلك من خالل إمن المألوف :أمرين

حتى الكلمة الطيبة التي تخرج من قلب اإلنسان قبل أن يتلفظها بفمه، :األول، مضافا إلى اآلداب )١("أفضل الصدقة هي صدقة اللسان"ورد أن

والمستحبات الكثيرة التي وردت في كيفية مالقاة المؤمنين، وكيفية إلقاء التحية : )A(علي قال اإلمام. والتسليم عليهم، والتقبيل والمجالسة، وغير ذلك

.٩٣/١٣٦بحار األنوار، مصدر سابق، ـ ١

.)١("حسن اللقاء يزيد في تأكد اإلخاء" غير مكفهر وعبوس، ألن البسمة الجميلة ،بوجه بشوشالمالقاة : الثاني

والنظرة الرؤوفة هما كالدواء الذي يشفي من كل داء، فهذه السمات تلقي ومن أراد .الرحمة في قلب المالقي، وتعطيه حالة من الراحة النفسية العجيبة

،أن يعرف قيمة ذلك فليجرب ما هو عكس هذه الحالة وهي حالة العبوس .رق بينهمايرى الفال

فلنتوقف عند بعض كلمات أهل العترة ،وألجل أن نعرف قيمة هذه اآلدابحيث ال نجد مثيال لها في تشخيص الواقع وتحديد مضاره ) )(والطهارة .ومنافعه

البشاشة حبالة ": )A(، قال اإلمام علي))( عنهمومن أجمل ما ورد: )A(، وقال)٣("البشر منظر مونق وخلق مشرق": )A(، وقال)٢("المودة

أنظر إلى هذه الطريقة الرائعة في معالجة .)٤("ألقهم بالبشر تمت أضغانهم" .)٥("سبب المحبة البشر ")A(وقال. أمراض القلب وأحقاد النفوس

.)٦("إن اهللا يبغض المعبس في وجه إخوانه": أنه قال)-(وعن النبي

١/٢٦٢ميزان الحكمة، مصدر سابق، ـ ١ .المصدر نفسه، الموضع نفسهـ ٢ .سهالمصدر نفسه، الموضع نفـ ٣ .ـ المصدر نفسه، الموضع نفسه٤ المصدر نفسه، الموضع نفسه،ـ ٥ن األمر بالمعروف والنهي عن المنكـر واجـب كفـائي إال فـي إظهـار إ ،يقول السيد السيستاني ـ ٦

وال يكفـي فعـل ،مكلف صاالعتراض بطريقة العبوس فهو واجب عيني، أي يتوجب على كل شخ

لوسائل الممكنة المبدأ في معاملة الناس هو بذل الخير لهم بكافة اإذا،والمتاحة، حتى بالبسمة فإنها فخ المودة، ومصيدة من مصائد اصطياد القلوب،

.وهي صدقةاألخالقية حينما ترغب اإلنسان بالدين ) )(ما أروع مدرسة أهل البيت

ولو راقب اإلنسان .بمختلف الطرق التي ال تنفصل عن حساب الثواب واألجرمن األعمال الفاضلة يقوم بها، وال يلتفت إلى هذه المسألة لظهر له أن الكثير

.ثوابها الجزيل هناك حاالت استثنائية، وهي أننا إذا القينا أهل المعاصي فال ،في المقابل

الخبر عن نالقيهم بالطريقة نفسها التي القينا بها أهل الطاعة، فقد ورد في معاصي أن نلقى أهل ال)-(أمرنا رسول اهللا": أنه قال)A(اإلمام علي

خير العمل أن تلقى أهل المعاصي بوجوه ": )A(، وعنه)١("بوجوه مكفهرة ذلك، أن حرمانهم من البشر عبوسة، والعلة في أي بوجوه ،)٢("مكفهرةبتسامة هو نوع من أنواع األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ال واإل

ن المؤمن صاحب المبدأ يتنافى مع مبدأ مداراة الناس واللياقات اإلجتماعية، ألاإليماني ال يستطيع أن يغفل عن عبادة اهللا في األرض، وحينما يواجه أهل المعاصي، فإنه ال يستطيع إحراز بعض مراتب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدم توفر الشروط، فعندئذ يالقيهم بالوجه العابس ليذكرهم بتقصيرهم

.١/٤١٣منهاج الصالحين : اآلخرين، راجع

.٢١/٣٧٦جواهر الكالم، مرجع سابق، ـ ١ .١٦/١٤٣وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ ٢

.الديني ومن يعصون

وفقا لنظرية االعتدال التي طرحها الدين اإلسالمي، والوسطية في األمور كلها، فإن من أكثر األمور التي أتى على ذكرها في مختلف شؤون الحياة هو االقتصاد والتدبير، وهو حد وسطي بين اإلفراط والتفريط، بين اإلسراف واإلقتار، وبين

. وغير ذلك،التهور والجبنوكلمة اإلسراف لم تستعمل في خصوص صرف المال زيادة عما هو مطلوب ولغير حاجة، إنما استعملت في الجناية على النفس، بمعنى أنالعاصين قد أخذوا بها إلى طرف اإلهمال واإلغفال والمعصية، وأخرجوها عن

N" عز وجل"وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله . حد االستقامة M )١(.

استعملت في زيادة الطعام والشراب عن الحد المطلوب كما جاء في وكذلكN :قوله تعالى M)فال ، )٢

التجويع إلى حد اإلماتة يجوز، وال الشراب المفرط زيادة على اإلرواء ينفع، .على المقدار الذي يحتاجه البدناإلقتصار بل المطلوب

وكذلك ورد كراهة اإلسراف في زيادة استعمال ماء الطهارة، الوضوء

.٥٣: الزمر ـ ١ .٣١: األعراف ـ ٢

، وسيأتي أقوام )١(، والغسل صاعمدالوضوء ": )-(والغسل، فعن النبيلون ذلك، فأولئك على خالف سنتي، والثابت على سنتي معي بعدي يستق

.)٢("في حظيرة القدس في ـوألجل تربية اإلنسان المؤمن على هذه الطبيعة، فقد أشار القرآن

بعد أمره بعدم اإلسراف إلى أن اهللا تعالى ال يحب المسرفين، ـمواضع عدة .)٣( NMكقوله تعالى هية، ل ألنه يخالف حق النعم اإل"عز وجل"ن المولى أمر مبغوض مفاإلسراف

وأولى حقوقها عدم تضييعها وإهمال قيمتها، وبخاصة عند من يشعر أنه يملك . غير ذلك و أ، أو وجود المال الشيء المسرف، كوفرة وجود الماءالكثير من

ع شيء في تقديم شيء، أو دفرفالمناط والقاعدة واحدة على الغني والفقيوبهذا المعنى يتضح الفرق بينه وبين التبذير الذي أشار إليه . زيادة عما يستأهله

N: القرآن الكريم بقوله تعالى M )٤( ،فالتبذير هو دفع شيء أو صرف شيء في غير موضعه على اإلطالق، وهو نوع

و دفع هة، وعدم مقابلة النعمة بالشكر، وأما اإلسراف فهيمن تضييع النعم اإلل .الشيء زيادة عن حده الطبيعي

وبحـسب .أمداد شرعية، والمد الشرعي يساوي ثالثة أرباع الكيلو تقريبـا ) ٤(ـ كل صاع يساوي ١

. الى عنق االبريقصاعا شرعياالمستعمل في أيامنا يساوي ) الشمع(التجربة فإن إبريق البالستيك .١/٤٨٣وسائل الشيعة، مصدر سابق، ـ ٢ .٣١: األعراف ـ ٣ .٢٧: اإلسراء ـ ٤

ألنه ال يتوافق مع أخالقيات ،إذا، نالحظ أن هذا السلوك سلوك غير أخالقيوأولى ما يكون . اإلنسان العاقل المؤمن الذي ال يضيع النعم التي بين يديه

، )١(، وألقى النوى وابتذل ثوب الصونإذا أهرق فضل اإلناءالعبد مسرفا، .)A(على حد قول اإلمام الصادق

إلى هذه الدرجة يوجه الدين أتباعه بضرورة االقتصاد في صرف أموالهم سط بين اإلفراط معنى اإلقتار، إنما هو الحد الو واالقتصاد هنا ليس ب.وحقوقهم

له، وفي أي موضع والتفريط، بمعنى أن يعرف اإلنسان جيدا كيف يصرف أموا .يضعها

هذه هي ثقافة ، )٢("إن القصد أمر يحبه اهللا"لذلك ورد في بعض األخبار اإلنسان المسلم الخلقية، أن يكون عنده ميزان في األشياء كلها، بين ما يحبه اهللا

N ،وبين ما يبغضه M)٣( ،N M)هللا يفالمحب الفعلي والحقيق. )٤

".إن المحب لمن أحب مطيع "، هو المتبع ألوامر مواله تبارك وتعالى"تعالى"ومع هذا المبدأ في تنظيم الحياة برمتها، نالحظ أن ثمة حاالت قد ال تكون

ن التي ذكرناها إسرافا، كصرف األموال الطائلة على إطعام بحسب الموازي

ثوب الصون، أي يستعمل ثوبه الذي يلبسه في حياته اليومية للخروج واإلياب في موضـع يبتذلـ ١

.٤/٢٩٨العمل والتعرق، مما يعرضه للتلف، راجع ميزان الحكمة، .٢١/٥٥١شيعة، مصدر سابق، وسائل الـ ٢ .١٦٥: ـ البقرة ٣ .٣١: آل عمران ـ ٤

المؤمنين، أو شراء عدد كبير من الثياب، أو المبالغة في ثمن الطيب، أو تجويد .بثمن غال، أو بشكل عام في كل ما يصلح البدنوشرائه الكفن أن بذل المال الزائد في مثل هذه ـ ) )(وبحسب ما ورد عن األئمةـ يبدو من المصلحة العامة أو الشخصية، لما فيه اإلسراف ع مستثنى من مسألة المواض

بسبب ما يترك من آثار طيبة في نفوس المؤمنين، سرفا ولكنه ال يعد والمصلحة التي في هذا النوع من السرف أهم من مصلحة االعتدال في مواضع

.أخرىل شيء إال اإلسراف مذموم في ك": أنه قال)A(ومما ورد عن اإلمام علي

ليس فيما أصلح البدن ": أنه قال)A(، وورد عن الصادق)١("في أفعال البر .)٢("إسراف، إنما اإلسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن

ـ العطر ـ يبمن أجل ذلك، جاء في األخبار أن صرف المال الكثير على الط .ال يعد سرفا، ومثله في اقتناء القمصان والثياب

يكون : )A(بر عن إسحاق بن عمار سأل اإلمام الصادقففي الخ" نعم، وليس ذلك من :؟ قالعشروننعم، قلت : ؤمن عشرة أقمصة؟ قالملل

أي الذي .)٣("السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك .تخرج به تجعله للعمل مما يعرضه للبذل واإلتالف )A(ق المؤمنين، فعن الصادومنها ما ورد في بذل المال وسرفه على إطعام

.١٥/٢٧١مستدرك الوسائل، مصدر سابق، ـ ١ .١٥/٢٦٤المصدر نفسه، ـ ٢ .٥/٢٢ـ وسائل الشيعة، مصدر سابق، ٣

وال ،ال سرف في الخير :وعليه، فالقاعدة هي .)١("ال سرف في الطعام": قال .خير في السرف

لكل شيء حرمة، وجعل حرمة المؤمن أعظم من " تعالى"لقد جعل اهللا لك ماله وعرضه ودمه وهتك عيوبه، وأوجب حفظ تفحرمحرمة الكعبة،

الحرمة بالستر المعنوي والمادي، ليحصن المؤمنين من شياطين الجن واإلنس، ويحفز المجتمع المتدين على تحصيل فضائل التقوى ومحاسن األخالق

.الساميةN أوصى اهللا تعالى المؤمنين بعضهم ببعض من جهة

M )وجعلهم )٢ ،N M)٣( ،Nو M)و، )٤N M)٥( ،N M )٦( ،

ن ، وحذرهم م)٧(NMوأوصاهم باالعتصام Nفضح عيوبهم وتتبع عثراتهم وإشاعة الفاحشة،

.٢/٣٨٣المحاسن، البرقي، ـ ١ .٣: العصرـ ٢ .٥٤: المائدة ـ ٣ .٧٢: األنفال ـ ٤ .١٠: الحجرات ـ ٥ .٢٩: الفتح ـ ٦ .١٠٣: آل عمران ـ ٧

M)وجعل ذلك كله ،)١ رالستالتقوية اإلسالم وحفظ ما يكره اهللا هتكه وهو الستر، واهللا تعالى هو

)إذ اعتبر حرمة الغيبة كحرمة مال المؤمن ودمه، ،)تركثير الس هذه اآلفة ألن مليئا ،االجتماعية إذا تكاثرت في المجتمعات فينتج عنها مجتمعا مريضا

ا بالنميمة والفتن، مما يؤدي إلى إقامة مبالبغضاء واألحقاد الدفينة، متخ عالقات مكاسرة تكونإنما وعالقات حذرة ليس فيها اطمئنان وال محبة،

فتصل إلى حد فقدان روح اإلنسانية، وتحول المجتمع إلى مجموعة ،ومداهنة .ذئاب تأكل بعضها البعض

ومن المعلوم أن المجتمع العربي من مقوماته الثقافية وأدبياته الشعبية حبه ه لكثرة الكالم والتنافس على صناعة النص البالغي والنظم الشعري واعتبار

بما برعوا فيه )-(معيارا من معايير صناعة الكلمة، فجاءتهم معجزة نبيهم .حتى يستسلموا لذلك اإلعجاز اإللهي الذي ال يأتون بمثله

حتى كان لها حصة في اإلنشغال ببعضهم ،لكنهم لألسف، أحبوا الكلمة النابية، تالبعض، وكشف عيوبهم وما يكرهون، بل استعملوا الهجاء والكلما

فجاء الدين لينظم لهم عالقاتهم، ومنعهم من فضح عيوبهم وذكرهم لبعضهم .بما يكرهونN" تعالى"قال لهم

M)أنه أبغض الخالئق إلى اهللا ": )-(، وورد عن النبي)٢

.١٩: النور ـ ١ .١٢: الحجرات ـ٢

. )١("ب الذي يغتاب الناسالمغتا ألنها من أشد اآلفات ،بالنارعليها د وعت عدت الغيبة من الكبائر التي فلذلك

. اإلجتماعية فتكا باألخالق اإلنسانية المعنوي ،من هنا، فإن المولى تبارك وتعالى يريد تحقيق الستر الجماعي

يبه من قبل اآلخرين، وأن ستر ععيبه بنفسه، وأن ياإلنسان ستر بأن ي،والمادي وتستر عورته وعرضه، وحتى في حال مماته يجب ،يعان على دينه وآخرته

وال يجوز نقل ما يرى في بدنه من جروح وتشوهات وغير ،أن تحفظ حرمته .ذلك، ألن حرمته ميتا كحرمته حيا

ومع هذا كله، فقد يكون هناك شيء آخر بعنوانه الثانوي ال يتعارض مع : وذلك في حاالت عدة نذكر أهمها،لمؤمنأخالق ا وذلك برد العاصي عن عصيانه إلى ،االستعانة على رفع المنكر: األولى

. فيلتجئ إلى ذكر مساءته،صالح نفسه .التظلم عند الحاكم العادل والقضاة المعنيين باستيفاء الحق لصاحبه: الثانية .نصح المستشير في التزويج: الثالث

ات ليست من باب اإلفساد وإن كان طريقها بعنوانه األولي فهذه االستثناء .محرم، إال أنها أجيزت لما فيها من مصلحة للعباد

اللعب واللهو: الرابعمن حيث بعضا ال يتصور اإلنسان العاقل أن مسيرة حياته تشابه بعضها

ة مراحل النشأة والنضوج والرشد، فمن غير الممكن أن تكون على وتيرة واحد

.١/٢٧٢ميزان الحكمة، مصدر سابق، ـ ١

من الصغر إلى الكبر، ألن مرحلة الطفولة ال تتكرر في المراحل الالحقة، بل تكررها يعتبر أمرا هجينا ومستهجنا، ألنها المرحلة التي يتعارف عليها البشر

فيتعرف ،بمرحلة اللعب واللهو، وهي تتناسب مع عدم اكتمال عقل اإلنسان وينمو عقله وهو ال يدرك ،هوعلى صور الحياة من خالل عفوية اللعب والل

.بعد حقيقة الحياة ومآلهاوحينما يبلغ سن التكليف ينتقل من مرحلة اللعب إلى مرحلة الجد والمسؤولية والمشقة في تحمل ما كلف اهللا به عباده، وتنعكس أخالقيات اإلنسان من تلك الحالة الالمسؤولة إلى الرجولة والقيام بالمهام الموكلة إليه،

االتصابي بعد الصببح اللهو بالمعنى المتقدم في طفولته معيبا بحقه، ألن ويص .من شيمة الحمقى

وبهذه الطريقة ترتكز ثقافة اإلنسان على أن مراحل الحياة تختلف عن بعضها، وال يوجد وقت إلضاعته، فهناك وقت غير محدد وغير معلوم للقيام البعض

N ،وجوه الخير والبرحبة، وكل تباألعمال الواجبة والمسM )د على إضاعة الوقت أي هي، )١د وليست مرحلة التعومرحلة التزو

.بالمالهي والمسليات التي ال تنقضيN :"عز وجل "ه على حقيقة الدنيا بقول"تعالى" ذلك أطلعنا اهللا وألجلM)٢( ،

مراحل من عمر اإلنسان ينبغي أن يحذر أربع وهذه األوصاف األربعة تعبر عن

.١٩٧: البقرة ـ ١ .٢٠: الحديد ـ ٢

.منها حتى ال تتحول حياته مرتعا للشيطانفما خلقت ": )A(ي طالب قاله أمير البلغاء علي بن أب ماوما أجمل

ها علفها، أو المرسلة شغلها مة المربوطة هميهبليشغلني أكل الطيبات كال .)١("مها، تكترش من أعالفها، وتلهو عما يراد بهامتق

فإذا، اللهو والعبث يتنافى مع الوقت الضيق لهذه الحياة، ومع ما فيها من نيا وبعد لم يقض ما واجبات وفرائض ووظائف، حيث يخرج اإلنسان من الد

.عليهاهجر اللهو ": لى العاقل أن يترك اللهو بها، كما جاء في الحديثفعلذا،

وما يؤسفنا قوله أن .)٢("فإنك لم تخلق عبثا فتلهو ولم تترك سدى فتلغونسيت القرآن وهجرته، ـ لكثرة ما انشغلت باللهو والعبث ـهذه األمة

.فحضرها الشيطان وعبث بهامجالسة أهل اللهو ينسي القرآن، "اء في بعض التعابير الروائية أن وقد ج

أننا انغمسنا باللهو والترف وهو وهذا ما وقعنا فيه بالفعل ، )٣("ويحضر الشيطانعمال ألوالرفاهية حتى تحول ذلك كله هدفا من أهداف الحياة، فلم يعد

وذهبت طاقاتهم هدرا في برامجنا اليومية، مما قضى على شبابنا، اآلخرة محال لذلك على العاقل أن يتأمل في . في سبيل إمضاء نزوات النفس

.٣/٧٢نهج البالغة، مصدر سابق، ـ ١ .٧٦صالواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ـ ٢ . ١٥٨صالعلم والحكمة في الكتاب والسنة، مرجع سابق، ـ ٣

وأن اللهو ليس من أخالق ، )١("الدنيا ساعة فاجعلها طاعة": )-(الرسولقول .المؤمن ألنه يتعارض مع مسؤولياته الجمة

لكن ما نالحظه أن هناك بعض األعمال التي يقوم بها اإلنسان هي ضرورية اع حاجات النفس والبدن، كالترويح عن النفس والقلب، والتنزه، واألشياءإلشب ـوهذه األشياء وإن كانت بظاهرها لهوا. التي تقطع حاالت الملل والضجرـ

إال أنها مطلوبة ألنها ليست من نوع التضييع للوقت، إنما هي فواصل زمنية .لراحة النفس وإعدادها وتهيئتها لألعمال الالحقة

ذلك من ن أجل ذلك، استثني في الروايات بعض أنواع اللهو المشروع مفي : كل لهو باطل إال في ثالث": )-(اللهو الممنوع، كما في حديث النبي

.)٢("تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، ومالعبته امرأته، فإنهم حقاإلنسان ويشابهها مثل حديث السهر والمسامرات الليلية حيث أحيانا يضيع

تهجد بالقرآن، : ال سهر إال في ثالث"لوقت فيها من دون فائدة، فقد ورد أنه ا .)٣("أو في طلب علم، أو زفاف عروس

التمتع بالنساء : لهو المؤمن ثالثة أشياء": أنه قال)A(وعن الباقرخير لهو المؤمن ": ))( وورد عنهم،)٤("ومفاكهة اإلخوان والصالة بالليل

.٢٣/١٢٠دائق الناضرة، مصدر سابق، الحـ ١ .٢/٢١٠ماني، عـ دعائم اإلسالم، الن٢ .٣/٩١٩ميزان الحكمة، ـ ٣ .٩/١٣١ميزان الحكمة، مصدر سابق، ـ ٤

.)١("رأة المغزلالسباحة، وخير لهو الموالخالصة أنه ال بد من القيام بمثل هذه األعمال لما فيها من الفوائد العقالئية

حوارو": )-( ألنه ورد في الحديث عن النبي،والحاجات النفسية الراجحة .)٢("القلوب ساعة بساعة

وفي ختام هذا الفصل األخير، ال بد أن نشير إلى أن العديد من المفاهيم ،والسبقية التي يجري فيها الكالم مجرى ما تقدم، كاالمتناع عن الشتم األخال

واستثناءات ذلك، كاألسلوب الذي جاء في القرآن الكريم حينما عبر اهللا تعالى N الكفرةعن اليهود M)أو )٣ ،N

M)٤( ،N M)كلها ،)٥ فقد أخالقيات إلهية ألنها واقعة في محلها، أو كمفهوم اصطناع المعروف،

كمن فيكون ،هنا أن يكون لغير أهلهعل الخير ووجوه البر، نبحثنا الدين على ف .يبذر بذرة على الصفا أي الصخر الصلد، فإنه هدر للمال والوقت وغير ذلك

إال بالمعنى ، كله حرام،أو كمهفوم المكر والخديعة، فالمكر بمعنى الخداع

.المصدر نفسه، الموضع نفسهـ ١ .٣/٣٧المتقي الهندي، كنز العمال، ـ ٢ .٥: الجمعة ـ ٣ .١٧٦: األعراف ـ ٤ .١٢: محمد ـ ٥

، )١(NMالذي ورد في القرآن الكريم .أو أنه ال مكر وال خديعة إال في الحرب

ألن هناك ،وكذلك مفهوم العجلة والتأني، فليس دائما العجلة من الشيطانالفرص تمر أمورا تحتاج إلى المباشرة وعدم التواني فيها، وكما ورد أن مر

.عاجلهإن خير البر : وكما قيل. السحاب فاغتنموها فإنها مطلوبة ألنها تفرق ،أو كمفهوم النميمة وحرمتها إال بين الكافرين

.كلمتهموكذلك األمر في الغدر، فالغدر والخيانة ليسا من شيم المؤمنين، إال أن غدر

وفاء وأمر محبوب، ألن كل ما يؤدي إلى توهين " تعالى"الكافر عند اهللا .ي تبقى كلمة اهللا هي العلياكلمتهم فعلى الموحدين فعله ك

إلى ما هناك من هذا القبيل، ونحن اختصرنا واقتصرنا على هذا المقدار .تماشيا مع طبيعة هذا الكتاب حتى ال يكون فيه إيجاز مخل وال إطناب ممل

نسأله تعالى أن يبصرنا عيوبنا ويرينا الحق حقا كي نتبعه والباطل باطال كي .اء قريب مجيبنبه إنه سميع الدعتنج

.٣٠: األنفال ـ ١

الخاتمة والنتائج

بعد هذا االستعراض ألهم ما توخيناه من المحاور األساسية في علم

،اإلقصاء عن رتبته العلميةواألخالق، نشعر أن هذا العلم قد تعرض للتهميش :وذلك من خالل أمرين

هد والكليات الدينية إلغاؤه من المواد العلمية التي تعتمد في المعا: األولواألكاديمية، باستثناء نذر يسير ال يذكر، وحلول أخالقيات علمية أخرى فتحت الباب على أزمة ثقافية وحضارية تطال البنيان الفكري والعملي للفرد المسلم، بمعنى أن اإلنجاز العلمي المعاصر الذي أنتجه اإلنسان يتطلب

غة اآللة والمكننة، أي أخالقيات التكنولوجيا أخالقيات مالزمة ومناسبة للمن جهة استغالل الوقت بمفردات حياتية جديدة، أو كان كان الحديثة، سواء

من جهة البيئة الجماعية التي انصهرت في منظومة فكرية حديثة ألقت بظاللها .على البرنامج اليومي لإلنسان

،دينية والحوزات العلميةتراجع قيمتها العلمية في المعاهد ال: الثاني إلى التحصيل األصولي والفقهي، دون ـ بأغلب أوقاته ـوانصراف الطالب

تكال الطالب على إوقد يعود السبب في ذلك إلى . االهتمام بالجانب األخالقياالكتفاء بقراءة الروايات واآليات القرآنية في مواضع االستدالل بحيث ال تخلو

.تلف أبوابها من المنبهات األخالقية والتربويةالمصادر الروائية بمخ ألن المطلوب ،ولكن ذلك ال يغني الطالب عن دراسة مستقلة لعلم األخالق

هو تكوين بناء شخصية أخالقية تمثل األسوة والقدوة في مجتمعها، والمقدار .الذي يأخذه بطريقة غير منظمة قد ال يوصله إلى هذه الحقيقة

، وبحسب القراءة األولية لمتطلبات المجتمع ـالنتائجوعلى ضوء هذه ـوالسبل الناجعة إليصال المفاهيم اإلسالمية إلى أذهان الناس بأحسن الطرق

نقترح أن يعمل إلى تخصيص مادة علمية في مجال األخالقيات اإلجتماعية، يعة واالقتصار على المبادئ األساسية القادرة على تعريف طالب العلم على طب

الناس واألساليب التي ينبغي اتباعها لتبليغ أحكام الشريعة بطرق أخالقية ويجنبه الوقوع في الكثير من ، على تقييم واقعي لآلخرينهسليمة، مما يساعد

.المصادمات اإلجتماعيةوما رأيناه في الكتب األخالقية من تقسيمات مختلفة للعناوين األخالقية على

ال يساعد على تحديد مسار طالب العلم في معرفة نحو عام وشامل قد ال ارؤية أخالقية عامة، إال انهمن خاللها وظيفته الدقيقة، فال شك أنه يكون

.حدد له طرق عالج المشاكل اإلجتماعيةيولهذا السبب، لمسنا ضرورة إعادة صياغة المادة األخالقية وفقا لتنوع

ناك تصنيفات مختلفة ألصحاب المهن مسؤوليات الحياة، بحيث يكون هعلى العمليةوالعلوم، أي التركيز على تحديد أخالقيات كل حقل من الحقول

فبعض التفاصيل في األخالقيات الطبية تختلف عن أخالقيات عالم .حدة وهكذا ،الدين، وأخالقيات القانوني في بعض تفاصيلها تختلف عن العسكري

. كان ثمة قاسم مشترك بين الجميع وهو اإلستقامةفي سائر ميادين الحياة، وإنوفي المجال العسكري يبحث علم األخالق عن كيفية التعامل مع األسرى

.وأمالك الناس وحقوقهم وعدم إرعابهموهكذا في بقية وظائف الحياة ومهنها، فكل صنف يحتاج إلى معالجة

.الستقامة والصالحأخالقياته حتى تتقابل هذه المجموعات بالمثل العليا وا

والذي ننصح به أن يعمل على إيجاد تفاعل بين طالب الجامعات والحوزات ، وال يمنع أن ))(هل البيتأل واالستفادة من التراث األخالقي ،العلمية

وذلك لما دين في الجامعات األكاديمية، تخصص مادة علم األخالق لعلماء اللبات، وفي الوقت نفسه نكون قد من نفع كبير لسلوكيات الطالب والطافيه

أهلنا الطالب للتعرف على المفاهيم اإلسالمية، وأتحنا له المجال لإلطالل على .أحكام وقواعد الشريعة اإلسالمية

،إن أهم وظيفة في كل زمان ومكان التركيز على عنصر الشباب والشاباتن يرفع من قيمة وإصالح أخالقهم ألنهم مصدر الطاقة والقوة للمجتمع وهم م

نزل منهاالمجتمع أو ي.

العبد الجاني على نفسه محمد بن أحمد بن علي حجازي العاملي

هـ١٤٢٣وقد وفقنا إلتمام هذا البحث في غرة شهر محرم الحرام

فهرس اآليات

.................................................................................

* NM)١٥٠.........................................)١

* NM.......................................................٢٠٣

* NM..........................................٢٠٨

* NM.......................................١٩٠

NM................................................٧٦

.١٥٢ : ـ البقرة١

................................................................................. * N..M.......................................٢٠٣

* NM.....................................٢٠٥ * N..M............................... ٦٩ * N..M..............................٨٣

.................................................................................

* NM..............................٢٠٥ * NM....................١٢٤

................................................................................. * NM........................................................ ١١٧

................................................................................. NM..............................................................٢٠٢

N M.........................................................١٨٩

NM...............٢١١

NM............................١٩٣

.................................................................................

NM................................١٤٣

NM.................................٢١٢

NM....................................................................٢٠٥

.................................................................................

NM........................١٩٥

NM ...................٩٤

................................................................................. NM........................................٣١

................................................................................. NM............................................١٨٨

.................................................................................

NM...................................١٠٩

NM.....................................٢٠٢

................................................................................. N..M.......................٢٠٦

................................................................................. NM..........................١٢

.................................................................................

NM............١٥٢

................................................................................. NM............................................١٨٤

................................................................................. N..M..........................١٦٩

N..M..........................٨٨

.................................................................................

NM.....................٤٧

................................................................................. NM......٢٠١

................................................................................. NM........................ ٢١١

................................................................................. NM...............................................................................٢٠٥

.................................................................................

NM....................................................................٢٠٥

N..M...................................٢٠٦

N..M......................................٦٨

................................................................................. N..M......................... ٢٠٨

.................................................................................

N..M......................٦٣

N..M...................................................٢١١

.................................................................................

NM...............................................................٨٤

................................................................................. N...M..................................١٤٣

................................................................................. NM..............................................................٣١

.................................................................................

NM...........................١٠٢ NM...................١٠٢

................................................................................. NM.............................................................٤٠ NM....................................................................٤٠

................................................................................. NM.................................................................١٧١

................................................................................. N

M.............................................................................٣١

................................................................................. N..M................................................٢٢

NM................................................................٣١

الرواياتفهرس

)-(

..............................................................................

* )-:( "٢٢................". يولد على الفطرةما من مولود إال * )-( :"٢٨................................"اهللا بأخالق تخلقوا

* )-( قال القتال من سرية عادت لما أنه )-(:."......... ٣٠

* )-( :"٣٢..........."...السلم، بمنزلة درجات، عشر اإليمان * )-(:"٣٢.........."لقتله سلمان قلب في ما ذر أبو علم ولو * )-( ذوا": قال أنهمن باهللا تعو ٣٨.............."الحزن حب * )-(: "ن٤٨ ................."حسابك اهللا يخفف خلقك حس

* )-(: "٤٨..........."..يفسد كما العمل يفسد السيء الخلق

* )-( :"٤٨.........."...الخلق حسن اهللا عند الحسنات أفضل * )-(٦٩..."ال فضل لعربي على أعجمي إال بالتقوى": يقول * )-(:" ٧٩................."األخالق مكارم ألتمم بعثت إنما

* )-(:"٧٩................................."بالتعليم بعثت إنما * )-( ٨٧............"...بأموالكم الناس تسعوا لن إنكم": قال

* )-(:" ٨٨................................"اهللا بأخالق قواتخل * )-(: " ٩٢.."...عمن تعفو أن: ثالثة األخالق مكارم علي يا

* )-(: ١٢٨..........................."األنبياء ورثة العلماء" أن

* )-( ١٤٨...."...في وتمريج حديثكم في تزييد لوال": قال أنه

* )-(: "١٦١..."علمه من ينفع وال جهله، من يضر ال علم ذاك

* )-(: "١٦٤...................."اإلسالم في ضرار وال ضرر ال

* )-(: "عيسى النبي أن)A( ١٧٠....."...للحواريين يوما قال

* )-( ١٨٤..............."...األرض في يختال لمن ويل": قوله

* )-(: ١٨٩............."...تكتب حتى كذبا يكتب الكذب إن

* )-(: "ث لذيل ويل١٨٩....." ...منه ليضحك بالحديث يحد

* )-(: "بالصدق عليكم، ١٩٠.."...البر، إلى يهدي الصدق فإن

* )-(: "١٩١...................................."نجا صمت من * )-(: "١٩١.."...:حاالت ثالث في إال الكذب يرخص لم أنه

* )-(: "١٩٣........"...المصلون يعبده أن يئس قد الشيطان إن * )-( ١٩٣.............."تغضب ال": بقوله يستوصيه من يوصي

* )-( ١٩٩..."إخوانه وجه في المعبس يبغض اهللا إن": قال أنه * )-(: "٢٠٢............................"...والغسل قد، الوضوء

* )-(: "٢٠٦ ............"...المغتاب اهللا إلى الخالئق أبغض أنه * )-(: "٢١٠..".الفرس، تأديبه في :ثالث في إال باطل لهو كل

* )-(: "حوا٢١١......................"بساعة ساعة القلوب رو

)-(

..............................................................................

* )A( :" ١٥ .......................".طالب العلم إن العلميا

* )A(" :إن٢٢ ........."... الحدث كاألرض الخاليةما قلب * )A(:" اوإنم يي هنفس وضهى اأر٢٦ ..........."...بالتقو * )A(: "هلك اثنان في و غال محب٣٠............"...وعد

* )A(:" ٣١.."...شهوة، بال عقال المالئكة في ركب اهللا إن * )A(: "٣٣ ..........................."تستقم نفسك خالف * )A(: ٣٧........"...،ساعات ثالث للمؤمن جعل حينما * )A(: "ال لنعتج أكثر كشغل كل٣٩ ..............."...بأه * )A( :"٤٩............"...والحلم التواضع الخالئق أشرف * )A(:" على العرب معشر وأنتم ٦٢..................".شر * )A(: "٦٩........."...الناس صنفان إما أخ لك في الدين * )A(:" ١٠٠........................."إخوانا اهللا عباد كونوا

* )A(: "اإلنسان أخ اإلنسان ١٠٠............."كره أم أحب * )A(:" ١٢٢..........." بقلعه غيرك صدر من الشر أحصد * )A(: "١٤٥..."دنيا وطالب علم طالب يشبعان ال منهومان * )A(:" ١٤٧..................."الدرس يديم ال لمن فقه ال

* )A(: "١٨٢..........."...ثاركم،ال تكرهوا أوالدكم على آ

* )A(:" ١٨٥........."...جيفة وآخره نطفة، أوله آدم ابن إن

* )A(: "١٨٩...................."...كل فإن والكذب، إياكم

* )A(: "١٩٩.........................."المودة حبالة البشاشة * )A(: "١٩٩................"مشرق وخلق مونق منظر البشر * )A(: "١٠٠..................."مأضغانه تمت بالبشر ألقهم * )A(:" ١٠٠............................"البشر المحبة سبب

* )A(: "اهللا رسول أمرنا)-( ٢٠٠..............."...نلقى أن

* )A(: "٢٠٠...................."...أهل تلقى أن العمل خير * )A(: "٢٠٤..........."...إال شيء كل في مذموم اإلسراف

)-(

)-(

..............................................................................

* )A(: وأنه يور ١٠٢........................ ..."بفقراء يوما مر

..............................................................................

* )A(: "٢٣.....".بالسوء نفسا إليك أشكو إلهي * )A(: "٣٨.......".وأعذنا بالنشاط، علينا وامنن

* )A( :٣٨..............".من بك أعوذ إني اللهم

* )A(: "٣٩..................".بالكسل تبتلني وال * )A(: "٩٢............." .نازل إلينا خيرك إلهي

* )A( :٩٢............".ويا من هو على المقبلين * )A( :١٠٦..........." .إلى يدي تسير أن أخاف

* )A(: "فته من الشريف إن١٥٢............." .شر * )A(" :عت ماجرعة تجر أحب ١٩٤......." إلي

)-(

)-(

..............................................................................

* )A(:٤٩......................."...أفضل عن سؤاله عند

* )A(: "٤٩................"والعفاف الورع األخالق أزين

* )A(: "١٩١..........................."الخرس شيعتنا إنما * )A(: "ومفاكهـة بالنـساء التمتـع : أشياء ثالثة المؤمن لهو

٢١٠................................................"بالليل والصالة اإلخوان

..............................................................................

* )A(: "٤٨....." ..والضجر إياك بني يا: البنه لقمان قال * )A(: "٨٧................"...علمنا غابر، ومزبور، ونكت * )A(: "٩٠..............."...أديانهم نع الناس تفتش أال * )A(: "٩٤....................."...علينا، شينا تكونوا وال

* )A(: ٩٤ ............"...:له قال الخمر، لشربه للشقراني

* )A(:" ن العفو مروءتنا بيت أهل إنا١١٤......."ظلمنا عم

* )A(: "١٢٩عنهم نغنى ال أنه موالينا أبلغ خيثمة يا

)-(

)f(

* )A(: "١٢٩...........".كان من ـ كرامة وال ـ منا ليس * )A(: "ال إنا ١٢٩........"يكون حتى مؤمنا الرجل نعد * )A(: "١٢٩.............."تتحدث ال من شيعتنا من ليس * )A(: "من جعفر شيعة إنما ١٢٩.............".بطنه عف * )A(:" ١٦٠.................".حرام أو حالل فيه حديث * )A(: هشام يا": الحكم بن لهشام ١٨٥.......".الزرع إن * )A(: ١٩٤..........".آدم ابن يا": التوراة في مكتوب أنه * )A(: ٢٠٤...................".أصلح فيما ليس": قال أنه * )A(: "٢٠٤........................"الطعام في سرف ال

..............................................................................

* )A(: ١١٧ ..."الخطاب بن عمر "أحفاد من شخصا أن

* )A(: "١٣.......".انظر يا ابن أخي واتق اهللا ال تؤتم

.............................................................................. * )f(: "،فأتبغض إليك ب إلي٩٢....................."...تتحب

فهرس المراجع والمصادر

)(

القرآن الكريم ـ١ابن أبي الحديد، شرح نهج البالغة، الط، دار إحياء الكتب العربية، ـ٢

.م١٩٦٣هـ، ١٣٨٢، الط، مكتبة القرآن للطباعة والنشر، ابن أبي الدنيا، مكارم األخالق ـ٣

.القاهرة، الت المهذب، الط، مؤسسة النشر اإلسالمي، قم، القاضي،ابن البراج، ـ٤

.هـ١٤٠٦ .هـ١٤٠٦، مشهد، المؤتمر العالمي لإلمام الرضا، ١بن بابويه، علي، فقه الرضا، طا ـ٥ .م١٩٧٦الط، بيروت، دار المعرفة، ابن كثير، السيرة النبوية، ـ٦أحمد، رضا علوي، فن التعامل مع الناس، لمحات سلوكية في ـ٧

.١٩٩٣، بيروت، دار البيان العربي، ١أخالقيات العالقات اإلنسانية، ط، النجف األشرف، ٢هاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، طاألصف ـ٨

.م١٩٦٥هـ، ١٣٨٤منشورات المكتبة الحيدرية، .اآلصفي، غرر الحكم ودرر الكلم ـ٩ .أعالم الهداية، قم المقدسةـ ١٠، الط، انتشارات مهدوي، آل الغطاء، جعفر كاشف، كشف الغطاءـ ١١

.اصفهان، الت .، دار التعارف، بيروت١األمين، محسن، أعيان الشيعة، ط ـ ١٢ .، بيروت، دار الحديث، الت١الواسطي، علي، عيون الحكم والمواعظ، ط ـ١٣

)(

.البحراني، عبد العظيم المهتدي، قصص وخواطرـ ١٤، بيروت، دار األضواء، ١البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة طـ ١٥

.م١٩٩٣هـ، ١٤١٣ة، قم، المطبعة العلمي،١ طالبروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة،ـ ١٦

.م١٩٧٨هـ، ١٣٩٩ هـ١٤٢٤البستاني، خلق األعالم، مكتبة الصدر، ـ ١٧ .، أسوة العارفينبهجت، محمد تقيـ ١٨

)( تربتي، الفضائل المنسيةـ ١٩ .م١٩٨٢هـ، ١٤٠٣الترمذي، محمد، سنن الترمذي، بيروت، دار الفكر، ـ ٢٠ التنكابني، قصص العلماءـ ٢١

)( األشرف، المكتبة ، النجف٥الحائري، محمد مهدي، شجرة طوبى، ط ـ ٢٢

.هـ١٩٦٥ هـ،١٣٨٥الحيدرية،

الحر العاملي، محمد بن حسن، وسائل الشيعة، ط، بيروت، دار حياء ـ ٢٣ .التالتراث العربي،

، قم، مؤسسة النشر اإلسالمي، ٢الحراني، ابن شعبة، تحف العقول، طـ ٢٤ .م١٩٨٣هـ، ١٤٠٤

الحكيمي، أذكياء الفقهاء والمحدثينـ ٢٥ ١٩٦٣رة النبوية، ال ط، القاهرة، الحميري، ابن هشام، السيـ ٢٦ .الحيدري، كمال، مقدمة في علم األخالق، بيروت، دار فرقدـ ٢٧السيد الحيدري، محمد، كيف تكسب األصدقاء في نظر أهل ـ ٢٨

. هـ١٤٢٩، بيروت، دار السالم، ١٠، ط ))(البيت

)( ، بيروت، الدار اإلسالمية١اإلمام الخميني، الجهاد األكبر، ط ـ ٢٩ .١٤١١، قم، دار الكتاب اإلعالمي، ١الرسائل االعتقادية، ط الخاجوئي، ـ ٣٠، بيروت، دار التعارف، الطالخميني، روح اهللا، األربعون حديثا، ـ ٣١

.م١٩٩٠هـ، ١٤١١

)( الرازي، فخر الدين، تفسير الرازيـ ٣٢ العلم والحكمة في الكتاب والسنة، الط، إيران، الريشهري، محمدي،ـ ٣٣

.، التمؤسسة دار الحديث الثقافية، بيروت، دار المرتضى، ١الريشهري، محمدي، مباني المعرفة، طـ ٣٤

.م١٩٩٣ .هـ١٤١٦، الط، الم، دار الحديث، الريشهري، محمدي، ميزان الحكمةـ ٣٥

)( .م١٩٩٣الزوزني، شرح المعلقات السبع، ـ ٣٦

)( ، )A(، قم، مؤسسة اإلمام الصادق٤السبحاني، جعفر، اإللهيات، طـ ٤٠

.م١٩٩٦هـ، ١٤١٧ .لسبزواري، جمال السالكين، نبذة عن حياته العرفانيةا

، المؤرخ العربيدار بيروت، ، ٩طالسيستاني، منهاج الصالحين، ـ ٤١ .م٢٠٠٥

.الشيخ سليمان البياضي، إبراهيم، لمحة عن حياتهـ ٤٢)(

، إيران، مجمع ١الم، طسشريعتمداري، علي، التربية والتعليم في اإلـ ٤٣ .هـ١٤١٥م، ١٩٩٤البحوث اإلسالمية،

.١٩٧٢، مكتبة النهضة المصرية، ٣الشلبي، أحمد، مقارنة األديان، ط ـ ٤٤الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، بن أبي بكر أحمد، الملل والنحل، ـ ٤٥

.الط، بيروت، دار المعرفة، الت، قم، مكتبة الط، القواعد والفوائد، )محمد بن مكي(الشهيد األول، ـ ٤٦

.المفيد، ال تة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، الط، النجف، الشهيد الثاني، الروضـ ٤٧

.منشورات النجف الدينية، الت

)( ، بيروت، دار التيار ٢، الصحيفة السجادية، ط)A(اإلمام زين العابدينـ ٤٨

.م١٩٩٥هـ، ١٤١٣الجديد، .الصدر، حسن، تأسيس علوم الشيعة، دار الرائد العربيـ ٤٩ران، دار الكتاب الط، إي،))(الصدر، محمد، أخالق أهل البيتـ ٥٠

.اإلسالمي، الت .هـ١٤١٥، الط، الم، مؤسسة اإلمام الهادي، الصدوق، المقنعـ ٥١، قم، منشورات جماعة المدرسين، الطالصدوق، محمد، الخصال، ـ ٥٢

.م١٩٨٢هـ، ١٤٠٣، الط، بيروت، مؤسسة األعلمي، الصدوق، محمد، عيون أخبار الرضاـ ٥٣

.م١٩٨٤هـ، ١٤٠٤ئر الدرجات، الط، طهران، األعلمي، الصفار، محمد بن الحسن، بصاـ ٥٤

.م١٩٨٣هـ، ١٤٠٤

)(

الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان، الط، قم، جماعة المدرسين، ـ ٥٥ .الت

الطباطبائي، محمد رضا، مبادئ األخالقـ ٥٦هـ، ١٤١٥الطبري، جريري، جامع البيان، الط، بيروت، دار الفكر ـ ٥٧

.م١٩٩٤ .، التكتبة المرتضويةم، الالطريحي، مجمع البحرين، الط، طهرانـ ٥٨ .م١٩٨٠هـ، ١٤٠١، آقا بزرك، حصاد اإلجتهاد، الط، قم، الد، يالطهرانـ ٥٩

)( ، بيروت، مركز الدراسات ١العربي، غسان، سياسة القوة، ط ـ ٦٠

.م٢٠٠٠االستراتيجية، هـ١٤١٧، بيروت، دار األمين، ١عزيز، ألقاب، محمد المسيح، ط ـ ٦١ .العقيلي، كرامات األبرارـ ٦٢ ١٩٩١، بيروت، دار المرتضى، ٣عيتاني، آداب النفس، ط الـ ٦٣

)( ١٩٧٤، قطر، ٩الغرابي، محمد، خلق المسلم، ط ـ ٦٤

)( بية، بيروت، دار النبالء، رالقائمي، علي، أسس التـ ٦٥

)( .الكتاني، أحمد بن عبد اهللا الكوز، إيقاظ العلماء وتنبيه األمراءـ ٦٦ .يروتالكشميري، عبد الكريم، لسان الصدق، بـ ٦٧هـ، ١٣٨٨، قم، دار الكتب اإلسالمية، ٣الكليني، محمد، الكافي، طـ ٦٨

.م١٩٦٨

)( ، قم، مؤسسة الطبع ١الطبرسي، الحسن بن علي، أسرار اإلمامة، طـ ٦٩

.م٢٠٠١هـ، ١٤٢٢التابعة لألستانة الرضوية المقدسة، ، بيروت، دار إحياء التراث ١ طالمازندراني، شرح أصول الكافي،ـ ٧٠

.م٢٠٠٠هـ، ١٤٢٤العربي، م، ٢٠٠١، بيروت، دار المرتضى، ٧المامقاني، عبد اهللا، مرآة الرشاد، طـ ٧١

.هـ١٤٢٢ .المامقاني، مرأة الكمالـ ٧٢هـ، ١٤٠٣، بيروت، مؤسسة الوفاء، ٢المجلسي، بحار األنوار، طـ ٧٣

.م١٩٨٣ .٢٠٠٤المجلسي، محمد باقر، حلية المتقين، دار األمير، ط، بيروت، ـ ٧٤

.لحينمختاري، رضا، سيماء الصاـ ٧٥ مرتضى، مطهري، ثبات األخالقـ ٧٦ مصطلحات فلسفيةـ ٧٧، بيروت، دار ١مطهري، مرتضى، التربية والتعليم في اإلسالم، طـ ٧٨

.م١٩٩٢هـ، ١٤١٣الهادي، ى ، بيروت، مؤسسة أم القر٢مطهري، مرتضى، فلسفة األخالق، طـ ٧٩

.م٢٠٠٤هـ، ١٤٢٤للتحقيق والنشر، .روت، دار التعارفمظاهري، حسين، دراسات في األخالق، ال ط، بيـ ٨٠ .معن، حسين، اإلعداد الروحيـ ٨١ مغنية، محمد جواد، فلسفة األخالق في اإلسالمـ ٨٢ .م١٩٩٣هـ، ١٤١٤، بيروت، دار المفيد، الطالمفيد، اإلرشاد، ـ ٨٣هـ، ١٤١٣، بيروت، دار المفيد، ٢المفيد، محمد، االختصاص، طـ ٨٤

.م١٩٩٣

)( ، القاهرة، دار المعارف، المغربي، القاضي النعمان، دعائم اإلسالم، الطـ ٨٥

.ش١٣٨٣ .الندوي، ماذا خسر العالم فانحطاط المسلمينـ ٨٦م، ١٤٠٨، بيروت، دار األعلمي، ٦النراقي، محمد، جامع السعادات، طـ ٨٧

.م١٩٨٧

، الط، قم، مؤسسة النشر النمازي، علي، مستدرك سفينة البحارـ ٨٨ .هـ١٤١٨اإلسالمي،

هـ، ١٤٠٨آل البيت، ، بيروت، مؤسسة ١، طالنوري، مستدرك الوسائلـ ٨٩ .م١٩٨٧

)(

، ، بيروت، دار القارئ١سالمية، ط الهاشمي، عبد اهللا، األخالق اإلـ ٩٠ م٢٠٠٧

)(

، بيروت، دار الحديث، ١الواسطي، علي، عيون الحكم والمواعظ، طـ ٩١

.الت

مجلة المحجة، ملف األخالق والدين، مقالة الدين واألخالق وإشكالية النسبية .٢٠٠٣م، ٧هيد مطهري، بيروت، عدد عند الش

أبيض

التفصيليالفهرس

......................................................بين العادة والعقالنيةـ ...........................رجل يدخل الجنة لتخليص حيوان من الهالكـ .....................................العالم يرغب الناس بالدين واألخالقـ .......................................تأثر الناس بصاحب األخالق الدمثةـ ..................................... الحياتية باألخالقمواجهة المصاعبـ ............................... مع)A(كيف تعامل اإلمام موسى الكاظمـ ..................... يتميزون بحسن أخالقهم))(الموالون ألهل البيتـ ..............................................طالب العلم ذو فضائل كثيرةـ .......................إذا بقيت الحوزات خالية من المدرسين األخالقيينـ

...................................... .........................................................المذهب الفلسفيـ ...............................................عة محايدةطبيعة النفس طبيـ ........................................إنما قلب الحدث كاألرض الخاليةـ

.............................................النفس ميالة إلى اللعب واللهوـ ...............................................المذهب االجتماعي الغربيـ ................................................اإلنسان حامل لخطيئة آدمـ ...............................................اإلنسان ذئب ألخيه اإلنسانـ ...................................................اإلنسان ميال لفعل الشرـ ..................................... ............................................................قابلية اإلنسان ـ ............................................................نفسمجاهدة الـ .............................................تمريج القلوب وتكثير الكالمـ ....................................................تقسيم الفالسفة للنفسـ ..............................................أحكام النفس بحسب القرآنـ ................................................اإلنسان والمالئكة والبهائمـ ......................................طالب علم يطلب االجتهاد والواسطةـ ...........................................................درجات اإليمانـ ...............................................................أقسام الورعـ

.............................. .....................................................الدنيا واآلخرة ضرتانـ

..........................................................يا كماء البحرالدنـ ..........................................................االنغماس بالدنياـ

........................................................ .......................................................تعريف الخلق لغوياـ ............................................تعاريف العلماء لعلم األخالقـ ................................................علم األخالق علم معياريـ ...................................................هو أصل العلوم وأساهاـ ....................................علم األخالق طب النفس وعلم القلبـ

........................................................ .................................................التربية هي تنمية القابلياتـ ..................................... كلمة التربية على األشياء كلهاإطالقـ ...........................................كلمة األخالق مختصة باإلنسانـ .........................................................العرفان واألخالقـ ........................................قيمة األخالق في الطريق العرفانيـ

............................................ .............................................تأثير وجود القائد القدوة علىـ .................................. عاما من الحروب٢٧٠شهدت الشعوب ـ

................................يالجاهلية صفة ال تختص بالمجتمع العربـ .......................................الميزان في تميز المجتمع األخالقيـ ..........................................أنتم معاشر العرب على شر دينـ ................................................الموروث الشعب التقليديـ ............................ ......................األخالق العسكرية التي تعتمد على السلب والنهب ـ ..............................................أطبق على أوروبا ليل حالكـ ...............................................أخالق الصهيونية التلموذيةـ ............ .....................................................معنى فضيلة األخالقـ ............................................."نيتشه"و" ماكيا فيللي"أخالق ـ .....................................................األخالق عند سبينوزاـ .................................................سبينوزا ال يؤمن بالتواضعـ ...........................................التواضع عند نيتشه نفاق وتملقـ .....................................األخالق الفاضلة منطق قوة ال ضعفـ .....................................................احترام حرمات الناسـ .........................................واقع اجتماعي ليس مقياساالتأثر بـ

...................................األعمال الممدوحة واألعمال األخالقيةـ

...................................................... ............................................التقوى رأس النظام االجتماعيـ .................................العملية التربوية األخالقية حاجة ضروريةـ ..........................................إنما بعثت ألتمم مكارم األخالقـ ...................................................أخ كريم وابن أخ كريمـ ....................................................هذه صفة المؤمن حقاـ ...........................................................لتعليمالتزيكة واـ )(( ............................... ...................................علمنا غابر ومزبور، ونكت في القلوبـ ..............................................حسن الخلق يميت الخطيئةـ ........................................................تخلقوا بأخالق اهللاـ ............................ أول من أسس علم األخالق)A(اإلمام عليـ .....................................................ما معاوية بأدهى منيـ ....................................كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكمـ ..............................................ق ثالثةيا علي مكارم األخالـ ...........................................................البخل بالسالم؟ـ .......................................كونوا زينا لنا وال تكونوا شينا عليناـ

...............................................الحسن من كل أحد حسنـ

)((....................................... ...............................................))(اختالف أزمنة األئمةـ .................................................هل تقول إن اهللا واحد؟ـ ............................................وال تكونن عليهم سبعا ضارياـ ....................................................كونوا عباد اهللا إخواناـ ............................... ويدعو له في المسجدمالك األشتر يصليـ .....................)%(عجزت النساء أن تلد مثل علي ابن أبي طالبـ ..............................................إن اهللا ال يحب المستكبرينـ .....................................................أعطون ما في الخزنةـ ..............................................)%(أخالق اإلمام الحسينـ ........................................موقفه من الحر بن يزيد الرياحيـ )%(................... .....................................................ال نراك تؤاكل أمك؟ـ ........................................................سة الدعائيةالمدرـ .............................................................وز األدعيةكنـ ............................................................التربية بالدعاءـ

...................................................رسالة األخالق مصدرـ ..............................................................حق اللسانـ ............................................إن كنا كما قثلت فنستغفر اهللاـ ......................................................إن أحسنتم أحسنتمـ .................................................أعراف الناس وتقاليدهمـ

)((................. ......................................................مدرسة تطهر النفسـ .............................................اإن كنت صدقت غفر اهللا لهـ ...............................................إن أهل بيت مروءتنا العفوـ .....................................................رواية عنوان البصريـ .....................................................أما اللواتي في الحلمـ ...........................................................إن كنت صادقاـ ....................................................شخص يسيء لإلمامـ ............................................)%(من أخالق اإلمام الرضاـ

.....................................

.......................................استيعاب المواقف السلبية: األولىـ .................................الموقف العملي والكالم الحسن: الثانيةـ

................................................)-(طريقة النبي: لثةالثاـ ...............................))(المواقف الحازمة من األئمة: الرابعةـ .................................مدرسة غنية بالتعاليم التربوية: الخامسةـ .......................... .................................................التقيد بالضوابط التقوائيةـ ......................................ال نغني عنهم من اهللا شيئا إال بعملـ ...................................................في مصر فيه مائة ألفـ ...........................................................ال يكون مؤمناـ ........................................من ال تتحدث المخدرات بورعهـ ..............................................................شيعة جعفرـ .......................................تعليم الناس على العطف والرحمةـ ..........................السيد أبو الحسن األصفهاني يعفو عن قاتل ابنهـ ............................. ...........................................نهج علماء اإلمامية في التأليفـ ...............................................مصنفات العلماء األخالقيةـ .......................................................المصنفات الحديثةـ ..........................................ب التي تناولت سير العلماءالكتـ

................................لماذا اعتمد علماء األخالق منهجا واحداـ ................................ ............................................................تحقيق العدالةـ .............................................أهم خصائص علماء اإلماميةـ

........................................ مكابدة العناء وتحمل الشدائد:أوال ....................................................الدنيا واآلخرة ضرتانـ ...........................................الشيخ اآلخوند والثوب الواحدـ .......................................................جوع والفقرشدة الـ ..................................................الشيخ البالغي يبيع دارهـ

................................... تحصيل المطالب العلمية والتأليف:ثانيا ....................................................رسالة تفتح بعد أشهرـ ........................................تأليف المختصر النافع على الدابةـ ...............................................كتاب اللمعة للشهيد األولـ ..............................................ال فقه لمن ال يديم الدرسـ .............................................الشيخ النجفي ليلة وفاة ولدهـ

............................................... التقديس وبركة العلماء:ثالثا ...................................................لوال تمريج في قلوبكم ـ ...........................................الطهارة القلبية والخبث الباطنيـ .................................................السفر الفكري والروحيـ .............................................إن المحب لمن أحب مطيعـ

..........................................................البركة هبة إلهيةـ .............................................معجزة العالم ابن فهد الحليـ .........................................................السيد السبزواريـ .........................................صالة االستسقاء في سهل الخانـ

........................ تميزهم بالعبادة والمداومة على المستحبات :رابعا .....................................صالة األلف ركعة والسجود الطويلـ ........................................................من شرفته طاعتكـ ..................................................ليس العلم بكثرة التعلمـ .........................................إعطاء الدرس بشرط صالة الليلـ ...............................................إن أردت الدنيا فصل الليلـ ........................................ .........................................................كان منهجا فريداـ ..........................................المداومة على الدراسة والتعليمـ .....................................اصرينعدم االستيحاش من قلة المنـ .............................................الثقة باهللا تعالى بشكل مطلقـ ..................................................التجافي عن دار الغرورـ ......................................................قضاء حوائج الناسـ .....................................الحرص على تربية النفس وتهذيبيهاـ ...........................................................شدة تواضعهمـ

.................................).(عالقتهم وارتباطهم باإلمام المهديـ ....................... ...........................................ما من واقعة إال وهللا فيها حكمـ ......................................................طبق الرسالة العمليةـ ................................................أعوذ بك من علم ال ينفعـ ...........................................علم ال ينفع من علمه وال يضرـ ..........................................التاجر فاجر ما لم يتفقه بالدينـ ................................................................أال يمحوهـ .......................................تربية المواطن في الدول المتطورةـ ....................................آداب المسلم مع الطبيعة والحيواناتـ .................................. ...........................................................ةالتربية الصالحـ

......................................... القدوة الحسنة في اإلسالم:األولى ............................................................القيادة المؤثرةـ

............................................... نظام الثواب والعقاب:الثانية ................................ التعرف على وسائل الحياة المتطورة:الثالثة

....................... ........................................الصروح األكاديمية عنصر أساسيـ ................................................المناهج العلمية وتطورهاـ ................................................لجامعيةتحصيل اإلجازة اـ ......................................................اإلجازات األخالقيةـ .................................................الخطأ البنيوي والمنهجيـ ..................................................المقدسات والمحرماتـ ......................................................غياب الرقابة الذاتيةـ ........................................................االنحالل الخلقي ـ ...........................................إسقاط المرأة من سجل الهويةـ .................................................القواعد األخالقية تساعدـ ..................................إدراج مادة علم األخالق في الجامعاتـ .................................جتمعمساهمة القواعد األخالقية ببناء المـ ............................................................حوادث السيرـ ............................................................شرب الخمورـ ........................................................الخلوات الغامضةـ .................................................األخالق وااللتزام الدينيـ ................................................ضرورة التقييم االجتماعيـ ....................................تخريج القيم اإلنسانية من الجامعات ـ .............................................!المخدرات من زاد الطالب؟ـ

...............................األخالق شاملة وليست مختصة بعالم دينـ

................................................... ......................................يق القواعد األخالقيةالخبرة في تطبـ ..................................................التكبر في وجه المتكبرـ ..............................................أين يصح الكذب والصدقـ ....................................................إذا استغضب الرجل؟ـ ...........................................الفرق بين األخالق والخلقياتـ .....................................األخالق بين النسبية والمطلق الثابتـ .....................................خصال المرأة الزهو والجبن والبخلـ .........................................ال تكرهوا أوالدكم على عاداتكمـ ....................................................األحكام أولية وثانويةـ ...........................................................التكبر والغرورـ ...........................................إن اهللا ليبغض المتجبر المتكبرـ .......................................الحكممة تعمر في قلب المتواضعـ ...............................................التكبر بوجه المتكبر عبادةـ ................................................الكبر على المتكبر صدقةـ ..................................

.....................................................الصدق والكذب: أوال

...........................................................حصائد األسنةـ ................................................الكذب في األمور الدينيةـ ................................................لمعياري والوطنيالمنهج اـ

........................................الخلق الحسن بشاشة الوجه: األول ................................................الوجه المكفهر والبشوشـ ..............................................................حسن اللقاءـ ........................................................البشر خلق مشرقـ ......................................................سبب المحبة للبشرـ .........................................................حاالت استثنائيةـ ..............................................العبس بوجه أهل المعاصيـ .................................................إذا القيتم أهل المعاصيـ ..............................العبوس بوجههم ال يتنافى مع مبدأ المداراةـ

...................................................ف والتبذيراإلسرا: الثاني ................................................نظرية االعتدال والوسطيةـ ....................................................كلمة اإلسراف شاملةـ ...........................................اإلسراف والجناية على النفسـ ............................................اإلسراف في الطعام والشاربـ ........................................................اإلسراف في الماءـ ................................................إن اهللا ال يحب المسرفينـ .............................................الفرق بين اإلسراف والتبذيرـ ...............................................أدنى ما يكون العبد مسرفاـ

................................................القصد أمر يحبه اهللا تعالىـ ........................................................ليس من اإلسراف ـ ................................................................في الصيدـ ............................................................في أفعال البرـ ...............................................................في الثياب ـ .........................................................في إطعام الطعامـ

................................................:اللغيبة ومسوغاتها: الثالث ....................................حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبةـ .........................................................لكل شيء حرمةـ ....................................................التراحم بين المؤمنينـ ......................................................حرمة فضح عيوبهمـ ................................................إن اهللا ستير ويحب السترـ .............................................................آفة اجتماعيةـ ....................................................ن الكالمالعرب يحبوـ ..........................................................استثناءات الغيبةـ

......................................................:اللعب واللهو: الرابع ...........................................................مرحلة الطفولةـ .......................................................طبيعة الحياة الدنيا ـ ............................................................التزود لآلخرةـ ................................................الدنيا ساعة فاجعلها طاعةـ ....................................................لهو المؤمن في ثالثـ

..................................................السباحة وركوب الخيلـ ..................................................روحوا عن أنفسكم بينـ ............................................................الشتم والسبـ ........................................................اصطناع المعروفـ ...........................................................نيالعجلة والتأـ ................................................الكذب في األمور الدينيةـ ..........................................................الكذبة والكذيبةـ .....................................................الكذب مفتاح الرزقـ ...................................................الصدق يهدي إلى البرـ ...............................................الكذب يهدي إلى الفجورـ ..........................................وال تجعلوا اهللا عرضة أليمانكمـ ...........................................................من صمت نجاـ ......................................................إنما شيعتنا الخرسـ ..........................................جواز الكذب في ثالث مواضعـ

......................................................الغضب والحلم: ثانيا ...................................................شرالغضب مفتاح كل ـ ...................................................خذ العفو وامر بالعرفـ ................................................................ال تغضبـ ....................................................طرق معالجة الغضبـ ...........................................................من كظم غيظهـ ....................................من استغضب ولم يغضب فهو حمارـ

......................... ......................................براعة اإلنسان في القواعد األخالقيةـ .......................................................ـ ..............................................ـ ..............................................ـ ...........................................................ـ