84
HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-I STUDY MATERIAL THIRD SEMESTER CORE COURSE : AFU3B04 For BA AFZAL-UL-ULAMA (2017 ADMISSION ONWARDS) UNIVERSITY OF CALICUT SCHOOL OF DISTANCE EDUCATION Calicut University P.O, Malappuram, Kerala, India 673635 33A

HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

  • Upload
    others

  • View
    20

  • Download
    7

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

HISTORY OF CLASSICALLITERATURE-I

STUDY MATERIAL

THIRD SEMESTERCORE COURSE : AFU3B04

For

BA AFZAL-UL-ULAMA(2017 ADMISSION ONWARDS)

UNIVERSITY OF CALICUTSCHOOL OF DISTANCE EDUCATION

Calicut University P.O, Malappuram, Kerala, India 673635

33A

Page 2: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

2 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

UNIVERSITY OF CALICUTSCHOOL OF DISTANCE EDUCATION

STUDY MATERIALTHIRD SEMESTER

BA AFZAL-UL-ULAMA(2017 ADMISSION ONWARDS)

CORE COURSE:AFU3B04 : HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-I

Prepared by:

Dr.Abdul Lathief P.PAssistant Professor of Arabic

PG & Research Department of Arabic,

T.M. Govt. College, Tirur.

.

Page 3: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

3 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فهرس الموضوعاتUnit 1

اللغة العربية

تاريخ اللغة العربية

ما دخلها من األلفاظ األعجمية

كيف كانت اللغة لما جاء اإلسالم؟

البالد التي كان أهلها يتكلمون العربية قبل

اإلسالم

فروع اللغة العربية

مميزات اللغة العربية

اإلعراب

دقة التعبير

اإلعجاز واإليجاز

المترادفات واألضداد

المعاني الكثيرة للفظ الواحد

السجع

حكاية األصوات

األمثال

كتب األمثال

Unit-2

الشعر في العصر الجاهلي

ما هو الشعر ؟

أنواع الشعر

هل عند العرب شعر تمثيلي؟

أقدم منظومات العالم

كيف بدأ العرب ينظمون الشعر

أصل وزن الشعر

شاعرية العرب

نهضة الشعر في الجاهلية

أسباب النهضة

استقالل عرب الحجاز عن اليمن

حروبهم فيما بينهم

نهضة قريش

أقدم الشعراء

تنقل الشعر في األقاليم

تنقل الشعر في القبائل

عدد الشعراء بالنظر إلى القبائل

كثرة الشعر وتعدد الشعراء

طبقات الشعراء في الجاهلية

تقسيمهم من حيث طبقاتهم

Unit-3

خصائص الشعر الجاهلي

تمثيل الطبيعة

البالغة في التركيب

مذاهبهم وأساليبهم

أبواب الشعر عندهم

التمثل بحيواناتهم وعاداتهم

المفاخرة والمعاظمة والمقارعة

األنفة والعفة

ال يستجدون

منزلة الشاعر في الجاهلية

تأثير الشعر في نفوس العرب

أشعر شعراء الجاهلية

رواة الشعر

شعراء الجاهلية من حيث أغراضهم

Page 4: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

4 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

Unit-4

أشهر شعراء الجاهلية

أصحاب المعلقات

امرؤ القيس

زهير بن أبي سلمى

النابغة الذبياني

أعشى قيس

لبيد بن ربيعة

عمرو بن كلثوم

الحارث بن حلزة

طرفة بن العبد

عنترة بن شداد

عبيد بن األبرص

المعلقات والمستشرقون

Unit-5

الخطابة في الجاهلية

موضوعات الخطب

األنساب في الجاهلية

نسب العرب

األخبار أو التاريخ في الجاهلية

األسواق ومجالس األدب

----------------------------------

Book for Study

جرجي زيدان – تاریخ آداب اللغة العربية (الجزءاألول)

Books for Reference

عمرفروخ – تاريخ األدب العربي -1

. حنا الفاخوري – تاريخ األدب العربي -2

الدكتور شوقي ضيف – تاريخ األدب العربي -3

عمرالطيب الساسي – دراسات في األدب العربي على مر العصور -4

بروكالمان – تاريخ األدب العربي -5

حسن الزيات – تاريخ األدب العربي -6

Page 5: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

5 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

Unit- 1

اللغة العربية

هي أحدى اللغات السامية .. ويريدون باللغات السامية اللغات التي كان يتفاهم بها أبناء

سام – وهم في اصطالحهم أهل ما بين النهرين وجزيرة العرب والشام – أشهرها العربية

والسريانية والعبرانية والفينيقية واألشورية والبابلية والحبشية. ولم يبق حيا منها إال العربية

والحبشية والعبرانية والسريانية ، والعربيية أرقاها جميعا.

واللغات السامية أخوات ال يعرف لهن أمّ، وظن بعضهم أن اللغة البابلية أو األشورية

القديمة أمّهن، كما أن اللغة الالتينية أمّ اللغات األسبانية وااليطالية والبرتغالية، ولكن المحققين

ال يؤيدون ذلك. والمعول عليه أن هذه اللغات السامية أخوات انقرضت أمهن قبل زمن التاريخ.

تاريخ اللغة العربية: -1

البحث في تاريخ اللغة على العموم يتناول أوال : النظر في نشأتها منذ تكونها مع مامر عليها

من األحوال قبل زمن التاريخ، كتكون األفعال واألسماء والحروف وتولدد سيغ االشتقاق

وأساليب التعبير ونحو ذلك. والبحث في هذا كله أن شأن الفسفة الغوية، وقد فصلناه في كتابنا

" الفلسفة اللغوية" . ثانيا: النظر فيما طرأ على اللغة من التأثيرات الخاجية بعد اختالط أصحابها

باألمم األخرى، فاكتسبت من لغاتهم ألفاظا وتعبيرات جديدة كما يقتبس أهلها من عادات تلك

األمم وأخالقهم وآدابهم ما يوافق ذلك من تنوع معاني األلفاظ بتنوع األحوال، مع حدوث صيغ

جديدة وألفاظ جديدة. ثالثا: النظر في تاريخ ما حوته اللغة من العلوم واآلداب باختالف العصور

وهو " تاريخ آداب اللغة"، وهذا التقسيم تقريبي إذ ال تجد حدا فاصال بين هذه األقسام.

وإذا تدبرت تاريخ كل ظاهرة من مظاهر األمة كاآلداب أو اللغة أو الشرائع أو غيرها باعتبار

ما مرّ بها من األحوال في أثناء نموها وارتقائها وتفرعها، رأيتها تسير في نموها سيرا خفيا ال

يشعر به إال بعد انقضاء الزمن الطويل. ويتخلل ذلك السير البطئ وثْبات قويّة دفعة واحدة،

فتغير الشؤون تغيرا ظاهرا وهو ما يعبرون عنه بالنهضة، وسبب تلك النهضات في الغالب

احتكاك األفكار باالختالط بين األمم على أثر مهاجرة اقتضتها الطبيعة من قحط أو خوف، أو

يكون سبب االختالط ظهور نبي أو متشرع أو فيلسوف كبير أو نبوغ قائد طماع يحمل الناس على

الفتح والغزو أو أمثال ذلك من االنقالبات السياسية أو االجتماعية. فتنحاك األفكار وتتمازج

Page 6: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

6 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

الطباع، فتتنوع العادات واألخالق واألديان واآلداب، واللغة تابعة لكل ذلك بل هي الحافظة آلثار

ذلك التعبير فتدخرها قرونا بعد زوال تلك العادات أو اآلداب أو الشرائع، وإذا تبدل شيء منها

حفظت آثار تبديله.

فاللغة العربية تعرضت لهذه الطوارئ مثل سائر اللغات الحية، وتقلبت على أحوال شتى،

فتنوعت ألفاظها بالنحت واإلبدال والقلب، ودخلها كثير من األلفاظ األعجمية في أعصر مختلفة

قبل أن تدون وتضبط في أزمنة لم يدركها التاريخ. وإنما نستدل على ذلك من درس ألفاظها

ومقابلتها بأخواتها وغيرها.

واللغة العربية التي نحن بصددها هي لغة الحجاز التي وصلت إلينا. وكانت قبل اإلسالم

لغات عدة تعرف بلغات القبائل ، وبينها اختالف في اللفظ والتركيب كلغات تميم وربيعة ومضر

وقيس وهذيل وقضاعة وغيرها كما هو مشهور. وأقرب هذه اللغات شبها باللغة السامية األصلية

أبعدها عن االختالط. وبعكس ذلك القبائل التي كانت تختلط باألمم األخرى كأهل الحجاز مما يلي

الشام وخصوصا أهل مكة من قريش، فقد كانوا أهل تجارة وسفر شماال إلى الشام والعراق

ومصر وجنوبا إلى بالد اليمن وشرقا إلى خليج فارس وما وراءه وغربا إلى بالد الحبشة.

فضال عما كان يجتمع حول الكعبة من األمم المختلفة وفيهم الفرس واألنباط واليمنية

واألحباش والمصريون، غير الذين كانوا ينزحون إليها من جالية اليهود والنصارى. فدعا ذلك

كله إلى ارتقاء اللغة يما تولد فيها أو دخلها من االشتقاقات والتراكيب مما ال مثيل له في اللغات

األخرى.

وزاد ذلك االقتباس خصوصا بالنهضة التي حدثت في القرنين األول والثاني قبل االسالم

بنزول الحبشة والفرس في اليمن والحجاز على أثر استبداد ذي نواس ملك اليمن، وكان يهوديا

فاضطهد نصارى اليمن في القرن الخاس للميالد وخصوصا أهل نجران. فطلب إليهم اعتناق

اليهودية، فلما أبوا قتلهم حرقا وذبحا. فاستنجد بعضهم بالحبشة، فحمل أألحباش على اليمن

وفتحوها واستعمروها حينا، وأذلوا ملوكها أعواما. ثم أنف أحد أمرائها " ذو يزن" فاستنجد

الفرس على عهد كسرى أنو شروان، فأنجده طمعا في الفتح ، فأخرج األحباش من اليمن بعد أن

ملكوها نحو سبعين سنة، وكانوا في أثناء ذلك يترددون على الحجاز، وحاولوا فتحه في أواسط

القرن الخامس فجاءوا مكة بأفيالهم ورجالهم ولم يفلحوا، واهتم أهل الحجاز بقدوم الحبشة إلى

مكة حتى أرخوا به، وهو عام الفيل. ولما فتح الفرس اليمن أقاموا فيها واختلطوا بأهلها بالمبايعة

والمزاوجة وتوطنوا، وكانوا يقدمون إلى الحجاز، وأهل الحجاز يترددون إليهم.

Page 7: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

7 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

2) ما دخلها من االلفاظ األعجمية

غير ما طرأ عليها من التغيير والتبديل قبل زمن التاريخ فتكاثرت ألفاظها ومشتقاتها ودخلها

كثير من األلفاظ األجنبية، وغير ما اقتبسته من التراكيب الغريبة، ولكن أكثره ضاع فيها وتنوع

شكله ولم يعد يتميز أصله. على أننا نستدل على تكاثر األلفاظ الدخيلة في اللغة العربية بخلوّ

أخواتها من أمثال تلك األلفاظ. فإذا رأينا لفظا في العربية لم نر له شبيها في العبرانية، أو

الكلدانية، أو الحبشية، ترجّح عندنا انه دخيل فيها. وأكثر ما يكون ذلك في أسماء العقاقير، أو

األدوات، أو المصنوعات، أو المعادن، أو نحوها، مما يحمل إلى بالد العرب من بالد فارس، أو

الروم، أو الهند، أو غيرها، ولم يكن للعرب معرفة به من قبل، أو في أسماء بعض المصطلحات

الدينية، أو األدبية، وأكثر ذلك منقول عن العبرانيةن أو الحبشية، ألن اليهود واألحباش من أهل

الكتاب.

األلفاظ الفارسية واليونانية:

ويقال باإلجمال أن العرب اقتبسوا من لغة الفرس أكثر مما اقتبسوا من سواها، ولذلك

رأينا أئمة اللغة إذاأشكل عليهم أصل بعض األلفاظ األعجمية عدّوها فارسية، ومن أمثلة ذلك ما

ذكره صاحب المزهر من األلفاظ الفارسية :الكوز، الجرة، اإلبريق، الطشت، الخوان، الطبق،

القصعة، السكرجة، السنور، السنجاب، الفاقم، الفنك، الدلق، الخز، الديباج، التاخنج،

السندس، الياقوت، الفيروزج، البلور، الكعك، الدرمك، الجردق، السميد، السكباج، الزبرباج،

االسفيذاج، الطياهيج، الفالوذج، اللوزينج، الجوزينج، البغرينج، الجالب، السكنجين،

الخلنجين، الدارصيني، الفلفل، الكراويا، الزنجبيل، الخولجان، القرفة، النرجس، البنفسج،

النسرين، الخيري، السوسن، المزنجوش، الياسمين، الجلنار، المسك، العنبر، الكافور،

الصندل، القرنفل. وعندنا أن بعض هذه األلفاظ غير فارسي كما سترى.

ومما اقتبسوه من اليونانية والالتينية :الفردوس، القسطاس، والبطاقة، والقرسطون،

والقبان، واالصطرالب، والقسطل، والقنطار، والبطريق، والترياق، والقنطرة، وغيرها كثير.

األلفاظ الحبشية والعبرانية:

وأما ما نقلوه عن الحبشية، فأكثره ال يدلّ على أصله لتغير شكله، وألن الحبشية والعربية

أختان تتشابه األلفاظ فيهما. والمشهور عند علماء العربية من األلفاظ المقتبسة

من الحبشية ثالثة: كفلين، والمشكاة، والهرج. لكننا ال نشك في أنهم اقتبسوا كثيرا غيرها،

وخاصة ما يتعلّق منها باإلصطالحات الدينية. من ذلك قولهم "المنبر" وهو عند العرب "مكان

Page 8: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

8 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

مرتفع في الجامع أو الكنيسة يقف فيه الخطيب أو الواعظ" وقد شقه صاحب القاموس من "نبر"

أي ارتفع وفي ذلك األشتقاق تكلّف. وعندنا أن معرّب "ومبر" في الحبشية أي كرسي أو مجلس أو

عرش.

ومن هذا القبيل لفظ "النفاق" وهو عند العرب "ستر الكفر في القلب واظهار االيمان" وقد

شقوه من "نفق" راج أو رغب فيه، وليس بين المعنيين تناسب، واضطروا لتعليله الى استعارة

خروج اليربوع من نافقائه فقالوا: "ومنه اشتقاق المنافق في الدين" وهو تكلّف نحن في غنى عنه

إذاعرفنا أن "نفاق" في الحبشية معناها الهرتقة، أو البدعة، أو الضالل في الدين. وهي من

التعبيرات النصرانية التي شاعت في الحبشية بدخول النصرانية فيها. وكذلك لفظ "الحواري"

شقه صاحب القاموس من "حار" بمعنى البياض، وقال في معنى الحواري أنه سُميّ بذلك لخلوص

نية الحواريّين ونقاء سريرتهم أو ألنهم كانوا يلبسون الثياب البيض، واألظهر أن هذه اللفظة

معرب "حواري" في الحبشية، ومعناها فيها "الرسول" وهو المعنى المراد بها في العربية تماما.

وكذلك "برهان" وقد شقها صاحب القاموس من "برهن" وشقها غيره من "بره" بمعنى

القطع وأن النون زائدة فيها، وهي في الحبشية "برهان" أي النور، وااليضاح، مشتقة من "بره"

عندهم أي اتّضح أو أنار.

وقس على ذلك كثيرا من أمثاله، كالمصحف، فإنه حبشي من "صحف" أي كتب، والمصحف

الكتاب. ناهيك بأسماء الحيوانات، أو النباتات، أو نحوها. فإن "عنبسة" من أسماء األسد عند

العرب، فهي اسم األسد بالحبشية.

وقد أخذوا عن العبرانية كثيرا من األلفاظ الدينية :كالحج، والكاهن، والعاشوراء، وغيرها،

وأكثرها نقل الى الصيغ العربية لتقارب اللفظ والمعنى في اللغتين ألنهما شقيقتان، ويضيق هذا

المقام عن ايراد األمثلة.

األلفاظ السنسكريتية:

وال ريب أن العرب اقتبسوا كثيرا من األلفاظ السنسكريتية ممن كان يخالطهم من الهنود

في أثناء السفر للتجارة، أو الحج، ألن جزيرة العرب كانت واسطة االتصال بين الشرق والغرب..

فكل تجارات الهند المحمولة الى مصر، أو الشام، أو المغرب، كانت تمر ببالد العرب، ويكون

للعرب في حملها أو ترويجها شأن. وقد عثرنا في السنسكريتية على ألفاظ تشبه ألفاظا عربية،

تغلب أن تكون سنسكريتية األصل لخلو أخوات العربية من أمثالها، كقولهم "صبح" و "بهاء"

فإنهما في السنسكريتية بهذا اللفظ تماما، ويدالن على االشراق أو االضاءة. وال يُعقل أنهما

Page 9: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

9 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

مأخوذان عن العربية ألن السنسكريتية دُوّنت قبل العربية بزمن مديد. ونظن لفظ "سفينة"

سنسكريتي األصل أيضا، وكذلك "ضياء".. ولعلنا بزيادة درسنا اللغة السنسكريتية ينكشف لنا

كثير من أمثال ذلك.

على أننا نرجّح أن العرب أخذوا عن الهنود كثيرا من المصطلحات التجارية وأسماء السفن

وأدواتها، وأسماء الحجارة الكريمة، والعقاقير، والطيب مما يُحمل من بالد الهند.. والعرب

يعدّونها عربية، أو يُلحقونها باأللفاظ الفارسية تساهال: كالمسك مثال، فقد رأيت صاحب المزهر

يعدّه فارسيا، وهكذا يقول صاحب القاموس. وهو في الحقيقة سنسكريتي، ولفظه فيها "مشكاة"

وذكروا "الكافور" بين األلفاظ الفارسية وهو هنديّ على لغة أهل ملقا ولفظه عندهم "كابور".

وقد ذكروا أيضا أنّ "القرنفل" فارسيّ، والغالب عندنا أنه سنسكريتي ألن أصله من الهند وقس

عليه.

وفي كتابنا " تاريخ اللغة العربية" فصل ضاف في هذا الموضوع بيّنا فيه القاعدة في تعيين

أصول األلفاظ االعجمية، وأوردنا كثيرا من األلفاظ المنقولة للعربية من اللغات الفارسية

والهندية واليونانية والالتينية والحبشية، وأئمة اللغة يعدّونها عربية، وفصل آخر فيما لحق اللغة

العربية من التغيير في ألفاظها بمقابلتها بأخواتها.

3) كيف كانت اللغة العربية لما جاء اإلسالم؟

ليس ما قدمناه وأشرنا إليه من تاريخ تكون اللغة العربية وترقيها إال فذلكة ،مثلنا بها ذلك

التاريخ، وال يستطاع تفصيله وتعيين التقلبات التي مرت بها هذه اللغة قبل اإلسالم، إذ ليس لدينا

أمثلة مدونة يرجع إليها أو يقاس عليها، غير ما قدمناه مما وجدوه منقوشا على قبر امرئ القيس

وهو ال يشفي غليال، ولو أن أشعار أيوب كانت مدونة كما دونت إلياذة هوميروس مثال،

الستخرجنا من المقابلة بين لغتها ولغة الجاهلية الثانية تاريخ تقلب األلفاظ والتعابير كما فعل

اليونان في بيان الفروق بين لغة اإللياذة ولغات ما دون بعدها وكما فعلنا في تدوين تاريخ اللغة

العربية بعد اإلسالم، وما تقلبت عليه من تبدل األلفاظ وتفرعها وتنوعها ودخول األلفاظ

والتراكيب األعجمية، وما أخذته من كل لغة حسب األطوار التي مرت بها وكما يفعل فالسفة

اللغة في رد اللغات الحية األوربية إلى أصولها الالتينية، والجرمانية واليونانية.

ومهما يكن من تاريخ اللغة العربية القديم؛ فقد عرفناها عند ظهور االسالم ناضجة، وقد

تفرعت إلى لغات باختالف األصقاع والقبائل، فدوّن المسلمون إحدى تلك اللغات مع أمثلة من

سائر اللغات على ما سنبينه.

Page 10: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

10 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

4)البالد التي كان أهلها يتكلمون العربية قبل اإلسالم:

إذانظرت إلى الخريطة اليوم، رأيت الناطقين بالعربية منتشرين في غربي البحر المتوسط

وجنوبيه إلى الشام والعراق وما بين النهرين في جزيرة العرب وفي مصر وطرابلس المغرب

وتونس والجزائر ومراكش وعلى شواطئ البحر األحمر في السودان وغيرها من أواسط افريقيا

وعلى شواطئ إفريقيا الشرقية وغيرها، غير الذين يتكلمون العربية للمعامالت الدينية، وهم

المسلمون في أكثر أنحاء المعمورة في فارس وخراسان وأفغانستان وتركستان والهند والصين

وجزائر الهند الشرقية وسائر البالد التي دخلها اإلسالم في القارات الخمس.

أما قبل اإلسالم؛ فقد كانت اللغة العربية محصورة في جزيرة العرب، وما يليها من مشارف

الشام والعراق إلى تدمر وفي بادية الجزيرة بين النهرين، وفي جزيرة سينا وقليل بعدها في

صحراء مصر الشرقية.

ويعسر تقدير إحصاء العرب في ذلك العهد، كما يعسر تقديره اليوم؛ العتماد أولئك األقوام

على الرحلة والتنقل في البوادي ،،، ولكننا نحسبهم ال يزيدون على بضعة ماليين، اكثرهم من

اهل البادية متفرقون قبائل وعشائر وأفخاذا وبطونا في الحجاز ونجد واليمن وتهامة

وحضرموت وعمان واألحساء والبحرين وفي بادية الشام والعراق، يندر فيهم المتحضرون،

سكان المدن؛ إذ لم يكن يومئذ من المدن العامرة في جزيرة العرب غير مكة والمدينة والطائف

بالحجاز، وصنعاء في اليمن وبعض المزارات في أواسط الجزيرة وبعض الثغور على الشواطئ.

فالمعول في إحصاء العرب على أهل البادية، وكانوا ينقسمون حسب قبائلهم، وكانت تلك

القبائل مع كونها رحالة تنحصر رحلتها غالبا في بقعة من بقاع الجزيرة ما لم يطرأ عليها طارئ

يبعثها على االنتقال إلى بقعة أخرى، كما أصاب قبائل عدنان في القرون األولى قبل الميالد وبعده

...؛ إذ كانت تقيم في تهامة ثم تفرقت فيها وفي الحجاز ونجده. وكانت القبائل القحطانية في

اليمن، ثم انتشرت في سائر جزيرة العرب، ولكل انتقال سبب طبيعي او سياسي أو غير ذلك مما

يطول شرحه، وقد فصلناه في كتابنا "العرب قبل اإلسالم".

فلما جاء اإلسالم كانت قبائل العرب البادية أكثرها في نجد وتهامة والحجازواألحساء

ومشارف الشام والعراق ومعظمها من العدنانية، كما تجد ذلك مبينا في الخريطة.

وبالقياس على ما نشاهده اليوم من تعدد لغات أو لهجات المتكلمين بالعربية في الشام

والعراق ومصر والمغرب وما بينها من االختالف لفظا وتركيبا، مع أن األصل واحد فيها جميعا

"لغة مضر" نعتقد أن لغات تلك القبائل كانت تختلف بعضها عنبعض ويزداد الفرق بينها بزيادة

Page 11: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

11 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

البعد وباختالف ما يجاورها من غير العرب، فلغات اواسط جزيرة العرب وإن بعدت الشقة بينها

كانت أكثر تقاربا مما بينها وبين لغات أهل الشواطي؛ الختالط هؤالء باألعاجم على شواطئ خليج

العجم والبحر األحمر من جاليةالفرس والهند واألحباش وغيرهم، أو عند مشارف الشام؛

الختالطهم بأهل المدن من السريان أو الروم أو األنباط في الشام والعراق، ولما نهض المسلمون

في صدر اإلسالم لجمعاللغة، الحظوا هذه االعتبارات؛ التماسا الختيار أحسن اللغات وأبعدها

عن العجمة.

5) فروع اللغة العربية:

وإذا أمعنت النظر في الخريطة، رأيت أكثر سكان أواسط جزيرة العرب من قبائل مضر ،

وأعظمها يومئذ تميم في شرقي نجد، وغطفان «عبس وذبيان»، وسليم وغيرهما في تجد،

وأرقاها قريش في مكة، وكان من القبائل القحطانية هناك طيء في نجد ومذحج في أطراف

الحجاز، أكثر السكان في الشمال الشرقي من ربيعة، ومنهم بكر وتغلب في بادية العراق

والجزيرة.

فلغات هذه القبائل كانت تختلف بعضها عن بعض باختالف أصولها ومساكنها، وكان

االختالف على معظمه بين لغات اليمن ولغات الحجاز ونجد أي بين جنوب الجزيرة وشمالها،

وأحسن مثال للغات الجنوب ما خلفه الحميريون من اآلثار بالحرف المسند، وأحسن مثال للغة

الحجاز لغة القرآن وشعر الجاهلية، والفرق بين اللغتين كبير، والعرب يسمون لغة قدماء

اليمنيين «المسند»، ولمن أقام حول اليمن من العرب لغات لعلها فروع من لغة اليمن، وكان لكل

إقليم منها لسان يختلف عن السنة سائر األقاليم وله اسم خاص يعرف به، وهي:

المسند: لغة في اليمن.

الزبور: لغة في حضرموت وبعض اليمن.

الرشق: لغة عدن والجند.

تحويل: لغة المهرة والشحر.

الزقزقة: لغة األشعريين.

هذا هو تقسيم العرب للغات اليمن، ويرى العلماء اليوم أن بعضها غير عربي ولكن أكثرها

ذهب وال سبيل إلى تحقيق ذلك.

Page 12: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

12 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

أما لغات أهل الحجاز ونجد وسائر الشمال هم العدنانيون، ترجع إلى أصل واحد يسمونه

«المبين» وهو الباقي إلى اآلن ومنه لغة القرآن وقد تغلب على سائر األلسنة وانتشر مع المسلمين

في األرض.

اللسان المبين:

فاللسان المبين كان يتكلمه عرب الشمال، وهم قبائل كثيرة كما رأیت، وبينها فروق في

معاني األلفاظ ونطقها وفي أساليب التركيب، ولكن اإلسالم ذهب بها جميعا إال لغة قریش (لغة

القرآن)، وما اختاره علماء اللغة من الفاظ القبائل األخرى، ولم يبق من لغات هذه القبائل إلى

اآلن إال أمثلة ذكرها علماء اللغة عرضا من باب العيوب، وأكثرها في قبائل ربيعة مثال ذلك أنهم

كانوا يزيدون بعد ضمير المخاطب المفرد شيئا، فيقولون:عليكش وبكش؛ بدال من عليك وبك،

وجاء في بعض الكتب أنهم يبدلون الكاف شيئا فيقولون عليش بدل عليك وهي في الحالين غير

الشين التي يدخلها عامة المصريين على االستفهام.

ومن بقايا لغات القبائل أن بني تميم كانوا يلفظون الهمزة إذا وقعت في أول الكلمة عينا،

فيقولون في "أسلم، عسلم" ويسمونها العنعنة، وكان الهذليون وهم قبيلة امن مضر يجعلون

الحاء عينا ويسمونها الفحفحة ومنها العجعجة في قضاعة وهي أن يجعلوا الياء المشددة جيما

فيقولون في تميمي: تميمج، واالستنطاء في لغة سعد بن بكر وهي أن يقولوا: أنطی بدل أعطى،

وعند بعض القبائل حروف ال توجد عند سواها كالحرف بين القاف والكاف في لغة تميم لعله

كالكاف الفارسية، وذكر صاحب المزهر أمثلة كثيرة من هذه العيوب.

ومن اللغات الشاذة التي تفيدنا في الرجوع إلى أصل اللغة العربية، استعمال الذال

للموصول بدل «الذي، فإن بعض العرب (قبيلة طي) يقولون: «فالن ذو سمعت به، أي الذي

سمعت به، وهو تركيب آرامي أو بابلي من بقايا القرابة بين العرب والحمورابيين، اومن هذا

القبيل كسر أول فعل المضارع كما يفعل سريان هذه األيام، فإنه كان عاما في قبائل العرب إال

في قريش وأسد، ولغات القبائل المشار إليها ظلت بعد اإلسالم مدة، ثم أخذت تنقرض بالتدريج

وحلت لغة قريش محلها ليس في جزيرة العرب فقط بل في كل بلد دخله اإلسالم.

على أن ما يعدّه أئمة اللغة عيوبا في لغات هذه القبائل، إنما يصح تسميته بذلك بالنظر إلى

اللغة التي اختاروها ال بالنظر إلى اللغة نفسها فإن استعمال "ذو" للموصول لم يسموه عيبا، إال

ألنه يخالف المألوف في لغة قريش، ولو ألفوه لفضلوه على "الذي"، وعلى كل حال فإن علماء

اللغة لما قاموا لجمع اللغة تخيروا من لغات تلك القبائل أحسن ما فيها بالنظر إلى أذواقهم

Page 13: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

13 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ومألوفه، وأكثر ما أخذوه من قيس وتميم وأسد. وسنعود إلى ذلك عند الكالم عن جمع اللغة

وتدوينها.

-------------------

مميزات اللغة العربية

للغة العربية كما وصلت إلينا، خصائص تميزها من سواها، وتدل على مبلغ مبلغ

عقوألصحابها من الرقي، وإن كانوا بادية راحلين، وهذه هي مميزاتها:

اإلعراب -1

نعني باإلعراب تغير أواخر الكلمات بتغير العوامل الداخلة عليها بالرفع والنصب والجر

والسكون، واللغات الحية في العالم المتمدن اآلن تعد بالعشرات، ليس بينها من اللغات المعربة

إال ثالث: وهي العربية والحبشية، واللغة األلمانية، والظاهر أن اإلعراب من خصائص التمدن

القديم؛ ألن لغات ذلك التمدن كان معظمها معربا، كذلك كانت اللغات البابلية (األشورية)

والعربية واليونانية والالتينية والسنسكريتية، واللغات التي تخلقت عن تلك األمهات جاءت خالية

من حركات اإلعراب، فاللغات التي تخلفت عن الالتينيةفي أوربا وعن السنسكريتية في الهند

وإيران غير معربة، وكذلك اللغات التي تخلفت عن اللغة البابلية وهي السريانية والكلدانية لم

يبق فيها إعراب، ومثلها اللغات التي تخلفت عن اللغة العربية، نعنى لغات العامة في األصقاع

العربية اليوم فإنها غير معربة كان اإلعراب إذا ترك المجاري الطبيعة ال يعيش في الرخاء طويال،

وإنما يعيش في البادية او نحوها من أحوال الخشونة أو القوة إال إذا أراد أصحابه تقييد لغتهم

بالقواعد، كما فعل العرب واأللمان، على أن اللغة العربية سارت سيرها الطبيعي على ألسنة

العامة فذهب اإلعراب منها.

ومما يحسن قوله: إن اللغات السامية القديمة على كثرتها، اختص منها باإلعراب لغة بابل

(االشورية) واللغة العربية، ولعل في ذلك ما يدل على وحدة اصل العرب والحمورابيين، وأن

األمتين كانتا أمة واحدة تتكلم لسانا واحدا معربا، فتحضر الحمورابيون وظل العرب بادية

ومنهم العمالقة، فلما تمدن الحمورابيون وركنوا إلى الرخاء، ذهب اإلعراب من لسانهم وبقي في

كتاباتهم المنقوشة، كما أصاب العرب بعد قيام دولتهم وتقييد لغتهم، فنشأ من بقايا البابليين

Page 14: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

14 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

امة لغتها غير معربة هم السريان ، كما نشا من العرب أقوام ال يعربون كالمهم، وهم عامة الشام

ومصر وغيرهما من بالد العرب، وكان أجدادهم في البادية يعربونه.

دقة التعبير -2

وتمتاز اللغة العربية بدقة التعبير بألفاظها وتراكيبها أما األلفاظ ففيها لكل معنی لفظ

خاص، وحتى أشباه المعاني أو فروعها وجزئياتها، وقد ذكرنا أمثلة من ذلك فيما تقدم، ومن أمثلة

دقة التعبير فيها وجود األلفاظ لتأدية فروع المعاني أو جزئياتها، فعندهم لكل ساعة من ساعات

النهار اسم خاص به، فالساعة األولى الذرور، ثم اليزوع، ثم الضحى، ثم الغزالة، ثم الهاجرة، ثم

الزوال، ثم العصر، ثم األصيل، ثم الصبوب، ثم الحدور، ثم الغروب، ويقال فيها أيضا: البكور،

ثم الشروق، فاإلشراق، فالراد، فالضحي، فالمتوع، فالهاجرة. فاألصيل، فالعصر، فالطفل،

فالحدور، فالغروب.

وعندهم اسم لكل ليلة من ليالي القمر وتجد للمعنى الواحدة عدة ألفاظ، يعبر كل منها عن

تنوع من تنوعات ذلك المعني في الشعر مثال أسماء عدة حسب منبته، كالفروة لشعر معظم

الرأس، والناصية لشعر مقدمة الرأس، وذؤابة شعر مؤخرة الرأس، والفرع شعر رأس المرأة،

والغديرة شعر ذؤابتها، والدبب شعر وجهها، إلى غير ذلك وهو كثير،وقس عليه أسماء المعايب،

والعطش، والجهر، ولكل منها معنى خاص مما ال مثيل له في أرقى لغات البشر قديما وحديثا.

واعتبر ذلك تفرع معاني األفعال، كتفرع فعل النظر إلى: رمق، ولمح، وحدج، وشفن

وتوضح، ورنا، واستكف، واستشف، ومثلها فروع أفعال الجلوس والقيام والمشي

والنوم،أوضروب األصوات للحيوان واإلنسان وغير ذلك، وفي المخصص وفقه اللغة ألوف من

هذه األمثلة، وال خالف في أن ذلك من أدلة االرتقاء. ناهيك بالمترادفات في األوصاف، وهي أكثر

من أن تحصى، ولعل العربية أغنى اللغات في األلفاظ المعبرة عن المعاني المجردة وانفعاالت

العواطف، ففيها ألنواع الحب نحو عشر ألفاظ، ومثلها للبغض والحسد والطمع وغيرها.

ومن وسائل دقة التعبير في العربية مزيدات األفعال، فإن صيغ المشاركة تعبر باللفظ

الواحد من معان ال يعبر عنها في اللغات األخرى إال بعدة ألفاظ، كقولنا: تقاتلوا وتقاضوا، وهذه

الصيغة خاصة بالعربية.

اإلعجاز واإليجاز -3

Page 15: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

15 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

لكل قوم إعجاز في لغتهم فيدلون بلفظ قليل على معنى كثير، ولكن العرب أقدر على ذلك

من سواهم؛ ألن لغتهم تساعدهم عليه وقد تعودوه وألفوه، ومنه في القرآن والحديث واألمثال

وكتب الفقه، والشرع واألدب أمثلة كثيرة، ومن هذا القبيل استعمال المجاز والكناية وسائر

أساليب البديع، فإنها في العربية أرقي مما في سواها، ألنها لغة شعرية كثيرة الكنايات

واإلشارات،يسهل فيها التعمية واأللغاز. ولذلك رأيت في أخبار أهل البادية أمثلة كثيرة من هذا

القبيل، تدل على الذكاء وامتالك ناصية اللغة، كقول جاسوس منهم وقع في أيدي األعداء

فحبسوه وألزموه أن يكتب كتابا إلى ملکه يحمله فيه على مداهمتهم، ويوهمه بقلة عددهم

وأسلحتهم غشا وتغريرا، فكتب إلى الملك كتابا قال فيه أما بعد، فقد أحطت علما بالقوم

وأصبحت مستريدا من السعي في تعرف أحوالهم، وإني قد استضافتهم بالنسبة إليكم، وقد كنت

أعهد في أخالق الملك المهلة باألمور والنظر في العافية، فقد تحققت انكم الفئة الغالية باذن

الله. ولقد رأيت من أحوال القوم ما يطيب به قلب الملك، ونصحت فدع ريبك، ودع مهلك

والسالم.

وصل الكتاب إلى العدو فأرسله إلى الملك بعد ما اطلعوا عليه، ففطن الملك لما أراد

الكاتب، وقال لحاشيته: إن الجاسوس وقع في األسر فأصبح مستريحا من السعي، وأنه رآهم

أضعافنا وأننا قليل بالنسبة لهم؛ إذ لمح بآية "كم من فئة قليلة" ولفتني إلى األناة؛ إذا جعلها عادة

لي، وأراد قلب حروف الجملة األخيرة، فتكون: "كلهم عدو كبير عدّ فتحصن".

5-المترادفات واألضداد

في كل لغة مترادفات، أي عدة ألفاظ للمعنى الواحد، ولكن العرب فاقوا في ذلك سائر أمم

األرض. ففي لغتهم للسنة 24 اسما، وللنور ۲۱ اسما، و للظالم ۵۲ اسما، وللشمس ۲۹اسما،

وللسحاب ۵۰، وللمطر 64 ،وللبئر 1۸۸ اسما، وللماء ۱۷۰ اسما، وللبن ۱۳ اسما، وللعسل نحو

ذلك، وللخمر مائة اسم ، ولألسد ۳۵۰ اسما، وللحية مائة اسم، ومثل ذلك للجمل، أما الناقة

فأسمائها 255 اسما، وقس على ذلك أسماء الثور والفرس والحمار وغيرها من الحيوانات التي

كانت مألوفة عند العرب، وأسماء األسلحة كالسيف والرمحوغيرهما. ناهيك بمترادف الصفات،

فعندهم للطويل ۹۱ لفظا، وللقصير 16۰ لفظا، ونحو ذلك للشجاع والكريم والبخيل مما يضيق

المقام عن استيفائه.

وأسباب كثرة المترادفات في العربية متنوعة؛ منها: أن كثيرا من أسماء الحيوانات أصلها

نعوت ثم صارت أسماء، وبعضها مأخوذ عن لغة أخرى، فمن أسماء األسد مثال الحطام،

Page 16: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

16 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

والخطار، واألصيد، والشديد، والراهب، والمرهوب، والمهوب، واألغلب، واألصهب، والمجرب،

والباسل، والمياس، ونحوها، وهي نعوت لطبائع األسد، وظواهره، ومن أسمائه عنبسة، وهو

اسمه بالحبشية، وقد يكون السبب في زيادة المترادفات استعارة اسماء حيوانات أخرى للداللة

على هذا الحيوان يكنون بها عن بعض طبائعه.

ومن خصائص اللغات العربية أسماء األضداد، فإن فيها مئات من األلفاظ يدل كل منها على

معنيين متضادين مثل قولهم: قعد، للقيام والجلوس، ونضح، للعطش والريّ، وذاب، للسيولة

والجمود ، و"أفد" لإلسراع واإلبطاء ، وأقوى، لالفتقار واالستغناء.

Page 17: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

17 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

المعاني الكثيرة للفظ الواحد

ومن خصائصها أيضا داللة اللفظ الواحد على معان كثيرة، فمن ألفاظها نيف ومئتا لفظ

يدل كل منها على ثالثة معان، ونيف ومئة لفظ، يدل الواحد منها على أربعة، ومثلها التي تدلّ على

خمسة معان. وقس على ذلك ما يدل على ستة معان فسبعة فثمانية فتسعة إلى خمسة وعشرين

معنى، كالحميم، ومما تزيد مدلوالته على ذلك "الخال" فإنها تدل على ۲۷معنى وللفظ "العين" 35

معنى وللفظ "العجوز" 60 معنى.

السجع وغيره من أسباب سعة اللغة -6

إن كثرة المترادفات في اللغة العربية، وتعداد المعاني للفظ الواحد جعلتها واسعة التعبير

وسهلت على أصحابها التسجيع، وكان التسجيع شائعا في الجاهلية بلغة الكهان على أساليب

يستقبحها أهل اللغة لغرابة ألفاظها وركاكة تركيبها.

ومن نتائج سعتها اقتدار أصحابها على كتابة المعنى الواحد بعدة تراكيب بين عاطل ومهمل

ومنقط أو مشترك، وقد علمنا أن بعضهم كتب تفسير القرآن بألفاظ ليس فيها حرف منقط،

وهناك تراكيب يشترط فيها إذا قرأ األلثغ ال تظهر لثغته؛ لخلوها من الراء. وقد خطب واصل بن

عطاء خطبة طويلة لم يرد فيها حرف الراء، وكان إذا قال شعرا لم يورد فيه حرف الراء على

اإلطالق، وذلك ال يتيسر في اللغات اإلفرنجية، وقد جرب بعضهم كتابة أسطر باأللمانية بدون

راء، فلم يستطع ذلك إال بشق النفس.

حكاية األصوات -7

ومن خصائص اللغة العربية أن أللفاظها وقعا على األذن، له تأثير موسيقي يختلف شدة

ولطافة باختالف التركيب فيؤثر في النفس تأثيرا خاصا سواء كان نثرا أو نظما. من أمثلة الوقع

الشديد ، وصف األسد ألبي زبيد الظائي بين يدي عثمان بن عفان، فقد قال وهو يصف خروج

األسد عليهم في واد: "فضرب بيديه فأرهج وكسر، فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير

مغلولة ، وفم أشدق كالغار األخوق، ثم تمطى فأسرع بيديه، وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله

منليه، ثم أقعى فاقشعر ثم مثل فاكفهر، ثم تجهم فازبأر فال وذو، بيته في السماء ما اتقيناه اال بأخ

لنا من فزارة . كان ضخم الجزارة فوقصه ثم نقضه نقضة فقضقض متنيه، فجعل يلغ في دمه ،

فذمرت أصحابي فبعد ألي ما استقدموا فهجهجنا به فكر متشعرا كأن به شمما فاختلج رجال

أعجر ذا حوايا فنقضه نقضة تزايلت منها مفاصله، ثم همهم فقرقر ، ثم زفر فبربر ، ثم زأر

Page 18: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

18 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فجرجر ، ثم لحظ، فوالله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه من شماله ويمينه . فأرعشت

االيدي و اصطكت األرجل وأطت األضالع وارتجت االسماع وشخصت العيون وتحققت الظنون

وانخزلت المتون ،،.

فصاح به عثمان "أسكت قطع الله لسانك فقد أرعبت قلوب المسلمين" وحكايات األصوات

موجودة في سائر اللغات.

األمثال -8

األمثال من آداب العرب المهمة، النها تجري على ألسنتهم مجری الشعر، وهي عظات بالغة

من ثمار االختبار الطويل والعقل الراجح، قال أبو عبيد : "االمثال من حكمة العرب في الجاهلية

واإلسالم ، وبها كانت تعارض كالمها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في النطق بكتابة بغير

تصريح، فيجتمع لها بذلك ثالث خالل؛ إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه. والعرب

تضمن أشعارها وأقوالها األمثال والحكم فتزينها كقول أبي ذؤيب من قصيدة:

حديدة حتف ثم أمسي يثيرها فال تك كالثور الذي دفنت له

وبعضهم نظم القصائد كلها من األمثال، كأرجوزة أبي العتاهية التي سماها ذات األمثال.

وال تخلو أمة من األمثال المتوارثة في األعقاب، لكن العرب يمتازون بأعمالهم المبنية على

الحوادث ، الن االمثال عندهم نوعان:

أمثال حكمية كقولهم: الجار قبل الدار ، والحرب خدعة ، والخطأ زاد العجول ، والعتاب -1

قبل العقاب ، و نحوها مما تتناقله الناس في االعقاب و ترويها األمم بعضها عن بعض، وأقدم

مجموع لها أمثال سليمان ، وأكثر االمم أحذت عنها . وهي عند العرب مقتبسة من التوراة

وأمثال الهند والفرس والروم ، فضال عما يروونه عن أسالفهم وحكمائهم كأكثم بن صيفي

وغيره، وينسبون أمثاال كثيرة إلى لقمان ، وهو من قدماء الحكماء ، يشبه شاعرا حكيما بنحو

هذا االسم عند اليونانAlemanمن أهل القرن السابع قبل الميالد وهو من أقدم من نظم الشعر

الغنائي عندهم.

األمثال المبنية على الحوادث وهي خاصة بهم ، الن الحوادث جرت لهم، كقولهم وافق -2

شنّ طبقة ، وقطعت جهيزة قول كل خطيب ، والصيف ضيعت اللبن، وسبق السيف العذل ،

وهم يؤثرون تلك االمثال عن قائليها، وقد يروون عشرات من االمثال قالها الواحد في حادثة

واحدة ،كما رووا في حادثة الزباء وقصير وجذيمة األبرش ، فذكروا أثناء هذه الحادثة عشرات

Page 19: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

19 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

من األقوال ذهبت مثال منها قول قصير: " رأی فاتر وعدو حاضر" ، وقوله : "رأيك في الكنّ ال في

الضح" و "ما ضلّ من تجرى به العصا" وقول الزباء "ألمر ما جدع قصير أنفه " و « بيدي ال بيد

عمرو » ونحو ذلك. وهذه األمثال وأشباهها كثيرة في أقوال الجاهلية.

كتب االمثال -9

و قد عنى العرب بجمع كتب األمثال ، ألنها من جملة ما احتاجوا اليه في تحقيق ألفاظ اللغة

، ذكر ابن النديم أن عبيد بن شربة من أهل اليمن ، ألف كتابا في األمثال في خمسين ورقة

بأواخر القرن األول للهجرة. وهو أول من فعل ذلك ، وقد ضاع هذا الكتاب. و اشتغل كثيرون من

أدباء البصرة والكوفة في إبان التمدن اإلسالمي بجمع أمثال العرب، منهم صحار العبدي كان

معاصر البن شربة، ويونس النحوي المتوفى سنة ۱۸۲هـ، وابو عبدة سنة ۲۱۱هـ، وثعلب سنة

۲۹۱هـ، وأبو عبيد القاسم بن سالم سنة ۲۲۳ هـ، والمفضل الضبي ، وأبو هالل العسكري،

ومحمد بن زياد األعرابي ،ومحمد بن حبيب البغدادی، وحمزة االصفهاني وغيرهم.

وقد شرح هذه الكتب كثيرون وأضافوا إليها من األمثال الحادثة في االسالم . وأهم هذه

الكتب الباقية الى اآلن: كتاب المستقصى للزمخشری (توفي سنة 538 هـ) ، و مجمع األمثال

للميداني (توفي سنة ۱۸ 5 هـ ). وفي مجمع األمثال نخبة ما احتوته كتب المتقدمين ، جمعه مؤلفه

من نحو خمسين كتابا في األمثال ، ورتبه على حروف المعجم بعد أن أضاف اليه أمثال

المولدين، وهو أجمع كتاب في األمثال العرية ، وفيه شروح لطيفة ، وقد طبع مرارا بمصر

والشام وغيرهما. أما المستقصى للزمخشري ، فمنه نسخ خطية في مكتبة ليدن، وفيينا،

والمتحف البريطاني، وكوبرلي باآلستانة ، ودار الكتب المصرية 0

أما كتب االمثال األصلية التي أخذ عنها الميداني ، والزمخشري فالباقي منها قليل، أهمها

كتاب االمثال ألبي عبيد القاسم بن سالم طبع في غوتنجن سنة 1836، وأمثال العرب للضبي،

الذی طبع في اآلستعانة سنة 1307، وأمثال لقمان طبعت مرارا في أوروبا ومصر، منها طبعت في

باريس سنة 1847 مع ترجمة فرنسية. ونجد كثيرا من أمثال العرب في كتب األمالي وكتب اللغة

وكتب األدب ونحوها.

Page 20: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

20 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

Unit-2

الشعر في العصر الجاهلي

ما هو الشعر ؟ -1

الشعر من الفنون الجميلة التي يسميها العرب اآلداب الرفيعة ؛ وهي الحفر والرسم

والموسيقى والشعر ، ومرجعها إلى تصوير جمال الطبيعة فالحفر يصورها بارزة ، والرسم

يصورها مسطحة باألشكال، والخطوط واأللوان ، والشعر يصورها بالخيال ويعبر عن إعجابنا

بها وارتياحنا اليها واأللفاظ. فهو لغة النفس أو هو صور ظاهرة لحقائق غير ظاهرة. والموسيقى

كالشعر هو يعبر عن جمال الطبيعة باأللفاظ والمعاني ، وهي تعبر عنه واألنغام وااللحان ،

وكالهما في األصل شيء واحد.

هذا هو تعريف الشعر في حقيقته ، ولكن علماء العروض من العرب يريدون بالشعر الكالم

المقفي الموزون فيحضرون حدوده بااللفاظ ، وهو تعريف للنظم ال للشعر وبينهما فرق كبير ،

إذ قد يكون الرجل شاعرا وال يحسن النظم وقد يكون ناظما وليس في نظمه شعر ، وان كان

الوزن والقافية يزيدان الشعر طالوة ووقعا في النفس ، فالنظم هو القالب الذي يسبك فيه

الشعر ويجوز سبكه في النثر.

وقد تقدم ابن خلدون خطوة أخرى في تعريف الشعر ، فقال « الشعر هو الكالم المبني على

االستعارة واألوصاف ، المفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي، مستقل كل جزء منها في

غرضه ومقصده عما قبله وبعده ، الجاري على اساليب العرب المخصوصة به » فهو يجعل

التقنية والوزن من شروط الشعر، ويشترط أيضا استقالل كل بيت منها بغرضه, وهو تقييد ال

باعث له، إذ قد نرى في الكالم المنثور معاني تؤثر في نفسك تأثير الشعر ، وذلك كثر في كالمهم

، والحكم فيه للذوق. ومن أصعب األمور أن نعرّف الشعر ونجعل له حدودا جامعة مانعة ، كما

نعرف الصرف أو النحو أو الفلك أو غيرها من العلوم واآلداب، ولكنك إذا قرأت قوال فيه خيال

شعری ، تعرفت الشاعرية فيه وشعرت بلذة ذلك التعرف وطربت له ، وقد يكون ذلك النثر قوال

وانما أطربك ما فيه من أساليب الكتابة أو االستعارة فإذا سبكته في قالب شعری زاد رونقا

وطالوة، فإذا غنيته على توقيع االلحان زدت طربا به . فالوزن يزيد الشعر طالوة من قبيل التوقيع

الموسيقى في األلفاظ والحركات ال من قبيل المعنى.

Page 21: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

21 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فإذا قرأنا لبعضهم نثرا يصف به ذهوله في الحب ، فيقول "إذا جئت دار الحبيب ليال

لحاجة لى التمسها، فال أدخل الدار حتی أنسى ما جئت له" هذا معنی شعری ترتاح إليه النفس ،

لكن ارتياحها يكون اكثر إذا نظم ذلك المعنى شعرا كقول المجنون:

إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا فيا ليل كم من حاجة لي مهمة

ويكون وقعه في النفس أشد إذا غنّى على لحن مطرب.

وعلى ذلك، فيدخل في الشعر كثير من اقوال العرب التي تعدها من قبيل األمثال أو الحكم

المأثورة المبنية على الكناية كقولهم: المرء بأصغريه ال ببرديه، وعاد االمر الى نصابه ، وصاحت

عصافير بطنه ، ونحو ذلك.

فالشعر بالمعنى ال بالوزن والقافية وقد رأينا بعض متقدمی العرب يرون هذا الرأي في

تعريف الشعر، فقد قال بعضهم: "الشعر كالم وأجوده أشعره" ولم يقيده بالوزن والالقافية.

وقال آخر: الشعرشيء تجيش به صدورنا ، فتقذفه على ألسنتنا.

2- أنواع الشعر

العرب يقسمون الشعر إلى الفخر والحماسة والمدح والرثاء والعتاب والغزل والتشبيب

وغيرها من األغراض، وهذه كلها في نظر الشاعر غير العربي نوع من أنواع الشعر يسمونه

الشعر الغنائي أو الموسيقى، ألن مرجعه إلى التأثير على النفس تأثير الموسيقى.

ويقسم الشعر عند االفرنج الى ثالثة أنواع:

1) الشعر القصصي (Epique ) (2) الشعر الغنائي (Lyrique) (3) الشعر التمثيلي

(Dramatique)

الشعر القصصي:

فالشعر القصصي أقدمها، وهو عبارة عن سرد الوقائع أو الحوادث في الشعر موزونا أو

غير موزون على سبيل القصة ، وأكثرها دينية وأبطالها اآللهة، ومعظم حوادثها عنهم وبهم، وإذا

تدبرت الشعر عند سائر األمم وجدته أقدم آدابها، وأقدمه الديني المتعلق بااللهة وأعمالهم كما

في إلياذة هوميروس عند اليونان، ومهابهارته الهند، ومن هذا القبيل بعض االشعار العبرانية

كسفر داود، ونشيد األناشيد، فانها شعر ديني لكنها ليست من النوع القصصي بل من الموسيقى.

Page 22: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

22 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

الن الشعر القصصي نادر في أشعار الساميين على االجمال اال السريان ، فان القديس أفرام نظم

شيئا منه ولعله أقتبسه من اليونان.

أما العرب فيخالفون العبرانيين من حيث الشعر الديني ، ألنه لم يكن عندهم في الجاهلية

كما كان عند العبرانيين، وال يعقل أنهم خالفوا إخوانهم فيه، والبدّ من أنهم نظموا األشعار،

خاطبوا بها هبل والالت والعزى، وغيرها ، واستعطفوها وصلوا لها وتخشعوا أمامها ، ولكن

منظوماتهم في هذا الموضوع ضاعت في تدوينها والشتغالهم عنها بالحماسة والفخر، بسبب

الحروب التي قامت به قبيل االسالم ، فلما جاء االسالم انصرف الرواة عن حفظها، النها وثنية،

واالسالم يمحو ما كان قبله، فاكتفوا بتدوين أشعار الحماسة والفخر، ولكن بقي من األشعار

الدينية أمثلة قليلة جاء ذكرها عرضا في تراجم بعض الشعراء، كأمية بن أبي الصلت وغيره.

الشعر الغنائي

قضى اليونان بضعة قرون وليس عندهم غير الشعر القصصي ، وفيه أخبار آلهتهم وحروبها

وعالقاتها بالبشر، ثم قالوا الشعر الغنائي وقد نضج عندهم نحو القرن السابع قبل الميالد على

أثر الحوادث السياسية، والحروب التي قامت بين األحزاب اليونانية و تغلب فيها الشعب على

االشراف كما تقدم ، فهاج الظفر قرائحهم وأعقب ذلك التنازع بين االسبارطيين والمسينيين

وبين يونان آسيا الصغرى وجيرانهم فذاقوا لذة التغلب ، فجاش في صدور الشعراء إحساس لم

يتعودوه من قبل، كما أصاب العرب الحجازيين على أثر خروجهم من سلطة الحميرين ، ثم بما

قام بينهم من النزاع والحروب في القرون األولى قبل اإلسالم فانها أنطقتهم وحركت نفوسهم

كما سيجيئ.

فأصبح اليونان في القرن السابع قبل الميالد أهل دولة وتمدن ورخاء، فصاروا في حاجة الى

شعراء يحضونهم على الثبات في الحرب أو يمدحون بسالتهم ويطرون أعمالهم ويصفون

حضارتهم، فظهر الشعر الغنائي أو الموسيقى وفيه المدح والهجاء والحماسة والفخر والرثاء،

ووضعوا األوزان الجديدة له ، وطبيعي أن الظفر يبعث على المدح ، والموت يولد الرثاء ، والحب

يستدعي النسيب والغزل، فصار ملوك اليونان وكبراؤهم يقربون الشعراء الغنائيين لسماع

المدح كما فعل العرب في إبان دولتهم . فكثر الشعراء الغنانيون عندهم وأستاذهم بندار ، وشاع

الشعر الغنائي فيهم ، فاشتغلوا به عن الشعر القصصي كأنهم اشتغلوا بإثارة العواطف والحث

على الفضائل عن تقرير الحقائق وسرد الحوادث.

Page 23: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

23 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

الشعر التمثيلي

ثم رأوا الكالم وحده ال يكفي لتحريك العواطف وتمثيل الفضائل ، فعمدوا الى تمثيلها

للعيان بحوادث اخترعوها، يؤدي سردها أو تمثيلها الى مغزى ما يريدون. فبدال من أن يمدح

شاعرهم الشجاعة مثال ويحببها الى االبطال ببالغة البيان الشعري ، عمدوا إلى نظم قصة تظهر

فضل هذه المنقبة يمثلونها على مشهد من الناس لتكون أوقع في النفس وأثبت في الذهن ،

.( Drameالشعر التمثيلى ) وسموا هذا النوع من الشعر

ويراد بالشعر التمثيلي في أصل وضعه تمثيل الوقائع التي ترمى الي الموعظة أو الحكمة

سواء مثلت على المسرح أو لم تمثل ، وفي الشعر القصصي شيء منه، الن الياذة هوميروس ال

تخلو من مشاهد تمثيلية ولكن الشعراء بدأوا في تعلمهم أوال بالشعر الخيالى التصويري المحض

، إذ هاج شاعريتهم التخشع لآللهة وكانوا يغنون لهم ويرقصون في غنائهم على توقيع األلحان ،

فتصوروا الوزن من حركات الرقص ، وذلك أصل النظم عندهم. وكان أول منظوماتهم أقاصيص

اآللهة وأعمالهم ، ثم تدرجوا الى وصف الواقع. فبدأوا بالعواطف يعبرون عنها بالشعر الغنائي.

ثم عمدوا الى تمثيل الفضائل والرذائل على المسارح لالستفادة منها وهو الشعر التمثيلي.

3- هل عند العرب شعر تمثيلي ؟

قد رأيت أن الشعر التمثيلي هو الوجهة العملية من الشعر التي يراد بها تمثيل الفضائل أو

الرذائل للعين. والعرب مثل سائر الساميين أكثر ميال الى الخيال والتصور، فلم يلتفتوا إلى

التمثيل أو على األقل لم نعثر بين ما وصلنا من آدابهم قبل اإلسالم على شيء من الشعر التمثيلي

على سبيل المحاورة أو التمثيل ، كما هو الحال عند اليونان أو من أخذ عنهم. فهل كان عندهم

وفقد؟

إذا أمعنا النظر فيما خلفه العرب من أخبارهم وآدابهم وجدناه ال يخلو من التمثيل بأعم

معانيه، وان لم يكن شعرا مجردا بل هو مزيج من الشعر والنثر، وقد وصل الينا في قالب

القصص والحقائق التاريخية، لكن أكثرها في نظرنا موضوع، أو كان له أصل فوسعوه وطولوه

ونمقوه ليكون عبرة أو قدوة في الموقف المطلوب . وأكثر تلك القصص ترمي الى تمثيل الفضائل

البدوية التي يقدسها العرب ، کالوفاء والضيافة والشجاعة والجوار والعفة والفروسية ونحوها

تمثيال يحببها إلى الناس ويرغبهم فيها ، وجعلوا أبطالها رجاال من مشاهيرهم في تلك المناقب.

Page 24: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

24 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فقصة حاتم الطائي التي ذبح فيها فرسه لضيفه وأبناؤه جياع أقرب الى أن تكون موضوعة

أو مبالغا فيها التحريض على السخاء ، وقصة السموأل التي قتل فيها ابنه ولم يسلم األمانة

المودعة عنده موضوعة ، أو موسع فيها لتمثيل الوفاء ، وأخبار العذريين في العفة أكثرها

موضوع لترغيب الناس في العفة. وقد أجمع الرواة تقريبا على أن أخبار مجنون ليلى موضوعة ،

أو يراد بها تمثيل العفة مع الثبات على الحب، وهي تشبه من هذا القبيل رواية روميو وجولييت

لشكسبير ، وقس على ذلك أكثر ما يروونه من هذا النوع ، مثل حكاية حنظلة والنعمان بن المنذر

، وهم يروونها عن عبيد بن األبرص أيضا، كان المراد المغزى وهو الترغيب في الوفاء، ونسبة

هذه الحوادث الى اشخاص معروفين في التاريخ ال يطعن في أن المراد بها التمثيل، وهذه قصة

عنترة فان صاحبها شاعر شجاع فوسعوا قصته واضافوا اليها ما يرغب في الشجاعة

والفروسية.

أما السريانيون فالتمثيل غير أصلي في آدابهم ، وإنما اتخذوه في جملة آدابهم الدينية من

اليونان. وكانت منظوماتهم في أول أمرها بغير قافية ثم قفوها بعد اإلسالم. فلعلهم اقتبسوا

ذلك من العرب.

والخالصة أن الشعر العربي أكثره من الشعر الغنائي، وهو أرقى في العربية منه في سائر

اللغات ، وليس في الدنيا أمة تضاهي العرب في كثرة الشعر والشعراء.

أقدم منظومات العالم

المشهور أن الياذة هوميروس أقدم ديوان شعری ، ألنه نظم نحو القرن التاسع قبل الميالد

وهو 14000 بيت. ولكن هناك كتابين نظما نحو ذلك الزمن أو قبله؛ أحدهما الفيدا كتاب

البراهمة وهو من قبيل الشعر الموسيقى ، ويقال انه نظم نحو القرن الثاني عشر ق.م، وزبور

داود نظم نحو القرن العاشر، ولعله عاصر صاحب االلياذة. وللمصريين القدماء منظومات ترتقي

الى عهد رمسيس الثاني نحو القرن الرابع عشر قبل الميالد ، ولكن سفر أيوب أقدم من ذلك

ببضعة قرون ، فإذا صح أنه عربي األصل كان أقدم اآلثار الشعرية الباقية الى اآلن عربي االصل.

كيف بدأ العرب ينظمون الشعر ؟ -4

الشعر والغناء:

Page 25: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

25 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

يظهر أن الشعر والغناء من أصل واحد عند جميع األمم، والشعر وضع أوال للتغني به

وإنشاده لآللهة أو الملوك ، ولذلك فاليونان والرومان يقولون: غنى شعرا ، ال« نظم شعرا » أو «

وضع شعرا » والعرب يقولون: أنشد شعرا أو أنشد الشعر الفالني أي غنّاه ، وقضى اليونان أجياال

ال يقولون الشعر إال إنشادا، ولعل العرب كانوا كذلك في أقدم أحوالهم فنبغ منهم جماعة يغنون

شعرهم، كما فعل األعشى قبيل االسالم ، فقد كان ينظم الشعر ويغنيه ، ولذلك سموه صنّاجة

العرب . ومازال ذلك شأنهم بعد اإلسالم ، فان الشاعر إذا جاء الخليفة أو األمير بقصيدة أنشدها

في حضرته وهو نائم ، فإذا لم يكن صوته رخيما أو مسموعا اقتنى غالما رخيم الصوت ينشد

أشعاره ولالنشاد لحن مطرب ، وكان الرشيد يطرب لالنشاد أكثر مما يطرب للغناء. واشتهر بعد

االسالم جماعة من الشعراء المغنين كالدرامي ، وسالمة وإسحق الموصلي وغيرهم .

والغالب أنهم بدأوا أوال بالسجع بال وزن نحو ما وصل الينا من سجع الكهان ، وربما كان

الكهان يفتونه توقيعا على القافية. ومن أمثلة سجعهم قولهم في األنواء: إذا طلع السرطان

استوی الزمان وحضرت األوطان و تهاوت الجيران ، إذا طلع النجم على الثريا فالحر في حدم

والشعب في حلم. إذا طلع الدبران توقدت الحزان وكرهت النيران ويبست الغدران ورمت

بأنفسها حيث شاءت الصبيان. إذا طلعت الهقعة تقوض الناس للقلعة، ورجعوا عن النجعة

وأردفتها الهنعة. إذا طلعت الجوزاء توقدت المعزاء وكنست الغلباء وعرقت العلباء وطاب الخباء

، إذا طلعت الذراع حسرت الشمس القناع، واشتعلت في األفق الشماع وترقرق السراب بكل قاع

» وهي طويلة.

هذا هو السجع بقافية بال وزن وكان العرب يتساجعون ای يتذاكرون بالسجع ، ولعلهم

وضعوا السجع أوال لتقييد علومهم أو مايريدون حفله كما في المثل المتقدم ذكره.

أما النظم أي القياس بالمقاطع وهو الوزن ، فأبسطه الرجز وهو أقدم أوزان الشعر، كلّ

بيت منه ينفرد بقافية خاصة ، وهو كالسجع لكنه موزون ، والرجز قديم عندهم ، يزعم العرب

أن أول من قاله مضر بن نزار ، إذ سقط عن جمل فانكسرت يده فحملوه وهو يقول "وابداه

وايداه" وكان من أحسن خلق الله صوتا فأصغت اإلبل اليه وجدت في السير، فجعلت العرب

مثاال لقوله « هايدا هايدا » يحدون بها اإلبل. وقال آخرون أن األصل في وضع الشعر الغناء. قالوا

« و كان الكالم كلّه منثورا ، فاحتاجت العرب الى الغناء بمكارم أخالقها وطيب أعراقها وذكر

أیامها الصالحة وأوطانها النازحة وفرسانها األمجاد وسمحائها األجواد لتهز نفوسها الى الكرم،

Page 26: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

26 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وتدل أبناءها على حسن الشيم ، فتوهموا أعاريض جعلوها موازين للكالم ، فلما تم لهم وزنه

سمّوه شعرا، النهم شعروا به أي فطنوا له.

5- أصل وزن الشعر

والغالب في اعتقادنا أن الوزن مأخوذ في األصل من توقيع سير الجمال في الصحراء،

وتقطيعه يوافق وقع خطاها ، ويؤيد ذلك أن الرجز أول ما استعمله العرب لسوق الجمال وهو

الحداء في اصطالحهم ، وكأنه وضع لهذا الغرض، الن العربي يقضي أكثر أوقاته في معاشرة

جمله أو ناقته. وعندهم ضربان من الرجوز : المشطور ، والمنهوك ، والشطور هذا وزنه:

إن لها لنبأ عجيبــــــــــــــــــــا دع المطايا تنسب الجنوبا

يشهد أن قد فارقت حبيبا حنينها وما اشتكت لغوبا

يسر مما أعلنت نصيـــــــــبا ما حملت إال فتى كئيبا

إذا آلثرنا بهن النـــــــــــــــيبا لو ترك الشوق لنا قلوبا

إن الغريب يسعد الغريبا

وهو يشبه بتوقيعه على مقاطعه مشي الجمال الهوينا. ولو ركبت ناقة ومشت بك الهوينا،

لرأيت مشيتها يشبه وزن هذا الشعر تماما، فكان العرب يحدونها به إذا أرادوا سيرها وئيدا،

وربما كان شاعرهم عاشقا فيتذكر حبيبته وهويسوق ناقته، فيحدوها بأبيات على وزن الرجز.

كذلك فعل جميل بثينة وكان في سفر إلى الحج مع مروان بن الحكم، فطلب إليه مروان أن يسوق

الجمال أي يحدوها فقال:

وهوّني األمر فزوري واعجلي يا بثن حيّي أو عدينا أوصِلي

إني آلتي ما أبأت مقتلي بثين أيا ما أردتِ فافعلي

فلم يقبل مروان أن يتغزل بالحدو ، وإنما يطلب الخلفاء واألمراء إذا ركبوا اإلبل أن يحدوها

الحادي برجز في مدحهم. خرج عبد الملك يوما رائحا على نجيب ومعه حاد يحدوه بقوله:

عليك سهل األرض في مشاكا يا أيها البَكر الذي أراكا

إنّ ابن مروان على ذراكا ويحك هل تعلم من عالكا

لم يعل بَكرا مثلما عالكا خليفة الله الذي امتطاكا

أما إذا أراد الحادي أن تسرع الجمال في السير ، حدا لها بالرجز المنهوك وهذا وزنه:

Page 27: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

27 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

حكمته لو عدال أعطيته ما سأال

ال ملّ ذاك الشعال قلبي به في شغل

قيّد راع جمال قيّده الحب كما

واعتبر ذلك في بحر الخبب من الشعر، فإنه يوافق في توقيعه خبب الفرس أي ركضه وهذا

وزنه:

فشجاك وأخزنك الطلل. أبكيت على طلل طربا

أوزان الشعر:

ثم وضعوا األوزان والبحور حسب االقتضاء كل منها لحال من األحوال. بعضها يوافق

الشعر الحماسي، والبعض اآلخر يوافق الرثاء او الغزل ، فالبحر الطويل يوافق نظم الشعر

الحماسي و يوافق الوافر الفخر ، والرمل الحزن والفرح ويالئم السريع العواطف وقس على

ذلك.

فالرجز أقدم أبحر الشعر ، وكان الشاعر يقول منه البيتين والثالثة ونحو ذلك إذا حارب أو

فاخر ثم صاروا يطيلون النظم فيه. ويقال إن أول من أطاله االغلب العجلى على عهد النبي، ثم

رؤبة بن العجاج ، وتفننوافي بحر الرجز فتعددت أوزانه، واخترعوا أبحرا غيرها وصاروا

ينظمون األراجيز الطوال ويريدون بها مازادت أبياتها على عشرة.

أما غير الرجز من أبحر الشعر، فكانوا أوال ينظمون منه المقاطع القصيرة عند الحاجة حتى

إذا تحركت نفوس العرب بالحروب بعد استقاللها من اليمن كما سيجيء. وظهر فيها األبطال

والفرسان ، احتاجوا الى الشعر فأطالوا فيه، فظهرت القصائد. وأول من أطالها المهلهل أخو

كليب. وأول قصيدة قالها في قتل أخيه المذكور فهو لم يفعل ذلك إال بعد أن حركه طلب الثأر،

وهو أول شاعر بلغت قصائده ثالثين بيتا من الشعر ، واقتدى به سواه ، ثم كان للنظم تاريخ بعد

االسالم.

األلحان:

ولما وضعوا األوزان صار للغناء عندهم ألحان معينة، فجعلوا لكل غناء أو لحن وزنا

مخصوصا فصار عندهم للرثاء وزن وللحماسة آخر. فالنصب غناء الركبان والفتيان ويقال له

الجنابي ، اشتقه رجل من كلب يقال له جناب ، وهو يخرج من أصل الطويل في العروض. والسناد

Page 28: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

28 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

هو الغناء ذو الترجيع الكثير النغمات، والهزج هو الغناء الخفيف الذي يرقصون عليه فيطرب

ويستخف الحليم وظلوا بعد االسالم يختصون كل لحن بوزن.

شاعرية العرب -6

ما قدمنا كان بداية النظم عند العرب على ما نظن. وكان ذلك طبعا في زمن بعيد ال يدرك

أوله التاريخ ، ومهما يكن من سبب النظم، فان العرب، أقوى األمم شاعرية وأندرهم على النظم

في الشعر الغنائي بال خوف. يدلك على ذلك عدد شعرائهم وضروب شعرهم في قرن واحد

وبعض القرن، قبيل الهجرة، ولذلك أسباب طبيعية أهمها:

أوال؛ ان العربي بفطرته ذو نفس حاسة وشعور راق وأريحية وانفة، سريع الطرب ، سريع

الغضب ، فيه بديهة وارتجال ، ومن كان هذا شأنه ال يلبث حين يجيش صدره بمعنى ، أن يلفظه

لسانه ولذلك كان اکثر شعرهم غنائيا أو موسيقيا ، يعبرون به عن إحساسهم ويصورون به

شعورهم. وهو يصدر عن أحد أربعة فواعل؛ الرغبة ، والرهبة ، والطرب ، والغلب.

ثانيا: أن لغتهم شعرية لما فيها من أساليب الكناية و االستعارة ودقة التعبير وكثرة

المترادفات مما يسهل وجود القافية، فالعربي من أنطق األمم، ولغته أوسع اللغات، ولفظها أدل

من سائر األلفاظ ، وفيها األمثال والحكم. وللغة شأن كبير في تسهيل النظم حتى على أبناء البلد

الواحد والنسب الواحد. فالعرب مع اشتراكهم في الطبائع والحس ودقة الشعور والشاعرية،

يالحظ أن الذين كانوا منهم يتكلمون غير لسان مضر (المبين) لم ينظموا الشعر، فان هذا

اللسان ويقال له لسان معدّ كان شائعا في معظم الجزيرة العربي إال اليمن ومهرة وعمان. وقد

انتشرت الشاعرية بیں المتكلمين بهذا اللسان في الحجاز ونجد وان لم يكونوا عربا ، حتى اليهود

والعبيد من الزنج والنوبة. واعتبر ذلك بعد اإلسالم بانتشار اللغة العربية في األقطار ، فقد نبغ

فيها شعراء أصلهم من الروم والفرس والترك والبربر وغيرهم ، وذلك من تأثير اللسان.

ثالثا: صفاء جوّهم وتفرغهم للتأمل في الطبيعة ، فان أهل الجو الصافي تكون إذهانهم

صافية، وخصوصا إذا كانوا أهل خيال و تصور مثل العرب ، فيزيدهم الصفاء شاعرية، وال

سيما إذا كانوا متفرغين للنظر في الوجود ومراقبة أحوال الطبيعة ، كما كان العرب في بداوتهم

، غير ما بعثهم على قول الشعر من المنافسات والحروب في أيامهم وغيرها. كما سنفصله فيما

يلي.

Page 29: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

29 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

--------------

نهضة الشعر في الجاهلية

أسباب النهضة -1

قضى العرب أجياال ال يعرف مقدارها اال الله وهم يقولون الشعر عند الحاجة مما لم يصل

الينا خبره، وانما وصل الينا بعض ما نظموه في النهضة األخيرة قبل االسالم. والنهضة في الشعر

أو األدب أو العلم تحدث على أثر انقالب سیاسی من فتح أو حرب أو نصر ، أو تغيير اجتماعي على

أثر نكبة أو نازلة أو كل ما يثير العواطف. وهي قاعدة تشمل طبائع البشر في كل زمان و مكان ۰۰

فالهنود القدماء لم ينظموا أناشيدهم السنسكريتية إال بعد ما القوه من الحروب والتنازع في

أثناء نزولهم الهند قبل الميالد بأجيال ، واليونان ما زالوا على الشعر القصصي وشعراؤهم

قليلون ، حتى قامت الفتن بينهم وتحاربوا ، ثم حاربوا الفرس وغيرهم فنبغ فيهم الشعراء

الغنائيون ، وظل الرومان بعد تأسيس دولتهم نحو 240 سنة في جمود أدبي لم يظهر فيهم شاعر،

حتى كانت الحروب مع القرطاجنيين فتفتقت قرائحهم وظهر فيهم الشعر ، وقضت أمم أوربا

أجياال في القرون الوسطى وقرائحهم خامدة ، فلما خرجوا للحرب الصليبية وقاسوا ما قاسوه

فيها ظهرت مواهبهم في الشعر ، ونبغ فيهم شكسبير ودانتي وغيرهما. وترى أشعار األمة في

نهضتها صورة من صور أحوالها على أثر ذلك االنقالب ۰۰ فإن كانت هي الظافرة فيه ، كثر

شعرها الحماسي والفخري ، واذا كانت المغلوبة كان شعرها اكثره في الرثاء كما فعل اليهود

بعد أسرهم في بابل بمراثي أرمياء وغيره. والشعر يوجبه الحب والحرب والموت.

2- استقالل عرب الحجاز عن اليمن

والعرب شأنهم في نهضتهم الشعرية قبل االسالم مثل شئون سائر األمم . ونريد بالعرب هنا

بدو الحجاز ونجد وما جاورهما ، فكانوا قبل هذه النهضة ينظمون على قلة، وال نظنهم كانوا

يجيدون النظم ، وهم تحت سيطرة الحميريين ملوك اليمن يخدمونهم في نقل تجارتهم ، وكانت

دولة اليمن تستأجرهم في حروبها كما يفعل أهل المدن اليوم بأهل البادية وكانوا يؤدون لها

اإلتاوة و الخراج ، وقد رسخ في اعتقادهم عظمة تلك الدولة لما فيها من أسباب الحضارة ،

فأصبحوا بتوالى األجيال يعدون اإلذعان لها فرضا. فلما رأوا ما أصابها في حروبها مع الحبشة في

أواسط القرن الرابع للميالد ، إذ فتحها االحباش بمساعدة قيصر الروم سنة 245م، تبين لهم

Page 30: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

30 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

عجزها عن حفظ سيادتها وذهبت هيبتها من قلوبهم فأخذوا يفكرون في الخروج من سيطرتها و

االمساك عن دفع اإلتاوة وأحسوا بالحاجة إلى االتحاد.

وأول من كسر هذا القيد من قبائل العرب قبيلة ربيعة ، على يد فارسها كليب الشجاع

المشهور ، و كان معاصرا لزهير بن جناب الذي واله صاحب اليمن على بكر و تغلب أكبر قبائل

ربيعة. و كان زهير يتقاضي االتاوة أو الخراج منهم في مقابل النجعة والكإل والمرعى ، وكان

يخرج في حاشيته لجمع االتاوة فأصابهم في أثناء أمارته ضيق وأمحلت أرضهم فتأخروا عن الدفع

، فجاءهم زهير وألح في مطالبتهم فشكوا عجزهم وأبانوا عذرهم، فلم يصغ لشكواهم ،

ومنعهم النجعة والمرعى أو يؤدوا ما عليهم ، فصبروا حتى كادت مواشيهم تهلك. و كانت هيبة

الدولة قد ذهبت من نفوسهم ، فلما أصابهم ذلك الظلم شنوا عصا الطاعة ونقموا على زهير

ورجاله فدسوا رجال منهم اسمه زيابة من بني تيم الله، وكان فاتكا ، وأوعزوا اليه أن يقتل زهيرا

غدرا ولم يقدموا على مناوأته جهارا، لئال يستنجد بجنده ۰۰ فأتاه زيابة وهو نائم وطعنه ورجع

إلى قومه وأخبرهم أنه قتله ، والحقيقة أن السيف مرّ بجانب البطن ولم يصب من زهير مقتال،

وعلى هذا أنه سالم ، فلم يتحرك لئال يجهز عليه . فلما انصرف زبابة أوعز زهير لمن معه أن

يظهروا موته ويستأذنوا بكرا و تغلب في دفنه، فلما أذنوا دفنوا ثيابا ملفوفة وفروا به مجدين إلى

قومهم ۰۰ وجمع زهير الجموع، وفي ذلك يقول ابن زيابة:

طعنة ما طعنت في غلس الليـــــ ل زهيرا وقد توالى الخصوم

أين بكر وأين منها الحلوم حين تحمى له المواسم كره

وهو سيف مضلل مشؤوم خانني السيف إذ طعنت زهيرة

وجمع زهير من قدر عليه من أهل اليمن وغزا بكرا وتغلب وقاتلهم قتاال شديدا انهزمت فيه

بكر ، وقاتلت تغلب بعدها ، ثم انهزمت فيه بكر، وقاتلت تغلب بعدها، ثم انهزمت وأسر كليب

ومهلهل ابنا ربيعة وأخذت األموال وكثرت القتلى في بني تغلب ، وأسر جماعة من وجوههم

وفرسانهم ۰۰

فعظم ذلك على قبائل ربيعة و تجمهروا وولوا عليهم ربيعة والد كليب ومهلهل وخرجوا على

زهير وأنقذوا األسيرين منه ودارت األيام وعاد زهير إلى سطوته، فوضع اإلتاوة والخراج على بني

معدّ جميعا.

وفي أواخر القرن الخامس توفي ربيعة أمير تغلب، فخلفه ابنه كليب وفي نفسه على اليمن

ضغائن لما قاساه في أسرهم. فجمع معدا تحت لوائه أي ربيعة وقضاعة ومضر وإياد ونزار

وحاربوا اليمن في معركة عرفت بيوم خزاز، فهزموهم واستقلوا عن سيطرتهم، ولم يدفعوا

Page 31: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

31 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

إليهم إتاوة أو خراجا من ذلك الحين. ونظرت معد إلى كليب نطرها إلى منقذ عظيم، فولوه الملك

عليهم وجعلوا له قسم الملك وتاجه وطاعته. وكان ذلك آخر عهدهم بسلطان اليمن.

حروبهم فيما بينهم -3

واستقالل عرب الحجاز ونجد من سيطرة اليمن انقالب سياسي ، هاج شاعريتهم وأيقظ ما

فطروا عليه من عزة النفس وإباء الضيم ، فأخذوا يختلفون فيما بينهم ، ألن سيطرة اليمن كانت

قد جمعتهم قيودها ، فلما أطلق سراحهم تنازعوا ، فجرت بينهم حروب، تعرف بأيام العرب، قد

فصلناها في كتابنا "العرب قبل االسالم" ، واكثرها حدة وأطولها مدة الوقائع بين بكر و تغلب ،

وكالهما من ربيعة وهي حرب البسوس بین مهلهل وجساس ،دام النزاع فيها أربعين سنة ، مات

في أثنائها الشيوخ وشاخ الشبان وشب الولدان ، وفي أثنائها نبغ مهلهل أخو كليب وشهد تلك

الحروب ، وكان شاعرا مطبوعا فتوسط في المصالحة بين القبيلتين وله شأن في تاريخ الشعر.

ناهيك بالحروب التي جرت بين قبائل مضر ، أشهرها أيام داحس والغبراء وغيرها.

4-نهضة قريش

وقد أنهض قريشا على الخصوص وأثار شاعريتهم وشحذ قرائحهم حروبهم مع األحباش في

عام الفيل في أواسط القرن األول قبل الهجرة، فان األحباش لما فتحوا اليمن حملوا على مكة

لالستيالء على الكعبة وكانت سدانتها يومئذ إلى عبد المطلب جد الرسول ، فجاء االحباش

بأفيالهم ورجالهم وعدتهم ، وأهل مكة لم يتعودوا شيئا من ذلك، لما للكعبة من المنزلة الرفيعة

في أنفس القبائل وغيرهم ، فلمّا رأوا االحباش قادمين شعروا بما يهددهم من الخطر وأحسوا

بافتقارهم الى االتحاد لدفع األجانب ، فدفعوا األحباش وقد تنبهت أذهانهم وأخذت مواهبهم في

الظهور ، ومما يدل على شدة تأثير ذلك الهجوم في نفوسهم أنهم جعلوا يؤرخون به وهو عام

الفيل.

وبعد عام الفيل حدثت حرب الفجار بين قريش و كنانة وقيس ، وكان لها تأثير كبير في

نفوس القرشيين فساعدهم على تلك النهضة.

فهذه الحروب والفتن أظهرت مواهب الرجال، فتولدت طبقة من الحكماء وأخرى و

األسخياء، وأحرى من الفرسان والشجعان، وأيقطت الشاعرية الحماسية والفخرية. فنبغ منهم

الشعراء على اختالف القبائل والبطون لمدح الظافرين أو وصف بسالتهم أو التفاخر بالقبائل.

ورافق ذلك تحاك القبائل وتقاربها أو تباعدها، وتنبهت عاطفة الحب فظهر العشاق من الشعراء.

Page 32: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

32 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ولذلك كانت منظومات هذه النهضة أكثرها في الفخر والحماسة على أثر واقعة من تلك الوقائع،

أو في وصف شوق أو حكمة أو موعظة أو مدح ظافر أو كريم كما ستراه في مكانه.

5-أقدم الشعراء

كل ما وصل إلينا من منظومات شعراء الجاهلية نظم بعد استقالل الحجازيين من سيطرة

اليمن، وما وصل إلينا من الشعر قبل ذلك قليل وهو لغير الحجازيين. وأقدم من وصلنا خبرهم

من الشعراء أبو دؤاد كان على خيل النعما، ولقيط شاعر جاهلي قديم، وعلس بن جدن من

حمير ، وخذيمة ابن نهد وزهير بن جناب الكلبي من قضاعة، وقد ظهرت قضاعة قبل سائر

قبائل عدنان، ويقال أيضا أن حزين بن لوزان والربيع بن زياد وذا اإلصبع العدواني من أقدم

الشعراء ، ويقولون أن أول من قال الشعر في نزار، وهي تشمل مضر وقضاعة – عمرو بن

قميئة من ربيعة.

وللعلماء في أقدم الشعر العربي أقوال ال فائدة من إيرادها، ألن أكثرها مبني على الوهم

وال سيما فيما يروونه لآلباء األولين من الشعر . حتى روى بعضهم أشعارا نسبها إلى آدم، وأرفق

منه حاال من روي للتبابعة. ويطعن في صحتها أن لغة التبابعة حميرية تختلف عن لغتنا كثيرا.

وقد يرد على ذلك بأن الحميري قد يعرف العربية وينظم فيها، لكن الغالب أنهم لم يفعلوا.

6-تنقل الشعر في األقاليم

من القواعد الثابتة في علم الطبيعة أن لإلقليم تأثيرا في أخالق الناس وأبدانهم، فيختلفون

صحة ونشاطا وبديهة وذكاء باختالف االقليم، ويقال على اإلجمال أن أهل البادية أصفى ذهنا

من سكان المدن، وأهل البالد الباردة أسرع حركة ونشاطا من أهل البالد الحارة. وفي البلد

الواحد يفضل أهل الجبال على أهل السهول نشاطا وصفاء ذهن.

شعراء نجد

وعلى هذا القياس، فإن سكان نجد أقوى بنية وأصفى ذهنا من سائر سكان جزيرة العرب ،

ألنها بالد جبلية هواؤها نشيط ونسيمها عليل ، وقد تغزل بها العرب، فقال قيس بن الملوح:

فما بعد العشية من عرار تمتع من شميم عرار نجد

وقال آخر:

سقى الله نجدا والسالم على نجد ويا حبذا نجدٌ على القرب والبعد

Page 33: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

33 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وفيها األرض التي حماها كليب وائل ، وأفضى ذلك إلى قتله ونشوب حرب البسوس وفيها

جبل عكادالتي لم تثبت العربية الفصيحة بعد تمادي اآلجال إال بين أهله، وعندهم أن أفصح

العرب أهل السروات ، وهي ثالثة جبال مطلة على تهامة ، وأهل نجد أقوي شاعرية من غيرهم

من بالد العرب.

وبناء على اختالف األمزجة باختالف األقاليم ، امتاز أهل كل اقليم من بالد العرب بباب من

أبواب الشعر، فاشتهر أهل الحجاز بالرقة، وأكثر شعرهم الغزل، كما اشتهر أهل نجد بالبالغة

، وقد ذهبوا في الشعر كل مذهب ، واذا أحصيت شعراء الجاهلية الذين بلغنا خبره بالنظر إلى

المواطن، رأيت نحو خمسهم من نجد ، والخمس الثالث من الحجاز والرابع من اليمن والباقي من

العراق، وفئة قليلة من البحرين واليمامة وتهامة.

تنقل الشعر في القبائل -7

ربيعة: أما من حيث القبائل فقد علمت مما تقدم أن ربيعة أول من نهض لالستقالأل وهم أول

من نبغ في الشعر ، وأهم قبائلهم وبطونهم بكر و تغلب وعبد القيس والنمر بن قاسط ويشكر

وعجل وضبيعة وشيبان وذهل وسدوس . وكانوا يقيمون قديما في اليمن ثم في نجد، ثم نزحت

بكر وتغلب وغيرهما نحو العراق فأقاموا في باديتها وفيما بين النهرين ، ونبغ منهم وهم في نجد،

المهلهل بن ربيعة.

ومن شعراء ربيعة المرقش األكبر وابن أخيه المرقش األصغر، واالكبر شاعر قديم يقال

انه من ربيعة قبل خروجها من اليمن ، والمرقش األصغر عم طرفة بن العبد ، ومنهم سعد بن

مالك وطرفة وعمرو بن قميئة المتقدم أنه أقدم من قال الشعر من نزار ، والحارث بن حلزة

،والمتلمس خال طرفة واالعشى والمسيب بن علس وغيرهم من فحول شعراء الجاهلية. ولما

انتقلت ربيعة الى العراق زادتها مناظر ذلك الوادی سعة في الخيال.

قيس: وتحول الشعر بعد ربيعة إلى قيس عيالن وكالهما من مضر، وقيس قبيلة كبيرة من

بطونها عبس وذبيان و غطفان وعدوان و هوازن وسليم وثقيف وعامر بن صعصعة ونمير

وجعدة وقشير وعقيل. وتقيم هذه البطون أو القبائل في نجد، وأعالى الحجاز. وقد نبغ منهم

جماعة من فحول الشعراء، فمنهم النابغتان وزهير بن أبي سلمى وكعب ابنه و لبيد والحطيئة

والشماخ و خداش بن زهير وغيرهم. وعندهم أن أشعر قيس الملقبون من بنی عامر

والمنسوبون الى أمهاتهم من غطفان.

Page 34: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

34 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

تميم : ثم ظهر الشعر في تميم وهي قبيلة كبيرة من مضر أشهر بطونها وقبائلها مازن ومالك

وسعد ودارم و يربوع و كعب ومجاشع وزرارة، وكانت تمیم قدیما تقيم في تهامة ، ثم نزحت في

أواسط القرن الثاني قبل الهجرة نحو العراق واستقرت في باديته وما يليها جنوبا ، ومن شعر ائها

المشاهير أوس بن حجر شاعر مضر في الجاهلية لم يتقدمه أحد حتى نشأ النابغة وزهير

فأخماله وكالهما من قيس.

وظهر الشعر بعد ذلك في بطون مدركة من مضر ، وهي هذيل وقريش وأسد وكنانة والدئل

وغيرهم.

كلّ هؤالء من أهل البادية، أما المدن فإنها قليلة في جزيرة العرب، وأهمها مكة والمدينة

والطائف ، وقلما نبغ منها شعراء فحول ، وأشعر أهل المدن في الجاهلية على االجمال حسان بن

ثابت.

عدد الشعراء بالنظر الى القبائل -8

واذا اعتبرت عدد شعراء الجاهلية بالنظر إلى القبائل ، كانت قيس أكثرها شعراء ، تليها

اليمن فربيعة فمضر فقر یش فقضاعة فإياد ، وعدد الشعراء في الجاهلية ال يمكن حصره

ألسباب سيأتي بيانها، ولكن الذين وصلتنا أخبارهم وأمثلة من أشعارهم يبلغون نحو 125 شاعرا

، يقسمون على هذه الصورة بالنظر إلى القبائل:

عدد اسم القبيلة عدد الشعراء اسم القبيلة

الشعراء

10 قريش 30 قيس

4 قضاعة 23 اليمن ( القحطانية)

2 إياد 21 ربيعة

موال غير العرب 16 مضر

1

------ 12 تميم

كثرة الشعر وتعدد الشعراء: -9

Page 35: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

35 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

رأيت فيما تقدم استعداد العرب الفطري واقتدارهم على النظم ، ألن لغتهم شعرية

بألفاظها وأساليبها ومعانيها . فال عجب اذا تعدّد شعراؤها و كثرت أشعارهم ، وان عسر علينا

تقدير ذلك بالضبط، لضياع أكثر ما خلفوه وذهاب أكثر الشعراء ،لعدم تدوين ذلك في الجاهلية

، واشتغال العرب عنه بالفتوح في صدر اإلسالم ، على أننا نكتفي باالستدالل على كثرة ذلك بما

وصل الينا من أخبارهم ،ويؤخذ منها أن عرب الجاهلية نظموا في نهضتهم األخيرة قبيل االسالم

ما لم يجتمع عند سواهم في األمم في عدة قرون ، وخصوصا في العصر الجاهلي ، فالياذة

هوميروس وأودسته هما معظم شعر جاهلية اليونان ، وال يزيد عدد أبياتهما على ألف بيت ،

وكذلك مهابهاراتة الهنود ۲۰ ألف بيت ، ورامايانتهم 48 ألف بيت . وأما العرب فيؤخذ مما بلغنا

من أخبارهم عما نظموه في نهضتهم األخيرة قبل االسالم انه يربو على أضعاف ذلك ، وهم

يعدون منظوماتهم بالقصائد،ال باألبيات ، وقد ذكروا أن أبا تمام صاحب كتاب الحماسة كان

يحمل من أشعار العرب الجاهلية 14 ألف أرجوزة غير القصائد والمقاطيع ، وكان حماد الراوية

يحفظ ۲۷ ألف قصيدة ، على كل حرف من حروف الهجاء ألف قصيدة . وكان األصمعي يحفظه

16 ألف أرجوزة. وكان أبو ضمضم يروى أشعار لمائة شاعر كل منهم اسمه عمرو، ومع ما يظن

في ذلك من المبالغة ، فانه يدلّ على كثرة ما نظمه العرب من المنظومات . وخصوصا اذا اعتبرنا

أن ما وصل الى رواة الشعر في االسالم انما هو بعض األشعار الجاهلية ، ألن كثيرين من رواة

الشعر الجاهلي قتلوا في الفتوح االسالمية ... فضاع ماكان في محفوظهم من االشعار ، قال أبو

عمرو بن العالء : و ما انتهى اليكم مما قالت العرب اال أقله ، ولو جاءكم وافرا لجاء كم علم وشعر

كثير .

وزد على ذلك أن العرب نظموا الشعر الكثير وأبدعوا فيه ، وهم يكادون يكونون فوضى ال

دولة لهم وال جامعة وال دين وال شيء مما حمل اليونان أو الهنود أو غيرهم على النظم ، وانما

اندفعوا اليه بفطرتهم . ولوال ذلك لتأخروا في النظم حتى قامت دولتهم ونضجت قرائحهم، كما

حدث للرومانيين ... فان الشعر لم ينظم بلسانهم إال بعد تأسيس دولتهم ببضعة قرون. ولم يبلغ

الشعر الالتيني عصره الذهبي إال في أيام أوغسطس وطيباريوس نحو القرن الثامن من تأسيس

رومية ( القرن األول للميالد ) ثم أخذ في التقهقر، ويقال نحو ذلك في دول أوربا الحالية ، فان

الشعر لم ينضج عندهم اال بعد نشوء دولهم وتقدمهم في العلم واألدب.

Page 36: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

36 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

واذا تدبرت أولئك الجاهليين ، رأيت الشعر داخال في كل عمل من أعمالهم موافقا لكل

حركة من حركاتهم، حتى يخيل لك أنهم كانوا ال ينطقون إال بالشعر ، و كان كل واحد منهم

شاعرا أو يقول الشعر ولو قليال ، حتى الملوك واألمراء والفرسان والرجال والنساء والوجهاء

والحكماء والصعاليك والعبيد واللصوص والمجانين من النصارى واليهود والوثنيين . وقد

تسلسلت القريحة الشعرية في كثير من بيوتهم بالتوارث عدة أجيال .. فالنعمان بن بشير

األنصاري من العريقين في الشعر خلفا عن سلف ، جده شاعر وأبوه وعمه شاعران وهو شاعر

وأوالده شعراء ، وكذلك كعب بن مالك من شعراء الصحابة كان أبوه شاعرا وعمه قيس شاعرا

وأبناء كعبا واحفاده كلهم شعراء. وهكذا الكميت بن معروف وعبد يغوث بن صالءة ، وعندهم

من بيوتات الشعر في الجاهلية عدد كبير ، منهم بيت أبي سلمى فقد كان أبو سلمى شاعرا وابنه

زهير المشهور شاعر، وله خؤولة في الشعر ، خاله بشامة ابن الغدير شاعر ، وكان ابناه كعب بن

زهير وبجير شاعرين، وجماعة من أبنائهما شعراء. وحسان بن ثابت تسلسل الشعر في أبنائه

بضعة أجيال . وقس على ذلك شعراء العرب بعد اإلسالم، فمن بيوتاتهم بيت جرير ؛ فكان هو

وأبوه وجده شعراء ، وكذلك بنوه وأحفاده . و منهم بيت رؤبة بن العجاج وبيت أبي حفصة وبيت

أبي عيينة وغيرهم.

على أن ما بلغنا من أسماء الشعراء هو القليل. إذ لم ينقل الرواة من أخبار شعراء العشائر

اال االشهر، فضال عما ضاع خبره . أما الشعراء المعروفون بالشعر عند عشائرهم وقبائلهم

فأكثر من أن يحيط بهم الحصر، او يقف من وراء عددهم واقف ، ولو قضى عمره في التنقيب

عنهم واستفرغ مجهوده في البحث والسؤال ، وحسبك أنه لم يستطع أحد من رواة الشعر أن

يستو في جمع أشعار قبيلة واحدة.

ثم ان الشعراء الذين وصلت الينا أخبارهم على قلتهم ، لم يصلنا من أشعارهم اال بعضها ،

وضاع سائرها في أثناء الفتوح اإلسالمية الشتغال الناس باالسالم والحرب، عن رواية الشعر،

وذهاب أكثر الرواة والحفاظ في الجهاد ، فلما عادوا بعد الفتوح الى االشتغال باألدب، وأخذوا

في مجمع الشعر ،لم يجدوا منه اال القليل. ويؤيد ذلك أنك تسمع بالشاعر الفحل من شعرائهم

وما له من الشهرة ، ثم ال تجد له من المنظوم ما يالئم تلك الشهرة .. فطرفة بن العبد وعبيد بن

األبرص مع ما لهما من الشهرة الواسعة في الشعر ، ال نجد فما رواه الرواة من أشعارهما ما

يوازي تلك المنزلة.

Page 37: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

37 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

10- طبقات الشعراء في الجاهلية :

و مع ما قدمناه من ضياع أكثر أخبار الشعراء الجاهليين ومعظم أشعارهم ، فإن الذين

عرفناهم يزيدون على مائة شاعر ، نبغوا في القرنين األولين قبل الهجرة أو في الخامس

والسادس للميالد. وأكثرهم من أهل القرن السادس .. وبعضهم عاش أعواما بعد اإلسالم وهم

المخضرمون . وقد تقدم احصاؤهم اإلجمالي بالنظر إلى مواطنهم وقبائلهم ، وبقي أن ننظر فيهم

باعتبار طبقاتهم وباعتبار مناحيهم وأغراضهم وأخالقهم ومراتبهم.

أما تقسيمهم الى طبقات فمن أصعب األمور ، وقد حاول ذلك غير واحد من أدباء المسلمين

في إبان التمدن اإلسالمي و تفاوتوا في تعيين الطبقات .. فاعتبرها بعضهم بالنظر إلى اإلجادة،

فقالوا : الشعراء أربع طبقات

(۱) شاعر خنذيذ، وهو الذي يجمع إلي جودة شعره رواية الجيد من شعر غيره.

(۲) شاعر مفلق وهو الذي ال رواية له لكنه مجيد كالخنذيذ .

(3) شاعر « فقط » وهو فوق الرديء بدرجة .

(4) شعرور وهو ال شيء.

وقسمهم آخرون إلى شاعر مفلق ، وشاعر مطبق ، وشويعر ، وشعرور .

وقال بعضهم :

فشاعر يَجرى وال يُجري معه الشعراء فاعلمنّ أربعة

وشاعر ال تشتهي أن تسمعه وشاعر يخوض وسط المعمعه

وشاعر ال تستحي أن تصفعه

ورويت هذه األبيات هكذا أيضا:

فشاعر ال يرتجي لمنفعه الشعراء فاعلمنّ أربعة

وشاعر آخر ال يجري معه وشاعر ينشد وسط المعمعه

وشاعر يقال خمِّر في دعه

وقسمهم آخرون إلى طبقات بما اشتهر من قصائدهم المنتقاة، وانتخبوا سبع طبقا،ت عدد كل

منها سبعة شعراء تقريبا، وفيهم نفر من شعراء صدر اإلسالم، أوّلهم أصحاب المعلقات، يليهم

أصحاب المجمهرات ، فالمنتقيات ، فالمذهبات، فالمراثي ، فالمشوبات، فالملحمات.

Page 38: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

38 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

11- تقسيمهم من حيث طبقاتهم

أما تقسيم الشعراء إلى طبقات باعتبار اإلجادة على االجمال فأمر غير ميسور، ألن نقدة

الشعر لم يتفقوا في هذا الموضوع. على أننا وقفنا على تقسيم لشعراء الجاهلية استخرجناه من

كتاب طبقات الشعراء السكندر ابكاريوس المطبوع في بيروت. ولم يذكر على من كان معوله فيه.

وإليك ذلك في جدول، وذكرنا بجانب كلّ شاعر اسم قبيلته وبلده وسنة وفاته على التقريب.

Unit -3

خصائص الشعر الجاهلي

١ -تمثيل الطبيعة

فطر عرب الجاهلية على البساطة والبعد عن التصنع أو التعمل في كل شيء، شأن أهل

البادية ، لبعدهم عن شوائب المدنية، فهم على الفطرة الطبيعية، وعنوانها الصدق بكلّ معانيه ،

ويدخل فيه استقالل الفكر والشجاعة األدبية والصراحة في القول والعمل، فال يتكلفون في

لباسهم وال طعامهم وال شرابهم وال يتصنعون في كالمهم ، وإنما يقولون ما يخطر لهم

ويصورونه، كما يتمثل لمخيلتهم بال تنميق أو تأنق. يدلك على ذلك ما ظهر من حريتهم في

أقوالهم في صدر اإلسالم يوم كان أحدهم يخاطب الخليفة کما يخاطب سائر الناس ، واذا رأى

فيه عوجا انتقده في وجهه والخليفة ال يری غرابة في انتقاده.

أضف إلى ذلك تعودهم االستقالل في شؤونهم الشخصية ، ونفورهم من التقيد بشيء حتى

المكان ، فانهم ال يتوطنون صقعا بل يجعلون منازلهم على ظهور إبلهم ال يحملون ضيما وال

يصبرون على ظلم. فتمكنت الحرية من طباعهم حتى ظهرت في أقوالهم وأفكارهم وفي أشعارهم.

فإذا طرأ لهم خیال شعری صوروه، كما يتخيل لهم ، خالفا لما تقتضيه الحضارة من التكلف

وغيره من ثمار الذل و االنكسار مما تراه في أقوال الشعراء، بعد أن استبحر عمران الدولة وكثر

المتملقون والمتكسبون بالنجعة والزلفى. أما الجاهليون فالقاعدة في النظم عندهم بيت

شاعرهم وحكيمهم زهير بن أبي سلمى وهو:

بيت يقال إذا أنشدته صدقا وإن أشعر بيت أنت قائله

وصف الحب:

Page 39: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

39 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

والبدوي اذا تيمه الحب وأراد التعبير عن شوقه وهيامه يصف ما يشعر به تماما ، فاذا

سمعه متيم شعر مثل شعوره فهو ال يبالغ بضعفه من الوجد حتى يزعم أنه صار خياال أو طيفا،

كقول المتنبي: "لوال مخاطبتي إياك لم ترني" "أو قول ابن الفارض: "ما له مما براه الشوق في "

وال يبالغ في بكائه وزفيره حتى يزعم أنه غرق في بحر دمعه أو احترق بنار زفيره ، ولكنه يقول

قول مجنون بني عامر - وهو معدود من شعراء صدر اإلسالم، لكنه يقول قول مجنون بني عامر

وهو معدود من شعراء صدر اإلسالم لكنه بدوي في طباعه ، وإن لم يصح أن المجنون اسم على

مسمى كما سيأتي - فالشعر يعبر عنده عن تصور أهل البادية. ومما ينسب إليه قوله:

وأيام ال أغدى على الدهر عاديا تذكرت ليلى والسنين الخواليا

وال أنشد األشعار إال تداويا فما أشرف األيفاع إال صبابة

ترد علينا بالعشي المواشيا وعهدی بليلى وهي ذات موصّد

وأعالق ليلى في فؤادی كما هيا فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها

تواشوا بنا حتى أملّ مكانيا إذا ما جلسنا مجلسا نستلذه

قضى الله في ليلى وال ما قضى ليا خليلي ال والله ال أملك الذي

فهال بشيء غير ليلى ابتالنيا قضاها لغيري وابتالني بحبها

لليلى إذا ما الصيف ألقي المراسيا وخبّرتماني أن تنماء منزل

فما للنوى ترمي بليلى المراميا فهذي شهور الصيف عنا قد انفضت

يكون كفافا ال عليّ وال ليا فيا رب سوِّ الحب بيني وبينها

من الناس إال بلّ دمعي ردانيا فما سمّيت عندى لها من سَمِيّة

من الليل إال بتّ للريح حانيا وال هبّت الريح الجنوب ألرضها

فهذا لها عندي فما عندها ليا فأشهد عند الله إني أحبها

وقد عشت دهرا ال أعدّ اللياليا أعد الليالي ليلة بعد ليلة

أحدِّث عنك النفس بالليل خاليا وأخرج من بين البيوت لعلّني

ومثل ذلك قول ابن الدمينة:

بعيد وأشياعي إليك قليل فديتك أعدائي كثير وشقّتي

فأفنيت عالّتي فكيف أقول وكنت إذا ما جئت جئت بعلة

وال كلّ يوم لي إليك وصول فما كلّ يوم لي بأرضك حاجة

فال يسمع محب هذه األبيات وأمثالها اال رأي الشاعر يعبر عن شعور صحيح.

Page 40: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

40 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

في الرثاء:

ويقال نحو ذلك في سائر أغراضهم من الشعر ، فاذا رأى الجاهلي ميتا ال يوهم القاری أن

السماء أطبقت على األرض، وأن الشمس كسفت، والدنيا لبست الحداد، ونحو ذلك، ولكنه يقول

قول جليلة زوجة كليب ترثيه، وقد قتله أخوها جساس:

سقف بيتي جميعا من عل يا قتيال قوض الدهر به

رمية المصمي به المستأصل ورماني فقده من كثب

وسعى في هدم بيتي األول هدم البيت الذي استحدثته

من ورائي ولظى مستقبلي مسني فقد كليب بلظى

إنما يبكي ليوم ينجلي ليس من يبكي ليومين كمن

دركي ثأري ثكل المثكل يشتفي المدرك بالثأر وفي

بدال منه دمي من أكحلي ليته كان دما فاحتلبوا

في الهجو:

وإذا أراد أن يهجو، فهجوه معقول بعيد عن البذاء والفحش، وعندهم أشد الهجاء أعفه

وأصدقه، وما خرج من ذلك فهو قذف وأفحاش. ومن أشد الهجاء عندهم قول زهير بن أبي سلمى

في آل حصن على سبيل التشكك والتجاهل:

أقوم آل حصن أم نساء وما أدري وسوف إخال أدري

فحق لكل محصنة هداء فإن تكن النساء مخبآت

وذكروا أن النابغة سأل قومه بني ذبيان بعد واقعة حسي عما قالوه في عامر بن الطفيل

فأنشدوه. فقال أفحشتم على الرجل وهو شريف ال يقال له مثل ذلك ولكنني سأقول ، ثم قال:

فإن مطية الجهل الشباب فإن يك عامر قد قال جهال

تصادفك الحكومة والصواب فكن كأبيك أو كأبي براء

من الخيالء ليس لهن باب فال يذهب بلبك طائشات

إذا ما شبت أو شاب العراب فإنك سوف تحلم أو تناهى

أصابوا من لقائك ما أصابوا فإن تكن الفوارس يوم حسي

ولكن أدركوك وهم غضاب فما إن كان من سبب بعيد

Page 41: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

41 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فلما بلغ عامرا ما قال النابغة شق عليه، وقال: ما هجاني أحد حتى هجاني النابغة .. جعلني

القوم رئيسا وجعلني النابغة سفيها جاهال وتهكم بي. ومن لطيف تجافيهم عن الهجو، ما قاله

صخر بن عمرو أخو الخنساء، وقد أراد رثاء أخيه معأوية فقالوا له اهج قتلته، فتعفف وقال:

ومالي وإهداء الخنى من شماليا وقالوا أال تهجو فوارس هاشم

فصبر عن الهجو بإهداء الخنى وهو تعبير جميل

وإذا تحمس الجاهلي أو تفاخر فال يجعل قومه آلهة وسواهم أبالسة، وإنما يقول قول قريط

بن أنيف من شعراء بلعنبر:

بنو اللقيطة من ذهل بن شيب لو كنت من مازن لم تستبح إبلي

عند الحفيظة إن ذو لوثة النا إذا لقام بنصري معشر خشن

طاروا إليه زرافات ووحدانا قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم

في النائبات على ما قال برهانا ال يسألون أخاهم حين يندبهم

ليسوا من الشر في شيء وإن هانا لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد

ومن إساءة أهل السوء إحسانا يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة

سواهم من جميع الناس إنسانا كأن ربك لم يخلق لخشيته

شدوا اإلغارة فرسانا وركبانا فليت لي بهم قوما إذا ركبوا

في الوصف

وكانوا إذا وصفوا حادثة مثلوها بال مغاالة في المجاز والكناية كما يفعل المتأخرون، وهذا

وصف أبي ذؤيب لحمر الوحش وصائدها، كيف ترد الحمر وكيف يحتال الصياد صيدها ، قال:

ضرباء خلف النجم ال يتلتع فوردن والعيوق مقعد رابئ ال

حصب البطاح تغيب فيه األكرع فشرعن في حجرات عذب بارد

شرف الحجاب وريب قرع يقرع فشربن ثم سمعن حسا دونه

هوجاء هادية وهاد جرشع فنكرنه فنفرن فامترست له

سهما فخر وريشه متصمع فرمى فأنفذ من نحوص عائط

عنه فعيث في الكنانة يرجع فبدا له إقراب هاد رائغا

بالكشح فاشتعلت عليه األضلع فرمى فألحق صاعديا مطحرا

بذمائه أو بارك متجعجع فأبدّهن حتوفهن فهارب

Page 42: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

42 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وإذا وصف أحدهم حيوأنا أو مكانا أو امرأة تحدي تصوير الطبيعة كما هي ولو اضطر إلى

ذكر بعض األعضاء التي يعد ذكرها من قبيل البذاء . يفعل ذلك ال تهتكا وإنما يصف الطبيعة كما

هي على عادته في سائر األمور. وأحسن األمثلة في وصف المرأة على النحو الذي تقدم قصيدة

النابغة في المتجردة التي مطلعها:

عجالن ذا زاد وغير مزود آمن آل مية رائح أو مغتدي

وقصيدته اليتيمة في دعد ، ومطلعها:

أم هل لها بتكلم عهد هل بالطلول لسائل ردّ

وهما مثل قصيدة سليمان الحكيم في وصف ملكة سبإ المعروفة بنشيد االنشاد، وهو

مذهب جماعة من شعراء عصرنا وكتابه في أوربا يمثلون الطبيعة كما هي، ويعرفون بأصحاب

الحقيقة (Realistes) ومنهم زوال وتولستوي.

على أن الجاهليين ال تخلو أشعارهم من التشبيه والمجاز أو الكناية ، ولكنهم يفعلون ذلك

بلباقة كقول عنترة يصف ذباب الروض.

غردا كفعل الشار ب المترنم وخال الذباب بها فليس ببارح

قدح المكب على الزناد األجذم هزجا يحك ذراعه بذراعه

2- البالغة في التركيب

إن لغة الجاهلية على االجمال ال تزال مثال البالغة حتى لبعدها عن مفاسد العجمة، وهي

معروفة بخلوها من الحشو وليس فيها من زخارف المدينة كالبديع والجناس واال المجاز أو

الكناية إال بقدر الملح من الطعام. أما ما نجده في بعض أشعار الجاهلية من التعقيد، فسببه

غرابة بعض األلفاظ على أفهامنا وبعد بعض التراكيب عن مألوفنا، وال بد لمن يطالع تلك األشعار

من تفهم األلفاظ والتعود على أساليبها، فاذا فعل ذلك هان عليه فهمها .. فمن يقرأ قول امرئ

القيس في قصيدته التي صف بها الفراق وناقته وفرسه فيصل إلى قوله:

وإنك لم تقطع لبانة طالب بمثل غدوّ أو رواح مؤوّب

بأدماء حرجوج كان قتودها على أبلق الكشحين ليس بمغرب

Page 43: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

43 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

يجد غرابة في تركيب االلفاظ وال يفهم المراد، لكنه متى علم أن االدماء الناقة أشرب

سوادها بياضا، والحرجوج الطويلة، والقتود خشب الرحل، وأبلق الكشحين حمار الوحش،

والمغرب االبيض الوجه واالشفار، وذلك عيب في اصطالحهم، أدرك مراد الشاعر من البيت

الثاني وقس عليه سائر التفسير.

إن البالغة فطرية في عرب البادية شعرا ونثرا.. وكان العرب في صدر اإلسالم يمثلون

بأقوال االعراب المعاصرين لهم لما فيها من البالغة وااليجاز، السهل الممتنع، وقد نقل ابن عبد

ربه طائفة حسنة منها في عدة صفحات بباب كالم االعراب في الجزء الثاني من كتابه (العقد

الفريد) فليراجع هناك وفي سائر كتب األدب. فاذا طالعتها رأيت نفوسا كبيرة وعقوال راجحة لما

فيها من الحكمة والموعظة وصدق النظر.

على أنك تجد في كالم االعرابي جفاء واغرابا وخشونة في اللفظ لتعوده مخاطبة اإلبل

وليست الخشونة في شعراء الجاهلية على االجمال .. وانما هي تكثر في أهل الجبال والبادية

الوعرة الذين لم يخالطوا اهل الحضارة مطلقا، فيكون ذلك من تأثير البيئة.. فان شعر عدي بن

زيد وهو جاهلي أسلس من شعر الفرزدق وجرير وهما إسالميان، لمالزمة عدي الحضارة

واستيطانه الريف وبعده عن جالفة البادية وجفاء األعراب.

على ان الشعر تختلف رقته وخشونته باختالف الغرض منه، فشعر العاشق أرق من شعر

الفارس، وشعر الحضارة الطف من شعر البدأوة.

3- مذاهبهم وأساليبهم

ال يتقيد الجاهلي في نظمه بمقدمة أو تمهيد كما يفعل غيره من شعراء المدنية بعد اإلسالم

من استهالل القصائد بالنسب والغزل ونحوهما، لكنه يصدر القصائد الطويلة غالبا بذكر

المنازل واالطالل ويبكي على الطلول.. وذلك طبيعي عندهم ألنهم أهل رحلة ال يقيمون في المكان

حينا حتى ينزحوا عنه إما فرارا من عدو أو التماسا للمرعى أو الماء أو نحو ذلك، كقول امرئ

(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) القيس:

وقوله:

(أال عم صباحا أيها الطلل البالي)

أما المولدون أو المحدثون فانهم يصدرون قصائد المدح وغيرها بذكر الحبيب والشوق

والوجد والوصل، وليس هناك حبيب وال وجد كما سنبين ذلك.

Page 44: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

44 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

والجاهلي إذا عمد إلى النظم في الفخر بدأ به أو ذكر المنازل وتخلص له. ويندر فيهم من

يفعل غير ذلك كقصيدة عنترة الفخرية التي يبدأ فيها بذكر الصبا واللهو والغزل واالعين النجل

في بيتين، ثم يتخلص إلى الفخر كقوله:

هيهات ما فات من أيامك األول من لي برد الصبا واللهو والغزل

وانكرتني ذوات االعين النجل طوى الجديدان ما قد كنت انشره

وخوض معمعة في السهل والجبل وما ثنى الدهر عزمي عن مهاجمة

ولكن هذه القصيدة يغلب أنها موضوعة بعد اإلسالم.

وقد يستهل الجاهلي شعره بمخاطبة خليله في بيت وشطر، ثم يستطرد إلى الموضوع الذي

يريده.. أو يبدأ بطلب االخبار بدون ان يذكر الخليل، كقول امرئ القيس قبيل وفاته في سفح جبل

عسيب:

أال ابلغ بني حجر ابن عمرو وابلغ ذلك الحيّ الحديدا

بأني قد هلكت بأرض قوم سحيقا من دياركم بعيدا

وقوله بمكان آخر:

ألم يخبرك أن الدهر غول ختور العهد يلتهم الرجاال

وقد يتكلم بالمثنى كأنه يخاطب اثنين كقول عبد يغوث:

أال ال تلوماني كفى اللوم ما بيا فما لكما في اللوم نفع وال ليا

قليل وما لومي أخي من شماليا ألم تعلما ان المالمة نفعها

ومن مذاهبهم طرد الخيال وهو مذهب كثيرين منه، ولكن طرفة بن العبد أول من طرقه

فقال:

فقل لخيال الحنظلية ينقلب اليها فاني واصل حبل من وصل

وفي مقدمة ابن خلدون امثلة كثيرة من ابتداءات الجاهلية في النظم، من أراد التوسع في

االمثلة فليراجعها هناك.

ولكن الغالب في نظمهم ان يبدأوا بالغرض المراد راسا، فان كان فخرا فبالفخر، أو حماسة

فبالحماسة، أو غزال فبالغزل، أو رثاء فبالرثاء.

ومن مرائي المهلهل ألخيه كليب قصيدة مطلعها:

كليب ال خير في الدنيا ومن فيها ان انت خليتها فيمن يخليها

Page 45: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

45 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ومرثية اخرى مطلعها:

وقتيال من االرقام كهال ان تحت االحجار حزما وعزما

أو نبيد الحين قيسا وذهال قتلته ذهل فلست براضٍ

وقس عليه غيره من االغراض .. على ان بعضهم يستهل بالحكم ليتخلص للمدح أو الرثاء،

وبعضهم يتغزل أو يشيب وهم قليلون، ولهم اسماء أناث يتغزلون بها يسمونها عرائس الشعر

كقطام وهند ودعد وغيرهن.

4- أبواب الشعر عندهم.

ان ابواب الشعر اليوم تعد بالعشرات، ولم يكن منها في الجاهلية اال الفخر والحماسة

والتشبيب والمديح والهجاء.. وتفرع من المديح الرثاء وهو مدح الميت. واالصل في المديح

والهجاء الدفاع عن القبيلة والطعن في اعدائها .. ذلك كان غرض الجاهلين من المديح والهجاء،

فاكثر مدحهم في قبائلهم ورؤسائها وفرسانها ليس على سبيل االستجداء اال قليال، وكانت

قصائدهم في ذلك قصيرة. وقلما رثوا غير اخوتهم واخوانهم أو ابنائهم أو بعض اهلهم مدفوعين

بالشعور الطبيعي، ولذلك كان لرثائهم وقع في النفس كقول تلك االعرابية في رثاء ابنها:

من شاء بعدك فليمت فعليك كنت احاذر

فعمي عليك الناظر كنت السواد لنظاري

ر حفائر ومقابر ليت المنازل والديا

لة حيث صرت لصائر اني وغيري ال محا

أما المدح فامدح الجاهليين زهير واالعشى، فمن أمثلة مدح زهير بالكرم قوله:

ولكنه قد يهلك المال نائله أخي ثقة ال تهلك الخمر ماله

كأنك تعطيه الذي انت سائله تراه اذا ما جئته متهلال

إلنكار ضيم أو لخصم يجادله فمن مثل حصن للحروب ومثله

وقد يبالغون ولكنهم ال يخرجون عن المعقول كقول زهير في هرم بن سنان:

قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا لو كان يعقد فوق النجم من كرم

طابوا وطاب من األوالد ما ولدوا قوم سنان ابوهم حين تنسبهم

مرزءون بهاليل اذا جهدوا انس اذا امنوا جن اذا فزعوا

ال ينزع الله عنهم ماله حسدوا محسون على ما كان من نعم

Page 46: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

46 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وقس على ذلك سائر االغراض.

على أن في منظوماتهم كثيرا من الشعر الوصفي، واكثره في وصف حيوأناتهم ومنازلهم

وادواتهم، وفي وصف اخالقهم ومناقبهم ومثالبهم ومفاخرهم ووقائعهم. وفيهم طبقة من

الوصافين اشتهروا بوصف الخيل خاصة، واخرون بوصف الناقة أو حمار الوحش أو القطا أو

غيرها، وسنعود إلى تفصيل ذلك في مكانه.

5- التمثل بحيواناتهم وعاداتهم

قد صور عرب الجاهلية عاداتهم وحيواناتهم وادواتهم في أشعارهم، كما صورها

المصريون واالشوريون واليونان والرومان على قصورهم ومعابدهم. وكما استخرج علماء اآلثار

عادات تلك االمم واخالقها من آثارها المنقوشة أو المحفورة، فالباحث في شعر الجاهلية

يستخرج منه عادات العرب وآدابهم واخالقهم وطبائعهم وسائر احوالهم. ولذلك قال ابن خلدون:

(إن الشعر ديوان علوم العرب واخبارهم وشاهد صوابهم وخطئهم، واصل يرجعون إليه في

الكثير من علومهم وحكمهم) ونزيد على ذلك (انه مستودع عاداتهم واخالقهم وادواتهم

وصنائعهم) . والعرب يتغزلون بحيواناتهم ويتمثلون بها، وخصوصا الناقة والفرس والقطا

والحمام، ويغلب فيهم ان يذكروا الحمام في الغزل، والناقة في السفر، والخيل في الحرب.

6- المفاخرة والمعاظمة والمقارعة

كان العرب في جاهليتهم أهل إباء واستقالل وفخر، فقامت المفاخرة بين قبائلهم

وأحيائهم، وأصبحوا يتنافسون في كل شيء حتى في المصائب وهي المعاظمة. أشهرها معاظمة

الخنساء وهند بنت عتبة، فكانت الخنساء تأتي الموسم وتبكي أباها وأخويها وقد سومت هودجها

براية وتقول: (أنا أعظم العرب مصيبة) فأصيبت هند بنت عتبة المذكورة في واقعة بدر، فقتل

أبوها وعمها واخوها فلما بلغها ما قالته الخنساء قالت: (أنا أعظم العرب مصيبة) وأمرت

بهودجها فسوم براية وشهدت الموسم بعكاظ وقالت (اقرنوا جملي بجمل الخنساء) ففعلوا فلما

تقاربتا تعارفتا وتعاظمتا نظما ونثرا.

فاذا كان هذا شان التنافس بين عامة الناس. فأحرى به ان يكون بين الشعراء. ومن أنواعه

المقارعة على االحساب كالتي جرت بين عامر ولبيد واالعشى من جهة، وعلقمة والحطيئة

وفتيان من بني االحوص من جهة أخرى.. واخذوا يتناشدون في المقارعة في حديث طويل.

Page 47: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

47 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ومن هذا القبيل المنازعة بين قبيلتين ايهما اشعر، كما جرى بين عمر بن أبي ربيعة والفضل

بن العباس اللهبي في المسجد الحرام . فأخذ كل منهما يورد أشعارا ألبناء قبيلته، ويبرهن على

أنها أحسن مما قاله الشعراء من القبيلة األخرى.

ولما جاء اإلسالم ذهبت عصبية القبائل وصارت المفاخرة بين المهاجرين واالنصار،

وعندهم أيضاً المراجزة ، وهي المقارعة بالرجز ومنها المناشدة باألشعار.

7- األنفة والعفة

كان العربي في الجاهلية صاحب أنفة وشرف يأبى الضيم ويغار على العرض، اذا قال فعل

واذا وعد وفى واذا اضطر الى رهن في أمر عظيم رهن قوسه .. وال قيمة للقوس بنفسها، ولكنها

عندهم شرف الرجل فهو قائم بما رهنها له مهما كلفه.

ولم يكن أشد منهم غيرة على العرض، وفي أخبارهم ما ال يحصى من الدفاع عن المرأة

وعرضها، وكثيرا ما نشبت الحرب في هذا السبيل. وقد كان سبب الحرب التي قتل فيها زهير بن

جذيمة العبسي، ان ابنه شأسا اغتسل بجانب أبيات لبني غني بماء لبني عامر فناداه رجل غنوي ان

يستتر فلم يحفل به فرماه بسهم فقتله، وجر ذلك الى حرب قتل بها زهير المذكورة وغيره.

وكانوا يفتخرون بالعفة خالفا لما صارت إليه طبائعهم حين امتزجوا بالموالي من االمم

االجنبية. وتمثيال للفرق بين الحالين، قابل ما قاله عنترة بما قاله أبو نواس الفارسي، قال عنترة:

وأغض طرفي ان بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها

وقال أبو نواس:

كان الشباب مطية الجهل ومحسن الضحكات والهزل

والباعثي والناس قد رقدوا حتى أتيت حليلة البعل

ولذلك قل التهتك في تغزلهم. وبعض القبائل تعدّ الغزل رذيلة، وتجد ذلك ظاهرا في

أشعارهم. فالجاهل متعفف بألفاظه واخالقه بعيد عن الفحش في القول او السباب اال ما يرى به

تمثيل الطبيعة كما تقدم.

8- ال يستجدون

الجاهليّ ال ينظم التماسا للعطاء، وانما ينظم لداع يحركه، إما دفاعا عن عرض، او تحمسا

لحرب، او تشكيا من الفراق، او بكاء على فقيد، او نحو ذلك. وقد يمدح ولكن مدحه يكون على

Page 48: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

48 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

الغالب شكرا على صنيع ال استدرارا لجائزة، كما صار إليه الشعراء في اإلسالم بالتقرب

والتزلف. وكان موضوع مدائح الجاهليين شيوخهم وامراءهم، كهرم بن سنان، وعامر بن

الظرب، واالقرع بن حابس، وربيعة بن محاسن وغيرهم.

فقد مدح زهير هرم بن سنان ومدح غيره ال لالستجداء. على أن بعضهم انتجع بشعره،

وأول من فعل ذلك االعشى.. ونظم بعض الجاهليين في مدح المناذرة او الغساسنة او بعض

امرائهم. واشهر المداحين في الجاهلية االعشى والربيع بن زياد والنابغة الذبياني والمنخل

اليشكري وأبو زبيد الطائي ومعن بن اوس وزهير بن أبي سلمى والحطيئة. وسنأتي على اخبارهم

في أماكنها.

9- منزلة الشاعر في الجاهلية

كان للقبيلة عدة شعراء، تقدم واحدا منهم تسمية شاعر القبيلة. وهي تهتم بإعداد الشاعر،

كما تهتم بإعداد القائد والخطيب.. فيقال إن قائد القبيلة الفالنية فالن وفارسها فالن وشاعرها

فالن، الن الشعراء حماة االعراض وحفظة اآلثار ونقلة األخبار. وربما فضلوا نبوغ الشاعر فيهم

على نبوغ الفارس، ولذلك كانوا اذا نبغ فيهم شاعر من قبيلة.. أتت القبائل األخرى فهنأتها به

وصنعت األطعمة واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعن في األعراس، وتتباشر الرجال

والولدان العتقادهم أنه حماية ألعراضهم ودفاع عن أحسابهم وتخليد لمآثرهم واشادة لذكرهم.

وفي الواقع أن ما بقي لنا من اخبار عرب الجاهلية وآدابهم وعلومهم واخالقهم، انما هو منقول

عن أشعارهم.

وكانوا يتخذون الشعراء واسطة في االسترضاء او االستعطاف او يجعلونهم وسيلة إلثارة

الحروب، فيكون الشاعر لسان حال القبيلة يعبر عن غرضها وينطق بلسانها شأن الصحف

الرسمية اليوم .. فان الصحيفة الرسمية اذا قالت قوال، علم الناس ان المحاكمة تريده. وهذا هو

سبب ما كان يظهر من تأثير الشعر في السياسة. ولذلك فالقبيلة مطالبة برعاية شاعرها، والقيام

بما يحتاج إليه واكرامه وتقديمه.

ولم يكونوا يقدمون الشاعر ألنه يدافع عنهم فقط، ولكنهم كانوا يجلون الشعر نفسه لما

كان له من الوقع في نفوسهم .. يدلك على ذلك تعليق المعلقات بأستار الكعبة اجالال لها. وسنعود

الى ذلك.

10- تأثير الشعر في نفوس العرب

Page 49: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

49 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

قد علمت مما تقدم، أن طبيعة العرب شعرية، ألنهم ذوو نفوس حساسة وشعور دقيق

تقعدهم الكلمة وتقيمهم، شان صاحب الفروسية والنجدة المعبر عنها عند االفرنج بالشفاليري.

وكان العرب على االجمال أهل حافظة، اذا اعجبهم البيت حفظوه وتناقلوه .. فيشيع على السنتهم

كبارا وصغارا ويتحدثون به في انديتهم ومجتمعاتهم. فاذا كان هجوًا سقط المقول فيه، وإذا كان

مدحا اشتهر اسمه. ولكن الهجو كان غالبا عليهم، وقد وفق بعض الشعراء الى شيوع أشعارهم

لحقتها. وكان االعشى من اسير الناس شعرا، وكذلك زهير والنابغة وامرؤ القيس.

فالقبيلة إذا هجاها شاعر فحل، حط الهجو منها خصوصا إذا كان الهجو مطابقا للواقع،

واال رد شاعرها عنها فتعود الى مقامها. وليس في العربي قبيلة اال هجيت، فمن القبائل التي لم

يؤثر الهجو فيها قبائل تميم وبكر وائل واسد وأمثالها. ومن القبائل التي أثر فيها الهجاء مع مقامها

في الشجاعة احياء من قيس منهم غني وباهلة ومحارب واحياء من أد بن طابخة منهم تيم وعكل

وغيرهما. وهناك قبائل حظها من الشعراء المديح، كبني مخزوم من قريش.

وكانت القبيلة إذا مدحت فاخرت سائل القبائل ال سيما إذا كان مادحها من غير ابنائها.

ويحكى ان شعراء تميم كانوا يذكرون قيسا بالمدح واالعجاب، فافتخرت قيس على تميم. وما

زالت تميم منكسة رؤوسها حتى قام لبيد العامري وهو من قيس، فذكر تميما في شعره وأطراها

وفعل ذلك شاعر آخر من قيس، فتكلمت عند ذاك تميم وافتخرت.

ومن أمثلة تأثير هجو الشعراء في القبائل شعر حط من قدرت الحبطات وهم بطن من

تميم، فقال الشاعر فيهم:

رأيت الخمر من شر المطايا كما الحبطات شرّ بني تميم

وهل أهلك ظليم البراجم إال قول الشاعر:

إن أبانا فقحة لدارم كما الظليم فقحة البراجم

وقد أهلك بني العجالن قول الشاعر:

فعادى بني العجالن رهط بن مقبل إذا الله عادى أهل لؤم ودقة

وال يظلمون الناس حبة خردل قبيلته ال يغدرون بذمة

إذا صدر الوراد عن كل منهل وال يردون الماء إال عشية

ويشبه ذلك بيت جرير في بني نمير من عامر بن صعصعة في الدولة االموية، فانه جعل كل

نميري إذا سئل عن نسبه قال انه عامري، وهذا هو البيت:

Page 50: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

50 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فغضّ الطرف إنك من نمير فال كعبا بلغت وال كالبا

وبعكس ذلك ما اصاب بني أنف الناقة من الرفعة، فقد كان الرجل منهم إذا سئل عن نسبه

قال من بني قريع وهو نسب آخر لهم، حتى قال الحطيئة فيهم:

قوم هم االنف واألذناب غيرهم ومن يسوّي بأنف الناقة الذنبا

فأصبحوا يفاخرون بقبيلتهم.

على أن الشعراء لم يكونوا يتعمدون هجاء غير القبائل الظاهرة النابهة، فسلمت القبائل

الخاملة من هجوهم. وشانهم في ذلك مثل شان الصحف السياسية في البالد االجنبية.. فان

االحزاب يهمها انحياز احدى الصحف المهة الى جانبها، كما كان يهم القبيلة او الجماعة في

الجاهلية ان ينصرها شاعر مشهور فتبذل له ما يريد في سبيل نصرتها. ولذلك فان االعشى لما

وفد على الرسول ومدحه، فبلغ أبا سفيان ذلك، جمع رجال من قريش وقال لهم: (والله لئن اتي

محمدا واتبعه ليضرمنّ عليكم نيران العرب بشعره ، فأجمعوا له مائة من اإلبل)، ففعلوا فأخذها

وانطلق الى بلده.

وكان لشعر االعشى تأثير كبير في النفوس، ويحكى من هذا القبيل أن رجال من كالب اسمه

المحلق، كان له ثالث بنات، لم يتزوجهن، وكان معسرا. وجاء االعشى يقصد مكة فسمعت امرأة

المحلق، فحثت زوجها أن يدعوه للضيافة قبل سواه ويذبح له، ألنه إذا قال شعرا شاع. فدعاه

المحلق ونحر له ناقة، وبالغت المرأة في إكرامه وإكرام رفاقه، وكان في عصابة قيسية.. فلما

جرى الشراب في عروقه سال المحلق عن عياله فشكا له حال بناته .. ولما وافى سوق عكاظ

أنشد قصيدة مطلعها:

أرقتُ وما هذا السهاد المؤرّق وما بي من سقم وما بي معشق

ثم تخلص الى مدح المحلق وإطرائه في السخاء وكرم األخالق والناس يسمعون، فلما فرع

من االنشاد انسل الناس الى المحلق يهنئونه وهرع االشراف من كل قبيلة يتسابقون إليه

يخطبون بناته، فلم تمس منهن واحدة اال في عصمة رجل أفضل من أبيها ألف ضعف، وكذلك

فعل مسكين الدرامي في إنفاق الخمر السود. ومن شدة تأثرهم بالشعر ان الشاعر ربما لقب

بلفظ ورد في بيت من أشعاره كما لقب المرقش والنابغة والمخرق وأفنون وغيرهم، حتى في

الغناء، فان السامع ربما تأثر من معنى الشعر أكثر من نغمه.

11- أشعر شعراء الجاهلية

Page 51: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

51 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ما برح العرب منذ صدر اإلسالم مختلفين فيمن هو اشعر شعرائهم، ولهم في ذلك أقوال

كثيرة.. على ان تقسيم الشعراء الى طبقات قد يعد حكما اجماليا في ذلك. ويستدل منه ان

أصحاب المعلقات هم اشعر الشعراء في حكمهم، واشعر هؤالء ثالثة : امرؤ القيس، زهير بن أبي

سلمى، والنابغة. وقد اجمعوا تقريبا على تفضيلهم، وانما اختلفوا فيمن هو اشعرهم اختالفا

كثيرا.. قال أبو عبيدة : (أشعر الناس أهل الوبر خاصة وهم امرؤ القيس، وزهير، والنابغة، فان

قال قائل ان امرأ القيس ليس من أهل نجد فلعمري ان هذه الديار التي ذكرها في شعره ديار بني

اسد بن خزيمة. وفي الطبقة الثانية االعشى ولبيد وطرفة). وقيل ان الفرزدق قال : (امرؤ القيس

اشعر الناس)، وقال جرير : (النابغة اشعر الناس)، وقال االخطل : (االعشى أشعر الناس)، وقال

ابن أحمر : (زهير اشعر الناس)، وقال ذو الرمة : (لبيد أشعر الناس)، والقول الراجح ما قال أبو

عبيدة : (امرؤ القيس، ثم زهير، والنابغة، واالعشى، ولبيد، وعمرو، وطرفة).

على أننا نرى في الحكم على شاعر انه اشعر أهل زمانه على االطالق حيفاً. اذ قد ينفرد كل

شاعر بمزية تفضله على سواه.. فيجيد شاعر في الحماسة، وآخر في المديح، او الغزل، او الفخر،

او غير ذلك من أغراض الشعر. وعلى ذلك قالوا : (اشعر الشعراء أربعة : زهير اذا رغب، والنابغة

اذا رهب، واالعشى اذا طرب، وعنترة اذا غضب).

والذي عليه األكثرون في وصف أصحاب المعلقات، أن امرأ القيس صاحب النصيب األوفر

من الشعر.. الن الشعر في تعبيرهم كان جمال فنحر، فاخذ امرؤ القيس رأسه. وان زهيرا يمتاز

بانه ال يعاظل بين كالمين وال يتبع وحشي الكالم وال يمدح أحدا بغير ما فيه، ولشعره ديباجة ان

شئت قلت شهد ان مسسته ذاب. وان النابغة اوضح الشعراء معنى وابعدهم غاية وأكثرهم فائدة.

وان األعشى امدحهم للملوك وأوصفهم للخمر واقدرهم شعرا واحسنهم قريضا. وان لبيدا أقلهم

لغوا وعمرو بن كلثوم أعزهم نفسها وأكثرهم امتناعا وأجودهم واحدة. وطرقة أشعرهم اذ بلغ

مع حداثة سنه ما بلغ القوم في طول أعمارهم.

12- رواة الشعر

من عادة العرب في رواية الشعر، انهم كانوا في أيام الجاهلية إذا نبغ الشاعر صحبه رجل

يروي له أشعاره. ويغلب في الرواية ان يكون مرشحا للشاعرية، كأنه تلميذ يتدرب على يد أستاذ

يأخذ عنه. وكان اعتمادهم في الجاهلية على الحفظ، ألنهم لم يكونوا يكتبون .. فكان كثير عزة

راوية جميل بثينة، وجميل راوية هدبة بن خشرم، وهدبة راوية الحطيئة، والحطيئة راوية زهير

Page 52: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

52 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وابنه. وكان الراوية في الجاهلية وأوائل اإلسالم يروي للشاعر الواحد ويصحبه وينشد له،

ويعجب به اعجاب التلميذ بأستاذه، ويناضل عنه ويفضله على سواه.

وليست هذه العادة خاصة بالعرب، فان اليونان القدماء كان عندهم اناس يروون الشعر

وغيره ويسمون واحدهم Rhapsodist ، أشهرهم في القديم رواة االلياذة.. على ان بعض االدباء

وأهل الذكاء من العرب، كان يروي الشعر بدون التخصص بشاعر دون آخر .. وانما كان يفعل

ذلك رغبة في االدب والعلم. فقد كان في القديم أربعة من قريش كانوا رواة الناس لألشعار

وعلماءهم باألنساب واالخبار، وهم: مخزمة بن نوفل بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، وابو

الجهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عوف، وحويطب بن عبد العزى، وعقيل بن أبي

طالب. وكان عقيل اكثرهم ذكرا لمثالب الناس.. فعادوه لذلك وقالوا فيه وحمقوه حتى ألف

بعض االعداء فيه األحاديث.

13- شعراء الجاهلية من حيث أغراضهم

تقدم ما للشعر الجاهلي من الخصائص التي يمتاز بها على االجمال، ولكن هذه الخصائص

تختلف باختالف اغراض الشعراء.. وينقسم الشعراء من هذا الوجه الى مجاميع، لكل منها غرض

او اسلوب او منحى خاص. وسنتوخى في تقسيمهم غير ما نراه في كتب القدماء، فنقسم الشعراء

بالنظر الى اغراضهم في النظم.

وقد علمت ان الشعراء الجاهليين الذين بلغتنا اخبارهم نحو مائة شاعر وبعض المائة من

القبائل على اختالف اصولها .. وكلهم عرب اال واحدا كان عبدا لبني الحسحاس وهو أعجمي. فال

عجب إذا خلص الشعر الجاهلي من العجمة لفظا وتركيبا، خالفا لما آت إليه حال الشعراء بعد

اإلسالم اذ نبغ فيهم بطقة من الموالي غير العرب، كما سيجيء.. فالشعراء الجاهليون كلهم

عرب، واكثرهم من عدنان كما تقدم .. ومعظمهم أهل بادية ورحلة متشابهون في اخالقهم

واغراضهم، وهما في القرنين االخيرين قبل اإلسالم: الحرب فيما بينهم، يوم كان البدوي يبيت

وسيفه او رمحه ضجيعه، كأنه يتحفز للنهوض في الصباح للغزو التماسا للرزق او الفخر او للثأر.

فيقضي ايامه في الحرب او يتأهب للحرب، والشاعر لسان حال قبيلته او مرآة اخالقها وآدابها.

فلذلك كان أكثر شعراء الجاهلية من أهل الحرب الفرسان الشجعان، وقد اشتهر جماعة منهم

في وقائع مشهورة نظموا فيها قصائد الحماسة والفخر. واذا اعتبرنا عدد شعراء الجاهلية مائة،

كان نصفهم من الفرسان واهل الحرب، وأكثر أشعارهم في الحماسة والفخر.. وبينهم طائفة من

الملوك واالمراء، أي كانت لهم الرياسة في قبائلهم وهي أكبر المناصب السياسية في ذلك

Page 53: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

53 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

العصر. ومنهم طائفة من الحكماء واهل التعقل والعلم والحكمة. وطائفة أخرى من العشاق

المتيمين الذين هاج العشق شاعريتهم. وآخرون يدخلون في صف الفرسان، لكنهم يختصون

بصفة مشتركة هي العدو والغزو، ويسمونهم الصعاليك. ومنهم طائفة تجمعها طبيعة الهجو

ففيهم ميل الى المهاجاة. وآخرون اختصوا بوصف الخيل وغيرهم بالغناء. ومن الشعراء من

يجمعهم المذهب، واخيرا النساء الشواعر، وهناك طائفة ال تدخل في احدى هذه الطبقات.

فهذا تقسيم الشعر من حيث اغراض الناظمين وطبائعهم ومراتبهم، لكن علماء الشعر

تعودوا تقديم أصحاب المعلقات على سواهم وهم مختلفون غرضا ووجهة متشابهون قوة

وشاعرية، فنجعلهم في باب على حدة. وعليه فتكون طبقات الشعراء الجاهليين من حيث

اغراضهم ومراتبهم 13 طبقة، وهذه هي مع عدد الشعراء من كل طبقة:

عدد

الشعراء

طبقات عدد

الشعراء

طبقات

1 المغنون 10 أصحاب المعلقات

4 النساء الشواعر 14 الشعراء االمراء

4 الهجاؤون 28 الشعراء الفرسان

4 الوصافون للخيل 4 الشعراء الحكماء

1 الموالي 8 العشاق

36 سائر الشعراء 7 الصعاليك

121 المجموع:

هؤالء شعراء الجاهلية وعددهم 121 شاعرا، وليس هم كل من قال شعرا في الجاهلية، اذ

لم يوجد بينهم ذكي لم يقل الشعر ألنه كان سجية في العرب كما تقدم. وانما وصلنا من اخبار

أولئك نخبتهم واشعرهم، ولم نذكر كل من وصلنا اخبارهم وانما اخترنا أكثر عشرا وأقواهم

شاعرية. واال ففي ديوان الحماسة وجمهرة أشعار العرب والمفضليات وأشعار الهذليين واالغاني

وسائر كتب االدب واللغة أسماء مئات من الشعراء لم يصلنا من اقوالهم اال بيت او بضعة ابيات.

ومن الذين اخترنا ذكرهم نفر أدرك اإلسالم وعاش في أيام الراشدين، وقد عددناه جاهليا

ألنه نشأ على طبائع الجاهلية واما المؤرخون فيسمونهم مخضرمين.

لكل طبقة مزية:

Page 54: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

54 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

لكل طائفة من هؤالء الشعراء صبغة في أشعارهم حسب غرضها.. فالشعراء االمراء او

الملوك تمتاز أشعارهم بأنفة الملك وعزه، فيفتخرون بالسيادة أكثر من السيف والرمح والقبيلة

.. فمن أقوال أحدهم وهو االفوه االودي:

معاشر ما بنوا مجداً لقومهمُ وإن بنى غيرهم ما أفسدوا عادوا

ويعد هذا البيت من حكمة العرب. وإذا مدحوا ال نجد في مدحهم تزلفا او استجداء، وانما

يكون للشكر على خدمة سلفت كقول امرئ القيس يمدح بني ثعل:

فأبلغ معدا والعباد وطيئا وكندة أني شاكر لبني ثعل

وترى في تشابيههم عند الوصف ذكر آنية الترف التي يألفها الملوك واالمراء، فامرؤ القيس

لما أراد وصف عين فرسه شبهها بالمرآة وهي من آنية الترف عندهم، قال:

وعين كمرآة الصناعِ تديرها لمحجرها من النصيف المنقب

ووصف بعض حمر الوحش، فشبه الوانها بانواع الوشي الجميلة. ولما وصف قروحه شبهها

بنقش الخواتم.وال يخلو شعر االمراء من ذكر المجد السالف، ويشيرون الى مواليهم واعوانهم

وغير ذلك مما ستراه في مكانه.

ويقال نحو ذلك في شعراء سائر الطبقات، فان كال منها تختص بأسلوب او بشيء يميزها عن

الطبقات األخرى.. فشعر العشاق المتيمين اكثره في التشبيب وشكوى الغرام والهجران. وشعر

الحكماء اكثره حكم وعظات وعبر. وال يمنع ذلك ان يشترك الشاعر في غير غرض من هذه

األغراض، أي ان يكون متحمسا وحكيما وعاشقا وغير ذلك.. فان كثيرين من الفرسيان عشقوا

وهاموا، وانما جعلناهم من طبقة الفرسان لغلبة ذلك عليهم.

وقد آن لنا ان نصف اشهر هؤالء الشعراء واشعرهم وفيهم المكثر من الشعر والمقل،

وبعضهم نظموا كثيرا، ولم يصلنا من أشعارهم اال القليل وال فائدة لطالب تاريخ آداب اللغة من

ايراد تراجم هؤالء .. وانما تختص بالوصف الشعراء الذين كانوا قدوة لسواهم وخلفوا آثارا

يمكن الحصول عليها ومطالعتها. ونكتفي في اآلخرين بذكر المآخذ التي يمكن الرجوع اليها في

مطالعة اخبارهم لمن أراد.

Page 55: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

55 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

Unit-4

أشهر شعراء الجاهلية

ا- أصحاب المعلقات

اختلف الرواة في عدد المعلقات وأصحابها ، فأبو زيد القرشي صاحب جمهرة أشعار العرب

يجعلهم ثمانية كما رأيت وهم امرؤ القيس ، وزهير، والنابغة ، واالعشي ، ولبيد ، وعمرو بن

كلثوم، وطرفة ، وعنترة . ولكن الزوزني جعل المعلقات سبعا ، ليس بين أصحابها النابغة، وال

االعشى ، وأضاف الحارث بن حلزة، وأضاف أبو زكريا التبريزي فوق ذلك قصيدة عبيد بن

األبرص، فصارت المعلقات وملحقاتها عشرا. هذه أسماء أصحابها:

امرؤ القيس ، النابغة، زهير، طرفة بن العبد، لبيد، عنترة، عمرو بن كلثوم، الحارث بن

حلزة ، األعشى، عبيد بن األبرص. وذكر أبو جعفر النحاس المتوفي سنة ۳۳۸ هـ ، وهو شارح

المعلقات ، أنها سبع، وأن بعضهم أضاف اليها قصدتي النابغة واألعشى، وان لم يعدهما من

المعلقات ، وذكر ابن خلدون سبعة من أصحاب المعلقات فيهم علقمة ابن عبده، لكنه لم يعين

معلقته ، وسنأتي هنا على ترجمة كل من نسبت اليه معلقة معينة. فإن الشاعرية تجمعهم جميعا.

هل علّقت المعلقات بالكعبة ؟

اختلف أصحاب األخبار في شأن هذه المعلقات في الجاهلية ، فقال بعضهم أن العرب بلغ

من تعظيمهم إياها أن علقوها بأستار الكعبة ، وأنكر بعضهم ذلك واكبروه ، وأقدم المنكرين أبو

جعفر النحاس النحوى المتقدم ذكره ، فقد قال في شرحه المعلقات بالنسخة الخطية الموجودة

منه في مكتبة برلين ما نصه: "واختلفوا في جمع هذه القصائد السبع ، وقيل أن العرب كان اكثر

هم يجتمع بعكاظ ويتناشدون األشعار، فاذا استحسن الملك قصيدة قال علّقوها وأثبتوها في

خزائني ، فأما قول من قال إنها علقت في الكعبة فال يعرفه أحد من الرواة ، وأصلح ما قيل في

هذا « أن حمادا الراوية لما رأى زهد الناس في الشعر وحضّهم عليها، وقال لهم هذه هي

المشهورات.. فسميت القصائد المشهورة"، ونقل ذلك عنه ابن االنباري فقال: "وهو (حماد) الذي

جمع السبع الطوال، هكذا ذكره أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس، ولم يثبت ما ذكره الناس من

أنها كانت معلقة على الكعبة"، فهو يستغرب مخالفة النحاس لما ذكره الناس.

Page 56: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

56 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

واألكثرون يذهبون إلى أنها علقت في الكعبة، وهذا ابن عبد ربه كان معاصرا للنحاس

المذكور وتوفي قبله (سنة ۳۲۸م) قال: "وقد بلغ من كلف العرب به (بالشعر) وتفضيلها له، أن

عمدت إلى سبع قصائد ميزتها من الشعر القديم، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة،

وعلقتها في أستار الكعبة، فمنه يقال: مذهبة امرؤ القيس، ومذهبة زهير، والمذهبات سبع، وقد

يقال لها: المعلقات". وأيد ذلك كثيرون في عصور مختلفة

منهم ابن رشيق صاحب كتاب العمدة ، وهو من أكبر نقدة الشعر، قال: «وكانت المعلقات

تسمى المذهبات، وذلك ألنها اختيرت من سائر الشعر فكتبت في القباطي بماء الذهب وعلقت

على كعبة، فلذلك يقال: مذهبة فالن إذا كانت أجود شعره، ذكر ذلك غير واحد من العلماء،

وقيل: بل كان الملك إذا استجدت قصيدة الشاعر يقول: علقوا لنا هذه، لتكون في خزانته، فترى

أن ابن رشيق أميل إلى القول بتعليقها، ألنه ينسب القول بذلك إلى غير واحد من العلماء،

ويضعف الرأي اآلخر بقوله (وقيل).

أما ابن خلدون فإنه يقطع بتعليقها وال يذكر سواه، وهذا قوله حتى انتهوا (أي العرب) إلى

المناغاة في تعليق أشعارهم بأركان البيت الحرام موضع حجهم وبيت إبراهيم، كما فعل امرؤ

القيس بن حجر، والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وطرفة بن العبد،

وعلقمة بن عبدة واألعشى وغيرهم من أصحاب المعلقات السبع.

وقد وافقهم أكثر العلماء والباحثين في هذا الموضوع، وإنما استأنف إنكار ذلك بعض

المستشرقين من اإلفرنج ووافقهم بعض كتابنا، رغبة في الجديد من كل شيء.

وأي غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوس العرب وتعظيمهم

ألصحابه؟! أما الحجة التي أراد النحاس أن يضعف بها القول بتعليقها ، فهي غير وجيهة؛ ألنه قال:

"إن حمادا رأي زهد الناس بالشعر إلخ"، والحقيقة أن الناس لم يكونوا راغبين في الشعر مثل

رغبتهم في أيامه، ألم يكن الخلفاء يستقدمون حمادا هذا من العراق إلى الشام ليسألوه عن بيت:

من قاله، أو فيم قيل؟ وإليك تراجم أصحاب المعلقات ومن يلحق بهم.

امرؤ القيس بن حجر -1توفي نحو سنة 540م

هو أشهر شعراء الجاهلية وأشرفهم أصال وأرفعهم منزلة، يتصل نسبه بملوك كندة ، وهم

في قول العرب بطن من كهالن، وكانوا يقيمون في البحرين والمشقر، ثم أجلوا عنهما إلى منازل

Page 57: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

57 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

كندة في حضرموت، وإليها ينسبون، أقاموا هناك دهرا يتولون بعض مناصب الدولة على عهد

التبابعة الحميريين، وقد ضاع أكثر أخبارهم، وأقدم من عرفت أخباره منهم حجر بن عمرو آكل

المرار جد جد امرئ القيس الشاعر، ونزح حجر إلى نجد ونزل بطن عاقل في أوائل القرن

الخامس للميالد، وكان اللخميون (المناذرة) قد ملكوا كثيرا من تلك البالد، وال سيما بالد بكر بن

وائل، وهم يومئذ بنجد فنهض البكريون معه لمحاربة اللخميين واستقلوا عن سلطانهم،

فاجتمعت كلمتهم على تعظيمه وملكوه عليهم احتى توفي بأواسط القرن الخامس للميالد، فخلفه

ابنه عمرو بن حجر، فلما مات خلفه ابنه الحارث بن عمرو، وفي أيامه فتح األحباش اليمن

فضعف شأن دولته، فوجه مطامعه نحو اللخميين في الحيرة، وكان يحسدهم لتقربهم من

األكاسرة . واغتنم تغير كسری قباذ على المنذر بن ماء السماء بسبب المزدكية وتقرب إليه،

فوافقه وواله الحيرة مكان المنذر، فعظم الحارث في نظر القبائل وجعلوا يتقربون إليه بالطاعة

وسألوه أن يولي عليهم من أراد، وكان له أربعة أوالد أقام كال منهم حاكما على بعض القبائل،

ومنهم حجر بن الحارث والد امرئ القيس تولى على بني أسد وغطفان.

ثم انقلب األمر على الحارث بعد موت قباذ؛ ألن أو شروان ابنه وافق المنذر وعزل الحارث

ففر، وطمع فيه المنذر فطار حتى قتله، وجعل يفسد بين أوالده بالتحاسد حتى تحاربوا فقتل

اثنان منهم وبقي اثنان: هما حجر والد امرئ القيس ومعد يكرب أمير قيس، ورأى بنو أسد

تضعضع دولة كندة، فاجتمعوا على خالف ملكهم حجر وأمسكوا عن أداء اإلتاوة فحاربهم

فقتلوه.

وكان امرؤ القيس عند مقتل أبيه غائبا فلما علم بقتله رجع وهو يعتقد عجزه عن األخذ

بثأره؛ ألن عدوه قوي، وعلم أيضا أن ذلك العدو إذا عرف مقره قبض عليه، فقضى برهة من

الدهر وهو يتجول متنكرا في اليمن ونجد والحجاز يستجير القبائل، فلم يجره أحد حتى أتى

السموءل صاحب حصن األبلق فاستجاره فأجاره، فاستودعه أدرعه وأمتعته وهو ال يرى من

يستنصره على أعدائه إال قيصر الروم..، ألن ملوك الحيرة عمال الفرس نصروا أعداءه على جاري

عادة العرب في ذلك العهد، إذا تطلموا من إحى هاتين الدولتين استنصروا األخرى، ولم يكن

المرئ القيس سبيل إلى القيصر فوسط الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب النفوذ عند قيصر

الروم يومئد وطلب منه أن يوصله إليه ففعل، فسار امرؤ القيس إلى القيصر، ويقول العرب: إن

القيصر بعد أن أجاب دعوته وسمع مدائحه وشي به أحد بني أسد أعدائه، وقال للقيصر: " إن

امرأ القيس شتمك" فصدق الوشاية، وألبس الشاعر حلة مسمومة فتلته، وال نعرف سما يفعل

هذا الفعل ، وعلى كل حال إن امرأ القيس قتل ولم ينل إربا.

Page 58: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

58 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وجاء في شعراء النصرانية بعد ذكر موت امرئ القيس بالجدري ما نصه: " وذكر في كتاب

قديم مخطوط أن ملك قسطنطينية لما بلغه وفاة امرئ القيس أمر بأن ينحت له تمثال وينصب

على ضريحه.. ففعلوا، وكان تمثال امرئ القيس هناك إلى أيام المأمون، وقد شاهده هذا الخليفة

عند مروره هناك لما دخل بالد الروم، ليغزو الصائفة".

شعر امرئ القيس

وكان امرؤ القيس قوي الشاعرية ولوال لم يقل الشعر؛ ألن الملوك كانوا قبله يأنفون من

قوله، ولكنه كان مطبوعا عليه يقوله وأبوه حي، وكثيرا ما زجره وهو يعصاه حتى اضطر أبوه أن

يبعده عنه.. فلم يبال بل جعل يجول في األحياء مع بعض األخالط من شذاذ العرب من طيء وكلب

وبكر بن وائل، فإذا صادف غديرا أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح لمن معه في كل يوم، وخرج

إلى الصيد فتصيد ثم عاد فأكل وأكلوا معه وشرب الخمر وسقاهم وغنته قيانه، وال يزال كذلك

حتى ينفد ماء ذلك الغدير ثم ينتقل عنه إلى غيره.

فلما أتاه نعي أبيه كان بدمون من أرض اليمن، فغضب غضبا شديدا، وغضبه أهاج

شاعريته، وأسفاره في البالد زادت اختباره، ولعله جاء بالد الروم قبل سفرته األخيرة، واألسفار

توسع الخيال الشعري، وإذا عاشر الناس وخالطهم اطلع على آدابهم واستفاد معاني جديدة أو

تتفتق قريحته فتستنبط صورا جديدة، وذلك من األسباب التي جعلت امرأ القيس يسبق إلى

أشياء في الشعر لم تكن معروفة قبله وتبعه الشعراء فيها.

وإذا أمعنت النظر فيما استنبطه من المعاني واألساليب، رأيتها من ثمار األسفار وسعة

االطالع، فمنها استيقاف الصحب في الديار كقوله: " قفا نبك الخ" فإنه طبيعي فيمن قضى معظم

حياته في توديع ديار واستقبال ديار، وقد كان الوفا، إذا أقام في المكان ألفه وإذا عاشر الرجل

كلف به.

ومنها دقة وصفه وإجادته على الخصوص في وصف الفرس والناقة، وهذا طبعا من ثمار

األسفار ألنه كان يقضي الساعات واأليام على فرسه ال شيء يشغله عنه مع تعلقه به ألنه أكبر

مساعد له على النجاة في فراره من أعدائه. ولذلك ال تكاد تقرأ له قصيدة إال وجدت فيها أبياتا

يصف بها فرسه أو ناقته. وقد فتقت األسفار والمعاشرة قريحته الستنباط المعاني أواقتباسها،

فمن ذلك قوله في قصيته البائية التي يصف بها الفراق وناقته وفرسه مطلعها:

تبصر خليلي هل ترى من ظعائن سلكن ضُحيا بين حزميْ شعبعب

Page 59: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

59 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ولكن القارئ ال يستأنس بالمعنى إال بعد أن يتعرف األلفاظ الغريبة، وعند ذلك يرى وصفا

بديعا لم يأب الشعراء بأحسن منه كقوله في وصف الفرس:

أقبّ كيعفور الفالة المحنب وقد أغتدي قبل الشروق بسابح

طراد الهوادي كل شأو مغرّب بمنجرد قيد األوبد الحه

وصهوة عَيْر قائم فوق مرقب له أيطال ظبي وساقا نعامة

حجارة غيل وارسات بطحلب ويخطو على صمّ صالب كأنها

له كفَل كالدِّعص لبّده الندى إلى حارك مثل الغبيط المذأب

لمحجرها من النصيف المنقّب وعين كمرآة الصناع تديرها

كمسامعتي مذعورة وسط ربرب له أذنان تعرف العتق فيهما

ووصف الفرس كثير في شعره، فليراجع في ديوانه، وقد أجاد في سائر ضروب الوصف،

وله قصيدة في وصف المطر وأخرى في الوصف على اإلجمال مطلعها:

وحدث حديث الركب إن شئت واصدق أال انعم صباحا أيها الربع فانلطلق

ومع ما في شعره وسائر أشعار الجاهلية من اللفظ الغريب، فقد امتاز امرؤ القيس برقة

األلفاظ ولطف التشبيه كقوله:

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي

وقوله :

وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب كأن عيون الوحش حول قبابنا

وقوله:

سمرات الحي ناقف حنظل كأني غداة البين لما تحملوا لدى

وقد أجاد في وصفه الفرس بقوله:

كجلمود صخر حطه السيل من عل مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا

وله أبيات كثيرة جرت مجرى األمثال على ألسنة الناس، واتخذ الشعراء بعضها قواعد

لنظمهم، وهو أول من رقق المعاني، ومما بلغ حد النهاية في الرقة واللطف قوله:

بسهميك في أعشار قلب مقتل وما ذرفت عيناك إال لتضربي

Page 60: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

60 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وهو أول من وصف النساء بالظباء والمها، وشبه الخيل بالعقبان، والعصي، وفرّق بين

النسيب وسواه في القصيدة، وقرّب مآخذ الكالم وقيد األوابد وأجاد االستعارة والتشبيه ومن

تشبيهه وهو مما يتغنى به:

لذيذ المقبّل والمبتسم وثغر أغرّ شتيت الثنايا

وبالظنّ يقضي عليك الحكم وما ذقته غير ظنّ به

ويقال إن امرأ القيس أول ما شبب بالنساء، شبب بأبيات مطلعها:

خجل الجمة ذا بطن أقب عهدتني ناشئا ذا غرة

وله محاورة شعرية في أوابد العرب مع عبيد بن األبرص، أولها قول عبيد:

درداء ما أنبتت سنا وأخراسا ماحية ميتة قامت بميتها

فأجابه امرؤ القيس:

تلك الشعيرة تسقى في سنابلها فأخرجت بعد طول المكث أكداسا

وهي طويلة.

معلقته وسبب نظمها:

أما معلقته فقد نظمها في وصف واقعة جرت له مع حبيبته وابنة عمه عنيزة بنت شرحبيل

إذ حظر عليه لقاؤها، ولعلهم منعوه منها لما كان من رغبته في الشعر. أما هو فكان ينتهز الفرص

لمالقاتها. فاغتنم فرصة ظعن الحي، وكانوا إذا ظعنوا مشى الرجال أوال ثم النساء، فتخلف امر ؤ

القيس عن الرجال وتربص حتى ظعنت النساء، وكان في طريق الظاعنين غدير يسمى دارة جلجل

في منازل كندة بنجد. فسبقهن امرؤ القيس إلى الغدير وفيهن عنيزة، فنزعن ثيابهن ونزلن في

الماء فبرز هو من مخبئه وجمع الثياب إنك أخرتنا عن الحي وجوعتنا"، فقال : " سأعقر لكن

راحلتي تأكلن منها"، فعقرها وأتين بالحطب، وجعلن يشوين اللحم حتى شبعن. وكان معه ركوة

فيها خمر فسقاهن منها، فلما ارتحلن حملن أمتعته على رواحلهن وبقي هو ال مركب له، فقال

لعنيزة: " ال بد لك من أن تحمليني "، وساعده صواحبها على طلبه فحملته على مقدم هودجها ،

فجعل يدخل رأسه في الهودج يقبلها ويحادثها ثم نظم معلقته ومطلعها:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وصف بها ما تقدم أحسن وصف، وهي مدرجة مع سائر المعلقات في كتاب، شرح عدة

شروح.

Page 61: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

61 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

أما سائر أشعاره فإنها جمعت في ديوان منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية ، وقد طبع

في باريس سن 1837 وفي غيرها وقد شرحه البطليوسي النحوی المتوفی سنة 494 ه وطبع

الشرح بمصر سنة ۱۲۸۲ هـ، وللنحاس شرح للمعلقة طبع في هال سنة 1876م.

وقد ترجمت معلقته إلى اللغة الروسية وطبعت مع األصل العربی من بطرسبورج سنة 1885

بعناية موركوس.

---------

2- زهير بن أبي سلمىتوفي نحو سنة 615م

هو أحد الثالثة المقدمين على سائر الشعراء ، وهم امرؤ القيس، وزهير، والنابغة ، وانما

اختلفوا في تقديم احد الثالثة على صاحبيه، وكما امتاز امرؤ القيس باستنباط األفكار

واالساليب وتلطيف المعانی ، فقد امتاز زهير بما في نظمه من الحكمة البالغة وكثرة االمثال مع

القدرة على المدح ، وهو ال يعاظل في الكالم ويتجنب وحشيه، وال يمدح احدا اال بما فيه،

وكثيرون يفضلونه على صاحبيه، ويقولون انه احسنهم شعرا وابعدهم من سخف ، وأجمعهم

الكثير من المعاني في قليل من األلفاظ.

وهو من مزينة إحدى قبائل مضر ، وكان يقيم هو وأبوه وولده في منازل بني عبد الله بن

عطفان بالحاجز من نجد . واول من نزل هناك منهم ابوه أبو سلمى النه تزوج امرأة من بني قهر

بن مرة من ذبيان بن غطفان فولدت له زهيرا، وتزوج زهير امرأة من سحيم بن مرة، ولذلك كان

زهير يذكر في شعره بني مرة وغطفان ويمدحهما. وكان لزهير اخالق عالية ونفس كبيرة مع

سعة صدر وحلم، فرفع القوم منزلته وجعلوه سيدا، وكثر ماله واتسعت ثروته، وكان مع ذلك

عريقا في الشاعرية فكان أبوه شاعرا وكذلك خاله وأختاه وابناه. وكان لشعره تأثير كبير في

نفوس العرب وكان مقربا من امراء ذبیان وخصوصا هرم بن سنان والحارث بن عوف ، واول

قصيدة نظمها في مدحها معلقته المشهورة التي مطلعها:

بحومانة الدراج فالمتثلم أمن أم أو في دمنة لم تكلم

قالها على أثرمكرمة أتياها بحقن الدماء بين عبس وذبيان ثم مدح هرما بقصائد كثيرة حتى

حلف هرم أال بمدحه زهير إال اعطاه ، وال يسأله اال أعطاه ، والسلم عليه اال أعطاه عبدا أو وليدة

أو فرسا.

Page 62: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

62 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فاستحيا زهير من كثرة ما كان يقبل منه فأصبح اذا رآه في مإل من الناس قال :«عموا صباحا

غير هرم ،، وخيركم استثنيت ، وقال عمر بن الخطاب لبعض أوالد هرم: أنشدني بعض مدح

زهير أباك فأنشده ، فقال عمر:

إنه كان ليحسن فيكم القول ، فقال نحن والله كنا نحسن له العطاء ، فقال عمر: قد ذهب ما

أعطيتموه وبقي ما اعطاكم ، ومدح زهير ايضاسنان بن ابی حارثة المری وحصن بن حذيفة بن

بدر وغيرهماومما قاله في مدح هرم ، ولم يسبقه إليه أحد قوله:

قد جعل المبتغون الخير في هرم والسائلون الى أبوابه طرقا

من يلق يوما على عالته هرما يلق السماحة منه والندی خلقا

يطلب شأو امرأين قدما حسبا بذا الملوك وبذا هذه السوقا

هو الجواد فإن يلحق بشأوهما على تكاليفه فمثله لحقا

أو يسبقاه على ما كان من مهل فمثل ما قدما من صالح سبقا

ومن بليغ مدحه قوله في مدح حصن بن حذيفة بعد ان استهل بوصف الصيد، ثم تخلص الى

المدح في قصيدة طويلة، جئنا بمثال منها في فصل سابق من هذا الكتاب ، وتجد أمثلة من نظمه

في أماكن اخرى منه.

ويؤخذ من بعض أقواله أنه كان مؤمنا بالبعث ، كقوله:

ليوم الحساب أو يعجّل فينقم يؤخر فيودع في كتاب فيدّخر

ومما يدل على تعقله وحنكته وسعة صدره حكمه في معلقته التي نقلنا بعضها في الصفحات

األولى من هذا الكتاب وقد جمع خالصة التقاضي في بيت واحد وهو:

يمين أو نفار أو جالء وإنّ الحق مقطعه ثالث

فزهير يمتاز بمدحياته وحكمياته وبالغته ، وقد جمعت أشعاره في ديوان شرحه ثعلب

المتوفي سنة ۲۹۱هـ

٣ -النابغة الذبيانيتوفي سنة 604 م

هو أحد الثالثة المقدمين على سائر الشعراء واسمه زياد بن معاوية من ذبيان من قيس وهو

من االشراف الذين غض الشعر منهم كما غض من امرىء القيس. وكان يفد على النعمان صاحب

Page 63: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

63 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

الحيره فيمدحه ، فوقعت العداوة بينه وبين المنخل الشاعر ، فوشی به إلى النعمان ۰۰ فهرب

النابغة الى بني غسان ونزل بعمرو بن الحارث األصغر ملك الغساسنة فمدحه. ومازال مقيما

عنده حتى مات عمرو وخلفه النعمان اخوه، فمكث معه حتى اصطلح مع النعمان صاحب الحيرة

فعاد اليه.

وكان يفد على صاحب الحيرة ايضا حسان بن ثابت األنصاري ، ولكن النابغة كان مقدما على

الجميع ، فجمع من عطايا النعمان صاحب الحيرة ثروة طائلة وصار يأكل ويشرب في آنية الفضة

والذهب ، وله منزلة كبرىعند شعراء عصره، فاذا جاء سوق عكاظ ضربوا له قبة من جلد وجاء

الشعراء ينشدون أشعارهم وأول من أنشده ذات مرة االعشى ثم حسان ثم الخنساء ، وهذا

شرف لم ينله أحد من الشعراء سواه.ويمتاز النابغة عن صاحبيه بأنه أحسنهم دیاجة شعر

واكثرهم رونق كالم وأجزلهم بيتا، فكان شعره كالم ليس فيه تكلف وذلك ظاهر في كل أقواله

حتى جرى كثير منها مجرى االمثال ، واقتبس الشعراء كثيرا من أقواله، منها:

وال قرار على زأر من األسد نبئت أن أبا قابوس أوعدني

تمثل به الحجاج بن يوسف حين سخط عليه عبد الملك بن مروان،

وقوله:

ألفردت اليمين من الشمال فلو كفّي اليمين بغتْك خونا

أخذه المثقب العبدي فقال:

بنصر لم تصاحبها يميني ولو أن تخالفني شمالي

وقوله:

فحمّلتني ذنب امرئ وتركته كذي العر يكوى غيره وهو راتع

أخذه الكميت فقال:

بهن العر قبلي ما كوينا وال أكوي الصحاح براتعات

وقوله:

قتبا يعض بغارب ملحاحا واستبق ودك للصديق وال تكن

أخذه ابن ميادة فقال:

ما إن ألح على اإلخوان أسألهم كما يلحّ بعض الغارب القتب

وما يتمثل به من شعره قوله:

Page 64: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

64 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

عبد اإلله ضرورة المتعبد لو أنها عرضت ألشمط راهب

ولخاله رشدا وإن لم يرشد لرنا لبهجتها وحسن حديثها

أخذه ربيعة بن مقروم الضبي فقال:

في رأس مشرفة الذّرى يتبتل لو أنها عرضت ألشمط راهب

ولهمّ من ناموسه يتنزل لرنا لبهجتها وحسن حديثها

ومما يتمثل به أيضا من شعره ؛

تنهى الظلوم وال تقعد على ضمد ومن عصاك فعاقبه معاقبة

وقال في العفة وهو أحسن ما قيل فيها:

يحيون بالريحان يوم السباسب رقاق النعال طيب حجزاتهم

أخذه عدي بن زيد فقال :

فوق من أحكي بصلب وإزار أجل إن الله قد فضلكم

فاصلب الحسب واإلزار العفاف وفي أمثالهم : أصدق من قطاة – قال النابغة:

تدعو قطا وبها تدعى إذا نسبت يا حسنها حين تدعوها فتنتسب

وذلك ألنها تلفظ باسمها، أخذه أبو نواس فقال : أصدق من قول قطاة قطا.

وقد مدح النابغة النعمان وعمرو بن هند من أصحاب الحيرة، وعمرو بن الحارث الغساني

وأخاه النعمان ووائل بن الحالج الكلبي وهجا ابن زرعة ورثى واعتذر وفاخر. ولكن الشعر

الوصفي قليل في منظومه اال القصيدة التي نظمها في وصف المتجردة زوجة النعمان صاحب

الحيرة وقد تقدم مطلعها. ومن قوله في وصفها:

أحوى أحم المقلتين مقلد نظرت بمقلة شادن متربب

ذهب توقد كالشهاب الموقد والنظم في سلك يزين نحرها

كالغصن في غلوائه المتأود صفراء كالسيراء أكمل خلقها

قامت تراءى بين سجفي كلة كالشمس يوم طلوعها باألسعد

بهج متى يرها يهل ويسجد أو درة صدفية غواصها

بنيت بآجر يشاد وقرمد أو دمية من مرمر مرفوعة

فتناولته واثقتنا باليد سقط النصيف ولم ترد إسقاطه

عنم يكاد من اللطافة يعقد بمخضب رخص كأن بنانه

Page 65: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

65 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وهي طويلة وفيها أبيات ال يليق نشرها، ولكنه وصف فيها الطبعة كما هي عادة الجاهليين

في تمثيل الواقع، وكما فعل سليمان الحكيم في نشيد االنشاد. ومن أحسن شعره معلقته التي

مطلعها:

ماذا تحيون من نؤي وأحجار عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار

وهي ستون بيتا ذكرها صاحب جمهرة أشعار العرب.

4- أعشى قيستوفي سنة 269م

اسمه ميمون بن قيس بن جندل بن بكر بن وائل من ربيعة ، وهو أحد األعالم من شعراء

الجاهلية وفحولهم . والبعض يقدمونه على سائرهم إذا طرب، كما يتقدم امرؤ القيس إذا غضب

، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، ويحتج الذين يقدمونه بكثرة طواله الجياد وتصرفه في

المديح والهجاء وسائر فنون الشعر مما ليس لسواء. ويقال إنه أول من سأل بشعره وانتجع به

أقاصي البالد، وكان يغني به فسموه صناجة العرب، وقد تقدم أنه قد روي المذهب لقوله:

عدل وولى المالمة الرجال استأثر الله بالوفاء وبالــ

ويظن أنه أخذ ذلك من نصارى الحيرة. وهو الذي زوج بنات المحلق بأبيات قالها فيه. ولم

يكن يمدح قوما إال رفعهم ، ولم يهج قوما إال وضعهم، ألنه من أسير الناس شعرا وأعظمهم فيه

حظا، وله منافرة مع علقمة الفحل. ويمتاز األعشى عن معظم شعراء الجاهلية بوصف الخمر، إذ

قل فيهم من ذكره وأما هو فقد وصفها بقوله:

صبحت براحة شربا كراما وأدكن عاتق جحل ربخل

من الالئي حملن على المطايا كريح المسك تستل الزكاما

وقوله:

حول تشل غمامة المزكوم من خمر عانة قد أتى لختامها

وقد أدرك الرسول ووفد عليه فمدحه بقصيدة مطلعها:

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وعادك ما عاد السليم المسهدا

وماذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم خلة مهددا

Page 66: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

66 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وفيها يقول لناقته:

فآليت ال أرثى لها من كاللة وال من حفا حتى تزور محمدا

أغار لعمري في البالد وأنجدا نبي يرى ما ال ترون وذكره

متى ما تناخى عند باب ابن هاشم تراحى وتلقى من فواضله يدا

فلما علم أبو سفيان بذلك حرض قومه على إرضائه بالرجوع خوفا من أن يسلم فينصر

الرسول بشعره على قريش، فجعلوا له مائة من اإلبل فأخذها ورجع. وله معلقة مطلعها:

وسؤالي وما ترد سؤالي ما بكاء الكبير في األطالل

ولألعشى ديوان خط في دار الكتب المصرية. وله قصيدتان ترجمتا إلى األلمانية ترجمهما

المستشرق األلماني جاير (Geyer) األولى المعلقة المقدم ذكرها، والثانية أولها ( ودع هريرة أن

الركب مرتحل) وقد عنى بشرحهما مطوال حتى بلغت صفحات شرح األولى وحدها 223 صفحة.

وللمستشرق المذكور ولع خاص بشعر األعشى وهو يطبع ديوانه عن النسخة الوحيدة الكاملة

الموجودة في االسكوريال.

5- لبيد بن ربيعةتوفي سنة 662م

هو لبيد بن ربيعة العامري (من قيس) ، وكان من اشراف الشعراء الجيدين و الفرسان

المعمرين ، يقال إنه عمر 145 سنة عاش معظمها في الجاهلية ، وقد أدرك اإلسالم وأسلم

وهاجر وحسن إسالمه و نزل الكوفة أيام عمر بن الخطاب ، فأقام بها حتى مات في أوائل خالفة

معاوية . فكان عمره 145 سنة منها 90 في الجاهلية ، وكانت الشاعرية ظاهرة في عينيه منذ

صباه. ذكروا أن النابغة رآه وهو غالم جاء مع أعمامه إلى النعمان ابن المنذر ، فتوسم فيه

الشاعرية، فسأل عنه فنسبوه ، فقال له :« يا غالم إن عينيك لعينا شاعر ، أفتقرض من الشعر

شيئا؟، قال : نعم ، يا عم، قال: فأنشدني ، فأنشده قوله (ألم ترجع على الدمن الخوالي الخ) فقال

له : يا غالم أنت أشعر بني عامر زدني، فأنشده قوله طلل لخولة في الرسيس قديم ، فضرب بيده

على جبينه، وقال اذهب، فأنت أشعر قيس كلها.

وأكثر شعره في الجاهلية الن الخلفاء الراشدين شغلوا الناس عن الشعر بالقرآن، ذکروا ان

عمر بن الخطاب بعث الى المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يقول له: استمد من قبلك من

شعراء مصرك ماقالوا في االسالم، فأرسل إلى األغلب الراجز العجلی ، فقال له انشدنی ، فقال:

Page 67: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

67 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

لقد طلبت هينا موجودا أرجزا تريد أم قصيدا

ثم أرسل الى لبيد ، فقال: أنشدني ما قلته في اإلسالم ، فكتب سورة البقرة في صحيفة ، ثم

أتي بها وقال : "أبدلني الله هذا في االسالم مكان الشعر " فكتب المغيرة بذلك الى عمر ، فنقص

من عطاء األغلب خمسمائة وجعلها في عطاء لبيد.

فمعظم ما يروونه من شعره قبل في الجاهلية، وكان من أجود العرب ، ويقال إنه آلى على

نفسه في الجاهلية ان ال تهب صبا اال أطعم ، وكان له جفنتان يغدو بهما ويروح في كل يوم على

مسجد قومه فيطعمهم. فهبت الصبا يوما والوليد بن عقبة في الكوفة، فصعد الوليد المنبر

يخطب الناس ، ثم قال: "إن أخاكم لبيد بن ربيعة قد نذر في الجاهلية أن التهب صبا اال أطعم ،

وهذا يوم من أيامه قد هبت صبا فأعينوه، وأنا أول من فعل". ثم نزل عن المنبر فأرسل إليه بمائة

بقرة ، وكتب إليه بأبيات قالها:

إذا هبت رياح أبي عقيل أرى الجزار يشتحذشفرتيه

طويل الباع كالسيف الصقيل أشم األنف أصيد عامري

على العمالت والمال القليل وفي ابن الجعفري بحلفتيه

ذيول صبا تجاذب باألصيل بنحر الكوم إذ سحبت عليه

فلما بلغت أبياته ليبدا قال البنته : أجيبيه فلعمري لقد عشت برهة وما أعيا بجواب شاعر ،

فقالت ابنته:

دعونا عند هبتها الوليدا إذا هبت رياح أبي عقيل

أعان على مروءته لبيدا أشم األنف أروع عبشميا

عليها من بني حام قعود بأمثال الهضاب كأن ركب

نحرناها وأطعمنا الثريدا أبا وهب جزاك الله خيرا

وظني ال أبا لك أن تعودا فعد إن الكريم له معاد

فقال لها لبيد: و قد أحسنت لوال انك استطعمته ، فقالت: "ان الملوك اليستحي من

مسألتهم ، فقال: وأنت يابنية في هذه أشعر.

ومما يستجاد من قوله قصيدة مطلعها:

أال كل شيء ما خال الله باطل وكل نعيم ال محالة زائل

ويقال إنه لم يقل في اإلسالم اال بيتا واحدا، هو :

حتى لبست من اإلسالم سرباال الحمد لله أن لم يأتني أجلي

Page 68: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

68 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

أما معلقته فمطلعها:

بمنى تأبد غولها فرجامها عفت الديار محلها فمقامها

6- عمرو بن كلثومتوفي سنة 600م

هو من تغلب، وأمه ليلى بنت المهلهل أخي كليب المشهور ، فهو حفيد المهلهل. واشتهرت أمه

ليلى باألنفة وعظم النفس تفاخرا بأبيها. وساد عمرو بن كلثوم قومه تغلب وهو في الخامسة

عشرة، وقد عمر طويال وكان أعز الناس نفسا وأكثرهم امتناعا وأنفة، وكان شاعرا مطبوعا

اشتهر بمعلقته التي مطلعها:

وال تبقي خمور األندرينا أال هبي بصحنك فاصبحينا

وهي حماسية فخرية يقال إنها كانت تزيد على ألف بيت وإنما وصل إلينا قد نظمهاغضبا ألمه

وقبيلته من عمرو بن هند صاحب الحيرة. وكان عمرو هذا معجبا بنفسه، فقال يوما للندماء: هل

تعلمون حدا من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟ فقالوا : نعم ، أم عمرو ابن كلثوم، قال: ولم؟ ،

قالوا: ألن أباها المهلهل بن ربيعة ، وعمها كليب بن وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك

أفرس العرب، وابنها عمرو وهو سيد قومه.

فأرسل عمرو بن هند صاحب الحيرة الى عمرو بن كلثوم يستزيره ، وسأله أن يزير أمه أمه

فأقبل ابن كلثوم من الجزيرة الى الحيرة في جماعة من بني تغلب ، وأقبلت ليلى بنت مهلهل في

ظعن من بني تغلب، وامر عمرو بن هند برواقه ، فضربه فيما بين الحيرة والفرات ، وأرسل إلى

وجوه أهل مملكته ، فحضروا في وجوه بني تغلب ، فدخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في

رواقه ، ودخلت ليلى وهند في قبة من جانب الرواق، وقد كان عمرو بن هند أمر أمه أن تنحى

الخدم اذا دعا بالطرف وتستخدم ليلى ، فدعا عمرو بمائدة ، ثم دعا بالطرف فقالت هند: ناوليني

يا ليلى ذلك الطبق ، فقالت ليلى : لتقم صاحبة الحاجة الى حاجتها، فأعادت عليها وألحت،

فصاحت ليلى :وا ذاله ! يا لتغلب ، فسمعها عمرو ابن كلثوم ، فثار الدم في وجهه ، ونظر اليه

عمرو بن هند فعرف الشر في عينيه ، فوثب عمرو بن كلثوم الى سيف لعمرو بن هند، معلق

بالرواق ليس هناك سيف غيره، فضرب به رأس عمرو بن هند ونادي في بني تغلب ، فانتهبوا ما

في الرواق وساقوا نجائبه وساروا نحو الجزيرة.

Page 69: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

69 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فجاشت نفس ابن كلثوم وحمى ضبه وأخذته األنفة والنخوة ، فنظم معلقته، أو لعله نظم

بعضها في ذلك الحين ، ثم أتمها في حادثة اخرى، جرت له مع عمرو بن هند المذكور على أثر

خالف جری بين قومه التغلبيين واخوانهم البكريين، و تقاضوا الى عمرو هذا . وكان قد أصلح

بينهما بعد حرب البسوس وشرط عليهما شروطا اذا اختصما. فلما جاروه للمقاضاة كان ابن

کلثوم سيد تغلب والنعمان بن هرم سيد بكر. وجرى بين األميرين جدال بين يدي صاحب

الحيرة. وكان هذا يؤثر تغلبا على بكر، فطرد ابن هرم، فنهض ابن كلثوم وانشد معلقته ، وكان

حاضرا هناك الحارث بن حلزة من بكر وائل فأنشد معلقته كما سيجيء ، فالغالب أن ابن كلثوم،

نظم معلقته على مرتين في حادثة أمه وهذه الحادثة. ولذلك رأيت فيها اشارة الى كليهما وقد

وقف عمرو بن كلثوم بهذه، في سوق عكاظ فأنشدها في موسم مكة ، وكان بنو تغلب يعظمونها

ويرويها صغارهم وكبارهم لما حوته من الفخر والحماسة مع جزالتها وسهولة حفظها . فقد

استهلها بذكر الخمر ووصف شاربها وتأثيرها ، وهذا قليل في شعر الجاهلية كما تقدم. ثم وصف

ليلى نحو وصف النابغة المتجردة ، ثم خاطب عمرو بن هند وافتخر بنفسه وأهله ، وأشار إلى ما

أراده ابن هند من احتقار والدته ، وذكر واقعة لهم في ذي أراط فازوا بها وابدعوا ، ثم تخلص الى

الفخر في أبيات، هذا بعضها:

إذا قبب بأبطحها بنينا وقد علم القبائل غير فخر

وأنا العازمون إذا عصينا بانا العاصمون إذا أطعنا

وأنا المهلكون إذا أتينا وأنا المنعمون إذا قدرنا

وأنا الحاكمون بما أردنا وأنا النازلون بحيث شينا

وأنا اآلخذون لما هوينا وأنا التاركون لما سخطنا

وأنا الضاربون إذا ابتلينا وأنا الطالبون إذا نقمنا

يخاف النازلون به المنونا وأنا النازلون بكل ثغر

ويشرب غيرنا كدرا وطينا ونشرب إن وردنا الماء صفوا

7- الحارث بن حلزة اليشكريتوفي سنة580

هو من بكر وائل، وقد اشتهر بين أهل العراق. وكان به وضح أي برص، وهو قليل النظم

وإنما اشتهر بمعلقته وفي قصيدة واحدة كما اشتهر بمثلها عمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد اآلتي

Page 70: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

70 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

ذكره. وقد تقدم أن الحارث كان في وفد البكريين الذين أتوا عمرو بن هند وخطيبهم النعمان بن

هرم. فلما غضب ابن هند عليه وأوشك أن يقضي لبني تغلب، قال الحارث بن حلزة لقومه ( إني

قد قلت خطبة فمن قام بها ظفر بحجته وفلج على خصمه) فرواها أ ناسا منهم ، فلما قاموا بين

بني الملك لم يرضه انشادهم ، فقال : " إني ال أرى احدا يقوم بها مقامی لكني اكره ان أكلم الملك

من وراء سبعة ستور، وينضح أثری بالماء اذا انصرفت عنه" وكانوا يفعلون ذلك بمن فيه برص ،

وقيل بل كان ابن هند يفعل ذلك لعظم سلطانه وال ينظر الى احد به سوء، ثم خاف ابن حلزة على

قومه، وقال: أنا محتمل ذلك واقرب من الملك ، فقيل لعمرو بن هند: إن به وضحا، فأمر أن تمد

بينه وبين الحارث سبعة ستور ، فجعلت ، فلما نظر عمرو بن كلثوم قال للملك « أهذا يناطقني

وهو اليطيق صدر راحلته، فأجابه الملك حتي أفحمه وانشد الحارث قصیدته التي مطلعها':

رب ثاو يمل منه الثواء آذتنا بينها أسماء

وكانت هند ام عمرو صاحب الحيرة تسمع ، فقالت تالله ما رأیت کالیوم قط رجال يقول مثل

هذا القول يكلم من وراء سبعة ستور، فقال الملك: ارفعوا سترا وادنوا الحارث . حتى اذا أزيلت

الستور السبعة، اقعده الملك قريبا منه، وبالغ في إكرامه ، وضرب بالحارث المثل بالفخر ، فقيل

: أفخر من الحارث بن حلزة ، وخصوصا النهم يزعمون انه قالها ارتجاال ، وذلك بعيد النه ذكر

فيها عدة من أيام العرب عير بعضها بني تغلب تصريحا، وعرض بعدها بعمرو بن هند، فهي من

قبيل المالحم في وصف الوقائع.

۸- طرفة بن العبدتوفي سنة 500م

هو أبو عمرو طرفة بن العبد من بكر وائل من ربيعة ابن اخت جرير ابن عبد الله المعروف

بالمتلمس، وقد نبغ في الشعر منذ حداثته حتى صار يعد من الطبقة األولى ، وتوفي صغير السن

ومع كونه من المقلين فان أشعاره كانت معول أصحاب اللغة في االستشهاد ، وكان في صباه

عاكفا على المالهي يعاقر الخمر وينفق ماله عليها، ولكن مكانه في قومه جعله جريئا على الهجاء،

ومات ابوه وهو صغير، فأبی أعمامه أن يقسموا ماله وظلموه حقا ألمه وردة ، فنظم في هجائهم

قصيدة ابدع فيها مطلعها:

صغر البنون ورهط وردة غيب ما تنظرون بحق وردة فيكم

Page 71: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

71 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

واشتهر في االكثر بمعلقته. وقال في سبب نظمها ان اخاه معبدا كانت له إبل فذهب أخوه

طرفة إلى ابن عمه مالك ليعينه في كلبها فالمه وانتهره، وقال: فرطت فيها ثم أقبلت تتعب في

كلبها، فهاجت قريحة طرفة، فقال معلقته التي مطلعها:

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد لخولة أطالل ببرقة ثهمد

وفيها يشبه حدوج حبيبته بالسفن السابحة في الماء، ثم يصف ناقته وصفا جميال يوهمك

ألول وهلة أنه يصف حبيبته. ولكنك ال تلبث أن ترى وصفه الدقيق لكل عضو من أعضائها حتى

ذيلها، ثم ينتقل إلى الحكم والموعظة ثم العتاب يعاتب ابن عمه على تعنيفه، ويأسف ألنه ال يقدر

أن يرد تعنيفه لمقامه عنده.

ولطرفة حديث مع عمرو بن هند صاحب الحيرة والمتلمس الشاعر كان سببا في قتله. وذلك

أن طرفو كان صباه معجبا بنفسه يتخلج في مضيته، فمشى تلك المشية مرة بين يدي عمرو بن

هند فنظر إليه نظرة كادت تبتلعه من مجلسه. وكان المتلمس حاضرا، فلما قاما قال له المتلمس :

يا طرفة إني أخاف عليك من نظرته إليك، فقال طرفة : كال، ثم إنه كتب لهما كتابين إلى المكعبر،

وكان عامله على البحرين وعمان، فخرجا من عنده وسارا حتى إذا هبطا بأرض قريبة من الحيرة،

رأيا فيها شيخا دار بينهما ، وبينه كالم نبه المتلمس : يا غالم أتقرأ ؟ قال : نعم، قال: اقرأ هذه ،

فإذا فيها : باسمك اللهم من عمرو بن هند إلى المكعبر ، إذا أتاك كتابي هذا من المتلمس فاقطع

يديه ورجليه وأذنيه حيا، فأقى المتلمس الصحيفة في النهر، وقال : يا طرفة معك والله مثلها،

فقال : كال، ما كان ليكتب لي مثل ذلك، ثم أتى طرفة إلى المعبر، فقطع يديه ورجليه وأذنيه حيا،

فضرب المثل بصحيفة المتلمس لمن يسعى في حتفه بنفسه.

9- عنترة بن شداد العبسيتوفي سنة 615م

هو عنترة بن شداد من قبيلة عبس من قيس، وهو من الشعراء الفرسان الشجعان، وعشق

فهاجت شاعريته واتسع خياله. وأخباره مدونة في قصته المشهورة، ولكن أكثرها موضوع من

قبيل القصص الروائية. أما عنترة فال شك في وجوده، وله حروب وأشعار. والصحيح من خبره

أن أمه زبيبة كانت حبشية فلما أنجبت ابنها وظهرت مواهبه اعترف به أبوه وألحقه بنسبته على

اصطالحهم في ذلك العصر.

Page 72: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

72 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وهو أحد أغربةالعرب، ممن أمهاتهم إماء وهو ثالثة : عنترة وخفاف بن عمير والسليك بن

السلكة. وشهد عنترة حرب داحس والغبراء وهو شاب ، ووقعت مالحاة بينه وبين بني عبس في

إبل أخذها من حليف لهم اقتتلوا عليها. وحدثت حروب بين جديلة وثعل، وكان عنترة مع جديلة

فنصرهم فانتصروا فشكته ثعل إلى غطفان . ووقائعه كثيرة يشتبه فيها الصحيح بالموضوع

وهو في اختالف في سبب قتله. وأحب عبلة بنت عمه وهو يذكرها، في أكثر أشعاره.

ولعنترة أشعار كثيرة تدخل في ديوان كبير، والرواة مختلفون فيما هو له وما هو موضوع ،

ومما ثابت له المعلقة التي مطلعها:

أم هل عرفت الدار بعد توهم هل غادر الشعراء من متردم

ويقال في سبب نظمها أنه جلس يوما في مجلس بعدما كان قد أبلي واعترف به ابوه واعتقه

، فسابه رجل من بني عبس ذکر سواده وأمه وإخوته، فسبه عنترة وفخر عليه، وقال فيما قال له

: ( إني ال أحضر البأس وأوفي المغنم وأعف عن المسئلة وأجود بما ملكت يدي وأفصل الخطة

الصماء) ، قال له الرجل: إنا أشعر منك ، قال : ستعلم ذلك، فقال عنترة يدكر قتل معاوية بن

نزال وهي أول كلمة قالها.

فبدأ بذكر الديار ديار عبلة وخاطبها يشكو البعد والغرام، ثم استأنف الفخر والحماسة.

وأكثر الرواة ينكرون أن يكون مطلع المعلقة له ومنهم األصمعي وابن األعرابي، وكلهم يقولون أن

أول المعلقة الحقيقي:

وعمي صباحا دار عبلة واسلمي يا دار عبلة بالجواء تكلمي

ومن غرر القصائد المنسوبة اليه قصيدة يذكر فيها واقعة يوم الفروق مطلعها:

وقاتل ذكراك السنين الخواليا اال قاتل الله الطلول البواليا

وصف فيها الواقعة وافتخر، وله قصيدة فخمة يتوعد بها النعمان ويفتخر بقومه كلها حكم

وحماسة مطلعها:

ال يحمل الحقد من تعلو به الرتب وال ينال العلی من طبعه الغضب

وفي هذا البيت من الحكمة البالغة ماليس بعده غاية، ومن أقواله قصيدة يهدد بها عمارة

والربيع ابني زياد العبسی معرضا بذكر قومهما مطلعها:

لغير العال مني القال والتجنب ولوال العال ما كنت في العيش أرعب

وغير هذه، شيء كثير يراجع في ديوانه، وفيه معان لم يسبق اليها، منها قوله:

غردا كفعل الشارب المترنم وخال الذباب بها فليس ببارح

Page 73: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

73 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فعل المكبّ على الزناد األجذم هزجا يحك ذراعه بذراعه

وقوله:

مالي وعرضي وافر لم يكلم وإذا شربت فانني مستهلك

وإذا صحوت فما أقصر عن ندى وكما علمت شمائلي وتكرمي

ومن ذلك قوله:

اني امرؤ من خير عبس منتصبا شطري وأحمي سائرى بالمنصل

وإذا الكتيبة أحجمت وتالحظت ألقيت خيرا من معم محول

يقول النصف من نسبي شريف في خير عبس واحمى النصف االخر وهو نسبة في السودان

بالسيف فأشرفه أيضا ، ومن أحسن شعره قوله:

بكرت تخوفني الحتوف كأنني أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل

البد أن أسقى بذاك المنهل فأجبتها إن المنية منهل

أني امرؤ سأموت إن لم أقتل فافنى حياء ك ال أبالك واعلمي

مثلى إذا نزلوا بضنك المنزل إن المنية لو تمثل مثّلت

ومن إفراطه قوله:

والطعن مني سابق االجال وأنا المنية في المواطن كلها

وفي هذه يفخر بأخواله من السودان اذ يقول:

في آل عبس مشهدی وفعالي إني لتعرف في الحروب مواطني

واألم من حام فهم أخوالي منهم أبي حقا فهم لي والد

قصة عنترة

أما قصته فقد اختلفوا في واضعها، ويظهر أنها وضعت بالتدريج ومعنى ذلك أنهم توسعوا

فيها وأضافوا إليها زيادات على مر التاريخ حتى بلغت ما هي عليه اآلن. وكان من عادة المسلمين

في صدر اإلسالم أن يستنهضوا همم الجند للحرب بتالوة أخبار الشجعان وفرسانهم الجاهليين،

وقد رأيناهم يفعلون ذلك في القرن األول للهجرة ، في زمن الحجاج بن يوسف سنة 77 في

الواقعة التي قتل فيها شبيب عتاب بن ورقاء. ذكر ابن األثير أن عتابا سار في أصحابه قبل

المعركة بحرضهم على القتال ويقص عليهم ، ثم قال : أين القصاص؟ ، فلم يجبه أحد، فقال : أين

من يروي شعر عنترة؟ ، فلم يجبه أحد الخ.

Page 74: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

74 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فكانوا وال يروون أشعار عنترة للحماسة، ثم صاروا يجمعون أخباره وأحاديثه ويتناقلونها

رواية عن األصمعي وهي تتسع حتى جمعت بمصر في أواخر القرن الرابع للهجرة ، في زمن

الخليفة العزيز بالله الفاطمي. وقد جاء في سبب جمعها وتدوينها أن رجال اسمه الشيخ يوسف بن

اسماعيل كان يتثل بالعزيز بالله. فاتفق أن حدثت ريبة في دار العزيز، لهجت الناس بها في المازل

واالسواق فساء العزيز ذلك ، وأشار على الشيخ يوسف المذكور أن يطرف الناس بما عساه أن

يشغلهم عن هذا الحديث.

وكان الشيخ يوسف هذا، واسع الرواية في أخبار العرب كثير النوادر واألحاديث، وكان قد

أخذ روايات شتى عن أبي عبيدة وابن هشام وجهينة بار واألصمعي وغيرهم من الرواة، فأخذ

يكتب قصة عنترة ويوزعها في الناس فأعجبوا بها واشتغلوا عن سواها. ومن تلطفه في الحيلة أنه

قسمها إلى 72 كتابا والتزم في آخر كل كتاب أن يقطع الكالم في حادث مهم يشتاق القارئ

والسامع إلى الوقوف على تمامه. فال يفتر عن طلب الكتاب الذي يليه، فإذا وقف عليه انتهى به

مثل ما انتهى في األول وهكذا إلى نهاية القصة. وقد أثبت في هذه الكتب ما ورد من أشعار العرب

المذكورين فيها، ولكن تداول النساخين الجهالء للقصة أفسد روايتها والقصة مشهورة

ومطبوعة مرارا.

10- عبيد بن األبرص األسديتوفي سنة 555م

هو من بني أسد من مضر من شعراء الطبقة االولي، قديم الذكر عظيم الشهرة ، لكن الباقي

من شعره أقل من شهرته ، وكان عبيد ال يقول الشعر في صباه . وذكروا في سبب ما بعثه على

النظم، أنه كان ضيق الرزق قليل المال ، فأقبل ذات يوم بغنم له ومعه أخته ماوية ، ليوردا

غنمهما . فمنعه رجل من مالك وجبهه .. فانطلق حزينا مهموما ثم ابتهل إلى الله : إن كان فالن

ظلمني ورمانی بالبهتان فأدلني منه وانصرني عليه . ووضع رأسه فنام، فرأى في المنام أن رجال

أتاه بكبة من شعر ألقاها في فيه ثم قال : قم ، فقام وهو يرتجز ، واستمر بعد ذلك ينظم الشعر

حتى صار شاعر بنی أسد غير مدافع ، فنظم قصيدته البائية وهي التي تعد من المعلقات مطلعها:

فالقطبيات فالذنوب أقفر من أهله محسوب

Page 75: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

75 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وهي 48 بيتا نشرها التبریزی ملحقة بالمعلقات السبع مع قصيدتي األعشى والنابغة في

شرح القصائد العشر . وهو معدود من أصحاب المجمهرات عند صاحب جمهرة أشعار العرب ،

وجمهرته عنده هي نفس هذه المعلقة مع بعض التغيير .

وفي أيامه كان حجر بن الحارث الكندي والد امرىء القيس ملكا على بنی اسد كما تقدم ،

وكان عبيد ينادمه فنظم فيه قصائد من جملتها قصيدة يغني بها ، مطلعها:

من أم عمرو ولم يلمم بميعاد طاف الخيال علينا ليلة الوادي

وأبي بنو أسد مرة أن يدفعوا اإلتاوة لحجر و قتلوا رسله ، فغض به و حاربهم واستباح

أموالهم وأخرجهم الى تهامة وحبس بعض سادتهم وفيهم عبيد بن األبرص .. فذهب منهم وفد

الله ، وجاء عبید فوقف وأنشد قصيدة جاء فيها:

حلوا على وجل تهامة ومنعتهم نجدا فقد

بر مت ببيضتها الحمامه بر مت بنو أسد كما

نشم وآخر من ثمامه جعلت لها عودين من

أو قتلت فالمالمه مهما تركت تركت عفوا

وهم العبيد الى القيامه أنت المليك عليهم

ذل األشيقر ذو الخزامه ذلوا لسوطك مثل ما

فأطلق حجر سبيلهم . ثم ثارت أسد ثانية عليه وقتلوه، كما ذكرنا في ترجمة امرىء القيس ،

وغضب امرؤ القيس ولم يقبل منهم دية أبيه و توعدهم، فقال عبيد قصيدة مطلعها:

ل أبيه اذالال وحينا ياذا المخوّفنا بقتـــ

ت سراتنا كذبا ومينا وزعمت أنك قد قتلـــ

وعمر عبيد طويال حتى قتله المنذر بن ماء السماء في حديث، خالصته أن المنذر قتل

نديمين له من بني أسد وهو غضبان ، فلما أصبح ندم فبنى على قبريهما شريحين سماهما

الغريين، وجعل لنفسه يومين في السنة يجلس فيهما هنالك، أحدهما يوم نعيم واالخر يوم بؤس

. فأول من يطلع عليه في يوم النعيم يعطيه مائة من األبل، وأول من يطلع عليه في يوم البؤس

يقتله، ويطلی بدمه الغريين . فاتفق لعبيد أن أتاه في يوم بؤسه فقتله . وهذا الحديث يشبه ما

ذكروه عن حنظلة والنعمان ، لكن حادثة حنظلة تمثل الوفاء أحسن تمثيل، اذ يطلق النعمان

حنظلة بضمانة على أن يغيب سنة ثم يعود ليقتل : فلما حان الوقت جاء وسأله النعمان عما حمله

على المجيء بعد أن نجا بنفسه ، فقال : (الوفاء ) فلعل األصل فيها قصة عبيد فزاد عليها العرب

Page 76: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

76 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وعد حنظلة ووفاءه ليمثلوا بها الوفاء على نحو ما، كما يفعل اليونان في الروايات التمثيلية ، وقد

أشرنا إلى ذلك قبال.

ومن أحاسن شعر عبيد ، قصيدته الدالية التي مطلعها :

تلوح كعنوان الكتاب المجدد لمن ذ منة أقوت بحرّة صرغد

المعلقات والمستشرقون:

وقد عني غير واحد بشرح المعلقات وان اختلفوا في عددها كما تقدم . وعني جماعة من

علماء اوربا المستشرقين بترجمتها. وأشهر من فعل ذلك منهم ولیم جونس W . Jones االنجليزي

فقد نشرها مع ترجمة وشرح في لندن سنة ۱۷۸۳ ، وابل Abel النمساوي ترجمها الى النمساوية

ونشرها مع االصل العربي في برلين سنة ۱۸۹۱ ، ثم جنسن Johnson االنجليزي ترجمها الى

االنجليزية ونشرها في لندن سنة 1894، مع مقدمة للشيخ فيض األبهى. وقد كتب عنها وعن

Noeldake المذكور كتابا طبع في لندن سنة 1885ونولد کی Lyall غيرها من شعر الجاهلية اليل

" األلماني وغيرهما.

Unit-5

الخطابة في الجاهلية

الخطابة تحتاج الى خيال وبالغة ، ولذلك عددناها من قبيل الشعر أو هي شعر منثور ، وهو

شعر منظوم، لكل منهما موقفه .. فالخطابة تحتاج الى الحماسة ، ويغلب تأثيرها في أبناء عصر

الفروسية وأصحاب النفوس األبية طالب االستقالل والحرية مما اليشترط في الشعر . ولذلك

تشابهت جاهلية العرب وجاهلية اليونان من هذا الوجه ، ألن كليهما أهل شعر وخطابة وأهل

أباء واستقالل. ولذلك أيضا كانت الخطابة رائجة عند الرومان مع تأخر الشعر عندهم ، ولنفس

هذا السبب قصر العبرانيون في الخطابة مع تقدمهم في الشعر لغلبة الذل والضعف على

طباعهم ، فتحول بالهم الشعري الى الشكوى والتضرع وانصرفت قرائحهم إلى نظم المراثي

والحكم.

أما العرب فقد قضى عليهم اإلقليم بالحرية والحماسة، وهم ذوو نفوس حساسة مثل سائر

أهل الخيال الشعري ، فأصبح للبالغة وقع شديد في نفوسهم، فالعبارة البليغة تقعدهم أو

تقيمهم بما تثيره في خواطرهم من النخوة، واقتضت المنازعات بينهم أن يتفاخروا ويتنافروا،

Page 77: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

77 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

فاحتاجوا الي الخطابة في االقناع وتأليف األحزاب ، وإن غاب في موضوعات خطبهم المفاخرة

باالحساب واآلداب في المجالس واألندية العمومية والخصوصية .

كانوا يخطبون وعليهم العمائم، وهم وقوف في أيديهم الخاصر، ويعتمدون على األرض

بالقسي ويشيرون العصى والقنا ، وقد يخطبون وهم جلوس على رواحلهم . ومما يدل على تشابه

الشعر والخطابة أن الغالب في الشعراء أن يخطبوا والخطباء ان ينظموا ، فيكون الواحد شاعرا

وخطيبا . فاذا غلب عليه الشعر سموه شاعرا، أو الخطابة سموه خطيبا . والقبائل التي كثر

خطباؤها هي غالبا التي تكثر شعراؤها. ومن أقوالهم في تاريخ الشعر والخطابة، أن عبد القيس

بعد محاربة اياد تفرقوا فرقتين . ففرقة وقعت بعمان، وشق عمان وفيهم خطباء العرب ، وفرقة

وقعت الى البحرين، و شق البحرين وهم من أشعر القبائل ، ولم يكونوا كذلك حين كانوا في

سرة البادية وفي معدن الفصاحة. ويدل ذلك على نتائج احتكاك األفكار عند االختالط باألعاجم .

ولهذا السبب كثر الخطباء أيضا في اليمن الختالطهم بالفرس، وكان الفرس أهل خطابة مثل

العرب.

موضوعات الخطب:

وكان العرب يخطبون بعبارة بليغة فصيحة وهم أميون ال يقرأون وال يكتبون ، وانما كانت

الخطابة فيهم قريحة مثل الشعر . وكانوا يدربون فتياتهم عليها من حداثتهم الحتياجهم إلى

الخطباء في ايفاد الوفود، مثل حاجتهم الى الشعراء في حفظ األنساب والدفاع عن األعراض .

ولكنهم كانوا يقدمون الشاعر على الخطيب في الجاهلية ، ولما جاء اإلسالم صار الخطيب

مقدما، لحاجتهم اليه في االقناع، وجمع كلمة األحزاب . ولكن نظرا لحاجة العرب الي الخطباء في

الوفود ، فقد كان خطيب القبيلة عندهم عميدها وزعيمها ، وهو واحد يعدل قبيلة، ولسان

يعرب عن ألسنة.

أما إيفاد الوفود فقد كان شائعا في تلك العصور ، فكانت دول الروم. والهند والصين

والفرس يتبادلون الوفود لمبادلة العالقات او للمفاخرة ، ولم يكن للعرب دول تستوفد من قبلها

، ولكن المناذرة ملوك العرب في العراق كانوا ينكرون فصاحة العرب بين يدي األكاسرة،

وخصوصا کسری انوشروان، فكان يميل الى مشاهدتهم .. فاتفق مرة أن النعمان خاطبه في ذلك

، فطلب اليه أن يريه واحدا منهم ، فاستقدم جماعة من خطباء العرب، اختار من كل قبيلة اثنين

أو ثالثة هم بالحقيقة حكماؤها ووجهاؤها ، ومنهم أكثم ابن صيفي ، وحاجب بن زرارة من قبيلة

تميم ، والحارث بن ظالم ، وقيس ابن مسعود من قبيلة بكر ، وخالد بن جعفر ، وعلقمة بن عالثة

Page 78: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

78 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

، وعامر ابن الطفيل من بني عامر ، وغيرهم. فقدموا على كسرى ، وخطب كل منهم بين يديه

خطابا ذكره ابن عبد ربه مفصال في الجزء الثالث من العقد الفريد .

على أن عرب اليمن وشرقي جزيرة العرب كانوا يقدمون على كسرى للشكوى من عماله

هناك ، وكان غيرهم من العرب يفدون عليه بالهدايا من الخيل ونحوها على سبيل االستجداء،

كما فعل أبو سفيان والد معاوية.

وكانوا يفدون على األمراء من العرب وغيرهم، کو فود حسان بن ثابت على النعمان بن

المنذر بالحيرة، وعلى آل جفنة في البلقاء . وو فود وجهاء فريش على سيف بن ذي يزن في اليمن،

بعد انتصاره على الحبشة .. وفدوا عليه للتهنئة بالنصر ، و كان في جملة خطباء ذلك الوفد عبد

المطلب جدّ النبي. ومن هذا القبيل وفود القبائل على النبي بعد ان استتب له األمر ، فقد جاءه من

كل قبيلة وجهاؤها وخيرة بلغائها للدخول في اإلسالم أو لالستفهام أو غير ذلك . ومن هذا القبيل

أيضا وفود العرب على الخلفاء للتسليم والتهنئة ۰۰ كوفود جبلة بن األيهم ، وعمرو بن معدی

کرب على عمر بن الخطاب ، ووفود أهل اليمامة على أبي بكر وغيرهم مما يطول شرحه.

الخطباء

وجملة القول أن الخطباء كانوا كثيرين في النهضة الجاهلية كالشعراء .. والغالب فيهم أن

يكونوا أمراء القبائل أو وجهاءها او حكماءها ، وكان لكل قبيلة خطيبا أو أكثر كما كان لها شاعر

أو اكثر . وأشهر خطباء الجاهلية قس بن ساعدة من بني اياد، وقد أدرکه الرسول فرآه في سوق

عكاظ على جمل أحمر ، وهو يقول، في خطابه : « ايها الناس اجتمعوا فاسمعوا وعوا ، من عاش

مات ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت . وقد تقدم ذكره بين الشعراء.

ومنهم سحبان وائل الباهلي الذي يضرب المثل بفصاحته ، فيقال : "هو أخطب من سحبان

وائل" وكان اذا خطب يسيل عرقا، وال يعيد كلمة وال يتوقف وال يقعد حتى يفرغ . ومنهم جماعة

كبيرة من حمير كدريد ابن زيد ، وزهير بن جناب . ومرثد الخير، وغيرهم من سائر القبائل.

كالحارث بن كعب المذحجي ، وقيس بن زهير العبسي ، وذي االصبع العدواني ، وأكثم بن صيفي

التميمي ، وعمرو بن كلثوم ، وغيرهم.

وكانوا يتخيرون في خطبهم األلفاظ الرقيقة والمعاني المألوفة . وكانت خطيبهم على

ضربين : الطوال ، والقصار ، والقصار أكثر عددا ألنهم كانوا يفضلونهم لسهولة حفظها . وكانوا

لشدة عنايتهم بالخطب يتوارثونها ويتناقلونها في األعقاب ويسمونها بأسماء خاصة كالعجوز ،

خطبة آلل رقية، والعذراء خطبة قيس بن خارجة ، والشوهاء خطبة سحبان.

Page 79: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

79 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

االنساب في الجاهلية :لالنساب في عصور الجاهلية عند األمم القديمة شأن كبير ، اذ يكون للناس عناية عظمى في

حفظ أنسابهم للتناصر على األعداء أو للتفاخر باآلباء . وقد بالغ اليونان في ذلك حتى حفظوا

أنساب آلهتهم وكيفية تسلسلها بعضها من بعض ، ثم نسبوا أنفسهم اليها فلم يكن في جاهلية

اليونان أسرة كبيرة من االشراف ورجال السلطان، إال وحبل نسبها يتصل ببعض تلك االلهة .

وقد نظم بعضهم األشعار للتفاخر بذلك قبل المسيح ببضعة قرون ۰ وكذلك كان الرومان في

أقدم أجيالهم .. فالطبقة التي تعرف عندهم بالبطارقة ، كانوا يدعون االنتساب إلى آباء أعلى

طبقة من البشر .

نسب العرب

العرب العدنانيون من حیث أنسابهم يرجعون في أصل آبائهم األولين الى اسماعیل بن

ابراهيم ، والقحطانيون ينتسبون إلى يقطان بن عابر . وقد زادت عناية العرب باالنساب رغبة في

التناصر على الغرباء . وقد رتبته أنساب العرب في ست مراتب أو طبقات ، أولها : الشعب ، ثم

القبيلة ، فالعمارة ، فالبطن ، فالفخذ، فالفصيلة ، فالشعب هو النسب األبعد مثل عدنان

وقحطان ، ثم القبيلة وهي ما انقسمت فيها انساب الشعب، مثل ربيعة و مضر ، ثم العمارة وهي

ما انقسمت فيها انساب القبائل مثل قریش و كنانة ، ثم البطن وهو ما انقسمت فيه أنساب

العمارة مثل بنی عبد مناف وبني مخزوم ، ثم الفخذ وهو ما انقسمت اليه انساب البطن مثل بني

هاشم، وبني أمية ، ثم الفصيلة مثل بني أبی طالب، و بني العباس.

وبالغ العرب في الرجوع الى األجداد حتى رجعوا بأسماء المدن الى أسماء بعض أجدادهم ،

والغالب أن ينتهي النسبة بأحد آباء التوراة . فإذا سئل أحدهم مثال عن االندلس من بناها ، قال : «

بناها أندلس بن یافث بن نوح، وكان النسابون يحفظون أسماء القبائل وما يتفرع منها حفظا

دقيقا ، فاذا عرض لهم رجل فقال : أنا من بني تميم مثال أنسبني ، فانه يبدأ من قبيلة تميم وما

تفرع منها من العمائر والبطون واالفخاذ حتى ينتهي إلى الفصيلة ، ومنها الى والد السائل او اليه

هو نفسه.

وكثر النسابون في الجاهلية ، ولم تخل قبيلة أو عمارة أو بطن من نسابة . ومن أشهرهم

دغفل السدوسی من بنی شیبان ، وعميرة أبو ضمضم ، وابن لسان الحمرة من بني تيم الالت ،

وزيد بن الكيس النمري ، والنخار بن أوس القضاعي ، وصعصعة بن صوحان ، وعبد الله بن عبد

الحجر بن عبد المدان وغيرهم ، وظل النسب محفوظا في صدر اإلسالم، واشتهر كثير من

Page 80: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

80 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

النسابين ، فلما آلت الدولة إلى الوالي والمصطنعين صار الناس ينتسبون الي مواليهم

ومصطنعهم.

األخبار أو التاريخ في الجاهلية

لم يكن عند عرب الجاهلية تاريخ من قبيل ما نفهمه من هذه الكلمة اليوم، ولكنهم كانوا

يتناقلون أخبارا متفرقة بعضها حدث في بالدهم والبعض اآلخر، نقله اليهم الذين عاشروهم من

األمم األخرى. فمن أمثال أخبارهم حروب القبائل المعروفة بأيام العرب، وقصة سد مأرب،

واستيالء أبی کرب تبان أسعد على اليمن وبعض من خلفه ، وملك ذی نواس، وقصة أصحاب

االخدود، و فتح الحبشة لليمن، وقصة أصحاب الفيل وقدومهم إلى الكعبة، وحرب ذي يزن

الحميري الى آخر ما انتهى اليه أمر الفرس في اليمن ، وقصة عمرو بن لحي وأصنام العرب

وحكاية جرهم ودفن التماثيل في زمزم، وتاريخ الكعبة إلى أيام قصی بن كالب، ووالية الحج .وامر

عامر بن الظرب، ثم ما كان من تغلب قصی علیمر مكة، وقصة حلفه الطيبين وحلف الفضول

وحفر بئر زمزم وحرب الفجار وحديث بنيان الكعبة .. غير أخبار عاد و ثمود وغيرهما من العرب

البائدة ، وحكاية بلقيس وسليمان ونحوهما من أخبار التوراة وغير ذلك من األخبار التي كان

العرب يتناقلونها عند ظهور االسالم.

األسواق ومجالس األدب في الجاهلية

أسواق العرب -1

السوق مكان يجتمع فيه أهل البالد أو القرى في أوقات معينة ، يتبايعون ويتداولون

ويتقايضون. وال تزال أمثال هذه األسواق تقام الي اليوم في القري او في البالد البعيدة عن

التمدن الحديث ، على أن في بعض المدن الكبرى كالقاهرة مثال أسواقا تنعقد في بعض ايام

االسبوع وتعرف بها ، كسوق السبت او السبتية وسوق الثالثاء أو االربعاء .. فيجتمع اليها الناس

من الضواحي للبيع والشراء.

ومن هذه األسواق ما ينعقد كل أسبوع، ومنها ما ينعقد إال مرة في الشهر او في السنة ،

ومنها ما ينعقد مرة في بضع سنين . فإن للهنود سوقا يقيمونها في هردوار على ضفاف الكنج كل

سنة ، ويبلغ عدد المجتمعين هناك في الموسم ۰۰۰ر۳۰۰ نفس ، ويقيمون في ذلك المكان حجا

مرة كل ۱۲ سنة ، يبلغ عدد الحاجين اليه نحو مليون نفس ، وهو أكبر اسواق العالم . وأمثال

هذه األسواق كثيرة في روسيا وتركيا والمانيا و فرنسا وانجلترا وأمريكا . ففي روسيا سوق تقام

في مدينة نو فکرود مرتين في السنة ، يبلغ عدد الذين يؤمونها ۱۲۰۰۰ نفس، يجتمعون هناك من

Page 81: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

81 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

سائر بالد روسيا ومن شر قي اوربا . ويقدرون قيمة ما يباع من البضائع في أسواق روسيا بنحو

۰۰۰ر۱۲۰۰۰ دوبل في العام ، وقس على ذلك سائر األسواق الكبرى.

وقد كان كثير من أمثال هذه األسواق في العالم القديم ، ولكن االقوام ال تتزاحم فيها إال

اذا كان الغرض من االجتماع حجا دينيا . فاذا اجتمع الناس في مكان الحج وتكاثروا، احتاجوا إلى

من يبيعهم األطعمة واألشربة وغيرها فتقام األسواق لهذه الغاية ، كذلك، كان شأن العرب في

سوق عكاظ وغيرها من أسواق الجاهلية.

وكان للعرب في الجاهلية اسواق يقيمونها في أشهر السنة ، وينتقلون من أحداها الى

االخرى .. يحضرها العرب من قرب منهم ومن بعد ، فاذا فرغوا من سوق انتقلوا إلى سواها .

فكانوا ينزلون دومة الجندل في أعالي نجد أول يوم من شهر ربيع األول ، فيقيمون فيها األسواق

للبيع والشراء واألخذ والعطاء ثم ينتقلون الى سوق هجر .. فيقيمون هنالك شهرا، ويرتحلون

منها الى عمان حيث يقيمون سوقا، ثم يرتحلون الى حضرموت فعدن، وبعضهم ينزل صنعاء

فيقيمون بعض أسواقهم، ثم يرتحلون الى عكاظ في االشهر الحرام . وكانت لهم أسواق أخرى

في صحار والشحر والمجنة وحباشة والمشقر وغيرها.

وأشهر أسواق عرب الجاهلية سوق عكاظ، وهي مكان بين الطائف ونخلة، صحراء مستوية

ال علم فيها وال جبل اال ما كان من األنصاب التي كانت الهل الجاهلية ، وبها من دماء البدن ،

كاألرحاء العظام، فكانت العرب، اذا قصدت الحج اقامت بهذه السوق من اول ذی القعدة ،

يبيعون ويشترون، الى عشرين منه ، ثم يتوجهون إلى مكة فيقضون مناسك الحج ثم يعودون الى

أوطانهم . وكان كل شريف انما يحضر سوق بلده اال سوق عكاظ ، فانهم كانوا يتوافدون اليها

من كل ناحية ، ومن كان له أسير سعي في فدائه هناك، ومن كانت له حكومة ارتفع الى الذي

يقوم بأمر الحكومة في أيام الموسم ، وهم أناس من تميم . ومن كان له ثأر على أحد ولم يعرف

مكانه، طلبه في المواسم .. واذا أراد أحد أن يعمل عمال تعرفه العرب أو يشهدها فيه ، عمله في

عكاظ، واذا أراد أن يفاخر احدا على مشهد من الناس فاخره هناك. وكانوا يتفاخرون حتى في

المصائب ، كما تقدم عن معاظمة الخنساء وهند بنت عتبة.

ويهمنا في هذا المقام أن العرب كانوا يغتنمون وقت المواسم واجتماع القبائل ويقيمون

مجالس للبحث في كل موضوع كالمناشدة والمفاخرة، فينشد الشعراء ويخطب الخطباء،

فيختارون كبيرا من وجهائهم يجعلونه حكمافيها فيختلفون فيه. وكان النابغة الذبياني إذا أتى

سوق عكاظ في الموسم ضربوا له قبة حمراء من أدم ، وتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها

ليحكم فيها . ويقال أنهم كانوا أذا أعجبتهم قصيدة علقوها في الكعبة ، ومنها المعلقات السبع.

Page 82: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

82 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

وشأن العرب في ذلك شأن اليونان القدماء في الجمناسيوم، وهي أبنية كانوا يجتمعون فيها

لأللعاب البدنية وفيهم الفالسفة والعلماء .. فكانوا بغتنمون فرصة وجودهم هناك ويتباحثون

ويتناظرون ويتنافرون كما كان يفعل العرب في عكاظ. وال يخفى ما في ذلك من تمحيص الحقائق

واستحثاث القرائح، ، فضال عما كان يترتب على ذلك االجتماع من تنقيح اللغة ونموها .. فإن

قريشا كانوا يسمعون لغات القبائل في أثناء تلك االجتماعات ، فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا

به ، فصاروا أفصح العرب، وخلت لغتهم من مستبشع اللغات ومستقبح االلفاظ كالكشكشة

والكسكسة والعنعنة والفحفحة والوكم والوهم والعجعجة واالستنطاء وغير ذلك من العيوب

في لغات األمم األخرى.

2 - مجالس األدب

وكان للعرب مجالس يجتمعون فيها لمناشدة االشعار ومبادلة االختبار والبحث في بعض

شؤونهم العامة. وكانوا يسمون تلك المجالس االندية ، ومنها نادي قريش ودار الندوة بجوار

الكعبة . وكان لكل بيت فناء بين يديه لالجتماع، ولكل قوم مجتمع عام في المضارب، على أنهم

كانوا حيثما اجتمعوا تناشدوا وتفاخروا.

------------------

Page 83: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

83 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

Model Question Paper Third Semester B.A. Afzalul Ulama Degree ExaminationCore Course AFU3B04 History of Classical Literature I

Marks : 80 Time: 3 Hrs

(12x ½ = 6) I- أجب عن األسئلة اآلتية حسب االرشادات

اختر الجواب الصحيح مما بين القوسين ..

كان طرفة بن العبد ابن أخت .................. [المتلمس، المكعير، عنترة] .1

نظم امرؤ القيس معلقته في ................... (عنيزة، فاطمة، ليلى) .۲

شرح المعلقات .................... [أبو جعفر منصور، أبو جعفر النحاس، .........] .٣

اللغة العربية إحدى اللغات ..... ....... [السامية، السنسكريتية، الفارسية] . .4

كمل الفراغ بكلمة مناسبة

أنواع الشعر ............ ........................ .5

أقدم ديوان شعري .6

عمرو بن كلثوم من قبيلة ...... .7

أول من قال الرجز.................... . .۸

صل بين الكلمات

األعشى المعلقات .9

المذهبات الياذة .۱۰

هوميروس ایام داحس والغبراء .۱۱

قبائل مضر صناجة العرب .۱۲

(10 x2 = 20 ) II- أجب عشرة من اآلتية في جملة أو جملتين.

۱۳. كيف أهانت أم عمرو بن هند أم عمرو بن كلثوم؟

14. كيف أكرم عمر بن هند الحارث بن حلزة؟

15. فيم نظم امرؤ القيس معلقته؟

16. كيف مات طرفة بن العبد؟

۱۷. في أي حادثة قتل عبيد بن األبرص؟

۱۸. ماذا فعل لبيد بن ربيعة حين طلب منه المغيرة بن شعبة ما قال في اإلسالم من الشعر؟

۱۹. إنه كان ليحسن فيكم القول - من قال هذا؟ ولمن؟ |

۲۰. "عموا صباحا غير هرم خيركم استثنيت" من قال هذا؟ ولم؟

۲۱. بم طرد امرئ القيس والده؟

۲۲. كيف مات عمرو بن هند صاحب الحيرة؟

۲۳. كمل: أال كل شيئ ما خال الله باطل

24. كمل: هل غادر الشعراء من متردم

Page 84: HISTORY OF CLASSICAL LITERATURE-Isdeuoc.ac.in/sites/default/files/sde_videos/SLM-History...3 | P a g e AFU3B04, History of Classical Literature- I ﺕﺎﻋﻮﺿﻮﻤﻟﺍ ﺱﺮﻬﻓ

84 | P a g e

AFU3B04, History of Classical Literature- I

(6 x5 = 30 ) III- أكتب مذكرة وجيزة عن ستة من اآلتية

۲۵. المعلقات

۲۹. زهير بن أبي سلمى

۲۷. شاعرية العرب

۲۸. منزلة الشاعر في الجاهلية

۲۹. رواة الشعر

۳۰. تأثير الشعر في نفوس العرب

۳۱. أوزان الشعر

۳۲. أسواق العرب

(2x 12 = 24 ) IV- اكتب مقالة حول اثنين من اآلتية

۳۳. مميزات اللغة العربية

34. الشعر وأنواعه

۳۰. امرؤ القيس ومعلقته

36. الخطابة في الجاهلية