17
0 ﺴﻨـﺔ ﺤﻠـﺏ ﻤﺫﺒﺤـﺔ1850 ﺒـ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭﺓ" ﺤﻠﺏ ﻗﻭﻤﺔ" ﻨﻘﻼ ﺇﻟﻰ ﺤﻠﺏ ﻤﻥ ﺭﺴﺎﺌل ﻋﻥ ﺍﻹﻨﻜﻠﻴﺯﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻴﻤﺯ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﻭﺍﻗﺘﺒﺎﺱ ﺘﻌﺭﻴﺏ ﻗﺴﻁـﻭﻥ ﻭﺩﻴـﻊ ﺭﻓﻌﻪ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻫﺫﻩ ﻋﻥ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺨﻼﺼﺔ ﺘﻠﻴﻬﺎ ﺒﺤﻠﺏ ﺍﻟﻤﺎﺭﻭﻨﻴﺔ ﻟﻠﻁﺎﺌﻔﺔ ﺃﺭﺘﻴﻥ ﺒﻭﻟﺱ ﺍﻷﺴﻘﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨ ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﻤﺎﺭﻭﻨﻲ ﺍﻟﺒﻁﺭﻴﺭﻙ ﻏﺒﻁﺔ ﺒﻜﺭﻜﻲ ﻓﻲ ﺎﺯﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺨﻭﺭﻱ ﻭﻨﻘﻠﻪ ﺒﻭﻟﺱ ﻗﺭﺍﺃﻟﻲ ﻜﺘﻴﺏ ﻓﻲ: " ﻋﺸﺭ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻷﻭل ﺍﻟﻨﺼﻑ ﻓﻲ ﺤﻠﺏ ﺤﻭﺍﺩﺙ ﺃﻫﻡ"

Aleppo 1850

Embed Size (px)

DESCRIPTION

Aleppo in 1850 when Muslims attacked the Christian community in Aleppo city

Citation preview

Page 1: Aleppo 1850

0

1850مذبحـة حلـب سنـة

الشهيرة بـ

" قومة حلب " نقال

عن رسائل من حلب إلى

جريدة التايمز اإلنكليزية

تعريب واقتباس

وديـع قسطـون

تليها خالصة تقرير عن هذه الفتنة رفعه

األسقف بولس أرتين للطائفة المارونية بحلب

إلى

ازن في بكركي غبطة البطريرك الماروني يوسف الخ لبنان

: في كتيب قراألي بولسونقله الخوري

"أهم حوادث حلب في النصف األول من القرن التاسع عشر "

Page 2: Aleppo 1850

1

:المقدمة إلى الوراء لنشهد مأساة من أفظع المآسي التي عرفها أجدادنا في هذه البالد وقد قرننعود بالفكر زهاء

على مشاهدة معظم فصولها ، فصورها لنا بأصدق ما تصور األجنبية تهحصانرسمتها ريشة رسام ماهر ساعدته به أمثال هذه النكبات في ساعة الهول واللوعة واالضطراب

األجنبي لعله هو الحرف األول من اسم / C/والوصف الذي ستقرؤونه معرب عن رسالة موقعة بحرف أي بعد وقوع الفتنة بأيام قالئل وقد ذيلت بحاشية 26/10/1850 آنذاك بحلب ومؤرخة في اإلنكليزي القنصل

في عددها الصادر اإلنكليزية التايمز وقد نشرت الرسالة والذيل في جريدة 29/10/1850قصيرة مؤرخة في 22/11/1850بتاريخ

اب كتإذ وجدتها ملصوقة على غالف الجزء األول لدي من، أن أقف على هذه الرسالة عرضاوقد تسنى لي اإلنكليزيين" ألكسي وبات رسل"، لمؤلفيه الدكتورين األخوين 794المطبوع باإلنكليزية سنة " تاريخ حلب الطبيعي"

، وأضفت إلى الرسالتين بقدر ما تسمح به أوضاع اللغةنا أميلرسالة األخرى التي تلتها تعريباوقد عربت الرسالة وا .ث أو تعريف بعض األعالملحوادحواشي قليلة ضرورية إليضاح بعض ا

:اإلنكليزية بقوله" التايمز" لجريدة المراسل اإلنكليزيحدثنا

اآلمنون المسيحيون، ذهب فيها ومذبحة عمياء جرت في هذه المدينة، مدينة حلبأنقل إليكم خبر فتنة اسمون كل شيء بينهم ق طويلة ويتيشون معهم سنينا األعمى الذين يعالمسلمينالمسالمون ضحية تعصب جيرانهم

الشعب وأن يقف عليه م به صحيفة عظيمة الشأن كصحيفتكم، وهو حادث خطير يستحق أن تهتكأهل وأحباء .، وقفة الحق واالستنكاروحكومته اإلنكليزي

المسيحيين بيوت المسلمين من مسلحة عصابات، إذ هاجمت بعد العشاء16/10/1850كان بدء الفتنة في ، وأعملوا ، وحلي وغيرهاأثاث، وأمتعة، ونهبوا كل ما فيها من فدخلوها عنوةوالجديدة الصليبة القاطنين في حي

، واستمرت دفاع عن ماله أو عرضه أو مقدساته، أو سولت له النفس لل في كل من تصدى لمقاومتهموالنار السيف دون مسيحي آالف سبعة أصبح ، ولم تمض أربع وعشرون ساعة حتى بكامله17/10تلك الفظائع على أشدها نهار

، وأوفرها ، وأوسعها جاها وفيها أعرق األسر الحلبية شرفا،وجوههم في أزقة المدينة وأحيائها، يهيمون على مأوىثراء.

في ذاك الحين، ورغبة وأهم معارفي األميركيين البروتستانت للمرسلينوإذ كان يهمني أن أعرف ما جرى وقد اصطحبني عشرة رجال مسلحين" الصليبة"قيقة األمر بنفسي، سرت إلى حي في الوقوف على ح مني أيضا

من كال الجنسينبالمسيحيين، فكانت الطرقات المؤدية إلى ذلك الحي مكتظة كنت أثق بهم وأعتمد على إخالصهمه مما رأى من وهال خائفا وكل منهم قد هرع مذعورا…، والحبالىوالرضع، ، وأرباب األسرالشيخ، والطفلفهناك

أهله ، بل وذبححرق لكنائسه وهتك لحرمات منازله، ونهب لثرواته، وإتالف لممتلكاته، وفضح ألعراضه ونسائه .. أمام عينيه في بعض األحيان

ويحرقون، المنازل ينهبون وهم المسلمين، وجدت مئات من وصرت في وسط االضطرابالصليبةولما بلغت سالمين، يجري كل هذا في اع المظالم في شعب مسالم أمين، ثم يهربون بغنائمهم أحراراأنو، وينزلون كل الكنائس

حرقوا ثالث كنائس، فقد يردعهم رادع وال يعارضهم معارض، وعلى مرأى من جنود الحكومة والوضح النهاركنيسة السيدة للروم و ،، وكنيسة مار آسيا الحكيم للسريان الكاثوليكالكاثوليك كنيسة السيدة للرومأخص منها خمس، وقد نهبـوا إنكليزية ليرة ألف وعشريـن بخمسة وتقدر قيمة الكنائس الثالث المحروقـة األرثوذكس

، وعدداكهنة ثالث وقتلوا قديمة سريانية تحوي على عدد كبير من مخطوطات ثمينة مكتبة أخرى وأتلفوا كنائس هو شيخ وقور في الثمانين من عمره و السريان الكاثوليكمطران، منهم شخص، وجرحوا كثيرين/ 14000/يناهز

–الجديدة – الصليبة: "الجرحى والبعض قد أشرف على الموت، وقد نهبوا أهم أحياء المسيحيينوقد مات بعض وتقدر الخسائر من . "بوابة الخل – بوابة القصب– بوابة أم بطرس – التدريبة -العنكبوت حارة–التومايات . تقريباإنكليزية ليرة بمليونالممتلكات األموال و

Page 3: Aleppo 1850

2

:أما أسباب الفتنة فتعزى إلى أمور ثالثة . سوء تصرف الحكومة -1 . سياسة األحزاب -2 . التعصب الديني -3

:سوء تصرف الحكومة

الجنديةلمسلمين إلى من ا يدعو فيه فريقاعهد قريب مرسوما الوالية قد أذاع منذ والي الباشاكان جمعت ، وأه على االرتياح في نفوس المسلمينفلم تحظى دعوت) من هذه الخدمةوالمسيحيون كانوا معفون دائما(

أو اللجوء إلى ثم الفرار إلى الصحراء،وببعض سكان الملحقات ) دمشق( بأهل الشام كلمتهم على مقاومتها إقتداء ، ..لذلك المرسومالتي لم يخضع أهلها إحدى القرى

، ولكن أن تحاول ذلك دون أن يكون لديها قوة كافية على أية حكومة حق تجنيد األهاليليس من ينكر أن تهور وخرق في السياسةتساعدها على الحفاظ على األمن والنظام ما قد ينتج عن عملها من سوء التصرف فهذا

ومة أن ، فلقد كان من الواجب على الحك في مدينة حلب بما قد يحدث نذيراالشام أهل عصيانوالسيما وقد جاء منذ بضعة أيام معظم الشام فقد أرسلت إلى تستعد لألمر لسحق كل تمرد، ولكنها لم تفعل، بل إنها على العكس تماما

تلك ، ولم يكن يكفي التي نشبت هناكالثورة الذين كانت تتألف منهم حامية المدينة ليساعدوا على إخماد نار الجنود، لذلك كان كافية لحفظ األمن وإخماد الفتنةالقلة القليلة من الجنود الباقية في حلب والمترامية على أطراف المدينة

، على أن هذه الحقائق لم تكن خافية ةاإلصرار على جمع الجنود في مثل هذه الظروف هي خرق في الرأي والسياس لغاية في النفس كما سنرى المدينة ، ولكنهما فضال أن يتجاهالها على السيادة في المتزاحمين الحزبينعلى رجال

.الحقا

:األحزاب سياسة

، وحاكم المدينة هو المدينة حاكم، ويرأس الثاني الوالية والي يرأس أحدهما كبيرين حزبينفي مدينة حلب ، ثم وبدأ حياته أجير قصاب) ابنسي( البائدة، ولد في إحدى القرى المجاورة االنكشارية الفرقةمن بقايا ومخلفات

طويلة دهائه وحيله أن يحافظ عليه سنينا، واستطاع برف والفضيلة إلى منصبه بفوز كبيروصل بوسائله المنافية للش، ثم تقلد عدة دعاة الثورة الفرنسية ضد الملكية وأصبح من أشد 1759وهو اكليريكي فرنسي ولد عام (/ فوشيه/مثله مثل لى انية في الدولة فغرته نفسه فخلع الثوب الكهنوتي وأصبح من أشهر المغتصبين للكنائس وسلبها وكانت له اليد الطومناصب علم

خارج البالد ومات هناك ، ومع األيام اكتشف أمره بعد تقلبات كثيرة من حزب إلى آخر فنفي إلىفي قتل الملك لويس السادس عشرمرتكبيها على القبض على المدينة من األعمال السيئة، كما أنه كان قادراري في وكان يعلم بكل ما يج)1820عام

، إال أن نفوذه قد أثار الحسد والبغض له لخوف منه يمأل قلوب الناس أجمعين، لذلك كان ابسهولة بالغة ومتى يشاءن كل أمر يجب أن تقضي بأالسلطان، ألن سياسة معظم سلطاته التي كان يتمتع بها، فجرده منالواليفي قلب .نه فقط دون غيره من أفراد رعيتهيصدر م

لم الحاكم، وليس من الصعب أن نتصور أن المسيحيينتلك كانت الحالة عندما وقع االعتداء الوحشي على إال أن مصلحته كانت تقتضي أن يدعمها ويدعها تأخذ مجراها حتى إذا ،، بل بإمكانه ذلك يميل إلى إخماد الفتنةيكن

عندئذ يتدخل هو ويخمدها في الوقت المناسب فينال رضى ، عن قمعها والضرب على أيدي مثيريهاالوالي عجز ما .ي الوالية، وهذا ما قد جرى فعالالشعب وااللتفاف حوله والخوف منه في آن واحد ويستعيد نفوذه ف

، وأقام هناك هو المدينةكنة العسكرية المطلة على إلى الثالوالي انسحب 17/10/1850يوم ففي صباح . وال يبدي أي حراك وال يأبه لشيءوحاميته وهو يشاهد ما يجري في المدينة

1830لبولونية عام ، اشترك في الثورة ا"جوزيف بيم"وهو من أصل بولوني واسمه (البولوني) Bem (بيموكان الجنرال توفي في " كريم باشا" في الجيش التركي واصبح اسمه بطان ضا ثم التجأ إلى تركيا واعتنق اإلسالم، وعي،ودخل عدة حروب

قد تعهد بحياته أن يوقف الفتنة ببضعة مدافع وبخمسمائة فإنه) البولونية ودفن في مسقط رأسه غاليسيا10/12/1850 ، والحقيقة أنه غير كاف إلخماد مثل تلك الفتنة أبى أن يلبي طلبه بحجة أن ما اقترحالوالي، ولكن فقطجندي ، عن المسيحيل أخاه المسلم دفاعا، على أن يرى المسلم يقاتالديني الشعب تعصب فضل أن ينحاز إلى الوالي

Page 4: Aleppo 1850

3

، حتى أصبحت الجندية كان قد أثار استياء الشعب له لتشديده الخناق على المسلمين في أمر الواليوالسيما أن ذلك ذ من جهة أخرى أن يدع الفتنة تأخالديني تعصبوال، من جهةالخوفد نفسه وبدافع لذلك وج،حياته في خطر

إذالل " وهو أن يومئذ لم تتفق إال في أمر واحدالحزبين وهنا نرى أن كلمة مجراها وأن ال يتصدى لها أبدا، إذ يزيد في إشعال نار الفتنة) البابنسي(، وكان حاكم المدينة اإلسالمم خدمة تؤدى إلى هو أعظ" هالمسيحي وسحق

فكان يرى المسلم الشعب وأما عامة ،استعادة نفوذه وسلطانه المفقودينم خدمة وعون له على يها أعظكان يرى ف، واللجوء إلى الصحراءالجندية يغدق عليهم المال الكثير الذي سيساعدهم على الفرار من المسيحيينأن نهب

هب ضحية لى شعب مسالم أمين الذي ذ في هذه الفتنة الوحشية عالمصالح الثالث متفقة ومنتفعة ومتالقيةفكانت . مصالحهم الدنيئة السافرة

:التعصب الديني ال يترددون في والمؤذنون، والمشايخ ،المتصوفون، وكان مسلمفي صدر كل" كان هذا الداء الوبيل مستفحال

ويحرضونهم رأيهمما كانوا يسمعون عامتهم من غير المسلمين، بل كثيراتفاق على نهب من أثرى وعظم جاهااالخاء يعيشون عيشة روموارنة ،وسريان، وأرمن، كاثوليك روم من المسيحيون، وكان على ذلك ويحللونه لهم

كنيسة، منها جميلةكنائس، وقد شيدوا لهم بضعة المنازل األنيقة واألثاث الثمين، وكثير منهم كانوا يملكونورفاهيةا عليها آالف الليرات ، وأنفقومن بنائها" كانوا قد فرغوا حديثا، و)ة فرحاتساح (الصليبة في للروم الكاثوليك السيدة

، وقد تنبه المسلمون لهذه األمور غير أن ما لفت نظرهم رممون كنيستهم ويوسعونها يالموارنة، وكان اإلنكليزية الذي مظلوم بطريرك الروم الكاثوليك مكسيموسهو سلوك " واسترعى انتباههم بصفة خاصة وأثار سخطهم أيضا

، ذهب 16/10/1850 أي يوم أيضاالمذبحة عند المسلمين ويوم قيام األضحى عيد حيث كان السرايقام بزيارة من فضة مرفوعين بشكل وعكاز صليب، يتقدم موكبه على عادة األمراءها في موكب حافل وقد امتطى جواداإلي

، وقد عدوا بالعيدالواليين كانوا قد جاءوا مثله ليهنؤا الذومشايخهم المسلمين رؤساء، فأدى ذلك إلى سخط بارز، فال عجب لهمو واألبهة والوجاهة عليهم وتحديا في الزهراطا، وإف وتحد لهمرفه هذا هو خرق للتقاليد المرعيةتص

حولهم يرون الشعب المتألب قبل إحراقها ويثكنيسة الروم الكاثوليكبعد ذلك إن رأينا القوم الثائر يصعد سطح : بقولهم

."واذبحوهم نقضوا على المسيحيين وأهلكوهم اهجموا وا" :ليلة المذبحة

وأحرقوا كاهنا، إربا وقطعوه إربافقتلوا كاهنالقد سارع القوم إلى تلبية ندائهم الذي ينتظرونه منذ زمان بعيد .، بشكل وحشي وفظيعآخر

أيام منذ ، وها قد انقضت عشرة قطر عليهم وهم لم يؤذوا أحداد الجو، قد ثقلت يهؤالء المسيحيين المساكين يءالج/ 7000/ا التي يقطنهالخانات، وقد امتألت بهم وع إليهام يجسر أحدهم على الرجهاجروا من منازلهم ول

. في المدينةالجالية األوروبية، التي تقيم فيها خمسة عشر أو ستة عشر خاناموزعين على

خان ، وفي المساء لجأ إلى الطائفة مطران ومعه مغارة الشهير فقد اختبأ يوم الفتنة في ظلومم البطريركواما خلف العمارة كبابة، ومنهم من يقول بأنه اختبأ في منزل بيت نسائية بثياب بعد أن تستر نابولي قنصل عند العلبية

. لقريبة من كنيسة الروم الكاثوليكا

آنذاك وما سجل له من الحسنات في تخفيف المسيو دليسبسي قنصل فرنسا وهنا ال يسعني إال أن أشيد بفضل، وهو يعتني بهم خير عناية الجيء/ 200/شقاء أولئك البائسين وتخفيف الوطأة عليهم فقد آوى في دار القنصلية

، على الج ما يحتاجونه من طعام وعانات المدينة وهو يقدم لهم يومياسواهم موزعين في خ/ 600/كذلك اعتنى بـ . نصابه وإحالل الثقة في القلوبأن ما يذكر لهذا الفاضل يشكر عليه خاصة سعيه الحثيث إلى إرجاع النظام إلى

عن االتفاق الذي تم لفتنة ما فوجئ به المسيحيون آخراومما يحز في النفس رغم الفوضى السائدة منذ قيام ا :لذي يشمل على بعض البنود التالية، والخائف الضعيف االوالي الذي وقعه والثوار الواليبين

. ين إعالن العفو العام عن الجناة الثائر- . اإلعفاء من الجندية-

Page 5: Aleppo 1850

4

. امتناع الكنائس عن قرع األجراس- . عدم إظهار الصليب خارج المعابد- ..حاكم المدينة إلى رتبة قائم مقام، وعزل بعض الموظفين ترقية -

أكره فيه كبار المدينة وزعماؤها على توقيعه بالتهديد والوعيد، يشهد فيه العالي البابوقد تم إرسال صك إلى يها بعض ، ساعدهم فهي فعل فاعلين من عرب من الباديةت في حلب إنما التي وقعالفتنةموقعوه ويؤكدون أن

ما أنزل بهم من خسائر ور و من ظلم وجللمسيحيين، وهم يأسفون أشد األسف لما وقع الرعاع من أهالي المدينةوبات قد أعيدت إلى ، وأن المسلؤكدون أنهم قد عوضوا مما فقدوه، وي في األموال واألرواح والممتلكاتفادحة

.أصحابها سالمة

:الوضع العام في المدينة

راء ، وحركة البيع والشنزعت الثقة من كل نفوس المسيحيين، فتوقفت األعمال، والذبذبة والخداع،إن الظلم، وقد أقاموا حولها ونهاراتحصنون في خاناتهم يقفلونها ليال، وبات المسيحيون مبين الطرفين إال المواد الغذائية

وراحوا ينتظرون ويحلمون بفارغ ،الحراس المسلحين الذين استأجروهم بالنقود لحراستهم والدفاع عنهم عند الحاجةتنة مدبرة فهل تصلهم يا ترى بعد طول انتظار والف،السلطة والهدوء إلعادة سيادة العسكرية النجداتالصبر وصول

، وهي وحدها ا يتعلق مستقبل األمن في المدينةفعليه.. ؟ ؟وهل تكون أعمالها حاسمة مؤثرة.. ؟؟ومدروسة منذ مدة . بمنع تكرار ما شوهد من الفاجعاتالكفيلة

بما وقع لهم من نكبات وما صاروا إليه من الغربية الدول على اهتمام يرة كب يعلقون آماالالمسيحيينإن تجاج بشدة على الفظائع التي إلى االحإنكلترا و فرنسا، أن تسارع كل من اء، ومن حسن السياسة، وبعد النظرشق

ال القصاص بالمجرم الظالم فهل ، وإنز للمطالبة بحماية الضعيف المسالم"، إن اإلنسانية لترفع صوتها حالياجرت بالدوأن تعلن غضبها عسى أن يصل رعدها إلى مسامع أرباب الحل والعقد في .. ؟؟سترفع صوتها أيضا" تايمزال"

.وضع ويسارعوا إلى نصرة المظلومين، فيدركوا خطورة الالغرب

ن يعجز ، محافظ على هدوئه وسكينته في أدوار عصبية كام بعمل ما لنصرة شعب مسالم مسكينال بد من القيا أفعاله ، مطبقاالحقيقيين المسيحيين، ويحافظ على ثبات جأشه ، فلقد تصرف تصرف يقمع فيها عواطفهغيره أن

.ولكنه ال يسمى مجرما، على تعاليم دينه، وقد يسمى جبانا

، وال التي أسمعها كل يوم بل وكل ساعة، فال أنقل إليكم أخبار الفظائعإني أحث عواطفكم وعواطف قرائكمة المسلمين ، وال أحدثكم عن الذين وقعوا في قبضوالفتيات الطاهرات العفيفات لألطفال والشبابكم ما حدث أصف ل

.فظاعة تترفع عنها الوحوش الضارية، وال عن الذين قتلوا وذبحوا بوال يزالون في قبضتهم

، فعلى ا تتصورون هي أضعف بكثير ممالسوري القطر في جميع العالي الباب حكومة، إن وآخر ما أقوله إلى إجراء تحقيـق العثمانية العاصمة، وتدفع والة الشأن في جديا أن تتدخل في األمر تدخالالعظمى الغرب دول

ن الحالة التي وصلت إليها البالد، جادة للقيام باألعمال الحازمة، وعصادق عن الفظائع التي اقترفتدقيق .لطنة اإلنسانية وخير السواإلصالحات الضرورية التي يتطلبها واجب

التوقيع 26/10/1850حلب في C

، بعد الظهر29/10/1850ل في يذيت

ى أثر ورود بعض النجدات ، علفيما يتعلق منها بالراحة الشخصية، والسيما لقد تحسنت الحالة بعض الشيء بوادر السكون ولو كان ذلك ظاهريا، وقد فتحت الخانات والحت الجئين إلى منازلهم، وعودة معظم الالعسكرية

اء في نفوس تعمل في الخف، على أن عوامل الشر ما زالت ذولة إلعادة األمن وتعزيز النظامبفضل المساعي المب، فالثقة لن طان مخالفة آلماله، إذا ما وجد خطة السل لمقاومة الحكومةيتسلح استعدادا، فقد أخذ الشعب المسلمين

.توطد هيبة الحكومة وسطوتها فعالتتوطد إن لم ت

Page 6: Aleppo 1850

5

:انتهاء الفتنة ومعاقبة الجناة

، فألصق الحلبية الفتنةريخ كامل عن اآلنف الذكر على أن يكون لديه تا" تاريخ حلب الطبيعي"مر في مالك وفيها 5/12/1850الصادر في " التايمز" قطعها من عدد لمجلة مقالةبجانب الرسالة التي انتهيت من تعريبها

جناة إحداهما صادرة في عن انتهاء الفتنة ومعاقبة اللندن في العثمانيينترجمة لرسالتين واردتين عن بعض ، ولما كان موضوع20/11/1850 في األستانة، واألخرى في يوما وعشرين بأربع ، أي بعد الفتنة9/11/1850

إليضاح بعض األستانة، وأن أستعين برسالة حلب، فقد رأيت أن أكتفي بتعريب رسالة تقريباالرسالتين واحدا الصة الرسالتينت في مقال واحد خ، وهكذا أكون قد جمعلبيان أوجه الخالف بين الرسالتين، أو األمور المبهمة

. فيهما مما يستحق النقل والتدوينوأهم ما جاء : قاله المراسل الحلبيما

:محاولة القبض على العصاة

حاكم المدينة عبد اهللا بك فاستدعى إليه حلب والي باشا مصطفى، أرسل الحاليتشرين الثاني من الخامسفي ولعله قصد به الثكنة العسكرية أو األكمة ( له ه معقالي الحصن الذي كان قد اتخذ، وسجنهم فوأتباعه وابنه

.)يبرق بالشيخالمعروفة

يطالبون الباشا ثارت ثائرتهم وتجمعوا وجاءوا إلى العصاة مسامع بك اهللا عبدولما بلغ خبر القبض على ط نيران المدفع الذي إال أن سلالباشا، فما كان من لى الحصن بغية إنقاذ رئيسهم عنوة، ثم هجموا عبإخالء سبيله

يدري إلى أين وال ، وفر من سلم منهم ال وشتتت شملهم شر تشتيت،ن في جوزته، فحصدت صفوفهم حصداكا .اء الثوار فدخلوه ونهبوه وأحرقوه وهم يطاردونهم حتى بلغوا أحد أحيالباشا جنود، وتبعتهم يلوي على شيء

، فتصدى ديد من جالباشا وهاجموا معقل ،بر وأعظم من اليوم األول بعدد أك، اجتمع العصاةالتالي اليوم وفي . الجنود لحي آخر من أحياء الثوار انتهت باحتاللساعات ستلهم الجند والتحم الفريقان في معركة دامت

ولصـوص ورعاع قرويين وكان معهم ، من اليوم السابقاجم العصاة الجنود بعدد أكبر جدا، هالثالث اليوموفي ، وكانت معركة دامية سقط ة واألحياء المشهورة بأوكارهم جمعوهم من القرى المجاوروالمجرميـن الطرقـات

بانتصار الجنود واستولوا على الحي األخير من أحياء كبير من القتلى من كال الجانبين، وانتهت أيضاخاللها عـدد . لعصاة ونهبوه بكل ما فيه وأحرقوها

: رسالة األستانةلثالثة تعد ، وكانت هذه األحياء االنيرب باب - بنقوسا – فارلق: ن األحياء التي نهبت وأحرقت هيوفيها أ

قتيل، وقد أحرق الجنود جثثهم إرهابا/ 1800/، ولقد بلغ عدد قتلى العصاة في األيام الثالثة معقل الثوار والعصاة .ارك مسيحي واحد في جميع هذه المع، ولم يقتلوانتقاما

: الرسالة الحلبية وتعقبتهم حتى ،الخيالة هربوا إلى خارج المدينة فطاردتهم الثائرينوجاء فيها أن معظم الذين سلموا من

وكذلك فعل الجند داخل المدينة فكان في كل يوم يكتشفون مخابئ العصاة فيقبضون ،استسلموا فأودعوا في السجون، أما ممتلكات القتلى من الثوار أو من ثبت اشتراكه في النهب تقتص منهمهم إلى يد العدالة حتى عليهم ويسلمون

، ولتساعدهم على بناء لخسائر التي أصابهم أثناء الفتنة من االمسيحيين فقد حجزتها الحكومة لتعوض بها ،والسلب .لمنازلهم وهدم كنائسهمما قد أحرق من

: رسالته بما يليالقسطنطيني المراسلوختم

، وال لميل في نفسه إلى الظلم الشدة والبطش في قمع هذه الفتنة أن يلجأ إلىالسلطان عبد المجيد أخطر لقد، بل ليقضي على عناصر الفساد والفوضى والشر التي كانت تهدد لعدل والحكمة والرأفة وبعد النظروهو المشهور با

الرجعيين والمتعصبين الدينيين أن مبدأ التسامح ، وليفهم إلى أقصاها بشر رهيب ال نهاية لهالبالد من أقصاها

Page 7: Aleppo 1850

6

، وأنهحياة والتعايش السلمي في السلطنةوالتساهل الديني الذي نهجه منذ أن تبوأ العرش هو المبدأ الصالح الواجب لل . المتنفذين االنتهازيين المغرضين، ولن يتخلى عنه أمام حمالت المتعصبين وفتنسوف يحافظ عليه حتى نهاية أيامه

، عثرت على وصف حلب من ثورة اإلنكليزية" التايمز"بعد أن فرغت من تعريب الرسائل التي نشرتها جريدة القرن أهم حوادث حلب في النصف األول من" عنوانه للخوري بولس قراأليأعم وأوسع عن تلك الثورة في كتاب

، يرجح أنه لبنان–في بكركي رونيةالما ةالبطريركيالت ، وقد نقله عن تقرير محفوظ في سج"التاسع عشر وقبل أن تعرف ، كتبه بعد قيام تلك الفتنة)1851-1829( في حلب المارونية الطائفةف أسقللمطران بولس أرتين

. )1854-1845 (الخازن يوسف البطريرك الماروني، ورفعه كتقرير شبه رسمي إلى نتائجها النهائية

ن تلك الحادثة التاريخية ع" التايمز"لما جاء في جريدة " رته متمماا اعتبوقد اقتبست من التقرير المذكور م .ا يجلو غموضها أو يقربها من النص، بعد أن تصرفت في بعض العبارات بمالخطيرة

التقــريــر :المجزرة

ياءاألح، اجتمع بعض سكان األول تشرين/ 17/، والمصادفة لليوم الحجة ذي/ 12/في الليلة الواقعة في يعصوا أمر الدولة في أمر ، واتفقوا فيما بينهم على أن وبنقوسة، وقرلق، والفضيلة النيرب باب من اإلسالمية

نفيذ األمر ، فقد أجل أرباب الحكم تالحجة ذي/ 10/ في األضحى عيد، وبما أن األمر السلطاني صادف في تجنيدهم، مستغلين فرصة ببدء العصيانلح أهل األحياء المذكورة إعالناتس، وفي الليلة الثالثة من العيد إلى نهاية أيام العيد

عبد لهم حاكم المدينة قلة عدد الجند في المعسكرات في حلب وإرسالهم إلى دمشق إلخماد فتنتها، واختاروا رئيساثم أهمل ) للوالينائبا(أي ) تفنكجي باشي( عليها حاكما الذي كان أيام الحكم المصري لحلب قد عين اهللا بابنسي

شأنه بعد خروج المصريين منها، فضعفت مكانته وقل شأنه، فاستغل الفرصة الستعادة مكانته وسلطانه في المدينة .عن طرق هذه الفتنة

وتبعهم سكان ،"أكبر اهللا" بثالث ساعات وهم يحملون السالح والعصي وهم يهتفون الغروبخرج الجميع بعد الوالي مصطفى ظريفحيث يقيم ) دار الحكومة (السرايوا مجموعات توجهت بعضها إلى فشكل،األحياء األخرى

وحذر حرسه من التعرض ، أمر بإغالق أبواب السرايالوالي ليستولوا على السالح الالزم لهم، فلما شاهدهم باشا هيا لنهجم على"صرخون لهم ومقاومتهم، فاكتفى الثوار بضرب األبواب لمدة قصيرة ثم عادوا على أعقابهم وهم ي

ثكنة وتوجه مع رجال دائرته إلى ،، أما الوالي فما أن رأى الثوار قد ذهبوا حتى غادر السراي"ونقتلهم النصارى أن يهاجموا الثكنة ولكنهم ارتدوا عنها الثوار حيث يقيم بعض الجنود القليلي العدد، وقد حاول بعض الشيخ يبرق

بعد أن كسروا أبواب المسيحيين حارات، وتحول الجمع إلى ي أطلقت عليهم تخويفاأمام بعض الطلقات المدفعية الت وغيرها من مختلف أنواع األسلحة واآلالت الحديدية األخرى بالفؤوس والسيوف والخناجر والبنادقمداخلها

ة وال التحصينات أن ونهبوا األموال واألمتعة، وويل لمن يقف في وجههم، ولم تستطع حتى األبواب الخشبية الضخمتصمد أمام أسلحتهم، فقد كانوا يحطمونها بسرعة فائقة، وأصواتهم العالية الهادرة التي كانت ترتجف منها قلوب

وأصوات التكسير والهدم وأزيز الطلقات ،بعويل النساء المسيحيات وبكاء األطفالالشجعان واألبطال قد امتزجت . قامتالنارية من بنادقهم وكأن القيامة قد

ويفضحون أعراضهن يضربون النساء والفتيات بقسوةولم يكتفوا بنهب األموال فقط، بل كانوا ، فكم من مرآة فاخرة كسروها ، أما األشياء التي لم يتمكنوا من نهبها فكانوا يتلفونها تماماويغتصبونهن أمام المأل

وه، وكان قد كلف أصحابه عشرات اآلالف من وكم من أيقونة مزقوها، وكم من رف ومنجور مزخرف أتلفوه وحرقالعدس والرز والبرغل ويصبون فوقها السمن والزيت والعرق الحنطة معالليرات اإلنكليزية، وكانوا يخلطون

وصناديق النقود الهندية الغالية الثمن ،، وكانوا يحطمون الصناديق اإلفرنجية الفاخرة كي ال يستفاد منها أبداوالخمرينهبوا كل ما فيها، وباالختصار فإنهم ال يخرجون من المنزل إال وقد هدموه وجردوه من كل ما فيه وتركوه بعد أن

جردوا الرجال والنساء واألطفال من جميع فيه قد يستفيد منه صاحبه، كما ولم يتركوا شيئا، للبوم والغربانمسكنا .ثيابهم ولم يتركوا لهم إال ما تتستر به عوراتهم فقط

Page 8: Aleppo 1850

7

ولكنهم لم يفلحوا شديدا فضربوا بواباتها بالفؤوس ضرباالصليبة حيكما حاولوا تلك الليلة أن يفتحوا .فتركوها وذهبوا إلى أحياء أخرى

حيث ) متواصلةست ساعاتأي (ليال التاسعة الساعة حتى والصراخ والعويل قائماولم يزل النهب مستمراأعيان المدينة في اليوم التالي، أما الصليبة حيي التشاور ورسم الخطط لنهب إلى محالتهم وأخذوا فالثواررجع

في إيجاد طريقة الوالي العسكرية ليتفقوا مع ثكنة الشيخ يبرق فقد هالهم األمر وهربوا جميعهم إلى المسلمين من .تعيد األمن إلى المدينة ولكنهم لم يتوصلوا معه إلى نتيجة ما

:الخميس المشؤوم

القاطنين في المسيحيين، أخذ الرعب والهلع مأخذه في قلوب المشؤوم الخميسا بزغ فجر اليوم التالي ولممطرانية ، وطفقوا يفكرون في طريقة مناسبة يحمون فيها حيهم الشهير، فاجتمع بعض أعيانهم في الصليبة حي

بالفشل لتضارب اآلراء وغرورهم ، وتشاوروا فيما بينهم على حل مناسب، ولكن اجتماعهم باءالكاثوليك الروم في المدينة، إال أن المسيحيين أعيان منهم ألنهم وتحسبابأنفسهم بأن الثوار لن يستطيعوا أن يمسونهم بأذى خوفا

البابنسي اهللا عبد من المال إلى مبلغا كانوا أذكى بكثير منهم، فقد استدركوا خطورة الموقف، فأرسلوا حاالاليهـود الذين أرسلهم الحراسه حمايتهم وصد األذى عنهم، وهكذا استطاعوا أن يحموا محالتهم وبيوتهم ببعض طالبين من فكان إذا نهب محل أو بيت الثوار لهم لحمايتهم من عصاباته، وهكذا تمت حمايتهم كلهم من أيدي البابنسي عبد اهللا

رغم تالصق المنازل ،يحي آخر دون اليهودي كان الثوار يجتازونه إلى بيت مس،مسيحي مجاور لغيره من اليهود ليالوالمحالت المسيحية واليهودية مع بعضها البعض، ولكي يستطيع الثوار التفرقة بينهم كانوا يرسلون أشخاصا

لكي يتم التعرف عليها في حال نشوب الفوضى والغوغاء ، على أبواب منازل ومحالت المسيحيينالصليبليرسموا .بينهم

ومفكريهم المغرورين لسوء تدبيرهم، فإنهم بعد أن سمعوا وشاهدوا ما حل المسيحيين أكابرة يا لغباو، فإنهم لم يفكروا إال بتحصين البوابات بجيرانهم في الحارات األخرى من أبناء دينهم من الدمار الجسيم ليال

، وكأن لديهم وراء األبواب المدافع باألخشاب والحجارة مما يثير في نفوس العقالء ثائرة الضحك والسخرية والهزء .العديدة والعدد الكبير من األبطال للدفاع عنهم، ولكن ما أن وقعت الواقعة حتى عمي البصر وشبت الفوضى بينهم

حتى اجتمعت جماهير السلب والنهب من جميع المشؤوم الخميسلم تنقضي ساعتان على شروق شمس القرى والبدو والرعاع وقاطعي الطرقات ولحق بهم جمع غفير من أهالي ،باب الفرجأطراف المدينة في منطقة

وابتدأت الطبول تقرع بأصواتها المرعبة المخيفة، وعلت أصوات نسائهم بالتهليل ،وكأنهم مدعوين إلى وليمة دسمة.. اهللا أكبر: "واألهازيج، وأصوات الرجال بالتكبير والصراخ والعبارات المهيجة للنفوس، وكانوا يرددون عبارات

". ..فليتبعنا من كان مسلما.. إنه يوم الجهاد.. يوم النصر على الكفار.. اليوم يوم التضحية.. هجوم على الصليبة حتى أننا اعتقدنا أن باب الجحيم قد فتحت علينا ،وكانت نساؤهم قد لحقت بهم كالسيل الهادر وهي تزغرد لهم

الحديدية بالفؤوس واآلالتـي مـن جميع جهاته وأخذوا يضربون أبوابه وقذفت بما فيها، وأحاط الثوار بالح وهم يسمعون تلك ، فهالت قلوبهم بالخوف والهلع والرعب المخيفالمسيحيون، أما متواصال شديداالحادة ضربا

م يدورون يمنة األصوات الهادرة، ويشاهدون تلك األلوف المؤلفة المستكلبة التي ال يعلم عددها إال اهللا وحده، وهويسرة وال يجدون من ينقذهم أو يستنجدون به، ولم يكن أحدهم يتجاسر أن يخرج خارج داره، بل من كان على

واألوالد والنساء، وخوفا يرتجفون هلعافالرجال منه، السطح لم يكن يجرؤ حتى على النزول إلى بيته ليأخذ شيئاأو يمد له يد العون والنجدة، وأصبح كل شخص ال يفكر إال في خالص يبكون ويولولون، ولم يعد أخ يفكر بأخيه

.نفسه الحارة من فتح األبواب، تسلق أحدهم الحائط وفي يده فأس، وقفز إلى داخل الثوارولما عجزت أيدي

، ورفع األخشاب من ورائها، وفتحها لجماعته، فاندفع)الياسمين بوابة( المعروفة بـ البوابة قفلوضرب بفأسه السلب والنهب والقتل وراحوا يكسرون أبوابها ويدخلونها ويعملون فيها ،المسيحيين منازلذلك البحر الهائج إلى

، ومنهم من ألقى بنفسه واختبؤا فيهاالمقابر، وقد لجأ بعض المسيحيين إلى بكل من يصادفهم من أصحابهاوالتنكيل كان نصيبه القتل والتنكيل ، غير أن من لم يستطع الهربن أيديهم من الوقوع بير خوفاإلى مكان آخر وفضل االنتحا

الى من ولم يكن هناك إال أصوات البكاء والعويل والصراخ والوالويل التي تتفتت لها قلوب الكفار وهي تتع،بجثتهم ، وال عجب أن يصب الثوار جت بأصوات الرصاص والهدم والتحطيم، وقد امتزجكل جانب وبيت في ذلك الحي

Page 9: Aleppo 1850

8

، وهذا ما كان يضرم نار المخبأة فيهالحقيقية بالكنوز ألنهم كانوا يعلمون أن بيوته مليئة الحيغضبهم على هذا ، كانوا يضربونه كان أم أنثى ذكرامسيحي، فكانوا إذا ما وقع بين أيديهم المسلمينالحقد والحسد في صدور

، وبعد أن يحصلوا عليه يقتلونه وفضة وألماس ذهب بالعصي والخناجر حتى يعترف لهم ويخبرهم بما لديه من منهم حتى ولو وف في قلوبهم فيعترفون بما عندهم، وإذا كان قد أخفى شيئاوينكلون به أمام مرأى أهله إليقاع الخ

.فيها ويخرجوها ثم يقتلون صاحبهاكان ذلك في قعر أعمق اآلبار فكانوا ينزلون

:س وحرقهانكبة الكنائ

ناية الثانية بعد بوابة ، وهي البللسريان الكاثوليك كنيسة مار آسيا الحكيم هو الثوارتعرض له أول شيء ، ولما عجز لالجئين إليها مع أموالهم وحليهم المجاورين لها وابالمسيحيين تغص الكنيسة، وكانت هذه الياسمين

ارة المجاورة وهبطوا إلى ساحتها ومنهم دي الضخم، تسلق فريق منهم إلى السطح من الحالثوار عن كسر بابها الحديلباب الحديدي الكبير ، وفتحوا ا فالتقى الفريقان فيها أيضاالكنيسةن هناك نفذوا إلى ساحة من كسر باب المدرسة وم

ه واندفعوا إلى الداخل، ونهبوا جميع ، فدخلت تلك الجموع المتوحشة التي كانت محتشدة وراءعلى مصراعيه، وطرحوا األيقونة الشهيرة لوالدة اإلله سيدتنا مريم العذراء الثمينة حتى أيقوناتها وحرقوا ،محتويات الكنيسة، وبعد أن انتهوا من نهب الكنيسة أضرموا النار بكل شيء لم لى األرض وداسوه بأقدامهم القذرة عالقربان المقدس

حتى بالغة جدا وجرحوه جروحا، فضربوهالبطريرك بطرس جروه، وخرجوا منها إلى قالية نهبهيتمكنوا من، وقتلوا خادمه الذي امتنع عن تسليم بعض الذين كانوا معهالكهنة، كما جرحوا بعض اعتقدوا أنه قد فارق الحياة

وأضرموا النار فيها القاليتين السريانيتين، ونهبوا كل محتويات طلبوها منه ومفاتيح الغرف األخرىاألشياء التي قتل والحرائق في كل مكان ، ثم ذهبوا مخلفين وراءهم الدمار والب في السماء عالية كاألبراج اللهفارتفعت ألسنة

المسلمين، ولكن اهللا كانت رحمته عظيمة فقد تعطف أحد كبار كان بين حي وميتوغبطة البطريرك، والجرحى .محتمته فطببه وأنقذه من الموت ال نقلوه إلى بيطريرك وأرسل إليه رجاالمن أصدقاء الب

لكنيسة األربعين شهيدة لألرمن األرثوذكس المجاورة كنيسة السيدة للروم األرثوذكسومنهم من توجه نحو وأتلفوا ما تبقى فيها بعد ما نهبوا معظم ،وا فيها النارل، وأشعالكاثوليك بكنيسة السريانوفعلوا فيها ما فعلوه

.كهنتها وعلى بعض أسقفهاتعدوا بالضرب على ، والكؤوس الذهبية واألواني الثمينةمحتوياتها من

ألنهم كانوا ناقمين عليه مكسيموس مظلوم الروم الكاثوليكغبطة بطريرك كان الثوار يطالبون بإلحاح بقتل ، ثم نهبوا ونهبوهاالقالية، وأول ما قاموا به أنهم دخلوا إلى األضحى عيد التي ظهر بها في حلب في األبهةلتلك

، أما ض والتي كانوا يبنون بها الكنيسة، وكسروا حتى حجارتها التي كانت على األر واحرقوهايرةالكب لكنيسةا، والتهمت النيران الكنيسة من كل عميقة طيلة ذلك اليوممغارة د اختبأا في ، فقغبطته ومطران الطائفة ديمتريوس

بق فيها إال السقف والجدرانلم ي، وحتى وصلت إلى كل دار ومكان حولها، من مدرسة وبيت النساءجانب بدار المطرانية، وكذلك فعلوا تى البيوت المحيطة والمجاورة لهاوأصبحت سوداء كالتنور ومهدمة من كل جانب ح

أواني كنسية وذخائر ونفائس فأحرقوها بعد أن نهبوا كل ما طالت إليه أيديهم القذرة الملطخة بدماء األبرياء من .ثمينة

ثريات، فقد نهبوا منها كل ما يستحق نهبه وكسروا كل ما لم يمكنهم حمله من الكاثوليكاألرمن كنيسةأما .لكنهم تركوا الكنيسة ولم يحرقوها، وومذابح زجاجية وأواني

كانوا قد الموارنة، غير أن فلم يدخلوها فحفظها اهللا من شرهم، التي كانت في حالة الترميم كنيسة الموارنةو في حي وراء العمارةوبيت كنيدر بيت الكلدانيي وذخائر ثمينة وفضيات على يستهم من أوانوزعوا كل ما في كن

التي خبأت في الكنسية األواني، فكان من جملة ما نهب تلك ت هذا الحي قد نهبت دون استثناءوبما أن جميع بيو .البيتين المذكورين

لم يحرقوها بل نهبوا بعض فقد فعلوا بها كما فعلوا بكنيسة األرمن الكاثوليك فكنيسة األرمن األرثوذكسأما .ما فيها

وقتل ) ألنه رفض أن يسلم آنية المذبح (جبرائيل الكلداني الماروني القسوقد قتل في هذه الفتنة المرحوم كان التيذهبية ليرة األلف من دفع المسيحيينمنع أن هذا الرجل هو الذي الشيخ كامل الغزيلقد كتب عنه ( المقدسي نعمة اهللا حمصي

األرمن الكاثوليك، وقتل خادم كنيسة الروم الكاثوليكوخادمه من طائفة ) لحمايتهم من الثواربابنسي اهللا عبدمنهم هاقد طلب

Page 10: Aleppo 1850

9

قد شيدت فيطائفة الروم الكاثوليك، وقد كانت الشرعسوس الساكن في محلة ووانيس الحالق ويوسف القصاب في نهب وحرق وقتل حتى الثوار، وظل طعما للنيران ونهبت محتوياتها" ا ذهبت هي أيضمزخرفة كنيسةهذا الحي

ها من مناظر تفتت القلوب ، ويا ل اليوم األخير، يا لها من ساعات محزنة مخيفة، فيا له من يوم ذكرنا بهولالمساءتسيل من جروحهم يسيرون والدماءوحات، ورجاالمفض نساء مغتصبات، فلم تكن ترى في األزقة إال الصخرية ن كل بيت وزاوية ولم تكن تسمع إال األنين والعويل يخرج م،القتلى مطروحة في عرض الطرقات ، وأشالءالعديدة

التيجان المرصعة ، وهناك المحلة فتحجب أشعة الشمس المشرقة تتعالى من كل أطراف النار ألسنةوال تشاهد إال تكسر والثريات الفضية، والمباخر،والكاسات الذهبية ،والكؤوس، القصابين أجراء تتداولها أيدي ريمةباألحجار الك

تتداولها والجواهر والقالدات الذهبية ، الغالية الثمنالكشمير والمالبس الكهنوتية المزركشةوشاالت ، بالحجارة فأل خمسيندرت قيمة األموال المنهوبة بما يزيد عن ، وقد ق يباع بميزان الجزرواللؤلؤ الثمين، الزبالينأيدي

تسبب عن الحرائق والهدم والتكسيروهذا ما خال الخراب الذي ) خمسمائة قرش بعملة تلك األياموالكيس هو (سكيتي أنهت الثوار عن قتل هي الوالكنوز الثمينة، فهذه المبالغ الجسيمة كيس ألف عشرينمما قدر بأكثر من

شخصا/ 300/، وجرحوا نحو التي ذكرت أسماؤهم سابقاأشخاص /7/ ألنهم لم يقتلوا يومها منهم سوى ،المسيحيين/ 70/ وقد قدر عدد من مات منهم إلى هذا اليوم بـ،وفي كل يوم كان يموت من هؤالء الجرحى أناس عديدون

بعضهم من الموت والنهب وكان السبب في نجاة،بيت/ 500/، وعدد بيوت المسيحيين التي نهبت بنحو شخصا ويمنعون الثوار على بيوتهم من النهب يدافعون عنهم حفاظاالمسلمون، فكان مجاورتهم لإلسالم في بعض الحارات

، وإذ لم يبق لهم ثقة في البقاء في منازلهم فقد لجئوا بل دفع األموال الطائلة لحراستهم، ولكن مقامن دخول حاراتهم ليصطحبونهم وسط المسلمين، وكانوا يضطرون إلى دفع المبالغ الطائلة لبعض المدينة داخل أسوارالخاناتإلى

أكثر ليحرس جيرانه المسلمين داره، أو أو قرش ألف، وهناك من كان يدفع كل ليلة آمنة إلى ديارالثوارجموع .ليحموه من القتل، أو من االعتداء عليه

، وذهب بثياب امرأة فيها متخفيائا التي كان مختبالمغارةفتنة من فقد خرج ليلة الالبطريرك مظلومأما غبطة أساقفة الطوائف ، ومثله فعل جميع )ماركوبولي (قنصل نابولي ليختبأ عند خان العلبيةبصحبة سوكمان إلى

ى ، ولم يبق أحد من الرؤساء الروحيون في القاليات سو، وفريق كبير من الشعب المسيحيوكهنتها الكاثوليكية، ولو أحد منهم داره، فلم يدخلى قد حفظه من تلك الفتنة العمياء وذلك ألن اهللا تعالمطران الموارنة بولس أرتين

.وها والكنيسة المالصقة لها أيضاكانوا دخلوها ألحرق

المخبئين فيها يرقدون على ، فقد كانوا في األمكنة فحدث عن شقائهم وال حرجالمسيحي الشعبأما عامة السيما الفقراء منهم ، وهم يرتعدون من شدة البرد و بالية تركها لهم العصاةرض، ال يستر أجسادهم إال أثوابااأل

. المشؤوم الخميس، هذا ما قد تم حتى نهاية يوم والمرضى، وقد مات منهم العدد الكبيرى والجرح

عبد اهللا ، فقد فوض األمر إلى لة الجنود التي لديه لق رأى أنه ال يستطيع أن يفعل شيئافلما) الوالي (الباشا أما د وبات في تلك الليلة ومعه بعض الجنوحي الجديدة، فحضر إلى وطلب منه إخماد الفتنة" قائم مقام" وعينه البابنسي

أثاث فنهبوا كل ما بقي من ،م سراقهنود الذين جاؤا لحمايته أصبحوا ه، غير أن الجفي الحي ليحميه بعد خرابه . كما يقول المثل الشعبيالحامي إلى حرامي، فانقلب ية في البيوت الفارغة من أهاليها وغيرها الباقوحاجيات

شوارع المدينة وبرفقته بعض من جنوده وهو ينادي عبد اهللا البابنسي، طاف الجمعةوفي اليوم التالي أي الذي أزعجهم قد قانون التجنيد بأن ومصرحا واعداإلقاء أسلحتهم ويطلب من الثوار ،األمان للمسيحيينبعودة ، فكل ما فعله الثوار من دمار وتخريب وقتل ونهب وهتك األعراض والتعدي على عما مضى وعفى اهللاألغي،

وكوفئوا العصاة على أعمالهم بإلغاء الخدمة العسكرية لهم لم يكنت قد ذهب أدراج الرياح وكأن شيئاالحرما .عن معاقبتهم" عوضا

عباءاتهم وهم يتجولون في تحت السالح يخبئون الرعاع، فقد أصبح فلم يتجاوز اإلعالناألمان والسالمأما اء األطعمة فقط ولشرلهم إال في الحاالت الضرورية جدا ال يتجرؤون على الخروج من منازوالمسيحيون، المدينة

، وإذا ما مصادفتهم مع أحد الرعاع المجرمينمن ، وفي قلوبهم يخيم الخوف والرعب والهلع وبالسرعة الممكنة . واللعنات والضرب في أغلب األحيانصادف مسيحي أحد من الثوار فإنه ال يسلم من السب والشتائم

Page 11: Aleppo 1850

10

:احتيال رئيس العصاة وتزلفه

مضان ر للمجاملة للتزلف والتعرف عليهم وعين األوروبية الدول قناصل عبد اهللا البابنسي زار السبتويوم قد قبض في اليوم السابق على بعض الرهوان عرف باسم اوذلك ألن شخص) للشرطةمديرا(تفنكجي باشي أي آغا

، وكان قصده أن يلقي الرعب والخوف في قلوب لينالوا جزاءهميبرق الشيخ في الباشا مقرالمسلحين وأسلمهم إلى ألعمال استنكاراعبد اهللا بابنسيلمين تظاهروا أمام مقر ، إال أن بعض المسثوار ليخمدوا حدة ثورتهم ونقمتهمال

في المدينة كلها وهددوا بنشر الفوضى، إلطالق سراح المساجينالباشا، وطلبوا منه أن يسعى لدى الرهوان، أما أطلق سراحهم فهدأت األمور قليالن المساجين و عى فعف، على مخالفتهمالباشا، فلم يجرؤ والسعي لخرابها

.ن طالبوا بقتله فقد الذ بالفرار ألن أهل المدينة المسلميوانالره

:م الباب العالي بالمذبحة والفتنةإعال

عن طريق وسفراء الدول الغربية قناصل، وكذلك فعلوا بحقيقة األمرالعالي الباب قد أبلغ الباشاوكان ، وعلى أرواح الشعب من ثورة أخرى على المدينة ، وباتوا ينتظرون الجواب، حفاظااألستانةسفاراتهم في

لتهدئة األوضاع وكبت وتداولوا في إيجاد طريقة ناجعة الباشا بمبادرة أولى واجتمعوا مع القناصل، فقام اتهموممتلك وطلبوا منه أن عبد اهللا بابنسي، وطلبوا حضور عض طلبات الثوار بالتملق والحيلة، فقرروا أن يلبوا بجماح الثوار

يسعوا هم بدورهم بطلب مكافأته لدى كبار ونشر األمان واالطمئنان على أن،ن المدينة وأهلهايتعهد لهم بصولعبد اهللا ، وهكذا تم عن الجميعالعام العفو، وأن يصدر من العصاة أحداالباشاب المسؤولين، وتعهدوا له بأن ال يعاق

له جميع سلطاته وصالحياته وأصبح هو ، وعادته من استالم زمام األمور من جديد ما كان يخطط لالبابنسي أعيان، وطلب من تسليم أسلحتهمالمسلمين، وأرسل بعض من رجاله ينادون ويطلبون من السراي في الحاكم دارأن يعود إلى مركزه في " أيضاالباشا، وطلب من العودة إلى منازلهم سالمينيبرق الشيخ الالجئين في المدينة

بين الحين واآلخرالسراي أصبح يتردد على البابنسيذي كان في شك وخوف من نوايا الالباشا إال أن الحكومة، وطلب من الجميع أن يعودوا إلى ملة وتهدئة النفوس فنادى باألمان للمجاالبابنسي بزيارة القناصلوقام جميع

وبات الخوف والهلع لم يثقوا بكل ما صدر من أوامرالمسيحيين، إال أن سواق لمزاولة تجاراتهم كالمعتاداأل . ال ألمر ضروري فقط وبغاية السرعة، وباتوا في مخابئهم ال يخرجون منها إفي قلوبهم" عششام

:قنصل فرنسا بحلب

الذي استقبل في بيته يوم الفتنة جميع قنصل فرنسا المسيو ديلسيسوال بد لنا أن ننوه عن مروءة وفضل والخان المجاور له وغص ، حتى امتأل بيته قطائف ولم يرفض أحدا إليه ومن مختلف الطوالالجئين المسيحيين

، وأوعز إلى جميع األديرة والخانات الخاصة باألجانب أن تستقبل جميع الالجئين إليهم بدون استثناء بالالجئينعمة والشراب ، وقام هو بنفسه بتقديم جميع االحتياجات واألطتقديم كل االحتياجات الالزمة لهموحمايتهم ورعايتهم و

من أي ، ورفض أن يتقاضى أي قرش يته وخانه والخانات المجاورة لهموالضروريات الالزمة لكل الالجئين في ب لمعالجتهم، وحيث وجد أن العدد كبير جداأطباء، وحرر قائمة بأسماء المرضى والجرحى وعين لهم الجئ إليه

لمداواتهم وأطباء يعتنون بهم خداما، وعين لهم يعاب الجم الستيعمستشفىار دار كبيرة حولها إلى م باستئجفقـ الذين لم يبرحوا والمنهوبين والمحتاجين الفقراء تقديم الئحة له بأسماء المسيحية الطوائف رؤساءوطلب من

الخبزدرهم من / 100/ واللحم من درهما/ 50/ من األغذية مؤلفة منيومية حصة، وخصص لكل منهم منازلهمازان وعيوطلب لهم تأمين المسيحية الطوائف رؤساء بخاتم ممهورة قسائم يأخذونها منهم بموجب ولحامالهم خب ،

، وأرسل بعض موقعة من رؤساء الطوائف أيضاشهادةمن أجل النوم عليهم بموجب ) اللحاف (واألغطية الفرشلم يكتف بهذا بل ، و من الخام الجيدداخلية وألبسة قمصانا ووزع عليهم والفقراء العراةمن رجاله وسجلوا أسماء

ولم منهم قد غفلوا عنهي كل زاوية ومكان عله يجد واحدا فالفقراء بكل جهده وبنشاط كبير عن كان يسعى باحثا .يحظى على مساعدته واحساناته

هب وينقش على لذا فإنه من الواجب لرد الجميل لهذا الرجل الفاضل أن يذكر وأن يدون اسمه بأحرف من ذ بوجود هذا ي سمح بنكبة شعبه قد أغاثهم أيضا فال شك بأن اهللا الذ، لئال يمحى ذكره إلى مدى الدهورالصخور

. الذي يكن له شعبنا كل تقدير واحترام وحب كبير والذي خلت بمثل األزمان والعصور ،اإلنسان المحسن الكبير

Page 12: Aleppo 1850

11

:هروب البطريرك مظلوم

االثنين، وفي يوم اثني عشر يومانابولي قنصل في دار ، فقد ظل مختبأمظلوم سيموسمك البطريركأما الخوري، وكان برفقته بيروت، ومنها إلى اسكندرون إلى تركي ضابط بلباس هرب متنكرا28/10/1850الواقع في

األول المسبب كان هو مع أنه، فقط وراء خالص نفسه وراءه شعبه المنكوب وساعيا، تاركاوشماساه حاتم بولس .كما سبق ذكرهبسبب عنجهيته وكبريائه الفارغ نكبة شعبه المسكين في والرئيسي

، فقد أصبحت دون سائر المطارنة كما تقدم ذكره قاليته، الذي بقي في أرتين بولس الموارنة مطرانوأما ، حتى حيينض فيما يخص أحوال المسي، يأتونها كل يوم للتفاو فيهاالحكم وأرباب المدينة ألعيان مجمعاداره

وجنود، مسيحيين ومسلمين، يتقاطر إليها الناس من الصباح حتى المساء من ثانية محكمةأضحت تلك القالية .تتم بمشورته وعلمه وتصديقه عليها، وكانت جميع القرارات واألوامر وحكام وموظفين ،ومشايخ

:الحياة العامة بين الشعب

على نفوس وقلوب وال فيها مضطربة، وبقي الخوف والهلع مسيطراة فقد بقيت األحأما الحياة العامعبد اهللا ، وأما يبرق الشيخ ثكنة من األطراف والنواحي وتتجمع في رويداالمسيحيين، وبدأت الجنود تنسحب رويدا

لذلك كان ، فتنة أخرىنظام وحفظه المدينة من فكان يحلم بالحصول على إنعامات من الدولة لضبطه الالبابنسيات ، وبدأت بعض المنهوبالمسيحيين رد جميع المنهوبات إلى أصحابها المسلمين من يتجول في المدينة طالبا

من اهللا عبد، وقد طلب نفع لها يعيدونها إلى المسيحيينومخدات ال) لحاف(البسيطة من فراش وأغطية نوم يظهر إخالصه للدولة من ذلك أن يظهره للمسؤولين ل قاصدا، بها أن يستلمها ويعطيه وصالأرتين بولس المطران

لبعض كنيسة الروم الكاثوليك، وطلب منه أن توضع في منها أبى أن يستلم شيئاالمطران، ولكن وينال رضاها .الوقت

ا على ، وقد بد متواليةعشرين يوماوبقيت األحوال على هذا الشكل والمدينة في غليان وتمرد وعصيان مدة وإبادتهم يوم الفتنة ألن الظروف كانت مساعدة لهم جداالمسيحيين الندم واألسف على عدم قتل جميع المسلمين

لذلك اليوم العصيب وعد بتحقيق ذلك بأقرب فرصة ممكنة، واستعدادا ويعد ويت،وراح البعض يصرح بنواياه علنا السالح، راحوا يشترون يبهم ومعاقبتهم على تكرار فعلتهم تأد إذا ما أقدمت علىالمتوقع، ولمقاومة الحكومة أيضا

إال وتزود إلى أن لم يبق رجل واحد تقريبا،قرش وأكثر/ 300/، وقرشا/ 50/ الواحدة البندقيةحتى بلغ ثمن ، ومن الرصاص صب، وغيرهم في البارود ومنهم من أخذ يعمل في صنع ،بضعفين وثالثة أضعاف من السالح

طوال تلك المدة ليلة واحدمسيحي، ولم ينم ة هزات وكثرت األقاويل والشائعاتلك فقد حدث في المدينة عدجراء ذ .ان يمأل قلبه من الغدر والمباغتة ألن الخوف ك مطمئنا آمناواحدة نوما

وصول اإلمدادات من الجيش :والقبض على العصاة ورئيسهم

/6000/على المدينة من مختلف الجهات وقد تجمع منه ما يقارب يتوافد السلطاني الجيشأثناء ذلك كانت خالشيه في واحتفظ بالباقي لديالقلعة في جندي/ 200/، فوزع الوالي ما يقارب بين نظامي وغير نظاميجنديوالشوارع والخانات تقفل راحت الناس تتراكض في األزقة 5/11/1850 الواقع في الثالثاء وفي عصر يوم ،يبرق

، وما هي إال لحظات وإذا يهرعون لالختباء في منازلهموالمسيحيين، يهرعون لحمل أسلحتهموالمسلمين، وابهاأب بوجوب ضرب الدولة، ألن األوامر قد وردت من في آن واحدوالقلعة يبرق الشيخبالمدافع تطلق قذائفها من

ومنهم المسلمين من البلدة أعيان استدعى إال أنالوالي، فما كان من ل البالدالعصاة وتأديبهم وإصالح أحوا بالقبض على الوالي أمر يبرق الشيخ، وما أن وصلوا إلى عليهمالسلطان الوارد من الفرمان بحجة قراءة البابنسي الشيخ، وما أن علم العصاة بذلك حتى تسلحوا جميعهم وقصدوا في السجن مع أتباعه المرافقين له وأودعه البابنسي

بإطالق النار عليهم، فرد العصاة على النار بالمثلالجيشن إطالق سراح زعيمهم ومرافقيه فقابلهم محاولييبرق، فمنهم من التحق حتى تسلحوا جميعهم لنصرة إخوانهم النيرب وباب وبنقوسة قرلقولما بلغ النبأ أهالي أحياء

محمد لهم وهو رئيسا مقدمام وقد نصبوا لهم في أحيائهالحواجز، ومنهم من أخذوا يقيمون يبرق الشيخبرفاقهم في الذين كانوا في المخافر العسكر، أما المقبوض عليه، ودارت المعارك بين الفريقيناهللا عبد وهو ابن عم بابنسي

Page 13: Aleppo 1850

12

وجه جماعات العصاة سالحه في را، ومنهم من بقي في مكانه شاهيبرق الشيخ في باألورديفمنهم من التحق ، ومنهم من كان لمدافع على أحياء العصاة والثوار فمنهم من كان يطلق االقلعة الذي في الجيش وأما ،القادمة إليهم

.ئرة بين الفريقين حتى غياب الشمس، وبقيت المعارك داكل من يحاول االقتراب من القلعةيرد بالنار على

المشارقة حيهز فريق من أهالي فانت بشكل غزير جداوالبرد األمطار فقد سقطت المسيحيينومن سوء حظ كان ذلك الحي ، ونهبوا كل ما وصلت إليه أيديهم مما تبقى في حوزة س مرة ثانيةالصليبة حيالفرصة وأغاروا على

رونه فيتعدون عليه ، وكانوا يركضون خلف كل من يوكانوا يقرعون األبواب بشدة وعنف، مما غفل عنه الثوار .خوف وهلع كبيرين طوال تلك الليلة في ي بيته مقيمابالضرب المبرح، وبقي من ظل ف

ليأتيه بنجدة إلنقاذ ابن " العنزة عرب" أمير "دهام" إلى عيم الثوار الجديد فقد أرسل شخصا، زبابنسي محمدأما حيطة الم والنواحي القرى إلى ومحبة كبيرة عند العرب، كما أرسل رسال كانت له مكانة اهللا عبد، ألن اهللا عبدعمه

، وقد قرى والنواحي تتوافد على المدينة من سكان الالفالحين، وأخذت أفواج وجموع يدعوهم إلى نصرته ونجدته . ألف ثائر/ 30/ فاصبح العدد ما يقارب أيضااألحياء أهاليانضم إليهم

:العصاة والجيشنشوب المعارك بين

في المسيحيين، أما خوف ن واستمرت حتى الظهيرةين الفريقي عادت المعارك باألربعاءولما بزغ فجر يوم كان يلقي ، وبريق أسلحتهم وهم يطوفون بالشوارع واألزقة هذين اليومين فال حدود له، فضجيج الثوار وصراخهم

على أيديهم بعد ساعات قريبة جداالمسيحيين، والسيما تهديداتهم التي تنبئ بأن نهاية الخوف والهلع في القلوب، وبذلك تبقى في حلبمسيحي أن يبيدوا كل القلعة جيشقد شاع عنهم أنهم مزمعين بعد انتصارهم على ، وقليلة

ومكنت سيوف ، اإللهية قد عجلت بالقضاء عليهم، إال أن العناية لهم صرفاألموال المنهوبة في حوزتهم وملكاا .لشريرةن تحقيق آمالهم وأمانيهم ا من رقابهم قبل أن يتمكنوا مالدولة جيش

الجيش، وما أن حان العصر حتى كان لفريقين أشد ضراوة مما كانت عليهوعادت الحرب بعد الظهر بين ا بنقوسة، فهرب هؤالء وهم ال يلوون على شيء إلى حي لى جموع الثوار بشكل قوي ومحكمقد تغلب وانتصر ع

أشد الضربات وكسر شوكة مقاومتهم بهم ما لبث أن لحق بهم إلى عقب دارهم وأنزلالجيش، ولكن وتحصنوا فيه أموال عند هذا الحد بل نهبوا كل الجيش، ولم يتوقف بكاملهالحي واحتل وتحصيناتهم حواجزهم كل الجيشوهدم

بطلقة بابنسي محمد وأصيب ،، وسقط القتلى من كال الطرفينمحالتهم ودكاكينهم وأحرقوا أسواقهم وبيوتهم بابي إلى حبنقوسة، وانتقل الثوار من مساكن الجاليات األجنبيةل وهو مخصصابالكت إلى حي ،فحملوه جريحا

لحي أيضا ما لبثت أن امتدت إلى هذا االنيران ألسنة، ولكن ه وألقوا بكل قواتهم في هذا الحي وتجمعوا فيربالني . حتى توقفت المعارك بين الفريقينوما أن حل الظالم

دهام" حتى بزغ لهم بريق أمل آخر حيث وصلتهم البشرى بأن الثواروع وحين كاد اليأس يستحوذ على جم، وما أن بلغ نبأ السعيد واستبشروا بالنصر األكيد فهللوا لهذا النبأ، في تلك الليلةحلبقد وصل إلى " العرب أمير

حب به ، وبعد أن رالنيرب باب حتى نسي جرحه وذهب الستقبال األمير في بابنسي محمدوصوله إلى مسامع المدينة أهل ويقف ،الجيش من وراء خارجاالعربان، واتفقا على أن يبقى معه على خطة العمل لليوم التاليتفاوض

جلت رحمته فقد قلب ، ولكن اهللاقض العربان عليهم وينهوهم في محاربة األهالي ينمن أمامه، وفيما الجيش منهمكا .قطوا فيها والحفرة التي حفروها س، عليهمخطتهم وباال

تقذف المدافع، وأخذت حتى ابتدأت المعارك بشدة وعنفتشرين الثاني/ 7 الخميسفما أن انبلج فجر ، ولما رأت قوات الحكومة أن الثوار لم يخرجوا من خلف تحصيناتهم حتى الضحىيبرق والشيخ القلعةبحممها من

ئت ، وما أن وصلت إلى هذه البقعة حتى فوجالنيرب ابب الواقعة تجاه عواد أرضانطلقت فرقة منهم مع المدافع إلى من ورائهم وأهالي الحارات يخرجون من أمكنتهم من وراء التحصينات وينقضون بشرذمة من العربان يعتلون تال

باتجاه إال أن حولوا فوهات مدافعهم الجيش، فما كان من مستبشرين بالنصريبرق الشيخعلى أفراد الجيش وعلى ، ولما رأى العربان الهول من القنابل المنصبة عليهم كالسيل وهي تفتك بهم شر فتك ولوا قذفوهم بالقنابلالعربان و

يبرق الشيخ، وفيما كان أهالي الحارات يهاجمون ال يحصىاألدبار عائدين من حيث أتوا بعد أن قتلت منهم عددا لوجه وقبل أن يتقابلوا مع الجيش وجها،ت أصوات بنادقهم، وقد تعالوالتكبيروقد ارتفعت أصواتهم المنكرة بالتهليل

Page 14: Aleppo 1850

13

هم على حين ، وهاجمت العصاة من خلفالزعار ببوابةفإذا بفرقة من أفراد الجيش قد نزلت من البوابة المعروفة ، فلما أدركيحيط بهم الجيش من األمام والخلف، وأطلقت النار عليهم واستدارت بهم وجعلتهم بين فكي كماشة غرة

، وراحت فرق الجيش المنتصرة ا المعركة وأنهم هالكون ال محالة، فاستسلموا للهربالعصاة أنهم قد خسرو الثائرة عليهم اإلسالمية األحياء ولم يكتفوا بذلك بل أحرقوا جميع ،قتلت العديد منهم بالسيف والرصاصتطاردهم ف

فنهبوا جميع محتوياتها المليئة بالمنهوبات ،بابنسي هللا عبد وكان من بين البيوت التي أحرقت خانات ،ونهبوا بيوتهم . صة بالمسيحيين ثم أحرقوها جميعهاالخا

: لى المدينة وخلع الوالي من منصبهعودة األمان إ

يعيدون الثقة إلى النفوس وهم يبلغون السكان بالطمأنينة ووأزقتها المدينة شوارع إلى الجيش وطاف أفراد من ينادي ويبلغ رسوالالباشا، وأرسل من بطش الجنود وتنكيلهم به خارج بيته خوفا واحدامسلمابق ، ولم يالخائفة

فخرجوا من قليالالمسيحيون، فاطمأن أعمالهم واستئناف متاجرهمالناس في الشوارع واألزقة بوجوب فتح رسل هذا رجال شرطته المسلحين إلى ، فأ قائم مقام مدينة حلبيوسف بك شريف زاده السيد الوالي، وعين مخابئهمومحمد ، للشرطة الذي كان قد عين مديرارمضان آغا، أما على مسببي المذبحة وزعمائها قابضاالمسلمينبيوت فرقة من الجيش إلى بيت القنصل الملتجئين عنده الوالي فأرسل ،المسلمة فقد اختبأا عند أحد القناصل بابنسي

من العصاة مسلم/ 500/، كما ألقى في السجون ما يقارب عبد اهللا بابنسيالسجن مع وقبض عليهما وزجهما في .ومثيري الشغب والفوضى

إلى أصحابها المسروقات إياهم إلى إعادة داعياالمسلمين أحياء يطوف منادياالباشاوفي اليوم التالي أرسل ، فحضر الموظفون إلى الستالمهاالحكومة موظفين م، وعين فريقايوما/ 15/ ، وحدد فرصة إلعادتهاالمسيحيين

يالزمون دار المطرانية من المسيحيين وجهاء، وكان دأت األموال المنهوبة تعود إليهم وابتمطرانية الموارنة من المحروقة، وعين حراساكنيسة الروم الكاثوليك وكانت توضع في ،الصباح حتى المساء الستالم المسروقات

ء وهم ، وأما الموظفون الحكوميون فكانوا يواظبون عملهم في دار المطرانية حتى المساحراستهاالمسيحيين لفالذهب واأللماس ، قدار شعرة من رأس مما سرق ونهب، إال أن ما ورد إليهم بميسجلون المسروقات وكمياتها

، مع أن ما نهب من لتي ال تنفع شيئا المهشمة االفضية القناديل إال لم يروا منها شيئاالثمينة والفضة واألشياء، أما من مجموع ما سرق%3، وقد وزن النحاس المعاد فبلغ الكنائس والبيوت ال يعد وال يحصى فقط من الفضة

إلعادة المسروقات وكان الوالي، وعند انتهاء المدة التي حددها ألشياء الثمينة فلم يعد منها شيء واالذهب واأللماس آخر والي قد خلع من منصبه واستلم مكانه بالوالي، فوجؤا ية الشوق لمعرفة ما سيحدث للجناةغا في المسيحيون

، وقد وصل النبأ وإنكلترا فرنسا لبالده في سفيرا، والذي كان استنبول وقد جاء من القبرصي باشا محمدوهو .لخاصة بالقناصل فقط البريد إال ا المعزول بالبريد من استنبول إال انه أمر بعدم توزيعللوالي

:تنصيب الوالي الجديد

واخبره عن لسان مطران الموارنة لزيارة معاون قنصل إنكلترا، جاء وبعد توزيع الرسائل على القناصل الصدر وقد توجه على الفور إلى ، لما حدث في حلبحزن جدا قد األستانة في اإلنكليزي السفير بأن القنصل وقد طلب السفير ، غم وحزن شديدين عند سماعه باألنباء المحزنةالسلطان فانتاب ، وأبلغه بكل ما حدثاألعظم

: رسمي الطلبات التالية وبشكلاألعظم الصدراإلنكليزي من

.ألجانب والسكان المسيحيين في حلبحماية وصيانة أرواح وممتلكات وأعراض جميع ا-1 .ضين عليها بأشد العقوباتة والمحرمعاقبة القائمين بالفتنة والمذبح-2

.موال المسروقة إلى أصحابها فوراإعادة جميع األ-3

من هذه الوعود فقد جهزت الدولة فرقا، وباإلضافة إلى لك وبالسرعة الممكنة بتحقيق ذاألعظم الصدرفوعده .)انتهى كالم السفير( وأرسلتها إلى حلب استنبول في الجيش

وهم مكبلين بالسالسل الحديدية ،العصاة من رجال/ 220) /الوالي المعزول (باشا ظريفوقبل يومين أرسل .ر عن طريق البحاستنبولإلى

Page 15: Aleppo 1850

14

لجديد االوالي الستقبال اسكندرونة المدينة إلى وجهاء، توجه فريق من تشرين الثاني/ 26الثالثاء ويوم .حيث بلغهم نبأ وصوله إليها

المعزول إلى الموظفين الذين عينهم الستالم األموال واليال، أوعز تشرين الثاني/ 28الخميس ويوم ، فقام المسروقات حسب أصنافها وأعدادهاالمسروقة أن يسرعوا في إعداد قائمة بجميع ما وردهم من تلك

.الوالي، ودونوا جميع المسروقات المعادة في دفتر خاص وسلموه إلى لموظفون بذلك بكل جد ونشاط وسرعةا

تشكره فيه على مساعيه الفعالة ) البولوني بيم الجنرال (باشا كريم من الدولة إلى رقيمناء ورد وفي هذه األث . في إخماد ثورة حلب والثناء عليهوالحميدة

، ويبدو أن كاتب التقرير أراد أن يصل إلى تاريخ لنا عن حوادث مذبحة حلب المشؤومةهذا ملخص ما وص، فأضاف إليه البطريرك إال أن ما حدث بعد ذلك قد أخر إرسال التقرير إلى ويقف عنده 1850تشرين الثاني / 20

:ما جرى ، فقال

، فإن فلول العصاة ما زالوا وعودة الناس إلى مزاولة أعمالهم،على الرغم من هدوء الوضع، وفتح األسواقتى هذا التاريخ من ، لزعمهم أن ما قد تم حماعات، وهم فرحون مرحون مسرورونيطوفون البلدة جماعات ج

أحد يرد ، ومن ثم لم يعدلى مطاردتهم ومضايقتهم بعد اليوم، وأن السلطة لن تعود إلقمـع والتأديب قد أعتبر كافيااأمام " األراكيل"، بل أن بعض العصاة راحوا ينصبون م يعد أحد يهتم باألمر بعد اليوم، ولمما نهبه وسرقه" شيئا

السلطةاإلشاعات واألكاذيب المختلفة التي تكاد تشفي غليلهم وحقدهم الدفين على محالتهم وبيوتهم ويشيعون من منصبه لم يكن إال بسبب الباشا، ومدعين أن عزل الرعب والهلع في القلوب مر ثانية وليلقوا ،والمسيحيين

القادم من دالجدي يلالوا، وأن هم وسمح بنهب أموالهم وممتلكاتهم منه ألنه أحرق أحياءهم وبيوتالدولةاستياء ولن يعوض لهم أي شيء ألنه المسيحيين، وأنه سيهمل خسائرهم قد أمر بتعمير محالتهم والتعويض عناستنبول

. على أخيه المسلميدته وال يمكن له أن يناصر كافرامسلم مؤمن بعق

.إلى مدينة حلب من مشاة وفرسان ألف جندي نحو خربوط، حضر من جهات تشرين الثاني/ 30السبت يوم

: الوالي الجديد إلى حلب وقراراتهوصول

والباشا الوالي لمالقاة وباشاواتها وزعمائها وجهائها، خرجت المدينة بجميع كانون األول/ 1األحد ويوم، ونزل بأربعة آالف جندي وأربعة مدافع المدينة باحتفال عظيم، مصحوباالباشا الوالي، وعند الظهر دخل الجديد

حتى أمر بإحضار فها تحية له، وما أن استراح قليال قذائالمدفعية، حيث أطلقت يبرق الشيخند وصوله في قلعة عقريع والتوبيخ على ما وقع في باللوم والتالباشا، ولما مثل في حضرته انهال عليه ليمثل أمامهعبد اهللا بابنسي

رة بلوه مع رفاقه بقيود الحديد ويسوقونهم إلى السجن م، ثم أمر بأن يكوعلى تزعمه حركة الفتنة والعصيان، حلب . المدفعية قذائفها تحية ثانية له حيث أطلقتالسراي إلى الباشا، وبعد نحو ساعتين توجه ثانية

، لالستماع ومشايخها، المدينة وأعيان، والتجار، األساقفة جميع الوالي، استدعى كانون األول/2االثنين يوم الجيش، وعدد كبير من أفراد د كبير من الشعب، وانضم إليهم حش بالمدعوينالسراي، وغصت تعيينهفرمانإلى

، وبعد أن انتهى تحية لهالقلعة، وما أن شرع في تالوة الفرمان حتى انطلقت المدفعية تطلق قذائفها من والشرطة : إلى الجمع المحتشد وخاطبهم قائال الواليمن قراءته التفت

فعية ، فأرسلتني لكي أقذف البلدة بالمدلعصيان الذي حدث في حلب، إذ بلغها خبر ا، أدامها اهللالياالع الدولةإن "ون واألمن قد استتب لم أر ، ولكني إذ رأيت أن كل شيء قد انتهى والسك لن ينسوهوأأدب العصاة وألقنهم درسا

وفي باطنيامناه ال يزال كا ولكنزال ظاهريالعصيان وإن لم يكن قد ، غير أن ا لتطبيق تلك اإلرادة بشدتهاوجوبا : ذ اإلرادة السنية في أهم القضايا، وهي علي أن أنفالخفاء، لذلك أرى لزاما

.وقة من الرعية إلى أصحابها حاال إعادة األموال المسر:أوال

.)سكرية العمخزن الذخير(رة من شعرية الدولة إعادة السالح الذي نهبه العصاة يوم الثو :ثانيا . معاقبة العصاة:ثالثا .تطبيق الجندية على أهالي المدينة :رابعا

Page 16: Aleppo 1850

15

، وكم المسيحيين التي ارتكبها أهالي حلب بحق الجريمة فظاعةواسترسل الوالي في خطاب طويل يشرح فيه .لمستولي عليه ا وغضب عندما سمع عنها حتى لم تعد عيناه تذوقان طعم النوم لما أصابه من الغمالسلطانتأثر

:موجة اإلعتقاالت

يبرر أفندي الدين بهاء، وإذ بدأ ويساق إلى السجن مع العصاةقدسي أفندي الدين بهاءثم أمر أن يعتقل األستانة أن الدولة أمرته بسجنه وإرساله مع العصاة إلى الوالي، أجاب أن يحقق في أمرهالوالي من نفسه، طالبا

إياهم مخاطبااألساقفة، ثم التفت إلى يبرق الشيخد من الحفل وساقوه إلى السجن في وفي الحال اعتقله الجنوم أن ال منه بأن كل ما فقدوه سيعاد لهم، طالبا، واعداورعاياهم كنائسهم إياهم بما أصابهم وأصاب ببشاشة ومعزيا

، ثم طلب منهم أن خان المجيد عبد السلطان اموالن، وأن يرفعوا األدعية إلى اهللا بدوام حياة يحزنوا وال يقلقوا أبدا منها ذا فطنة ودراية ليشكلوا رجالطائفة وأن تنتخب كل ،ء المسروقة جميعها ويقدموها إليه باألشياقوائمايهيئوا

.أعضاء للمجلس العاليمن مجموعهم

، وأوصوهم بأن يسجلوا ائفالطو وأعيان األحياء رؤساء إلى قالياتهم واستدعوا األساقفةوبعد االجتماع عاد سجيل أي شيء آخر غير المسروق تالكنسي العقاب وتحت طائلة رقات وأوصوهم أن ال يحاولوا أبداقوائم بالمس

.سرق منها وتقدمه لرئيسها الروحي وأصبحت كل طائفة تسجل ما ،فقط

:زيارة أساقفة حلب للوالي الجديد

استقبلهم بكل ، وقد للبالدواليا للترحيب به للوالي كلهم بزيارة رسمية اقفةاألس، ذهب كانون األول/ 3الثالثاء ويوم بتتميم ، وأفهمهم أنه مهتم جدابالعربية وتارة التركية باللغة، وكان يخاطبهم بكل بشاشة تارة لطف وإكرام واحترام

يتم حسب ، وأن كل شيء سوفمم والرفاهية لهم ولرعاياه، وهي إعادة األمان والسالاألعظم السلطانرغبة وإرادة ، والحقيقة أن ما ظهر بشكره والثناء على فضله ورعايتهن حضرته وكلهم ينطقونمرامهم ورغباتهم ، فخرجوا م

من يال، لمما لم تشهد له البالد مث وما اتصف به من اللطف واألخالق الحميدة،منه من الحكمة والعدل وحسن التدبير . من غدر العصاة المجرمين أن يحفظه سالماوا من اهللا تعالى، فطلبقبل

إلسراع في يأمرهم فيه بوجوب االمسلمين على المحكمة كان قد قرأ في منشورا أرسل لهم اليوم نفسهوفي ال التي نهبت ، وابتدأت األموالموارنة مطرانية السابقون إلى الموظفون، وعلى األثر عاد رد المسروقات ألصحابها

ويعرضونها عليه ليحيط باألموال الواردة بيوم قائمة أن يسجل موظفوه يوماالوالي، وقد أمر ليومتعود في نفس ا .بها علما

، نسأل اهللا األستانة ومنها إلى االسكندرونة واليها السابق إلى ظريف باشا مصطفىوفي هذا اليوم غادر حلب . األعظم الباب ولم يعاقب على فعلته من حيا، هذا إذا بقينة التي سينصب عليها والياأن يحمي المدي

:جراءات الحازمة للوالي ضد العصاةاإل

، وأوقفهم في وسط جميعهماإلسالمية األحياء مختاري الوالياستدعى ، كانون األول/ 4األربعاء يوم ممتطين الجيش باشاوات من وزيران ومعه الوالي، ثم خرج م مقابلهم وأوقهالمدينة أعيان، ثم أحضر السراي

عبد اهللا : " من السجن، فجاءوا بهم وهمالعصاة بأن يحضروا الوالي، ثم أمر السرايصهوات خيولهم في وسط مدير الشرطة(، ورمضان بابنسي، وابن عمه محمد بابنسي، وبهاء الدين أفندي القدسي، وعمر بن عيسى

بوطة بأرجلهم من تحت بطون القيود الحديدية مر، وفي أرجلهم ، وكلهم يمتطون البغال، واثنان آخران)السابق :البغال، وعلى صدورهم الئحات كتب عليها

"هذا هو جزاء العصاة المفسدين " :ئال وخاطبهم قاالمختارين إلى الوالي، والتفت واألعيان األحياء مختاريثم أوقفوهم أمام

إنهم سيكونون . .؟؟ كفرة أم يزيديون أم مجوس، هل هم همانظروا إلى هؤالء األشقياء، الذين ال نعرف من" ."ي أوامر السلطان األعظم وقوانينه، وسينالون القصاص الذي يستحقونه وكل من يعصالعبرة لمن اعتبر

Page 17: Aleppo 1850

16

يحيطون السراي من العساكر، وعلى أصواتها خرج بعض الطبولوما أن انتهى من كالمه حتى قرعت . لينالوا عقابهماألستانة حيث يبحرون منها إلى االسكندرونة ، ويسوقونهم إلىبالعصاة من كل جانب

، ولما اجتمعوا أقام في وسطهم بين يديه كلهم وقوفاالمختارين إلى قصره وأمر بأن يحضروا الواليثم صعد :، فقال لهم بحدة وشدةالمسيحيينوأخذ يوبخهم ويؤنبهم على سوء تصرف أهالي حلب بإخوانهم وجيرانهم

لبشعة التي ارتكبت بحق العقالء وأهل الشرف من اإلسالم ليسوا بأبرياء من هذه الجريمة الشنيعة اإن "، بل وقفوا م يفعلوا، ولكنهم لعلى أعقابهم ويمنعونهم من فعلتهم، فقد كان بإمكانهم أن يردوا العصاة المسيحيين ." على ارتكاب هذه الجريمة البشعةيتفرجون

يين ألنهم يعرفون السارقين ألصحابها المسيحالمسروقة األموال على رد المختارينثم أنهى حديثه بوجوب فإننا لن مثقال ذرة من المسروقاتمسلم، ولكن إن بقي عند أي أن من يرد مسروقاته فلن نعاقبه وأعلن لهم،جيدا

.تخرج روحهما منهماذانهما إلى أن محلته ونعلقهما من آمختار، بل سنقبض عليه وعلى نتساهل معه أبدا

:جمع وإعادة المسروقات

وفي قلوبهم من حضرتهالمختارون، فخرج يساعدوه على أمر التحصيلجنديانثم أمر أن يرافق كل مختار من خرج من محلته كل مال مسروق خوفا، وراح كل منهم يسعى بكل وسيلة وحيلة أن يالخوف والرعب والهلع

، ومنذ ذلك اليوم ئ لحارته المسؤول عنها وكشف أمره من التفتيش المفاج وخوفاالقصاص الهائل الذي يتهدده، .المارونية القالية وبانتظام إلى تعود تباعاالمسروقاتأخذت

، وقد بلغ مجموعها تلبية لطلبهالوالي قوائمهم إلى الطوائف رؤساء، قدم كانون األول/6 الجمعةويوم ، فنالحظ هنا الفرق الكبير بين المبلغ ن طعمة للنيران، أو ضحية الهدم والخراب ما عدا الذي كاألف كيس/ 26,5/

. في الحديث عن يوم الكارثة الحقيقي المسروق الذي ذكر سابقاالمسترد وبين المبلغ

لبالد ، أرسل فأعلن لجميع ا تقدم ذكرهم قد تمكنوا من الفرار من العصاة الذين أن فريقاالوالي وإذ بلغ مسامع ، وقد تم القبض حلب بالحديد إلى ومكبال هارب وإرساله مخفورامسلم حلبيالمجاورة بوجوب القبض على كل

. اليوم إلى مدينة حلب، وسيحضران صباح هذاوحماة حمص في مدينتي القبضاياتعلى اثنين من

انتهى تقرير مطران الموارنة بولس أرتين

بحلب :إلــى سف الخازنبطريرك الموارنة يو

لبنان–بكركي

:حلـب فـي 1850كانـون األول / 8األحـد