336
ة ل م ا ش ل ا ة ب ت ك م ل ا طة س وا ب ا ي ل ا اب ي ك ل ا ا ر هذ ي صذ ت م ت) ت ن ر ت, ن/ ى الإ ل ع ة ل م ا ش ل ا ة ب ت ك م ل ا ة ح ف ص ى ل/ ل ا ا ق ت, ن لإ ل ا ي ه ط غ صا( اب ي لك ا ر ت, ن: الذر ق ف وا م وع ب مط ل ل ف لS و م ل ا و بS : ا عذ س ور ص ن مZ ن بZ ن شي ح ل ا ى ب الإ دار ر ش لن ا : دار ب ت لك ا ة ب م ل ع ل ا روب تh ن- Z ان ي لت/ - 1424 ه- 2004 م عة ت لط ا ى ل وS : الإ ق ب ق ح ت الذ : خ ذ ي ع ى ن غ ل ا{ وظ ف ح م عذد اء ز جS الإ/ 7 م ي ق ر ي[ لة ام ش ل ا ق ف وا م وع ب مط ل ل] حة ف ص"""""" م ق ر23 """""" ة ن لإءS و ه . وZ ن الإ ذ ق ر ه{ ظ م ه من راوض ي ل ط ا ي ل ا، د/ وا كاءZ ن ا ي ش ل ا، Z ن م وا ك و اد ق حS الإ، دراك™/ واZ ن ح/ الإ ار وتS والإ لك™ ذ . وتً كا ي ش وZ كان م ه ذ ي ك م ه ن غ ت ن و ى سع و م ه غض ب ض غ تh ن، ما ل ق وا ل ا قS اً را ي عا، ولإ وا ب ت ع ت ش اً ا ي ن مذ، ى حن وا ذ خ ت ا لك™ دً لإ يh ست ى ل/ ا ك™ ق سلذماء ا، احة ت/ وا ى م ح ل ا، وا ل ع ح وً لإ يh ست ى ل/ ا ساءS ا ي ل ا ب ت غ ل وا لإ ه ف. ب ت عل م ك ي م ل ك، رب ه{ ظ و م ك ت شذ ح، د/ اZ ن ب ا طاب خ ل ا مS ت ا ق ى عل م سك رءو، ل ث ما ى ف م ك ت زصا ع ؛رعذ ي رق ت ن و م كS ت ا رع¿ اh ت، م عك م ق ب ر ت غ ر خذZ ن م م عك ح را ي لإ/ ا ى ف م ك ي تh ث ؛ لإ ه و م ي م ق ب ة ب علً ودا عً ذءا وت د/ ا لك™ م، لك™ م ت و م ك ي ل عZ ن م س لن م ك ي م ق ل خ ل ا تZ ن لي ل ا، م ص خ ل وا ل ص غ ل ا ىسع ي م ك ي ل ع، ب ص ن ن و م لك، لإZ رون ك ي ن لك د ة ب مً ا وق خZ ن م ة ون سط، ً را وخذZ ن م ة ذن س، Z نS ا ف ت ه ي م ك تً ورا س ق ت م، وS ا رخ ص ت م ك تً ورا عذ ت مZ ن/ . ا ال ق م ي ق صذ ة ب ل ا قZ ن/ وا لS سا م ي ل ذ ت ة ب لS سا، م خك ت ى ف م ك ت ا رق م لك وا مS وا م ك تS كا, رS ي ا خ ع ع ل ص، ماء/ وا ع ص ق، S ذا ي قً ا ي ل ق مZ ن ب ا ى بS ا ة خاف ق رب¿ اh ت م ك يh ت ث ى عل عذ ب مة ح ر ق ب ض و لذه ت، لة وق عذده

المكتبة الشاملة - نثر الدر موافق للمطبوعlib.nu.edu.sa/uploads/ba/60.doc · Web viewقالت : من شرف اتضع ، ومن ضعة شرفت . ولما

  • Upload
    others

  • View
    12

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

المكتبة الشاملة - نثر الدر موافق للمطبوع

تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة (اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)

الكتاب : نثر الدر ـ موافق للمطبوعالمؤلف : أبو سعد منصور بن الحسين الآبيدار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1424 هـ - 2004 مالطبعة : الأولىتحقيق : خالد عبد الغني محفوظعدد الأجزاء / 7[ ترقيم الشاملة موافق للمطبوع ]

"""""" صفحة رقم 23 """"""به . وهؤلاء الآن قد ظهر منهم تراوض الباطل ، وإذ كاء الشنآن ، وكوامن الأحقاد ، وإدراك الإحن والأوتار . وبذلك وشيكاً كان كيدهم وتبغيهم وسعي بعضهم ببعض ، فلما أقالوا عاثراً ، ولا استعتبوا مذنباً ، حتى اتخذوا ذلك سبيلاً إلى سفك الدماء ، وإباحة الحمى ، وجعلوا سبيلاً إلى البأساء والعنت . فهلا علنت كلمتكم ، وظهرت حسدتكم ، إذ ابن الخطاب قائم على رءوسكم ، ماثل في عرصاتكم ؛ يرعد ويبرق بإرغائكم ، يقمعكم غير حذر من تراجعكم إلا في بينكم ؛ وهلا نقمتم عليه عوداً وبدءاً إذ ملك ، وتملك عليكم من ليس منكم بالخلق اللين ، والخصم العضل يسعى عليكم ، وينصب لكم ، لا تنكرون ذلك منه خوفاً من سطوته ، وحذراً من شدته ، أن يهتف بكم متقسوراً ، أو يصرخ بكم متعذوراً . إن قال صدقتم قالته وإن سأل بذلتم سألته ، يحكم في رقابكم وأموالكم كأنكم عجائز صلع ، وإماء قصع ، فبدأ مفلتاً ابن أبي قحافة بإرث نبيكم على بعد رحمه وضيق بلده ، وقلة عدده فرقأ الله شرها ، زعم الله دره ما أعرفه لما صنع ؛ أو لم يخصم الأنصار بقيس ؟ ثم حكم بالطاعة لمولى أبي حذيفة ؟ يتمايل بكم يميناً وشمالاً ، قد خطب عقولكم ، واستمهر وجلكم ، 357 ممتحنا لكم ، ومعترفاً أخطاركم ، وهل تسمو هممكم إلى منازعته ولولا تيك لكان قسمه خسيساً وسعيه تعيساً ؛ لكن بدر بالرأي ، وثنى بالقضاء وثلث بالشوري ثم غدا سامراً مسلطاً درته على عاتقه فتطأطأتم له تطأطؤ الحقة ، ووليتموه أدباركم حتى علا أكتافكم ينعق بكم في كل مرتع ، ويشد منكم على كل مخنق ، لا يبتعث لكم هتاف ولا يأتلق لكم شهاب يهجم عليكم بالسراء ، ويتورط بالحوباء عرفتم أو أنكرتم ، لا تألمون ولا تستنطقون ، حتى إذا عاد الأمر فيكم ولكم ، في مونقة من العيش ، عرقها وشيج ، وفرعها عميم ، وظلها ظليل تتناولون من كثب ثمارها أنى شئتم رغداً ، وحلبت عليكم عشار الأرض درراً ، واستمرأتم أكلكم من فوقكم ومن تحت أرجلكم ، في خصب غدق ، وأوق شرق ، تنامون في الخفض وتستلينون الدعة ، ومقتم زبرجة الدنيا وحرجتها ، واستحليتم غضارتها ونضرتها وظننتم أن ذلك سيأتيكم من كثب عفواً ، ويتحلب عليكم رسلاً ، قانتضبتم سيوفكم ، وكسرتم جفونكم ، وقد أبى الله أن تشام سيوف جردت بغياً وظلماً ، ونسيتم قول الله عز وجل ' إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير

(4/23)

"""""" صفحة رقم 24 """"""منوعاً . ' فلا يهنينكم الظفر . ولا يستوطنن بكم الحضر ، فإن الله بالمرصاد ، وإليه المعاد ، والله ما يقوم الظليم إلا على رجلين ، ولا ترن القوس إلا على سيتين فأثبتوا في الغرز أرجلكم ، فقد هداكم في المتيهة الخرقاء كما أضل أدحيته الحسل . وسيعلم كيف يكون إذا كان الناس عباديد ، وقد نازعتكم الرجال واعترضت عليكم الأمور ، وساورتكم الحروب بالليوث ، وقارعتكم الأيام بالجيوش ، وحمي عليكم الوطيس ، فيوماً تدعون من لا يجيب ، ويوماً تجيبون من لا يدعو . وقد بسط باسطكم كلتا يديه يرى أنهما في سبيل الله ؛ فيد مقبوضة وأخرى مقصورة ، والرؤوس تندر عن الطلى ، والكواهل كما ينقف التنوم . فما أبعد نصر الله من الظالمين وأستغفر الله مع المستغفرين .أروى بنت الحارث حديثها مع معاويةقيل : دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية بن أبي سفيان بالموسم وهي عجوز كبيرة ، فلما رآها قال : مرحباً بك يا عمة . قالت : كيف أنت يا بن أخي ، لقد كفرت بعدي النعمة ، وأسأت لابن عمك الصحبة ، وتسميت بغير اسمك ، وأخذت غير حقك ، بغير بلاء كان منك ولا من آبائك في الإسلام ؛ ولقد كفرتم بما جاء به محمد صلى الله عليه . فأتعس الله الجدود ، وصغر منكم الخدود ، حتى رد الله الحق إلى أهله ، وكانت كلمة الله هي العليا ، ونبينا محمد صلى الله عليه هو المنصور على من ناوأه ولو كره المشركون . فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظاً ونصيباً وقدراً ، حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه مغفوراً ذنبه ، مرفوعة درجته ، شريفاً عند الله مرضياً ، فصرنا أهل

(4/24)

"""""" صفحة رقم 25 """"""البيت منكم بمنزلة قوم موسى في آل فرعون ، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ؛ وصار سيد المسلمين فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى ، حيث يقول : ' ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ' ولم يجمع بعد رسول الله صلى الله عليه لنا شمل ، ولم يسهل لنا وعر ، وغايتنا الجنة ، وغايتكم النار . فقال عمرو بن العاص : أيتها العجوز الضالة أقصري من قولك ، وغضي من طرفك . قالت : ومن أنت 358 لا أم لك ؟ قال : عمرو بن العاص . قالت : يا بن اللخناء النابغة ، أتكلمني ؟ اربع على ظلعك ، واعن بشأن نفسك ، فوالله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ، ولا كريم منصبها . ولقد ادعاك ستة من قريش كلهم يزعم أنه أبوك ، ولقد رأيت أمك أيام منى بمكة مع كل عبد عاهر ، فأنت فأتم بهم ، فإنك بهم أشبه . فقال مروان : أيتها العجوز الضالة ؛ ساخ بصرك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك . قالت : يا بني ؛ أتتكلم ؟ فوالله لأنت بسفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم ، وإنك لشبهه في زرقة عينيك ، وحمرة شعرك ، مع قصر قامته ، وظاهر دمامته . ولقد رأيت الحكم ماد القامة ظاهر الهامة سبط الشعر . وما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرب فاسأل أمك عما ذكرت لك فإنها تخبرك بشأن أبيك إن صدقت .رؤيا رقيقةقال مخرمة بن نوفل : حدثتني أمي رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف ، قالت : تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأرقت اللحم ، وأدقت العظم فبينا أنا نائمة ، لاهم أو مهمومة إذا أنا بهاتف يهتف بصوت صحل اقشعر له جلدي : معاشر

(4/25)

"""""" صفحة رقم 26 """"""قريش إن النبي الأمي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه ، وهذا أوان نجومه ألا فحي هلا بالخصب والحيا ؛ ألا فانظروا منكم رجلاً وسيطاً عظاماً جساماً أبيض بضاً أوطف الأهداب ، أشم العرنين سهل الخدين ، له نجر يكظم عليه وسنة تهدى . إليه ألا فليدلف هو وولده ، وليدلف معه من كل بطن رجل ، فليشنوا من الماء ، وليمسوا من الطيب ثم ليستلموا الركن ، وليرقوا أبا قبيس ، وليدع ، وليؤمن القوم على دعائه ، فغثتم ما شئتم . قالت : فأصبحت - علم الله - مذعورة قد وله قلبي ، واقشعر جلدي لما رأيت في منامي فقصصت رؤياي ، ونمت في شعاب مكة ، فوالحرمة والحرم ، ما بقي أبطحي إلا قال : هذا شيبة الحمد ، هذا عبد المطلب . فتنامت إليه رجالات قريش ، وهبط إليه من كل بطن رجل ، فشنوا ومسوا واستلموا ، ثم ارتقوا أبا قبيس ، وطفقوا يزفون حواليه ؛ ما إن يبلغ سعيهم مهله ، حتى إذا استووا بذروة الجبل قام عبد المطلب ، ومعه رسول الله صلى الله عليه ، غلام قد أيفع أو كرب ، فرفع يده إلى السماء وقال : اللهم كاشف الكربة ، وساد الخلة ، أنت عالم غير معلم ، مسئول غير مبخل هذه عبداك وإماؤك بعذرات حرمك ، يشكون إليك سنتهم التي أذهبت الظلف والخف ، فاسمعن اللهم لنا ، وأمطرن غيثاً مغدقاً مريعاً . فما راموا الكعبة حتى تفجرت السماء بمائها ، وكظ الوادي بشجيجه فلسمعت شيخان قريش وجلتها ؛ عبد الله بن جدعان ، وحرب بن أمية ، وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب : هنيئاً لك أبا البطحاء هنيئاً لك .هند بنت عتبة وصف من خطب هندا ليعرف أبوها رأيهاقالت هند بنت عتبة لأبيها : إني امرأة قد ملكت أمري ، فلا تزوجني رجلاً

(4/26)

"""""" صفحة رقم 27 """"""حتى تعرضه علي فقال : لك ذاك . وقال لها ذات يوم : إنه قد خطبك رجلان من قومك ، ولست مسمياً لك واحداً منهما ، حتى أصفه لك ؛ أما الأول ففي الشرف الصميم ، والحسب الكريم ، تخالين به هوجاً من غفلته ، وذلك إسجاح من شيمته ، حسن 359 الصحابة ، سريع الإجابة ، إن تابعته تابعك ، وإن ملت كان معك ، تقضين عليه في ماله ، وتكتفين برأيك عن مشورته . وأما الآخر ففي الحسب الحسيب ، والرأي الأريب ، بدر أرومته ، وعز عشيرته ، يؤدب أهله ولا يؤدبونه ؛ إن اتبعوه أسهل بهم ، وإن جانبوه توعر عنهم ، شديد الغيرة ، سريع الطيرة ، صعب حجاب القبة إن حاج فغير منزور ، وإن نوزع فغير مقسور ، قد بنيت لك كليهما . قالت : أما الأول فسيد مضياع لكريمته ، موات لها ؛ فما عسى إن لم تعتص أن تلين بعد إبائها ، وتضيع تحت خبائها إن جاءته بولد أحمقت وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت . أطو ذكر هذا عنى لا تسمه لي . وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة ، إني لأخلاق هذا لوامقة ، وإني له لموافقة ، وإني لآخذه بأدب البعل ، مع لزومي قبتي وقلة تلفتي ، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، الذائد عن كتيبتها المحامي عن حقيقتها ، المثبت لأرومتها ، غير متواكل ولا زميل عند صعصعة الحروب . قال : ذلك أبو سفيان بن حرب . قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء الشكس ولا تسمه سوم الضرس ، ثم استخر الله عز وجل في السماء يخرلك في القضاء . فزوجها أبا سفيان . وكان الآخر سهيل بن عمرو . قيل : إنه لما نخس هبار بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه بلغ هنداً ، فقامت مسندة ظهرها إلى الكعبة وقالت : أبابنة محمد يفعلون هذا أفي السلم أعياراً جفاء وغلظة . . . وفي الحرب أمثال النساء العوارك

(4/27)

"""""" صفحة رقم 28 """"""قولها حين سمعت روي عن أبي هريرة ، أنه قال : لما كان الفتح قال لي خالد بن الوليد : يا أبا هريرة ، اذهب بنا إلى هند بنت عتبة ، لعلك تقرأ عليها بعض القرآن لينفعها الله . قلت : انطلق . فدخلنا عليها كأنها والله فرس عربي ، وكأن وراء عجيزتها رجلآً جالساً . فقال لها خالد بن الوليد : يا أم معاوية ؛ هذا أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه ، جئتك به ليتلو عليك القرآن ويذكرك أمر الإسلام . قالت : هات . قال أبو هريرة : فقلت : ' بسم الله الرحمن الرحيم ' : ' تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ' . حتى انتهيت إلى قوله جل وعز : ' ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ' . فقالت : لأوسدن الكعبة . ما سمعنا بشاعر قط ينتحل خلق السموات والأرض إلا شاعرهم هذا . قال : فقال خالد : قم يا أبا هريرة ، فوالله لا تسلم هذه أبداً . فقمنا فخرجنا من عندها . وكانت هند تقول : النساء أغلال فليختر الرجل غلاً ليده . وكانوا يشبهون عائشة أم المؤمنين بهند في عقلها .رؤيا عاتكة بنت عبد المطلبكانت عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه ، ساكنة بمكة مع أخيها العباس بن عبد المطلب ، فرأت رؤيا قبل يوم بدر ، وقبل قدوم ضمضم عليهم ، ففزعت منها ، فأرسلت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب من ليلتها ، فجاءها فقالت : رأيت الليلة رؤيا قد أشفقت منها ، وخشيت على قومك الهلكة . قال : وماذا رأيت ؟ قالت : لن أحدثك حتى تعاهدني ألا تذكرها لقومك ؛ فإنهم إن سمعوها آذونا وأسمعونا مالا نحب . فعاهدها العباس فقالت :

(4/28)

"""""" صفحة رقم 29 """"""رأيت راكباً أقبل على راحلة من أعلى مكة يصيح بأعلى صوته : يا آل غدر ، اخرجوا في ليلتين أو ثلاث ، ثم أقبل يصيح حتى دخل المسجد على راحلته ، فصاح ثلاث صيحات ، ومال عليه الرجال والنساء والصبيان ، وفزع الناس له أشد الفزع . قالت : ثم أراه مثل ظهر الكعبة على راحلته فصاح ثلاث صيحات فقال : يا آل غدر ، يا آل فجر اخرجوا في ليلتين أو ثلاث . ثم أراه مثل علي أبي قبيس كذلك يقول : يا آل غدر ويا آل فجر حتى أسمع من بين الأخشبين من أهل مكة ، ثم عمد لصخرة عظيمة فنزعها من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة ، فأقبلت الصخرة لها حس شديد ، حتى إذا كانت عند أصل الجبل ارفضت ، فلا أعلم بمكة بيتاً ولا داراً إلا وقد دخلتها فلقة من تلك الصخرة . فقد خشيت على قومك . ففزع من رؤياها العباس ثم خرج من عندها ، فلقي الوليد بن عقبة بن أبي ربيعة من آخر تلك الليلة ، وكان خليلاً للعباس ، فقص عليه رؤيا عاتكة وأمره ألا يذكرها لأحد ، فذكرها لأبيه عتبة ، وذكرها عتبة لأخيه شيبة ، فارتفع الحديث حتى بلغ أبا جهل واستفاض في أهل مكة . فلما أصبحوا غدا العباس يطوف ، فوجد في المسجد أبا جهل ، وأبا البخترى في نفر من قريش يتحدثون ، فلما نظروا إلى العباس ناداه أبو جهل : يا أبا الفضل ؛ إذا قضيت طوافك فهلم إلينا . فلما قضى طوافه جاءهم فجلس إليهم ، فقال له أبو جهل : ما رؤيا عاتكة ؟ قال : ما رأت من شيء قال أبو جهل : أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء . إنا كنا وأنتم كفرسي الرهان ، فاستبقنا المجد منذ حينٍ . فلما تحاكت الركب قلتم : منا نبي . فما بقي إلا أن تقولوا : منا نبية . لا أعلم في قريش أهل بيت أكذب رجلاً ولا امرأة منكم . فآذوه أشد الأذى وقال أبو جهل : زعمت عاتكة أن الراكب قال : اخرجوا في ليلتين أو ثلاث ، فلو قد مضت هذه الثلاث تبينت قريش كذبكم ، وكتبنا سجلاً أنكم أكذب بيت في العرب رجلاً وامرأة . أما رضيتم يا بني قصي أن ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء والرفادة حتى جئتمونا بنبي منكم . فقال له العباس : هل أنت منته ، فإن الكذب فيك وفي أهل البيت . فقال من حضرهما : ما كنت يا أبا الفضل

(4/29)

"""""" صفحة رقم 30 """"""جهولاً ولا خرقاً . ولقى العباس من عاتكة فيما أفشى عليها من رؤياها أذى شديداً . فلما كان مساء الليلة الثالثة من الليالي التي رأت فيها عاتكة الرؤيا جاءهم الراكب الذي بعث به أبو سفيان وهو ضمضم بن عمرو الغفاري فصرخ : يا آل غالب ابن فهر ؛ انفروا فقد خرج محمد صلى الله عليه وأهل يثرب لأبي سفيان فاحذروا عيركم . ففزعت قريش أشد الفزع وأشفقوا من رؤيا عاتكة . وقال العباس : هذا زعمتم كذبي وكذب عاتكة . فنفروا على كل صعب وذلول ، فأظفر الله رسوله صلى الله عليه ببدر .فاطمة بنت عبد الملك بن مروانروى عن عطاء قال : قلت لفاطمة بنت عبد الملك : أخبريني عن عمر بن عبد العزيز . قالت : أفعل ، ولو كان حياً ما فعلت . إن عمر رحمه الله كان قد فزع للمسلمين نفسه ، ولأمورهم ذهنه 361 ، فكان إذا أمسى مساء لم يفرغ فيه من حوائج الناس في يومه دعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله ثم صلى ركعتين ، ثم أقعى واضعاً رأسه على يديه ، تسيل دموعه على خديه يشهق الشهقة تكاد ينصدع لها قلبه ، أو تخرج لها نفسه ، حتى يرى الصبح . وأصبح صائماً فدنوت منه فقلت : يا أمير المؤمنين ؛ ألشيء كان منك ما كان ؟ قال : أجل ، فعليك بشأنك ، وخليني وشأني . فقلت : إني أرجو أن أتعظ . قال : إذاً أخبرك ، إني نظرت قد وجدتني وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، ثم ذكرت الفقير الجائع ، والغريب الضائع ، والأسير المقهور ، وذا المال القليل والعيال الكثير ، وأشياء من ذلك في أقاصي البلاد ، وأطراف الأرض ، فعلمت أن الله عز وجل سائلي عنهم ، وأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حجيجي ، لا يقبل الله مني فيهم معذرة ، ولا يقوم لي مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حجة ، فرحمت والله يا فاطمة نفسي رحمةً دمعت لها عيني ، ووجع لها قلبي ، فأنا كلما ازددت ذكراً ازددت خوفاً فأيقظي أودعي .

(4/30)

"""""" صفحة رقم 31 """"""أم سلمة أم المؤمنينفي حديث أم سلمة أنها أتت عائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة فقالت لها : إنك سدة بين رسول الله صلى الله عليه وأمته ، وحجابك مضروب على حرمته ، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه وسكن عقيراك فلا تصحريها . الله من وراء هذه الأمة ، لو أراد رسول الله صلى الله عليه أن يعهد إليك عهداً . علت علت بل قد نهاك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن الفرطة في البلاد ؛ إن عمود الإسلام لا يثاب بالنساء إن مال ، ولا يرأب بهن أن صدع ، حماديات النساء غض الأطراف وخفر الأعراض ، وقصر الوهازة . ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلى الله عليه عارضك بعض الفلوات ناصة قلوصاً من منهل إلى آخر أن يعين الله مهواك ، وعلى رسوله تردين قد وجهت سدافته . - ويروى سجافته - وتركت عهيداه . لو سرت مسيرك هذا ثم قيل : ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمداً ، هاتكة حجاباً قد ضربه علي . اجعلي حصنك بيتك ، ووقاعة الستر قبرك ، حتى تلقيه وأنت على تلك أطوع ما تكونين لله ما لزمته ، وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه ، لو ذكرتك قولاً تعرفينه نهسته نهش الرقشاء المطرقة . فقالت عائشة : ما أقبلني لوعظك وليس الأمر كما تظنين ، ولنعم المسير مسير فزعت فيه إلي فئتان متناجزتان - أو متناحرتان - إن أقعد ففي غير حرج ، وإن أخرج فإلى ما لا بد من الازدياد منه . قولها : قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه أي لا توسعيه بالحركة والخروج يقال : ندحت الشيء : إذا وسعته . ومنه يقال : أنا في مندوحة عن كذا . أي في سعة . ومن رواه فلا تبدحيه فإنه من البداح وهو المتسع من الأرض وعقيراك : من عقر الدار .

(4/31)

"""""" صفحة رقم 32 """"""وعلت من العول ، وهو الميل . ومن رواه : علت بالكسر فهو من عال في البلاد يعيل . والفرطة : من الفرط . وهو السبق والتقدم . لا يثاب : لا يرد يقال ثبت إلى كذا أي عدت إليه . حماديات : جمع حمادي مثل قولك قصاراك . الوهازة : قيل هو الخطو . السدافة : الحجاب والستر ، من أسداف الليل : إذا ستر بظلمته .ملتقطات من كلامهنقالت هند بنت عتبة وقد عزيت عن يزيد بن أبي سفيان لما مات فقيل لها : إنا لنرجو أن يكون في معاوية خلفاً منه . قالت : أومثل معاوية يكون خلفاً من أحد ؟ والله لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمي به فيها لخرج من أيها شاء . قالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف لأخ لها - وقد سمعته تجهم صديقاً له : أي أخي ، لا تطلع من الكلام إلا ما قد روأت فيه قبل ذلك ، ومزجته بالحلم ، وداويته بالرفق ؛ فإن ذلك أشبه بك . فسمعها أبوها هاشم فقام إليها فاعتنقها وقبلها وقال : واهاً لك يا قبة الديباج . فلقبت بذلك . قالت عائشة للنبي عليه السلام وقد دخل عليها : أين كنت يا رسول الله ؟ قال : كنت عند أم سلمة . قالت : أما تشبع . فتبسم . وقالت : يا رسول الله ؛ لو مررت بعدوتين إحداهما عافية لم يرعها أحد ، وأخرى قد رعاها الناس ، أيهما كنت تنزل ؟ قال : بالعافية التي لم يرعها الناس . قالت : فلست كأحد من نسائك .عمر وأبو سفيانروي أن عمر نهى أبا سفيان عن رش باب منزله لئلا يمر به الحاج فيزلقون فيه ، فلم ينته . ومر عمر فزلق ببابه فعلاه بالدرة وقال : ألم آمرك ألا تفعل هذا .

(4/32)

"""""" صفحة رقم 33 """"""فوضع أبو سفيان سبابته على فيه . فقال عمر : الحمد لله الذي أراني أبا سفيان ببطحاء مكة أضربه فلا ينتصر ، وآمره فيأتمر . فسمعته هند بنت عتبة فقالت : احمده يا عمر فإنك إن تحمده فقد أراك عظيماً . كانت زينب بنت سليمان بن علي تقول : من أراد أن يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده . ألم تسمع إلى قولهم : سمع الله لمن حمده . فخف الله لقدرته عليك واستحي منه لقربه منك . وقالت زينب : لو أدرك المنصور ما ساس به المأمون بني أبي طالب لخرج له عما يملك . لما تزوجت خديجة رضوان الله عليها برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كست أباها حلة وخلقته ونحرت جزوراً ، فلما أفاق الشيخ قال : ما هذا الحبير وهذا العبير وهذا العقير ؟ فقالت خديجة : زوجتني محمداً وهو كساك هذا .حال ابنة عبد الله بن جعفر بعد زواجها من الحجاجقيل : ما رئيت ابنة عبد الله بن جعفر ضاحكة بعد أن تزوجها الحجاج فقيل لها : لو تسليت ، فإنه أمر قد وقع . فقالت : كيف وبم ؟ فوالله لقد ألبست قومي عاراً لا يغسل درنه بغسل . ولما مات أبوها لم تبك عليه . فقيل لها : ألا تبكين على أبيك ؟ قالت : والله إن الحزن ليبعثني وإن الغيظ ليصمتني . مات ابن لزينب بنت سليمان بن علي فوجه المأمون بصالح بن الرشيد للصلاة عليه ، فقال لها صالح : إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك : قد كنت على الركوب ، فعرضت لي علة ، وقد وجهت صالحاً ليقوم مقامي ، عظم الله أجرك ، فإنما فقدت شخصه ، وثوابه مذخور لك . قال : فظهر غضبها ، ورفعت ابناً لابنها الميت فقالت : صل على أبيك وقالت : سبكناه ونحسبه لجيناً . . . فأبدى الكير عن خبث الحديد

(4/33)

"""""" صفحة رقم 34 """"""أما إنه لو كان يحيى بن الحسين بن زيد لوضعت ذيلك في فيك ، وعدوت خلف جنازته .المأمون وأم جعفرلما دخل المأمون بغداد دخلت عليه أم جعفر فقالت : يا أمير المؤمنين 363 أهنئك بخلافة قد هنأت بها نفسي عنك قبل أن أراك . ولئن فقدت ابناً خليفةً لقد عوضت ابناً خليفة لم ألده . وما خسر من اعتاض مثلك ، ولا ثكلت أم ملأت يدها منك ، فأسأل الله أجراً على ما أخذ ، ومتاعاً بما وهب . دخلت فاطمة بنت الحسين على هشام بن عبد الملك ، فقال لبعض جلسائه : حركها بشيء تغضب منه . فقال يا أمير المؤمنين : إنها لا تعرف الشر . فقالت له : أيهاً عنك . علمي به جنبنيه .من أعمال وأقوال فاطمة بنت الحسينروى عن محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان قال : جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين عليه السلام فقالت : يا بني ؛ إنه والله ما نال أحد من أهل السفه بسفههم شيئاً ولا أدركوه من لذاتهم إلا وقد ناله أهل المروءات ، فاستتروا بستر الله . وذكر أن فاطمة أعطت ولدها من حسن بن حسن ما ورثته منه ، وأعطت ولدها من عبد الله بن عمرو بن عثمان مورثها منه ، فوجد ولد حسن بن حسن في أنفسهم لأن ما ورثت من عبد الله بن عمرو كان أكثر فقالت لهم : يا بني ، إني كرهت أن يرى أحدكم شيئاً من مال أبيه بيد أخيه ، فيجد من ذلك في نفسه فلذلك فعلت ما فعلت . ودخلت مع أختها سكينة على هشام بن عبد الملك ، فقال هشام لفاطمة : صفي لنا يا بنة حسين ولدك من ابن عمك ، وصفي لنا ولدك من ابن عمنا قال : فبدأت بولد الحسن قالت : أما عبد الله فسيدنا وشريفنا والمطاع فينا ، وأما الحسن فلساننا ومدرهنا وأشبه الناس برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شمائل وتقلعاً ولوناً - وكان

(4/34)

"""""" صفحة رقم 35 """"""رسول الله عليه السلام إذا مشى تقلع فلا تكاد عقباه تقعان بالأرض - وأما الذان من ابن عمكم فإن محمداً جمالنا الذي نباهي به ، والقاسم عارضتنا التي نمتنع بها ، وأشبه الناس بأبي العاص بن أمية عارضة ونفساً . فقال : والله لقد أحسنت صفاتهم يا بنة حسين . ثم وثب فجبذت سكينة بردائه فقالت : والله يا أحول لقد أصبحت تهكم بنا . أما والله ما أبرزنا لك إلا يوم الطف ، قال : أنت امرأة كثيرة الشر .

(4/35)

"""""" صفحة رقم 36 """"""الباب الثاني نكت من كلام النساء ومستحسن جواباتهن وألفاظهنجواب امرأة لبعض الساخرين من بني نميرمرت امرأة جميلة على مسجد بني نمير بالبصرة وعليه جماعة منهم فقال بعضهم : ما أكبر عجيزتها ، وقال آخر : إنها ملفوفة . وقال آخر : أنا أجيئكم بخبرها . فتبعها وضرب يده على عجيزتها . قال : فالتفتت إليه وقالت : ' الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ' ثم انصرفت إلى بني نمير فقالت : يا بني نمير ؛ والله ما حفظتم في قول الله جل وعز ، ولا قول الشاعر ؛ قال الله تبارك وتعالى : ' قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ' وقال الشاعر : فغض الطرف إنك من نمير . . . فلا كعباً بلغت ولا كلاباً 364 - قالت امرأة من نمير وحضرتها الوفاة ، وأهلها مجتمعون : من الذي يقول : لعمرك ما رماح بني نمير . . . بطائشة الصدور ولا قصار قالوا : زياد الأعجم . قالت : فإني أشهدكم أن له الثلث من مالي . وكان الثلث كثيراً . وقالت امرأة لزوجها : إن أكلك لاقتفاف ، وإن شربك لاشتفاف ، وإن ضجعك لالتفاف . تنام ليلة تخاف ، وتشبع ليلة تضاف .

(4/36)

"""""" صفحة رقم 37 """"""وصف امرأة لزوجها ووصفه لهاطلق أعرابي امرأته فقالت له : جزاك الله خيراً ؛ لقد كنت كثير المرق ، طيب العرق ، قليل الأرق ، قال : وأنت فجزاك الله خيراً ؛ لقد كنت لذيذة المعتنق عند الكرى والأرق ، ولكن ما قضى الله قد سبق . تزوج أعرابي امرأة أشرف منه حسباً ونسباً فقال : يا هذه : إنك مهزولة . فقالت : هزالي أولجني بيتك . لما قتل حاجب بن زرارة قراد بن حنيفة قالت قبائل بني دارم لحاجب : إما أن تقيد من نفسك ، وإما أن تدفع إلينا رجلاً من رهطك . فأمر فتىً من بني زرارة بن عدس أن يذهب إليهم حتى يقاد . فمروا بالفتى على أمه وحسبوها تجزع فيدفع حاجب إليهم غيره . فقالت : إن حيضة وقت حاجباً الموت لعظيمة البركة . قالت أعرابية وقد دفع إليها علك لتمضغه : ما فيه إلا تعب الأضراس وخيبة الحنجرة . قيل لرملة بنت الزبير : ما لك أهزل ما تكونين إذا كان زوجك شاهداً ؟ قالت : إن الحرة لا تضاجع بعلها بملء بطنها . كأنها لم تأمن قرقرة البطن وغير ذلك . نظر رجل إلى امرأتين يتلاعبان فقال : مرا لعنكما الله فإنكن صواحبات يوسف . فقالت إحداهما : يا عمي فمن رمى به في الجب : نحن أم أنتم ؟ ومرت جارية بقوم ومعها طبق مغطى فقال بعضهم : أي شيء معك على الطبق ؟ قالت : فلم غطيناه ؟ قال الجاحظ : من الأسجاع الحسنة قول الأعرابية حين خاصمت ابنها إلى عامل الماء : أما كان بطني لك وعاء ؟ أما كان حجري لك فناء ؟ أما كان ثديي لك سقاء . وقالت امرأة : أصبحنا ما يرقد لنا فرس ، ولا ينام لنا حرس .قول امرأة في رثاء ابنهامر رجل بامرأة من غاضرة ، وإذا ابن لها مسجى بين يديها ، وهي تقول :

(4/37)

"""""" صفحة رقم 38 """"""يرحمك الله يا بني . فوالله ما كان مالك لبطنك ، ولا أمرك لعرسك ، ولا كنت إلا لين العطفة ، يرضيك أقل مما يسخطك . قال : فقال لها : يا أمه ، ألك منه خلف ؟ قالت : بلى ما هو خير منه : ثواب الله والصبر على المصيبة . ولما قتل الفضل بن سهل دخل المأمون إلى أمه يعزيها فيه ، وقال : يا أمه ؛ لا تحزني على الفضل ؛ فإني خلف لك منه . فقالت له : وكيف لا أحزن على ولد عوضني خلفاً مثلك ، فتعجب المأمون من جوابها . وكان يقول : ما سمعت جواباً قط كان أحسن منه ولا أخلب للقلب .قول أعرابية حين شربت النبيذحكي أن عجوزاً من الأعراب جلست في طريق مكة إلى فتيان من قريش يشربون نبيذاً لهم ، فسقوها قدحاً فطابت نفسها وتبسمت ثم سقوها قدحاً آخر ، فاحمر وجهها وضحكت فسقوها قدحاً ثالثاً ، فقالت : أخبروني عن نسائكم بالعراق ، أيشربن من هذا الشراب ؟ قالوا : نعم . قالت : زنين ورب الكعبة . 365 - سئلت أعرابية فقيل لها : أتعرفين النجوم ؟ قالت : سبحان الله أما أعرف أشياخاً وقوفاً علي كل ليلة ؟ قيل لامرأة أصيبت بولدها : كيف أنت والجزع ؟ . قالت : لو رأيت فيه دركاً ما اخترت عليه ، ولو دام لي لدمت له . مر أعرابي بجارية جابة تمدر حوضاً لها ، فقال : من دل على بعير بعنقه علاط . وبأنفه خزام ، تتبعه بكرتان سمراوان ؟ فقال القوم : حفظ الله علينا وأمسك عليك . والله ما أحسسنا لها خبراً . . فقالت الجارية : لا حفظ الله عليك يا عدو الله . فقيل لها : ما ذاك ؟ قالت : إنه ينشد سوءته . قال بعضهم : شهدت امرأة بالبادية ، وبين يديها ابن لها يجود بنفسه فوثبت عليه فأغمضته وعصبته وترحمت عليه ، ثم تنحت . فقالت : ما حق من ألبس

(4/38)

"""""" صفحة رقم 39 """"""النعمة ، وأطيلت له العافية ، وأديمت به النظرة ألا يعجز عن التوثق لنفسه ، من قبل حل عقوده ، والحلول بعقوته ، والحيالة بينه وبين نفسه .وصف أعرابية لزوجهاقالت أعرابية في الزوج : لا أريده ظريفاً ولا ظريفاً ولا رجل أهله ولا السمين الألحم ، ولكني أريده الضحوك ولاجاً ، الكسوب خراجاً . خطب رجل ابنة عم له فأخبرها أبوها بذلك فقالت : يا أبه ، سله ما لي عنده ؟ فسأله فقال : ألطف برها ، وأحمل ذكرها ، وأعصي أمرها . فقالت : زوجنيه . لما أهديت ابنة عبد الله بن جعفر إلى الحجاج نظر إليها في تلك الليلة وعبرتها تجول في خدها ، فقال : مم بأبي أنت ؟ . قالت : من شرف اتضع ، ومن ضعة شرفت . ولما كتب عبد الملك إلى الحجاج بطلاقها قال لها : إن أمير المؤمنين أمرني بطلاقك قالت : هو أبر بي ممن زوجنيكقول امرأة لبلال بن أبي بردةحكم بلال بن أبي بردة بالتفريق بين رجل وامرأته ، فقالت له المرأة : يا بن أبي موسى إنما بعثتم بالتفريق بين المسلمين . نزل رجل بامرأة من العرب فقال لها : هل من لبن أو طعام يباع ؟ فقالت : إنك للئيم أو حديث عهد باللئام . فاستحسن ذلك منها وخطبها فتزوجها .كراهة النساء للشيبحدث بعضهم قال : خرجت إلى ناحية الطفاوة فإذا أنا بامرأة لم أر أجمل منها . فقلت : أيتها المرأة ؛ إن كان لك زوج فبارك الله له فيك ، وإلا فأعلميني . قال : فقالت : وما تصنع بي وفي شيء لا أراك ترتضيه . قلت : وما هو ؟ قالت : شيب في رأسي . قال : فثنيت عنان دابتي راجعاً . فصاحت بي : على رسلك أخبرك بشيء . فوقفت وقلت : ما هو يرحمك الله ؟ فقالت : والله ما بلغت العشرين بعد ،

(4/39)

"""""" صفحة رقم 40 """"""وهذا رأسي - فكشفت عن عناقيد كالحمم - وما رأيت في رأسي بياضاً قط ، ولكن أحببت أن تعلم أنا نكره مثل ما يكره منا . وأنشدت : أرى شيب الرجال من الغواني . . . بموضع شيبهن من الرجال قال : فرجعت خجلاً كاسف البال . وصفت امرأة نساء فقالت : كن صدوعاً في صفاً ليس لعاجز فيهن حظ .من أقوال ابنة الخسقيل لابنة الخس : من تريدين أن تتزوجي ؟ فقالت : لا أريده أخا فلان ولا ابن عم فلان ، ولا الظريف ، ولا المتظرف ، ولا السمين الألحم ولكني أريده كسوباً إذا غدا ، ضحوكاً إذا أتى ، أخال ولا تيمنه وقيل لها : من أعظم الناس في عينيك ؟ قالت : من 366 كانت لي إليه حاجة . قيل لأعرابية قد حملت شاة تبيعها : بكم ؟ قالت : بكذا . قيل لها : أحسني . فتركت الشاة ومرت لتنصرف . فقيل لها : ما هذا ؟ قالت : لم تقولوا أنقصي ، وإنما قلتم : أحسني . والإحسان ترك الكل . قالت قريبة الأعرابية : إذا كنت في غير قومك فلا تنس نصيبك من الذل قيل لأعرابية : ما أطيب الروائح ؟ قالت : بدن تحبه ، وولد تربه . سأل رجل الخيزران حاجة ، وأهدى إليها هدية فردتها وكتبت إليه : إن كان الذي وجهته ثمناً لرأي فيك فقد بخستني في القيمة ، وإن كان استزادة فقد استغششتني في النصيحة . قتل قتيبة أبا امرأة وأخاها وزوجها ثم قال لها : أتعرفين أعدى لك مني ؟ قالت : نعم : نفس طالبتني بالغداء بعد من قتلت لي . تقدمت امرأة إلى قاضٍ فقال لها القاضي : جامعك شهودك كلهم ؟ فسكتت فقال كاتبه : إن القاضي يقول : جاء شهودك معك ؟ قالت : نعم . ثم قالت للقاضي :

(4/40)

"""""" صفحة رقم 41 """"""ألا قلت كما قال كاتبك . كبر سنك ، وذهب عقلك . وعظمت لحيتك فغطت على عقلك ؛ وما رأيت ميتاً يحكم بين الأحياء غيرك . قالت أعرابية لزوجها ، ورأته مهموماً : إن كان همك بالدنيا فقد فرغ الله منها ، وإن كان للآخرة فزادك الله هماً بها . قال الأصمعي : سمعت أعرابية تقول : إلهي ؛ ما أضيق على من لم تكن دليله ، وأوحشه على من لم تكن أنيسه وافتخرت جاريتان من العرب بقوسي أبويهما . فقالت إحداهما : قوس أبي طروح مروح ، تعجل الظبي أن يروح . وقالت الأخرى : قوس أبي كرة ، تعجل الظبي النفرة . قال عتبة بن ربيعة لابنته هند : قد خطبك إلي رجلان ؛ خطبك السم ناقعاً ، وخطبك الأسد عادياً . فأيهما أحب إليك أن أزوجك ؟ قالت : الذي يأكل أحب إلي من الذي يؤكل . فزوجها أبا سفيان ، وهو الأسد العادي وكان الآخر سهيل بن عمرو . سمعت امرأة بدوية وهي ترقص ابناً لها وتقول : رزقك الله جدا يخدمك عليه ذوو العقول ، ولا رزقك عقلاً تخدم به ذوي الجدود .حديث أختينقال ابن أبي طاهر : حدثني علي بن عبيدة قال : تزاورت أختان من أهل القصر ، فأرهقتهما الصلاة ، فبادرت إحداهما فصلت صلاةً خفيفة ، فقال لها بعض النساء : كنت حرية أن تطولي الصلاة في هذا اليوم شكراً لله حين التقينا . قالت : لا ، ولكن أخفف صلاتي اليوم وأتمتع بالنظر إليها ، وأشكر الله في صلاتي غداً . قالت الخنساء : النساء يحببن من الرجال المنظراني الغليظ . القصرة ، العظيم الكمرة ، الذي إذا طعن حفر ، وإذا أخطأ قشر ، وإذا أخرج عقر . قيل لأعرابية في البادية : من أين معاشكم ؟ فقالت : لو لم نعش إلا من حيث نعلم لم نعش .

(4/41)

"""""" صفحة رقم 42 """"""قيل لامرأة من كلب : ما أحب الأشياء من الرجال إلى النساء : قالت : ما يكثر الأعداد ، ويزيد في الأولاد ؛ حربة في غلاف بحقوى رجل جاف ، إذا عافى أوهن ، وإذا جامع أثخن . قالت عائشة للخنساء ، إلى كم تبكين على صخر ، وإنما هو جمرة في النار ؟ قالت : ذاك أشد لجزعي عليه . جاءت امرأة إلى عدي بن أرطاة تستعديه على زوجها ، وتشكو أنه عنين لا يأتيها ، فقال عدي : إني لأستحي للمرأة أن تستعدي على زوجها من 367 مثل هذا . فقالت : ولم لا أرغب فيما رغبت فيه أمك فلعل الله أن يرزقني ابناً مثلك . وقالت أعرابية لرجل : ما لك تعطي ولا تعد ؟ فقال لها : مالك وللوعد ؟ قالت : ينفسخ به الصبر ، وينتشر فيه الأمل ، ويطيب بذكره النفس ، ويرجى به العيش ، وتربح أنت به المرح بالوفاء . قيل لامرأة : صفي لنا الناقة النجيبة ، قالت : كالعقرب إذا همت ، وكالحية إذا التوت ، تطوي الفلاة وما انطوت . صرخت أعرابية ذات يوم ، فقال لها أبوها : مالك ؟ قالت : لسعتني عقرب ، قال : أين ؟ قالت : حيث لا يضع الراقي أنفه . خطب أعرابي امرأة وكان قصيراً فاحش القصر ، عظيم الأنف جداً فكرهته فقال : يا هذه ، قد عرفت شرفي وأنا مع ذلك كريم المعاشرة ، محتمل المكروه . فقالت : صدقت مع حملك هذا الأنف أربعين سنة .أم أبان ومن خطبها من الصحابةكانت أم أبان بنت عتبة بن ربيعة عند يزيد بن أبي سفيان فمات عنها فخطبها علي عليه السلام فردته فقيل لها : أتردين علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه ، وزوج فاطمة وأبا الحسن والحسين ، وحاله في الإسلام حاله ؟ قالت : نعم . لا أوثر هواه على هواي . ليس لامرأته منه إلا جلوسه بين شعبها الأربع ، وهو صاحب صر من النساء .

(4/42)

"""""" صفحة رقم 43 """"""ثم خطبها عمر فردته . فقيل أتردين أمير المؤمنين الفاروق ، وحاله في الإسلام حاله ؟ قالت : نعم لا أوثر هواه على هواي ، يدخل عابساً ويخرج عابساً ، ويغلق علي بابه وأنا امرأة برزة . ثم خطبها الزبير فردته . فقيل لها : أتردين الزبير حواري رسول الله وابن عمته وحاله في الإسلام حاله ؟ قالت : نعم . لا أوثر هواه على هواي . يد فيها قروني ، ويد فيها السوط . ثم خطبها طلحة فقالت : زوجي حقاً . يدخل علي بساماً ويخرج بساماً ، إن سألت بذل ، وإن أعطى أجزل ، وإن أذنبت غفر ، وإن أحسنت شكر . فتزوجته . فأولم ثم دعا هؤلاء النفر وهي في خدرها وكذلك كانوا يفعلون . فقال علي عليه السلام : يا أبا محمد إيذن لي أكلم هذه فأذن له . فقال : يا أم أبان تستري . فتسترت ثم رفع سجف الحجلة فقال : يا عدية نفسها خطبتك وليس بقرشية عني رغبة بعد فاطمة بنت رسول الله ، فرددتني ، وخطبك الزبير حواري رسول الله وابن عمته فرددته واخترت علينا ابن الصعبة قالت : فلو وجدت نفقاً لدخلت فيه . قالت : فأحلت على الزاملة التي تحمل كل شيء فقلت : أمر قضي ، وما كان ذاك بيدي فقال : صدقت رحمك الله . أما على ذلك فقد نكحت أصبحنا وجهاً ، وأسخانا كفاً ، وأكرمنا للنساء صحبة . ثم قال : يا أبا محمد ، سلها عما قلت لها فإني لم أقل إلا الذي تحب . قال : لا أسألها عنه أبداً . نظرت عجوز أعرابية إلى امرأة حولها عشرة من بنيها كأنهم الصقور فقالت : ولدت أمكم حزناً طويلاً . خرج معاوية ذات يوم يمشي ، ومعه خصي له حتى دخل على ميسون بنت بحدل ، وهي أم يزيد فاستترت منه . قال : أتستترين منه وإنما هو مثل المرأة ؟ قالت : أترى أن المثلة به تحل ما حرم الله .عثمان ونائلة بنت الفرافصةخطب عثمان بن عفان نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبي وكان نصرانياً فقال لابنه ضب : تحنف وزوجها أمير المؤمنين . ففعل وحملها إلى المدينة . فلما

(4/43)

"""""" صفحة رقم 44 """"""أدخلت إليه قال لها : أتقومين إلي أم أقوم إليك ؟ قالت : ما قطعت إليك عرض 368 السماوة وأنا أريد أن أكلفك طول البيت . فلما جلست بين يديه قال : لا يروعنك هذا الشيب قالت : أما إني من نسوة أحب أزواجهن إليهن الكهل السيد قال : حلي إزارك . قالت : ذاك بك أحسن . فلما قتل أصابتها ضربة على يدها وخطبها معاوية فردته وقالت : ما يحب الرجال مني ؟ قالوا : ثناياك . فكسرت ثناياها وبعثت بها إلى معاوية . وقال : ذلك مما رغب قريشاً في نكاح نساء كلب . تزوج الزبير أم مصعب ، وتزوج الحسين عليه السلام أم سكينة ، وتزوج مروان أم عبد العزيز . استعمل المنصور رجلاً على خراسان فأتته امرأة في حاجة فلم تر عنده غناء . فقالت : أتدري لم ولاك أمير المؤمنين ؟ قال : لا . قالت : لينظر هل يستقيم أمر خراسان بلا وال . قال بعضهم : خطبت امرأة فأجابت فقلت : إني سيء الخلق . فقالت : أسوأ خلقاً منك من يلجئك إلى سوء الخلق . قيل : إن الحسن رضي الله عنه طلق امرأتين قرشية وجعفية وبعث إلى كل واحدة منهما عشرين ألفاً . وقال للرسول : احفظ ما تقول كل واحدة منهما فقالت القرشية : جزاه الله خيراً . وقالت الجعفية : متاع قليل من حبيب مفارق . فراجعها وطلق الأخرى .بين الحسين وامرأتهوكانت عند الحسن بن الحسين امرأة فضجر يوماً وقال : أمرك في يدك فقالت : أما والله لقد كان في يدك عشرين سنة فحفظته ، أفأضيعه في ساعة صار في يدي . قد رددت إليك حقك . فأعجبه قولها وأحسن صحبتها . قالت الخيزران : قبح الله الخدم ليس لهم حزم الرجال ولا رقة النساء . كتب المأمون إلى شكلة أم إبراهيم بن المهدي يتوعدها فأجابته : أنا يا أمير المؤمنين أم من أمهاتك ، فإن كان ابني عصى الله فيك فلا تعصه في ، والسلام .

(4/44)

"""""" صفحة رقم 45 """"""قال أبو هريرة رضي الله عنه : رأيت هنداً بمكة جالسة ، كأن وجهها فلقة قمر وخلفها من عجيزتها مثل الرجل الجالس ، ومعها صبي يلعب ، فمر رجل فنظر إليه فقال : إني لأرى غلاماً إن عاش ليسودن قومه . فقالت هند : إن لم يسد إلا قومه فلا جبره الله . قيل لأم الرشيد : أتخافين الموت ؟ قالت : كيف لا أخافه ؟ ولو كنت عصيت مخلوقاً ما أحببت لقاءه . فكيف ألقى الله وقد عصيته ؟خبر أم الحجاج مع زوجهاكانت الفارعة بنت مسعود الثقفية أم الحجاج عند المغيرة بن شعبة ، فدخل عليها ذات يوم حين أقبل من صلاة الغداة وهي تتخلل . فقال : يا فارعة ؛ لئن كان هذا التخلل من أكل اليوم إنك لجشعة ، وإن كان من أكل البارحة إنك لبشعة . اعتدى فأنت طالق . فقالت : سخنت عينك من مطلاق . ما هو من ذا ولا ذاك . ولكني استكت فتخللت من شظية من سواكي . فاسترجع ثم خرج فلقي يوسف بن الحكم بن أبي عقيل . فقال : إني قد نزلت اليوم عن سيدة نساء ثقيف ، فتزوجتها فإنها ستنجب . فتزوجها فولدت له الحجاج . دخلت ليلى الأخيلية على الحجاج . فقال لأصحابه : ألا أخجلها لكم ؟ قالوا : بلى . قال : يا ليلى ، أكنت تحبين توبة ؟ قالت : نعم أيها الأمير . وأنت لو رأيته أحببته .الوليد بن عبد الملك وزوجهقال ابن عياش : تزوج الوليد بن عبد الملك ثلاثاً وستين امرأة ، وكان أكثر 369 ما يقيم على المرأة ستة أشهر ، وكان فيمن تزوج ابنة عبد الله بن مطيع العدوي ، وكانت جميلة ظريفة ، فلما أهديت إليه قال لسماره الذين كانوا يسمرون عنده : لا تبرحوا - وإن أبطأت - حتى أخرج إليكم . ودخل بها وانتظروه حتى خرج إليهم في السحر وهو يضحك . فقالوا : سرك الله يا أمير المؤمنين . فقال : ما رأيت مثل ابنة المنافق . يعني عبد الله بن مطيع - وكان ممن قتل مع ابن الزبير ، وكان بنو مروان

(4/45)

"""""" صفحة رقم 46 """"""يسمون شيعة ابن الزبير : المنافقين - لما أردت القيام أخذت بذيلي وقالت : يا هذا ؛ إنا قد اشترطنا على الجمالين الرجعة . فما رأيك ؟ فأعجب بها وأقام عليها ستة أشهر ثم بعث إليها بطلاقها . قال بعضهم : قالت لي جارية لي : ظهر يا مولاي الشيب في رأسك . فقلت : هو ما لا تحبونه . فقالت : إنما يثقل علينا الشيب على البديهة ، فأما شيب نشأ معنا فنحن ننظر إليه بالعين الأولى . افتخر على شاهفريد أم يزيد بن الوليد نساء الوليد العربيات فقالت : ليست منكن امرأة إلا وفي عشيرتها من يفخر عليها ، ولا يقر لها بالشرف والفضل . وليس في الدنيا أعجمية تفخر علي . وكانت من أولاد يزدجرد . ولذلك يقول يزيد بن الوليد : أنا ابن كسرى وأبي مروان ، وقيصر جدي ، وجدي خاقان .بين الرشيد وعنانعرضت عنان جارية الناطفي على الرشيد وهو يتبختر ، فقال لها : أتحبين أن أشتريك ؟ فقالت : ولم لا يا أحسن الناس خلقاً وخلقاً ؟ فقال : أما الخلق فقد رأيته ، فالخلق أنى عرفته ؟ قالت : رأيت شرارة طاحت من اليجمرة فلمعت في خدك فما قطبت لها ولا عاتبت أحداً . لما بنى المأمون ببوران مد يده إليها فحاضت ، فقالت : أتى أمر الله فلا تستعجلوه . ففطن المأمون ووثب عنها . كان معاوية يمشي مع أمه فعثر ، فقالت له : قم لا رفعك الله - وأعرابي ينظر إليه - فقال : لم تقولين له هذا ؟ فوالله إني لأظنه سيسود قومه . فقالت : لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه . قال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان : جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين عليه السلام فقالت : يا بني إنه والله ما نال أحد من أهل السفه بسفههم شيئاً ، ولا أدركوه من لذاتهم إلا وقد ناله أهل المروءات بمروءاتهم . فاستتروا بستر الله . لما قصد المعتضد بني شيبان اصطفى منهم عجوزاً سريعة الجواب فصيحةً ،

(4/46)

"""""" صفحة رقم 47 """"""فكان يغري بينها وبين الجلساء ، فجاءت يوماً فقعدت بلا إذن فقال لها خفيف السمرقندي الحاجب : أتجلسين بين يدي أمير المؤمنين ، ولم يأذن لك ؟ فقالت : أنت جار ذلك وحاجبه ، كان يجب أن تعرفني ما أعمل قبل دخولي إذ لم تكن لي عادة بمثله . ثم قامت . فتغافل المعتضد عنها فقالت : يا سيداه ؛ أقيام إلى الأبد ، فمتى ينقضي الأمد ؟ فضحك وأمرها بالجلوس . قالوا : طاف علي بن عبد الله بن العباس بالبيت ، وهناك عجوز قديمة وعلي قد فرع الناس كأنه راكب والناس مشاة . فقالت : من هذا الذي قد فرع الناس ؟ فقيل : علي بن عبد الله بن العباس ، فقالت : لا إله إلا الله إن الناس ليرذلون . عهدي بالعباس يطوف بهذا البيت كأنه فسطاط أبيض ويقال : إنه كان علي إلى منكب أبيه عبد الله 370 . وكان عبد الله إلى منكب أبيه العباس وكان العباس إلى منكب أبيه عبد المطلب . قالت هند بنت عتبة لأبي سفيان بن حرب لما رجع مسلماً من عند رسول الله صلى الله عليه إلى مكة في ليلة الفتح فصاح : يا معشر قريش ، ألا إني قد أسلمت ، فأسلموا ، فإن محمداً قد أتاكم بما لا قبل لكم به . فأخذت هند رأسه وقالت : بئس طليعة القوم . والله ما خدشت خدشاً . يا أهل مكة . عليكم الحميت الدسم فاقتلوه . وقالت هند : إنما النساء أغلال ، فليختر الرجل غلا ليده . وذكرت هند بنت المهلب النساء فقالت : ما زين بشيء كأدب بارع تحته لب ظاهر . وقالت أيضاً : إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروا بالشكر قبل حلول الزوال .ليلى الأخيلية والحجاجقدمت ليلى الأخيلية على الحجاج ومدحته . فقال : يا غلام ؛ أعطها خمسمائة ، فقالت : أيها الأمير ، اجعلها أدماً . فقال قائل : إنما أمر لك بشاء . قالت : الأمير أكرم من ذاك . فجعلها إبلاً إناثاً استحياء . وإنما كان أمر لها بشاء أولاً .

(4/47)

"""""" صفحة رقم 48 """"""كانت آمنة بنت سعيد بن العاص عند الوليد بن عبد الملك ، فلما مات عبد الملك سعت بها إحدى ضراتها إلى الوليد . وقالت : لم تبك على عبد الملك كما بكت نظائرها . فقال لها الوليد في ذلك فقالت : صدق القائل لك أكنت قائلة : يا ليته بقي حتى يقتل أخاً لي آخر كعمرو بن سعيد . كانت ابنة هاني بن قبيصة عند لقيط بن زرارة ، فقتل عنها وتزوجها رجل من أهلها ، فكان لا يزال يراها تذكر لقيطاً . فقال لها ذات مرة : ما استحسنت من لقيط ؟ فقالت : كل أموره كانت حسنة . وكني أحدثك إن خرج مرة إلى الصيد وقد انتشى ، فرجع إلي وبقميصه نضح من دم صيده والمسك يضوع من أعطافه ، ورائحة الشراب من فيه . فضمني ضمة وشمني شمة ، فليتني كنت مت ثمة . قال : ففعل زوجها مثل ذلك ثم ضمها إليه وقال : أين أنا من لقيط ؟ فقالت : ماء ولا كصداء ، ومرعى ولا كالسعدان قالوا : كان ذو الإصبع العدواني غيوراً ، وكان له بنات أربع لا يزوجهن غيرة ؛ فاستمع عليهن مرة وقد خلون يتحدثن ، فذكرن الأزواج حتى قالت ، الصغرى منهن : زوج من عود خير من قعود . فخطبهم فزوجهن . ثم أمهلهن حولاً ، ثم زار الكبرى فقال لها : كيف رأيت زوجك ؟ قالت : خير زوج يكرم أهله ، وينسى فضله . قال : حظيت ورضيت . فما مالكم ؟ قالت : خير مال . قال : وما هو ؟ قالت : الإبل ، نأكل لحمانها مزعاً ، ونشرب ألبانها جرعاً وتحملنا وضعفتنا معاً . فقال : زوج كريم ومال عميم . ثم زار الثانية فقال : كيف رأيت زوجك ؟ قالت : يكرم الحليلة ويقرب الوسيلة قال : فما مالكم ؟ قالت : البقر . قال : وما هي ؟ قالت : تألف الفناء ، وتملأ الإناء ، وتودك السقاء ، ونساء مع نساء . قال : رضيت وحظيت . ثم زار الثالثة فقال : كيف رأيت زوجك ؟ فقالت : لا سمح بذر ، ولا بخيل حكر . قال : فما مالكم ؟ قالت : المعزى . قال : وما هي ؟ قالت : لو كنا نولدها

(4/48)

"""""" صفحة رقم 49 """"""فطماً ، ونسلخها أدماً ، لم نبغ بها نعماً . فقال : جذوة مغنية . ثم زار الرابعة فقال : كيف رأيت زوجك ؟ فقالت : شر زوج ؛ يكرم نفسه ويهين عرسه . قال : فما مالكم ؟ قالت : شر مال ؛ الضأن . قال : وما هي ؟ قالت : جوف يشبعن ، وهيم لا ينقعن ، وصم 371 ، لا يسمعن ، وأمر مغويتهن يتبعن . فقال : أشبه امأ بعض بزه ، فأرسلها مثلاً .امرأة على قبر الأحنفوقفت امرأة من تميم على قبر الأحنف . فقالت : لله درك من مجن في جنن ، ومدرج في كفن . نسأل الله الذي فجعنا بوجهك ، وابتلانا بفقدك ، أن يجعل سبيل الخير سبيلك ودليل الخير دليلك ، وأن يوسع لك في قبرك ، ويغفر لك يوم حشرك . فوالله لقد كنت في المحافل شريفاً ، وعلى الأرامل عطوفاً ، ولقد كنت في الجود مسوداً ، وإلى الخليفة موفداً ، ولقد كانوا لقولك مستمعين ، ولرأيك متبعين .المأمون وزبيدةقال ثمامة : لما دخل المأمون بغداد دخلت عليه زبيدة أم الأمين ، فجلست بين يديه فقالت : الحمد لله ، أهنيك بالخلافة ، فقد هنأت بها نفسي قبل أن أراك ؛ ولئن كنت قد فقدت ابنا خليفة ، لقد اعتضت ابناً خليفة ، وما خسر من اعتاض مثلك ، ولا ثكلت أم ملأت عينها منك ، وأنا أسأل الله أجراً على ما أخذ ، وإمتاعاً بما وهب . فقال المأمون : ما تلد النساء مثل هذه . ماذا تراها بقت في هذا الكلام لبلغاء الرجال . تزوج عبد الملك لبابة بنت عبد الله بن جعفر فقالت له يوماً : لو استكت فقال : أما منك فأستاك . وطلقها فتزوجها علي بن عبد الله بن العباس وكان أقرع لا يفارقه قلنسوته . فبعث إليه عبد الملك جارية وهو جالس مع لبابة ، فكشفت رأسه على غفلة لترى ما به . فقالت للجارية : قولي له : هاشمي أصلع أحب إلينا من أموي أبخر .حديث أم زرعاجتمعت إحدى عشرة امرأة فتعاهدن ألا يكتمن أخبار أزواجهن شيئاً

(4/49)

"""""" صفحة رقم 50 """"""فقالت الأولى : زوجي لحم جمل غث ، على جبل وعر ، لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى ، ويروى فينتقل . وقالت الثانية : زوجي لا أبث خبره ، وإني أخاف ألا أذره إن أذكره أذكر عجره وبجره . قالت الثالثة : زوجي العشنق إن انطلق أطلق ، وإن أسكت أعلق . قالت الرابعة : زوجي كليل تهامة ، لا حر ولا قر ، ولا مخافة ولا سآمة . قالت الخامسة : زوجي إن أكل لف ، وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف ، ولا يولج الكف ليعلم البث . قالت السادسة : زوجي عياياء طباقاء كل داء له داء شجك أو فلك ، أو جمع كلاً لك . قالت السابعة : زوجي إن دخل فهد ، وإن خرج أسد ، ولا يسأل عما عهد . قالت الثامنة : زوجي المس مس أرنب ، والريح ريح زرنب . قالت التاسعة : زوجي رفيع العماد ، طويل النجاد ، عظيم الرماد ، قريب البيت من النادي . قالت العاشرة : زوجي مالك وما مالك مالك خير من ذلك ، له إبل قليلات المسارح كثيرات المبارك ، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك . قالت الحادية عشرة : زوجي أبو زرع وما أبو زرع أناس من حلي أذني ، وملأ من شحم عضدي ، وبجحني فبجحت إلى نفسي ، وجدني في أهل غنيمة بشق ، فجعلني في أهل صهيل وأطيط ، ودائس ومنق ، وعنده أقول فلا أقبح ،

(4/50)

"""""" صفحة رقم 51 """"""وأشرب فأتقنح ، وأرقد فأتصبح . أم أبي زرع وما أم أبي زرع عكومها رداح ، وبيتها فياح . ابن أبي زرع وما ابن أبي زرع كمسل شطبة ، وتشبعه ذراع الجفرة . بنت أبي زرع وما بنت أبي زرع طوع أبيها وطوع أمها وملء كسائها ، وغيظ جارتها . جارية أبي زرع وما جارية أبي زرع لا تبث حديثنا تبثيثاً ولا تنقث 372 ميرتنا تنقيثاً ، ولا تملا بيتنا تعشيشاً . خرج أبو زرع والأوطاب تمخض ، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين ، فطلقني ونكحها ، فنكحت بعده رجلاً سرياً ، ركب شرياً ، وأخذ خطياً ، وأراح على نعما ثرياً . وقال : كلي أم زرع وميري أهلك ، فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع . قالت عائشة : فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : كنت لك كأبي زرع لأم زرع .إسلام قيلةوفي حديث قيلة حين خرجت إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان عم بناتها أراد أن يأخذ بناتها منها . قالت : فلما خرجت بكت هنيهة منهن وهي أصغرهن ، حديباء كانت قد أخذتها الفرصة ، عليها سبيج لها من صوف فرحمتها فحملتها معها فبينا هما

(4/51)

"""""" صفحة رقم 52 """"""يرتكان ، إذ تنفجت الأرنب . فقالت الحديباء والقصية : والله لا يزال كعبك عالياً . قالت : وأدركني عمهن بالسيف ، فأصابت ظبته طائفة من قرون رأسيه . وقال : ألقي إلي ابنة أخي يا دفار فألقيتها إليه ، ثم انطلقت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان أبتغي الصحابة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . فبينما أنا عندها ليلةً ، تحسب عيني نائمة ، إذ دخل زوجها من السامر ، فقال : وأبيك لقد أصبت لقيلة صاحب صدق ، حريث بن حسان الشيباني فقالت أختي : الويل لي ، لا تخبرها فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ، ليس معها رجل من قومها . قالت : فصحبت صاحب صدق ، حتى قدمنا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فصليت معها الغداة حتى إذا طلعت الشمس دنوت ، فكنت إذا رأيت رجلاً ذا رواء أو ذا قشر طمح بصري إليه ، فجاء رجل فقال : السلام عليك يا رسول الله . فقال : وعليك السلام . وهو قاعد القرفصاء ، وعليه أسمال مليتين ، ومعه عسيب نخلة مقشور غير خوصتين من أعلاه قال : فتقدم صاحبي يبايعه على الإسلام . ثم قال : يا رسول الله ، اكتب لي بالدهناء لا يجاوزها من تميم إلينا إلا مسافر أو مجاور . فقال : يا غلام ؛ اكتب له قالت : فشخص بي وكانت وطني وداري فقلت : يا رسول الله ، الدهناء مقيد الجمل ، ومرعى الغنم ، وهذه نساء بني تميم وراء ذلك . فقال : ' صدقت المسكينة ، المسلم أخو المسلم ، يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على الفتان ' . قالت : ثم أمر عليه السلام فكتب لي في قطعة أدم أحمر : لقيلة والنسوة وبنات قيلة لا يظلمن حقاً ولا يكرهن على منكح ، وكل مؤمن مسلم لهن نصير ، أحسن ولا تسئن . ' وقال صلى الله عليه : أيلام ابن هذه أن يفصل الخطة ، وينتصر من وراء الحجرة . قالت : فلما رأى حريث أنه قد حيل دون كتابه صفق إحدى يديه على الأخرى ثم قال : كنت أنا وأنت كما قال الأول : حتفها حملت ضأن بأظلافها .

(4/52)

"""""" صفحة رقم 53 """"""قالت : فقلت : أما والله لقد كنت دليلاً في الليلة الظلماء ، جواداً لذي الرحل ، عفيفاً عن الرفيقة ، صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه . على أني أسأل حظي إذا سألت حظك . قال : وما حظك من الدهناء ؟ لا أبا لك قالت : مقيد جملي تسأله لجمل امرأتك . قال : أما إني أشهد رسول الله صلى الله عليه أني لك أخ ما حييت إذ أثنيت هذا علي عنده . قالت : إذ بدأتها فإني لا أضيعها . وقف المهدي 373 وقد حج على امرأة من طيء فقال : ممن العجوز ؟ قالت : من طيء قال : ما منع طيئاً أن يكون فيها آخر مثل حاتم ؟ قالت : الذي منع العرب أن يكون فيها آخر مثلك . قالوا : سارت بنو سعد إلى بكر بن وائل ، وكانت فيهم جارية عاشق فاكتلأت تنظر ، فرأت رجلاً معتجراً بشقة برد متنكباً قوسه فلاحت لها صفحة القوس ، فأنبهت أباها وقالت : يا أبه : إني رأيت متن سيف أو صفحة قوس على موضع السلاح في الشمال ، من رجل أجلى الجبين براق الثنايا ، كأن عمامته ملوية بشجرة . فقال : يا بنيه ، إني لأبغض الفتاة الكلوء العين . قالت : والله ما كذبتك . فصاح في قومه فأنذرهم . فقالوا : ما نية ابنتك في هذه الساعة . إنها عاشقة ، فاستحيا الشيخ فانصرف . فقالت ابنته : ارتحل ؛ فإن الجيش مصبحك . ووقعت بنو سعد ببكر بن وائل فقتلوا وملأوا أيديهم من السبي والغارة . قال الأصمعي : قيل لامرأة : علام تمنعين زوجك القضة ؟ فإنه يعتل بك . فقالت : كذب والله ، إني لأطأطئ الوساد وأرخي اللباد .رقية أعرابيةقال بعضهم : سمعت أعرابية بالحجاز ترقي رجلاً من العين فقالت : أعيذك بكلمات الله التامة ، التي لا تجوز عليها هامة ، من شر الجن وشر الإنس عامة ، وشر النظرة اللامة ، أعيذك بمطلع الشمس ، من شر ذي مشي همس ، وشر ذي نظر خلس ، وشر ذي قول دس ، من شر الحاسدين والحاسدات ، والنافسين والنافسات ، والكائدين والكائدات .

(4/53)

"""""" صفحة رقم 54 """"""نشرت عنك بنشرة نشار ، عن رأسك ذي الأشعار ، وعن عينيك ذواتي الأشفار ، وعن فيك ذي المحار ، وظهرك ذي الفقار ، وبطنك ذي الأسرار ، وفرجك ذي الأستار ، ويديك ذواتي الأظفار ، ورجليك ذواتي الآثار ، وذيلك ذي الغبار ، وعنك فضلاً وذا إزار ، وعن بيتك فرجاً وذا أستار . رششت بماء بارد ناراً ، وعينين أشفاراً ، وكان الله لك جاراً .معاوية وسودة بنت عمارةوفدت سودة بنت عمارة الهمدانية على معاوية فقال لها : ما حاجتك ؟ قالت : إنك أصبحت للناس سيداً ، ولأمرهم متقلداً ، والله مسائلك عن أمرنا ، وما افترض عليك من حقنا ، ولا يزال يقدم علينا من ينوء بعزك ، ويبطش بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسألنا الجليلة . هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، يقول لي : قوهي بما أستعصم الله منه ، وألجأ إليه فيه ، ولولا الطاعة لكان فينا عزة ومنعة ؛ فإما عزلته عنا فشكرناك ، وإما لا فعرفناك . قال معاوية : أتهددينني بقومك ؟ لقد هممت أن أحملك على قتب أشرس ، فأردك إليه ، ينفذ فيك حكمه . فأطرقت تبكي ثم أنشأت تقول : صلى الإله على جسم تضمنه . . . قبر فأصبح فيه العدل مدفونا قد حالف الحق لا يبغي به بدلا . . . فصار بالحق والإيمان مقرونا قال لها : ومن ذاك ؟ قالت : علي بن أبي طالب عليه السلام . قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذا ؟ قالت : قدمت عليه في متصدق قدم علينا قبله ، والله ما كان بيني وبينه إلا ما بين 374 الغث والسمين ، فأتيت علياً عليه السلام لأشكو إليه ما صنع ، فوجدته قائماً يصلي . فلما نظر إلي انفتل من صلاته ثم قال لي برأفة وتعطف : ألك حاجة ؟ فأخبرته الخبر . فبكى ثم قال : اللهم إنك أنت الشاهد علي وعليهم ، إني لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا بترك حقك . ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب ، فكتب فيها :

(4/54)

"""""" صفحة رقم 55 """"""بسم الله الرحمن الرحيم ' قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ' ' ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ' إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام . فأخذته منه والله ما ختمه بطين ولا خزمه بخزام فقرأته . فقال لها معاوية : لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان فبطيئاً ما تفطمون . ثم قال : اكتبوا لها برد مالها والعدل عليها . قالت : إلي خاصة أم لقومي عامة . قال : ما أنت وقومك . قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم . إن كان عدلاً شاملاً ، وإلا فأنا كسائر قومي . قال : اكتبوا لها ولقومها .معاوية والزرقاء بنت عديوأوفد معاوية الزرقاء بنت عدي بن غالب فقال لها : ألست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين بين صفين ، توقدين الحرب ، وتحضين على القتال ؟ فما حملك على ذلك ؟ قالت : يا أمير المؤمنين ؛ إنه قد مات الرأس ، وبقي الذنب ، والدهر ذو غير ، ومن تفكر أبصر ، والأمر يحدث بعده الأمر قال لها : صدقت . فهل تحفظين كلامك يوم صفين ؟ قالت : ما أحفظه قال : ولكني والله أحفظه . لله أبوك لقد سمعتك تقولين : أيها الناس ؛ إنكم في فتنة ، غشتكم جلابيب الظلم ، وجارت بكم عن قصد المحجة ، فيا لها من فتنة عمياء صماء لا يسمع لقائلها ، ولا ينقاد لسائقها . أيها الناس ؛ إن المصباح لا يضيء في الشمس ، وإن الكواكب لا تقد في القمر ، وإن البغل لا يسبق الفرس ، وإن الزف لا يوازن الحجر ، ولا يقطع

(4/55)

"""""" صفحة رقم 56 """"""الحديد إلا الحديد ألا من استرشدنا أرشدناه ، ومن استخبر أخبرناه ، إن الحق كان يطلب ضالته ، فصبراً يا معشر المهاجرين والأنصار ، فكأن قد اندمل شعب الشتات ، والتأمت كلمة العدل ، وغلب الحق باطله ، فلا يعجلن أحد فيقول : كيف وأنى . ليقضي الله أمراً كان مفعولا . ألا إن خضاب النساء الحناء ، وخضاب الرجال الدماء ، والصبر خير في الأمور عواقباً إلى الحرب قدماً غير ناكصين ، فهذا يوم له ما بعده . ثم قال معاوية : والله يا زرقاء لقد شركت علياً في كل دم سفكه ، فقالت : أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين ، وأدام سلامتك . مثلك من بشر بخير وسر جليسه . قال لها : وقد سرك ذلك ؟ قالت : نعم والله ، لقد سرني قولك فأنى بتصديق الفعل ؟ فقال معاوية : والله لوفاؤكم له بعد موته أحب إلي من حبكم له في حياته .معاوية وأم الخير بنت الحريشوأوفد أم الخير بنت الحريش البارقية فقال لها : كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر ؟ قالت : لم أكن والله رويته من قبل 375 ولا دونته بعد . وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة . فإن شئت أن أحدث لك مقالاً غير ذلك فعلت . قال : لا أشاء ذلك . ثم التفت إلى أصحابه فقال : أيكم حفظ كلام أم الخير ؟ قال رجل من القوم : أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد . قال : هاته . قال : نعم كأني بها يا أمير المؤمنين في ذلك اليوم وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية ، وهي على جمل أرمك وقد أحيط حولها وبيدها سوط منتشر الضفيرة ، وهي كالفحل يهدر في شقشقته ، تقول : ' يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ' . إن الله قد أوضح الحق ، وأبان الدليل ، ونور السبيل ، ورفع العلم ؛ فلم يدعكم في عمياء مبهمة ، ولا سوداء مدلهمة ، فإلى أين تريدون رحمكم الله ؟ أفراراً عن أمير المؤمنين ، أم فراراً من الزحف ، أم رغبة عن الإسلام ، أم ارتداداً عن

(4/56)

"""""" صفحة رقم 57 """"""الحق ؟ أما سمعتم الله عز وجل يقول : ' ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم . ' ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول : اللهم قد عيل الصبر ، وضعف اليقين ، وانتشرت الرعية ، وبيدك يا رب أزمة القلوب ، فاجمع إليه كلمة التقوى ، وألف القلوب على الهدى ، واردد الحق إلى أهله هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل ، والوصي الوفي ، والصديق الأكبر ، إنها إحن بدرية ، وأحقاد جاهلية ، وضغائن أحدية وثب بها معاوية حين الغفلة ، ليدرك بها ثارات بني عبد شمس . ثم قالت : ' فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون ' صبراً معشر المهاجرين والأنصار ، قاتلوا على بصيرة من ربكم ، وثبات من دينكم ؛ فكأني بكم غداً قد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة فرت من قسورة ، لا تدري أين يسلك بها في فجاج الأرض باعوا الآخرة بالدنيا ، واشتروا الضلالة بالهدى ، وباعوا البصيرة بالعمى . ' وعما قليل ليصبحن نادمين ' تحل بهم الندامة فيطلبون الإقالة . إنه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل ، ومن لم يسكن الجنة نزل النار . أيها الناس ، إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها ، واستبطئوا الآخرة فسعوا لها . والله أيها الناس لولا أن تبطل الحقوق ، وتعطل الحدود ، ويظهر الظالمون . وتقوى كلمة الشيطان ، لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه . فإلى أين تريدون رحمكم الله ؟ عن ابن عم رسول الله صلى الله عليه ، وزوج ابنته ، وأبي ابنيه ، خلق من طينته ، وتفرع من نبعته ، وخصه بسره ، وجعله باب مدينته ، وعلم المسلمين وأبان ببغضه المنافقين . فلم يزل كذلك يؤيده الله عز وجل بمعونته ، وبمضي على سنن استقامته ، لا يعرج لراحة الدار . ها هو مفلق الهام ، ومكسر الأصنام ، إذ صلى والناس مشركون ، وأطاع والناس مرتابون ، فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر ، وأفنى أهل أحد ، وفرق جمع هوازن . فيا لها من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقاً ، وردة وشقاقاً . قد اجتهدت في القول ، وبالغت في النصيحة وبالله التوفيق 376 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . فقال

(4/57)

"""""" صفحة رقم 58 """"""معاوية : والله يا أم الخير ما أردت بهذا الكلام إلا قتلي . ووالله لو قتلتك ما حرجت في ذلك . قالت : والله ما يسوءني يا بن هند أن يجري الله ذلك على يدي من يسعدني بشقائه . قال : هيهات يا كثيرة الفضول : ما تقولين في عثمان بن عفان ؟ قالت : وما عسيت أن أقول فيه ؟ استخلفه الناس وهم كارهون ، وقتلوه وهم راضون . فقال معاوية : إيهاً يا أم الخير . هذا والله أوصلك الذي تبنين عليه . قالت : ' لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ' ما أردت لعثمان نقصاً . ولقد كان سباقاً إلى الخيرات وإنه لرفيع الدرجة . قال : فما تقولين في طلحة بن عبيد الله ؟ قالت : وما عسى أن أقول في طلحة ؟ اغتيل من مأمنه ، وأتي من حيث لم يحذر . وقد وعده رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الجنة . قال : فما تقولين في الزبير ؟ قالت : يا هذا لا تدعني كرجيع الضبع يعرك في المركن قال : حقاً لتقولين ذلك . وقد عزمت عليك . قالت : وما عسيت أن أقول في الزبير ابن عمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وحواريه ؟ وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه بالجنة . ولقد كان سباقاً إلى كل مكرمة من الإسلام . وإنى أسألك بحق الله يا معاوية ؛ فأن قريشاً تحدث أنك من أحلمها ، فأنا أسألك بأن تسعني بفضلك ، وأن تعفيني من هذه المسائل . وامض لما شئت من غيرها . قال : نعم وكرامة قد أعفيتك ، وردها مكرمة إلى بلدها .الجمانة بنت المهاجر وابن الزبيرذكر أن الجمانة بنت المهاجربن خالد بن الوليد نظرت إلى عبد الله بن الزبير وهو يرقى المنبر ، يخطب بالناس في يوم جمعة فقالت حين رأته رقى المنبر : أيا نقار انقر . أما والله لو كان فوقه نجيب من بني أمية ، أو صقر من بني مخزوم لقال المنبر : طيق طيق . قال : فأنمي كلامها إلى عبد الله بن الزبير ، فبعث إليها فأتي بها فقال لها : ما الذي بلغني عنك بالكاع ؟ قالت : الحق أبلغت يا أمير المؤمنين ،

(4/58)

"""""" صفحة رقم 59 """"""قال : فما حملك على ذلك ؟ قالت : لا تعدم الحسناء ذاماً . والساخط ليس براض . ومع ذلك فما عدوت فيما قلت لك أن نسبتك إلى التواضع والدين ، وعدوك إلى الخيلاء والطمع . ولئن ذاقوا وبال أمرهم لتحمدن عاقبة شأنك ، وليس من قال فكذب كمن حدث وصدق . وأنت بالتجاوز جدير ، ونحن للعفو أهل فا�