الشعري للنص النقدي التحليلانموذجا غزوان عناد الدكتور

. حسن محسن آالء دالحسني

المقدمة يع**د ال**دكتور عن**اد غ**زوان من النق**اد العراق**يين ال**ذين حقق**وا مكان**ة متم**يزة في الوس**ط األدبي ، بم**ا قدم**ه من إنج**ازات في مج**الي النق**د والترجم**ة تش**هد ل**ه بمقدرت**ه وأسلوبه النقدي الخاص ، فه**و أح**د أعالم الثقاف**ة النقدي**ة العراقية ال**تي ك**ان له**ا ال**دور الكب**ير في ال**درس النق**دي األك***اديمي ، الى ج***انب تك***ريس قيم الحداث***ة في المنهج النقدي وتعميم نظرياته الحديثة ، أمثال ال**دكتور علي ج**واد الط***اهر ، وال***دكتور جالل الخي***اط ، وال***دكتور مه***دي

المخزومي ، والدكتور علي عباس علوان وآخرون . وانطالق**ا من أهمي**ة ال**دكتور عن**اد غ**زوان في ال**درس النقدي ، ولكونه واحد من النق*اد ال*ذين يؤمن**ون بالتكاملي**ة عقيدة ومنهجا، وقلة الدراسات ال**تي تن**اولت منهجيت**ه في تحليل النصوص الشعرية ، فق**د اتجهت الباحث**ة إلى دراس**ة تحلي**ل النص الش**عري عن**د د. عن**اد غ**زوان ، محاول**ة منه**ا

لتلمس مدى قدرته النقدية في مجال النقد التطبيقي . ومن هنا فقد تركزت الدراسة حول مبحث أساس بعن**وان ) التحليل النقدي للنص الشعري ( ، واتجاهين أساسيين من اتجاهات النقد في تحليل النص الشعري هما االتجاه األول : النقد الموضوعي وفيه يظه**ر د. عن**اد ناق**دا موض**وعيا في تحلي***ل النص***وص الش***عرية . واالتج***اه الث***اني : النق***د االنطباعي وفيه يظه**ر د. عن**اد ناق**دا انطباعي**ا في تحلي**ل

النصوص الشعرية .

التحليل النقدي للنص الشعري لكل نص شعري ميزاته أو خصائصه الفنية التي تع**بر عن شخصية الشاعر أو المب**دع ال**ذي أنتج**ه ، ولكي يتس**نى لن**ا معرفة ميزات كل نص شعري ال ب**د لن**ا أن نس**تعين بالنق**د للكشف عن تلك الميزات ، ذلك أن النقد هو : " تقدير النص

،1األدبي تقديرا صحيحا وبيان قيمته ودرجته األدبي**ة " ) *) مم**ا يف**رض على الناق**د مهم**ة " تك**اد تك**ون أق**رب إلى البديهي***ة هي في قدرت***ه على تعمي***ق اس***تجابة المتلقي للش**عر أو بعب**ارة أخ**رى الس**عي الجم**الي إلى تبس**يطها وتوس**يعها . ويتم ذل**ك ، دون أدنى ريب ، من خالل أس**لوب التواصل والتوصيل الفنيين بين القصيدة / الشاعر والقارئ / المتلقي ، صاحب االستجابة المتوخاة ، هذا المتلقي ال**ذي ي**رى في الكلم**ة الش**عرية المهموس**ة عالم**ا جمالي**ا يعم**ق إحساسه بعوالم الطبيعة المحيطة به وحينئذ ال يكون ألفكار الناقد التجريدية المفروضة على النص الشعري / القصيدة ،

( 2أي أثر يستحق االهتمام " ) كما إن هناك أسئلة جوهرية يطالب النقد الناقد باإلجاب**ة عليها ال تعدو ما يلي : " ما الذي يضفي على تجربة قراءتن**ا ألح**دى القص**ائد ؟ وم**ا ال**ذي يجعله**ا أفض**ل من غيره**ا ؟ وعلى أي نحو يجب علين**ا أن نس**تمع إلى قطع**ة موس**يقية بحيث نس**تطيع أن نحظى ب**أكثر اللحظ**ات قيم**ة ؟ ولم**اذا نعتقد أن رأيا معينا في نتاج ف**ني يف**وق غ**يره من اآلراء ؟ ه**ذه هي األس**ئلة الجوهري**ة ال**تي تل**زم اإلجاب**ة عنه**ا في

( . 3النقد " ) إن النق**د في حقيق**ة أم**ره يتض**من نق**دان ، حيث " ال تخرج أية محاولة أدبي**ة يباش**رها ناق**د عن واح**د من ه**ذين النق**دين . أم**ا النق**د األول فه**و النق**د التفس**يري حيث تس**تغل في**ه أس**باب الثقاف**ة بالق**در ال**ذي يجلي العم**ل ويوضحه . وأما النقد الثاني فهو النقد الحكمي حيث يس**تند فيه إلى حيثي**ات فني**ة من حس**ن الح**ظ أن الق**دماء ص**الوا فيه**ا وج**الوا الس**يما في كتب البالغ**ة ، على أس**اس أن

األدباء الكبار سبقوا إلى أشياء بارزة ، وهذه األشياء اتخ**ذت (4مادة للقوانين الفنية التي أجمع النقاد على األخذ بها " )

ولكي يحق***ق النق***د ه***اتين الوظيف***تين ) التفس***ير ، والحكم ( ، الب**د ل**ه من منهج ألن**ه – أي المنهج – " الطري**ق

،5والسبيل التي يتدرج به**ا للوص**ول إلى ه**دف معين " ) *) كم***ا يمكن تحدي***ده " بوص**فه مجموع***ة من الخط***وات أو اإلجراءات األداتي**ة المتض**افرة ال**تي تتس**م باالتس**اق فيم**ا

( . 6بينها ، وتخص ميدانا من ميادين المعرفة " ) تتضح أهمية المنهج في النقد من خالل دوره في تحلي**ل ومعالج**ة القض**ايا األدبي**ة تحليال علمي**ا وتق**ديم األحك**ام العلمي**ة وليس مج**رد األحك**ام واآلراء العام**ة القائم**ة على أساس الذوق ، إذ أن غياب المنهج في النقد " قد يؤدي الى استبداد التأثرية واالنطباعية حيث األحكام الفردية العام**ة ، السائبة ، غير المس**ؤولة وذل**ك ألن غي**اب المنهج النق**دي ، أي منهج ، يع***ني تحوي***ل النق***د إلى مج***رد كون***ه ت***ذوقا وانطباعات عامة ال تخدم فك**را وال تغ**ني قض**ية وال تش**كل إضافة إبداعية لمجمل الحركة الشعرية العربية المعاص**رة "

( ، كما يمكن أن نعد المنهج " الس**ر وراء انتظ**ام الك**ون7)( . 8والفكر فإذا ما اضطرب اضطرب الفكر والكون " )

وانطالقا من اختالف أساليب النق**اد تبع**ا الختالف المنهج المس**تخدم في النق**د ، فق**د ك**ان لل**دكتور عن**اد غ**زوان منهجيت**ه الخاص**ة في تحلي**ل النص**وص الش**عرية ، وه**ذه

المنهجية تظهر في اتجاهين أساسيين هما :

أوال : النقد الموضوعي إذا كان النقد " عملية فكرية موضوعها اإلب*داع بم*ا في*ه األدب ، واألدب بحاجة الى هذه العملية ألن طبيعته المتميزة

تقتضي الح**ديث عم**ا في**ه من خفاي**ا ومك**امن أو متغ**يرات ومستجدات ، وبعبارة أخرى فاألدب إنت**اج لغ**وي مفت**وح ل**ه مقوم**ات عدي**دة وإمكاني**ات كث**يرة ق**د تجع**ل من**ه كيان**ا مستعصيا أو غامضا أو معقدا أو طفيليا ، وفي ه**ذه الحال**ة تض**حي الحاج**ة ماس**ة إلى فهم**ه أو تقريب**ه أو تفس**يره أو تقويم**ه وهي المهم**ة أو المه**ام المنوط**ة بالنق**د أص**ال ،

( . 9ومنها يستمد تعريفه ومشروعيته وحقيقة وجوده " ) فإن وجود المنهج في النقد هو أمر ضروري ألن " تحليل العم***ل األدبي دون منهج واض***ح في نفس الناق***د له***ذا

( ، حيث س**يادة10التحلي**ل أم**ر محف**وف بالمخ**اطر " ) األحكام واألهواء الفردية القائمة على أس**اس ال**ذوق ال**ذي يعد " في رأي االنفع**اليين الفيص**ل الف**ذ في وص**ف األدب وتذوقه سواء أكانت نتيجة الت**ذوق والت**أثر ثابت**ة أم متغ**يرة

( . 11بتغير األوقات والبيئات " ) هذا ال يعني أننا ال نقب**ل بوج**ود نق**د ذاتي أو يغلب علي**ه الذوق ، ولكن نقبل به " في حال**ة واح**دة هي بدايت**ه ال**تي يشهد عليها التاريخ . فنحن لو تتبعنا أصول النقد في العالم قبل أرسطو – على التحقيق – نرى ثم**ة أم**ورا يغلب عليه**ا الذوق ، وظل النقد قائما بها ح**تى نهاي**ة العص**ر اله**ومري في القرن الث**امن قب**ل الميالد . وعن**دما تط**ور على أي**دي فالسفة القرنين السادس والخامس لم يتح**رر من األحك**ام الذاتية ، وان تكن تلك األحكام دعمت باألخالق . وظل األم**ر ك**ذلك ح**تى ق**دم أرس**طو فص**در عن النق**د الموض**وعي، واض**عا بكتابات**ه عن الش**عر والخطاب**ة ح**دا للنق**د ال**ذوقي

( . 12وللنقد الذوقي األخالقي " ) إذن نستطيع القول أن وجود المنهج في النق**د أدى الى ظهور ما يعرف بالنقد الموضوعي وه**و " ذل**ك النق**د ال**ذي يق**وم على منهج تدعم**ه أس**س نظري**ة أو تطبيقي**ة عام**ة ويتناول بالدرس مدارس أدبية أو شعراء أو خصومات يفصلر بمواض**ع الجم**ال ط عناص**رها ويبص** الق**ول فيه**ا ويبس**

( ، كم**ا أن**ه ينب**ع " من الش**عر الش**عر ، أو13والقبح فيها )

القصيدة القصيدة ذاتها وليس من الشاعر ، أي أن األسلوب الشعري – أو اللغة الشعرية – على سبيل المثال ، هو ال**ذي يقود من خالل التحليل والموازنة والتقويم إلى حكم نق**دي

( ، وبعبارة أخرى14موضوعي وحس فني –جمالي بذلك " ) إن النقد الموضوعي ال يعني أن يستخدم الناقد ما يشاء من المناهج ويقحمها داخل النص ، وإنما النص هو الذي يف**رض على الناقد استخدام هذا المنهج أو ذاك " وهنا يدخل النق**د األدبي الحياة من أسع أبوابه**ا حين يغ**دو مظه**را مهم**ا من مظ**اهر حركي**ة المجتم**ع اإلنس**اني حيث يش**ارك العل**وم اإلنسانية األخرى هدفها وغايتها في تحليل النفس البشرية من خالل تجاربه**ا األدبي**ة المختلف**ة ، فتص**ير حينئ**ذ بعض األحكام – كهذه قص**يدة جي**دة ، وتل**ك رديئ**ة ، وه**ذه عب**ارة سليمة ، وتلك كلمة غريبة ، وهذه رواية حس**نة وتل**ك قص**ة مبعثرة األفكار – ضربا من السذاجة واألحكام العادية العابرة

( . 15وإن عدها البعض من النقد األدبي ) ل**و أتين**ا على النق**د الموض**وعي في تحلي**ل النص**وص الشعرية عن**د د . عن**اد غ**زوان ، سيتض**ح لن**ا أن**ه طب**ق في بعض منها االتجاه التكاملي ، وهو في حقيقته االتجاه الذي " ال يخضع ألي تعريف فني واضح المعالم ، فه**و ليس نق**دا تاريخيا خالصا وال نقدا بالغيا ضيقا ، وال نقدا نفسيا محدودا بما يدلي به أقطاب السيكولوجية من تفس**يرات وترجيح**ات متعددة وقد تك**ون متناقض**ة ، كم**ا أن**ه ال يق**ف عن**د ح**دود معينة بقدر ما يق**ف عن**د الش**كل التعب**يري ودالالت**ه ، وق**د يطي**ل الوق**وف عن**د النس**يج باعتب**اره قالب**ا لمع**ان تنق**ل ويمكن أن تحلل ، شأنها في ذلك شأن أية تجرب**ة إنس**انية ، وفي الوقت نفسه يواجه بص**راحة اإلمكان**ات اللغوي**ة ال**تي تفت**ق عن مثله**ا ذهن عب**د الق**اهر الجرج**اني في كتاب**ه " أس**رار البالغ**ة " واإلمكان**ات ال**تي يهيئه**ا " ن**وع " العم**ل

(16األدبي بحسب استعداد األديب وثقافته وأيديولوجيته " ) ، أو ه**و بعب**ارة أخ**رى االتج**اه " ال**ذي ال يحص**ر نفس**ه في حدود منهج واحد من المن**اهج ، ب**ل يس**تخدم ه**ذه المن**اهج مجتمعة متكاملة متداخلة في مواضعها المناسبة ، ويستخدم

جميع الوسائل ال**تي تمكن من إص**دار أحك**ام متكامل**ة على( . 17العمل األدبي من جميع نواحيه " )

السيما وأن الناقد د. عناد غزوان يقول : " إن روع**ة الحكم النقدي في دراسته التجربة األدبية وتحليل أبعادها الفني**ة ، هي تلك التي تنطلق من التجربة ذاتها بوصفها عمال إبداعيا في األصل ثم تسعى في هدى هذا الفهم الداخلي – الذاتي للنص اإلب**داعي إلى ربط**ه ب**النظرة األدبي**ة العام**ة ال**تي توصف بأنها شاملة ومترامية في أبعادها ومساحتها األدبي**ة – الفنية علما أن النظرة أو المستوى األدبي العام ه**و ج**زء ال يتج***زأ من الكي***ان الفك***ري أو المس***توى اآلي***ديولوجي وقيمها االجتماعية ، تلك القيم التي تمثل على وج**ه الدق**ة فلسفة صاحب التجربة ونظرته الى الواقع والحياة اجتماعيا

(18وقوميا وإنسانيا " ) ومن النصوص الشعرية التي حضيت بالدراسة المتكاملة من قبل الناقد د. عن**اد ، نص بعن**وان ) م**واكب ج**بران نص وتحلي***ل ( ، حيث اس***تخدم في تحليل***ه المنهج النفس***ي

واالجتماعي والفني . أما عن المنهج النفسي فيظهر من خالل تحليله للعوام**ل النفسية المؤثرة في شخصية الشاعر ) جبران خليل ج**بران ( ، والتي كان لها دورا كب**يرا في تحدي**د نظرت**ه أو موقف**ه من الحب والمرأة ، يقول د . عناد: " ص**ور ج**بران في ثالث لوحات من مواكبه – اللوحة الحادي*ة عش*رة والثاني*ة عش*رة والثالث**ة عش**رة موقف**ه الص**ريح ال**ذاتي واآلني من الحب والمرأة ، ذلك الموقف الذي خلقته ظ**روف بيت**ه والرواب**ط

غير المتكافئة بين والديه . فطفولته البريئة كانت جريح**ة من**ذ الوهل**ة األولى ، في أس**رة تس**لط عليه**ا أب ف**ظ ، س**يء الس**لوك وأم وديع**ة حكيمة ، كما تشير إلى ذلك مصادر ترجم**ة س**يرته الذاتي**ة ، فكانت نزعة النف**ور من أبي**ه واض**حة في كتابات**ه ورس**ائله

كما أن نزعة االعتزاز باأللم واالرتب**اط به**ا ك**انت جلي**ة هياألخرى على النقيض من األولى .

أن معاناته المبكرة من مأساة فقدان الت**وازن والت**آلف بين والديه خلقت في**ه ش**عورا بالنقم**ة المكبوت**ة والنقم**ة على

المجتمع. وقد ظهر أثر هذه المعاناة في نظرته الروحية إلى الحب والمرأة ... وهي نظ**رة ال تخل**و من إحس**اس باألموم**ة وإن كان من طرف خفي أو غير مرئي ، فحين يتحدث عن الحب ي**رى في**ه أش**كاال مختلف**ة بي**د أن أكثره**ا ش**يوعا بين ب**ني اإلنسان هو الحب الجسدي ال**ذي يش**به " العش**ب " األج**رد

في الحقل بال زهر وال ثمر : والحب في الن***اس أش***كاال وأكثره***ا كالعش***ب في

الحقل ال زهر وال ثمر إن هذا الحب مظهر من مظاهر فن**اء اإلنس**ان، جس**ما بال قيمة تمثلها الروح في أعلى صورها العفيف**ة والط**اهرة... إن الحب الجس***دي ض***رب من االنتح***ار القيمي في حي***اة اإلنس**ان وفي كينونت**ه ج**وهر عالق**ة الحب بين المح**بين

والعشاق : والحب م**ا ق**ادت األجس**ام موكب**ه إلى ف**راش من

األغراض ينتحر كأنه ملك في األسر معتقل يأبى الحي**اة وأع**وان

( 19له غدروا )

ويب**دو االتج**اه االجتم**اعي في تفس**ير الناق**د د. عن**اد للحياة في الغاب تفسيرا اجتماعيا ، يقول : " ويختم جبران مواكبه بلوحته الثامنة عشرة وهي تختلف عن نظيراتها في شكلها الحواري ، تبدأ بالصوت الثاني نش**يدا رائع**ا يخ**اطب فيه الصوت األول – وهو الصوت المعبر عن ثورة جبران ضد ثنائيات الحياة وتناقضاتها التي أثرت فيه تأثيرا بعيد الم**دى

مضار سلوكه االجتماعي انعكاسا حقيقيا لجوهر تلك الث**ورة وذل**ك التم**رد . وج**بران وإن كتم عن الن**اس ش**كواه ، كم**ا ي**رى ذل**ك ميخائي**ل نعيم**ة ، إال أن**ه ك**ان يالقي الكث**ير من الض***نك الم***ادي والمعن***وي في ع***الم اله عن اللب***اب بالقشور ، وعن الن**ور بالظ**ل ، واتف**ق أن اهت**دى في تل**ك األثناء إلى ) فردري*ك نيتش*ه( س**يد المتم**ردين والمتهكمين وحامل لواء الثورة على القيم الرثة التي ي**دين به**ا الن**اس فوق كل دين . ف**انجرف بتي**ار ) نيتش**ه( ... فك**انت "نتيج**ة لتل**ك الحال**ة القلق**ة ال**تي أحس**ها ج**بران م**ا بين ق**وتين تتجاذبانه قوة اإليمان بحكمة الحياة وعدلها وجمالها في كل ما تأتيه وقوة النقم**ة أثاره**ا في**ه ) نيتش**ه( من جدي**د على ض**عف الن**اس وخن**وعهم وت**واكلهم وك**ل م**ا في حي**اتهم الباطني**ة والخارجي**ة من ق**ذارة وبش**اعة " ق**د تك**ون ب**ذور النقمة عند جبران متأثرة إلى حد ما بثورة ) نيتشه( ونقمته ولكن جبران يختلف عن ) نيتش**ه( في أم**ور كث**يرة ، ولع**ل أبرزها رفض جبران اإليمان باستقالل اإلرادة اإلنس**انية عن العالم وبمقدرتها الفردية على صياغة ع**الم جدي**د أو كي**ان

يرى ج**بران .. ب**ل وي**ؤمن اإليم**ان0000متفوق خاص بها كل**ه أن ق**وة اإلنس**ان الحقيقي**ة تكمن في تس**لطه على نفس**ه ال على اآلخ**رين ، وفي تنص**له من أهوائ**ه كاألناني**ة والبغض والظلم ، لبلوغ ذروة الكمال وهي المحبة ، كم**ا أن عطفه على المساكين والضعفاء من بني البشر يجع**ل من**ه

ي**رى ثم**ة0000واعي**ا عني**دا الى المس**اواة بين الن**اس جوهرا كليا يس**يطر على الطبيع**ة يتجلى في ك**ل ج**زء من أجزائها – كما يب**دو ه**ذا واض**حا في مظ**اهر الطبيع**ة ال**تي يزخر بها هذا النشيد الجبراني الواث**ق ثق**ة مطلق**ة بعظم**ة الطبيعة ألنها مصدر إلهامه اإلنس**اني ومنب**ع زه**ده ال*واعي بعيدا عن التعقيد والتكلف والرياء الذي يالزم الحياة المادية ، الحياة المدنية الحافلة بالتناقض والت**أزم . ومن هن**ا تك**رر س**ؤاله ) به**ل ( أرب**ع م**رات في ه**ذا النش**يد بال ج**واب ،

تحقيقا إليجابية هذا الزهد .

ف**إذا عرفن**ا أن ) ه**ل ( ح**رف اس**تفهام يطلب به**ا عن**د البالغيين التصديق فقط ، أي معرفة وقوع النس**بة أو ع**دم وقوعها ال غير ، كما يقول نحاتنا وبالغيونا الق**دامى أدركن**ا أن تكرارها أك**ثر من م**رة في ه**ذا النش**يد ي**دل على م**دى تص**ديق ج**بران وص**دقه بجوابه**ا المتمث**ل بإيم**ان ج**برانصاحب السؤال بالطبيعة مالذه األبدي وسر زهده الواعي :

ه***ل اتخ****ذت الغ***اب مثلي م***نزال دونالقصور

هل تحمم*ت بعطر وتنشف*ت بنور ه**ل جلس***ت العص**ر مثلي بين جفن***ات

العنب ه***ل فرش****ت العش***ب ليال وتلحف****ت

( 20الفضا ... ")

أم**ا الدراس**ة الفني**ة فتظه**ر من خالل تحليل**ه لقص**يدة ) الم**واكب ( تحليال فني***ا ، حيث أش***ار إلى ظ**اهرة فني***ة تم**يزت به**ا ) الم**واكب ( هي ظ**اهرة ) الطب**اق البالغي ( ، يقول : " يستند بناء ) الم**واكب ( بوص**فها قص**يدة حواري**ة طويل***ة إلى عنص***ري التحلي***ل وال***تركيب الق***ائمين على ثنائيات الحياة اإلنسانية كما يفهمها جبران ، يحاول الشاعر من خالل تجسيده وتصويره مثل هذه الثنائيات ، النف**اذ إلى كن**ه طبيع**ة الحي**اة وتجس**يم الوق**وف على أس**رارها على لس**ان ص**وتين أو تي**ارين يمثالن ص**راعا داخلي**ا في ذات الشاعر حين ينتهي هذا الصراع بقرار أو الزمة شعرية تمثل الراحة النفسية أو الراحة الوجدانية التي يل**وذ به**ا الش**اعر من ع**ذاب ه**ذا الص**راع ال**داخلي . ومن هن**ا ج**اء اهتم**ام المواكب بجدلية الطب**اق البالغي ظ**اهرة فني**ة من ظ**واهر

أسلوبها الشعري ولغة حوارها .

ويقصد بالطب**اق في ه**ذه المطول**ة التك**افؤ أو التض**اد بين المعاني التي يبرزها نسق األلفاظ في تراكيب لغوية تمت**از بالمقابل**ة ألن الض**دين يتق**ابالن ، كم**ا يق**ول البالغي**ون القدامى ، وقد وفق جبران الى اس**تثمار ه**ذه " المقابل**ة " المعنوية أو " التقاب**ل البن**ائي " في خل**ق ص**وره الش**عرية التي ابتعدت عن كونها زخرفا لفظيا ، ب**ل ص**ارت في أك**ثر األحيان نسيجا تقابليا تمتزج فيه الص**ورة والمع**نى كالهم**ا وتنسجان بشكل يستحيل معه فصلها حيث ي**ؤول مث**ل ه**ذا النسيج في كثير من األحي**ان إلى ض**رب من الرم**ز الرفي**ع الذي تمثله لغة جبران االنفعالية أو الرمزية بمعناها الداللي وليس بمعناها األدبي ، علم**ا أن الق**رار – الن**داء أو الالزم**ة الشعرية قد استندت في لوحات المواكب وأناشيدها جميع**ا الى عنصر المقابلة أو التقابل استنادا واضحا ومطلقا حيث كانت جدلية البقاء والفناء أو الوجود والعدم دال**ة فني**ة في التكافؤ واالنسجام الداخلي بين عنصري التحلي**ل وال**تركيب في المطولة كله**ا ، فق**د قاب**ل ج**بران بين ه**ذه الثنائي**ات بعفوية بارعة وبنى عليه**ا فك**رة تم**رده على بيئت**ه وثورت**ه على ما كان يحيط به من أعراف وتقاليد ونواميس حياتية "

(21 ) ومن ه**ذه المق**ابالت البالغي**ة م**ا أش**ار إلي**ه د. عن**اد في

اللوحة األولى من ) المواكب ( ، يقول جبران فيها : الخير في الناس مصنوع إذا جبروا والش**ر في الن**اس

ال يفنى وإن قبروا وأكثر الناس آالت تحركها أصابع الدهر يوم**ا ثم

تنكسر فال تقولن هذا علم علم وال تقولن ذلك السيد

الوقر فأفضل الناس قطعان يسير بها صوت الرعاة ومن

لم يمش يندثر

*** ليس في الغاب*******ات راع ال وال فيه******ا

القطيع فالشت*ا يمشي ولك*ن ال يج*اريه الربيع )

22 ) المق**ابالت في ه**ذه األبي**ات كم**ا أس**تخرجها د. عن**اد هي " الخير ، مكتسب ، مصنوع / الشر ، خالد ، مطب**وع . الش**تاء /

( 23الربيع " ) كما طبق الناقد د . عناد غزوان في تحلي**ل البعض اآلخ**ر من النصوص الشعرية االتجاه الف**ني فق**ط ال**ذي يهتم ب*** " النص األدبي ، من حيث كون**ه فن**ا أدبي**ا ، أو تجرب**ة فني**ة صادرة عن مبدع وتتضمن صياغة لفظية متقنة ، ذات دالالت

( ، كم**ا في دراس**ته ) بن**اء24، وأبعاد نفسية وشعورية " ) القصيدة والصورة الشعرية عند األثري ( ، حيث أش**ار فيه**ا الى استثمار األثري لعنصري ) التكرار ( و ) اإليقاع الداخلي ( في بن**اء ص**ورته الش**عرية ، يق**ول د. عن**اد : " فالص**ورة الش***عرية عن***د األث***ري تس***تثمر ) التك***رار ( و ) اإليق***اع الداخلي ( اس**تثمارا فني**ا بارع**ا حيث يض**في التك**رار نغم**ة إيقاعي**ة موس**يقية على من**اخ القص**يدة بوص**فه من أب**رز مقومات األسلوبية في مس**تواها الص**وتي . ففي المقط**ع اآلتي يك**رر األث**ري ح**رف الج**ر " في " ال**ذي ي**دل على الظرفي***ة حقيق***ة أو مج***ازا وعلى الس***ببية والمص***احبة واالستعالء كما يقول النحاة ، خمسا وعش**رين م**رة ليحق**ق من وراء هذا التكرار تعادال إيقاعيا ومعنويا في آن واح**د .

فتأتي الصورة الشعرية عنده ذات حس يؤكد جماليتها : يا رب أدرك خافقي وقد التظى بالحب أن يف**نى

من األحراق أن**ا من**ك ، من نفح**ات لطف**ك ، ف**ارعنى في ح**بي

الطاغي وفي استغراقي

قد ذبت في نور الجمال ، فإنه عن نور ذاتك ش**ف( 25في اآلفاق )

وأيضا من األمثلة على تطبيق**ه االتج**اه الف**ني في النق**د ، دراسته ) بناء القصيدة في ش**عر الش*ريف الرض*ي ( ، حيث أشار من خالل تحليل**ه ألح**دى قص**ائد دي**وان الرض**ي ، إلى استثماره لعنصر التص**ريع الموس**يقي وه**و يع**ني " عملي**ة

( يقول د . عناد : " إن ديوان الش**ريف26تكرار الصوائت " ) الرضي بفنون**ه الش**عرية المختلف*ة يكش*ف عن وج**ود ه*ذه العناصر الفنية في بناء قصيدته فمطالعه في األغلب األعم مصرعة وخاصة في القصائد الطويل**ة وق**د يص**رع أك**ثر من م**رة في القص**يدة الواح**دة ، كم**ا يظه**ر ذل**ك واض**حا في

مرثيته : أترى السحاب إذا س**رت عش**راؤه يم**ري على ق**بر

ببابل ماؤه فقد صرع خمس مرات فيها :

يمسي ولبن مهاده حص**باؤه في**ه م**ؤنس ليل**هظلماؤه

مغ****ف وليس لل****ذة أعف****اؤه مفض وليسلفكرة أغضاؤه

م**ا زال يغ**دو والرك**اب ح**داؤه بين الص**وارموالعجاج رداؤه

ال تعجبن فم**ا العجيب فن**اؤه بين المن**ون ب**لالعجيب بقاؤه

من طاح في سبل الردى اباؤه فليسلكن طريقه( 27أبناؤه " )

ثانيا : النقد االنطباعي

لعل المنهج االنطباعي أو التأثري هو أقدم المناهج ال**تي عرفه**ا النق**د ، والس**يما أن**ه ص**احب ظه**ور فن**ون األدب المختلفة ، وبخاصة فنون الشعر ، كما أنه لم يختف بل ظل قائما وضروريا حتى اليوم ، وكل ما طرأ عليه هو أنه أص**بح يعتبر مرحلة ض**رورية وأساس**ية وأولي**ة في النق**د ، ولكن**ه ليس النقد كله ، وال يمكن االكتف**اء ب**ه ، ب**ل يجب أن تتبع**ه مرحلة أخرى تفسر وتبرر التأثرات التي نتلقاه**ا عن العم**ل األدبي – بأصول ومبادئ موضوعية عامة ، حتى نس**تطيع أن نحول ذوقنا الخاص الى معرفة موضوعية يقبله**ا الغ**ير في

( . 28ضوء اإلدراك الفكري ) وقب**ل أن نتح**دث عن المنهج االنطب**اعي عن**د د . عن**اد غزوان في تحلي**ل النص الش**عري ، ن**رى من الض**روري أن نقف عن*د مع*نى االنطباعي*ة في النق*د ، وه*ل يمكن ع**دها

منهجا ؟ ولماذا ؟ ،19 االنطباعية هي " نزعة تشكيلية ، ظهرت في القرن

وجاءت كرد فعل ، ضد الطبيعية والرمزية مع**ا ، كتعب**ير عن ( ، وهي أيض**ا " وص**ف لالنطباع**ات ،29مدركات الحس " )

( . 30التي يثيرها الموقف في النفس " ) أما النقد االنطباعي فهو " تقديم جذاب للعم**ل األدبي ،

( ، أي أن**ه يعتم**د31انطالقا من تأثير العمل على الناقد " ) أساسا على الذوق الذي ه**و في األص**ل " ملك**ة ت**درك به**ا طع**وم األش**ياء واص**طالحا أداة اإلدراك**ات ال**تي تث**ير في

( . 32نفس المتذوق لذة فنية " ) لقد تباينت اآلراء حول اإلنطباعية هل هي منهجا أم ال ؟ ، ف***البعض منهم ي***رى أن النق***د م***زيج من اإلنطباعي***ة والموض**وعية ، وه**و رأي أحم**د الش**ايب ، يق**ول : " النق**د م**زيج من الذاتي**ة والموض**وعية فه**و مقي**د بأص**ول علمي**ة مقررة من جهة ومتأثر بذوق الناقد ووجهة نظ**ره من جه**ة

( ، وهو أيضا رأي د . أحمد كم**ال زكي ، يق**ول :33ثانية " ) " وعلى الش**اعر إذا ش**رع في أي مع**نى – رفيع**ا ك**ان أو

وضيعا – أن يتوخى بلوغ النهاية في تجويد الصورة ، محت**اال إلى ذل***ك ش***تى الحي***ل . ومن هن***ا ن***رى كي***ف ترتب***ط الموضوعية بالذات ارتباطا وثيقا ، وكيف ينبغي على الناق**د أال يس**هو عن التفاع**ل بين النفس والطبيع**ة من حيث أن

،34األدب يشكل تجرب**ة مي**دانها األول خ**ارج ال**ذات " ) *) وأيضا من النقاد الذين قالوا بان النقد مزيج من االنطباعي**ة والموضوعية ، د . إحسان عباس ، يقول : " أن النقد فعالية " بينية " وسطية أعني فعالي**ة تق**ع دائم**ا بين فع**اليتين أو منطقتين ، فهو الحلقة التي تتوسط بين األدب والجمهور ، وه***و يس***تمد من الثقاف***ات المختلف***ة ليس***لط األض***واء الكاش**فة على الم**ادة األدبي**ة ، أي ه**و حلق**ة تتوس**ط بين الثقاف***ة المعرفي***ة وفن***ون األدب ؛ وه***و منطق***ة تطغى ح**دودها من جه**ة على العلم ومن جه**ة أخ**رى على الفن ، وهو قائم بين اعتبارات موض**وعية وأخ**رى ذاتي**ة ، وهك**ذا ، ولذلك كان بحكم موقعه قابال للتأثر والتوجيه ، منفعال أك**ثر منه فاعال ، وإذا لم يستطع أن يحفظ التوازن الضروري بين المنطق***تين الواقع***تين على حدي***ه ت***ورط في الخط***أ أو اإلخفاق ، ولذلك كان - حتى في توجهه لألدب – مظن**ة ه**ذا

( . 35التورط " ) وإذا ك***ان في ه***ذه اآلراء م***ا يؤك***د على الم***زج بين االنطباعية والموضوعية في النقد ، فإن هناك من اآلراء م**ا يؤكد على الفص**ل بينهم**ا ، وعلى ع**دم وج**ود منهجي**ة في االنطباعي**ة ، وه**و رأي ع**ز ال**دين إس**ماعيل ، يق**ول : " فالحكم الذاتي ليس حكما جمالي**ا ب**المعنى الص**حيح ) أي ال ينصب على جمال موضوعي ( ، بق**در م**ا ه**و مفس**ر لحال**ة

( ، وه**و أيض**ا رأي ط**راد الكبيس**ي ، حيث36المتلقي " ) يصف االنطباعية بأنها " أشبه بوجبة طعام خفيف**ة نلتهمه**ا في حال**ة فق**دان ش**هية ، أو حين ال نري**د أن نثق**ل على أنفسنا . وم**ع إيمانن**ا ب**أن الت**ذوق عنص**ر مهم في النق**د ، وربما ك**ان أول نق**د ب**دأه اإلنس**ان ، ه**و النق**د ال**ذوقي أو الجمالي إال أن النقد تعدى هذه المرحل**ة من**ذ ق**رون . ذل**ك أننا لو اعتبرنا التذوق منهجا نق**ديا قائم**ا بذات**ه ، لك**ان ك**ل

قارئ – مهما كانت ثقافته ودرجة تذوقه – ناق**دا ال يص**ح رد ( وهو ما رأته أيضا د . بشرى موسى صالح ،37مزاعمه ! " )

عندما قالت عن االنطباعية إنها : " ليست منهجا ب**ل عملي**ة تذوق ذاتية محضة تتجلى في استجابة ال واعي**ة قائم**ة على التفضيل المبهم ، واالستجابة الالواعية للنص ال تفرز وعي**ا نقديا منهجيا بالضرورة ، فيكون أو ينشىء االنطب**اعي نص**ا آخر يمث**ل طبق**ة ذاتي**ة عازل**ة ثقيل**ة تغ**رب النص عن باث**ه

( . 38ومتلقيه " ) وهن**اك من النق**اد من لم تس**تقر االنطباعي**ة لدي**ه من حيث منهجيتها أو عدم منهجيتها في النقد ، وهو الناق**د د . جالل الخي***اط ، حيث ن***راه يق***ف موق***ف المتس***اءل أو المستفهم عن االنطباعية دون أن يقدم لنا إجاب**ة واض**حة ، يقول : " تبقى التأثرية ك**أي مس**ار مع**رفي – إب**داعي آخ**ر تنطوي على الجيد والردىء ، والس**الب والم**وجب ، وال**رأي ونقيضه . فه*ل التأثري*ة منهج ؟ وه*ل الناق*د أك*بر من ك*ل

( 39المناهج ؟ " ) إذا ك****ان في إس****تعراض آراء النق****اد ح****ول منهجي****ة االنطباعية أو عدم منهجيته**ا في النق**د ، م**ا يجعلن**ا نق**ول بوجود تباين واضح في هذه اآلراء ، فإنن**ا نج**د ه**ذا التب**اين واض**حا في آراء د . عن**اد غ**زوان ، فمثال يق**ول في كت**اب ) الش**عر والفك**ر المعاص**ر ( في بحث**ه الموس**وم ) الش**كل والمض***مون في الش***عر الع***ربي المعاص***ر ( عن النظ***رة النقدية للنصوص األدبية : " إن النظ**رة النقدي**ة إليه**ا يجب أن تنطل**ق من فهم عمي**ق له**ذه اإلبع**اد الفني**ة بتعادلي**ة موضوعية وإال فهي – أي النظرة النقدية – ضرب من النق**د التأثري والذاتي الذي يطف**و على س**طح التجرب**ة الش**عرية

( . 40وال يحاول النفاذ الى أعماقها " ) وإذا كان في رأيه هذا عن اإلنطباعية ما يؤك**د على ع**دم منهجيتها ، فقد كان له رأيا آخرا في كتابه ) نقد الشعر في العراق بين التأثرية والمنهجي**ة ( ، يق**ول : " فالتأثري**ة نق**د

( ، ويق**ول في موض**ع آخ**ر من41مشروع ويبقى كذلك " )

الكت**اب نفس**ه : " في التأثري**ة ش**يئا من الموض**وعية أو المنهجية ، كما أن في الموضوعية أو المنهجي**ة قس**طا من

( . 42التأثرية " ) ويمكن أن نرجع ه**ذا التض**ارب أو التن**اقض في آراء د . عن**اد غ**زوان عن اإلنطباعي**ة ه**ل هي منهج أم ال ، الى " الثنائية التي وضعها للنق**د كون**ه ) ذوق**ا ( و ) إدراك**ا ( ، أو هو ) فن ( من جانب ، و ) علم ( من ج**انب آخ**ر ، على حين يفترض أن ينصهر ) ال**ذوق ( و ) اإلدراك ( كالهم**ا ويتوح**دا

( . 43فيمن يتصدى للنص األدبي بالدراسة والتحليل " ) ومن األمثل**ة على تحليل**ه النص الش**عري وف**ق المنهج االنطباعي ، ما ج**اء في تعليق**ه على دالي**ة محم**ود س**امي

البارودي في رثاء زوجته ، يقول البارودي : أيد المنون أقدحت أي زنادة وأطرت أية شعلة

بفؤادي أوهنت عزمي وهو حملة فيل**ق وحطمت ع**ودي

وهو رمح طراد لم أدر هل خطب ألم بساحتي فأن**اخ أم س**هم

أصاب سوادي أق**ذى العي**ون فأس**بلت بم**دامع تج**ري على

الخدين كالفرصاد ما كنت أحسبني أراع لحادث ح**تى م**نيت ب**ه

فأوهن آدي أبلتني الحسرات حتى لم يك*د جس*مي يل*وح

ألعين العواد أس***تنجد الزف***رات وهي ل***وافح وأس***فه

العبرات وهي بوادي ال لوعتي تدع الف**ؤاد ، وال ي**دي تق**وى على رد

الحبيب الغادي

يا دهر فيم فجعت**ني بحليل**ة ؟ ك**انت خالص**ة( 44عدتي وعتادي )

ويعلق د . عناد على هذه األبيات قائال : " يصف الشاعر مأساته وهو في المنفى حين تسلم نب**أ نعي زوج**ه الغالي**ة بعيدا عن أرض الوطن ، فيمتزج ه**ذا النب**أ الم**ؤلم بمش**اعر الغرب**ة والح**نين الى وطن**ه . . لق**د أوهن ذل**ك المص**اب عزمه . . وهد قواه . . ونفذ بألمه إلى كبده فأص**ابها . . إن**ه

( 45مفجوع بها " ) لو تأمل القارئ نقد د . عناد ه**ذا على أبي**ات الب**ارودي ، فال شك أنه سيجده شارحا ون**اثرا لألبي**ات الش**عرية ، أك**ثر

منه ناقدا . وأيضا تتجلى االنطباعي**ة في نق**د د . عن**اد غ**زوان ، من خالل تحليله إلحدى قصائد ديوان ) البركان ( لمحم**د مه**دي

البصير ، يقول البصير : عاهدت قومك أن تجاه**د دونهم إن الك**ريم على

العهود أمين ف**أقم على العه**د ال**ذي أعطيتهم واثبت فإن**ك

بالثبات قمين واصبر فكم غمزت قناتك من يد ف**إذا به**ا ص**ماء

( 46ليس تلين ) يق**ول د . عن**اد في نق**د ه**ذه األبي**ات : " فق**د عاه**د البصير قومه من غياهب السجون على الجهاد وعهد الوطن بالنسبة له مثل رفيع من مثل**ه العلي**ا ال**تي آمن به**ا ، ومن أب**رز قيم**ه االجتماعي**ة واألخالقي**ة ال**تي ام**تزجت بس**لوكه إنسانا عربيا ثائرا يحب وطنه لدرجة التق**ديس والمثالي**ة "

(47 . ) وتعليق د . عناد النقدي على أبيات البصير ال يختل**ف عن تعليقه على أبيات البارودي التي أوردناها في المثال األول ، ذل**ك أن نق**ده ألبي**ات البص**ير يخل**و أيض**ا من التحلي**ل

المنهجي الذي يتضمن الكشف عن القيمة الفنية والجمالي**ة للنص الش***عري ، فه***و ال يق***دم س***وى ش***رحا وتفس***يرا

لألبيات . ومن أمثلت**ه أيض**ا على نق**ده االنطب**اعي ، م**ا ج**اء في تعليقه على مقصورة الجواهري ، يقول د . عناد : " وينفعل الج**واهري وينفع**ل بح**رارة وحم**اس عميقين في وجدان**ه الملتهب ال**ذي ص**ار ك**ل العراق**يين المع**ذبين وه**و منهم

فيهمس الى نفسه قائال : أق**ول لنفس**ي – إذا ض**مها وأترابه**ا محف**ل

يزدهي تسامي فإنك خ**ير النف**وس إذا قيس ك**ل علم

ما انطوى وأحسن م*ا في**ك أن " الض**مير " يص*يح من القلب

إني هنا . . . تس***امي ف***إن جناحي***ك ال تق***رن إال على

مرتقى ك**ذلك ك**ل ذوات الطم**اح والهم ، مخلوق**ة

للذرى شهدت بأنك مذخورة ألبع**د م**ا في الم**دى

( 48من مدى " )

من المالحظ أن تحليل د. عناد النقدي ألبيات الجواهري ال يختل**ف عن تحليل**ه للمث**الين الس**ابقين ، من حيث ع**دم اعتماده على منهج موضوعي في نقدها ، فهو هن**ا ش**ارحا

ومفسرا لألبيات الشعرية أكثر منه ناقدا . الخاتمة

يمكن تلخيص النت**ائج ال**تي خ**رج به**ا البحث بنق**اط ع**دةأهمها :

يسلك د .عناد في تحليله للنصوص الشعرية مس**لكين ،-1األول موضوعي واآلخر إنطباعي .

في النقد الموضوعي يسلك د .عناد غزوان في تحليل**ه-2 بعض النصوص الشعرية اإلتج**اه التك**املي ال**ذي ينظ**ر الى النص األدبي نظ**رة ش**املة تتناول**ه من جمي**ع جوانب**ه .الى جانب إستخدامه اإلتجاه الفني فقط ال**ذي يرك**ز على النص األدبي دون أن يس***تعين بالمن***اهج الخارجي***ة األخ***رى في

تحليله البعض اآلخر في النق**د اإلنطب**اعي يك**ون د . عن**اد غ**زوان ش**ارحا-3

وناثرا للنص الشعري أكثر منه ناقدا . تبقى منهجي***ة د . عن***اد غ***زوان في تحلي***ل النص-4

الش**عري واض**حة ، ح**تى وإن م**ال الى اإلنطباعي**ة داخ**لالعملية النقدية في فترة من فترات مسيرته النقدية .

الهوامش 116 / 8أصول النقد األدبي / ط-1 90أصداء دراسات أدبية نقدية / -2 42 – 41مبادىء النقد األدبي / -3 19النقد األدبي الحديث أصوله وإتجاهاته / -4 8مناهج النقد المعاصر / -5 12نظرية التلقي أصول . . وتطبيقات / -6 54مستقبل الشعر وقضايا نقدية / -7 53في المنهج والمنهجيات / -8

115المناهج المعاصرة في الدراسات األدبية / -9 59األدب وفنونه / عز الدين إسماعيل / -10 119/ 7أصول النقد األدبي / ط-11 20النقد األدبي الحديث أصوله وإتجاهاته / -12 5النقد المنهجي عند العرب / -13 8التحليل النقدي والجمالي لألدب / -14 14نفسه / -15 87النقد األدبي الحديث أصوله وإتجاهاته / -16 247النقد األدبي أصوله ومناهجه / -17 33بناء القصيدة في شعر الشريف الرضي / -18 45 – 44أصداء دراسات أدبية نقدية / -19 50 – 49نفسه / -20 52 – 51نفسه / -21 9نفسه / -22 52نفسه / -23 107مناهج النقد األدبي والدراسات األدبية / -24 97أصداء دراسات أدبية نقدية / -25 تحليل الخطاب الشعري ، البني**ة الص**وتية في الش**عر /-2664 48 – 47بناء القصيدة في شعر الشريف الرضي / -27 بتصرف 134األدب وفنونه / محمد مندور / -28 141 معجم المصطلحات األدبية / -29

نفسه -30نفسه -31 41النقد األدبي الحديث أصوله وإتجاهاته / -32 50 / 8أصول النقد األدبي / ط-33 21النقد األدبي الحديث أصوله وإتجاهاته / -34 23من الذي سرق النار / -35 71األسس الجمالية في النقد العربي / -36 122الغابة والفصول / -37 14نظرية التلقي أصول . . وتطبيقات / -3866المتاهات / -39 29 – 28 الشعر والفكر المعاصر / -40 10 نقد الشعر في العراق بين التأثرية والمنهجية / -41 11 نفسه / -42 37 عناد غزوان ناقدا / -43 64 – 63 المرثاة الغزلية في الشعر العربي / -44 63 نفسه / -45 111آفاق في األدب والنقد / -46 نفسه -47 49 – 48أسفار في النقد والترجمة / -48

المصادر والمراجعأوال : الكتب

- األدب وفنونه دراسة ونقد ، عز الدين إسماعيل ، مطبعة1 . 1955 ، 1اإلعتماد ، مصر ، ط

- األدب وفنونه ، د . محمد مندور ، جامعة الدول العربي**ة ،2 . 1963 – 1962معهد الدراسات العربية العالية ،

- األس**س الجمالي**ة في النق**د الع**ربي ع**رض وتفس**ير3 ومقارنة ، عز الدين إسماعيل ، دار الفك**ر الع**ربي ، مص**ر ،

. 1955 ، 1ط - أس***فار في النق***د والترجم***ة ، د . عن***اد غ***زوان ، دار4

. 2005 ، 1الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، ط -أصداء دراسات أدبية نقدي**ة : دراس**ة ، د . عن**اد غ**زوان ،5

. 2000إتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، -أصول النقد األدبي ، أحمد الش**ايب ، دار اإلتح**اد الع**ربي6

. 1973 ، 8للطباعة ، ط -أص**ول النق**د األدبي ، أحم**د الش**ايب ، مكتب**ة النهض**ة7

. 1964 ، 7المصرية ، القاهرة ، ط - آفاق في األدب والنقد ، د . عن**اد غ**زوان ، دار الش**ؤون8

. 1990 ، 1الثقافية العامة ، بغداد ، ط - بناء القصيدة في شعر الشريف الرضي ، د . عناد غزوان9

. 2008 ، 1، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، ط تحليل الخطاب الشعري ) البنية الصوتية في الشعر ( –-10

الكثاف**ة – الفض**اء – التفاع**ل ، د. محم**د العم**ري ، ال**دار . 1البيضاء ، الدار العالمية للكتاب ، ط

التحليل النقدي والجمالي لألدب ، د . عناد غزوان ، دار-11 . 1985آفاق عربية للصحافة والنشر ، بغداد ،

- دراسات في النق**د األدبي ، د . أحم**د كم**ال زكي ، دار12 . 1980األندلس للطباعة والنشر والتوزيع ،

الشعر والفكر المعاصر ، مجموعة من النقاد والباحثين-13 ، وفيه : الشكل والمضمون1974، مطبعة الشعب ، بغداد ،

في الشعر العربي المعاصر ، د . عناد غزوان . عناد غزوان ناقدا ...... ، كريم مه**دي المس**عودي ، دار-14

. 2001 ، 1أسامة للنشر والتوزيع ، األردن – عمان ، ط الغابة والفصول ، طراد الكبيسي ، دار الحرية للطباعة-15

1979، بغداد ، مبادىء النق**د األدبي ، ت**أليف إ . ا . رتش**اردز ، ترجم**ة-16

وتق**ديم د . مص**طفى ب**دوي ، مراجع**ة د . ل**ويس ع**وض ، المؤسس**ة المص**رية العام**ة للت**أليف والترجم**ة والطباع**ة

. 1963والنشر ، المتاه**ات ، د . جالل الخي**اط ، دار الش**ؤون الثقافي**ة-17

. 2000 ، 1العامة ، بغداد ، ط المرثاة الغزلية في الشعر الع**ربي ، د . عن**اد غ**زوان ،-18

م . 1974 ه* - 1394 ، 1مطبعة الزهراء ، بغداد ، ط مستقبل الشعر وقضايا نقدية ، د . عن**اد غ**زوان ، دار-19

. 1994 ، 1الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، ط معجم المصطلحات األدبية ) عرض وتقديم وترجمة ( ،-20

1د . سعيد علوش ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت – لبنان ، ط م . 1985 ه* - 1405،

من ال**ذي س**رق الن**ار ، خط**رات في النق**د واألدب ،-21 جمعت وقدمت له**ا د . وداد القاض**ي ، د . إحس**ان عب**اس ،

1400 ،* 1المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، ط م . 1980ه* =

من**اهج النق**د األدبي والدراس**ات األدبي**ة ، د . عثم**ان-22 موافي ، دار المعرف**ة الجامعي**ة للطب**ع والنش**ر والتوزي**ع ،

. 2005 ، 1اإلسكندرية ، ج

المناهج المعاصرة في الدراس**ات األدبي**ة ، جماع**ة من-23 . 1999 ، 1الباحثين ، آنغو برينت ، فاس ، ط

من**اهج النق**د المعاص**ر ، د . ص**الح فض**ل، دار اآلف**اق-24 . 1996العربية ، القاهرة ،

نظري***ة التلقي أص***ول . . . وتطبيق***ات ، د . بش***رى-25 موسى ص**الح ، المرك**ز الثق**افي الع**ربي ، ال**دار البيض**اء –

. 2001 ، 1المغرب ، ط النقد األدبي اصوله ومناهجه ، س**يد قطب ، دار الفك**ر-26

العربي ، مصر ، دط ، دت . النقد األدبي أصوله وإتجاهاته ، د . أحمد كم**ال زكي ،-27

. 1972الهيئة المصرية العامة للكتاب ، نقد الشعر في العراق بين التأثري**ة والمنهجي**ة ) رؤي**ة-28

في تطور النص النق**دي ( ، د . عن**اد غ**زوان ، دار الش**ؤون . 1999 ، 1الثقافية العامة ، بغداد ، ط

- النقد المنهجي عند العرب ، د . محم**د من**دور ، مطبع**ة29نهضة مصر ، الفجالة ، القاهرة ، دت .

ثانيا : الدوريات -في المنهج والمنهجيات ، طراد الكبيسي ، مجلة األقالم ،1

، تشرين الث**اني –12-** 11السنة الثامنة والعشرون ، العدد . 1993كانون األول ،