أسس وتطبيقاته على غة العامعلم الل

غة العربي ةالل

حمارضة ألقاها يف نادي مكة الثقايف األديب هـ٢٤/٢/١٤٢٣مساء يوم الثالثاء

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

:هناك نقاط حيسن بنا أن ننبه عليها، وهي أن التكوين العلمي ال يوجب اإلحاطة بجميع مـا كتـب يف علـم مـا، وإال -١

، وإنام يكفي أن حييط اإلنـسان بأصـول العلـم، اانقىض العمر ومل يفعل اإلنسان شيئ مـا ومـن هـذه العلـوم. ، مع صلته بـالعلوم األخـرى ولغته ومصطلحه ،ومقاصده

كتبه كثرية، ومصنفاته وافرة، ومقاالتـه منتـرشة، وأبحاثـه علم اللغة العام نسميه كغـريه مـن –ذائعة مشتهرة، ومتابعة اجلديد منه ليست باألمر اهلـني الـسهل، لكنـه

وباقي مسائله مبنية عليهام. تتعني اإلحاطة بأصوله، ومعرفة مقاصده–العلوم وقد . وجعـل ،ا وفرعـوائل ذلك ، فجعل ابن فارس لعلم العـرب أصـالأدرك علامؤنا األ

عدم اإلحاطة بالفرع سائغا مقبوال ، وجعل عدم العلم باألصـل ممـا يعيـب صـاحبه والفرق بني معرفة الفروع ومعرفة األصـول أن متوسـام : ا ، يتجىل ذلك يف قولهأدب

توقف أو عي به أو مل يعرفـه، باألدب لو سئل عن اجلزم والتسويد يف عالج النوق ، ف ولو . مل ينقصه ذلك عند أهل املعرفة نقصا شائنا ؛ ألن كالم العرب أكثر من أن حيىص

هل تتكلم العرب يف النفي بام ال تتكلم به يف اإلثبات ؟ ثم مل يعلمه ، لـنقص : قيل له . أثمذلك يف رشيعة األدب عند أهل األدب ال أن ذلك يردي دينه ، أو جيره مل

أن كل علم ابن بيئته، وخيـدم غـرض مـن أحدثـه، ويتـأثر بقـيم واضـعيه، -٢ ، عـىل وعـي بأصـوله، وجـذوره التارخييـةوالناقل له من غري أهله جيـب أن يكـون

.وأن يقبس منه ماال يتعارض مع ما لديه من ثوابت وقيم. ومقاصده، وأغراضه

/ طبعة عيسى البايب احللبي/ حتقيق السيد أمحد صقر/ الصاحبي / أبو احلسني أمحد بن فارس) ١( ٥-٤ص . م١٩٧٧القاهرة سنة

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

أن املسلمني أمة من دون الناس، وهل -٣ م ديـن غـري األديـان، ولغـة اكتـسبت من املسلامت أن لكل قـوم خصائـصه، إن قوتـها ورشفها من هذا الدين ، ولكـل م

دين خصائصه، ولكل لغة خصائصها، ومزاياها، ومقو ماتـها، وغاياتـها، وكل قـوم بالقوة، ونبذ كل ممسئولون عام حيفظ كيانـهم وقوتـهم، واالستمساك بام يعود عليه

عوامل الفرقة والتمزق، كام أن لكـل ديـن محلتـه ودعاتـه، يبـرشون بـه وينـرشونه، ه، يدفعون عنه شبه املشككني، وأقاويـل املـرجفني، ودعـاوى إليويقيمونه ويدعون

رضني، وفرى املفرتين، ولكـل لغـة أهـل ينـرشونـها، ويعلمونــها، ويؤسـسون غامل وحييطـون بـشواذها ونوادرهـا، . حكامهـاعلومها، ويضبطون قواعدها، ويقيدون أ

ويأتون عىل غريبها وشاذها، ويرتبـون مـسائلها وقـضاياها، وأصولــها وفروعهـا، ألنــهم مـسئولون عـن لغـتهم : بحسب ما متليه طبيعتهـا، ومـا يناسـبها ويالئمهـا

العن لغة غريهم، وألن لكـل لغـة مـن اخلـصائص مـا اسـتجابة تهاسـادريوجـب فإذا قام أصحاب اللغة بواجبهم جتاه لغتهم، . ها، وحاجات أهلها، وراغبيهاملتطلباتـأما أن يرضبوا ،ا جاز أن ينظروا يف غريه كان هلم أو، ا، ونرش، وتعلياما، ودرساتدوين

، فهـذا مـن جتـاوز مـا ا، ويعرضوا عنه صفحاليه الواجب اللغوي عليهم جانبيمبام وهو اشتغال بام ال ينقصنا عام ينقصنا، . ذ باألولوياتينبغي، وخالف ما يوجبه األخ

.وبام ال نحتاجه عام نحتاجهولعل مما يدخل يف هذا الشأن ما نسميه علم اللغة العام وهو علـم حـديث ،

النشأة، قريب التكوين، مل تستو سوقه بعـد، ومـا زال أصـحابه خيتلفـون يف أصـوله وفروعه ومسائله، وإن كان املبـرشون . هدافه وغاياتهماته، وأسسه وحقائقه، وأومقو

به يف عاملنا العـريب يـذهبون غـري هـذا املـذهب، ويعتقـدون مـاال يعتقـده أصـحابه ومنشئوه، وال غرو يف ذلك وال عجب، إذ هم ال حيسنون من علوم العربيـة غـري مـا

عـن علـوم العربيـة أو جهـالا أو إعجاباوا به توجيهلزتومهوه يف هذا الوافد، وقد ع

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ولغة، وبالغة، وأدبا ورصفااألصيلة، نحو ومـن حيـرص عليـه،ا، ومن يملك شـيئا وعلـم الـسلف ،ه وال ينظـر إليـه، فالـذي يعلـم العلـوم األصـيلة ال يملكه ال هيمـ

ها ، والـذي ال يعلمهـا ال نتوقـع ت بجدواها وقيمايستمسك بـها وحيرص عليها إيامن ألنه مل يعرف قيمتها، ومل يتذوق معانيها ومبانيها، فال غرو عليهم ،منه احلرص عليها

.ويبرشوا بفتوحاته العلمية. أن يتعصبوا هلذا الوافد، وأن يدعوا إليهــول ــه، فيق ــد أهل ــم عن ــذا العل ــشأة ه ــن ن ــوب ع ــرمحن أي ــد ال ــدثنا عب حي :

اتسم التفكري اللغوي يف العرص احلديث بموضوعية البحث، واقتنع ا للغويون بـأن يكونوا وصافني للظواهر اللغوية ال مفلسفني هلا .

وقد يبدو هذا ملن ال يعرفون الكثري عن تاريخ الدراسات اللغوية نكسة للخلف ناع املتواضـع مـن علـامء اللغـة اليـوم، مل يكـن تقالال خطوة إىل األمام، ولكن ذلك ا

سوى رد فعل لطغيان منطـق أرسـطو عـىل التفكـري اللغـوي يف العـصور القديمـة، والعصور الوسطى، ويف صدر عرص النهضة، وقد كـان مـن نتيجـة هـذا أن جتاهـل اللغويون يف هذه العصور اخلصائص املميزة لكل لغة، وفرضوا عليها ما لـيس فيهـا،

كان كل هم مؤلف قواعد اللغة أن يفرضوا عليها النحو الالتينـي الـذي كـان يعتـرب ي ألية حماولة تـهدف إىل تأليف نحو للغة من اللغات ومثاالاذجنمو .

ح من املفروض أن تقسم مفردات كل لغة إىل أسامء وأفعال وحـروف، وأن بأص .وغري ذلك. تقسم األسامء إىل معارف ونكرات، ومذكر ومؤنث

وظل احلال عىل هذا حتى جاء عرص االسـتعامر األوريب لـبالد آسـيا وأفريقيـا، فواجه الغربيون رضورة التعرف عىل لغات الشعوب التـي يـستعمرونـها، وحـاول

بعض املؤلفني أن يضعوا هلذه اللغات اجلديدة نحو عىل نسق النحو الالتيني، ولكـن امثل هذه املحاوالت مل تفلح يف أداء الغرض منها، وعاود البحث يف هذه اللغات عدد

آخر من اللغويني، وتكش ف هلم ما يف تطبيق النحو الالتيني وفروضه وتقسيامته عـىل

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

وهنا ترسب الشك إىل التفكـري اللغـوي التقليـدي، . هذه اللغات اجلديدة من عيوب وأصبح عىل الباحث اللغوي أن خيط لنفسه ال يعتمد عىل تراث أخـذه ا جديدامنهج عن فلسفة اإلغريق أو قواعد اللغة الالتين .ية

رت األبحاث املادية التحليلية عـىل األبحـاث اللغويـة، فأصـبحوأث دراسـة تاألصوات اخلطوة األوىل إىل الدراسة اللغوية بمختلـف فروعهـا، وازدهـرت اليـوم

مدرســة تــسمى باملدرســة التحليليــة الــشكلية )School of Formal Analysis ( ية يف بعض صورها أشـبه باملعـادالت وتنوعت نظرياتـها، وأصبحت الدراسة اللغو

. الرياضية هـذا االجتـاه من هـذا ماريوبـاي يف كـالم طويـل ملخـصة أن اوقد ذكر نحو

ين، بوضع قوانني للغات تلك الشعوب التي اتصلوا الوصفي تم عىل يد بعض املبرش يـستطيعوا احلياة الدينية، غري أنــهم ملمتسبـها، وحاولوا تطبيقه عىل بعض جوانب

مغالبة االجتاه الداعي إىل صب اللغـات كلهـا يف قوالـب عامليـة عـىل نمـط اللغتـني .الالتينية واليونانية

وباتساع احلركة االستعامرية واطالع املستعمر عىل لغـات خمتلفـة غـري مـا كـان ، يعرف، ال تصلح هلا معايري النحو الالتيني ظهرت حماوالت وضع النحـو الوصـفي

الذي شكك يف القيم اللغوية الثابتة، مثل مستوى الصواب اللغوي، وانقـسام اللغـة .إىل هلجات، ومشكلة اللهجات الطبقية

م ١٩٥٧م عا/ مكتبة األنجلو مرصية / دراسات نقدية يف النحو العريب / عبد الرمحن حممد أيوب )١(

نرش / ترمجة أمحد خمتار عمر/ أسس علم اللغة / وانظر ماريوباي …املقدمة ص هـ/ القاهرة . فام بعدها ٢٣٠ وص ١٢٠م ص ١٩٧٢عام / ليبيا / جامعة طرابلس

١٢٠أسس علم اللغة ص/ انظر ماريوباي )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

وقد ربط ماريوباي هذا االجتاه بعقل عـرص النهـضة الفـاحص الـذي ينـزع إىل ة املطلقة، ويأبى خلـع األزليـة عـىل األشـياء املـؤثرة يف يالتجريب، ويتمرد عىل الغيب

. احلياة، وجيعل ما يقع يف العامل إنام هو حمض صدفةوقد سبق ظهور علم اللغة العام الوصفي ظهور علم اللغة املقـارن، وصـاحب

. م اللغة الوصفي، وصاحبه تطورات أو مقدمات لظهور هذا العلـملذلك بدايات لعغات احلديثـة خاصة يف جانب الدراسة اللهجية، التي قادت إىل دراسة ما يسمونه الل

ونتج عن هذا اهـتامم بدراسـة اجلوانـب املختلفـة هلـذه اللغـات وهلجاتـها املتشعبة،املالحظة املبارشة التي تعد السبب يف ظهور علـم اللغـة الوصـفي احلديثة عن طريق

. ل من اللغة املكتوبةقليالذي يعني باللغات املتكلمة، ونحن نتحدث عن علم وافد جديـد خفيـت رسـومه عـىل بعـض أهـل العلـم،

، مـن بـاب ا واحـداوالتبست معامله بغريه، حتـى جعلـه بعـضهم وفقـه اللغـة شـيئفقـه واستمسك بالتسمية القديمـة علم اللغة الرتادف،وبعضهم رفض تسميته

.اللغة الخـتالفهام يف اوالباحثون اآلن يفرقون بني العلمـني، أو بـني االسـمني، نظـر

. واملقاصد، كام سنبني، إن شاء اهللا املوضوع،* * *

ال يتعني علينا أن نستقيص مجيع كتب علم اللغة يف تعريفـه، ألنــها كتـب ينقـل بعضها عن بعض بإشـارة أحيانـ أخـرى، وال يلزمنـا ا، وبإمهـال اإلشـارات أحيانـا

نام يكفي منها أصوهلا، ، وإااإلحاطة بـها أو اإلشارة إليها كلها، أو الرجوع إليها مجيع

٢٣٢ – ٢٣٠انظر املصدر السابق ص )١( ٢٣٧ -٢٣٥ظر ص وان٢٣٤-٢٣٢املصدر السابق ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

.أما الكتب الناقلة فال غناء فيها، وعنها غناء يف الغالـب، ألفهـا ) مدرسـية ( وقد كثرت كتب علم اللغة، وهي كتب دراسية

أصحابـها لتكون مقررات جامعيـة، وحـاولوا فيهـا تبـسيط هـذا العلـم، وتقديمـه عن كونـها ترمجة عـن أصـول جرأنـها ال خت غري ، للقارئ العريب بصورة مستساغةأوروبية، وقد خيلطونـها أحيان يستمـسكون ا بأمثلة من العربية أو عاميتهـا، وأحيانـا

باألمثلة األوروبية كام هو احلال يف املصطلحات غالب . ا : مثـــل تعريـــف فـــؤاد تـــرزياونحـــن نجـــد يف الكتـــب العربيـــة تعريفـــ

صورة عامـة، واسـتخالص قواعـد تتعلـق املقصود بعلم اللغة هو دراسة اللغـة بـ بأصوهلا وتراكيبها، وداللة ألفاظها مفردة ومركبة، عىل أن تكون هذه الدراسة دراسة

حتليلية مبنية عىل حارض اللغة وواقعها . علم اللغة هو العلـم الـذي يبحـث يف : رمضان عبد التواب . ومثل تعريف د

الوصفية، والتارخيية، واملقارنة، : فيدرسها من النواحي له،االلغة، ويتخذها موضوع كام يدرس العالقات الكائنة بني اللغات املختلفة، أو بني جمموعة من هـذه اللغـات،

. ويدرس وظائف اللغة وأساليبها املتعددة، وعالقتها بالنظم االجتامعية ى اللغـويني املحـدثني، ى رأي سوسري بشأن حتديد علم اللغـة بقبـول لـدحيظو

بتحديد د حلديثنا، ومن هؤالء ماريوباي الذي أشاا ومنطلقاولذلك نؤثر جعله أساسسمه بالوضوح والدقة الفاصلة بني فرعي علـم وسوسري لعلم اللغة الوصفي، وي د

١٣م ص ١٩٦٥عام / دراسات لغوية / فؤاد ترزي )١( هـ ١٤٠٥ط الثانية عام / املدخل إىل علم اللغة ، ومناهج البحث اللغوي/ رمضان عبد التواب )٢(

) .Grand Fragens( يف كتابه دي سوسري ترمجة لكالم٧القاهرة ص/مكتبة اخلانجي / م١٩٨٥

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

. اللغة ــه، ــادة ب ــف، واإلش ــذا التعري ــرتاجم يف رشح ه ــة ال ــرصت مهم ــد انح وق

اللغة التي يدرسها علـم اللغـة ليـست الفرنـسية أو اإلنجليزيـة أو : انيقول السعرالعربية، ليست لغة معينة من اللغات، إنام هي اللغة التي تظهـر وتتحقـق يف أشـكال

ت كثرية، وهلجات متعددة،وصور خمتلفة مـن صـور الكـالم اإلنـساين، فمـع أن الغ اللغة العربية ختتلف عن اإلنجليزي ة، وهذه األخرية تفرتق عـن الفرنـسية ال أن ثمـة إ

وخصائص جوهرية، جتمع ما بني هذه اللغات، وجتمع ما بينها وما بني سـائر أصوالاللغات، وصور الكالم اإلنساين، وهو أن كال أن كالو منها لغة، منها نظام اجتامعـي

معني تتكلمه مجاعة معينة بعد أن ت تلقاه عـن املجتمـع، وحتقـق بـه وظـائف خاصـة، ويتلقاه اجليل اجلديد عن اجليل السابق، ويمر هذا النظام بأطوار معينة متـأثر بـسائر ا

النظم االجتامعية والسياسية واالقتصادية والدينية، .الخ ... سوى ذلك وبوهكذا فعلم اللغة يستقي مادته من النظر عـىل اختالفهـا، وهـو اللغـات يف

حياول أن يصل إىل فهم احلقائق واخلصائص التي تسلك اللغات يف عقد واحـد ا مجيعفموضوع علم اللغة إذن ليس لغة معينة من اللغات، بل اللغة مـن حيـث هـي .....

وظيفة إنسانية، والتي تبدو يف أشكال نظم إنسانية ا سمى اللغات كالروسية تامعية تج واإليطالية واإلسبانية أو اللهجـات أو أي اسـم آخـر مـن األسـامء ، هـذه الـصورة

املتنوعة املتعددة واحدة يف جوهرها، ومتثل وظيفة إنسانية . ا ثـم يقـول أيـض : هذه هي اللغة التي هي موضوع علم اللغة، أما معنى قول دي سوسري إن علم اللغة :

٢٣٥ أسس علم اللغة ص/انظر ماريوباي )١(بدون تاريخ / بريوت/ دار النهضة العربية / علم اللغة مقدمة للقارئ العريب / حممود السعران )٢(

٥١ – ٤٩ص

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدرس[ ي فهو أنه يدرسها يف ذاتـها ] اللغة حيث هي لغة، يدرسها كام هي ، يدرسها كام من

تظهر ، فليس للباحث فيها أن يغري من طبيعتها ، فليس لـه أن يقتـرص يف بحثـه عـىل إياها ، وينحي جوانب أخرى استهجاناجوانب من اللغة مستحسن اخفاف هلا ، واسـتا

بـها ، أو لغرض يف نفسه ، أو ألي سبب آخر من األسباب . وأما أن علم اللغة فمعناه أنـه يدرسـها لغـرض من أجل ذاتـها يدرس اللغة

الدراسة نفسها ، يدرسها دراسة موضوعية تستهدف الكشف عن حقيقتهـا ، فلـيس أن حيقق أغراضتهمن موضوع دراس تربوية مثالا ، أو أية أغراض عملية أخرى ، إنـه إن عملـه . إىل ترقيتها ،أو إىل تصحيح جانب منها ، أو تعديل آخـر اال يدرسها هادف

قارص عىل أن يصفها وحيللها بطريقة موضوعية . وعامة التفاسـري ال ختـرج هذا يعد من أوضح التفاسري العربية لكالم سوسري ،

. ذا بال ا تكاد تزيد شيئعنه ، وال وموضوع علم : وأمجل رمضان ترمجة ما قاله سوسري عن موضوع اللغة بقوله

اللغة هو كل النشاط اللغوي لإلنسان يف املايض واحلارض ، يستوي يف هـذا اإلنـسان البدائي واملتحرض ، واللغات احلية وامليتة ، والقديمة ، واحلديثة ، دون اعت بار لـصحة

أو حلن ، أو جودة أو رداءة ، أو غري ذلك . دي سوسري عن مهمة األلسني ما يزيد املوضوع جالء ـ ويف حديث ل إذ جعـل ؛

مهمة األلسني تتمثل يف اآليت :

٥١املصدر السابق ص )١( ٧املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث اللغوي ص/ رمضان عبد التواب )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

أن يقوم بالوصف والتاريخ لكل ما يمكنه أن يقف عليه من اللغات ، وهـو -١ائل اللغوية، وأن يعيد بقدر املـستطاع بنـاء صن يقوم بوضع تاريخ الفما يئول به إىل أ

اللغات األم من كل ف .يلة ص يف مجيع لغات العـامل ، وأن ا مستمر دائام أن يبحث عن القوى العاملة عمال-٢

يستخلص القوانني العامة التي إليهـا يمكـن رجـع مجيـع الظـواهر اخلاصـة بتـاريخ .اللغات أن حيدد موضوعها ويعرف ماهيتهـا مـن خـالل عالقـة األلـسن -٣ ة بـالعلوم ي

األخرى ، وهذه العالقة تؤدي إىل متايز العلوم ، ومعرفـة حـدودها ، – إن شاء اهللا – . ومدى ما يمكن لكل علم أن يفيده من العلوم األخرى

وال ترمي دراسة علم اللغة إىل أغراض عملية ، فإن الباحث اللغـوي يـدرس اللغة لغرض الدراسة نفسها ، فهو يدرسها دراسـة موضـوعية ، تـستهدف الكـشف

عن حقيقتها ، فليس من موضـوع دراسـته أن حيقـق أغراضـ تربويـة مـثالا ، أو أيـة أغراض عملية أخرى ، فهو ال يدرسـها بغـرض االرتقـاء بــها مـثال ، أو تـصحيح

أو القضاء عىل عوج فيها، فـإن عملـه جيـب أن يقتـرص عـىل وصـفها جوانب منها ، . وحتليلها ، بطريقة موضوعية

وضع األسس واملعايري التـي تقبـل التطبيـق اوظيفة علم اللغة الوصفي أساس عىل مادة اللغة كلها ، وكذلك وصف اللغات كل عىل حدة بدقة .

مفيدة ، ومنـاهج االدراسات الوصفية أسسومن املمكن أن نستخلص من هذه

تعريب صالح القرمادي وحممد الشاوش / ة العامة دروس يف األلسني/ انظر فردينان ديسوسري )١( ٢٥-٢٤م ص١٩٨٥عام / بريوت / الدار العربية للكتاب / وحممد عجينة

٩املدخل إىل علم اللغة ص / رمضان عبد التواب )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

تساعد يف تعليم اللغة وتعلمها إذا أريد توجيه األعامل الوصفية للنفع بدقـة وذكـاء ، ولكن مهمة عامل اللغة تنتهي بمجرد أن يقدم لنا بكل دقة أعامله الوصفية ، وفيام وراء

فإما أن حيو. ذلك غـري مؤهـل اوهو غالبـ( ىل معلم لغة نفسه إ عامل اللغة الوصفيل ، أو أن يرتك امليدان ملعلم اللغة املؤهل )لذلك .

وهذا الكالم يشعرك بمدى احلرج الذي يعانيه صاحب علم اللغـة العـام حـني وهذا خالف ما . تصحيحي وتقويميحياول فصل عمله عن أي غرض نفعي تربوي

عرب الذين حاولوا نقل هذا العلم ، وكتبوا فيـه كتابـات ليـست يؤكده لنا الرتاجم ال .بالقليلة ، من واجبات اللغوي أن يدرس اللغة كام هي ، فليس له أن يغري من طبيعتهـا

شأنه يف ذلك شأن الباحث يف أي علم من العلوم ، فليس له أن يقترص يف بحثـه عـىل هلـا ، أو اانـب أخـرى ، اسـتهجان وينحـي جو إياهـا ،اجوانب من اللغـة مستحـسن

هبا ، أو لغرض يف نفسه ، أو ألي سبب آخر من األسباب ااستخفاف . باللغـة تـهعنايمن وعلم اللغة احلديث العام الوصفي يعنى باللغة املنطوقة أكثر

وقد تعود علامء النحو التقليديون عىل ا: املكتوبة ، يقول جون ليونز الهتامم باللغـة املكتوبة ، وجتاهل الفرق بني الكالم والكتابة ، وإن مل هيملوا اللغة املنطوقة بالكليـة ، وينظرون إليها عىل أهنا صورة غري كاملة من اللغة املكتوبة ، يف حني أن معظـم علـامء

. ا ، واللغة املكتوبة ثانياللغة اآلن يرون لغة الكالم أوال

١٥٤أسس علم اللغة ص/ ماريوباي )١( ٩املدخل إىل علم اللغة ص/ رمضان عبد التواب )٢(دار / م ١٩٨٥ط أوىل عام / ترمجة وتعليق حلمي خليل / رية تشومسكي اللغوية نظ/ جون ليونز )٣(

٤١املعرفة اجلامعية باإلسكندرية ص

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

امم األول لعامل اللغة الوصفي ينصب عـىل األصـوات وعـىل الـصيغ إن االهت النحوية للغة املتكل مة ، ولذا فإن منهج بحثه يتجنب عادة االعتامد عىل املادة املكتوبـة

من ناحية ، واقتفاء أثر القواعد النحوية التقليدية القديمة من ناحية أخرى ، وذلـك ؛ عـىل لغـات قديمـة بطـل اسـتعامهلا ، كـام أن ا رية قد أسست جزئيألن الدراسة األخ

أصحاب هذه الدراسة يأخـذون الـصورة املكتوبـة للغـة عـىل أهنـا أسـاس البحـث منهم يف تناوله للجزئيـات ا ويندر أن جتد أي. مة كلتون إليها كل ظواهر اللغة املويرد

. ستقراء يؤسس نتائجه عىل املالحظة العلمية أو اال إن علم اللغة احلديث يـرى أنـه :ويزيد جون ليونز هذه الفكرة وضوحا بقوله

من القواعـد النحويـة التقليديـة ، كـام يـرى أن املـادة ألصق بالعلمية، وأكثر شموالالطبيعية للتعبري باللغة هي الصوت الذي حتدثه أعضاء النطـق ، وأن اللغـة املكتوبـة

م ، وأن القواعد النحوية ألي لغة تتكون من ثالثة أجزاء مرتابطـة ، مشتقة من الكال والداللة ، والفنولوجيا ، وهذه األجزاء الثالثة مضافا إليها أشياء أخرى هي النحو ،

هي التي تعتمد عليها قدرة أبناء اللغة يف الصياغة والفهم لعدد الهنـائي مـن اجلمـل . اجلديدة لغة ال خيتص بدراسـة اللغـات فقـط ، ولكـن جيمـع إىل ذلـك موضوع فقه ال

. دراسات تشمل الثقافة والتاريخ والتقاليد ، والنتاج األديب للغات موضوع الدراسة أما علم اللغة فريكز عىل اللغة نفسها ، ولكن مع إشارات عـابرة إىل – ا أحيانـ–

قيم ثقافية وتارخيية ، ويويل علم اللغة معظ هم اهتاممه للغة املتكلمـة ، وإن كـان يوجـ . من االهتامم اكذلك للغة املكتوبة شيئ

١١٩أسس علم اللغة ص/ ماريوباي )١( ٥٩نظرية تشومسكي اللغوية ص / جون ليونز )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

إن علم اللغة هو دراسة اللغة ، واملعنى االشتقاقي للغـة هـو أهنـا تلـك التـي تتعلق باللسان اإلنساين .

، غريهـا و احلركـاتكالم عن املراد باللغة ، وأنـها تـشمل اإلشـارات ووبعده . واللغوي ال يعنى بـها إال بدرجة حمدودة

يف اختصاصه وموضـوعه يف نـصف القـرن ) الفيلولوجيا ( قد نازع فقه اللغةدراسة ناشئة مستحدثة ذات طابع عاملي حتاول استنباط طرق ) التاسع عرش ( األخري

وقواعد لدراسة اللغة باعتبارها ظـاهرة إنـسانية عامـة ، تـ اصلح ألن تكـون أساسـلدراسة مجيع أشكال الكالم التي تصطنعها اجلامعات البرشية عىل اختالفها ، ولذلك

واللغة عندهم أصوات تؤدي وظيفة علم اللغة العام أطلقوا عىل دراساتـهم هذه ــة ــا جيــب أن . اجتامعي ــر ال م ــع األم ــاس يف واق ــه الن ــا يتكلم ــرفهم م وهــي يف ع

. يتكلموه وهم من أجل ذلك ال يفرقون بني فصيح وعامي ، فهام يف عرفهم بمنزلة واحدة من النقاء والصالحية للتعبري األديب ، وتفرع من هذه الدراسـة علـم يعنـى باجلانـب الصويت خاصة، يعتمـد عـىل األجهـزة واآلالت التـي حتـدد الفـوارق الدقيقـة بـني

علم الصوتيات احلروف والكلامت سموه )Phonetics ( وال تزال هذه الدراسات يفطور النشأة عند الغربيني مل تنضج بعد ومل تستقر ولذلك فاملدارس الغربية ال تـزال .

٣٥املصدر السابق ص )١( ٣٥املصدر السابق ص )٢(مقالة يف جملة كلية اللغة العربية بالرياض / ة بني األصالة والتغريب فقه اللغ/ حممد حممد حسني )٣(

١٨٠م ص ١٩٨١ -هـ ١٤٠١عام ) ١١(العدد

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

، ال )Grammar(جروميـة قانعة باتباع النظم التقليدية يف تعلم اللغـة عـن طريـق اآلراسات ، ومـا يـدعون إليـه مـن أسـاليب إىل ما يقوله املشتغلون بـهذه الدتلقي باال

ومفاهيم جديدة ، وال تزال اللغة األدبية الفصيحة عندهم هي املخصوصة بالدراسـة ،

املشتغلون بعلم اللغة العام من التسوية بينها وبني اللهجـات ال يلتفتون إىل ما يدعو إليه . العامية

، وبـني ) فيلولوجي ) ( Philology( الفرق بني فقه اللغة الذي يسميه الغربيون الذي يريـد دعـاة التغريـب ) General Linguistics( علم اللغة العام الذي يسمونه

:إقحامه عىل فقه اللغة العربية هو أن فقه اللغة ينبع من طبيعة كل لغة ومن واقعها ، وينحرص عملـه يف خـدمتها

و يصدر عن اجتاه عاملي يفرتض أن هنـاك أما علم اللغة العام فه. دون نظر إىل غريها خصائص وقوانني صوتية واجتامعية عامة توجـه سـائر اللغـات يف تطورهـا الـدائم

. الذي ال يتوقف عند حد ن علم اللغة العام ينبـع مـن واقـع اللغـات األوروبيـة ، وهـي لغـات إ ةغـريمت

ال تثبت ، بل تتطور برسعة بخالف العربية ال اتي تقف من حركـة تغـري اللغـة موقفـ . جيمع بني املرونة والثبات

مـن كتابنـا أصـحاب التوجهـات فئـةعـىل هذا النوع من الدراسـة لتبسوقد ا فلـم . من متيـز مـا كتبـاعىل الرغم . السليمة مثل حممد املبارك ، وصبحي الصالح

١٨١-١٨٠املصدر السابق ص )١( ١٩٣املصدر السابق ص )٢( ١٩٣املصدر السابق ص )٣( ١٩٣املصدر السابق ص )٤(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

يفرقا بينهام يف حني يفرق أصحاب علم اللغة ب . ينهام :مهمة األلسني تتمثل يف

أن يقوم بالوصف والتاريخ لكل ما يمكنه أن يقف عليه من اللغات ، وهو -١ما يئول به إىل أن يقوم بوضع تاريخ الفصائل اللغوية ، وأن يعيد بقدر املـستطاع بنـاء

.اللغات األم من كل فصيلة يف مجيع لغات العـامل ، وأن ا مستمر دائامأن يبحث عن القوى العاملة عمال -٢

يستخلص القوانني العامة التي إليها يمكن إرجـاع مجيـع الظـواهر اخلاصـة بتـاريخ .اللغات ن حيدد موضوعها ويعرف ماهيتها أ-٣ .

أو الفائدة التي تعود من تطبيق هـذا املـنهج هـي ختلـيص : يقول الدكتور متام ال األخرى ؛ ليجد الطالب نفسه أمام موضوع مستقل ،الدراسات اللغوية من الشوائب

. يعتمد يف أفكاره ، وال يف اصطالحاته عىل فروع املعرفة األخرى: فقد وصلنا بعد إىل موقف ثابت بـشأنـها وأما الفيلولوجيا : سوسرييقول و

أنـها تتميز عن األلسنية متيز علمـني واخلـدمات رغـم نقـاط االتـصال بـني الا جليـا . املتبادلة بينهام

. ما هي جدوى األلسنية ؟ : ويف نـهاية املطاف يمكن أن نتساءل

. ففيها إيضاح٢٥ ويرجع إىل ص٢٤دروس يف األلسنية العامة ص / سوسري )١(م ١٩٧٤ط الثانية عام / املغرب/ الدار البيضاء / قافة دار الث/ مناهج البحث يف اللغة / متام حسان )٢(

٢٧٠ص ٢٦ -٢٥ وينظر ما بعده ص ٢٥دروس يف األلسنية العامة ص / سوسري )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

إن موقف املشتغلني بعلم اللغة العام من الغـربيني واضـح جيليـه مقالـة جـون

هو إال تطور ملعارضة ما - كام نعرفه اليوم -أهم ما يعنينا اآلن أن علم اللغة : ليونز . واعية خلصائص املناهج التقليدية يف الدراسة اللغوية خالل القرون املاضية

أغلب مجهـور املـشتغلني بالدراسـات اللغويـة يـرفض النظـر يف هـذا العلـم اجلديد ، أوال حياول تفهمه ، أو يعجب أن ما بيده من علم قد حيل حمله علم حادث ،

بـهذه الدراسة اجلديدة وبالقلة القائمـة بــها ا وخريهم ظن البالد الغربية وفد منمن أبناء العربية يعد علم اللغة أو بعض فروعه ، كعلم األصوات اللغوية ترف ا علميا

ــه ــع إلي ــه أو التطل ــامس في ــد لالنغ ــئن األوان بع ــود . ! مل ي ــول حمم ــذا يق هك . السعران

لم اللغة احلديث من العرب فيـه أكثـر ممـا يغلـو فيـه أصـحابه يغلو أصحاب ع عن الدراسات اللغويـة القديمـة ، حتـى قـال ن ، حتى جعله بعضهم بديالواألصلي

النظر اجلديدة ، أو الفلسفة اجلديدة التـي حلـت إن علم اللغة هو وجهة : السعران ات اللغوية السفالنظر القديمة ، والفلسحمل وجهات قد جتنـب علم اللغة و،ابقة

أخطاء جوهرية يف الفلسفات اللغوية القديمة وقد قدم مبادئ مل يعـد شـك يف أهنـا . أكمل وأشمل وأصدق وأضبط ، واعتمد عىل وسائل وآالت أدق مرات ومرات من

. وسائل األقدمني وآالتـهم م اللغـوي القـديم كعلـم الطبيعـة أو إن علم اللغـة احلـديث بالنـسبة إىل الفهـ

٣٩نظرية تشومسكي اللغوية ص / جون ليونز )١( ٢٢مقدمة للقارئ العريب ص / علم اللغة/ حممود السعران )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

الكيمياء أو الفلك ، أو الرياضيات بالقياس إىل نظائرها عنـد اليونـان مـثال ولكـن . العجب يف األمر أننا يف درسنا وتدريسنا الطبيعة والكيمياء والفلك والرياضـيات ال

نجد غضاضة أو غرابة يف أن ندرسها وندرسها كام هي عليه يف أحد ث صورها ، أمـا ما كان عند القدماء من ذلك فـنحن نعـرض لـه يف تـواريخ تلـك العلـوم ، أو بغيـة

الوصول إىل أفكار أو آراء أو فروض أو حماوالت مو قـة ، فـالعلم اجلديـد ، ية خالحوهو تطور للعلم القديم ال يقيض عىل القديم ، إنـه يـؤرخ لـه ، وال يـزال يـستوحيه

.ويستهديه احلديث ، إنـه ، وهـو املنهـاج اجلديـد يف فهـم علم اللغة ذا هو الشأن يف وه

التـأريخ تها ، يويص بدراسة جهود األقـدمني والتنقيـب فيهـا لتأرخيهـا ساللغة ودرا . حائها واستهدائهايالصحيح ، والست

إن فهمنا نحن املتكلمني بالعربية ومجهرة دارسيها منا لطبيعة اللغة و وظيفتهـا متخلـف ، ومعظـم إنتاجنـا يف امليـادين اللغويـة قـارص د جـوطرائق دراستها فهـم

ومقرص ، وإنا لنعالج أحيان مشكالت لغوية خطرية عىل جهل بام يراه العلم اللغوي ا احلديث من البسائط واألوليات أن علامءنا يتحدثون عن ومن ذلك . تيسري النحو ،

العاميـة وعـن . إصـالح الكتابـة العربيـة وعـن وعن تيسري العربية وترقيتهـا ويقضون يف كل هـذا ، االشتقاق والنحت و التعريب ، وعن والفصحى

ولو كانت ألغلبهم معرفة بنتائج علم اللغة وبيشء من الدراسـات اللغويـة احلديثـة مية التطبيقية أقضية أخرى أسلم أصاللكان هلم يف هذه املوضوعات العل ، وأوضـح

. سبيال

٢٢-٢١املصدر السابق ص )١( ٢٣املصدر السابق ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

باحلقـائق واألصـول نتهيأخذ السعران عىل جممع اللغـة بالقـاهرة عـدم اسـتعا ولو كانت دراستنا للغة مـن حيـث هـي لغـة حيـة علم اللغة العامة التي يقدمها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ومتقدمه لوسائل مهيأة لتحقيق معظم أغراضـ لكان للمجمع أن جيد ا– كام يقول السعران –

العلمية ، ولكن دراستنا للغة متخلفة جامدة ، فالوسائل التي يستعني بـها املجمع يف معظم األحوال وسائل جامـدة قـارصة ، إهنـا أدوات غـري مغنيـة يف عـرصنا الغنـاء

الكايف ، ولذلك نرى أن مما يعني املجمع اللغوي عىل حتقيـق أغرا ضـه أن يعمـل ، أو بالعربية ، وعىل تبسيطه وتقريبه حتى تتضح الـسبل علم اللغة عىل نرش اليعني أو ويف حتقيـق سـائر سالمة العربيـة وتسلس أمام املفكرين يف املحافظة عىل ، وتدق

.أغراض املجمع حلديثة وبالدراسات اللغوية ا كام يأخذ عىل اجلامعات ضعف عنايتها بعلم اللغة

عناية ضئيلة وهي يف نظره . * * *

٢٦-٢٥انظر املصدر السابق ص )١(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

هناك نفور من تطبيق بعض احلقائق التي توصل إليهـا علـامء اللغـة الوصـفيون

: واملقارنون عىل املشاكل العلمية كتعليم اللغة ، من مثل .أمهية زائدة ) املقاطع ( إعطاء التقسيم املقطعي -١املبالغة يف دراسة جوانب من األصوات مثل التامثـل أو التقـارب بمحـض -٢

. وما ينتج من فونيامت أصلية أو عنقودية يف بعض اللغات... الصدفة عىل فرض منهجه البحثي عـىل الـساحة اللغويـة ، امل يكن علم اللغة العام قادر

ة والكسب املادي فنشأت أنواع مـن علـم اللغـة مع مادي يروم املصلحتخاصة يف جم بام تتطلع إليه من إنجازات تربوية ، ومكاسب مادية مخترج عن أسس علم اللغة العا

مجة الفورية والرتبوية رتالتطبيقي الذي يشمل ال(، فنشأ علم اللغة ( . وعلـم لنفـيس ، علـم اللغـة اعلم اللغة التطبيقي وقد أدخل بعضهم حتت (

وصناعة املعجم ، وتعلـيم اللغـات وهـو ) للحاسبات ( اللغة االجتامعي ، وعلم اللغة اآليل وتوجد إىل جانب تعلـيم اللغـات دراسـات أمهها، بل جعله بعضهم علم اللغة التطبيقي ،

طرائق التقابل وحتليل األخطاء ، وتصميم اختبارات اللغة ، و: أخرى وثيقة الصلة بـها ، مثل . حمو األمية

٢٥٩-٢٥٨أسس علم اللغة ص / ينظر التفصيل لدى ماريوباي )١(عام / ط الرابعة / مؤسسة الرسالة/ لم اللغة العامما بني القوسني من عبد الصبور شاهني يف ع )٢(

م بريوت١٩٨٤ -هـ١٤٠٤ م ١٩٨٠ -هـ ١٤٠٠عام / القاهرة/ مكتبة وهبة/ ة العام علم اللغ/ انظر توفيق حممد شاهني )٣(

٣٣-٣١ص

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ريب أن يذللها عومن الصعوبات التي عىل الباحث ال األوهـام الراسـخة يف

عقولنا نتيجة دراستنا جلوانب من النشاط اللغوي العريب القديم ، وهذا عمل خطـري شاق ، قد ال يأيت إال بعد ت قويم الدراسات اللغوية العربية بأسلوب جديد ، وإال بأن

جيمع إىل الدقة والـصحة الوضـوح ا اجلديد عرض علم اللغة يكون عرض أصول والبيان ، وإال بالنص عىل الفروق بني التـصورات املختلفـة للغـويني ، وإال بـسوى

. ذلك من أمور :ومن هذه األوهام

مـسلامت لقارئ العريب سيرشع يف قراءة هذا العلم اجلديد ، ويف ذهنه أن ا-١ ال يسلم بـها هذا العلم ، ومن هذه املسلامت ما يمس مسائل جوهريـة كأقـسام

ونحن نرى أن هذا التقسيم حرف أو فعل أو اسم ، فالكلمة عندنا الكالم . ع اللغات ماضيها وحارضها ومستقبلها عقيل عام ، بمعنى أنه صادق عىل مجي

ــصفة ــرى أن هــذا التقــسيم ال يتــصف ب ــة ت ــة احلديث ولكــن الدراســة اللغوي وم مالع، فقد ال يصدق وترى أن املرجع يف تقسيم الكلمة هو اللغة موضوع الدرس

عىل لغة ما يـصدق عـىل أخـرى ، أي أن تقـسيم الكلمـة ينبغـي أن حتـدده طبيعـة : ستعامل اللغوي يف كل لغة ، ال أن يبدأ درس اال لغة من اللغات بالبحث عام فيهـا مـن اسمو فعل و حرف .

من أخطر ما رسخ يف عقولنا عدم التمييز بني الدراسة الوصفية والدراسـة -٢التارخيية للغة .

٣٧مقدمة للقارئ العريب ص / علم اللغة/ حممود السعران )١( ٣٨املصدر السابق ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ونحن نعتز بعربيتنا اعتزاز تتغري منذ أنزل القرآن الكـريم ، أو خييل إلينا أنـها ملاأنـها مل تتغري إال يف أقل القليل ، فنحن يف دراسة مسألة ما قد نستشهد بشاهد جـاهيل

إىل جوار شاهد من صدر اإلسالم ، إىل جوار شاهد عبايس ، وهكذا . نحن يف حاجة إىل أن نتقبل أن اللغة العربية الفـصحىيلـة الطوا يف حياتــه

اخلصبة، مع حمافظتها البالغة بوجه عام ، قد طرأت عليها تغريات يف هذا اجلانـب أو جيـب أن تـدرس تغـريات كان كنه هذه التغريات ، فهي يف نظر العلـم ا ذاك ، وأي

دراسة موضوعية منزهة من األهواء . إلخ … من األحوال ، عىل الرغم من اللغة ليست هامدة أو ساكنة بحال : يقول أوملان

بطء تغريها وحركتها أحيانا ، فاألصوات ، والرتاكيب ، والعنارص النحوية ، وصـيغ اخـتالف يف رسعتـه حـسب الكلامت ، ومعانيها معرضة كلها للتغري والتطور ، عىل

. األزمنة ، والعنارص موضع التغري ، وبخاصـة يف صـورهتا الدارجـة أو االجتاه الطبيعي للغة: ماريوباي : ويقول

بعاميل الزمان واملكان إىل حد املتكلمة هو اجتاه يبعده عن املركز ، فاللغة متيل إىل التغري ، . ال توقف تياره عوامل اجلذب نحو املركز

هذا أشبه باملسلمة يف علم اللغة ، ونحن ال نخالف يف ذلك يف لغـات البـرش مـا أهنا ارتبطت بالقرآن منذ أربعة عرش قرنـا ، ودون هبـا تـراث يتـصل عدا العربية لـ

بالقرآن ، وهو حمفوظ بحفظ اهللا ، وهذا أمر متتاز به العربية عن غريهـا مـن اللغـات

٤٣-٣٩املصدر السابق ص ) ١(مكتبة اخلانجي بالقاهرة ودار /ه وعلله وقوانينه التطور اللغوي مظاهر/ رمضان عبد التواب )٢(

١٥٦دور الكلمة يف اللغة ص / م نقال عن أوملان ١٩٩٠ -هـ ١٤١٠ط ثانية / الرفاعي بالرياض ١١أسس علم اللغة ص / ماريوباي )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ذات العمر القصري والتحول الرسيع بخالف العربية التي يمتد عمرهـا ألكثـر مـن . ولني نطقا وكتابةمخسة عرش قرنا ، يتناقلها اآلخرون عن األ

فاللغة العربية ثابتة من وجه ، متطورة من وجه آخر تطورها من خـالل حركـة مثلهحول حمور أو مركز ثابت ، يشد إليه كل تغري وإحداث ، وإضافة ، يمكن لنا أن ن

بالدائرة ومركزها ، فاملركز يعني الثابت ، والدائرة تعني حرية يف احلركة داخلها مـع وجود رابط يشد كل ما ند إىل هذا املحور أو املركز ، لو أخـذنا املجـاز مـثال لوجـدنا األصل الثابت هـو الوضـع اللغـوي ، واألصـل املتطـور هـو االسـتعامل املجـازي الطارئ ، الذي تنظمه عالقة تشده إىل املحـور ، ومتنعـه مـن اخلـروج عـن الـدائرة ،

. احلقيقيوقرينة متيز بينه وبني املعنىاشئة من داريس اللغـة عنـدنا ، تـصور -٣ ومن أخطر ما هو راسخ يف أوهام الن

العامية أو العاميات تصور عندنا منحطـة ، يكتنفه اخلطأ ، أو يالبسه الوهم ، فالعامية ا ولقد يشتد الـوهم بجامعـة ، الصحيح الفصيح أو صورة فاسدة من الكالم العريب

م فريى أهنا ال جتري عىل قواعد أو أصول ، وال يسهل عليه أن يتصور أهنا باعتبار منه كأية لغة يمكـن الكـشف عـن قواعـدها ووصـف حقائقهـا ، وأن يف حيـز لغةما

لغـة عامـة مـشرتكة أو لغـة العاميـة من اللهجات اإلمكان أن تصبح هلجة أدبيـة فصيحة يف يوم من األيام ، ومعنـى هـذا أن مفهـوم العالقـة بـني اللغـة واللهجـات

ومفهوم تطور اللغات ال يزاال غريبني عىل أذهان كثري مـن طالبنـا ن . يف حـني : يقرر علم اللغة تساوي مجيع اللهجات؛ إذ جاء يف كتاب نظرية تشومسكي اللغوية

ليـست …اإلقليمية ألي لغة أن اللهجات االجتامعية أو …بالذكر ومما هو جدير

١٤-١٢التطور اللغوي ص / ينظر رمضان عبد التواب )١( ٤٣حممود السعران ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

أقل انتظاما من اللغة الفصحى ، بل ال ينبغي وصفها بأهنا صورة مشوهة منها إن …كثريا من الناس يعتقدون أن اللغة الفـصحى التـي تعلـم يف املـدارس هـي وحـدها اخلليقة بالدراسـة العلميـة واملنهجيـة ، واحلقيقـة غـري ذلـك ؛ ألن مجيـع اللهجـات

. وى يف نظر علم اللغة من هذه الناحية تتساعىل اللغويني والنحاة حرصهم يف مجع اللغة وتقنينها عىل ج عيد يأخذ حممد فر

هم املصادر التـي يأخـذون عنهـا ويعتمـدون عليهـا دون غريهـا يف رصنقائها ، وحللتطـور احلـر ، ويتمنى لو تركت اللغـة العربيـة اللغة النموذجية تسجيل ما سامه

وانحرص عمل النحاة واللغويني يف تسجيل هذا التطور وهـو يأخـذ علـيهم إمهـال . دراسة اللهجات ؛ ألنـهم خضعوا لعرف شائع مؤداه أن اللغة تتغري( وهـذا التغـري .

ويعلـق عـىل هـذا العـرف بأنـه صـادق يف شـقه األول ، دون ) دنىيسري بـها إىل األ . ين الثا

إنام يقرر القواعد التي تنبني عىل أساسها اجلمـل ، – يف نظر كارناب - فالنحو علم يصف طرق االسـتعامل اللغـوي يف مرحلـة : ال كام يف نظر الدراسات الوصفية

خاصة من مراحل تاريخ اللغة املدروسة ، وأول هم الدراسات اللغويـة ككـل علـم حظ احلقائق والظواهر التي عليها أن تعاجلهـا، فتقـسمها، وتعـرب عنهـا أن تال: آخر ، وكل دراسة تقترص عىل هذا تسمى دراسة وصفيةا منهجي .

٤٦-٤٥رية تشومسكي اللغوية ص نظ/ جون ليونز )١( ٢١٢جملة كلية اللغة العربية بالرياض ص / فقه اللغة بني األصالة والتغريب / حممد حممد حسني )٢(

١١٩-١١٨جملة كلية اللغة العربية العدد الثامن ص / دراسة النحاة للغة/ وانظر حممد فرج عيد م ١٩٥٨عام / القاهرة/ بة األنجلو املرصية مكت/ اللغة بني املعيارية والوصفية / متام حسان )٣(

. وترمجة عن غريه٢٦ص

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

والنحو الوصفي ال يشغل نفسه بأمور الرتبية ، وال بأن يـسن القواعـد ملعلـم ما يوصـف مـن االسـتعامل اللغة ؛ ألنه حيث توجد السليقة ال توجد األخطاء ، وال

. وإنام توجد فقط نواح خمتلفة من اللغة تتطلب الوصف . باجلودة أو الرداءة ومن األوهام العظيمة املتمكنة يف أنفس الغالبيـة مـن طـالب اللغـة عنـدنا -٤

التي يدرسون نحوها ، حتـى إن معظمهـم اللغة وبني النحو عدم التفريق بني ن أن العربية الفصحى هي هـذا ايظ حـو ، أو أن العـرب كـانوا فـصحاء ؛ ألنــهم لن

كانوا قادرين عىل أن يتكلموا هذا الكـالم املعـرب الفـصيح الـصحيح دون دراسـة . !حو نلل

، إن هـذا العلـم وضع مصطلح هذا العلم بالعربيـة صعوبة املصطلح أي -١

يتضمن تصورات مل تقم يف أذهـان لغـويي العـرب ، وقـد ال يـصلح للتعبـري عنهـا مصطلحات عربية رسخت دالالتـها وتبلورت ، وقد يكون من اخلري جتنب استعامهلا حتـى

. ال خيتلط معناها األصيل باملعنى احلديث الذي يراد بـها أن تدل عليه ر الباحث العريب إىل وضع بعض املصطلح اجلديد ، وقد حيتفظ أحيان سيضط ا

باملصطلح األجنبي حتى حيني الوقت بعد اإلكثار مـن التـأليف ومدارسـة أصـول – . لظهور مصطلح عريب أصيل سائغ –هذا العلم اجلديد وفروعه

وإن االطالع عىل ما كتب بالعربية تعريف ليـل لـشاهد بـهذا العلم ، وهو جـد قا

.الكالم له بقية مهمة حيسن الرجوع إليه )١( .… تقديس النحو ، وإمكانية وضع نحو مغاير عىل أسس أخرى ٤٣ص / حممود السعران )٢(

.طوير وهذا تشكيك يف النحو ، وفتح باب واسع للتغيري والت٤٥-٤٤ثم كالم آخر مهم ص ٢٩املصدر السابق ص )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

يف هـذا املجـال ، فقـد اختلـف ابمدى الصعوبة التي يعانيها الكاتب والقارئ مجيعـاملؤلفون واملرتمجون، وهذا طبيعي ، يف املصطلحات الدالة عىل معان واحـدة ، حتـى

. إن املطلع املبتدئ ليقع يف البلبلة واحلرية واالختالط معـني بلفـظمجني فـرتجم املـصطلح األورويب اضطرب بعض املؤلفني واملرت

مرة ، ثم ترجم املصطلح نفسه مرة يف نفس الكتاب بلفظ آخر . ومنهم من ترجم مصطلحني خمتلفني بلفظ واحـد ، ومـنهم مـن دل بمـصطلح

عريب قديم حمدد املعنى عىل تصور جديد ، وربـام اسـتعمله بحيـث ال يتبـني القـارئ الكالم ، وخاصة عند ما يرد يف نص واحد املـصطلح العـريب مـراداملقصود من بـه ا

دون أدنـى تنبيـه مـن / بـه املعنـى احلـديث ااملعنى القديم ، ونفس املـصطلح مـراد . الكاتب

ليست مصطلحات علم اللغة مصطلحات عاملية ، فال بـد مـن التنبـه يف كـل

حال إىل املقصود باملصطلح يف السياق الذي يقع فيه وعند الكاتب الذي يستعمله أن أول نشأتـها كانت تدل عىل Semantiqueكلمة : دراسة التغري يف معاين املفردات أي

، ولكن مدلوهلا اآلن خيتلف عـن هـذا ، وكـذلك عىل دراسة املعاين من الناحية التارخيية مدلوهلا القديم غـري مـدلوهلا املعـارص عنـد معظـم Phonemeة مثل احلال يف كلم

.الكتاب إن علم اللغة الذي يؤد باللغة اإلنجليزية مثالى مقصود به العامل الذي يستعمله

٢٩املصدر السابق ص )١( ٣٧-٣٦املصدر السابق ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

يف مجاعـة تــتكلم اللغـة اإل جليزيــة ، وهكـذا فعلــم اللغـة يف الــبالد العربيـة جيــب نن غريها من اللغـات كاإلنجليزيـة أو األملانيـة أو ، وععن العربية بالعربية ىأن يؤد

. العربية

وجـه إىل الدراسـة الوصـفية للغـة ، وهـو خـاص بكثـرة ي هناك نقد حقيقـي مصطلحاهتا وتعددها بشكل ملحوظة وهناك تفسري هلذا ... .

صطلحات وتعددها لليشء الواحد أو كثرة اخـتالف يتحدث عن تعليل كثرة امل …مع غموض املصطلحات .املصطلحات بني عاملني وأكثر

ش املفاهيم سـمة هـذا العلـم ، ومقابلـة بإن احلديث عن غموض املصطلح وغ بام لدينا من مصطلحات خطـأ فـادح ؛ إذ ال تتوافـق هـذه املـصطلحات همصطلحات

من كل وجه ، ولكل منها سياق وردت فيه ، هذا السياق يتألف من اإلطار الفكـري الذي ولدت وترعرعت فيه، ثم ما تدل عليه من موضوعات ، ومـا تـسمو إليـه مـن

.مقاصدوالفـونيم ال يقابـل الـصوت ، واملـورفيم ال . ففقه اللغة ال يقابل الفيلولـوجي . كثري من املوضوعاتيقابل الرصف ، وإن اشرتك معها يف

ــد الغــربيني يعنــي دراســة النــصوص القديمــة يف النقــوش إن فقــه اللغــة عنهو مفهوم متليـه طبيعـة اللغـات األوروبيـة التـي تتـسم واملخطوطات وسائر اآلثار

يف حني يعني فقـه بالتغري ورسعة التطور ، مع عدم رجوعها إىل أصل ثابت كالعربية

٨٢املصدر السابق ص )١( ٢٥٧أسس علم اللغة ص / ينظر ماريوباي )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

يف الرتتيب بعد إتقان أساسيات العربية من نحو ورصف ، اللغة عندنا دراسة متأخرة ولـه مـن اسـمه نـصيب إذ يتنـاول أصـول اللغـة، . وإملام باملعجم أصوله ومفرداتـه

وهو علم . وبنية ، وداللةا ، ورصفاودالالت األلفاظ ، وأرسار التعبري اللغوي صوتيف . أساسـيات علـوم العربيـةيتغلغل يف علوم العربية وال يغني عنها ، بل يفتقـر إىل

.حركة تتآخى فيها علوم العربية ، وال تتنافر

هناك اجتاه ظهر لبعض الوقت يف علم اللغة الوصفي ، وهو امليل نحو اإلبـهام والغموض ، وإن النـزول بعلـم اللغـة الوصـفي إىل مـستوى القـضايا والنظريـات

حيقق أي منفعة ال لعلم اللغة وال للرياضة ال…الرياضية إن موضوع علـم اللغـة . هو اللغة ، وإذا عجـز علـم اللغـة عـن أن جيعـل نفـسه واضـح يف أبحاثـه ا ومفيـدا

–وموضوعاته التي يتناوهلا من غري االستعانة بعلم ال توجد بيـنهام عالقـة واضـحة ن املبالغة يف استعامل أبحـاث الفلـسفة أو ومثل هذا يقال ع. فقد فشل يف أداء مهمته

علم النفس أو ما وراء علم اللغة ، املبنية عىل جمرد مزاعم غـري ثابتـة إن علـم اللغـة . . فيام وراء الطبيعة اال باحث. ا جيب أن يكون واقعي

علامء اللغـة الوصـفيني أن يـدركوا أن التعقيـدات غـري عىل الـرضورية التـي مـا ا فيه ، وكثـرياخيضعون هلا علمهم ال تساعد عىل انتشار منهجهم أو جعله مرغوب

من داريس علم اللغة أهنم ال يفهمون أي يشء منـه ، ويمكـن نـسبة سمعنا شكاوى وإن هنـاك إىل التقصري يف اإلعداد أو إىل نقص االستعداد الـذكائي ، هذه الشكاوى

٢٥٧املصدر السابق ص )١(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ملقى عىل كواهل أولئك الذين يريدون نرش أي علم وجعله قريب ثقيالاعبئ إىل عامة ا ، وهذا عن طريق استخدام مصطلحات متفق ا جددا وأتباعااملثقفني ليكسب أنصار

. ائل التافهة سعليها ، ومناهج مناسبة ، والكف عن االشتغال بامل الدقيقـة ، ووصـف نقـاط ذات أمهيـة ومعاجلتـه للجزئيـاتعناية علم اللغة

ضئيلة ، أو منفعة قليلة ، يف تفصيالت واسعة ، وي وضع نظام عام للتنغـيم نينا مثالغيف لغة معينة عـن معاجلـة ذلـك ببـساطة بلغـة ) املقطع ( ودرجة الصوت ، واملفصل

األفراد وطرائقهم اخلاصة ؛ ألنه توجد خالفات كثرية بني املتكلمـ مـع . ني واألفـرادضآلة القيمة العلمية ملثل هذا العمل؛ إذ اللغة تعتمد إىل حد كبري عىل السياق لتحقيق

التفاهم ، وهي تترضر كثري مـا ا بذكر التفصيالت واخلـصائص الدقيقـة التـي نـادرا . يالحظها السامع

* * * ي يف أول الطريـق ، وحيـنام يف الوقت احلـارض مـا يـزال علـم اللغـة الوصـف

– ا غالبـ–يستخدم الناس كلمة علم اللغة من غري إضافة صفة كاشفة فإنـهم يعنون وإن علم اللغة الوصفي يشكل ، بل جيب أن يشكل . علم اللغة الوصفي أو الرتكيبي

األساس للدراسات اللغوية ، وإن كانت هناك خطورة إعطائه أمهية أكثر من الالزم .وإن اإلسهام الكبري الذي قدمـه علـم اللغـة الوصـفي ليتمثـل أساسـ يف النـواحي ا

الصوتية والفونيمية التي تعد أكثـر فـروع اللغـة موضـوعية ، وأقربــها إىل املنـاهج .العلمية ، واملقاييس الدقيقة

أما يف جمال الرصف والنحو فهناك قدر كبري مـن الـشك حـول مـا إذا كـان يف مقدور املنهج الوصفي ومصطلحاته تقديم مزايا أكرب من تلـك التـي قـدمها سـابقه

٢٣٩املصدر السابق ص )١( بترصف٢٥٨املصدر السابق ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

.املنهج التارخييوحينام نـأيت إىل جمـال املفـردات نجـد علـامء اللغـة الوصـفيني خيلـون الطريـق لزمالئهم التارخييني ، وهو ما ينطبق كذلك عىل جمال الدراسة االشـتقاقية ، أمـا فـيام

ملعنى فإن املفردات تذهب لتنضم للمـورفيامت وللنحـو خيص علم ا اتـشكل مجيعـل . الدستور الذي يميز االستعامالت الصحيحة من اخلاطئة

* * * عـن دراسـات العربيـة ، وأن من أخطر ما يدعو إليه علم اللغة أن يكون بـديال

عنايـة يف مراحـل التعلـيم التـي ال عن بديال الدراسات الصوتية جيعل ما يسميه تسبق اجلامعة بحفظ القرآن الكريم وجتويده ، وإسناد ذلك إىل متخصصني يف جتويـد

… ؛ ألنه األصل الصحيح الذي استقامت به األلسنة ... القرآن من مصادر علم اللغة ، عليه أن اخامته مصدرعىل ضهنم جعلوا الرتاث العريب إ

وهذا من قلب احلقائق ، وعكس – الرصف–مثل العروض . يفيد ويدرس منه .األمور

ونحن نعد الرتاث مصدر اللغة ، ودليلها الذي جيب تلقيه بالقبول ، وأن يرفض .ما خالفه

حتدث عيل عبد الواحد وايف عن االنتفاع ببحوث علم اللغة من الناحية العملية

٢٣٨-٢٣٧املصدر السابق ص )١(ط األوىل / مؤسسة الرسالة / مقاالت يف األدب واللغة / حممد حممد حسني /بقية الكالم وانظر )٢(

١٥-١٤م ص ١٩٨٦ -هـ ١٤٠٧عام ٩٥حممود السعران ص )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

اعد التي يكشفها علم اللغة بحوث فنية ترشـدنا من املمكن أن يقام عىل القو: فقالإىل ما ينبغي عمله يف خمتلف الشئون اللغوية ، فرتشدنا مثال إىل خـري الوسـائل التـي

ينبغي اختاذها يف تعليم اللغات احليـة وغريهـا ، ويف وضـع كتـب القواعـد واألدب ويف تـدوين وطرق تدريسها ، ويف اصـطالح قواعـد اإلمـالء والـشكل والرتقـيم ،

معجامت اللغة وضبط مفرداهتا ، وحتديد داللتها ، ويف النهوض باللغـة وحماربـة مـا أو حتريـف ، ويف تــهذيب مـصطلحاتـها ، وتوسـيع نطاقهـا ، ن يطرأ عليها من حلـ

وترقية هلجاتـها العامية وإدخال مفردات جديدة عـىل مفرداتــها ، ويف إحـالل لغـة عاملية يتحدث بـها مجيع أفراد النوع اإلنـساين أخرى حملها ، ويف إنشاء لغة ومـا إىل .

ذلك من الشئون اللغوية التي تستأثر اآلن بقسط كبري من نشاط الباحثني واملصلحني والتي من أجلها تنشأ املجامع اللغوية واألكاديمية وينظم عـدد كبـري مـن املـؤمترات

املحلية والدولية . إلخ ... فتصور وايف خيـالف ). احلديث ( له يناقض ما بنى عليه علم اللغة العام وهذا ك

التصور الذي عند متأخري اللغويني العرب ) .أصحاب علم اللغة العام ( * * *

الكتـاب : تعامل هذه اللغة معاملة دينها يف املـصادر ، فمـصدر دينهـا الـوحي الم البرش ، وال أن يلحق بـها يشء مـن يشء من كاموالسنة ، ال يصح أن يضاف إليه

تهم الكالمية ، كاللغة يف قواعدها ال يصح أن يكون هلا مصدر غري ما فآرائهم ، وفلس هلا من كالم العرب الصحيح الثابت ، الذي توافرت فيـه ااعتربه أهل العربية مصدر

رشوط احلجية .

-هـ١٣٨٧عام / القاهرة/ دار هنضة مرص/ ط السادسة / علم اللغة / عيل عبد الواحد وايف )١( ٢٧-٢٥م ص ١٩٦٧

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

يسوي بني الكالم وإن ، اوعلم اللغة احلديث عىل عكس هذا ، ال يقيم هلذا وزن . ، وصحةا ، وزمنااختلفت مصادره ، وتباين متكلموه ، موطن

لتطبيق اإلسالم صورة مرشقة وضاءة متت حتت بـرص ورعايـة معلـم البـرشية

وصار ذلك النموذج املثال الذي يطمح إليه املصلحون) صىل اهللا عليه وسلم (اخلري والدعاة ، حني يرفضون واقعهم املخالف له ، ويسعون إىل إصالح ما فيه مـن عـوج

.يف القيم ، واألخالق ، والسلوك ، والعبادة ، وأنشطة احلياة األخرىوال أحد يعيب من يتطلع إىل ذلك ، وحيصل من التطلـع والـدعوة خـري كثـري ،

منهـا يف حياتــهم مـا هـم د الناس إىل استيحاء تلك الصورة املرشقة فيتمثلـونوفيع وتبقـى صـورة املثـال والنمـوذج هم ومـستطاعهمكنـتقادرون عليه ، ومـا هـو بم . شاخصة ماثلة أمام أبصارهم

ولغة هذا الدين شبيهة به هلا صورة نموذجية ومثال يطمح إىل تطبيقه واحتذائـه م ، وما فيه يتعرفون واقعه. املربون واملعلمون واملؤدبون ، وشداة اإلصالح اللغوي منه ومتثله باألسباب العلمية بمن بعد وانحراف عن املثال ، ويأخذون بأسباب القر

والرتبوية من تعليم وتأديب ، وتنظري وتأليف ، تـهدف إىل تقريـب اللغـة وإجرائهـا وهذه ميزة انفرد بـها ديننا ولغتنا مـن دون األديـان . عىل اللسان سليقة دون تكلف

.واللغات

بعض اللغويني إن اللغة هي ما يتحدثه الناس ، وليس كام يظـن يؤمنون بأن وهذا من وجهة نظرهم يـشمل اللهجـات . بعضهم هي ما ينبغي أن يتحدثه الناس

املحلية والعامية والصيغ غري النموذجية بوجه عام ، وجيعلها كلها عىل قـدم املـساوا ةسان خيتلـف مـع وجهـة النظـر املتطرفـة هـذه مـتهم وأي إنـ. مع اللغـة النموذجيـة

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

األشياء بناء عىل ذوقه اخلاص ) تقويم(باألرستقراطية ، وتقييم . إنه من املمكن قبول القول بأن الصيغ العامية واللهجية وغري النموذجيـة كلهـا

قبول القول بأن كثرياومن املمكن أيض. صيغ حية مستعملة كـان يف من هذه الصيغ ا إليـه نظـرة احـرتام وتقـدير ، وإن ا ضمن اللغة النموذجيـة ، ومنظـوراملايض داخال

التقليل من قيمة أي من هذه الصيغ ، والنظر إليها عىل أهنا أقل مـن الناحيـة األدبيـة واجلاملية ليعد شيئ ، ومـع هـذا فإنـه جيـب أن يظـل ا ذاتي، كام أنه يعد تفضيالا فرديا

أن بقاء مثل هذه الصيغ اللهجية غري النموذجية من الكالم يؤدي إىل تعطيل اواضح تيار التفاهم ، الذي يعـد وإن االلتـزام . اهلـدف األسـايس للغـة– قبـل كـل يشء –

اللغوي ال خيتلف عن أي نوع آخر من أنواع االلتزام االجتامعي ، فإذا كـان مرغوبـ اللمرور حتى ال يـصاب الـسائقون يف منـاطق غـري منـاطقهم ا موحداأن متلك نظام

باالضطراب ، وال يقعوا يف حوادث تصادم فإن من املرغوب فيه عىل قدم املساواة يف توجد بعض املقاييس التـي تـؤدي إىل الوحـدة اللغويـة ، ن أااملناطق املتحدة سياسي

اللغويون الذين ينـادون وتقلل من سوء التفاهم، ونقص وسائل االتصال ، وهؤالء أي صيغة لغوية تعجبك ، إنـام يـسيئون إىل / واستعمل دع لغتك وشأنـها بمبدأ

بخطئهم يف هذا الرأي ا اللغة ، ويقضون عىل أهم أغراضها ، وهؤالء يعرتفون ضمني حني يبالغون يف كتاباهتم يف احلرص عـىل أن يتجنبـوا املحليـة والعاميـة واالبتـذال ،

ويتوخوا لغة صحيحة أنيقة قد تنحرف بـهم نحو التكلـف ،تى األساليب الدارجةح . والتقعر

* * *

٢١٤-٢١٣للغة ص أسس علم ا/ ماريوباي )١(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

يقر أصحاب علـم اللغـة أنـه علـم مل يكتمـل ، وإن تكـون . ثـم إن هـذه الدراسة اجلديدة للغة مل تذع يف مواطنها ، أوروبـا وأمريكـا وروسـيا الـذيوع الـذي

وفرة التآليف والتصانيف فيها ، وعىل كثرة املجـالت العلميـة املفـردة هلـا ، تستأهلهوعىل تعدد اجلمعيات واحللقات واملؤمترات التي تناقش مسائلها .

بل اسمه لدهيم غريب ، وخيتلفون فيه بني علم اللغـة وعلـم اللغـة العـام ، كـام . وراتهخيتلفون يف أسامء فروع هذا العلم ووسائله وتص

ن النتائج التي أحرزتـها هذه الدراسـة اجلديـدة ملـا تـدخل بـرامج تـدريس إ اللغات يف التعليم العام ، إهنا ملا تـصبح كالسـيكية فـال تـزال اللغـة اإلنجليزيـة

والفرنسية واألملانية مثال تدرس يف معظم املدارس كام كانت تدرس قبال . دراسة اجلديدة للغة ال تزال وقفإن هذه ال عىل املتخصصني فيها ، وعـىل القلـة ا

م ، فاملحدثون من علامء اللغة يشكون مـن أن غالبيـة املـشتغلني باملـسائل هييدمرمن اللغوية ، بله مجهور املثقفني ، ال يزالون جيهلون أن ثمة نشاط يتخذ ا جديد ا علمي ا

. اللغة له اموضوعفمفهوم الدراسة اللغوية عند كثري ممن مل يتصل بالعلم اجلديد عن قرب ، أنــها

:أحد شيئني صـحيح الكـالم مـن متيـزالنشاط التقعيدي ، الذي يضع أو يستنبط قواعد -١

. والبالغة ، والنحو ، خطئه ، وجيده من رديئه ، يف اهلجاء ، والرصف

١٥حممود السعران ص )١( ١٥املصدر السابق ص )٢( ١٦انظر املصدر السابق ص )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

. وهذا خالف ما عليه علم اللغة . ممعرفة عدد من اللغات غري األ -٢

فـإن علـامء اللغـة الوصـفيتـة من وجهة النظر الوصفية البح عـىل حـق يف ني

اعتبارهم كل اللغة واللغات عـىل قـدر واحـد مـن املـساواة ، ولكـن هنـاك ثـالث وجهات نظر أخرى ، ال بد من أخذها يف االعتبار ، وكلها مبنية عىل احلقيقة والواقـع

، وهي قائمة عىل أساس العوامل التارخيية واجلغرافية واالجتامعية . قـدم فمن وجهة نظر عامل اللغة التـارخيي ال يمكـن وضـع اللغـات كلهـا عـىل

املساواة ، فإن بعضها حتيط به أحداث تارخيية أهم من بعضها اآلخر . لغة اجلغرايف جيب أن نأخذ يف االعتبـار تفـاوت اللغـات ومن وجهة نظر علم ال

.من ناحية األمهية العملية ، وكذلك تفاوت أنامطها – كام هو من وجهة نظر الشخص العادي يوجد –ومن وجهة النظر االجتامعية

نمـط يتمتـع باملكانـة واهليبـة دون األنـامط –يف مقابل أنامط غري املثقفني يف كل لغة ألخرى ، وهو ما يمكن أن يسمى بالنمط اللغوي للمثقفني اللغوية ا ونتيجة لـذلك .

يظهر نفوذ بعض األنامط اللغوية دون بعض حـني يفاضـل بينهـا يف جمـال الوظيفـة إن الشخص ال يمكـن أن يغمـض عينيـه عـن هـذه . واالختيار ، واملركز االجتامعي

النظريــة قــد قامــت عــىل نظــام احلقــائق عــىل أســاس نظريــة املــساواة ؛ ألن هــذه . خمتلف

١٧-١٦باختصار عن املصدر السابق ص )١( ٢٣٩-٢٣٨أسس علم اللغة ص / ماريوباي )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

١- إن عدم وضوح الرؤية باإلضافة إىل روح الديمقراطيـة الزائفـة ليبـدوان

أن كـل اللغـات تعـد عـىل قـدم نياملسئولني عن اعتقاد بعض علامء اللغـة الوصـفي احية التجريدية ، ولكن عامل اللغة اجلغرايف اساواة ، ولربام كان ذلك صحيحامل من الن

الذي يتناول احلقائق ال التجريدات يعلم أنه ال احتامل يف املستقبل املرئي لوضع لغـة Ojibwa أو Menominiعىل قدم املساواة مع اإلنجليزيـة أو الروسـية فـيام مثال احية الوصفية ، أما من الناحية التارخيية أو اجلغرافية فال وجه احد وااعدا جانب هو الن

. اللمقارنة مطلق٢- إن بعض اللغات تطاوعك أكثر مـن األخـرى وختـدمك بـصورة أفـضل

كوسيلة لالتصال الذي يعد أهم وظائف اللغة ومع ذلك فلندرس بكل وسيلة ممكنة . ن اجلبال أو قطاع الطرق سواء من وجهـة النظـر الوصـفية اخلالـصة أو هلجات سكا

لتحقيق أغراض خاصة ، ولكن دعنا ال نعرض لدعوى أن كل أشكال اللغة من مجيع النــواحي تعــادل اللغــة املــشرتكة التــي يتحــدث بـــها كــل املــواطنني ، ع بعــض مــ

. االختالفات املحلية البسيطة وال . كـام يف األدب) املقياس ( اللغة احلديث فكرة نموذج الكامل ، يرفض علم

الكالسيكيون قد نقلوا هذه وعلامء الفيلولوجيا يكون بعده إال االنحدار والفساد الفكرة إىل الدراسة اللغوية متخيلني أنه يوجد يف تـاريخ اإلغريقيـة والالتينيـة نقطـة

للغتان بعد جمهودات طويلة ، ومن بعدها سـارتا يف طريـق كامل وصلت إليها هاتان ا

٢٦٠-٢٥٩املصدر السابق ص )١( ٢٦٠املصدر السابق ص )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

. االضمحاللوهذه الطريقـة يف معاجلـة . ويمكن أن نقول هذا القول بعينه يف اللغة اإلغريقيةواللغـة بوجـه عـام ، اللغـة اللغات القديمة تقوم عىل اخللط الكريه بني اللغة األدبية

لقطر كله ، والتي تغري مع الزمنالتي يتكلمها مجيع الناس يف ا نعم لعلامء الالتينية أن . ــاال ــرروا مث يق ــذ ــىل طــالب ه ــة، وأن يفرضــوه ع ــة الالتيني ــىل للغ ــم يف ا أع العل

فهذه خطة النحو املذهبي الـذي يـتلخص يف هـذه العبـارة . موضوعاتـهم اإلنشائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــل: التقليدي ق :

يتفق مع تقاليد الكتاب الالتينيني الـذين كـانوا يـرون كذا ، واتباعها : كذا ، وال تقل حيتذى ، ولكن هذه اخلطة الصناعية ، ال ينبغي أن تطبق عىل ومثاالاشيشريون أستاذ

. دراسة اللغة ٣- ويوجه نفس النقد إىل االعتقاد اخلـاطئ أن أي طـراز داخـل اللغـة يعـد كأي طراز آخراحسن تـرك لغتـك ا( ، مع مـا يـستتبعه ذلـك مـن النـصيحة القائلـة

وقـد ظهـر ذلـك بـشكل واضـح يف اجلـدل . ودع املقادير جتري يف أعنتها) وشأنـها الـذي )Webster Third International Dictionary (امللتهب الذي ثار بعد ظهـور

اجليـد والـصيغة ل وجـود فـرق بـني االسـتعامل تغفـالوصفية التـي لألسس اوضع طبق والصيغة الرديئـة والعاميـة وحتـى املبتذلـةالنموذجية ، إن الطبقيــة موجـودة بـني .

أشكال اللغـة متام . كام هي موجودة بني اللغاتا

١٨ط بدون وتاريخ ص / دواخيل وحممد القصاص ترمجة عبد احلميد ال/ اللغة / فندريس )١( ط بدون وتاريخ / ترمجة عبد احلميد الدواخيل وحممد القصاص / اللغة / فندريس )٢(

١٨ص ٢٦٠أسس علم اللغة ص / ماريوباي )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

إن علم اللغة العام ليس إال قناع للدعوة إىل العامية بحسب أسـسه ومـا يـدعو ا ما يتكلمـه ال بني مستوياتـها ؛ ألن اللغة يف نظره ضل بني اللغات ، واإليه ألنه ال يف

ثـم إنــهم . فاللغة عند أصحابه جمرد وسيلة اتـصالالناس ال ما ينبغي أن يتكلموه بتأكيدهم العناية باللغة املنطوقة وإعالء شأنـها ، والتقليل مـن شـأن اللغـة املكتوبـة

ربية دعوة إىل دراسة العامية ؛ ألنـها يدعون إىل العامية ؛ إذ معنى كالمهم بالنسبة للع .اللغة املنطوقة التي يتفاهم بـها الناس يف شئوهنم اليومية ، وحياتـهم املعتادة

عند هذا بل مارس املبـرشون بــهذا العلـم الـدعوة إىل العاميـة األمر وال يقف ول ملــا لقنــوه يف دراســتهم األوىل ، إذ عــادوا إىل بالدهــم وكانــت أا وتطبيقــعمــال

مشاريعهم العلمية دراسة اللهجات العامية ، وقد أبدوا حرسة عىل إمهاهلا وازدرائهـا ودراستنا للهجات ) : يف اللهجات العربية ( يف مقدمة كتابه : ، يقول إبراهيم أنيس

ونسجلها ، ونحلل أصواتـها ، وكلامتــها ، ، احلديثة جيب أن تبدأ وصفية ، نرشحها بدء إىل أي نوع من املقارنـات ، أو احلكـم عـىل أيـة صـلة بلهجـة رض يف العدون الت فإذا فرغنا من الدراسة الوصفية التحليلية لكل هلجة مـن اللهجـات احلديثـة . قديمة

جليلة ، منها تسجيل هلجاتنا التي تكون مرحلة تارخيية مـن انكون قد خدمنا أغراض ـا يف الدراسـات األكاديميـة البحتـة حياتنا االجتامعية، ومنها إشباع رغب ة العلـامء من

ح تلك الدراسة نواة أو مادة نستغلها تصبللهجات احلديثة ، ثم بعد هذا بل فوق هذا . يف دراسة اللهجات العربية القديمة ويبدو يل أننا مل نعد بحاجة إىل مزيد من البحث : وقال يف مقدمة الطبعة الثالثة

لتنقيب يف بطون الكتب القديمة التي عرضت يف ثناياها للهجات العرب بقدر مـا وا

م ١٩٧٣عـام / ط الرابعة/ القاهرة / تبة األنجلو املرصيةمك/ يف اللهجات العربية/ إبراهيم أنيس )١( . من مقدمة الطبعة األوىل١٤-١٣ص

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

نحن يف أمس احلاجة إىل دراسة اللهجات العربية احلديثة ، فتلك هي التي نفتقدها أو ال نزال نتطلع إليها ، ومل نقطع فيها لسوء احلظ شوط برغم مـا لـدينا اآلن مـن ا بعيدا

ية ، ففي بعض كلياتنا اجلامعية قلصويت ، وأجهزة التجارب النطإمكانيات التسجيل امعامل للتجارب الصوتية مل تستغل االستغالل الكايف يف دراسة اللهجـات احلديثـة بالبالد العربية ، وأرجو أال يمر زمن طويل قبل أن نجد لدينا دراسـات مستفيـضة ،

ل معرفتنـا للهجـات أجـدادنا مـن كي نـستكم. عميقة يف اللهجات احلديثةاوبحوث . العرب القدماء

ثم إن الذين مل يعمدوا إىل درس اللهجات مل ي وا عن االستـشهاد والتمثيـل رصقوقـد غفلـوا . وكأنـهم بـهذا يضعونـها عىل درجة واحدة مع الفـصحى. بيشء منها

اسـتعامهلا أن مثـل هـذا يـسوغ دخـول العاميـة إىل مناشـطنا العلميـة ، ويـسيغ عن وجريانـها عىل ألسنتنا، وحييطها بوقار علمي وهذا كله ثمرة مبدأ مـن مبـادئ علـم .

فهل من مدكر ومتدبر؟. اللغة العام ! وأخذوا يعـددون ا مستحدثا وزعموا أن مجعهم للهجات العامية ليس بدع ،

ون بعض مـا يمكـن أخذوا حيصبعض ما مجعه قدماء اللغويني من هلجات القبائل ، كام . االستفادة منه يف دراسة هذه اللهجات

أن القصد من دراسة اللهجات ليس هو دراسة هلجة بعينها يف هـذه بل زعموا من بالد العرب أو تلك ، كام يبدو من موضوعات البحوث التي حـصل بــها ةالقري

فـألي املنهج و تعلم ولكن القصد ه ه الدكتورا أو املاجستري املبعوثون عىل غرض نريد أن نتعلم ا منهج يف دراسة هلجات العرب العامية ، ووضع قواعد هلـا

٤املصدر السابق ص )١( ٤٨مقاالت يف األدب واللغة ص / حممد حممد حسني )٢(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

من االحرتام برفع قـدرها عنـد عامـة النـاس؛ ا إلكسابـها شيئاإذا مل يكن ذلك متهيدتوطئة الختاذها لغة لألدب أقـل والتدوين ، أو تطعيم العربيـة الفـصحى بــها عـىل

. تقديرد يف دراسة اللهجات العامية وحدها ، فهو منهج لغوي فيوزعموا أن املنهج ال ي

يصلح ألن يطبق عىل أي لغة . وعىل اللغة العربية الفصحى نفسها * * *

ــفي ــة الوص ــم اللغ ــا عل ــول إليه ــتم بالوص ــي هي ــداف الت ــني األه ــن ب م حتقيق مبادئ قابلـة للتطبيـق عامليـ–لك دي سوسري نفسه كام رصح بذ– عـىل كـل ا

. اللغات إن قصد املعرفة لذات املعرفة ، وقصد العلم لذات العلم ، وللذة العلم واملعرفة

ينبع من تصور غري تصور اإلسالم للمعرفة بل هذا لون من الرتف الذي تنتهـي بـه . فكري كالرتف املادي سواء بسواء ، كلها إفناء للعمر يف عبث حياة األمم ، فالرتف ال

يرض وال يفيد ، ويبعد عن الطريق وال يدين منه . حني حياول الزج ببعض علامء املسلمني وأنــهم اإن بعض الطيبني ينخدع أحيان

نتـائج مـع اتفق ظاهرسبقوا علامء اللغة املحدثني إىل بعض األشياء ، وهي أمور قد ت ويـأيت وأذكر من هذا قـول بعـضهم . أولئك وختتلف بحسب السياقات واملقاصد

٥٤-٥٣املصدر السابق ص )١( ٥٤املصدر السابق ص )٢( ٢٣٠أسس علم اللغة ص / ماريوباي ) ٣( ٥٥مقاالت يف األدب واللغة ص / حممد حممد حسني)٤(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

هـ عـىل ٣٨٢ يف عام علم اللغة العربية القرن الرابع فتحل الساعة التي يولد فيها ، الذي نعده أول كتاب يف العامل كلـه فهـم اللغـة الصاجي يد ابن فارس يف كتابه

بقرون العـامل السويـرسي أنـها تدرس لذاتـها وبذاتـها ، كام نص عىل ذلك بعده عىل . الكبري دي سوسري يف كتابه الذائع الصيت

ابن فارس بريء مما ينسب إليه ، وهو احلريص عىل أن ال يشتغل اإلنسان : قلت يده من علم اللغة ، وتدعو إليه حاجة بيانية أو رشعيفإال بام ي لكنها الفتنـة العميـاء . ة

التي جتعلنا نركض بال عقل أو فكر ، ونسارع إىل نسبة كل فكرة إىل علم من أعالمنـا .، ولو كان فيها تنقصهم ، واإلزراء بقدرهم وفكرهم

يباعـد بـني يصف احلقائق ال أن يفـرض القواعـد إن حرص مهمة اللغوي بأنه غي له أن يعرب عن موقفه مـن موضـوعه بـالنص ال ينب إذ ؛اللغوي وبني معلم اللغة؛ ألن الدراسة املنظمـة للعنـارص التـي تتكـون منهـا اللغـة عىل ما جيوز وما ال جيوز

. الظواهر املوقعيةووالصيغ ، والكلامت ، تتجه إىل وصف األصوات،… وهــم يف هــذا يــصنفون مجيــع الكتــب النحويــة التعليميــة معياريــة ؛ إذ

حو الوصفي ال يشغل نفسه بأمور الرتبية ، وال بأن يسن القواعـد ملعلـم اللغـة ، النألنه حيث توجد السليقة ال توجد األخطاء ، وال ما يوصف من االسـتعامل بـاجلودة

والرداءة ، وإنام توجد فقط نواح خمتلفة من اللغة تتطلب الوصف . دة وي عند العرب من حيث اجلمـع مـاوهم يف هذا ينتقدون حركة التأليف اللغ

وطريقة، وزمانا ، ويعلقون هـذه الدراسـة بـيشء ال يكـاد يقـع خاصـة يف بيئتنـا ، .

٢٤٧ص / م ط األوىل ١٩٨٧ -هـ١٤٠٧عام / بريوت/ عامل الكتب/ فارسأمحد بن / هادي محودي )١( ١٦اللغة بني املعيارية والوصفية ص / انظر متام حسان )٢( ٢٦-٢٥ ، وانظر ص ٢٤ املصدر السابق ص )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

ويأتون بأشياء مرفوضة يف مجيع اللغات ؛ إذ التفاضل بني كلامتـها وأساليبها متفاوت . الرتبة ، والتأثري ، والقبول

* * *

حلديث اخـتالق املـشاكل وتــهويلها ، وكـأن العقـاد إن أبرز سمة لعلم اللغة ا وعلينا أن نسقط من حـسابنا تــهويل املهـولني بـاختالف نطـق : يعنيهم حني قال

احلروف عىل حسب اللهجات الفصحى والعامية ، فـإن املاليـني مـن أبنـاء العربيـة لـصعيد وابـن يكتبون اجليم بشكلها األبجدي املعروف ، وينطقها ابن القاهرة وابن ا

. لخ كالمه إ... حسب منطقه الذي نشأ عليه عىلدمشق كل منهم أول ما يأخذ نظر القارئ لكل : حممد حممد حسني قال . وقد صور هذا األمر د

املشاكل واملبالغة يف التهويل مـن شـأهنا ، قدعاة التغريب يف فقه اللغة اختالما كتبه ومـن هـذه املـشكالت يف كتـبهم إىل مـشكالت فاملسائل العلمية كلها تتحـول

ــتالف ــواهتا ، واخ ــف أص ــة وحتري ــروف العربي ــارج احل ــساهل يف ضــبط خم الت وتلـوين بـني خمتلـف األشـخاص منيصور الكلامت الصوتية من نـرب وتنغـيم وتـز

. والشعوب إنني سأبني تصوري عن اإلسالم من واقـع النـصوص : لو جاءنا شخص وقال

ــة/ أشــتات وجمتمعــات يف اللغــة واألدب/ عبــاس حممــود عقــاد ) ١( دار املعــارف بمــرص / ط الثاني

٥٣نظر ص وا٤١بدون تاريخ ص ١٩٨فقه اللغة بني األصالة والتغريب ص / حممد حممد حسني )٢( ١٩٩املصدر السابق ص )٣(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

مية يف القرآن واحلديث والفقه واألصول والتفسري ، ومجيع الكتب اإلسالمية اإلسالإنـه سـينظر للحيـاة : والعلوم ، حتى تفسريات الصوفية والباطنية لإلسالم ، وقـال

، ا واجتامعـااإلسالمية وسلوك املـسلمني يف منـاحي هـذه احليـاة سياسـة واقتـصاد .قبل منه هذا ؟ أن. هذا هو اإلسالم : وعبادة ، ألقول

من سلوك املنتسبني ا من تفسريات املبتدعة لإلسالم ، وكثريامن املعلوم أن كثريإىل اإلسالم ليس بينها وبني اإلسالم صلة ، بـل األدلـة القطعيـة ، واحلقـائق الثابتـة

إن اإلسـالم متثلـه الفئـة : لو أتى آت وقـال . إن اإلسالم بريء منها: تردها ، وتقولينة التي تفرسه تفسرياملع إن اإلسالم ما عليه : أو جاء آخر فقال ! ، أنقبل منه ؟ا باطنيا

انـها ، وأعامهلم القائمة عىل منافاة اإلسالم وهـي أعـامل قائمـة الناحية الفالنية وسكعىل ما يسمونه الرتفيه ، واحلرية املطلقة ، واملـساواة املطلقـة عـىل الطريقـة الغربيـة ،

إنه سيتناول تفسري اإلسالم بالطريقـة : وكذلك لو جاءنا شخص وقال ! نقبل منه ؟أ !الغربية أنقبل منه ذلك ؟

إن اإلسالم له أصوله الثابتة ، وحقائقه القطعية ، وقد استقرت تلك األصـول ، وثبتت تلك احلقائق ، وكل ما أحدث بعدها عىل خالفهـا فهـو رد مـن أحـدث يف

اليوم أكملـت ( ألنه دين قد كمل يف أصوله وفروعه ا ليس منه فهو رد أمرنا هذا م . )ورضيت لكم اإلسالم دينا لكم دينكم ، وأمتمت عليكم نعمتي

.وترك للناس أن يطبقوها بالوسائل اجلائزة املمكنة ؛واحلال يف اللغة قريب من هذا ، إذ اللغة قـد اكتملـت بـصورتـها النموذجيـة

نه كام للدين وتطبيقاته صورة نموذجية ، ومثال قائم ، كذلك للغة صورة نموذجية أل

)٥(املائدة آية )١(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

للدين مثالـه مـن احليـاة اإلسـالمية يف عـرص النبـوة وعـرص اخللفـاء . ، ومثال قائمالراشدين ومن وليهم من التابعني ، والعـصور املفـضلة ، كانـت أقـرب القـرون إىل

عة فيها مرفوضة ، والسنة قائمة ، وكـذلك حقيقة الرشع ، وأبعدها عن هوى ، والبداللغة كانت يف اجلاهلية قبيل اإلسالم ، ويف عرص اإلسالم ، وما تاله من عصور لغـة نموذجية ، هي املثال أو كاملثال ، جعلت حماكاتـها الغاية ، وحتقيق سامتـها مقـصد ، ا

ق فيه لغة هذا الـدين واخلروج عنها حلن ، يذم مقرتفه ، وهيجن منطقه ، وهذا أمر تتفسائر اللغات واألديان ، كل األديـان اخـتلط حقهـا بباطلهـا ، عن معه ، وختتلف به

وفقدت الصورة املثىل لتطبيقها ، واشتبهت األدلة بغريها ، حتى رانت عىل حقائقهـا ظلامت اجلهل والريبة، وأصبحت أرجوحة يتلعب بـها أحبارها ورهبانــها ، بـوحي

وأما لغاتـهم فهي أقـل ثباتـ. طينهم أو شهواتـهم من سال مـن ديـنهم ، وأرسع إىل اتــهم ، فهـم يف الـدين خيطبـون ود العامـة وأصـحاب االتقلب من عقائدهم وعباد

أما هذا الـدين فهـو الشهوات ، ويف اللغات يستسلمون ملتغريات األلسنة واألقالم ،ول ، باسـقة الفـروع ، قابلـة للـنامء والعطـاء ثابت ال يقبل التغيري ، ولغته ثابتة األص

بمقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدار . ما يبذله أهلها من جهد

إن بعض علامء اللغـة الوصـفيني مـا يزالـون يف حاجـة إىل أن – يف الواقـع –نذكرهم أن اللغات كانت تتكلم وتتعلم وتعلم وتدرس وتنـاقش مـدة طويلـة قبـل

اهج أخرى للـدرس اللغـوي غـري منـاهجهم ، وبلومفيلد وأن هناك منوجود بويسيمكن أن يتوصل إليها ، وربام كانت يف بعـض األحيـان أرجـح مـن منـاهجهم ، إن

فقط حينام يظل حمتفظالعلم يعد علام ، وحينام يسمح باملناقشة احلـرة املتفتحةته بعقليا

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

فإنه ينتكس إىل جمرد قضايا أو أحكام حتكمية ال تست، وإال . ند إىل دليل أو برهان وبعد فلعيل ال أكون مبالغ إن أقرب ما يـصدق عـىل املنقطعـني إىل : حني أقول ا

علم اللغة ، املتبتلني يف حمرابه قـول أيب الطيـب اللغـوي يف علـامء العربيـة مـن أهـل لم فمنقـول وأما بغداد فمدينة ملك ، وليست بمدينة علم ، وما فيها من الع: بغداد

ورعيتهم ، ونيتهم بعد ذلك يف العلم ضعيفة ؛ ألن إليها ، وجملوب للخلفاء وأتباعهم ، العلم جد، وهم قوم ، اهلزل أغلب عليهم ، واللعب أملك هلم ، فإن تعـاطى بعـضهم

أو شدا منه ، فإنام مهه املساماة به ، وبغيته املباهاة فيه ، فرتى أحدهاشيئ م يتكلم بغـري علم ، وهيمز ليعد يف العلامء ، ويذكر رغبتـه يف أطـراف العلـم ودواوينـه ، وفروعـه

ي عـىل غـري أس ، نـوغرائبه ، ويـسامح نفـسه يف أصـوله وسـهله وذلولـه ، فهـو يبوحيب الرياسة بـأهون مـس ، فـال جـرم أنــهم يومهـون وال يفهمـون ، ويـسألون

!همون تبفيسأهل بغداد حشو عسكر اخلليفة ، ومل يكن بـها مـن يوثـق بـه يف : قال أبو حاتم

كالم العرب ، وال من ترتىض روايته ، فإن ادعى أحد منهم شيئ رأيته خملطا صاحب اتطويل ، وكثرة كالم ومكابرة ، وال يفصل بني علامء البرصة بالنحو ، وبني الـرؤايس

رمني وقراءة محزة ، ويتحفظ أحـدهم مـسائل مـن والكسائي، وال بني قراءة أهل احلالنحو بال علل وال تفسري ، فيكثر كالمه عند من خيتلف إليه ، وإنـام هـم أحـدهم إذا

سبق إىل العلم أن يسري اسام خيرتعه لينسب إليـه ، فيـسم ى اجلـر خفـض ، والظـرف اصفة ، ويسمون حروف اجلر ، حروف الصفات ، والعطف مفـاعيلن ، النسق ، و

. ، ونحو هذا من التخليط فعوالن يف العروض

٢٦١أسس علم اللغة ص / ماريوباي )١(

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

اف ضـع عىل أ– أصلحك اهللا – واألمر يف زماننا هذا : اللغوي أبو الطيب قال . ما عرف أبو حاتم

قيل هذا الكالم يف استبدال مصطلح بمصطلح ، وتغيري اسم باسم ، مع احلفاظ إذا كان األمر يتعلـق باسـتبدال علـم بعلـم ، : ها ، فامذا يقال عىل أصل الفكرة وحاق

وإحالل فكر مكان فكر ، وتبديل منهج بمنهج ، وأسـلوب بأسـلوب ، وغايـة بغـري غاية ، وباليشء الواضح املحدد شيئ ال تتـضح معاملـه ورسـومه ، وال منـائره مـبهاما

. ، وآمن روعاتنااللهم اسرت عوراتنا. وأعالمه كالمه الليلة نابع من عصبية للعربية ، ألن : سيقول فإنني أشعر أن قائالوبعد ،

ح ، ال يسمح للرأي اآلخر أن يترسب إليه قاملحارض تراثي بمثـل هـذا سعيد وأنا .. مما يظنون ، وفوق مـا يقولـون ، وأتـذكر يف هـذا االقول ، وأدعو اهللا أن جيعلني خري

:جمنون ليىل املقام قول مجيل أو وماذا عسى الواشون أن يتحـدثوا

إنني لك عاشق: سوى أن يقولوا نعم ، صدق الواشون أنت حبيبـة

ــق ــك اخلالئ ــصف من إيل وإن مل ت

ــت ــرش وخل ــن ال ــت م ــت ، وبرئ ــفت وحل ــد ص ـــها ق ــا إن أم ــة . فالعالق

:حمبي العريب متصلة ، والبوح بـها غري حمظور بني مجع من فلو كنت خوار لقد باح مضمريا

ــق ـــاة عري ولكننــي صـــلب القن كأن مل نحارب يـا بثــني ، لوانــه

تكــشف غامهــا ، وأنــت صــديق

دار / أبـو الفـضل إبـراهيمحتقيق حممد / مراتب النحويني/ أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن عيل )١(

١٦١-١٦٠ون تاريخ ص القاهر بد/ هنضة مرص

أسس علم اللغة العام وتطبيقاته عىل اللغة العربية

وأستغفر اهللا من فتنة القول ، وخطل الرأي ، وطـيش الفكـر ، وسـوء العمـل ، ه اجلـواد ربنـا ، وصـىل اهللا وسـلم عـىل نبينـا حممـد وآلـه وأسأله القبول والرضا ، إن

.وصحبه