750
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺣﺰﻡ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺣﺰﻡ ﻻﺑﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﻨﻌﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻣﱳ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﺭﺿﻮﺍﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺭﲪﺔ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻗﺎﻝ ﻭﻣﻨﺬﺭﻳﻦ ﻣﺒﺸﺮﻳﻦ ﺭﺳﻼ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﺭﺳﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻵﺩﻣﻲ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻓﻌﻢ ﺑﻴﻨﺔ ﻋﻦ ﺣﻲ ﻣﻦ ﻭﳛﲕ ﺑﻴﻨﺔ ﻋﻦ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻟﻴﻬﻠﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺧﺬﻝ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻬﻞ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭﺳﺪﺩﻩ ﻟﻔﻬﻤﻪ ﻭﻳﺴﺮﻩ ﻟﻪ ﻭﻫﺪﺍﻩ ﻟﻠﺤﻖ ﻭﻓﻘﻪ ﺑﺄﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﺎﺀ ﻣﻦ ﻭﺧﺺ ﻗﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﻣﻨﻌﻬﻢ ﻣﺎ ﺳﺒﻴﻞ ﻗﻮﻣﺎ ﻭﻭﻓﻖ ﺍﳊﻖ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻭﻋﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻄﺒﻊ ﺷﺎﺀ ﻣﻦ ﺟﻞ ﻋﺰ} ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﺮﺍﻁ ﻋﻠ ﻰ ﳚﻌﻠﻪ ﻳﺸﺄ ﻭﻣﻦ ﻳﻀﻠﻠﻪ ﺍﷲ ﻳﺸﺈ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻭﺑﻜﻢ ﺻﻢ ﺂﻳﺎﺗﻨﺎ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ{ } ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ﺁﻳﺎ ﻋﻦ ﻭﻫﻢ ﳏﻔﻮﻇﺎ ﺳﻘﻔﺎ ﺍﻟﺴﻤﺂﺀ ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ{ ﺃﻭ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﻣﺮﻳﺪ ﳚﱪ ﺃﻥ ﺩﻭﻥ ﻋﺰ ﻗﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﻟﻜﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﺪﺑﻪ ﺃﻭ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺩﻋﺎﻩ ﻣﺎ ﻭﺑﲔ ﺃﺣﺪ ﺑﲔ ﳛﻮﻝ ﺃﻭ ﻗﺼﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻞ ﻗﺎﺻﺪ ﻳﻘﺴﺮ ﺟﻞ} ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﺯﻳﻨﻪ ﺍﻷﳝﺎﻥ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺣﺒﺐ ﺍﷲ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻌﻨﺘﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻛﺜﲑ ﻳﻄﻴﻌﻜﻢ ﻟﻮ ﺍﷲ ﺭﺳﻮﻝ ﻓﻴﻜﻢ ﺃﻥ ﻭﺁﻋﻠﻤﻮﺍ ﺣﻜﻴﻢ ﻋﻠﻴﻢ ﻭﺍﷲ ﻭﻧﻌﻤﺔ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻓﻀﻼ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﻫﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻭﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﺴﻮﻕ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻭﻛﺮﻩ{ ﻗﺎﻝ ﻭﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎﱃ} ﻓﺘﺪﱃ ﺩﻧﺎ{ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻗﺎﻝ} ﺍﻟﺬ ﺗﺴﺒﻮﺍ ﻭﻻ ﺯﻳﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺑﻐﲑ ﻋﺪﻭﺍ ﺍﷲ ﻓﻴﺴﺒﻮﺍ ﺍﷲ ﺩﻭﻥ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﲟﺎ ﻓﻴﻨﺒﺌﻬﻢ ﻣﺮﺟﻌﻬﻢ ﺇﱃ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﺃﻣﺔ ﻟﻜﻞ{ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﺿﻼﻥ ﺍﻟﻨﺒﻴﺎﻥ ﻗﺎﻝ ﻭﻛﻤﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﺫ ﻭﻳﻮﺳﻒ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ} ﺭﰊ ﻳﻬﺪﱐ ﻟﺌﻦ ﻗﺎﻝ ﺃﻓﻞ ﻓﻠﻤﺂ ﺭﰊ ﻫﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺑﺎﺯﻏﺎ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺭﺃﻯ ﻓﻠﻤﺂ ﻷﻛﻮﻧﻦ ﺍﻟﻀﺎﻟﲔ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﻦ{ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﻳﻘﻮﻝ} ﻛﻴﺪﻫﻦ ﻋﲏ ﺗﺼﺮﻑ ﻭﺇﻻ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺪﻋﻮﻧﲏ ﳑﺎ ﺇﱄ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺭﺏ ﻗﺎﻝ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ ﻣﻦ ﻭﺃﻛﻦ ﺇﻟﻴﻬﻦ ﺃﺻﺐ{ ﺑﺸﲑﺍ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻹﻧﺲ ﺍﳉﻦ ﲨﻴﻊ ﺇﱃ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺻﻠﻰ ﻣﻨﲑﺍ ﻭﺳﺮﺍﺟﺎ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﺍﷲ ﺇﱃ ﻭﺩﺍﻋﻴﺎ ﻭﻧﺬﻳﺮﺍ ﺍﷲ ﻓﺈﻥ ﻭﺑﻌﺪ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﳛﺒﺐ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﳍﺎ ﻳﺰﻳﻦ ﻋﺪﻝ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻗﻮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺭﻛﺐ ﺟﻞ ﻋﺰ ﺍﳊﻖ ﺗﻌﺎﱃ ﻗﺎﻝ} ﻟﻌﻠﻜﻢ ﻳﻌﻈﻜﻢ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﻭﺍﳌﻨﻜﺮ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻋﻦ ﻭﻳﻨﻬﻰ ﺍﻟﻘﺮﰉ ﺫﻱ ﻭﺇﻳﺘﺂﺀ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﷲ ﺇﻥ ﺗﺬﻛﺮﻭﻥ{ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻗﺎﻝ} ﺑﺎﻟﻘﺴ ﻗﻮﺍﻣﲔ ﻛﻮﻧﻮﺍ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻳﻬﺎ ﻳﺎ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻭ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﻟﻮ ﺷﻬﺪﺁﺀ ﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻓﺈﻥ ﺗﻌﺮﺿﻮﺍ ﺃﻭ ﺗﻠﻮﻭﺍ ﻭﺇﻥ ﺗﻌﺪﻟﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﳍﻮﻯ ﺗﺘﺒﻌﻮﺍ ﻓﻼ ﻤﺎ ﺃﻭﱃ ﻓﺎﷲ ﻓﻘﲑﺍ ﺃﻭ ﻏﻨﻴﺎ ﻳﻜﻦ ﺇﻥ ﻭﺍﻷﻗﺮﺑﲔ ﺧﺒﲑﺍ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ{ ﺗﻌﺎﱃ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺷﺪ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻦ ﻭﻳﻌﻤﻴﺎ ﺍﳉﻮﺭ ﳍﺎ ﻳﺰﻳﻨﺎﻥ ﻭﺷﻬﻮﺓ ﻏﻀﺐ ﻭﻣﻨﻬﺎ} ﺍﺗﻖ ﻟﻪ ﻗﻴﻞ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﷲ ﺍﳌﻬﺎﺩ ﻭﻟﺒﺌﺲ ﺟﻬﻨﻢ ﻓﺤﺴﺒﻪ ﺑﺎﻹﰒ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺧﺬﺗﻪ{ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻗﺎﻝ} ﻭﺍﳋﲑ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﻧﺒﻠﻮﻛﻢ ﺍﳌﻮﺕ ﺫﺁﺋﻘﺔ ﻧﻔﺲ ﻛﻞ ﺗﺮﺟﻌﻮﻥ ﻭﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﺘﻨﺔ{ ﻭﳌﺎ ﻭﺟﻬﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻳﺪﺭﻱ ﳌﺎ ﻳﺴﺮ ﻭﺍﳉﺎﻫﻞ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻣﻨﺤﻪ ﻣﺎ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﳌﻌﺮﻓﺘﻪ ﻳﺴﺮ ﻓﺎﻟﻔﺎﺿﻞ ﻣﻌﺎﺩﻩ ﻭﻫﻼﻛﻪ ﺃﺧﺮﺍﻩ ﻭﺑﺎﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻳﻠﻴﺢ ﻓﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺟﻠﻴﺎ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺑﻪ ﻓﺘﺮﻯ ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﳍﺎ ﻭﻳﻨﲑ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﺗﺘﻠﺪﺩ ﺭﻳﺐ ﻭﰲ ﺗﺘﺮﺩﺩ ﺣﲑﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺑﲔ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻭﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻄﻤﺲ ﺟﻬﻞ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻔﺎ ﺃﻭ ﺇﺣﺠﺎﻣﺎ ﺃﻭ ﺟﺒﻨﺎ ﺃﻭ ﻭﺇﻗﺪﺍﻣﺎﻮﺭﺍ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺒﺔ ﻟﻠﺤﻖ ﺎﻧﺒﺔ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﻳﻬﺠﻢ ﻭﺳﻮﺀ

ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﻝﻮﺻﺃ ﰲ ﻡﺎﻜﺣﻹﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﻦﺑ ﻲﻠﻋ ...islamicbook.ws/asol/alihkam-labn-hzm-.pdfﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﻝﻮﺻﺃ ﰲ ﻡﺎﻜﺣﻹﺍ:

  • Upload
    others

  • View
    12

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

  • يف أصول األحكام: كتاب اإلحكام حزم األندلسي: املؤلف بن بن أمحد علي

    اإلحكام يف أصول األحكام البن حزم

    قال الفقيه اإلمام أبو حممد علي بن أمحد رمحة اهللا عليه ورضوانه احلمد هللا الذي امنت علينا بنعم عامة وخاصة ليهلك من هلك عن بينة وحيىي من حي عن بينة فعم النوع اآلدمي بأن أرسل إليهم رسال مبشرين ومنذرين

    وخص من شاء منهم بأن وفقه للحق وهداه له ويسره لفهمه وسدده الختياره وسهل عليه سبيله وخذل منهم ا يف سبيل ما ومنعهم التوفيق يف سبيل أخرى كما قال من شاء فطبع على قلبه ووعر عليه طريق احلق ووفق قوم

    آياتنا صم وبكم يف الظلمات من يشإ اهللا يضلله ومن يشأ جيعله على صراط والذين كذبوا ب{ عز و جل دون أن جيرب مريد حق على إرادته أو } وجعلنا السمآء سقفا حمفوظا وهم عن آياهتا معرضون { و } مستقيم

    ا دعاه تعاىل إليه أو ندبه إليه لكن كما قال عز و { جل يقسر قاصد باطل على قصده أو حيول بني أحد وبني موآعلموا أن فيكم رسول اهللا لو يطيعكم يف كثري من األمر لعنتم ولكن اهللا حبب إليكم األميان وزينه يف قلوبكم

    وكما قال } وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضال من اهللا ونعمة واهللا عليم حكيم ين يدعون من دون اهللا فيسبوا اهللا عدوا بغري علم كذلك زينا وال تسبوا الذ{ وقال تعاىل } مث دنا فتدىل { تعاىل

    هللا وكما قال النبيان الفاضالن صلى اهللا عليهما } لكل أمة عملهم مث إىل رهبم مرجعهم فينبئهم مبا كانوا يعملون ألكونن فلمآ رأى القمر بازغا قال هذا ريب فلمآ أفل قال لئن مل يهدين ريب{ إبراهيم ويوسف إذ يقول إبراهيم

    قال رب السجن أحب إيل مما يدعونين إليه وإال تصرف عين كيدهن { ويقول يوسف } من القوم الضالني وصلى اهللا على حممد عبده ورسوله إىل مجيع اجلن واإلنس بالدين القيم بشريا } أصب إليهن وأكن من اجلاهلني

    ونذيرا وداعيا إىل اهللا بإذنه وسراجا منريا

    عز و جل ركب يف النفس اإلنسانية قوة خمتلفة فمنها عدل يزين هلا اإلنصاف وحيبب إليها موافقة وبعد فإن اهللا احلق

    إن اهللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتآء ذي القرىب وينهى عن الفحشاء واملنكر والبغي يعظكم لعلكم { قال تعاىل ط شهدآء هللا ولو على أنفسكم أو الوالدين يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامني بالقس{ وقال تعاىل } تذكرون

    واألقربني إن يكن غنيا أو فقريا فاهللا أوىل هبما فال تتبعوا اهلوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن اهللا كان مبا وإذا قيل له اتق { ومنها غضب وشهوة يزينان هلا اجلور ويعمياهنا عن طريق الرشد قال تعاىل } تعملون خبريا

    كل نفس ذآئقة املوت ونبلوكم بالشر واخلري { وقال تعاىل } خذته العزة باإلمث فحسبه جهنم ولبئس املهاد اهللا أفالفاضل يسر ملعرفته مبقدار ما منحه اهللا تعاىل واجلاهل يسر ملا ال يدري حقيقة وجهه وملا } فتنة وإلينا ترجعون

    فيه وباله يف أخراه وهالكه يف معاده ظلمات املشكالت فترى به الصواب ظاهرا جليا ومنها فهم يليح هل ا احلق من قريب وينري هلا يف

    ومنها جهل يطمس عليها الطرق ويساوي عندها بني السبل فتبقى النفس يف حرية تتردد ويف ريب تتلدد وسوء ويهجم هبا على أحد الطرق اجملانبة للحق املنكبة عن الصواب هتورا وإقداما أو جبنا أو إحجاما أو إلفا

  • أمن هو قانت آنآء الليل ساجدا وقآئما حيذر اآلخرة ويرجوا رمحة ربه قل هل يستوي الذين { اختيار قال تعاىل وآية هلم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم { وقال تعاىل } يعلمون والذين ال يعلمون إمنا يتذكر أولو األلباب

    } مظلمون املنطق فجعل هلا خالقها هبذه القوة سبيال إىل فهم خطابه عز و جل وإىل ومنها قوة التمييز اليت مساها األوائل

    معرفة األشياء ما هي عليه وإىل إمكان التفهم الذي به ترتقي درجة الفهم ويتخلص من ظلمة اجلهل فيها تكون معرفة احلق من الباطل

    ا وقال هلم خزنتهآ أمل يأتكم رسل وسيق الذين كفروا إىل جهنم زمرا حىت إذا جآءوها فتحت أبواهب{ قال تعاىل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقآء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على

    الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى املتكربين وسيق الذين اتقوا رهبم إىل اجلنة زمرا م خزنتها سالم عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا احلمد هللا الذي حىت إذا جآءوها وفتحت أبواهبا وقال هل

    صدقنا وعده وأورثنا األرض نتبوأ من اجلنة حيث نشآء فنعم أجر العاملني وترى املالئكة حآفني من حول العرش يسبحون حبمد رهبم وقضي بينهم باحلق وقيل احلمد هللا رب العاملني حم تنزيل الكتاب من اهللا العزيز

    لعليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ال إله إال هو إليه املصري ما جيادل يف آيات اهللا إال االذين كفروا فال يغررك تقلبهم يف البالد كذبت قبلهم قوم نوح واألحزاب من بعدهم ومهت كل أمة برسوهلم

    قاب وكذلك حقت كلمة ربك على الذين ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به احلق فأخذهتم فكيف كان ع } كفروا أهنم أصحاب النار

    ومنها قوة العقل اليت تعني النفس املميزة على نصر العدل وعلى إيثار ما دلت عليه صحة الفهم وعلى اعتقاد ذلك علما وعلى إظهار باللسان وحركات اجلسم فعال وهبذه القوة اليت هي العقل تتأيد النفس املوفقة لطاعتها قاد إليه اجلهل والشهوة والغضب املولد للعصبية ومحية اجلاهلية على كراهية احلود عن احلق وعلى رفض م

    إن يف ذلك لذكرى { فمن اتبع ما أناره له العقل الصحيح جنا وفاز ومن عاج عنه هلك ورمبا أهلك قال تعاىل } ملن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

    اد بذلك العقل وأما املضغة املسماة قلبا فهي لكل أحد متذكر وغري متذكر ولكن ملا مل قال أبو حممد علي أرا ا قلن أفلم يسريوا يف األرض فتكون هلم قلوب { ينتفع غري العاقل بقلبه صار كمن ال قلب له قال تعاىل شاهدا مل

    إهنا ال تعمى األبصار ولكن تعمى القلوب اليت وقال بعض } يف الصدور يعقلون هبآ أو آذان يسمعون هبا ف السلف الصاحل ترى الرجل لبيبا داهيا فطنا وال عقل له فالعاقل من أطاع اهللا عز و جل

    قال أبو حممد علي هذه كلمة جامعة كافية ألن طاعة اهللا عز و جل هي مجاع الفضائل واجتناب الرذائل وهي إله إال هو فال فضيلة إال اتباع ما أمر اهللا عز و جل السرية الفاضلة على احلقيقة اليت ختريها لنا واهب النعم ال

    به أو حض عليه وال رذيلة إال ارتكاب ما هنى اهللا تعاىل عنه أو نزه منه وأما الكيس يف أمور الدنيا ال يبايل املرء ما وفق يف استجالب حظه فيها من علو صوت أو عرض جاه أو منو مال أو نيل لذة من طاعة أو معصية فليس

    ك عقال بل هو سخف ومحق ونقص شديد وسوء اختيار وقائد إىل اهلالك يف دار اخللود ذلا أن تارك احلق ومتبع الغرور سخيف االختيار ضعيف العقل وقد شهد ربنا تعاىل أن متاع الدنيا غرور وقد علمن

  • ر الشيء القليل يف فاسد التمييز وبرهان ذلك أن كل متييز يف إنسان بان به عن البهائم فهو يشهد أن اختيا عدده الضعيف يف

    منفعته املشوب باآلالم واملكاره الفاين بسرعة على الكثري يف عدده العظيم يف منفعته اخلالص من الكدر واملضار اخلالد أبدا محق شديد وعدم للعقل البتة

    رياض وأشجار ونواوير ولو أن أمرأ خري يف دنياه بني سكناه مائة عام يف قصر أنيق واسع ذي بساتني وأهنار ووأزهار وخدم وعبيد وأمن فاش وملك ظاهر ومال عريض إال أن يف طريقه إىل ذلك مشي يوم كامل يف طريق

    فيها بعض احلزونة ال كلها وبني أن ميشي ذلك اليوم يف طريق فيها مروج حسنة ويف خالهلا مهالك وخماوف ام ذلك اليوم إىل دار ضيقة وجملس ضنك ذي نكد وظالل طيبة ويف أثنائها أهوال ومتالف مث يفضي عند مت

    وشقاء وخوف وفقر وإقالل فيسكنها مائة عام فاختار هذه الدار احلرجة لسرور يوم ممزوج بشوائب البالء يلقاه يف طريقه حنوها لكان عند كل من مسع خربه ذا آفة شديدة يف متييزه وفاسد العقل جدا ظاهر احلمق رديء

    حورا ملوما االختيار مذموما مد وهذه حال من آثر عاجل دنياه على آجل أخراه

    ا ال يتناهى أبدا فكيف مبن اختار فانيا عن قريب على ماللهم إال أن يكون شاكا يف منقلبه متحريا يف مصريه فتلك أسوأ بل هي اليت ال شوى هلا نعوذ باهللا من اخلذالن

    ونسأله التوفيق والعصمة مبنه آمني لم نقله جزافا بل مل نقل كلمة يف ذلك كله إال مما قاله اهللا تعاىل شاهدا بصحته وميزه العقل عاملا وكل ما قلنا ف

    حبقيقته واحلمد هللا رب العاملني وإن اهللا عز و جل ابتلى األمم السالفة بأنبياء ابتعثهم إىل قومهم خاصة فمؤمن وكافر فريق يف اجلنة وفريق يف

    السعري يه املختار وعبده املنتخب من مجيع ولد آدم حممدا صلى اهللا عليه و سلم اهلامشي املكي إىل مث إنه تعاىل بعث نب

    مجيع خلقه من اجلن واإلنس فنسخ مبلته مجيع امللل وختم به الرسل وخصه هبذه الكرامة وسوده على مجيع انقضاء الدنيا أنبيائه واختذ صفيا وجنيا وخليال ورسوال فال نيب بعده وال شريعة بعد شريعته إىل

    وإذ قد تيقنا أن الدنيا ليست دار قرار ولكنها دار ابتالء واختبار وجماز إىل دار اخللود وصح بذلك أنه ال فائدة يف الدنيا ويف الكون فيها إال العلم مبا امر به عز و جل وتعليمه أهل اجلهل والعمل مبوجب ذلك وإن ما عدا

    وت غرور وأن كل ما تشره إليه النفوس اجلاهلة من غرض خسيس خطأ هذا مما يتنافس فيه الناس من بعد الصإال ما قصد به إظهار العدل وقمع الزور واحلكم بأمر اهللا تعاىل وبأمر رسوله صلى اهللا عليه و سلم وإحياء سنن

    احلق وإماتة طوالع اجلور يل وأصوات مستحسنة متقضية وإن ما متيل إليه النفوس اخلسيسة من اللذات مبناظر مألوفة متغرية عما قل

    هببوب الرياح ومشام مستطرفة منحلة بعيد ساعات ومذاوق مستعذبة مستحلية يف أقرب مدة أقبح استحالة ومالبس معجبة متبدلة يف أيسر زمان تبدال موحشا باطال

    ام القوت وأمسك وإن كل ما يشغل به أهل فساد التمييز من كسب املال املنتقل عما قريب فضول إال ما أق

  • ا عاناه املرء العاقل بيان ما يرجو به الرمق وأنفق يف وجوه الرب املوصلة إىل الفوز يف دار البقاء كان أفضل م هدى أهل نوعه وإنقاذهم من حرية الشك وظلمة الباطل وإخراجهم إىل بيان احلق ونور اليقني

    واحدا فهو خري له من محر النعم فقد أخرب رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم أن من هدى اهللا به رجالوأخرب عليه السالم أن من سن سنة خري يف اإلسالم كان له مثل أجر كل من عمل هبا ال ينتقص ذلك من

    أجورهم شيئا وغبط من تعلم احلكمة وعلمها

    جدناها على وجوه فنظرنا بعون اهللا خالقنا تعاىل لنا يف هذه الطريق الفاضلة اليت هي مثرة بقائنا يف هذه الدنيا فوكثرية فمن أوكدها وأحسنها مغبة بيان الدين واعتقاده والعمل به الذي ألزمنا إياه خالقنا عز و جل على لسان رسوله صلى اهللا عليه و سلم وشرح اجلمل اليت جتمع أصناف أحكامه والعبارات الواردة فيه فإن مبعرفة العقدة

    ملسائل غلط فيها ألوف من الناس من عقد تلك اجلمل يلوح احلق يف ألوف من ا فإمث من قلدهم إمثني إمث التقليد وإمث اخلطأ

    ونقصت أجور من اتبعهم جمتهدا من كفلني إىل كفل واحد ا يتضاعف فيه أجر املعتقد والعامل مبا عضده الربهان ومن وفقه اهللا تعاىل لبيان م

    تراب رميم فقد عرضه خلري كثري وامنت عليه بتزايد األجر وهو يف الوذلك حظ ال يزهد فيه إال حمروم فكتبنا كتابنا املرسوم بكتاب التقريب وتكلمنا فيه على كيفية االستدالل مجلة

    وأنواع الربهان الذي به يستبني احلق من الباطل يف كل مطلوب وخلصناها مما يظن أنه برهان وليس بربهان لك األجر من اهللا عز و جل فكان ذلك الكتاب أصال ملعرفة وبينا كل ذلك بيانا سهال ال إشكال فيه ورجونا بذ

    عالمات احلق من الباطل وكتبنا أيضا كتابنا املرسوم بالفصل فبينا فيه صواب ما اختلف الناس فيه من امللل والنحل بالرباهني اليت أثبتنا مجلها يف كتاب التقريب

    ساغا واحلمد هللا كثريا ومل ندع بتوفيق اهللا عز و جل لنا للشك يف شيء من ذلك ممث مجعنا كتابنا هذا وقصدنا فيه بيان اجلمل يف مراد اهللا عز و جل منا فيما كلفناه من العبادات واحلكم بني

    الناس بالرباهني اليت أحكمناها يف الكتاب املذكور آنفا من أصول األحكام يف وجعلنا هذا الكتاب بتأييد خالقنا عز و جل لنا موعبا للحكم فيما اختلف فيه الناس

    ا الديانة مستوىف مستقصى حمذوف الفضول حمكم الفصول راجني أن ينفعنا اهللا عز و جل به يوم فقرنا إىل ميثقل به ميزاننا من احلسنات وأن ينفع به تعاىل من يشاء من خلقه فيضرب لنا يف ذلك بقسط ويتفضل علينا منه

    ال إله إال هو حبظ فهو الذي ال خييب رجاء من قصده بأمله و هو القادر على كل شيء ا صح أن العامل خملوق وأن له خالقا مل وهذا حني نبدأ يف ذلك حبول اهللا وقوته فنقول وباهللا تعاىل التوفيق إنه مليزل عز و جل وصح أنه ابتعث رسوله حممدا صلى اهللا عليه و سلم إىل مجيع الناس ليتخلص من أطاعه من

    بنا إىل اجلنة املعدة ألوليائه عز و جل وليكب من عصاه يف النار احلامية وصح أنه ألزمنا أطباق النريان احمليطةعلى لسان نبيه صلى اهللا عليه و سلم شرائع من أوامر ونواه وإباحات باستعمال تلك الشرائع يوصل إىل الفوز

    صلى اهللا عليه و سلم وينجي من اهلالك وصح أنه أودع تلك الشرائع يف الكالم الذي أمره به رسوله اهللا

  • بتبليغه إلينا ومساه قرآنا ويف الكالم الذي أنطق به رسوله صلى اهللا عليه و سلم ومساه وحيا غري قرآن وألزمنا يف كل ذلك طاعة نبيه عليه السالم لزمنا تتبع تلك الشرائع يف هذين الكالمني لنتخلص بذلك من العذاب وحنصل

    لود على السالمة واحلظوة يف دار اخل

    وما كان املؤمنون لينفروا كآفة فلوال نفر من كل فرقة { ووجدناه تعاىل قد ألزمنا ذلك بقوله يف كتابه املنزل فوجب علينا أن ننفر ملا } منهم طآئفة ليتفقهوا يف الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم حيذرون

    آن الذي قد ثبت أنه من قبله عز و جل والذي أودعه استنفرنا له خالقنا عز و جل فوجدناه قد قال يف القريا أيها الذين آمنوا أطيعوا اهللا وأطيعوا الرسول وأويل األمر منكم فإن تنازعتم يف شيء { عهوده إلينا الالزمة لنا

    } فردوه إىل اهللا والرسول إن كنتم تؤمنون باهللا واليوم اآلخر ذلك خري وأحسن تأويال يف هذه اآلية فوجدناها جامعة لكل ما تكلم الناس فيه أوهلم عن آخرهم مما أمجعوا عليه قال أبو حممد فنظرنا

    واختلفوا فيه األحكام والعبادات اليت شرعها اهللا عز و جل ال يشذ عنها شيء من ذلك فكان كتابنا هذا كله له عليه السالم وطاعة أويل األمر يف بيان العمل هبذه اآلية وكيفيته وبيان الطاعتني املأمور هبما هللا تعاىل ولرسو

    ومن هم أولو األمر وبيان التنازع الواقع منا وبيان ما يقع فيه التنازع بيننا وبيان رد ما تنوزع فيه إىل اهللا تعاىل ورسوله عليه السالم وهذا هو مجاع الديانة كلها

    لغري اهللا به واملنخنقة واملوقوذة حرمت عليكم امليتة والدم وحلم اخلنزير ومآ أهل{ ووجدناه قد قال تعاىل واملتردية والنطيحة ومآ أكل السبع إال ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا باألزالم ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فال ختشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأمتمت عليكم نعميت

    فأيقنا أن الدين قد } مصة غري متجانف إلمث فإن اهللا غفور رحيم ورضيت لكم األسالم دينا فمن اضطر يف خم كمل وتناهى وكل ما كمل فليس ألحد أن يزيد فيه وال أن ينقص منه وال أن يبدله

    فصح هبذه اآلية يقينا أن الدين كله ال يؤخذ إال عن اهللا عز و جل مث على لسان رسول اهللا صلى اهللا عليه و ا أمر ربنا عز و جل وهنيه وإباحته ال مبلغ إلينا شيئا عن اهللا تعاىل أحد غريه سلم فهو الذي يبلغ إلين

    وهو عليه السالم ال يقول شيئا من عند نفسه لكن عن ربه تعاىل مث على ألسنة أويل األمر منا فهم الذين يبلغون هلم أن يقولوا من عند إلينا جيال بعد جيل ما أتى به رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم عن اهللا تعاىل وليس

    أنفسهم شيئا أصال لكن عن النيب عليه السالم هذه صفة الدين احلق الذي كل ما عداه فباطل وليس من

    الدين إذ ما مل يكن من عند اهللا تعاىل فليس من دين اهللا أصال وما مل يبينه رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم فليس لو األمر منا عن رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم فليس من الدين أصال من الدين أصال وما مل يبلغه إلينا أو

    فبينا حبول اهللا تعاىل وقوته غلط من غلط يف هذا الباب بأن ترك ما هو من الدين خمطئا غري عامد للمعصية أو ني إما ترك عامدا هلا أو أدخل فيه ما ليس منه كذلك فال خيرج البتة اخلطأ يف أحكام الديانة عن هذين الوجه

    وإما زيادة وخلصنا احلق تلخيصا ال يشكل على نصح نفسه وقصد اهللا عز و جل بنيته وما توفيقنا إال باهللا عز و جل

    وجعلنا كتابنا هذا أبوابا لنقرب على من أراد النظر فيه ويسهل عليه البحث عما أراد الوقوف عليه منه رغبة طلبه ورجاء ث واب اهللا عز و جل يف ذلك وباهللا تعاىل نتأيد منا يف إيصال العلم إىل من

  • باب ترتيب األبواب وهو الباب الثاين إذ الباب األول يف صدر هذا الكتاب وذكر الغرض فيه وهو الذي مت قبل هذا االبتداء

    الباب الثاين هذا الذي حنن فيه وهو ترتيب أبواب هذا الكتاب يدركه على احلقيقة وبيان غلط من ظن يف العقل ما ليس فيه الباب الثالث يف إثبات حجج العقل وبيان ما

    الباب الرابع يف كيفية ظهور اللغات اليت يعرب هبا عن مجيع األشياء ويتخاطب هبا الناس الباب اخلامس يف األلفاظ الدائرة بني أهل النظر

    الباب السادس هل األشياء يف العقل على احلظر أو اإلباحة نها لكن على ترقب ما يرد فيها من خالقها عز و جل أو ال على واحد م

    الباب السابع يف أصول أحكام الديانة وأقسام املعارف وهل على النايف دليل أو ال الباب الثامن يف معىن البيان

    الباب التاسع يف تأخري البيان الباب العاشر يف القول مبوجب القرآن

    السننالباب احلادي عشر يف األخبار اليت هي

    ويف بعض فصول هذا الباب سبب االختالف الواقع بني األئمة الباب الثاين عشر يف األوامر والنواهي الواردة يف القرآن والسنة واألخذ بالظاهر منهما ومحل كل ذلك على

    الوجوب والفور أو الندب أو التراخي

    الباب الثالث عشر يف محلها على العموم أو اخلصوص عشر يف أقل اجلمع الوارد فيها الباب الرابع

    الباب اخلامس عشر يف االستثناء منها الباب السادس عشر يف الكتابة بالضمري الباب السابع عشر يف الكتابة باإلشارة

    الباب الثامن عشر يف اجملاز والتشبيه غه فيقره صامتا عن األمر به الباب التاسع عشر يف أفعال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم ويف الشيء يراه أو يبل

    أو النهي عنه الباب املويف عشرين يف النسخ الباب احلادي والعشرون يف املتشابه من القرآن واحملكم والفرق بينه وبني املتشابه املذكور يف احلديث بني

    احلالل واحلرام الباب الثاين والعشرون يف اإلمجاع

    ل وبطالن العقود والشروط إال ما نص عليه منها أو أمجع على الباب الثالث والعشرون يف استصحاب احلا صحته وهو باب من الدليل اإلمجاعي

    الباب الرابع والعشرون يف أقل ما قيل وهو أيضا نوع من أنواع الدليل اإلمجاعي

  • الباب اخلامس والعشرون يف ذم االختالف والنهي عنه ائر األقوال كلها خطأ الباب السادس والعشرون يف أن احلق يف واحد وس

    الباب السابع والعشرون يف الشذوذ ومعىن هذه اللفظة وإبطال التمويه بذكرها الباب الثامن والعشرون يف تسمية الفقهاء املعتد هبم يف اخلالف بعد الصحابة رضي اهللا عنهم

    الباب التاسع والعشرون يف الدليل النظري والفرق بينه وبني القياس

    ثالثني يف لزوم الشريعة اإلسالمية لكل مؤمن وكافرالباب املويف

    ووقت لزوم الشرائع لإلنسان الباب احلادي والثالثون يف صفة طلب الفقه وصفة املفيت وصفة االجتهاد وما يلزم لكل واحد طلبه من دينه

    اخلطأ غري املقصود الباب الثاين والثالثون يف وجوب النيات يف األعمال والفرق بني اخلطأ املقصود بال نية والعمد املقصود بالفعل والنية مجيعا وحيث يلحق عمل املرء غريه من إمث وبر وحيث ال يلحق

    الباب الثالث والثالثون يف شرائع األنبياء قبل نبينا صلى اهللا عليه و سلم أتلزمنا أم ال الباب الرابع والثالثون يف االحتياط وقطع الذرائع

    الثون يف إبطال االستحسان واالستنباط والرأي الباب اخلامس والث الباب السادس والثالثون يف إبطال التقليد الباب السابع والثالثون يف دليل اخلطاب الباب الثامن والثالثون يف إبطال القياس

    ة اليت هي العلل الباب التاسع والثالثون يف إبطال العلل اليت يدعيها أهل القياس والفرق بينها وبني العلل الطبيعي على احلقيقة والكالم يف األسباب واألغراض واملعاين والعالمات واألمارات

    يه أنه الباب املويف أربعني يف االجتهاد ما هو وبيانه ومن هو معذور باجتهاده ومن ليس معذورا به ومن يقطع عليما أداه إليه اجتهاده ومن ال يقطع عليه أنه خم طىء عند اهللا عز و جل وإن خالفناه أخطأ عند اهللا عز و جل ف

    يف إثبات حجج العقول

    قال أبو حممد قال قوم ال يعلم شيء إال باإلهلام وقال آخرون اليعلم شيء إال بقول اإلمام وهو عندهم رجل بعينه إال أنه اآلن منذ مائة عام وسبعني عاما معدوم املكان متلف العني ضالة من الضوال

    شيء إال باخلرب وقال آخرون ال يعلموقال آخرون ال يعلم شيء إال بالتقليد واحتجوا يف إبطال حجة العقل بأن قالوا قد يرى اإلنسان يعتقد بشيء

    وجيادل عنه وال يشك يف أنه حق مث يلوح له غري ذلك فلو كانت حجج العقول صادقة ملا تغريت أدلتها

    يت حجج العقول يف رجوع من رجع عن مذهب كان يعتقده قال أبو حممد هذا متويه فاسد وال حجة هلم على مثبا فهو حمق فيه وال قلنا إن كل ما استدل به مستدل ما على ويناضل عنه ألننا مل نقل إن كان معتقد ملذهب م

    حق مذهبه فهو

  • ولو قلنا ذلك لفارقنا حكم العقول ا لكن قلنا إن من االستدالل ما يؤدي إىل مذهب صحيح إذا كان االستدال ل صحيحا مرتبا ترتيبا قوميا على م

    قد بيناه وأحكمناه غاية اإلحكام يف كتاب التقريب وقد يوقع االستدالل إذا كان فاسدا على مذهب فاسد وذلك إذا خولف به طريق االستدالل الصحيح وقد

    ملذكور ومل ندع نبهنا على الشعاب والعوارض املعترضة يف طريق االستدالل وبيناها وحذرنا منها يف الكتاب ا هنالك يف تبيني كل ما ذكرناه علقة وأوضحناه غاية اإليضاح

    فالراجع عن مذهب إىل مذهب ال بد له ضرورة من أن يكون أحد استدالليه فاسدا إما األول وإما الثاين وقد يكونان معا فاسدين فيتنقل من مذهب فاسد إىل مذهبه فاسد

    ن مذهب فاسد إىل مذهب صحيح أو من مذهب صحيح إىل مذهب فاسد أو م ال بد من أحد هذه الوجوه وال جيوز أن يكونا صحيحني معا البتة ألن الشيء ال يكون حقا بإطالق يف وقت واحد من وجه واحد

    وقد يكون أقساما

    مل كثرية كلها باطل إال واحدا فينتقل املرء من قسم فاسد منها إىل آخر فاسد وهذا إمنا يعرض ملن غنب عقله وينعم النظر فمال هبوى أو هتور بشهوة أو أحجم لفرط جبنه أو ملن كان جاهال بوجوه طرق االستدالل

    الصحيحة مل يطالعها وال تعلمها وأكثر ما يقع ذلك فيما يأخذ من مقدمات بعيدة فكان الطريق املؤدي من أوائل املعارف إىل صحة املذهب

    ها الذهن الكليل ويدخل مع طول األمر وكثرة العمل ودقته السآمة املطلوب طريقا بعيدا كثري الشعب فيكل فيفيتولد فيها الشك واخلبال والسهو كما يدخله ذلك على احلاسب يف حسابه على أن احلساب علم ضروري ال يتناقض فيجد أعدادا متفرقة يف قرطاس فإذا أراد احلاسب مجعها فإن كثرت جدا فرمبا غفل وغلط حىت إذا حقق

    ومل يشغل خاطره بشيء وقف على اليقني بال شك وتثبتهذا شيء يوجد حسا كما ترى وقد يدخل أيضا على احلواس فريى املرء بعينه شخصا فرمبا ظنه زيدا وكابر

    عليه حىت إذا تثبت فيه علم أنه عمرو وهكذا يعرض يف الصوت املسموع ويف املشموم ويف امللموس ويف املذوق لبه املرء وهو بني يديه يف مجلة أشياء كثرية فيطول عناؤه يف طلبه ويتعذر عليه وقد يعرض ذلك الشيء يط

    وجوده مث جيده بعد ذلك فال يكون عدم وجوده إياه مبطال لكونه بني يديه حقيقة فكذلك يعرض يف االستدالل وليس شيء من ذلك مبوجب بطالن صحة إدراك احلواس وال صحة إدراك العقل الذي به علمت صحة ما

    ا يعرض أدركته احلواس ولواله مل نعلم أصال كما أن حواس اجملنون املطبق واملغشي عليه ال يكاد ينتفع هبا وقل مهذا يف أعداد يسرية وال فيما أخذ مبقدمات قريبة من أوائل املعارف وال سبيل إىل أن يعرض ذلك فيما أوجبته

    نه كاذب وأنه مبطل وقاح أو ملرور ممسوس ينبغي أن يعاجل أوائل املعارف إال لسوفسطائي رقيع يعلم يقينا بقلبه أ دماغه فهذا معذور وإمنا نكلم األنفس لسنا نقصد بكالمنا األلسنة

    وال علينا قصر األلسنة باحلجة إىل اإلذعان باحلق وإمنا علينا قسر األنفس إىل تيقن معرفته فقط آخر أن ذلك كله حجج عقل تفاسدت إمنا هو فهذا الذي ظنوه من رجوع من كان على مذهب ما إىل مذهب

  • خطأ صريح فمن هنا دخلت عليهم الشبهة وإمنا بيان ذلك أن ما كان من الدالئل صحيحا مسبورا حمققا فهو حجة العقل وما كان

    ا ظنوا واحلمد هللا رب العاملني منها خبالف ذلك فليست حجة عقل بل العقل يبطلها فسقط محكام واحلمد هللا رب العاملني يف باب أفردناه هلذا املعىن يف آخر كتابنا املوسوم بالفصل وقد أحكمنا هذا غاية اإل

    ترمجته

    )باب الكالم على من قال بتكافؤ األدلة (

    وقد سألوا أيضا فقالوا بأي شيء عرفتم صحة حجة العقل أحبجة عقل أم بغري ذلك فإن قلتم عرفناها حبجة تم بغري ذلك فهاتوه العقل ففي ذلك نازعناكم وإن قل

    قال أبو حممد وهذا سؤال مبطل احلقائق كلها واجلواب على ذلك وباهللا تعاىل التوفيق أن صحة ما أوجبه العقل عرفناه بال واسطة وبال زمان ومل يكن بني أول أوقات فهمنا وبني معرفتنا بذلك مهلة البتة ففي أول أوقات

    كل شخص فهو غري الشخص اآلخر وأن الشيء ال يكون قائما قاعدا فهمنا علمنا أن الكل أكثر من اجلزء وأن ا توجبه احلواس وكلما مل يكن بني أول يف حال واحدة وأن الطويل أمد من القصري وهبذه القوة عرفنا صحة م

    أوقات معرفة املرء وبني معرفته به مهلة وال زمان فال وقت لالستدالل فيه وال يدري أحد كيف وقع له ذلك إال نه فعل اهللا عز و جل يف النفوس فقط أ

    مث من هذه املعرفة أنتجنا مجيع الدالئل مث نقول له إن كنت مسلما بالقرآن يوجب صحة حجج العقول على ما سنورده يف آخر هذا الباب إن شاء اهللا

    تعاىل فإن كالمنا يف هذا الديوان إمنا هو مع أهل ملتنا م فقد أجبناه عن هذا السؤال يف كتابنا املوسوم بالفصل وكتابنا املوسوم وأما إن كان املكلم به لنا غري مسل

    بالتقريب وتقصينا هذا الشك وبينا خطأه بعون اهللا تعاىل وليس كتابنا هذا مكان الكالم مع هؤالء االنفصال قال أبو حممد ويقال ملن قال بإهلام ما الفرق بينك وبني من ادعى أنه أهلم بطالن قولك فال سبيل له إىل

    عنه والفرق بني هذه الدعوى ودعوى من ادعى أنه يدرك بعقله خالف ما يدركه ببديهة العقل وبني ما ال يدركه بأوائل العقل أن كل من يف املشرق واملغرب إذا سئل عما ذكرناه أننا عرفناه بأوائل العقل أخرب مبثل ما خنرب

    هم بأوله عقله ال يتفق اثنان منهم على ما يدعيه كل واحد سواء وأن املدعني لإلهلام وإلدراك ما يدركه غري منهم

    إهلاما أو إدراكا فصح بال شك أهنم كذبة وأن الذي هبم وسواس

    وأيضا فإن اإلهلام دعوى جمردة من الدليل ولو أعطي كل امرىء بدعواه املعراة ملا ثبت حق وال بطل باطل وال مل وال صحت ديانة أحد أبدا ألنه ال يعجز أحد عن أن يقول استقر ملك أحد على مال وال انتصف من ظا

  • أهلمت أن دم فالن حالل وأن ماله مباح يل أخذه وأن زوجه مباح يل وطؤها وهذا ال ينفك منه وقد يقع يف النفس وساوس كثرية ال جيوز أن تكون حقا وأشياء متضادة يكذب بعضها بعضا فال بد من حاكم مييز احلق

    وليس ذلك إال العقل الذي ال تتعارض دالئله منها من الباطل وقد بينا ذلك يف كتاب التقريب

    وقال أبو حممد ويقال ملن قال باإلمام بأي شيء عرفت صحة قول اإلمام أبربهان أم مبعجزة أم بإهلام أم بقوله جمردا

    السيما اآلن وهم يقرون أنه فإن قال بربهان كلف بأن يأيت به وال سبيل له إليه وإن قال مبعجزة ادعى البهتانقد خفي عنهم موضعه منذ مائة وسبعني عاما وإن قالوا باإلهلام سئلوا مبا ذكرنا يف إبطال اإلهلام وإن قالوا بقوله جمردا سئلوا عن الفرق بني قوله وقول خصومهم يف إبطال مذاهبهم دون دليل وال سبيل إىل وجه خامس أصال

    بالتقليد ما الفرق بينك وبني من قلد غري الذي قلدت أنت بل كفر من قلدته أنت قال أبو حممد ويقال ملن قال أو جهله

    فإن أخذ يستدل يف فضل من قلده كان قد ترك التقليد وسلك يف طريق االستدالل من غري التقليد وقد أفردنا وفيق يف إبطال التقليد بابا ضخما قرب آخر كتابنا هذا استوعبنا فيه إبطاله وباهللا الت

    قال أبو حممد علي ويقال ملن قال ال يدرك شيء إال من طريق اخلرب أخربنا اخلرب كله حق أم كله باطل أم منه حق وباطل فإن قال هو باطل كله كان قد أبطل ما ذكر أنه ال يعلم شيء إال به ويف هذا إبطال قوله وإبطال

    زمه ترك مذهبه لذلك أو اعتقاد الشيء وضده يف مجيع العلم وإن قال حق كله عورض بأخبار مبطلة ملذهبه فلوقت واحد وذلك ما ال سبيل إليه وكل مذهب أدى إىل احملال وإىل الباطل فهو باطل ضرورة فلم يبق إال أن

    من اخلرب

    حقا وباطال فإذا كان كذلك بطل أن يعلم صحة اخلرب بنفسه إذ ال فرق بني صورة احلق منه وصورة الباطل فال ل يفرق بينهما وليس ذلك إال حلجة العقل املفرقة بني احلق والباطل بد من دلي

    قال أبو حممد علي مث يقال جلميعهم بأي شيء عرفتم صحة ما تدعون إليه وصحة التوحيد والنبوة ودينك الذي أنت عليه أبعقل ذلك على صحة كل ذلك أم بغري عقل وبأي شيء عرفت فضل من قلدت أو صحة ما ادعيت

    مته بعد أن مل تكن ملهما إليه وال مقلدا له برهة من دهرك وبأي شيء عرفت صحة ما بلغك من األخبار أنك أهلبعد أن مل تكن بلغتك وهل لك من عقل أم ال عقل لك فإن قال عرفت كل ذلك بال عقل وال عقل يل فقد

    ف باخلطأ فقد زادنا يف نفسه منزلة مل كفينا مؤنته وبلغنا يف نفسه أكثر مما رغبنا منه فإننا إمنا رغبنا منه االعترانرغبها منه وسقط الكالم معه ولزمنا السكوت عنه وإال كنا يف نصاب من يكلم السكارى الطافحني واجملانني

    املتعرين على الطرق فإن قال يل عقل وبعقلي عرفت ما عرفت فقد أثبت العقل وترك مذهبه الفاسد ضرورة

    فلذلك فدع وستقم كمآ { ل اجلدال واملناظرة بآيات ذكروها وهي قوله تعاىل قال أبو حممد واحتجوا يف إبطاألعدل بينكم هللا ربنا وربكم لنآ أعمالنا أمرت وال تتبع أهوآءهم وقل آمنت مبآ أنزل هللا من كتاب وأمرت

    ا ستجيب له ولكم أعمالكم ال حجة بيننا وبينكم هللا جيمع بيننا وإليه ملصري ولذين حيآجون يف هللا من بعد م

  • } حجتهم داحضة عند رهبم وعليهم غضب وهلم عذاب شديد قال أبو حممد وهذه اآلية مبينة وجه اجلدال املذموم وهو قوله تعاىل فيمن حياج بعد ظهور احلق وهذه صفة املعاند

    للحق اآليب من قبول احلجة بعد ظهورها وهذا مذموم عند كل ذي عقل } تنا خري أم هو ما ضربوه لك إال جدال بل هم قوم خصمون وقالوا أآهل{ ومنها قوله تعاىل

    قال أبو حممد وإمنا ذم تعاىل يف هذه اآلية من خاصم وجادل يف الباطل وعارض اآلهلة اليت كانوا يعبدون من حجارة ال تعقل بعيسى النيب العبد املؤيد باملعجزات من إحياء املوتى وغري ذلك

    فإن حآجوك فقل { ومنها قوله تعاىل } ن جيادلون يف آياتنا ما هلم من حميص ويعلم لذي{ ومنها قوله تعاىل أسلمت وجهي هللا ومن تبعن وقل للذين أوتوا لكتاب وألميني أأسلمتم فإن أسلموا فقد هتدوا وإن تولوا فإمنا

    } عليك لبالغ وهللا بصري بلعباد فصح هبذه اآلية أن كالم اهللا تعاىل ال } ان ضعيفا يريد هللا أن خيفف عنكم وخلق إلنس{ قال أبو حممد قال تعاىل

    ا يقينا أن الذي أمر به تعاىل هو غري يتعارض وال خيتلف فوجدناه تعاىل أثىن على اجلدال باحلق وأمر به فعلمنالذي هنى عنه بال شك فنظرنا يف ذلك لنعلم وجه اجلدال املنهي عنه املذموم ووجه اجلدال املأمور به احملمود ألنا

    ووجدناه } ومن أحسن قوال ممن دعآ إىل هللا وعمل صاحلا وقال إنين من ملسلمني { قد وجدناه تعاىل قد قال دع إىل سبيل ربك بلحكمة وملوعظة حلسنة وجادهلم بليت هي أحسن إن ربك هو أعلم مبن ضل { تعاىل قد قال

    ية وعلم فيها تعاىل مجيع آداب اجلدال فكان تعاىل قد أوجب اجلدال يف هذه اآل} عن سبيله وهو أعلم بلمهتدين كلها من الرفق والبيان والتزام احلق والرجوع إىل ما أوجبته احلجة القاطعة

    قل فأتوا بكتاب من عند هللا هو أهدى منهمآ أتبعه إن كنتم صادقني فإن مل يستجيبوا لك فعلم أمنا { وقال تعاىل } من هللا إن هللا ال يهدي لقوم لظاملني يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن تبع هواه بغري هدى

    ومل يأمر اهللا عز و جل رسوله صلى اهللا عليه و سلم أن يقول هذا شكا يف صدق ما يدعو إليه ولكن قطعا حلجتهم وحسما لدعواهم وإلزاما هلم مثل ما التزم هلم من رجوعه إىل األهدى واتباعه األمر األصوب وإعالما

    ى قوله يصري هبا أهدى من قول لنا أن من مل يأت حبجة عل

    خصمه ويبني أن الذي يأيت به هو من عند اهللا عز و جل فليس صادقا وإمنا هو متبع هلواه ا يف لسماوات وما يف ألرض إن عندكم من سلطان هبذآ { وقال تعاىل قالوا ختذ هللا ولدا سبحانه هو لغين له م

    } على هللا لكذب ال يفلحون أتقولون على هللا ما ال تعلمون قل إن لذين يفترونقال أبو حممد ففي هذه اآلية بيان أنه ال يقبل قول أحد إال حبجة والسلطان ههنا بال اختالف من أهل العلم

    واللغة هو احلجة وإن من مل يأت على قوله حبجة فهو مبطل بنص حكم اهللا عز و جل وأنه مفتر على اهللا تعاىل تأويل وال تبديل وأنه ال يفلح إذا قال قولة ال يقيم على صحتها حجة وكاذب عليه عز و جل بنص اآلية ال

    قاطعة ووجدناه تعاىل قد علمنا يف هذه اآليات وجوه اإلنصاف الذي هو غاية العدل يف املناظرة وهو أنه من أتى بربهان ظاهر وجب االنصراف إىل قوله

    شكا فيها وال خوفا منه أن يأتينا أحد مبا يفسدها وهكذا نقول حنن اتباعا لربنا عز و جل بعد صحة مذاهبنا الولكن ثقة منا بأنه ال يأيت أحد مبا يعارضها به أبدا ألننا وهللا احلمد أهل التخليص والبحث وقطع العمر يف طلب

  • تصحيح احلجة واعتقاد األدلة قبل اعتقاد مدلوالهتا حىت وفقنا وهللا تعاىل احلمد على ما ثلج اليقني وتركنا أهل اجلهل والتقليد يف ريبهم يترددون

    وكذلك نقول فيما مل يصح عندنا حىت اآلن فنقول جمدين مقرين إن وجدنا ما هو أهدى منه اتبعناه وتركنا ما حنن عليه

    وإمنا هذا يف مسائل تعارضت فيها األحاديث واآلي يف ظاهر اللفظ ومل يقم لنا بيان الناسخ من املنسوخ فيها وردت فيها أحاديث مل تثبت عندنا ولعلها ثابتة يف نقلها فإن بلغنا ثباهتا صرنا إىل القول هبا إال فقط أو يف مسائل

    أن هذا يف أقوالنا قليل جدا واحلمد هللا رب العاملني وال جتادلوا أهل لكتاب إال بليت هي أحسن إال لذين { وأما سائر مذاهبنا فنحن منها على غاية اليقني وقال تعاىل

    فأمر عز و جل } منهم وقولوا آمنا بلذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإهلنا وإهلكم واحد وحنن له مسلمون ظلموا

    كما ترى بإجياب املناظرة يف رفق وباإلنصاف يف اجلدال وترك التعسف والبذاء واالستطالة إال على من بدأ بشيء من ذلك فيعارض حينئذ مبا ينبغي

    إن ستطعتم أن تنفذوا من أقطار لسماوات وألرض فنفذوا ال تنفذون إال ميعشر جلن وإلنس{ وقال تعاىل وذر الذين ختذوا دينهم لعبا وهلوا وغرهتم حلياة لدنيا { والسلطان احلجة كما ذكرنا وقال تعاىل } بسلطان

    وذكر به أن تبسل نفس مبا كسبت ليس هلا من دون هللا ويل وال شفيع وإن تعدل كل عدل ال يؤخذ منهآ } لئك لذين أبسلوا مبا كسبوا هلم شراب من محيم وعذاب أليم مبا كانوا يكفرون أو

    فذكر عز و جل تقدير إبراهيم عليه السالم قومه على نقله الكواكب والشمس والقمر اليت كانوا يعبدون من براهيم على وتلك حجتنآ آتيناهآ إ{ دون اهللا وأن ذلك لدليل على خلقها وبرهان على حدوثها فقال عز و جل

    } قومه نرفع درجات من نشآء إن ربك حكيم عليم وقد أمرنا تعاىل يف نص القرآن باتباع ملة إبراهيم عليه السالم وخربنا تعاىل أن من ملة إبراهيم احملاجة واملناظرة

    باطل إىل فمرة للملك ومرة لقومه واالستدالل كما أخربنا تعاىل عنه ففرض علينا اتباع املناظرة لنصرف أهل ال احلق وأن نطلب الصواب باالستدالل فيما اختلف فيه املختلفون

    فنحن } إن أوىل لناس بإبراهيم للذين تبعوه وهذا لنيب ولذين آمنوا وهللا ويل ملؤمنني { قال اهللا عز و جل بذلك املتبعون إلبراهيم عليه السالم يف احملاجة واملناظرة فنحن أوىل الناس به وسائر الناس مأمورون

    ومن ملته املناظرة كما ذكرنا } قل صدق هللا فتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من ملشركني { قال اهللا تعاىل فمن هنى عن املناظرة واحلجة فليعلم أنه عاص هللا عز و جل وخمالف مللة إبراهيم وحممد صلى اهللا عليهما

    عليك نبأهم بلحق إهنم فتية آمنوا برهبم وزدناهم حنن نقص{ قال اهللا عز و جل وقد أثىن على أصحاب الكهف فأثىن اهللا عز و جل عليهم يف إنكارهم قول قومهم إذ مل يقم قومهم على قوهلم حجة بينة وصدقهم تعاىل } هدى

    يف قوهلم أن من ادعى قوال بال دليل فهو مفتر على اهللا عز و جل الكذب

    ممن قامت عليه } أعرض عنهآ إنا من جملرمني منتقمون ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه مث{ وقال تعاىل فال أظلم احلجة من كتاب اهللا تعاىل ومن كالم نبيه صلى اهللا عليه و سلم فأعرض عنه وهو احلجة القاطعة والربهان

    لذين يأكلون لربا ال يقومون إال كما يقوم لذي يتخبطه لشيطان من ملس ذلك بأهنم { الصادع وقال اهللا تعاىل

  • الوا إمنا لبيع مثل لربا وأحل هللا لبيع وحرم لربا فمن جآءه موعظة من ربه فنتهى فله ما سلف وأمره إىل هللا ومن قبل تبع لذين ظلموا أهوآءهم بغري علم فمن يهدي { وقال تعاىل } عاد فأولئك أصحاب لنار هم فيها خالدون

    ما اتبع قوال وافقه بال علم بصحته فهو ظامل وإن فأخرب تعاىل كما تسمع أن } من أضل هللا وما هلم من ناصرين فإن مل يستجيبوا لك فعلم أمنا يتبعون { من مل يرجع إىل ما يسمع من احلق فهو من أهل النار وقال تعاىل

    أنكر اهللا تعاىل أن يكذب املرء } أهوآءهم ومن أضل ممن تبع هواه بغري هدى من هللا إن هللا ال يهدي لقوم لظاملني علم مبا ال ي

    بل كذبوا مبا مل حييطوا بعلمه وملا يأهتم تأويله كذلك كذب لذين من قبلهم فنظر كيف كان عاقبة { فقال تعاىل فصح بكل ما ذكرنا الوقوف عما ال نعلم والرجوع إىل ما أوجبته احلجة بعد قيامها } لظاملني

    } ه أليس يف جهنم مثوى للكافرين ومن أظلم ممن فترى على هللا كذبا أو كذب بلحق ملا جآء{ وقال تعاىل ا قامت عليه احلجة قال أبو حممد يف هذه اآلية كفاية يف إجياب أال يصدق أحد مبا مل تقم عليه حجة وأال يأيت ما ذكرنا وأخذ بوسواس يقوم يف نفسه أو خبرب مل يقم على وجوب تصديقه برهان أو قلد فمن أظلم ممن عرف م

    تعاىل على خالف ما يظن وعلى كل حال فهو معصوم لكن خيطىء ويصيب إنسانا مثله لعله عند اهللا وقالوا لن يدخل جلنة إال من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم { وقال تعاىل

    دعواه فعليه أن يأيت بالربهان وإن مل يأت بالربهان فهو كاذب } صادقني فأوجب تعاىل أن من كان صادقا يف طل أو جاهل مب

    يما ليس لكم به علم وهللا يعلم وأنتم ال { وقال تعاىل هأنتم هؤالء حاججتم فيما لكم به علم فلم حتآجون ف فلم يوجب تعاىل احملاجة إال بعلم ومنع منها بغري علم } تعلمون

    سبعة وثامنهم سيقولون ثالثة رابعهم كلبهم ويقولون مخسة سادسهم كلبهم رمجا بلغيب ويقولون { وقال تعاىل } كلبهم قل ريب أعلم بعدهتم ما يعلمهم إال قليل فال متار فيهم إال مرآء ظاهرا وال تستفت فيهم منهم أحدا

    قال أبو حممد فلما وجدنا اهللا تعاىل قد أمر يف اآليات اليت ذكرنا باحلجاج واملناظرة ومل يوجب قبول شيء إال ا نرسل ملرسلني إال مبشرين { ى ما قدمناه فوجدناه قد قال بربهان وجب علينا تطلب احلجاج املذموم عل وم

    فذم تعاىل كما ترى } ومنذرين وجيادل لذين كفروا بلباطل ليدحضوا به حلق وختذوا آيايت وما أنذروا هزوا اجلدال بغري حجة واجلدال يف الباطل وأبطل تعاىل بذلك قول اجملانني كل مفتون ملقن حجة وبني تعاىل أن

    ن هو الذي ال يلقن حجة وأن احملق هو امللقن حجة على احلقيقة وهم أهل احلق املفتولذين جيادلون يف آيات هللا بغري سلطان أتاهم كرب مقتا عند هللا وعند لذين آمنوا كذلك يطبع هللا { وقال تعاىل

    } على كل قلب متكرب جبار لواجب فالواجب هو الذي جيادل متوليه يف إظهار فقد مجعت هذه اآليات بيان اجلدال املذموم واجلدال احملمود ا

    احلق واملذموم وجهان بنص اآليات اليت ذكرنا أحدمها من جادل بغري علم والثاين من جادل ناصرا للباطل بشغب ومتويه بعد ظهور احلق إليه ويف هذا بيان أن احلق يف واحد وأنه ال شيء إال ما قامت عليه حجة العقل

    وقوله } أمل تر إىل لذين جيادلون يف آيات هللا أىن يصرفون { م الذين قال اهللا تعاىل فيهم وهؤالء املذمومون هومن لناس من جيادل يف هللا { وقوله تعاىل } ومن لناس من جيادل يف هللا بغري علم ويتبع كل شيطان مريد { تعاىل

  • ا خزي ونذيقه يوم لقيامة عذاب بغري علم وال هدى وال كتاب منري ثاين عطفه ليضل عن سبيل هللا له يف لدنيا جيادل يف آيات هللا إال لذين كفروا فال يغررك تقلبهم يف لبالد كذبت قبلهم قوم نوح { وبقوله تعاىل } حلريق م

    وألحزاب من بعدهم

    فبني تعاىل } ومهت كل أمة برسوهلم ليأخذوه وجادلوا بلباطل ليدحضوا به حلق فأخذهتم فكيف كان عقاب جلدال احملرم هو اجلدال الذي جيادل به لينصر الباطل ويبطل احلق بغري علم كما ترى أن ا

    يقوم لكم مللك ليوم { قال أبو حممد ويقال ملن أىب عن مطالبته اجلدال ومعاناة طلب الربهان أن فرعون قال إال سبيل ظاهرين يف ألرض فمن ينصرنا من بأس هللا إن جآءنا قال فرعون مآ أريكم إال مآ أرى ومآ أهديكم

    فبأي شيء يعرف احملق منهما من املبطل هل جيوز } وقال لذي آمن يقوم تبعون أهدكم سبيل لرشاد } { لرشاد أن يعرف ذلك إال بدالئل غري كالمها

    فهذا كالم العزيز اجلبار اخلالق البارىء قد نصصناه يف اتباع الربهان وتكذيب قول من ال حجة يف يديه وهو ما خالفه الذي ال يسع مسل

    ال قول من قال اذهب إىل شاك مثلك فناظره فيقال له أترى رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم كان شاكا إذ علمه ربه تعاىل جمادلة أهل الكتاب وأهل الكفر وأمره بطلب الربهان وإقامة احلجة على كل من خالفه وال قول

    عليه أو كالما هذا معناه من قال أو كلما جاء رجل هو أجدل من رجل تركنا ما حنن قال أبو حممد وهذا كالم يستوي فيه مع قائله كل ملحد على ظهر األرض فلئن وسع هذا القائل أال يدع ما

    وجد عليه سلفه بال حجة حلجة ظاهرة واردة عليه ليسعن اليهودي والنصراين أال يدعا ما وجدا عليه سلفهما م الواردة عليهما وحجته القاطعة تقليدا بال برهان وأال يقبال برهان اإلسال

    قالوا يلوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من لليل وال يلتفت منكم { قال اهللا عز و جل أحد إال مرأتك إنه مصيبها مآ أصاهبم إن موعدهم لصبح أليس لصبح بقريب فلما جآء أمرنا جعلنا عاليها

    ا هي من لظاملني ببعيد وإىل مدين أخاهم سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك ومشعيبا قال يقوم عبدوا هللا ما لكم من إله غريه وال تنقصوا ملكيال ومليزان إين أراكم خبري وإين أخاف عليكم ن عذاب يوم حميط ويقوم أوفوا ملكيال ومليزان بلقسط وال تبخسوا لناس أشيآءهم وال تعثوا يف ألرض مفسدي

    بقية هللا خري لكم إن كنتم مؤمنني ومآ أنا عليكم حبفيظ قالوا يشعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد ءاباؤنآ أو أن نفعل يف أموالنا ما نشاء إنك ألنت حلليم لرشيد قال يقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ريب ورزقين منه

    أريد إال إلصالح ما ستطعت وما توفيقي إال بلله عليه رزقا حسنا ومآ أريد أن أخالفكم إىل مآ أهناكم عنه إن ا توكلت وإليه أنيب ويقوم ال جيرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل مآ أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صاحل ومقوم لوط منكم ببعيد وستغفروا ربكم مث توبوا إليه إن ريب رحيم ودود قالوا يشعيب ما نفقه كثريا مما تقول وإنا

    } فينا ضعيفا ولوال رهطك لرمجناك ومآ أنت علينا بعزيز لنراكقال أبو حممد فإذا قد حض اهللا تعاىل على اجملادلة باحلق وأمر بطلب الربهان فقد صح أن طلب احلجة هي سبيل

    اهللا عز و جل بالنص الذي ذكرنا أن من هنى عن ذلك وصد عنه فهو صاد عن سبيل اهللا تعاىل ظامل ملعون بال إال على عني النص الوارد من قبل اهللا تعاىل وباهللا نعتصم تأويل

  • ما كان ألهل ملدينة ومن حوهلم من ألعراب أن يتخلفوا عن رسول هللا وال يرغبوا بأنفسهم عن { وقال تعاىل نفسه ذلك بأهنم ال يصيبهم ظمأ وال نصب وال خممصة يف سبيل هللا وال يطأون موطئا يغيظ لكفار وال ينالون من

    } و نيال إال كتب هلم به عمل صاحل إن هللا ال يضيع أجر حملسنني عدوال غيظ أغيظ على الكفار واملبطلني من هتك أقواهلم باحلجة الصادعة وقد هتزم العساكر الكبار واحلجة الصحيحة ال تغلب أبدا فهي أدعى إىل احلق وأنصر للدين من السالح الشاكي واألعداد اجلمة وأفاضل

    سلم عندهم فكانوا الصحابة ال ذين ال نظري هلم إمنا أسلموا بقيام الرباهني على صحة نبوة حممد صلى اهللا عليه و أفضل ممن أسلم بالغلبة بال خالف من أحد من املسلمني

    وأول ما أمر اهللا عز و جل نبيه حممدا صلى اهللا عليه و سلم أن يدعو له الناس باحلجة البالغة بال قتال فلما قل فلله حلجة لبالغة فلو شآء هلداكم { ة وعاندوا احلق أطلق اهللا تعاىل السيف حينئذ وقال تعاىل قامت احلج

    } أمجعني } بل نقذف بلحق على لباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم لويل مما تصفون { وقال تعاىل

    ان بل هو لنا أبدا ودامغ وال شك يف أن هذا إمنا هو باحلجة ألن السيف مرة لنا ومرة علينا وليس كذلك الربه لقول خمالفينا ومزهق له أبدا

    ورب قوة باليد قد دمغت بالباطل حقا كثريا فأزهقته منها يوم احلرة ويوم قتل عثمان رضي اهللا عنه ويوم قتل احلسني وابن الزبري رضي اهللا عنهم ولعن قتلتهم وقد قتل أنبياء كثري وما غلبت حجتهم قط

    هللا يعلم ما حتمل كل أنثى وما تغيض { منا عز و جل احلجة على الدهرية يف قوله تعاىل قال أبو حممد وقد عل } ألرحام وما تزداد وكل شيء عنده مبقدار

    وعلمنا احلجة على } ليعلم أن قد أبلغوا رساالت رهبم وأحاط مبا لديهم وأحصى كل شيء عددا { وقوله تعاىل وعلى النصارى } ة إال هللا لفسدتا فسبحان هللا رب لعرش عما يصفون لو كان فيهمآ آهل{ الثنوية بقوله تعاىل

    وعلى مجيع امللل وقد بينا ذلك يف كتابنا املرسوم بكتاب الفصل ورأينا فيه عظيم ما أفادنا اهللا تعاىل يف ذلك من احلكمة والعلم باحملاجة وإظهار الربهان بغاية اإلجياز واالختصار

    سان رسوله صلى اهللا عليه و سلم كما اخربنا عبد اهللا بن الربيع قال أنبأنا حممد بن وقد أمر اهللا باجلدال على لإسحاق بن السليم حدثنا ابن األعرايب أنبأنا أبو داود حدثنا أبو موسى بن إمساعيل ثنا محاد هو ابن سلمة عن

    موالكم وأنفسكم محيد عن أنس بن مالك قال قال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم جاهدوا املشركني بأ وألسنتكم

    قال أبو حممد وهذا حديث يف غاية الصحة وفيه األمر باملناظرة وإجياهبا كإجياب اجلهاد والنفقة يف سبيل اهللا قال أبو حممد وقد علمنا رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم وضع السؤال موضعه وكيفية احملاجة يف احلديث

    عليهما وسلم الذي ذكر حماجة آدم موسى صلى اهللا حدثنا عبد اهللا بن يوسف بن نامي عن أمحد بن فتح عن عبد الوهاب بن عيسى عن أمحد بن حممد عن أمحد بن

    علي عن مسلم بن احلجاج عن ابن أيب عمر املكي وحممد بن حامت وغريمها واللفظ البن حامت كالمها عن سفيان سلم بن عيينة عن عمرو هو ابن دينار عن طاوس قال مسعت أبا هريرة يقول قال رسول اهللا صلى اهللا عليه و

  • احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من اجلنة فقال له آدم أنت موسى الذي اصطفاك اهللا بكالمه وخط لك بيده أتلومين على أمر قدره اهللا علي قبل أن أخلق بأربعني سنة

    فحج آدم موسى سلم وضع املالمة يف غري موضعها فصار حمجوجا وذلك ألنه الم آدم قال أبو حممد فموس ى صلى اهللا عليه و

    سلم على أمر مل يفعله وهو خروج الناس من اجلنة وإمنا هو فعل اهللا عز و جل ولو أن موسى صلى اهللا عليه و أحد ملوما إال الم آدم على خطيئته املوجبة لذلك لكان واضعا للمالمة موضعها ولكان آدم حمجوجا وليس

    على ما يفعله ال على ما تولد من فعله وال مما فعله غريه والكافر إمنا يالم على الفعل ال على دخول النار والقاتل إمنا يالم على فعله ال على موت مقتوله وال على أخذ

    القصاص منه ا رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم يف هذا احلديث كما ترى كيف نسأل عند احملاجة وبني لنا صلى اهللا فعلمن

    { عليه و سلم أن احملاجة جائزة وأن من أخطأ موضع السؤال كان حمجوجا وظهر بذلك قول اهللا عز و جل ا مل تكونوا كمآ أرسلنا فيكم رسوال منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم لكتاب وحلكمة ويعلمكم م

    } تعلمون

    ظنه من يتعسف الكالم وحيرفه عن مواضعه ويطلب فيه ما ليس فيه وليس والذي ذكرنا هو نص احلديث ال ما هذا احلديث من باب إثبات القدر يف شيء وإثبات القدر إمنا يصح من أحاديث أخر وآيات أخر

    قال أبو حممد وقد حتاج املهاجرون واألنصار وسائر الصحابة رضوان اهللا عليهم وحاج ابن عباس اخلوارج بأمر عنه وما أنكر قط أحد من الصحابة اجلدال يف طلب احلق علي رضى اهللا

    فال معىن لقول ملن جاء بعدهم وباجلملة فال أضعف ممن يروم إبطال اجلدال باجلدال

    ويريد هدم مجيع االحتجاج باالحتجاج ويتكلف فساد املناظرة باملناظرة ألنه مقر على نفسه أنه يأيت بالباطل ألن يت يريد إبطال مجلتها حجته هي بعض احلجج ال

    وهذه طريق ال يركبها إال جاهل ضعيف أو معاند سخيف واجلدال الذي ندعو إليه هو طلب احلق ونصره

    وإزهاق الباطل وتبينه طلب احلق وأنكر هدم الباطل فقد أحلد فمن ذم

    وهو من أهل الباطل حقا الرجال إىل اهللا األلد اخلصم أو كما قال صلى اهللا واخلصام بالباطل هو اللدد الذي قال فيه عليه السالم أبغض

    عليه و سلم فإذا قد بطلت كل طريق ادعاها خصومنا يف الوصول إىل احلقائق من اإلهلام والتقليد وثبت أن اخلرب ال يعلم صحته بنفسه وال يتميز حقه من كذبه وواجبه من غري واجبه إال بدليل من غريه فقد صح أن املرجوع إليه

    العقول وموجباهتا وصح أن العقل إمنا هو مميز بني صفات األشياء املوجودات وموقف للمستدل به على حجج

  • حقائق كيفيات األمور الكائنات ومتييز احملال منها وأما من ادعى أن العقل حيلل أو حيرم أو أن العقل يوجد علال موجبة لكون ما أظهر اهللا اخلالق تعاىل يف هذا

    أفاعيله املوجود فيه من الشرائع وغري الشرائع فهو مبنزلة من أبطل موجب العقل مجلة العامل من مجيعومها طرفان أحدمها أفرط فخرج عن حكم العقل والثاين قصر فخرج عن حكم العقل ومن ادعى يف العقل ما

    ليس فيه كمن أخرج منه ما فيه وال فرق قتني معا إحدامها اليت تبطل حجج العقل مجلة وال نعلم فرقة أبعد من طريق العقل من هاتني الفر

    والثانية اليت تستدرك بعقوهلا على خالقها

    عز و جل أشياء مل حيكم فيها رهبم بزعمهم فثقفوها هم ورتبوها رتبا أوجبوا أن ال حميد لرهبم تعاىل عنها وأنه ال جتري أفعاله عز و جل إال حتت قوانينها

    هللا عز و جل إفكا عظيما وأتوا مبا تقشعر منه جلود أهل العقول لقد افترى كال الفريقني على اوقد بينا أن حقيقة العقل إمنا هي متييز األشياء املدركة باحلواس وبالفهم ومعرفة صفاهتا اليت هي عليها جارية على ما هي عليه فقط من إجياب حدوث العامل وأن اخلالق واحد مل يزل وصحة نبوة من قامت الدالئل على

    نبوته ووجوب طاعة من توعدنا بالنار على معصيته والعمل مبا صححه العقل من ذلك كله وسائر ما هو يف العامل موجود مما عدا الشرائع وأن يوقف على كيفيات كل ذلك فقط

    فأما أن يكون العقل يوجب أن يكون اخلنزير حراما أو حالال أو يكون التيس حراما أو حالال أو أن تكون لظهر أربعا وصالة املغرب ثالثا أو أن ميسح على الرأس يف الوضوء دون العنق أو أن حيدث املرء من صالة ا

    أسفله فيغسل أعاله أو أن يتزوج أربعا وال يتزوج مخسا أو أن يقتل من زىن وهو حمصن وإن عفي عنه زوج ول املرأة وأبوها وال يقتل قاتل النفس احملرمة عمدا إذا عفا عنه أولياء املقت

    أو أن يكون اإلنسان ذا عينني دون أن يكون ذا ثالثة أعني أو أربع أو أن ختص صورة اإلنسان بالتمييز دون صورة الفرس أو أن تكون الكواكب املتحرية سبعا دون أن تكون تسعا وكذلك سائر رتب العامل كلها

    العقل الفهم عن اهللا تعاىل ألوامره ووجوب ترك فهذا ما ال جمال للعقل فيه ال يف إجيابه وال يف املنع منه وإمنا يف ا أحل أو حيل ما التعدي إىل ما خياف العذاب على تعديه واإلقرار بأن اهللا تعاىل يفعل ما يشاء ولو شاء أن حيرم م

    حرم لكان ذلك له تعاىل ولو فعله لكان فرضا علينا االنقياد لكل ذلك وال مزيد مما يف العامل وأنه على صفة كذا وهيئة كذا كما أحكمه ربه تعاىل وال زيادة ومعرفة صفات كل ما أدركنا معرفته

    فيه وباهللا تعاىل التوفيق وإليه الرغبة يف دفع ما ال نطيق

    الباب الرابع يف كيفية ظهور اللغات

    أعن توقيف أم عن اصطالح قال أبو حممد أكثر الناس يف هذا والصحيح من ذلك أصل الكالم توقيف من اهللا عز و جل حبجة مسع وبرهان ضروري

    وعلم آدم األمسآء كلها مث عرضهم على املالئكة فقال أنبئوين بأمسآء هؤالء { فأما السمع فقول اهللا عز و جل } إن كنتم صادقني

  • وأما الضروري بالربهان فهو أن الكالم لو كان اصطالحا ملا جاز أن يصطلح عليه إال قوم قد كملت أذهاهنم وهلم ومتت علومهم ووقفوا على األشياء كلها املوجودة يف العامل وعرفوا حدودها واتفاقها وتدربت عق

    واختالفها وطبائعها وبالضرورة نعلم أن بني أول وجود اإلنسان وبني بلوغه هذه الصفة سنني كثرية جدا يقتضي يف ذلك تربية وحياطة وكفالة من غريه

    ن والدته إذ املرء ال يقوم بنفسه إال بعد سنني ميما يقوم وال سبيل إىل تعايش الوالدين واملتكفلني واحلضان إال بكالم يتفامهون به مراداهتم فيما ال بد هلم منه فمعايشهم من حرث أو ماشية أو غراس ومن معاناة ما يطرد به احلر والربد والسباع ويعاين به األمراض وال بد

    من ذلك لكل هذا من أمساء يتعارفون هبا ما يعانونهوكل إنسان فقد كان يف حالة الصغر اليت ذكرنا من امتناع الفهم واالحتياج إىل كافل واالصطالح يقتضي وقتا

    مل يكن موجودا قبله ألنه عمل املصطلحني وكل عمل ال بد من أن يكون له أو فكيف كانت حال املصطلحني ضرورة على وضع اللغة قبل اصطالحهم عليه فهذا من املمتنع احملال

    قال علي وهذا دليل برهاين ضروري من أدلة حدوث النوع اإلنساين ومن أدلة وجود الواحد اخلالق األول تبارك وتعاىل ومن أدلة وجود النبوة والرسالة ألنه ال سبيل إىل بقاء أحد من الناس ووجوده دون كالم والكالم

    فعل فعله فله زمان ابتدىء فيه ألن الفعل حروف مؤلفة والتأليف فعل فاعل ضرورة ال بد له من ذلك وكل حركة تعدها املدد فصح أن هلذا التأليف أوال واإلنسان ال يوجد دونه

    ا له أول فله أول ضرورة فصح أن للمحدث حمدثا خبالفة وصح أن ما علم من ذلك مما وما مل يوجد قبل م

    تعليم فال ميكن البتة معرفته إال مبعلم علمه الباري هو مبتدأ من عند اخلالق تعاىل مما ليس يف الطبيعة معرفته دون إياه

    مث علم هو أهل نوعه ما علمه ربه تعاىل قال علي وأيضا فإن االصطالح على وضع لغة ال يكون ضرورة إال بكالم متقدم بني املصطلحني على وضعها

    أو بإشارات قد اتفقوا على فهمها يكون إال بكالم ضرورة ومعرفة حدود األشياء وطبائعها اليت عرب وذلك االتفاق على فهم تلك اإلشارات ال

    عنها بألفاظ اللغات ال يكون إال بكالم وتفهيم ال بد من ذلك

    فقد بطل االصطالح على ابتداء الكالم ومل يبق إال أن يقول قائل إن الكالم فعل الطبيعة

    قال علي وهذا يبطل بربهان ضروري عل إال فعال واحدا ال أفعاال خمتلفة وتأليف الكالم فعل اختياري متصرف يف وجوه شىت وهو أن الطبيعة ال تف

    وقد جلأ بعضهم إىل نوع من االختالط وهو أن قال إن األماكن أوجبت بالطبع على ساكنيها النطق بكل لغة نطقوا هبا

    ملا أمكن وجود كل مكان إال قال علي وهذا حمال ممتنع ألنه لو كانت اللغات على ما توجبه طبائع األمكنة

  • بلغته اليت يوجبها طبعه وهذا يرى بالعيان بطالنه ألن كل مكان يف األغلب قد دخلت فيه لغات شىت على قدر تداخل أهل اللغات

    وجماورهتم فبطل ما قالوا وأيضا فليس يف طبع املكان أن يوجب تسمية املاء ماء دون أن يسمى باسم آخر مركب من

    ء حروف اهلجاا جماهر بالباطل وإما عدمي عقل ال بد له من أحد هذين الوجهني ومن كابر يف هذا فإم

    فصح أنه توقيف من أمر اهللا عز و جل وتعليم منه تعاىل إال أننا ال ننكر اصطالح الناس على إحداث لغات شىت بعد أن كانت لغة واحدة وقفوا عليها هبا علموا ماهية

    ها وال ندري أي لغة هي اليت وقف آدم عليه السالم عليها أوال إال أننا نقطع على أهنا األشياء وكيفياهتا وحدودأمت اللغات كلها وأبينها عبارة وأقلها إشكاال وأشدها اختصارا وأكثرها وقوع أمساء خمتلفة على املسميات كلها

    األمسآء كلها مث عرضهم على وعلم آدم { املختلفة من كل ما يف العامل من جوهر أو عرض لقول اهللا عز و جل فهذا التأكيد يرفع اإلشكال ويقطع الشغب فيما قلنا } املالئكة فقال أنبئوين بأمسآء هؤالء إن كنتم صادقني

    وقد قال قوم هي السريانية وقال قوم هي اليونانية وقال قوم هي العربانية وقال قوم هي العربية

    واهللا أعلم مناه يقينا أن السريانية والعربانية والعربية هي لغة مضر وربيعة ال لغة محري لغة إال أن الذي وقفنا عليه وعل

    واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها فحدث فيها جرش كالذي حيدث من األندلسي وإذا رام نغمة أهل القريوان ومن القريواين إذا رام نغمة األندلسي ومن اخلراساين إذا رام نغمتها

    ة أهل فحص البلوط وهي على ليلة واحدة من قرطبة كاد أن يقول إهنا لغة أخرى غري لغة وحنن جند من مسع لغ أهل قرطبة

    وهكذا يف كثري من البالد فإنه مبجاورة أهل البلدة بأمة أخرى تتبدل لغتها تبديال ال خيفى على من تأمله د عن أصل تلك الكلمة كلغة أخرى وال وحنن جند العامة قد بدلت األلفاظ يف اللغة العربية تبديال وهو يف البع

    فرق فنجدهم يقولون يف العنب العينب ويف السوط أسطوط

    ويف ثالثة دنانري ثلثدا وإذا تعرب الرببري فأراد أن يقول الشجرة قال السجرة

    وإذا تعرب اجلليقي أبدل من العني واحلاء هاء فيقول مهمدا إذا أراد أن يقول حممدا ومثل هذا كثري

    ممن تدبر العربية والعربانية السريانية أيقن أن اختالفهما إمنا هو من حنو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ الناس على ف طول األزمان واختالف البلدان وجماورة األمم

    وأهنا لغة واحدة يف األصل

  • العربية إمساعيل عليه وإذ تيقنا ذلك فالسريانية أصل للعربية وللعربانية معا واملستفيض أن أول من تكلم هبذه السالم فهي لغة ولده والعربانية لغة إسحاق ولغة ولده

    والسريانية بال شك هي لغة إبراهيم صلى اهللا عليه وعلى نبينا وسلم بنقل االستفاضة املوجبة لصحة العلم فالسريانية أصل هلما وقد قال قوم إن اليونانية أبسط اللغات

    للغة يسقط أكثرها ولعل هذا إمنا هو اآلن فإن اويبطل بسقوط دولة أهلها ودخول غريهم عليهم يف مساكنهم أو بنقلهم عن ديارهم واختالطهم بغريهم فإمنا

    يقيد لغة األمة وعلومها وأخبارها قوة دولتها ونشاط أهلها وفراغهم م فمضمون منهم وأما من تلفت دولتهم وغلب عليهم عدوهم واشتغلوا باخلوف واحلاجة والذل وخدمة أعدائه

    موت اخلواطر ورمبا كان ذلك سببا لذهاب لغتهم ونسيان أنساهبم وأخبارهم وبيود علومهم هذا موجود باملشاهدة ومعلوم بالعقل

    ضرورة ولدولة السريانيني مذ ذهبت وبادت آالف من األعوام يف أقل منها ينسى مجيع اللغة

    فكيف تفلت أكثرها واهللا تعاىل اعلم طع على أهنا اللغة اليت وقف اهللا تعاىل عليها أوال وال ندري لعل قائال يقول لعل تلك اللغة قد درست ولسنا نق

    البتة وذهبت باجلملة أو لعلها إحدى اللغات الباقية ال نعلمها بعينها وهذا هو الذي توجبه الضرورة وال بد مما ي ه السالم على مجيع اللغات اليت ينطق هبا الناس ال ميكن سواه أصال وقد ميكن أن يكون اهللا تعاىل وقف آدم عل

    كلهم اآلن ولعلها كانت حينئذ لغة واحدة مترادفة األمساء على املسميات مث صارت لغات كثرية إذ توزعها بنوه بعد ذلك

    وهذا هو األظهر عندنا واألقرب إال أننا ال نقطع على هذا كما نقطع على أنه ال بد من لغة واحدة وقف اهللا اىل عليها ولكن هذا هو األغلب عندنا نعين أن اهللا تعاىل وقف على مجيع هذه اللغات املنطوق هبا وإمنا ظننا تع

    هذا ألننا ال ندري أي سبب دعا الناس وهلم لغة يتكلمون هبا ويتفامهون هبا إىل إحداث لغة أخرى وعظيم التعب وجه من الوجوه فإن وجد ذلك فمن فارع فضويل يف ذلك لغري معىن ومثل هذا من الفضول ال يتفرع له عاقل ب

    سىيء االختيار مشتغل مبا ال فائدة فيه عما يعينه وعما هو آكد عليه من أمور معاده ومصاحل دنياه ولذاته وسائر العلوم النافعة

    تنعا بل مث من له بطاعة أهل بلده له يف ترك لغتهم والكالم باللغة اليت عمل هلم ولكنا لسنا جنعل ذلك حماال ممنقول إنه ممكن بعيد جدا فإن قالوا لعل ملكا كانت يف مملكته لغات شىت فجمع هلم لغة يتفامهون هبا كلهم قلنا

    هلم هذا ضد وضع اللغات الكثرية بل هو مجع اللغات على لغة واحدة مث نقول وما الذي كان يدعو هذا امللك ا من تلك اللغات إىل هذه الكلفة الباردة الصعبة الثقيلة اليت ال تف يد شيئا وكان أسهل له أن جيمعهم على لغة م

    اليت كانوا يتكلمون هبا أو على لغته نفسه فكان أخف وأمكن من إحداث لغة مستأنفة وعلم ذلك عند اهللا عز و جل

    وقد توهم قوم يف لغتهم أهنا أفضل اللغات

  • تصاص وال عمل للغة وال جاء نص يف تفضيل وهذا ال معىن له ألن وجوه الفضل معروفة وإمنا هي بعمل أو اخومآ أرسلنا من رسول إال بلسان قومه ليبني هلم فيضل اهللا من يشآء ويهدي من { لغة على لغة وقد قال تعاىل } يشآء وهو العزيز احلكيم

    } فإمنا يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون { وقال تعاىل ا