21
مة رى وا الشو ب و تغل ال ومبطلينت ال شبهاحمد جابر شريف م

التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

  • Upload
    -

  • View
    203

  • Download
    2

Embed Size (px)

DESCRIPTION

دراسة: التغلّب والشورى والأمة وشبهات المبطلين شريف محمد جابر أقسام الدراسة: تتألّف هذه الدراسة من ثلاثة أقسام: أولا: بيان بطلان استدلال الغلاة بكلام العلماء عن "التغلّب" لشرعنة اغتصابهم لحقوق الأمة وبغيهم على المسلمين، وإظهار الفرق بين السياق الذي تحدث فيه العلماء عن التغلّب في حالة ضرورة وبين تشريع الغلاة للتغلّب والخروج على الأمة بالسيف ونسبة ذلك إلى الشرع والسنة. ثانيا: بيان الأصل الشرعي في الحكم والإمامة، وهو الشورى واعتبار دور الأمة في اختيار من يحكمها، نقلا عن النصوص من الكتاب والسنة والإجماع وبيان سنّة الخلفاء الراشدين الأربعة في ذلك. ثالثا: بالإضافة إلى تفنيد شبهة شائعة يتبجّح بها الغلاة لإبطال مفعول الشورى ودور الأمة. http://ahlusunnah.org/node/298773

Citation preview

Page 1: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

التغلب والشورى واألمة شبهات المبطلينو

شريف محمد جابر

Page 2: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

أقسام الدراسة

:ثالثة أقسام منهذه الدراسة تتألف

بيان بطالن استدالل الغالة بكالم العلماء عن "التغلب" لشرعنة اغتصاهبم حلقوق األمة أوال: ضرورة حتدث فيه العلماء عن التغلب يف حالة على املسلمني، وإظهار الفرق بني السياق الذي وبغيهم

لشرع والسنة.إىل ا وبني تشريع الغالة للتغلب واخلروج على األمة بالسيف ونسبة ذلك

واعتبار دور األمة يف اختيار من بيان األصل الشرعي يف احلكم واإلمامة، وهو الشورى ثانيا: مجاع وبيان سنة اخللفاء الراشدين األربعة يف ذلك.، نقال عن النصوص من الكتاب والسنة واإلحيكمها

شبهة شائعة يتبجح هبا الغالة إلبطال مفعول الشورى ودور األمة. باإلضافة إىل تفنيد ثالثا:

Page 3: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

ستدالل بكالم العلماء عن التغلببطالن اال

:املطلع على كالم فقهاء األمة يف إقرار شرعية التغلب سيجد التايل

أنه كان خطابا فقهيا عن حكم تعامل األمة مع املتغلب بعد استقرار أمر اإلمامة له، وهي : أوال "حالة ضرورة"، وليس تأصيال لطريقة من طرق الوصول إىل احلكم ونسبتها إىل الشرع والسنة. كما أن

يان حلكم التعامل يف حالة تشريع احتساء القليل من اخلمر خوف املوت عندما ينقطع املاء والطعام هو ب. قال اجلويين يف "الغياثي": "إن الذي ينتهض هلذا كخيار شرعي ضرورة، وليس تشريعا الحتساء اخلمر

الشأن لو بادره من غري بيعة وحاجة مستفزة أشعر ذلك باجرتائه وغلوه يف استيالئه وتشوفه إىل استعالئه وقال ابن حجر اهليتمي يف "الصواعق احملرقة: "املتغلب اد".يف األرض بالفس ه بابتغاء العلو وذلك يسم

فاسق معاقب ال يستحق أن يبشر وال يؤمر باإلحسان فيما تغلب عليه بل إمنا يستحق الزجر واملقت واإلعالم بقبيح أفعاله وفساد أحواله". فهذا هو وصفه الطبيعي كما أن وصف شارب اخلمر الطبيعي هو

ويضفي عله أحد طرق الشرع بل جيو الستحاللهما بالك مبن ينظر ويؤصل أنه فاسق يستحق الزجر، ف !؟1للرسول عليه الصالة والسالم وينسبهوصف السنة عليه

اليت حتدثوا عنها هو: استيالء أحد األمراء على امللك اجلامع لألمة "الضرورة"أن مناط حالة : ثانيا % منها. فكان كالمهم عن حالة فيها 1، وليس على قطعة ال تتجاوز واستقراره له )اإلمامة( بالقوة

خالفة جامعة لألمة، سيطر عليها أحد األمراء املتغلبني واستقر األمر له، وليس عن حالة ليس فيها إمامة يقوم تنظيم باخلروج على األمة بالسيف وإمعان القتل فيها، فهذا مناط آخر وهو الوارد يف احلديث: ف

1 !على اغتصابهم لحقوق األمة واستبدادهم وتغلبهم" على منهاج النبوة"وهو ما يفعله الغالة بإطالق وصف

Page 4: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

ى مؤمنا إلميانيهي وال يفيي لذيي عهد بعهديهي "ومن رها ال حي اشي خرج على أميتي بسيفيهي يضرب برها وفاجي" )مسند أمحد(، ويف صحيح مسلم: "ومن خرج ع رها،فليس مين أميتي وال لى أميت، يضرب ب رها وفاجي

ولست منه " )صحيح مسلم(. وقد دل على يتحاش من مؤمينيها، وال يفي ليذيي عهد عهده ، فليس مينذلك أن العلماء حتدثوا يف كالمهم عن "اإلمامة" أو "اخلالفة"، وتعريفها عند أهل الفقه أنا رياسة عامة لألمة كلها؛ قال اإلمام اجلويين: "اإلمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق باخلاصة والعامة يف مهمات الدين

اإلمام النسفي: "نيابة عن الرسول عليه السالم يف إقامة الدين حبيث جيب على كافة اعنه والدنيا". وقاليف إقامة الدين -صلى اهلل عليه وسلم -األمم االتباع". وقال صاحب املواقف: "هي خالفة الرسول

حبيث جيب اتباعه على كافة األمة". فهي ملك جامع لألمة كافة، وهي اليت ذكر العلماء حكم من وقد بني اإلمام أمحد رمحه اهلل، يف رواية عبدوس .استوىل عليها بالغلبة واستقر له األمر ورضيت به األمة

بن مالك العطار، أن الكالم يف التغلب هو عمن تغلب على "اخلالفة" اجلامعة وس ي "أمري املؤمنني"، : "ومن اإلمام أمحد اخلالفة اجلامعة لألمة، قال يتول وليس عن أي أمري يعلن نفسه خليفة لألمة وهو مل

غلب عليهم بالسيف حىت صار خليفة، وس ي أمري املؤمنني: فال حيل ألحد يؤمن باهلل أن يبيت وال يراه الشاهد: قوله "حىت صار خليفة، وسي أمري املؤمنني". إماما، برا كان أو فاجرا".

استقر هلم، وحتصل هلم التمكني ورضيت األمة باملتغلب وأقرت له بأنه أن امللك اجلامع قد : ثالثا عن حديث "من مات -كما يف أحكام أيب يعلى -أصبح إماما. فقد سئل اإلمام أمحد بن حنبل

مع املسلمون عليه وليس يف عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"؟ فقال للسائل: "أتدري من ذاك؟ هو الذي جي اإلمام". وقال الاللكائي يف "شرح أصول اعتقاد أهل السنة": "ومن خرج على إمام من كلهم يقول هذا

كانت أو بغلبة فهو شاق وجه كانت برضا وا له باخلالفة بأيأئمة املسلمني وقد اجتمع عليه الناس فأقر يف تفسريه عن هذا اخلارج عليه العصا وخالف اآلثار عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم". ونقل القرطيب

Page 5: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

ابن خويز منداد قوله: "ولو وثب على األمر من يصلح له من غري مشورة وال اختيار وبايع له الناس متت له البيعة واهلل أعلم". فالواضح من كالمهم أن تغلبه وحده مل يكن كافيا ملنع اخلروج عليه وإضفاء صفة

مع أساسيشرط ومبايعتها لهاألمة إقرار"اإلمام" عليه، بل كان ؛ فصفته يف رواية أمحد: "الذي جي املسلمون عليه كلهم يقول هذا اإلمام"، ويف رواية الاللكائي: "وقد اجتمع عليه الناس فأقروا له

باخلالفة"، ويف رواية القرطيب عن ابن خويز منداد: "وبايع له الناس".

املتغلبني يف تلك الفرتة ي ظهر أنه كان هبدف مراجعة السياق التارخيي لقبول العلماء إلمامة : رابعا حقن دماء املسلمني بعد أن رأوا كيف أدت الصراعات على امللك إىل سفك الكثري من الدماء وكذلك ثورات األئمة اليت أيدها بعض أبرز العلماء، واليت كانت هتدف إىل أعادة األمر شورى. فكان خطاهبم

بذلك الظرف هبدف حقن دماء املسلمني؛ ألن خروج بعض قامر له متعل بقبول املتغلب بعد استقرار األكتها الفنت. ناألمة على من تغلب ومتكن كإمام جلميع املسلمني سيجلب املزيد من القتال والدماء ألمة أ

ومل يكن األمر عند أولئك العلماء تشريعا حلالة يزداد فيها سفك الدماء والقتل والفوضى؛ كأن ي علنتنظيم ما يف ناحية من بالد املسلمني بأنه "خالفة" واجبة الطاعة، يف واقع أمة دون كيان سياسي جامع

من يليه من األمة، فيقع يف القتال احملرم ويسفك مجيعومع هيمنة أجنبية على مقدراهتا، ويبدأ بقتال سيطر على بالد املسلمني. والفرق دماء املسلمني، ويشغلها عن واجب التحرر من القوى الطاغوتية اليت ت

.بني احلالتني ظاهر كل الظهور ملن ميلك ذرة من عقل

فالتغلب كما ظهر ليس طريقة شرعية للوصول إىل احلكم، بل هو إكراه واغتصاب حلقوق األمة، اع حرمة ففعله حمرم، وحتليله والتشريع له بدعة كبرية قد تصل إىل الكفر؛ فقد ثبت بالنصوص واإلمج

Page 6: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

التغلب وأن األمر شورى، كما ثبت باإلمجاع حرمة اخلمر، وهناك فرق بني من يشرع احتساء اخلمر يف إلرواء عطش املسلم، ويشرع ذلك الطرق إحدىحالة الضرورة القاتلة، وبني من جيعل احتساء اخلمر

منهاج النبوة"، فأقل ما يقال ه، بل ويضفي عليه صفة "السنة" كمن يضفي على التغلب صفة "على وحيل .يف مثل هذا أنه مبتدع خارج عن إمجاع املسلمني

وفضال عن ذلك، فإن األصل فيمن يتصدر للخطاب الشرعي أن تكون مرجعيته ما أمجعت عليه األمة من مصادر االستدالل عند أهل السنة واجلماعة، كالكتاب والسنة واإلمجاع وما جاء يف أصول

، فضال عن كونه يف حالة 2وال يصح أبدا أن يكون املرجع يف ذلك كالم الفقهاء يف مرحلة تارخيية الفقه،"ضرورة" ومل يكن بيانا لألصل الشرعي، وال يصح أن تكون جتارب "امللك العضوض" هي املرجع ملن

إقامة خالفة راشدة على منهاج النبوة! –أو يزعم أنه يريد –يريد

لشرعي يف الشورى واحلكم واإلمامة، نقال عن سنبني يف القسم الثاين من املقال األصل ا ولذلك فإننا النصوص من الكتاب والسنة واإلمجاع وبيان سنة اخللفاء الراشدين األربعة يف ذلك.

تنويه:

كالمنا عن السياق التارخيي للتغلب وقبول العلماء حلكم املتغلبني )وليس لذات التغلب( بعد قرارنا باآلثار الكارثية لظاهرة التغلب والتنازع على امللك كتفرق املسلمني ال ينفي إ ؛األمر هلم استتباب

عبد اجمليد الشاذيل رمحه اهلل شيخنا األستاذوضعفهم وغلبة األعداء والدخول يف النفق املظلم. ويوضح اإلسالمية: رؤية تطبيقية معاصرة"، يف حتليل خمتصر ومهم ملا أصاب املسلمني ذلك يف كتابه "احلكومة

بسبب اخلروج عن أمر الشورى، يقول الشيخ رمحه اهلل:

"وقد حدث احنراف تدرجيي يف املفاهيم تبعا الحنراف الواقع:

2وخصوصا المتأخرين االستئناس بكالم الفقهاء وطلب العلم مما قدموه لألمة ال ينكره إال جاهل، ولكن القصد أنه من الناحية الشرعية فإن كالم الفقهاء،

.كتب أصول الفقه منهم، ال ينهض ليكون دليال على شيء؛ فالفقهاء أنفسهم أجمعوا على أن كالمهم ليس دليال بحد ذاته، والتفصيل في ذلك في

Page 7: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

الشورى. مت إهدار قاعدة 1

إقرار شرعية التغلب. 2

إقرار شرعية التفرق. 3

اختزال اجلماعة يف السلطة.4

الصرب يف مقابل الكذب والفجور والنفاق والظلم واجلور والفسق واالستبداد والطغيان واستحالل 5 الدماء واألموال.

بدورها إىل خطاب فردي كال على حدة، وإسقاط اخلطاب حتويل اخلطاب اجلماعي لألمة للقيام6 اجلماعي للهيئة االجتماعية لألمة.

هتميش دور األمة.7

واملآل الطبيعي هو الوقوع يف قبضة العدو، وتعثر الفيء إىل ما كنا عليه من الريادة والتمكني، وبطء انتهى. .3ح: العودة إىل قاعدة الشورى"الكر بعد الفر والعز بعد االنكسار. وبداية اإلصال

3 من كتاب "الحكومة اإلسالمية: رؤية تطبيقية معاصرة"، للشيخ عبد المجيد الشاذلي رحمه هللا، نشر دار الكلمة.

Page 8: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

والخالفة الراشدة األصل في الشورى والبيعة ودور األمة في دين اهلل

ن ه م وميا رزق ناه م ي نفيق ون قال تعاىل " : "والذيين استجاب وا ليرهبهيم وأقام وا الصالة وأمر ه م ش ورى ب ي بني األمر بالصالة واألمر بالزكاة. اوقوعهعظم أمرها لو اإللزام بالشورى وفهمنا(. 33)الشورى:

دين األربعة، كيف كانت؟ فما اجتمع فيهم وتوافقوا عليه كان ولننظر اآلن إىل بيعة اخللفاء الراش فرضا على األمة اتباعه، فقد قال عليه الصالة والسالم: "...فإنه من يعيش منكم بعديي، فسريى اختالفا

." )رواه أبو كثريا؛ فعليكم بسنيت وسنةي اخللفاءي املهديني الراشدين، متسكوا هبا، وعضوا عليها بالنواجذي.. داود، وهو صحيح(.

بيعة أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه:

جاء يف رواية الشورى الطويلة من أحداث السقيفة على لسان عمر بن اخلطاب: "فقال قائل من األنصار: أنا جذيلها احملكك، وعذيقها املرجب، منا أمري، ومنكم أمري، يا معشر قريش. فكثر اللغط،

األصوات، حىت فرقت من االختالف، فق لت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وارتفعت : وبايعه املهاجرون مث بايعته األنصار )صحيح البخاري من رواية عبد اهلل ابن عباس رضي اهلل عنه(. قلت

الشورى، مث ببيعتهم وفيها ثابت أن األمر مل يتم إال بعد اجتماع املهاجرين واألنصار للشورى، فتحققت ويؤكد حصول الشورى والبيعة استدالل عمر بن اخلطاب بذلك ورضاهم عن أيب بكر، فتحققت البيعة.

ما جاء على لسانه يف آخر الرواية نفسها: "قال عمر: وإنا واهلل ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من : أن يبايعوا رجال منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما مبايعة أيب بكر، خشينا إن فارقنا القوم ومل تكن بيعة

Page 9: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

ال نرضى، وإما خنالفهم فيكون فساد، فمن بايع رجال على غري مشورة من املسلمني، فال يتابع هو وال الذي بايعه، تغرة أن يقتال" )صحيح البخاري(.

واألنصار وكبارهم يوم السقيفة، وبايعه بايعه أهل احلل والعقد من فضالء الصحابة من املهاجرين فقد عامة الناس يف املسجد بعدها. قال ابن إسحاق يف السرية: حدثين الزهري قال: حدثين أنس بن مالك قال: ملا بويع أبو بكر يف السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على املنرب فقام عمر فتكلم قبل أيب بكر

قد مجع أمركم على خريكم صاحب رسول اهلل وثاين اثنني إذ مها يف فحمد اهلل وأثىن عليه مث قال: إن اهلل .الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة

وعن أيب سعيد اخلدري قال "ملا بويع أبو بكر قال: أين علي ال أراه؟ قالوا مل حيضر! قال أين الزبري؟ بت أن هذه البيعة إال عن رضا مجيع املسلمني! إن هذه البيعة ليست كبيع قالوا مل حيضر! قال: ما حس

الثوب اخللق! إن هذه البيعة ال مردود هلا. فجاء علي فمد يده فبايعه، وجاء الزبري فمد يده فبايعه" )رواه احملاملي ومن طريقه ابن عساكر، قال ابن كثري: بإسناد صحيح(.

تيمية رمحه اهلل: "إمنا صار أبو بكر إماما مببايعة مجهور الصحابة الذين هم اإلمام ابن قالفائدة: أهل القدرة والشوكة، وهلذا مل يضر ختلف سعد بن عبادة رضي اهلل عنه ألن ذلك ال يقدح مبقصود

(.1/141، ابن تيمية، )منهاج السنةالوالية، وذلك قد حصل مبوافقة اجلمهور على ذلك"

بن الخطاب رضي اهلل عنه:بيعة عمر

"إين إن شاء :-كما يف رواية الشورى اليت سبق االستشهاد فيها – هو القائلعمر رضي اهلل عنه : نفس الروايةاهلل لقائم العشية يف الناس، فمحذرهم هؤالء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم"، وقال يف

Page 10: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

امرؤ أن يقول إمنا كانت بيعة فال يغرتن ،عمر بايعت فالنا تواهلل لو قد ما "إنه بلغين قائل منكم يقول:أيب بكر فلتة ومتت، أال وإنا قد كانت كذلك، ولكن اهلل وقى شرها، وليس فيكم من تقطع األعناق إليه مثل أيب بكر: من بايع رجال من غري مشورة من املسلمني فال يتابع هو وال الذي تابعه تغرة أن يقتال"

ويف رواية النسائي: (.، فهي مليئة بالعرب، ومن املفضل مراجعة الرواية بسياقها الكاملري)صحيح البخا"قال شعبة قلت لسعد ما تغرة أن يقتال؟ قال: عقوبتهما أن ال يؤمر واحد منهما" )رواه النسائي يف

السنن الكربى بإسناد صحيح على شرط الشيخني(.

ومعه رضي اهلل عنه استشار املهاجرين واألنصار، مث خرج عثمان أن أبا بكر رضي اهلل عنه يف رواية ؟ ]يعين كتاب أيب بكر يف العهد لعمر [الكتاب بالعهد، وقال للناس: "أتبايعون ملن يف هذا الكتاب

بن سعد يف وا بذلك مجيعا، ورضوا به، وبايعوا" )رواه افقالوا: نعم. وقال بعضهم: قد علمنا به. فأقر الطبقات من عدة طرق، ومن طريقه ابن عساكر يف تاريخ دمشق(.

عن أيب السفر اهلمداين أن أبا بكر رضي اهلل عنه قال للصحابة وهو على فراش املوت: "أترضون مبن ذا قرابة" )رواه ابن يت ول عليكم، فواهلل ما ألوت، وال تلوت، وال ألوت عن جهد الرأي، وال أستخلفت

سعد بإسناد صحيح(. ويف رواية ابن جرير: "أترضون مبن أستخلف عليكم؟ فإين واهلل ما ألوت من جهد . قالوا: سعنا "ر بن اخلطاب، فاسعوا له وأطيعواالرأي، وال وليت ذا قرابة، وإين قد استخلفت عم

وأطعنا" )ابن جرير الطربي، بإسناد رجاله ثقات(.

أصحابه يف مرضه فقال: "أليس ترضون مبا أصنع؟ قالوا: بلى يا خليفة رسول ويف رواية أنه أطلع على اهلل" )رواه احلاكم يف املستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهيب(.

: "وكذلك عمر ملا عهد إليه أبو بكر إمنا صار إماما ملا بايعوه رمحه اهلل ابن تيمية اإلمام قالفائدة: وأطاعوه ولو ق دهر أنم مل ينفذوا عهد أيب بكر ومل يبايعوه مل يصر إماما، وأما عمر فقد ع هد إليه، وبايعه

Page 11: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

، )منهاج السنة "املسلمون بعد موت أيب بكر، فصار إماما ملا حصلت له القدرة والسلطان مببايعتهم له (.1/141ابن تيمية،

عن طاووس عن ابن عباس أن عمر قال له وهو على :رضي اهلل عنه وما صح عن عمر بن اخلطاب فراش املوت: "اعقل عين ثالثا: اإلمارة شورى.." )رواه عبد الرزاق يف مصنفه وأبو عبيد يف األموال

(.بإسناد صحيح

حضر الصحابة وإمجاعهم قوله يف آخرها: "إنه ال وعن ابن عباس عن عمر يف آخر خطبة له مب (.على شرط الشيخني خالفة إال عن مشورة" )رواه ابن أيب شيبة بإسناد صحيح

ويف رواية لعمر: "ال بيعة إال عن مشورة" )رواه ابن شبة بإسناد صحيح على شرط الشيخني(.

بيعة عثمان بن عفان رضي اهلل عنه:

بن عوف لعلي بن أيب طالب: "إين قد نظرت يف أمر الناس فلم أرهم يعدلون قال عبد الرمحن (.بعثمان فال جتعلن على نفسك سبيال" )رواه البخاري

ويؤكد ابن كثري هذا املعىن فيقول: "نض عبد الرمحن بن عوف رضي اهلل عنه يستشري الناس فيهما، تاتا، مثىن وفرادى، سرا وجهرا، حىت خلص إىل النساء وس الناس مجيعا وأشرؤ وجيمع رأي املسلمني، برأي

يف خدورهن، وحىت سأل الولدان يف املكاتب، وحىت سأل من يرد من الركبان واألعراب إىل املدينة، ويف ".مدة ثالثة أيام بلياليهن

وخبصوص ترشيح الستة من قبل عمر فهم من رضيهم الناس، قال عمر فيهم: "إين قد نظرت لكم يف أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقا فيكم إال أن يكون فيكم شيء، فإن كان شقاق فهو منكم،

Page 12: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

وإن األمر إىل ستة إىل عثمان بن عفان وعلي بن أيب طالب وعبد الرمحن ابن عوف والزبري بن العوام (.وطلحة وسعد" )سنن البيهقي الكربى

سور فما رأيت مثل عبد الرمحن واهلل ما ترك أحدا من وروى عبد الرزاق يف مصنفه قال: "قال امل ".املهاجرين واألنصار وال ذوي غريهم من ذوي الرأي إال استشارهم تلك الليلة

ويف الطبقات الكربى البن سعد: "فقال عمر أمهلوا فإن حدث يب حدث فليصل لكم صهيب قال بن شهاب .من املسلمني فاضربوا عنقهثالث ليال مث أمجعوا أمركم فمن تأمر منكم على غري مشورة

" )طبقات ابن سعد، بإسناد صحيح قال سامل: قلت لعبد هلل: أبدأ بعبد الرمحن قبل علي؟ قال: نعم واهلل على شرط الشيخني(.

فائدة: قال اإلمام ابن تيمية رمحه اهلل: "عثمان مل يصر إماما باختيار بعضهم بل مببايعة الناس له، ما كان يف القوم أوكد من ملسلمني بايعوا عثمان، مل يتخلف عن بيعته أحد، قال اإلمام أمحد:ومجيع ا

(.1/532بيعة عثمان، كانت بإمجاعهم" )منهاج السنة، ابن تيمية،

بيعة علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه:

عن حممد ابن احلنفية قال: كنت مع أيب حني قتل عثمان رضي اهلل عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، فقالوا: إن هذا الرجل ق تل وال بد للناس من إمام، وال جند

أن أكون أمريا. فقالوا: ال اليوم أحدا أحق هبذا األمر منك، فقال: ال تفعلوا فإين أكون وزيرا خري منواهلل ما حنن بفاعلني حىت نبايعك. قال: "ففي املسجد فإن بيعيت ال تكون خفيا وال تكون إال عن رضا

Page 13: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

املسلمني". فلما دخل املسجد دخل املهاجرون واألنصار فبايعوه فبايعه الناس" )رواه ابن جرير الطربي (.بإسناد حسن

ه بعد أن جاءه املهاجرون واألنصار يريدون بيعته: "ال أفعل إال عن مأل وقال علي رضي اهلل عن (.2/267، وشورى" )ثقات ابن حبان

وقال بعد أن بايعه الناس: "هذه بيعة عامة، فمن ردها رغب عن دين املسلمني واتبع غري سبيلهم" (.2/263)ثقات ابن حبان،

ألمركم، فأبيتم إال أن أكون عليكم، أال وإنه ليس يل أمر وقال علي رضي اهلل عنه: "إين كنت كارها دونكم، أال وإن مفاتيح بيت مالكم معي، أال وإنه ليس يل أن آخذ منه درمها دونكم، وإن هذا أمركم ليس ألحد فيه حق إال من أمرمت، وقد افرتقنا باألمس على أمر، فإن شئتم قعدت لكم، وإال فال أجد

ته: "هل رضيتم"؟، قالوا: نعم! قال "اللهم اشهد عليهم" )رواه ابن جرير على أحد"، مث رفع صو الطربي(.

ويف بيان أن األمر كان برضا املسلمني واختيارهم: جاء عن عبد اهلل بن عمر أنه قال حني ح صر بكر، عثمان: "إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ق بض، فنظر املسلمون خريهم فاستخلفوه، وهو أبو

فلما ق بض أبو بكر، نظر املسلمون خريهم فاستخلفوه وهو عمر، فلما ق بض عمر، نظر املسلمون خريهم فاستخلفوه وهو عثمان، فإن قتلتموه فهاتوا خريا منه" )رواه عبد اهلل بن أمحد يف زياداته على فضائل

الصحابة بإسناد حسن(.

أنه قال: "أيها الناس، إين لست بقاض ولكين منفذ، فائدة: روي عن اخلليفة عمر ابن عبد العزيز ولست مببتدع، ولكين متبع، وإن من حولكم من األمصار واملدن إن أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم، وإن

(.9/191، وابن كثري 5/193أبوا فلست لكم بوال" )تاريخ الذهيب

Page 14: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

:الخالصة

حيحة وإمجاع الصحابة ومنهم اخللفاء الراشدون أن أمر اإلمامة أو يتضح ما ورد أعاله من روايات ص فقد حتقق ذلك يف بيعة اخللفاء العقد وبيعة املسلمني ورضاهم؛اخلالفة ال يتم إال بشورى أهل احلل و

البيعة الشرعية هي ما يتحقق الراشدين األربعة على اختالف الوسائل واملالبسات، ولذا ميكن القول إن مواصفات ثالثة: فيها

( توفر شروط استحقاق اخلالفة يف الشخص املختار هلا )ت راجع يف كتب السياسة الشرعية(، وكذا 1 جملهول احلال من العلم والعدالة وغريها. كان الراشدون كلهم. فال يتحقق األمر

ة(، وكانوا يف ذلك العهد: املهاجرون ( موافقة أهل احلله والعقد عليه بعد شوراهم )البيعة اخلاص 2 واألنصار. فال يتحقق األمر ببيعة خاصة لتنظيم منعزل عن األمة، وإمنا تبذل األمة جهدها لتحقيق أكرب قدر من وصف مجاعة أهل احلل والعقد، وأعضاؤها جيب أن يتصفوا: بالعدالة؛ إذ ال تصح للمجروحني

تصح للجهال ومن ال خربة له بالشأن السياسي، ومتثيل األمة؛ وقد أو مرتكيب الكبائر، والكفاءة؛ إذ اليقومون بذلك )سيأيت بعد قليل فائدة يف معىن العرفاء –كما يف اآلثار الصحيحة – كان العرفاء

ووظائفهم الشرعية، ما يفي بإيضاح هذا البند(.

يف الروايات الكالم عن رضا املسلمني عن بيعة (؛ وقد تكرر ( موافقة عامة األ مة )البيعة العامة3 اخللفاء الراشدين.

Page 15: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

نقباء في األمة ووظائفهم الشرعيةعن معنى العرفاء وال

جاء يف صحيح البخاري يف حديث وفد هوازن: "..فقال الناس : طيبنا ذلك. قال: إنا ال ندري من ، فكلمه م ع رفاؤ ه م، مث عوا حىت يرفع إلينا ع رفاؤ ك م أمرك م. فرجع الناس أذين منك م مين مل يأذن، فارجي

فأخربوه: أنم طيبوا وأذنوا". الشاهد: الناس يعربون عن إرادهتم رجعوا إىل النيبه صلى اهلل عليه وسلم، اليت تشملهم من خالل "عرفائهم" وهم من ميثلونم ويعرفون رأيهم من أسيادهم وشرفاء قومهم.

وجاء يف سنن أيب داود: "إن العرافة حق والبد للناس من عريف ولكن العرفاء يف النار".

اري شرح صحيح البخاري عن حديث أيب داود هذا: "أخرجه أبو داود من طريق جاء يف فتح الب املقدام بن معد يكرب رفعه العرافة حق، وال بد للناس من عريف، والعرفاء يف النار وألمحد وصححه ابن

: خزمية من طريق عباد بن أيب علي عن أيب حازم عن أيب هريرة رفعه ويل لألمراء، ويل للعرفاء قال الطييبقوله: والعرفاء يف النار. ظاهر أقيم مقام الضمري يشعر بأن العرافة على خطر، ومن باشرها غري آمن من

الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إمنا إن " :الوقوع يف احملذور املفضي إىل العذاب، فهو كقوله تعاىليتورط فيما يؤديه إىل النار. قلت: فينبغي للعاقل أن يكون على حذر منها لئال "،يأكلون يف بطونم نارا

املراد بذلك على أن ويؤيد هذا التأويل احلديث اآلخر حيث توعد األمراء مبا توعد به العرفاء، فدل الكل على خطر، واالستثناء مقدر يف اجلميع. وأما كل من يدخل يف ذلك ال يسلم وأن اإلشارة إىل أن

املصلحة تقتضيه ملا حيتاج إليه األمري من املعاونة على ما هم، فإن قوله: العرافة حق فاملراد به أصل نصبعليه حديث الباب" يتعاطاه بنفسه، ويكفي يف االستدالل لذلك وجودهم يف العهد النبوي كما دل

)فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب األحكام، باب العرفاء للناس(.

Page 16: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

وعرييف القوم: سيدهم. والعريف القيم والسيد ملعرفته وجاء يف لسان العرب عن معىن العريف: " بسياسة القوم، وبه فسر بعضهم بيت طرييف العنربي، وقد تقدم، وقد عرف عليهم ي عر ف عيرافة. والعريف النقييب وهو دون الرئيس، واجلمع ع رفاء، تقول منه: عر ف فالن، بالضم، عرافة مثل خط ب

نني يعر ف عيرافة مثال كتب خطابة أي صار عريفا، وإذا أردت أنه عميل ذلك قلت: عرف فالن علينا سي يكت ب كيتابة.

ويف احلديث: العيرافة حق والع رفاء يف النار؛ قال ابن األثري: الع رفاء مجع عريف وهو القيهم بأ مور القبيلة ويتعرف األمري منه أحواهل م، فعييل مبعىن فاعل، والعيرافة عمل ه، وقوله أو اجلماعة من الناس يلي أ مورهم

العيرافة حق أي فيها مصلحة للناس وريفق يف أ مورهم وأحواهلم، وقوله العرفاء يف النار حتذير من التعرض انتهى من لسان العرب البن للرهياسة ملا ذلك من الفتنة، فإنه إذا مل يقم حبقه أمث واستحق العقوبة" )

منظور(.

وعن كعب بن مالك يف حديث البيعة: "قال رسول اهللي صلى اهلل عليه وسلم أخريج وا إييل مينك م اث ين ن ه م تي ن ه م اث ين عشر نقييبا مي م فأخرج وا مي سعة من اخلزرجي وثالثة من عشر نقييبا مينك م يك ون ون على ق وميهي

" )أخرجه اهليثمي ورجاله رجال الصحيح، وصححه األلباين يف ختريج "فقه السرية"(. الشاهد: األوسيالنقباء كانوا مثلني عن قومهم لتكون إرادهتم يف بيعة النيب عليه الصالة والسالم هي متثيل عن إرادة القوم

كان املدينة، وتعريف هلم بتفاصيل هذه البيعة حىت يكونوا على علم بشروطها أهل الشوكة والنصرة من س وحقوقها.

جاء يف لسان العرب البن منظور: "ويف حديث ع بادة بن الصامت: وكان من النقباءي؛ مجع نقي يب، . وكان وهو كالعرييف على القوم، ال م قدم عليهم، الذي ي ت عرف أخبارهم، وي ن قهب عن أحواهلم أي ي فتهش

العقبةي، كل واحد من اجلماعة الذين بايعوه هبا نقيبا على النيب، صلى الله عليه وسلم، قد جعل، ليلة

Page 17: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

قومه ومجاعته، ليأخ ذوا عليهم اإليسالم وي عرهف وهم شرائطه، وكانوا اثين عشر نقيبا كلهم من األنصار، وكان ع بادة بن الصامت منهم" )انتهى من لسان العرب البن منظور(.

شرعي قام به أمر لني عن األمة يف كل بلد وناحية؛ وجود النواب املمث أن :كله الشاهد من ذلك النيب عليه الصالة والسالم وصحابته الكرام، وهو ما ذكرناه من صفات أهل احلل والعقد، ينبغي مراعاهتا

وىل يف واقعنا املعاصر حني نسعى جاهدين إلقامة أمر جيمع هذه األمة من جديد، وهنا تطرأ شبهة يت الغائب، دور األمةتحقيق كربها الغالة من املستنكفني عن قبول أمر الشرع بالتزام الشورى والرافضني ل

؛ فيأطر احلكام على احلق أطرا، ويقصرهم عليه قصرا، ماحنراف احلك من -حني ي فعل – حيد الذي و .4كما جاء يف احلديث

4 .، وهو منشور في شبكة األلوكة، وفيه بيان دور األمة من خالل األحاديث الصحيحة"كيف األمر إذا لم تكن جماعة؟"راجع مقال الكاتب

Page 18: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

الشورىللغالة حول استحالة تطبيق شبهة

الحاضرفي عصرنا وتفعيل دور األمة

وكيف حنقق اجتماع أهل احلل والعقد كما كانوا دور األمة؟ وحنقق كيف نطبق هذه الشورىيقولون: ذلك وعدم ترك؟ فإذا كان هذا متغذرا؛ فال بد من وتشتت كما ترى من تفرق يف العهد الراشد واألمر

فهو مستحيل بالنظر إىل الواقع! فيهالتفكري

: إن األزمة الفكرية اليت يعيشها أعداء ردا على هذه الشبهة ذات الن فس العلماين أقول وباهلل التوفيق الواقع مث ينظرون إىل ومشاركة األمة، هي أنم ينظرون إىل نصوص الشورى دور األمةتفعيل و الشورى

يتفق عليه اجلميع، فيكون احلل عندهم هو نبذ راشد إىل وضع شوري بتشابكاته ويرون "صعوبة" اخلروج وكأنه مل يكن ومل ي ؤمر به يف الشرع، واللجوء إىل سنن التغلب احلكم الشرعي )الشورى( مطلقا

أمر به اهلل عز وجل يف كتابه وأمجع وما الشرعوهو تعطيل حلكم واالستبداد واغتصاب حقوق األمة! .جدا بل هو "تشريع" هلذا التعطيل، وهذا خطري، كما مر معنا عليه الصحابة

وضعهم خليارين، أحدمها مستحيل، واآلخر هو املعتمد هؤالء مصابون بداء "احلدية"؛ وهو يعين و :بناء على استحالة األول

أي خالف إما أن تكون آلية تنفيذ الشورى واضحة متفقا على كيفية تطبيقها بني اجلميع دونف - ، بل مر معنا ، والتفكري فيها تفكري مثايل سقيممستحيلة يف أي سياق بشريوهي حالة . من أي أحد

فما بالك الصفوة الراشدة من خري هذه األمة،كيف تعددت وسائل تطبيق الشورى ومالبساهتا يف عهد بأوضاعنا املعاصرة؟!

Page 19: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

أن ننبذ الشورى اليت جاءت هبا استحالة األول هو:واخليار الثاين الذي يعتمدونه بعد بيان - نصوص الشرع وأمجع عليها الصحابة وطبقها الراشدون بشكل كامل، ونلجأ إىل االستبداد والقوة

فنكون قد وقعنا يف خمالفة ون شرعين ذلك كله بتعسف النقول واالستشهادات يف غري حملها، والتغلب، د تصل إىل الكفر؛ إذ إنكار وجوب حكم شرعي قطعي كفر خمرج من امللة الشرع والبدعة الكبرية اليت ق

)حىت األمراء املتغلبون عرب التاريخ اإلسالمي، مل جيرؤ أحد منهم على االستهزاء حبكم الشورى أو إنكار !(.، بل كانوا يتأولون أمرهمإمكانية تطبيقه

زعم بأن األمر بالشورى يف كتاب اهلل وسنة وخيارهم الثاين هذا يذهب هبم إىل تعطيل الشرع، وال رسوله عليه الصالة والسالم وسنة اخللفاء الراشدين وما أمجع عليه صحابة رسول اهلل؛ ال معىن له، واألمر به وعدم األمر به سواء؛ إذ يف كلتا احلالتني سوف ننبذ الشورى وحنكم التغلب واالستبداد. وهو مسلك

ن سنطبق شرع اهلل؟ بفهم بفهم م "لشرع اهلل، يف شبهتهم الشهرية اليت تقول: العلمانيني املنابذيناجلماعة الفالنية أم الشيخ الفالين؟ فإذا كان األمر على هذا احلال من اختالف الدعاة؛ فال مناص من

!5"نبذ دعوى حتكيم الشريعة والرجوع إىل العقل

فصائل الشرعي )الشورى( جبدية، والتعاون مع مجيع القصد إىل تطبيق احلكم إن احلل هو إخالص أما نبذ الشورى، وتفريق أمر أمة حممد عليه . ببذل غاية الوسع والسري حنو ذلك األمة وقواها املخلصة،

وإبطال شرعية بزعم أحقية اخلالفة و الصالة والسالم، واخلروج عليها بالسيف؛ يقتل برها وفاجرها، وهو ال يعين نبذ الشورى ؛ فهو أبعد ما يكون عن تطبيق الشرع، ملسلمنياآلخرين واستحالل قتال ا

واستحالل دمائهم هبذه قتال املسلمني يعين الوقوع يف عني البدعة ويف مناطات خطرية ك ، بلفحسب البدعة، وادعاء حيازة مجاعة املسلمني اليت يأمث من خيرج عنها وميوت ميتة جاهلية!

5 فاألمر عقولكم عليها تتفق محكمات لديكم وليس هؤالء، عليها يتفق محكمات الشريعة في وإن نرجع؟ من عقل إلى: العلمانيين لهؤالء نقول ونحن

الصالة عليه رسوله وسنة وجل عز هللا بكتاب الطعن تقتضي الناس بين الشريعة في عليه متفق وجود عدم دعوى وإن لالختالف، وأدعى أوسع !، وهي شبهة متهافتة ال تصمد أمام حقائق اآليات واألحاديثسواء وعدمها اآليات فوجود فهم، لكل قابل بأنه والزعم والسالم

Page 20: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

اجتاهها وال أننا نسري يف املهم ف، بطيئة لوعورة الطريقيق الشورى، ولو خبطوات أن منضي حنو طر احلل إليه وأنت األمثل من أجل الوصول ، وإذا كان هناك هدف يف قمة جبل )الشورى( فاحلل عد عنهاتبن

على السفح هو بذل اجلهد حملاولة الصعود رغم كل العراقيل والصعاب، وليس التدحرج إىل األسفل بقوة والسقوط إىل أسفل سافلني!

يف آلية تنفيذها سعة و - العقلية احلدية اليت تريد حسم األحكام إن املشكلة تكمن يف هذه يف راالكف واعتمدت سنناحلكم كله بذتي وإال ن ، حدواحد ال خيتلف عليه أ قالبيف - واختالف

!6االستبداد والتغلب

انظر إىل فعل صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم، حني قال لتعلم بطالن هذه العقلية احلدية و . فأدرك بعضه م "ظة ال ي صلهني أحد العصر إال يف بين ق ري: "عليه الصالة والسالم يوم األحزابي النيب هلم

نا ذلك. ، فقال بعض ه م: ال ن صلي حىت نأتيها، وقال بعض ه م: بل ن صلي، مث ي رد مي العصر يف الطريقي فذ كر ذلك للنيبه صلى اهلل عليه وسلم فلم ي عنهف واحدا مينهم )صحيح البخاري(.

األمر الشرعي؛ إذ ال نعرف آلية متفقا عليها يف تنفيذه، انظر إليهم مل يقولوا: "ال جمال لتطبيق هذا ولذا ننبذه وكأنه مل يكن"!

كل فريق منهم مبا فهمه من األمر الشرعي، وكانت غاية كل منهم الوصول إىل الفهم بل اجتهد عليه وسلم. مل يعنفهم رسول اهلل صلى اهللو الصحيح هلذا األمر، فبذلوا غاية الوسع يف االنقياد للحكم،

التنفيذ.أوضح وأقل اختالفا يف كيفية -وخصوصا يف جمال اإلمارة -مع التأكيد على أن األمر بالشورى

بالسعي لالجتماع بكل الوسائل املتاحة، مهما كانت أشواك الطريق إنه ال مناص هلذه األمة إال هذه احلالة من التفرق والتشرذم مل يأت يف يوم كثيفة، ومهما كانت العراقيل كثرية. وإن احنراف األمة إىل

6ها من خلل غني عن البيان أن أمم الكفر نفسها علمت خطورة التغلب واالستبداد فاتجهت في العصر الحديث إلى الطرق الديمقراطية، وهي على ما في

!وانحراف أفضل حاال من عهودهم المظلمة المليئة بالدماء والقتال على الملك، فتأمل

Page 21: التغلب والشورى والأمة وشبهات المبطلين

وليلة، وال يكون إصالحه يف يوم وليلة كذلك، بل هو حباجة إىل إصالح تدرجيي يسري حنو الوحدة يعا وال ت فرق وا واذك ر و بلي اللهي مجي م وا حبي ا واالجتماع واالئتالف، كما أمر اهلل عز وجل يف كتابه: "واعتصي

على شفا ح فرة مهن نيعمة اللهي عليك م إيذ ك نت م أعداء فألف ب ني ق ل وبيك م فأصبحت م بينيعمتيهي إيخوانا وك نت م ها كذليك ي ب نيه الله لك م آياتيهي لعلك م ت هتد ون" (.103)آل عمران: الناري فأنقذك م مهن

إن أحد أهم األسباب التارخيية اليت أدت إىل تفرق األمة وضياع أمرها هو قتال أمرائها وتنازعهم بل على امللك والسلطة، وإناك قوى األمة ومقدراهتا، ما أدى إىل فتح الثغرات للعدو املرتبص، وإىل استعانة

املشركني على املسلمني كما حدث يف األندلس مع ملوك الطوائف املسلمني باملشركني بل وإعانة . وقد قال تعاىل: "وأطييع وا وصوال إىل الدخول طوعا حتت والية املشركني كما يف عصرنا احلاضر املتغلبني

فمن (.46ه مع الصابيريين" )األنفال: الله ورس وله وال ت نازع وا ف ت فشل وا وتذهب ريحي ك م واصربي وا إين الل السفه واخلطل أن ي عترب اخلروج على أمة حممد بالسيف، والسعي يف قتال قواها املنهكة بعد تضليلها

!وحفظ بيضة املسلمني وتبديعها؛ هو الطريق إىل االجتماع والتمكني

إىل كيفما اتفق ولو اعتسفه اعتسافا وأدى بهعد ، ليس مطالبا بتحقيق املطلوب منه شرعا واملسلم، ب البدع واملخالفات، بل هو مطالب باتباع األمر على قدر االستطاعة، قال تعاىل: "ال سلوك مسلك

وأنفيق وا (. وقال تعاىل: "فات ق وا الله ما استطعت م واسع وا وأطييع وا 233ت كلف ن فس إيال و سعها" )البقرة: ك م" )التغابن: ن ف سي عن النيب صلى اهلل عليه وسلم: "إذا -رضي اهلل عنه -(. وعن أيب هريرة 16خي را ألي

نيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". فأمر باالجتماع والوحدة، ويكون رمة بقصد الغاية املشروعة.ذلك حبسب االستطاعة؛ فال ت ربر الوسيلة احمل

شريف حممد جابر

ه 1435 -/ ذو القعدة فلسطني