559
١ ﻵﻟﺊ اﻟﻘﺮآن ﻗﺒﺲ ﻣﻦ أ ﻧﻮ ا ر اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺤﻜﻴﻢ اﻟﺠﺰء اﻷول ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﺎل اﻣﺎم١٥ ذو اﳊﺠﺔ١٤٣٧ ه١٧ ﺳﺒﺘﻤﱪ٢٠١٦

نآﺮﻘﻟا ﺊﻟﻵ ﻢﻴﻜﺤﻟا ﺮﻛﺬﻟا ر اﻮﻧ أ ﻦﻣ ﺲﺒﻗ · 2016-09-20 · ٦ ﻢﻴﺣﺮﻟا ﻦﻤﺣﺮﻟا ﷲا ﻢﺴﺑ ﺔﺌﻃﻮﺗ

  • Upload
    others

  • View
    7

  • Download
    1

Embed Size (px)

Citation preview

  • ١

    آللئ القرآن ر الذكر الحكيمانوأقبس من

    الجزء األول

    تصنيف محمد جمال امام

    ه١٤٣٧ ذو احلجة ١٥ ٢٠١٦ سبتمرب ١٧

  • ٢

    الفهرست الصفحة

    ٦ توطئـة ٧ الغزايل حامد يبحجة إالسالم اإلمام أ: القرآن جواهر

    ١٢ تفسري القرآن العظيم: مقتطفات من مقدمة اإلمام احلافظ ابن كثري لكتابه

    ١٤ فضائل القرآن

    ١٥ مجع القرآن

    ١٨ تأليف القرآن

    ١٩ باط صاحب القرآنغتا ٢١ خريكم من تعلم القرآن وعلمه

    ٢١ الرتتيل يف القراءة

    ٢٢ قرأ القرآنُيف كم ي

    ٢٣ رأي ابن كثري يف اإلسرائيليات

    أبو عبد اهللا حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح مقتطفات من مقدمة كتاب اجلامع ألحكام القرآن لإلمام ٢٦ القرطبياألنصاري اخلزرجي مشس الدين

    ٢٧ باب ذكر مجل من فضائل القرآن

    ٢٨ رمُكره منها وما حيُباب كيفية التالوة لكتب اهللا وما ي

    ٢٩ ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به وال يغفل عنهباب ما

    ٣٠ باب ما جاء يف فضل تفسري القرآن

  • ٣

    ٣٠ ل القرآنمباب ما جاء يف حا

    ٣٠ باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته

    ٣٢ باب ما جاء من الوعيد يف تفسري القرآن بالرأي

    ٣٣ لفقه لكتاب اهللا تعاىل وسنة نبيهباب كيفية التعلم وا

    ٣٤ باب هل ورد يف القرآن كلمات خارجة عن لغة العرب

    ٣٥ باب ذكر نكت يف إعجاز القرآن

    ٣٩ ألستاذ سيد قطبل "يف ظالل القرآن"مقتطفات من مقدمة كتاب

    ٤٦ سورة الفاحتة

    ٥٩، ٤٩ االستعاذة

    ٧٩، ٦١، ٥١ البسملة

    ٦٩ فيما تضمنته الفاحتة من املعاين والقراءات واإلعراب وفضل احلامدين

    ٨٦ آية الكرسي

    ٩٦ سورة اإلخالص

    ١٠٣ إن يف خلق السماوات واألرض

    ١٣٩ ومن يتق اهللا

    ١٦٧ وإذا املوؤدة سئلت

    ١٩٨ اخلنس اجلوار الكنس

  • ٤

    َْإمنا أم ٌََِوالكم وأوالدكم فتـنة ِْ ْ ُْ ُ ََْ ُ ُ َ ٢٢٠

    ٢٣٢ فصرب مجيل

    ٢٥٣ إنين معكما أمسع وأرى

    ٢٦١ ضاقت عليهم أنفسهمو

    ٢٧١ وإن تغفر هلم فإنك أنت العزيز احلكيم

    ٢٧٨ يغفر ملن يشاء

    ٢٨٩ لن يغفر اهللا هلم

    ٣٠١ ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء

    َاحلمد لله رب العالمني ِ َ َ ْ َ ِِ ُ ْ َْ ٣١١

    ٣٣٥ من قبل أن نربأها

    ٣٤٦ قالوا ال ضري

    ٣٥٥ ولوال دفع اهللا الناس بعضهم ببعض

    ٣٦٤ لقد حق القول على أكثرهم

    ٣٧٦ وبلغ أربعني سنة

    ٣٨٤ كما ربياين صغريا

    ٣٩٩ يهوبرا بوالد ٤٢٣ أطيعوا اهللا وأطيعوا الرسول

    ِأمل يأن للذين آمنوا أن ختشع قـلوبـهم لذكر الله ِ ْ ِ ِ ِ ِْ ُ ُ َ َ َُُ َ َْ ْ َ َُ َ َ ِ ْ َْ ٤٤١

  • ٥

    ٤٥٢ بل مكر الليل والنهار

    ٤٥٦ ك عن الساعةونلأيس

    ٤٧٧ وعنده مفاتح الغيب

    ٤٨٩ وأشرقت األرض بنور راْواختالف ألسنتكم وألوانكم ُْ ُِ ِ ِ َِْ َْ ََ ََ ُ َ ْ ٥٠٢

    ِيا معشر اجلن واإلنس ْ ِْ َ ِْ َ َ ْ َ َ ٥١٨

    ِفإذا عزمت فـتـوكل على الله ََ َْ َ ََ ََ َْ َ ِ ٥٢٨

    َواألمر إليك فانظري ماذا تأمرين ِ ُِ ََْ َ ُ ْ َ ِ ْ َِْ ُ َ ْ َ ٥٣٩

    َحبب إليكم اإلميان َ ِْ ُ ُ َِْ َ َ ٥٥٠

  • ٦

    بسم اهللا الرحمن الرحيم

    توطئة ، أو وقد شغله الوسواس اخلناس بالتفكري يف أمور دنيوية، آيات القرآن الكرمي وهو غافل قلبهبعضناكثريا ما يقرأ

    فيجد نفسه من سور القرآن، أو كلمات بليغة،حىت يشاء اهللا سبحانه وتعاىل له أن يستيقظ فجأة عند آيات بينات مل يكن يتيسر له لوال رمحة اهللا، فتتكشف له من املعاين واملغازي ما يثري دهشته أن كان غافال عما فيها يف نور قرآين

    جواهر "وهو ما يشري إليه اإلمام الغزايل يف مقدمة مصنفه . من األنوار الربانية اليت تنري له طريقه يف الدنيا واآلخرة جلتها منت تركب أن لك كان ا مأو ،غرائبها عن عينيك مغمضا البحر ساحل على تطوف كم:"بقوله" القرآن نفسك تعري ما أو ،جواهرها بنيل فتستغين عمقها يف وتغوص ،أطايبها الجتناء جزائرها إىل وتسافر عجائبها لتبصر

    قرآنال قوارع يف التصرف من النمط هلذا فتنبه...وظواهرها سواحلها إىل النظر دمانإب وجواهرها دررها عن احلرمان يف ال اليت اجلنة وهي املعارف جنة يف وتنشرح ،ياتآلاو العجائب فرتى فكرك وينفتح ،علمك ليغزر عليك يتلوه وماال وأفعاله اهللا جالل معرفة اذ ،ألطرافها اية هلا اية".

    رؤوف أبو وهو ما يعرب عنه أيضا بأبلغ العبارات الدكتور حممود حممد الطناحي يف تقدميه لكتاب األستاذ حممودفقد يفتح اهللا على األواخر مبا مل يفتح به على األوائل، : "، إذ يقول"من إعجاز القرآن يف أعجمي القرآن"سعدة

    وذلك فضل اهللا يؤتيه من يشاء، وهذا أيضا من وجوه إعجاز القرآن، وأنت ترى هذا من نفسك، فقد تتلو اآلية أو أخذ مضجعك، ومتر عليها مرا، مث تتلوها نفسها يف ساعة أخرى السورة يف صالتك، أو يف مغداك ومراحك، وعند

    من ساعاتك، ويف حالة مباينة من حاالتك، أو تسمعها من قارئ غريك، فإذا ا زك هزا، وإذا ا متأل كل ما ُتفجر أمامك ينابيع من احلكمة واهلدى مل يكن لك ا عهدا، وتعجب، كيف غيب عنك تحولك جة وضياء، مث

    ". هذا اخلري فيما سلف من األيامكلكما ترى فتح من اهللا ومنة، وفيض من كرمه، على عبده الفقري إىل رمحته وغفرانه وعفوه يرجو أن تكون آللئ لوهذه ا

    قربة له إىل ربه الكرمي، وأن جيد فيها القارئ ما ينفعه ويفتح أمامه كما يقول الدكتور الطناحي ينابيع من احلكمة .وعلى اهللا قصد السبيل. كل ما حوله جة وضياءواهلدى ومتأل

    حممد مجال امام

    القاهرة اجلديدة، القاهرة، مصر ه١٤٣٧ ذو احلجة ١٥ ٢٠١٦ سبتمرب ١٧

  • ٧

    القرآن جواهر الغزالي حامد بيحجة إالسالم اإلمام أ

    الرحيم الرمحن اهللا بسم

    الجواهر افأصن على وينطوي المحيط البحر هو القرآن أن في ولألا الفصل والنفائس

    على أنبهك فاين ،خطاب كل خامتة هي اليت رسله على والصالة ،كتاب كل فاحتة هو الذي اهللا محد بعد أما تطوف كم إىل ،ومجال ظواهر معانيه من املتلقف ،عمال القرآن دراسة املتخذ ،تالوتك يف املسرتسل أيها رقدتك

    إىل وتسافر عجائبها لتبصر جلتها منت تركب أن لك كان ا مأو ،غرائبها عن عينيك مغمضا البحر ساحل على دررها عن احلرمان يف نفسك تعري ما أو ،جواهرها بنيل فتستغين عمقها يف وتغوص ،أطايبها الجتناء جزائرها

    علم يتشعب ومنه المحيط البحر هو القرآن أن بلغك ما أو ،وظواهرها سواحلها إىل النظر دمانإب وجواهرها .خرينآلاو ولينألا

    ونفائسه القرآن مقاصد حصر في الثاني الفصل خالق ،وىلألاو خرةآلا رب ،علىألا الجبار إلى العباد دعوة قصىألا ومقصده صفىألا ولبابه القرآن سر

    ،أنواع ستة يف وآياته القرآن سور احنصرت فلذلك .الثرى حتت وما بينهما وما السفلى رضنيألاو العلى السماوات :فهي املهمة الثالثة أما .املتمة املغنية والتوابع الروادف هي وثالثة ؛املهمة صولألاو السوابق هي منها ثالثة

    وتعريف - 3 ؛اليه السلوك في مالزمته تجب الذي المستقيم الصراط وتعريف - 2 ؛اليه المدعو تعريف -1 . اليه الوصول عند الحال

    التشويق ومقصوده وسره فيهم اهللا صنع ولطائف للدعوة يبنيا الأحو تعريف فأحدها ،املتمة املغنية الثالثة وأما العتبارا ومقصوده وسره ،هلم وتنكيله هلم اهللا قمع وكيفية جابةإلا عن والناكلني الناكبني أحوال وتعريف ،والرتغيب ومقصوده وسره ،احلق على واحملاجة ادلةبا وجهلهم فضائحهم وكشف اجلاحدين أحوال حكاية وثانيها؛ والرتهيب

    الطريق منازل عمارة تعريف وثالثها؛ والتقهري والتثبيت يضاحإلا احلق جنب ويف ،والتنفري ضاحفإلا الباطل جنب يف .أقسام ستة فهذه. الستعداداو هبةألاو الزاد أخذ وكيفية

  • ٨

    القرآن مقاصد شرح في الثالث الفصل اليه المدعو تعريف في ولاأل القسم

    ومعرفة - ٢ ،وتعاىل تبارك احلق ذات معرفة - 1 :على املعرفة هذه وتشتمل ،تعالى اهللا معرفة شرح وهو يليه مث ،الذات معرفة أنفسها بل ،واحدة رتبة على ليست الثالثة املعارف وهذه. فعالألا ومعرفة - 3 ،لصفاتا

    عن وأبعدها الفكر على عصاهاوأ ،الامن وأعسرها ،الاجم أضيقها الذات معرفة .فعالألا معرفة ويليه ،الصفات معرفة ،المطلق التقديس ذكر إىل ذكرها ويرجع ،شاراتإو تلوحيات على إالمنها القرآن يشتمل ال ولذلك، الذكر قبول

    يصفون عما وتعاىل سبحانه{:كقوله المطلق التعظيم إىلو ؛خالصإلا وسورة ،}شيء كمثله ليس{:تعاىل كقوله ياتآلا كثرت ولذلك ،أوسع فيها النطق ونطاق أفسح فيها الفا الصفات وأما. }وإالرض السموات بديع

    متسعة فبحر فعالألا وأما. وغريها والبصر والسمع واحلكمة والكالم واحلياة والقدرة العلم ذكر على املشتملة يشتمل لقرآنا لكن ،هِعلِف سواه ما وكل وأفعاله اهللا إال الوجود في ليس بل ،أطرافه الستقصاءاب نالُت وال ،أكنافه والبحار واحليوان والشجر واجلبال رضألاو والكواكب السموات كذكر الشهادة عامل يف الواقع منها اجللي على

    وأدهلا وأعجبها أفعاله وأشرف؛ للحس ظهرت اليت وهي واحلياة النبات أسباب وسائر الفرات املاء نزالإو والنبات .والقلب والروح والروحانيات املالئكة وهي امللكوت عامل من هو بل ،للحس يظهر مل ما صانعها جاللة على

    تعالى اهللا إلى السلوك طريق تعريف في الثاني القسم عليه قبالإلاب يكون ليهإ النقطاعاو ،اليه انقطع أي ،}تبتيال اليه وتبتل{:تعاىل اهللا قال كما ،بالتبتل وذلك

    عراضإلاو ،الذكر مبالزمة يكون إمنا عليه قبالإلاو .}وكيال ذهفاخت هو إال اله ال{:قوله وترمجته، غريه عن راضعإلاو اهللا قال كما ،نتيجتها والفالح عنها القلب وتزكية الدنيا كدورات عن والتنقي اهلوى مبخالفة يكون غريه عن

    اهللا لذكر املالزمة .والمخالفة المالزمة :أمران الطريق فعمدة. }فصلى ربه اسم وذكر تزكى من أفلح قد{:تعاىل . اهللا إىل السفر هو وهذا، اهللا عن لِشغُي ملا واملخالفة تعاىل

    الوصال ميعاد عند الحال تعريف في الثالث القسم إىل النظر لذة وأعالها اجلنة روحها ألنواع اجلامعة والعبارة ،الواصلون يلقاه الذي والنعيم الروح ذكر على يشتمل وهو اجلامعة والعبارة ،السلوك مهالإب عنه احملجوبون يلقاه الذي والعذاب خلزيا ذكر على أيضا ويشتمل ؛تعاىل اهللا

    مإ كال{:تعاىل قوله يف قدمه ولذلك .منه اهللا أعاذنا بعادإلاو احلجاب أمل أملا وأشدها اجلحيم المهاآ ألصناف .}اجلحيم لصالوا ما مث حملجوبون يؤمئذ مر عن

    ........ باللبا علوم: الثاني المبحث

    :طبقتني على وهي

  • ٩

    .املتمة التوابع مسيناها اليت الثالثة قسامألا علوم وهي اللباب علوم من السفلى الطبقة - أ حماجة هو الثاين والقسم .عداءألاو باجلاحدين يتعلق وما نبياءألاب يتعلق وما القرآن قصص معرفة ولألا فالقسم . الشبهات زالةإو والبدع التالضال ردل املقصود الكالم علم يتشعب ومنه وجمادلتهم الكفار

    ألنه ،خرآلا واليوم باهللا العلم وأشرفها، املهمة العلوم من صولألاو السوابق فهي اللباب منط من العليا الطبقة وأما الصفات عقبات وقطع النفس تزكية معرفة وهو السلوك وطريق املستقيم بالصراط العلم ودونه ،املقصد علم

    له تراد العلوم سائر نإف تعالى اهللا معرفة علم شرفألا علىألا والعلم .املنجيات بالصفات اوحتليته املهلكات فهي الذات إىل الصفات من مث الصفاتإىل فعالألا من الرتقي فيه التدريج وطريق .لغيره يراد ال وهو ،أجله ومن

    في تفكروا وال اهللا خلق في تفكروا مهل قيل ولذلك ،فهامألا أكثر حيتملها وال الذات علم أعالها ،طبقات ثالث فهذه ،"عقابك من بعفوك أعوذ:"قال حيث ونظره مالحظته يف اهللا رسول تدرج يشري التدريج هذا وإىل .اهللا ذات

    وهذه ،"منك بك وأعوذ:"قال مث ،الصفات مالحظة وهذه ،"سخطك من برضاك وأعوذ:"قال مث ،الفعل مالحظة ثناء أحصي ال:"فقال ،بالعجز اعرتف النهاية عند مث ،درجة درجة القرب ىلإ يرتقى يزل فلم ؛الذات مالحظة

    كما املعاد علم وهو ،خرةآلا علم الشرف يف ويتلوه، العلوم شرف أفهذا ".نفسك على أثنيت كما أنت عليك أو ،باملعرفة حتققه عند تعاىل اهللا إىل العبد نسبة معرفة وحقيقته ،املعرفة بعلم متصل وهو ،الثالثة قسامألا يف ذكرناه .باجلهل حمجوبا مصريه

    القرآن من العلوم سائر انشعاب في الخامس الفصل وعلم أعضائه وتشريح احليوان بدن وهيئة العامل وهيئة والنجوم الطب كعلم كثرية هذه وراء العلوم نإ تقول ولعلك حىت العامل يف أصلها وجود من بد ال اليت الدينية العلوم إىل أشرنا إمنا أنا فاعلم. ذلك وغري والطلسمات السحر معرفتها على يتوقف ال ولكن علوم فهي اليها أشرت اليت العلوم هذه أما ،ليه إوالسفر تعاىل اهللا طريق سلوك يتيسر

    وال يعرفها عمن العامل خيلو وال ترامجها علمُي أخر علوم عددته ما ووراء، نذكرها مل فلذلك واملعاد املعاش صالح العلوم من أصنافا والقوة إالمكان يف أن فيها يتمارى ال اليت الواضحة بالبصرية لنا ظهر أقول بل. ذكرها إىل حاجة

    الوجود إىل خرجت قد كانت وعلوم ،ليهاإ الوصول دميآلا قوة في كان نإو الوجود من تخرج لم بعد أصال البشر قوة يف ليس أخر لوموع ،يعرفها من رضألا بسيط على عصارألا هذه يف يوجد فلن نآلا واندرست

    مغرتفة مجيعها نإف القرآن عن خارجة أوائلها ليست نعدها مل وما عددناها ما العلوم هذه مث .ا وإالحاطة دراكهاإ الشفاء مثال فعالألا حبر وهو تعاىل اهللا أفعال فمن .فعالألا حبر وهو تعاىل اهللا معرفة حبار من واحد حبر من

    يعرفه ال الواحد الفعل وهذا ،يشفني فهو مرضت واذا السالم عليه ابراهيم عن حكاية تعاىل اهللا قال كما ،واملرض ومن .وأسبابه الشفاء ومعرفة وعالماته بكماله املرض معرفة إال للطب معىن ال اذ ،بكماله الطب عرف من إال ،}حبسبان والقمر الشمس{:تعاىل اهللا لقا وقد ،حبسبان ومنازهلما والقمر الشمس معرفة تقدير وتعاىل تبارك فعالهأ

    يوجل{:وقال ،}والقمر الشمس ومجع القمر وخسف{:وقال ،}واحلساب السنني عدد لتعلموا منازل وقدره{:وقال

  • ١٠

    يعرف وال، }العليم العزيز تقدير ذلك هلا ملستقر جتري والشمس{:وقال ،}الليل يف النهار ويوجل النهار يف الليل عرف من إالخرآلا على أحدمها تكور وكيفية النهار يف الليل وولوج وخسوفهما حبسبان روالقم الشمس سري حقيقة بربك غرك ما اإلنسان أيها يا{:تعاىل قوله معىن كمال يعرف وال. برأسه علم وهو رضألاو السموات تركيب هيئات ظاهرا اإلنسان من اءعضأل اتشريح عرف من إال }ركبك شاء ما صورة أي يف فعدلك فسواك خلقك الذي الكرمي ،خرينآلاو ولنيألا علوم من وهي ليهاإ مواضع يف القرآن يف أشار وقد ،ومنافعها وحكمتها وأنواعها وعددها وباطنا . خرينآلاو ولينألا علم مجامع القرآن وفي

    .....

    القرآن ثلث تعدل خالصإلا سورة كون علة في عشر الخامس الفصل ذكره هذا تقول فتارة ،ذلك وجه تفهم أن أراك فما ،"القرآن ثلث تعدل أحد اهللا هو قل "السالم عليه قوله وأما

    والتأويل الفهم عن بعيد هذا تقول وتارة ،ذلك عن النبوة منصب وحاشا التقدير به املعين وليس التالوة يف للرتغيب ونظرك القرآن حبقائق عرفتكم لقلة وهذا ،ثلثها يكون كيف القدر فهذا آية إالف ستة على تزيد القرآن آيات وأن ثلث تعدل خالصإلا سورة أن فاعلم. بقصرها وتقصر لفاظألا بطول وتعظم تكثر اأ فتظن، ألفاظه ظاهر إىل

    خرةآلا ومعرفة تعالى اهللا معرفة هي ذإ القرآن مهمات يف ذكرناها اليت الثالثة قسامألا إىل وارجع قطعا القرآن من واحد على تشتمل خالصإل اوسورة ؛توابع والباقي املهمة هي الثالثة ملعارفا فهذه ،المستقيم الصراط ومعرفة والفرع صلألا بنفي المراد وهو والنوع الجنس في شاركُم عن وتقديسه وتوحيده اهللا معرفة وهو الثالث حديث فيها ليس نعم ؛سواه للحوائج الوجود في مقصد ال الذي الصمد بأنه يشعر بالصمد ووصفه ،والكفؤ

    الصراط ومعرفة خرةآلا ومعرفة تعاىل اهللا معرفة القرآن مهمات أصول أن ذكرنا وقد املستقيم والصراط خرةآلا هو أي عرفة احلج السالم عليه قال كما ،القرآن من صولألا ثلث أي ،القرآن ثلث تعدل فلذلك ،املستقيم

    . توابع والباقي صلألا

    القرآن آي سيدة انهبأ رسيالك آية النبي تخصيص في عشر السابع الفصل فضلألا انهبأ والفاتحة

    يسبق كما التفاقا حبكم هو أم سر أفيه ،فضلألا ابأ والفاحتة السيدة ابأ الكرسي آية خصصت مل تقول لعلك ؟آخر لفظ إىل مثله على الثناء ويف لفظ إىل شخص على الثناء يف اللسان كلمة أن تظنن فال .يوحى وحي عن ينطق مبن ال اهلوى عن ينطق ومبن وبك يب يليق ذلك فان هيهات فأقول اجلامع أن التخصيص هذا يف والسر .والصدق باحلق إال والرضا الغضب من املختلفة أحواله يف عنه تصدر واحدة

    ،الزيادة هو الفضل فان ،أفضل يسمى أكثر أنواعا جيمع فالذي ،فاضال يسمى الكثرية وأنواعها الفضل فنون بني واذا .التبعية ويأىب الستتباعا يقتضي الذي الشرف معىن رسوخ عن عبارة فهو السؤدد وأما ،زيدأل اهو لفضألاف

  • ١١

    مختلفة ومعان كثيرة معان على التنبيه تتضمن الفاتحة أن علمت السورتني يف ذكرناها اليت املعاين راجعت سائر يتبعها التي والمقصودة ةالمتبوع هي التي العظمى المعرفة على تشتمل الكرسي وآية ،أفضل فكانت

    ،علمك ليغزر عليك يتلوه وما القرآن قوارع يف التصرف من النمط هلذا فتنبه ؛أليق ا لهالسيدة اسم فكان المعارف جالل معرفة اذ ،ألطرافها اية ال اليت اجلنة وهي املعارف جنة يف وتنشرح ،ياتآلاو العجائب فرتى فكرك وينفتح

    .هلا يةا ال وأفعاله اهللا

  • ١٢

    تفسير القرآن العظيم:كتابهل اإلمام الحافظ ابن كثير مقتطفات من مقدمة

    ِمبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على الله حجة بـعد الرسل{احلمد هللا الذي أرسل رسله ُ َ ُ َ ُ َُ َْ ْ ٌ ِ ََِ ِ ِ ِ َِ ُ َ َ َ َِ {]النساء :نس واجلن، من لدن إلالسبل، أرسله إىل مجيع خلقه من مي العريب املكي اهلادي ألوضح األا، وختمهم بالنيب ]١٦٥

    ِقل يا أيـها الناس إين رسول الله إليكم مجيعا الذي له ملك السماوات {:بعثته إىل قيام الساعة، كما قال تعاىل َ َ ُ ْ ُ ُ ُ َُ َْ َِ ً ََِ ْ َِ ِِ ُ ُ َْ ُِوإالرض ال إله إال هو حييي ومييت فآمنوا بالله ِ ِ ِ ُ َ ُ َُُ َُِْ َ ََِ ِ ورسوله النيب ْ ِ ِِ ُ ْمي الذي يـؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم ألاََ ُ َ َُ ُ ِ َ َ ُِِ ِ ِِ ََِ ِ ْ ُ

    َتـهتدون ُ َ ْ َألنذركم به ومن بـلغ{:، وقال تعاىل]١٥٨: عرافألا[}َ ََ ْ َ َ ِِ ْ َُ ِ فمن بلغه هذا القرآن من عرب ].١٩: نعام ألا[}َْوعجم، وأسود وأمحر، وإنس وجان، فهو ن َ َومن يكفر به من {:ذير له؛ وهلذا قال تعاىلََ َِ ِِ ُْ ْ َ ْ ُحزاب فالنار ألاَ َ ِ َ ْ

    ُموعده ُ ِ ْ ْفذرين ومن {: فالنار موعده، بنص اهللا تعاىل، وكما قال تعاىل فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا]. ١٧: هود[}َ َ َ ِْ َ َُيكذب ذا احلديث سنستدرجهم من حيث ال يـعلم َْْ َ َ ْ ُ َ َ ُُ ْ ِ ْ ُ َِ ْ َ َ ِ ِ ْ َ ِ ُ ْوأملي هلم* َونَ َُ ِ وقال رسول اهللا صلى ].٤٥ ، ٤٤: القلم[}َُْ

    ُبعثت إىل : "اهللا عليه وسلم فهو صلوات اهللا وسالمه عليه رسول . نس واجلنإلا: يعين: قال جماهد،"سودألامحر وألاًُِنس واجلن، مبـلغا هلم عن اهللا ما أوحاه إليه من هذا الكتاب الإلا: اهللا إىل مجيع الثقلني ُال يأتيه الباطل {عزيز الذيَُ ِ ِ َِ َْ ْ

    ٍمن بـني يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم محيد َِِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ َِ ْ ْ َ َ ٌْ َ ْ َ َ ْ َ ِ َوقد أعلمهم فيه عن اهللا تعالى أنه ندبهم إلى ].٤٢:فصلت[}ْ َتـفهمه َ َأفال يـتدبـرون القرآن ولو كان من عند غري الله ل{:، فقال تعاىلَ َِ ِ ِ ِْ َ ِ ْ ْ ََ َ َ ََ ْ َْ ُْ ُ َ َ ًوجدوا فيه اختالفا كثرياَ ِ ِ َِ ً ْ ِ ُ َ ، وقال ]٨٢: النساء[}َُكتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبـروا آياته وليتذكر أولو {:تعاىل َُ ََ ُ َ ٌَ َ ََ َ َ ََُِ ِِ ِ ِ َ ْ ِ ُ َْ ِلبابألاٌ َأفال يـتدبـرون القرآن {:، وقال تعاىل]٢٩: ص[}َْ َ َْ ُْ ُ َ ََ َ

    ٍأم على قـلوب ُ َُ َ ْ َُأقـفاهلا َ َ الواجب على العلماء الكشف عن معاين كالم اهللا، وتفسري ذلك، وطلبه من ف ].٢٤:حممد[}َْمظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعاىل ُوإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبـيـنـنه للناس وال تكتمونه {:َ ُ َُ َ ُُ َ َ َُ ُ َْ ِ ِ َُِ َ َ ِ ِْ ُ َ َ َ َ َ ْ ِ

    َفـنبذوه وراء ظهورهم واشتـ ْ َ َْ َِِ ُُ َ ُ ُ َروا به مثنا قليال فبئس ما يشتـرونَََ َ َُ ََ ْ َ َ َْ ِِْ ًَ َ َإن الذين يشتـرون {:، وقال تعاىل]١٨٧: آل عمران[}ِِ َُ ْ َ َ ِ ِ

    ِبعهد الله وأميام مثنا قليال أولئك ال خالق هلم يف ْ ُْ َْ َ َ َ ِ َِ َُ َِ ِِ َِ ً ََ ْ َ َخرة وال يكلمهم الله وال يـنظر إليهم يـومآلاَِ ُْ َْ َ ُِ ْ َُِ ُ ُ َُ ْ َ ُ َ َ ِ ْ القيامة وال يـزكيهم ِ ِ َُ َ ََ ِ ٌِْوهلم عذاب أليم َِْ ٌ َ ََ ُ فذم اهللا تعاىل أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب اهللا إليهم، وإقباهلم على ].٧٧: آل عمران[}َ

    .مروا به من اتباع كتاب اهللاُالدنيا ومجعها، واشتغاهلم بغري ما أ

    َهللا تعاىل به، وأن نأمتر مبا أمرنا به، من تـعلم كتاب اهللا املنزل أن ننتهي عما ذمهم ا- أيها املسلمون-فعلينا َأمل يأن للذين آمنوا أن ختشع قـلوبـهم لذكر الله وما نزل من احلق {:، قال اهللا تعاىلإلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه َُ َ ُ َ َ َْ َ َ َِ َِ ِ ْ ِ ِ ِ ِْ ُ ُْ َ َْ ْ َ َُ ِ ْ ََِوال يكونوا كالذين أوتوا الكت ْ ُ ُُ َ َِ َ ُ ُاب من قـبل فطال عليهم َ ِ ْ َْ ََ َ َ َُ ْ ِ َمد فـقست قـلوبـهم وكثري منـهم فاسقونألاَ َ ُ َُ َِ ِ ِْ ُْ ُْ ٌ ََ َُ َُ ْ َاعلموا أن الله * ُ َ ُ َْ

    ُحييي إالرض بـعد موا قد بـيـنا لكم ُ َ َ َ َْ َ َِ ْ َ ْ َ ْ َيات لعلكم تـعقلونآلاُِْ ُِ ْ َ ْ ُ ََ ِ ية بعدآلاففي ذكره تعاىل هلذه ]. ١٧ ، ١٦: احلديد[}َلين القلوب بإاليمان بعد قسوتها من ُض بعد موتها، كذلك ياألرتنبيه على أنه تعالى كما يحيي اليت قبلها

    .، واهللا املؤمل املسؤول أن يفعل بنا ذلك، إنه جواد كرميالذنوب والمعاصي

  • ١٣

    إن أصح الطرق يف ذلك أن يـفسر القرآن ب: فاجلواب فما أحسن طرق التفسري؟: فإن قال قائل* ِْالقرآن، فما أمجل َُ ُيف مكان فإنه قد فسر يف موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإا شارحة للقرآن وموضحة له ، بل قد قال ُ

    كل ما حكم به رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فهو مما : اإلمام أبو عبد اهللا حممد بن إدريس الشافعي رمحه اهللاَإنا أنزلنا إليك الكتاب باحلق لتحكم بـني الناس مبا أراك الله وال تكن للخائنني {:قال اهللا تعاىل. فهمه من القرآن َ ِِْ َِ ْ ُ ُِ ِْ َ ََ َ ُ ْ ْ َ ََ ََ َِ ِ َ َ َ َْ ِ َ ْ َِْ ِ

    ًخصيما ِ وأنزلنا إليك الذكر لتبـني للناس ما نزل إليهم ولعلهم يـتـفك{:، وقال تعاىل]١٠٥: النساء[}َ َ َ ُ ََ َ َْ ُْ َ َ َ ََ َِ ْ ِْ َِ ِ ِ َِ َ ْ َْ َرونَ : النحل[}َُوما أنزلنا عليك الكتاب إال لتبـني هلم الذي اختـلفوا فيه وهدى ورمحة لقوم يـؤمنون{:، وقال تعاىل]٤٤ ُْ َِ ِ ِْ َ ُ َ َُ َ ٍَْ ََ ً ُِ ِ ِ َِ ََ َ ًَ ُ َُ َْ َ ُ َ َ ْ ْْ : النحل[}ًَوالسنة أيضا تنزل . السنة: يعين،"ال إين أوتيت القرآن ومثله معهأ: "وهلذا قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ].٦٤

    َوالغرض أنك تطلب تفسري القرآن منه، فإن مل .عليه بالوحي، كما ينزل القرآن؛ إال أا ال تتلى كما يتلى القرآنوحينئذ، إذا مل جند التفسري يف القرآن وال يف السنة، رجعنا يف ذلك إىل أقوال الصحابة، فإم ْجتده فمن السنة،

    تصوا ا، وملا هلم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل ُحوال اليت اخألاالقرائن وأدرى بذلك ملا شاهدوا من .ئمة املهدينيإلاربعة واخللفاء الراشدين وألائمة إلا، كالصاحل، ال سيما علماؤهم وكرباؤهم

    بن حدثنا حممد: ، ملا رواه حممد بن جرير، رمحه اهللا، حيث قالفأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرامعلى، هو ابن عامر الثعليب، عن سعيد بن جبري، عن ألابشار، حدثنا حيىي بن سعيد، حدثنا سفيان، حدثين عبد

    من قال في القرآن برأيه، أو بما ال يعلم، فليتبوأ مقعده من :"ابن عباس، عن النيب صلى اهللا عليه وسلم قاللم هلم به، كما روى شعبة، عن سليمان، عن عبد اهللا بن ََوهلذا حترج مجاعة من السلف عن تفسري ما ال ع ".النار

    َمرة، عن أيب معمر، قال ْ ّأي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في ": قال أبو بكر الصديق رضي اهللا عنه: َ ّ أن عمر بن اخلطاب قرأ على ،حدثنا يزيد، عن محيد، عن أنس: ًوقال أبو عبيد أيضا ."كتاب اهللا ما ال أعلم

    ََوفاكهة وأبا{:املنرب ًَ َ ِ إن هذا ": ّب؟ مث رجع إىل نفسه فقالآلاهذه الفاكهة قد عرفناها، فما : ، فقال]٣١: عبس[}َْوقال عبد بن محيد ."لهو التكلف يا عمر َُْ حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا محاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، : َ

    ََوفاكهة وأبا{:، فقرأميصه أربع رقاعويف ظهر قكنا عند عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه، : قال ًَ َ ِ ب؟ آلاما : فقال، }َحدثنا إمساعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن ابن : وقال أبو عبيد ."ال تدريهأفما عليك إن هذا هلو التكلف": مث قال

    ٍيـوم كان مقداره ألف سنة{:سأل رجل ابن عباس عن: أيب مليكة، قال ََِ ََ َْ ُُ َْ ْ َ َ : قال له ابن عباس، ف]٥: السجدة[ }ٍٍيـوم كان مقداره مخسني ألف سنة{فما ِ ََِ ََ َْ َ ْ ََ ُُْ َْ َ هما :فقال ابن عباس. إمنا سألتك لتحدثين: ؟ فقال له الرجل]٤: املعارج[ }ٍ

    َوقال ابن شوذب .فكره أن يقول يف كتاب اهللا ما ال يعلم. يومان ذكرهما اهللا تعالى في كتابه، اهللا أعلم بهما ْ َ :كنا نسأل سعيد بن املسيب عن احلالل واحلرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن : بن أيب يزيد، قالحدثين يزيد

    .تفسري آية من القرآن سكت ، كأن مل يسمعثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف حممولة على حترجهم عن الكالم يف التفسري مبا ال آلافهذه

    وهلذا روي عن هؤالء وغريهم أقوال يف .ً من ذلك لغة وشرعا، فال حرج عليهعلم هلم به؛ فأما من تكلم مبا يعلم

  • ١٤

    فإنه كما ،وهذا هو الواجب على كل أحد ألم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، ،التفسري، وال منافاةَُلتبـ{:، لقوله تعاىلجيب السكوت عما ال علم له به، فكذلك جيب القول فيما سئل عنه مما يعلمه َيـنـنه للناس وال َ ِ ِ ُ ُ

    َُتكتمونه َُ ُ ِْئل عن علم فكتمه، أجلم يوم القيامة ُمن س:"، وملا جاء يف احلديث املروى من طرق]١٨٧: آل عمران[}ْ

    ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من ، فإن من القرآن ما استأثر اهللا تعالى بعلمه ".بلجام من نارحدثنا حممد بن بشار، : ، كما صرح بذلك ابن عباس فيما قال ابن جريرعذر أحد يف جهلهُلغاا، ومنه ما ال ي

    حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن أيب الزناد عن إالعرج َ وجه تعرفه : التفسري على أربعة أوجه :قال ابن عباس: قال،ُ .فسري ال يعلمه إال اهللاعذر أحد جبهالته، وتفسري يعلمه العلماء، وتُالعرب من كالمها، وتفسري ال ي

    فضائل القرآن

    عن ابن عباس يف -يعين ابن أيب طلحة-حدثنا املثىن، حدثنا عبد اهللا بن صاحل، حدثين معاوية عن عليِْومهيمنا عليه{:قوله ََْ ً ِ َ ُ وقال .شهيدا عليه: ويف رواية. القرآن أمني على كل كتاب قبله: قال. منيألا: املهيمن: قال،}َ

    ِْومهيمنا عليه{:ئمة عن أيب إسحاق السبيعي، عن التميمي، عن ابن عباسإلاوري وغري واحد من سفيان الث ََْ ً ِ َ ُ :قال}َقد هيمن فالن عليه، فهو : ََالرتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهدهااحلفظ و: وأصل اهليمنة .مؤمتنا

    احلفيظ بكل : من، وهو الشهيد على كل شيء ، والرقيباملهي: يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن، ويف أمساء اهللا تعاىل .شيء

    أنه ابتدئ بنزوله يف مكان شريف، وهو البلد احلرام، كما أنه ووجه مناسبة هذا احلديث بفضائل القرآن ستحب إكثار تالوة القرآن يف ُ وهلذا ي.كان يف زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان واملكان

    وهلذا كان جربيل يعارض به رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف كل سنة يف ،نه ابتدئ نزوله فيه أل،شهر رمضان .ًشهر رمضان، فلما كان يف السنة اليت توىف فيها عارضه به مرتني تأكيدا وتثبيتا

    من القرآن مكي ومنه مدين، فاملكيوأيضا يف هذا احلديث بيان أنه ما نزل : ما نزل قبل اهلجرة، واملدين: َ . بعد اهلجرة، سواء كان باملدينة أو بغريها من أي البالد كان، حىت ولو كان مبكة أو عرفة

    حدثنا عبد اهللا بن يوسف، حدثنا الليث بن سعيد املقربي، عن أبيه، عن أيب هريرة، : احلديث الثالثأعطى ما مثله آمن عليه البشر، وإمنا نبياء نيب إال ألاما من : "قال النيب صلى اهللا عليه وسلم: رضي اهللا عنه، قال

    فضيلة عظيمة ويف هذا احلديث ".ّكان الذي أوتيت وحيا أوحاه اهللا إيل، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامةما : نبياء، وعلى كل كتاب أنزله، وذلك أن معنى الحديثألاللقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من

    ما كان دليال على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه : معجزات ما آمن عليه البشر، أيمن نبي إال أعطى من النبياء لم يبق لهم معجزة بعدهم إال ما يحكيه أتباعهم عما شاهده في ألامن اتبعه من البشر، ثم لما مات

    وحيا منه إليه زمانه، فأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلى اهللا عليه وسلم فإنما كان معظم ما آتاه اهللا

  • ١٥

    َتـبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون {:، وهلذا قال اهللانزلُمنقوال إلى الناس بالتواتر، ففي كل حين هو كما أ َ َُ َ َِ ِ ِِ َْ ََ َْ َُ َْ َ ًللعالمني نذيرا ِ َِ َ ِ َ َ ِقل لئن اجتمعت {:، وقال تعاىل]١: الفرقان[}ْ َ َ َ ْ ِ َِ ْ َُْنس واجلن على أن يأتواإلاُ ْ َ ََ ِْْ َ َ مبثل هذا القرآن ال يأتون ُ ُ ُ َْْ ِ ِْ ْ َ َ ِ

    ًِمبثله ولو كان بـعضهم لبـعض ظهريا َِ ٍ ْ َْ َِ ِْ ُْ ُ َ َ ََ ِ ِْ ُأم يـقولون افـتـراه {:، مث تقاصر معهم إىل عشر سور منه فقال]٨٨: سراءإلا[}ِ َ َْ َ ُ ُ َ َْ

    ْقل فأتوا بعشر سور مثله مفتـريات وادعوا من استطعتم من َ َ ُ ُِ ِ ِْ ُ َ ْ َْ َ ْ ِ ُ َ ٍ َ َ ْْ ِْ ْ ٍُ ِ َِ َْ َ دون الله إن كنتم صادقنيُ ِ ِ َ ْ ُُْ ْ ِ ِ ِ مث حتداهم إىل ] ١٣: هود[}ُْأم يـقولون افـتـراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن {:أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فقال ِْ ِ ِ ِ ِ ِ ُ ُْ َ َْ َُ َ ْ َْ َْ ْ ِ َ ِْ ُ ٍُ ُ ِ َْ ُ َْ َُ ُ َ

    َكنتم صادقني ِ ِ َ ْ دي على هذا املقام يف السور املكية كما ذكرنا ويف املدنية أيضا كما يف ، وقصر التح]٣٨: يونس[}ُُْْوإن كنتم يف ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من {:سورة البقرة، حيث يقول تعاىل ِْ ِ ِ ِْ َ َ ُْ َُ َ َ ُ َُ َ َْ َُ َِ ِْ ُ ٍَ ُ ِ َْ ْ َْ ْ

    ِ ٍ ِ ْ ْ َِدون الله إن كنتم صادقني ِِ َ ْ ُُْ ْ ِ ِ ِ ْفإن مل تـفعلوا ولن تـفعلوا فاتـقوا النار اليت وقودها الناس واحلجارة أعدت * ُ ُِ َُِ ََ ْْ َ َ َُ َ ُ ُ َ َِ ُ َ َ ُ َُ َ ْْ َْ َ ْ ِ

    َللكافرين ِ ِ َِ فأخربهم بأم عاجزون عن معارضته مبثله، وأم ال يفعلون ذلك يف املستقبل أيضا، ] ٢٤، ٢٣: البقرة[}ْال قبل ألحد من الكن جاءهم من اهللا مبالغة والشعر وقريض الكالم وضروبه، وهذا وهم أفصح اخللق وأعلمهم بال

    خبار ألاالبشرية من الكالم الفصيح البليغ، الوجيز، المحتوي على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة، وَومتت كلم{:كما قال تعاىل، حكام العادلة والمحكمةألاتية، وآلاالصادقة عن الغيوب الماضية و َِ َ ْ َ ًة ربك صدقا ْ ِ َ َ ُ

    ْوعدال َ ].١١٥: نعامألا[}َ

    جمع القرآن حدثنا موسى بن إمساعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت

    إن عمر بن اخلطاب : فقال أبو بكر فإذا عمر بن اخلطاب عنده ، - مقتل أهل اليمامة- أرسل إىل أبو بكر : قالإن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإين أخشى أن يستحر القتل بالقراء يف املواطن فيذهب كثري من : فقالأتاين، ُ َ َ

    كيف نفعل شيئا مل يفعله رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم؟ : فقلت لعمر. القرآن، وإين أرى أن تأمر جبمع القرآنقال . ح اهللا صدري لذلك ورأيت يف ذلك الذي رأى عمرهذا واهللا خري، فلم يزل عمر يراجعين حىت شر: قال عمر

    كنت تكتب الوحي لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، إنك رجل شاب عاقل ال نتهمك، وقد: قال أبو بكر: زيدفتتبعت . ّ فواهللا لو كلفوين نقل جبل من اجلبال ما كان أثقل علي مما أمرين به من مجع القرآن.فتتبع القرآن فامجعه

    َن أمجعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أيب خزمية القرآ ُ نصاري مل أجدها ألاٌُلقد جاءكم رسول من أنـفسكم عزيز{:مع غريه ِ َ ْ َ ُْ ِ ُِ ََْ ْ ُ ٌَ َُ ْ حىت خامتة براءة، فكانت الصحف عند أيب بكر ] ١٢٨: التوبة[}َ

    .ة بنت عمر، رضي اهللا عنهمحىت توفاه اهللا، مث عند عمر حياته، مث عند حفصفتتبعت القرآن أمجعه من العسب واللخاف وصدور الرجال"وأما قول زيد بن ثابت ُ من : " ويف رواية،"ُ

    ُأما العسب فجمع عسيب ".قتاب وصدور الرجالألاكتاف وألامن : "َالعسب والرقاع وإالضالع، ويف رواية قال . َُوهو من السعف فويق الكرب مل ينبت عليه اخلوص، وما نبت عليه اخلوص : أبو النصر إمساعيل بن محاد اجلوهري َ

    ََْمجع خلفة وهي القطعة من احلجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغري : واللخاف .فهو السعف

  • ١٦

    ومنهم من مل .ذلك، مما ميكنهم الكتابة عليه مما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلميكن حيسن الكتابة أو يثق حبفظه، فكان حيفظه، فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من خلافه، ومن

    مانة؛ ألن رسول اهللا صلى ألامانات وهذا من أعظم ألاصدر هذا، أي من حفظه، وكانوا أحرص شيء على أداء ْياأيـها الرسول بـلغ ما أنزل إليك من {:تعاىل ما قال اهللاهللا عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إىل من بعده ك َ َ ُ َِ َ َِْ َ ُُ َْ َ

    َربك َ{]مر به؛ وهلذا سأهلم يف حجة الوداع يوم عرفة على ُ، ففعل، صلوات اهللا وسالمه عليه، ما أ]٦٧: املائدةنشهد أنك : فقالوا. " قائلون؟إنكم مسؤولون عين فما أنتم:"شهاد، والصحابة أوفر ما كانوا جمتمعني، فقالألارؤوس

    قد بـلغت وأديت ونصحت، فجعل يشري بأصبعه إىل السماء، وينكبها عليهم ويقول َ": ،اللهم اشهد، اللهم اشهدولو مل يكن مع أحدكم : يعين"َبـلغوا عين ولو آية": وقال،وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب". اللهم اشهد

    .، فبلغوا عنه ما أمرهم به، فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، مل يلبسوا هذا ذا من وراءهسوى آية واحدة فليؤدها إىلال ألئال يختلط بالقرآن، وليس معناه :أي ،"من كتب عين سوى القرآن فليمحه" :وهلذا قال عليه الصالة والسالم

    .، واهللا أعلميحفظوا السنة ويرووهاأنس بن مالك، وسى بن إمساعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، عنحدثنا م: قال البخاري رمحه اهللا

    حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي اهللا عنهما وكان يغازي أهل الشام يف فتح أرمينية درك هذه يا أمري املؤمنني، أ: فقال حذيفة لعثمان. وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختالفهم يف القراءة

    فأرسل عثمان إىل حفصة أن أرسلى إلينا بالصحف . مة قبل أن خيتلفوا يف الكتاب اختالف اليهود والنصارىألاننسخها يف املصاحف مث نردها إليك، فأرسلت ا حفصة إىل عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد اهللا بن الزبري وسعيد

    إذا : وقال عثمان للرهط القرشيني الثالثةيف املصاحف، بن العاص وعبد الرمحن بن احلارث بن هشام فنسخوها حىت إذا نسخوا . ففعلوا،اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت يف شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإمنا أنزل بلسام

    الصحف يف املصاحف رد عثمان الصحف إىل حفصة وأرسل إىل كل أفق مبصحف مما نسخوا، وأمر مبا سواه من مسع زيد : فأخربين خارجة بن زيد بن ثابت: قال ابن شهاب الزهري. رقُ حمل صحيفة أو مصحف أن حيالقرآن يف

    حزاب حني نسخنا املصحف قد كنت أمسع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقرأ ألافقدت آية من : بن ثابت قالَمن المؤمنني {:نصاريألاا، التمسناها فوجدناها مع خزمية بن ثابت ِِ ِْ ُ َرجال صدقوا ما عاهدوا الله َْ ُ ََ َ َ َُ َ ٌ ِ

    ِعليه من أكرب مناقب أمري املؤمنني عثمان بن - أيضا-وهذا .، فأحلقناها يف سورا يف املصحف]٢٣: حزابألا[}ََْعفان، رضي اهللا عنه، فإن الشيخني سبقاه إىل حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو مجع الناس على قراءة واحدة

    رتب السور يف املصحف، وقدم - واهللا أعلم-وكان عثمان . القرآن، ووافقه على ذلك مجيع الصحابةلئال خيتلفوا يفئمة إلا؛ وهلذا روى ابن جرير وأبو داود والرتمذي والنسائي من حديث غري واحد من السبع الطوال وثىن باملئني

    ما محلكم أن عمدمت : مان بن عفانقلت لعث: عرايب، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قالألاالكبار، عن عوف ، "بسم اهللا الرمحن الرحيم"نفال وهي من املثاين وإىل براءة وهي من املئني، فقرنتم بينها ومل تكتبوا بينها سطر ألاإىل

  • ١٧

    كان رسول اهللا مما يأيت عليه الزمان وهو ينزل : ووضعتموها يف السبع الطوال؟ ما محلكم على ذلك؟ فقال عثمانيات يف السورة آلاضعوا هذه : ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقولعليه السور

    ية يف السورة اليت يذكر فيها كذا وكذا، وكانت آلاضعوا هذه : ية فيقولآلااليت يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أا منها نفال من أول ما نزل باملدينة، وكانت براءة من آخر القرآنألا

    بض رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ومل يبني لنا أا منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ومل أكتب بينهما سطر ُوق .فوضعتها يف السبع الطوال" بسم اهللا الرمحن الرحيم"

    عن الرسول صلى اهللا عليه وسلم، يات والسور أمر توقيفي متلقى آلاترتيب ففهم من هذا احلديث أن وهلذا ليس ألحد أن يقرأ القرآن إال مرتبا؛ ؛وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي اهللا عنه

    . وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان ، رضي اهللا عنه. فإن نكسه أخطأ خطأ كبرياا أبو رجاء، حدثنا إسرائيل، عن أيب إسحاق، عن مصعب حدثنا عمي، حدثن: وقال أبو بكر بن أيب داود

    يا أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثالث عشرة وأنتم مترتون يف :قام عثمان فخطب الناس فقال: بن سعد قالواهللا ما تقيم قراءتك، وأعزم على كل رجل منكم ما كان : قراءة أيب وقراءة عبد اهللا، يقول الرجل: القرآن، وتقولون

    دمي فيه القرآن حىت مجع من ذلك كثرة، مث دخل عثمان ألا فكان الرجل جييء بالورقة و.من كتاب اهللا ملا جاء بهمعه فلما فرغ من ذلك .نعم: لسمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أمله عليك فيقول: فدعاهم رجال رجال فناشدهم

    ُمن أكتب الناس؟ قالوا: عثمان قال فأي الناس : قال . هللا عليه وسلم زيد بن ثابتكاتب رسول اهللا صلى ا: َفكتب زيد مصاحف ففرقها يف الناس، . ْفليمل سعيد، وليكتب زيد: قال عثمان. سعيد بن العاص: أعرب؟ قالوا

    .فسمعت بعض أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقولون قد أحسن تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن حممد بن ًوقد كانت الكتابة يف العرب قليلة جدا، وإمنا أول ما :قلت

    نبار، مث قدم مكة فتزوج الصهباء بنت ألاالسائب الكليب وغريه أن بشر بن عبد امللك أكيدر دومة تعلم اخلط من حرب بن أمية أخت أيب سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن

    نبار قوم من ألاإن أول من تعلمه من : ه معاوية من عمه سفيان بن حرب، وقيلاخلطاب من حرب بن أمية، وتعلم: وهلذا قال أبو بكر بن أيب داود. طيئ من قرية هناك يقال هلا بقة، مث هذبوه ونشروه يف جزيرة العرب فتعلمه الناسرين من أين تعلمتم سألنا املهاج:حدثنا عبد اهللا بن حممد الزهري، حدثنا سفيان عن جماهد عن الشعيب قال

    والذي كان : قلت .نبارألامن أهل : من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: وسألنا أهل احلرية. من أهل احلرية: الكتابة؟ قالواله يف ذلك منهج وأسلوب يف يغلب على زمان السلف الكتابة املكتوفة مث هذا أبو علي مقلة الوزير، وصار

    . وطريقته يف ذلك واضحة جيدة. البغدادي املعروف بابن البواب وسلك الناس وراءهالكتابة، مث قرا علي بن هالل حكم جيدا، وقع في كتابة المصاحف اختالف في وضع ُوالغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم ت

    .الكلمات من حيث صناعة الكتابة ال من حيث المعنى

  • ١٨

    حممد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أيب، عن صاحل بن حدثنا عمرو بن: قال البخاري : احلديث الرابع* أخربين أنس بن مالك أن اهللا تابع الوحي على رسوله صلى اهللا عليه وسلم قبل : كيسان، عن ابن شهاب، قال

    ول أن اهللا تعاىل تابع نز: ومعناه. وفاته حىت توفاه أكثر ما كان الوحي، مث توىف رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بعدوىل ألاًالوحي على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت مبا حيتاج إليه، ومل تقع فرتة بعد الفرتة

    َاقـرأ باسم ربك{:أول مرة بقوله اليت كانت بعد نزول امللك َْ ِ ْ ِ فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال قريبا ]١: العلق[}َُْياأيـها المدثـر {:وكان أول شيء نزل بعد تلك الفرتة، وتتابعمن سنتني أو أكثر، مث محي الوحي َُ ْ َ ْقم فأنذر* َ ِ ََْ ُْ{

    .]٢ ، ١: املدثر[اشتكى النيب : مسعت جندبا يقول: قال،سود بن قيسألاحدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن : احلديث اخلامس*

    يا حممد، ما أرى شيطانك إال تركك، فأنزل اهللا : فقالتصلى اهللا عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتني، فأتته امرأة َوالضحى {:تعاىل َوالليل إذا سجى * َ َ َ ِ ِ ْ ََما ودعك ربك وما قـلى* َ َ ََ ََ ََ َ {]واملناسبة يف ذكر هذا ].٣ - ١: الضحى

    جعل الوحي عظيمة وحمبة شديدة، حيث أن اهللا تعاىل له برسوله عناية: احلديث والذي قبله يف فضائل القرآن .كرامإلانزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك في أبلغ العناية وُولهذا إنما أ .متتابعا عليه ومل يقطعه عنه

    تأليف القرآنإين : قال،وأخربين يوسف ابن ماهك: حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخربهم قال

    يا : وما يضرك، قال! وحيك: أي الكفن خري؟ قالت: ها، إذ جاءها عراقي فقاللعند عائشة أم املؤمنني رضي اهللا عنوما يضرك أيه ": قرأ غري مؤلف، قالتُلعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه ي: مل؟ قال: أم املؤمنني، أريين مصحفك، قالت

    ناس إىل إالسالم، نزل قرأت قبل، إمنا أول ما نزل منه سورة من املفصل فيها ذكر اجلنة والنار، حىت إذا ثاب الال ندع : ال تزنوا، لقالوا: ًال ندع اخلمر أبدا، ولو نزل: وال تشربوا اخلمر، لقالوا: احلالل واحلرام ولو نزل أول شيء

    َبل الساعة موعدهم والساعة أدهى {:الزنا أبدا، لقد نزل مبكة على حممد صلى اهللا عليه وسلم وإين جلارية ألعب ُْ َ ُ ُ َ ََ ْ ُْ ِ َ َِفأخرجت له املصحف فأملت عليه آي : ، قال" وما نزلت سورة البقرة والنساء إال وأنا عنده،]٤٦: القمر[}ََأمرَو

    وهذا العراقي سأل . والمراد من التأليف هاهنا ترتيب سورهوهكذا رواه النسائي من حديث ابن جريج به . السورعتين بالسؤال عنه وال ُ عنها أن هذا ال ينبغي أن يأفضل، فأخربته عائشة رضي اهللا: أوال عن أي الكفن خري، أي

    وكانوا يف ذلك الزمان يصفون أهل العراق بالتعنت يف ستعداد، فإن يف هذا تكلفا ال طائل حتته، إلاالقصد له وال انظروا أهل ":، كما سأل بعضهم عبد اهللا بن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب فقال عبد اهللا بن عمرسئلةألا

    مث سأهلا عن ترتيب القرآن ! "يسألون عن دم البعوضة وقد قتلوا ابن بنت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمالعراق، ن هذا قبل أن يبعث أمري املؤمنني اوك. قرأ غري مؤلف، أي غري مرتب السورُفانتقل إىل سؤال كبري، وأخربها أنه ي

    لزام به، واهللا إلا هذا الرتتيب املشهور اليوم، وقبل ئمة املؤلفة علىإلافاق باملصاحف آلاإىل عثمان رضي اهللا عنه

  • ١٩

    وهذه إن مل تكن أنك ال يضرك بأي سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت فيها ذكر اجلنة والنار،: وهلذا أخربته .أعلممروا ُيق أتمل أا أرادت اسم جنس لسور املفصل اليت فيها الوعد والوعيد، مث ملا انقاد الناس إىل التصدُفقد حي" اقرأ"

    أن هذه السورة أو السور اليت فيها ذكر : ومعىن هذا الكالم.وا بالتدريج أوال فأوال وهذا من حكمة اهللا ورمحتهُواجلنة والنار ليس البداءة ا يف أوائل املصاحف، مع أا من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما يف

    يات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر آلافأما ترتيب .أنا عندهاملصحف وقد نزلت عليه يف املدينة ورخص له يف ذلك، بل أخرجت له ُ وهلذا مل ت، كما تقدم تقرير ذلكتوقيفي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم،م ال يضرك بأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قد: وقول عائشة. مصحفها، فأملت عليه آي السور، واهللا أعلم

    وحيتمل أن ترتيب السور يف املصحف على ما هو عليه اليوم من اجتهاد ":مث قال القاضي. بعض السور أو أخروائل ألايات والبسملة في آلافأما ترتيب ":وكذا ذكره مكي يف تفسري سورة براءة قال، "الصحابة رضي اهللا عنهم

    مل : سئل ربيعة: مسعت سليمان بن بالل يقول: وقال ابن وهب يف جامعه ."فهو من النبي صلى اهللا عليه وسلملف القرآن على علم ممن ألفه، ُقدمتا وأ: دمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضع ومثانون سورة ؟ فقالُق

    إمنا : ومسعت مالكا يقول: قال ابن وهب. سأل عنهٌنتهى إليه وال يُوقد أجمعوا على العلم بذلك، فهذا مما يإنا جند تأليف سوره : قال أبو احلسن بن بطال .ما كانوا يسمعونه من النيب صلى اهللا عليه وسلملف القرآن على ُأ

    إن ترتيب ذلك واجب يف الصالة ويف قراءة القرآن ودرسه، : قال ًعلم أن أحدا منهمُوال ييف الرسم واخلط خاصة وال يضرك أيه قرأت : ترى إىل قول عائشةالأوأنه ال حيل ألحد أن يقرأ الكهف قبل البقرة، وال احلج قبل الكهف،

    خرى بغري السورة اليت ألاوقد كان النيب صلى اهللا عليه وسلم يقرأ يف الصالة السورة يف ركعة، مث يقرأ يف الركعة . قبلال إنما ذلك منكوس اوأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا وق .تليها

    .ًا عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذورالقلب، فإنمإن أول من أمر به عبد امللك بن مروان، فتصدى لذلك احلجاج : فأما نقط املصحف وشكله، فيقال*

    سود ألاإن أول من نقط املصحف أبو : وهو بواسط، فأمر احلسن البصري وحيىي بن يعمر ففعال ذلك، ويقال :وقال حيىي بن أيب كثري . واهللا أعلم،الدؤيل، وذكروا أنه كان حملمد بن سريين مصحف قد نقطه له حيىي بن يعمر

    ي، مث آلاًال بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر : أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا" ."أحدثوا الفواتح واخلوامت

    رآناغتباط صاحب الق

    ال : "مسعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: أن عبد اهللا بن عمر قال...حدثنا أبو اليمان، أخربنا شعيب،ال فهو يتصدق به آناء الليل ارجل آتاه اهللا الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه اهللا م: حسد إال يف اثنتني

    ال : " عن أيب هريرة أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال...يم،حدثنا علي بن إبراه: مث قال البخاري ".والنهار

  • ٢٠

    ليتين أوتيت مثل : رجل علمه اهللا القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: حسد إال يف اثنتني أوتيت مثل ما أويت ليتين: ال فهو يهلكه يف احلق، فقال رجلاورجل آتاه اهللا م ما أوتى فالن فعملت مثل ما يعمل،

    صاحب القرآن يف غبطة وهو حسن احلال، فينبغي أن ومضمون هذين احلديثني أن ".فالن فعملت مثل ما يعملًغبطه يغبطه غبطا: الغتباط مبا هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، يقال ايكون شديد إذا متىن ما هو فيه من : ِ

    وهذا ؛ال نعمة احملسود عنه، سواء حصلت لذلك احلاسد أو الالنعمة، وهذا خبالف احلسد املذموم وهو متين زوٌ مهلك، وهو أول معاصي إبليس حني حسد آدم عليه السالم على ما منحه اهللا تعاىل من الكرامة ،ًمذموم شرعا

    وهلذا قال عليه ،واحلسد الشرعي املمدوح هو متين مثل حال ذلك الذي هو على حالة سارة. عظامإلاالحرتام واو، فذكر النعمة القاصرة وهي تالوة القرآن آناء الليل والنهار، والنعمة املتعدية وهي " ال حسد إال يف اثنتني: "المالس

    إن الذين يـتـلون كتاب الله وأقاموا الصالة وأنـفقوا مما رزقـناهم سرا {:إنفاق املال بالليل والنهار، كما قال تعاىل ِ ِ ِْ َُ ََْ ِ ُ َ َْ ََ َ ََ ُ ََ َ َ َ ُ ْ ِ َِوعالنية يـرجون جتارة لن تـبور َ ُْ ْ ُ َ ََ ًَ ً َِ َ ِ َ : وقد روي حنو هذا من وجه آخر، فقال عبد اهللا بن اإلمام أمحد.]٢٩: فاطر[}َ عن ...حدثنا اهليثم بن محيد،: ّكتب إيل أبو توبة الربيع بن نافع، فكان يف كتابه: وجدت يف كتاب أيب خبط يده

    رجل أعطاه اهللا القرآن : ال تنافس بينكم إال يف اثنتني: " عليه وسلم قالخنس، أن رسول اهللا صلى اهللاألايزيد بن عطى فالنا فأقوم كما يقوم به، ُلو أن اهللا أعطاين مثل ما أ: فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ويتبع ما فيه، فيقول رجل

    وقريب ". أعطى فالنا فأتصدق بهلو أن اهللا أعطاين مثل ما: ال فهو ينفقه ويتصدق، فيقول رجلاورجل أعطاه اهللا م مسعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : عن أيب كبشة قال...حدثنا عبد اهللا بن منري،: من هذا ما قال اإلمام أمحد

    فإنه ما نقص مال عبد من : قسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه، فأما الثالث اليت أقسم عليهنُثالث أ ":يقوللمة فصرب عليها إال زاده اهللا ا عزا، وال يفتح عبد باب مسألة إال فتح اهللا له باب فقر، لم عبد مظُصدقة، وال ظ

    ال وعلما فهو يتقي فيه ربه ا عبد رزقه اهللا م،إمنا الدنيا ألربعة نفر: وأما الذي أحدثكم حديثا فاحفظوه فإنه قاللو كان : ال فهو يقولاه اهللا علما ومل يرزقه م وعبد رزق؛فهذا بأفضل املنازل :ويصل رمحه، ويعمل هللا فيه حقه، قال

    ال ومل يرزقه علما فهو خيبط يف ماله بغري علم ال ا وعبد رزقه اهللا م؛فأجرمها سواء: قال،يل مال عملت بعمل فالن فهو ال وال علماا وعبد مل يرزقه اهللا م؛يتقي فيه ربه، وال يصل فيه رمحه، وال يعمل هللا فيه حقه، فهذا بأخبث املنازل

    ِحدثنا وكيع،: وقال أيضا ."هي نيته فوزرمها فيه سواء: قال. لو كان يل مال لفعلت بعمل فالن: يقول عن أيب ...َال ارجل آتاه اهللا م: مة مثل أربعة نفرألامثل هذه : "قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: قال،كبشة إإلمناري

    لو كان يل مثل مال هذا : ال فهو يقولا آتاه اهللا علما ومل يؤته موعلما فهو يعمل به يف ماله ينفقه يف حقه، ورجلال ومل ا ورجل آتاه اهللا م؛جر سواءألافهما يف ":قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم. "عملت فيه مثل الذي يعمل

    هذا عملت مثللو كان يل: ال وال علما فهو يقولايؤته علما فهو خيبط فيه ينفقه يف غري حقه، ورجل مل يؤته اهللا م ". فهما يف الوزر سواء ": قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ."فيه مثل الذي يعمل

  • ٢١

    خيركم من تعلم القرآن وعلمهَْحدثنا حجاج بن منهال، حدثنا شعبة، أخربين علقمة بن مرثد، مسعت سعد بن عبيدة، عن أيب عبد الرمحن، عن َ ْ ِ

    وحدثنا أبو نعيم، حدثنا ". خريكم من تعلم القرآن وعلمه: "ليه وسلم قالعثمان بن عفان، عن النيب صلى اهللا ع ".إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه: "قال النيب صلى اهللا عليه وسلم: قال، عن عثمان بن عفان...سفيان،

    بعني للرسل، وهذه من صفات املؤمنني املت ،"خريكم من تعلم القرآن وعلمه: "والغرض أنه عليه الصالة والسالم قالُوهم الكمل يف أنفسهم، املكملون لغريهم، وذلك مجع بني النفع القاصر واملتعدي، وهذا خبالف صفة الكفار

    ِالذين كفروا وصدوا عن سبيل {:، كما قال تعاىلاجلبارين الذين ال ينفعون، وال يرتكون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع َِ ْ َ َ َ َُ َ َ ِ ًالله زدناهم عذاب َ َ ْ ُ َ ِْ ِِا فـوق العذاب َ َ ْ َ ْ ُوهم يـنـهون عنه ويـنأون عنه{:، وكما قال تعاىل]٨٨: النحل[}َ ُْ ْ ْ َْ ََ َْ َ ََ َ َْ َْ ، يف ]٢٦: نعامألا[}ُ

    أم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه، فجمعوا بني التكذيب أصح قويل املفسرين يف هذا، وهو ِفمن أظلم مم{:، كما قال تعاىلوالصد ُ َْ َ ْ َ َن كذب بآيات الله وصدف عنـهاَ َْ ََ َ َ ِ ِ َ ِْ َ ، فهذا شأن الكفار، كما ]١٥٧: نعامألا[}َ

    ْومن أحسن قـوال ممن {:، وكما قال اهللا تعاىلبرار أن يكمل يف نفسه وأن يسعى يف تكميل غريهألاشأن خيار أن ْ َِ ْ َ ُ ََ ْ َْدعا إىل الله وعمل صاحلا وقال إنين من ال َ َ َِ ِِِ َ َ ًِ َ َ ِ َ َ ََمسلمني ِ

    ِ ْ ذان ألافجمع بني الدعوة إىل اهللا سواء كان ب، ]٣٣: فصلت[ }ُُأو بغريه من أنواع الدعوة من تعليم القرآن واحلديث والفقه وغري ذلك، مما يبتغى به وجه اهللا، وعمل هو يف نفسه

    . ال من هذااصاحلا، وقال قوال صاحلا، فال أحد أحسن ح

    الترتيل في القراءةِْورتل القرآن تـرتيال{: وجلوقول اهللا عز ْ ََ َُ ْ ِ ٍوقـرآنا فـرقـناه لتـقرأه على الناس على مكث{:، وقوله]٤:املزمل[}َ ْ ُ َ ََ َِ ُ ََُ َْ َِ َْ َ ًُ ْ : إالسراء[}َ

    ُفـرقـناه{:يفصل، قال ابن عباس :كره أن يهذ كهذ الشعر، يفرقُ، ي]١٠٦ حدثنا : وقال اإلمام أمحد .فصلناه} َََْأولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، :كر هلا أن ناسا يقرؤون القرآن يف الليل مرة أو مرتني ، فقالتُعن عائشة أنه ذ ...قتيبة،

    كنت أقوم مع النبي صلى اهللا عليه وسلم ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فال يمر . ورغب إليهبآية فيها تخوف إال دعا اهللا واستعاذ، وال يمر بآية فيها استبشار إال دعا اهللا

    ِال حترك به لسانك لتـعجل به{: عن ابن عباس يف قوله تعاىل...حدثنا قتيبة،: الحديث الثاني ِِ َِ َ ْ َ َِ َِ َ ْ ] : ١٦: القيامة[}َُوذكر متام . كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إذا نزل جربيل بالوحي، وكان مما حيرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه

    استحباب ترتيل القراءة والرتسل فيها من غري وهو متفق عليه، وفيه والذي قبله دليل على احلديث كما سيأيت،َهذرمة وال سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر ْ ِِكتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبـروا آياته{:، قال اهللا تعاىلَ َِ َ َُُ َِ ٌ َ َ ََْ ِ ُ َْ ].٢٩: ص[}ٌ

    يقال :"عن عبد اهللا بن عمرو عن النيب صلى اهللا عليه وسلم...حدثنا عبد الرمحن بن سفيان،: وقال اإلمام أمحدَاقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل يف الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها: لصاحب القرآن وحدثنا إمساعيل بن ".ْ

    ألن أقرأ : قال ف،إين سريع القراءة وإين أقرأ القرآن يف ثالث: قلت البن عباس: إبراهيم، عن أيوب، عن أيب مجرة قال .البقرة يف ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إيل من أن أقرأ كما تقول

  • ٢٢

    قرأ القرآن ُفي كم ينظرت كم يكفي الرجل من القرآن فلم أجد سورة أقل من : قال يل ابن شربمة: حدثنا علي، حدثنا سفيان، قال

    : ث الثاين أظهر يف املناسبة وهو قولهواحلدي. ال ينبغي ألحد أن يقرأ أقل من ثالث آيات: فقلت. ثالث آياتَِّأنكحين أيب امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته : قال، عن عبد اهللا بن عمرو...حدثنا موسى بن إمساعيل،

    نعم الرجل من رجل مل يطأ لنا فراشا، ومل يفتش لنا كنفا منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه : فيسأهلا عن بعلها فتقول: قال. كل يوم: قلت". كيف تصوم؟: "، فلقيته بعد، فقال"ألقىن به: " "هللا عليه وسلم، فقالذكر للنيب صلى ا

    إين أطيق أكثر : قلت: قال."صم كل شهر ثالثة، واقرأ القرآن يف كل شهر: "قال. كل ليلة: قلت". وكيف ختتم ؟": قلت". طر يومني وصوم يوماأف: "قال. أطيق أكثر من ذلك: قلت". صم ثالثة أيام يف اجلمعة: "قال. من ذلك

    ، " ًصم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ يف كل سبع ليال مرة:"قال. أطيق أكثر من ذلكوذلك أين كربت وضعفت، مث روى البخاري ومسلم وأبو داود ! فليتين قبلت رخصة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

    اقرأ القرآن يف :"قال يل النيب صلى اهللا عليه وسلم:"د اهللا بن عمرو قال عن عب...من حديث حيىي بن أيب كثري،فهذا السياق ظاهره يقتضي المنع من ". فاقرأه في سبع وال تزد على ذلك:"قال. إين أجد قوة: قلت". شهر

    نيب عن قيس بن أيب صعصعة أنه قال لل...، وهكذا احلديث الذي رواه أبو عبيد قراءة القرآن في أقل من سبعإين أجد يف أقوى من : قال". في كل خمس عشرة: "يا رسول اهللا، يف كم أقرأ القرآن؟ فقال:"صلى اهللا عليه وسلم

    ".ففي كل جمعة: "ذلك، قالال يفقه من قرأه يف ":قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عن عبد اهللا بن عمرو قال...قال أبو عبيد: حديث آخر

    ."أقل من ثالث عن جندب بن عبد اهللا، رضي ...حدثنا أبو النعمان: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم: بخاريقال ال

    " اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه: "اهللا عنه، عن النيب صلى اهللا عليه وسلم قال إذا كانت القلوب جمتمعة على تالوته، متفكرة أرشد وحض أمته على تالوة القرآنومعىن احلديث أنه عليه السالم،

    ، فإنه ال حيصل املقصود من التالوة بذلك كما ثبت يف احلديث أنه قال فيه، متدبرة له، ال يف حال شغلها ومالهلاعمال إىل اهللا ما ألاأحب : " وقال".اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن اهللا ال ميل حىت متلوا:"عليه الصالة والسالم

    ".عمال إىل اهللا أدومها وإن قلألاأحب : "خرآلا، ويف اللفظ " وم عليه صاحبه وإن قلدا

  • ٢٣

    في اإلسرائيليات ابن كثيررأي

    ، وتفسريه يعد من الكتب اخلالية من ١ وروايتهااإلسرائيلياتاحلافظ ابن كثري، رمحه اهللا له كلمات قوية يف شأن وهلذا ":وقال يف مقدمة تفسريه. مث ينبه عليه، والنادر الذي يسكت عنه، اللهم إال القليل الذي حيكيهاإلسرائيليات

    عبد اهللا بن مسعود وابن : غالب ما يرويه إمساعيل بن عبد الرمحن السدي الكبري يف تفسريه، عن هذين الرجلنيصلى اهللا حيان ينقل عنهم ما حيكونه من أقاويل أهل الكتاب، اليت أباحها رسول اهللا ألاعباس، ولكن يف بعض ثوا عن بين إسرائيل وال حرج، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ : "عليه وسلم حيث قال ًبـلغوا عين ولو آية، وحد ََ َ َ َ َ

    وهلذا كان عبد اهللا بن عمرو يوم الريموك قد أصاب زاملتني من كتب .رواه البخاري عن عبد اهللا" مقعده من النارحاديث إالسرائيلية ألاولكن هذه .ذن يف ذلكإلاهمه من هذا احلديث من أهل الكتاب، فكان حيدث منهما مبا ف

    ُأحدها ما علمنا صحته مما بأيدينا مما نشهد له بالصدق، : فإا على ثالثة أقسام ،ُتذكر لالستشهاد، ال لالعتضاد َ من هذا القبيل وال من ما هو مسكوت عنه، ال: والثالث؛َما علمنا كذبه مبا عندنا مما خيالفه: والثاين؛فذاك صحيح

    ّهذا القبيل، فال نؤمن به وال نكذبه، وجتوز حكايته ملا تقدم ُ ُ ّ ُ ّوغالب ذلك مما ال فائدة فيه تعود إلى أمر ديني. ِ ٍ ُ ُ .ٌوهلذا خيتلف علماء أهل الكتاب يف مثل هذا كثريا، ويأيت عن املفسرين خالف بسبب ذلك َكما يذكرون يف مثل . ً

    ولون كلبهم وعدم، وعصا موسى من أي شجر كانت؟ وأمساء الطيور اليت أحياها اهللا أمساء أصحاب الكهف ّ ِإلبراهيم، وتعيني البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة اليت كلم اهللا منها موسى إىل غري ذلك مما ُِ َ ُ

    ُقل َولكن ن. فين في دنياهم وال دينهممما ال فائدة في تعيينه تعود على المكلأمه اهللا تعاىل يف القرآن، ْسيـقولون ثالثة رابعهم كلبـهم{:كما قال تعاىل. اخلالف عنهم يف ذلك جائز ْ َُ ُ ُُ ََْ َ ِ ٌَ َ َ ُ ، ]٢٢: الكهف [ية آلاإىل آخر } ُ

    ، فإنه تعاىل أخرب دب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذاألاية الكريمة على آلافقد اشتملت هذه ولني وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطال لرده كما ردمها، ألاف القولني ثة أقوال، ضععنهم بثال

    ْقل ريب أعلم بعدم{:، فقال يف مثل هذاالطالع على عدتهم ال طائل تحتهاثم أرشد على أن َِِ َِ ِ ُ َْ ْ فإنه ما يعلم ،}ًُفال متار فيهم إال مراء ظاهرا{:ا قالبذلك إال قليل من الناس، ممن أطلعه اهللا عليه؛ فلهذ َِ َِ ًُ ِ ْ ِ ِ َ ال تجهد نفسك : أي} َ

    فهذا أحسن ما يكون يف .فيما ال طائل تحته، وال تسألهم عن ذلك فإنهم ال يعلمون من ذلك إال رجم الغيبائدة قوال يف ذلك املقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فألاأن تستوعب ،حكاية اخلالفًفأما من حكى خالفا .همألاهم فألا لئال يطول النزاع واخلالف فيما ال فائدة حتته، فتشتغل به عن ،اخلالف ومثرته

    أو حيكي اخلالف ويطلقه ،يف مسألة ومل يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب يف الذي تركه فإن صحح غري الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو ،اًقوال، فهو ناقص أيضألاوال ينبه على الصحيح من

    1

    مصحح الكتاب سامي ابن حممد سالمةنقال عن املقدمة اليت كتبها

  • ٢٤

    ًال متعددة لفظا ويرجع حاصلها إىل اجاهال فقد أخطأ، وكذلك من نصب اخلالف فيما ال فائدة حتته، أو حكى أقو .، واهللا املوفق للصواب وتكثر مبا ليس بصحيح، فهو كالبس ثويب زور،قول أو قولني معىن، فقد ضيع الزمان

    ّمسه ومن أي إو" إبليس"ال يف ا بعد أن ذكر أقو،من سورة الكهف) ٥٠(ية آلا عند تفسري ري ابن كثوقالُوقد روى يف هذا آثار كثرية عن السلف، وغالبها من :"ٍقبيل هو َ اليت تنقل ليـنظر فيها، واهللا أعلم حبال اإلسرائيلياتُ ُْ ُ

    ّكثري منها، ومنها ما قد يـقطع بكذبه، ملخالفته للحق الذي بأ َ ْ ّوفي القرآن غنـية عن كل ما عداه من .يديناُ ٌ َ َُْ؛ ألنها ال تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرةخبار المتقدمةألا ِ وليس هلم من ،ُ

    ِاحلفاظ املتقنني الذين يـنـفون عنها حتريف الغالني وانتحال املبطلني، كما هلذه َِ َ ُ َْ ُْ والسادة ئمة والعلماء ألامة من ألاَّتقياء والربرة والنجباء، من اجلهابذة النقاد، واحلفاظ اجلياد، الذين دونوا احلديث وحرروه، وبينوا صحيحه من ألاو َ ُ ُ َ ّ

    ّحسنه من ضعيفه، من منكره وموضوعه ومرتوكه ومكذوبه، وعرفوا الوضاعني والكذابني واهولني، وغري ذلك من ِ َ َ َّك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي، خاتم الرسل وسيد البشر، صلى اهللا كل ذل. أصناف الرجال ّ ً

    َ أن يـنسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه،عليه وسلم َ ُ ٌُ َ ْ .

    نبياء، بعد إشارته إىل حال إبراهيم عليه السالم مع ألامن سورة ) ٥٦ - ٥١(يات آلاعند تفسري وقالُوما قصه كثري من املفسرين وغريهم، فعامتها أحاديث بين إسرائيل:"خلوقاتأبيه، ونظره إىل الكواكب وامل ُّ َ ّ ٌ َ فما وافق ،َ

    ْمنها احلق مما بأيدينا عن املعصوم قبلناه، ملوافقته الصحيح، وما خالف منها شيئا من ذلك رددناه، وما ليس فيه َ ً َِْ ًّموافقة وال خمالفة ال نصدقه وال نكذبه،