المشكالت البيئية المناخية وأثرها على مناخ األرض

إعداد

محمد إبراهيم شرف. د.أ

أجمعت الدراسات البيئية على أن بيئة األرض تعاني من التدهور بسبب استغالل االنسان لمحتوياتها بمعدالت أعظم من

معدالت تجددها، وما تلفظه من ملوثات تغير من طبيعة .مكوناتها التي خلقها اهلل سبحانه وتعالى

تجاوزت حدود هذا التدهور الحدود المحلية الى مستويات إقليمية وعالمية وشملت الغالف الجوي، والغالف المائي

وغالف اليابس وما تحتويه هذه األغلفة من تنوع حيوي، وأفرز هذا التدهور في تلك األغلفة آثار ضارة بالحياة على سطح

األرض على هيئة مشكالت بيئية تجلب المرض والموت لجميع .الكائنات الحية وتنذر بكوارث طبيعية ال طاقة لنا بها

مشكلة بيئية 27وقد أحصت برامج البيئة باألمم المتحدة نحو :مشكلة مناخية أهمها 13تعاني منها األرض منها

األمطار –استنزاف طبقة األوزون –االحتباس الحراري –التصحر -تغير المناخ –تلوث الهواء –الحمضية

.حرائق الغابات –النينيو –الفيضانات

ويرجع السبب الرئيسي في ظهور المشكالت البيئية المناخية الى تغير المركب الغازي للغالف الجوي بسبب ما يضاف له من

غازات مشابهة أو غير مشابهة للغازات المكونة له ، وتغير نسبتها وبالتالي تغير العمليات الفزيائية المرتبطة بها والدورة

الطبيعية لكل غاز والعناصر البيئية المتداخلة والمرتبطة بدورة .كل غاز

وينتج عن تغير نسب المكونات الغازية للهواء تغير في نسب امتصاص وانعكاس وانبعاث الطاقة الشمسية المتجهة الى

.سطح األرض عبر المكونات الغازية للهواء المحيط به

وقد تسبب ذلك في اضطراب العمليات الفيزيائية والكيميائية بالغالف الجوي، وكذا نسب انعكاس وارتداد األشعة الحرارية من سطح األرض الى الفضاء الخارجي ، وهو ما أفرز في

النهاية مجموعة من المشكالت البيئية المناخية المذكورة .سابقا

االحتباس الحراري: أوال

يعد االحتباس الحراري ظاهرة طبيعية تنظم االشعاع الشمسي -.واألرضي وتتسبب في دفء األرض وحفظ حرارتها

مشكلة االحتباس الحراري

لكل من غازات االحتباس الحراري دورته الطبيعية التي تنتقل خاللها -.بين مكونات الغالف الجوي ثم سطح األرض مرة أخرى وهكذا

يعد ثبات كل من نسب تركيز هذه الغازات ،كمية االشعاع التي -يكتسبها سطح األرض وكمية االشعاع التي تنعكس منه أو يرتد منه

شرطا أساسيا لبقاء حرارة األرض وجوها ثابتا ( االشعاع األرضي)درجة 15تقريبا من عام الى آخر، وحفظ حرارة األرض عند متوسط

مئوية، ولوال هذه الفعالية لالحتباس الحراري ألصبحت درجة حرارة .درجة مئوية تحت الصفر 23األرض

أصبح االحتباس الحراري غير طبيعي بعد ان انتاب نسب تركيز -.الغازات المسببة له زيادة بسبب األنشطة البشرية

ترتب على التزايد المستمر في انبعاث غازات االحتباس الحراري تزايد فعاليته في تسخين سطح األرض وتغير التوازن

:الحراري الطبيعي له مما أدى الى درجة مئوية. 94ارتفاع حرارة األرض بحوالي -1 انخفاض كمية األمطار الساقطة وحدوث الجفاف في -2

.نطاقات من العالم مثل إقليم الساحل بغربي أفريقيا .ظهور ظاهرة النينيو -3 .تزايد قوة األعاصير المدارية -4 ارتفاع درجة حرارة المدن الكبرى وظهور الجزر -5

.الحرارية تدمير المستويات العليا من طبقة الجليد الدائم -6

.بالقطبين

اآلثار المناخية المرتبطة بزيادة فعالية االحتباس الحراري

إرتفاع حرارة األرضأصبحت حرارة األرض أعلى من أى وقت مضى خالل األلف سنة -

األخيرة، وتطابق مع هذا االرتفاع ارتفاع نسب تركيز ثاني أكسيد جزء في المليون وهي أكبر من نسبته 375الكربون وأصبحت نسبته

. سنة مضت 650000في أي وقت منذ

مستويات إرتفاع حرارة األرض

تذبذب كميات األمطار وحدوث الجفاف

حدوث الجفاف في نطاقات كثيرة من العالم مثل إقليم - الساحل بأفريقيا وجفاف بحيرة تشاد بعد أن كانت واحدة من أكبر بحيرات العالم ، وارتفاع معدالت التبخر في

آسيا أدى الى تقلص بحر قزوين وتراجع شواطئه ، .وموجات الجفاف الشديد في أستراليا

في المقابل تشهد بنجالديش والهند في األعوام الثالثة - .األخيرة أكبر هطول لألمطار الموسمية على االطالق

http://strangemaps.files.wordpress.com/2007/03/14-lakechad.jpg

تقلص بحر قزوين

جفاف شواطئ بحر قزوين

تقلص بحيرة طوز بتركيا

ظاهرة النينيووهي تقلبات محيطية عنيفة ناتجة عن إرتفاع مفاجيء في

درجة حرارة البحار والمحيطات في النطاقات المدارية تصاحبه رياح بطيئة مما يرفع معدالت التبخر وتكاثف شديد على هيئة

.سحب ينتج عنه سقوط أمطار غزيرة وحدوث فيضانات عارمة

تسبب النينيو في تخريب والية كاليفورنيا األمريكية

1982، وسواحل بيرو ، واكوادور في الفترة بين

وبالمثل تخريب سواحل كولومبيا 1983،

وأوراجواى وشمالي األرجنتين

م1997،1999عامي

زادت درجة حرارة األلف متر السطحية من البحار

، وزادت درجة حرارة .% 06والمحيطات بنسبة

.%.31الثالث مائة متر السطحية بنسبة

ظهور ظاهرة الالنينيا

ظهور الجزر الحرارية داخل المدن

زيادة قوة األعاصير المدارية

تجاوزت القوة التدميرية لألعاصير المدارية الضخمة كل - الحدود السابقة بسبب زيادة تحملها بالرطوبة أثناء عبورها

.المحيطات الساخنة

انفصال الكتل الجليدية

تدمير المستويات العليا لطبقة الجليد الدائم

خالل % 40انخفاض كثافة الكتلة الجليدية بنسبة عاما 40

إنفصال الرفارف الجليدية

تسارع االرتفاع الحراري و ذوبان الكتل الجليديةبليون طن من جليد جرين الند 50وذوبان أكثر من

تغير طول فترة التجمد الشتوي والذوبان الربيعي

تناقص عدد أيام تجمد التندرا في شمالي الواليات المتحدة - يوما 75يوما الى 225األمريكية من

اصبحت بداية فصل الربيع مبكرة ، وأصبحت بداية فصل - .الخريف متأخرة

عام ، 100/يوم 6.5تقدم موعد موسم ذوبان الجليد بمعدل - .عام100/يوم 5.8بينما تأخر موعد تجمده بمعدل

استنزاف طبقة األوزون: ثانيا

يشكل غاز األوزون نحو خمسة أجزاء من مائة ألف من إجمالي - حجم الغالف الجوي، ورغم ضآلة هذه النسبة فهو أحد أهم الغازات

.المؤثرة في حياة الكائنات على سطح األرض يوجد غاز األوزون بنسب متباينة في جميع مستويات الغالف -

في مستوى (من حجمه% 90نحو )الجوي ويبلغ أقصى تركيز له كم فوق سطح البحر داخل طبقة 30، 25يتراوح ارتفاعه بين

. االستراتوسفير تأتي أهمية األوزون في أن عمليات تكوين جزيئاته تعتمد على -

استهالك األشعة فوق البنفسجية اآتية من الشمس نحو األرض فال فقط من إجمالي كميتها تتدفق % 3يبقى منها سوى ما يعادل نحو

نحو األرض وهى نسبة مناسبة لحياة الكائنات الحية على سطح .األرض

تكون جزيئات األوزون

أهمية طبقة األوزون

مشكلة استنزاف طبقة األوزوناكتشفت الدراسات المناخية وجود ما سمي ثقب -

األوزون في طبقة االستراتوسفير وبخاصة فوق القارة الجنوبية مما يؤدي الى تدفق األشعة فوق البنفسجية بنسب أكبر من نسبتها الطبيعية، وينذر ذلك بحدوث

.أضرار بيئية خطيرة

تتعرض طبقة األوزون االستراتوسفيرية الى خطر التحلل - والتفكك والتدمير بسبب ما يصلها من غازات تتفاعل معها

:وتفككها وتحولها الى عناصر غازية أخرى، وهذه الغازات هي .غاز الكلوروفلوروكربون الذي ينبعث من مصادر بشرية -

أكاسيد النيتروجين التي تنبعث من خالل عمليات التحلل - الحيواني والنباتي وعمليات احتراق الوقود األحفوري واحتراق

.المخلفات النباتية وعوادم السيارات والطائرات

غاز البروم الذي ينبعث من الحرائق ومن بعض مركبات - .الهالونات التي تنبعث من الرغويات

يرتبط استنزاف طبقة األوزون أيضا بعمليات النقل - الحراري وتحرك الهواء بطبقة االستراتوسفير مما يؤدي

الى تبادل توزيع األوزون بين العروض المختلفة ، وينتج عن الحركة الهوائية الدوامية فوق المحيط

المتجمد الجنوبي عزل طبقة األوزون االستراتوسفيري وعدم اختالطها وبالتالي يمنع وصول الهواء الدافيء

فوق العروض الدنيا الغني باألوزون نحو القارة الجنوبية مما يتسبب في انخفاض نسبة تركيز األوزون

.وبخاصة في فصل الربيع

اآلثار المناخية الستنزاف طبقة األوزونتذبذب المتسرب من األشعة فوق البنفسجية بسبب ثقب األوزون -

فصليا وسنويا نتيجة التذبذب الفصلي والسنوي لمساحة ثقب .األوزون

ارتفاع المعدل السنوي لدرجة حرارة القطب الجنوبي كسائر أرجاء - وتسبب ذلك .الكرة األرضية وأصبحت حرارته أعلى من أي وقت مضى

.من حجم الكتلة الجليدية به% 40في ذوبان تحطم الرف الجليدي الغربي بالقارة الجنوبية وانفصاله وذوبانه في -

.يوما ً فقط 35 30)م 2008سجل ثقب األوزون خامس أكبر اتساع له عام -

وأصبح يشمل منطقة اقليم بتجونيا بجنوب ( مليون كم مربع. األرجنتين

األمطار الحمضية: ثالثا

األمطار الحمضية

مشكلة األمطار الحمضية

تتكون األحماض بفعل اتحاد جزيئات الماء مع بعض غازات الغالف - الجوي، وتتفاعل بدورها مع عناصر سطح األرض، وينعكس ذلك

بشكل مباشر أو غير مباشر على صحة االنسان وعلى معظم .الدورات الطبيعية التي يتداخل فيها سطح األرض مع الغالف الجوي

وبخاصة )تشكل غازات ثاني أكسيد الكبريت ، أكاسيد النيتروجين - أهم الغازات المسببة ( أكسيد النيتروز ، ثاني أكسيد النيتروجين

للحمضية، وتنبعث كميات صغيرة من هذه الغازات من مصادر طبيعية ، وتنبعث كميات ( الدورات الكيميائية لكل غاز –فوهات البراكين )

كبيرة منها من مصادر بشرية من الحرائق ، وعمليات احتراق الوقود . األحفورين وعمليات التسميد الزراعي

توزيع نسب تركيز ثاني أكسيد النيتروجين

مستويات األمطار الحمضية في أوروبا

اآلثار المناخية الناتجة بفعل األمطار الحمضيةيؤدي تجرد الغابات من أوراقها الى انخفاض عملية النتح وكمية -

.المنطلق من األكسجين وكمية الممتص من ثاني أكسيد الكربون

1300يؤدي تلف الكيلومتر المربع من الغابات الى توقف انطالق -

طن من ثاني أكسيد 1640طن من األكسجين وتوقف امتصاص .الكربون

يؤدي تلف التربة الىتوقف نشاط البكتريا المثبتة للنيتروجين ومما -يتسبب في تغير دورات النيتروجين بين سطح األرض والغالف

.الجوي ظهور حاالت حادة للرياح الحمضية -

تسمم األسماك بالبحيرات

تجريد األشجار من أوراقها

انخفاض حجم المجموع الخضري للشجرة

تلف الغابات

التلوث الهوائي: رابعا

يتكون المركب الغازي للغالف الجوي في مستواه األدنى - من مجموعة من الغازات تشكل وسطا ناقال لألشعاع

.الشمسي المتجه الى سطح األرض

ينتاب نسب تركيز غازات الغالف الجوي المالمس - لسطح األرض بعض التغير تبعا للتغير الذي يحدث في

وينتج عن حدوث أي تغير .مستويات مصادرها األساسيةفي نسب تركيز غازات الهواء اضطراب الدورة الطبيعية لكل

غاز مما يؤدي الى اضطراب توازن الطاقة الواصلة الى .سطح األرض

تدخل الملوثات الى الهواء من مصادر طبيعية وبشرية بأشكال متعددة فتكون على شكل غازات تضاف الى

المركب الغازي للهواء وتتفاعل معه مكونة مركبات . غازية وكيميائية أخرى

وتكون على شكل جسيمات من المادة تعلق بالهواء وتترسب فوق السطوح وتتسبب في انخفاض مدى الرؤية ، وتكون على شكل

جسيمات معدنية تحملها الرياح ثم ترسبها فوق سطح األرض، وتكون .على شكل مركبات عضوية متطايرة تغير من رائحة الهواء

حرائق الغاباتيتسبب الطقس الجاف الحار شديد الرياح في إشعال ذاتي

للنيران في الغابات ، مما يتسبب في انبعاث الملوثات الهوائية .وانتشار الدخان والرماد وذرات الكربون في الهواء

حرائق الغابات

اآلثار المناخية الناتجة بفعل التلوث الهوائي. حاالت تلوث حاد مصاحبة لحدوث االنعكاس الحراري -

(الضبخان)ظاهرة الضباب الدخاني - األمطار الحمضية - االحتباس الحراري - التصحر - تغير المناخ -

ظاهرة الضبخان

(الضبخان)الضباب الدخاني

التصحر

توزيع عدد الوفيات بسبب التلوث الهوائي

الكوارث المناخية.....وبعد زادث بمقدار أربعة أمثال ما كانت عليه في الثمانينيات

من حجم % 80تتسبب الكوارث المناخية في نحو الكوارث الطبيعية في العالم

خالل )كارثة مناخية كل عام 500تشهد األرض نحو بعد أن كان المعدل السنوي ( الخمس سنوات األخيرة

(قبل عشرين عاما )كارثة 120

تضاعف عدد الفيضانات الى ستة أضعاف عددها قبل عشرين عاما

ألف نسمة وخسائر بمقدار 750أودت كوارث الطقس بحياة .مليار دوالر خالل الثالثين عاما األخيرة 400

ألف شخص حياتهم 236م أن فقد 2008حدث في عام مليون 200كارثة مناخية وتضرر نحو 300بسبب أكثر من

مليار دوالر 180نسمة وبلغت الخسائر

ألف شخص سنويا بسبب 300تقتل التغيرات المناخية نحو األمراض الناتجة بفعل استنزاف التربة والماء والهواء مما يدفع

الناس الى الهجرة بحثا عن قوت يومهم وهربا من المجاعات

توزيع عدد الوفيات بسبب التغيرات المناخية

خاتمةتنتظم الحياة على سطح األرض من خالل توازن بيئي صالح ومناسب -

في ظل بقاء عناصر أو مكونات البيئة على حالها كما خلقها اهلل سبحانه .وتعالى على صالح

حاول االنسان خالل تطوره الحضاري أن يستفيد من بيئته لتوفير - احتياجاته المعيشية ، التي تحولت مع الوقت الى استنزاف للبيئة فتدهورت

عناصرها واختل توازنها، األمر الذي أدى بدوره الى حدوث اضطرابات بيئية مفاجئة حاولنا عرض أهمها وتفسير أسباب ظهورها واآلثار المناخية الناتجة

.عنها ، بهدف عرض مستوياتها والتحذير من مخاطرها وكل منا –بقصد أو بغير قصد –ويعد كل منا مسئول عن حدوثها -

مسئول أمام اهلل عن إصالحها ، فقد خلقت األرض على صالح ، وهي تحتضر اآلن بسبب ما أصابها من فساد ، ومسؤلية إصالحها تقع على

عاتق كل من الفرد والمجتمع والدولة والتعاون العالمي ، فهي مشكالت .عالمية وتحتاج الى حل عالمي

..واهلل الموفق