88
2 www.alukah.net

سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

  • Upload
    others

  • View
    8

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

www.alukah.net

1

Page 2: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

www.alukah.net

2

Page 3: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

اإلقناع الوعظي بالبعث فيسورة ق

أبو عبد المؤمن أحمد مصطفى

www.alukah.net

3

Page 4: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

اإلقناع الوعظي بالبعث في سورة ق

اشتهرت سورة )ق( بأنها ترقق القلب لما بها من ذكر الموت يعظ بها في خطبة الجمعة، فعنواالتعاظ به، حيث كان النبي

بنت لحارثة بن النعمان قالت: ما حفظت ) ق ( إال من في ، قال العلماء سبب اختيار1 يخطب بها كل جمعة رسول الله

سورة )ق( أنها مشتملة على البعث والموت والمواعظ الشديدة ، ولذلك ينطق هذا الحرف بمد حرفي مخفف2والزواجر األكيدة

ستة حركات مما يوحي باليقظة و االهتمام لما سوف يتلى من ، وبهذا يتعلم المسلم العناية باألداء قبل البدء3أمر خطير

بالوعظ، فليس الواعظ هو مجرد سراد للمواعظ أو القارئ لآليات واألحاديث أو من يحكي القصص، وإنما البد تكون لديه قدرة تأثيرية تنبع من لسان يعكس بصدق ما يئن به قلبه وما يجول بخاطره وما يشعر به ضميره، وإال فلن تكون للموعظة

تأثير متى خرجت من لسان يتخذ من الوعظ وظيفة تعود عليه بالنفع المادي أو عادة تعودها لمكانته من قومه، فقد كان حال

حين يعظ قومه مؤثرا تأثيرا شديدا، يقول جابر بن عبدالنبي إذا ذكر الساعة احمرت وجنتاه وعال صوته واشتدالله )وكان

. 4غضبه كأنه نذير جيش(

وقد سميت بحرف الهجاء )ق( وابتدأت بالقسم به وبالقرآن المجيد، وكلمة )القرآن( تبدأ أيضا بحرف القاف، وهو حرف

يعرف بأنه من أحرف التفخيم ال الترقيق ومخرجه من أقصى اللسان قريبا من الحلق بعيدا عن الفم، وكأنها تخرج من الحلقوم

مثلما تخرج الروح، وقد توسط السورة ذكر الموت وخروج الروح، كما يتسم حرف القاف بالجهر ال الهمس، والشدة ال

الرخوة، واالنفتاح ال اإلطباق، واإلصمات وال اإلذالق وهي كلها صفات للحرف تتناسب مع جو السورة الذي يغلب عليه الوعظ

والتأثير العاطفي المصحوب بالخوف بما يؤدي إلى إيقاظ اإليمانsن ر بالقرآ في القلب، ولذلك اختمت السورة بقوله سبحانه )فsذsك

873 رقم 595 ص 2 ( رواه مسلم ج 1 873 ( قاله النووي في الشرح على صحيح مسلم الحديث رقم 2 ( في ظالل القرآن للشيخ سيد قطب 3 وص|||ححه األلب|||اني –188 ص 3 ج 1578 ( رواه النس|||ائي ح|||ديث رقم 4

14373 رقم 310 ص 3ومثله عند أحمد في مسنده ج

www.alukah.net

4

Page 5: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sخsاف وsعيد( فهي تذكرة فيها شيء من الوعيد لالنتباه مsن يواالستيقاظ والتهيئة الستقبال اإليمان ونداء الرحمن.

ولقد تنوعت الموعظة في أكثر من تقسيم، حيث ابتدأت بالقسم بالقرآن المجيد للتأكيد على أنه الحق من الله، وأن ما

يعجب منه الكافرون إنما هو الباطل، ولذلك دلل القرآن كعادته على معجزة القرآن الكريم - وهي معجزة معنوية تربوية تحمل

البشرية على الهداية للحق – ثم اإلشارة إلى معجزات الله تعالى الكونية من سماء وأرض وجبال ونبات ومطر وحب ونخل تمهيدا ألن يهتدي القلب البشري إلى اإليمان بالبعث وإحياء الناس من

القبور بعد الموت، ثم الحساب والجزاء، كما حذرت من أن يكون مآل الناس كمآل أسالفهم من المكذبين من قوم نوح وأصحاب

الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب األيكة منالهالك لما أنكروا البعث وكذبوا به.

ويضرب المولى سبحانه المثال بخلق اإلنسان مؤكدا علمه سبحانه بكل ما يجول في خاطره وما يدور بخلده وما يعتريه منsحن sفسه وsن sم مsا توsسوس به ن sعل انs وsن sا اإلنسs sقن ل sد خsقs هواجس، )وsلsيه من حsبل الوsريد(، حيث أوكل به ملكان يحصيان عليه ب إل sقرs أ

كل صغيرة أو كبيرة، وفجأة تأتيه لحظة الموت، تلك اللحظة التي كان يحيد عنها بفكره فينشغل بما هو فاني عما هو باقي، فمن مات قامت قيامته، ويأتيه عمله يسوقه إلى ربه، وتشهد عليه جوارحه بعدما شهد عليه قرينه من المالئكة، فينكشف عنه ما

غاب عنه، ويبصر من أمور الغيب ما كان يؤمن به دون أن يراه - إن كان مؤمنا -، أو ما كان يكذب به من قبل - إن كان كافرا -، فيبدأ الحساب حيث يشهد عليه أول ما يشهد الملك الذي وكل به، وقد أحصى عليه كل شيء، وعده عدا ليصدر الحكم علي

األخير بالترك في جهنم بقدر ما كفر وعاند ومنع واعتدى وارتاب في أمر اآلخرة، ومن ثم عبد غير الله تعالى، فيلقى في العذاب جزاء ذلك، وعندئذ ينطق الشيطان متبرأ من مصير من كفر من

ابن آدم، ومؤكدا أن دوره كان يقتصر على تعريف ابن آدم طريق الضالل، وذلك في مقابل ذلك جهد األنبياء لتعريفه بطريق الهدى

والرشاد، بيد أن الجدال يحتدم بين هؤالء الكفار والشياطين، فيحسمه المولى سبحانه بالتأكيد بأنه ليس بظالم للعبيد، فطالما

كانت الدعوة من الشيطان بال سيطرة على أتباعه وكانت الدعوة من أهل الحق بال إجبار ألحد – كما أشارت بذلك آخر السورة –كه الله تعالى حرية االختيار ألي من هذين وكان اإلنسان قد مل

www.alukah.net

5

Page 6: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

قيب عsتيد( فهو الذي يلفظ sيه رsدs sلفظ من قsول إال ل الطريقين )مsا ي وقبل أن يلفظ كان عليه أن يراقب قوله ويعده قبل أن يعد عليه،sيكم sدsي وsقsد قsدمت إل sصموا ل sخت فإنه سبحانه القائل في كتابه )الs ت

م للعsبيد(، ثم ينتقل sا بظsال sن sدsي وsمsا أ sدل القsول ل بالوsعيد، مsا يب الخطاب الرباني لجهنم فيسألها هل امتألت؟ فتقول هل من مزيد، كناية على كثرة من يعذب في النار يومئذ الستحقاقه العذاب وال ظلم اليوم، وفي المقابل تقترب الجنة من أهلها

مبشرة لهم باقتراب النعيم فور الفراغ من الحساب، وما وعده الله لهم نظير خشيتهم للرحمن وإيمانهم بالغيب وما أضمروه فيsواب حsفيظ (، قلوبهم من اإلنابة لله تعالى، )هsذsا مsا توعsدونs لكل أ

فاليوم هم آمنون ولهم ما يشاءون.

وبعد هذا العرض الموجز لخلق اإلنسان وقبض روحه وحسابه ومصيره تشرع السورة لتوجه خطابها إلى من لم يصر بعد إلى هذا المصير لتذكره بمهلك أسالفه من األقوام السابقين الذين

عرفوا بالبطش والقوة فلم يغن عنهم ذلك من بطش الله شيء، فذاك هو مصيرهم في دار الدنيا، وذلك هو ما سوف يستقبل مند sشs sهم من قsرن هم أ sا قsبل sكن sهل sم أ مصيرهم في الدار اآلخرة، )وsكد هsل من مsحيص(، لتؤكد السورة أن sقبوا في البالs sطشا فsن منهم ب

المقصد من ذكر مصير هؤالء في الدنيا، ومصيرهم في اآلخرة ليس إال التذكرة لمن لم يصر إلى مصيرهم بعد، مؤكدة أن تلك

التذكرة ال يستقبلها إال من ال يزال في قلبه فرصة لالتعاظواالعتبار.

وتهدئ السورة من حالة الرهبة التي أصابت القارئ منsعرض مصير الظالمين في تصوير مشاهد الفزع والخوف التي ت

اآلخرة ومصيرهم في الدنيا، لتذكرنا مرة أخرى بمعجزة خلق اللهsرضs وsمsا مsاوsات وsاأل sا الس sقن ل sد خsقs تعالى للسماوات واألرض، )وsل

sا من لغوب (، تمهيدا الستقبال األمر ن ام وsمsا مsس sي ة أ sهمsا في ست sين ب من الله تعالى بالصبر على جهل هؤالء الظالمين، والتزام الذكر والتسبيح حتى يأتي يوم الصيحة بالحق، ذلك اليوم الذي تتشقق

األرض عنهم فيسيرون إلى محشرهم، ويحاسبهم الله تعالى علىsقولونs (، مؤكدة أن دور sم بمsا ي sعل sحن أ ما كانوا يقولون اعتقادا، )ن الدعاة إلى الله تعالى يقف عن مرحلة التذكير بالقرآن دون إجبارار (، حتى ال يتصور أحد أن ب sيهم بجs sنتs عsل أحد على اإليمان،) وsمsا أ

استخدام الدعاة ألسلوب الترهيب واإلنذار الشديد هو وصاية على أحد، فليس ذلك إال تذكرة ولم يتعد حد الوعظ واإلرشاد، لتختتم

www.alukah.net

6

Page 7: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

اآليات بأن هذه التذكرة سوف تصل إلى من له قلب ومن يخافsخsاف sن مsن ي ر بالقرآ وعيد ربه دون من ختم قلبه بالكفر، )فsذsك

وsعيد(.

www.alukah.net

7

Page 8: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sن المsجيد ) sن جsاءsهم منذر1قوله سبحانه )ق وsالقرآ sل عsجبوا أ ( بيء عsجيب ) sا شsذsه sافرونs ابا2منهم فsقsالs الك sا تر sا وsكن sئذsا متن ( أ

sعيد ) جع ب sر sلكsاب3ذs sا كت sن sرض منهم وsعند sنقص األ sا مsا ت ( قsد عsلمنsمر مsريج4حsفيظ ) sما جsاءsهم فsهم في أ sذبوا بالحsق ل sل ك ( 5 )5( ب

يقسم الله تعالى بكتابه، والذي صفته أنه كتاب مقروء، فالقرآن صفة مشتقة من القراءة، وهي صفة مالزمة له ال تنفك

عنه، فلوال أن المؤمنين يقرؤونه لما سمى قرآنا، لذلك كانت قراءة القرآن عند الله عظيمة، ومن ثم أقسم بها في مبتدأ

السورة، وقد سماه الله قرآنا وسماه تارة أخرى كتابا وفي ذلك إشارة إلى حفظه في صدور العلماء الذين يطنون به مثل النحل فضال عن حفظه بين السطور حفظا في كتاب واحد يشهد العالم

كله بصحته.

وقد وصف الله تعالى هذا الكتاب بصفة أخرى أال وهي ، بهذا يؤكد الله6المجد، فهو مجيد يعني عالي الطبقة بين الكتب

تعالى على أن لقراءة القرآن علو في المنزلة كما في الحديث : )يقال لصاحبعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله

القرآن يوم القيامة: اقرأ ] وارق [ ورتل كما كنت ترتل في دار ، أما المقسم عليه7الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها (

في اآلية فهو محذوف، وهو مضمون الكالم بعده من إثبات المعاد و تقريره وتحقيقه وإن لم يكن القسم يلتقي لفظا وهذا كثير في

، و بذلك يظهر8أقسام القرآن كما في سورة ص و غيرها األسلوب القرآني الدعوي و الذي تميز بتأخير جواب القسم حتى

يظل القارئ في شوق لمعرفته طوال السورة. ثم تشرع السورة في مناقشة مسألة جدال الكفار في البعث وعجبهم من إرسال الرسل منذرين ومبشرين، فهذا هو مستهلsن جsاءsهم منذر منهم (، بما يؤكد أن بشرية sل عsجبوا أ عجبهم )ب

األنبياء أثارت تعجبهم، وهو أمر مطلوب ليتتبعوا سيرته، فيحملهم ( مضطرب مختلط، ال يثبتون على شيء، وال يستقر لهم قرار.5

مرج أصل المرج: الخل|ط، والم|رج: االختالط، يق|ال: م|رج أم|رهم )انظ|ر:؛ واللسان )مرج( (4/159األفعال

– مجمع اللغة العربية بالقاهرة14 ص 6 ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ج 6 قال الشيخ األلباني: ) ص|حيح ( انظ|ر43 ص 2 ج 766 ( صحيح بن حبان 7

في صحيح الج||امع، و في الج||امع الص||غير ح||ديث رقم8122حديث رقم: 1409 ص 1 ج 14082

من سورة ق .1 ( انظر تفسير ابن كثير اآلية رقم 8

www.alukah.net

8

Page 9: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

هذا التعجب فيما بعد ألن يقتدوا به، إذ تشير اآليات إلى عجب الكفار ممن أرسل إليهم لينذرهم يوم البعث، فكان عجبهم أن

الذي ينذرهم هو واحد منهم ال يفضلهم في شئ من مال أو جاه أو نسب، فكان ذلك عجب جميع من كذب بآيات الله تعالى ويستكبر أن يتبع األنبياء و الصالحين، وفي ذلك إشارة إلى

ضرورة أن يكون الداعية من بين القوم الذين يوجه إليهم دعوته، )منذر منهم(، وذلك حتى ال ينال االستغراب أو النقد واالستهجان

بما يحملهم على عدم االنصياع له، والمقصود أن يحملهم ذلك التعجب على اتباعه ال إلى النفور منه، فكان األيسر أن يدعو

المسلم العربي غيره من العرب، ويدعو المسلم األعجمي غيره من األعاجم، فذلك أدعى إلى استيعاب الدعوة أيسر وأسرع، كما

يراعى كذلك أن يكون الداعية في مهنة قومه وثقافتهم، فإنsثsعs ذي ب كانوا أميين فالداعية إن كان أميا أيسر، قال تعالى )هوs ال

سوال منهم( )الجمعة/ sر sين (، وإن كانوا مثقفين3في األميسول إال sا من رs لن sرسs فالمثقف مثلهم أقرب، قال سبحانه )وsمsا أ

sهم( )إبراهيم/ نs ل sي ان قsومه ليب s3بلس .)

sلكsابا ذ sا تر sا وsكن sئذsا متن ثم عجبوا تارة أخرى من أمر البعث )أsعيد( وهذا تعجب استنكاري هذه المرة، حيث يستبعدون جع ب sر أنهم بعد أن تتحلل أجسادهم و تصبح ترابا يرجعون مرة أخرى

أحياء بعد البعث، وكم عجبوا من هذا األمر وكم جادلوا وتهكموا وسخروا إذ لم يؤمنوا بما أخبر عنه القرآن من أن الحياة الدنيا

البد وأن يتبعها حياة أخرى في الدار اآلخرة، و أن األموات سوف يبعثون ويحيون من جديد، ولماذا يحدث ذلك؟، تلك أمور كفيلة

فتلك بأن تغير مفهوم اإلنسان عن الحياة وسعيه فيها لو أيقنها، الشبهة التي اعترت هؤالء القوم يمكن إزالتها بشئ من التدبر والتفكر، فيؤكد سبحانه علمه بأنه على علم بحال األرض حين

تأكل أجسادهم و تبليها، تلك الحقيقة التي تعني سواسية بني آدم جميعهم في المصير، وال فرق لغني عن فقير في السير إلى هذا

المصير، أي أن هذه سنة ال تتغير و ال تتبدل و هي أن األرض تأكل األجساد دون تفرقة بينهم ومهما خلدوا في الدنيا فمصيرهم إلى

الفناء.

فإن آمنوا بالفناء، فال تزال تلك الشبهة عالقة في أذهانهم، إذ كيف يبعثون بعد الفناء، فيرد المولى سبحانه وتعالى على هذه

sا الشبهة التي ال تزال هي سبب افتراقهم عن أهل الحق )قsد عsلمنsاب حsفيظ(، فيثبت حقيقة علمية sا كت sن sرض منهم وsعند sنقص األ مsا ت

www.alukah.net

9

Page 10: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

)قد علمنا( غابت عن البشر أزمنة كثيرة، وقد كشفها القرآن ليثبت صدقها علماء االكتشافات الحديثة، انطالقا من قول النبي

sهوsاحدا، وsظما وsع sى، إال sبل ي يء إال sان ش sاإلنس sمن sيسs )ص( ) لsامsة ( sومs القي ب الخsلق ي ك sمنه يرsب، وs 10، وعجب الذنب9عsجب الذن

معروف وهو العظم في األسفل بين األليتين الهابط من الصلب يقال لطرفه العصعص، وظاهر هذا يدخله الخصوص من وجوه –

922 ص 1 ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ج9Primitive ( عجب ال|||ذنب ه|||و الش|||ريط األولي 10 Streakحيث إن ه|||ذا

الشريط األولي هو الذي يتكون إثر ظهوره الج||نين بكاف||ة طبقات||ه وخاص||ة الجهاز العصبي، ثم يندثر ه||ذا الش||ريط وال يبقى من||ه إال أث||ر فيم||ا يس||مى

عظم العصعصي )عجب الذنب(. قد اكتشف العلماء أن الذي يقوم بالتخليق والتنظيم لجميع خاليا الجنين هو الشريط األولي، وأول من اكتش||ف ذل||ك من العلم||اء ه||و الع||الم األلم||اني الش||هير )هانس||ن س||بيمان( حيث ق||ام بدراس||ات وتج||ارب على الش||ريط األولي والعق||دة األولي||ة وأكتش||ف أن الخي||ط األولي والعق||دة األولي||ة هم||ا اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما اسم)المنظم األولي أو المخل||ق

وقام بقطع الشريط األولي وزرعه في جنينPrimary Organizerاألولي ¬) آخر في المراحل الجنينية المبكرة في األسبوع الثالث والراب||ع ف||أدى ذل||ك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف؛ حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير على البيئة ال||تي حوله||ا والمكون||ة من خاليا الجنين المضيف، بحيث تؤثر عليها وتنظمها ويتخلق منها ج||نين ث||انوي

مغروسا في جسد الجنين المضيف.

م بس||حق المنظم األولي1931ثم قام هذا العالم األلماني )سبيمان( ع||ام وزرعه مرة أخرى فلم ي||ؤثر الس||حق حيث نم||ا م||رة أخ|رى وك||ون مح||ورا

جنينيا ثانويا رغم سحقه ولم تتأثر خالياه. م ق||ام ه||ذا الع||الم وعلم||اء آخ||رون بغلي المنظم األولي1933وفي ع||ام

وزراعته بعد غليه فشاهدوا أنه يؤدي إلى نمو محور جنين ث||انوي بع||د غلي||ه ولم تتأثر خالياه بالغليان، ولقد نال العالم األلماني )س||بيمان( ج||ائزة نوب||ل

م على اكتشافه للمنظم األولي1935عام - عج||ائب وأس|رار عجب انظر: أول دليل م|ادي على البعث وي|وم القيام|ة

الذنب - بحث للدكتور عثمان جيالن معجمي – طبيب يم||ني من ص||نعاء . - ملخص بحث ألق||اه ال||دكتور عثم||ان جيالن في الم||ؤتمر الس||ابع لإلعج||از

-2004العلمي في القرآن والسنة الذي عقد في دبي. https://sites.google.com/site/uelhkdghk/ -

الجسد يبلى ما عدا عجب ال||ذنب لل||دكتور زغل||ول النج||ار، نقال عن موق||ع:www.elnaggarzr.com

https://www.eajaz.org/index.php/component/content/article/86-Twenty-eighth-issue/800-Tailbone

www.alukah.net

10

Page 11: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

لما ثبت من أن األرض ال تأكد جسد األنبياء - فكأنه قال كل من.11تأكله األرض فإنه ال تأكل منه عجب الذنب

sاب حsفيظ(، فكل شئ عند الله sا كت sن وقوله سبحانه ) وsعند تعالى في كتاب محفوظ، وهو حافظ ألعمال ابن آدم فال يعتريه

النقص أو الزيادة، فال عجب من قدرة الله تعالى، فاألمر ال يخرجعما قدره في اللوح المحفوظ.

وقوله سبحانه )بل كذبوا( لالستدراك، فاألمر لم يقف عند حد التعجب وحسب، وإنما صار بعد ذلك إلى إنكار وتكذيب، فبالرغم من الحقائق العلمية التي تشير إلى صدق احتمالية البعث، فإنهم يكذبون به، ذلك أن الكافر بالبعث ال يعمل ألجل اآلخرة، ومن ثم ال ينتبه إلى ما يقول وال يحرص على ما يفعل، وعليه فإنه ال يلزم نفسه بأي شيء من اآلخالق أو اآلداب في المعامالت مع الناس، فضال عن عدم احترامه للشعائر والعبادات والمعتقدات، فاإليمان

بالبعث والحساب والجزاء هو مفرق الطريق بين فريقين ال تشابه بينهما بالمرة، ولذلك سمى المولى سبحانه الفريق الذي ال يؤمن

بذلك بالمكذب، ذلك أنه ال يقف عند حد عدم اإليمان فحسب ولكنه لكي يتحلل من االلتزام بما تمليه عقيدة اإلسالم، فإنه

يكذب بها ويتهكم منها، أي يتخذ سياسة هجومية ضد أصحاب هذه الدعوة ومعتقدي هذا الدين، فمهما حاول أن يستر هجومه بإظهار عدم اإليمان بمعتقد اإلسالم فإنه يكشف عن عناده

وتكبره وتكذيبه للمؤمنين عن طريق تكذيب أصحاب الدعوةsمر مsريج(. sما جsاءsهم فsهم في أ sذبوا بالحsق ل sل ك وأهل الحق )ب

و العالقة واضحة بين تكذيبهم بصدق النبوة وتكذيبهم بالبعث، فهم يتخذون من التشكيك في النبوة تكئة للتشكيك فيما جاء به

sما جsاءsهم(، كما صدهم عن اإليمان sذبوا بالحsق ل sل ك النبي )ص( )ب بالبعث حسدهم لنبي الله تعالى على نعمته التي أنعم الله تعالى

sاهم الله اسs عsلsى مsا آت sحسدونs الن sم ي بها عليه، قال سبحانه ) أsاهم ملكا sين sابs وsالحكمsةs وsآت اهيمs الكت sإبر sآ آلs sين من فsضله فsقsد آت

الهيئة العالمية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة .Larsen J. William. Human Embryology. Churchill Livingstone. 1st

ed., 1993 . .Moore L. Keith and Persaud T.V.N. Before we are born. Sanders

Company.5th ed. 1998.  .Sadler T.W. Langman’s Medical Embryology. Lippincott Williams &

Wilkins. 8th ed., 2000. 173 ص 18 ( التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد ج11

www.alukah.net

11

Page 12: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

{ كما فعل بعض بني إسرائيل مع نبي الله54عsظيما( }النساء/ طالوت وكما يفعل المجرمون اليوم حين يتشككون في صدق

أهل الحق ونيتهم في اإلصالح دون أن يستندوا في ذلك إلى أيدليل أو بينة.

والقرآن يكشف السبب الحقيقي لهذا التكذيب ألهل الحق، واالتهام الباطل، واإلصرار على ستر الحقائق، رغم أن الحق من

الوضوح والجالء ما ينأى عن اللبس و الغموض أو التشكيك و التكذيب فيه، وهذا السبب يتضح من خالل طريقتهم لمحاربة أهل

الحق وتكذيبهم لهم، حيث ال يستقرون على تهمة وال يعيبون عليهم بشيء واحد، وإنما ينسبون إليهم المتناقضات، فتارة

ينسبون الكتاب ألساطير األولين، وتارة يقولون أنه ضرب منsمر مsريج(، السحر، وتارة أخرى يتهمون النبي بالجنون،)فsهم في أ فهم ال يستقرون على اتهام معين أهو مجنون أم ساحر أم ناقل

لثقافات متنوعة من أمم شتى....؟ فإنهم لما كانوا في تخبط وتشتت وزيغ من أمرهم، كان مجادلتهم لن تكون منطقية، حيثأن المنطق يأبى أن تساق الحجج التهامات شتى وغير محددة.

www.alukah.net

12

Page 13: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sاهsا sين sن sيفs ب مsاء فsوقsهم ك sى الس sنظروا إل sم ي sفsل قوله سبحانه )أsهsا من فروج اهsا وsمsا ل ن ي sزsا6 )12وsا فيهs sلقsين sاهsا وsأ sرضs مsدsدن ( وsاأل

sاسيsو sهيج 13رs وج ب sا من كل زsا فيهs sتن sنب ى لكل7)14 وsأ sذكرsة و sبصرs ( ت( 8عsبد منيب )

لما كان المولى سبحانه قد وصفهم باالختالط واالضطراب في األمر، فإنه سبحانه أراد أن يصرفنا عن مجادلتهم فيما ال طائل

من ورائه، وحثنا على أن نقدم لهم العالج الشافي مباشرة، والمولى سبحانه يريد منهم أن يتعجبوا من األمر الذي يستحق

العجب منه، فينقلهم للتفكر فيما خلق وأبدع وأحسن، فليتدبروا في خلق السماء، وهي فوق رؤوسهم، كيف أنه سبحانه وتعالى

قد خلق هذا البناء المحكم، وحبكها و وزينها بالنجوم و الكواكب وsهsا من فروج(، وال أوسع في خلقها فهي بال نقص أو عيب، )وsمsا ل

تشققات فيها، إذ هي تحيط الكون بذراعيها من المشرق إلى المغرب، إنها آلية فسيحة تشرح النفس و تلقي إليها بالطمأنينة،

وتبرهن للعقل أن عظمة خلق السماء أدعى ألن نكبر خالقها ونعظمه، فإذا ما آمن اإلنسان بما رأته عينه من عظيم صنيع الله

( أي ليس فيها تشققات أو تصدعات، فهي قبة تحجز األرض عما يض||رها12من األشعة الكونية

( وقد أثبت العلم هذه الحقيقة، فالقشرة األرضية تطفو على بحر ملتهب13من الحمم المنصهرة تبلغ حرارتها آالف الدرجات المئوية.

ويسمي العلماء الطبقة التي تلي القشرة األرضية بنطاق الضعف األرض||ي ويتألف من صخور منص||هرة عالي||ة الكثاف||ة والح||رارة والض||غط تتول|د في||ه تيارات حرارية عنيفة تؤدي إلى تحرك أجزاء القشرة األرض||ية وتب||دو كأنه||ا ستنقلب. ووجود الجبال على هذه القشرة له دور مهم في توازن القش||رة

األرضية وجعلها أكثر استقرارا وانتظاما في رحلة دورانها حول محورها-http://www.kaheel7.com/ar/index.php/2010-02 بقلم عب||د ال||دائم الكحيل

02 - http://www.physicalgeography.net/fundamentals/10k.htmlhttp://www.seed.slb.com/en/scictr/watch/living_planet/mountains.htmUnderneath the mountains www.geology.wisc.eduhttp://maps.unomaha.edu/Maher/ESSlectures/ESSlabs/isostasylab/isostasy.htmlTectonic Plates, National Science Digital Library.Inside the Earth, www.usgs.gov Structure of the Earth, www.nasa.gov

( ب||اعث على الس||رور بحس||نه ونض||ارته – معجم ألف||اظ الق||رآن الك||ريم14168 -

www.alukah.net

13

Page 14: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

تعالى وبديع خلقه، فلماذا يعجب من مسألة البعث التي ال تقارن في الصعوبة بمسألة خلق السماء، يقول المولى سبحانه و تعالىsشsغطs واهsا، وsأ sسsا فsهs مك sس sعsف sا، رsاهs sن مsاء ب sم الس لقا أ sد خ sشs sنتم أ )ءأ

جs ضحsاهsا ( sخرs sهsا وsأ sيل .15ل

وكما أن خلق السماء عجيب فكذلك خلق األرض من العجب بمكان أن يهز هذه القلوب ويشحذ تلك األذهان حين يدعوهم

المولى سبحانه ألن ينظروا في خلق األرض كيف أنه مدهااطا ( sبس sرضs sكم األ ه جsعsلs ل ،16فجعلها بساطا ممهدا )وsالل

وفراشا لجميع الكائنات تأوي في جنباتها وترزق من خيراتها،اشا( sفر sرضs sكم األ ذي جsعsلs ل .17)ال

ثم ها هي الجبال الشامخات تلك الرواسي التي جعلها الله تعالى سببا التزان قشرة األرض أثناء دورانها حول محورها،

فتستمر الحياة عليها في نظام محكم بديع، وانظر –كذلك- إلى تلك النبتة، كيف كانت حبة - في الظاهر - ميتة ال حراك لها،

وبقدرة الله تعالى تصبح تلك النبتة ما تتزين به األرض، من كل نوع من النبات حسن المظهر، أليست مسألة البعث هذه قريبة الشبة من عملية اإلنبات تلك، بل إن العجب العجاب أن الناس ينبتون كما في الحديث المتقدم ذكره من عظمة أسفل الظهر ) عجب الذنب ( تلك العظمة التي ال تبلى و يركب منها الناس، فالمسألة التي يعجب منها الكفار ليست بعجيبة ألنها حادثة في

عالم النبات فليس ببعيد أن تحدث – كذلك - في عالم اإلنسان وسائر المخلوقات.

والمقصد من سرد هذه اآليات الدالة على قدرة الله تعالى هي تذكرة أهل اإليمان – وذلك كعادة القرآن – حيث يكون

الخطاب الدعوى موجها لهم في المقام األول، ثم يأتي بعد ذلك عناية الخطاب الدعوى بغيرهم من المكلفين، فإن لم ينتبه هؤالء الكفار لتلك القدرة اإللهية العظيمة فأولى باالنتباه إليها واالتعاظ

ى لكل عsبد منيب sذكرsة و sبصرs ،(بها المؤمنون، يقول سبحانه )ت الذين تميزوا بصفتي العبودية لله وحده واإلنابة إليه سبحانه، وهم

حمsن بالغsيب من ذكرهم الله في قوله سبحانه ) مsن خsشيs الر وsجsاء بقsلب منيب (، حيث يكثر من االسترجاع لله تعالى بقوله

{27/29 ( }النازعات15{19 ( }نوح/16{22 ( }البقرة/17

www.alukah.net

14

Page 15: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

)إنا لله وإنا إليه راجعون(، وإن كانت االسترجاع يحصل في المصائب، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم ) ما من مسلم

تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله} إنا لله وإنا إليه راجعون {اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إال

، فاآلية التي نحن بصددها تؤكد عمومه18أخلف الله له خيرا( سواء في المصائب أو غيرها، بل في مواطن التفكر والتدبر

الدالة على قدرة الله تعالى على البعث كذلك.

ات وsحsب ن sا به جs sتن sنب كا فsأ sارs مsاء مsاء مب sا منs الس لن sز قوله سبحانه )وsنsاسقsات9الحsصيد ) خلs ب sضيد 19( وsالن sهsا طsلع ن sاد10)20 ل ( رزقا للعب

sذsلكs الخروج ) sلدsة مsيتا ك sا به ب sين sحي ( 11وsأ

ولم تكتف اآليات من اإلشارات الكونية الدالة على عظيم قدرة الله سبحانه، وإنما ظل اإلطناب ليزداد البرهان وضوحا

وتأكيدا على البعث، فرسمت صورة حية لكيفية البعث في النباتات، فيحدث اإلحياء من الموات، تلك المعجزة التي يقف

أمامها اإلنسان عاجزا غير قادر على أن يكتشف سرها غير أن يقر بوحدانية الله تعالى، فالماء النازل من السماء مباركا يجعله

sا به sتن sنب الله تعالى سببا في إنبات الجنات والحب الحصيد )فsأات (، ذلك الحب الذي يحصده الزراع وقت حصاده بشكل ن sج

طبيعي دون أن يدركوا كيف نما وصار على هذه الصورة، )وsحsبsخل الحsصيد (، وكذا النخل الذي قد اشتد عوده وسوقه، )وsالن

sاسقsات (، فطال حيث طال دون انحناء أو ميل وقد طلع ثمره بsضيد( ، كيف خلق sهsا طsلع ن متراكبا في أكمامه بعضه فوق بعض )ل على هذه الهيئة من تلك الحبة الصغيرة، وكل ذلك ليس إال رزقا

sاد(، حتى أنك تعجب عندما ترى لعب رزقه الله عباده ) رزقا ل األرض الجرداء تحولت بقدرة الله تعالى إلى جنات خضراء دون

sلدsة ميتا(، وهو ما sا به ب sين sحي أن يلمسها أحد غير المطر، )وsأيستشهد به المولى سبحانه على منطقية البعث بعد الموت،

1525 رقم 475 ص 4 ( رواه مسلم ج18 ( ش||داد بس||وقها اس||تقامتها في الط||ول – يراج||ع في ذل||ك ك|ذلك معجم19

، بسق بسوقا: طال 101 ص 1ألفاظ القرآن الكريم ج ( ق||ال القرط||بي: نض||يد: أي م||تراكب ق||د نض||د بعض||ه على بعض وفي20

البخاري النضيد الكفري ما دام في أكمامه ومعناه منضود بعضه على بعضفإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد

www.alukah.net

15

Page 16: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sذsلكs الخروج (، فكما أحيى األرض بعد موتها فإنه كذلك قادر )كعلى أن يحيي عباده بعد مواتهم.

يقول صاحب الظالل: ) إن هذا الكون هو كتاب الحق المفتوح الذي يقرأ بكل لغة , ويدرك بكل وسيلة ; ويستطيع أن

يطالعه الساذج ساكن الخيمة والكوخ , والمتحضر ساكن العمائر والقصور، كل يطالعه بقدر إدراكه واستعداده , فيجد فيه زادا من

الحق , حين يطالعه بشعور التطلع إلى الحق، وهو قائم مفتوحفي كل آن.... (.

sصحsاب الرس sهم قsوم نوح وsأ sت قsبل sذب sمود )21قوله سبحانه )ك 1 وsثsة 13( وsعsاد وsفرعsون وsإخوsان لوط )2 sيك sصحsاب األ ع22( وsأ وsقsوم تب

( اختلف المفسرون في تحديد هوية أصحاب الرس، ولكنهم اتفق||وا على21 أن »الرس« بئر عظيمة أو حفير كبير، قال ابن عباس، أصحاب الرس أهل قرية من قرى ثمود، والرس بئر بأذربيجان، وقال القرط||بي، إن »ال||رس« في كالم العرب ه||و الب||ئر ال||تي تك||ون غ||ير مطوي||ة أي غ||ير مبني||ة، وق||ال عكرمة، الرس بئر دفن||وا فيه||ا ن||بيهم، وفي تفس||ير أبي الس||عود، أص||حاب الرس هم ق||وم يعب||دون األص||نام فبعث الل||ه تع||الى إليهم ش||عيبا فك||ذبوه،

فبينما هم حول الرس إذ انهارت فخسف بهم وبديارهم. ( أص|حاب األيك|ة إح|دى قبائ|ل الع|رب القديم|ة، ...، وأطل|ق عليهم ه|ذا22

االسم ألنهم كانوا يعبدون شجر األيك، وهو شجر ملتف على بعضه البعض، كم||ا عرف||وا ب||الغش في األوزان، فبعث الل||ه لهم الن||بي ش||عيب له||دايتهم،

ولكنهم لم يستجيبوا له. ذكر القرآن الكريم أن قوم مدين ك||انوا ب||القرب من ق||وم ثم||ود، وأن الل||ه بعث لهم الن|||بي ش|||عيب علي|||ه الس|||الم، وأن س|||يدنا موس|||ى لج|||أ إليهم وصاهرهم، وذكروا باسم قوم م||دين، وأص||حاب األيك||ة في مواض||ع عدي||دةsكم هs مs||ا ل sا قsوم اعبدوا الل sخsاهم شعsيبا قsالs ي sنs أ sى مsدي منها قوله تعالى: )وsإلsخs||اف ي أ ||ر وsإن ي sاكم بخ sرs ي أ انs إن sالم||يزsو sال||s وا المكي sنقص|| ||ره وsالs ت sه غsي من إل||ل ع ك s||ة وsقs||وم تب sيك حsاب األ sص|| sوم محيط(، وقوله تع||الى: )وsأ sيكم عsذsابs ي عsل

سلs فsحsق وsعيد(. sذبs الر ك

www.alukah.net

16

Page 17: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

سلs فsحsق وsعيد )23 sذبs الر sل هم14كل ك sول ب sا بالخsلق األ sفsعsيين ( أsبس من خsلق جsديد ) ( 15في ل

وتخبرنا اآليات بالنهاية المعروفة والمصير المحتم لمثل من كذب بالبعث وكذب األنبياء األولين فحق عليهم وعيد الله لهم بالموت، وهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون

وإخوان لوط وأصحاب األيكة وقوم تبع، والشاهد من ذكر هؤالء أنهم بلغوا في الدنيا مبلغا من المجد والعظمة ما لم يبلغه أحد

مثلهم، وتفاخرا بعائالتهم كقوم نوح، وغدرا بالصالحين كأصحاب الرس، واغترارا بقوتهم وبنيانهم كقوم عاد وثمود، واسترساال في

جمع المال والسلطان كفرعون، وإسرافا في الشهوات كقوم لوط، وظلما للناس وغشا في الحقوق كأصحاب األيكة، وسخطا

ر تكذيبهم للنعمة كقوم تبع، حتى بلغوا مبلغ الطغيان، فهل غي للرسل من مصيرهم المحتوم أال وهو الموت، ونظير الوعيد

سلs فsحsق عقsاب{، sذبs الر المقصود هنا قوله تعالى }إن كل إال ك والقصص ال تنقطع واألمثلة ال تنتهي وكلها يجمعها أن مصيرهم كان صدقا إنزال الموت بهم حكما من الله تعالى، فكان موتهم هو صدور حكم من الله تعالى بوجوب إنزال العقاب بهم نظير

تكذيبهم، ألن من مات قامت قيامته، وهي رسالة تهديدية أال يقعوا في مثل ما وقع فيهوتذكيرية لقوم النبي محمد

هؤالء، فالمسألة بسيطة وال تحتاج لكل ذلك الجدال والتكذيب، فكما أن المولى سبحانه خلق الخلق أول مرة فكذلك لن يعييه

() sعودونs sكم ت sدsأ sمsا ب أن يخلقهم من جديد، قال سبحانه )ك/األعراف(.29

( )تبع( كان قد عظم سلطانه وغزا بالد العرب ودخ||ل مك||ة وي||ثرب وبل||غ23 العراق، ويقال: إنه الذي بنى مدينة الحيرة في العراق، وكانت دولة تبع في سنة ألف قبل البعثة المحمدية، وقيل كان في حدود الس||بعمائة قب||ل بعث||ة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهان||ا الن||بي ص||لى الل||ه علي||ه وس||لم عنsمs ( رواه أحم|د في " ل sس|| s|انs أ ه قs|د ك ع|ا، فsإن وا تب ب sس| سب )تبع( فقال: ) الs ت

( عن سهل بن سعد رضي الله عنه وق||ال المحقق||ون:37/519المسند " )( .2423حسن لغيره، وحسنه األلباني في " السلسلة الصحيحة " )

و)تبع( لقب لمن يملك جميع بالد اليمن حميرا وسبأ وحضرموت، فال يطل||ق على الملك لقب تبع إال إذا ملك هذه المواطن الثالثة. وقال ابن كثير: وق||د كانت حمير وهم سبأ كلما ملك فيهم رجل سموه تبع||ا، كم||ا يق||ال كس||رى لمن مل||ك الف||رس، وقيص||ر لمن مل||ك ال||روم، وفرع||ون لمن مل||ك مص||ر

كافرا، والنجاشي لمن ملك الحبشة، وغير ذلك من أعالم األجناس.

www.alukah.net

17

Page 18: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

إن تذكير القرآن لنا بالموت وأنه هادم اللذات، يجعلنا نفكر فيما بعد الموت، طالما أن الحياة الدنيا البد وأن تنقضي ولم يخلد

فيها أحد، فماذا بعد الموت؟ فال يمكن أن تنتهي القصة عند هذه المرحلة بعد هذا التدبير العظيم للكون والمخلوقات، وكيف

بالحياة أن تنتهي فال يكون لها امتداد في عالم اآلخرة، بمعنى هل يعقل أن يخلق الله تعالى هذا الكون وتلك المخلوقات ويجعلها تتعايش معا وتنتج وتتكاثر على نحو معين ثم ينقضي ذلك كله

ويفنى دون أن يكون ثمة معنى لتلك الحياة الدنيا، والقول بذلك يعتبر شيء من العبث الشديد ال يمكن تصوره أوالقول به في

شأن من أبدع كل هذا الحسن ودبره.

بينما في المقابل يسهل التسليم بمنطقية البعث وأنه على مثال سبق، وقد خلق الله الخلق من العدم على غير مثال سبق، فلماذا يستعصي عليه شبحانه أن يعيدهم كما خلقهم أول مرة؟

sامsن يحيي العظsم sالsه قsلق sخ sسيs sال وsن sا مsث sن بs ل sرsضsيقول سبحانه )و ة وsهوs بكل خsلق عsليم sولs مsر sهsا أ أ sنشs ذي أ ميم، قل يحييهsا ال sر sهيsو

(، فليس األمر يستحق مثل هذا الجدال وال ذاك اللبس،78/79) ولو أردتم جداال فجادلونا فيما حدث لقوم نوح أو أصحاب الرس

أو ثمود أو جادلونا فيما حصل لعاد وفرعون وإخوان لوط أو أصحاب األيكة وقوم تبع، فهل استطاعوا بتكذيبهم هذا للرسل

ومجادلتهم إياهم أن يفلتوا من المصير المحتم، وقد أعادتsهم من قsرن sا قsبل sكن sهل sم أ اآليات هذا المعنى في قوله تعالى )وsك

د هsل من محيص ( }ق/ sقبوا في البالs sطشا فsن د منهم ب sشs {،36هم أ فالمسألة التي تجادلونا فيها منطقية ومسلمة وواضحة للعيان،

فالبد – إذن - وأن تغيروا معنا طريقة تفكيركم في الدنيا، فإنكملن تخلدوا فيها والبد من حساب، ولن يفلت أحد من العقاب.

sفسه sم مsا توsسوس به ن sعل انs وsن sا اإلنسs sقن ل sد خsقs قوله سبحانه )وsلsيه من حsبل الوsريد ب إل sقرs sحن أ sان عsن16 )24وsن sقي sل sقى المت sل sت ( إذ ي

( يقول العلماء ) الوريد جزء من أجزاء الدماغ المهمة وله عالقة ب||الوعي24 واليقظة واألفعال اإلرادية والغير إرادية وذو اتصال مباشر وغير مباشر م||ع

Brainمعظم أجزاء الدماغ المختلف||ة، و ج||ذع ال||دماغ stemيعت||بر وس||يطا لربط نصفي كرة المخ مع النخاع الشركي فتظهر خواص الحب||ل في||ه ومن ناحية أخرى فإنه الوريد الذي يورد أو عن طريقه ترد المعلومات من و إلى ال||دماغ، وعلي||ه ف||إن كلم||ة وري||د هي تبي||ان لتوري||د المعلوم||ات والح||وافز الداخلة والخارجة من الدماغ،وإذا رجعنا إلى اآلية الكريمة نج||د أن الس||ياق يدل على ارتباط الوسوسة مع حبل الوريد , إذ يوجد ارتباط مباشر بين م||ا يحدث اإلنسان به نفسه،وبين ما يتحول من األفك||ار والخ||واطر إلى أفع||ال

www.alukah.net

18

Page 19: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

مsال قsعيد ) sمين وsعsن الش قيب17الي sيه رsدs sلفظ من قsول إال ل ( مsا ي( 18عsتيد )

كثيرا ما تجول في النفس خطرات أو وساوس وهواجس، ذلك أن العقل البشري يتميز بأنه كثير المراجعة لنفسه، إذ يضع أمامه

أهداف محددة ووسائل لتحقيقها والعقبات التي تعترضه وسبل إزالتها وفي أثناء ذلك تنتابه هواجس الفشل أوالخوف أحيانا، وهو يسير في طريق المجهول ال يدري أسعيه في هذا الطريق سوف

يحقق له أحالمه وطموحاته أم إنه اختار طريقا غير مناسب لتحقيق هذه األهداف، شكوك وظنون تحيط به قد يتيه فيها فال يدري أن يهتدي أو يلجأ؟ولمن يحتمي؟ إنه الله سبحانه وتعالى

sمره sالغ أ هs ب ه فsهوs حsسبه إن الل ل عsلsى الل sوsك sت قال في كتابه )وsمsن ييء قsدرا( )الطالق / sه لكل ش (، فاإلنسان إذا كلف3قsد جsعsلs الل

نفسه اإلحاطة بكل المخاطر التي تحيط به وإزالة المصاعب التي تقف أمامه والعقبات التي تعترض طريقه، فإنه لن ينعم باألمن

وال باألمان وال السالم والطمأنينة، وسيظل متربصا متحسبا متوجسا حتى يتنهي به المطاف إلى مرحلة الوسوسة، وهي

مرحلة خطيرة أقرب إلى الجنون إن لم تصل إلى الجنون فعال، إن المسلم ينأى بنفسه أن يقع في دائرة الوسوسة، ولذلك

يستعن بالله دائما من شر الوسوسة ، بل إن الوساوس كادت )إذامن كثرتها أن تفسد علي اإلنسان عبادته لربه، يقول النبي

نودي للصالة أدبر الشيطان وله ضراط حتى ال يسمع التأذين فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصالة أدبر حتى إذا قضي

التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر ، فال25كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل ال يدري كم صلى(

ينبغي للمسلم أن يستسلم لهذه الوساوس وإنما عليه دائما أن يتصل بذكر الله تعالى، وال يدع مكانا في قلبه لشرور النفس

)إياكم والظن فإنالتي تنبع من هذه الوساوس، يقول النبي الظن أكذب الحديث وال تحسسوا وال تجسسوا وال تحاسدوا وال

إرادية وحركية وهذه األفعال تكون ذات عالقة مباش||رة وغ||ير مباش||رة م||ع جذع الدماغ، وقد أعلن الله سبحانه وتعالى في هذه اآلية الكريمة أنه يعلم الوسوسة في وقت حدوثها وكذلك قبل تحولها أو وصولها إلى جذع ال||دماغ حيث يكون التحول من النية إلى الفعل الح||ركي في بدايات||ه فه||و س||بحانه

وتعالى أقرب إلى اإلنسان من هذه المرحلة( األستاذ / محمد راتب النابلسي - خالد الجندي في ميزان العقل والنقل –

www.olom.infoالمنتديات العلمية 583 رقم 220 ص 1 ( رواه البخاري ج 25

www.alukah.net

19

Page 20: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

، وإن غلبت عليه26تدابروا وال تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا( الوسوسة فإنه يقاومها حتى تظل حبيسة نفسه، يقول النبي )إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو

، فإذا ظلت هذه الوساوس حبيسة صدره وكتمها ولم27تتكلم( )من هم بسيئة فلمتخرج لحيز العمل أجر عليها، يقول النبي

، فمن الذي يصرف28يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة( هذه الوسواس عن اإلنسان؟ وكيف تنصرف عنه؟ يجيب المولى

sقsد sاسبحانه )وsل sقن ل sخsو sان sم اإلنسs sعل sحنن sفسه وsن مsا توsسوس به نب sقرs أ sيه من حsبل الوsريد،إذ sقى إل sل sت sمين وsعsن ي sان عsن الي sقي sل المت

مsال قsعيد، sلفظ منالش قيب عsتيد(، وعليه فإنمsا ي sيه رsدs قsول إال ل ثمة أمور لدفع الوسوسة قد نستخرجها من تلك اآليات

المباركات، وذلك على التفصيل التالي:-

sقsد sاأوال: في قوله تعالى )وsل sقن ل sخsو sان sم اإلنسs sعل مsا توsسوسنsحن sفسه وsن ببه ن sقرs sيه من حsبل الوsريد(، ما يفيد بوجوبأ إل

االعتقاد بأن الله تعالى خالق اإلنسان هو أعلم بخلقه وما يصلح لهم وما يضرهم، وإنما عليه أن يذعن ويخضع لما حكم الله به

وكله ثقة أن ذلك يحقق مصلحته دون عناد أو استكبار، بما يكفيه أن يظل مترقبا متوجسا لألمور أو متشككا، وقد كفاه الله تعالى عبء ذلك، غاية األمر أن يسير على شرعه ليحقق مصلحته في

الدنيا واآلخرة، ذلك أنه سبحانه خلق الخلق ولم يتركهم همال وهو أعلم بحاجاتهم واحتياجاتهم وخط لهم ضربا يسيرون عليه، وهي

شريعته، فلماذا إذن يخاطر اإلنسان بالسير خالف المنهجويلتمس المصلحة في غير ما شرعه الله له.

sم ثانيا: في قوله تعالى )وs sعل sفسه ( ما يفيدن مsا توsسوس به ن وجوب مجاهدة المؤمن للوسوسة وعدم االسترال لها، فبالرغم من أن الوسوسة قد تدفع المؤمن الرتكاب ما يبغضه الله إال أن وجودها في ظل مقاوته لها ودفعه إياه بشرى خير له، فعن أبي

فسألوه: إنا نجد فيهريرة قال جاء ناس من أصحاب النبي أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه؟ قالوا

، فذلك دليل أنه يسير على طريق29نعم قال ذاك صريح اإليمان( اإليمان وإال النشغل الشيطان بوسوسة غيره عنه، ولذلك عندما

5717 رقم 2253 ص 5 ( رواه البخاري ج 26 4968 رقم 2020 ص 5 ( رواه البخاري ج 27 6126 رقم 2380 ص 5 ( رواه البخاري ج 28 132 رقم 119 ص 1رواه مسلم ج ( 29

www.alukah.net

20

Page 21: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

، وذلك –30 عن الوسوسة قال تلك محض اإليمان( سئل النبي كذاك - عالمة على أنه مبتلى، والمرء يبتلى على قدر دينه، يقول

) يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتدالنبي بالؤه وإن كان في دينه رقة ابتلى على حسب دينه(، وال شك أن الوساوس أظهر البالءات اعتراضا لإلنسان، والوسوسة البد وأن تندفع بالذكر وإال استمرت تجول في خاطر اإلنسان لتفسد عليه عيشه، ولذلك وجب دفعها بالمجاهدة والذكر، لقوله تعالى )وsإما

sذين ميع عsليم، إن ال sه س ه إن sعذ بالل sزغ فsاست sان ن يط كs منs الش غsن sنزs ي، sا هم مبصرونsإذsروا ف sذsك sان ت يط هم طsائف منs الش قsوا إذsا مsس ات

( )األعراف / sيقصرون sي ثم الsهم في الغs sمدون -200وsإخوsانهم ي202 .)

sحن بثالثا: في قوله سبحانه )وsن sقرs sيه من حsبل الوsريد(،أ إل استشعار لمعية الله تعالى للعبد في كل أحواله ومراقبته له كل أعماله، فإذا علم اإلنسان ذلك فعليه أن يخجل أن يحدث نفسه بما فيه شر وما ال يرضيه، وهذا هو الصفاء النفسي الذي ينشده

اإلسالم، فال يكفي أن تلتزم الجوارح منهج الله والقلب عنها منصرف، وإنما البد أن تسلم القلوب لهذا المنهج وأن يستقر في

ضمائر المؤمنين اتزان نفسي يحب كل ما يحبه الله ورسوله )ال يؤمنويبغض كل ما يبغضه الله ورسوله، يقول النبي

،31أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين( .32أو كما قال )ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به(

sقىرابعا: في قوله سبحانه )إذ sل sت sمين وsعsن ي sان عsن الي sقي sل المتمsال قsعيد (، يقول بن عاشور: )التلقي: أخذ الشيء من يد الش

معطيه، استعير لتسجيل األقوال واألعمال حين صدورها من الناس(، فاستحضار مراقبة الملكان لإلنسان تجعل المرء ال يغفل

عن حياة الغيب التي يعيشها وليس بمعزل عنها، فهو إن كان يعيش بين عالمين مختلفين ال تالقي بينهما، عالم الغيب وعالم الشهادة، فإن عالم الغيب أوقع من عالم الشهادة، فإذا انفصل

133 رقم 119 ص 1 ( رواه مسلم ج 30 15 رقم 14 ص 1 ( رواه البخاري ج 31 - رجال||ه ثق||ات غ||ير نعيم بن167 رقم 36 ص 1 ( مش||كاة المص||ابيح ج 32

حم||اد ض||عيف لك|ثرة خطئ||ه وق|د اتهم|ه بعض||هم – ول|ذلك ض||عف إس|ناده العلماء ومنهم العالمة األلباني، لكن متن الحديث يتفق مع الحديث السابق

اإلشارة إليه في صحيح البخاري ويعضده

www.alukah.net

21

Page 22: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

بعالم الشهادة عن عالم الغيب جمدت أفكاره وأضحت نفعية بحتة، وإذا فكر في عالم الغيب دون أن يعيش واقعه في عالم

الشهادة أضحى تائها ألنه بذلك أقرب إلى التنجيم وادعاء الغيب وذلك ضالل مبين، فإنك ال تعلم من الغيب إال القدر الذي أخبرك

به الشرع وما سوى ذلك فأنت عنه غافل، والحق أن يعيش المؤمن في عالم الشهادة دون أن ينفصل به عن عالم الغيب،

sا sلsى وsرسلن sجوsاهم ب هم وsن sسمsع سر ا الs ن sن بونs أ sحسs sم ي قال تعالى: )أ( }الزخرف/ sكتبونs sدsيهم ي {، وأول ما يستشعره من عوالم80ل

الغيب أمران أوال: معية الله تعالى ومراقبته له، والثاني مصاحبة الملكان له وقعودهما عن يمينه ويساره، واستحضار معنى حضور

الملكان وقعودهما عن يمين المرء وشماله، وأنهما ال يفارقانه أبدا بينما األهل واألحباب قد يفارقانه حال خلوته أو نومه، لهو

)ما منكم من أحد إالأدعى إلى تحصيل المراقبة، يقول النبي .33وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من المالئكة (

قيب sيه رsدs sلفظ من قsول إال ل خامسا: في قوله سبحانه )مsا ي ( ما يفيد وجوب مراقبة المسلم لجوارحه وبخاصة18عsتيد( )

في سفرلسانه، فعن معاذ بن جبل: قال كنت مع النبي فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني

بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألتني عن عظيم... أال أخبرك برأس األمر كله وعموده وذروته وسنامه؟ قلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا فقلت يا

نبي الله وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إال

sحن نحيي34حصائد ألسنتهم( ا ن ، ونظير ذلك قوله سبحانه )إن sاه في إمsام يء أحصsين sكل شsهم و sارs sث sكتب مsا قsدموا وsآ sى وsن المsوت

(، فليحترز المؤمن من أن تحصى عليه أقواله12مبين( )يس/ وأعماله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم )إن الرجل ليتكلم

بالكلمة ال يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار(، ويقول )إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ال يلقي لها باالالنبي

يرفع الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ال.35يلقي لها باال يهوي بها في جهنم (

وص||ححه األلب||اني انظ||ر الج||امع3648 رقم 385 ص 1 ( رواه أحم||د ج 33 10739 رقم 1074 ص 1الصغير وزياداته ج

وصححه األلباني 2616 رقم 11 ص 5 ( رواه الترمذي ج34 6113 رقم 2377 ص 5 ( رواه البخاري ج 35

www.alukah.net

22

Page 23: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sحيد ة المsوت بالحsق ذsلكs مsا كنتs منه ت sكر sت سsاءsجsقوله سبحانه )و sوم الوsعيد )19) sفس20( وsنفخs في الصور ذsلكs ي ( وsجsاءsت كل ن

هيد ) sشsائق و sا سsهsعs21مsنكsا عs فن sشs sة من هsذsا فsك sقsد كنتs في غsفل ( لsومs حsديد ) sصsركs الي sدsي عsتيد )22غطsاءsكs فsب ( وsقsالs قsرينه هsذsا مsا ل

sفار عsنيد )23 مs كل ك هsن sا في جs sلقي sد مريب )24( أ ير معت sاع للخ ( مsنديد )25 sاه في العsذsاب الش sلقي sخsرs فsأ sها آ ه إل ذي جsعsلs مsعs الل (26( ال

sعيد ) ل ب sالsفي ض sانs sكن ك sطغsيته وsل sا مsا أ ن ب sرينه رsق sالs27قsال sالsق ) sيكم بالوsعيد ) sدsي وsقsد قsدمت إل sصموا ل sخت sدsي28ت sدل القsول ل ( مsا يب

م للعsبيد ) sال sا بظ sن sقول هsل29وsمsا أ ت وsت sألs مs هsل امت هsن sقول لجs sومs ن ( ي(.30من مsزيد ( )

تفاجئنا السورة بمشهد قدوم الموت، ومن رحمة الله تعالى أن جعل قدومه مصحوبا بمقدمات تدل على اقترابه، تلك

السكرات التي تأتي المؤمن منذرة اقتراب أجله وكأن الموت يخطو خطواته نحو ضحيته رويدا رويدا، يقول النبي صلى الله

، والمستفاد من36عليه وسلم ) المؤمن يموت بعرق الجبين ( هذا الحديث أن في إطالة سكرات الموت على المؤمن تخفيف

من ذنوبه ورفع لدرجاته، قال العلماء أنه يشدد عليه الموت حتى يعرق جبينه ألن اإلنسان قد يتقاصر بحياته عن درجة الصابرين

، وقيل هو عالمة37فإذا شدد عليه بالموت وصبر نال الدرجة العليا الخير عند الموت، قال العلماء يعني يشتد الموت على المؤمن

38بحيث يعرق جبينه من الشدة لتمحيص ذنوبه أو لتزيد درجته

كرة يفيد أنها تتضمن معنى غياب sوالتعريف اللغوي لكلمة س ، فهي حالة تنتاب اإلنسان قبيل39العقل، فهي مشتقة من السكر

موته بحيث يكون بين الوعي والالوعي، يقول اإلمام البقاعي: )سكرة الموت( أي حالته عند النزع وشدته وغمرته يصير الميت

بها كالسكران، ال يعي وتخرج بها أحواله وأفعاله وأقواله عن قانون االعتدال، تلك السكرات قد وصفتها أم المؤمنين عائشة

فقالت ثقل النبي رضي الله عنها فذكرت مرsض رسول الله فقال ) أصلى الناس (، قلنا ال هم ينتظرونك قال )ضعوا لي ماء في المخضب(، قالت ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء فأغمي عليه

وص||ححه األلب||اني:1442 رقم 385 ص 4 ( رواه ابن ماج||ة في س||ننه ج36 1188 رقم 245 ص 1صحيح ابن ماجة ج

9 ص 4 ( الشرح المختصر على بلوغ المرام ج37 49 ص 4 ( تحفة األحوذي ج38579 ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ص 39

www.alukah.net

23

Page 24: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

) أصلى الناس (، قلنا ال هم ينتظرونك يا رسولثم أفاق فقال الله قال ) ضعوا لي ماء في المخضب (، قالت فقعد فاغتسل ثم

ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال ) أصلى الناس (، قلنا ال هم ينتظرونك يا رسول الله قال ) ضعوا لي ماء في المخضب (، فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال )أصلى

الناس( قلنا ال هم ينتظرونك يا رسول الله والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي عليه السالم لصالة العشاء اآلخرة

.40 إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس ( فأرسل النبي

وتجدر اإلشارة إلى أن سكرات الموت ال تعتبر عالمة رضا وال عالمة غضب، ألنها كما تصيب المكذب بالبعث - الذي يحيد عن الحق- فإنها تصيب كذلك المؤمن ولم يسلم منها األنبياء ، وقد

فروت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهاأصابت النبي أنه صلى الله عليه وسلم كان بين يديه علبة فيها ماء فجعل

يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول )ال إله إال الله إن للموت سكرات(، ثم نصب يده فجعل يقول ) اللهم في الرفيق

، قال العلماء: إن الشدة عند41األعلى ( حتى قبض ومالت يده الموت ليس عالمة سوء حالة الميت وال التخفيف عالمة صالحية

حاله، بل يمكن الشدة للصالح لرفعة درجاته، ويمكن السهولة ، وقد42لغيره ليجزى خيره في الدنيا وال يبقى له حظ في اآلخرة

لوحظ أن الشدة قبل النزع، فتكون الشدة كفارة للسيئات، قال العلماء إن المؤمن تحمل الغمرات قبل النزع، وأما حالة النزع

.43فيخرج روحه سهال والطالح ال يخرج روحه إال بالتشديد

أما الغمرات فإنها تخص الظالمين، حيث يغمرهم الموتى إذ الظالمونs في sرs sو ت بسكراته، كما في قوله سبحانه )وsل

sومs كم الي sنفسs sخرجوا أ sيديهم أ sاسطو أ sة ب ئك sالsالمsوت وsات الم sرsمsغ ه غsيرs الحsق وsكنتم sقولونs عsلsى الل ونs عsذsابs الهون بمsا كنتم ت sتجز

( )األنعام/ sكبرونs sست sاته ت sي (، فتنقلب السكرات إلى93عsن آغمرات حين تأتي الظالمين.

ويلي احتضار المرء وخروج الروح من الجسد أن تقوم قيامته،sوم فمن مات قامت قيامته، يقول سبحانه )وsنفخs في الصور ذsلكs ي

655 رقم 243 ص 1 ( رواه البخاري ج 40 4184 رقم 1616 ص 4 ( رواه البخاري ج 41 406 ص 2 ( العرف الشذي للكشميري ج42 407 ( المرجع السابق ص 43

www.alukah.net

24

Page 25: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

، وبهذا44الوsعيد(، قال العلماء ونفخ في الصور، أي نفخة البعث السرد تتجاوز اآليات مرحلة البرزخ، أي مرحلة القبر تلك التي تلي الموت وقبل البعث، لتصرف اهتمامنا إلى مرحلة البعث الذي هو بيت القصيد في هذه السورة وهو الذي عجب منه

sنعsم الكافرون، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: »كيف أsا جبهته، وأصغى سمعsه، ، وحن sم صاحب القرن القرنsوقد التق ؟ فكأن ذلك ثقلs على أصحابه، فقالوا: sنفخs ينتظر أن يؤمsر في فكيف نفعل يا رسولs الله، أو نقول؟ قال: قولوا: حسبنا الله

.45ونعمs الوكيل، على الله توكلنا

ثم يلي النفخ للبعث مرحلة الجمع والحشر يقول سبحانهsاهم sعض وsنفخs في الصور فsجsمsعن sموج في ب sومsئذ ي sعضsهم ي sا ب كن sرs )وsت

معا( )الكهف/ sإذ يتحقق ما لم يكن الكافر يتمناه حيث99ج ،) sوم الوsعيد(، فهو وعد يبعث ويجد ما وعده ربه حقا، )ذsلكs ي

بالجائزة للمؤمنين ووعيد بالعذاب للمكذبين، ثم يبدأ الحساب.

والعجيب أن المولى سبحانه يضع للحساب الضوابط واإلجراءات المتبعة التي فرضها سبحانه على نفسه ليتحقق

العدل في اآلخرة، وهو قادر على أن يحاسب عباده دون اإلتيان بالشهود واألدلة والقرائن، لكنه سبحانه من أسمائه وصفاته

العدل، بأن يحاسب عباده حساب وفقا لشروط مسبقة ليقوم ميزان العدل في اآلخرة، وأولى بنا أن نتبع هذه الضوابط

واإلجراءات لنقيم ميزان العدل في الدنيا.

هيد( ) sشsائق و sا سsهsعsفس مs يقول سبحانه )وsجsاءsت كل ن /ق(، يقول القرطبي: قال ابن عباس: السائق من المالئكة21

والشهيد من أنفسهم األيدي واألرجل، فالمالئكة قد باشرت وظيفتها حيث قامت بضبط كل مخالفة قام بها ابن آدم وحررت المحاضر التي يستدل منها على هذه الجرائم والمخالفات، يقول

sابا ( )يس/ sاه كت sحصsين يء أ sكل شs(، والالفت للنظر29سبحانه )و أن الله تعالى كلف المالئكة بالقيام بهذه الوظيفة، وهو ما يستدعي يختار ولي األمر أطهر العباد قلوبا للقيام بأعمال

الشرطة قياسا على المالئكة في وظيفتها تلك التي أشرنا إليها، وهكذا يعلمنا القرآن أمور حياتنا من خالل ما نؤمن به من

327 ص 19 ( األلوسي ج44 وص|||ححه األلب|||اني: ص|||حيح3166 رقم 37 ص 11 ( رواه الترم|||ذي ج 45

2585 رقم 100 ص 3الترمذي ج

www.alukah.net

25

Page 26: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

معتقداتنا التي ندين بها لله تعالى، إذ ال يكفي أن يقوم بالقضاء من نثق في عدله وإنما البد وأن تكون إجراءات المحاكمة والتحقيق ومن قبلهما الضبط واإلحضار عادلة حتى تكون

المحاكمة برمتها عادلة.

ولالفت للنظر أن المولى سبحانه لم يكتف بما ساقته المالئكة – رغم أنهم ال يعصون الله ما أمرهم – من محاضر االستدالل

على ما اقترفه ابن آدم من أخطاء وذنوب، وإنما البد وأن تقوم ثمة أدلة معتبرة على ذلك، وفي هذا المقام تكون الشهادة، لكن

من يشهد على ابن آدم، أهل القانون يقولون أن االعتراف هو سيد األدلة، وكذلك المولى سبحانه وتعالى يجعل الجوارح تنطق

sتهم sلسن sيهم أ sشهsد عsل sومs ت بما اقترفه اإلنسان، يقول سبحانه )يsهم الحsق ه دين sومsئذ يوsفيهم الل ، ي sلونsعمs sانوا ي sرجلهم بمsا ك sيديهم وsأ وsأ

هs هوs الحsق المبين )النور / sن الل sمونs أ sعل (، ويقول24-25وsيsبصsارهم معهم وsأ sيهم سs هدs عsل sا شsاءوهsا جsا مs ى إذ سبحانه )حsت

sا sين هدتم عsل sش sالوا لجلودهم لمsقsو ، sلونsعمs sانوا ي وsجلودهم بمsا كة sولs مsر sقsكم أ ل sخ sهوsيء و sكل ش sقsنطs ذي أ ه ال sا الل sقsن sنط قsالوا أ

sالsمعكم و sيكم سs sشهsدs عsل sن ي sترونs أ sست ،وsمsا كنتم ت sعونsيه ترجs وsإلsثيرا مما sم ك sعل هs الs ي sن الل sنتم أ sكن ظsن sبصsاركم وsالs جلودكم وsل أ

sعمsلونs )فصلت / (.22-20ت

عندئذ يقول – لسان حال - اإلنسان ليتني انتبهت لحياتي التي كنت غافال عنها من أمور الغيب التي كنت أعيشها في عالم

الشهادة، أو بمعنى آخر ليتني كنت مصدقا أن الله جعل لي قرينا عن يميني وشمالي يكتب ما أقول وأفعل، فاليوم انكشف الغطاء

وال غيب وكل ما غاب عنك في الدنيا فهو مشاهد يوم القيامة،sومs حsديد(، فقد sصsركs الي sا عsنكs غطsاءsكs فsب فن sشs يقول سبحانه )فsك

انتهى االمتحان و االبتالء ولم يبق إال الحساب والجزاء.

sدsي عsتيد ()ق/ (، يقول23يقول سبحانه )وsقsالs قsرينه هsذsا مsا ل 46 )ما منكم من أحد إال وقد وكل به قرينه من المالئكة ( النبي

إذ توضع السجالت لتحصى األعمال على العباد، ونظير ذلك قولهى المجرمينs مشفقينs مما فيه sرs sاب فsت سبحانه )وsوضعs الكت

ة إال sبيرs ة وsالs ك sغيرsادر صsيغ sاب الs sا مsال هsذsا الكت sن sت sا وsيل sقولونs ي وsيsحsدا )الكهف/ كs أ ب sظلم رs sحصsاهsا وsوsجsدوا مsا عsملوا حsاضرا وsالs ي أ

وص||ححه األلب||اني انظ||ر الج||امع3648 رقم 385 ص 1 ( رواه أحم||د ج 46 10739 رقم 1074 ص 1الصغير وزياداته ج

www.alukah.net

26

Page 27: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

(، ثم يصدر الحكم من الله تعالى الذي يقضي بين العباد، وهو49sفار عsنيد(، مs كل ك هsن sا في جs sلقي حكم تفصيلي باإللقاء في جهنم )أ مسببا بحيثيات محددة تشتمل على أوصاف اإلدانة )كفار – عنيد

اع – مناع للخير – معتد – مريب – جعل مع الله إلها آخر (، )مsنsاه في sلقي sخsرs فsأ sها آ ه إل ذي جsعsلs مsعs الل sد مريب * ال ير معت sللخ

ديد ( )ق/ (26-25العsذsاب الش

والالفت لالنتباه أن المالئكة تقوم بوظيفة أخرى غير وظيفة التقصي والتثبت وإحصاء أفعال وأقوال المكلفين وكتابتها في سجالت، إذ يكلفها الله تعالى بمهمة السجان والحارس ألهل

sفار عsنيد(، ونظير ذلك قوله سبحانه مs كل ك هsن sا في جs sلقي النار، )أاس sارا وsقودهsا الن sهليكم ن كم وsأ sنفسs sمsنوا قوا أ ذينs آ هsا ال sي sا أ )يهم sرsمs هs مsا أ sعصونs الل ظ شدsاد الs ي sة غالs ئك sالsا مsيهs ة عsل sارsالحجsو

sفعsلونs مsا يؤمsرونs )التحريم/ (، وتلك أيضا لمحة نتعلم منها أن6وsي يقوم البشر باختيار من هم أمثلهم أخالقا وأفضلهم سمعة ونقاءا

للقيام بمهمة السجان والحارس ومنفذي الحدود، قال تعالى:sضربونs وجوهsهم sة ي ئك sالsروا المsفs ذينs ك sوsفى ال sت ى إذ ي sرs sو ت )وsل

هم وsذوقوا عsذsابs الحsريق( ) sارs sدب /األنفال(، وأال توكل مثل50وsأ هذه األمور لمخرومي المروءة والفاسدين أو حتى غير المعروف

عنهم بأنهم أفضل الناس وأمثلهم، والله قادر على أن يعذب هؤالء بدون مالئكة، ولكنه يعلمنا أمور حياتنا بما نعتقده من أمور

آخرتنا.

وتسرد اآليات الصفات التي استحق ألجلها أهل النار العذاب،( فمن يستحق sم هsن sا في جs sلقي فقد صدر الحكم من الله تعالى )أ

( وهو يفيد العموم هذا العذاب؟ ذكر في منطوق الحكم لفظ )كل والشمول واالستغراق واإلحاطة لكل اسم نكرة جاء بعدها،

sعsم sلsعsذي ج sد مريب، ال ير، معت sاع للخ sفار، عsنيد، مsن وهم... كل )كsاه في العsذsاب sلقي sخsرs ( كل أولئك ما حكمهم؟ )فsأ sها آ ه إل الل

ديد(، وقبل تفصيل ذلك، نود أن ننوه إلى أن هذه الصفات الش ليست بمعزل عن بعضها البعض وإنما هي صفات مترابطة

ومتشابكة ويعضد بعضها بعضا الستحقاق العذاب الشديد واإللقاءفي جهنم، وذلك على النحو التالي:-

فقوله تعالى )كفار(: يشير إلى أن المخاطب بهذه اآلية من تعدى مرحلة الكفر إلى مرحلة استمرار الكفر بعد إقامة الحجج عليه، حيث ينطبق عليه وصف المبالغة من الكفر بلفظ )كفار(،

www.alukah.net

27

Page 28: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

فإن كان الكفر أساس كل شر، فإن االستمرار فيه لتتراكم أعمال الكفر بعضها فوق بعض بما يصم الكافر بأنه كفار حيث ال

ينسب إليه شكر أبدا، األمر الذي يصير به الكافر إلى مرحلةsفsروا وsمsاتوا ذينs ك العناد، فيسمى بالكفار، يقول سبحانه )إن ال

sدsى به sو افت sرض ذsهsبا وsل sحsدهم ملء األ sلs من أ sن يقب وsهم كفار فsل( sاصرينs sهم من ن sليم وsمsا ل sهم عsذsاب أ sئكs ل (، إذ لوال إصراره91أول

على الكفر لكان األمر مرجو في أن تأت اللحظة التي ينشرحقلبه فيها لإلسالم.

وقوله تعالى )عنيد(: يعني أن من الكفار من ليس عنيدا بدليل أن منهم من يدخل اإلسالم، لكن استمرار الكفر وإتيان أعمال

sذير مsا sما جsاءsهم ن الكفر يورث عنادا واستكبارا، يقول سبحانه )فsلsحيق ئ وsالs ي ي sرض وsمsكرs الس sارا في األ ادsهم إال نفورا، استكب sز

sهله( ) ئ إال بأ ي /فاطر(، وقد بلغ قوم نوح من العناد43المsكر الس مبلغا لم يبلغه مثلهم، وظلوا على عنادهم ألف سنة إال خمسين

sصsابعsهم sهم جsعsلوا أ sغفرs ل مsا دsعsوتهم لت ي كل عاما، يقول سبحانه )وsإنsارا ) sروا استكب sكب وا وsاست sصsر sهم وsأ sاب وا ثي sغشs sذsانهم وsاست في آ

/نوح(، فلم يكن جزاؤهم إال الطوفان.7

وقوله تعالى )مناع للخير(: فيه إشارة إلى تخطي الكافر مرحلة العناد – تلك التي ال تضر غير نفسه - إلى مرحلة الصد عن سبيل الله تعالى، وقد يظن ظان أن من الكفار المعاندين

المتشددين في الفكر والمتصلبين في الرأي من ليس بصاد عن الحق وال بمناع للخير، كل ما في األمر أنه يدافع عن رأيه ووجهة

نظره الخاطئة ظنا منه أنها صوابا، فتجده يستلهم من الكفر إرشادا ومن العناد هدى بينما هو في الحقيقة يعمه في غيه

وضالله، بيد أن الحقيقة غير ذلك، ذلك ألنه وإن كان الظاهر من حاله أنه ال يمنع خيرا - في ظنه - وال يبغي شرا – كذلك في قصده – فإنه كذلك في اعتبار القرآن، بل البد وأن يصطدم بالحق وأهله إن ظل يعتقد ما يعتقده من الكفر حتى ولو لم

يظهر من فعله منع للخير أو صد عن سبيل الله، ذلك أن اعتقاد الكفر - في أصله - مانع للخير، فمن لم يشكر الله تعالى كيف يشكر العباد؟ ومن لم يؤد حق الله تعالى عليه كيف يؤدي حق العباد؟ فالكفر والعناد بالكفر يعظم النظرة الشخصية القاصرة

على النفس فحسب، وتعظيم النفس في مقابل تصغير الغير وحقوق اآلخرين، بينما يهتم اإلسالم باإلطار االجتماعي للمسلم، فيضع حقوقا لآلخرين تنبث من كونهم يعيشون معه في مجتمع

www.alukah.net

28

Page 29: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

)إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابنواحد، يقول النبي آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك؟ وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فالنا مرض فلم تعده أما

علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب وكيف أطعمك؟ وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فالن فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني

قال يا رب كيف أسقيك؟ وأنت رب العالمين قال استسقاك.47عبدي فالن فلم تسقه أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي(

وقوله تعالى )معتد(:يوضح أن الكفر ال يقتصر على منع الخير فحسب، وإنما يتطور إلى مرحلة الهجوم والتعدي على حقوق

sثيم(، فألنه ظهر منه sد أ ير معت sاع للخ اآلخرين، لقوله سبحانه )مsن منع الخير فالبد وأن يلي ذلك ظهور العدوان منه إن لم يجاهده المسلمون، وهنا تجمع صفات المبالغة في الكفر والعناد ومنع

sثيرا الخير حتى االعتداء على حقوق العباد، يقول سبحانه ) وsإن ك() sدينs sم بالمعت sعل كs هوs أ ب sير علم إن رsائهم بغsهوs ونs بأ sيضل ل

/األنعام(. 119

وقوله تعالى )مريب(: يدل على أن من اتصف بتلك الصفات اآلنف ذكرها قد أصبح في مرحلة الريب والشك، وهو ضرب من

الوسوسة، وكثير من التخبط، لتجده يرتاب في كل شيء وال يثق أي شيء حتى في نفسه أو من حوله من أقربائه وعشيرته، وهي أشد مراحل االنزالق إلى الهاوية، وهي مرحلة المفاصلة الكبرى

التي ال يجدي بعدها النقاش أو الحوار، وإنما البد عندئذ من التبرؤاس إن كنتم هsا الن sي sا أ والتجرد لله سبحانه القائل في كتابه )قل ي

sعبد sكن أ ه وsل sعبدونs من دون الل ذينs ت sعبد ال ك من ديني فsالs أ sفي ش ( )يونس/ sالمؤمنين sمن sكونs sن أ sوsفاكم وsأمرت أ sت ذي ي هs ال (.104الل

ذي جعل مع الله إلها آخر(: ربط تلك الصفات وقوله تعالى )ال التي جمعتها اآلية سلفا بصفة جامعة لها بقوله تعالى )الذي(، تلك الصفة الجامعة هي الشرك بالله تعالى، ولم تذكرها اآلية تصريحا،

وإنما ذكرتها تعريضا بقوله سبحانه )جعل مع الله إلها آخر(، فهو لم ينصرف عن عبادة الله تعالى بالكلية، وإنما عبد معه غيره،

فلم يوحده سبحانه بالعبودية، وهذا هو اإلشراك بالله، والغاية من ذلك هو صرف الناس عن عبادة الله بطريق التلهي بعبادة غير

الله سبحانه، إذ لو زعم هؤالء أن ال إله وحسب، ألضحى غير 2569 رقم 1990 ص 4 ( رواه مسلم ج 47

www.alukah.net

29

Page 30: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

المؤمن بالله تعالى في فراغ عقائدي، وكلما مر عليه الزمن وانشغل تفكيره بما يجب أن يعتقده القترب من الدين الحق حتى يدين باإلسالم لله، لكن عندما ينشغل فكره بعبادة غير الله تعالى

فإن ذلك يشغله عن التوحيد لله سبحانه، ولذلك عبدوا غير اللهsندsادا ه أ ليضلوا الناس عن عبادة الله، قال سبحانه )وsجsعsلوا لل

ار( )إبراهيم/ sى الن كم إل sصيرsإن مsعوا ف sمsت بيله قل ت sن سsوا ع ليضل30 .)

ثم يتأكد الحكم من الله ويصير نهائيا غير قابل لالستئنافديد(، وعندئذ تحدث جلبة sاه في العsذsاب الش sلقي بقوله تعالى )فsأ

وضجة حيث يحدث تشاحن بين القرناء، فيزعم الكافر أن قرينه قد أورده المهالك، فيرد القرين بأن لم يكن هو سبب إغواء

sانs في sكن ك sطغsيته وsل sا مsا أ ن ب sرينه رsق sالsاإلنسان، يقول سبحانه )ق sعيد (، يقول النبي ل ب sالsضما منكم من أحد إال وقد وكل به(

قرينه من الجن قالوا وإياك؟ يا رسول الله قال وإياي إال أن الله ، وينطق هذا القرين48أعانني عليه فأسلم فال يأمرني إال بخير(

يوم القيامة ليتبرأ مما صنع ابن آدم رغم أنه كان سببا في إعانة بن آدم علي الشر، بل إنه قد أمره به فاستجاب له، قال تعالى:

هs وsعsدsكم وsعدs الحsق sمر إن الل sما قضيs األ sان ل يط )وsقsالs الشsن sان إال أ sيكم من سلط sانs لي عsل sفتكم وsمsا ك sخل وsوsعsدتكم فsأsا sن كم مsا أ sنفسs sلوموني وsلوموا أ بتم لي فsالs ت sجs دsعsوتكم فsاست

كتمون من قsبل sشرs sفsرت بمsا أ ي ك sنتم بمصرخي إن بمصرخكم وsمsا أsليم( )إبراهيم / sهم عsذsاب أ (، ونظير ذلك كذلك22إن الظالمينs ل

sالsق sرsفs sما ك ان اكفر فsل sلإلنس sالsان إذ قs يط sل الش sمsث قوله تعالى )ك( )الحشر / sمينs ب العsال sر sه sخsاف الل ي أ sريء منكs إن ي ب (.16إن

أوليس من العجيب أن يتبرأ الشيطان يوم القيامة من ابن آدم وما آل إليه مصيره، وقد أقسم أن يبذل كل طاقته إلغوائه؟ وقد

sالsأخبرنا القرآن بعزم الشيطان إضالل ابن آدم إذ قال )ق sرينs * قsالs فsبمsا كs منs المنظ sوم يبعsثونs * قsالs إن sى ي sنظرني إل أsين هم من ب sن sتي sثم آل * sقيمs اطsكs المست sهم صرs sقعدsن ل sني ألs sغوsيت أ

هم sرs sكث sجد أ مsائلهم وsالs ت sن شsعsانهم وsيمs لفهم وsعsن أ sمن خsيديهم وs أ( )األعراف/ sاكرين sإن ما سوف يحدث يوم القيامة هو17ش ،)

عين ما حدث في الدنيا حين تحزب الشيطان مع الكفار على المؤمنين فلما رأي المالئكة تؤازر الذين آمنوا خاف ونكص على

sال sالsقsهم وs sعمsال sان أ يط sهم الش نs ل ي sإذ زsعقبيه، قال سبحانه )و 2814 رقم 2167 ص 4 ( رواه مسلم ج 48

www.alukah.net

30

Page 31: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sان sت اءsت الفئ sرs sما ت sكم فsل ار ل sي ج اس وsإن sومs منs الن sكم الي غsالبs لي ونs إن sرs ى مsا الs ت sرs ي أ sريء منكم إن ي ب sيه وsقsالs إن sكsصs عsلsى عsقب ن

ديد العقsاب( )األنفال/ sه ش هs وsالل sخsاف الل (.48أ

ال عجب في ذلك، فذلك هو الخزالن المبين، ولذلك ينهي الله الخصام والجدال بين الشيطان وأهل النار، فكالهما قد أضل

نفسه وكالهما أعان بعضهم بعضا لما آلوا إليه من مصير، قالsيكم بالوsعيد(، حيث sدsي وsقsد قsدمت إل sصموا ل sخت تعالى )قsالs الs ت

} sعينsجمs sبعsكs منهم أ مs منكs وsممن ت هsن sن جs sمال قلت إلبليسs: } ألs وجهs لالختصام في هsذا الوقت فاتبعتموه معرضينs عن الحق فال

49.

والمصير الذي يستحقه كالهما هو قدر قد سبق في علم الله تعالى، وال ظلم ألحد فيما آل إليه مصيره، يقول سبحانه )ذsلكs بمsا

م للعsبيد( )ق/ sيسs بظsال هs ل sن الل sيديكم وsأ (، وفي ذلك51قsدمsت أ إجمال ألسباب هذا المصير، وتأكيد على أن دفع ذلك ممكن

وممتنع، فهو ممكن عقال وشرعا، وممتنع كونا ألنه عين العدل، أي لوال ما اقترفته أيديكم – كناية عن جوارحكم- من أفعال

وآثام، لما صرتم إلى جهنم، وهو عين ما ذكرته اآليات كذلك منل sالsفي ض sانs sكن ك استدراك الشيطان ألسباب هذا المصير )وsلsيكم sعيد(، وقد تأكد ذلك تحقيقا بقوله سبحانه )وsقsد قsدمت إل ب بالوsعيد(، تأكيدا على أن الله سبحانه قد بصر عباده الطريق

وأنذرهم بالرسل، فال ظلم ألحد، وقد قطع القرآن بأن الشيطان لم يكن مسلطا على ابن آدم إال بما قدمه له ابن آدم من تنازالت

، كما قطع بأن الله سبحانه أرسل الرسل بالنذارة والبشارةوأنزل الكتاب فيه هدى للناس وفيه الوعد والوعيد؟

لكن قد يسأل سائل أليس الله بعالم بما سوف يفعله أهل النار؟ أليس هو قد تركهم ليصيروا إلى ما صاروا إليه؟ إذن لماذا

خلقهم؟ أخلقهم لكي يعذبهم؟ وهو قادر على أال يخلقهم وقد علم أنهم سيصيرون إلى ما صاروا إليهم قبل أن يخلقهم؟ فعن عائشة

بصبي من األنصار يصsلي عليه –أم المؤمنين قالت: أتي النبي أي صالة الجنازة - قالت قلت يا رسول الله طوبى لهذا لم يعمل شرا ولم يدر به فقال " أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق الجنة

وخلق لها أهال وخلقها لهم وهم في أصالب آبائهم، وخلق النار ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم - تفسير أبو المس||عود ج49 197ص 6

www.alukah.net

31

Page 32: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

إذن هو،50وخلق لها أهال وخلقها لهم، وهم في أصالب آبائهم قضاء سبق وقدر قد قدر.

وقبل اإلجابة على هذا التساؤل ينبغي التأكيد على أنه ال أحد يملك اإلجابة عليها إال الله وحده سبحانه، كما أن توجيه هذا

sفعsل sل عsما ي السؤال إليه سبحانه ممتنع، يقول سبحانه )الs يسأ( )األنبياء/ sلونs (، فهذه األسئلة ال يحق ألحد أن يسألها23وsهم يسأ

في حق الله، كما أنه ال يملك اإلجابة عليها أحدا إال هو، ورغمsن ذلك فإنه سبحانه أجاب إجابة قاطعة للشك، بقوله سبحانه )وsأ

م للعsبيد(، ذلك أن الغاية من هذا التساؤل هو sيسs بظsال هs ل الل التشكيك في عدل الله تعالى، ولكنه سبحانه ينفي عن نفسه

فيما روى عن الله تباركالظلم، كما في الحديث عن النبي وتعالى أنه قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته

، فإذا كان األمر كذلك فال سبيل إلى51 بينكم محرما فال تظالموا معرفة هذه اإلجابة إال باالعتقاد بأن الله تعالى يحكم بالقسط،sالغsة ة الب ه الحج وقوله حق وقدره عدل، يقول سبحانه )قل فsلل

.) sعينsجمs sهsدsاكم أ اءs ل sو شs فsل

لكن قد يشفي صدر المريض أن يعلم اإلنسان أنه قد اختار أن يخلق ويحمل أمانة التكليف وقد عرضت هذه األمانة على غيره

من المخلوقات فأبت ووافق هو عليها، ولم يعجزه ربه عن حمل هذه األمانة وإنما أعطى له المقومات واإلمكانيات والقدرات

والمؤهالت التي تمكنه من حمل هذه األمانة، المهم هو التأكيد على أن ذلك كله ليس فيه أي ظلم للعبيد، وأن أهل الجنة

يصيرون للجنة بحق وأن أهل النار يصيرون إلى النار بحق، والظلم أليهما

ومثال ذلك مثل المريض الذي يتم استئصال كليته لفشلها، أو بتر قدمه لخطورتها على حياته، وهو ال يفقه شيئا في الطب لكنه يثق في هذا الطبيب ويعلم أن في هذا مصلحته، فإنه يرضى بهذا المصير علما مسبقا منه أنه لن يظلم في قطع رجله أو استئصال كليته، وإنما ذلك سوف يصلح من شأنه، بل لو قيل له أنه سوف

يتم استئصال ورم في جسدك لكنك بعده سوف تصير مشلوال شلال تاما لما مانع في ذلك وفضل العالج باستئصال هذا الورم

وصححه األلب|اني – ومث|ل ه|ذه4713 رقم 641 ص 2 ( رواه أبو داود ج 502662 رقم 2050 ص 4الرواية عند مسلم ج

2577 رقم 1994 ص 4 ( رواه مسلم ج 51

www.alukah.net

32

Page 33: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

على الموت، وكل ذلك هو تكهن منه بالغيب أو أخذ باألسباب التي يمكن تفسيرها في االستعانة بالطبيب الثقة ألجل إجراء هذه

العملية، إذن لماذا ال نثق في الله تعالى وهو الذي خلقنا؟ لماذا نرتاب في عدله وقد يسر لنا طريق عبادته وزلل لنا العوائق

والعقوبات، بل هو الذي ضمن لنا في ميزان حسابه أن يعاملناsه sة فsل ن sسsبالح sاءsن جsبرحمته ال بعدله، فهو القائل في كتابه )م

sهم الsا وsهs ى إال مثل sيجز sالsة فs ئ ي sالهsا وsمsن جsاءs بالس sمث عsشر أ( )األنعام/ sمونs )جعل الله الرحمة في(، يقول النبي 160يظل

مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في األرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس

، وفي رواية )وتسعة52حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ، إذن رحمة الله بنا أكبر من رحمة األم53وتسعون ليوم القيامة(

برضيعها، ورغم هذه الرحمة خلق النار وخلق لها أهلها بحق، وال ظلم ألحد في ذلك، فمجرد سؤال الله تعالى عن ذلك هو تشكيك

في عدله، وليس ذلك من اإليمان في شيء فهو ال يسأل عما يفعل وهم يسألون، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قدم

سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقيعلى النبي إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال

) أترون هذه طارحة ولدها في النار (، قلنا ال وهيلنا النبي تقدر على أن ال تطرحه فقال ) لله أرحم بعباده من هذه بولدها (

، فطالما أن الله تعالى قد أخبر بأنه ليس بظالم فال ريب بعد54ذلك في عدل الله وال جدال في استحقاق المصير.

ت (، فترد عليه sألs وحين يسأل الله سبحانه جهنم )هsل امتsقول هsل من مsزيد( ال يتطرق شك في قلب المؤمن في عدل )وsت

الله تعالى كذلك، وإنما عليه أن يعلم أن الله حين خلق جهنم وخلق لها خلقها، وإنه رغم أنه سبحانه قد وسع من أقطارها، وقد ألقي فيها كثير من الناس إال أنها ال تزال تسأل عن المزيد، والله

م للعsبيد( )ق/ sيسs بظsال هs ل sن الل (، فعن النبي 51تعالى يقول )وsأ قال ) اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة يا رب ما لها

ال يدخلها إال ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة أنت رحمتي، وقال للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها، قال فأما

الجنة فإن الله ال يظلم من خلقه أحدا وإنه ينشئ للنار من يشاء 5654 رقم 2236 ص 5 ( رواه البخاري ج 52 2753 رقم 2108 ص 4 ( رواه مسلم ج 53 5653 رقم 2235 ص 5 ( رواه البخاري ج 54

www.alukah.net

33

Page 34: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

فيلقون فيها فتقول هل من مزيد ثالثا حتى يضع فيها قدمه ولذلك،55فتمتلئ ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط (

sا sو شئن فإن ملئ النار بأهلها هو حق وبر قسم، قال سبحانه )وsلsمن sم هsن sن جs sمألs sي أل sكن حsق القsول من sفس هدsاهsا وsل sا كل ن sين sت sآل

sجمsعينs ( )السجدة/ اس أ ة وsالن (، قال عز وجل )قsال13sالجن) sعينsجمs sبعsكs منهم أ مs منكs وsممن ت هsن sن جs sمألs sقول،ألs فsالحsق وsالحsق أ

( ، إذن حين يبارز الشيطان ربه ويضم إليه من حق85)ص/ عليهم الغواية من الجن واإلنس من اتبعه فعندئذ كان لزاما أن

sار قوا الن يعد الله جهنم بأن تمتلئ بهم أجمعين، يقول سبحانه )فsات( )البقرة/ sافرينs ة أعدت للك sارsالحجsاس و تي وsقودهsا الن (،24ال

)قال ال تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيديقول النبي حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول

قط قط بعزتك وكرمك وال يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله ، إذن ال فضل في اآلخرة وال56لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة(

مكان في الجنة أو النار ألحد غير ما قد كتب في قدر اللهوقضائه، و كل ذلك بعدل الله وال ظلم ألحد.

sعيد ) قينs غsيرs ب ة للمت ن sت الجsأزلفsو( ا31 يقول سبحانهsا مsذsه ) sواب حsفيظ ) حمsنs بالغsيب وsجsاء32sتوعsدونs لكل أ ( مsن خsشيs الر

sوم الخلود )33بقsلب منيب ) م ذsلكs ي sال sا بسsا34( ادخلوهsهم مs ( لsا مsزيد ) sدsين اءونs فيهsا وsل sشs ( 35ي

والترهيب الذي جاءت به اآليات شديد ومروع، ولذلك كان القارئ بحاجة إلى ما يهدئ من روعه ويطمنه فضل الله تعالى

ورحمته، وذلك كعادة القرآن يلي الترهيب ترغيبا لتكتمل عقيدة المسلم الصحيحة، كما شبهها العلماء بالطائر الذي يطير

بجناحين، أحدهما جناح الخوف واآلخر جناح الرجاء، يقول صاحب الظالل )فالجنة تقرب وتزلف , فال يكلفون مشقة السير إليها، بل هي التي تجيء(، ولعل اقتراب الجنة يتحقق حينما يموت المسلم

ويرى مقعده في الجنة ويتمنى أن تقوم الساعة لشوقه إليها، ) إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداةيقول النبي

والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم

)العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب، ويقول 57القيامة( 7011 رقم 2711 ص 6 ( رواه البخاري ج 55 2848 رقم 2187 ص 4 ( رواه مسلم ج 56 2866 رقم 2199 ص 4 ( رواه مسلم ج 57

www.alukah.net

34

Page 35: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقوالن ؟ فيقول أشهد أنه عبدله ما كنت تقول في هذا الرجل محمد

الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك في النار أبدلك الله به ، وهكذا تقترب الجنة وتتزلف للمتقين من58مقعدا من الجنة (

ف لزوجها، وحينها يتأكد وعد sقريب ال من بعيد وكأنها عروس تز sا sن ث sورs sا وsعدsه وsأ ذي صsدsقsن ه ال الله ألهل الجنة فيقولون )الحsمد لل( )الزمر/ sاملينsجر العs اء فsنعمs أ sشs ة حsيث ن ن sالج sوأ منs sب sت sرضs ن األ

74.)

(: أسلوب اختصاص ببشرى اقتراب sقين فقوله تعالى )للمت الجنة، ذلك أن التقوى صفة جامعة لكل محاسن األخالق وسالمة

)من خاف أدلج ومن أدلجالعقيدة وحسن العبادات، يقول النبي ،59بلغ المنزل أال إن سلعة الله غالية أال إن سلعة الله الجنة(

وقد جاء الخطاب القرآني بالبشرى للمتقين، وقال عز وجل )إن/( ) sقين sةs للمت (، وبذلك خلقت الجنة للمتقين وخلق49العsاقب

المتقون للجنة، فال عجب أن تفرح الجنة وتقترب للمتقين حين يجمع الله تبارك وتعالى الناسيزفون إليها، يقول رسول الله

فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنة إال خطيئة

أبيكم آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله قال فيقول إبراهيم لست بصاحب ذلك إنما كنت خليال من وراء

الذي كلمه الله تكليما فيأتون موسىوراء اعمدوا إلى موسى فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه

فيقوم لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا فيقول عيسى فيؤذن له وترسل األمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشماال فيمر أولكم كالبرق قال قلت بأبي أنت وأمي أي شيء

كمر البرق؟ قال ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم

أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فال يستطيع السير إال زحفا

، فالجنة تقترب وتتزلف من المتقين، ولمسافة بينهما قريبة60 غير بعيدة، فكان اإلسراع إليها أدعى إلظهار الشوق إليها، فعندما

يراها المؤمن أمامه يجتهد في السير إليها والعمل لها، فكلما اقتربت اقترب إليها، وكلما اقترب إليها اقتربت إليه، وهكذا يكون

1273 رقم 448 ص 1 ( رواه البخاري ج 58 وصححه األلباني 2450 رقم 633 ص 4 ( رواه الترمذي ج 59 195 رقم 186 ص 1 ( رواه مسلم ج 60

www.alukah.net

35

Page 36: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

العمل الصالح مقترنا بالنية الصالحة، فكأن النية الصالحة هي العين التي تبصر الجنة، والعمل الصالح هو السرعة التي تقربنا

إليها، فمنا من كان عمله الصالح كالبرق ومنا من يزحف به عملهكم ب sة من ر sغفرsى مs ارعوا إل sسsالصالح إلى الجنة ، قال سبحانه )و

( )آل عمران/ sقين sرض أعدت للمت مsوsات وsاأل ة عsرضهsا الس ن sجsو133 ،)

( يحمل المؤمن على االجتهاد في sدونsا توعsا مsذsقوله تعالى )ه العبادة، ألنه قد وعد خيرا إن عمل خيرا، وصبر على ذلك، فعن

ه sيه العذر من الل sحsب إل sحsدs أ النبي صلى الله عليه وسلم )وsالs أsيه sحsب إل sحsدs أ رينs وsالمنذرينs وsالs أ sش sعsثs المب sجل ذsلكs ب وsمن أ

)sة ن sه الج sجل ذsلكs وsعsدs الل ه وsمن أ ة من الل sويأتي فيما61المدح ، يلي تفصيل الصفات التي استحق ألجلها عباد الله ما وعد الله،

وهم بالجملة المصدقون بما وعد الله تعالى عباده المتقين، وهم كل من اتصف بالتقوى واإلنابة إلى الله تعالى وحفظ ما أمره

الله به أن يحفظه، ذلك الذي آمن بالغيب وخشي الرحمن بالغيبوجاء لربه بقلب سليم بقلب منيب.

sواب(: فيه إصرار من العبد الرجوع إلى الله قوله تعالى )لكل أ تعالى بعد كل معصية تقع منه، فيندم ويستغفر لعل الله تعالى

sوابينs sانs لأل ه ك sكونوا صsالحينs فsإن يغفر له يقول سبحانه )إن ت قال )قال الله(، وفي الحديث عن النبي 25غsفورا( )النور/

تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان فيك و ال أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء , ثم استغفرتني غفرت لك و ال أبالي , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب األرض خطايا ثم لقيتني ال تشرك بي شيئا , ألتيتك بقرابها مغفرة

"62.

قوله تعالى )حsفيظ(: قال قتادة: هو الحافظ لما استودعه اللهة sالصالsات وsوs من حقه ونعمته، قال عز وجل )حsافظوا عsلsى الصل

ه قsانتينs )البقرة/ ذين238sالوسطsى وsقوموا لل (، وقال تعالى )وsال( )المعارج/ sافظونsهم29هم لفروجهم ح sذين (، وقال سبحانه )وsال( )المعارج/ sافظونsتهم يح sالsى صsلsكما مدح الحافظات فقال34ع ،)

ه ( sات للغsيب بمsا حsفظs الل sات حsافظ سبحانه )فsالصالحsات قsانت 6866 رقم 424 ص 22 ( رواه البخاري ج61 ، وص||ححه األلب||اني: ص||حيح3463 رقم 448 ص 11 ( رواه الترم||ذي ج62

2805 رقم 175 ص 3الترمذي ج

www.alukah.net

36

Page 37: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

(، ومدحهم جميعا فقال سبحانه )وsالحsافظونs لحدود34)النساء/ر المؤمنينs )التوبة/ sش ه وsب قال(، وفي الحديث عن النبي 112الل

)أال أخبرك برأس األمر كله وعموده وذروته وسنامه؟ قلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا فقلت يا نبي الله وإنا

لمؤاخذون مما نتكلم به؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إال حصائد

. 63ألسنتهم(

حمsنs بالغsيب(: والخشية هي التي قوله تعالى )مsن خsشيs الر تحول بين المسلم الوقوع فيما حرمه الله تعالى، وبقدرها تتحقق

)ال يلج النار رجل بكي من خشية الله حتىالتقوى، يقول النبي ، وبذلك تكتمل دائرة اإليمان، قال64يعود اللبن في الضرع(

ره sش حمsنs بالغsيب فsب sعs الذكرs وsخsشيs الر ب مsا تنذر مsن ات تعالى )إنsريم( )يس/ sجر ك ة وsأ sغفرsوخشية الله بالغيب هي مناط11بم ،)

االبتالء والتكليف، أما خشيته في الشهادة حيث تقوم الشهادة فال يتحقق بها معنى االبتالء، ذلك أن جميع المخلوقات سوف تبعث يوم القيامة، فترى أن الله تعالى قد غضب في هذا اليوم غضبا

لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله قط، والناس حضور ويخشون ربهم سواء أكانوا مؤمنين أم كافرين، فالجميع يخشى

غضب الله تعالى هذا اليوم، لكن أين اإلبتالء هنا وقد رأوا ما يستلزم خشية وال يمكن معه اطمئنان؟ أما في الدار الدنيا التي

هي دار ابتالء فإن الخشية فيها يتحقق بها معنى االبتالء، حيثsرني ب أ sر sالsيعرف العبد ربه ويخشاه وهو ال يراه، قال سبحانه )ق

اني( )األعراف/ sرs sن ت sيكs قsالs ل sنظر إل (، بذلك يتحقق معنى143أاالبتالء.

اءs بقsلب منيب(: قال الطبري أي جاء الله sجsقوله تعالى ) و بقلب تائب من ذنوبه راجع مما يكرهه الله إلى ما يرضيه، قال

ر إال مsن ينيب( )غافر/ sذsك sت (، ولما كان أدرك الناس13تعالى )وsمsا ي لمعنى اإلنابة السلف الصالح، فقد نقلنا عن آدابهم: )اإلنابة ثالثة

أشياء الرجوع إلى الحق إصالحا... كما رجع إليه اعتذارا... والرجوع إليه وفاء... كما رجع إليه عهدا... والرجوع إليه حاال...

كما رجع إليه إجابة، وإنما يستقيم الرجوع إليه إصالحا بثالثة أشياء بالخروج من التبعات والتوجع للعثرات واستدراك الفائتات، وإنما

وصححه األلباني 2616 رقم 11 ص 5 ( رواه الترمذي ج 63 وص|||ححه األلب|||اني: ص|||حيح1633 رقم 171 ص 4 ( رواه الترم|||ذي ج 64

133 ص 4 ج1633وضعيف سنن الترمذي رقم

www.alukah.net

37

Page 38: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

يستقيم الرجوع إليه وفاء بثالثة أشياء بالخالص من لذة الذنب وبترك االستعانة بأهل الغفلة تخوفا عليهم مع الرجاء لنفسك

وباالستقصاء في رؤية علل الخدمة وإنما يستقيم الرجوع إليه حاال بثالثة أشياء باإلياس من عملك ومعاينة اضطرارك وشيم

sه من65برق لطفه بك ( sسلموا ل كم وsأ ب sى رs sنيبوا إل ، قال تعالى )وsأsكم العsذsاب ثم الs تنصsرونs )الزمر/ sأتي sن ي (. 54قsبل أ

قال ابن تيمية: ) واإلنابة جعلها مع الخشية..،وذلك ألن الذي يخشى الله البد أن يرجوه ويطمع في رحمته، فينيب إليه ويحبه،

ويحب عبادته وطاعته، فإن ذلك هو الذي ينجيه مما يخشاه، ويحصل به ما يحبه، والخشية ال تكون ممن قطع بأنه معذب؛ فإن

هذا قطع بالعذاب، يكون معه القنوط، واليأس، واإلبالس. ليس هذا خشية وخوفا، وإنما يكون الخشية والخوف مع رجاء

السالمة؛..فصاحب الخشية لله ينيب إلى الله، وهذا يكون مع تمام الخشية والخوف، فأما في مباديها، فقد يحصل لإلنسان

خوف من العذاب والذنب الذي يقتضيه، فيشتغل بطلب النجاة والسالم، ويعرض عن طلب الرحمة والجنة، وقد يفعل مع سيئاته حسنات توازيها وتقابلها، فينجو بذلك من النار وال يستحق الجنة،

بل يكون من أصحاب األعراف، وإن كان مآلهم إلى الجنة فليسوا ممن أزلفت لهم الجنة | أي: قربت لهم | إذ كانوا لم يأتوا بخشية

.66الله واإلنابة إليه

م(: فمن تخلق بتلك الصفات التي sال sا بسsقوله تعالى )ادخلوه ذكرت آنفا نال هذا الجزاء، ذلك أن الذين يدخلون الجنة ثالث

فرق، أولهم من يدخلها بسالم ال بسابقة عذاب وال مناقشة حساب، والفريق اآلخر من يناقش الحساب فيطول عليه فيعذب

بإطالة الحساب عليه ثم يدخل الجنة، و اآلخر من تشحط في النار في يخرج منها ويدخل الجنة، فعن النبي صلى الله عليه

وسلم قال )إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول الله من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه فيخرجون قد امتحشوا وعادوا حمما فيلقون في نهر الحياة

وفي رواية، 67فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل( فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤالء) – لناشر: دار17 ص 1 ( عبد الله األنصاري الهروي – منازل السائرين ج 65

1988 - 1408الكتب العلمية - بيروت، .221 ص 4( مجموع فتاوى ابن تيمية )التفسير( ج66 6075 رقم 224 ص 20 ( رواه البخاري ج 67

www.alukah.net

38

Page 39: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه وال خير قدموه ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا

أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا فيقول رضاي

.68فال أسخط عليكم بعده أبدا

sلكsوم الخلود(: وفي ذلك إضمار تقديره: ذs قوله تعالى )ذsلكs يsقرير الخلود sوم ت ، قال ابن عجيبة: )أي نهاية ذلك اليوم هو يوم69ي

، قال ابن عاشور: إضافة }يوم{ إلى70الخلود، الذي ال انتهاء له( }الخلود{ باعتبار أن أول أيام الخلود هي أيام ذات مقادير غير

، وقيل71معتادة، أو باعتبار استعمال }يوم{ بمعنى مطلق الزمان ،، قال الطبري )خلدوا والله، فال يموتون، وأقاموا72)ال خروج منه(

sعموا فال يبأسون( sظعنون، ون .73فال ي ويستفاد من ذلك أنه ال تكليف في الجنة وال ابتالء، فاليوم

جزاء بال عمل، وإن كان العمل فهو عمل بال تعب والنصب والsأكلونs ة ي ن sالج sهلs مشقة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم )إن أsخطونs sمت sغsوطونs وsالs ي sت sبولونs وsالs ي sتفلونs وsالs ي بونs وsالs ي sشرs فيهsا وsيsمونsشح المسك يله sرs شح ك sرsاء و sجش sالsام قsال الطعs قsالوا فsمsا ب

)sسsف sمsا تلهsمونs الن حميدs ك سبيحs وsالت .74الت

ه ضيs الل sر sة sير sبي هرs اءونs فيهsا(: فعsن أ sشs sهم مsا ي قوله تعالى )لsعدsدت ه أ مs قsالs الل ل sسsيه وs ه عsل ه صsلى الل سول الل sر sالsق sالsنه قsع معsت وsالs خsطsرs عsلsى sأذن س sالsت وs أ sين رsع sا الsم sادي الصالحينs لعبsهم من sفس مsا أخفيs ل sم ن sعل ءوا إن شئتم} فsالs ت sاقرsر ف sشs قsلب ب

sعين { ة أ .75قرsر - يرفعه عن اسs عsلsى المنب sةs يخبر به الن ةs بنs شعب sوعن المغير

ة عليه وسلم - النبي صلى الله ن sهل الجs sى أ sدن ه مsا أ ب sى رsموس sلs أ sس sه ةs فsيقsال ل ن sة الج ن sهل الجs sعدs مsا أدخلs أ sجيء ب جل ي sر sهو sالsة قs مsنزلsخsذوا sهم وsأ sازل اس مsن لs الن sزs sيفs وsقsد ن ب ك sي رs sقول أ ةs فsي ن sادخل الج

269 رقم 427 ص 1 ( رواه مسلم ج68 ص14 ( أبو حفص سراج الدين الدمش||قي: اللب||اب في عل||وم الكت||اب ج69

360 135 ص 6 ( البحر المديد ج70 267 ص 26 ( التحرير والتنوير ج71 190 ص 4 ( أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي: بحر العلوم ج72 وقريب منه تفسير ابن كثير 366 ص 22 ( تفسير الطبري ج73 5066 رقم 472 ص 13 ( رواه مسلم ج74 3005 رقم 22 ص 11 ( رواه البخاري ج75

www.alukah.net

39

Page 40: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sكونs لsكs مثل ملك مsلك من ملوك sن ي sرضsى أ sت sه أ sخsذsاتهم فsيقsال ل أsكs ذsلكs وsمثله وsمثله وsمثله وsمثله sقول ل ب فsي sضيت ر sقول رs sا فsي الدني

sاله sمث ة أ sر sشsعsو sكs sقول هsذsا ل ب فsي sضيت ر sة ر sامسsفي الخ sالsقsف ب sر sالsب ق sضيت ر sقول رs sذت عsينكs فsي sفسكs وsل sهsت ن sكs مsا اشت وsل

sدي sهم بي امsت sرs ست ك sرsدت غ sرs ذينs أ sئكs ال sة قsالs أول هم مsنزل sعالs فsأsخطر عsلsى قsلب sم ي sسمsع أذن وsل sم ت sرs عsين وsل sم ت sيهsا فsل sمت عsل ت sخsو sفس مsا sم ن sعل ه عsز وsجsل } فsالs ت sاب الل ر قsالs وsمصدsاقه في كت sشs ب

sعين { ة أ sهم من قر .76أخفيs ل

sذين ل sا مsزيد(: نظير ذلك قوله تعالى )ل sدsين قوله تعالى )وsلsئكs ة أول s ذل sر وsال sرهsق وجوهsهم قsت s ي sادsة وsال sى وsزي نوا الحسن sحسs أ

( }يونس/ sالدون sا خsة هم فيه ن sاب الجsصحs {، قال بعض العلماء:26أ المزيد النظر إلى وجه الله الكريم، ويستأنس لذلك بقوله تعالى:

sادsة{ ]يونس: sى وsزي نوا الحسن sحسs ذينs أ [، ألن الحسنى26}للمs قsال77sالجنة، والزيادة النظر ل sسsيه وs ه عsل بي صsلى الل ، وعsن الن

sى تريدونsالsعs كs وsت sارs sب ه ت sقول الل ةs قsالs ي ن sة الج ن sهل الجs sا دsخsلs أ إذsا ن sج ةs وsتن ن sا الجs sم تدخلن sل sا أ ض وجوهsن sي sم تب sل sقولونs أ sزيدكم فsي يئا أ sش sيهم من sحsب إل يئا أ sا أعطوا شsمsف sابsكشف الحجs ار قsالs فsي من الننوا sحسs ذينs أ sةs} لل sالs هsذه اآلي ادs ثم ت sزsو ، هم عsز وsجsل ب sى رs ظsر إل الن

sادsة { sى وsزي .78الحسنsعsالsى كs وsت sارs sب هs ت وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال )إن الل

sقول عدsيكs فsي sسsا وs ن ب sر sيك sب sقولونs ل ة فsي ن sالج sهلs sا أ ة ي ن sهل الجs sقول أل يsم تعط sا مsا ل sن sيت sعط sرضsى وsقsد أ sا الs ن sن sقولونs وsمsا ل ضيتم فsي sل رsه

ب sا رs sفضsلs من ذsلكs قsالوا ي sا أعطيكم أ sن sقول أ لقكs فsي sدا من خsحs أsسخsط sيكم رضوsاني فsالs أ sقول أحل عsل sفضsل من ذsلكs فsي يء أ sي شs وsأ

sدا( sب sعدsه أ sيكم ب .79عsل

276 رقم 437 ص 1 ( رواه مسلم ج76 7 ( محمد أمين الشنقيطي: أض|واء البي|ان في إيض|اح الق|رآن ب|القرآن ج77

431ص 266 رقم 423 ص 1( رواه مسلم ج 78 6067 رقم 216 ص 20 ( رواه البخاري ج79

www.alukah.net

40

Page 41: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sطشا د منهم ب sشs sهم من قsرن هم أ sا قsبل sكن sهل sم أ يقول سبحانه )وsكsقبوا د هsل من مsحيص )80فsن sن36 في البالsى لم sذكرs ( إن في ذsلكs ل

هيد ) sش sهوsو sمع sلقsى الس sو أ sه قsلب أ sانs ل ( 37ك

sهم من قsرن( تعود السورة إلى sا قsبل sكن sهل sم أ قوله تعالى )وsك الوعيد والتهديد باستعجال العذاب في الدنيا، وكما بدأت بضرب األمثلة باألقوام السابقين فإنها قبيل خاتمتها تشير إلى أن إنزال

العذاب في الدنيا وإهالك األمم كان من الكثرة بحيث يسهل الجزم بأنها سنة كونية تكررت في الماضي وسوف تكرر في

المستقبل لكل من كان من جنس هذه األمم التي أسرفت في المعصية ولم تعتبر ولم تتذكر أو تنتفع بشيء من الذكرى وما

وصلها من خطاب الله تعالى

sطشا( فهي قرون قبلهم وصلت د منهم ب sشs قوله تعالى )هم أ من القوة والشدة ما لم يصل إليه المتأخرون، ولذلك ال يستعصي

على الله تعالى أن يهلك اآلخرين كما أهلك األولين، قال تعالى:اءsتهم رسلهم sجsموا وs sما ظsل sا القرونs من قsبلكم ل sكن sهل sقsد أ )وsلsجزي القsومs المجرمينs ثم sذsلكs ن sانوا ليؤمنوا ك sات وsمsا ك ن sي بالب) sلونsعمs sيفs ت sنظرs ك sعدهم لن sرض من ب ئفs في األ sالsاكم خs جsعsلن

(، فكان هذا هو مصيرهم في الماضي أما في13)يونس/ أنه سيكون في هذه األمة مسخالمستقبل فقد أخبر النبي

فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى،81وخسف وقذف . 82ذاك؟ قال إذا ظهرت القينات والمعارف وشربت الخمر

د هsل من مsحيص( فيه تصوير sقبوا في البالs قوله تعالى )فsن لمهلكهم، فهؤالء القوم جابوا الصخر وطافوا باألودية وقطعوا األشواط و ساحوا في البالد يمينا ويسارا، فلم يستعص عليهم شيء بل كانوا ينحتون من الجبال بيوتا، لكن حين نزل عليهم

عذاب الله تعالى لم يستطيعوا منه فرارا أو مهربا، وقد اسطاعوا قبل أن ينزل عليهم العذاب أن يكيفوا حياتهم في الدنيا بحسب

80 ددا s||قال الزجاج: أي ساروا في االنقاب حتى ل||زمهم الوص||ف ب||ه ( مش ) ب فه|ل ك|ان لهم محيص من sه|رsب|ا للمs قوا البالدs فس|اروا فيه|ا طsل sرsيقول خ

sنقب||ه - لس||ان الع||رب ج sقsب||ه ي sي شيء كان ن قب في أ قب الث 1الموت ؟ الن 765ص

ص1 والبخ|||اري في األدب المف|||رد ج 1350 ص 2 ( رواه ابن ماج|||ة ج81 وغيرهم 484 رقم 170

وصححه األلباني2212 رقم 495 ص 4 ( رواه الترمذي ج82

www.alukah.net

41

Page 42: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

رغباتهم وحاجاتهم، فلم ينفعهم تقدمهم العلمي أو التكنولوجي وال قوتهم الجسدية وعددهم البشري في صد العذاب الله الذي نزل

بهم.

sمع sلقsى الس sو أ sه قsلب أ sانs ل ى لمsن ك sذكرs قوله تعالى )إن في ذsلكs لهيد( فتقدم األمم حضاريا ورقيها اجتماعيا وعلوها اقتصاديا sش sهوsو ال يرتهن بما تملكه من إمكانيات مادية تحوزها وال بعق||ول بش||رية ق|||ادرة على إدارة ثرواته|||ا وال على األي|||دي العامل|||ة في ص|||نع حض||ارتها، ك||ل ذل||ك وإن ك||ان مطلوب||ا إال أن||ه ال يض||من بقاءه||ا واستمرارها، وإنما يتوقف ذلك كله على مدى اس||تعدادها للتربي||ة الروحي||ة والتزكي||ة النفس||ية والطه||ارة القلبي||ة، يق||ول س||بحانهقsى(، أي أن أش||قى الن||اس ال sش|| بهsا األ ن sجs sت ى * وsي sخشs ر مsن ي sذك ي sس( sك||ونs sرض فsت يروا في األ sس|| sم ي sفsل ينتفع بال||ذكرى،، ق||ال س||بحانه ) أار s||بصs sعمsى األ هsا الs ت sسمsعونs بهsا فsإن sذsان ي sو آ sعقلونs بهsا أ sهم قلوب ي ل

تي في الصدور( )الحج/ sعمsى القلوب ال sكن ت (.46وsل

إن إشكالية األمم التي ضلت طريقها عن الله تعالى وتاهت في غياهب الظلمات أنها لم تفتح قلوبها للذكرى، ولم تلق

بأسماعها لخطاب الله تعالى وإذا ما حاولت االستماع فإن هناك ما يشغلها فال تستفد مما سمعته شيئا ألنها لم تستمع بقلب

حاضر وشاهد، وإنما غاب فكرها وعقلها عن التذكرة بما انصرفت به من متاع الدنيا وما ألهاها عن االعتبار والموعظة، إن استحضار

القلب وشهوده لهو من أهم وسائل االنتفاع بالمواعظ، ولذلك كان أول الناس دخوال في اإلسالم من تميزوا بحسن األخالق والصبر على االستماع واالستعداد للنقاش، وكذلك كان أبعد

الناس عن اإلسالم من فسدت أخالقهم وظهر كبرهم وكبرياؤهم وال يريدون أن يستمعوا لغيرهم وإنما يريدون أن يتحدثوا هم دون

ه sات الل sي ذينs يجsادلونs في آ أن يستمعوا ألحد، قال تعالى )إن الsعذ sالغيه فsاست sاهم إن في صدورهم إال كبر مsا هم بب sت sان أ بغsير سلط

sصير( )غافر/ ميع الب ه هوs الس ه إن (. 56بالل

www.alukah.net

42

Page 43: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

ة sهمsا في ست sين sرضs وsمsا ب مsاوsات وsاأل sا الس sقن ل sد خsقs يقول سبحانه )وsلsا من لغوب ) ن ام وsمsا مsس sي ح38أ ب sسsو sقولونs ( فsاصبر عsلsى مsا ي

مس وsقsبلs الغروب ) كs قsبلs طلوع الش ب sمد رsيل39بح ( وsمنs اللجود ) sارs الس sدب حه وsأ ب sسs40ف)

ضرب الله تعالى مثال بخلقه للسماوات واألرض تدليال على وجوب الصبر في مقام الدعوة، ذلك أن الدعوة اإلسالمية ليست

مجرد خطبة تلقي في محفل أو درس يذاع في منتدى أو كتاب يسطر وينشر في دور النشر أو إلقاء كلمة عصماء في حشد من

الناس ثم انصرافهم متأثرين بها وقد تتأجج عواطفهم برهة من الوقت، البد وأن تمر الدعوة اإلسالمية بمراحل طويلة تتضافر

فيها جهود الدعاة إلى الله تعالى، فالكون كله لم يخلق مرة واحدة أو على مرحلة واحدة رغم أن الله قادر على ذلك وال

يعجزه شيء من ذلك، بيد أن الله تعالى أراد أن يعلمنا الصبر في ذلك، لنرى حكمته أن أرادت مشيئته أن يكون خلقهما في ستة

)خلق الله عز وجل التربة يومأيام متتابعات، فعن النبي السبت وخلق فيها الجبال يوم األحد وخلق الشجر يوم االثنين وخلق المكروه يوم الثالثاء وخلق النور يوم األربعاء وبث فيها

الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السالم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما

، وحين نستقرئ هذا الحديث فإننا83بين العصر إلى الليل( نستلهم من مراحل نشأة الكون مراحل تطور الدعوة اإلسالمية وأولوياتها وترتيب الدعاة إلى الله تعالى ألعمالهم الدعوية على

هذا األساس، على النحو التالي:- مراحل نشأة وتطور الدعوة اإلسالمية

أوال: )مرحلة السبت(: وهي التي خلق الله فيها التربة، وتقابلها مرحلة إعداد التربة الصالحة لقيام الدعوة اإلسالمية، فكما أن الناس والدواب يحتاجون ألرض يعيشون عليها وقد

خلقها الله لهم يوم السبت أول ما بدأ الخلق، فكذلك الدعاة إلى الله تعالى يحتاجون إلى أرض يبدأون منها دعوتهم إلى الله

تعالى، ولتكن هذه األرض هي منهج الله تعالى الذي خاطب به العالمين، ليتصل الدعاة إلى الله تعالى أنفسهم بمنهج الله، ويفهمونه جيدا، سواء أكان الكتاب الكريم أم السنة النبوية

المطهرة، إذ أن فاقد الشيء ال يعطيه، فكلما كان األرض خصبةsمsا sقم ك تنوعت ثمارها وحقولها، يقول سبحانه )فsلذsلكs فsادع وsاست

2789 رقم 2149 ص 4 ( رواه مسلم ج 83

www.alukah.net

43

Page 44: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sاب وsأمرت ه من كت لs الل sنزs sمsنت بمsا أ sهوsاءsهم وsقل آ بع أ sت أمرتs وsالs تsكم( )الشورى/ sين sعدلs ب (15أل

ثانيا: مرحلة األحد: تلك التي خلق الله فيها الجبال، وتقابلها مرحلة إقامة أوتاد للدعوة اإلسالمية، فكما أن الجبال هي أوتاد األرض فكذلك العلماء هم أوتاد الدعوة اإلسالمية، ألنهم النواة

األولى لها، والعمود الفقري للدعوة اإلسالمية، ولذلك جاء األمر من الله تعالى ألن يصبر نفسه بمصاحبتهم، قال تعالى )وsاصبر

sالsه وsجهsو sشي يريدونsالعsاة وsدsهم بالغ ب sر sدعونs ذينs ي sفسsكs مsعs ال نsا( )الكهف/ (، فكان الهتمام sاة الدني ي sالح sةs sاكs عsنهم تريد زين sعد عsين ت

بأصحابه – وهم الجيل األول للدعوة - اهتماما خاصة أثرالنبي في إخراج العلماء الذين حملوا لواء اإلسالم من بعده، ليكونوا هم

أوتاد هذا الدين. وهذه هي طريقة األنبياء في الدعوة، أن أحاطوا بنقبائهم،

وأحاط نقبائهم بهم حتى ذاع أمر الدعوة بين مؤيد ومعارض، قالsر sشsي عs sا منهم اثن sعsثن ائيلs وsب sني إسرs sاقs ب ه ميث sخsذs الل sقsد أ سبحانه )وsلsمsنتم sاةs وsآ ك sيتم الز sت ةs وsآ sمتم الصالsقs sئن أ ي مsعsكم ل ه إن sقيبا وsقsالs الل ن

ن عsنكم sفرs ك sنا أل sسsرضا حsق sه ضتم الل sقرs رتموهم وsأ برسلي وsعsزsعدs sفsرs ب sنهsار فsمsن ك sحتهsا األ sجري من ت ات ت ن sكم ج sن دخل sألsاتكم وs ئ ي sس

بيل( )المائدة/ وsاءs الس sل سsد ضsقsمنكم ف sلكsيقول النبي 12ذ ،)( قال ) من يأتنيإن لكل نبي حواريا وحواري الزبير(، وذلك أنه

بخبر القوم ( يوم األحزاب قال الزبير أنا ثم قال ) من يأتيني.84 الحديث بخبر القوم (، قال الزبير أنا فذكر النبي

ثالثا: مرحلة االثنين: تلك التي خلق الله فيها الشجر، الذي هو مصنع الحياة على األرض، ويقابلها مرحلة العمل العام لبث الحياة والروح في الدعوة، أي بدء العمل الدعوي والمجتمعي والتفاعل

مع المدعوين تماما مثل تفاعل عناصر الكون إلحياء الشجر والذي منه تبدأ سلسلة التغذية على األرض، وبالتالي فإن الدعاة في هذه المرحلة ينشغلون بتحقيق النفع العام لمجتمعهم بصرف النظر عن عائده الدعوي، ذلك أن النفع العام هو مقصد أساسي

وليس ثانوي من مقاصد العمل الدعوي، ليصل نفع المسلمين الناس أجمعين بصرف النظر عن معتقداتهم وأفكارهم وما

يدينون، ولذلك صدر المولى سبحانه كتابه بسورة الفاتحة وقال في أول آياتها )الحمد لله رب العالمين(، ودون أن يخص

المسلمين عن غيرهم، مؤكدا شمولية ربوبيته العالمين مسلمهم 2691 رقم 1046 ص 2 ( رواه البخاري ج 84

www.alukah.net

44

Page 45: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

وكافرهم، منعما عليهم بالخير ال بقدر عبادتهم له وإنما بقدر رزقهم الذي كتبه لهم، وكذلك فإنه حفظهم ورعاية دون أن يخصخsذوا ذينs ات المسلمين بتلك الرعاية أو الحفظ، فقال سبحانه )وsال

sيهم بوsكيل( sنتs عsل sيهم وsمsا أ ه حsفيظ عsل sاءs الل sولي من دونه أ (، فالحفظ شمل من عبدوا غير الله كما شمل من6)الشورى/

عبد الله تعالى.

رابعا: مرحلة الثالثاء: وفيها خلق الله المكروه: ويقابلها تركيز الدعوة اإلسالمية علي التخلية من كل مكروه، فالمظهر السيء هو الذي يدل على الباطن األسوأ، واألخالق السيئة أكثر ظهورا

من األخالق الحسنة، والمفاسد ال تجتمع مع المحاسن، وإال أفسدتها ، كالنجاسة إذا خالطت ماءا طاهرا فأثرت فيه، فال يجوز

التطهر به، ولذلك قال السلف التخلية قبل التحلية، قال تعالىsيكم هs إل sر sه في قلوبكم وsك ن ي sزsو sانsيكم اإليمs بs إل هs حsب sكن الل )وsل( )الحجرات/ sاشدون sئكs هم الر sانs أول (،7الكفرs وsالفسوقs وsالعصي ومن ثم كان الصبر على المكروه هو صبر على مقاصد هذا

الدين. 85ومعيار القبيح والحسن غير متروك لألمزجة واألهواء..

خامسا: مرحلة األربعاء: وفيها خلق الله النور، وتستهدف هذه المرحلة تحلية المدعوين باألخالق الحسنة وبما هو معروف

ومحمود، تماما مثل النور الذي يضيء الكون كله، وبذلك يكتملsبعون sت ذينs ي مضمون الخطاب الدعوي بوجه عام، يقول سبحانه )ال

اة sور sه مsكتوبا عندsهم في الت sجدون ذي ي بي األمي ال سولs الن الرsهم sر وsيحل ل sنهsاهم عsن المنك sأمرهم بالمsعروف وsي وsاإلنجيل ي

تي لs ال sغالs هم وsاأل sنهم إصرsع عsضs sائثs وsي ب sيهم الخs م عsل sات وsيحsر ب الطيذي ورs ال sعوا الن ب sصsروه وsات روه وsن sمsنوا به وsعsز ذينs آ sيهم فsال sت عsل sان ك

( )األعراف/ sهم المفلحون sئكs (157أنزلs مsعsه أول

سادسا: مرحلة الخميس: وفيها خلق الله الدواب كلها، وتقابلها مرحلة الدعوة العمل المؤسسي ذات النفع الخدمي

واالجتماعي واالقتصادي والعسكري، أشبه إلى قيام الدولة قائمة على تكامل فريد بين مجموعات وأطياف متنوعة من البشر بصرف النظر عن أوجه اختالفهم سواء عقائديا أو فكريا أو

اجتماعيا، وبصرف النظر عن تميزهم من حيث اللون أو الجنس ص1 ( أحمد بن علي بن ث|ابت الرف|اعي الحس|يني - البره|ان المؤي|د ج 85

ه| 1408 - لناشر: دار الكتاب النفيس – بيروت 141

www.alukah.net

45

Page 46: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

أو العرق، فقد خلق الله تعالى الدواب كلها يوم الخميس لتعيش الكائنات معا رغم اختالفها في األنواع واألشكال والصفات إال أنها

تعيش في توازن بيئي يحفظ نوعها ويضمن تكاثرها دون تغول على غيرها من األجناس والكائنات األخرى، وهنا يظهر أثر

االلتزام بمنهج اإلسالم حيث يتحقق التوازن البيئي المنشود، وهو ما يعني الحرية والعدالة االجتماعية والتنمية االقتصادية، وهذه مرحلة شاقة ومرهقة جدا، وال ينبغي استعجال قطف الثمار، فمن استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه، ولذلك يعقب

المولى سبحانه على ترتيبه خلق السماوات واألرض في ستة أيامsا من لغوببقوله سبحانه )وsمsا ن (، إذ لو أصاب اإلنسان لغوبامsس

ألفسد ما أصلحه وأضاع ما حافظ عليه، فاإلرهاق الشديد حين يصيب المرء يجب أن يستتبعه توقف وراحة حتى يستعيد اإلنسان

نشاطه، ثم مع ترشيد الطاقات وتنظيم األعمال يمكن استمرار العمل دون لغوب أو تعب مرهق ويتحقق بذلك المقصود، يقول

)سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنةالنبي ، فالعبرة ليست86وأن أحب األعمال أدومها إلى الله وإن قل(

بكثرة األعمال بقدر ما تكون العبرة باستمرارها ودوامهاوإخالصها لله تعالى.

سابعا: مرحلة الجمعة: وفيها خلق الله تعالى اإلنسان ليكون خليفة في األرض، وهذه وإن كانت تسمى بمرحلة جني الثمار

بإقامة الخالفة اإلسالمية الراشدة كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهاج النبوة إال أنها كذلك تدخل تضمن مراحل

الدعوة، ليعم الخير الكون كله، إنسه وجنه، بره وجوه وبحره، فاإلنسان جاء على الكون بعد أن اكتمل خلقه في ستة أيام

واستوى الله سبحانه على العرش، ثم جاء االستخالف ليتولى آدم وذريته المسئولية والقيادة بعد أن تم الخلق، ساعيا في إقامة

شرع الله تعالى في هذا الكون اختيارا كما قام شرعه دونهاضطرارا.

المعينات على طريق الدعوة والزاد للدعاة

كs قsبلsفsاصبرقوله سبحانه ) ب sمد رsح بح ب sسsو sقولونs عsلsى مsا يsارs sدب حه وsأ ب sسsيل ف مس وsقsبلs الغروب )*( وsمنs الل طلوع الش

جود( )ق/ ( 40-39الس

6099 رقم 2373 ص 5 ( رواه البخاري ج 86

www.alukah.net

46

Page 47: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

فمن أكبر المعينات على طريق الدعوة أن يتعلم الدعاة اإلعراض عما يسمعونه من أقوال قد تؤذيهم معنويا من غير

المسلمين أو الناقمين على اإلسالم والمسلمين، يقول سبحانهsابs ذينs أوتوا الكت sسمsعن منs ال sت sنفسكم وsل sموsالكم وsأ sون في أ sتبل )لقوا فsإن sت sصبروا وsت sثيرا وsإن ت sذى ك كوا أ sشرs ذينs أ من قsبلكم وsمنs ال

(، فالدعوة اإلسالمية186ذsلكs من عsزم األمور( )آل عمران/ ليست مناظرة ينتصر فيها أحد الطرفين على اآلخر وال مباراة حوارية بين اثنين ينتمي كالهما لعقيدتين مختلفتين أو فكرين متنافرين، إن الدعوة اإلسالمية هي مجرد دعوة تقتصر على

البالغ وحسب دون انتقام شخصي أو دفع اتهام يميل إلى االفتراء والتضليل عن تمحيص الحق واتباع أهله، فوقوف الدعوة

اإلسالمية في وجه الناقمين عليها موقفا سلبيا وإزاء االعتداءات اللفظية التي تلقاها منهم لهو آكد على أنها أسمي من فكرة االنتقام الشخصي أو الدخول في معتركات ال طائل منها غير إضاعة الوقت، ولذلك كان الالفت لالنتباه أن اآليات تصرف

الطاقة التي تضيع عند محاولة الرد دفعا ألذهم القولي، فتتبدد ويتشتت المجهود إلى شيء أولى من ذلك كله أال وهو الذكر

ح ب sسsا وs sعينن كs بأ كs فsإن ب sاصبر لحكم رsوالتسبيح، يقول سبحانه )و جوم( ) sارs الن حه وsإدب ب sسsيل ف sقوم، وsمنs الل كs حينs ت ب sمد رsبح

/الطور(، أليس ذلك أولى من الرد عليهم ! وهذا ما يجعل49 المسلم ملتزما طريق الدعوة الصحيح ال يحيد عنه وال ينزلق إلى

مهاترات فكرية وسفسطة لغوية ومعتركات وهمية، إنه الذكروالتسبيح زاد المسلم التربوي الذي يطلبه في كل آن وحين.

وقد خص المولى سبحانه أوقاتا معينة للذكر وأحواال معينا

يستحب اإلكثار فيها منه، كما قرن القرآن الكريم - في أكثر من موضع - الذكر والتسبيح بحركة الشمس طلوعا وغروبا، قال

ح بحsمد ب sسsو sنبكsغفر لذs ه حsق وsاست سبحانه )فsاصبر إن وsعدs اللsار( )األنبياء/ كs بالعsشي وsاإلبك ب sوجعل مواقيت الصالة55ر ،)

مرتبطة كذلك بدوران األرض حول محورها وما يستتبع ذلك من تأثرها بنور الشمس حيث يشرق عليها ثم يشتد وينزوي الظل ثم يمتد مرة أخرى بعد االستواء ثم يستطيل حتى ال يكون للشمس

نور ثم يشتد الظالم فيغيب شفق الشمس بالكلية ويشتد مرة أخرى حتى يكون حالكا ثم يظهر أول خيط لنور الشمس من

الفجر، وهكذا يرتبط الذكر والتسبيح وكذلك الصالة بالمتغيرات الرئيسية والدورية لهذا الكون أال وهي نور الشمس وحركة

sك ب sمد رsح بح ب sسsو sقولونs األرض، يقول سبحانه )فsاصبر عsلsى مsا ي

www.alukah.net

47

Page 48: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

sاف sطرs ح وsأ ب sسsيل ف sاء الل sن مس وsقsبلs غروبهsا وsمن آ قsبلs طلوع الشsرضsى( )طه/ كs ت sعsل هsار ل ( 130الن

مس( وله مترادفات في القرآن وقوله تعالى )قsبلs طلوع الش ، وقوله تعالى )وsقsبلs الغروب( له كذلك87بمعنى )اإلبكار( )الغدو(

،88مترادفات في القرآن بمعنى )العشي( وهو )وقت األصيل( sرض طsوعا مsاوsات وsاأل sسجد مsن في الس ه ي يقول سبحانه )وsلل

sصsال( )الرعد/ لهم بالغدو وsاآل sظالsرها وs (، أما قوله سبحانه15وsكجود( ففيه تخصيص لليل للذكر sارs الس sدب حه وsأ ب sسsيل ف )وsمنs الل

sدونsة وsخيفsعا و sضsر sفسكs ت كs في ن ب sاذكر رsوالتسبيح، قال تعالى )و ( )األعراف/ sافلينsالغ sكن منs sصsال وsالs ت الجsهر منs القsول بالغدو وsاآل

( ، وكذلك في أحوال الصلوات الخمس، قال سبحانه )في205sه فيهsا بالغدو ح ل ب sا اسمه يسsفيه sرs sن ترفsعs وsيذك ه أ sذنs الل بيوت أ

sصsال )النور/ (. 36وsاآل

يستفاد مما تقدم أن يكون الوقت من قبل طلوع الشمس، وهو وقت في قبل أن يبدأ النهار، وكذا الوقت قبيل نهايه، أي قبل

الغروب، استقطاعا من عمل النهار، ثم الوقت من مبتدأ الليل حتى الفجر وقبيل طلوع الشمس قد خصه المولى سبحانه للذكر والتسبيح، حيث يالحظ أن المسلم قلما يجد في تلك األوقات ما

يشغله بالعمل والتعايش مع المجتمع في األعمال واألسواق للكسب والرزق أو متسعا للجلوس في النوادي مع الناس، وإنما

يغلب أن يكون في بيته ومأواه جالسا في مسجده مربيا نفسه أو متربيا مع إخوانه على كتاب الله وسنته، بينما يكون الوقت طوال

النهار للمعاش والتعايش مع الناس يؤثر فيهم بأخالق اإلسالم، والمعاملة الحسنة، وال يتأثر بهم إال بما يجدد نيته ويصحح مسلكه

ويقوي عزيمته ويثبت جأشه.

sان قsريب ) sاد من مsك sاد المن sومs ين sمع ي (41 يقول سبحانه )وsاستsوم الخروج ) sسمsعونs الصيحsةs بالحsق ذsلكs ي sومs ي sحن نحيي42ي ا ن ( إن

sا المsصير ) sين اعا ذsلك43sوsنميت وsإل sنهم سرsرض عs قق األ sشs sومs ت ( يsسير ) sا ي sين ( 44حsشر عsل

ينتقل الخطاب القرآني من الحديث عن الدعوة اإلسالمية والدعاة إلى الله للحديث عن الغافلين من المدعوين الذين لم

123 ص 1 ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ج 87 42 ص 1 ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ج 88

www.alukah.net

48

Page 49: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

ينتبوا بعد لنداء إخوانهم الدعاة المسلمين، أولئك الذي أصموا آذانهم وأعموا أبصارهم حتى ال يسمعوا نداء الرحمن، وكأن قولsيؤمنون sال sذين ت قلوب ال sز ه وsحدsه اشمsأ sا ذكرs الل الله تعالى )وsإذ

( )الزمر/ sبشرونs sست sا هم ي ذينs من دونه إذ sا ذكرs ال ة وsإذ sخرs (45باآل قد نزل فيهم، فيخبرنا المولي سبحانه أن الخطاب الدعوي لن يذهب سدى، فإن لم يستمعوا له في الدار الدنيا فإنهم سوف

يسمعونه حال خروجهم من القبور صحية ال رفق فيها ليس برفق، وقد كانوا من قبل يكذبون بها، فيحق الله الحق عليهم، ليسمعها كل من صم آذانه عن نداء الرحمن، واألمر في قوله

sمع( للنبي والظرف الذي يكون فيه االستماع هوسبحانه )وsاستsان قsريب( وهذا الظرف يتضمن ظرفا آخر sاد من مsك sاد المن sومs ين )يsسمsعونs الصيحsةs بالحsق(، وثمة تعريف لهذين الظرفين sومs ي وهو )ي

sوم الخروج(، فكأن من لم يكن له قلب ولم يلق وهو )ذsلكs ي السمع لإلخبار بالبعث، سوف يستمع لصيحة الخروج مكرها رغما عنه ألنه امتنع عن االستماع طواعية للدعاة الذين حاولوا إخباره

بذلك.

www.alukah.net

49

Page 50: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

وتجدر اإلشارة إلى أن االستماع للصيحة يتميزبخصائص ثالث، وذلك على التفصيل التالي:-

األول: أنه من مكان قريب: قال ابن عجيبة: )بحيث يصل نداؤه إلى الكل، على سواء(، أي ليسمعه من بعد كما يسمعه من قرب

، وفي ذلك إشارة إلى أنه قبل توجيه الخطاب الدعوي البد وأن89 يتحقق الدعاة إلى الله تعالى من مكانتهم من المدعوين، والبد للداعية أن يصل للمدعو حيث كان، ال أن ينتظر اقترابه منه أو

احتشاد الجمع له، وإنما عليه أن يصل إليهم ويقترب من قلوبهم، عندئذ وحين يبدأ خطابه الدعوى سوف يجد اآلذان الصاغية

والقلوب المتفتحة، فالمولى قادر على أن يوصل الصيحة آلذان األموات فيخرجون من مكان بعيد، ولكن قرب المكان الذي تأتي منه الصيحة تعليم لنا أن نلتمس ذات المنهج حال إيصال الخطاب

sوتsف sالsزعوا فsى إذ ف sرs sو ت الدعوي للمدعوين، قال تعالى )وsلsان قsريب( )سبأ/ (.51وsأخذوا من مsك

الثاني: أنه لن يكون بخطاب هادئ مثلما كان عليه الدعاة في دار الدنيا، وإنما سيكون صيحة صاعقة تذهلهم عما يشغلهم غيرsاوش ن sهم الت ى ل sن ا به وsأ sمsن الساعة والحساب، قال تعالى )وsقsالوا آ

sعيد( )سبأ/ sان ب (، أي لما كان الخطاب الدعوي هادئا52من مsك في الدار الدنيا ولم يؤمنوا به بل كذبوه، أضحى الخطاب صاعقا

حال خروجهم من قبورهم فآمنوا بالبعث - أي وهم في حال البعث - فأني لهم أن ينالوا هذا اإليمان وقد أضحوا في عالم

الشهادة، أما قبل ذلك فقد كانوا في عالم الغيب في الدار الدنياالتي بعدت عنهم بالبعث وقلبت صفحاتها.

والثالث: أن االستماع سوف يكون بحق ال مجرد سماع خال من الفهم، ولكن بعد فوات الفائدة ألنه يوم الخروج، فكم حاول

الدعاة إلى الله تعالى أن ينبهوا قومهم وينذرونهم لكنهم ظلوا )إنما مثلي ومثل أمتي كمثلفي غفلتهم يعمهون، يقول النبي

رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه فأنا آخذ90بحجزكم وأنتم تقحمون فيه(

sا المsصير ) sين sحن نحيي وsنميت وsإل ا ن sوم43sقوله تعالى )إن ( يsسير sا ي sين اعا ذsلكs حsشر عsل sنهم سرsرض عs قق األ sشs يشير إلى(: ت

القدرة المطلقة لله تعالى في ) اإلحياء واإلماتة ثم البعث والجمع والحشر لتقرير المصير (، فاألمر يسير ويسهل تصوره،

فكما تصور اإلنسان تشقق األرض إلنبات النبات من بذرة قد 190 ص 8، اإلمام البقاعي ج139 ص 6 ( تفسير ابن عجيبة ج89 2284 رقم 1789 ص 4 ( رواه مسلم ج 90

www.alukah.net

50

Page 51: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

تبدو للعيان أنها ميتة ثم تصبح بقدرة الله تعالى شجرة وزرعا، فكذلك تتشقق األرض يوم القيام إلنبات األموات أحياءا بعد

)ينزل اللهالحياة البرزخية لجمعهم إلى محشرهم، يقول النبي من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من اإلنسان شيء إال يبلى إال عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم

، فعملية اإلنبات هذه في ظاهرها معقدة أو مستحيلة91القيامة( لو نسبت للبشر لكنها يسيرة متى نسبت إلى القدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى، فهو قادر على إحيائهم بعد مواتهم سواء

باإلنبات أو بغير إنبات. )كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره يقول النبي

الموت قال لبنيه إذ أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد فلما مات فعل به ذلك فأمر الله األرض فقال اجمعي ما فيك

منه ففعلت فإذا هو قائم فقال ما حملك على ما صنعت؟ قال يا ، فتلك هي طريقة أخرى لجمع العظام92رب خشيتك فغفر له(

والرفات لمن مات من بني آدم، فهل يستعصي على الله شيء؟ ولكن ليس معنى ذلك أن يوصي المرء بحرق نفسه بعد الموت

وطحن بدنه حتى ينال رحمته، ذلك أن هذا الرجل كان يجهل حقيقة البعث لكنه كان يدرك ألوهية ربه وحسابه له، فلم يكن يعلم شيئا عن القدرة المطلقة، لكنه خشي من ربه الحساب

فظن أن بفعله هذا يمكن أن ينجو، فكان إيمانه بالحساب رغم تقصيره نحو ربه في الواجبات كان سبب مغفرة الله له، بينما نحن قد علمنا القدرة المطلقة لله تعالى في اإلماتة واإلحياء،

فليس ثمة معنى للتوصية بالحرق والطحن ألجسادنا وقد علمنا أن الله قادر على جمعها، وأن من يفعل مثل ذلك يكون قد

استخف بما يعتقده من القدرة المطلقة لله تعالى، ولذلك فإن مثل هذا الفعل بعد بلوغ الدعوة لنا يمثل كفرا وردة وليس دليال

على اإليمان بالحساب والخوف منه كما كان هذا شأن الرجل الذي كان من قبلنا، إذ يغلب أال يكون الخطاب الدعوي قد وصله

كامال وإنما منقوصا قاصرا على الحساب والقدرة النسبية على اإلحياء واإلماتة، وسبحان الله أن نال رحمة الله تعالى بما تعلمه

عن عقيدته والتزمه من علم.

4651 رقم 1881 ص 4 ( رواه البخاري ج 91 3294 رقم 1283 ص 3 ( رواه البخاري ج 92

www.alukah.net

51

Page 52: سورة ق - شبكة الألوكة · Web view) رواه أبو داود ج 2 ص 641 رقم 4713 وصححه الألباني – ومثل هذه الرواية عند مسلم

ر ار فsذsك ب sيهم بجs sنتs عsل sقولونs وsمsا أ sم بمsا ي sعل sحن أ قال تعالى )نsخsاف وsعيد ) sن مsن ي (45بالقرآ

وأتباعه من المؤمنينهنا تأتي خاتمة السورة لتصرف النبي عما يقوله الكافرون، ذلك أن المسلم لم يكلف أن يكون وصيا

عليهم أو جبارا وإنما تقف دعوته فحسب عند حد البالغ، ليتجاهل المسلم األذى القولي الذي تلقاه من الكافرين , ويظهر شكواه لله تعالى، فهو عليم بما يقولون، وليستمر في التبليغ عن الله

sن(، يقول النبي ر بالقرآ ،93 )بلغوا عني ولو آية( تعالى، ) فsذsك غير مسيطرينضابط الدعوة إلى الله تعالى، فالدعاة وذلك هو

على البشر وال جبابرة، وهذا هو سر أن الدعاة إلى الله تعالى ال يبغون سلطانا وال جبروتا في قومهم، فعن أبي موسى رضي الله

ومعي رجالن من األشعريين فقلتعنه قال: أقبلت إلى النبي ما علمت أنهما يطلبان العمل – أي أن يقلدا منصبا وزاريا أو

، فالتذكير94قياديا - فقال ) لن نستعمل على عملنا من أراده( مضمونبالله تعالى هو الشغل الشاغل للدعاة إلى الله تعالى، و

هو كالم الله تعالى الذي سطره في كتابهالخطاب الدعوي الكريم وهو )القرآن الكريم(، والمنتفع بهذا الخطاب هو من ألقىsخsاف السمع وهو شهيد، ذلك الذي ينتفع بالذكرى، وذلك هو )مsن ي وsعيد(، فهو األولى بالخطاب الدعوي من غيره ممن كذب بالحق

وظل في أمر مريج.

3274 رقم 1275 ص 3 ( رواه البخاري ج 93 2142 رقم 789 ص 2 ( رواه البخاري ج 94

www.alukah.net

52