1

Uأنفسهم في القرآن الكريم /أنفسكم

مقّدمــــــــــة

الحمد هللا والصالة والسالم على رسول اهللا

للمفرد فالمقصود هو نفس المخاطَب ، )نفسك(حينما يذكر المتكلم كلمة وإذا كان المخاطَب جمعًا . ،)ال ُتكّلف إال نفسَك( -تعالى–ال غير، كقوله جميع المخاطبين، مثال ، عادة،فالمقصود )أنفسكم(: وقال المتكلم

وما (وقوله ) إّنكم ظلمتم أنفسَكم باتخاذكم العجل( -تعالى -قوله ).ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون

وكلمة ) أنفسكم(لكن هناك حاالت في القرآن الكريم تدّل فيها كلمة داللة تختلف شيئًا ما عن داللة جميع المخاطَبين، ولو أردنا ) أنفسهم(

.تحديدها بهذا الختلف المعنى إلى حد كبير

الذي دفعني لكتابة هذا المقال التوضيحي هو أني، ومن سنين طويلة، وال (وجدت أن معظم الناس يعتقدون أن اآلية الكريمة في سورة النساء

إنما ُيقَصد بها قتل الذات أو ) تقتلوا أنفسكم، إن ا كان بكم رحيما. ، وهذا طبعًا تفسير خاطئُيسّمى اليوم انتحاراً قتل المرء لنفسه، أو ما

فبالرغم من أن اآلية تشمل قتل الذات، أو االنتحار، فإنها تعني قتل .االية تعني النهي عن قتل بعضكم بعضاً ). أي إنسان منكم(

إن القرآن يعتبر المجموعة المسلمة التي يخاطبها فئة واحدة تنطبق والشيء نفسه ينطبق على أّية . منها جزءهم فراد األواألحكام عليها ككل

مجموعة يوجه ا إليها الكالم بصفتها مجموعة، كما سيرد في اآليات ا من غير هموجّ طبعًا قد يكون الخطاب. سأذكرهاالقرآنية الكريمة التي

.ا وذكر القرآن الخطاب على لسان ذلك الذي قاله

:مع شرح بسيط لكل منها سأذكر اآليات التي ينطبق عليها هذا التفسير

54سورة البقرة، آية ).......أنفسكمفتوبوا إلى بارئكم فـاقتلوا (

الكالم على لسان موسى لبني إسرائيل والمقصود به أن يقتل بعضهم بعضًا ممن ليس المقصود هنا أن يقوم . ارتكبوا جريمة الشرك باهللا باتخاذهم العجل إلهاً

.كل شخص بقتل نفسه

84ة سورة البقرة آي)........من دياركم أنفسكمال تسفكون دماءكم والتخرجون ميثاقكموإذ أخذنا (

أن يقوم كل فرد بإخراج نفسه من الديار، لكن -طبعاً -ليس المقصود باآليةبتعبير آخر فاآلية تنهى . المقصود أن تقوم فئة بإخراج أفراد أو فئة أخرى

.همبني إسرائيل أن يخرج بعضهم بعضًا من ديار

2

85 سورة البقرة آية)........... وتخرجون فريقـاً منكم من ديارهم أنفسكم ثم أنتم هؤالء تقتلون(

باآلية أن كل فرد من بني إسرائيل كان يقتل نفسه، لكن اآلية ليس المقصودتعيب عليهم أنهم يقتلون بعضهم بعضًا، أو تقوم جماعة منهم بقتل أفراد أو

.جماعة أخرى من بني إسرائيل

187سورة البقرة آية )......أنفسكمعلم اهللا أّنكم كنتم تختانون (

بعض وزوجته في ليالي الصيام كانالعالقة الجنسية بين الزوج قبل إباحةالمسلمين يمارسون ذلك بطريقة مخادعة، أي يخدع بعضهم بعضًا أو يخون بعضهم

لذا فليس . فالرجل يخدع نفسه وزوجته ويغشها أو يخونها وكذا المرأة. بعضاً .المقصود خيانة وغش المرء لنفسه فقط، بل هو غش وخيانة متبادالن

29سورة النساء آية ).........اهللا كان بكم رحيماً ، إن أنفسكموال تقتلوا (

هذه اآلية يفوت الكثير من المسلمين معناها الصحيح فيظنون أن المقصود منها الحقيقة أن اآلية تحّرم قتل النفس من ضمن المسلمين . قتل الذات، أي االنتحار

قتل المسلون مجموعة واحدة و. كجماعة، سواء كانت نفس القاتل أو نفس غيرهوال يختلف . يقتل بعضكم بعضاً الأيصح تفسير اآلية ب. نفس منها هوقتل لجزء منها

.المفسّرون للقرآن في هذا المعنى

66سورة النساء آية )......أو اخرجوا من دياركم أنفسكم ا كتبنا عليهم أن اقتلواولو أنّـ (

وإنما أن يقتل في هذه اآلية أيضًا، ليس المقصود أن يقتل الفرد منهم نفسه .بعض منهم بعضًا آخر إذا ارتكبوا مايستحق قتلهم

107سورة النساء، آية )....... أنفسهموال تجادل عن الذين يختانون (

بما أنهم ينتمون . يختانون الجماعة وهي جماعة المسلمين الذي ينتمون إليهالذين تتكلم تمثّل أنفسهم لدى األفراد ) أي الجماعة(لهذه الجماعة فإنها

.عنهم اآلية

44سورة يونس آية )........يظلمون أنفسهمإن اهللا ال يظلم الناس شيئاً ولكن الناس (

مرات متعددة في القرآن الكريم، ال سيّما لدى " أنفسهم يظلمون"وردت صيغة ربما تكون كل تلك اآليات التي بهذه الصيغة تدل على . الكالم عن بني إسرائيل

كل في هذه اآليةإن أفراد المجتمع الذي يخاطبه القرآن، وهو .نفس المعنىيقع من بعضهم على ظلمالناس، ال يظلمهم ا، وحاشا له أن يظلم أحدًا، ولكن ال

ثام، كل المجتمع أو بعضه، تقع نتائجه وما يرتكب المجتمع من آ. البعض اآلخروال عبرة بوجود بعض . السيئة على المجتمع ككل وبذا يكونون قد ظلموا أنفسهم

واّتقوا فتنة ال تصيبّن الذين ظلموا منكم (يقول -تعالى -الصالحين بينهم فاهللا )خاصة

64سورة األنبياء، آية ).......فقـالوا إنكم أنتم الظالمون أنفسهمفرجعوا إلى (

3

.أي تناقش وتداول بعضهم مع البعض اآلخر

12 سورة النور، آية)........خيراً أنفسهملوال إذ سمعتموه ظّن المؤمنون والمؤمنات ب(

هذه اآلية ال تعني أن كل مؤمن أو مؤمنة يظن خيرًا بنفسه هو، إنما المقصود أن .بالجماعة المسلمة خيراً بنفسه ويظن بعضهم ببعض خيرًا ويظن كل فرد

61سورة النور آية ........ )تحية أنفسكمفـإذا دخلتم بيوتاً فسلّموا على (

هنا يعتبر القرآن الكريم الزائر . الواضح أن المرء ال يسلم على نفسهمن كما أن اآلية . وأهل البيت جماعة واحدة فسالم الزائر يعّده سالمًا على النفس

اآلية . شاملة، فزائر لبيت اليوم قد يكون هو المضيّف في بيته في يوم آخركما . يع مجموعة واحدةتأخذ باالعتبار كل الحاالت في الزيارات وتعتبر الجم

يمكن اعتبار أن تسليم البعض على البعض اآلخر يعني تسليم كال الطرفين على .بعضهما البعض

سورة الروم ).......أنفسكمهل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فـأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم (

28آية

المقصود أن . الخوف هو خوف المرء من نفسهال تريد اآلية الكريمة أن تقول إن ، فتنطبق أهل البيت يخافون رّب البيت أو يحترمونه، وكلهم مجموعة واحدة

، فهل يحترمون العبيد بنفس الطريقة حتى لو شاركوهم في عليهم كلمة أنفسكمفالمملوك ال . المال الذي يملكون، واآلية تستبعد هذه المشاركة على كل حال

ستنكار هذا مثال ال. ت كما يخافون سيّدهملكية و ال يخافه أهل البيفي ال يشارك .مشركون كما يخافون رّبهمالآلهة يخافهم ) وكلهم عباد هللا(اتخاذ بعض الناس

6سورة األحزاب، آية ).......وأزواجه أمهاتهم أنفسهمالنبّي أولى بالمؤمنين من (

أي أن النبي أولى بالمؤمنين من بعضهم البعض

11 سورة الحجرات آية).........وال تنابزوا باأللقـاب أنفسكموال تلمزوا (

اآلية تنهى . ال يلمز نفسه بل قد يلمز غيره، وبما أن المؤمنين جماعة واحدة وأمة واحدة فإن لمز الغير يعني لمز النفس ضمناً -طبعاً –المرء .لمزاً للنفسالمؤمنين أن يلمز أحدهم اآلخر أو بعضهم بعضا وتعتبر ذلك