439
ﺠﺎﻤﻌـــﺔ ﺍﻝﺠﺯﺍﺌـــﺭ1 ﻜﻠﻴـــﺔ ﺍﻝﺤﻘـــﻭﻕ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﲣﺼﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﺍﻝﻁﺎﻝﺒﺔ: ﺇﺸﺭﺍﻑ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﻝﻌﺭﺍﺒﺔ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻭﺭﻭﺒﺔ ﺴﺎﻤﻴﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻝﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﺍﻝﻌﺎﻴﺏ ﻋﻼﻭﺓ..... .................. .......... ........ ........................ ...... ..... . ............ . .. ﺭﺌﻴﺴﺎ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﻝﻌﺭﺍﺒﺔ ﺃﺤﻤﺩ.......................... ............................................... .......... . ......... ﻤﻘﺭﺭﺍ ﺍﻷﺴﺘﺎ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﺍﻝﺒﻘﻴﺭﺍﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻝﻘﺎﺩﺭ........... ................. ............... ............. . ..... . .. ..... ............. ﻋﻀﻭﺍ ﺍﻷﺴﺘﺎ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﺃﻭﺭﺤﻤﻭﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﻁﺎﻫﺭ......... ............... ................. ......... ........... ......... ......... ﻋﻀﻭﺍ ﺍﻷﺴﺘﺎ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﻜﺎﺸﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻝﻘﺎﺩﺭ................ .... ... ............................... . ..... .......... .. ............... ﻋﻀﻭﺍ ﺍﻝﺩﻜﺘﻭﺭ: ﺨﻠﻔﺎﻥ ﻜﺭﻴﻡ..... .... ................ ..................... ..... ........................ . ............ ................... ﻋﻀﻭﺍ ﺍﻝﺴﻨﺔ ﺍﻝﺠﺎﻤﻌﻴﺔ2015 / 2016 ﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻝﺠﺭﺍﺌﻡ ﻀﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻝﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻝﺩﻭﻝﻲ ﻭﺍﻝﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻝﺩﺍﺨﻠﻲ

ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

  • Upload
    others

  • View
    1

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

1جامعـــة الجزائـــر كليـــة الحقـــوق

أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يف العلوم القانونية

الدويل والعالقات الدوليةختصص القانون

:إشراف األستاذ الدكتور :إعداد الطالبة

بوروبة سامية لعرابة أحمد

أعضاء اللجنة رئيسا ............................................................................................العايب عالوة :األستاذ الدكتور مقررا .............................................................................................لعرابة أحمد : األستاذ الدكتور

عضوا ...................................................................................البقيرات عبد القادر :الدكتورذاألستا عضوا ...............................................................................أورحمون محمد طاهر :الدكتورذاألستا عضوا .......................................................................................كاشير عبد القادر :الدكتورذاألستا عضوا ...........................................................................................................خلفان كريم : الدكتور

2016 /2015السنة الجامعية

معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية بين

القانون الدولي والقانون الداخلي

Page 2: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

üe§ÉÉÉÉÉÉÉÉëküe§ÉÉÉÉÉÉÉÉëküe§ÉÉÉÉÉÉÉÉëküe§ÉÉÉÉÉÉÉÉëk @ @@ @@ @

@åí‡ÛaìÛa@¶g@µº‹ØÛaáÜÈÛa@kÜ�@ì®@a@óÜÇ@ïãbÈv’@æa‰ÜÛa@ @@ @@ @@ @

@òÜöbÈÛa@†a‹Ïc@Ý×@¶g@ @@ @@ @@ @

@�Èv’@ë@ïã‡ãb�@åß@¶gkÈ–c@Þý‚@Œb−⁄@Ýya‹¾a@ÝàÈÛa@a‰ç

Page 3: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

≥÷≥÷≥÷≥÷ÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉÉ

@éÛìjÓ@ óÜÇ@ òia‹ÈÛ@ ‡¼c@ ŠìnׇÛa@ ˆbn�ÿÛ@ ‹ÏaìÛa@ ‹Ø“Ûbi@ éuìmc

@òÔîÓ‡Ûa@ émbÄyýß@ ë@ òàîÔÛa@ émbèîuìm@ óÜÇ@ ë@ ÝàÈÛa@ a‰ç@ óÜÇ@ Òa‹’⁄a

@ÝØi@szjÛa@Œb−g@åØßc@bß@bçüìÛ@�ÛaÛabèjÜĐní@�Ûa@òÓ‡N@ @

@ @

@ @

@ÝàÈÛa@a‰ç@Œb−g@Ýîè�m@À@áè�c@åß@ÝØÛ@æbÏ‹ÈÛa@˜Ûb‚.

Page 4: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

قائمة المختصراتAFDI Annuaire français de droit international AFRI Annuaire français des relations internationales CDI Commission du droit international CETC Chambres extraordinaires au sein des tribunaux cambodgiens

CIJ Cour internationale de justice CPI Cour pénale internationale ICLQ International and comparative law quarterly ICLR International criminal law review JCP Jurisclasseur périodique JDI Journal de droit international JICJ Journal of international criminal justice LPA Les petites affiches RASJEP Revue algerienne des sciences juridiques economiques et politiques RBDI Revue belge de droit international RCADI Recueil des cours de l’académie de droit international RDIDC Revue de droit international et de droit comparé RDISDP Revue de droit international et de sciences diplomatiques et politiques RDPC Revue de droit pénal et de criminologie RGDIP Revue générale de droit international public RICR Revue internationale de la croix rouge

Page 5: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

RIDP Revue internationale de droit pénal RQDI Revue québecquoise de droit international RSCDPC Revue de science criminelle et de droit pénal comparé RTDH Revue trimestrielle des droits de l’homme SFDI Société française pour le droit international TPIR Tribunal pénal international pour le Rwanda TPIY Tribunal pénal international pour l’ex-Yougoslavie

Page 6: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

مقدمـــةمقدمـــةمقدمـــةمقدمـــة

Page 7: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

2

مقدمة

اقتصار عملية يعود لعدة عوامل من أهمها عدم تجزؤا شهد القانون الدولي العام ب مواضيعه باإلضافة إلى الفاعلين التقليديين في المجتمع الدولي، وتشع منقواعده عتمادإ

ف الجهات القضائية الدولية التي أصبحت تسهم في إثراء قواعده، وفي بعض عتضا .مواقفها فياألحيان يبرز من خالل مختلف الحلول المعتمدة تناقضا وتضاربا

التي تطبع هذا الفرع القانوني إلى قانون بين الدول عوض أن تحيل صفة الدولي و هو ما يحمل في طياته عنصر اإلرادة كأحد المبادئ األساسية 1تشير إلى الطابع العالمي

و يظهر من ذلك الفجوة التي وجدت بين مرحلة ما بعد . التي يقوم عليها هذا القانونم المتحدة التي تمثل هدفها األول في إنشاء مجتمع الحرب العالمية الثانية بإنشاء منظمة األم

وبين واقع القانون الدولي الذي ،تسوده العالمية كمحاولة لمحو مرحلة الهيمنة األوروبية .هو حاليا أبعد ما يكون عن العالمية

رة من القرن الماضي لقد أفرزت ظاهرة العولمة منذ ظهورها خالل العشرية األخيشتى الجوانب، حيث تجاوزت الجانب اإلقتصادي لتطبع آثارها على عدة تحوالت مست

مسهمة بدورها في تجزؤ القانون الدولي وتراجع سيادة 2المجال القانوني و مفهوم الدولة .الدولة التي لم تعد مبدأ مطلقا

بروز القانون الجنائي ،هو اضينهاية القرن الم تزولعل من أهم المظاهر التي ميأت نواته د، عبر بلورة القانون الدولي الجنائي كفرع قانوني حديث ب3الدولية على الساحة

، ولقد أجمع الفقه على أن و طوكيو و ما تالهما األولى منذ فترة محاكمات نورمبرغ

: انظر 1CHEMILIER-GENDREAU, (Monique), A quelles conditions l’universalité du droit international est-elle possible ?, Conférence inaugurale, session de droit international public, RCADI, Vol 355, 2011, p. 17.

: انظر 2COT, (Jean-Pierre), Préface, in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, p.5.

MOHAMED SALAH, Mahmoud, « Interrogations sur l’évolution du droit: أنظر 3international pénal», J.D.I., 2009, N° 4, P 732.

SZUREK, (Sandra), « Historique. La formation du droit international pénal », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), Droit international pénal , PEDONE, 2000, p. 7.

Page 8: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

3

والتي 4لحقوق اإلنسان الخطيرةظهور هذا الفرع القانوني إنما جاء لمواجهة االنتهاكات لحرب العالمية الثانية، خاصة أن معظم محاوالت منع تعود جذورها إلى فترات سبقت ا

تكرار الفظائع باءت بالفشل بسبب عدم وجود أرضية قانونية صلبة ترسي قواعد لمنع .االنتهاكات والمعاقبة عليهااعتداء على مصلحة يحميها القانون و يتكفل النص «التي هي لقد انتقلت الجريمة

نها و عناصرها و العقوبة أو الجزاء القانوني المقرر الجنائي بالنص عليها و بيان أركال إلى مستوى أعلى س في القانون الجنائي الداخلي للدومن كونها مفهوم مكر5»للجاني

على أفعال ترتكب مخالفة لقواعد القانون الدولي لحقوق نفسه الوصف يسمح بإضفاءالدولية من أهم المفاهيم المتداولة ، وأصبحت الجريمة و القانون الدولي اإلنساني اإلنسان

ة ضمن القواعد القانونية الدولية االتفاقية نمن قبل الفقه والمحاكم الدولية، كما حظيت بمكا .منها والعرفية

يصطدم مفهوم الجرائم الدولية بمبدأ السيادة الذي يعد من أهم الركائز التي تقوم الحياتها األساسية، و الذي كان يفسر على عليها الدولة و التي تبرر ممارساتها كسلطة لص

غير أن التحوالت التي عرفها المجتمع الدولي و التي . إطالقه إلى غاية فترة زمنية قريبةبدأت بالتحوالت الجيوسياسية و اإلستراتيجية أدت إلى إعادة التفكير و التنظير لهذا

د كبير في مختلف الميادين التي المفهوم الذي أصبح يتميز بالنسبية، و تراجع مداه إلى ح .يغطيها

لقد انعكس هذا التراجع في السيادة على حقوق اإلنسان التي كانت إلى غاية فترة ، و لم تعد للدولة الحرية المطلقة 6قريبة تندرج ضمن ما يعرف بالمجال المحفوظ للدولة

ند وجود انتهاكات في تكريس و حماية الحقوق األساسية لإلنسان داخل إقليمها، خاصة ع

لحقوق اإلنسان، المصادر و الرقابة، الجزء محمد يوسف علوان، و محمد خليل الموسى ، القانون الدولي: انظر 4 .144، ص 2008األول، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الطبعة الثانية،

ان ، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائي و الشريعة اإلسالمية، دار الكتب عثممد عبد الحكيم أح: انظر 5 .11، ص 2009 القانونية، دار شتات للنشر و البرمجيات،

: لتفاصيل أكثر حول هذه النظرية يمكن الرجوع إلى 6BODEAU-LIVINEC, (Pierre), « Le domaine réservé : persistance ou déliquescence des fonctions étatiques face à la mondialisation », in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, PEDONE, 2013, p. 153 et s.

Page 9: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

4

من قبل أجهزتها قد تتسم في بعض الحاالت بدرجة خطورة كبيرة تؤدي إلى إثارة ردة فعل على المستوى العالمي، و لقد ذهب بعض الفقه إلى أن من أهم إنجازات القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية هي تأسيس و تدعيم تدريجي لنظام دولي خاص بحماية

، و الذي يهدف باألساس إلى حماية الفرد في عالقاته مع السلطات 7نسانحقوق اإل .العمومية التي يخضع لواليتها

كما أن السيادة التي ارتبطت باألمن باعتبار هذا األخير هو أهم مظاهر تجلياتها la sécurité humaineعرفت تطورات في تجسيد هذا المفهوم ، و يعتبر األمن اإلنساني

مفاهيم الجديدة التي برزت في القانون الدولي و التي ما زالت محل بحث و دراسات أحد المن قبل الفقه و على مستوى المنظمات الدولية، و هو مفهوم يعيد النظر في ممارسة

.على المستوى الخارجي كمستوى ثان السيادة على المستوى الداخلي بدرجة أولى ويهدف إلى تهيئة شروط إقامة نظام عالمي «من اإلنساني و أهم ما يمكن قوله أن مفهوم األ

و هو ما يبرز أن الفرد أصبح محل اهتمام 8»جديد مؤسس على القيم المشتركة لإلنسانية أساسي على المستوى الدولي، و أن مفهوم األمن الدولي يتجه إلى تركيز األمن على

س بسالمته و رفاهيته، على و حمايته من كل ما من شأنه أن يم9اإلنسان ككائن بشري .المستوى العالمي، اإلقليمي و الوطني

:انظر 7

ABI-SAAB, (Georges), « Droits de l’homme et juridictions pénales internationales. Convergences et tensions », in En l’honneur de droit et justice. Mélanges Nicolas VALTICOS, PEDONE, 1999, p. 246.

: انظر 8KHERAD, (Rahim), « La souveraineté de l’Etat et l’émergence d’une conception globale de la sécurité », in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, p.

210. TAVERNIER, (Paul), « La sécurité humaine et la souveraineté des Etats », in La: انظر 9

sécurité humaine.Théorie(s) et pratique(s), En l’honneur du doyen Dominique BREILLAT, colloque international organisé par le CECOJI et le centre Jean Bodin avec le soutien de

l’Université de Poitiers, sous la direction de Rahim KHERAD, PEDONE, 2010, p. 40. CHEN, (Lung-Chu), «Human rights and world public order: major trends of development, 1980-2010 and beyond», in ARSANJANI, (Mahnoush H), KATZ COGAN,( Jacob), SLOANE, (Robert D, WIESSNER, (Siegfried) (Editors), “Looking to the future.Essays on international law in Honor of W.Michael Reisman”, MARTINUS NIJHOFF PUBLISHERS, 2011, p. 445.

Page 10: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

5

باعتبار أن حماية حقوق اإلنسان تعد من أهم تحديات األلفية الثالثة بالنظر لإلنتهاكات التي ترتكب في عدة مناطق من العالم و التي تؤدي إلى المساس بكرامة

ي أن تتولى الدولة ضمان هذه اإلنسان بصورة معتبرة، يقتضي مفهوم األمن اإلنسانغير أن الواقع يشهد .الحقوق و منع ارتكاب هذه اإلنتهاكات على إقليمها أيا كان مرتكبوها

خر عن توفير هذه الحماية التي تمليها عادة ما تعجز لسبب أو آلبأن أجهزة الدولة الحماية في هذه و تنتقل 10التزاماتها الدولية مما أدى بالفقه للحديث عن الدولة العاجزة

الحالة إلى المجموعة الدولية التي تحل محل الدولة في ضمان حقوق اإلنسان و وقف .اإلنتهاكات الجسيمة التي تطالها

من أبرز النتائج التي رتبتها العولمة على سيادة الدولة التي أصبحت تمارس في العقاب الجنائي الذي ظل متغيرات و معطيات جديدة هو أنها قلصت من سلطتها في توقيع

كان لفترة غير بعيدة حكرا على أجهزتها، و يفسر ذلك بخصوصية األفعال التي تكون محل متابعة و التي هي ترجمة لإلنتهاكات المتعلقة بحقوق اإلنسان و التي تعرف في

.القانون الدولي الجنائي بالجرائم الدوليةاألولية في اإلتفاقيات و عرف مصادره معاصراتعد الجرائم الدولية مفهوما

التي تمثل انتهاكا لكرامة 11األعراف الدولية التي شكلت مصدرا لتجريم بعض األفعال اإلنسان بل أصبحت حاليا تهدد السلم و األمن الدوليين، و لقد كانت القرصنة الدولية أهم

و جرائم الجرائم و أخطرها لتظهر فيما بعد جرائم أخرى تمثلت في اإلبادة الجماعية و التي تعد من أخطر الجرائم الدولية بسبب جسامة الحرب و الجرائم ضد اإلنسانية

ارتكابها و كثرة عدد ضحاياها ، و هي جرائم كانت محل اعتماد اتفاقيات دولية و في بعض الحاالت كان للعرف الدولي دور أساسي في تنظيم عملية تجريمها و إلزام الدول

.راءات الالزمة لمتابعة مرتكبيها وتوقيع العقوبة المناسبة عليهماألطراف باتخاذ اإلج

,« « CAHIN, (Gérard), « Le droit international face aux « Etats défaillants: يمكن اإلطالع على10

in L’Etat dans la mondialisation, op.cit, p. 78. ,«SWART, (Bert), «International crimes: Present situation and future developments: انظر 11

in International criminal law :Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of

ISISC, ERES, 2004, p. 201.

Page 11: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

6

قواعد تجريم األفعال الموصوفة بكونها جرائم دولية لم تعد اعتمادغير أن عملية يتدخل في عدة مناسبات من أجل تعريف الدول بل أصبح مجلس األمن مقتصرة على

ء المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة و الجرائم الدولية و هو ما برز بصورة جلية عند إنشاالتي ظهر فيها كأنه مشرع دولي كان له دور في تحديد معالم هذه الجرائم كما سنتعرض له بالتفصيل الحقا، و يكون مجلس األمن قد ساهم بهذا في تقليص مجال السيادة الجنائية

ا يتعلق األمر على الرغم مما ينطوي ذلك على اختالف في التعامل عندم12للدولة .باألعضاء الدائمين فيه

في الفترة هتماممكانة مهمة، وأصبح محل اضد اإلنسانية الجرائم أ مفهوم لقد تبوالية باعتباره من الجرائم الحديثة في مجال القانون الدولي الجنائي و إن كان لها جذور الح

توصف بعض األفعال ، إذ غالبا ما 13تاريخية تعود إلى ما قبل الحربين العالميتين ، كما أن 14اإلجرامية التي تكتسي درجة من الفظاعة والهمجية بأنها جرائم ضد اإلنسانية

تهدر القيم األساسية التي ينبغي أن تسود في المجتمع الدولي، و تنقص «هذه الجرائم من وإذ كان هذا المفهوم قد أدرج ض. 15»من اإلحترام الواجب للحقوق الجوهرية لإلنسان

، وهي في معظمها 16الثانية دراسات ترجع في بعضها إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية

HELALI, (Mohamed Salah), « Le conseil de sécurité des nations unies et la: انظر 12souveraineté pénale des Etats : limitation ou partage des compétences ? », in L’Etat dans la

mondialisation, op.cit, p. 434. ان ، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائي و الشريعة اإلسالمية، مرجع عثممد عبد الحكيم أح: انظر 13

.169سابق، ص و تطورت إلى صراع 2011يمكن في هذا الصدد اإلشارة إلى األحداث الدموية التي بدأت في سوريا منذ ربيع 14

.لي أنها تشكل جرائم ضد اإلنسانيةاستخدمت فيه أسلحة كيميائية، حيث اعتبر المجتمع الدو : انظر

Rapport de la commission d’enquête internationale indépendante sur la République arabe syrienne, 12 février 2012, A/HRC/19/69, par. 126 et 127.

النظرية .ي القانون الجنائي الدوليدراسة متخصصة ف.عبد الفتاح بيومي حجازي،المحكمة الجنائية الدولية: انظر 15 .459، ص 2005نظرية اإلختصاص القضائي للمحكمة،دار الفكر الجامعي،.العامة للجريمة الجنائية الدولية

:يمكن الرجوع إلى الدراسات اآلتية 16DONNEDIEU DE VABRES, (Henry), Le procès de Nuremberg devant les principes modernes de droit international pénal, Cours général de droit international public, RCADI, Tome 1, vol 70 ,Martinus Nijhof Publishers, Leiden, Boston, 1947. GRAVEN, (Jean), Les crimes contre l’humanité, Cours général de droit international public, RCADI, Tome I, Vol 76, Martinus Nijhof publishers, Leiden, Boston, 1950.

Page 12: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

7

التي عرفت أول تفعيل عملي له، حيث جاء مقيدا و طوكيو تأثرت بمحاكمات نورمبرغ دا متجد افي تلك الفترة بالنزاع المسلح، فإنه بقي موضوع هإلى أبعد الحدود بالنظر الرتباط

.ط وافر في إثرائه ومحاولة إزالة اللبس الذي يعتريهأسهم الفقهاء بقسأنه مازال يثير العديد من التساؤالت حول 17التي تناولتهالحديثة يظهر من الكتابات

، كما أنه ماهيته ومشتمالته، خاصة أن العديد من الدول أخذت موقفا متحفظا تجاهه18ز بارتكابها من قبل اإلنسان منالضروري التأكيد على أن الجرائم ضد اإلنسانية تتمي.

يثير مصطلح الجرائم ضد اإلنسانية عدة نقاط غموض حاولت لجنة القانون الدولي أن تسهم ولو بجزء في و طوكيو منذ بداية عملها التي تلت محاكمات نورمبرغ قت بعمل المحاكم الجنائية العسكرية إيضاحها، خاصة بعد االنتقادات الشديدة التي تعل

سة كجرائم في القانون لية، وبقاء هذا المفهوم القانوني معزوال عن باقي المفاهيم المكرالدوالدولي والتي كانت محل تكريس اتفاقي، وهو الحال بالنسبة لجريمة اإلبادة الجماعية التي

، ثم تلتها جرائم 1948ها في اتفاقية منع اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام اعتمادتم .1949رست باعتماد اتفاقيات جنيف األربع لعام ب التي كالحر

: هي علي سبيل المثال ال الحصر 17الجرائم ضد اإلنسانية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، مرتكبي معاقبة . عبد القادر البقيرات، ، العدالة الجنائية الدولية. د

2007 . أحكام النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية، منشورات سوسن تمرخان بكة، ، الجرائم ضد اإلنسانية في ضوء . د

.2006الحلبي الحقوقية، CURRAT, (Philippe), Les crimes contre l’humanité dans le statut de la cour pénale internationale, L.G.D.J., BRUYLANT, Shulthes, Collection Genevoise, 2006. GARIBIAN, (Sévane), Le crime contre l’humanité au regard des principes fondateurs de l’Etat moderne , BRYULANT,L.G.D.J., Schultess, Collection Genevoise, 2009. DELMAS- MARTY, (Mireille), FOUCHARD,( Isabelle), FRONZA, (Emanuela), NEURET, ( Laurent), « Le crime contre l’humanité », PUF, Que sais-je ?, 2009. JUROVICS, (Yann), Réflexions sur la spécificité du crime contre l’humanité, L.G.D.J., 2002. SADAT, Leila Nadya (Edited by), Forging a convention for crimes against humanity, Cambridge University press, 2011.

18Des crimes inhumains commis par des humains

:العبارة تعود ل BOSLY,(Henry.D),VANDERMEERSCH,(Damien), « Génocide, crimes contre l’humanité et crimes de guerre face à la justice. Les juridictions internationales et les tribunaux nationaux », BRYULANT,L.G.D.J,2010, p. 261.

Page 13: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

8

انتفاء مثل هذا الحل بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانية يعود بالدرجة األولى إلى إن، وهو تعبير يمكنه أن يشتمل في "ضد اإلنسانية"خصوصيتها، فهي من جهة وصفت بأنها

سبب ذلك إلى حداثة عهدها، طياته كل من اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب، كما يرجعب القضاة في محكمة عرف في إطار القانون الدولي قبل ميثاق نورمبرغ، وتجنألنها لم ت

لماثلين أمام المحكمة بالنظر للصعوبات التي انورمبرغ االعتماد عليها في إدانة المتهمين .تثيرها

ع مدونة الجرائم لقد أولت لجنة القانون الدولي أهمية لتطوير المفهوم عبر مشرواإلنسانية الذي استلهم إلى حد كبير من محاكمات نورمبرغ، حيث بدأت سلم و أمن ضد

1954 عامل صياغة له تم اعتمادها أولى إيضاحات الجرائم ضد اإلنسانية تبرز من أو19 ،

غاية ثم تطورت الصياغة بالنظر للظروف التي عرفت إنشاء القضاء الدولي المؤقت إلى1996 عام اعتماد آخر صورة للمشروع

20. ولعل أهم حدث ينبئ عن دخول عهد جديد بالنسبة لهذه الجرائم هو اعتماد لجنة القانون الدولي القتراح إدراج موضوع دراسة الجرائم ضد اإلنسانية ضمن جدول أعمالها

المفهوم دراسة ، وهذا ما يوحي بأن هناك ضرورة إلعطاء هذا 21بالنسبة للمرحلة القادمةيفتقدها منذ أن برز خالل فترة نورمبرغ، حتى يحوز هذا المفهوم القانوني الجديد على

.ي تتمتع به الجرائم األخرىذالهنفستماسكالهو المشروع الذي هأما على مستوى الجمعيات العلمية، فأبرز ما يمكن التوقف عند

في كلية الحقوق بجامعة ن الدوليلقانولWitney R Harrisهاريس . معهد ويتني راعتمده اتفاقية قترحإلى اعتماد م و األبحاث، حيث توصل بعد مراحل من الدراسات واشنطنالثغرة القانونية التي يعرفها القانون الدولي ءرائم ضد اإلنسانية في محاولة لملحول الج

.من مشروع المدونة 2وهو ما ورد في المادة 19 .من مشروع المدونة 18أنظر المادة 20 .تم اعتماد المشروع بناء على اقتراح أحد أعضاء لجنة القانون الدولي و سنعود للتفاصيل الحقا 21، الجمعية 2013أغسطس 9يوليه 8يونيه و 7مايو 6تقرير لجنة القانون الدولي، الدورة الخامسة و الستون، : انظر

) A/68/10( 10العامة، الوثائق الرسمية، الدورة الثامنة و الستون، الملحق رقم

Page 14: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

9

22مادة 27وهي تتكون من 2010أغسطس الجنائي في هذا المجال، حيث تم اعتمادها في .ص أهمها التأثير الكبير الذي مارسه نظام روما األساسي في هذا الصددفحيظهر من ت

لقد اعتبر الفقه في غالبيته أن أهم خطوة لمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية إنما جاءت األكثر تكامال ألنه باعتماد نظام روما األساسي، والذي عرف تكريس المفهوم بصورة تعد

ر األنظمة األساسية التي سبقته متفاديا مختلف النقائص والثغرات ومستفيدا جاء نتيجة تطوكما أن المعاقبة أصبحت ذات فعالية أكثر . من االجتهاد القضائي الثري للمحاكم المؤقتة

ة الجنائية الدولية ق الوقاية باإلضافة إلى الردع بالنظر للطابع الدائم للمحكمألنها باتت تحق عقابالالمبدأ تكريس منع ل أقوى دعائم العدالة الجنائية الدولية بغرض تشك أصبحتالتي .لك ذي كان سائدا قبل ذال

لقى على عاتق القضاء الوطني الذي بات صاحب لدور الهام الذي سيسيرتبط ذلك باالقانون الوطني للقانون ز خضوع االختصاص األولي في عملية المعاقبة، وهو ما سيعز

المعاقبة على أكيدالدولي على األقل فيما يتعلق بتكريس المفهوم في القوانين الوطنية بتوتتطلب . 23المستوى الداخلي تكريسا لسيادة الدولة التي تبقى دوما فوق جميع االعتباراتولي الجنائي معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية وجود عالقة تبادلية مستمرة بين القانون الد

، internormativitéبالتفاعل المعياري ىأدت إلى بروز ما يسم والقوانين الجنائية الوطنيةاتفاقية روما إلعطاء المعاقبة معناها الكامل، إذ أن األهم هو بنصفال يكفي التزام الدول

يد أن تعمد إلى إجراء مواءمة لتشريعاتها مع التزاماتها الدولية حتى تتمكن من تأك .اختصاصها بالمعاقبة على المستوى الداخلي

محاكمات نورمبرغ وطوكيو مرحلة ال يمكن التغاضي عنها إلعطاء هذا تعدالمفهوم بعدا متكامال، بغض النظر عن النقائص التي عرفتها واالنتقادات التي وهت لها، ج

دولي لمتابعة حيث عرف تكريسا قانونيا للمرة األولى في نص أنشأ أول جهاز قضائي

يمكن اإلطالع على نص مشروع االتفاقية كامال على الموقع اإللكتروني 22http://law.wustl.edu/harris/cah/docs/CAHConventionProvisionalDraft-Arabic.pdf

.Mohamed SALAH, (Mahmoud), Interrogations sur l’évolution…, op. cit., p: أنظر 23733.GHOZALI, (Nasreddine), « La justice pénale internationale à l’épreuve de la raison d’Etat : l’exemple de la cour pénale internationale », in BEN ACHOUR, (Rafaa), LAGHMANI, (Slim) (Sous Dir), Justice et juridictions internationales, PEDONE, 2000, p.

129.

Page 15: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

10

م تسة لية أصبحت لبنة مكرمجرمي الحرب العالمية الثانية، حيث أن صياغته األوكبار البناء عليها في جميع النصوص الالحقة، ويظهر ذلك بصفة جلية عند إلقاء نظرة على مختلف التعريفات التي وردت في مشاريع لجنة القانون الدولي، وكذلك في جميع

لة، كما ال يمكن استثناء محاكم الجنائية المؤقتة الدولية منها والمدوالنصوص المنشئة للير للصنظام روما األساسي باعتباره يجسد أحدث تطولية التي ظهرت في اغة األو

.نورمبرغية ما كان لمرحلة محاكمات ما بعد الحرب العالمية الثانية أن تطبع ببصمة قو

ور الكبير الذي يلعبه العرف الدولي في بلورة مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية لوال الد، ومفهوم الجرائم ضد اإلنسانية بصفة 24وتطوير القانون الدولي الجنائي بصفة عامة

ز هذا الدور هو غياب اتفاقية دولة خاصة بقمع ومعاقبة هذه الطائفة من خاصة، وما يعزانت هناك بعض القواعد الجرائم مما يجعل البعد االتفاقي غائبا في هذا المجال، وإن ك

.االتفاقية التي تغطي صورا خاصة لهذه الجرائمإن المصدر العرفي للقانون الدولي يبقى من ضمن المصادر التي تثير إشكاالت

، وتساؤالت حول الهيئات المخولة بإنشاء وبلورة قواعده، فإذا كان 25حول طريقة تكوينهوالتي تكون repetitio factiالدول العرف في أساسه ينشأ من تكرار تصرفات من قبل

ص هذين العنصرين يجعل من بعض فإن تفحopinio juris26 إلزاميتهاب الشعورنتيجة لة أكثر من غيرها في دفع المسار العرفي، وهي الدول األكثر تواجدا على الدول مخو

حدة والدول لها الواليات المتالساحة الدولية عبر أجهزتها السياسية والدبلوماسية، وتمث .على العالقات الدوليةروبية التي تهيمناألو

الفلسفة زي، المواجهة الدولية و الوطنية النتهاكات القانون الدولي اإلنساني، أطروحة دكتوراه كلسر حسنيا: انظر 24

.303، ص 2009في العلوم األمنية، الرياض، ,TOMUSCHAT, (Christian), « La cristallisation coutumière », in ASCENCIO: أنظر 25

(Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain) (Sous. Dir), Droit international pénal, PEDONE, 2000, p. 23.

: أنظر 26BEDJAOUI, (Mohammed), L’humanité en quête de paix et de développement, Cours général de droit International public,RCADI, Tome II, 2004, p. 408.

Page 16: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

11

إنما هو في الحقيقة انعكاس ةالغربي نزعةوالحقيقة أن هذا التكريس العرفي ذو المايخص المبادئ في ، ولقد برز ذلك بحدة27للقواعد الموجودة داخل هذه الدول

والعقوبات، وقواعد اإلعفاء لقانون الدولي الجنائي السيما مبدأ شرعية الجرائم األساسيةلي لهيمنة العرف الدولي على مسار من المسؤولية وكذلك مبادئ اإلثبات، غير أن أبرز تجل

ر بسرعة تكوين قواعد القانون الدولي الجنائي هو مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية الذي تطور بصفة متكاملة منذ اعتماده في ميثاق نورمبرغ إلى مرحلة القضاء الجنائي المؤقت ليتبلو

في نظام روما األساسي، حيث أن القضاء الجنائي لم يتوان عن التأكيد على الفرق بين ر للمحكمتين الجنائيتين الصياغة االتفاقية التي جاءت محدودة وبين التطبيق المتطوت إلى عدم تطابق ناسباالمؤقتتين ليوغسالفيا السابقة ورواندا، مع اإلشارة في عدة م

.العرفي مع األصل االتفاقي المفهومدور االجتهاد القضائي أهمية في بلورة مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، إذ ال يقل

ساهم بدوره في إثرائه وتقديم توضيحات كان من شأنها الوصول بالمفهوم إلى ما هو عليه فات اآلن، ولقد ترافقت غزارة هذا االجتهاد القضائي مع إشكالية بروز تناقضات واختال

بين مختلف صوره، باإلضافة إلى الجسور المتبادلة مع االجتهاد القضائي للمحاكم اإلقليمية .إرثا ال يمكن تجاهلهتشكل لحقوق اإلنسان التي باتت

ال يمكن معالجة مصادر المفهوم محل الدراسة دون إغفال القواعد اآلمرة التي تم زها ويثير ون المعاهدات مع بقاء الغموض يميتكريسها بصورة نظرية في اتفاقية فيينا لقان

رفع عند معالجته لهار االجتهاد القضائي الشك حول اإلحاطة بها كمفهوم قانوني، حيث قرمة لها إلى مرتبة القواعد اآلمرة، التي يرى بعض الفقه أنها تبقى العديد من القواعد المجر

.مفهوما نظريا من الصعب رسم معالمه بدقةبين بعد را في صورة حديثة ليست محل توافق ت معاقبة هذه الجرائم مؤخلقد تجلاء هي مسؤولية الحماية التي تقع على عاتق الدولة والمجتمع الدولي جرو جميع الدول،

ا لتبني مقاربة ارتكاب مثل هذه االنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان، والتي تفتح أفقا مهمهذه الجرائم، حيث اعترف مجلس األمن صراحة بوجود دة لمواجهة ذات أبعاد متعد

.Ibid, p. 410: أنظر 27

Page 17: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

12

مسؤولية حماية في حالة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية بالنسبة لليبيا، وهو ما يسمح بتبني .قراءة جديدة لمفهوم قانوني بات مفتوحا لكل التطورات

لطالضوء كما ستبرز أهمية معالجة الموضوع من خالل الترسانة القضائية التي تساآلليات المتعددة المتاحة للضحايا بممارسة حقهم في االنتصاف، حيث تتم معاقبة على

مختلفة، بل أن ممارسة هاطبيعة اختصاص تكونهذه الجرائم من قبل عدة جهات قضائية اختصاصها قد تؤدي إلى تداخل بينها من الضروري إيجاد حل له لتفادي خرق مبدأ عدم

و إذا كانت الحروب و أفعال التقتيل و الجرائم تعد . رتينم هذات جواز المعاقبة على الجرمإنكارا للحياة، فإنها تعد من أبرز اإلرشادات إليجابيات السلم الذي ال يمكن تأكيد استمراره

ولعل أبرز مبدأ لممارسة اختصاص المعاقبة هو ما يعرف بمبدأ 28بدون تحقيق العدالة ة، كما أنه عرف تطورات معاصررة زمنية االختصاص العالمي الذي أسال الحبر منذ فت

من شأنها الوصول به إلى أقصى درجة من الفعالية، وإفراغه من الشحنة السياسية التي قد .اإلفالت من العقابعدم تحيد به عن هدفه األصلي أال وهو ضمان

لعل أهم محطة قضائية هي المحكمة الجنائية الدولية التي بدأت تنظر في قضايا ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية، حيث أن اجتهادها القضائي حول المسألة سيكون من حول

شأنه أن يثري الرصيد الموجود قبله، وسيشكل على األرجح استمرارية في الرؤية ل آخر القضائية لهذه الطائفة من الجرائم، كما يفرض اللجوء إلى هذه المحكمة أنها تشك

قضائي الوطني الذي تكون له األولوية وفق أحدث مالذ بسبب وجود خلل في النظام الفي ، و لعل ما يؤكد ذلك هو ما ورد ز بكونها دائمةنص منشئ لمحكمة جنائية دولية تتمي

حيث حيز النفاذ مذكرة صادرة عن مكتب المدعي العام بعد دخول نظام روما األساسي :جاء فيها

ستنباطها من عدد القضايا المعروضة إن فعالية المحكمة الجنائية الدولية ال ينبغي ا «األمر الذي سيكون نتيجة للسير الفعال ، بل على العكس من غياب الدعاوى،أمامها

. 29»لألنظمة الوطنية، و هو ما سيشكل نجاحها األساسي

,BEDJAOUI, (Mohammed), L’humanité en quête de paix et de développement, op.cit.:انظر 28

p 110. .Note définissant la stratégie d’ensemble du bureau du Procureur, septembre 2003: انظر 29

Page 18: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

13

لقد سمح نظام روما األساسي بتخطي عقبة كبيرة تعد من أهم تجليات سيادة الدولة ثلي الدولة التي كانت تحول دون معاقبة كبار المجرمين، و لقد و المتمثلة في حصانة مم

تيسر ذلك بسبب تكريس المسؤولية الجنائية الفردية عوض المبدأ التقليدي الذي كان يقوم .30العدو الحقيقي للسلم لشكعلى المسؤولية الجماعية الذي

تبيان لتوضيح المصطلحات و األطروحةيتطلب منا األمر التوقف عند موضوع ل ولعل أو. المعنى المراد من اختيارها، وهذا كفيل بتحديد إطار البحث وتبرير مشتمالته

مصطلح نبدأ به هو المعاقبة، التي تأخذ في القانون الجنائي معنى توقيع العقاب على . لعقوباتامرتكبي الجرائم، بل أن هناك من يطلق على فرع القانون الجنائي تسمية قانون

، أي تلك répressionاستخدمنا مصطلح المعاقبة هنا للتدليل على القمع والردع نوضح أنناالعملية التي تستهدف الحيلولة دون إفالت مرتكبي الجرائم من العقوبة، وهي تحمل في طياتها فكرة القوة والسلطة، عن طريق إخضاعهم للقضاء المختص الذي يتولى محاكمتهم

.موتوقيع العقوبة المناسبة عليهكما يشير هذا المصطلح باإلضافة للعملية الردعية إلى الوقاية من وقوع هذه الجرائم، ألن توقيع العقوبة على مرتكبي الجرائم من شأنه الحيلولة دون وقوع أفعال

ر استعمال مصطلح المعاقبة بمصطلح المنع في العديد من إجرامية أخرى، وهو ما يفسل مخالفات للقانون الدولي، تجريم بعض األفعال التي تشك االتفاقيات الدولية التي تتضمن

ح فقط أن وهو حال االتفاقية حول اإلبادة الجماعية، واتفاقية الفصل العنصري، ونوضالتعرض للمعاقبة في البحث لن يشمل مرحلة المحاكمة ومختلف إجراءاتها وضمانات

.كما سنوضحه أدناه كتفي باإلطار القانوني للمعاقبةنالمتهم وطرق الطعن، لغير أن دراستنا لن تتعرض لمسألة جبر الضرر الذي يمس الضحية من ارتكاب

.التي تخرج عن إطار هذه الدراسة 31الجرائم ضد اإلنسانية أو ما يعرف بحقوق الضحايا

:انظر 30

BEDJAOUI, (Mohammed), Ibid, p 118. نصر الدين بوسماحة، ، حقوق ضحايا الجرائم الدولية على ضوء أحكام القانون : يمكن التفصيل أكثر بالرجوع إلى 31

.6، ص 2007الدولي ، دار الفكر الجامعي ،

Page 19: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

14

لقد اخترنا استخدام الجرائم ضد اإلنسانية بصيغة الجمع عوض الجريمة ضد هذا انطالقا من فرضية أن هذه األفعال التي نشأت بصورة اإلنسانية بصيغة المفرد، و

قانونية بعد الحرب العالمية الثانية لتمييز طائفة قانونية جديدة عن كل من جريمة اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب إنما تأخذ صورا متعددة هي بصدد تطور مستمر، وما القائمة

ص اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الطويلة التي جاءت في تعريف هذه الجرائم في ن. الجنائية الدولية إال أحسن دليل على أن هذه األفعال تندرج ضمن جرائم وليس جريمة

مما يوحي بخطورتها " ضد اإلنسانية"كما أن هذه الجرائم اقترنت في تسميتها بصفة ية جمعاء، الشديدة باعتبارها وإن كانت ترتكب ضد األفراد، فإنها في مداها تطال اإلنسان

كما أنها تكرس . مما يوحي بخصوصيتها مقارنة بالجرائم الدولية األخرى كما سنوضحه .32التوجه الحديث نحو اإلعتراف بالفرد و ضمان حماية حقوقه في جميع الحاالت

تشمل هذه الدراسة مجال كل من القانون الدولي والقانون الداخلي مما يوحي للوهلة التفاعل بين مختلف القواعد القانونية مهما كان مصدرها، األولى الحرص على إبراز

حيث أنه إذا كانت الجرائم ضد اإلنسانية برزت في مجال القانون الدولي لتنتقل بعد ذلك إلى المجال الداخلي، إال أن هناك حركية مستمرة تؤدي إلى وجود تبادل وإثراء للمفهوم

.بين المجالين الدولي والداخليمقصود بالقانون الدولي هنا هو القانون الدولي الجنائي كفرع حديث ح أن النوض

بدأت تتوضح صورته من خالل التطور المرن لمبدأ سيادة من فروع القانون الدولي العام، باالستناد أوال على مصدره االتفاقي والذي يتجسد حاليا في 33الدول بمفهومه المطلق

ل اإلطار الرئيسي اهل المصدر العرفي الذي شكنص اتفاقية روما ، غير أنه ال يمكن تجغير أن ذلك ال . ده بقواعد جديدةلتطور مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية والذي مازال يزو

يستثني القانون الدولي العام باعتباره هو اإلطار العام الذي انبثق منه القانون الدولي لحقوق اإلنسان الذي بات يتقاطع في اضي عن القانون الدولي غالجنائي، كما ال يمكن الت

.العديد من قواعده مع القانون الدولي الجنائي

.126، ص 2004محمود صالح العادلي، الجريمة الدولية، دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، : انظر 32 ، اإلتجاهات الحديثة في القانون الدولي الجزائي، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشرجعفر علي محمد: انظر 33

.6، ص 2007و التوزيع،

Page 20: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

15

كما يمكن في هذا الصدد االستعانة بالقانون الجنائي اإلنساني الذي هو فرع قانوني ، ليتم اإلحاطة بالمفهوم 34يعتبره الفقهاء اإلجابة عن خروقات القانون الدولي اإلنساني

.نامكقدراإلشمل بصورة تصبو ألن تكون أة جديدكما ستشمل الدراسة في مرجعية القانون الدولي ما يعرف بالمصادر ال

للقانون الدولي والتي تتمثل على األخص في قرارات مجلس األمن التي أصبحت في هذا قد تحمله من انحرافات ومن تكريس ماالمجال تلعب دورا تشريعيا ال يمكن نكرانه، مع

.بها الدول الكبرى داخل هذا الجهاز األمميللهيمنة التي تتمتع بمفهوم الجرائم ضد اإلنسانية على 35و لقد اهتم القانون الدولي الجنائي اإلسالمي

من افتقاره لقواعد في هذا المجال، حيث يتضمن المفهوم اإلسالمي عكس ما قد يتصوررتكاب بعض األفعال للقانون الدولي الجنائي مختلف القواعد التي تتولى منع و معاقبة ا

، 36التي تربط بين األفراد و الدول و التي تتصف بكونها قابلة للتسليم و المتابعة والمعاقبة .لذا سنحاول تسليط الضوء على ما أسهم به في تعريف الجرائم ضد اإلنسانية

و من أجل معالجة الموضوع ، يمكن طرح اإلشكالية القائمة على مدى إسهام كل لدولي الجنائي و القوانين الجنائية الوطنية في معاقبة فعالة للجرائم ضد من القانون ا

اإلنسانية منذ ظهورها بعد الحرب العالمية الثانية إلى غاية الفترة الحالية التي تشهد نشاط .المؤقت المحكمة الجنائية الدولية و قرب انتهاء عمل القضاء الجنائي الدولي

اإلطار المفاهيمي الذي قمنا بتوضيحه أعاله ال ستتم دراسة هذا الموضوع في سيما في ظل تعدد القواعد القانونية و تنافسها بل تضاربها في بعض األحيان، كما أننا

: أنظر 34

MOREILLON,(Laurent), KUHN,(André), BICHOVSKY,(Aude), MAIRE,(Virginie), VIREDAZ,(Baptiste),(Editeurs), « Droit pénal humanitaire », Collection latine, Série II, Volume 4, HELBIN et LICHTENHAHN, BRUYLANT,2006, p. 3.

كبار الفقهاء كما يعتبر القانون اإلسالمي من النظم القانونية الكبرى التي تشكل القانون الدولي و الذي يمثله تيار من35أشار إليه األستاذ بجاوي في درسه الذي ألقاه في أكاديمية القانون الدولي بالهاي، أما تسمية هذا الفرع بهذا اإلسم فتعود

: لألستاذ فرهد مالكيان ، انظر مرجعهP 143.MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international criminal law, BRILL, 2011,

:، للمزيد من التفاصيل انظر 36

p.143 . MALEKIAN, (Farhad),Ibid.,

Page 21: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

16

استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي في مواطن من الدراسة، غير أن المنهج المقارن كان منهج التاريخي نصيبا كلما الغالب فيها ألنه يتناسب مع موضوع األطروحة، كما كان لل .تعلق األمر بالبحث في جذور المفهوم و الوقوف على أصوله

:و لقد توصلنا إلى اعتماد عناصر الخطة التالية

معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية على ضوء التفاعل المعياري: الباب األول قضائية متنافسة اختصاصات:معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية و سيادة الدول:الباب الثاني

Page 22: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

الباب األولالباب األولالباب األولالباب األول

معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية

على ضوء التفاعل المعياريعلى ضوء التفاعل المعياريعلى ضوء التفاعل المعياريعلى ضوء التفاعل المعياري

Page 23: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

17

تقتضي اإلحاطة بمفهوم الجرائم ضد اإلنسانية الرجوع إلى فترة ظهورها التي تعدوهي إن ارتبطت بمرحلة .إلى فترة بعيدة احديثة نسبيا، على الرغم من كون الفقه يرجع به

.طوكيو بسبب تكريسها قانونيا إال أنها تجد مصدرها في فترة سابقةو محاكمات نورمبرغعرفت تطورا مهما عبر يظهر من تفحص المصادر القانونية أن هذه الجرائم

لقد ارتبط تطور هذا المفهوم القانوني بمعاقبتها التي ، ومختلف النصوص التي كرستهاتتسم و .معاقبتهاو اتجهت نحو فعالية أكثر بالنظر لتعدد القواعد التي تتولى تجريمهاالداخلي بالتفاعل و مختلف القواعد التي تتولى معاقبة هذه الجرائم على المستوى الدولي

التي جسدتها األنظمة و 37ية القواعدالذي يعد مفهوما جديدا يتجه إلى الحلول محل هرمأسهم الفقه بقسط في هذا المسار باعتباره وجد و األساسية لمختلف المحاكم الجنائية الدولية

.المجال خصبايتطلب األمرفإنباعتبار أن هذه الجرائم عرفت ألول مرة ضمن القانون الدولي

، غير أن اعتمادها من التعرض لخصوصية تجريمها مقارنة مع الجرائم الدولية األخرىقبل الدول في نص نظام روما األساسي أدى إلى تكريسها ضمن قوانينها الداخلية التي

.استقبلت مفهوما قانونيا جديدا محاولة اإلستنباط قدر اإلمكان من نص اتفاقية روما :وسنتعرض تباعا إلى

.المعاقبةوتطور في المفهوم: الجرائم ضد اإلنسانية:الفصل األول القوانين الجنائية الوطنيةو الجرائم ضد اإلنسانية بين القانون الدولي الجنائي:لفصل الثانيا

:انظر 37

DELMAS-MARTY, (Mireille), « Droit comparé et droit international : interactions et internormativité », in CHIAVARIO, (Mario) (sous dir), La justice pénale internationale entre passé et avenir, DALLOZ, GIUFFRE EDITORE, 2003, p. 19.

Page 24: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

الفصل األول :اجلرائم ضد اإلنسانية

تطور يف املفهوم واملعاقبة

Page 25: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

19

يشهد القانون الدولي حركة متبادلة مع القانون الداخلي باعتبار المجالين يعرفان لعل مفهوم الجرائم ضد و تعقيدا مما سبق،و تربطهما عالقات تعتبر أكثر تشعباو تشاركا

اإلجرامية التي أخذت اإلنسانية يعتبر النموذج األكثر تعبيرا عن ذلك، حيث أن الممارسات ينة أسهمت في بلورة القواعد التي أدت إلى بروز المفهوم على الصعيد القانوني صورا مع

التي تجسدها اتفاقية روما و في صورة تعد األكثر تطورا في إطار العدالة الجنائية الدولية المساهمة التي لم يكن لهذا التطور أن يبلغ درجته لوالو .المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية

معاقبة هذه الجرائم ليتم صبها في القالب اإلتفاقي و جاءت بها القواعد العرفية في تجريمهو ما سيتطلب التوقف عند التكريس المتطور إلبراز الجرائم ضد و في مرحلة الحقة

.اإلنسانية بتفصيل األفعال المكونة لها : سنعالج هذا الفصل من خالل

عرفي واتفاقي متدرج تكريس:المبحث األول الجرائم ضد اإلنسانية عبر األفعال المكونة لها:المبحث الثاني

جتكريس عرفي واتفاقي متدر: األول المبحث

الفقه إلى اعتبارها تتموقع بين جرائم الحرب تجهإن الجرائم ضد اإلنسانية والتي يس رالقانون الدولي الجنائي ك؛ تعتبر مفهوما قانونيا حديثا في 38وجريمة اإلبادة الجماعيةالدولية بصفة متكاملة وشاملة الجنائيةالمنشئ للمحكمة األساسيمؤخرا في نظام روما

إلى حد كبير عرف تطورا معتبرا في فترة زمنية وجيزة امتدت من نهاية الحرب العالمية ي تطوير هذا فيهما دورا ال يستهان به ف والفقه، كان للعرف 1998 عامالثانية إلى غاية

.)المطلب الثاني(األساسي قبل اعتماده في نظام روما)المطلب األول(المفهوم

,Crimes against Humanity, « The notion and its origins », in CASSESE: أنظر في هذا الصدد 38

(Antonio), ACQUAVIVA, (Guido), FAN, (Mary) and WHITING, (Alex), International

criminal law : cases and commentary , OXFORD University press, 2011, p. 154.

Page 26: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

20

دور العرف والفقه في بلورة الجرائم ضد اإلنسانية :األولالمطلبتفاقي إلال ينازع أحد في مساهمة القواعد العرفية في مسار تطوير القانون الدولي ا

بشكل خاص لكن بصفة متفاوتة بالنسبة لمختلف بشكل عام والقانون الدولي الجنائيالفرع ( 40تأثير الفقه على هذا التكريس إغفال، كما ال يمكننا )الفرع األول(39العناصرهم القانون الدولي الجنائي اإلسالمي في وضع تعريف لهذه أسسنعالج كيف و ،)الثاني

).الفرع الثالث(الجرائم

للجرائم ضد اإلنسانية ليالطابع العرفي األو :الفرع األولال في رب التي ظهرت أوحجرائم ال على خالفينبغي اإلشارة بداية إلى أنه

القوانين الداخلية للدول، ثم انتقلت إلى القانون الدولي، فإن الجرائم ضد اإلنسانية عرفت جرائم دولية في القانون الدولي بداية في إطار العرف الدولي تبرمسارا مناقضا إذ اعت

للمحكمة األساسيرست قبل ذلك في النظام ، لكنها ك41ثم أدمجتها القوانين الوطنية) 1( ).2(42لنورمبرغالدولية العسكرية

:المصدر العرفي للجرائم ضد اإلنسانية. 1إذا كان نظام محكمة نورمبرغ هو من وضع أول تعريف قانوني لهذه الجرائم، فإن

إلى فترة زمنية أبعد من ذلك، حيث يعود التفكير فيها والتنظير لها إلى يرجعهاأغلب الفقه م 20كما لعبت عدة وثائق وصكوك برزت خالل بداية القرن .43غروسيوسالفقيه

ظهور مفهوم اإلنسانية وبلورته التدريجية كمفهوم في القانون دورا فيوتوطدت بعد ذلك .الدولي

.TOMUSCHAT, C., « La cristallisation coutumière », ..., op. cit., p. 23: أنظر 39لعب الفقه دورا أساسيا في تطوير القانون الدولي الجنائي كفرع قانوني حديث برز بصورة واضحة منذ نهاية القرن 40 :م، انظر تفاصيل أكثر في18

SZUREK, (Sandra), « Historique. La formation du droit international pénal », op. cit., p. 8. :انظر41

DELMAS-MARTY, M., FOUCHARD, I., FRONZA, E., NEYRET, L., Le crime contre l’humanité …, op. cit., p. 10.

.سنصطلح على تسميتها اختصارا بمحكمة نورمبرغ 42 .186، مرجع سابق، ص جعفر علي محمد، اإلتجاهات الحديثة في القانون الدولي: انظر43

ZAKR, (Nasser.), « Approche analytique du crime contre l’humanité en droit international », in R.G.D.I.P., 2001, n° 2, p. 282.

Page 27: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

21

شلي تبلون األستاذى مفهوم اإلنسانية، حيث اعتبر لقد أشار عدة فقهاء في كتاباتهم إلBluntschli القانون الدولي يتوقف على اليقين «: 1868 عامفي أحد مؤلفاته الصادرة

ي مؤلف له صادر ففاعترفPilletي يبي األستاذأما ،»الذي تمتلكه البشرية بالنسبة لحقوقها .44»حق مشترك لإلنسانية«: بوجود 1894في

الذي شرط مارتنزالتوجه المؤكد لتكريس هذا المفهوم عبر إغفالكما ال ينبغي المتعلقة بقوانين 1907الرابعة لعام واالتفاقية 1899 عامالثانية لـ الهايتضمنته اتفاقية

:أنه كما ورد في الديباجة إذ ينص هذا الشرط ،وأعراف الحرب البريةن تحت وحاربتالسكان والم ظلي... قوانين الحربل كاملةنة دومصدار إلىأن يحين است«

عليها الحال بينستقر تقاليد التيامن ال جاءتما ك، مممبادئ قانون األسلطان و ةحماي .»العام ضميرقوانين اإلنسانية ومن مقتضيات الو ةمدنالمت شعوبال

حيث أصبحت وظيفته الدوليم عرفت أنسنة القانون 20يبدو إذن أن بداية القرن .لتدريج ضمان أدنى حد من اإلنسانية لألشخاص سواء أثناء السلم أو في وقت الحرببا

تم اعتماده ضمن الصكوك األساسية األساسيإلى أن هذا الشرط اإلشارةتجدر جعل قيمته العرفية مستقرة وغير متنازع بشأنها منذ فترة مما يللقانون الدولي اإلنساني

.45طويلةلقد شهدت نهاية الحرب العالمية األولى تطورا معتبرا لألفكار اإلنسانية، ترجمت

على المستوى االجتماعيةفي ميثاق منظمة العمل الدولية عبر تكريس مختلف الحقوق

:قتطفاتمشار إليها فيالمرجع التاليم44

LE BRIS, Catherine, L’humanité saisie par le droit international public, L.G.D.J., 2012, p. 20 et 21.

، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائي والشريعة اإلسالمية، دار الكتب عثمانأحمد عبد الحكيم : انظر45 .170و 169ص ،2009دار شتات للنشر والبرمجيات، القانونية،

دراسة في القانون الدولي العاصر، .صفوان مقصود خليل، الجرائم ضد اإلنسانية واإلبادة الجماعية وطرق مكافحتهما .34و 33، ص 2010الدار العربية للموسوعات،

JONES, (John R.W.D.), POWLES, (Steven), International criminal practice, Third edition, OXFORD, 2003, p. 181. DELMAS- MARTY., M, FOUCHARD, I., FRONZA, E., NEYRET, L., Le crime contre …, op. cit., p. 11. GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité au regard des principes fondateurs …, op. cit., p. 68.

Page 28: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

22

25المعتمدة في الرقالخاصةبتفاقية إلى هذا التوجه بصفة مؤكدة باعتماد االدولي، وتجل .وسيلةاإلنسان عتبارحدالاستهدف وضع ، وهي صك دولي1926سبتمبر

ا، روسيا ستعود تسمية الجرائم ضد اإلنسانية إلى الوصف الذي أطلقته كل من فرنفي إعالن 1915 عاموبريطانيا على األفعال التي ارتكبتها الحكومة التركية ضد األرمن

.46crimes lèse humanité»اإلنسانيةالذات جرائم تمس ب«ا اعتبرها هبين مشتركلت البذرة يجدر بنا أن نتوقف عند األحداث التي تعرف بإبادة األرمن، والتي شك

األولى لما بدأ يعرف منذ محاكمات نورمبرغ إلى يومنا هذا بالجرائم ضد اإلنسانية، والتي عرف بالتدخل اإلنساني مردها إلى ما يintervention d’humanité47 حيث تدخلت الدول ،في اإلمبراطورية العثمانية باسطة رقابتها 1908و 1903الفترة ما بين األوروبية في

عامأعمال تقتيل األرمن في أدانا ك حيث بدأتلعلى إقليم مقدونيا، وتوالت األحداث منذ ذبادرت حكومة تركيا الفتية في إطار مخطط أتركة اإلمبراطورية العثمانية إلى إذ، 1909

روسي -بريطاني -فرنسي : هم، وجاء رد فعل ثالثي نقل األرمن خارج تركيا وإبادت :جاء فيه 1915ماي 24بموجب إعالن مشترك صادر في

46« Ce sont des crimes contre l’humanité et la civilisation »

:مذكور فيBETTATI, Mario, « Le crime contre l’humanité »,in ASCENCIO, H., DECAUX, E., PELLET , A., Droit international…, op. cit., p. 293.

أدت انتهاكات حقوق اإلنسان المرتكبة من قبل السلطات الرسمية ضد مواطنيها إلى بروز ضرورات التدخل على 47م بالتدخل اإلنساني، ثم عرفت رواجا في 19أساس مد يد المساعدة لضحايا هاته اإلنتهاكات، وكانت تعرف في القرن

في حرب الخليج أو بالتدخل اإلنساني وتم استخدامها Droit d’ingérenceتسعينيات القرن الماضي باسم حق التدخل بترويج من الفقه الفرنسي، ثم عرف هذا المبدأ تطبيقات في عدة دول إفريقية وأوروبية، إلى أن أخذ مؤخرا األولى

: للمزيد من التفاصيل انظر. Responsabilité de protégerتسمية مسؤولية الحماية CORTEN, Olivier, Le droit contre la guerre. L’interdiction du recours à la force en droit international contemporain, PEDONE, 2008, p. 8.

مسؤولية الحماية أو التدخل اإلنساني؟ اآلثار اإلنسانية وأثر حقوق اإلنسان في قراري مجلس األمن «بوروبةسامية، في المؤتمر اإلقليمي األول الذي نظمته الشبكة األكاديمية العربية قدمت ، مداخلة »لقين بحالة ليبياالمتع 1973و 1970

.4، ص 2011جويلية 18و 17،"منظور حقوق اإلنسان: الربيع العربي" لحقوق اإلنسان، حول

Page 29: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

23

ة، تعلن حكومات الحلفاء مدنيوال ضد اإلنسانيةأمام هذه الجرائم الجديدة لتركيا المرتكبة «للباب العالي أنها ستؤكد المسؤولية الشخصية عن ارتكاب هذه الجرائم لكل أعضاء

.48»الذين يتورطون في مثل هذه المجازر أعوانهاو مثليهاكومة العثمانية وكذلك كل مالح. جملة من المالحظات حول أبعاده وآثارهإلبداء مضمون هذا اإلعالن وقفنايست

فبداية، تم استعمال مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية بهذه التسمية ألول مرة على المستوى لقا لنوع جديد من الجرائم المرتكبة مخالفة لقواعد القانون ل منطالدولي، األمر الذي يشك

.الدولي العام، حتى وإن ارتبط في مرحلة أولى بالنزاعات المسلحة والحروبكما تبدو األهمية في إضفاء وصف الجريمة على األفعال التي ارتكبها القادة

ار المبدأ التقليدي العثمانيون، وهو أمر لم يكن معهودا في تلك الفترة بالنظر الستقرس لحصانة رؤساء الدول والموظفين الدبلوماسيينالمكر.

ويحيلنا تجريم األفعال المرتكبة إلى مبدأ الشرعية الجنائية الذي يقتضي التجريم والعقاب بموجب نصوص قانونية موجودة سابقا على مرحلة ارتكابها، حيث ذهب العديد

في هذه الحالة الخاصة غير موجودة، باعتبار من الفقهاء إلى أن النصوص القانونية اإلعالن أشار بصفة واضحة إلى مخالفة اإلنسانية والحضارة، عبارتان أقل ما يمكن القول

.عنهما هو عدم الوضوحكما أن الحكومات الحليفة من خالل اإلعالن الذي أصدرته والذي أشار إلى الجرائم

ها تهدف إلى تجاوز التدخل الدبلوماسي البسيط والحضارة يوحي بأن اإلنسانيةالجديدة ضد .و أبعاد قانونيةذألسباب إنسانية إلى إرساء مفهوم

القائمين اتمسؤوليفي تقرير أعدته لجنة مكما تمت اإلشارة إلى هذه الجرائمته لمؤتمر السلم في فرساي تنفيذ العقوباتعلى إثر الحرب العالمية األولى، وقدو بالحرب

.»لقوانين اإلنسانية. ..مخالفات«: ، معتبرة إياها 1919 عام

48« En présence de ces nouveaux crimes de la Turquie contre l'humanité et la civilisation, les Gouvernements alliés font savoir publiquement à la Sublime Porte qu’ils tiendront personnellement responsables desdits crimes tous les membres du Gouvernement ottoman

ainsi que ceux de ses agents qui se trouveraient impliqués dans de pareils massacres». .GARIBIAN, S, Les crimes contre l’humanité …, op.cit., p. 83: انظر المقتطف في

طروحة دكتوراه الفلسفة في أالقانون الدولي اإلنساني، ياسر حسن كلزي، المواجهة الدولية والوطنية النتهاكات : لكذوك .246، ص 2009العلوم األمنية، الرياض،

Page 30: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

24

لقد توافقت مختلف التصريحات التي أدلت بها الوفود المشاركة في هذا المؤتمر، لم يحترموا «ويمكن أن نشير إلى البعض منها، حيث اعتبر الوفد البريطاني أن المتهمين

استخلص الوفد البلجيكي أنه تم ، في حين»ة لإلنسانيةسوالحقوق المقدالقانون الدولي جرائم ضد اإلنسانية، وهي أفعال معاقب عليها في القوانين الوطنية لكل «ارتكاب .49»الدول

على إنشاء محكمة تختص أنه نص يزت هذا التقرير هالتي مي ألهميةولعالادئ المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب وكذلك مب االنتهاكاتبمحاكمة عدة أفعال من ضمنها

.اإلنسانية، إال أنه قوبل بالرفض من وترويجهأن هذا المفهوم وإن عرف اهتمام البعض غير

لواليات المتحدة اممثل ،على ذلك من موقف رئيس المؤتمر ندل ناقبل البعض اآلخر، ولس .غير ذي أهميةالذي يعتبر األمريكية الذي طالب بحذف هذا المفهوم

لمفهوم، اعتمد الوفد البريطاني موقفا لأمام الموقفين المتناقضين بين مؤيد ومعارض ، ولعل هذا 50حيث اعتبر أن قوانين اإلنسانية تندرج ضمن قوانين وأعراف الحرب اوسط

األساسيفي النظام اإلنسانيةالموقف يجد أحسن تجسيد له ضمن تعريف الجرائم ضد كما سنراه باالستقالليةمفهوم دون أن تعترف له ست اللمحكمة نورمبرغ التي كر

.بالتفصيل الحقا

انعقد هذا المؤتمر الدولي بتنظيم من الفائزين خالل الحرب العالمية األولى بغرض إبرام اتفاقيات السلم بينهم وبين 49

التي 1919جوان 28وتم إبرام اتفاقية فرساي في 1920إلى أوت 1919جانفي 18الذين خسروا الحرب وامتد من .تضمنت إنشاء عصبة األمم .LE BRIS, C, L’humanité saisie …, op. cit., p. 21: التصريحات مذكورة في

BASSIOUNI, (M. Cherif), « L’expériences des premières juridictions pénales:انظر كذلكinternationales », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous Dir), « Droit international pénal » PEDONE, 2000, p. 635.

: انظر بخصوص كل المواقف المشار إليها 50LE BRIS, C, L’humanité saisie …, ibid., p. 22.

Page 31: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

25

وجهات نظر الوفود على هذا المفهوم الذي لم فيالعميق االختالفلقد انعكس هذا غير أن الحديث عنه أصبح 51فرسايكتب له أن يظهر بهذه التسمية ضمن اتفاقية ي ،ه فيما بعدلت أساسا قويا العتمادطرح ضمن مناسبات عديدة شكي.

استمرت الجهود في هذا الشأن، حيث تم إنشاء عصبة األمم كمحاولة من الدول العصبة عهدالعالمية األولى، ولقد تضمن لحد من اللجوء إلى استخدام القوة عقب الحرب ل

التي تعاني من مشاكل و األقاليم ل المنظمة وضع الدول الذي يخوMandatاالنتدابنظام :على ما يليمنه 22في وضعية مرافقة وإعانة حيث نصت المادة ة وتنموية يهيكل 52.»تنمية هذه الشعوب تمثل مهمة حضارية مقدسة و إن رفاهية «

يهدف اإلنتداب بناءا على ذلك إلى منح العون للشعوب التي تكون في حاجة إلى : هانفس، حيث جاء في المادةذلكقادرة بعد على حكم نفسها بالنظر للظروف تطبق هذه المبادئ على الشعوب التي ليست «

.»الصعبة للعالم المتمدنالعدل لمحكمةوالتي نجدها كذلك في النظام األساسي مدنيةنالحظ أن عبارة ال

عالقة وطيدة بمفهوم اإلنسانية، وغالبا ما ى، عل53الدولية الدائمة وفي اجتهادها القضائيمفهوم مدنيةوعلى الرغم من كون مفهوم ال. يتم استخدامهما معا في الصكوك القانونية

غامض ومحل جدل إذ أنه يوحي إلى انقسام العالم إلى عدة مقاربات حضارية، إال أنهرر ل قبل مرحلة الحرب العالمية الثانية األساس الذي يبشك ،اإلنسانيةعلى خالف مفهوم و

اليابانية ومختلف اآلراء -بين التحفظات األمريكية Compromisتجدر اإلشارة إلى أن هذه اإلتفاقية شكلت تسوية 51

ئية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب، محتجين بمبدأي السيادة األخرى، حيث عارض األمريكيون إنشاء محكمة جنا .وسنناقش هذه المسألة الحقا في الباب الثاني. والشرعية

.GARIBIAN, S, Le crime contre l’humanité …, op.cit., p. 76 et 77: للمزيد من التفاصيل انظر : ورد في العهد 52

« Le bien-être et le développement de ces peuples forment une mission sacrée de civilisation ».

والتي هي نفسها المادة التي أدمجها النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية إلى مبادئ القانون 38حيث أشارت المادة 53

.العامة التي أقرتها األمم المتمدنة

Page 32: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

26

حقوق اإلنسان بين األمثلة التي تؤكد ذلك نص إعالن ومن، 54منح الحقوق الفرديةاإلشارة ديباجتهوالذي وردت في 1929 عاملمعهد األمريكي للقانون الدولي الصادر عن ا

:إلى .»)رأو المتحض(الوعي القانوني للعالم المتمدن «

دة نصوص قانونية هامة، وجزر، حيث أشارت إليه ع بقي مفهوم اإلنسانية بين مد العالمية الصحة ةك ميثاق منظملالمشار إليها آنفا، وكذ 23العصبة في مادته عهدمنها

أين برز أن اإلنسانية كتلة غير قابلة التجزئة، في حين كان التوجه الغالب هو مبدأ السيادة أن اندالع الحرب العالمية إال.بصفة استثنائية اإلنسانية إال االعتباراتالذي ال يجيز إعمال

كبت خاللها والتي عرفت عهدا جديدا ل مرحلة جديدة بسبب الفظائع التي ارتشكالثانية .لمفهوم اإلنسانية عبر تكريسها كجريمة

2 .جريمة غير : لنورمبرغ الدولية للمحكمة العسكرية األساسيلي في النظام تكريس أو :مستقلة

إال ، ية األولىرغم أن النقاش حول الجرائم ضد اإلنسانية برز خالل الحرب العالمعلى إثر والحرب العالمية الثانية أنه لم يكرس قانونيا على المستوى الدولي إال خالل

برزت من جديد فكرة ضرورة عدم إفالت مرتكبي حيث،55الفظائع التي ارتكبت خاللها، 56فق الحلفاء على ضرورة محاكمة البشاعات النازيةتاألفعال الخطيرة من العقاب، وا

رت ندالع الحرب، حيث عبالولى األمراحل الالمواقف بدأت تبرز في ىأن أولوالحقيقة عن 1940أفريل 17في إعالن صادر في حكومات كل من فرنسا، بريطانيا وبولونيا

ر، حيث تبعه ثولقد كان لهذا اإلعالن صدى مؤ. التي يرتكبها نظام هتلر للجرائمرفضها

.LE BRIS, C., L’humanité saisie …, op. cit., p. 23:انظر 54 .26وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : انظر 55

.193و 192ص ، 2008لنده معمر يشوي،المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها،دار الثقافة للنشر والتوزيع،BERKOVICZ, (Grégory), La place de la cour pénale internationale …, op. cit., p. 140. FELLOUS, (Gérard), Les droits de l’homme. Une universalité menacée, La documentation française, 2010, p. 245.

.142بق، ص ، مرجع سامحمد يوسف علوان ومحمد خليل الموسى، القانون الدولي لحقوق اإلنسان: انظر 56SALAS, (Denis), « Les mots du droit pour un crime sans nom, les origines du crime contre l’humanité », in TRUCHE, Pierre (Sous. Dir), Juger les crimes contre l’humanité…., op. cit., p. 34.

Page 33: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

27

رئيس و اليات المتحدة األمريكية روزفلترئيس الوصادر عن آخر ة إعالن نخالل سالنازية المرتكبة ضد السكان الوزراء البريطاني تشرشل صرحا فيه بمبدأ قمع الجرائم

.لعقابمبدأ عدم اإلفالت من الذين ألوامر الرؤساء المدنيين وضرورة إخضاع المنفة الدولية حيث قامت اللجن ،هذا السياق السياسي بعض الجهود القانونية لقد رافق

مكلف بدراسة القواعد التي تحكم قمع مجلسوالتطوير الجنائي بإنشاء لبناءعادة اإلية متميزة عن م، وهي عبارة توحي بوجود أفعال إجرا»جرائم ضد النظام العام الدوليال«

57تهاجرائم الحرب، والتي ال تمس فقط المتحاربين، بل تطال المجموعة الدولية برم. عن حكومات الدول المحتلة التي مسياجسان ام، يعرف بإعالنهصدر إعالن كما

، هولندا، لوكسمبورغوهي بلجيكا، تشيكوسلوفاكيا، فرنسا، اليونان، (لجأت إلى لندن دت فيه باإلجرام النازي، مؤكدة على أن أعمال العنف ند) النرويج، بولونيا ويوغسالفيا

عن إطار جرائم الحرب والجرائم السياسية، مما أعاد المرتكبة ضد السكان المدنيين تخرجمحدوديته كونها ال تغطي كل هذه لك ذأظهر وصفها بو طرح مسألة تكييف هذه األفعال

.األفعالالواليات المتحدة (لثالث األقوى آنذاكالدول لهذه الدول بمذكرات لقد تقدمت

نتباهها الرتكاب جرائم جديدة ال تثير فيها ا )اإلتحاد السوفياتيو األمريكية، بريطانياناتة فعل أولية، اقترحت الحكومإنسانية على أقاليمها من قبل القوات األلمانية، وكرد

األمريكية والبريطانية أن يتم قمع هذه األفعال المرتكبة جراء الحرب من قبل المحاكم .الداخلية

من الواليات لنت كل عبصفة متسارعة حيث أ واالقتراحاتتوالت المبادرات عن إنشاء لجنة األمم المتحدة لجرائم 1942أكتوبر 7افي المتحدة األمريكية وبريطاني

1942أكتوبر 14هو ما أيدته الحكومة السوفياتية في و الحرب،مما يوحي بأن الحديث 58

مؤكدا، وإن كانت لم تعرف استقالليتها عن جرائم قانونيا ىحعن هذه األفعال بدأ يأخذ من .المرحلةالحرب، على األقل في تلك

: ر الذي لعبه الفقيه لوترباخت فيه، انظرللمزيد من التفصيل حول أعمال هذا المجلس والدور الكبي 57

GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité …, op. cit., p. 111. .Ibid., p. 113:انظر 58

Page 34: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

28

رف فيما بعد بالمحكمة العسكرية لما ع األساسيكانت هذه بدايات إعداد النظام مت ا، مستندة على العمل الذي ق1943التحضيرية منذ هبدأت أعمال التيلنورمبرغ، و

ه ذهوالجدير بالذكر هو أن .1919في باريس سنة بهلجنة المسؤوليات لمؤتمر السلمالتي تم التنديد بها في مختلف والفظائعاللجنة اعتبرت الجرائم ضد الحقوق اإلنسانية

، تعتبر جرائم حرب بالمفهوم الواسع، 59إليها أعاله اإلشارةاإلعالنات السياسية، التي تمت .1945انية في ج هذا األمر باعتماد مفهوم الجرائم ضد اإلنسووت

مما يطبع هذه األعمال التحضيرية هي أنها تزامنت في افتتاحها مع اعتماد ميثاق 24الذي دخل حيز النفاذ في 1945جوان 26في فرانسيسكواألمم المتحدة في سان

تزامن، وهو 1946في أفريل ةلمحكمة العدل الدولي األساسيوكذلك النظام 1945أكتوبر ولمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية التي اندرجت الجنائيينبئ عن بعد عميق للقانون الدولي

.من الناحية النظرية األقلفي سياق البدء بعهد جديد تسوده قيم اإلنسانية والعدالة على 08و جوان 26األعمال التحضيرية التي انعقدت في لندن في الفترة بين جرتلقد 1945أوت

رح القاضي جاكسون تقسيما ثالثيا للجرائم التي ستشكل فيما بعد ، حيث اقت60 :التصنيف اعتمدمن النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ، حيث 6نص المادة

، وهي التي االتفاقياتاحتالل دول أخرى والقيام بحروب مخالفة للقانون الدولي أو − .الجرائم ضد السلمتحت تسمية 6نصت عليها المادة

بوصف 6القواعد الدولية المتعلقة بالحرب، وهي التي وردت في المادة المساس ب − .جرائم الحرب

ينبغي في هذا الصدد اإلشارة للدور الفعال الذي لعبه األمريكيون في بلورة النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ، إذ 59

منها مذكرة يالطا التي تقدم بها كل من كاتب الدولة، وزير الحرب والمدعي العام للرئيس روزفلت صدرت عدة وثائق حيث ورد فيها أن الجرائم النازية تتجاوز المفهوم التقليدي لجرائم الحرب سواء من حيث الزمان 1945جانفي 22في

وهو ما جعل . صرار وضمن مخطط إجراميأو المكان، وأن هذه الجرائم تندرج ضمن مؤسسة إجرامية مع سبق اإل . بريطانيا تقوم بمبادرات لكي ال تفلت زمام األمور منها قصد صد الهيمنة األمريكية

.GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité …, op. cit., p. 118 et 119: انظر بالتفصيل :كان المؤتمر ممثال من قبل 60 .أشخاص 10القاضي روبرت جاكسون من المحكمة العليا، مدعوما بفريق من : مريكيةالواليات المتحدة األ -أوت باللورد جويت 02السيد دافيد ماكسويل المدعي العام، والذي عوض منذ : بريطانيا العظمى وإيرالندا الشمالية -

.شخصا 11مدعوما بفريق من

Page 35: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

29

، والتي عرفت في نفس المادة بالجرائم 1933الفظائع والمخالفات المرتكبة منذ − .ضد اإلنسانية

الذي تضمن إنشاء المحكمة 1945أوت 8تمخضت هذه النقاشات عن اتفاق لندن لـ برغ، وأدرج فيه ملحق يتضمن النظام األساسي لهذه المحكمة، نورملالعسكرية الدولية

في تاريخ القانون ةواستعمل مصطلح الجريمة ضد اإلنسانية بهذه الصورة ألول مر .61الدولي الجنائي ورد فيه أول تعريف لها

أن الدول المشاركة في هذا المؤتمر لم تتعرض لهذا المفهوم إال إلىتجدر اإلشارة تفسيرا األستاذ شريف بسيوني قدمشمة رغم كل المسائل التي يثيرها، ولقد محت بصفة جد

جي هذا المفهوم من الطعن في مدى ، حيث أرجع هذا الصمت إلى تخوف مرولكذلأن مشروعيته باعتباره لم يكن موجودا بهذه التسمية في الفترة التي يريد المشاركون

هو ما سيشكل إخالال بمبدأ و وإخضاعه الختصاص المحكمة يشملها النظام األساسي واقترح القاضي جاكسون تعريفا للجرائم ضد اإلنسانية في صيغته النهائية .62الشرعية

.األساسيتقريبا في النظام اعتمادهلية، وهو الذي تم ويج 31تاريخ بعدة إلىخصوصية تكريس الجرائم ضد اإلنسانية في نظام محكمة نورمبرغ تعود

أدت إلى ارتباط معاقبتها بإحدى الجرائم التي تدخل في و طبعت ارتكابهاأسباب سياسية اختصاص المحكمة أو التي لها عالقة معها، مما جعل هذه الجريمة غير مستقلة في بداية

.63تكريسها :فت الجريمة ضد اإلنسانية كالتاليرعفقرة ج، نجدها 6وبالرجوع إلى المادة

أي ضد ةمرتكبةالإنسانيغيرها من األفعااللالو ،ترحيل، الاالسترقاقاإلبادة، ، غتيالاإل«ية أو نصرعأو ألسباب سياسية، دضطهااإلأعمال قبل أو أثناء الحرب، أو ،كان مدنيينس

: انظر 61

PAZARTZIS, Photini, La répression pénale des crimes internationaux. Justice pénale internationale, PEDONE, 2007, p. 30.

GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité …, op. cit., p. 121 et: راجع آراء الفقيه في 62122.

.MAHMOUD SALAH, (M), « Interrogations sur l’évolution …», op. cit., p. 741: انظر 63CUPIDO, (Merjolein), « The policy underlying crimes against humanity: practical reflections on a theoretical debate», in Criminal Law Forum, Volume 22, N°3, September 2011, p. 278. REBUT, (Didier), Droit pénal international, DALLOZ, 1ère édition, 2012, p. 512.

Page 36: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

30

في حال ل في اختصاص المحكمة، أو خي جريمة تدفي حال وقوعها عند تنفيذ أدينية ارتكبت فيه أو لم بلدالذيللقانون الداخلي لل مخالفةكانت ا بهذه الجريمة، سواء هارتباط

.»تكن كذلك االعترافلكذترتب عن ، و64في القانون الدولي اجديد اهذه المادة مفهوم تكرسلقد

تكون محمية بعقوبات جنائية دوليةفي و لإلنسان بحقوق أساسية تسمو على حق الدولة، .65حالة مخالفتها

طريق تعداد األفعال عن م ضد اإلنسانية ائالجر ترففقرة ج ع 6المادة أن ويالحظ لها، وهي نفس الطريقة التي تم اعتمادها في التقرير الذي قامت به اللجنة سنة التي تشكتقييد لمداها، مقارنة بالتعريف هوجرائم ه الذهلة ل،ويبدو أن تعداد األفعال المشك1919

ب عن تكريس الجريمة بهذه الطريقة عدة المقترح لجرائم الحرب في نفس الوثيقة، كما ترت .وإجرائيةصعوبات سياسية

: رح التساؤل عن الهدف المتوخى من محاكمة النازيين فعلى الصعيد السياسي، طقيامهم لىهل كان معاقبتهم على إبادة ماليين األبرياء، أم كان الغرض هو معاقبتهم ع

التي تم إبداؤها منذ إنشاء المحاكم العسكرية االنتقاداتم يدع ما، وهو 66بحرب عدوانلنورمبرغ وطوكيو التي وعلى المنهزمين س عدالة الفائزينصفت بأنها تكر.

:أنه Masséيرى الفقه أن المصطلح جديد وليس المفهوم، فقد اعتبر األستاذ 64

« Jusqu’à la seconde guerre mondiale le crime contre l’humanité a voyagé sous le manteau des crimes de guerre ».

,« ANTAKY, (Mark), « Esquisse d’une généalogie des crimes contre l’humanité مذكور في R.Q.D.I., 2007, hors série, p. 64.

,«ZOLLER, Elisabeth, «La définition des crimes contre l’humanité: انظر في هذا الصدد 65J.D.I., 1993, n° 3, p. 553. HUET, (André), KOERING-JOULIN, (Renée), Droit pénal international, PUF, 1994, p. 98. KUALI, (Dan), The responsibility to protect.Implementation of article 4(h) intervention, The Raoul Wallenberg Institute human rights library, Martinus Nijhoff Publishers, 2011, p. 180.

) فقرة ج 5المادة ( 1946جانفي 19التعريف ذاته ورد في نظام المحكمة العسكرية لطوكيو المعتمد في نشير إلى أن و .لمجلس الرقابة أللمانيا والذي شكل أساسا لقمع الجرائم ضد اإلنسانية من قبل المحاكم األلمانية 10وكذلك القانون رقم

.BETTATI, M, « Le crime contre l’humanité» …, op. cit., p. 293: انظر ,op. cit., p. 741., .« Interrogations sur l’évolutionMAHMOUD SALAH, (M) ,« .: انظر 66 DELMAS- MARTY,( M), « Les crimes internationaux peuvent-ils contribuer au débatو

Page 37: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

31

ج تلزم جهة االتهام بإيجاد دليل على /6أما من ناحية اإلجراءات، فإن المادة اقريبد يعالعالقة بين المخطط النازي ضد اليهود والمخطط النازي للعدوان، وهو شرط

.من االستحالةا بين الجرائم ضد طولعل أهم عنصر ينبغي التوقف عنده هو أن التعريف وضع راب

.هاعدم استقالليتم جرائم ضد السلم أو جرائم الحرب، مما يدعالاإلنسانية وإن هذه الصياغة المكرسة لجريمة لم تكن معروفة في المجال القانوني من قبل

دين بتعريف اة في محكمة نورمبرغ، حيث وجدوا أنفسهم مقيالقض ممارسةانعكست على المضي قدما نحو إعمال سلطتهم التفسيرية، منلم يفسح لهم المجال في الكثير من األحيان

DONNEDIEU DEالذي كان من قضاة المحكمةو الفرنسي األستاذإلى درجة أن

VABRES المحكمة العسكرية في حكم تبخرهذا المفهوم القانوني الجديد "اعتبر أن .67"لنورمبرغ

رضت التي ع 1945نوفمبر 20التي بدأت في وبالرجوع إلى محاكمات نورمبرغ لم يتم اتهام سوى اثنين منهما بارتكاب جرائم 68متهما 22حكمة قضايا تخص المفيها على

ضد اإلنسانية وهذا بسبب صعوبة إثبات شرط الترابط المذكور آنفا، ولقد أرجع الفقه

entre universalisme et relativisme des valeurs ? », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, p. 61. 67 « La catégorie des crimes contre l’humanité, que le statut avait fait entrer par une très petite

porte, s’est, du fait du jugement, volatilisée » مذكور في : …», op. cit., p. 555. ZOLLER, E, «La définition

: هم 12منهم، ولقد نطق بحكم اإلعدام على 21شخصا، غير أنه لم تتم محاكمة سوى 24 ـتم توجيه اإلتهام ل 68GOERING, RIBBENTROP, KEITEL, KALTENBRUNNER, ROSENBERG,FRANCK, FRICK, STREICHER, SAUCKEL, JODL, SEYSS-INQUART, BORMANN.

:كما تم الحكم بالسجن المؤبد على ثالثة همHESS, FUNK, RAEDER.

: سنة وهم 20إلى 10على أربع منهم بالسجن من حكموقد

DOENITZ, VON SCHIRACH, SPEER, VON NEURATH.

SCHACHT, VON PAPEN, FRIETZSCHE :هممتهمين ببراءة ثالثة النطقو : انظر

CASSESE, (Antonio), SCALIA, (Damien), THALMANN, (Vanessa), Les grands arrêts de droit international pénal, DALLOZ, 2010, p. 8.

Page 38: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

32

القضائي إلى المحكمة، غير أن األصح هو أن االفتقارالفرنسي في تلك الفترة هذا القصور راجع إلى نظام محكمة نورمبرغ ذاته كونه لم يدرج الجرائم ضد اإلنسانية

.كجرائم مستقلةتثير مشاكل عديدة الجرائممتهمين من أهم المتمسكين بكون هذه لقد كان دفاع ال

تعود بالدرجة األولى إلى مبدأ الشرعية الجنائية، حيث اعتبروا أن محكمة نورمبرغ ليست .69مختصة بالنظر في هذه الجريمة الجديدة، وأن أحكامها تعد بالتالي باطلة

ام اعتمد بالنسبة للجريمة تجدر اإلشارة في خضم هذه المحاكمة أن اإلدعاء العو، وكذلك األساسيالنظام محرروضد اإلنسانية مقاربة تبتعد كثيرا عن تلك التي اعتمدها

عن الموقف الذي اعتمدته المحكمة ذاتها، وهو ما سنناقشه مفصال عند التعرض للمعالجة .القضائية لهذه الجرائم في الفصل الثاني من هذا الباب

ساسي للمحكمة العسكرية للشرق األقصى الواقعة في طوكيو كما اعتمد النظام األلقوات التحالف نفس التعريف للجرائم ضد اإلنسانية في 10المنشأة بموجب القانون رقم

م كل النقائص التي تضمنها النظام األساسي لمحكمة غر هالحقيقة أن.فقرة ج منه 5المادة لهذه الجرائم، وكان له تأثير على رااأنه يبقى أول نص قانوني وضع إط نورمبرغ، إال

.األعمال التي تلته

اإلتفاقياتو محاوالت تقنين الجرائم ضد اإلنسانية بين المشاريع :الفرع الثانيحظي مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية باهتمام من قبل لجنة القانون الدولي التي

أمن و بدء أشغالها المتعلقة بإعداد مدونة خاصة بالجرائم ضد سلم ذحاولت تكريسه منالتي لم تتمخض عن اعتماد اتفاقية خاصة بها لتبرز في إطار اتفاقيات و -)1(اإلنسانية

ا المفهوم باعتماد مبادرة التفاقية ذحاول الفقه إضافة لبنة لهو ،-)2(كرست بعض صورها ال لجنة القانون الدولي من أجل اعتماد اتفاقية لتبرز من جديد في أشغ -)3(خاصة بها

.-)4(شاملة الجرائم ضد اإلنسانية في مشروع لجنة القانون الدولي الخاص بمدونة الجرائم ضد. 1

أمن اإلنسانيةو سلم

.GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité …, op. cit., p.133: انظر 69

Page 39: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

33

إال أن ، 70عصبة األمم محاولة لتقنين القانون الدولي الجنائي تمرحلةعرفبوادر الحرب العالمية الثانية حالت دون و األساسيةاإلختالفات الجوهرية حول المفاهيم

.تحقيق ذلكبعد نهاية الحرب والفظائع التي نتجت عنها، وعلى إثر محاكمات نورمبرغ التي عرفت انتقادات بالنظر للنقائص التي طبعت النظام األساسي للمحكمة، شعرت الدول

ولقد شكلت لجنة . انيةبضرورة وضع تقنين خاص بالجرائم الماسة بسلم وأمن اإلنساإلطار المناسب لذلك، حيث تم تكليفها من قبل الجمعية العامة بمهمة 71القانون الدولي

إعداد مشروع هذه المدونة بصياغة مبادئ القانون الدولي المعترف بها حسب نظام لقد أعدت اللجنة نصا يتضمن مبادئ القانون الدولي المعترف بها و ،72نورمبرغ األساسي

كرس و ،1950في أحكام المحكمة قدمته للجمعية العامة عام و ي ميثاق محكمة نورمبرغفج من نظام / 6المبدأ السابع مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية كما كان معتمدا في المادة

. نورمبرغ األساسي

إلى وضع مشروع أولي 1949كما أنها توصلت في دورتها األولى المنعقدة عام مواد أدرجت فيه بعض الجرائم الخطيرة ذات الصبغة السياسية والتي يتكون من خمس

دم للدول من أجل إبداء مالحظاتها، وعلى ، ق73يمكن أن تشكل تهديدا لسلم وأمن اإلنسانية

= : انظر 70=MAHIOU, Ahmed, « Les processus de codification du droit international pénal », in

ASCENCIO, (Hervé), DECAUX,( Emmanuel), PELLET, (Alain)(Sous Dir), Droit international pénal…, op. cit., p. 39.

نوفمبر 21في A/RES/174(II)تم إنشاء هذا الجهاز بموجب القرار الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 71ام اللجنة تتمثل في تدوين وتطوير القانون ، ولقد حددت المادة األولى من نظامها األساسي المرفق بالقرار أن مه1947 .الدولي

دراسة في النظرية العامة للجريمة الدولية، دار الجامعة .محمد عبد المنعم عبد الغني، القانون الدولي الجنائي: انظر 72 .48، ص 2008الجديدة،

اهيمها، بحث منشور في سمعان بطرس فرج اهللا، الجرائم ضد اإلنسانية، إبادة الجنس وجرائم الحرب وتطور مف .440ص ،2000دراسات في القانون الدولي اإلنساني، إعداد نخبة من المتخصصين والخبراء، دار المستقبل العربي،

GRAVEN, (Jean), Les crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 523. ئي الدولي مثل القرصنة والمتاجرة في لقد استبعد هذا النص بعض الجرائم التي كانت معروفة في القانون الجنا73

.المخدرات

Page 40: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

34

إثر ذلك تم إدخال بعض التعديالت عليه من قبل اللجنة ذاتها وتم اعتماد أول مشروع .1954للمدونة عام أن المادة األولى من المدونة اعتمدت تعريفا للجرائم ضد سلم وأمن يالحظ

:اإلنسانية معتبرة إياها جرائم دولية فنصت على ما يليتشكل الجرائم ضد سلم وأمن اإلنسانية المعرفة في هذه المدونة جرائم قانون دولي، «

.»وستتم معاقبة األفراد المسؤولين عنهابرا في تكييف هذه األفعال التي طالما حدث جدل حول هذا النص تطورا معت لمثي

اعتبارها جرائم دولية، ولعل تشكيلة اللجنة هي التي أعطت مثل هذا الدفع باعتبار أعضائها ليسوا ممثلين لدولهم، بل هم خبراء، ويمكن كذلك اعتبار أن هذا التعريف يعبر

ا يصدر عن اللجنة من أعمال من عن موقف الفقه أثناء تلك الفترة حيث أنه قبل اعتماد محتى قبل اعتمادها من األهميةقبل الدول في الجمعية العامة، تبقى أعمالها على قدر كبير

لك أنه غالبا ما يتم اعتبار المشاريع التي تعدها لجنة القانون الدولي بكونها ذفي اتفاقية .تمنح اإلثبات عن وضعية القانون الدولي العرفي

المشاريع بأهمية ألنها تكون محل استدالل من قبل الجهات هذه كما تحظى، على 74القضائية الدولية السيما محكمة العدل الدولية التي ترجع إليها في مناسبات عديدة

الرغم من انقسام آراء أعضاء اللجنة حول طبيعة المشاريع التي تعدها، فهناك من يعتبر ال مجال ألية قيمة له و طار القانون اإلتفاقيأن نجاح أي مشروع ال يمكن تقديره إال في إ

لك، في حين يرى البعض أن أعمال اللجنة تعبر عن وضعية العرف الدولي، كما ذخارج

.MAHIOU, Ahmed, « Les processus de codification …», op. cit., p. 48: انظر في هذا الصدد

ي أصبح ذفعلى سبيل المثال، حظي مشروع اللجنة المتعلق بمسؤولية الدولة عن األفعال غير المشروعة دوليا وال 74باهتمام، حيث أشار قرار محكمة العدل الدولية 2001الدولي المتعلقة بالمسؤولية في مواد لجنة القانون

NagymarosGabcikovo- إلى سبع مواد على األقل من مشروع مسؤولية الدولة التي 1997سبتمبر 25الصادر في .حتى قبل اعتمادها بصفة نهائية 1996كانت معروضة على المراجعة األولية عام

PELLET, (Alain), « Les articles de la C.D.I. sur la responsabilité des Etats pour fait:انظرinternationalement internationalement illicite suite – et fin ? », in A.F.D.I., 2000, p. 1 et 2.

Page 41: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

35

ا تعلق األمر بمواد نهائية تم تعديلها على ضوء رد فعل الدولذأن قيمتها تكون أكبر إ .75لك بالئحة الجمعية العامةذتكون مرفقة باإلضافة لو الفقهو

تعريفا للجرائم ضد اإلنسانية دون أن تسميها 11فقرة 2لقد تضمنت المادة صراحة، عن طريق سرد مجموعة من األفعال التي تعتبر جرائم ضد سلم وأمن اإلنسانية

:كالتالياألفعال الالإنسانية، مثل اإلغتيال، اإلبادة، االسترقاق، اإلبعاد أو اإلضطهادات ) 11«

من السكان المدنيين ألسباب اجتماعية، سياسية، عرقية، دينية أو المرتكبة ضد عناصر .76»أو بموافقتها سلطتهاثقافية، من قبل سلطات دولة ما أو من قبل أفراد يعملون تحت

6أول مالحظة يمكن إبداؤها على هذا النص مقارنة بالتعريف الوارد في المادة نه جاء بتعريف مختلف عنه خالل هي أ، فقرة ج من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ

ظرف زمني قصير أي بعد تسع سنوات فقط على إنشاء هذه المحكمة، وإن كان االختالف .طفيفا كما سنوضحه

من المشروع أورد تعريفا أوسع من ذلك الذي 11فقرة 2يالحظ أن نص المادة اللجنة مقارنة مع ، ويجد هذا األمر تفسيرا في المهمة التي كلفت بها 6جاء في المادة

المحكمة العسكرية لنورمبرغ التي تمثل اختصاصها في محاكمة أشخاص في ظرف زمني ومكاني محددين، وما يدعم هذا هو أن نص المشروع أورد األفعال الالإنسانية على سبيل

:هو ما يظهر من الصياغة التالية و المثال .» .....األفعال الالإنسانية، مثل ) 11 «

مالحظة على هذا النص هو أنه لم يتضمن الشرط الذي كان واردا في المادة ثاني فقرة ج والمتمثل في ارتباط هذه الجرائم بفترة الحرب، والذي شكل تضييقا للمفهوم، 6

.، وهو أمر ال يمكننا إال الثناء عليه2حيث غابت مثل هذه اإلشارة تماما في نص المادة ما فتئ أن تباطأ عند عرض المشروع على الجمعية غير أن هذا التطور اإليجابي

العامة، حيث اعتبرت الدول أنه يثير مسائل هامة مرتبطة بتعريف العدوان، وتقرر تعليقه

.PELLET, (Alain), « Les articles de la C.D.I. … », Ibid., p. 2:انظر 75كامال في مشروع مدونة الجرائم ضد سلم وأمن اإلنسانية المعتمد من قبل لجنة القانون الدولي في 2انظر نص المادة 76

.1954دورتها السادسة عام

Page 42: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

36

وتوقفت اللجنة عن البحث فيه إلى حين وضع تعريف متفق عليه للعدوان، ، على إثر ذلكورغم اعتماد الالئحة رقم . انونيةمما يوحي بتغلب التوجهات السياسية على االعتبارات الق

3314(XXIX) حول 1974ديسمبر 14من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريختعريف العدوان، إال أن لجنة القانون الدولي لم تستأنف أشغالها حول هذا المشروع إال عام

ى غاية ، حيث تم تقديم عدة تقارير سنوية جاءت فيها جملة من اإلقتراحات إل1983 .سنة اعتماد المشروع بصيغته النهائية 1996

مادة أدرجت قائمة من الجرائم التي اعتبرت 26ويتضمن هذا المشروع الجديد ، نشير إلى أنه بعد عرضه على الدول فصيلمحتواهوقبل الت.ماسة بسلم وأمن اإلنسانية

اعتبر األول أنه :جاهينإلبداء مالحظاتها، انقسمت اآلراء حول قائمة الجرائم المدرجة اتينبغي حذف عدة طوائف من القائمة التي تضمنها المشروع باعتبارها جاءت في سياق

أما االتجاه الثاني فذهب على العكس من ذلك إلى ضرورة توسيع القائمة ، غير مناسبعلى عمل اللجنة التي قررت رؤى المختلفةولقد انعكست هذه ال. 77إلدراج جرائم أخرى

.ائمة الجرائم في مشروعهاتقليص قمن تكريس 1954عام ما يثير االنتباه أنه على عكس ما ورد في مشروع و م

المتمم بمالحظات الدول 1996 المعتمد عام مشروعالمحتشم للجرائم ضد اإلنسانية، فإن ".الجرائم ضد اإلنسانية"عرف تكريسا صريحا لها في المادة التي جاءت تحت عنوان

ذلك، نجد أن مفهوم الجريمة عرف كذلك تطورا مقارنة بالمشروع إضافة إلى القديم، خاصة بالنظر للفترة الزمنية التي تفصلهما، وتوالي األحداث التي كان لها تأثير مباشر على الصياغة الجديدة، أهمها إنشاء المحكمتين الجنائيتين المؤقتتين ليوغسالفيا

استلهم في نواحي عديدة من التعريف الذي اعتمده رواندا، حيث أن المشروع و السابقة .النظامان األساسيان لهاتين المحكمتين

منه والتي عرفت 18للوقوف على هذا التطور، البد من الرجوع إلى المادة تضمن هذا و الجرائم ضد اإلنسانية عبر تعداد أحد عشرة فعال من األفعال المشكلة لها،

مع وكذلك في النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ 1954مشروع التعداد إعادة لما جاء في

.MAHIOU, Ahmed, « Les processus de codification …», op. cit., p. 50: لتفاصيل أكثر انظر 77

Page 43: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

37

ب من مشروع مدونة و فقرتان أ 18المادة (مثل القتل العمد واإلبادة بعض اإلختالف ، ونجد باإلضافة إلى ذلك أفعاال جديدة أصبحت تعد ضمن هذه الجرائم )1996اللجنة لـ

وغيرها من ) فقرة ح 18المادة (، الحبس التعسفي )فقرة ج 18المادة (مثل التعذيب ه أول صياغة ذتعد هو األفعال التي تأثر بها المشروع من نظام المحكمتين المؤقتتين،ا المجال مع ما ورد في ذاستبدل فيها اإلغتيال بالقتل العمد مما يبرز اإلختالف في ه

.صياغة نورمبرغالتي جاءت بصياغة 18ام هو ما ورد في الفقرة ك من المادة هلعل التطور ال

أفعال الإنسانية أخرى، والتي تلحق أذى خطيرا بالسالمة الجسدية أو العقلية، أو بالصحة "والتي جاء 18هو ما يجعل العبارة المستعملة في بداية المادة ، و "أو الكرامة اإلنسانية

بر على التعداد الحصري لألفعال كما قد يبدو ألول ال يع »أحد األفعال التالية...«:فيها .وهلة

هو نتيجة لمجهودات معتبرة امتدت على فترة 78 1996روعما يمكن قوله أن مشقاربت نصف القرن، وهي فترة شهدت عدة تحوالت عل صعيد العالقات الدولية التي

إلى األحداث التي عرفت زوال المعسكر الشرقي واألحادية القطبية السياسية، باإلضافةعاشها العراق مطلع تسعينيات القرن الماضي وكذلك األفعال الخطيرة التي شكلت انتهاكات لحقوق اإلنسان في أجزاء من أوروبا وإفريقيا والتي جعلت مجلس األمن يتحرك

.بإعمال آليات جديدة لم يسبق وأن عرفتها مختلف األزمات السابقةتماد مشروع مدونة الجرائم ضد سلم وأمن اإلنسانية عن تعبر الفترة الطويلة الع

الصعوبة التي واجهها تقنين الجرائم ضد اإلنسانية بصفة خاصة والقانون الدولي الجنائي ، تعد 79بصفة عامة، والتي تتميز بوجود معطيات ورهانات تحكمها وتؤثر في مسارها

دون المضي قدما نحو اعتماد سيادة الدول أهمها والتي حالت في العديد من المراحلمفاهيم اعتبرتها الدول تنتقص من سيادتها وتمس بها، ويعد تعريف الجرائم ضد اإلنسانية

فقرة ج من 6أفضل نموذج على هذه العوائق، إذ أن المفهوم األولي الذي أوردته المادة

روع على أهميته لم يرق ألن تعتمده الدول في اتفاقية ويشكل نصا متكامال للجرائم الدولية، غير أن الجرائم وتجدر اإلشارة إلى أن هذا المش78

.ضد اإلنسانية عرفت محاوالت للتكريس عبر اتفاقيات متفرقة ومتباعدة زمنيا سنتطرق إليها الحقا ,.p. 50.MAHIOU, Ahmed, « Les processus de codification …», op. cit: انظر 79

Page 44: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

38

ه مرهونا النظام األساسي لنورمبرغ بقي محصورا لفترة زمنية طويلة جعلت من تطبيق .بتوافر شروط فصلنا فيها سابقا، كان أهمها ارتباطها بفترة الحرب

يمكن في هذا الصدد التنويه بالدور الكبير الذي لعبه الفقه عبر لجنة القانون الدولي، حيث أنه انطلق من تعريف محتشم لهذه الجرائم جعل منها ذات مدى محدود، إلى تعريف

.1996لمستجدات تم تكريسه في مشروع آخر أكثر حداثة وتفاعال مع ارغم هذه التطورات واإليجابيات، بقي المشروع بهذه الصفة إلى غاية يومنا هذا لكونه لم يعتمد كاتفاقية دولية تصبح ملزمة بعد استنفاذ مختلف اإلجراءات التي يتطلبها

ات المتخصصة ، إال أن اعتماد بعض االتفاقي80القانون الدولي اإلتفاقي في هذا المجال .أسهم في التقليل من هذه الثغرة وهو ما سنبينه اآلن

في ظل غياب : االتفاقيات الدولية المكرسة لبعض صور الجرائم ضد اإلنسانية . 2 اتفاقية شاملة

إذا كانت الجرائم الدولية تشكل النواة األساسية للقانون الدولي الجنائي في تقسيمها لجماعية، جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية، فإن الجهود جريمة اإلبادة ا: الثالثي

تظافرت من أجل وضع تعريف يضبطها من حيث العناصر المكونة لها، وتوجت على األخص بوضع تعريف لجريمة اإلبادة الجماعية ضمن اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية

اتفاقية هامة تم اعتمادها مباشرة وهي أول 1948ديسمبر 9والمعاقبة عليها المعتمدة في .بعد الحرب العالمية الثانية

كما أن اآلراء اتجهت نحو تعريف جرائم الحرب باعتبارها تلك االنتهاكات أوت 12الخطيرة لقوانين وأعراف الحرب، والتي ترجمتها اتفاقيات جنيف األربع لـ

تنجح جهود الدول في ، وبقيت الجرائم ضد اإلنسانية في وضع مختلف، حيث لم 1949إدماجها ضمن اتفاقية واحدة عامة تتضمن تعريفها بمختلف عناصرها، وهو ما يعبر عن حداثتها كمفهوم في القانون الدولي الجنائي وصعوبة وضع تعريف جامع لها، إذا قارناها بجريمة اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب التي عرفت تقنينا بعد نهاية الحرب العالمية

، حيث يمكن اعتبار هاتين األخيرتين تبلورتا بشكل كاف سمح للدول أن 81الثانية مباشرة

.سنبين ذلك في المشروع حول اإلتفاقية الذي تم اقتراحه خالل الدورة السادسة والستون للجنة القانون الدولي 80 .ثالث سنوات بالنسبة للجريمة األولى، وأربع سنوات بالنسبة للجريمة الثانية81

Page 45: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

39

بسبب عدم لم تأخذ نفس المسارأن الجرائم ضد اإلنسانيةنتحرز هذا التقدم بشأنهما، في حيحصول إجماع حول تكريسها كمفهوم قانوني مؤكد، وكذلك تعذر االتفاق على تعريف

.موحد لهاالعمل الذي قامت به لجنة القانون الدولي بالنسبة لمشروع المدونة، بالموازاة مع

توصلت الدول خالل فترات زمنية متباعدة نسبيا إلى اعتماد بعض االتفاقيات عرفت بعض الجرائم التي تشكل صورا للجرائم ضد اإلنسانية، لعل أهمها اتفاقية قمع جريمة الفصل

، واتفاقية مناهضة )-أ(82 1973نوفمبر 30في العنصري والمعاقبة عليها المعتمدة 1984ديسمبر 10التعذيب وجميع ضروب المعاملة الالإنسانية أو القاسية أو المهينة لـ

لعام )-ج(الجرائم ضد اإلنسانية و اتفاقية عدم تقادم جرائم الحربو ،)-ب(اإلنسانية، غير وسنتعرض إلسهام هاته االتفاقيات في تطوير معاقبة الجرائم ضد .1968

أننا سنتوقف بداية عند اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية رغم كونها تخص جريمة .مستقلة لنبدي بعض المالحظات

مما ) 1948ديسمبر 9(اعتمدت هذه االتفاقية بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة خطيرة، ولقد يعطيها السبق ويجعلها ضمن أولى النصوص التي تكرس معاقبة أفعال

:أشارت هذه االتفاقية في ديباجتها إلى اإلنسانية حيث ورد فيهاوإذ تعترف بأن اإلبادة الجماعية قد ألحقت، في جميع عصور التاريخ، خسائر جسيمة «

باإلنسانية، وإيمانا منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه اآلفة البغيضة يتطلب التعاون .»الدولي

LEMKINريمة التي جاءت تسميتها بهذه الكيفية في كتابات الفقيه لقد لقيت هذه الجتكريسا منذ محاكمات نورمبرغ ولو بطريقة محتشمة باعتبار أن القضاة أدرجوها ضمن

وعلى رغم الجدل الثائر حول اعتبار جريمة اإلبادة الجماعية 83الجرائم ضد اإلنسانية

: انظر 82

DELMAS- MARTY, M, FOUCHARD, I, FRONZA, E NEYRET, L, Le crime contre l, humanite, op.cit, p 16.

,SCHABAS, (William. A), « Le génocide», in ASCENCIO, DECAUX, PELLET: انظر 83Droit international…, op. cit., p. 319.

Page 46: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

40

االتجاه الفقهي والقضائي السائد يعتبرها ، إال أن 84صورة من صور الجرائم ضد اإلنسانية، حيث يبدو من تعريفها أن العبرة بكون جميع األفعال 85جريمة مستقلة وقائمة بذاتها

تستهدف الجماعة بصفتها المذكورة وهو ما يميزها عن الجرائم ضد اإلنسانية، وإن كانت . ها في بعض األفعالعتشترك م

:المعاقبة عليهاو العنصرياتفاقية منع جريمة الفصل ) أ، أكثر تحديدا إذ اعتبرت المادة 86لقد كانت اتفاقية منع جريمة الفصل العنصري

.»الفصل العنصري يعتبر جريمة ضد اإلنسانية«:األولى منها أن لقد اعتمدت هذه االتفاقية كرد فعل للمنظمة األممية على السياسة العنصرية، التي

ا في الماضي ضد األفارقة السود، كما أن الجمعية العامة مارستها حكومة جنوب إفريقي

قد تأكد يعتبر بعض الفقه أن اإلبادة الجماعية تعد صورة من صور الجرائم ضد اإلنسانية بل تعد أبشع صورة لها، ول 84

.الحقالها ودعجه في اجتهادات قضائية معزولة سنهذا التو .ZAKR, N, « Approche analytique du crime contre l’humanité …», op. cit., p. 302: انظر 85إن ما يميز هذه اإلتفاقية مقارنة مع اإلتفاقيات األخرى التي تضمنت معاقبة جرائم دولية هو أنها اعتمدت في سياق 86

، فهي بهذا تعد اتفاقية 1990خاص تمثل في وجود نظام سياسي يقوم على سياسة التمييز العنصري، والذي زال منذ . ad-hocمؤقتةأو خاصة

.DUGARD, John, « L’apartheid», in Droit international pénal …, op. cit., p. 349 : انظر

غير أننا نعتقد أن سياسة التمييز العنصري ما زالت موجودة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ممارسات من هذا تم التوصل إليه في التقرير الذي تم ، وهو ما القبيل على يد اإلحتالل اإلسرائيلي يندرج ال محالة تحت هذا الوصف

تحت تسمية مجلس حقوق 2006مارس 15الصادرة عن الجمعية العامة بتاريخ 60 / 251ة رقم لالئحإعداده وفقا اإلنسان، السيما فيما يتعلق بتقييد حرية الفلسطينيين في التنقل بين الجدار العازل والخط األخضر في حين ال يتعرض

.فس التقييداإلسرائيليون لن Rapport du 29 janvier 2007 sur la situation des droits de l’homme dans: انظرلمزيد من التفاصيل

les territoires palestiniens occupés, 2e partie : Cisjordanie, Jérusalem, l’occupation, la colonisation et l’apartheid en Palestine, par John DUGARD, http://www.ism-

france.org/analyses/Rapport-du-29-janvier-2007-sur-la-situation-des-droits-de-l-Homme-dans-les-Territoires-Palestiniens-Occupes-2eme-partie-Cisjordanie-Jerusalem-l-Occupation-

la-colonisation-et-l-Apartheid-en-Palestine-article-6335, par 37 et 50 .

، الجمعية 1967تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق اإلنسان في األراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام : وكذلك .7، فقرة 2011جانفي A /HRC / 16/72 ،10العامة

Page 47: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

41

56و 55وإلى غاية زواله معتبرة أنه مخالفا للمادتين 1952نددت بالتمييز العنصري منذ .1960من ميثاق األمم المتحدة، كما ندد به مجلس األمن منذ

ة الفصل اشتملت على أحكام تسمح بمتابعة ممثلي حكومة جنوب إفريقيا بجريم كماالعنصري أمام الجهات القضائية للدول األطراف، ويشار إلى أنها ال تشمل فقط سياسة الفصل العنصري التي طبقتها حكومة جنوب إفريقيا، بل تنطبق أينما وجدت سياسات

. مماثلة مطبقة في أية دولةمثل إذا كانت اتفاقيات حقوق اإلنسان التي تشكل الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان

منه، 2و 1فقرتين 26العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة ، الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان 14واالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان في المادة

منه قد منعت 2، والميثاق العربي لحقوق اإلنسان في المادة 2والشعوب في المادة األفعال التي تشكل تمييزا عنصريا، إال أنها لم تتضمن تجريما لها في القانون الدولي، بل

.عملت على منعها، على عكس االتفاقية ضد الفصل العنصري التي تضمنت هذا الجانبمن هذه االتفاقية أن نالحظ التشابه 2يمكن من خالل التعريف الذي ورد في المادة

فعال التي عددتها، وتلك التي كانت موجودة في اتفاقية منع اإلبادة الجماعية، بين األباإلضافة إلى أفعال تشكل ترجمة لسياسات وأعمال الفصل العنصري التي كانت مطبقة

.في جنوب إفريقيا :اتفاقية مناهضة التعذيب)ب

مهمة في ة لقد تواصلت الجهود في توطيد الجرائم ضد اإلنسانية باعتماد اتفاقيلتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو هي اتفاقية مناهضة ا 1984

الالإنسانية أو المهينة والتي شكلت خطوة معتبرة في مسار معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية، والتي هي نتيجة جهود بذلتها الدول لتصل إلى صك عالمي يعمل على المعاقبة الجنائية

.اسية يستنكرها الضمير العالميألفعال قمن المفيد التذكير بأولى الجهود على الصعيد الدولي والتي برزت بعد الحرب العالمية الثانية في إطار ميثاق المحكمة العسكرية لنورمبرغ لمعاقبة أفعال التعذيب، والتي

:فقرة ج ضمنيا عندما نصت 6شملتها المادة

Page 48: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

42

.»لمرتكبة ضد السكان المدنيين أيا كانوااألفعال الالإنسانية األخرى ا« 20لمعتمد في ا10رقم بةاقرمجلس القانون مما يؤكد هذا الطرح ما ورد في

والذي قام بتعداد األفعال الالإنسانية األخرى المشكلة للجرائم ضد اإلنسانية 1945ديسمبر .87مشيرا إلى التعذيب من بينها

التعذيب عبر محاوالت تعريف لهذه الجريمة، لقد استمرت الجهود في مسار منع أفضل نص 1975ديسمبر 9ويعد اإلعالن ضد التعذيب الذي اعتمدته الجمعية العامة في

:، إذا جاء في المادة األولى منه ما يلي88توصل إلى تعريف شاملألغراض هذا اإلعالن، يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عناء شديد، جسديا «

.»أو عقليا، يلحق عمدا بشخص ما كانغير أن انتشار التعذيب بوسائل متعددة وعلى عدة أصعدة بين أن اإلعالن باعتباره نصا غير ملزم ال يحوز القوة الالزمة لردع ممارسة التعذيب، وباتوجود اتفاقية دولية

متنها من ضرورة ال جدال فيها، تم اعتمادها في إطار الجمعية العامة، ولقد استقت في وهو ما أوردته ديباجتها التي أولت االعتبار له كما ، المبادئ التي جاء بها هذا اإلعالن

:يليومراعاة منها أيضا إلعالن حماية جميع األشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من «

ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة، الذي اعتمدته الجمعية العامة .»1975ديسمبر / كانون األول 9في

لقد أوردت المادة األولى منها تعريف التعذيب بصفة شاملة سنورده كامال الحقا، التعذيب هو : يتبين منه أنه جاء ليوسع من المفهوم حيث يشتمل على خمسة عناصر هي

مباشرة أو غير مباشرة، ف عمومي بصفةعذاب شديد مادي أو معنوي، يرتكبه موظ

نشير إلى أن التعذيب باإلضافة إلى كونه يشكل صورة من صور الجرائم ضد اإلنسانية تم تجريمه كذلك ضمن 87

فقرة ب من نظام محكمة نورمبرغ التي أشارت إلى المعاملة السيئة كفعل 6جرائم الحرب حسب ما ورد في المادة . مكون لهذه الجرائم

,« YAHIA- BACHA, Mouloud, « La convention des Nations Unies contre la torture: انظر 88R.A.S.J.E.P., 1986, n° 3 et 4, Vol XXIV, p. 530.

DELAPLACE, Edouard, « La torture», in Droit international pénal … », op. cit., p. 372.

Page 49: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

43

، وال يشمل األلم الذي ينتج عن تطبيق ...)الحصول على معلومات، تخويف(هدف معين ب .89العقوبات القانونية

ما يدعم توسيع تعريف التعذيب هو ما ورد في الفقرة الثانية من نفس المادة والتي أشارت إلى التعريفات التي تكون واردة في نصوص أخرى دولية أو داخلية سابقة على

:حيث نصت على ما يلي 90مناهضة التعذيباتفاقية هذه المادة بأي صك دولي أو تشريع وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن ال تخل -2 «

.»أحكاما ذات تطبيق أشملال تكيف التعذيب بكونه يشكل انتهاكا جسيما لحقوق 1984إذا كانت اتفاقية

نصت والتي 1975من إعالن 2دة اإلنسان، إال أنه يالحظ أن هذا التكييف وارد في الما :أنهيعتبر أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو «

الالإنسانية أو المهينة امتهانا للكرامة اإلنسانية يدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق األمم عليها في اإلعالن العالمي الحريات األساسية المنصوصو انتهاكا لحقوق اإلنسانو المتحدة

.»لحقوق اإلنسانأن االتفاقية أخذت بهذا اإلعالن في ديباجتها، فيفهم من ةراشإلاو باعتبار أنه سبقت

ذلك أنها أخذت كذلك بهذا التكييف، مما يجعل التعذيب بهذا يعتبر جريمة دولية بالمفهوم ويترتب عن اعتبار التعذيب مخالفة لحقوق اإلنسان . المعتمد في القانون الدولي الجنائي

اتق الدول األطراف، من بينها اتخاذ إجراءات حسب ما ورد في االتفاقية التزامات على ع :في فقرتها األولى 4داخلية تسعى من خاللها إلى تجريم هذه األفعال حيث نصت المادة

تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها . 1 «لتعذيب وعلى الجنائي، وينطبق األمر ذاته على قيام أي شخص بأية محاولة لممارسة ا

.»قيامه بأي عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيبتعد هذه االتفاقية من أهم الصكوك الدولية التي أسهمت في تكريس الجرائم ضد اإلنسانية، حتى وإن كانت تعتبر ارتكاب التعذيب تحت أية صورة كانت يشكل جريمة

.DELAPLACE, E, « Torture », …, Ibid., p. 372: انظر 89 .YAHIA- BACHA, M, « La convention des Nations Unies …», Ibid., p. 530: انظر 90

Page 50: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

44

التي قد تشكل جرائم ضد اإلنسانية بذاتها، غير أن إدراج هذا الفعل من ضمن األفعال .يجعل منه يدخل ضمن مشتمالتها

:الجرائم ضد اإلنسانيةو اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب )جلقي مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية اهتماما بموجب اتفاقية عالمية خاصة بعدم تقادم

على المستوى و ،1968نوفمبر 26الجرائم ضد اإلنسانية المعتمدة في و جرائم الحربهي اتفاقية ستراسبورغ حول عدم تقادم الجرائم ضد و اإلقليمي باعتماد اتفاقية أوروبية

لكن يالحظ أن كليهما لم تتضمن . 1974جانفي 25جرائم الحرب المعتمدة في و اإلنسانية .تعريفا للجرائم ضد اإلنسانية

الخاصة بعدم تقادم جرائم لكن ال يمكن التغاضي عن أهمية اتفاقية األمم المتحدة وهو ما يصدق كذلك على االتفاقية األوروبية المشار إليها (الحرب والجرائم ضد اإلنسانية

باعتبارها تهدف إلى إقرار مبدأ عدم التقادم بالنسبة للجرائم الدولية األكثر خطورة، ) أعالهمما ) جرائم الحربوكذلك (وهو ما يؤدي إلى وجود معاقبة فعلية للجرائم ضد اإلنسانية

.91يشكل وقاية من تكرارها، ويشجع السلم واألمن الدوليينيمكن بعد تصفح سريع لالتفاقيات الثالث أن نالحظ تزايد جهود الدول من أجل تطوير تعريف صور الجرائم ضد اإلنسانية باعتماد اتفاقيات تشتمل حصريا على إحدى

د تعريف شامل يأخذ بعين االعتبار التطورات الصور المشكلة لها، وكذلك بمحاولة اعتماالتي حصلت في هذا المجال والتي تعود في الغالب للممارسات العملية ولالنتهاكات الفعلية التي تتم بالمخالفة لحقوق اإلنسان، والتي جعلت الدول تقرر ردة أفعال إيجابية توجت

. يستهان بهلعب الفقه دورا الو بصكوك ملزمة إلى جانب اإلعالنات، :الدور الرائد للفقه: المبادرة من أجل اتفاقية حول الجرائم ضد اإلنسانية. 3

تمخضت ذلم يفتر اهتمام الفقه حول توضيح مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، إالمحاوالت المتعددة عن بروز مبادرة الجرائم ضد اإلنسانية التي تقدمت بها نادية ليلى

التي أدت إلى و ،2008جامعة واشنطن عام بفي كلية الحقوق ة القانون ذسادات أستا

: انظر في هذا الصدد 91

PONCELA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité», in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain) (Dir), Droit international …, op. cit., p. 887 et s.

Page 51: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

45

هم باإلضافة إلى رئيسة اللجنة و ة القانون الدوليذتشكيل لجنة للبحث تتكون من كبار أستاخوان منديز، وليام شاباس، ريشارد غولدستون، هانس كورل، األساتذة شريف بسيوني، .كريستين فان دان وينغارتنتج عنها اعتماد مقترح اتفاقية و خبراء،و دعما من عدة باحثينلقد لقيت المبادرة

متوفرة حاليا 2010المعاقبة عليها في أغسطس و دولية بشأن منع الجرائم ضد اإلنسانية بخمس لغات هي باإلضافة إلى اإلنجليزية، الفرنسية، العربية، األلمانية، الروسية

.يجري حاليا ترجمتها إلى الصينيةو اإلسبانية،ومنها 392ما يشد اإلنتباه هو أن المادة و مرفقين،و مادة 27ه اإلتفاقية ذتتضمن ه

أحكام اشتملت علىو من نظام روما األساسي 7اعتمدت كلية التعريف الوارد في المادة واإلختصاص 4المسؤولية الجنائية الفردية في المادة و 7مفصلة بالنسبة للتقادم في المادة

.ال شك أنها ستكون دعما لن تتغاضى عنه لجنة القانون الدوليو ،9العالمي في المادة كما أسهمت لجنة القانون الدولي مؤخرا في البحث عن اعتماد مفهوم اتفاقي شامل

.للجرائم ضد اإلنسانية :مشروع اتفاقية حول الجرائم ضد اإلنسانية أمام لجنة القانون الدولي. 4

الستين للجنة القانون الدولي التي انعقدت و الخامسةبرز اإلهتمام في إطار الدورة حول مفهوم الجرائم ضد 2013أوت 9جويلية إلى 8من و جوان 7ماي إلى 6من

مورفي إدراجه ضمن أشغال اللجنة على المدى ب.اإلنسانية، حيث اقترح السيد شوني يعتمد ثالث ذئي الأن القانون الدولي الجنا 93لقد جاء في الوثيقة التي اقترحهاو .الطويل

: الجرائم ضد اإلنسانية يعرف فراغا حيث أنهو جرائم هي جرائم الحرب، اإلبادة الجماعيةفي حين أن جميع الجرائم الثالث خضعت الختصاص المحاكم الجنائية الدولية الرئيسية «

الدول المنشأة حتى اآلن، فإن جريمتين منها فقط تناولتهما معاهدة عالمية تقضي بأن تمنعلك ال توجد ذمع و ...ه الغايةذتتعاون فيما بينها لتحقيق هو تعاقب عليه،و ا السلوكذه

http :// crimesagainsthumanity.wustl.edu: يمكن اإلطالع على مقترح اإلتفاقية على الموقع 92تقرير لجنة القانون الدولي، الدورة الخامسة : ، المرفق باء الوارد في)ب مورفي.شون(الجرائم ضد اإلنسانية السيد 93

والستون، الثامنةمة، الوثائق الرسمية، الدورة، الجمعية العا2013أغسطس 9يوليه 8يونيه و 7مايو 6والستون، )A/68/10( 10الملحق رقم

Page 52: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

46

ه ذمعاهدة مماثلة فيما يتعلق بالجرائم ضد اإلنسانية، على الرغم من أن ارتكاب مثل هاألزمات في جميع أنحاء و الجرائم ال يزال ظاهرة مروعة في العديد من النزاعات

.94»العالمأشار الخبير إلى التطور الحاصل بالنسبة لمفهوم الجرائم ضد اإلنسانية بدءا لقد

اقترح أن تستند اإلتفاقية التي سيتم و بنورمبرغ إلى غاية نص نظام روما األساسي،مما ينبئ عن األهمية التي 95من اتفاقية روما 7ا الشأن على نص المادة ذاعتمادها في ه

.يكتسيهاراح لقي قبوال، فسيكون ضمن أشغال اللجنة على المدى ا اإلقتذباعتبار أن ه

. سيستفيد من كل التطورات المكرسة لمفهوم الجرائم ضد اإلنسانيةو الطويل،

الجرائم ضد اإلنسانية في القانون الدولي الجنائي اإلسالمي :الفرع الثالثاألقل على تطرح حاليا مسألة مدى إمكانية الحديث عن نظام قانوني إسالمي على

، 96المستوى اإلقليمي بالنظر للهيمنة التي يعرفها القانون الدولي العام بمفهومه الغربيمن جهة أخرى بسبب تجاهله و بالنظر لعدم تطوره منذ فترة زمنية طويلة هذا من جهة،

.97من قبل القانون الدولي الغربي

تقرير لجنة القانون الدولي، : ، المرفق باء الوارد في)ب مورفي.شون(الجرائم ضد اإلنسانية، السيد : انظر 94 .21، ص 1، فقرة نفسه سابقمرجعالال

تقرير لجنة القانون الدولي، : ، المرفق باء الوارد في)ب مورفي.شون(الجرائم ضد اإلنسانية، السيد : انظر 95 . 24، ص 9و 8، فقرة نفسه ابقمرجعالسال

:انظر للتفصيل حول مدى قابلية تأقلم النظام اإلسالمي مع النظام الدولي 96BEDJAOUI, (Mohammed), L’humanité en quête de paix et de développement, op. cit., 434.

.ارة على سبيل المثال لكتابات كل من اإلمام زيد بن علي والفقيه السرخسي واإلمام الشاطبييمكن اإلش 97 ,Ibid., p. 435.BEDJAOUI, (Mohammed): انظر

Page 53: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

47

ام قانوني يعكس عوض أن تتجه دول العالم اإلسالمي بعد استقاللها إلى بناء نظالتبعية و خصوصيتها، انصهرت في غالبيتها ضمن النظام العالمي مما جعلها تكتفي بالتقليد

.98اإلبتكارو عوض اإلجتهادلقد حاول بعض الفقهاء تطوير مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية على ضوء القانون

في القانون الدولي،الدولي الجنائي اإلسالمي معتبرا أنه ال يتعارض مع المفهوم المكرس إبادة المدنيين إال أفضل دليل، حيث جرمها القانون الدولي الجنائي و ما أفعال القتلو

لعل خصوصية القانون و ،99اإلسالمي حتى قبل أن يتم ذلك في محاكمات نورمبرغ التي تعد أفضل ضمانة للتجريمو اإلسالمي تتمثل في القوة المعنوية التي يحوزها

. المعاقبةوقدم األستاذ مالكيان نظرية متكاملة للجرائم ضد اإلنسانية على ضوء قواعد القانون ي

ما هو و الدولي الجنائي اإلسالمي، فيبدأ بالتأكيد على عنصر علم الفاعل بأن سلوكه خاطئوإذا كان الهجوم ينبغي أن يتصف بكونه .يعرف في القانون الوضعي بعنصر العلم بالهجوم

.100طلب أن يكون واسع النطاقمنهجيا، فإنه ال يتي متطابقة مع تلك التي عددها نظام روما األساسي التيهوكما أنه يحدد قائمة األفعال

نعتقد أن على دول العالم اإلسالمي أن تعطي أهمية لمثل هذه الدراسات التي و .كما سنراهال األكاديمي تمأل الفراغ الذي يطبع المجو يمكن أن تعطي دفعا قويا لمنظومتها القانونية

.مما سيسهم في رقيها

نظام روما األساسي كمرجع لتجريم ومعاقبة الجرائم ضد : المطلب الثاني حصيلة لقانون نورمبرغ:اإلنسانية

يرى األستاذ بجاوي أن هناك فرصا لضمان تطوير نظام قانوني إسالمي دون أن يؤدي ذلك إلى تعارض مع النظام 98 .قانوني العالميال

,Ibid., p.BEDJAOUI, (Mohammed) 440 .: راجع حججه في op. cit., p. 215.MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international ,…: انظر 99

:انظر التنظير المفصل للفكرة في 100MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international,Ibid., pp. 218-222.

Page 54: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

48

تعد اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية أحدث نص تضمن تعريف الجرائم ضد اإلنسانية، والذي أخذ بكل التطورات التي سبقته في إطار تثبيت أركان

غير ، )الفرع الثاني(محكمة دائمة تتولى معاقبة مرتكبي الجرائم الدولية التي نصت عليها ر إال بالتجربة التي عرفت إنشاء محاكم دولية مؤقتة تتولى أن هذا التعريف لم يكن ليستق .وهو ما سنتعرض له )الفرع األول(معاقبة مرتكبي هذه الجرائم

ابتعاد عن : المؤقتةتطور المفهوم في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية :الفرع األول

المفهوم العرفي األوليالمحكمتين المؤقتتين المنشأتين بقرار مجلس األمن علينا في هذا الصدد التمييز بين وبين ما يعرف بالمحاكم الجنائية المدولة التي ) -1(والمتعلقتان بيوغسالفيا السابقة ورواندا

).- 2(تعرف تنوعاالجرائم ضد اإلنسانية في النظامين األساسيين للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين . 1

:المؤقتتينمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة وتلك الخاصة تم إنشاء كل من ال

1993ماي 25المؤرخ في 827على التوالي بموجب قرار مجلس األمن رقم 101بروانداوهما محكمتان تشكالن ما يعرف بالجيل 1994نوفمبر 8المؤرخ في 955والقرار رقم

ت على إثر ارتكاب بعض الجرائم األول من المحاكم بعد محاكمات نورمبرغ والتي جاءالخطيرة في قلب أوروبا بعد نهاية الحرب الباردة، والتي أبرزت ضرورة التفكير في اعتماد تعريف يشمل الجرائم الدولية بصفة عامة والجرائم ضد اإلنسانية بصفة خاصة،

ر صور جديدة لهذه الجرائم ووأصبح األمر مسألة متعلقة باألحداث التي عرفت ظه . مرتكبة في يوغسالفيا السابقة ثم في روانداال

.سنشير إليهما اختصارا بمحكمة يوغسالفيا السابقة ومحكمة رواندا 101

Page 55: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

49

من النظام األساسي 5ترتب عن ذلك تكريس الجرائم ضد اإلنسانية في المادة وعلى الرغم من .103من النظام األساسي لمحكمة رواندا 3والمادة 102لمحكمة يوغسالفيا

العديد من تشابه ظروف إنشاء هاتين المحكمتين، إال أن نظامهما األساسي مختلفان في ا إلى حد كبير في تولقد أسهم، 104النقاط ال سيما فيما يتعلق بتعريف الجرائم ضد اإلنسانية

تطوير المفهوم األولي لهذه الجرائم سواء من حيث سياق ارتكابها، من ناحية ارتباطها بالدولة وكذلك من حيث المخالفات المندرجة ضمن هذه الطائفة من الجرائم

لنتبعه ) -أ(سنوضح التعريف المعتمد في نظام محكمة يوغسالفيا األساسي و.105الدولية .)-ب(األساسي ذلك المعتمد في نظام رواندا ب :في إطار النظام األساسي للمحكمة المؤقتة ليوغسالفيا السابقة )أ

بصدد 106نشير بداية أن النظام األساسي تعرض لتعريف الجرائم ضد اإلنسانية .المادي للمحكمة المؤقتةالتعرض لالختصاص

2008إلى غاية 1993عرف هذا النظام األساسي عدة تعديالت منذ اعتماده في منه الجرائم ضد اإلنسانية 5ولقد عرفت المادة . ألخذ كل التطورات بعين االعتبار

:كالتاليكبت في للمحكمة الدولية سلطة محاكمة األشخاص المسؤولين عن الجرائم التالية إذا ارت «

:كانت موجهة ضد أي تجمع مدنيو أثناء نزاع مسلح سواء كان ذو طابع دولي أو داخلي

4المادي جرائم اإلبادة الجماعية في المادة القد كرس النظام األساسي لمحكمة يوغسالفيا السابقة ضمن اختصاصه 102

.مخالفة قوانين وأعراف الحرب 3، كما تضمنت المادة 2منه، إضافة إلى جرائم الحرب في المادة www.icty.org: انظر نص النظام األساسي المحدث كامال على الموقع التالي

4المادي جريمة اإلبادة الجماعية، والمادة اتصاصهمن النظام األساسي لمحكمة رواندا ضمن اخ 2كرست المادة 103 .المشتركة من اتفاقيات جنيف األربع والبروتوكول الثاني 3مخالفة المادة

www.unictr.org: انظر نص النظام األساسي المحدث كامال على الموقع التالي .JUROVICS, Y., Réflexions sur la spécificité …, op. cit., p. 147: انظر 104 DELMAS- MARTY, M, FOUCHARD, I, FRONZA, E, NEYRET, L, Le crime:انظر 105

contre l’humanité …, op. cit., p. 17. VAN DEN HERIK, (Larissa), « Using custom to reconceptualize crimes against humanity », in DARCY, (Shane), POWDERLY, (Joseph) (Edited by), Judicial creativity at the international criminal tribunals, OXFORD university press, 2010, p. 80.

.إلى الجرائم المرتكبة في حق اإلنسانية عوض الجرائم ضد اإلنسانية 5أشارت الصياغة العربية للمادة 106

Page 56: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

50

-التعذيب، ز - و السجن، -اإلبعاد، هـ -االسترقاق، د -اإلبادة، جـ -القتل، ب -أسائر األفعال غير -اإلضطهادات ألسباب سياسية أو عرقية أو دينية، ط -االغتصاب، ح

.»اإلنسانية ر فترة زمنية طويلة على مرحلة نورمبرغ وما اعتمده النظام األساسي رغم مرو

للمحكمة من تعريف للجرائم ضد اإلنسانية، إال أن تأثيره ظهر على نظام محكمة الواردة أعاله أن ترتبط هذه الجرائم بظرف النزاع 5يوغسالفيا، حيث اشترطت المادة

هها الفقه آنذاك لمثل هذا الشرط معتبرا أنه ، على الرغم من االنتقادات التي وج107المسلح . يؤدي إلى التضييق من نطاق تطبيق هذه الجرائم إلى أبعد الحدود

فقرة ج من النظام األساسي لمحكمة 6بالمقارنة مع التعريف الوارد في المادة عت قد توس 5نورمبرغ، نالحظ أن قائمة األفعال المشكلة للجرائم ضد اإلنسانية في المادة

فقرة ج، وندل هنا على كل من الحبس، 6بإضافة بعض منها لم تكن مذكورة في المادة التعذيب واالغتصاب وهذا راجع لالنتهاكات الواسعة التي وقعت في إقليم يوغسالفيا

.أكثر شمولية وتطورا 5وهو ما يجعل من التعريف الوارد في المادة ، السابقةلقد أثار هذا التعريف كذلك مسألة الدافع التمييزي والتي لم ترد اإلشارة إليها

ضت عن النظام األساسي قراءتان تمسكت كما هو واضح، ولقد تمخ 5المادة صراحة في األولى بضرورة توافر ركن التمييز في الجرائم ضد اإلنسانية وهذا تأثرا بنظام محكمة

.لى العكس من ذلك ترى عدم اشتراط هذا الركننورمبرغ، أما الثانية فهي ععن ذلك الذي ورد 5هذه النقطة هي التي تميز التعريف الوارد في المادة يظهر أن

.في النظام األساسي لمحكمة رواندا كما سنتعرض له الحقالعله من المفيد في هذا اإلطار اإلشارة إلى التعليقات المتعددة التي أثارها نص

، )وكذلك المواد األخرى التي تعرضت لجرائم الحرب وجريمة اإلبادة الجماعية( 5المادة حيث أنه إذا كان اإلتفاق تم على حظر الجرائم ضد اإلنسانية كجريمة قائمة بذاتها، فإن

.JUROVICS, Y, Réflexions sur la spécificité du crime …, op. cit., p. 149: انظر 107

ASCENCIO, (Hervé), « Les tribunaux ad-hoc pour l’ex-Yougoslavie et pour le Rwanda », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous Dir), Droit international pénal, PEDONE, 2000, p. 721.

Page 57: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

51

األمر على خالف ذلك فيما يتعلق باألفعال المكونة لهذه الجرائم التي لم تكن واردة في .اإلبعاد، السجن، التعذيب واالغتصاب: غ، والمتمثلة فيمن ميثاق نورمبر 6المادة

108يمكن أن نؤيد ما عبر عنه بعض الفقه أن عدم التجانس هذا في تعريف الجرائميترجم التوسيع التدريجي للمفهوم، وهو ما تحقق في فترة الحقة في نظام روما األساسي،

ة اإلبادة الجماعية ال نجدها ويعود السبب في ذلك إلى أن هذه الجرائم على خالف جريم .واردة في اتفاقية دولية خاصة بها اعتمدتها أغلبية الدول

من النظام األساسي للمحكمة هي أنها من أكثر المواد 5أهم ميزة تطبع نص المادة غموضا وإبهاما، والتي أثار تحريرها صعوبات جمة حيث تضمنت كما أشرنا له قائمة

فقرة ج من نظام 6على شاكلة ما ورد في المادة -تتضمن أفعاال واردة على سبيل المثالدون أن تضع لها تعريفا وهو ما يعد نقصا فادحا، وهو أمر مماثل - نورمبرغ األساسي

.لما ورد في النظام األساسي لمحكمة رواندا :في إطار النظام األساسي للمحكمة المؤقتة لرواندا )ب

الثانية التي أنشئت بعد محكمة يوغسالفيا السابقة تعد هذه المحكمة الخاصة هي لمعاقبة الجرائم الدولية، ولقد أخذت بنفس نموذج المحكمة السابقة من حيث االختصاص

:لتعريفها كالتالي 3، حيث تعرضت المادة 109المادي لها الذي شمل الجرائم ضد اإلنسانيةولين عن الجرائم التالية إذا للمحكمة الدولية لرواندا سلطة محاكمة األشخاص المسؤ «

ارتكبت كجزء من هجوم واسع ومنهجي على أي مدنيين،ألسباب قومية أو سياسية أو :إثنية أو عرقية أو دينية

-التعذيب، ز - و السجن، -اإلبعاد، هـ -االسترقاق، د -اإلبادة، جـ -القتل، ب -أسائر األفعال غير -ط اإلضطهاد ألسباب سياسية أو عرقية أو دينية، -االغتصاب، ح

.»اإلنسانية

. للداللة على األفعال المتباينة التي تشكل هذه الجرائم « hétérogénéité »هناك من يستعمل عبارة 108 .GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité au regard …, op. cit., p. 258: انظر

اعتمد هذه الجرائم بتسمية مختلفة كما هو الحال بالنسبة لمحكمة يوغسالفيا السابقة النظام األساسي ا ذهنشير إلى أن 109 ".الجرائم المرتكبة في حق اإلنسانية" قليال حيث أطلق عليها

Page 58: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

52

تخلت عن شرط ارتباط هذه الجرائم بالنزاع المسلح 3يبدو للوهلة األولى أن المادة من نظام محكمة يوغسالفيا السابقة على الرغم من قصر الفترة التي 5على خالف المادة

رحلة نورمبرغ تفصل بين إنشاء هاتين المحكمتين المؤقتتين، وهو ما يشكل قطيعة مع م .ومضي نحو االعتراف بتميز الجرائم ضد اإلنسانية عن جرائم الحرب

، وتتمثل في 3غير أن هناك عناصر جديدة ظهرت في التعريف الوارد في المادة والتي برزت ألول مرة منذ ظهور الجرائم ضد اإلنسانية 110الهجوم الواسع والمنهجي

. مبرغ في إطار تطور تعريفهاكمفهوم قانوني في النظام األساسي لنور، وأشار له استهداف 3لقد برز كذلك ركن التمييز في التعريف الوارد في المادة

السكان المدنيين بسبب انتماءاتهم القومية، السياسية، اإلثنية، العرقية أو الدينية، ويعد هذا ت من هذا العنصر فقرة ج من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ التي جعل 6تأثرا بالمادة

.أساس تعريف هذه الجرائم 3أما عن األفعال المكونة للجرائم ضد اإلنسانية، فلقد ورد تعدادها في المادة

من نظام محكمة يوغسالفيا 5واشتملت على أفعال مماثلة لتلك التي تضمنتها المادة م األساسي لمحكمة من النظا 6وهي بذلك أوردت أفعاال لم تكن مذكورة في المادة ، السابقة

سائر األفعال غير "نورمبرغ كاإلبعاد والسجن، ووسعت من هذه الجرائم بإدراجها لعبارة مما يجعل من هذه الجريمة محال للتطور لتشمل أية أفعال ال يمكن وصفها " اإلنسانية

بجرائم الحرب، كما ستمنح هذه الصياغة للقاضي دورا معتبرا في تفسيرها واإلحاطة .التهابمشتم

في مقدمة المادة وكذلك في : غير أنه يالحظ أن الباعث التمييزي ورد مرتين الحرف ح المتعلق باإلضطهادات التي تتأسس على أحد أسباب التمييز، مما يطرح

هل جاءت على سبيل التكرار سهوا أم أن 111التساؤل حول هذه اإلشارة المزدوجة وسببها .إدراجها كان بهدف معين

أرضية خصبة لجميع التعريفات التي لحقتها والتي 3و 5لت المادتان هكذا شك .سنوضحها في النقاط الموالية

.GARIBIAN, Sévane, Le crime contre l’humanité au regard …, op. cit., p. 287: انظر 110 .JUROVICS, Y., Réflexions sur la spécificité du crime …, op. cit., p. 148: انظر111

Page 59: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

53

تأثر بنظام : المدولةالجرائم ضد اإلنسانية في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية . 2 :روما األساسي

المحاكم عرفت العدالة الجنائية الدولية أهم تكريس ودفع لها عبر الجيل األول منوالذي جسدته المحكمتان الجنائيتان الدوليتان المؤقتتان ليوغسالفيا السابقة ورواندا، تلتها

أو مرحلة الجيل الثاني من المحاكم والتي تجسدت من خالل إنشاء المحاكم الجنائية المدولة .112المختلطة

ن الدولي والقانون بالنظر للطابع المختلط لهذه الجهات القضائية لتأرجحها بين القانوالداخلي، فلقد انعكس ذلك على اختصاصها المادي الذي يعد بدوره مختلطا يسمح بضمان معاقبة جنائية أكثر فعالية عبر اللجوء إلى النظام الداخلي للدولة من أجل المتابعة على

.113أفعال غير تلك المجرمة في النظام القانوني الدوليلماسة بسلم وأمن اإلنسانية تكريسا لها في النظام لقد وجدت الجرائم الدولية ا

األساسي لمحكمة سيراليون، وإذا توقفنا عند الجرائم ضد اإلنسانية والتي اعتمدتها األنظمة األساسية لمحكمة تيمور الشرقية ومحكمة كمبوديا، نجد أن مفهومها يختلف من حالة إلى

شرقية مفهوما تم استقاؤه من التعريف فقد اعتمد النظام األساسي لغرف تيمور ال. أخرىالوارد في نظام روما األساسي وهو ما يفسر التأثير المتزايد لهذا األخير على باقي

.األنظمة التي اعتمدت بعده كما سنبينه باعتباره يشكل اإلطار المرجعي بامتياز

:تعرف هذه المحاكم تحت تسميات مختلفة منها 112

les juridictions pénales internationalisées, les tribunaux hybrides, les juridictions mixtes.

الخطيرة المحكمة الخاصة لسيراليون، الدوائر اإلستثنائية في المحكمة الكمبودية، الغرف من أجل الجرائم : وتتمثل في .لكوسوفو وأخيرا غرف جرائم الحرب للبوسنة والهرسك 64 فرق الدوليةلتيمور الشرقية، ال

: راجع في هذا الصدد كال منMARTINEAU, (Anne-Charlotte), Les juridictions pénales internationalisées. Un nouveau modèle de justice hybride ? , PEDONE, 2007, p1. ASCENCIO, (Hervé), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), SOREL, (Jean- Marc), (Sous. Dir), Les juridictions pénales internationalisées. (Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste), SLC, 2006, p. 11.

. األطروحةمن هذه الثاني وسنعود للتفصيل في اختصاص هذه المحاكم في الفصل الثاني من الباب MARTINEAU, (Anne- Charlotte), Les juridictions pénales…, op. cit., p. 155: انظر 113

Page 60: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

54

كم سنتعرض لمختلف التعاريف متبعين في ذلك التسلسل الزمني لنشوء هذه المحا .المدولة

لقد قرر مجلس األمن بالنسبة لبعض االنتهاكات التي مست حقوق اإلنسان عدم تكرار تجربة المحكمتين الدوليتين المؤقتتين ألسباب عديدة من بينها التكلفة المرتفعة التي نتجت عن نشاطهما، ولقد تنوعت طرق إنشاء هذه المحاكم المختلطة، حيث أنه بالنسبة

لشرقية التي هي أقاليم موضوعة تحت اإلدارة المؤقتة للمنظمة لكل من كوسوفو وتيمور اقاعدة األممية، تم إنشاء الغرف الخاصة بالجرائم الخطيرة في تيمور الشرقية بموجب

التي و تم اعتمادها من قبل الممثل الخاص لألمين العام لألمم المتحدة، Règlementتنظيميةلممثلين خاصين بإمكانية اتخاذ واليةاتخذت بناءا على قرارات مجلس األمن التي تمنح

تصرفات في الميادين المحددة، وهو نفس الحل الذي اعتمد بالنسبة للفرق الدولية الخاصة .114بكوسوفو

المتضمنة 2000جوان 06المؤرخة في 2000/15وبالرجوع للقاعدة التنظيمية رقم جاء في النقطة الثانية المتعلقة بالجرائم الخطيرة ، غرفة خاصة بتيمور الشرقية إنشاء

:تعريف للجرائم ضد اإلنسانية في الفرع الخامس كالتالي ألغراض هذه القاعدة التنظيمية، تعني الجرائم ضد اإلنسانية أيا من األفعال التالية -5«

لموجه ضد السكان المدنيين، وعن علم المرتكبة كجزء من الهجوم المعمم أو المنهجي ا :بالهجوم

السجن أو -النقل القسري للسكان، هـ -االسترقاق، د -اإلبادة، جـ -القتل، ب - أ -و أي حرمان من الحرية الجسدية مخالفة لقاعدة أساسية في القانون الدولي،

التعذيب، القسري، العقم االغتصاب، االستعباد الجنسي، اإلكراه على البغاء، الحمل -ز

-القسري، أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي ذو خطورة مماثلة،حاإلضطهادات ضد مجموعة معينة أو جماعة ألسباب سياسية، عرقية، وطنية،

LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Quelques brèves réflexions sur les: انظر 114

actes créateurs des tribunaux pénaux internationalisés», in ASCENCIO, H., LAMBERT-ABDELGAWAD, E., SOREL, J.-M., (Sous. Dir), Les juridictions pénales… op. cit., p. 40.

Page 61: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

55

من هذه القاعدة 3 - 5كما هي معرفة في الجزء . إثينية، ثقافية، دينية، جنسيةمقبولة في القانون الدولي، أو أية أسباب معترف عالميا أنها غير، التنظيمية

مرتبطة بأي من األفعال المشار إليها في هذه الفقرة أو بأية جريمة تقع تحت والية - جريمة الفصل العنصري، ك -االختفاء القسري لألشخاص، ي -المحكمة، ط

األفعال الالإنسانية األخرى ذات نفس الخصائص والتي ترتب آالما غير محتملة القاعدة أما .»البدنيةأي مساس بالسالمة الجسدية أو العقلية أو بصفة إرادية، أو

المتعلقة باعتماد قانون 2003جويلية 6المؤرخة في 2003/25رقم التنظيمية 14الواقعة في الفصل 117فلقد أوردت تعريفا في المادة ، 115العقوبات لكوسوفو

من 7ارد في المادة لك الوذالمتعلق بالجرائم ضد القانون الدولي جاء مطابقا ل .ي يميزهاذاتفاقية روما مع اعتماد السياق العام ال

جوان 6المؤرخة في 2000/15يالحظ في هذا الصدد أن القاعدة التنظيمية رقم المتعلقة بتيمور الشرقية قد استلهمت بصفة معتبرة من التعريف الذي اعتمدته 2000المؤقتة لرواندا باعتبارها تضمنت اإلشارة إلى من نظام المحكمة الجنائية الدولية 3المادة

منها المتعلقة بتعريف الجرائم ضد 5عنصري الهجوم المعمم أو المنهجي في المادة من نظام روما األساسي 7اإلنسانية، كما أنها تأثرت ال محالة بالتعريف الوارد في المادة

األفعال المشكلة للجرائم ضد المتضمن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بتوسيع قائمة .اإلنسانية، ويعد هذا تطورا في تعريف هذه الجرائم من منظور القانون الدولي العرفي

جانفي 16اتفاق مؤرخ في أما المحكمة الخاصة بسيراليون والمنشأة بموجب في 2نظامها األساسي، فلقد عرفت الجرائم ضد اإلنسانية في المادة ي تضمنذوال 2002

تضمنت تقريبا نفس األفعال الواردة في اتفاقية روما ما عدا و طار االختصاص الماديإ .جريمة الفصل العنصريو اإلختفاء القسري

نجد أن هذا التعريف كسابقه تأثر بذلك الذي اعتمدته محكمة رواندا، غير أننا عض نالحظ تضمنه لعناصر من شأنها التضييق من نطاق التعريف، في حين اتسم الب

المتعلقة بالقانون المطبق في كوسوفو 1999ديسمبر 12مؤرخة في 1999/24لقد صدرت القاعدة التنظيمية رقم 115

2000/59ا اإلقليم، وأعادت القاعدة التظيمية رقم ذلمية في هوالتي أشارت إلى تطبيق اتفاقيات حقوق اإلنسان العا .لك في المادة األولى منهاذالتأكيد على 2000أكتوبر 27المؤرخة في

Page 62: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

56

اآلخر منها، بتوسيعها، إذ من جهة نجد أن هذا التعريف اشترط أن يتم ارتكاب الجرائم محكمة رواندا األساسي لنظام الضد اإلنسانية في إطار هجوم معمم ومنهجي، في حين أن

.وهو ما سيساهم في تضييق نطاق هذه الجرائم) معمم أو منهجي(اعتمد مبدأ االختيار التعريف المعتمد فيه يتجاوز ما ورد في النظامين من جهة أخرى، نجد أن

األساسيين لمحكمتي يوغسالفيا السابقة ورواندا ويستمد مباشرة من نظام روما األساسي .116باعتباره أدرج الجرائم الجنسية ضمن مفهوم الجرائم ضد اإلنسانيةبالقانون رت ليس فقط يالحظ كذلك أن هذه األنظمة األساسية للمحاكم المختلطة تأث

الدولي الجنائي المكرس في األنظمة األساسية للمحاكم الدولية المؤقتة، بل بالقانون الداخلي .للدول التي أنشئت فيها مما جعل من التعاريف متباينة على حسب كل حالة

كمبودية، المعتمد بموجب المحكمة الأما النظام األساسي للدوائر اإلستثنائية في فلقد ورد ، 2004أكتوبر 27الصادر بموجب القانون المؤرخ في ، و2003جوان 6اتفاق

تعريفا يتميز بأنه يشبه ما ورد في نظام روما األساسي مع استبعاد فعلي اهمن 5في المادة ا يتفق مع ما جاء في النظام األساسي ذهو بهو جريمة الفصل العنصريو اإلختفاء القسري .لمحكمة سيراليون

بالنسبة لألنظمة األساسية للمحاكم الجنائية المدولة أنها لم تعتمد استخالصهيمكن ما مفهوما موحدا للجرائم ضد اإلنسانية، بل أنها تأرجحت بين الميل للمفهوم المعتمد في األنظمة األساسية للمحاكم المؤقتة مع االختالف الوارد بين كل من ذلك الخاص

ستلهم من تعريف المحكمة الجنائية الدولية، مع بيوغسالفيا السابقة ورواندا، ومنها ما ااألخذ بعين االعتبار أنها مزجت بين القانون الدولي والقانون الداخلي للدول التي أنشئت من أجل قمع الجرائم التي ارتكبت فيها، مما يفسر الغموض الذي اكتنف تعريف هذه

.تذبذب ويقلل من حدتهالجرائم، غير أن الطابع المؤقت لهذه المحاكم يشفع لهذا الغير أن توجها جديدا برز مع إنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي تتمتع بالديمومة،

.وهو ما كان له أثر على مفهوم هذه الجرائم

.يعود هذا التوسيع في المعاقبة الجنائية إلى خصوصية النزاع في سيراليون 116 .MARTINEAU, (A, C), Les juridictions …, op. cit., p. 141:انظر

Page 63: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

57

بين : نظام روما كإطار مرجعي لتجريم ومعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية :الفرع الثاني الشمولية والمحدودية

المختلفة للجرائم ضد اإلنسانية المعتمدة في األنظمة األساسية للمحاكم إن التعاريف الجنائية الدولية منها والمدولة ساهمت كما رأيناه في تطوير وتوسيع هذه الطائفة من الجرائم الدولية رغم االنتقادات الحادة التي وجهها الفقه لها، معتبرا أن التوسيع لم يكن

.ون الدولي العرفي في هذا المجاليعكس دائما تقنينا للقانلعله من المفيد الرجوع إلى مرحلة إعداد مشروع النظام األساسي للمحكمة الجنائية

فلقد شجع سياق ما بعد مرحلة الحرب الباردة الدول على إعادة وضع هذا ، الدوليةجنائية المشروع فوق طاولة البحث والمفاوضات، خاصة بعد أن تبينت محدودية المحاكم ال

دافعا قويا للمضي قدما )-1(الدولية المؤقتة، وشكل غياب اتفاقية دولية خاصة بهذه الجرائم .)-2(نحو اعتماد تعريف في نظام روما األساسي

:ميزة حصرية للجرائم ضد اإلنسانية: غياب اتفاقية دولية خاصة .1بموجب اتفاقيات خاصة إذا كانت جريمة اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب معرفة

.117بها، فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانيةالنصوص الوحيدة التي أشارت لهذا المفهوم هي اتفاقية األمم المتحدة الخاصة إن

، وكذلك 1968نوفمبر 26بعدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية المعتمدة في صة بعدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانية وجرائم الحرب المعتمدة في اإلتفاقية األوروبية الخا

.ا مسألة التقادمت، واللتان لم تتعرضا لتعريف هذه الجرائم، بل عالج1975جانفي 25

.140، ص 2011علي يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مكتبة المدينة، : انظر 117

BOSLY, H.D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité et crimes de guerre. Les juridictions internationales et les tribunaux nationaux, BRUYLANT, L.G.D.J., 2010, p. 29. KUALI, (Dan), The responsibility to protect …, op. cit., p. 181. BERKOVICZ, (Grégory), La place de la cour pénale internationale, op. cit., p. 140.

Page 64: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

58

حداثة هذا المفهوم في القانون الدولي فنجده يعودلولئن حاولنا أن نفسر هذا الوضع، التي حضيت بتعريف اتفاقي موحد، بالنظر لمساهمة إذا ما قارناه بالجرائم الدولية األخرى

.القانون العرفي لمدة زمنية طويلة في بلورتهااستعراض مختلف التطورات التي مر بها هذا المفهوم القانوني، تبين لنا وجود عند

:مسارين متوازيينل األول في تطور القانون اإلتفاقي الذي ساهم في إيجاد تعريف جامع لبعض تمث

صور الجرائم ضد اإلنسانية، أهمها اتفاقية مناهضة التعذيب التي تعتبر أفضل تتويج لتجريم األفعال التي طالما كانت مرتكبة من قبل الدول أو تحت رقابتها وإشرافها، كما

.تعرضنا له بالتفصيل سابقاوتجسد الثاني في مسار تطور العدالة الجنائية الدولية الذي عرف عدة مراحل

عرضنا لها عبر عنصر اإلختصاص المادي لمختلف المحاكم، بدءا بالمحكمة العسكرية تلنورمبرغ، مرورا بالمحكمتين الجنائيتين الدوليتين المؤقتتين، وكذلك المحاكم الجنائية المدولة، ولقد برز مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية في أنظمتها األساسية بين مد وجزر من

النزاع (فترة نورمبرغ، والتي عرفت عدة تطورات تأخذ بعنصر تارة أصوله التي تعود لأو /الهجوم المعمم و(، وتتخلى عنه لتستبدله بعنصر جديد تارة أخرى )المسلحولقد أثر غياب اتفاقية عامة تتولى تعريف الجرائم ضد اإلنسانية بمختلف . 118)المنهجي

جتهاد القضائي تجاوزه عبر صورها وعناصرها في توحيد المفهوم، وهو ما حاول اإل .إقرار عناصر ثابتة للجريمة

لقد أثمرت هذه التطورات عن تكريس للمفهوم بصورة تعتبر متكاملة إلى درجة .كبيرة في نظام روما األساسي

تكريس يسعى : من نظام روما األساسي 7الجرائم ضد اإلنسانية وفقا للمادة . 2 لتعويض غياب اتفاقية شاملة

التأكيد بداية على أن نظام روما األساسي الذي اعتمد بموجب اتفاقية دولية ال ينبغي بحال من األحوال مدونة للجرائم الدولية، كما ال يعد كذلك قانون عقوبات دولي، وال لشكي

VAN DEN HERIK, (Larissa), « Using custom to reconceptualize …», op. cit., p. 82: انظر 118

et 83.

Page 65: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

59

، بل 119يشتمل على تعداد حصري للجرائم الدولية المكرسة بموجب القانون الدولي الجنائيظمة األساسية التي عرضناها ال يتعرض للجرائم ضد اإلنسانية إال في أنه وعلى غرار األن

.إطار اإلختصاص المادي للمحكمةتبدو لنا منذ أول وهلة التطورات التي عرفها هذا المفهوم، ، منه 7وبتفحص المادة

حيث اشتملت على عناصر تفصيلية تبتعد لدرجة كبيرة عن التكريس األولى الذي ورد في وينبغي التذكير هنا بالدور اإليجابي الذي . قرة ج من نظام محكمة نورمبرغف 6المادة

لعبته المحكمتان الجنائيتان المؤقتتان ليوغسالفيا السابقة ورواندا عبر اجتهادهما القضائي الثري في تطور مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية وفي نفس المسار تطوير القانون الدولي

ال نغفل كذلك المشروع الذي اعتمدته لجنة القانون الدولي عام و العرفي في هذا المجال،تأسس ألول مرة على أساس قانون 7، ويبدو أن تجريم هذه الجرائم وفقا للمادة 1996

.120دولي اتفاقي معترف به عالميا :من نظام روما األساسي 1فقرة 7تنص المادة

جريمة ضد : "فعال التاليةلغرض هذا النظام األساسي، يشكل أي فعل من األ -1«متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة " اإلنسانية

:من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم القتل العمد، -أ اإلبادة، -ب

:انظر 119

FOUCHARD, (Isabelle), Crime international. Entre internationalisationdu droit pénal et pénalisation du droit international, Thèse, UNIVERSITE PARIS 1, Panthéon- Sorbonne et Université de Genève, 2010, p. 44.

أنه خالل المفاوضات حول إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، اقترحت بعض الدول عدم اإلكتفاء بمنح هذه المحكمة كما، وإدراج جرائم أخرى مثل اإلرهاب والمتاجرة بالمخدرات، 5اختصاص النظر في الجرائم األربع المذكورة في المادة

.األمر الذي لم يلق إجماع الدول : انظر 120

MESEKE, (Stephan), « La contribution de la jurisprudence des tribunaux pénaux internationaux pour l’ex-Yougoslavie et le Rwanda à la concrétisation du crime contre l’humanité », in CHIAVARIO, (Mario) (Dir), La justice pénale internationale entre passé et avenir, DALLOZ, GIUFFRE EDITORE, 2003, p. 175

p. 44.BOURDON, (William), La cour pénale internationale, Editions du Seuil, 2000.

Page 66: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

60

اإلسترقاق، -ج إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، -د ة البدنية بما يخالف القواعد السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحري -ه

األساسية في القانون الدولي، التعذيب، -و االغتصاب، أواالستعباد الجنسي، أو اإلكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو -ز

التعقيم القسري، أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من .الخطورة

من السكان ألسباب سياسية أو عرقية اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد -ح أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في

، أو ألسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي ال يجيزها، وذلك 3الفقرة ختصاص فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في ا

المحكمة، االختفاء القسري لألشخاص، -ط جريمة الفصل العنصري، -ي األفعال الالإنسانية األخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة -ك

.»شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنيةاإلنسانية، خاصة إذا يبدو منذ الوهلة األولى التطور الذي لحق مفهوم الجريمة ضد

من نظام محكمة نورمبرغ، حيث تميزت هذه األخيرة بكونها 6بالمادة 7قارنا نص المادة تضمنت فقرة واحدة قصيرة عرفت من خاللها األفعال المشكلة للجريمة، أما آخر تعريف

أول وثيقة متفق عليه عالميا فلقد تميز بالتفصيل وإضافة إلى األفعال التي كانت واردة في عرفت هذه الجريمة، ويعود الفضل في هذا التطور إلى اإلجتهاد الثري الذي صدر عن

.المحاكم الجنائية المؤقتة

Page 67: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

61

على الرغم من ذلك، يبقى القانون الدولي الجنائي يتضمن ثغرة في مجال الجرائم رنا إليه من كما أش 121الدولية تتمثل في غياب اتفاقية دولية خاصة بالجرائم ضد اإلنسانية

.قبل، وذلك بسبب الحداثة النسبية لهذه الجرائم وخصوصيتها، 7د المادة ايالحظ كذلك أنه مع مرور الوقت وعبر مختلف المراحل التي سبقت اعتم

اكتسبت هذه الجرائم استقالليتها بسبب التخلي عن ربطها بجرائم الحرب والجرائم ضد .سبيل إحكام معاقبتهاالسلم، وهو ما يعد تطورا إيجابيا في

حسمت الجدل الذي كان حاصال بين 7وإذا بدأنا بتحليل هذا التعريف، نجد أن المادة الفقهاء حول مدى اعتبار عنصري الهجوم المعمم والمنهجي معياران مترابطان يشترط

أم ) من النظام األساسي لمحكمة رواندا حرف العطف و 3استعملت المادة (تحققهما معا ).حرف التخيير أو( alternatifsان اختياريان معيار

سالفة الذكر كونها 3ال نعود في هذا الصدد إلى اإلنتقادات الشديدة التي وجهت للمادة تؤدي إلى التضييق من مفهوم هذه الجرائم، والتي حاول اإلجتهاد القضائي للمحكمة

ق أحدهما يعد كافيا للقول المؤقتة تجاوزها باعتماده أسلوب اإلختيار، واعتبار أن تحق .الذي سنتعرض له الحقا TADICبارتكاب الجريمة، وهو ما ورد في قرار تاديتش

يفهم من نص المادة أن هذه الجرائم تتطلب توافر ركن مادي وركن هو ما سنتعرض له بالتفصيل في و باإلضافة إلى سياق عام تندرج ضمنه122معنوي

.المبحث الثاني من هذا الفصلن في هذا الصدد أن نشير إلى القائمة المطولة من األفعال التي جاء بعضها جديدا يمك

الوقائع واألحداث سببهذا بو مقارنة مع النص األولي الوارد في ميثاق محكمة نورمبرغ

,NASEL, (Mélanie), « Les crimes contre l’humanité », in MOREILLON,( Laurent):انظر 121KUHN, (André), BICHOVSKY, (Aude), MAIRE, (Virginie), VIREDAZ, (Baptiste), Droit pénal humanitaire, …, op. cit., p. 130.

في دراسات في بحث منشور محمود شريف بسيوني، تقييم النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية، : انظر 122 .455ص ،2000القانون الدولي اإلنساني، إعداد نخبة من المتخصصين والخبراء، دار المستقبل العربي،

.171، مرجع سابق، ص ، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائيعثمانأحمد عبد الحكيم المواءمات .، المحكمة الجنائية الدولية)إعداد(في حازم عتلم بحث منشورإبراهيمسالمة، الجرائم ضد اإلنسانية، و

.97 ، ص2006، اللجنة الدولية للصليب األحمر، )مشروع قانون نموذجي(الدستورية والتشريعية .195، مرجع سابق، صلنده معمر يشوي، ،المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها

Page 68: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

62

التي ارتكبت، ويمكن أن نضرب مثاال عن اإلغتصاب واإلسترقاق الجنسي وغيرها من التي كانت و من نظام روما األساسي 7من المادة " ز"األفعال التي وردت في الحرف

ترجمة لمعاقبة اإلنتهاكات الجنسية التي ارتكبت في يوغسالفيا السابقة، أما جريمة اإلختفاء من نفس المادة، فمصدرها تلك األفعال " ط"القسري لألشخاص الواردة في الحرف .123المرتكبة من قبل دكتاتوريات أمريكا الالتينية

القتل، (ة أن الجرائم ضد اإلنسانية هي في األصل جرائم من القانون العام الحقيقارتكابها : غير أنها تتميز ببعض الخصائص التي تميزها وتتمثل في ، )إلخ... اإلسترقاق

منهجي، يكون ناتجا عن سياسة تعتمدها و ضرورة وجودة هجوم معمم(في سياق خاص المجموعة المستهدفة هي (الهجوم السكان المدنيين ، أن يستهدف هذا )الدولة أو المنظمة

مما يشير إلى الطابع المكثف أو (، تعدد األفعال )مجموعة من األشخاص المدنيينيشترط في مرتكب (، عنصر العلم )الجماعي، والتي ال تشكل أعماال انفرادية أو معزولة

.124)مشار إليه أعالههذه الجرائم أن يتصرف عن علم بأن تصرفه يندرج ضمن السياق المن نظام روما األساسي توضيحا لمختلف عناصر 7من المادة 2لقد أوردت الفقرة

الجرائم ضد اإلنسانية بما فيها األفعال المشكلة لها، كما اعتمدت جمعية الدول األطراف في نظام روما األساسي صكا يعرف بأركان الجرائم، تستعين بها المحكمة في تفسير

من أركان 7من النظام األساسي، حيث أوردت المادة 7دة مواد السيما المادة وتطبيق عالجرائم بمختلف تفريعاتها توضيحا لكل فعل على حدة مثل القتل العمد، اإلبادة وغيرها من

.األفعال التي تعرضنا لها سابقا

:انظر في هذا الصدد 123

MASSE, (Michel), «Le crime contre l’humanité dans le droit», in TRUCHE, (Pierre), (Sous. Dir), Juger les crimes contre l’humanité. .., op. cit., p. 67.

:انظر 124BOSLY, H.D, VANDERMEERSCH, Damien, Génocide, crimes contre l’humanité …op. cit, p.310

Page 69: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

63

الجرائم ضد اإلنسانية عبر األفعال المكونة لها: المبحث الثانيج من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ بإيجاد /6التعداد الوارد في المادة لقد سمح

مفهوم قانوني للجرائم ضد اإلنسانية، وباعتباره يشكل النواة األولى في هذا المجال، نجد لت من نظام روما األساسي التي شك 7أن النصوص الالحقة قد تأثرت به إلى غاية المادة

تتطلب مثلها مثل باقي 126ويبرز منها أن هذه الجريمة الدولية، 125التعريف األكثر تكامالقائمة متنوعة من األفعال يتشكل منالجرائم توافر ركنين هما الركن المادي الذي

غير أن )لثالمطلب الثا(والركن المعنوي الذي عرف تطورا معتبرا ) ثانيالمطلب ال( .)ولالمطلب األ( 127السياق العام هو الذي يعطيها خصوصيتها

السياق العام للجرائم ضد اإلنسانية:المطلب األول

تجدر مالحظة أن الظروف المحيطة بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في نظام «هو ما يطلق عليه الفقه عبارة و روما األساسي غالبا ما يتم تعريفها في بداية كل مادة

الجرائم ارتكاب سياق إلى اإلشارةلقد تمت و ،Chapeaux éléments128»مظلة العناصر :كالتالي األساسي روما نظام من 7/1 المادة في اإلنسانية ضد

، مرجع دراسة متخصصة في القانون الجنائي الدولي.تاح بيومي حجازي،المحكمة الجنائية الدوليةعبد الف: انظر 125

.477سابق، ص هناك بعض الفقهاء يصنفون الجرائم ضد اإلنسانية ضمن التجريمات التي تهدف إلى حماية الفرد والشعوب، حيث 126

تجار في المشروبات الروحية، االتجار باألشخاص، يدرج األستاذ دافيد ضمن هذه التجريمات كال من االسترقاق، اال :االتجار في منشورات الدعارة واالتجار في المخدرات

,DAVID, (Eric), Eléments de droit pénal international et européen, BRUYLANT: أنظر للتفصيل2009, p. 1211.

، 2011، مكتبة المدينة ،3موسوعة القانون الدولي الجنائي القضاء الدولي الجنائي، تالوي، الفيل حسينسه: انظر 127 .189الطبعة األولى، ص

:انظر للتفصيل 128CURRAT, Philippe, Les crimes contre l’humanité dans le statut …, op. cit., p. 53.CASSESE, Antonio, ACQUAVIVA, Guido, FAN, Mary, WHITING, Alex, International criminal law …, op. cit., p. 1789. SLUITER, (Goran), « ‘’Chapeau Elements’’ of crimes against humanity in the jurisprudence of the UN ad hoc tribunals », in Forging a convention for crimes against humanity, SADAT, (Leila Nadya) (Edited by), Cambridge University press, 2011, p. 120.

Page 70: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

64

متى "اإلنسانية ضد جريمة" التالية األفعال من فعل أي ليشك األساسي، النظام هذا لغرض « المدنيين السكان من مجموعة أية ضد موجه منهجي أو النطاق واسع هجوم إطار في كبارت .» بالهجوم علم وعن

سياق إلى أشار الجرائم لهذه قانوني تعريف أول أن إذ العدم من الصياغة هذه تأت لم خالل المسألة طرح أعاد ما وهو المسلح، بالنزاع ارتباطها في والمتمثل ارتكابها

اذه على اإلبقاء مدى حول األساسي روما نظام اعتماد إلى أدت التي مفاوضاتال أو النطاق واسع هجوم وجود تطلبت 7/1 للمادة الواضحة الصياغة نأ غير ،129االرتباط الفرع( عناصره في التفصيل ثم )األول الفرع( مصدره عند الوقوف يتعين مما منهجي ).الثاني

المصدر :المنهجي أو النطاق واسع الهجوم :األول الفرع بأنها نورمبرغ ميثاق من ج فقرة 6 المادة في جاءت التي األولية الصياغة تتميز

اتفاقية من 7 المادة عليه نصت الذي العام السياق الفقه لها يرجع مهمة عناصر على احتوت .)-2(واضحة غير الهجوم عبارة تبقى ذلك معو )-1( روما :قانون نورمبرغ مصدر ضمني للسياق العام. 1

نورمبرغ محكمةل األساسي نظامال في عليها النص منذ اإلنسانية ضد الجرائم ارتبطت ربطها تم حيث فيه نقاش ال ضلوعا للدولة يجعل عالي مستوى على لها خططي التي بالجرائم لنورمبرغ القضائي االجتهاد جعل مما نورمبرغ، ميثاق من ج/6 المادة في المسلح بالنزاع الحرب جرائم أو اإلنسانية وأمن سلم ضد بالجرائم الجرائم هذه قترانا ضرورة على يؤكد .130عليها المعاقبة يمكن حتى

:أنظر 129

JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité », in FERNANDEZ, (Julian), PACREAU, (Xavier) (Sous.Dir), Statut de rome de la cour pénale internationale. Commentaire article par article, PEDONE, 2012, p. 449.

.NASEL, (Mélanie), «Les crimes contre l’humanité…», op. cit., p. 138: أنظر 130

Page 71: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

65

خالف على اإلنسانية ضد الجرائم أن التاريخية المراحل مختلف استعراض نيبي من واسع دعم محل تكون أنها بل عرضية، أو معزولة بطريقة رتكبت ال العام القانون جرائم .ودعمها الدولة بحماية تحظى إجرامية منظمة األقل على أو ،131أجهزتها فومختل الدولة غامض مفهوم:الهجوم .2

المادة في كرهذ يذال رواندا لمحكمة األساسي النظام إلى الهجوم مصطلح ظهور يعود3 عدة إشكاالت يثير أنه يبدو الذي مفهومه عند الوقوف ويتعين مرة، لألو.

مرحلة في سائدا كان الذي األولي المفهوم وهو المسلح النزاع إلى بداية الهجوم فيشير في الدولي القانون لجنة اعتمدت ثم فعاليته، لعدم ذلك بعد عنه التخلي تم والذي نورمبرغ، في النطاق واسع مصطلح 1996 عاملـ اإلنسانية وأمن سلم ضد الجرائم نةمدو مشروع ارتكاب في الدولة به تقوم الذي المعتبر الدور بذلك وبرز آنفا، اإليه المشار منه 18 المادة على المؤقت الجنائي القضاء مرحلة منذ استقر الجنائي الدولي القانون أن غير الجرائم، هذه .األساسي روما نظام في متمثل نص أحدث غاية إلى وهذا الهجوم، بمصطلح األخذ

ضد الجرائم وصف تحت تدخل أفعال على انطوت التي األحداث أبرز من يظهر ولقد ،132لذلك كسياسة الهجوم اعتماد إلى يؤدي لها والمخطط المنظم الطابع أن اإلنسانية

تحت وظهر آنذاك التسمية هذه يأخذ لم أنه غير للهجوم، تجسيد أبرز النازي المخطط لشك الخطة عبارات استعملت حيث نورمبرغ، نظام محررو اعتمدها أخرى قانونية أشكال شاملال الطابع عن جلها في رتعب والتي وغيرها 133السياسة المؤامرة، البرنامج، ،ةالمنسق .134الجرائم لهذه

.ئميذهب اإلتجاه الفقهي الغالب إلى اعتماد عنصر السياق إلبراز خصوصية هذه الجرا 131 :يد من التفاصيل راجعلمز

CUPIDO, (Merjolein), « “The policy underlying crimes against humanity... »,op. cit., p. 279 et 280. AMBOS, (Kai), « Crimes against humanity and the international criminal court », in Forging a convention for crimes against humanity, SADAT, Leila Nadya (Edited by), Cambridge University press, 2011, p. 284.

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 460: أنظر 132 .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 231: أنظر 133 .Crime collectifهناك العديد من الفقهاء من يعتبر هذه الجرائم كجرائم جماعية 134 .NASEL, Mélanie, Les crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 141: أنظر

Page 72: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

66

:كالتالي جومهال )أ( 7/2 المادة رفتع ولقد نيتضم سلوكيا نهجا "المدنيين السكان من مجموعة أية ضد موجه هجوم" عبارة تعني «

المدنيين السكان من مجموعة أية ضد 1 الفقرة في إليها المشار لألفعال المتكرر االرتكاب .» السياسة لهذه تعزيزا أو الهجوم هذا بارتكاب تقضي منظمة أو دولة بسياسة عمال

القانون عن ريعب الذي التعريف هذا من األساسية العناصر بعض استخالص يمكن الطابع زيعز مما منظمة أو دولة سياسة إلى يشير إذ ،تطوراته أحدث في الجنائي الدولي .الحقا نهسنبي كما الدولي طابعها ويؤكد اإلنسانية ضد للجرائم المنظم

في يكون ارتكابها أن اإلنسانية ضد للجرائم المشكلة األفعال خطورة من نيتبي كما أو دولة سياسة عن ناتجا يكون واضحة، بطريقة وتنظيمه له التحضير يقتضي هجوم إطار

عن منفصلة المنظمة اعتبار إلى يؤدي ال مرتكبيها مفهوم في سعالتو أن ويالحظ منظمة، ويبرز .135للدولة تعود وموارد وسائل باستخدام اإلجرامية بأفعالها تقوم ما غالبا إذ الدولة، يتحقق كما ،هاأعوان قبل من دعمها أو األفعال هذه ارتكاب يتم عندما جلية بصفة الدولة دور .بأخرى أو بطريقة باسمها يعملون تجعلهم والدولة األعوان بين فعلية رابطة بوجود كذلك

ارتكابها عند حتى الجرائم هذه بمعاقبة يسمح )أ( 7/2 المادة في الوارد المفهوم نإ .قصوى فعالية ذات المعاقبة جعل بغية وهذا بالدولة، عالقة تربطها ال منظمة قبل من

الشرط بسبب رواندا لمحكمة األساسي النظام في رامبر الهجوم عبارة اعتماد كان إذا مرحلة إلى جذوره تعود الذيو مسلح، نزاع وجود في المتمثلو 3 المادة تهوضع الذي

محرري اقتناع بسبب األساسي روما نظام من 7 المادة في وروده عدم أن غير نورمبرغ، حيث الهجوم عبارة تعمالاس مشكلة طرح أعاد القبيل هذا من ارتباط أي وجود بعدم النظام

بعبارة واستبدالها لها، رمبر وجود لعدم التعريف من حذفها ينبغي أنه الوفود بعض اعتبرت 7/3 المادة أن حيث الجرائم، أركان في جاء الذي هو األهم التوضيح أن غير ،136"األفعال"

ما أضافت لها ضناتعر التي )أ( 7/2 المادة في جاء الذي التعريف نفس اعتمدت والتي منه :يلي

. 35مقصود خليل، الجرائم ضد اإلنسانية واإلبادة الجماعية وطرق مكافحتهما، مرجع سابق، ص صفوان: أنظر 135

JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 461. .243الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص ،سوسن تمرخان بكة: أنظر 136

Page 73: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

67

.» عسكريا عمال األفعال تشكل ألن ضرورة توجد وال « المسلح، والنزاع اإلنسانية ضد الجرائم بين االرتباط كف إلى واضحة إشارة وهي

.السابقة يوغسالفيا لمحكمة القضائي باالجتهاد رتأث الذي القانوني مفهومها في تطورا ويعد االرتكاب مفهوم تأخذ أصبحت التي "الهجوم" عبارة قىتب التوضيح، هذا من الرغم وعلى .بأخرى أو بصورة القوة ستخدامال توحي ألنها إشكاالت تثير لألفعال المتعدد

سبيل على أفعال ارتكاب في ليتمث إيجابيا فعال ليشك بطبيعته الهجوم كان إذا أن حيث االمتناع، في يتمثل سلبي فعل شكل يأخذ قد األساسي روما نظام وفق فإنه التكرار، منظمة، أو دولة بسياسة العمل إلى باإلضافة يكون 7 المادة ذكرته ما حسب األفعال ارتكاب واالمتناع عنها بالسكوت أو إيجابيا، الفعل يكون عندما بتشجيعها إما أي السياسة هذه بتعزيز امتدت طويلة منيةز فترة خالل رواندا في حدث مثلما السلبي، الفعل حالة في محاربتها عن أفعاال تمارس إجرامية جماعات انتشار عند الدول من غيرها وفي 1990 إلى 1959 من هذه مثل وردع زجر في بدورها الدولة تقوم أن دون المدنيين السكان ضد مشروعة غير

.137المخالفات األساسي روما نظام في 7 المادة صياغة أن CASSESE كاسيز األستاذ يعتبر

على تشجيع بأفعال المنظمة أو الدولة قامت إذا إال الجريمة إثبات تتيح ال جرائمال وأركان كذلك تسمح الصياغة أن يرى الذي اإلتجاه نؤيد أننا غير ،138مةالمجر األفعال ارتكاب الجرائم، هذه ارتكاب إليقاف الالزمة اإلجراءات اتخاذ عن الدولة امتناع حالة في بالتجريمأركان من 7/3 المادة في جاءت التي العبارة على الوارد 139الهامش هو ذلك في تناوحج

:نصت التي الجرائم أو الدولة تقوم أن تستدعي ''الهجوم بهذا القيام إلى الرامية السياسة'' أن المفهوم ومن «

.» المدنيين السكان ضد للهجوم فعلي تشجيع أو بتعزيز المنظمة :مصطلح أن )1(الهامش في ورد حيث

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 465:أنظر في ذلك 137 .JUROVICS, Yann, Ibid., p. 465: مذكور في 138 .250سوسن، الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص ،تمرخان بكة: أنظر 139

Page 74: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

68

ظروف في السياسة هذه تنفيذ ويمكن .بالهجوم مدنيين سكانا تستهدف التي السياسة « .» الهجوم بهذا القيام تشجيع وعي عن منه قصدي بعمل القيام عدم بتعمد استثنائية

عن تتم أن شريطة السلبية، األفعال ليشمل الهجوم مفهوم من عوس النص هذا أن يبدو .اإلنسانية ضد للجرائم آخر اتطور ليشك مما بالهجوم، قيامال تشجيع إلى تؤدي بأنها وعي

كيف الحقا نسنبي الجنائية المحكمة أن كيف بل الهجوم، مفهوم الدولي القضاء رفس صراحة عليه النص غياب رغم القضائي اجتهادها ضمن اعتمدته السابقة ليوغسالفيا الدولية .األساسي نظامها في جاء الذي التعريف في

واسع النطاق أو منهجي: خصائص الهجوم :الفرع الثاني بها، المستهدفين للضحايا بالنظر جماعية جرائم بوصفها اإلنسانية ضد الجرائم إن الذي الهجوم من لعتج منظمة أو دولة لسياسة طبقا وتنفذ رحضت لكونها بالنظر وكذلك .مةمنظ طبيعة ذو لهايشك

أن غير ،140للهجوم وصفا يضع نص أول اندارو لمحكمة األساسي النظام يعد يكون أن شترطي كان بل االختيار سبيل على تأت لم منه 3 المادة في وردت التي الصياغة مفهوم في يقضيالت شأنها من نأل الصياغة هذه انتقاد تم ولقد ومنهجيا، النطاق واسع الهجوم معا، الشرطين توفر عدم عند بالعقا من مرتكبيها إفالت إلى بالتالي تؤديو الجرائم هذه أحدهما رتوف اشترط والذي األساسي روما نظام من 7 المادة نص في تداركه تم ما وهو بأحدث والعرفي االتفاقي الجنائي الدولي القانون عن محالة ال النص هذا رويعب ،141فقط

.سبقته التي النصوص لمختلف نتاج ألنه صورة تم أنه إال الصياغة، هذه بشأن روما مؤتمر عرفها التي الحادة النقاشات ورغم

عند التوقف األمر ويتطلب .معانيها بعض عند التوقف إلى يؤدي مما األخير، في اعتمادها كذلك يتميز الذي ،)-1( النطاق واسع الهجوم في يلصللتف 7 المادة في ورد كما مصطلح كل

).-2( منهجي بكونه

.250سوسن تمرخان بكة، المرجع نفسه، ص : انظر 140 .196، ص لنده معمر يشوي، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها: انظر 141

LAUCCI, (Cyril), «The annotated digest of the international criminal court », 2008, volume 3, p. 15.

Page 75: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

69

للجريمة الجماعي الطابع عن تعبير :النطاق واسعالهجوم.1

جزء كونه هو اإلنسانية ضد جريمة إلى منفرد إجرامي فعل تحويل إلى يؤدي ما إن النطاق واسع الهجوم يعد حيث ،142منظمة أو دولة سياسة من بتأييد يكون الذي الهجوم من

.143واسع نطاق على ترتكب بكونها الجرائم هذه يصف الفقه جعل مما السياسة، لهذه نتيجةينتج إجرامية أفعال ارتكاب في عاما طابعا يأخذ الذي أو النطاق واسع الهجوم ديتجس

مخطط سياسة على بناء يتصرفون الذين مرتكبيها أن أي ،144الضحايا من كبير عدد عنها الطابع أن أي محدودين، رغي الضحايا يكون وبالتالي واسعا مجاال تطال بأفعال يقومون لها أو المعزولة األفعال يخرج مما ،والضحايا الجرائم مرتكبي من كل على ينطبق العام

.145الجرائم هذه دائرة من العشوائية إطار في يجري وتحضير تخطيط عن ناتج ألنه واسع نطاق على الهجوم هذا قيتحق

أن يعتبر الفقه بعض جعل مما الضحايا، من كبير عدد الغالب في عنه ينتج ما وهو م،منظ بدوره األفعال نطاق اتساع أن كما ،146نسبي يكم معيار عام بشكل هو النطاق اتساع معيار روما نظام من أ/7/2 المادة به أخذت الذي اإلجرامية لألفعال رالمتكر االرتكاب إلى يحيل

.فعلين أو فعل عن الطابع هذا ينفي مما األساسي القضائي االجتهاد أن إال الضحايا، من كبير عدد وجود يتطلب العام لطابعا كان وإذا

إطار في متي أن شريطة اإلنسانية ضد جريمة واحد فعل ارتكاب من تجعل بطريقة رهفس واسعا تفسيرا األساسي روما نظام تفسير إلى يؤدي مما منهجي أو النطاق واسع هجوم .عاليةف أكثر بصفة المعاقبة تحقيق إلى يهدف اإلجرامية السياسة عن تعبير :المنهجي الهجوم.2

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 465: أنظر 142 ,CASSESE, Antonio, ACQUAVIVA, Guido, Fan, Maryand, WHITING, Alex:أنظر 143

International Criminal law…, op. cit., p. 180 .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 280: أنظر 144 .BETTATI, Mario, « Crime contre l’humanité… »…, op. cit., p. 297: أنظر 145 .257 – 256مرجع سابق، ص سوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد اإلنسانية، : أنظر 146

Page 76: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

70

يشير الهجوم المنهجي في تعريف الجرائم ضد اإلنسانية إلى اعتماد سياسة إجرامية ه الجرائم في الغالب بسياسة تنتهجها الدولة إما بطريقة ذإلى ربط هو يتم التخطيط لها،

مباشرة بتقديم الدعم للجماعات إما بطريقة غير و مباشرة عبر أجهزتها الرسمية، .اإلجرامية

أكاييزو حيث حكملقد تعرضت محكمة رواندا إلى تعريف الهجوم المنهجي في : اعتبرت أنه

يستند و يتبع نمطا منظماو يعني مفهوم الهجوم المنهجي، أنه هجوم منظم بشكل كامل « .147»خاصة و تستخدم فيه موارد كبيرة عامةو على سياسة هامةأول تعريف قانوني ذا العنصر كان موجودا ضمنيا منذا يجعلنا نعتبر أن هوهو م

.للجرائم ضد اإلنسانية في مرحلة نورمبرغ

الركن المادي أو التعداد المتنوع لألفعال: ثانيالمطلب الل تقنينا للقانون الدولي العرفي من نظام روما األساسي التي تشك 7اشتملت المادة

ت وتطورت منذ بلورالعناصر المفصلة التي وردت على شكل أفعال ت 148في هذا المجال، مع اإلشارة إلى أن هذا المفهوم الذي سنورده بالتفصيل يخص فقط نظام روما 1945

: 1فقرة 7األساسي، حسب العبارة التي جاءت واضحة في المادة يمة ضد لغرض هذا النظام األساسي، يشكل أي فعل من األفعال التالية، جر -1«

.»...اإلنسانيةما يؤكد ذلك هو ما ورد في الحكم الصادر عن محكمة رواندا في قضية كاييشيما

Kayishema وروزينداناRuzindanaهما بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية، حيث ، واللذان ات

,Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, ICTR-96-4-T, jugement, 2 septembre 1998: انظر 147

Par. 580. .68، مرجع سابق، ص ...وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية:أنظر 148

JUROVICS, (Yann), « Article 7, crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 419. CONDORELLI, (Luigi), « La répression des crimes et la cour pénale internationale : une innovation majeure en droit international. », in Justice et juridictions internationales, Colloque des 13,14 et 15 Avril 2000 dédié au Doyen Sadok Belaid, Sous la direction de Rafaa BEN ACHOUR, Slim LAGHMANI, PEDONE, 2000, p. 152.

Page 77: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

71

أكدت نة لهذه الجرائم، عطيت لألفعال المكومختلف التسميات التي أ صفي معرض فحاعتبرت المحكمة بما ورد في النظام األساسي لمحكمة رواندا، حيث ذأنها ستأخالمحكمة

:أن، ويتعين األخذ "القتل"عوض " اغتيال"النظام األساسي استعمال مصطلح ومحرراختار«

وعلى الرغم من إمكانية التمسك ... ة المحررين كمعيار راجح من أجل تفسيرهين بمعيارل جريمة وليس االغتيال هو الذي يشك" القتل"العرفي، فإن مصطلح به وفقا للقانون الدولي

ة أنها دائر، وتعتبر ال)Akayesuدته الدائرة في حكم أكاييزو وهو ما أك(ضد اإلنسانية وبالتالي فإن . ملزمة بالتسمية الواردة في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا

ة المجموعة الدولية في محاكمة األشخاص المتهمين نيهذا األخير هو الذي يعبر عن ري النظامين ة محر، لم يكن في نيباإلضافة إلى ذلكبانتهاكات القانون الدولي في رواندا،

روا األساسين للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة وتلك الخاصة برواندا، أن يعبمحكمة يوغسالفيا يشترط األساسي لنظام الفي ند بوما إدراج . فيعن القانون الدولي العر

ة التمييز عند ارتكاب محكمة رواندا شرط نياألساسي لنظام الوجود نزاع مسلح، وفي . 149»الجرائم إال أفضل دليل على ذلك

هو ما يؤكد أنه ينبغي الحديث عن مفهوم هذه الجرائم حسب االختالفات .150النظام األساسي للمحكمة التي ستتولى تطبيقهوالتعديالت التي تفرضها خصوصيات

ل الركن المادي التي تشكاإلجرامية ن من األفعال يتبيActus Reus حسب مامن ج/6المادة صياغةجدت منذ أنها اشتملت على أفعال تقليدية و 7وردت في المادة

، وكذلك أفعال ظهرت في عهد الجيل )الفرع األول(محكمة نورمبرغ األساسي لنظام التساؤل عما إذا كانت هناك صور جديدة يمكن الاألول من المحاكم الجنائية المؤقتة مع

).الفرع الثاني(151إدراجها ضمن الركن المادي

.TPIR, Affaire n° ICTR-9F1T, Chambre de première instance II, Le procureur C:أنظر 149Clément KAYISHEMA et Obed RUZINDANA, jugement, 21 mai 1999, par 138, p. 43.

.DAVID, Eric, Eléments de droit…, op. cit., p. 1241: أنظر 150يعتبر البعض أن األفعال المكونة للجرائم ضد اإلنسانية تمس بثالث مصالح أساسية تتمثل في الحرية، التكامل 151

.الجسدي والحياة .76اإلنسانية واإلبادة الجماعية وطرق مكافحتهما، مرجع سابق، ص وان مقصود خليل، الجرائم ضد صف: انظر

Page 78: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

72

األفعال التقليدية :الفرع األولنها جرائم ينص عليها ويعاقب عليها لة للجرائم ضد اإلنسانية بأتتميز األفعال المشك

ي ذخذت بمعزل عن السياق الباعتبارها جرائم من القانون العام إذا ما أ 152القانون الداخليوليس ضد 153"الوضع البشري"رتكب فيه، غير أنها تتميز بكون الجرائم موجهة ضد ت

اتفاقيا وعرفيا في سة وتتمثل هذه األفعال التقليدية التي أصبحت مكر.الفرد في حد ذاته :القانون الدولي فيما يلي

وإبعاد ) -3(، االسترقاق )-2(، اإلبادة )-1(القتل العمد أو االغتيال في أول صياغة ).-4(السكان أو النقل القسري للسكان

:القتل العمد.1من نظام روما 1فقرة 7هو أول فعل ورد ذكره في التعداد الذي جاء في المادة

، ويجد مصدره 154هذه اإلتفاقيةقد حظي هذا الفعل بقبول واسع عند تحرير األساسي، ول، كما أنه يندرج ضمن عمدا في جريمة القانون العام المتمثلة في إزهاق روح إنسان

156، كما يتميز بأنه تجريم قديم155بالحياة األفعال التي تمس. لقتل العمد ينبغي في هذا الصدد مالحظة أن نظام روما األساسي اعتمد مفهوم ا

« Meurtre » وليس االغتيال« Assassinat » نظام الج من /6في المادة االذي كان واردفقرة 5محكمة طوكيو والمادة األساسيلنظام الج من /5محكمة نورمبرغ، المادة األساسي ل

محكمة رواندا، األساسيلنظام الفقرة أ من 3محكمة يوغسالفيا والمادة األساسيلنظام الأ من ن للجرائم ضد اإلنسانيةويعد هذا تطورا في مفهوم هذا الفعل المكو.

,…NASEL, Mélanie, « Les crimes contre l’humanité », in Droit Pénal humanitaire:أنظر 152

op. cit., p. 130. : أنظر 153

NASEL, Mélanie, Ibid., p. 131 .JUROVICS, Yann, « Article 7. Crimes contre l’humanité »…, op. cit., p. 419:أنظر 154 .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime »…, op. cit., p. 32:أنظر 155 .CURRAT, Philippe, Le crime contre l’humanité …, op. cit., p. 119:أنظر 156

Page 79: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

73

ل القتل العمد سالحا إجراميا يستعمل بصفة واسعة في السياسات اإلجرامية يشكضد اإلنسانية، وهو الفعل الذي أدى إلى تكوين اجتهاد قضائي ثري كما سنراه الحقا سواء

.أمام القضاء الدولي أو الوطنيمن نظام 7قيق في التفرقة بين القتل العمد الذي اعتمدته المادة دلنا التوإذا حاو

، لوجدنا أن االغتيال ةروما األساسي وبين االغتيال الذي ورد في األنظمة األساسية السابق، ويكون من السهل إثبات سبق اإلصرار هذا في Préméditationسبق اإلصراريقوم على

صعوبة قد تثور بالنسبة إلثبات سبق اإلصرار ضد كل حالة هجوم مخطط له، غير أن ال .157متهم على حدة

متها الواليات المتحدة األمريكية يمكن في هذا اإلطار الرجوع إلى الوثيقة التي قد، والتي 1999في الدورة األولى للجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية خالل فيفري

العمد جريمة ضد اإلنسانية، والتي من بينها أن أبرزت الشروط التي يكون فيها القتل الة المتهم الذي ارتكب الفعل، قتل شخص أو عدة أشخاص أو يكون في نيب في قتلهم، تسب

.158أو إذا كان القتل بدون مبرر أو عذر شرعي وكان المتهم يعلم بذلكفي القتل منع المساس بالحياةأن اإذا كان االجتهاد القضائي الدولي والداخلي قد أكد

فإن المنع ينطبق ، ل جرائم ضد اإلنسانيةالعمدي الذي يرتكب دون مبرر شرعي يشككذلك على القتل العمد الذي يتم بناءا على قانون مثلما كان األمر بالنسبة لقانون الفصل

ج /6قد ابتعد بصفة واضحة عن نص المادة 7ويبدو إذن أن نص المادة .159العنصريالتي تعتبر أقل تضييقا من " القتل العمد"، بتفضيله لعبارة ساسياأل من نظام نورمبرغ

عا، حتى ولو لم حيث أنه يسمح بمتابعة المتهم عندما يكون موت الضحايا متوق" االغتيال" .يكن عمديا

.JUROVICS, Yann, « Article 7. Crimes contre… »…, op. cit., p. 420:أنظر 157

JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime »…, op. cit., p.34 .BETTATI, Mario, Le crime contre l’humanité…, op. cit., p. 312:أنظر 158 .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité… »…, op. cit., p. 33: أنظر 159

Page 80: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

74

من أركان الجرائم للمحكمة الجنائية الدولية الذي ) 4) (1( 7لقد تضمنت المادة ل نيويورك تعريف هذا الفعل الذي يشكب 2002سبتمبر 10إلى 3اعتمد خالل الفترة من

:جريمة ضد اإلنسانية كما يلي .شخصا أو أكثر مرتكب الجريمةأن يقتل -1« 2- أن يه ضد سكان رتكب السلوك كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موج

.مدنيينه منهجي موج أن يعلم مرتكب الجريمة أن السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو -3

».ضد سكان مدنيين أو أن ينوي أن يكون هذا السلوك جزءا من ذلك الهجوممن نظام 7ع الذي أخذت به المادة وهو ما يؤكد التوجه نحو اعتماد المفهوم الموس

.روما األساسي :إلبادةا. 2

شأنها في ذلك شأن القتل العمد، وهي إحدى الصور 160تمثل اإلبادة مساسا بالحياة، األساسي ج من نظام نورمبرغ/6القديمة للجرائم ضد اإلنسانية منذ أن اعتمدت في المادة

وهو فعل قريب من القتل العمد ألنها تتعلق بالمساس بحياة اإلنسان، غير أنها تتميز عنه ئم جماعية بالنظر لعدد الضحايا بكونها تقوم على أفعال قتل جماعي مما يجعلها جرا

.الناتجة عنهاالتي تقوم 161قد تختلط اإلبادة باعتبارها أعمال قتل جماعي بجريمة اإلبادة الجماعية

زتان عن بعضهما البعض، إذ أن اإلبادة بدورها على عنصر العدد، غير أنهما تظالن متميقصد إهالكها إهالكا كليا أو 162هة ضد جماعة تحمل مواصفات معينةالجماعية تكون موج

جزئيا، في حين أنه في اإلبادة تكون الجماعة المستهدفة عشوائية وال تحمل المواصفات التي توجد في اإلبادة الجماعية، غير أن هذا ال يمنع من أن يكون جزءا من الجماعة كما

NASEL, (Mélanie), Les crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 131:أنظر 160 .75، ص، مرجع سابقوليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية: انظر 161ت بنفس التعريف الوارد في ذ، والتي أخمن نظام روما األساسي 6قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية حسب المادة 162

.من اتفاقية منع اإلبادة الجماعية 2المادة

Page 81: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

75

للجرائم ضد لةهي محددة في اإلبادة الجماعية ضحية لفعل اإلبادة كأحد األفعال المشك .163اإلنسانية

د باإلضافة إلى العنصر الكمي هو اإلثبات، إذ أن مز اإلبادة عن القتل العومما يميالقتل العمد يستهدف األفراد في حين أن اإلبادة تستهدف جزءا من مجموعة من السكان لي مما جعل االستناد عليها في متابعة مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية أمام القضاء الدو

.164مستبعدا في الغالب إلمكانية اختالطها مع اإلبادة الجماعيةيمكن استخالص أن فعل اإلبادة يتمثل في قتل جماعي أو واسع النطاق، ويكون مرتكبه مذنبا حتى وإن لم يقتل إال شخصا واحدا، ألن أفعاله تندرج ضمن هذا التقتيل، كما

.ن متوقعةوكتأن ةطية شرتتم متابعته حتى وإن لم تكن وفاة الضحية عمديوتجدر اإلشارة إلى أن التقتيل الجماعي يؤدي إلى عمليات قتل عمد مباشرة وغير

، مما يستلزم مشاركة عدد كبير من المجرمين، ال سابق مباشرة، كونه ناتج عن تنظيم .165يعرفون بالضرورة كل الضحايا، بل ال يكونون حتى في اتصال معهم

اإلبادة الجماعية يعود إلى فترة زمنية بعيدة و اإلبادةبين لعل التشابه الذي يوجد ، حيث وردت 1915األرمن التي قام بها األكراد واألتراك في إبادةنسبيا، تتعلق بأعمال

هتها الحكومة الفرنسية إلى السفير في الرسالة التي وجMassacre ""عبارة تقتيل في أبداعن العدد الكبير من القتلى، غير أنها لم تستعمل من، وهي عبارة ت166األمريكي

.تعريف كل من الجرائم ضد اإلنسانية أو جريمة اإلبادة الجماعيةلقد تأثر النظام األساسي لنورمبرغ بهذه األفعال، غير أنه أدرج اإلبادة عوض

جريمة ممنهجة ر عنالتي تعبو بتعدد عمليات القتل، دالتقتيل، التي تفترق عن القتل العم .رتكابهااليتم التخطيط

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 423: أنظر 163

BETTATI, Mario, « Crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 313 و .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… », op. cit., p. 35: أنظر 164 .Ibid., p. 36:أنظر 165 JUROVICS, Yann, Ibid. p. 3 : مذكورة في 166

Page 82: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

76

لت مصدر الجريمتين متماثلتين، فإن االختالف يبقى إذا كانت األفعال التي شكمما يجعلها ، جوهريا بينهما ذلك أن خصوصية اإلبادة الجماعية تكمن في القصد الخاص

. 167الجماعة ة إهالكنها تشمل اإلبادة البيولوجية، وتشتمل على نيكوعن اإلبادة تميزتالتشابه بين المفهومين حتى بعد اعتماد اتفاقية الوقاية من اإلبادة لقد استمر

ة على اعتبار أن هذه االتفاقية ، بل أصبح أكثر حد1948الجماعية والمعاقبة عليها في :أوردت من ضمن األفعال التي تشكل إبادة جماعية

" بها إهالكها الفعلي كليا أو جزئياألحوال معيشية يقصد االجماعة عمد إخضاع -جـ« 168.

لجرائم ضد لنة وهو ما ورد بصفة شبه متطابقة في تعريف اإلبادة كأحد األفعال المكو :من نظام روما األساسي التي وردت كالتاليب /2فقرة 7اإلنسانية في المادة

د فرض أحوال معيشية، من بينها الحرمان من الحصول على تعم" اإلبادة"تشمل - ب« . »الطعام والدواء، بقصد إهالك جزء من السكان

من أركان الجرائم التي جاءت تحت عنوان ) ب) (1(7وكذلك ما جاء في المادة :اإلبادة التي تشكل جريمة ضد اإلنسانية

جبار الضحايا على العيش كب الجريمة شخصا أو أكثر، بما في ذلك إتأن يقتل مر - 1« .»في ظروف ستؤدي حتما إلى هالك جزء من مجموعة من السكان

لعل هذا التشابه بين اإلبادة واإلبادة الجماعية جعل من القضاء يعزف في الكثير من لة للجرائم الحاالت على اتهام مرتكبي األفعال المحظورة باإلبادة كفعل من األفعال المشك

ا لم يحل دون وجودب إمكانية اختالطها باإلبادة الجماعية، غير أن هذضد اإلنسانية بسب .مقارنة باألفعال األخرى متطوراكن لم ياجتهاد قضائي وإن

:االسترقاق. 3ل أحد األفعال التي تشكاألساسي االسترقاق الذي ورد منذ نظام نورمبرغ يعد

ة إمكانية جريد الضحية من أي، والذي يهدف إلى ت169حرمانا خطيرا من الحرية الجسدية

.Ibid., p. 37:أنظر 167 .فقرة جـ من االتفاقية 2 أنظر المادة168 . 173وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : أنظر 169

Page 83: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

77

وهو ، مع األشخاص اآلخرين، وغالبا ما يكون االسترقاق تمهيدا للقتل العمد واجد دومالتلوهو من 170ر عن ممارسة أي من السلطات المترتبة عن حق الملكية على شخص مايعب

بيون واألفعال التي كانت منتشرة بكثرة على إثر العمليات االستعمارية التي قام بها األوراألفارقة السود في الواليات المتحدة األمريكية التي منها القارة اإلفريقية، كما عانى في

.شهدت وصمة عار لالسترقاقاعتبار االسترقاق مخالفا لقد أدت المحاوالت األولى لمنع هذه الظاهرة المخزية إلى

ابتداء من مؤتمر فيينا ة، وانتقلت بالتدريج إلى تجسيد منع ممارستهامدنألخالق الدول المت . 171، إلى أن تم اعتبارها جريمة في القانون الدولي1815لعام

ل والتي شكلت أو 1926 عاملـ الخاصة بالرقتفاقية إلعلى الرغم من اعتماد اوا يعانون من هذه الظاهرة سواء في وقت ، غير أن األفراد ظل172لر هذا الفعظلح لبنة

التي شرق أوروبا السلم أو أثناء النزاعات المسلحة، ولقد استعملها األلمان ضد رعايا دول في ألمانيا والدول المجاورة لها انطالقا من النظرة وضد اليهود المتواجدينوها، احتل

ض المتعالية التي كانوا يعتمدونها باعتبارهم الجنس األسمى على باقي األعراق، ولقد تعرألفعال استرقاق Auschwitzاآلالف من المعتقلين داخل المعتقالت األلمانية مثل أوشفيتز

تورسم التيو العمل القسري،اإلفناء و التجويع بقصدمن كرامتهم وتهينهم، مثل تحط .الحرب العالمية الثانيةخالل في كل الدول المحتلة لة نورمبرغ هذا الفعل من بين األفعال المشكاألساسي لنظام الو رلقد أدرج محرج، وحاولت محكمة نورمبرغ تطوير اجتهاد قضائي /6لمادة في اللجرائم ضد اإلنسانية ر أن ممارسات الدول أدت إلى تطوير هذا المفهوم بسبب بروز حول هذه المسألة، غي

JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité… »…, op. cit., p. 53.

.CURRAT, Philippe, « Le crime contre l’humanité… »…, op. cit., p: أنظر 170175.NASEL, Mélanie, Les crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 132.

.JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité… »…, op. cit, p. 53: أنظر 171 :انظر 172

JOS, (Emmanuel), « La traite des êtres humains et l’esclavage », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, p. 337.

Page 84: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

78

األشخاص،، التضييق على ةقة لحركمظاهر جديدة لممارسة االسترقاق، مثل الرقابة الضي .173تحت الرقابة وضع المحيط الجسديحرية االختيار،

في إطار االعتداءات الجنسية الممنهجة كرسر هو االسترقاق الذي تلعل أبرز تطو، غير أنه تم 1992 عامك يوغسالفيا لتي شهدتها البوسنة والهرسك على إثر تفكا

قانونية خطوة غير أن ، ضمن أعمال االغتصاب كما سنتعرض له الحقا ه األفعالإدراجهذمنه ج/2فقرة 7أحدث تعريف في نظام روما األساسي، إذ نصت المادة باعتمادتمتكبرى

: بة على حق الملكية، أو هذه السلطات من السلطات المترت ممارسة أي" االسترقاق"يعني «

جميعها، على شخص ما، بما في ذلك ممارسة هذه السلطات في سبيل االتجار .»باألشخاص، والسيما النساء واألطفال

:جـ من أركان الجرائم بنصها/الفقرة األولى 7دته المادة وهو ما أكجميع السلطات المتصلة بالحق في ملكية أن يمارس مرتكب الجريمة إحدى أو -1«

ضهم أو كأن يفرض عليهم يشخص أو أشخاص كأن يشتريهم أو يبيعهم أو يعيرهم أو يقا .»ما ماثل ذلك من معاملة سالبة للحرية

عرض على المحكمة ن هذا التعريف أن حاالت االسترقاق التي ستمستخلصيمتعددة مثل التسخير ألجل الديون أو عة وتأخذ مظاهر الجنائية الدولية ستكون متنو

، غير أنها ينبغي أن تنطوي على حرمان من الحرية 174االستغالل الجنسي أو االقتصادي .بسبب ممارسة سلطة ناتجة عن حق الملكية

لة لالسترقاق قد توجد في أفعال أخرى مثل النقل القسري انت العناصر المشكوإذا كزها عنها وتدرجها أن ممارسة سلطة حق الملكية هي التي تمي للسكان أو االغتصاب، إال

. 175ضمن االسترقاق

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 426: أنظر 173 JUROVICS, Yann, Article 7. Crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 426: أنظر 174 .Ibid., p. 42:أنظر 175

Page 85: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

79

نت التعريف االتفاقي لهذا الفعل جـ من نظام روما األساسي تضم/7/1المادة إن شارت أض الطرف عن القانون الدولي العرفي، حيث غن للجرائم ضد اإلنسانية، لم تالمكو

:له صراحة في الصياغة .»ل الممارسات المشابهة لالسترقاق تجريم ك«

كما أن أركان الجرائم أحالت إلى النصوص الدولية لتجريم الممارسات المشابهة :ما يلي 4لالسترقاق، حيث جاء في الهامش

»خرة أو استعباد من المفهوم أن هذا الحرمان من الحرية قد يشمل، في بعض الحاالت، السص عليه في االتفاقية التكميلية إلبطال الرق وتجارة الرقيق نتم ال الشخص بطرق أخرى، حسبما

.176» 1956والنظم والممارسات الشبيهة بالرق لعام إلى أن العمل القسري ال يعاقب عليه باعتباره جرائم ضد اإلنسانية وتجدر اإلشارة

ة على العمل من أجل ل بالنسبة إلجبار مواطني دولة محتلافي بعض الظروف، وهو الحو على .تلبية حاجاتهم الخاصة، أو من أجل المحافظة على نمو االقتصاد الوطني لدولتهم

. نا للجريمةمكو ادة لالسترقاق، إال أنه ال يعتبر عنصرئالصورة السا الرغم من كونه هولك التي هي ناتجة عن هذه الوضعية، حيث توال يشترط االسترقاق أية معاملة أخرى غير

صفة االسترقاق ياإلنسانية للشخص المتواجد في هذه الوضعية إلى نف ال تؤدي المعاملة .177عنه، باعتبار أن األصل في تجريم هذا الفعل هو ممارسة سلطات حق الملكية عليه

جـ من نظام /7/2كما يستدعي التعريف المفصل لالسترقاق الوارد في المادة عبارة االتجار باألشخاص السيما النساء واألطفال، حيث أن دروما األساسي التوقف عن

يعودتخصيص هاتين الفئتين بالذكر ال يستبعد غيرهما بل أن العبرة في توفير الحماية لوضعية الضعف واالستغالل التي غالبا ما يتعرضان لها، والتي تقترن في العديد من

إلى رغبة بعض الوفود 1996لقد أشار تقرير اللجنة التحضيرية إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية المعتمد في 176

.ق في النظام األساسي بصفة صريحة، ليشمل بعض األفعالالمشاركة بتوسيع تجريم االسترقا JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 427: أنظر

JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 427: أنظر 177

Page 86: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

80

من باإلضافة إلى ر باألشخاص يتضأن االتجا فضال على. 178الحاالت باالستغالل الجنسيآخر هو االتجار بهم عن طريق البيع والشراء وحتى التبادل، مما اعنصر االسترقاق بعد

أخذ بعين االعتبار 179يؤكد أن نظام روما األساسي اعتمد مفهوما موسعا لالسترقاق . التطورات الحاصلة في القانون الدولي الجنائي

:القسري للسكانإبعاد السكان أو النقل . 4نة محكمة نورمبرغ ترحيل السكان كأحد األفعال المكواألساسي لنظام الأورد

مت من قبل اللجنة التحضيرية لنظام دللجرائم ضد اإلنسانية، غير أن االقتراحات التي قاشتملت على ترحيل السكان والنقل القسري للسكان، ويظهر 1996 عامروما األساسي

لذي عرفه هذا الفعل، وما النظامين األساسيين للمحكمة الجنائية من ذلك التطور اليوغسالفيا السابقة ورواندا أحسن دليل، إذ يبدو الفرق بين التعريف الوارد فيهما مع ذلك

.ج من نظام محكمة نورمبرغ/6المعتمد في المادة هما ع أكثر إذ أدمج الفعل في صورتين أن يتوس األساسي ولقد حاول نظام روما

ترحيلإذ يشير اإلبعاد إلى ، اإلبعاد والنقل القسري، على الرغم من اختالف المفهومين، 180الشخص خارج اإلقليم الوطني في حين أن النقل غالبا ما يتم داخل حدود الدولة ذاتها

د من نظام روما األساسي لهذا الفعل /7/1مما يؤكد على تغطية التعريف الوارد في المادة :د من نفس المادة هذا األمر بتعريفها له كالتالي/2الفقرة تدولقد أك .بشكل واسع

نقل األشخاص المعنيين قسرا من المنطقة " إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان"يعني « رات يسمح التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر، دون مبر

.»بها القانون الدولي اإلكراه، : نستخلص من هذا التعريف أن الفعل يشتمل على عناصر ثالثةويمكن أن

فلقد توسعت أركان الجرائم في تعريف اإلكراه إذ . األسباب المبررة والتواجد المشروع

تفاقية األمم المتحدة كملالالنساء واألطفال الم بخاصةاالتجار باألشخاص منعإلى بروتوكول نشير في هذا الصدد 178

ي صادقت عليه الجزائر بموجب المرسوم ذ، وال2000نوفمبر 15في عبر الوطنية المعتمد ة الجريمة المنظمةلمكافح .69ة عدد المنشور في الجريدة الرسمي 2003نوفمبر 9المؤرخ في 417- 03الرئاسي رقم

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 428: أنظر 179 .JUROVICS, Yann, Article 7.Crime contre …, Ibid., p. 429: أنظر 180

Page 87: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

81

ال يشير على وجه الحصر إلى " قسرا"مصطلح « : د/7/1من المادة 1ورد في الهامش خدامها أو القسر الناشئ مثال عن الخوف من القوة المادية وإنما قد يشمل التهديد باست

العنف واإلكراه واالحتجاز واالضطهاد النفسي وإساءة استخدام السلطة ضد الشخص .»المعني أو األشخاص أو أي شخص آخر أو استغالل بيئة قسرية

فهم منه أن اإلكراه ال يكون دوما جسديا بل قد يكون في العديد من الحاالت مما يممارسة تهديد أو ضغط على األفراد بغرض إجبارهم على مغادرة اإلقليم معنويا مثل

.بطريقة واسعةرة في القانون الدولي تتجسد في الوضعيات التي يتم فيها نقل كما أن األسباب المبر

السكان ألسباب مشروعة مثل قيام الدولة بتنفيذ مشاريع تجبرها على نقل مجموعة من .181هاالسكان لغرض إتمام إنجاز

ا الصدد إلى تعزيز اإلطار اإلقليمي لحقوق اإلنسان باتفاقية هامة تعد ذونشير في همساعدة النازحين داخليا في و هي اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي لحمايةو األولى من نوعها،

،2012في ديسمبر ذالتي دخلت حيز النفاو 2009كتوبر أ 22إفريقيا المعتمدة بكمباال في : أ ب/1فقرة 3تفاقية التزامات على الدول األطراف منها ما جاء في المادة لقد ألقت اإلو .»منعهو حظرهو اإلمتناع عن النزوح التعسفي للسكان «

لعل األهم هو ما ورد و صور النزوح التي تعد محظورة، 4كما أوردت في المادة : منها التي نصت على ما يلي 6في الفقرة

» م الدول األطراف أعمال النزوح التعسفي التي ترقى إلى جرائم اإلبادة الجماعية أو تجر .»جرائم ضد اإلنسانيةجرائم حرب أو

لى التعاريف الواردة فيها من أجل توضيح مشتمالت ونعتقد أنه يمكن اإلستناد إنسانية من اإلبعاد، كما أنها ستمكن الدول التي لم تدمج الجرائم ضد اإلو أفعال الترحيل

.لك كما سنوضحهذالقيام بم أما فيما يخص تواجد السكان بصفة مشروعة على اإلقليم، فمن البديهي أن يجر

القانونالدولي الجنائي فعل اإلبعاد الذي يطال أشخاصا يتواجدون بطريقة نظامية، وهو ما

.JUROVICS, Yann, ibid., p. 430: أنظر 181BETTATI, Mario, Crime contre l’humanité…, op. cit., p. 314.

Page 88: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

82

على اإلقليم ق عندما تتولى الدولة اعتماد سياسة إبعاد تجاه أشخاص يتواجدون ال يتحقن الرجوع ويتعي. بصفة غير مشروعة إذ ال يمكن إدراج ذلك ضمن الجرائم ضد اإلنسانية

، وال 182بصفة مشروعةدون تواجيإلى معايير دولية بغرض فحص ما إذا كان السكان يقا للتقدير خوفا من وجود انحرافات تكون نتيجة ترك للقانون الداخلي سوى هامشا ضي

.هذا المجاللتعسف الدولة في غنورمبراألساسي لنظام الفقرة ج من 6ز التعريف الوارد في المادة ولقد تمي

بالتضييق كونه اقتصر على أفعال كانت سائدة في تلك الفترة، وهي انتهاكات تمس بالحياة االسترقاق والنقل (وأخرى تتعلق بالحرمان الشديد من الحرية البدنية ) اإلبادةو االغتيال(

ر ب، كما أورد فعل االضطهادات ألسباب متعددة، وكذلك الصياغة العامة التي ع)القسريتعرض لهذين الفعلين بالتفصيل أدناه، رغم كونهما سنو عنها باألفعال الالإنسانية األخرى .راهسنبسبب التوسعة التي قد تنتج عنهما كما األساسي كانا معروفان منذ نظام نورمبرغ

جدات والنقائصالمست :الفرع الثاني

عرفت قائمة األفعال المكوعا تدريجيا، ويعود السبب نة للجرائم ضد اإلنسانية توسفي ذلك إلى خصوصية االنتهاكات التي عرفتها بعض المناطق من العالم، مما أدى إلى

كانت انطالقتها من النظامين األساسيين لمحكمتي يوغسالفيا ) -1(بروز أفعال جديدة اغة العامة والمبهمة لبعض األفعال تتطلب إفرادها بالتحليل يندا، كما أن الصالسابقة وروا

لنصل إلى التساؤل عما إذا كان المفهوم األحدث يعتبر جامعا مانعا أم أنه يعرف ) -2( ).- 3(نقصا يقتضي أخذه بعين االعتبار

:قائمة متنوعة من األفعال إلثراء مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية. 1

.JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité… », op. cit., p. 32, 53 et 56: أنظر 182

Page 89: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

83

يوغسالفيا ن األساسيين لمحكمتينظاميالنظام روما األساسي، ومن قبله تضمنكبت على نطاق واسع في إطار هجوم السابقة ورواندا، إدراجا لجملة من األفعال التي ارت

:منهجي سنتعرض لها تباعاالسجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد .أ

األساسية للقانون الدوليفقرة ج من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ للسجن، مكتفية 6لم تشر المادة

، إذ 183ن، ولقد أشار الفقه إلى النقص الذي عرفته هذه المادة في هذا المجالابإبعاد السكلها نظام هي التي فض" إبعاد السكان"إذا كانت عبارة « : بأنه Jurovicsر األستاذ اعتب

ن الهدف أ ن ليسا منفصالن تماما، إذيعلى السجن، فإن المفهوماألساسي نوبرمبرغ عند انتهاء عملية اإلبعاد هو وضع هؤالء األشخاص في وضعية ترتباألساسي الذي ي

.184»تهم السجن، ما عدا أولئك المزمع إبادالتي قام بها النازيون األلمان تجاه تعتقالللموعلى الرغم من الممارسة الواسعة عتمد بصورته الحالية عند أن هذا الفعل لم ي سكان بعض المناطق التي قاموا باحتاللها، إال

فقرة هـ من 5ل مرة في نص المادة ولقد ظهر ألو. تعريف الجرائم ضد اإلنسانية تبني، وهي نفس الصياغة التي وردت "السجن: "محكمة يوغسالفيا تحت تسميةلألساسي نظام اال

محكمة رواندا، غير أنه تم توسيع المفهوم في لنظام األساسي الفقرة هـ من 3في المادة ل في حد نظام روما األساسي حيث أدمج الحرمان الشديد من الحرية البدنية، والذي يشك

ما تم االعتراف بها في الصكوك العالمية واإلقليمية لحقوق ذاته مساسا بحقوق اإلنسان ك .اإلنسان

يغلب عليه الطابع الشخصي، فهو من جهة يعتمد عنصر الخطورة مفهومويالحظ أن هذا الم مما يطرح إشكالية المعيار المستند عليه لتكييف الفعل المجر" ديدشال"بإشارته إلى

.JUROVICS, Yann, « Article 7, Crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 431: أنظر 183

JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 61. NASEL, Mélanie, « Les crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 132.

.JUROVICS, Yann, « Article 7, Crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 431: أنظر 184

Page 90: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

84

بدرجة الخطورة، ومن جهة أخرى يشير إلى مخالفة للحرمان من الحرية البدنية أو السجن 185دة كما تشير إليه الصياغةالقواعد األساسية للقانون الدولي وهي قواعد غير محد .

التعريفوجوب التمييز بين حاالت السجن المشروعة والحاالت غير ا ذهمن ظهريهذه التفرقة إلى النقاشات التي دارت داخل اللجنة التحضيرية العتماد ردمالمشروعة، و

ها على ضرورة تحديد هذه الجريمة بصورة تسمح دت جلنظام روما األساسي والتي أكبتمييزها عن حاالت السجن المشروعة التي هي نتيجة لممارسة امتيازات السلطة

.186العامةرا بالوقاية م عندما يكون السجن مبرالمجر كما أنه ال مجال للحديث عن هذا الفعل

من األمراض المعدية، أو ألسباب صحية وكذا أمنية، تؤدي بالسلطات العامة إلى اتخاذ وتسمح الصياغة الموسعة لهذا الفعل . من خاللها بالحرية البدنية لألشخاص تدابير تمس

لى سبيل المثال الوضع بتجريم كل صور الحرمان من الحرية التي يشتملها، فقد تشمل ع .تحت اإلقامة كما هي ممارسة في العديد من الحاالت بصورة ممنهجة وواسعة النطاق

مدى لتقدير واإلقليمية منها العالمية الدولية القواعد من مجموعة إلى للرجوع كذلك وتؤدي .هـ/7/1 المادة بمفهوم جريمة تصبح متى معرفةو المخالفة

):هـ( )1(7 المادة في جاء إذ السجن لفعل المفهوم نفس ئمالجرا أركان اعتمدت ولقد من شديدا حرمانا أكثر أو شخصا يحرم أو أكثر أو شخص الجريمة مرتكب يسجن نأ - 1 «

.أخرى بصورة البدنية الحرية .» الدولي للقانون األساسية للقواعد انتهاكا ليشك الذي الحد إلى السلوك جسامة تصل أن -2 األساسي روما نظام من هـ/7/1 المادة نص على إبداؤها تم التي المالحظات يجعل مما

.المادة هذه على بدورها تنطبق وهذا جماعية إبادة جريمة السجن فيها يعتبر قد التي الحاالت إلى الحقا وسنتعرض

استهداف أن العلم مع جماعية، إبادة كونه وبين اإلنسانية ضد جريمة كونه حالة بين لتمييزل .األخيرة هذه زيمي الذي هو األساسي روما نظام من 6 المادة في فةالمعر الجماعات إحدى

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 431: أنظر 185 .Ibid., p. 431: أنظر186

Page 91: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

85

:التعذيب .ب

لمحكمة األساسي النظام منذ إال اإلنسانية ضد ضمنالجرائم الفعل هذا يظهر لم األساسي النظام منو فقرة 3 المادة ثم و، فقرة 5 المادة عليه تنص إذ السابقة، يوغسالفيا .187نورمبرغ لمحكمة األساسي النظام في صريحة بصفة يرد ولم رواندا، لمحكمة

إلرعاب كسياسة الدكتاتوريات من العديد في مستعمال كان التعذيب أن بل يقوم نهوك 188 متآمرون أو جواسيس بأنهم اإلعتراف على حملهمو وإذاللهم المعارضين

الوسائل بين من برواعت وعقله، جسده في اإلنسان تمس التي الوسائل أبشع استخدام على كان حيث واعترافات معلومات على الحصول بغية 189المتهمين استجواب لدى المشروعة

الدول بعض في وإدارة حكم سياساتك نظامية بصفة ستخدمي. للمجتمع فةمكث بجهود مدعومة الحكومية غير خاصة الدولية المنظمات مساعي أن إال عامل التعذيب مناهضة اتفاقية باعتماد عالمية بصفة الفعل تجريم إلى أفضى الدولي بدأ طويل لمسار كتتويج جاءتو أعاله، األول المبحث في مطوال لها ضناتعر والتي1984 أو للتعذيب اإلنسان تعرض منعت التي 5 المادة في اإلنسان لحقوق العالمي اإلعالن منذ

1966 عاملـ والسياسية المدنية بالحقوق الخاص الدولي العهد مداعت ثم مماثلة، قاسية ألفعال للتعذيب ضيتعر عالمي اتفاقي دولي نص أول لتشك التي 7 المادة في إليه اللجوء منع

اإلقليمية االتفاقيات في الوصف نفس ولقي ،اإلنسان لحقوق خطيرا انتهاكا ليشك باعتباره .190اإلنسان لحقوق

كتاب، ناصر، التعذيب ووسائل مناهضته في القانون الدولي المعاصر، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية :أنظر187

.303ص ،2010الحقوق جامعة الجزائر، DELAPLACE, Edouard, La torture, in Ascencio, Hervé, DECAUX, Emmanuel, PELET, Alain, (Sous-Dir), Droit international pénal…, op. cit., p. 370.

JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 48 .150وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : انظر 188 .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 432: أنظر 189للمعاملة أو العقوبة ال يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب وال: " من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان 3نصت المادة 190

".رامةالمهينة للك

Page 92: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

86

التعذيب من األشخاص جميع حماية حول عالناإل صدور االتفاقية اعتماد سبق كما العامة الجمعية عن صدر الذي نةيالمه أو الالإنسانية أو القاسية المعاملة ضروب وجميع العفو منظمة فيها لعبت حاسمة مرحلة لشك والذي 1975 ديسمبر 9 في المتحدة لألمم تكامال األكثر التعريف أن غير ملزم، دولي نص اعتماد نحو قدما للمضي بارزا دورا الدولية

.أعاله األول المبحث في عنده توقفنا والذي 1984 اتفاقية بموجب إال يظهر لم فإنه االتفاقي، الدولي القانون بموجب مامجر فعال التعذيب اعتبار إلى وباإلضافة

االعتراف تم كما العرفي الدولي القانون بموجب الصفة هذه حيازته غاية إلى ذلك يتعدى سنبينه كما المؤقتتين الدوليتين الجنائيتين لمحكمتينل القضائي االجتهاد يف صراحة بذلك

في يرتكب عندما اإلنسانية ضد جريمة الفعل باعتبار التجريم هذا جوتو الحقا، بالتفصيل .191المدنيين السكان من مجموعة أية ضد موجه منهجي أو النطاق واسع هجوم إطار

ورد إذ للتعذيب تعريفا األساسي روما نظام من 7 المادة من و/2 الفقرة متقد دولق :فيهاد إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة، سواء بدنيا أو عقليا، بشخص تعم" التعذيب"يعني «

موجود تحت إشراف المتهم أو سيطرته، ولكن ال يشمل التعذيب أي ألم أو معاناة ينجمان .»انونية أو يكونان جزءا منها أو نتيجة لها فحسب عن عقوبات ق

اتفاقية من األولى المادة في الوارد التعريف من المادة هذه رومحر استمد ولقد في هـ،/7/2 المادة في جاء الذي ذلك من تفصيال أكثر بصفة ورد الذي التعذيب مناهضة

ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة قاسية أو " :األمريكية لحقوق اإلنسانالدول من اتفاقية 5/2والمادة

".غير إنسانية أو مذلةفى احترام كرامته لكل فرد الحق : " 1981لسنة اإلنسان والشعوب اإلفريقي لحقوقمن الميثاق 5كما نصت المادة

واالعتراف بشخصيته القانونية وحظر كافة أشكال استغالله وامتهانه واستعباده خاصة االسترقاق والتعذيب بكافة أنواعه ".والعقوبات والمعاملة الوحشية أو الالإنسانية أو المذلة

أي شخص بدنيا أو نفسيا أو يحظر تعذيب - 1: " 2004لسنة لحقوق اإلنسان الميثاق العربيمن 8/1وكذلك المادة ."ةمعاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنساني

26كما تم اعتماد االتفاقية األوروبية للوقاية من التعذيب وجميع ضروب المعاملة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة في .1987نوفمبر

.من نظام روما األساسي" 2/"2فقرة 8عليه المادة كما أنه قد يعتبر جريمة حرب حسب ما نصت 191

Page 93: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

87

موظف كلمة فيها ترد لم 192عمومية أكثر بصيغة جاء اإلنسانية ضد كجريمة تعريفه أن حين ارتكاب تشترط لم إذ الحدود، أبعد إلى واتساعه شموليته إلى نخلص يجعلنا مما عمومي، يتم فال بارتكابها، عاديين مدنيين أشخاص باتهام يسمح مما عمومي، موظف قبل من الفعل .اإلنسانية ضد للجرائم العام السياق إطار في إال العمومية السلطات عن ممثلين اتهام

:منه )و)(1(7 المادة نصت فلقد الجرائم، أركان في الواسع التعريف هذا دتأك ولقدأن يلحق مرتكب الجريمة ألما شديدا أو معاناة شديدة، سواء بدنيا أو نفسيا، بشخص -1«

.أو أكثرأن يكون هذا الشخص أو هؤالء األشخاص محتجزين من قبل مرتكب الجريمة -2

.أو تحت سيطرتهأال يكون ذلك األلم أو تلك المعاناة ناشئين فقط عن عقوبات مشروعة أو مالزمين لها -3

.»أو تابعين لها الذي ذلك عن ابتعد اإلنسانية ضد جريمة باعتباره للتعذيب تعريف أحدث أن كما أن إلى األحوال من حال بأي يشر لم إذ التعذيب، مناهضة اتفاقية من األولى المادة أوردته

الشخص من اعترافات أو معلومات على الحصول هو الفعل هذا ممارسة من هدفال إلى الفقه ببعض أدى ما وهو التجريم، نطاق في التوسيع إلى كذلك يؤدي مما الضحية، .193لذاته التعذيب مجر األساسي روما نظام أن اعتبار

التي المؤقتة ائيةالجن للمحاكم زالمتمي القضائي بالعمل اإلشادة الصدد هذا في ويمكن اأثر ترك القضائي اجتهادها أن كما مداه، وتوسيع تطويره في لتساهم التعذيب مفهوم أثرت بالمتابعة تسمح التي العامة الصياغة اعتماد حوارج الذين و/7/1 المادة نص واضعي لدى .نوع أي من تضييق أي دون

التعذيب بصدد المعتمد فسيرالت استعراض من الدوليتين المحكمتين اجتهاد نناوسيمك في له سنتعرض كما مفهومه حيث من الفعل تطوير إلى أدى يذال اإلنسانية ضد كجريمة لمعاقبته القضائي باالختصاص يتعلق الذي التطور إلى باإلضافة الباب هذا من الثاني الفصل .بها زيتمي التي للخصوصية بالنظر

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 433: أنظر 192 .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, Ibid., p. 434: أنظر 193

Page 94: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

88

التعقيم أو القسري الحمل أو البغاء على اإلكراه أو الجنسي االستعباد أو االغتصاب .ج

:الخطورة من الدرجة هذه مثل على الجنسي العنف أشكال آخر شكل أي أو القسري، ألول ذكري لم الذي االغتصاب فعل إلى نورمبرغ محكمةل األساسي نظامال يشر لم

وفي ز، فقرة 5 المادة في السابقة يوغسالفيا لمحكمة األساسي النظام في إال صراحة مرة ليشك الفعل هذا كون من الرغم على رواندا، لمحكمة األساسي النظام من ز فقرة 3 المادة العالمي اإلعالن من 3 المادة ضمنيا له أشارت ما وهو اإلنسان، بكرامة خطيرا مساسا :أن على نصت عندما اإلنسان لحقوق

.»وسالمة شخصهلكل فرد الحق في الحياة والحرية « مساسا يعد فهو الجسدية، للسالمة انتهاكا ليشك االغتصاب كون إلى وباإلضافة

عملاست ولقد ،194والجنسية العامة اميتهحر يصيب خطيرا واعتداءا الضحية، وشرف بكرامة العرقي التطهير تسهيلو الضحايا إذالل بغية الدول بعض قبل من كسياسة الشنيع الفعل هذا .المقيتة اإلهانة هذه من اإلفالت أجل من 195للسكان جماعي فرار من عنه برتتي لما

غالب في النساء يطال الجنسي العنف أشكال من وغيره االغتصاب أن والحقيقة كما المرأة، ضد التمييز أشكال جميع على القضاء التفاقية اانتهاك ليشك يجعله مما األحوال

دولية قانونية نصوص متهانظ والتي الجنسية الصبغة ذات االسترقاق صور ببعض قيتعل أنه .الجنسي واالستعباد القسري البغاء حظرت

الجنسي العنف أشكال من وغيره االغتصاب استعمال إلى نشير أن هنا يفوتنا وال .196الحالة هذه في ربالح جرائم طابع يعطيه مما الحروب، خالل فةالمكث الوسائل كإحدى

لم أنه إال ،197الثانية العالمية الحرب خالل مورس االغتصاب أن من الرغم وعلىورواندا، السابقة يوغسالفيا لمحكمتي األساسيين نالنظامي اعتماد بمناسبة إال احةصر ميجر

.359جع سابق، ص مر م ضد اإلنسانية،سوسن، الجرائ ،تمرخان بكة: أنظر 194 .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 435: أنظر 195196من نظام روما األساسي والتي أحالت من خاللها إلى التعريف الممنوح لهذا الفعل 22/أ/8/2سته المادة وهو ما كر

.باعتباره جريمة ضد اإلنسانية .315، مرجع سابق، ص ...، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية روليم نجيب جورج نصا: انظر كذلك

.364 إلى 362سابق، ص الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع ،سوسن تمرخان بكة: وللتفصيل أكثر ارجع إلى

Page 95: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

89

مختلف بانتشار السابقة يوغسالفيا في اندلعت التي الحرب خالل ممارسته لكثرة بالنظر .شهدتها التي األحداث إثر على رواندا في مورس أنه كما ،الجنسية النتهاكاتا

يوغسالفيا محكمةل األساسي نظامال إغفال ،198المنظمات من العديدو الفقه انتقد ولقد المفتقرة الصياغة هذه أن غير القسري، الحمل مثل األخرى الجنسية االعتداءات إلى إلشارةا

في األساسي روما نظام منها استلهم بعناصر إثرائها من الدولية المحكمة تمنع لم للتفصيل .الحقة فترة

التجريم إلى األساسي روما نظام من 7 المادة بها جاءت التي الصياغة وتؤدي منها الهدف األفعال من لةمطو قائمة إيراد طريق عن الجنسي العنف أشكال لكل الصريح المادة في فقرة لأطو منها جعل الطريقة بهذه التعداد أن ويالحظ الجريمة، هذه معاقبة توسيع

لالغتصاب نةالمكو األفعال من فعل كل لمفهوم بالتفصيل الجرائم أركان ضتتعر ولقد ،199 للمحاكم ريالث القضائي االجتهاد من ذلك في مستلهمة الصفة، هذه مثل تحوز التي واألعمال اإليالج فعل من ليتشك الذي لالغتصاب بالنسبةف .اآلن له سنتعرض ما وهو المؤقتة الجنائية :بأنه الجرائم أركان من 1- ز )1( 7 المادة فتهعر اإلكراه، وكذلكأن يعتدي مرتكب الجريمة على جسد شخص بأن يأتي سلوكا ينشأ عنه إيالج عضو -1«

جنسي في أي جزء من جسد الضحية أو جسد مرتكب الجريمة أو ينشأ عنه إيالج أي و أي عضو آخر من الجسد في شرج الضحية أو في فتحة جهازها التناسلي مهما جسم أ

.كان ذلك اإليالج طفيفا2- رتكب االعتداء باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها أو بالقسر، من قبيل ما ينجم أن ي

عن الخوف من تعرض ذلك الشخص أو الغير للعنف أو اإلكراه أو االحتجاز أو رتكب االعتداء لنفسي أو إساءة استعمال السلطة أو باستغالل بيئة قسرية، أو ياالضطهاد ا

.»على شخص يعجز عن التعبير عن حقيقة رضاه

هذا الفعل صراحة ضمن الجرائم ضد اإلنسانية، إال أنه اعتبر نصعلى محكمة نورمبرغ لم ياألساسي لنظام الإذا كان 197 ج/2بموجب المادة 20/12/1945لمجلس الرقابة على ألمانيا الصادر في 10جريمة دولية في القانون رقم

198 ر عنه وهو ما عبJurovics بعدم الفهم الحقيقي لآلالم الناتجة عن هذه األفعال، وعن الحياء الخاطئ .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 40: أنظر

.368وسوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 436: أنظر 199

Page 96: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

90

لفعل تطور من يمكن ما أقصى ليشمل جاء أنه تعريف أحدث خالل من ويبدو حيث ،200الوطنية العقوبات قوانين به تأخذ الذي التقليدي مفهومه عن ابتعد الذي االغتصاب

الجنائي الدولي القانون على كان السابقة يوغسالفيا في النزاع أثناء جديدة أشكال أخذ أنه ضحيته جسم من المغتصب الشخص نويتمك .االعتبار بعين أخذها والعرفي االتفاقي ارتكاب على ليعاقب جاء التعريف هذا أن منه فهمي مما ،201طفيفا كان مهما باإليالج

يشترط أن دون الفعل، هذا بها يمس التي اإلنسان كرامة على اعتداءا لكيش كونه االغتصاب .جسامة من حدا له

أو إيجابيا، فعال لشك سواء به داالعتدا حيث من االغتصاب مفهوم توسيع يظهر كما عنصرا يعد اإلكراه أن كما الجريمة، مرتكب جسد في اإليالج في األخير هذا لويتمث سلبيا غير بطريقة أو الضحية على مباشرة بطريقة خدماست سواء 202الغتصابا في أساسيا يه الجرائم أركان من ستشفت التي التطورات أبرز ومن .عليها التأثير بقصد مباشرةراضيا يكون بأن للمتهم تسمح ال معينة ظروف في تحققي قد الذي اإلكراه مفهوم في عهاتوس

:اإلكراه عنصر يخص الذي 1 الهامش في ورد حيث مرض، بسبب بالفعلمن المفهوم أن الشخص قد ال يكون قادرا على اإلعراب حقيقة عن رضاه إلصابته «

.»بعجز طبيعي أو محدث أو بسبب كبر السن يندرج كذلك وهو الجنسي، العنف ألفعال حديثة صورة الجنسي االستعباد لويمث

بحق المتصلة السلطات رسةمما عنصر على يشتمل باعتباره االسترقاق جريمة ضمن :التالية بأركانه 2- )ز( )1( 7 المادة وعرفته ،203تينمر مامجر يجعله مما الملكية،

، غير أنها اعتمدت تسمية غير تلك من قانون العقوبات الجزائري االغتصاب 336ت المادة جرمعلى سبيل المثال، 200

قه بأن المشرع لقد اعتبر الف، وviolالواردة في اتفاقية روما، فأشارت له بهتك العرض، وجاءت العبارة باللغة الفرنسية .الجزائري لم يعتمد التسمية الصحيحة، وأن عبارة اإلغتصاب هي األصح

.95، ص 2012، 14بوسقيعة، أحسن، الوجيز في القانون الجزائي الخاص، الجزء األول، دار هومة، طبعة : انظر .المتن أعالهالمنصوص عليها في ) -1( 1-ز ) 1( 7أنظر المادة 201 .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… », op. cit., p. 46: أنظر 202

BETTATI, Mario, Crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 314.

.375وسوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص .378، ص ، المرجع نفسهسوسن تمرخان بكة: أنظر 203

JUROVICS, Yann, « Article 7. Crimes contre l’humanité…», op. cit., p. 437.

Page 97: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

91

صلة بالحق في ملكية أن يمارس مرتكب الجريمة إحدى أو جميع السلطات المت -1« شخص أو أشخاص كأن يشتريهم أو يبيعهم أو يعيرهم أو يقايضهم أو كأن يفرض عليهم

.ماثل ذلك من معاملة سالبة للحركةما أن يدفع مرتكب الجريمة ذلك الشخص أو أولئك األشخاص إلى ممارسة فعل أو أكثر -2

»من األفعال ذات الطابع الجنسي على األفراد تجبر التي المتكررة الممارسات مختلف في البغاء على اإلكراه لويتمث

ومهانة إذالال تحمل وهي السابقة، وغسالفياي في واسع نطاق على استعمالها وتم البغاء عن الفعل هذا زيمي وما صريحة، بصفة األساسي روما نظام مهاوجر للضحية، معتبرتين

على الحصول على يقوم أنه هو الجنسي االسترقاق عن كذلك بل الجنسي، العنف أفعال باقي .البغاء لفعل الضحية ممارسة إثر على 204آخر أو مادي مقابل

3- )ز( )1( 7 المادة نصت والتي الجرائم أركان في فيه التفصيل تم الذي األمر ووه :منهاأن يدفع مرتكب الجريمة شخصا أو أكثر إلى ممارسة فعل أو أفعال ذات طابع -1«

جنسي، باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها أو بالقسر، من قبيل ما ينجم عن الخوف من أولئك األشخاص أو الغير للعنف أو اإلكراه أو االحتجازأو ض ذلك الشخص أو تعر

االضطهاد النفسي أو إساءة استعمال السلطة، أو باستغالل بيئة قسرية أو عجز الشخص أو .األشخاص عن التعبير عن حقيقة رضاهم

أن يحصل مرتكب الجريمة أو غيره أو أن يتوقع الحصول على أموال أو فوائد أخرى -2 .»فعال ذات الطابع الجنسي أو لسبب مرتبط بها لقاء تلك األ األساسيين النظامين نقائص تدارك حاول األساسي روما نظام أن ذلك خالل من ويبدو المستطاع قدر محاوال لة،مفص نصوص في العملية الجوانب أفرغ حيث مؤقتتينال للمحكمتين

بعد القسري الحمل ككذل أدرج حيث سي،نالج للعنف الحديثة الممارسات جميع تغطية هذا إلدراج روما مؤتمر في المشاركة الوفود من العديد لمعارضة بالنظر عسيرة مفاوضات

.JUROVICS, Yann, « Article 7. Crimes contre l’humanité…», Ibid., p. 439: أنظر 204

Page 98: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

92

معتبرة خطورة على تنطوي الممارسة هذه أن لىع الوفود من العديد تأكيد وأمام ،205الفعل الصياغة جاءت السكان، من لمجموعة العرقية التركيبة على للتأثير غالبا استخدامها يتم إذ بين التوفيق حاولت إذ االعتبار، بعين االختالفات هذه آخذة األساسي روما نظام في

مختلف بين توافقية بطريقة الفعل هذا و-2-7 المادة فتعر حيث المتعارضين، االتجاهين :كالتالي اآلراء

المشروعة غير الوالدة وعلى قسرا الحمل على المرأة إكراه القسري الحمل" يعني -و « خطيرة انتهاكات ارتكاب أو السكان من مجموعة ألية العرقي التكوين على التأثير بقصد القوانين يمس نحو على التعريف هذا تفسير حال بأي يجوز وال .الدولي للقانون أخرى .» بالحمل المتعلقة الوطنية

الفعل ارتكاب من النتيجة وكذلك اإلكراه، عنصر اشتراط التعريف هذا من ويتبين إحداث إلى التوجه عدم حالة في انتفائها إلى يؤدي مما عنصرين، في تحديدها تم والتي بالغموض زيتمي الفقرة من األخير الجزء أن غير القسري، الحمل بموجب النتيجتين هاتين الفرصة ستكون إذ ،206بالحمل المتعلقة الوطنية بالقوانين لمساسا عدم إلى اإلشارة عند

وفقا فونهايسيك حيث الوطنية القوانين لتفسير الدولية الجنائية المحكمة لقضاة سانحة .واسعةال تقديريةتهماللسلط

نطاق على الفعل هذا ارتكاب بتجريم يسمح آخر عنصرا الجرائم أركان أضافت كما :يلي ما على 4- )ز( )1( 7 ةالماد تنص حيث واسع التكوين في التأثير ةبني الحمل على كرهتأ أكثر أو امرأة الجريمة مرتكب يحبس أن -1 «

للقانون أخرى جسيمة انتهاكات ارتكاب أو السكانية المجموعات من مجموعة ألي العرقي .» الدولي

الفعل تجريم هذا مهدفا من أن يق األمر بكل من الفاتيكان، الدول الكاثوليكية وكذلك الدول العربية والتي أبدت تخوتعل205

تعارض مع مبادئها الدينية هوماي، وJUROVICSإلى االعتراف بحق عالمي في اإلجهاض كما عبر عنه األستاذ .القانونية تهاوكذلك منظوم

.384سوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : أنظر .JUROVICS, Yann, Article 7…, op. cit., p. 439و

JUROVICS, « Article 7, crimes contre l’humanité… », Ibid., p. 440 : أنظر 206

Page 99: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

93

باحتجاز يقوم الذي الشخص ليطال يمتد القسري الحمل تجريم أن خاللها من ويبدو .القسري الحمل بجريمة قام من نفسه هو يكن لم إذا الفعل ضحية

التعقيم في ليتمث القسري لحملل مناقضا فعال األساسي األفعال روما نظام أدرج من ما شخص حرمان في ويتمثل ،207الثانية العالمية الحرب منذ معروفا كان والذي القسري :5- )ز( )1( 7 المادة عليه نصت ما وهو اإلنجاب على يةالبيولوج قدرته

.» اإلنجاب على البيولوجية القدرة من أكثر أو شخصا الجريمة مرتكب رمحي أن -1 « اإلنجاب مراقبة سياسة تعتمد التي تلك السيما الدول، بين خالف محل التجريم كانهذا ولقد عدم عنصر إلى اإلشارة جرائمال أركان تعريف يتضمن أن اشترطت التي الصين مثل

يهتبن تم الذي األمر وهو التجريم، دائرة من الوصف هذا تأخذ التي التدابير إلخراج الديمومة :فيه جاء حيث أعاله، إليها المشار الجرائم أركان من 1 الهامش في الناحية من األثر الدائمة غير النسل تحديد تدابير يشمل أن بالحرمان المقصود ليس «

.» العملية بعض اقترحته الذي المدى قصير األثر من بدال الديمومة عدم عنصر اعتماد تم هكذا

القسري التعقيم أن الجرائم أركان في الوارد التعريف عن بويترت ،208ألمانيا مثل الدول البيولوجية القدرة فقدان على يشتمل اإلنسانية ضد للجرائم نامكو فعال باعتباره

النازيون به قام ماك طبية تجارب إجراء عند الحال هو مثلما اإلنجاب، على ةوالفيزيولوجي مما ،209عنوة طبية تعقيم حمالت إلى األشخاص إخضاع أو الثانية، العالمية الحرب خالل .النية عنصر توفر ضرورة على التأكيد إلى يؤدي

7 المادة في جاء لما وفقا القسري التعقيم جريمة من الصور بعض ثنيتاست ولقد :والتي اشترطت 5 – )ز)(1( الشخص يتلقاه المستشفيات أحد في عالج يمليه أو طبيا رامبر السلوك ذلك يكون أال -2 «

.» منهم حقيقية بموافقة المعنيون األشخاص أو المعني

.يجيز التعقيم الوقائي األشخاص المصابين بأمراض وراثية 1936في اأصدر هتلر قانون 207 .387المرجع نفسه، ص ،سوسن تمرخان بكة :أنظر

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 440: أنظر 208 .Ibid., p. 440: أنظر 209

Page 100: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

94

ن صورة الفعل إمكانية اختالطه بجريمة اإلبادة الجماعية التي تتضم هذا يرثوي، غير أن االختالف بينهما يبقى قائما على 210تي تستهدف منع اإلنجابفرض التدابير ال

الرغم من قرب تسمية التعقيم القسري من مفهوم منع اإلنجاب، كون هذا األخير يكون 6211ها إلى إحدى الجماعات الواردة في المادة موج.

أي "لوصف جرائم العنف الجنسي والتي وردت بصياغة وردتأما آخر عبارة فلقد جاءت " ر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورةشكل آخ

ي كل ما يدرج ضمن األفعال التي وردت قبلها، وهي بذلك جاءت على شاكلة عبارة لتغطمحاولة هاتعرض لها الحقا، والتي يظهر من خاللنالتي س 212"نسانية األخرىإألفعال الالا"

غطي أكبر قدر ممكن من الوضعيات، في تقنين توسيع مفهوم جرائم العنف الجنسي لت .ي نقائص األنظمة األساسية التي سبقتهحاول أن يغط

ولقد ورد تعريف هذه األفعال التي جاءت في أركان الجرائم تحت تسمية العنف :بطريقة مفصلة كاآلتي 6 –) ز) (1( 7الجنسي في المادة

ذلك مرغي أو أكثر أو شخص ضد جنسية طبيعة ذا فعال الجريمة مرتكب فيقتر أن - 1 « بالتهديد أو القوة باستعمال جنسية طبيعة ذي فعل ممارسة على األشخاص أولئك أو الشخص أولئك أو الشخص ذلك تعرض من الخوف عن ينجم ما قبيل من بالقسر، أو باستعمالها استعمال إساءة أو النفسي االضطهاد أو حتجازاال أو اإلكراه أو للعنف الغير أو األشخاص حقيقة عن التعبير عن األشخاص أو الشخص عجز أو قسرية بيئة باستغالل أو السلطة، .» رضاهم

وتشمل هذه األفعال على سبيل المثال جميع صور المساس باألعضاء التناسلية يوغسالفيا السابقة في للضحية، وغيرها من األفعال التي أسهم االجتهاد القضائي لمحكمة

.كما سنتعرض له بإسهاب في حينه 213بلورتها

.د من نظام روما األساسي/6/1حسب ما نصت عليه المادة 210 .388الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص ،سوسن تمرخان بكة: أنظر 211 .JUROVICS, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 441: أنظر 212 .JUROVICS,Y, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit.,, p. 441: أنظر 213

Page 101: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

95

:شخاصلأل االختفاء القسري. دمما أدى إلى 214فةرف هذا الفعل خالل الحرب العالمية الثانية بصورة مكثلم يع

عدم ذكره صراحة في نظام نورمبرغ األساسي، إال أن انتشار االحتجاز السري خالل القرن الماضي ات يول أمريكا الالتينية خالل سبعيندفترة حكم الدكتاتوريات التي عرفتها

أدى هذا االختفاء إلى المساس بل، 215اختفاء الضحايا والجهل بمصيرهمإلى والذي أفضى ، إلى التفكير في 216ألنهم يكونون قد قتلوا النظر لكون الضحايا ال يظهرون أبدابالحياة ب .ا الفعل ضمن الدائرة التجريميةذإدراج ه

من خالل ك أسر الضحايا المختفينولقد أدت هذه االنتهاكات الواسعة إلى تحروالتي FEDE FAMها الفدرالية الالتينوأمريكية المعروفة باسم إنشاء جمعيات كانت أنشط

ولعل أبرز مجال لتقرير . ن أفعال االختفاءعسعت إلى إقرار المسؤوليات المترتبة مسؤولية الدول المعنية عن االختفاء القسري كان أمام جهازين أحدهما سياسي ويتمثل في

فعت أمامها، واآلخر اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان من خالل الشكاوى الفردية التي راألمريكية لحقوق اإلنسان حيث أسهمت هذه األخيرة بقسط وافر الدول ة قضائي هو محكم

.في إرساء القواعد القانونية التي تحكم هذا الفعل الذي أصبح جريمة دولية فيما بعدونشير أن هذين الجهازين أكدا على ضرورة التزام الدولة بإجراء تحقيق عند

على العدالة ودفع تعويضات لعائالت وجود اتهام باختفاء لألشخاص وبإحالة المسؤولين .217الضحايا

وال يخفى أن األمم المتحدة حاولت بدورها االهتمام باالختفاء القسري، حيث بينت فيه قلقها 1978ديسمبر 20في 33/173أصدرت الجمعية العامة القرار رقم

م والملوك ضد ال ينبغي إنكار أن عملية إخفاء األشخاص كانت معروفة دوما عبر التاريخ، إذ استعملها الحكا 214

.معارضيهم كوسيلة للترهيب والقضاء على أي بروز لرأي مخالف ,DE FROUVILLE, (Olivier), « Les disparitions forcées », in ASCENCIO, Hervé:أنظر

DECAUX,Emmanuel, PELET, Alain, (Sous-Dir), Droit international pénal…, op. cit., p.377. .JUROVICS, Yann, Article 7.Crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 449 : أنظر 215

.JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 61 et 62و .285وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : انظر 216 .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 449 : أنظر 217

Page 102: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

96

كما 218لملت حاالت االختفاء القسري في مناطق مختلفة من العابسبب التقارير التي سج ،المتحدة كات جمعيات عائالت المختفين في إنشاء مجموعة عمل داخل األمم أسهمت تحر

بغية ترتيب المسؤوليات، وعملت على التحقيق لمساعدة العائالت في معرفة مصير ذويهم .على الرغم من صعوبة المهمة بالنظر لمبدأ سيادة الدوليتعلق 1992ديسمبر 18إعالنا في وعلى شاكلة التعذيب، أصدرت الجمعية العامة

بحماية جميع األشخاص من االختفاء القسري، ومن أهم ما جاء فيه اعتبار الممارسة :نصت الديباجة ذإالمستمرة لهذا الفعل جريمة ضد اإلنسانية،

.» اإلنسانية ضد جريمة بمثابة يعتبر منتظم نحو على األفعال هذه ممارسة وأن «هذه أول مرة يتم منح هذا الوصف القانوني على الرغم من افتقار هذا وتعد

ل بداية لتكريس قانوني رأى النور أخيرا في اإلعالن للطابع اإللزامي، غير أنه يشكباعتماد اتفاقية دولية حول حماية جميع األشخاص من االختفاء القسري والتي 2006

غير 219نص جاء الحقا على اتفاقية روما ، وهو 2010ديسمبر 23دخلت حيز النفاذ في بالنظر لمصادر القانون التي تطبقها المحكمة الجنائية بها عالقة وطيدة علىأنه سيكون

من نظام روما األساسي، والتي سنتعرض لها 21الدولية كما ورد النص عليها في المادة .الحقا

إلى اإلشارة رواندا و يوغسالفيا السابقة تيالنظامان األساسيان لمحكم تضمنلم يهذا الفعل ضمن القائمة الواردة فيهما، ولدى ورود اقتراح من دول أمريكا الالتينية في

، 220مؤتمر روما بإدراجه، لقي األمر معارضة شديدة بالنظر لحساسية الموضوع وحداثتهط /7/2فته المادة ط من نظام روما األساسي، وعر/7/1وتم اعتماده في النهاية في المادة

:كما يلي

.460سوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : أنظر 218 .في اتفاقية روما ذلك المعتمدويعد التعريف الوارد في اإلتفاقية األممية أكثر شموال من 219 CALLEJON, (Claire), « Une immense lacune du droit international comblée avec le: انظر

nouvel instrument des nations unies pour la protection de toutes les personnes contre les disparitions forcées », in R.T.D.H., 2006, n°66, p. 343.

: أنظر 220JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 450.

Page 103: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

97

احتجازهم أو أشخاص أي على القبض إلقاء "لألشخاص القسري االختفاء" يعني .ط « سكوتها أو الفعل لهذا منها دعم أو بإذن أو سياسية، منظمة أو دولة قبل من اختطافهم أو

عن معلومات إعطاء أو حريتهم من األشخاص هؤالء بحرمان اإلقرار رفضها ثم عليه، .» طويلة زمنية لفترة القانون حماية من حرمانهم بهدف وجودهم، أماكن عن أو مصيرهم

من أركان الجرائم نفس العناصر التي جاءت في ) ط) (1( 7لقد اعتمدت المادة .تعريف النظام األساسي

مساهمة اآلليات اإلقليمية لحماية حقوق اإلنسان في تعريف بهنا التذكيروالبد من ل صك ، بل أن أو221ظهر التأكيد اإلقليمي لقاعدة ذات بعد عالميياالختفاء القسري مما

دولي ملزم يعالج االختفاء القسري كان االتفاقية األمريكية بشأن االختفاء القسري تها أن الدول أعضاء منظمة الدول والتي جاء في ديباج 1994 عامالمعتمدة 222لألشخاص : األمريكية

ضد وكريهة بغيضة جريمة ...هو لألشخاص القسري االختفاء أن االعتبار في أخذذتوإ « .» له المالزمة اإلنسان كرامة

من ويظهراإلقليمي، و لك التفاعل المستمر بين المستويين العالميذ من يبرز في الدولة طتور إلى صراحة أشاروا واضعيه أن األساسي روما نظام في الوارد التعريف المسؤولية على اتأكيد يعد مما عليه بسكوتها أو دعم أو منها بإذن حتى أو الفعل، هذا ارتكاب والجماعي دالمعق الطابع لىإ لذلك باإلضافة يشير أنه كما الصدد، بهذا عاتقها على تقع التي .223الجريمة لهذه

هذا في صك أحدث فتعد القسري االختفاء من األشخاص جميع حماية اتفاقية أما :ديباجتها من 5 الفقرة في جاء والتي المجال

نةمعي ظروف في ل،ويشك جريمة ليشك الذي القسري االختفاء خطورة شدة تدرك ذوإ « .» اإلنسانية ضد جريمة الدولي، القانون يحددها

LUNCA, (Mariane), « Le régionalisme, vecteur d’internationalisation des nouveaux: أنظر 221

droits de l’homme », In DOUMBE-BILLÉ, (Stéphane) (Sous Dir), Nouveaux droits de l’homme et internationalisation du droit, BRUYLANT, 2012, p. 253.

222 1996مارس 28ز النفاذ في والتي دخلت حي. .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité »…, op. cit., p. 452: أنظر 223

Page 104: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

98

روما نظام في جاء كما الدولة من هارتكاب إلى باإلشارة ليس الفعل هذا فتعر فلقد المحكمة قضاة سيحاول اختالفا يظهر مما منها 2 المادة في الدولة موظفي إلى بل األساسي، .له متقارب تفسير إعطاء الدولية الجنائية :العنصري الفصل جريمة .هـ

جنوب حكومة انتهجتها التي العنصري الفصل سياسة إلى الجريمة هذه جذور دتعو بينهم العنصريين والتمييز العزل على تقوم والتي ،1948 منذ السود األفارقة ضد قياإفري التنديد على المتحدة األمم عملت المنتظمة، الممارسة هذه لخطورة ونظرا .224البيض وبين

األمن، ومجلس العامة الجمعية من كل قبل من رةومتكر واضحة بصورة العنصري بالفصل .225إلنسانيةا ضد جريمة أنه معتبرة

1971 جوان 21 في الصادر اإلستشاري رأيها في الدولية العدل محكمة رتعب كما أنه اعتبرت إذ العنصري الفصل يخص فيما موقفها عن إفريقيا غرب جنوب قضية في

يشكل أنه الفعل هذا زيمي وما .226اإلنسان بحقوق المتعلقة المتحدة األمم ميثاق أحكام يخرق الفصل لمناهضة دولية اتفاقية محل يكون جعله مما ،227االضطهاد ألفعال مؤسسيا نظاما

األممية المنظمة لمعارضة كنتيجة وذلك 1973228 نوفمبر 30 في صادرة العنصري دولي نص أول وتعد إفريقيا، جنوب حكومة تمارسها كانت التي العنصري التمييز لسياسة ما على1 فقرة األولى المادة نصت حيث ةاإلنساني ضد الجرائم ضمن الفعل هذا يدرج ملزم :يلي

.505الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص ،مرخان بكةتسوسن : أنظر 224

.195و وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص .1966ديسمبر 16الصادر في 2202Aالجمعية العامة، القرار : أنظر 225 : الرأي اإلستشاري جاء في 226

« Le fait d’établir et d’imposer …des distinctions, exclusions, restrictions et limitations qui sont uniquement fondées sur la race, la couleur, l’ascendance ou l’origine nationale ou ethnique et qui constituent un déni des droits fondamentaux de la personne humaine, est une violation flagrante des buts et principes de la Charte ».

CIJ, Conséquences juridiques pour les Etats de la présence continue de l’Afrique du Sud : أنظرen Namibie (Sud ouest africain), , avis consultatif, 21 juin 1971, par. 131.

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 453: أنظر 227 .1976جويلية 18والتي دخلت حيز النفاذ في 228

Page 105: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

99

.» اإلنسانية ضد جريمة العنصري الفصل أن االتفاقية هذه في األطراف الدول تعلن -1 « :بصفة مفصلة كما يلي 2كما عرفت الفصل العنصري في المادة

وممارسات سياسات من ذلك يماثل ما تشمل التي "العنصري الفصل جريمة" عبارة إن « االتفاقية، هذه ألغراض تنطبق ،فريقياإل جنوبال في الممارسة العنصريين التمييزو لالعز من نم عنصرية فئة هيمنة ةاموإد إقامة لغرض المرتكبة اآلتية، الالإنسانية األفعال على منتظمة بصورة واضطهادها أخرى عنصرية فئة أية على البشر عنصرية، فئات عدة أو فئة في أعضاء بقتل .'1 بالتعدي أو عنصرية، فئات عدة أو فئة في بأعضاء عقلي، أو بدني خطير، أذى بإلحاق .'2

الوحشية أو القاسية العقوبة أو للمعاملة أو للتعذيب بإخضاعهم أو كرامتهم، أو حريتهم على .»....بالكرامة الحاطة أو

الجرائم م بالتفصيل طائفة منرغم االختالف حول اعتبار هذه االتفاقية جاءت لتنظمارس من قبل حكومة جنوب ضد اإلنسانية، أو أنها خاصة بتجريم الفصل العنصري الم

ل اإلطار العام لهذه الجريمة حتى بعد اعتمادها في ، إال أن األرجح أنها تشك229إفريقياح من هذا األخير بطريقة شاملة وعامة /7/2فتها المادة نظام روما األساسي، ولقد عر

:وردت كالتالي إليها المشار األفعال طابعها في تماثل إنسانية ال أفعال أية "العنصري الفصل جريمة" تعني « المنهجية والسيطرة المنهجي االضطهاد قوامه مؤسسي نظام سياق في رتكبوت 1 الفقرة في ةبني وترتكب أخرى، عرقية جماعات أو جماعة أية إزاء واحدة عرقية جماعة جانب من

.» النظام ذلك على اإلبقاءلألفعال تعداده في األساسي روما نظام أن هي إبداؤها يمكن مالحظة لأو نةالمكو األخرى األفعال خالف على العنصري بالفصل "جريمة" عبارة قرن اإلنسانية ضد للجرائم المادة في جاء الذي التعريف أن نجد أخرى، جهة ومن ،جهة من هذا لذلك تفتنا التي

:أنظر الحجج المفصلة في229

DUGARD, John, « L’apartheid », in ASCENCIO (Hervé), DECAUX, (Emmanuel)…, op. cit., p. 353.

.506 مرجع سابق، ص الجرائم ضد اإلنسانية، ،سوسن تمرخان بكة

Page 106: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

100

لها تعرضنا التي األفعال لتشك والتي 1 الفقرة في المذكورة األفعال جميع على أحال ح/7/2 .خصوصية الفعل لهذا يعطي مما بالتفصيل،

"مؤسسي مانظ" عبارة استعمال أهمية تبرز الجريمة لهذه التاريخية األصول ولعل بل والتنظيمية التشريعية التدابير ومختلف حكومة واستعمال الدولة سياسة إلى تشير والتي المفهوم في تضييقا يبرز أنه غير ،230إفريقيا جنوب في الحال عليه كان كما الدستور وحتى

من الدولة غير جماعات بها تقوم التي الممارسات خرجي مما المؤسسي، النظام الشتراطه .المفهوم هذا

ا لتفسير وتطبيق جريمة الفصل اقية منع الفصل العنصري مصدرا مهموستكون اتفالعنصري باعتبارها جريمة ضد اإلنسانية في نظام روما األساسي، وتبرز خطورتها في

إلى 231أنها تقوم على تقسيم المجتمع من قبل المجرمين استنادا إلى معايير عرقية تنتمي إلى عرقهم والتي ستكون مجموعة تمثلهم، وأخرى معرفة بالسلب وهي كل من ال

.محل األفعال المشار إليها آنفا :االضطهاد. و

محكمة األساسي لنظام الجد منذ نشير إلى أنه على الرغم من كون هذا الفعل ونورمبرغ، إال أننا ارتأينا إدراجه ضمن قائمة األفعال الجديدة بالنظر للتطور الذي شهده

د نظام روما األساسي، ويجد هذا الفعل مصدره في ااعتممنذ تلك الفترة وإلى غاية قمع خاص يكون في العديد من الحاالت بداية القيامبالسياسات اإلجرامية المعتمدة من أجل

التي تنتهجها بعض 232لمساس بحقوق أساسية، وهو حال حمالت االسترقاق واإلبادةل .الدول

م نورمبرغ األساسي بصياغة ج من نظا/6ولقد ورد تجريم هذا الفعل في المادة :أولية مفادها

.» دينية أو عرقية، سياسية، ألسباب االضطهادات «

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 455: أنظر 230 .JUROVICS, Ibid, p 455: أنظر 231

.JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… »…, op. cit., p. 81: أنظر 232

Page 107: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

101

ول الفقه ومعه االجتهاد ا، ح233ونظرا للصياغة المبهمة لمصطلح االضطهادجل تحديد معالمه، والحقيقة أنه ينبغي الوقوف عند عنصرين لتعريف أالقضائي تعريفه من

ن للجرائم ضد في المقصود باالضطهاد في حد ذاته كمكوهذه الجريمة، يتمثل األول .اإلنسانية، أما الثاني فيخص الجماعة التي تكون ضحية لهمن مشتقة التيني اأصلهكلمة 234إن االضطهاد أو جرائم الكره كما يسميها البعض

رفت منذ ، ويقصد به حسب الممارسات التي ع235التي تعني المتابعة Persequiكلمة عالمية الثانية تلك التدابير القمعية المتخذة بناءا على سياسة تمييزية تقوم بها الحرب ال

جماعة ضد جماعة أخرى عرقية أو سياسية أو دينية حسب مفهومها األولي في نظام وتتمثل في التسبب بصفة مستمرة ونظامية بمعاناة بدنية أو عقلية . نورمبرغ األساسي

وما إدراجها منذ تلك . 236ساسية أو المساس بأمالكهمللضحايا، أو بحرمانهم من حقوق أون في وضعية ضعف صبحالمرحلة إال لكونها تؤدي إلى نزع إنسانية الضحايا الذين ي

بسبب استهدافهم بهذه األفعال، كما أنها تعد جرائم خطيرة بالنظر لمساسها بالمبدأ القانوني .يتمثل في المساواة وعدم التمييز الذي يقوم عليه القانون الدولي لحقوق اإلنسان والذي

ويؤدي اعتماد االضطهاد كأحد األفعال المكونة للجرائم ضد اإلنسانية إلى التوسيع ، إذ قد تكون بعض األفعال على درجة أقل من 237من نطاق التطبيق المادي لهذه األخيرة

- 2-7فت المادة ولقد عر. زييالتمي الدافعالخطورة ضمن هذه الجرائم إذا توفرت على :االضطهاد بأنه) ز( الحقوق من وشديدا دامتعم حرمانا السكان ومجموعأ السكان من جماعة حرمان يعني «

.» المجموع أو الجماعة هوية بسبب وذلك الدولي، القانون يخالف بما األساسية

.475ن بكة، الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص سوسن تمرخا: أنظر 233الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ،سوسن تمرخان بكة: ومذكورة في مرجع RISENBAUMالتسمية تعود لـ 234 .475ص

.JUROVICS, Yann, Réflexions sur la spécificité du crime…, op. cit., p. 82: أنظر 235 .Ibid: أنظر 236 .NASEL, Mélanie, Les crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 133: أنظر 237

Page 108: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

102

القانون لقواعد مخالفة 238والحريات الحقوق مجموع خرق إلى التعريف هذا ويحيل الضطهاداتا ومثالها ككل، الدولي للقانون باإلحالة التجريم توسيع هنا من ويبدو لي،الدو المساس أو الوطنية المجموعة من أشخاص استبعاد أو المساواة، في بالحق تمس التي

اءجر بها المساس يتم التي للحقوق القضائي االجتهاد إثراء في للتفصيل وسنعود بالممتلكات، .الدولية الجنائية المحكمة لقضاة مهما امورد تشكلس والتي االضطهاد أو عرقية سياسية، مجموعة إلى االنتماء بداية كانت فلقد الجريمة هذه ضحايا أما

بنوع المتعلقة أو الثقافية ،اإلثنية القومية، المجموعة األساسي روما نظام لها وأضاف دينية كون إلى بالنظر خطورتها يبرز ما ووه الجريمة، نطاق من التوسيع إلى يؤدي مما سجنال

.239موجودة نهاأ لمجرد اضطهادها يتم التي للضحية خيار أي يتركون ال مرتكبيها التي األفعال أحد وبين االضطهاد بين الربط إلى أشار التعريف أن نجد ،أخيرا

باقي عن الفعل هذا استقالل مدى حول تساؤالت أثار الذي األمر 7/1 المادة تضمنتها .له سنعرض كما بإسهاب القضائي االجتهاد فيها فصل والتي 240فعالاأل صياغة شاملة في مواجهة التطورات المفاهيمية: نسانية األخرىإاألفعال الال. 2

بالنظر لسياق ظهور مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية خالل الحرب العالمية الثانية، نة لها فأوجدوا األفعال المكو ر واضعو ميثاق نورمبرغ في وضع تعريف شامل لمختلففك

قصور ت، غير أن التطورات أبرز)- أ(الصياغة التي اعتمدها كذلك نظام روما األساسي ).ب(المفهوم في تغطية صور حديثة

الشمول المبدئي: األفعال الالإنسانية األخرى. أرفت هذه العبارة في األنظمة األساسية المختلفة، على الرغم من أن القانونع

، من أجل تغطية 241الدولي ال يعرف جريمة بهذا االسم، وكذلك الحال في القوانين الوطنيةاألفعال التي قد ال تدخل ضمن القائمة الخاصة بالجرائم ضد اإلنسانية، وقد اعتبر الفقه أن

.JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 443: أنظر 238 .NASEL, Mélanie, Les crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 134: أنظر 239إذا كانت الصياغة األولى التي جاءت في ميثاق نورمبرغ أشارت إلى االرتباط، فإنها اختفت في النظامين األساسين 240

.لمحكمتي يوغسالفيا السابقة ورواندا، لتظهر مجددا في نظام روما األساسي .521جع سابق، ص الجرائم ضد اإلنسانية، مر ،سوسن تمرخان بكة: أنظر 241

Page 109: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

103

األفعال التي أصبح ينص عليها نظام روما صراحة كانت مشمولة منذ ميثاق نورمبرغ .242"الالإنسانية األخرىاألفعال "بعبارة

وبالنظر للصياغة المبهمة لهذه الطائفة، عارضت بعض الوفود إدراجها ضمن نظام ، غير أن االتفاق 243روما األساسي كونها تفتقر للدقة التي يتطلبها مبدأ الشرعية الجنائية

لك التي جاءت في تبطريقة مختلفة عن هاغتاصي مع وقع في األخير على اإلبقاء عليها، :بـ) ك(1- 7ج من ميثاق نورمبرغ، حيث أشارت إليها المادة /6المادة

في أو شديدة معاناة في عمدا تتسبب التي المماثل الطابع ذات األخرى الالإنسانية األفعال « .» البدنية أو العقلية بالصحة أو بالجسم يلحق خطير أذى

على تنطوي صراحة تحديدها يتم لم التي األفعال هذه أن التعريف هذا من ويبدو تمس آالم في تتمثل شديدة معاناة بإحداث وتتميز القائمة، في سبقتها التي لألفعال مماثل طابع يعتبر قد بالجسم المساس ألن األخيرة هذه تخص أنها الغالب وعلى العقلية، الصحة أو الجسم األفعال هذه تتميزو ،244صراحة عليها النص سبق والتي غيره أو التعذيب أفعال قبيل من

هو اإلنسانية ضد الجرائم أصل أن ذلك كذلك، هي سانيإنالال بطابعها صراحة المذكورة .245إنسانيته من الضحية دتجري هاالمجسدةل الصور جميع تستهدف التي األفعال جميع حظر غةصب على تنطوي وغيرها واالسترقاق واإلبادة القتل أفعال أن في أحد ينازع وال حاولت والتي اإلنسانية ضد للجرائم القانوني المفهوم بمجملها تغطي ال أنها إال انية،نسالإال

.تكملتها "األخرى الالإنسانية األفعال" عبارة مفتقر ذاتي طابع ذات العبارة هذه تعتبر أن يمكن التي االنتقادات لتفادي ومحاولة

نفي وسيلة بأنه نسانيإالال لالفع اعتبار تم حيث معالمها، لتوضيح محاوالت وردت للدقة، التي األفعال بعض إلى باإلضافة وهي ،246اإلنساني والنوع الفرد بين الطبيعية الرابطة

.522المرجع نفسه، ص 242 .JUROVICS, Yann, « Article 7.Crimes contre l’humanité », …, op. cit., p 456: انظر 243 .NASEL, Mélanie, « Les crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 133: أنظر 244 .JUROVICS, Yann, « Réflexions sur la spécificité du crime… », op. cit., p. 63: أنظر 245 .Irréductible humainمن اإلنسان عدم اإلنقاصهناك من يتحدث كذلك عن 246 .JUROVICS, Ibid., p. 66: أنظر

Page 110: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

104

المساس تشمل 247البشرية الدروع استخدام أو الضرب مثل للجسم شديدة معاناة بتسب .للسخرية التعريض أو عيزالتف أنواع مختلف مثل العقلية بالصحة

األفعال ضمن البيئية المخالفاتو المشروعة غير الطبية بالتجار إدراج نحو .ب

؟نسانيةإالالفيها، البحث وضوعم هو اإلنسان كان علمية، اكتشافات إلى الطبية التطورات تأد ،248البشري للجنس المبرمج التحويل نحو األبواب فتحت وخالياه، أو أعضائه في سواء البعض جعل مما اإلجرامية السياسة خدمة في المهلكة الطبية التطورات أسهمت ام غالباو

.249اإلنسانية ضد الجرائم وصف يمنحها عن مبتعدة صور، ةعد كوسيلة اإلنسان تستخدم التي الطبية التطورات هذه وتأخذ

الذي Eugénisme األنسال تحسين علم منها البيولوجية، أو الطبية للعلوم النبيلة األهداف .أخرى مجموعة على سياسية أو دينية أو عرقية مجموعة علو تأكيد إلى يصبو

عندما نورمبرغ محاكمات خالل الطبية للتجارب التجريمية الصور أولى برزت ولقدواستكشافاتهم لتجاربهم كوسيلة اإلنسان استخدامهم بسبب األطباء من مجموعة محاكمة تتم

التجارب هذه أن مفادها بحجج المتهمين دفاع تمسك وأمام ،شديدة آالم عنها نتجت الطبية النتيجة ألن بها االعتداد المحكمة رفضت ملحوظة، بصورة العلم تطوير على بالفائدة عادت للقوانين بالمخالفة تتم أنها كما للضحايا، بالغة أضرار في تمثلت عنها بتترت التي

.الطبية ولألخالقيات

.يل االجتهاد القضائي لهذه األفعال الحقاسنتعرض لتفص 247 .JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… »…, op. cit., p. 457: أنظر

LENOIR, Noëlle, «Le droit international pénal de la bioéthique», in: أنظر 248ASCENCIO, Hervé, DECAUX, Emmanuel, PELLET, (Alain), (Sous Dir), Droit international…, op. cit., p. 405.

.JUROVICS, Yann, Réflexions sur la spécificité du crime…, op. cit., p. 75:أنظر 249

Page 111: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

105

الفقيه ثتحد فقد مرتكبيها، لصفة بالنظر واسعا اشمئزازا ساتالممار هذه مثل وتثيرJUROVICS الخطة بإعداد بالتزامه المجرم الطبيب أن يعتبر حيث ،"الطبي اإلجرام" عن

.250اإلنسانية ضد الجريمة لتطور امصدر يكون التجارب، إجراء في ومشاركته اإلجرامية كشيء له استهدافها لمجرد اإلنسان بكرامة الالأخالقية الطبية التطورات هذه ستمو

بدءا رهاظح على يعكف الدولي المجتمع جعل مما والمستشفيات، المخابر في ستخدمت أداة أو في جاءت مختلفة نصوص في أو "نورمبرغ نةمدو" طريق عن نورمبرغ محاكمات من

من المعتمدGénome البشرية الخلقة نوعية حول العالمي اإلعالن أهمها 251إعالنات صورة بالحقوق الخاص الدولي للعهد السبق كان وقد ،1997 نوفمبر 11 في اليونسيكو منظمة قبل

:منه 7 المادة في نص الذي والسياسية المدنية رضاه دون أحد على علمية أو طبية تجربة أية إجراء يجوز ال الخصوص، وجه علىو ...«

".الحر هذه على اإلنسانية ضد الجرائم صفة فاءإض في فعال دور القضائي لالجتهاد سيكون

نسبيا، حديثة مرحلة فيالعالم شهد و.اإلنسان كرامة من تنتقص التي يةالطب المخالفات التطور بسبب السيما بالبيئة جسيمة أضرار إحداث إلى أدت عديدة وممارسات تجارب

الضرر من عقولالم الحد تتجاوز الكبرى، الدول فيه تتحكم الذي والتكنولوجي الصناعي مؤتمر إعالن في تجسد ،ه األفعالذه مثل للبيئة الدولي القانون حظر ولقد ،252العادي

الصادر والتنمية البيئة حول ريو إعالن في تكريسه وأعيد 1972 عام الصادر ستوكهولم .2010 لعام دوربان إعالن و 1996 لعام كيوتو إلعالن باإلضافة ،1992 عام

منها تتخلص ما غالبا والتي ،البيئية المخالفات صور أبرز بالنفايات التلوث عديو البيئية المخالفات إدراج إمكانية لىإ الفقه أشار ولقد النامية، الدول أقاليم في عةالمصن الدول أن ويمكن ،253القضائية التطبيقات بعض على موقفهم سينمؤس اإلنسانية ضد الجرائم ضمن

.JUROVICS, Yann, Réflexions sur la spécificité du crime…, op. cit., p. 72:أنظر 250 .LENOIR, Noëlle, «Le droit international pénal…», op. cit., p. 408 : أنظر 251

,NEGRE, (Céline), «Les atteintes massives à l’environnement», in ASCENCIO: أنظر 252Hervé, DECAUX, Emmanuel, Pellet, Alain, (Sou Dir), Droit international…, op. cit., p. 537.

répressionMANIRABONA, Amissi Melchiade, «L’affaire Trafigura : vers la:أنظر 253degraves atteintes environnement…», op. cit., p. 539.

Page 112: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

106

الجرائم ضمن األفعال هذه بإدراج يسمح قانونيا سندا األخرى نسانيةإالال األفعال عبارة تكون كرسه الذي القانوني المفهوم هذا يجعل مما تعريفها، ناتمكو على انطوت إذا اإلنسانية ضد أن شريطة المعطيات، مع ويتجاوب تالتطورا مع يتالءم مطاطا مفهوما نورمبرغ ميثاق .اآلن عنده سنتوقف الذي المعنوي الركن وهو الجرائم لك تشترطه الذي الثاني ركنه يتحقق

التمييزي الدافع إشكاليةو المعنوي الركن :لثالثا المطلب لدى الجنائي القصد توافر األخرى الجرائم كباقي اإلنسانية ضد الجرائم شترطت إجرامية سياسة تنفيذ بقصد الجرمية باألفعال القيام إلى نيتهم توجه في المتمثلو مرتكبيها،

علم ضرورة على أكدت روما اتفاقية من 7 المادة صياغة أن غير )األول الفرع( مسبقا معدة .له سنعرض ما هوو )الثاني الفرع( بالهجوم الجاني

مشتمالت الركن المعنوي :الفرع األولالمعنوي توجه نية الفاعل إلى تحقق النتيجة اإلجرامية التي يريد يتطلب الركن

باعتبار أن الجرائم ضد اإلنسانية ، و254تحقيقها عن طريق ارتكابه األفعال المؤدية لهاترتكب في إطار سياق خاص يتميز بتنفيذ سياسة إجرامية معدة مسبقا يثور التساؤل حول

كما هو األمر بالنسبة 255ه الجرائمذا خاصا يميز ها كانت النية اإلجرامية تكتسي طابعذما إلجريمة اإلبادة الجماعية التي تتطلب توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية إبادة

.جماعة معينةه الجرائم، يشترط أن تتوفر لديه نية ارتكاب ذوحتى يتم توجيه اإلتهام لمرتكب ه

فالركن المعنوي يستلزم إرادة ماديات لنا فيها سابقاأحد األفعال أو أكثر التي فص ،التي نصت في فقرتها و من نظام روما األساسي 30دته المادة هو ما أك، و256الجريمة :األولى

.225ياسر حسن كلزي، المواجهة الدولية والوطنية النتهاكات القانون، مرجع سابق، ص : انظر 254 .ZAKR, (Nasser), « Approche analytique du crime…», op. cit., p. 288: لكذانظر في 255 .225كلزي، ياسر حسن، نفس المرجع، ص : انظر 256

Page 113: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

107

لك، ال يسأل الشخص جنائيا عن جريمة تدخل في اختصاص ذما لم ينص على غير «األركان المادية مع ا تحققت ذه الجريمة إال إذال يكون عرضة للعقاب على هو المحكمة

.»العلم و توافر القصدفصلت و اتجاه نية الجاني إلى إرادة األفعال التي يقوم بها،من خالل ذلك يبرزو

:ه المادة كالتاليذفيه الفقرة الثانية من ه :ه المادة، يتوافر القصد لدى الشخص عندماذألغراض ه « السلوك،ا ذا الشخص، فيما يتعلق بسلوكه، ارتكاب هذيقصد ه.أا الشخص، فيما يتعلق بالنتيجة، التسبب في تلك النتيجة أو يدرك أنها ستحدث ذيقصد ه. ب

.»في إطار المسار العادي لألحداث ، mobileبين الدافع و ينبغي هنا التمييز بين الركن المعنوي للجرائم ضد اإلنسانية

انتقاما أو الرغبة في خدمة سياسة يختلف من فعل إلى آخر، كأن يكون و قد يتعدد الدافع ذإغير أن العبرة تكون دائما ، 257الهيمنة األلمانية على جميع المعارضين التي اعتمدها هتلر

لك ذباإلضافة ل 7لقد اعتمدت المادة و.بالنية اإلجرامية، سواء أخذت شكل القصد أو الخطأ .هو ما سنوضحه اآلنو توضيحا يتمثل في علم الجاني بالسياق العام

العلم بالهجوم :الفرع الثانيإن تكييف الجرائم ضد اإلنسانية يتطلب باإلضافة لتوفر القصد الجنائي أن يتوفر

بصورة 7هو ما ورد في الفقرة األولى من المادة و 258العلم لدى المتهم بوجود هجوم :واضحة

،إلنسانيةجريمة ضد ا ‘ا النظام األساسي، يشكل أي فعل من األفعال التالية ذلغرض ه «متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان

.»... عن علم بالهجومو المدنيين،

.ZAKR, Nasser, « Approche analytique du crime…», op. cit., p. 289:انظر 257، مرجع ي الدوليدراسة متخصصة في القانون الجنائ.عبد الفتاح بيومي حجازي،المحكمة الجنائية الدولية: انظر 258

.308سابق، ص

Page 114: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

108

منها في 2فقرة 7ولقد أعادت أركان الجرائم التأكيد على عنصر العلم في المادة : جاء فيها ذمعرض نصها على السياق العام إ

ضد منهجيو واسع النطاقعلم بهجوم و يشترط من مشاركةه العناصر ما ذوتوضح ه...« .259»السكان المدنيين

يشكل 260ا الشرط بأن المتهم يعلم بأنه يشارك في القيام بالهجومذويبدو من هرت عنه محكمة يوغسالفيا مستندة على اجتهاد أساس الجرائم ضد اإلنسانية كما عب

: قضائي صادر عن محكمة كندية في قضية المتهم فينتا كالتالي ه القضية بأن الشرط الوحيد للجرائم ضد اإلنسانية هو ذتبين ه «ن يعلم المتهم بطريقة شخصية بالظروف الواقعية التي تجعل من أفعاله جريمة ضد أ'

ينطوي الركن المعنوي لجريمة ضد اإلنسانية عن العلم بالوقائع ينبغي أن ... اإلنسانية .261»'أو الظروف التي من شأنها إدراج األفعال ضمن الجرائم ضد اإلنسانية

وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يشترط أن ينصرف علم الجاني بالهجوم إلى جميع أن يتم العلم لك التضييق من دائرة التجريم بل يكفيذتفاصيله ألن من شأن و مراحله

من أركان الجرائم المشار إليها أعاله حين 7هو ما عبرت عنه المادة و عموما بهجوم :نصت

إال أنه ال ينبغي تفسير العنصر األخير بكونه يتطلب إثبات علم المتهم بجميع خصائص « .»لك الهجوم أو بالتفاصيل الدقيقة للخطة أو السياسة التي تتبعها الدولة أو المنظمة ذ

ا األخير يكون ذويبدو أن اإلجتهاد القضائي قد اعتمد قرينة العلم بالهجوم باعتبار هلقد عبرت محكمة يوغسالفيا السابقة و معلنا عنه بطريقة واضحة تسمح بمعرفة غايته،

:لك في قرار تاديتش كالتاليذعن

من نظام روما 7رغم أن المادة )حرف العطف و(الهجوم باشتراط توفرهما معا نالحظ أنه تمت اإلشارة لعنصري 259

.وهو ما قد يثير بعض اللبس )باستعمال أداة التخيير أو (األساسي أشارت لهما على أساس التخيير JUROVICS, Yann, « Article 7, crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 474: انظر 260

AMBOS, (Kai), «Crimes against humanity…», op. cit., p. 288. .TPIY, Le procureur c./ Tadic, IT-94-1-A, Chambre d’appel, 15 juillet 1999, par 266: انظر 261

Page 115: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

تطور يف املفهوم واملعاقبة: اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

109

في سياق واسع ا كان لدى الفاعل علم، حقيقي أو افتراضي، بأنه تم ارتكاب األفعالذإ «أنه لم يرتكب أفعاله ألسباب شخصية ال عالقة لها مع الهجوم ضد و النطاق أو منهجي،

.262»لك يعد كافيا العتباره مسؤوال عن جرائم ضد اإلنسانية ذالسكان المدنيين، فإن ويعد العلم بالهجوم شرطا منطقيا باعتباره يؤدي إلى معاقبة المتهم بمجرد توافر

.المعدة مسبقاظروف الخطة

Le procureur c. Goran TADIC alias « Dule », IT-95-1-T, la chambre de première: انظر 262

instance I, 7 mai 1997, par 659.

Page 116: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

لثاينالفصالاجلرائم ضد اإلنسانية بني القانون

الدويل اجلنائي والقوانني اجلنائية

الوطنية

Page 117: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

111

المبادرات التي و إن تطور مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية عبر مختلف النصوصبرزت بصورة واضحة في النظام القانوني الدولي أدى إلى وجود حركة معيارية تربط

القوانين الداخلية، اتسمت بتموضع المفهوم ضمن اإلطار العام الذي و بين القانون الدوليشكل أساسا له، فلقد اشتمل القانون الدولي الجنائي على نواة من األفعال المجرمة التي ي

.تنضوي تحت تسمية الجرائم الدوليةوباعتبار أن هذه الجرائم ال تبتعد في جوهرها عن مفهوم الجريمة في النظام

أساس التي تشكل و الداخلي، كان من المنطقي أن تخضع للمبادئ العامة التي تحكمها .العقاب مع احتفاظ الجرائم الدولية بالخصوصية التي تعطيها طابعا دولياو التجريم

كما أن التفاعل المعياري الذي يطبع تكوين هذه األفعال المجرمة دوليا أفضى إلى منه حاولت الدول أن تلتف حوله 7بروز مفهوم كرسه نظام روما األساسي في المادة

.خصوصياتهاو ا في عملية اإلدماج التي تتبناها حسب خياراتهاليشكل مرجعية تعود لهتخذ من نظام نورمبرغ منها أن العل األمر ليس جديدا بالنسبة لها إذ سبق للعديد و

هو األمر الذي أكده اإلجتهاد القضائي و األساسي منطلقا إلدماج الجرائم ضد اإلنسانية، .الداخليو الدولي

:ليوسنعالج في هذا الفصل ما ي جرائم دولية وفقا للقانون الدولي الجنائي:الجرائم ضد اإلنسانية:المبحث األولالجرائم ضد اإلنسانية في مسار إدماج الجرائم الدولية ضمن القوانين :المبحث الثاني

في اإلجتهاد القضائيو الوطنية

Page 118: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

112

جرائم دولية وفقا للقانون الدولي : الجرائم ضد اإلنسانية: المبحث األول الجنائي

بروز معالم جنائيته إلى تكريس جرائم دولية و أدى تطور القانون الدولي العامتندرج الجرائم ضد اإلنسانية و ،263جرائم فوق وطنيةو ف إلى جرائم عبر وطنيةتصن

)المطلب األول(ضمن هذه األخيرة، مما يؤدي إلى اعتبار أنها تكتسي صبغة دوليةلمبدأ الشرعية الجنائية الذي يكرسه القانون الدولي بالتالي يبدو ضروريا التعرض و

الذي يعتبر حجر الزاوية في تكوين هذه و الجنائي على غرار القوانين الجنائية الوطنية ).المطلب الثاني(الجرائم

إضفاء الصبغة الدولية على هذه الجرائم : المطلب األولتطوره و ظهور القانون الدولي الجنائي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أسفر

تدريجيا إلى تكريس تعريف الجرائم الدولية فوق الوطنية في القانون الدولي بصفة مباشرةبطريقة مستقلة عن القوانين الداخلية، مما يبرز ضرورة التعرض لمفهوم الجريمة الدولية و

بعد ذلك توضيح األساس الذي يبرر و )الفرع األول(إلنسانيةمطبقا على الجرائم ضد ا ).الفرع الثاني(تصنيفها بالنظر للقيم األساسية للمجتمع الدولي

الجرائم ضد اإلنسانية باعتبارها جرائم دولية فوق وطنية :الفرع األوليعرف القانون الدولي الجنائي باعتباره فرعا من فروع القانون الدولي موضوعه

يصطدم مثل هذا التوجه بسيادة الدول و ،264معاقبة الجرائم الدولية فوق الوطنيةو تابعةمالذي ال يجيز و التي تعد من أهم المقومات التي يتأسس عليها القانون الدولي التقليدي،

.التعديات على هذه السيادة تحت أي مبرر

.Fouchard, Isabelle, Crime international…, op. cit., p. 121: انظر 263ن يطلق على هذه هناك من الفقه مو هذا بالمقارنة مع الجرائم عبر الوطنية التي يكرسها القانون الجنائي الدولي،و264

.األخيرة تسمية الجرائم العالمية .30محمد عبد المنعم عبد الغني، القانون الدولي الجنائي، مرجع سابق، ص : انظر .5، مرجع سابق، ص فرمحمد علي، اإلتجاهات الحديثة في القانون الدوليجع

Page 119: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

113

ب العالمية الثانية غير أن التطورات التي عرفتها الساحة الدولية بعد نهاية الحرغيرت من هذا التصور، حيث شهد مبدأ السيادة تراجعا لصالح حماية مصالح البشرية، خاصة بعد أن اكتست حقوق اإلنسان طابعا دوليا بظهور القانون الدولي لحقوق اإلنسان،

.بعد أن أصبح للفرد مكانة معتبرة ضمن القانون الدوليو :الجريمة الدولية كالتالي GLASERولقد عرف األستاذ غالسر

يكون مضرا و ، مخالف للقانون الدولي،)عمل أو امتناع(هي فعل 265إن الجريمة الدولية"لدرجة معتبرة بمصالح وأموال الجماعة، التي تحظى بحماية هذا القانون، حيث تنشأ

. 266"ئياقناعة بين الدول في إطار العالقات التي تربطها بأن هذا الفعل ينبغي معاقبته جناكما يتفق أغلب الفقه على تعريف الجريمة الدولية بأنها سلوك يؤدي عند حدوثه إلى تعكير صفو العالقات الودية بين الدول باعتباره عمال يؤدي إلى اإلضرار بالمصالح

.267الدولية المحميةا لقد تم منح الصفة الدولية لهذه الجرائم بالنظر الرتباطها بالدولة عن طريق ممثليهسواء كانوا على أعلى مرتبة في الحكم أو في درجة أقل، حيث يتم ارتكاب هذه الجرائم

و يرجع هذا اإلسناد إلى مكانة الدولة .في غالب الحاالت من قبلهم أو بناءا على أوامرهمفي القانون الدولي، حيث كانت تعتبر إلى غاية وقت قريب الشخص القانوني الوحيد

م الدولي، كما أن كبار المسؤولين في الدولة هم الوحيدين الذين المعترف به ضمن النظاالمالية الضرورية الرتكاب جرائم و كانوا يحوزون الوسائل البشرية، المادية، الهيكلية

، مع العلم أن المصطلح في القانون الجنائي يقابله infraction internationaleورد المصطلح في اللغة الفرنسية 265

.في اللغة العربية، غير أننا نأخذه هنا بمفهوم الجريمة كفعل يعاقب عليه القانون الدولي الجنائيinfraction مخالفة :تعريف مذكور في 266

BISAZZA,(Patrizia), «Les crimes à la frontière du jus cogens», in MOREILLON, Laurent, KUHN, André, BICHOVSKY, Aude, MAIRE, Virginie, VIREDAZ, Baptiste (Editeurs), Droit pénal humanitaire…, op. cit., p. 166.

.63مرجع سابق، ص محمود صالح العادلي ، الجريمة الدولية،: انظر كذلك ، 1992ي القانون الدولي الجنائي،ديوان المطبوعات الجامعية،عبد اهللا سليمان سليمان، المقدمات األساسية ف: انظر 267 .86و 85ص

Page 120: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

114

تؤدي إلى اإلضرار بالدول األخرى، بل تمس حتى بالنظام العام العالمي، األمر الذي يبرر .268القانون الدولي إدماج هذه األفعال بوصفها جرائم في

طوكيو التي تأسست على و ا التوجه خالل مرحلة محاكمات نورمبرغذبرز همعاقبة أفعال يقوم بها ممثلون رسميون للدولة، كون هذه األفعال تندرج ضمن الممارسة

هذا خالفا للجرائم التي يرتكبها الخواص الذين يتصرفون لحسابهم و اإلجرامية للسيادة،المعتمدة غداة و برز في أولى اإلتفاقيات التي كرست الجرائم الدولية،هو ما والشخصي،

من 4التي شكلت نواة القانون الدولي الجنائي، حيث نصت المادة و الحرب العالمية الثانية :على ما يلي 1948المعاقبة عليها لعام و اتفاقية منع اإلبادة الجماعية

ن األفعال المذكورة في المادة الثالثة، سواء يعاقب مرتكبو اإلبادة الجماعية أو أي م « .»أو أفراد حكاما دستوريين أو موظفين عامينكانوا

كما أن اتفاقية مناهضة التعذيب أدمجت في تعريفها لألفعال المعاقب عليها تلك :أو بمساهمتهم، حيث نصت المادة األولى أعوان عموميينالمرتكبة من قبل

أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، " بالتعذيب"، يقصد ألغراض هذه اإلتفاقية- 1 «عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر ...جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما

.»يتصف بصفته الرسميةفقرة ج 6بالتحديد للمادة و ولعله من المفيد الرجوع إلى نظام نورمبرغ األساسي،

:منه التي جاء فيهااألفعال أو اإلضطهادات كنتيجة ألية جريمة تدخل في اختصاص عندما ترتكب هذه... «

سواء شكلت هذه األفعال أو اإلضطهادات أو لم المحكمة أو بصفة مرتبطة بهذه الجريمة، .» تشكل خرقا للقانون الداخلي للدولة التي ارتكبت فيها

مشروع كذلك في و ذهبت لجنة القانون الدولي في إطار تقنينها لمبادئ نورمبرغأمن اإلنسانية إلى التأكيد على الطابع الدولي للجرائم فوق و مدونة الجرائم ضد سلم

:1996من مشروع المدونة لعام 2الوطنية بصفة عامة حيث ورد في المادة األولى فقرة

.FOUCHARD, Isabelle, Crime international …, op. cit., p. 171: انظر 268

Page 121: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

115

تتم معاقبتها كذلكو أمن اإلنسانية تعتبر جرائم وفقا للقانون الدوليو إن الجرائم ضد سلم«

«. من تفحص النواة الصلبة للجرائم الدولية المكرسة في نظام روما األساسي يظهر

أنها كانت في البداية ترتكب من قبل أعلى السلطات في الدولة أو بناءا على موافقتهم، أركان و غير أن تطور مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية كما كرسه نظام روما األساسي

تبطة فقط بتصرفات أجهزة الدولة، بل يمكن تصور الجرائم جعل هذه األخيرة لم تعد مرينطبق هذا األمر كذلك على الجرائم ضد و ارتباطها بأشخاص يتصرفون لحسابهم الخاص،

.اإلنسانية باعتبارها تندرج تحت طائفة الجرائم فوق الوطنيةلقد كرست محكمة يوغوسالفيا السابقة في اجتهادها القضائي هذا الطابع المستقل

Furundzijaيتسم به القانون الدولي في مجال التجريم الجنائي، حيث ورد في حكم الذي :ما يلي

إن كانت الهيئات التشريعية أو القضائية و على األفراد احترام مبدأ منع التعذيب، حتى«»الوطنية تجيز مخالفته

269. يكون وهو ما يبرز بوضوح أن تجريم األفعال المشكلة للجرائم ضد اإلنسانية إنما

وفقا للقانون الدولي دون اإلعتداد بالقوانين الداخلية للدول، مما يؤدي إلى استبعاد أي تمسك بالنصوص الداخلية بغية نزع صفة الجرم عن بعض األفعال التي تجيزها هذه

.ال تعاقب على ارتكابهاو القوانينطبق عليها ما بالنظر لكون الجرائم ضد اإلنسانية هي جرائم دولية فوق وطنية، فين

élémentعلى عنصر خارجي أو أجنبيتشتمله هذه األخيرة من ميزات، حيث أنها تنطوي

d’extranéité الطابع الخارجي للجريمة باعتبار أن األفعال المشكلة لها : يتجسد فيما يليتتجاوز حدود الدولة، الطابع الخارجي للمعاقبة في حالة ما إذا غادر مرتكب الجريمة إقليم

كذلك الطابع الخارجي الشخصي عندما ال يكون و الدولة التي ارتكب فيها فعله اإلجرامي، .مرتكب الجريمة أو الضحايا من مواطني الدولة التي ارتكبت الجريمة على إقليمها

Le procureur c. Anto FURUNDZIJA, IT-95-17/1-T, la chambre de première :انظر 269

instance, jugement, 10 décembre 1998, par 115.

Page 122: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

116

لقد تعرضنا بإسهاب في الفصل األول من هذا الباب إلى أن الجرائم ضد اإلنسانية هذا على خالف جرائم و ي قبل أن تكرسها القوانين الداخلية،ظهرت بداية في القانون الدول

.ثم انتقلت إلى مجال القانون الدولي270الحرب التي برزت في القانون الداخليعرفت معاقبة هذه الجرائم تظافر جهود الدول عبر تكريس مبدأ اإلختصاص

يؤول لكل الدول، وطنية لدولة هو اختصاص يخول الجهات القضائية الو العالمي الذيكذلك و إن لم تكن لهم أية عالقة تربطهم بهذه الدولة،و أجنبية محاكمة مرتكبي هذه الجرائم

.عبر تكريس اإلختصاص الدولي الذي تتواله المحكمة الجنائية الدوليةهو ما يبرز تجاوز و تتم المحاكمة في كلتي الحالتين باسم الجماعة الدولية بكاملها،

المصلحة الذي يسود بين الدول في أغلب األحيان، إلى و القائم على المنفعةمنطق التعاون منطق آخر يتأسس على تعاون عالمي يقوم على اإلعتراف ببعض القيم األساسية التي

.، كما سنراه في النقطة الموالية271يفرض على الجميع احترامهارامية قديمة يشكل يمكن القول أن ردة الفعل هذه من قبل الدول تجاه ظاهرة إج

.تطورا يستهدف ترقية حماية الكرامة اإلنسانية في مواجهة احترام السيادة المطلقة الدول

الكرامة و السلم: الترابط بين القيم األساسية للمجتمع الدولي :الفرع الثاني العدالةواإلنسانية

الثانية فكرة خالل الحرب العالميةو برزت في الفترة ما بعد الحرب العالمية األولىما و الحضارة على المستوى الدولي،و مفادها أن القانون الجنائي يستهدف حماية األمن

لبثت هذه الفكرة أن تطورت بعد الحرب العالمية الثانية بالنظر لتعزيز الترابط بين السلم، .تحقيق العدالة في إطار قانونيو حماية حقوق اإلنسان

ABI- SAAB, (Georges), ABI- SAAB, (Rosemary), « Les crimes de guerre », in: انظر 270

ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous. Dir), Droit international pénal, op. cit., p. 266.

.FOUCHARD, I, Crime international …, op. cit., p. 178: انظر 271

Page 123: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

117

متحدة، نجد أن ديباجته قد وضعت رابطا بين فإذا رجعنا إلى ميثاق األمم الما فتئت الدول أن أعادت التأكيد و 272هدف الوقاية من الحربو اإلعتراف بحقوق اإلنسان

:عليه في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في الديباجة كما يليبحقوقهم و لما كان اإلعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء األسرة البشرية « .»السالم في العالمو العدلو تساوية الثابتة هو أساس الحريةالم

على الرغم من افتقار هذه الوثيقة ألية قوة إلزامية، فإنها تعد مرجعا ال محيد عنه طابعا لمبادئ حقوق اإلنسان الكبرى كون الفقه حاليا يضفي على ما تضمنته من قواعد

.عرفياالدولية العالمية يتأصل منذ أن تأكد أن هذا اإلهتمام المتنامي في النصوص بدأ

هو ما يؤدي إلى التساؤل عن و ،273للفرد مكانة في القانون الدولي بعد أن كان غائبا تماماهل يعود فقط إلى إرادة الدول التي تجد مبررها في مشاعر و أساس هذا التطور المعتبر

ن يصل بها األمر وفقا لهذا العدالة اإلنسانية التي تهدف لحماية األفراد بذواتهم، إلى أمن مجالها ) على األخص مواطنيهاو (التوجه إلى إفالت بعض الميادين الخاصة باألفراد

.المحفوظالتي تعود إلى محاكمات و فبالرجوع إلى المصادر األولى للقانون الدولي الجنائي

تي من نورمبرغ، كان الهدف من تكريس الجرائم الدولية هو تجريم مؤسسات الدولة ال، ذلك أن تجريم اإلنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان 274شأنها التهديد بالسالم العالمي

تكتسي خطورة بالغة، و األساسية كان محصورا في الجرائم المرتكبة على نطاق واسع،بحيث ال يمكن تصور إرتكابها إال من قبل أجهزة الدولة أو بدعم منها، مما يؤدي إلى

نحن شعوب األمم : " لقد أقرت ديباجة الميثاق هذه المفاهيم الجديدة في ظل النظام األممي في مستهلها كالتالي 272

التي خالل جيل واحد جلبت على اإلنسانية أن ننقذ األجيال المقبلة من ويالت الحرب قد آلينا على أنفسنا و المتحدة،بما و قدرهو بكرامة الفردو بالحقوق األساسية لإلنسانيماننا إأن نؤكد من جديد و ف،ين أحزانا يعجز عنها الوصمرت

تحقيق العدالةن األحوال التي يمكن في ظلها أن نبيو صغيرها من حقوق متساوية،و األمم كبيرهاو النساءو للرجال . من عندنا لكتابة البارزةا." غيرها من مصادر القانون الدوليو احترام اإللتزامات الناشئة عن المعاهداتو

,p. 295.VERHOEVEN, (Joe), Droit international public, LARCIER, 2000 : انظر273 .FOUCHARD, I, Crime international…, op. cit.,., p. 185: انظر 274

Page 124: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

118

حقوق اإلنسان األساسية ال تكفي في حد ذاتها، بل ينبغي أن تتجاوز اعتبار أن مخالفات .275األمن الدوليينو الكثافة تجعل منها تصل إلى حد المساس بالسلمو حدا من الخطورة

يمكن اعتبار أن مقاصد األمم المتحدة الواردة في المادة األولى من ميثاق المنظمة تكون عناصر و ر في الحقيقة عن هدف شامل،تعب 3إلى 1األممية السيما في فقراتها من

.مترابطة فيما بينها من المفيد كذلك الرجوع إلى بعض اإلتفاقيات المجرمة للجرائم ضد اإلنسانية

التي أكدت كلها على و اتفاقية مناهضة التعذيبو السيما اتفاقية منع الفصل العنصريو بين السلمو طائفة الجرائم ضد اإلنسانية العالقة بين معاقبة هذه الجرائم التي تندرج ضمن

:األمن الدوليين، فبالنسبة لإلتفاقية األولى، نجدها أشارت إلى األفعال التيو .»األمن الدوليينو تهدد بصفة خطيرة بالسلمو تمس «

:نجد أن اإلتفاقية الثانية أكدت على ما يلي» اإلعتراف بحقوق متساويةطبقا للمبادئ المعلن عنها في ميثاق األمم المتحدة، ي غير و عد

.»السلم في العالمو العدالةو قابلة للتنازل لكل أعضاء العائلة البشرية هو أساس الحريةالجرائم ضد اإلنسانية تضمنت في و أن اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب كما :ديباجتها أن

تعزيز ... اإلنسانية عنصر هام في الجرائم المرتكبة ضد و ... ـالمعاقبة الفعالة ل... « ».األمن الدوليينو السلم

في هذا الصدد الرجوع إلى بداية تسعينيات القرن الماضي حيث ضروري من الكذلك في بعض دول البحيرات الكبرى و أدت الفظائع التي ارتكبت في قلب أوروبا

، حيث تم 276العدالةو ييناألمن الدولو اإلفريقية إلى إعطاء دفع للعالقة التي تربط السلمإنشاء المحكمتين الجنائيتين المؤقتتين بموجب قرار من مجلس األمن اتخذ استنادا على الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة بالنظر للسلطة التي يحوزها هذا الجهاز في الحفاظ

األمر على خالف ذلك يعتبر الفقه أنه إذا كان دور المحاكم الداخلية يقتصر على الفصل في القضايا الجزائية، فإن 275

.تحقيق العدالةو بالنسبة للقضاء الدولي الذي يسعى للحفاظ على السلم INOMATA, (Kazuma), Le principe de légalité en droit international, Thèse université: انظر

Paris I, 2007, p. 197 op. cit., p. 165.KUALI, (Dan), The responsibility to protect ,…: انظر 276

Page 125: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

119

ل تهديدا فعال التي تشكعدم إيراد الميثاق ألي تعريف لألو األمن الدوليينو على السلمالصادر 808حيث أنه في القرار رقم ، 277األمن مما يمنحه سلطة من أجل التكييفو للسلمذكر مجلس األمن باإلنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان التي تقع 1993فيفري 22في

:جاء في إحدى فقراتهو بالقرارات السابقة حول الوضع،و على إقليم يوغسالفيا .» األمن الدوليينو ضع يشكل تهديدا بالسلمإذ يالحظ أن هذا الوو «

األمن و مع التأكيد على أن الوقائع في هذه الوضعية كانت تتعلق بمساس بالسلم :كذلك 278الدوليين

متحققا من أنه، في ظل الظروف الخاصة التي تسود في يوغسالفيا السابقة، سيؤدي و « .» تحقيق السلمو استتبابو إنشاء محكمة دولية وسيلة لتحقيق هذا الهدف

:الذي جاء فيه 828لقد أعاد مجلس األمن الكرة في قراره رقم .» األمن الدوليينو مشيرا إلى أن هذه الوضعية ما زالت تشكل تهديدا بالسلم «

:955في رواندا، إذ ورد في قراره رقم األحداثوهو نفس ما ذهب إليه بصدد » األمن الدوليينو بالسلم معتبرا أن هذا الوضع ما زال يشكل تهديدا «

حيث يالحظ أن المحافظة على السلم الذي تم تهديده في بعض المناطق أصبحت هاتين المحكمتين في العديد من قراراتهما أشارتكما ، محققة عن طريق عدالة جنائية دولية

.إلى هذا الترابط الوثيق بين هذه المفاهيم :ساسي، حيث ورد في ديباجتهولقد تأكد هذا التوجه في نظام روما األ

.»الرفاه في العالمو األمنو وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم«يعطيه طابعا مؤكدا أصبح يكتسي صبغة و وهو ما يدعم الترابط بصفة معمقة

.القاعدة العرفيةويمكن أن نشير هنا إلى اإلجتهاد القضائي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا

:Furundzijaسابقا حيث ورد في حكم

ص ، ص1999عدنان محمد الخشاشنة، التدابير القسرية لمجلس األمن، مطبعة األمن العام، الطبعة األولى، : انظر 27718 - 21. .هي نفس الوضعية التي عرفتها روانداو278 .DAVID, Eric, Eléments de droit pénal …, op. cit., p. 754: انظر

Page 126: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

120

كذلك القانون المتعلق بحقوق و إن المظهر األساسي لقواعد القانون الدولي اإلنساني «لعام المتعلق إن المبدأ ا. اإلنسان يكمن في حماية كرامة الشخص، سواء كان ذكرا أو أنثىبالتالي و حقوق اإلنسان،و باحترام الكرامة اإلنسانية هو أساس القانون الدولي اإلنساني

و يهدف .هو من األهمية حاليا ليطبع القانون الدولي برمتهو سبب وجود هذين الفرعين،هذا المبدأ إلى حماية الفرد من كل مساس بكرامته الشخصية، سواء كان مصدر هذا

العنف الجسدي، إهانات أو مساس بالشرف، احترام الذات أو السالمة العقلية المساس هو»لشخص ما

279. هوما و الحقيقة أن احترام جوهر اإلنسان يبدأ بحماية كرامته بصفة استئثارية،

وتظهر أهمية مبدأ الكرامة اإلنسانية في أن .280يجعله مساويا في المرتبة لبقية األشخاص مكانة معتبرة، من خالل تضمينه في اتفاقيات دولية سبقت اإلشارة القانون الدولي يمنحه كما أن الحق في الكرامة هو من الحقوق األساسية باعتباره محل .إليها في بداية هذا الفرع

ال يقبل أي انتقاص منه على خالف و حماية في جميع الظروف، حتى في أوقات الحرب، .281إطار ما يسمح به القانون الحق في الحياة الذي قد يتم المساس به في

وهو ما يؤكد أن القانون الدولي الجنائي هو ذلك الفرع القانوني الذي يطمح القانون الدولي لحقوق اإلنسان، اللذان و لمعالجة الفشل الذي عرفه القانون الدولي اإلنساني

أو معاقبة، أثناء السلم تباعا، لكن دون زجر و الحماية في زمن الحربو دفان إلى الوقايةيه . 282في حين يهدف القانون الدولي الجنائي إلى معاقبة اإلنتهاكات التي يتم ارتكابها

يمكن التساؤل عما إذا كان القانون الدولي الجنائي يتمتع باستقاللية مقارنة بهذين الفرعين القانونيين الهامين، أم أنه ظهر نتيجة لتداخلهما الذي يحدث في العديد من

عل اإلجتهاد القضائي للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين المؤقتتين يتيح بعضا من لو .الحاالت

.183المشار إليه آنفا، فقرة Furundzijaانظر حكم 279 .JUROVICS, Y., « Réflexions sur la spécificité du crime … », op. cit., p. 71: انظر 280مكن المساس بحياة المقاتل ضمن متطلبات إن الحق في الحياة قد يتعرض للمساس به خالل فترة الحرب، حيث ي 281

ال يجيز القانون أي و المساس بالكرامة هي من األمور المحظورة بصفة أساسية،و النزاع، في حين أن العمل الالإنساني .مساس به تحت أي ظرف كان

.JUROVICS, Y., « Réflexions sur la spécificité du crime … », op. cit., p. 71: انظر .FOUCHARD, I., « Crime international … », op. cit., p. 192: انظر 282

Page 127: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

121

يبدو من خالل العديد من األحكام أن هاتين المحكمتين عالجتا اإلختالف و التوضيح، .283الموجود بينهما

يبدو أن مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية يستهدف حماية اإلنسانية من جميع اإلنتهاكات اإلنسان و ،284مها خاصة أن هذه الجرائم تمس قيما تتجاوز حدود كل الدولالتي تمس بقي

هو ما يجعل تجريم المساس بالكرامة و ، déshumanisationاإلنسانية التجريد منمن اإلنسانية مصدر وجود هذه الجريمة، خصوصا أن الواقع اليومي لإلنتهاكات يظهر أن

.شك الجرائم ضد اإلنسانية المساس بالكرامة هو الميزة التي تطبع بالفي هذا اإلطار، يستهدف المجرم ضد اإلنسانية اإلنتزاع الجذري لكل ما من شأنه

في حالة ما تعذر عليه ذلك، فإن و أن يربط الضحية باألشخاص اآلخرين قبل أن يفنيه،كما أن الجرائم ضد .يحرمه من كرامتهو المجرم ينكر للضحية أي صفة للكائن البشري

انية تمس الصفة اإلنسانية في اإلنسان بإهدارها أو الحط من قيمتها مما يتنافى مع ما اإلنس .285يسعى المجتمع الدولي لتحقيقه في إطار ضمان حماية شاملة لحقوق اإلنسان

يمكن أن نشير هنا إلى السياسة النازية اإلجرامية التي يبرز منها ازدراء المجرم غير مستحقين للحياة، كما أن عدم اإلعتراف و بةلضحاياه باعتبارهم أدنى منهم مرت

، كما أن 286بكرامتهم كان الهدف األول من األفعال التي تعرضوا لها، أكثر من استئصالهماإلنتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون يوميا ال يمكنها إال أن تندرج ضمن نكران

.287كرامة اإلنسان الفلسطيني من قبل اإلحتالل الصهيوني

أن هناك اختالفا جوهريا بين القانون الدولي ةسابقال، اعتبرت المحكمة الجنائية ليوغسالفيا Kunaracفي قضية 283

التي عرضت عليها، حيث هذا بمناسبة تعريف جريمة التعذيب وفقا للوقائع و القانون الدولي اإلنسانيو لحقوق اإلنسانأنها اعتمدت تعريفا واسعا عن ذلك الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب حتى تتمكن من إدراج األفعال المرتكبة ضمن

.الجرائم ضد اإلنسانيةو طائفتي جرائم الحرب Le procureur c KUNARAC, IT-96-23-T et IT-96-23/1-T , la chambre de première:انظر

instance, 22 février 2001, par 470, 471. .122عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص : انظر 284 .193، مرجع سابق، صاختصاصاتهاو لنده معمر يشوي، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة285 .JUROVICS, Y., « Réflexions sur la spécificité … », op. cit., p. 72:انظر 286في إطار عملية سميت 2009لعل أبرز اإلنتهاكات هي ما جرى خالل العدوان اإلسرائيلي على غزة خالل 287

لقد بقيت محاوالت و .ارتكبت فيها أفعال ترقى إلى مرتبة الجرائم ضد اإلنسانيةو ،plomb durciبالرصاص المصبوب

Page 128: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

122

القانون الدولي الجنائي، القانون الدولي : قيقة أن هذا التكامل بين الفروع الثالثةالحالقانون الدولي اإلنساني يبين أن هناك تطورا في اتجاه الحماية المتنامية و لحقوق اإلنسان

المتمثلة في الكرامة اإلنسانية، حيث أدى تدخل و لنفس القيمة المعترف بطابعها العالمي، نائي للقانون الدولي إلى تجريم اإلنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي اإلنسانيالبعد الج

.جريمة التعذيبو المتمثلة في الجرائم ضد اإلنسانية، جريمة اإلبادة الجماعيةوالتطور الذي عرفه مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية ينبئ عن تكريس تدريجي لهذه إن

الحفاظ و صبح هناك ارتباط وثيق بين تحقيق السلمالقيم األساسية للمجتمع الدولي، حيث أجعل المتابعة هي المحور و ،288بالعقابين إرساء العدالة عن طريق تكريس و عليه

تحفظ بموجبه الكرامة اإلنسانية، كما تبين لنا من و األساسي الذي يتم تحقيق السلم بموجبه،تلك التي كانت معاصرة خالل تفحص النصوص اإلتفاقية المجرمة لهذه األفعال سواء

هذا ينطبق على اتفاقية منع اإلبادة الجماعية، أو تلك التي جاءت الحقة و لمرحلة نورمبرغاتفاقية مناهضة التعذيب، باإلضافة إلى قرارات و لها مثل اتفاقية منع الفصل العنصري

عبير عن التي تشكل أفضل تو رواندا،و مجلس األمن المنشئة لمحكمتي يوغسالفيا السابقةاألمن و التفسير التطوري للفصل السابع من الميثاق األممي المتعلق بالمحافظة على السلم

أهمها اإلعالن الذي تقدمت و لجنائية الدائمة دون نتيجة تذكرالسلطة الفلسطينية الرامية إلى تحريك اختصاص المحكمة ا

.بقبول اختصاصها 2009جانفي 22به في الذي رفض طلب السلطة و حيث جاء الرد على هذا اإلعالن من قبل المدعي العام للمحكمة آنذاك السيد أوكامبو

نظام روما األساسي، يرى مكتب المدعي العام أن من 12تطبيقه للمادة و في إطار تفسيره «: الفلسطينية معتبرا أنأجهزة األمم المتحدة المعنية أو جمعية الدول األطراف هي التي تحدد قانونا ما إذا كانت فلسطين مؤهلة لكي تصبح دولة

. »ألغراض اإلنضمام إلى نظام روما األساسي .6، فقرة 2012أبريل 3فلسطين، المحكمة الجنائية الدولية، مكتب المدعي العام، الوضع في : راجع

يرى بعض الفقه أن تحقيق السلم عن طريق العدالة هو مسألة شائكة بالنظر لكون السلم مفهوم يندرج ضمن المجال 288 يبقى أن تطور العدالة الجنائية الدولية سيؤدي إلى تراجع اإلنتهاكاتو الهيمنة،و السياسي الذي يخضع لقانون القوة

.تكريس الالعقابو ,BERNARD, Antoine, « Les enjeux du nouveau système de justice pénale internationale:انظر

in Justice internationale et impunité, le cas des Etats-Unis (Sous.Dir), ANDERSSON, Nils, IAGOLNITZER, Daniel, RIVASSEAU, Vincent, Questions contemporaines, l’Harmattan, 2007, p 185.

Page 129: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

123

هذا كله في إطار وضع الكرامة اإلنسانية على قمة و الدوليين مرتبطا بتحقيق العدالة، .289األهداف المتوخاة من هذه المنظومة العقابية

التي نتج عنها مفهوم الجرائم و ليها،بالنظر للترابط بين العناصر الثالثة المشار إ، يبدو من 290ضد اإلنسانية الذي يتضمن أفعاال يعاقب عليها القانون الدولي الجنائي

الضروري محاولة إسقاط مبدأ قانوني جنائي أساسي هو مبدأ الشرعية على هذه الطائفة .لتوضيح العالقة بينهما

الشرعية الجنائيةمبدأ و الجرائم ضد اإلنسانية: المطلب الثاني

أثارت محاكمات نورمبرغ انتقادات تمحورت حول عدم احترام مبدأ الشرعية الذي لقد حاول دفاع المتهمين الوصول إلى أن و ،يعتبر أحد األسس الهامة للقانون الجنائي

لقد برزت هذه اإلشكالية مرة و المحاكمات باطلة باعتبارها لم تحترم هذا المبدأ األساسي،و أنها كانت بصفة أقل خالل إنشاء القضاء الجنائي الدولي المؤقت بالنظر لبروز لو أخرى

لنتعرض بعد )الفرع األول(تطوراته و هو ما يتطلب التوقف عند مفهوم المبدأو تطوراتذلك لمختلف مصادر القانون الدولي الجنائي التي يستمد منها مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية

.)الفرع الثاني(

تطوراتهومفهومه: مبدأ الشرعية :ع األولالفر

لقد اعتمدت مختلف النظم الجنائية الوطنية الالتينو جرمانية منها أو األنجلوسكسونية مبدأ الشرعية الجنائية كضمانة تحول دون تعسف الجهات القضائية

.291القضائيو تكريسا لألمن القانونيو الجنائية تجاه األشخاص

CHARPENTIER, (Jean), «Le droit pénal international, protection réelle ou illusoire:انظر 289des citoyens contre les crimes des dirigeants ? », in La sécurité humaine. Théorie(s) et pratique(s), En l’honneur du doyen Dominique BREILLAT, colloque international organisé par le CECOJI et le centre Jean Bodin avec le soutien de l’Université de Poitiers, sous la direction de Rahim KHERAD, PEDONE, 2010, p. 234.

ون الدولي الخاص بمدونة الجرائم ضد اإلنسانية هو مشروع لجنة القانو إن أفضل تأكيد على الترابط بين السلم 290 .أمن اإلنسانية الذي تعرضنا له آنفاو الجرائم ضد سلم

SWART, (Bert), «International crimes: Present situation and future:راجع ألكثر تفاصيلdevelopments», op. cit., p. 206.

. كذلك أحد شروط تكريس دولة القانونوفهذا المبدأ يعد ضمانة مهمة ضد التعسف 291

Page 130: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

124

ما استتبعه من مفهوم الجرائم و القانون الدولي الجنائيسرعان ما أدى بروز الدولية إلى نقل هذا المبدأ إلى المستوى الدولي عبر إصرار الفقه على ضرورة إخضاع

الذي يقتضي أن يشكل السلوك المراد 292مرتكبي هذه األفعال إلى هذا المبدأ األساسي .293يحددها القانون الدولي أن تطبق عليه العقوبة التيو متابعته جريمة وقت وقوعه

ويالحظ في هذا اإلطار أن مفهوم مبدأ الشرعية يعرف في الوقت الحالي إثراءا معتبرا، إذ لم يعد يقتصر على مفهومه التقليدي الذي يتطلب أن تتم معاقبة األفعال التي تؤسس

ستلزم من ، بل أصبح ي294المتابعات الجنائية بناءا على قاعدة قانونية سابقة على ارتكابهاالهيئة المكلفة بإصدار القواعد الجنائية اإلمتناع عن وضع قواعد تجريم واسعة أو غير

.دقيقةمن مميزات هذه المتطلبات أنها تجعل من مبدأ الشرعية ليس فقط مبدأ عقابيا يطبق بصفة الحقة على ارتكاب األفعال، بل يلعب كذلك دورا وقائيا باعتباره يقف حاجزا دون

.رتكاب بعض الجرائممنع القد كرس هذا المبدأ حاليا في عدة نصوص قانونية دولية بدءا باإلعالن العالمي

:منها التي تنص 2فقرة 11لحقوق اإلنسان في المادة ال يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو اإلمتناع عن أداء عمل إال إذا كان ذلك يعتبر «

.»وقت اإلرتكاب جرما وفقا للقانون الوطني أو الدولي

.61محمد عبد المنعم عبد الغني، القانون الدولي الجنائي، مرجع سابق، ص : انظر

الشرعية الجنائية الدولية، مجلة المنتدى القانوني، العدد السادس، جامعة محمد و حسينة شرون، الشرعية الجنائية الوطنية .88و 87خيضر بسكرة، ص

MOHAMED SALAH, Mahmoud, « Interrogations sur l’évolution du droit … », op. cit., p. 736. SCALIA, (Damien), « Constat sur le respect du principe Nulla Poena Sine Lege par les tribunaux pénaux internationaux », in R.I.D.C., 2006, n° 1, p. 187.

.FOUCHARD, I, Crime international …, op. cit., p. 351:انظر 292 .130مرجع سابق، ص الجنائي،القضاء الدولي تالوي، الفيل حسينسه: انظر 293 MANZINI, ( Pietro), « Le rôle du principe de la légalité dans la détermination des :انظر 294

sources du droit international pénal », in DELMAS- MARTY, Mireille, FRONZA, Emanuela, LAMBERT- ABDELGAWAD, Elisabeth, Les sources du droit international pénal…, op. cit., p. 261.

Page 131: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

125

السياسية التي و من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية 15كذلك في المادة و :تنص على أن

ال يدان أي فرد بأية جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه . 1 « .» يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني أو الدولي .رفيا إضافة إلى كونه اتفاقياهو ما يضفي على هذا المبدأ طابعا ع

الذي يعتبر 295يضمن مبدأ الشرعية في هذا اإلطار احترام الفصل بين السلطاتالدعامة األساسية لدولة القانون، إذ يقتصر دور القاضي الجنائي على تطبيق القانون على

مبادئ ال يتعداه إلى إيجاد جرائم جديدة مما يؤكد و معرفة قانوناو جرائم موجودة مسبقا .كذلك التقيد بالتفسير الضيق للنص الجنائيو عدم جواز استعمال القياس

لقد اعتمدت النظم األنجلوسكسونية مفهوما آخر أكثر مرونة لمبدأ الشرعية ال يعتمد على القاعدة المكتوبة، كما يعترف للقاضي في هذه الدول بسلطة تقديرية أكثر اتساعا،

التقيد بالنصوص و في اآلونة األخيرة نحو النصية الجنائيةعلى الرغم من أن هناك توجها .المقننة

ومهما كان النظام القانوني السائد، فمن المسلم به أن مبدأ الشرعية يتم احترامه على .296العموم ويضمن بموجب نص دستوري في غالب األحيان

ة، فإن تطبيقه وإذا كان هذا المبدأ معتمد بصفة قاطعة في األنظمة القانونية الداخليتحديد األفعال و على المستوى الدولي يثير إشكاالت بسبب غياب مشرع دولي يتولى تقنين

الدولية المحظورة، فضال عن أن نقل هذا المبدأ إلى القانون الدولي سيكون له أثر على .297التنفيذية داخل الدولةو التزامات كل من السلطتين التشريعية

نورمبرغ بصدد محاكمة مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية جدل أثناء محاكمات ثار البغض النظر عن األفعال التي تضمنها نظام المحكمة و ،298حول عدم احترام مبدأ الشرعية

، مرجع دراسة متخصصة في القانون الجنائي الدولي.الفتاح بيومي حجازي،المحكمة الجنائية الدولية عبد: انظر 295

.20سابق، ص ال إدانة إال بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب «: التي جاء فيها 46نص عليه الدستور الجزائري الحالي في المادة 296

.»الفعل المجرم .FOUCHARD, I., « Crime international … », op. cit., p. 356: انظر 297 .MANZINI, P., « Le rôle du principe …», op. cit., p 261انظر 298

Page 132: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

126

العسكرية لنورمبرغ، فإن نفس المشكل طرح بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانية التي ورد الجرائم معروفة على مستوى فقرة ج، حيث لم تكن هذه الطائفة من 6تعريفها في المادة

القانون الدولي اإلتفاقي، مما أدى إلى البحث عن أساس لها في القانون الدولي العرفي قبل .اعتماد هذا النظام األساسي

ويتطلب األمر تبيان الطبيعة القانونية لمبدأ الشرعية الجنائية في إطار القانون .)-2(عرف الدولي في تطويره ثم إبراز الدور األساسي لل )- 1(الدولي الجنائي

:الطبيعة القانونية لمبدأ الشرعية الجنائية وفقا لمنظور القانون الدولي الجنائي. 1

أدى تكريس مبدأ الشرعية في مختلف القوانين الجنائية الوطنية إلى ظهور مبدأ لنا هو ما يجعو الشرعية المدول، في أول نص أنشأ المحكمة العسكرية الدولية بنورمبرغ،

نتوقف عند هذه المحكمة التي كانت محل انتقادات تمحورت حول اعتماد مسار العدالة اإلنتقائية، والتي عرفت بعدالة الفائزين، وكذلك اإلنتقادات التي وجهت لها بسبب عدم

للتفصيل في هذا المبدأ، من المفيد أن نعود و .العقوباتو احترام مبدأ شرعية الجرائملمحكمة نورمبرغ الذي كرس اختصاصها بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد للنظام األساسي

لعل أكبر مشكل ثار تعلق بالطائفة األخيرة و .الجرائم ضد اإلنسانيةو السلم، جرائم الحرب .من الجرائم التي لم تكن موجودة قبل إنشاء المحكمة في أية اتفاقية دولية

إلنسانية موجودة في القانون ويطرح التساؤل حول ما إذا كانت الجرائم ضد ارغم صعوبة الجزم بوجود مثل و الدولي العرفي حتى قبل اعتمادها في النظام األساسي،

هذه القاعدة العرفية، ذهب جانب من الفقه إلى أن هذه الجرائم لم تكرس بموجب القانون نصت عليها إنما بموجب مبادئ القانون العامة التي أقرتها األمم المتمدنة كماو العرفي، .299من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية 38المادة

التي انتفت في النصوص القانونية و كما ثار نفس الجدل حيال مبدأ شرعية العقوبةالتي كانت موجودة، مما جعل الحكم على اثني عشر متهما بعقوبة اإلعدام يثير تساؤال

تعرضت أحكام المحكمة و ق بالعقوبة،حول مدى احترام مبدأ الشرعية في شقه المتعل :أن Donnedieu DE VABRESاألستاذالنتقادات من قبل الفقه، فلقد اعتبر

.FOUCHARD, I., « Crime international … », op. cit., p. 361انظر 299

Page 133: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

127

لكنها .ال عقوبة إال بنص من نطاق القانون الدوليو المحكمة ال تستبعد قاعدة ال جريمة «العوامل و تدخل عليها بعض المرونة، بغرض جعلها متوافقة مع التغيرات المختلفة

بهذا المعنى، تتطلب هذه و .غيرها التي تطبع عالقات الدول فيما بينهاو اإلجتماعية، التقنيةلكنها ال تستلزم تعريفا . القاعدة من العون معرفة الطابع الجرمي لألفعال المتهم بها

.300»ال النص الدقيق على العقوبة التي تترتب عنها و صارما للجريمة،طالت النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ، غير أنه من ورغم كل اإلنتقادات التي

المؤكد أنه عرف إرساء مبدأ الشرعية في النظام الدولي، بالرغم من غياب مشرع دولي .يعمل على وضع مختلف القواعد كما هو الحال في القانون الداخلي

:تأثر مبدأ الشرعية الجنائية بالقانون الدولي العرفي. 2ي الدولي لمبدأ الشرعية يؤدي إلى ترتيب آثار مختلفة عن تلك إن التطبيق القضائ

.التي تترتب في األنظمة القانونية الداخليةففي حين يتحقق القاضي الداخلي من كون مبدأ الشرعية محترم عن طريق معرفة

هو أمر ال يثير صعوبة، فإن الوضع و تاريخ دخول القاعدة القانونية الجنائية حيز النفاذأكثر تعقيدا بالنسبة للقاضي الدولي باعتباره ال يكتفي بالتحقق من كون القاعدة يكون

العرفية موجودة، بل يتعداه إلى البحث عن الوقت الذي أصبحت فيه هذه القاعدة ضمن .301قواعد القانون العرفي

من المفيد هنا الرجوع إلى التقرير الذي أعده األمين العام لألمم المتحدة المؤرخ في الذي كان يشير في مجمله إلى و الخاص بإنشاء محكمة يوغسالفيا السابقة، 1993ماي 03

جرائم الحرب التي كلفت المحكمة بمعاقبة مرتكبيها فوق اإلقليم، إال أنه يعد منطلقا يمكن : ولقد جاء في التقرير أن.كذلك تطبيقه على الجرائم ضد اإلنسانية

يستلزم من المحكمة الدولية تطبيق قواعد القانون ' ال جريمة بدون نص'إعمال مبدأ «هذا ما يجعل مسألة و الدولي اإلنساني التي تشكل دون أدنى شك جزءا من القانون العرفي،

هو أمر و .تعتبر طرفا في اتفاقيات خاصة ال يطرح أساساليس كلها، و كون بعض الدول،

:مذكورةفي 300

FOUCHARD , Isabelle, « Crime international … », op.cit., p. 363. .MANZINI, P, « Le rôle du principe …»., op. cit., p. 262:انظر 301

Page 134: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

128

األشخاص المتهمين بكونهم من األهمية بمكان في وضعية محكمة دولية تتولى محاكمة .302»مسؤولين عن المخالفات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني

:مشيرا كذلك إلى أنالجزء من القانون الدولي اإلنساني اإلتفاقي الذي أصبح بال شك يشكل جزءا من «

المتضمن في و القانون الدولي العرفي هو القانون المطبق على النزاعات المسلحة 9 ـل هااقبة عليعمالوماعيةبادة الجإلاتفاقية الوقاية من جريمة إ:...آلتيةالنصوص ا .303»1948ديسمبر

هو ما يؤدي إلى اإلستدالل من خالل هذا التقرير على أن هذه اإلتفاقية تكتسي كذلك طابعا عرفيا باعتبار جريمة إبادة الجنس البشري تشكل حسب البعض إحدى الصور

يعتبر النظامان و .هو األمر الذي أشرنا له سابقاو اإلنسانية،الخاصة للجرائم ضد رواندا النموذج األمثل للدور المهيمن للعرف و ليوغسالفيا السابقةلمحكمتي األساسيان

، خاصة أن القانون الدولي العام 304العقوباتو الدولي في تحديد مضمون شرعية الجرائم lex specialis derogeat lexعدة العامةيعرف تكريس مبدأ القاعدة الخاصة تقيد القا

generalis الذي من نتائجه اإلمكانية المتاحة للنظام األساسي لمحكمة دولية خاصة بأنذلك عن طريق إدراج بند خاص و يبتعد عن نظام المصادر الخاصة بالقانون الدولي العام،

طريقة ترتيب هذه غير أن .ليس المصادرو الذي يحيل إلى القواعدو للقانون المطبق،المصادر في هذه األنظمة األساسية غالبا ما تتوافق مع مختلف طرق إنشاء القاعدة القانونية، أو عوضا عن ذلك، يتم ترتيبها حسب مصدرها عندما يتم اللجوء إلى القوانين

.305الداخلية

Rapport du Secrétaire Général établi conformément au paragraphe 2 de la résolution: انظر 302

808 (1993) du Conseil de Sécurité présenté le 3 mai 1993, (S/25704), par 34. Rapport du Secrétaire Général établi conformément au paragraphe 2 de la résolution: انظر 303

808 (1993) du Conseil de Sécurité présenté le 3 mai 1993, (S/25704), par 35. .23، مرجع سابق، ص أحمد عبد الحكيم عثمان، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائي: انظر 304 ASCENCIO, (Hervé), « La banalité des sources du droit international pénal par: انظر 305

rapport aux sources du droit international », in DELMAS- MARTY, Mireille, FRONZA, Emanuela, LAMBERT-ABDELGAWAD, Elisabeth, Les sources du droit…, op. cit., p. 405.

Page 135: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

129

لية إذا ما حاولنا تفحص مسألة المصادر في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية الدويجدر بنا في هذه الحالة إبداء و المؤقتة، نجدها خالية من أي نص متعلق بالقانون المطبق،ال يخرج الوضع غالبا عن و تصور حول كيفية تعامل قضاة هذه المحاكم مع الوضع

:حلينال يحتاج إلى قواعد و يتمثل األول في اعتبار النظام األساسي كنظام متكامل يكتفي بنفسه

هو أمر مستبعد خاصة إذا نظرنا إلى السرعة التي تم بها إنشاء هذه و تكمله،هو الذي نجده مكرسا في و بالتالي وضع نظامها األساسي، أما الحل الثانيوالمحاكم

، دون 306اإلجتهاد القضائي لهذه المحاكم فيتمثل في اللجوء إلى قواعد القانون الدولي العام .وسطا يبرز فيه تفتحها نحو السياق الخاص بهاذلك اعتماد هذه المحاكم حال أن يمنع

مصادر القانون الدولي الجنائيو الجرائم ضد اإلنسانية: الفرع الثانيمن النظام 38الدولي يحيلنا ال محالة إلى المادة إن الحديث عن مصادر القانون

هة األساسي لمحكمة العدل الدولية مما يبين أن تكريسها جاء في النظام األساسي لج العرفو التي اعتبرت كال من اإلتفاقيات الدولية spécifique307قضائية دولية خاصة

اإلجتهاد القضائي مصادر و مبادئ القانون العامة مصادر رسمية في حين جعلت الفقهو 21لعل هذا يحيلنا إلى مصادر القانون الدولي الجنائي التي جاءت في المادة و احتياطية،

إلى مصادر تطابقها مع مصادر القانون الدولي العام باإلضافة مدىو من اتفاقية روما، كما برز توجه يعتبر قانون حقوق اإلنسان ضمن )-1(القانون الدولي الجنائي اإلسالمي

.)-2(المصادر التي يأخذ بها القانون الدولي الجنائي أم اختالف؟تطابق : مصادر القانون الدولي العامو صادر القانون الدولي الجنائيم. 1

.مبادئ القانون العامةو العقاب، إال أن ذلك ال يستبعد العرفو على الرغم من اعتماد النص المكتوب في التجريم 306بحث منشور الضرورة القانونية لنشوء المحكمة الجنائية الدولية، و شمسان، القانون الدولي اإلنسانيعبد الوهاب : انظر

مين الدين، محمد عزيز شكري، إبراهيم أفي عبد اهللا األشعل، سامي سلهب ، خليفة، إبراهيم أحمد علوان، نعيم ، الجزء 'تحدياتو آفاق'الدولي اإلنساني القانون، دراجي، شمسان، عبد الوهاب كرعود، محمد، جويلي، سعيد سالم

.205 ، ص2005آليات الحماية، منشورات الحلبي الحقوقية، و الثالث، ترسيخ دور القانون الدولي اإلنسانيدراسة تحليلية،دار الجامعة الجديدة ، أحكام القانون الدولي الجنائي.منتصر سعيد حمودة، المحكمة الجنائية الدولية

.207ص ،2006للنشر، .ASCENCIO, Hervé, « La banalité des sources…», op. cit., p. 403: انظر 307

Page 136: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

130

من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية للمصادر التي 21تعرضت المادة هذا تفاديا للنقص الذي اعترى النظامين و تستقي منها المحكمة إلصدار أحكامها،

التي تعتبر أنظمتها األساسيةثم قواعد واألساسيين للمحاكم الجنائية المؤقتة في هذا الصدد . 308ات هي المصدر الوحيداإلثبو اإلجراءات

تقوم 21للوهلة األولى، يبدو أن المادتين مختلفتين من الناحية الشكلية، فالمادة :بترتيب تسلسلي حسب العبارة الواردة فيها

:تطبق المحكمة-1 «قواعد و القواعد اإلجرائيةو أركان الجرائمو ، هذا النظام األساسيفي المقام األول)أ(

لمحكمة،اإلثبات الخاصة با

...حيثما يكون ذلك مناسبا، المعاهدات الواجبة التطبيق في المقام الثاني)ب(

.»...، فالمبادئ العامة للقانونإالو )ج(جعلتها على قدم و التي لم تفاضل بين المصادر الرسمية 38على عكس المادة

القانون الدولي وتثير محاولة تطبيق المصادر التقليدية للقانون الدولي على .المساواةالجنائي عدة إشكاالت تتمثل أهمها في أن األولى تخص الدول ال األفراد، في حين أن

يبدو الفرق كذلك بين و.القانون الدولي الجنائي يتعلق بمعاقبة جرائم مرتكبة من قبل األفرادأشارت إلى العرف الدولي صراحة في الفقرة األولى حرف 38المادتين في كون المادة

:منها كما يليب .»العادات الدولية المرعية التي دل عليها تواتر اإلستعمال بين الدول-ب «

:يمكن استنتاجه ضمنا من الحرف ب الذي ورد فيهو ،21في حين أغفلته المادة »قواعدهو ومبادئ القانون الدولي... «

309. معاقبة وفي هذا اإلطار، من الضروري التعرض للمصادر القانونية المستعملة ل

38التي يتضح أنها تندرج في إطار قواسم مشتركة بين المادتين و الجرائم ضد اإلنسانية،

,JONES, (John R.W.D.), POWLES, (Steven), International criminal practice:انظر 308

op. cit., p. 136. ,…« ASCENCIO, Hervé, « La banalité des sources du droit international pénal: انظر 309

op. cit., p. 403.

Page 137: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

131

من النظام األساسي للمحكمة الجنائية 21و من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية .، نبدأ منها بالمصدر اإلتفاقي310الدولية

:في الفقرة األولى منها 21ولقد نصت المادة :حكمةتطبق الم «قواعد و القواعد اإلجرائيةو أركان الجرائمو في المقام األول، هذا النظام األساسي-أ

.اإلثبات الخاصة بالمحكمة .»...في المقام الثاني، حيثما يكون ذلك مناسبا، المعاهدات الواجبة التطبيق-ب

ار الحرف ب من هذه المادة، نجد أن كليهما أشو إذا قارنا بين ما ورد في الحرف أعلى الخصوص و لإلتفاقيات الدولية حيث أحال الحرف أ إلى النظام األساسي للمحكمة

في هذا المقام باعتبارها اشتملت على أحدث تعريف للجرائم ضد اإلنسانية مما 7المادة ويتم تدعيمها في هذا الصدد بما ورد في أركان .311يشكل بذلك المنطلق األول للمعاقبة

هو ما يمنح هذا النص أولوية في التطبيق عند و اإلثبات،و ءاتنظام اإلجراو الجرائم .إعمال المعاقبة

يتعلق األمر و وفي مرحلة ثانية، أحال الحرف ب على المعاهدات الواجبة التطبيق،هنا بمختلف اإلتفاقيات التي اعتمدت مجموعة من األفعال المشكلة للجرائم ضد اإلنسانية

مع 1973اتفاقية منع الفصل العنصري لعام و 1984لعام مثل اتفاقية مناهضة التعذيبهو ما يضيق من استعمال و ،"حيثما يكون ذلك مناسبا"اشتراط تضمنته الصياغة يتمثل في

من نظام روما 7يدعم اإلفتراض مسبقا بشمولية المادة و النصوص اإلتفاقية األخرى .ةاألساسي في هذا الصدد على األقل من الناحية النظري

يكرس أولوية النص اإلتفاقي، فإن الواقع الدولي في ميدان 21إذا كان نص المادة الجرائم ضد اإلنسانية على وجه الخصوص يتجه نحو و معاقبة الجرائم الدولية عموما

التي يحصرها اإلتجاه الراجح في و يمكن أن نشير دون التعمق إلى مصادر القانون الدولي الجنائي اإلسالميو 310

هي المصادر األساسية للتشريع اإلسالمي، و إلى القياس القرآن الكريم ثم السنة النبوية الشريفة ثم اإلجماع باإلضافة .وهناك مصادر أخرى ليست محل اتفاق بين مختلف المذاهب الفقهية

.MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international, op.cit., p. 153: انظر DELMAS-MARTY, Mireille, « Droit comparé et droit international: interactions et:انظر 311

internormativité », op. cit., p.14.

Page 138: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

132

مما يدعم ذلك أنه بالرجوع إلى مرحلة ما بعد محاكمات و تفضيل القاعدة العرفية الدولية،عية العامة اعتمدت مبادئ القانون الدولي المعترف بها في النظام نورمبرغ، نجد أن الجم

في حكم هذه المحكمة كما أشرنا له سابقا، كما أن لجنة و األساسي لمحكمة نورمبرغهو ما جعل بعض الفقهاء و هذه المبادئ، systématisationالقانون الدولي أقرت بنظامية

المؤسسة على العرف الدولي يتالءم مع الشمولية التي يصبو ةمقارباليعتبرون أن تفضيل .312إليها القانون الدولي الجنائي

يمكن تبرير هذا التوجه بخصوصية محاكمات نورمبرغ التي عرفت شحا في النصوص اإلتفاقية خاصة فيما يتعلق بالجرائم ضد اإلنسانية بسبب غياب اتفاقيات دولية

.ا رجح اللجوء إلى المصادر العرفيةمعاقبتها ممو تتولى تجريمهاغير أن الحل الذي يبدو أن العرف الدولي يقدمه في غياب النصوص اإلتفاقية ال يخلو من اإلنتقادات التي تطال القاعدة العرفية الدولية في هذا الصدد على أساس أن جانبا

ام هذا المصدر معتبرا من الفقه السيما في دول العالم الثالث ال يشجعون على استخدباعتباره طريقة تمكن من هيمنة الدول الكبرى على مسار تكوين العرف من حيث قدرتها

، مما جعلهم يعتبرونه طريقة غير ديمقراطية لتكوين 313على تحقيق الركن المادي له .قواعد القانون الدولي

إثبات ومن بين اإلنتقادات الموجهة كذلك لهذا المصدر هو الشكوك التي تحوم حول الركن و كذلك حول الوزن الذي ينبغي منحه لكل من الركن الماديو القواعد العرفية،كما أن .هو جدل قديم متجدد في إطار مصادر القانون الدولي الجنائيو المعنوي للعرف

جانبا معتبرا من الفقه انتقد األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة بسبب اعتمادها .للجرائم ضد اإلنسانية التي تفتقد للطابع العرفي لبعض المفاهيم

ال يمكن التعرض لمصادر الجرائم ضد اإلنسانية دون اإلشارة إلى مبادئ القانون من نظام روما األساسي، فإنها كانت غائبة 21إن وردت صراحة في المادة و العامة التي

.MAHMOUD- SALAH, M., « Interrogations sur l’évolution …», op. cit., p. 737: انظر 312 ,.BEDJAOUI, ( Mohammed), « L’humanité en quête de paix … », op. cit: يمكن الرجوع إلى313

p. 409 et 410.

Page 139: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

133

ين، غير أن اإلجتهاد القضائي تماما في النظامين األساسيين للمحكمتين الجنائيتين المؤقتت .314لهما كان له دور معتبر في إنشاء قواعد جديدة في هذا المجال من أجل تطبيقها

التعرض principes généraux de droitويثير الحديث عن مبادئ القانون العامة دولي التي تستمد من القانون ال principes généraux du droitكذلك للمبادئ العامة للقانون

من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية أشارت في الفقرة 38العام، غير أن المادة يتعين على القاضي بصدد بحثه عن مبادئ و .األولى منها حرف ج إلى الطائفة األولى

المستنبطة من القوانين الداخلية، من القواعد القانونيةباإلستقراءالقانون العامة أن يقوم ثباته أن هذه المبادئ معترف بها من قبل كل األنظمة القانونية، أو على األقل إضافة إلى إ

من قبل األنظمة القانونية العالمية األساسية، إضافة إلى قابلية نقل هذه المبادئ إلى القانون .الدولي

ويحوز القاضي عبر كل هذه المراحل على هامش كبير من الحرية، كما أنه يملك كذلك .ة ال يمكن نكرانهاسلطة معياري

بالرجوع إلى ممارسات المحاكم الجنائية المؤقتة فيما يتعلق بعالمية مبادئ القانون أو الشريعة العامةقواعد نظام العامة، يالحظ أن هذه المحاكم استندت بالخصوص على

على النظم و common law)المبني على العرف و العادات (القانون غير المكتوب هو ما يجعلنا نبدي نفس المالحظة فيما يتعلق بمسار الكشف عن و جرمانية،-الالتينو

استبعاد الدول و 315في حصر مجال تحديد العالمية في الدول المهيمنةو القواعد العرفية .األخرى

يمكن أن نضرب أمثلة على بعض مبادئ القانون العامة التي وردت في اإلجتهاد تي استنبطتها من إجراء مقارنة بين األنظمة القانونية المختلفة الو القضائي لهذه المحاكم

ينبئ هذا عن الدور الفعال الذي يلعبه القضاء الدولي ليس فقط في تطبيق القواعد القانونية، بل كذلك في إنشائها 314 .هو ما يعرف بالسلطة المعيارية للقاضيو بلورتها،و

.MAHMOUD- SALAH, M., « Interrogations sur l’évolution …», op. cit., p. 742: انظر .MAHMOUD SALAH M., « Interrogations sur l’évolution …», op. cit., p. 744: انظر315

Page 140: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

134

بغية التوصل إلى قاسم مشترك بينها، منها مبدأ المساهمة الجنائية، تعريف أسباب اإلباحة، .316القانونيلإلقرار بالذنبإضافة إلى قانون األدلة أو النظام

المبادئ و قانون العامةمن نظام روما األساسي إلى كل من مبادئ ال 21تشير المادة وإذا اعتبرنا أن مبادئ القانون العامة كمصدر من مصادر تجريم الجرائم العامة للقانون،

ضد اإلنسانية يثير مسألة تهميش بعض األنظمة القانونية، فإن المبادئ العامة للقانون ال القانون تنآى بدورها عن النقد، إذ يلجأ لها القاضي من أجل مأل النقائص التي تشوب

هذا ما يثير إشكالية بالنسبة لمبدأ الشرعية الجنائية خاصة أنها تفتقد في و الدولي العرفي،الغالب للدقة التي يتطلبها القانون الجنائي بالنسبة لتجريم بعض األفعال المشكلة للجرائم

.ضد اإلنسانيةالدولية ومن الضروري كذلك التوقف عند اإلجتهاد القضائي للمحاكم الجنائية

مصدرا احتياطيا، في حين أن 38من المادة 2الذي اعتبرته الفقرة و الدائمةو المؤقتة منها .جعلته مصدرا تستقي منه حسب اختيارها 21المادة

.يكشف بها القاضي الدولي عن القاعدة العرفية فيعد هذا المصدر اإلحتياطي وسيلةيعد مصدرا للقانون الدولي الجنائي، إذ وال يمكن بأي حال إنكار أن اإلجتهاد القضائي

يعد و ،317يطبقهاو يقوم القاضي هنا بإنشاء القاعدة القانونية التي يفترض أن يفسرهااإلجتهاد القضائي للمحكمتين الجنائيتين المؤقتتين مصدرا ثريا لتجريم الجرائم ضد

.318المعاقبة عليها خاصة بالنسبة لألحكام المبدئيةو اإلنسانيةن المحاكم ال تلتزم بالحلول التي قدمتها في فإيخص اإلجتهاد القضائي الدولي، فيما

تأخذ بحل 21القرارات السابقة، حيث ال يسود نظام السابقة القضائية، في حين أن المادة .مختلف إذ تسمح باإلستناد على القرارات السابقة كما سنوضحه أدناه

.DELMAS- MARTY, M., « Droit comparé et droit international …», op. cit., p. 13:انظر 316 .MAHMOUD- SALAH, M, « Interrogations sur l’évolution …», op. cit., p. 744: انظر 317سنرجع لها التي و MILOSEVIC، ميلوسيفيتشTADICيمكن أن نشير على سبيل المثال فقط لقرارات تاديتش 318

.بالتفصيل في المبحث الثاني أدناه

Page 141: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

135

رواندا مثل هذا و سالفيا السابقةتفحص اإلجتهاد القضائي لمحكمتي يوغيؤكد التوجه،إذ ال يكتفي القاضي الدولي بتأكيد القاعدة الموجودة، بل يتولى إنشاءها مثل ما

.يظهر في قضايا عديدة 38من المادة 2اإلنصاف كما هي واردة في الفقرة و ونشير إلى أن مبادئ العدالة

ن الدولي الجنائي بالنظر للموضوع ال يمكن بأي حال من األحوال اعتمادها كمصدر للقانوكذلك بالنظر للهدف الذي وضع من أجله هذا المصدر و الذي يعالجه هذا الفرع القانوني،

كمصدر بديل للقواعد القانونية الوضعية، إذ أن معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية مدرجة في ضائي بصورة كيفيات متابعتها بتقرير اإلختصاص القو نصوص قانونية تتضمن أركانها

.اإلنصافو هو أمر ال يتصور أن تحققه مبادئ العدالةو دقيقة،معاقبة الجرائم ضد و يمكن التساؤل بعد دور هذه المصادر التقليدية في تجريم

اإلنسانية إلى إمكانية اإلستناد على المصادر الحديثة للقانون الدولي السيما األعمال .باعتبارنا سنخصص للقواعد اآلمرة تحليال فيما بعدالمنظمات الدولية و اإلنفرادية للدول

يقصد باألعمال اإلنفرادية مختلف التصرفات الصادرة عن الدولة بإرادتها المنفردة،، مما يحيلنا إلى )تنفيذية، تشريعية أو قضائية(هذا مهما كانت الجهة التي صدرت عنهاو

إذا كانت األولى تم النص عليها و .كذلك القضائية لسلطات الدولةو األعمال التشريعيةكذلك في األنظمة و 319من نظام روما األساسي ج/ 21/1صراحة في نص المادة

األساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة حول تحديد طائفة العقوبات، فإن استعمال اإلجتهادات تسمح أطر و القضائية الداخلية يمكن أن يكون متاحا للقضاء الجنائي الدولي وفق ضوابط

ذلك عن طريق استعمال المنهج و بتفسير أركان الجرائم السيما الجرائم ضد اإلنسانية، . المقارن

أما بالنسبة لقرارات المنظمات الدولية، فيمكن هنا تصور الحالة المتعلقة باألنظمة 827األساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة التي وضعت بموجب قراري مجلس األمن رقم

من خاللهما يمكن التماس الدور المعتبر لهاتين و ئين للمحكمتين المؤقتتين،المنش 955و

لمحكمة األساسي نظام الد من ين ج وحرف 1فقرة 38يمكن استنتاجها ضمنيا من الصياغة التي وردت في المادة و319

و أحكام المحاكم و مذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف بادئ القانون العامةلم اتعرض لذانالالعدل الدولية .األمم

Page 142: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

136

انعدام اتفاقية و الوثيقتين في إثراء مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية بالنظر خصوصا لحداثتها .دولية شاملة تتولى تجريمها

سنستعرض مختلف التطبيقات القضائية للمحاكم الجنائية المؤقتة لمصادر القانون صراحة تينمحكمال لهاتينتعرض النظامان األساسيان سياق تميزبعدم، في دولي الجنائيال

ي الجرائم المعروضة عليه كما كان األمر ف إلى المصادر التي يطبقها القاضي عند النظرمصادر بالنسبة لميثاق المحكمة العسكرية الدولية لنورمبرغ، فإن هذا لم يمنع من تكوين

التي 321لت بالتدريج مصادر القانون الدولي الجنائي شك320ةا القضامنتظمة يستلهم منهمن نظام روما األساسي الذي 21ستها المادة كرنتاج كل هذه التطورات التي عتبري

، سبقتهح ما هو المصدر األكثر استعماال من قبل مختلف المصادر على حدة كي نوض الجوسنع

.)ب( المصادر الحديثة، ثم )-أ(بدءا بالمصادر التقليدية دولي المؤقت القضاء الجنائي ال :صادر التقليديةالم) أ

محكمة العدل الدوليةمن النظام األساسي ل 38هي المصادر التي تضمنتها المادة ام من مصادر القانون الدولي الع سنبدأ باإلتفاقيات التي تعدو سنتعرض لها كما وردت،و

، فالنص اإلتفاقي نص مكتوب، واضح تطبعهات العديدة التي للميزااألكثر قبوال بالنظر .وصريح إذا ما قارناه بالمصادر األخرى

إن من خصوصيات المحاكم المؤقتة هو الدور الذي تلعبه في تطوير القانون الدولي الجنائي، بالنظر لحداثة هذا 320

وإذا اكتفت قرارات . طوكيوو استثينا محاكمات نورمبرغفي هذا المجال إذا القضائية الفرع القانوني، ولقلة التطبيقات مجلس األمن المنشئة لهاتين المحكمتين باإلشارة إلى القانون الموضوعي والقانون اإلجرائي المطبقان، فلتترك هذه

.المسألة للقضاة ليحددوا مختلف عناصر هذا النظام القانوني :انظر في ذلك

SARACCO, (Marianne), « Une lecture ‘’ contextuelle ‘’ de l’utilisation des sources du droit dans la jurisprudence des tribunaux ad hoc », in DELMAS-Marty,(M), FRONZA, (E) , LAMBERT-ABDELGAWAD, (E) (Sous Dir), Les sources du droit international …, op. cit., p. 246.

الفراغ ءإلى المصادر المعروفة في القانون الدولي لمل FURUNDZIJAوغسالفيا في حكم لقد أشارت محكمة ي321 .الموجود في النظام األساسي

,op. cit., par 177.Le procureur c.Anto FURUNDZIJA:انظر

Page 143: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

137

ريم ومعاقبة الجرائم تججنائي عدة معاهدات تعتبر ركيزة ليعرف القانون الدولي الالدولية األكثر خطورة، لعل أهمها اتفاقية منع اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واتفاقيات

لجرائم ضد الل صورف األربع الخاصة بجرائم الحرب، وبعض االتفاقيات التي تشكجني .كما سبقت اإلشارة إليهاإلنسانية

قت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة هذا المصدر في عدة لقد طبحيث على الرغم من ، Furundzijaهو ما جاء في قرار أفضل مثال ولعل ، 322مناسبات

في هذه القضية، إال أن الحرب متابعة المتهم بممارسة التعذيب كصورة من صور جرائم ح ذلك لم يمنع المحكمة عند تأكيدها على منع التعذيب في القانون الدولي اإلنساني أن توض

يث جاء ي مجمل القواعد االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان حف بأن هذا المنع موجود : في القرار

.323»إن هذه القواعد تحظر التعذيب سواء في وقت السلم أو خالل نزاع مسلح «، كما 1984اتفاقية مناهضة التعذيب لـ إلىأشار في هامش هذه الفقرة من القرار

:وا إلى هذه االتفاقية الهامة حيث جاء في القرارأأن القضاة عند تعريفهم للتعذيب لجف القانون الدولي منع التعذيب خالل النزاعات المسلحة، لم يعر على الرغم من «

اإلنساني هذا المنع ويمكن أن نجد تعريفا في المادة األولى من اتفاقية األمم المتحدة .324»:..نص تي ت، ال1984لمناهضة التعذيب لـ

لك أنه وا باإلضافة إلى ذد، ولقد أكحرفيااعتمد القضاة التعريف الوارد في االتفاقية على الرغم من تأكيد االتفاقية أن التعريف محصور في نطاقها، إال أن أثره يتعدى هذا

.اإلطار بالنظر لكون االتفاقية تساهم في تطوير وتكريس القانون الدولي العرفيأن تعريف IIواآلخرون،اعتبرت الدائرة التمهيدية األولى Delalicةضيق فيو

أوسع من ذلك الوارد في إعالن األمم المتحدة لـ 1984التعذيب كماهو وارد في اتفاقية :حكمإذ جاء في ال 1975

بعض قائدا محليا للوحدة الخاصة للشرطة العسكرية اتهم بممارسة أفعال تعذيب أثناء استجواب Furundzijaكان322

.الضحايا والشهود ,.Le Procureur c./ Anto Furundzija, op. cit 143:انظر323 .Le procureur c. ./Anto Furundzija, op.cit., par. 159: انظر324

Page 144: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

138

يمكن إذن القول بأن التعريف الذي جاءت به اإلتفاقية للتعذيب يلتقي مع التعاريف «بالتالي يعبر عن هو و كذلك في اإلتفاقية األمريكيةو الواردة في اإلعالن حول التعذيب

.325»تسوية تعتبرها الدائرة التمهيدية األولى تكريس للقانون الدولي العرفيرف االستثنائية للمحاكم الكمبودية للمصدر اإلتفاقي في قضية غولقد لجأت ال

:، حيث جاء في الحكم326دوشمكن أما فيما يخص مصادر القانون الدولي ذات الصلة والمطبقة وقت ارتكاب األفعال، ي«

.327»للدائرة التمهيدية أن تتأسس في آن واحد على القانون الدولي العرفي واالتفاقيبموجب Infractionومعرف بأنه مخالفةدولية د الحكم أن التعذيب محظوركما أك

على الرغم من كون األفعال 1984 عامة التعذيب لـمنها اتفاقية مناهضة نصوص عدقبل اعتماد االتفاقية ودخولها حيز النفاذ مما يجعل كبت نها تعذيب ارتأالموصوفة ب .328حه الحقاالعرفي كما سنوض لقانونلى اتأسسعاعتمادها يغم من مصدرا هاما للقانون الدولي الجنائي على الر الذي يعد العرف الدولي أما

بات والتطور السريع والمستمر، ورغم صعوبة تجانسه مع ثاتسامه بالغموض وصعوبة اإلمنذ إال أنه استعمل د المكتوبة، الشرعية الجنائية الذي يعتمد بالضرورة على القواعمبدأ

وجدت هذه األخيرة نفسها أمام قواعد لم تكن موجودة في حيث نورمبرغ، ماتكافترة محفراغ القانوني واإلشكالية التي بت محاكمة كبار مجرمي الحرب مواجهة الغالبها، وتطل

.طوكيوو جنائية بالنسبة لمحاكمات نورمبرغيرها مبدأ الشرعية الثييالحظ أن العرف الدولي كمصدر من مصادر القانون الدولي بصفة عامة عرف

ل عبر سلوك منتظم تطورات بالنسبة لمفهومه حيث لم يعد للعرف التقليدي المتشكعما م الفقه مصحوب بالشعور بإلزامية هذا السلوك هو الصورة الوحيدة المعروفة، بل تكل

325Le Procureur c./ Delalic et consorts, op. cit.,, par. 459.

كان المتهم يشغل منصب مدير مساعد لوحدة عسكرية وقام بارتكاب جملة من األفعال توصف بكونها جرائم ضد 326 .ألطروحةا لتفصيل في قضيته في الباب الثاني من هذهلاإلنسانية وسنعود

327Affaire M.KAING Guek Eav alias Duch, Chambres extraordinaires au sein des tribunaux cambodgiens, La chambre de première instance, Jugement, 26 Juillet 2010, par. 30.

.Affaire Duch, … op. cit., par 353: انظر 328

Page 145: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

139

، والذي أصبح ينافس "أو الهادئ العرف العاقل"ـ بمقارنة 329"العرف المتوحش"يسمى به .هذا األخير بصورة واضحة

الممارسة دولي الجنائي دورا مهما في لقد لعب العرف الدولي في مجال القانون الاألحيان لم رواندا إذا أن القضاة في الكثير من و يوغسالفيا السابقة محكمتيالقضائيةل

قيات الدولية ذات الصلة، يتوقفوا عند النصوص المكتوبة سواء المنشئة للمحكمتين أو االتفاقواعدها بطريقة اعتبروها تتماشى مع القانون الدولي العرفي في تلك المرحلةواربل طو.

غير أن أهم تطور في هذا المجال هو ما جاء به االجتهاد القضائي لمحكمة من النظام 3،حيث أننا أشرنا إلى أن المادة Jelisik330ابقة بمناسبة قضيةالس يوغسالفيا

األساسي لهذه المحكمة لم تشر مطلقا إلى السياق الذي ترتكب فيه الجرائم ضد اإلنسانية مة، غير أن قراءة القضاة لهذا النص واكتفت فقط بالفئة المستهدفة وقائمة األفعال المجر

م ترد فيه وهذا باستنادهم على العرف الدولي، إذ جاء في جعلهم يضيفون إليه عناصر ل :الحكم

موجهة ضد أية مجموعة من السكان " الجرائم ضد اإلنسانية بأنها جرائم 5تعرف المادة «ولقد فسر القانون الدولي العرفي هذه الخاصية المرتبطة بالجريمة ضد اإلنسانية ". المدنيين

.331»لمدنييناطاق أو منهجي موجه ضد السكان بأنها تشترط وجود هجوم واسع النجهوا نحو تكريس العرف الدولي كأحد المصادر أن القضاة اتيبدو من هذه الفقرة

األساسية التي يستلهمون منها، بل أنهم جعلوا منه يسمو على القاعدة المكتوبة ويعمل على د اإلنسانية اقتصر قص، فعلى الرغم من كون تعريف الجرائم ضن يعتريهاتكميلها عندما

حيث أطلقها للتعبير عن التطور الذي أصبح عليه René-Jean Dupuyلألستاذ coutume sauvageعبارةتعود 329

العرف الدولي والذي لم يعد ركنه المادي يتشكل من تصرفات الدول فقط، بل أصبح لفاعلين آخرين دور هام بسلوكهم .الذي يسهم في خلق قواعد عرفية

SIMMA,( Bruno), PAULUS, (Andreas), « Le rôle relatif des différentes sources du droit: انظرinternational pénal (dont les principes généraux de droit) », in ASCENCIO, H, DECAUX, E, PELLET, A, Droit international pénal…, op. cit., p 60 et 61.

ارتكاب عدة لقد اتهم بو .كان يطلق على نفسه اسم أدولف الصربيو ،Brckoرئيسا لمعتقل في بريشكو كان المتهم 330 .أفعال الإنسانيةو أفعال قتل

,Le Procureur c/ Goran JELISIK, IT- 95-10-T, La chambre de première instance I:انظر 331Jugement, 14 Décembre 1999, Par 53.

Page 146: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

140

ا هذين وعلى الفئة المستهدفة دون االهتمام بالسياق الذي يحيط بها إال أن القضاة اشترط، TADICدوا ذلك في أول قرار صادر عن هذه المحكمة هو قرارأكالعنصرين، ولقد

:والذي كان غنياباالستدالل والتبرير، حيث جاء فيهأن شرط ير أنه من المؤكد حاليا كانت محل نقاش كبير غ) الشرطين(المسألة هإن هذ«

ت هذه األفعال بطريقة واسعة تمق إذ حقيتالمدنيين " السكان"كون األفعال موجهة ضد تشير " وينص تقرير األمين العام أن الجرائم ضد اإلنسانية... النطاق أو بصورة منهجية

ة في إطار هجوم واسع النطاق أو بمرتك... رة كبيرةإلى أفعال ال إنسانية ذات خطو .332»...منهجي موجه ضد السكان المدنيين أيا كانوا

مبررا للطابع العرفي للسياق العام بموجب أركان العرف TADICفكان قراريعبر عن تصرفات وأفعال، كان التقرير كونهوالسيما الركن المادي الذي يعتبر ضروريا

كن العنصر الوحيد، إذ حسب القضاةته، غير أنه لم ينااألممي أحد مكو: باإلضافة إلى تقرير األمين العام، هناك عدة مصادر تؤكد على النتيجة التي مفادها أن «

نة من مشروع مدو 18تشترط المادة ... شرطي الطابع واسع النطاق والمنهجي اختياريان بصورة منهجية أو على نطاق ''با كتالجرائم ضد سلم وأمن اإلنسانية أن يكون الفعل مر

.333»...''واسعكما أن القرار ذهب أبعد من ذلك في تأكيد المصدر العرفي للسياق العام للجرائم

نورمبرغ، ليبرر ضرورة توافر ة، إذ رجع إلى االجتهاد القضائي لمحكمة ضد اإلنساني :السياق العام بأحد مكوناته إذ أن

» لجنة القانون الدولي يوضح أكثر هذين الشرطين وكذا نة التعليق حول مشروع مدو :مصدرهما فيصرح

نسانية بصورة منهجية، أي إينبغي أن ترتكب األفعال الال اراالختيمن األول الجزءوفق " ، والتي يتجسد تطبيقها بارتكاب متكرر أو مستمر مسبقا لخطة أو سياسة معدة اتطبيق

التي ال تندرج العرضية النص هو استبعاد األفعالإن الهدف من هذا . ألفعال الإنسانية

Le Procureur c/ Düsko TADIC alias « Dule », IT-95-1-T, La chambre de première:انظر 332

instance, 7 Mai 1997, Par 646. .Le Procureur c. TADIC….., ibid., Par 647:انظر 333

Page 147: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

141

إن هذا المعيار لم يرد في النظام األساسي لمحكمة . ضمن خطة أو سياسة أكثر اتساعانورمبرغ غير أن المحكمة في إطار النظر في األفعال المعروضة عليها اعتبرت أن األمر

مة ما تكون منظ... باغال...رعب"بة في إطار سياسة كيتعلق بأفعال الإنسانية مرت .334»"ومنهجية

لقد اعتمد االجتهاد القضائي في قضايا متعددة على العرف الدولي باعتباره أحد المصادر األساسية التي تستعمل لتأكيد المفاهيم القانونية المتعلقة بالجرائم ضد اإلنسانية،

إلى مصادر القانون ين من أية إشارة تللمحكمتين المؤقت خلو النظام األساسيع ولقد شجالتي يستند عليها على االعتماد على المصدر العرفي باعتبار الجرائم ضد اإلنسانية وكذا الجرائم الدولية األخرى مازالت تتطور، بالنظر لحداثتها وعدم استقرارها بصورة نهائية

.بعدئم، إذ االختالف بين مرحلة القضاء الجنائي المؤقت والقضاء الجنائي الدا هنا يظهرمن نظام روما األساسي وضعت العرف الدولي في مرتبة متأخرة عن نص 21أن المادة

اتفاقية روما بالنسبة للقواعد المطبقة من قبل القضاة، غير أن هذا الترتيب النصي سيكون ستغنى عنه ال ي ال مصدرالتطبيق القضائي، إذ الزال العرف يشك بمناسبةمحل تطوير .الجرائم األكثر خطورة كما يعتمدها القانون الدولي الجنائي بالنسبة لمعاقبة

ج من /1فقرة 38لمادة لها اوالتي أشارت كما تم استخدام مبادئ القانون العامةمبادئ القانون العامة كما أقرتها األمم «النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية

نةالمتمد«Principes généraux de droit عن المبادئ العامة ، وهذا تمييزا لهاالدولي العام، فإن نظام للقانون التي يرجع مصدرها Principes généraux du droitللقانون

جـ و ب/ روما األساسي أشار إلى النوعين من المبادئ بصفة منفصلة في الفقرة األولى امة للقانون التي وردت ، غير أننا سنركز في هذا المقام على المبادئ الع 21من المادة :جـ والتي نصت/ فقرة أولى 21في المادة

المبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم فوإال، «القانونية في العالم بما في ذلك حسبما يكون مناسبا، القوانين الوطنية للدول التي من عادتها

.Le Procureur c. TADIC…., ibid., Par 648:انظر 334

Page 148: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

142

شريطة أال تتعارض هذه المبادئ مع هذا النظام أن تمارس واليتها على الجريمة، .»األساسي وال مع القانون الدولي وال مع القواعد والمعايير المعترف بها دوليا

ل هذه المبادئ بال جدال مصدرا رسميا للقانون الدولي الجنائي ليس لكونها تشكل تقنية نها تشكمن النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية، بل أل 38واردة في المادة

ى خالف المادة من نظام روما األساسي وعل 21، كما أن المادة 335إلنشاء القواعد القانونيةال لهذا المصدر القانوني والذي جاء في مرتبة أدنى من المعاهدات صأعطت تعريفا مف 38

لى والعرف، إذ ورد صراحة فيها أن المحكمة تستنبطها من القوانين الوطنية، ويشير ذلك إالدور الفعال الذي يلعبه القانون الوطني في تغذية هذا المصدر القانوني وتكوين قواعده،

لبعض القوانين بالنظر لكون هناك الى خالف ما هو مفترض لن نجد أثرغير أننا وعمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية، من أجلمجموعة من الدول تفتقد لمنظومة قانونية متكاملة

.طة بالتفصيل الحقاوسنعود لهذه النقينبغي اإلشارة كذلك إلى أن تأسيس مبادئ القانون العامة على القوانين الوطنية يحيل إلى التقليدين القانونيين السائدين عالميا وهما نظام القانون المدني ونظام الشريعة

إن وال ينبغي أن نغفل كذلك الدول اإلسالمية والتي ، 336أو القانون غير المكتوب العامةكمصدر للقوانين العقابية، إال أن أغلبيتها تبنت اإلسالمية الشريعة مبادئ اعتمد بعضها

كرا على مساهمة الدول حأحد النظامين السائدين، وهو ما قد يجعل هذا المصدر القانوني .األقوى في تكوين القواعد القانونية

نون العامة في غياب محكمةيوغسالفيا السابقة في مناسبات عديدة لمبادئ القالجأت مها حسب الدور الذي تلعبه هذه ااتفاقيات دولية وقواعد عرفية، وكان استخد

في إطار عملية التجريم والمعاقبة نظرا لكونها تعمل على تكملة القواعد القانونية يدل هذا على الدور الهام الذي تلعبه335

.وتفسيرها DE FROUVILLE, (Olivier), «Les tribunaux pénaux internationaux et les principes:انظر

généraux de droit. Quelques commentaires», in DELMAS-MARTY, M, FRONZA, E, LAMBERT-ABDELGAWAD, E, (Sous Dir), Les Sources du droit …, op. cit., p. 389.

SIMMA,B, PAULUS, A, «Le rôle relatif des différentes sources du droit :انظر 336international pénal…»., op. cit., p. 63.

Page 149: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

143

Erdemovicقرارز من خالل وهو ما يبر 337المبادئErdemovic والذي أثار كيفية اإلستناد :اعتبروا أنو ، حيث أن القضاة نوهوا بمكانتها،إليها

التوقف عندها عند فحص تطبيق مبادئ القانون هناك جملة من االعتبارات التي ينبغي «ال، إذا كانت مبادئ القانون أو. العامة التي أقرتها األمم المتمدنة كمصدر للقانون الدولي

ستمد من األنظمة القانونية السائدة، وباألخص أنظمة القانون الداخلي، العامة ينبغي أن تلجميع األنظمة امتمدنة ال يتطلب فحصته األمم الن مبدأ منها أقريفمن المؤكد أن تكو ...القانونية في العالم

ة مقارنة مباشرة للقواعد وانطالقا من هذه المعطيات، فإن مقاربتنا لن تتضمن بالضروريكون ئيالذيجتهاد القضااالفحص إلى د مبل سنع. كل النظم القانونية العالميةبالخاصة ه عام، فقه أو مبدأ يمكن أن يتضمن قواعد يا، من أجل محاولة استخالص توجلممتوفرا ع

.338».."ملموسة من هذا القضاء يكون متوافقا مع هدف ومهمة المحكمة الدوليةة في اعتماد هذا المصدر بالنظر للعوائق التي تتم مواجهتها تظهر الصعوبة الجم

قضاة يؤكدون ز بالتعدد واالختالف، مما جعل العند البحث في األنظمة القانونية والتي تتميعلى األخذ فقط بتلك التي تتوافق مع الهدف من إنشاء المحكمة، وهو األمر الذي عبرت

.ج من نظام روما األساسي لمأل الفراغ القانوني في هذا الشأن/21/1عنه صراحة المادة كان مناسبة لالستناد على هذا المصدر القانوني المثير للجدل، Tadicكما أن قرار

عدمسبباختصاص المحكمة بالمنازعة في إذ من بين المسائل التي أثارها دفاع المتهم هو الك امتوجاء رد غرفة االستئناف على مدى من قبل مجلس األمن الدولي، شرعية إنشائها

اختصاصها، وهو ما يعرف في القانون الدولي المحكمة الجنائية الدولية لمسألة البت في :كما يلي" اختصاص االختصاص"بمبدأ

.دور تكميلي، دور تفسيري ودور تدعيمي: يشير بعض الفقه إلى ثالث أدوار تلعبها مبادئ القانون العامة337 RAIMONDO, (Fabian), « Les principes généraux de droit dans la jurisprudence des:انظر

tribunaux ad-hoc.Une approche fonctionnelle », in DELMAS-MARTY, M, FRONZA, E, LAMBERT-ABDELGAWAD, E(Sous Dir), Les sources du droit …, op. cit., p. 83.

.Le Procureur c./ Erdemovic, La chambre d’appel, Arrêt, 7 Octobre 1997, Par 57:انظر 338

Page 150: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

144

هي عنصر أساسي " اختصاص االختصاص"إن هذه السلطة، والتي تعرف بمبدأ «ل وهو مبدأ يمث... حكيمية تلالختصاص العرضي أو الضمني لكل محكمة قضائية أو

...ا في ممارسة الوظيفة القضائيةيأساس اعنصرأو النصوص التأسيسية ... نم...دة بموجب نص صريح مكن أن تكون هذه السلطة مقيوي

نص دونسمح به ال يمكن استنتاجه مثل هذا التقييد عندما ي غير أن... للمحاكم الدائمة،صريح يبيح هذا االستثناء أو التقييد لهذا المبدأ، الذي يعد سا بصفة ثابتة في القانون مكر

.339»الدولي العامر لمبادئ لمحكمة يوغسالفيا السابقة هو لجوؤها المتكرمن الممارسة القضائية يبدو

القانون العامة حتى في حالة وجود االتفاقيات والعرف بالنظر ألهمية هذا المصدر، ويبقى ر هذه المبادئ عن كل التوجهات، أن يتم ترقيته بإدراج مختلف النظم القانونية حتى تعب

.340الدراسات المقارنة التي ستكون ذات إمداد كبير في هذا المجالوهو ما ستتيحه ثار النقاش أمام المحاكم الجنائية المؤقتة عن مدى إمكانية توسيع المصادر التي

د لها القواعد التي تطباألمر على قها، وتعلقتستند عليها في غياب نص صريح يحدمن النظام األساسي 38الخصوص ببعض المصادر التي تعتبر احتياطية وفقا للمادة

ي ال تر األخرى التي تعد في طور البروز واللمحكمة العدل الدولية، وبعض المصادويتعلق األمر بكل من االجتهاد القضائي والفقه وما 341درج ضمن المصادر التقليديةتن

.باإلضافة إلى القانون الداخلي، Soft Lawنرميعرف كذلك بالقانون المبدأ يسود القانون الدولي فيه الدولي والداخلي، بشقأما بالنسبة لإلجتهاد القضائي

أن المحاكم الدولية ليست ملزمة بقراراتها السابقة غير أن الممارسة القضائية مفاده

Le Procureur c./ Tadic, Arrêt relatif à l’appel de la défense concernant l’exception:انظر 339

prejudicielle d’incompétence, affaire n° IT-94-1-AR72, ch., d’appel, 2 Octobre 1995, Par. 18 et 19.

,«…RAÏMONDO, (Fabian), «Les principes généraux de droit dans la jurisprudence:انظر 340op. cit., p. 95.

التغاضية ال يمكن جديدال تشتمل على جميع مصادر القانون الدولي إذ أن هناك مصادر 38يعتبر الفقه أن المادة 341 .عنها SIMMA, B., PAULUS, A., « Le rôle relatif des différentes sources du droit:انظر

international pénal…», op. cit., p. 65.

Page 151: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

145

لول التي سبق وأن اعتمدتها، مما للمحاكم الجنائية المؤقتة تبرز أنها تولي أكبر اهتمام للحر حرصها على استقرار توجهها بالنسبة للمفاهيم القانونية الكبرى، خاصة أن األحكام يفس

به متعة ال جدال فيها، بالنظر للخبرة واإلختصاص الذي يتوالقرارات الدولية تحوز قوفيا السابقة عن اإلستناد فعلى سبيل المثال، لم تتوان محكمة يوغسال. لونهاالقضاة الذين يشك

على سبيل المثال Blaskic342ةقضيإلى قرارات سابقة لتأكيد أحكامها كما كان الحال في .ال الحصر

ر أن هذا التوجه أدى بواضعي نظام روما األساسي إلى واألمثلة على ذلك متعددة، مما يفس :التي نصت 21/2اعتماد هذا المصدر صراحة في المادة

.»رة في قراراتها السابقةة أن تطبق مبادئ وقواعد القانون كما هي مفسيجوز للمحكم «ويبدو من هذه الصياغة أنها جاءت على سبيل اإلجازة، وأنها أشارت إلى قرارات المحكمة الجنائية الدولية فقط، مما يطرح مسألة إمكانية أخذها باالجتهاد القضائي للمحاكم

فه هذه المحاكم عند نهاية لنظر لإلرث الكبير الذي ستخلالمؤقتة والتي تعد مسألة واردة با .عن اإلستلهام منه فكنتسمهامها، وال شك أن المحكمة الجنائية الدولية لن ت

ر عن موقف أما بالنسبة لالجتهاد القضائي الداخلي، فعلى الرغم من كونه يعبل إلى ممارسة في أن أهميته تتعدى ذلك كونه يتحو السلطة القضائية داخل الدولة، إال

ستند إليها لتوضيح ، بل قد ي343الكثير من األحيان تسهم في تكوين العرف الدوليويبرز من خالل اإلطالع على االجتهاد القضائي أن . واستخالص مبادئ القانون العامة

قضايا التي جاءت فيالمحاكم الجنائية المؤقتة قد تلجأ في بعض الحاالت إلى الحلول .Akayesu344و Tadicا ياداخلية، وهو الحال في قض

حيث استندت المحكمة إلى قرارات سابقة صادرة عنها هي قرار تاديتش أو عن محكمة رواندا هي حكم أكاييزو 342 .حكم كاييشيماو

,op. cit., par. 202.Le procureur c. BLASKIC: انظر ROBERTS, (Anthea), «Comparative international law? The role of national courts: انظر 343

in creating and enforcing international law», in I.C.L.Q., Volume 60, January 2011, p. 62. .الصادر عن محكمة مقاطعة القدس Eichmannاستندت المحكمة على حكم Tadicففي قضية 344

.خمانإيو إلى اإلشارة إلى قضايا باربي، توفييه، بابون Akayesuولقد لجأت محكمة رواندا في قضية Le procureur c. Tadic, arrêt relatif à l’appel de la défense concernant l’exception:انظر

préjudicielle d’incompétence, par. 55.

Page 152: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

146

ر عن فترض أن تعبل آراء الفقهاء دعامة أساسية لتفسير القواعد ولتأكيدها، ويتشكيه األنظمة القانونية الكبرى، غير أن المعتمدة بكثرة هي آراء الفقهاء من الغرب، بشق

ة في كل من ى الرغم من بروز اتجاهات فقهية قويسكسوني، علرماني واألنجلوج-الالتينوويبدو من . الدول اإلسالمية، وكذلك بعض دول الشرق األقصى مثل الصين واليابان

استدالل القضاة أنهم يتوجمشكل هون إلى المذاهب الغربية لوفرتها وغزارة إنتاجها، ويعدهية مما يبقيها في منأى عن اللغة من العوائق التي تحول دون بروز بعض االتجاهات الفق

.التأثير واإلثراء :المصادر الحديثة)ب

من مصادر امصدر قرارات المنظمات الدوليةاعتبار إمكانية يناقش الفقه مدىوإذا كانت قرارات .القانون، السيما منظمة األمم المتحدة التي تتميز بطابعها العالمي

الجمعية العامة تفتقر للطابع اإللزامي، فإن األمر مختلف بالنسبة لمجلس األمن، خاصة إذا المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة التي نشأت بموجب قرارات صادرة بعين اإلعتبار ا نذأختبرت ، وتستمد اختصاصها من هذه النصوص، فلقد اعطبقا للفصل السابع من الميثاق عنه

:أنTADICمحكمة يوغسالفيا السابقة في قضية ذات أهمية خاصة لتشكيل الركن لقرارات المعتمدة باإلجماع من قبل مجلس األمن تعدا «

.345»المعنوياها، إذ ليس باستطاعة مجلس األمن غير أن لهذه السلطة حدود ال يمكن أن تتعددته محكمة يوغسالفيا السابقة في أك إنشاء جرائم دولية جديدة عن طريق قراراته، وهو ما

:كاآلتيDelalic 346حكم

Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, ICTR-96-4-T, par. 568 à 576.

.Le Procureur c./ Tadic, IT-94-1-AR72, 2 Octobre 1995, Par. 133:انظر 345جهت له تهم بارتكاب ولقد كان يقوم بمعاملة سيئة للمحتجزين، ووCelebici كان المتهم مكلفا بإدارة مركز اعتقال 346

.العمد، التعذيب والمعاملة القاسية واحتجاز غير مشروع للمدنيين والتي تندرج ضمن الجرائم ضد اإلنسانيةالقتل أفعال

Page 153: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

147

مجلس األمن باعتباره ليس جهازا تشريعيا، ال يملك سلطة إن النتيجة المترتبة هي أن«ة في القانون وجودالتجريم، وهو يمنح بالتالي المحكمة اختصاصا بالنسبة للجرائم الم

انونا وضعيا بل هيئة وإطارا لتطبيق إن النظام األساسي ال ينشئ ق. الدولي اإلنساني .347»القانون الدولي اإلنساني

على الرغم من هذا التأكيد، ال ينبغي إنكار دور هذه الصكوك في بلورة بعض عتبرت قواعد القانون الدولي الجنائي في صورة أعراف ومبادئ عامة للقانون، فلقد ا

ى مشروعية التهديد باألسلحة ها اإلستشاري المتعلق بمديمحكمة العدل الدولية في رألوائح الجمعية العامة األممية قد تعتبر مصدرا معياريا، أو استخدامها أن حتى النووية

:حيث جاء في رأيهاإن لوائح الجمعية العامة، حتى إن لم تكن لها قوة إلزامية، قد تكتسي في بعض األحيان «

ة لتأكيد وجود يمكن في بعض الظروف أن تمنح عناصر إثبات مهم ذإ. قيمة معياريةأو ظهور لالئحة صادرة عن الجمعية العامةنسبة الولمعرفة ما إذا تحقق هذا األمر ب.قاعدة

، ينبغي فحص مضمونها وكذلك شروط اعتمادها، opinio jurisالشعور بإلزامية العرف من جهة . لزامية بالنسبة لطابعها المعياريكما يقتضي األمر التحقق من وجود الشعور باإل

أخرى، يمكن للوائح متعاقبة أن تترجم التطور التدريجي للشعور باإللزامية الذي يكون .348»ضروريا إلنشاء قاعدة جديدة

أشار النظامان األساسيان للمحكمتين أما بالنسبة لألعمال اإلنفرادية للدول، فلقد األشخاص لتحديد العقوبات المطبقة على ون الداخلي بالنسبة الجنائيتين المؤقتتين إلى القان

لقد شكلت القوانين الداخلية مرجعا و ين، حيث يتم اللجوء له على سبيل االستدالل،اندالمفي العديد من القضايا التي نظرت فيها محكمة يوغسالفيا مثلما كان األمر في قضية

Furundzija349الجنائية الدولية مكانة خاصة للقانون كما أعطى النظام األساسي للمحكمة

Le Procureur c./ Delalic, IT-96-21-T, Chambre de première instance, Jugement du: انظر 34716 Novembre 1998, Par. 417.

.CIJ, Licéité de la menace ou de l’emploi d’armes nucléaires…., op. cit., Par. 70: انظر 348 DELMAS-MARTY, (Mireille), « L’influence du droit comparé sur l’activité des: انظر 349

Tribunaux pénaux internationaux », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, p. 104.

Page 154: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

148

الداخلي والذي يعتبر مصدرا تستلهم منه مبادئ القانون العامة، مع إعطاء أفضلية لقوانين الدول التي لها صلة مباشرة بالجرائم الدولية المتابع بها، شريطة أن تتوافق هذه القوانين

مع األخذ بعين اإلعتبار اختالف ، مع قواعد القانون الدولي وكذا مع نظام روما األساسيإال بارزولن يكون لهذا المصدر أثر .النظم القانونية الالتينوجرمانية عن األنجلوسكسونية

.اها نظام روما األساسي، مما يجعل دوره محدودا جدافي إطار الشروط التي تبن قضائية استعارة : مصادر القانون الدولي الجنائي والقانون الدولي لحقوق اإلنسان. 2

:مكرسةإذا كانت مصادر القانون الدولي الجنائي تتطابق إلى حد كبير مع مصادر القانون

بين القانون الدولي تمتد قوية جسوراالدولي العام، فإن التطورات أظهرت أن هناك لحقوق اإلنسان السيما في مداه اإلقليمي، ويرجع ذلك بداية إلى الجنائي والقانون الدولي

أن حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمي ال يمكن أن تتواجد خارج اإلطار الواسع الذي وهو ما دفع القضاء الجنائي المؤقت إلى استخدام هذه ) -أ(له القانون الدولي العام يشك

).-ب(د القضائي في نظام روما األساسي القواعد اإلقليمية ليتكرس هذا االجتها خضوع للمبادئ العامة: قانون حقوق اإلنسان اإلقليمي والقانون الدولي. أ

ل على األخص من مما ال شك فيه أن المنظومة اإلقليمية لحقوق اإلنسان تتشكاتفاقيات تلزم الدول األطراف فيها بضمان حقوق وحريات األفراد الواقعين تحت واليتها،

من 351واتفاقية الدول األمريكية لحقوق اإلنسان 350وتعد االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسانرا ألنها تحتوي على آليات قضائية لحماية الحقوق المكرسة أكثر األنظمة اإلقليمية تطو

ز عليهما عند الحديث عن سمح لألفراد بأن يلجؤوا إليها بغية اإلنتصاف، لهذا سنركفيها ي .ق اإلنسان اإلقليمي وطبيعة عالقته بالجرائم الدوليةنظام حقو

.1953سبتمبر 3ذ في اودخلت حيز النف 1950نوفمبر 4في بروما من قبل مجلس أوروباالتي اعتمدت 350ذ اودخلت حيز النف 1968 نوفمبر 22 في) كوستاريكا (بسان خوزيه الدول األمريكية قبل منظمةوالتي اعتمدت من 351 .1978جويلية 18في

Page 155: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

149

ن هذين النظامين اإلقليميين ال يستغنيان عن القانون الدولي العام، إذ يخضعان إن إلى قواعد آيلجأنهما ا ميينا لقانون المعاهدات، كلقانون المعاهدات والسيما اتفاقية ف

جسر متين يسمح تشكل، مما يؤدي إلى 352القانون الدولي العام بغية حل بعض المسائل .العامالدولي القانون اإلقليمي بالقانون ا ذهبربط

ن في العديد من آية واألمريكية لحقوق اإلنسان تلجأن المحكمتين األوروب الحقيقةالحاالت لقواعد القانون الدولي العام بغية إيجاد حل لبعض المسائل التي لم تتعرض لها

اإلقليميتين، ومن بين المجاالت التي تستعملها نجد قواعد المسؤولية الدولية التي االتفاقيتين تهم أجهزة الدول باإلخالل بقواعد القانون الدولي ذات الصلة منها بحقوق قد تثور عندما ت

اإلنسان، وكذلك ما يتعلق بقواعد التعويض الذي تتحمله الدولة جراء إخاللها بالتزاماتها .353وق اإلنسانالمتعلقة بحقلمسألة قانونية انا تتعرضما للنزاعات التي تطرح أمامهمخالل فحصه هماكما أن

من المواضيع التي تشهد تطورات هامة تتمثل في الحصانة القضائية للدول والتي تعدبة عقدين من الزمن، والتي ستكون محل دراسة مفصلة في الباب الثاني معتبرة منذ قرا

وما يمكن تلخيصه حولها أنها انتقلت من كونها قاعدة مطلقة إلى ، من هذه األطروحة .354من مداها التقليص والتراجع

من االجتهاد : القضاء الجنائي المؤقت واالجتهاد القضائي اإلقليمي لحقوق اإلنسان. ب :إلى التقنين

يوغسالفيا السابقة ورواندا ألي تعداد إن عدم تضمن النظامين األساسين لمحكمتيا مجعله مللفصل في القضايا المعروضة عليه للمصادر القانونية التي يستند عليها القضاة

في االجتهاد اإلى مصادر خارج اإلطار القانوني للقانون الدولي الجنائي، ولقد وجدت نتلجأ

CAFLISCH, (Lucius), CANCADO TRINDADE, (Antônio A.), « Les conventions:انظر352

américaine et européenne des droits de l’homme et le droit international général », R.G.D.I.P., 2004, n° 1, p. 6.

.Ibid., p. 32 et 40:انظر353 .Ibid., p. 48: انظر 354

Page 156: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

150

ن ، بل أمنبعا ثريا خصري للمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان على األالقضائي الث .355إلى نصوص االتفاقيتين األوروبية واألمريكية لحقوق اإلنسان ان أشارتيالمحكمت

يتطلب األمر معرفة إلى أي حد يأخذ القانون الدولي الجنائي من القانون الدولي ست المحكمة الخاصة بيوغسالفيا السابقة ، ولقد أس356لحقوق اإلنسان السيما اإلقليمي منه

لها في العديد من القضايا على القانون الدولي حقوق اإلنسان، بل وأبرزت طبيعة استدالين، ويبرز توجه ا في األصل يعالجان مجالين مستقلمالعالقة بينهما على الرغم من كونه

Mucicرت عنه في قضية بينهما، وهو ما عبالتأكيد على التقارب المحكمة من جهة إلى :كالتاليو اآلخرون ن كال من حقوق اإلنسان والقانون اإلنساني يهدفان في األساس إلى احترام القيم إ «

.357»اإلنسانية وكرامة اإلنسانها إلى القانون الدولي لحقوق اإلنسان ئلجو ه عندلكنها من جهة أخرى أشارت أن

ورد وهوما،ينبغي الوقوف عند اإلختالفات األساسية بينه وبين القانون الدولي اإلنساني :حيث أن المحكمة في إطار مناقشتها للفرعين اعتبرت أنه kunaracقضية ي بالتفصيل ف

عندما تقوم الدائرة التمهيدية األولىبتعريف جريمة في إطار القانون الدولي اإلنساني «عندما ترجع إلى التعريف الذي و عليها أن تأخذ بعين اإلعتبار خصوصية هذا الفرع،

بعين اإلعتبار اإلختالفين الهيكلين األساسيين ذعليها أن تأخ يمنحه مجال حقوق اإلنسانويبرز اإلختالف في أن الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان تنص ... بين الفرعين

TAVERNIER, (Paul), « L’interaction des jurisprudences des tribunaux pénaux:انظر 355

internationauxet des cours européenne et interaméricaine des droits de l’homme, in TAVERNIER, Paul (Sous Dir), Actualité de la jurisprudence pénale internationale à l’heure de la mise en place de la cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004, p. 251 et 252.

إن المنطق يقتضي أن يستمد القانون الدولي الجنائي مصادره من القانون الدولي العام باعتباره يعد أحد فروعه، غير 356 .أن من آثار تجزؤ القانون الدولي هو وجود تبادل بين مختلف فروع القانون الدولي

LAMBERT-ABDELGAWAD, E, « Les tribunaux pénaux pour l’ex Yougoslavie et le:انظرRwanda et l’appel aux sources du droit international des droits de l’homme» in DELMAS-MARTY, M. FRONZA, E., LAMBERT-ABDELGAWAD, E, Les sources du droit international…., op. cit., p. 97.

,Le Procureur c./ Delalic, Mucic, Delic et Landzo , affaire "CELEBICI" , IT-96-21: انظر357Chambre d’appel, 20 Février 2001, Par. 149.

Page 157: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

151

يضع قائمة من القانون الدولي الجنائيعلى جملة من الحقوق المحمية، في حين أن .358»الجرائم

ر اللجوء المتكحاول الفقه أن يفسلقانون الدولي لحقوق اإلنسان من قبل المحاكم لر رالتي تكتسي العديد منها طابع العرف 359الجنائية المؤقتة بالسلطة المعيارية المؤكدة لقواعده

، بل تعتبر في بعض األحيان من المبادئ العامة للقانون الدولي العام، وارتقى الدولي .ينه الحقاكما سنب 360البعض منها إلى مصاف القواعد اآلمرة

كما اعتبر أنه من المنطقي أن تلجأ المحاكم الجنائية المؤقتة إلى االجتهاد القضائي إقليمية في حين أن للمحكمتين األوروبية واألمريكية لحقوق اإلنسان كون هذه األخيرة تعد

لها ألن تستند على ما يصدر عنها من اجتهاد تكتسي طابعا عالميا يؤه محاكم الجنائيةال، في حين أن هذه المحاكم اإلقليمية ال تشير أبدا إلى االجتهاد القضائي الجنائي 361قضائي .الدولي

يبدو أن المحاكم الجنائية المؤقتة لجأت في اجتهادها إلى مجالين أساسيين من حقوق اإلنسان أحدهما موضوعي يتعلق بتعريف الجرائم واآلخر إجرائي يتعلق بقواعد سير

ذي يقتضي منها أن تعتمد التفسير بعين االعتبار مبدأ الشرعية الجنائية ال الدعوى مع األخذحيث استندت FOCA,KUNARACولعل أحسن مثال نورده هو قضية .الضيق للجرائم

محكمةيوغسالفيا السابقة على االجتهاد القضائي للمحكمة األوروبية لتعريف التعذيب، إذ :اعتبرت أن

:انظر 358

Le Procureur c./ « Foca, » "Kunarac", IT96-23, IT-96-23/1, Chambre de première instance II, 22 Février 2001, Par. 470.

هناك ضرورة عملية تحتم على المحاكم الجنائية الدولية اإلستعارة من اإلجتهاد القضائي للمحاكم اإلقليمية لحقوق 359 :اإلنسان بالنظر للسبق الذي تحوزه في مجال تفسير القانون الدولي، راجع التفاصيل في

CASSESE, (Antonio), « L’influence de la CEDH sur l’activité des Tribunaux pénaux internationaux », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, p. 149 et 150.

LAMBERT-ABDELGAWAD, E, « Les tribunaux pénaux pour l’ex-Yougoslavie et:انظر 360le Rwanda et l’appel aux sources…», op. cit., p. 105.

TAVERNIER,P, « L’interaction des jurisprudences des tribunaux pénaux:انظر 361internationaux …»., op. cit., p. 256.

Page 158: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

152

أن عبارة التعذيب تطبع بفظاعة خاصة الفعال الالإنسانية المحكمة األوروبية اعتبرت « .362»العمدية التي تتسبب في آالم خطيرةعبر كل قضية بين المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة وإذا كانت الجسور تمتد

والمحاكم اإلقليمية لحقوق اإلنسان، بالنظر للسلطة التي تحوزها القرارات الصادرة عن د صراحة في تي ترجع إلى الخبرة العميقة لقضاتها، فإن هذا التواصل تأكهذه األخيرة وال

، 363تكريس ممارسة قضائية بدت ناجحة ومحبذة ضعوهوا نظام روما األساسي الذي أراد :منه 21/3إذ نصت المادة

سقين مع حقوق اإلنسان يجب أن يكون تطبيق وتفسير القانون عمال بهذه المادة مت « .»ياالمعترف بها دولعلى سمو قواعد حقوق اإلنسان على باقي المصادر األخرى مما اتأكيد يعتبر هذا

يعطيها بعدا شامال، كما أن هذه المادة اشترطت أن ينتفي تطبيق وتفسير القانون عن أي تمييز ضار، ومرد ذلك إلى قواعد حقوق اإلنسان التي تعتبر المرجع األساسي في هذا

حقوق تجعلمنلى عملية معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية فعالية في عضالمجال، وهو ما ي .المرجعو اإلنسان هي األساس

.Le Procureur c./ « Foca » , "Kunarac", IT-96-23, IT-96-23/1…, op, cit, Par. 478:انظر 362 .من نظام روما األساسي هو نص لإلستمرارية 21/3هناك من يعتبر أن نص المادة 363 :انظر

BURGORGUE-LARSEN, (Laurence), « Les sources du droit international pénal, Analyse comparative de la pratique . ..» , op. cit., p. 381.

Page 159: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

153

في و إدماج الجرائم ضد اإلنسانية ضمن القوانين الوطنية: المبحث الثاني اإلجتهاد القضائي

معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية منظمان بموجب القانون الدولي و إذا كان تجريمالجنائي، حيث تجد هذه الجرائم مصدرها األولي في قواعده، فإن األحداث التي عرفتها

في بعض مناطق العالم جعلت هذه القواعد تواجه ظروفا القرن الماضي بداية تسعينيات تبادل بين و مجال الداخلي، في تناغمعملية تطلب وجود نقلة من المجال الدولي إلى ال

نمت وتيرة هذا التفاعل باعتماد نظام روما األساسي الذي أصح مرجعية في و المجالين .المعاقبة مما أدى إلى بروز تحول في مسار التجريم الخاص بهذه الجرائمو التجريم

: و سنعالج ذلك من خالل دماجاإلتيرة دور نظام روما األساسي في تسريع و:المطلب األول إثراء للمفهوم: الجرائم ضد اإلنسانية على ضوء اإلجتهاد القضائي:المطلب الثاني

دور نظام روما األساسي في تسريع وتيرة اإلدماج : المطلب األول

الذي أخذ بعين اإلعتبار كل التطورات التي سبقته إن اعتماد نظام روما األساسي .المصادقة عليه، باعتباره نص يصبو ألن يكون عالمياجعلت منه مرجعية بالنسبة للدول

إن كانت الدول بدأتها بعد و يبدو ذلك من خالل عملية التقنين على المستوى الوطني التيوطوكيو، إال أنها لم يسبق أن شهدت هذه الوتيرة منذ اعتماد اتفاقية و محاكمات نورمبرغ

لنصل )الفرع األول(مرحلة نورمبرغ هو ما يجعلنا نتطرق لعملية اإلدماج بعدو ،364روما .)الفرع الثاني(للتطور الذي بلغ أوجه منذ عهد نظام روما

إدماج نسبي بعد محاكمات نورمبرغ :الفرع األول عرفت الجرائم ضد اإلنسانية مسارا مختلفا عن تلك التي عرفته جرائم دولية أخرى

بعد إلى القانون الدولي، حيث ظهرت التي نشأت بداية في القوانين الوطنية لتنتقل فيماو

يتحدث الفقه عن الحركة الدائرية التي أدت إلى تطور الجرائم ضد اإلنسانية من القانون الدولي نحو القانون 364

.الداخلي، ثم من القانون الداخلي إلى قانون جنائي موحد ,DELMAS-MARTY, (Mireille), FOUCHARD, (Isabelle), FRONZA, (Emanuela): انظر

NEURET, (Laurent), « Le crime contre l’humanité », op. cit., p. 46.

Page 160: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

154

هذه الجرائم منذ نشأتها في القانون الدولي عن طريق اعتماد مجموعة من اإلتفاقيات التي .365تخص بعض صورها، أو عدم قابليتها للتقادم أو معايير اإلختصاصلو باختصار إلى مسألة و من الضروري قبل التعرض إلدماج هذه الجرائم أن نشير

المباشر أو التلقائي لإلتفاقيات الدولية حيث ينبغي التذكير هنا بأن هناك اتفاقيات التطبيق هناك نوع آخر من و هي تلك المتعلقة بحقوق األفراد،و دولية تقبل التطبيق بصفة مباشرة

اإلتفاقيات ال تقبل التطبيق المباشر بل تحتاج إلى إجراءات إدماج على المستوى الداخلي،فاقيات التي تلزم الدول صراحة باتخاذ التدابير الالزمة بغرض تطبيقها في هي غالبا اإلتو

تعد اإلتفاقيات المتعلقة بالميدان الجنائي أحسن نموذج على ذلك إذ و .366النظام الداخلينجدها تتضمن أفعاال مجرمة في غياب تفصيل للعقوبات المقررة لها مما يتطلب اتخاذ

.367دإجراءات وطنية في هذا الصديتميز القانون الدولي باإلضافة إلى ذلك بكونه يفرض التزامات على الدول تحد من حريتها في التصرف على النحو الذي تريده أو تلزمها بالتصرف على نحو معين، مما يتطلب من الدولة صاحبة اإللتزام القيام بتصرف تجاه دول أخرى أو المجتمع الدولي، أو

.368ية أو أن تعدل تصرفاتهاأن تتخذ تدابير تشريع

:انظر 365

DELMAS-MARTY, M., FOUCHARD, I., FRONZA, E., NEYRE, T L., Le crime contre …, op. cit., p. 45.

بين مذهب وحدة القانون، في حين و وليةنجد أن هناك اتجاها فقهيا يربط بين مسألة التنفيذ المباشر لإلتفاقيات الد 366 .مذهب ثنائية القانونو يربط بين أسلوب التنفيذ غير المباشر

كما تبينه ممارسات الدول في هذا الشأن، إذ نجد أن دوال تتبنى مذهب وحدة القانون نعتقد بتداخل المسألتينغير أننا .تتجه إلى اعتبار اتفاقيات ال تقبل التطبيق مباشرة

دراسة مقارنة، دار الحامد للنشر.الرقابة عليهاو سلوى أحمد ميدان المفرجي، دستورية المعاهدات الدولية: في ذلكراجع .105و 98، ص 2013التوزيع، الطبعة األولى، و

يستعمل جانب من الفقه عبارة التجريم غير المباشر للتدليل على النص الدولي الذي يلزم الدولة باتخاذ تدابير من 367 .ل تفعيل التجريمأج

« op. cit., p. 693.DAVID, (Eric), « Eléments de droit pénal ,: انظر WOLFRUM, (Rudiger), « Obligation of result versus obligation of conduct : some:انظر 368

thoughts about the implementation of international obligations», in MAHNOUSH ARSANJANI et al(eds), Looking to the future : Essays on international law in honor of W. Michael REISMAN, MARTINUS NIJHOFF PUBLISHERS, 2011, p. 363.

Page 161: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

155

منها 26ولقد تعرضت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لهذه المسألة إذ نصت المادة :على ما يلي

.»يجب أن ينفذها األطراف بنية حسنة و كل معاهدة نافذة تلزم أطرافها «في هذا الصدد، تعرض المشروع حول مسؤولية الدولة الذي أعدته لجنة القانون

2001اعتمدت صيغته النهائية في و الدولي: لتصنيف هذه اإللتزامات إلى صنفين هما 369

.اإللتزام بنتيجةو اإللتزام بسلوكأن الدولة تكون ملزمة ببلوغ وضعية معينة سواء كان هذا نتيجةيقصد باإللتزام ب

2ويمكن أن نسوق مثاال عن ذلك في نص المادة .370السلوك يسمح بعمل ما أو يحظره :الذي يضع التزاما بمنع استخدام القوة، حيث نصتو من ميثاق األمم المتحدة 4فقرة

يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في عالقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو .4 «استخدامها ضد سالمة األراضي أو اإلستقالل السياسي ألية دولة أو على أي وجه آخر ال

.»مقاصد األمم المتحدة و يتفق، 1965وبالرجوع إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام

:فقرة أولى التي تنص 2نجدها تضمنت مثل هذا النوع من اإللتزام في المادة تشجب الدول األطراف التمييز العنصري وتتعهد بأن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة . 1 «

، سياسة للقضاء علي التمييز العنصري بكافة أشكاله وتعزيز التفاهم بين ودون أي تأخير .»...جميع األجناس

ويبدو من هذا النص أن هناك التزاما يقع على عاتق الدول األطراف بإزالة التمييز .كما هو معرف في المادة األولى من هذه اإلتفاقية

بين الوضعية و جة المتوقعةيقتضي تقييم هذا اإللتزام إجراء مقارنة بين النتيفي حالة عدم المطابقة، و الواقعية في الوقت الذي يفترض فيه أن هذه النتيجة تحققت،

ال يمكن للدولة في هذه الحالة أن تحتج و يمكن اعتبار أن الدولة المعنية قد أخلت بالتزامها،

.لية الدوليةيالحظ أنه بعد عرض المشروع على الجمعية العامة، قررت تحويله إلى مواد حول المسؤو 369 :انظر 370

WOLFRUM, Rudiger, «Obligation of result versus obligation of conduct…», op. cit., p. 369.

Page 162: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

156

بالنتيجة فقط بكونها اتخذت اإلجراءات الالزمة تشريعية كانت أو غيرها ألن العبرة .بالنسبة لهذا النوع من اإللتزامات

مثال و أما اإللتزام بسلوك، فمفاده أنه يقع على الدولة المعنية أن تقوم بسلوك معين،كذلك البنود القضائية التي تتطلب اللجوء إلى و ذلك اإللتزامات الدولية المتعلقة بالتعاون،

يتم تقييم مدى احترام الدولة لهذا و ،371يالمفاوضات أوال قبل اللجوء إلى الحل القضائ .بين السلوك المتخذ واقعياو المطلوباإللتزام عن طريق إجراء مقارنة بين السلوك

يمكن أن نجد نماذج لهذا اإللتزام في عدة اتفاقيات دولية، من بينها اتفاقية عدم 1968انتشار األسلحة النووية المبرمة في الفاتح جويلية

على 6المادة التي نصت في 372 :ما يلي

تتعهد كل دولة من الدول األطراف في المعاهدة بمواصلة إجراء المفاوضات الالزمة «بنزع و بحسن نية عن التدابير الفعالة المتعلقة بوقف سباق التسلح النووي في موعد قريب

دة عن معاهدة بشأن نزع السالح العام الكامل في ظل مراقبة دولية شديو السالح النووي، .»فعالة

اعتبرت محكمة العدل الدولية في رأيها اإلستشاري حول مشروعية التهديد : أنها 1996جويلية 8باألسلحة النووية أو استعمالها الصادر في

من اتفاقية عدم انتشار 6تقدر في هذه الظروف أهمية تكريس اإللتزام الوارد في المادة «وز في مداه مجرد تحقيق سلوك بل يتعدى إلى تحقيق هو التزام يتجاو ...األسلحة النووية .373»نتيجة محددة

كما أن المحكمة في قرارها المتعلق بمدى احترام اتفاقية منع جريمة اإلبادة قد ) مونتينيغروو صربيا(الهرسك ضد جمهورية يوغسالفيا و الجماعية في قضية البوسنة

:بمنع اإلبادة الجماعية، حيث جاء فيهتعرضت اللتزام الدول األطراف في هذه اإلتفاقية أن اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية ليست الصك الدولي الوحيد الذي يتضمن التزام «

...الدول األطراف باتخاذ بعض التدابير بغية الوقاية من األفعال التي تهدف إلى حظرها

.WOLFRUM, Rudiger, « Obligation of result …», op. cit., p. 374: انظر 371 . 1970مارس 5اإلتفاقية حيز النفاذ في هدخلت هذ 372 .CIJ, Licéité de la menace ou de l’emploi d’armes nucléaires, op. cit., par. 99:انظر 373

Page 163: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

157

ليس التزاما بنتيجة حيث ال يمكن إجبار و ومن الواضح أن هذا اإللتزام هو التزام بسلوكإن اإللتزام المفروض على : الدولة بالتزام منع حصول إبادة جماعية في جميع الظروف

الدول األطراف هو إعمال جميع التدابير التي تملكها من أجل منع اإلبادة الجماعية، على .374»قدر المستطاع

يطرح التساؤل حول طبيعة انطالقا من هذه التقسيمات اللتزامات الدول، اإللتزامات الملقاة على عاتق الدول األطراف في نظام روما األساسي فيما يتعلق بإعمال األحكام المتعلقة بمعاقبة الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية،

ي يعد سنحاول إيجاد بعض التصورات معتمدين على نظام روما األساسي في حد ذاته الذوعلى نص آخر يصنف بكونه دليال للتصديق على نظام و اتفاقية دولية متعددة األطراف،

تطبيقه صادر عن بعض الهيئات الدولية التي تعمل من أجل حث الدول و روما األساسي .تبين السبل الكفيلة بالمساعدة على ذلكو على اإللتزام بهذه اإلتفاقية

اقتضى تكريسها انتظار نصف قرن من و د معتبرةإن هذه اإلتفاقية جاءت بعد جهوهي تخضع للقواعد التي كرستها اتفاقية و مبادئ القانون الدولي الجنائي، لتكوينالزمن

ترتيب اآلثار، فهي قبل كل شئ و فيينا لقانون المعاهدات من حيث الدخول حيز النفاذتثير و ة طرفا فيها،اتفاقية ذات شكل رسمي تتطلب المصادقة عليها العتبار الدول

المصادقة عدة مسائل سنتعرض لها لتسليط الضوء على تطبيقها بالنسبة لهذه اإلتفاقية التي .تعالج موضوعا خاصا

إن كانت في معظمها تمنح مكانة و إن تفحص دساتير الدول يوحي بداية إلى أنهحلها، إال أنها مراو تنظمها بنصوص توضح فيها الجهة المختصة بهاو لعملية المصادقة

تختلف باختالف توجهها، فيما إذا كانت تعتمد اإلتجاه األحادي في عالقة القانون الدولي تقتضي األحادية أن النظام القانوني و .بالقانون الداخلي، أم أنها تأخذ باإلتجاه اإلزدواجي

تندمج و ،375للدولة يتلقى القاعدة القانونية الدولية بتحقق إجراء واحد فقط هو المصادقة

CIJ, Affaire relative à l’application de la convention pour la prévention et la:انظر 374répression du crime de génocide (Bosnie-Herzégovine c. Serbie-et-Monténégro), Arrêt du 26 février 2007, par 429 et 430.

التنازع بين المعاهدة الثنائية والقانون في المجال الداخلي في ضوء أحكام القانون محمد ناصر بوغزالة، : انظر 375 .28ص ،1996لية الحقوق جامعة الجزائر، الدولي العام، رسالة دكتوراه، ك

Page 164: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

158

ضمن النظام الداخلي لتصبح مصدرا مباشرا للقانون، في حين أن اإلزدواجية تستلزم تأخذ أغلب و إجراءات إضافية على المصادقة بغرض إدماج القاعدة القانونية الدولية،

الدول األنجلوسكسونية بهذا الحل في دساتيرها التي تفصل عادة بين النظامين القانونيين .376اإلستقبالو تأخذ بإجراءات التحويلو ليالداخو الدولي

يؤدي تفحص نظام روما األساسي إلى استنتاج أنه يشير صراحة إلى عدم قابليته :للتطبيق المباشر، حيث ورد في الفقرة الرابعة من ديباجته أنه

يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خالل تدابير تتخذ على الصعيد « .»الوطني

ذلك أن هذه اإلتفاقية تحتاج بعد مصادقة الدولة عليها إلى اتخاذ تدابير على ويؤكدالمستوى الداخلي، غالبا ما تتجسد في اعتماد قوانين جديدة أو تعديل قوانين سارية المفعول

، حيث أن مختلف الجرائم 377لتصبح التشريعات الداخلية متوائمة مع نظام روما األساسي، مما يشكل فراغا )إال نادرا كما سنبينه(ا نظيرا في قوانين العقوباتالواردة فيه ال تجد له

.قانونيا يتعين على الدول أن تعمل على ملئه لتتمكن من إنفاذ أحكامهإذا كانت محاكمات نورمبرغ أول مناسبة قضائية لمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية،

ة من هذه الجرائم سواء على فإنها أدت بالعديد من الدول التي شهدت ارتكاب مجموع

= .98الرقابة عليها، مرجع سابق، ص و سلوى أحمد ميدان المفرجي، دستورية المعاهدات الدولية

= أساسها .. دراسة قانونية في تحديد طبيعتها .علي جبار الحسيناوي، المحكمة الجنائية الدوليةو طالل ياسين العيسى

.74إلى 71، ص 2009مع تحديد ضمانات المتهم فيها، دار اليازوري، .. أحكام العضوية فيها.. كيالتهاتش.. القانونيDHOMMEAUX, Jean, « Monismes et dualismes en droit international des droits de l’homme », A.F.D.I., 1995, p. 450.

.15سابق، ص المرجع ال،محمد ناصر بوغزالة: انظر 376 .97، مرجع سابق، ص مة، الجرائم ضد اإلنسانيةسالإبراهيم: انظر 377

D’ASCOLI, Silvia, Sentencing in international criminal law. The UN ad hoc tribunals and future perspectives for the ICC, Oxford and porthard Oregon, 2011, p. 61. CHARPENTIER, (Jean), « Le droit pénal international, protection réelle ou illusoire des citoyens contre les crimes des dirigeants ? », op. cit., p. 233. FICHET-BOYLE, (Isabelle), MOSSE, (Marc), « L’obligation de prendre des mesures internes nécessaires à la prévention et à la répression des infractions », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, p. 872.

Page 165: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

159

إقليمها أو ضد مواطنيها إلى التأثر بنظام نورمبرغ األساسي رغم اإلنتقادات التي وجهت .له باعتباره يكرس عدالة الفائزين

وسنسوق أمثلة نبرز فيها كيف بادرت بعض الدول إلى اعتماد هذه الجرائم ضمن بعض الممارسات التشريعية و ألمانياو فرنسايتعلق األمر بكل من و منظومتها القانونية، .لدول أوروبية أخرى

فلو رجعنا إلى فرنسا، لم تكن هذه الجرائم مكرسة في مرحلة محاكمة باربي Klaus BARBIE حول عدم تقادم الجرائم 1964ما عدا في القانون الذي تم اعتماده عام

أدمجت فيه جرائم 1994ارس ، ثم اعتمدت فيما بعد قانونا في الفاتح م378ضد اإلنسانيةونالحظ أن .جريمة التعذيبو الجرائم ضد اإلنسانية، جرائم اإلبادة الجماعيةو الحرب

الجرائم ضد اإلنسانية مصنفة في بداية الكتاب الثاني من قانون العقوبات، على رأس لم تكن موجودة في قانون العقوباتو ،379الجرائم األخرى، مما يوحي بمكانتها الرمزية

سنةـقبل هذا التاريخ، كما تم إدماج هذه الجرائم كما هو وردت في ميثاق نورمبرغ ل1945.

ومن الضروري أن نشير هنا إلى القانون األلماني، باعتبار ألمانيا عرفت ارتكاب باإلضافة إلى جرائم (مجموعة من الجرائم ضد اإلنسانية من قبل القادة العسكريين النازيين

حتى بمناسبة محاكمات نورمبرغو أنه بعد الحرب العالمية الثانيةالحظ ي، ف)الحرببعدها، لم تعمل ألمانيا على إدماج هذه الجرائم ضمن قانونها المتعلق بالعقوبات، تاركة و

فراغا معتبرا في هذا المجال، على الرغم من مصادقتها على جملة من اإلتفاقيات الدولية فاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية، اتفاقيات جنيف األربعالمتعلقة بالجرائم الدولية مثل ات

، غير أن هذا لم يمنع المحاكم 380غيرها من اإلتفاقيات األخرىو اتفاقية مناهضة التعذيبو

MASSE, (Michel), « Le crime contre l’humanité dans le droit», in Juger les: انظر 378

crimes contre l’humanité. 20 ans après le procès Barbie, Sous la direction de Pierre TRUCHE, Actes du colloque des 10,11 et 12 Octobre 2007, Ecole normale supérieure, Lettres et sciences humaines, ENS éditions 2009, p. 64.

BENNILOUCHE, (Mikael), « Droit français», in CASSESE, Antonio, DELMAS:انظر 379MARTY, Mireille, (Sous. Dir), Juridictions nationales …, op. cit., p. 160.

,.ROTH, (Robert), JEANNERET, (Yvan), « Droit allemand », in CASSESE, A: انظر380DELMAS-MARTY, M…op. cit., p. 8.

Page 166: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

160

جرائم و األلمانية من النظر في قضايا تخص متابعة متهمين بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية .الحقاالرقابة كما سنتعرض له لمجلس 10حرب باإلستناد على القانون رقم

كما أن سويسرا التي تعرف وجود عدة مؤسسات ناشطة في مجال القانون التي تعد كذلك الوديع التفاقيات جنيف و اإلنساني، السيما اللجنة الدولية للصليب األحمر،

المتمثلة في و قامت بالمصادقة على اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني منذ اعتمادها،البروتوكولين و )1950مارس 31صادقت عليها في ( 1949اتفاقيات جنيف األربع لعام

غير أنها لم تصادق على ). 1982فيفري 17صادقت عليهما في (1977اإلضافيين لعام ، مما حال 2000مارس 24اتفاقية منع اإلبادة الجماعية إال مؤخرا حيث انضمت لها في

قامت بإدماج الجرائم ضد اإلنسانية في قانونها الداخلي، دون التحاقها بركب الدول التي يعد نقصا في تشريعها و األمر الذي يحول دون إجراء متابعات ضد مرتكبي هذه الجرائم،

غير أنها تداركت األمر مؤخرا بعد المصادقة على نظام روما األساسي كما سنراه .الداخلي .في النقطة الموالية

إلى التشريع الهولندي الذي كان بدوره رائدا في هذا نشير في هذا الصدد كذلك المجال، إذ قامت هولندا بإدماج جريمة اإلبادة الجماعية في تشريعها بموجب قانون صادر

عرفت هذه الجريمة في المادة األولى من القانون عبر مجموعة من األفعال،و ،1964عام التعريف الوارد في اتفاقية منع اإلبادة لعام يتميز هذا التعريف بكونه مستمدا مباشرة من و

:، غير أن هناك اختالفات تظهر مقارنة مع النص اإلتفاقي في نقطتين1948 يوسع المجموعات المحمية إلى جماعة جديدة هي 1964تتعلق األولى بكون قانون

. المعاقبة، مما يوسع من مجال 1948هي طائفة لم ترد في اتفاقية و »الجماعات الفلسفية «أما الثانية فهي أن هذا القانون يحد من مجال المسؤولية الجنائية الفردية لمرتكبي جريمة

الشروع فيها و اإلبادة الجماعية، حيث أنه ينص فقط على اإلتفاق على ارتكاب الجريمة1948دون الحاالت األخرى التي وردت في اتفاقية

381. لتي اعتمدت في جلها قوانين لمعاقبة الجرائم بعد التعرض لموقف الدول األوروبية ا

التي و إن كان ذلك بصفة متفاوتة، نتعرض لموقف دول أمريكا الالتينيةو ضد اإلنسانية

.KLEFFNER, (Jann K), « Droit néerlandais », in CASSESE…op. cit., p. 226:انظر 381

Page 167: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

161

لغاية التسعينات من القرن الماضي، و عرفت حكم الديكتاتوريات منذ بداية السبعيناتنت قد وافقت على البيان فنجدها لم تول اهتماما للجرائم الدولية، غير أن األرجنتين كا

1945السلم المنعقد بالمكسيك في و الختامي للمؤتمر األمريكي حول مشاكل الحربأتبعت ذلك بمصادقتها على اتفاقية منع اإلبادة الجماعية بموجب مرسوم قانون في و

الذي اعتبرت الدول المشاركة فيه أن الجرائم المرتكبة خالل الحرب العالمية و ،1956كانت جرائم فظيعة مخالفة للقوانين، اإلتفاقيات الموجودة، مبادئ القانون الدولي، الثانية

.382لمفاهيم الحضارةو القوانين الجنائية للدول المتمدنةاإلسالمية، فلم تعتمد أي قانون لمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية و أما الدول العربية

فترة التي تلت الحرب العالمية بصفة خاصة أو الجرائم الدولية على العموم، خالل الحتى الدول التي كانت مستقلة آنذاك و الثانية، حيث كانت أغلبها مستعمرة في تلك الفترة،

على الرغم من مصادقتها الالحقة على اإلتفاقيات الدولية التي و لم تعتمد مثل هذا القانون،هذا راجع أصال إلى و تتضمن هذه الجرائم فلم تعمل على إدماجها ضمن قانونها الداخلي

.383المكانة التي كانت دساتيرها تمنحها للقانون الدولي

إدماج نوعي بعد اعتماد نظام روما األساسي :الفرع الثانيأن أشرنا إلى الطابع العالمي الذي يصبو إليه نظام روما األساسي عبر و سبق

المادي للمحكمة تقريره لمجموعة من الجرائم الدولية التي تدخل ضمن اإلختصاص منه أوردت تعريفا يعتبر شامال إلى حد بعيد للجرائم 7الجنائية الدولية، حيث أن المادة

.ضد اإلنسانيةنتاج مسار طويل، حيث تعود جذور معاقبة الجرائم ضد األساسي كان نظام روما

التي و اإلنسانية مثل ما أشرنا إليه سابقا إلى ارتكاب متكرر لجرائم على نطاق واسع،يعود مسار المواءمة بالنسبة لهذه و .لألسف بقي عظمها بدون عقاب ألسباب متعددة

كذلك إلى الجرائم و ،1915الجرائم لمنتصف القرن الماضي على إثر إبادة األرمن في

ALVAREZ, (Alejandro E), BERTONI, (Eduardo A), BOO, (Miguel), « Droit :انظر 382

argentin», in CASSESE, op. cit., p. 306. LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les pays d’Islam », in Juridictions: انظر 383

nationales et crimes internationaux, op. cit., p. 529.

Page 168: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

162

إلى الجهود التي بذلتها عصبة و384ضد السلم التي ارتكبت خالل الحرب العالمية األولىبدأت و ، لم يكتب لها النجاح،لمحكمة جنائية دولية دائمةام أساسي األمم من أجل إعداد نظ

التي ورد في و أولى النتائج تبرز على إثر إنشاء المحكمة العسكرية الدولية لنورمبرغ .نظامها األساسي أولى تعريف للجرائم ضد اإلنسانية

ع شج 2002دخوله حيز النفاذ عام و 1998عام األساسي ن اعتماد نظام روما إهو ما يبدو عبر الحركة و ،385الدول بالعمل على مواءمة تشريعاتها الداخلية مع أحكامه

.المتسارعة العتماد القوانين الداخلية في هذا المسار كما سنتعرض له بالتفصيلالمشورة الالزمة و أسهمت المنظمات غير الحكومية بدورها في تقديم المساعدة

ن البعض منها مجهول لديها، إضافة إلى نظامها كوو للدول بالنظر لخصوصية أحكامه .الداخلي الذي قد يعيقها أحيانا للمضي قدما في هذا اإلتجاه

الديمقراطية و الحقوق: في هذا اإلطار تم التعاون إلنجاز دليل من قبل هيئتين هماالمركز الدولي إلصالح القانون و 386التطوير الديمقراطيو المركز الدولي لحقوق اإلنسان

لقد لعب هذا األخير دورا في إنشاء المحكمة و ،387سياسة القضاء الجنائيو الجنائيالجنائية الدولية، حيث شارك خبراء من الهيئتين في إجراء أبحاث دعمتها الحكومة الكندية

أثمرت عن إنجاز عمل و روما األساسيظامبغرض تقديم الدعم للدول كي تصادق على ن

LELIEUR, (Juliette), « Le statut de la cour pénale internationale : un droit répressif:انظر 384

d’une génération nouvelle », in DELMAS-MARTY, Mireille, PIETH, Mark, SIEBER, Ulrich,( Sous. Dir), « Les chemins de l’harmonisation …, op. cit., p. 41.

أن اتفاقية روما باعتبارها منشئة لمنظمة دولية ال تلزم الدول Dominique VIRIOT-BARRIOLترى الفقيهة 385 .الدول بهذا اإلجراءمع ذلك فلقد أيدت قيام بعض و األطراف بإدماج الجرائم التي تضمنتها ضمن تشريعها الداخلي،

: انظرVIRIOT-BARRIOL, (Dominique), « La réception de la justice pénale internationale par les Etats ? L’exemple français », in PHILIPPE, (Xavier), VIRIOT-BARRIOL, (Dominique) (Sous Dir), L’actualité de la justice pénale internationale, Actes du colloque organisé par le centre de recherche en mutation pénal F. BOULAN (Aix-en-Provence, 12 mai 2007), Presses Universitaires d’AIX-MARSEILLE, 2008, p. 34.

للترويج خارجها و الحكومات داخل كنداو ، تعمل مع مجموعات المواطنين1988هو مؤسسة كندية أنشئت في 386 .الديمقراطيةو لحقوق اإلنسان

خدمات و تقديم معلوماتو التحليل للسياسات،و يقوم بإجراء األبحاثو ، مقره بفانكوفر،1991تم إنشاؤه في 387 .منع الجريمةو سياسة القضاء الجنائيو استشارية عامة تختص بمجاالت القانون الجنائي الدولي

Page 169: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

163

دليل للتصديق على نظام روما األساسي.ة الجنائية الدوليةالمحكم «: أطلق عليه تسمية .2000تم اعتماده في ماي »تطبيقهو

:عن الهدف من وضع هذا الدليل، جاء فيه ما يلي لقد تم إعداد هذا الدليل لمساعدة الدول المهتمة في المصادقة على نظام روما األساسي « .388»تطبيقهو

ديد من الدول التي ترغب في المصادقة على كما ورد في تبريرات إنجازه أن العهذا النظام األساسي قد تواجه عقبات قانونية دستورية تمنعها من اإلسراع في إتمام هذه

اإلختالف و اإلزدواجيةو في هذا الصدد، أشار إلى مختلف األنظمة األحاديةو العملية، :الموجود بينهما بالنسبة لعملية المصادقة، حيث جاء فيه

ذلك عن طريق ضمان و ستطاعة الدول المساعدة في تسريع عملية إنشاء المحكمة،باو « .389»قيامها بالتصديق على نظام روما األساسي بأقصى ما يمكن من السرعة

بالدور الرائد لبعض الدول التي كانت سباقة للتصديق على نظام كذلك نوه الدليلى ذلك إلى استعمال الوثائق التي حث الدول التي لم تقدم بعد علو روما األساسي،

.استخدمتها الدول المصادقة لإلسترشاد بهاإذا كان اإلتجاه العام للدول هو تحضير الظروف المالئمة بالعمل على اتخاذ التدابير الداخلية الالزمة لجعل منظومتها القانونية متوائمة مع التزاماتها الدولية قبل

ن بعض الدول اتخذت مسارا مغايرا رغبة منها في المصادقة على النظام األساسي، فإاإلسراع باإللتحاق بركب الدول المصادقة، حيث أرجات مسألة إصدار قانون يدرج قواعد

:هو ما ورد في الدليل كاآلتيو نظام روما األساسي إلى وقت الحق،إفريقيا تدرس قضية عكس الترتيب العادي إلجراءات و هناك بعض دول في أوروبا «

التطبيق الخاصة بها بهدف التصديق على النظام األساسي بصورة أسرع من و التصديق

المركز .الديمقراطيةوتطبيقه، إعداد الحقوقو يل للتصديق على نظام روما األساسيدل.المحكمة الجنائية الدولية: انظر 388

سياسة القضاء الجنائي، ماي و المركز الدولي إلصالح القانون الجنائيو التطوير الديمقراطي،و الدولي لحقوق اإلنسان .3، ص 2000

.17ساسي، مرجع سابق، ص المحكمة الجنائية الدولية، دليل للتصديق على نظام روما األ: انظر 389

Page 170: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

164

من ثم استثمار الوقت بين و فقررت المصادقة على نظام روما األساسي أوال...المعتاد .390»النفاذ في صياغة قانونها التطبيقي وتبنيهو المصادقة

الحاالت الواقعية التي و رانطلق الخبراء الذين أنجزوا الدليل من مختلف الصوتتمثل األولى في : الحظوا في هذا اإلطار وجود صورتين بارزتينو تكون في كل دولة،

هو و قيام الدولة بوضع نص تشريعي واحد يغطي كل جوانب تطبيق نظام روما األساسيبتعديل الغربية على العموم، أما الثانية فهي القيام و ما قامت به بعض الدول األوروبية

.مختلف القوانين السارية في نظامها الداخلي لجعلها متطابقة مع النظام األساسيينبغي اإلشارة هنا إلى أن خصوصية نظام روما األساسي تلزم الدول أن تعمد إلى إدماج القواعد الموضوعية المتعلقة بتجريم اإلنتهاكات الجسيمة التي تدخل في اإلختصاص

قواعد األساسية المتعلقة بهذه األفعال باإلضافة إلى القواعد اإلجرائية الو المادي للمحكمة،إلى المحكمة كما األشخاص التي تشمل أساسا آليات التعاون مع المحكمة مثل مسألة تقديم

هي مسألة تختلف عن إجراء التسليم الذي و من اتفاقية روما، 89نصت عليه المادة .معاقبة مرتكبيهاو دة بينها في إطار محاربة الجريمةتتعامل بموجبه الدول لتقوية المساع

إذا اختارت الدولة إدماج أحكام نظام روما األساسي في قانون واحد، يتعين عليها في هذه الحالة أن تصرح بأن هذا القانون تكون له األولوية في التطبيق في حالة تعارضه

.مكان تفعيل التزاماتها الدولية هذا إلو مع القوانين األخرى التي كانت موجودة قبله،كما يشير الدليل إلى حالة أدرجها تحت تسمية األسلوب المهجن، حيث تقوم بعض

هو النموذج الذي و الدول بسن قانون واحد فقط يعدل جميع القوانين الموجودة ذات الصلة، .اعتمدته كندا في قانون الجرائم ضد اإلنسانية

الدليل على ضرورة قيام الدولة بعد اتخاذ اإلجراءات باإلضافة إلى ذلك، يركز الداخلية الالزمة بنشرها على نطاق واسع إلتاحة اإلطالع عليها لجميع األفراد ذوي الصلة

.خاصة أولئك الذين يتعلق القانون المعدل بمجال عملهم 391بهذا الموضوع

.18، ص نفسهالسابقالمحكمة الجنائية الدولية، دليل للتصديق، المرجع: انظر 390 .21، ص نفسه سابقالمرجع الالمحكمة الجنائية الدولية، دليل للتصديق على نظام، : انظر 391

Page 171: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

165

ته إلى عدة لغات بغية إتاحة استعمال هذا الدليل على نطاق واسع تمت ترجمته نسخهو يشكل أداة توجيهية يمكن للدول أن و األلمانية،و هي العربية، اإلنجليزية، اإلسبانية

.تسترشد بها إلنفاذ أحكام نظام روما األساسيأمر ال جدال على المنظومة القانونية للدولالجنائية الدوليةالمحكمة تأثير إنشاء إن

تفحص قائمة و يبين،392على المصادقة على نظامها األساسي منها عديدالفيه، إذ أقدم كذلك إفريقية، كما و فيها تنوعا، إذ نجد دوال أوروبية، آسيوية، أمريكيةاألطراف أن الدول

نلمس تمثيال لمختلف النظم القانونية في العالم، غير أن األمر على خالف ذلك بالنسبة للدول العربية، إذ نالحظ غيابها تقريبا من هذه القائمة ألسباب ترجع إلى موقفها خالل المفاوضات التي أفضت إلى اعتماد نظام روما األساسي، ما عدا األردن التي صادقت

نوفمبر 01، جزر القمر في 2002نوفمبر 05، جيبوتي في 2002أفريل 11يه فيعل 02التي صادقت عليه في فلسطين و 2011جوان 22 تونس التي صادقت في، 2006 .2015جانفي

، باإلضافة إلى عملية 393استتبعت هذه المصادقة تعديال دستوريا في بعض الدولنين الداخلية للدول بغرض المواءمة مع نظام روما إدماج الجرائم ضد اإلنسانية ضمن القوا

إن اختلفت اآللية من دولة ألخرى بين تلك التي أدمجتها في قانون العقوبات و األساسي، 394من اعتمدت قانونا خاصا لهذا الغرضو كطريقة تقليدية لتجريم أية جريمة جديدة،

www.icc-cpi.orgراجع موقع المحكمة،2015 أفريلالفاتح إلى تاريخ 123بلغ عدد الدول المصادقة 392، المحكمة )إعداد(في عتلم، شريف بحث منشورأحمد أبو الوفا، المالمح األساسية للمحكمة الجنائية الدولية،: انظر 393

، ص2006، اللجنة الدولية للصليب األحمر، )مشروع قانون نموذجي(التشريعيةو المواءمات الدستورية.الجنائية الدولية .59و 58

TAVERNIER, (Paul), « Comment surmonter les obstacles constitutionnels à la ratification du statut de Rome de la cour pénale internationale. », R.T.D.H., 2002, n°51, p. 548. CIMAMONTI, (Sylvie), « La place prise par le droit international pénal au sein des ordres français et international », in PHILIPPE, (Xavier), VIRIOT-BARRIOL, (Dominique) (Sous Dir), L’actualité de la justice pénale internationale, Actes du colloque organisé par le centre de recherche en mutation pénal F.BOULAN(Aix-en-Provence, 12 mai 2007), Presses Universitaires d’AIX-MARSEILLE, 2008, p. 11.

:انظر 394DELMAS-MARTY, M., FOUCHARD, I., FRONZA, E., NEYRET, L., Le crime contre …op. cit., p. 46.

Page 172: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

166

ص مختلف عن قانون بسبب اعتبارها هذه الجريمة من الخطورة التي تتطلب اعتماد ن .العقوبات

ورد في دليل التصديق على نظام روما األساسي المشار إليه آنفا أن الدول األطراف في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية تلتزم باتخاذ التدابير الالزمة

إجراء تعديالت في قوانينها الوطنية أو إجراءاتها اإلدارية لتمكينها من الوفاء بكل و .395التزاماتها بموجب المعاهدة

إذا قمنا بجرد مبدئي لهذه العملية نجد أن الجرائم ضد اإلنسانية تم إدماجها ضمن المادة ( 2003/ 15سبانيا المعدل بموجب القانون العضوي إقوانين العقوبات في كل من

باإلضافة إلى القانون 3-213، 1-213، 2-211، 1-211المواد (، فرنسا)مكرر 607، )2010متعلق بمواءمة قانون العقوبات مع إنشاء المحكمة الجنائية الدولية المعتمد في ال

المضافة 379المادة (، كوستاريكا)599ما يليها من القانون و 161المواد (كولومبيا التضمن قانون 2007ماي 18ل 14قانون رقم (، بنما)2002أفريل 25بموجب قانون

)2010و 2002ح من قانون 54المادة (، مالطا)436العقوبات السيما المادة ).2003المضافة بموجب تعديل قانون العقوبات في 172المادة (البوسنةو

هو الحال بالنسبة لبريطانيا و كما نجد دوال أدمجت هذه الجريمة في قانون خاص .زيالندا الجديدةو كنداو في قانون جرائم الحرب

التشريعات الوطنية كما سنتعرض لها بالتفصيل أن يبدو من خالل تفحص مختلف هناك اتفاق مبدئي يشكل قاعدة للمفهوم القانوني للجريمة ضمنها يتمثل في الهجوم واسع

المنهجي الموجه ضد السكان المدنيين، غير أن التعمق في مقارنة هذه التشريعات و النطاق فعال المكونة للجريمة أو آلية معاقبتهايظهر كذلك اإلختالفات الموجودة بينها في مجال األ

يظهر كذلك و هو أمر متوقع بالنظر الختالف الفلسفة الجنائية المعتمدة من قبل كل دولة،و .396هذه الجرائم يمكن أن تحمل عدة اختالفات nationalisationكيف أن مسألة توطين

.15دليل للتصديق على نظام روما، مرجع سابق، ص ، المحكمة الجنائية الدولية: انظر 395 :انظر 396

DELMAS-MARTY, M., FOUCHARD, I., FRONZA, E., NEYRET, L., Le crime contre …op. cit., p. 47.

Page 173: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

167

ما هي و الداخليةقبل التعرض إلدماج الجرائم ضد اإلنسانية في مختلف التشريعات األشياء الجديدة التي نتجت عن ذلك، ينبغي التأكيد أن أغلبية الدول قامت بعملية اإلدماج

تجد مصدرها في القانون الدولي، سواء كان اتفاقيا أو inputهذه استجابة منها لمدخالت .عرفيا

حكمة إذا رجعنا إلى المبادئ التي كرسها نظام روما األساسي في إنشاء هذه المقمع الجرائم الدولية األكثر خطورة، يجدر بنا أن نتوقف و الجنائية الدولية المختصة بمتابعة

الذي و ،397منها 17في المادة و قليال عند مبدأ اإلختصاص التكميلي المكرس في ديباجتهاال يمكن للمحكمة الجنائية و بموجبه تحتفظ الجهات القضائية الوطنية بأولوية اإلختصاص

ية أن تمارس اختصاصها القضائي إال إذا لم تمارس هذه المحاكم اختصاصها، أو أن الدولالدولة التي يعود لها اإلختصاص تبدي غياب إرادة تنبئ عن سوء نيتها في المتابعة أو

.تكون في وضعية عدم إمكانية ممارسة اإلختصاص بصفة مناسبةيتعين على النظم القانونية فلكي تتمكن المحاكم الوطنية من ممارسة اختصاصها،

مختلف اآلليات و مع نظام روما األساسي) أو التناغم(الوطنية أن تسير في مسار المواءمة ، مما يستدعي بالضرورة تكيف التشريعات 398الدولية المتعلقة بمحاربة اإلجرام الدولي

ن مع المحكمة كذلك آليات التعاوو الوطنية بطريقة إدماج القواعد الجديدة لتجريم الفعال .الجنائية الدولية

يقتضي منا األمر التعرض لمبررات عملية اإلدماج الوطني بالنسبة للجرائم ضد .)-2(إتباعها بنماذج عن هذه القوانين و )-1(اإلنسانية

:ةإدماج القاعدة الدولية التجريمي. 1من أهم ميزات معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في نظام روما األساسي هو أنه يستند

) - أ(على نظام اتفاقي يعبر عن نوع من التراجع اإلرادي عن السيادة الذي اعتمدته الدول الذي أعطى األولوية في المحاكمة خالفا لما كان عليه األمر في القضاء الجنائي المؤقت

لقد اتجهت الدول األطراف فيه إلى العمل على اتساق و ،ية المؤقتةإلى المحاكم الجنائ

.سنتعرض لهذا المبدأ بالتفصيل في الباب الثاني، الفصل الثاني 397 KEUBOU, (Philippe), « Adaptation des législations internes aux exigences de la: انظر 398

convention de Rome : Etude comparative du Cameroun et de quelques pays européens», in R.S.C.D.P.C., 2004, n° 4, p. 845.

Page 174: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

168

نظامها القانوني الداخلي مع ما جاء به مما يؤدي بنا إلى عرض مميزات مسار المواءمة .)-ب( :تراجع السيادة كمدعم لإلدماج) أ

يقتضي منا األمر التعرض لمسألة اندماج القاعدة التي وردت في نظام روما .ضمن القوانين الداخلية باعتبارها موجهة ألن تنضوي ضمنها األساسي

م، تمثلت في 20تثير هذه المسألة فكرة هامة طبعت المجتمع الدولي نهاية القرن السماح بأن تجري و قبول الدول ألن تتنازل عن جزء من سيادتها في المجال الجنائي

انعكس ال محالة على مسار معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في إطار يعلو عليها، ممالعل التوقف عند األحداث التي عرفتها و .متسارعاو اإلدماج الذي عرف تطورا معتبرا

إفريقيا في مطلع تسعينيات القرن الماضي يجعلنا نالحظ أن الحاجة الملحة إلى و أوروباة التناسق الذي تمخض عن نظام الجيل األول من المحاكم الجنائية لم تنجم عن ظاهر

هو ما تحقق في و 399تدويل اإلجرام، فمعظم الفظائع التي ارتكبت كانت محددة مكانيا .رواندا حيث كانت الجرائم محدودة جغرافياو يوغوسالفيا السابقة

صعوبة معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية هي أنها غالبا ما تكون و ما يبرز إشكاليةإن ب السلطة العامة، بل يكونون أحيانا مدبرة من قبل مسؤولين موجودين على أعلى مرات

رؤساء دول أو حكومات، مما يستتبعه في العادة إخفاق القضاء الوطني في معاقبة مرتكبي هذه الجرائم الذين يتمتعون بهذه الصفة لغياب استقاللية هذا الجهاز الذي يشكل أحد أهم

القادة،باإلضافة إلى تمتعهم الذي عادة يكون تحت سلطة هؤالء و السلطات في الدولةبالحصانة القضائية األمر الذي يحول دون معاقبتهم في هذه الحاالت على األقل ما داموا

هو ما أدى إلى التفكير في عدالة فعالة تتجاوز المجال الوطني، ليكون و .يمارسون السلطةة التخلي عن لها دعم دولي، حيث يكون تناسق المعاقبة يستجيب بالدرجة األولى لضرور

,«…LELIEUR, (Juliette), « Le statut de la cour pénale internationale:انظر في هذا اإلطار 399

op. cit., p 43.

Page 175: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

169

هو ما جعل المسار يتجه ليس نحو تدويل و اإلستئثار الدائم للدول في ممارسة هذا العقاب، .supranationalisationالعقاب بل إلى فوق وطنية العقاب

وهو األمر الذي توج باتفاق الدول على اعتماد المحكمة الجنائية الدولية التي شكلت .الحلم الذي راود الكثيرين لفترة طويلةو كثر خطورة،آلية كرست معاقبة الجرائم األ

في النظام الدولي، يتضح و إذا حاولنا إيجاد موازاة بين المعاقبة في النظام الوطنيإنفاذ القاعدة الجنائية في القانون الوطني هو مسار و اإلختالف الجوهري باعتبار أن إنشاء

ن الدولي يفتقر لمشرع دولي يتولى القيام تتحكم فيه الدولة بأجهزتها، في حين أن القانو .بمثل هذه المهمة

ن وضع نظام قانوني دولي أوبوضع الجرائم ضد اإلنسانية في هذا السياق، نجد .كذلك الدولو خاص بها يناط بكل من منظمة األمم المتحدة

بالنظر للعدد الكبير من الدول التي تعتبر عضواو فبالنسبة لمنظمة األمم المتحدة،لعل أهم المظاهر المعبرة و .فيها فهي األكثر تأهيال للتدخل في مسار المواءمة التشريعية

عن ذلك هو دورها الرائد في المبادرة بوضع قواعد التجريم من قبل لجنة القانون الدولي،كذلك بتشكيلها اإلطار الذي جرت فيه المفاوضات التي أدت إلى اعتماد نظام روما و

.األساسين عدم وجود المشرع الدولي يجعل من الدول المبادرة الرئيسية في هذا غير أ

كذا التعديالت حول المشاريع المتعلقة بالقواعد و المجال، باعتبارها تتقدم بكل اإلقتراحات .الدولية لتجريم األفعال التي تشكل جرائم دوليةمسار إدماج كذلك الدول أهم الفاعلين فيو بالرغم من اعتبار المنظمة األممية

الجرائم ضد اإلنسانية بالنظر للوزن الذي تتمتع به على المستوى الدولي، إال أن هناك فاعلين آخرين يلعبون أدوارا متفاوتة ضمن هذا المسار منهم الضحايا الذين يعتبرون

كذلك المجتمع المدني المتشكل من منظمات و موضوع اإلنتهاكات التي تشكل جرائم دولية، مية التي تلعب دورا في تفعيل المعاقبة عن طريق كشفها عن مختلف اإلنتهاكاتغير حكو

.إيجاد صدى لها بغرض الحيلولة دون إفالت مرتكبيها من العقابوباإلضافة إلى األطراف التي تلعب دورا في بلورة الجرائم ضد اإلنسانية ضمن

الجرائم فوق الوطنية ضمن القانون الدولي الجنائي، تثور مسألة إدراج هذه الطائفة من

Page 176: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

170

هو ما يثير مسألة العالقة التي ستنشأ بين القاعدة المتضمنة و القوانين الداخلية للدول،، األمر الذي 400بين القواعد التي يفترض أن تندمج ضمنهاو معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية

التي قد و ة،يطرح مسألة الهرمية القانونية التي تعرفها الدول ضمن أنظمتها الداخليتصطدم بإشكالية عدم إمكانية اإلبقاء على هذه الهرمية بسبب محاولة إدماج هذه القاعدة

.المجرمة ضمن النظام القانوني الداخليالحقيقة أن مسألة اإلدماج تؤدي إلى معالجة الموضوع بالنظر للقانون الجنائي في

التي قد تتأثر بهذا اإلدماج السيما كذلك بالنظر لفروع القانون الدولي األخرى و حد ذاته، .401القانون الدولي لحقوق اإلنسان

فبالنسبة للقانون الجنائي الوطني، عرفت مرحلة ما قبل اعتماد نظام روما األساسي تبني عدة اتفاقيات دولية تتولى تجريم مجموعة من األفعال تندرج ضمن طائفة الجرائم

واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب1984لعام ضد اإلنسانية منها اتفاقية منع التعذيبالتي كانت تشكل نظاما دوليا و التي أشرنا إليها سابقا، 1968الجرائم ضد اإلنسانية لعام و

انسجاما، لكن انعكاس هذا النظام الدولي في و متكامال تعرف مختلف أحكامه توافقالتي صادقت على بعض القوانين الداخلية لم يكن ليحصل دون صعوبات عرفتها الدول ا

.اإلتفاقيات دون األخرى، مما جعلها تلتزم باألحكام الدولية للتجريم جزئيا المصادقة عليهو عرف هذا الوضع تعديال مهما بعد اعتماد نظام روما األساسي

دخوله حيز النفاذ، حيث تلتزم الدول األطراف بإعمال اختصاصها في مجال معاقبة هذه وء هذا النظام بالقاعدة األكثر تكامال بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانية في الجرائم، فلقد جا

ما تتضمنه و منه، لكن هذا ال ينفي إمكانية وجود فجوات بين ما ورد فيه 7المادة .التشريعات الوطنية التي اعتمدت معاقبة هذا النوع من الجرائم

عتبار النص المنشئ غير أن مثل هذه اإلختالفات مآلها التضاؤل إلى أقصى حد باللمحكمة الجنائية الدولية يقوم على مبدأ اإلختصاص التكميلي للمحكمة بالنسبة للقضاء

BASSIOUNI, (M. Cherif), « The “Indirect enforcement system”: Modalities of :انظر 400

international cooperation in penal matters», in International criminal law :Quo Vadis ?, op. cit., p. 411.

.LELIEUR, (Juliette), « Le statut de la cour pénale internationale…», op. cit., p. 58: انظر 401

Page 177: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

171

الذي سيدفع بالدول إلى العمل على مواءمة تشريعاتها الداخلية مع األحكام الذي و الوطني، .يتضمنها

قواعد و قد تبرز بعض اإلشكاليات على المستوى الدولي بين نظام روما األساسيأخرى قد يكون لها أثر لدى إعمال هذا النظام األساسي السيما قانون حقوق اإلنسان في

هذه مختلف على األساسي نظام هذا النص و لقد .المسألة المتعلقة بضمانات المحاكمةغيرها، كما نصت عليها اتفاقيات حقوق و 67، 66، 63، 59، 55الضمانات في المواد السياسيةو المتمثلة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيةو اإلنسان ذات الصلة

ما يميز و ،)العربيةو األوروبية، األمريكية، اإلفريقية( اإلتفاقيات اإلقليمية لحقوق اإلنسانوهذه اإلتفاقيات أنها لم تنص على هذه الضمانات بنفس الطريقة مما يبرز اإلختالف

ف حدته بموجب نظام روما األساسي ذاته الذي أدرج الموجود هنا، هذا اإلختالف الذي تخمعيار حقوق اإلنسان ضمن القانون الذي تطبقه المحكمة كما أشرنا له أعاله، إذ نصت

:منه 3فقرة 21المادة تفسير القانون عمال بهذه المادة متسقين مع حقوق اإلنسان و يجب أن يكون تطبيق-3«

. »المعترف بها دوليال المحكمة عبر قراراتها تعمل على تدعيم ضمانات المحاكمة وفقا هذا ما يجع

.شاملو لحقوق اإلنسان من منظور متكاملقد تثور كذلك مسألة تعارض أحكام نظام روما األساسي المتعلقة بمعاقبة الجرائم

ال 27، إذ أن المادة 402لحصانةمبدأ االقانون الدولي العام، السيما بالنسبة لو ضد اإلنسانيةهذا تستبعدها في حين أن محكمة العدل الدولية تؤكد عبر قراراتها على احترام و تعتد بها

في قضية جمهورية الكونغو 2002فيفري 20يعتبر قرارها الصادر في ومبدأ الالديمقراطية ضد بلجيكا أفضل تكريس لهذا الموقف، حيث اعتبرت أن قرار التوقيف

قبل القاضي البلجيكي مخالف لمبدأ الحصانة، الصادر ضد وزير خارجية الكونغو من . ستكون هذه النقطة محل تفصيل الحقو

.LELIEUR, (Juliette), « Le statut de la cour pénale …», op. cit., p. 60: انظر 402

Page 178: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

172

:خصائص مسار المواءمة) بالشمولية و المتميز بطابع العالميةو الذي تضمنه نظام روما األساسي إن القانون

حد ذاته، يستوقفنا بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانية باعتبار أن منشأها هو القانون الدولي في .كذا اآلليات لتفعيل معاقبتهاو الذي حدد مختلف األفعال المجرمة المشكلة لهاو

كذا جرائم اإلبادة الجماعية في إطار القانون الدولي، و الجرائم ضد اإلنسانية، تنشأ، كما أن القواعد التي يتميز 403ثم تتولى القوانين اعتمادها كجرائم جديدة ضمن تشريعاتها

التي يمكن أن نذكر أهمها مثل عدم قابلية التقادم، و معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية بها نظامكذلك عدم تطبيق العفو رأت النور في القانون الدولي، مما و عدم فعالية قاعدة الحصانة،

يوجهه بالنظر لطبيعته،و يجعل دور هذا األخير أساسيا باعتباره يسيطر على المسار .404التماشي مع مسارهو داخلية سوى التأقلم معهليس على القوانين الو

وال يمكن إغفال أن العديد من األفعال التي تشكل الجرائم ضد اإلنسانية كانت غيرها، غير و معروفة في القوانين الوطنية مثل أفعال القتل، المساس بالسالمة الجسدية

بعة مرتكبيها السيما أنها كانت تصطدم لدى معاقبتها بمجموعة من العوائق تحول دون متاهو ما و منح الحصانات لمرتكبيها،و فيما يتعلق بكون هذه القوانين تتضمن قاعدة التقادم

يبرر أن بلورة هذه الجرائم تحققت في القانون الدولي الذي عرف معاقبة فعالة باستبعاد العدالة السيما تلك التي تعرفهاو تمنعها،و كل العوائق التي من شأنها أن تحول دونها

.405هو ما يؤكد التفاعل المعياري في هذا المجالو الجنائية الوطنية :نماذج متفاوتة إلدماج الجرائم ضد اإلنسانية في القوانين الوطنية. 2

باإلضافة إلى ذلك، هناك من يعتبر أن جرائم الحرب هي كذلك ذات منشأ دولي، على الرغم من اتجاه غالبية الفقه 403

.إلى اعتبار مصدرها هو القانون الداخلي .LELIEUR, (Juliette), « Le statut de la cour pénale …», op. cit., p. 53: انظر

CASSESE, (Antonio), « L’incidence du droit international sur le droit interne », in:انظر 404CASSESE, (Antonio) DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux », Presses universitaires de France, 2002, p. 557.

DELMAS-MARTY, (Mireille), « Droit comparé et droit international :interactions et: انظر 405internormativité » op. cit., p. 12.

Page 179: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

173

لجأت العديد من الدول على إثر مصادقتها على نظام روما األساسي السيما إلى إدماجه بمنح اختصاص متابعة كذا األنجلوسكسونية من خارج أوروبا و األوروبية منها

هو األمر الذي استتبع بالضرورة نقل هذه الجرائم و الجرائم الواردة فيه لقضائها الجنائي،في قانونها الداخلي، باعتبار أن اإلتفاقيات المتعلقة بالجانب الجنائي ال تقبل التطبيق

خذ التدابير المناسبة من المباشر على المستوى الوطني، بل تتطلب من الدولة الطرف أن تتباعتبار أن التزام 406أجل تفعيلها، مع ترك الحرية لها في اختيار الطريقة المالئمة لذلك

.ةبذل عنايليس التزاما بو الدولة هنا يكون التزاما بتحقيق نتيجةكان السبق هنا للدول الغربية التي عملت على اعتماد نصوص داخلية إلدماج أحكام

اتبعت دول أمريكا الالتينية و ،)-أ(سيما تلك المتعلقة بالجرائم ضد اإلنسانية اتفاقية روما الفي حين غابت ) -ج(ولحقت بها الدول اإلفريقية ) - ب(لو بصفة متأخرة و هذا المسار

ليس الهدف هنا هو إجراء تحليل لكل التشريعات و .)-د( اإلسالمية عنهو الدول العربيةبل التعرف على التوجهات الكبرى، كما أن التقسيم المعتمد 407الوطنية التي قامت باإلدماج

ال يقوم على معيار جغرافي كما قد يبدو في ظاهره بل يستند على كتل الدول التي قد .تلتقي بسبب توجهاتها في منطقة جغرافية

:الدول المتطورة األخرى رائد إلدماج الجرائم ضد اإلنسانيةو الدول الغربية) أسنبدأ و التوقف عند بعض النماذج باعتبارها رائدة في هذا المجال، ضروريمن ال

جرائم الحرب و بكندا التي كانت أول دولة أصدرت قانونا حول الجرائم ضد اإلنسانية2000جوان 29بتاريخ

الذي عرف هذه الجرائم بطريقة ليست مطابقة تماما لما و ،408جملة من األفعال المجرمة كما نه إلىم 4حيث عددت النقطة ورد في نظام روما األساسي

op. cit., p. 145.BERKOVICZ, (Grégory), La place de la cour pénale internationale ,: انظر 406الدول و تلك التي هي بصدد تحضير مشاريع قوانينو أجل اإلطالع على قائمة الدول التي اعتمدت قانون إدماج،من 407

: التي لم تعتمد بعد أي إجراء يمكن اإلطالع علىCour pénale internationale. Mise en œuvre du statut de Rome. Fiche de suivi.1ère partie. Amnesty international, 2010, p. 20,

www. amnesty.org/fr/library/asset/IOR53/.../ior530112010fra.pdf . p. 7, 8 et 9. : انظر 408

VIRIOT-BARRIOL, (Dominique), « La réception de la justice pénaleinternationale par les Etats ? L’exemple français », op. cit., p. 50.

Page 180: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

174

إلى القانون الدولي أحالتمن اتفاقية روما دون اعتماد السياق، كما 7تضمنتها المادة .العرفي و القانون اإلتفاقي مما سيوسع من مداها

ريادة في هذا المجال، السيما و يعتبر التشريع األلماني من أكثر التشريعات تطورافعلى .409قانونا لمعاقبة أخطر الجرائم الدولية بعد الحرب العالمية الثانيةأن ألمانيا اعتمدت

2000ديسمبر 11إثر مصادقة ألمانيا على نظام روما األساسي بتاريخ ، تم تبني عدة 410

مشاريع قوانين من أجل مطابقة التشريع الداخلي مع أحكام النظام األساسي، من أهمها التي تميزت بإدماج الجرائم و 2002جوان 26لمعتمدة في مدونة القانون الجنائي الدولي ا

هي جرائم الحرب، جرائم اإلبادة و الواردة في نظام روما األساسي ضمن القانون األلماني .الجرائم ضد اإلنسانيةو الجماعية

تتضمن هذه المدونة مختلف األفعال التي تعتبر مجرمة باإلضافة إلى العقوبات التي تمت اإلشارة في عرض .التي تختلف درجتها حسب خطورة الجريمةو يتم توقيعها

األسباب المرفق بهذه المدونة إلى أنه بالرغم من كون بعض الجرائم في القانون األلماني كانت تشير من قبل إلى األفعال المعاقب عليها بموجب نظام روما األساسي، إال أن

األلماني ال يتعرض لكل مظاهر ضرورة اعتماد قانون خاص تتأكد لكون أن القانون .411القانون الدولي في هذا المجال

تعريفا للجرائم ضد اإلنسانية يعتمد على السياق الذي ورد في 6اعتمدت الفقرة مما 7من اتفاقية روما، غير أنها لم تدرج جميع األفعال كما نصت عليها المادة 7المادة

. يعد تضييقا لمجال المعاقبة نا عن المواءمات التشريعية للدول التي صادقت على نظام رومافي معرض حديث

إن كرس معاقبة الجرائم الدولية و اإلشارة إلى القانون البلجيكي الذي األساسي، يمكنالرائدة في تكريس اإلختصاص و األكثر خطورة، إال أنه كان من بين القوانين السباقة

.انظر الفرع األول من هذا المطلب 409 :العشرين التي صادقت على هذا النظام األساسي، انظر موقع المحكمةو تعد ألمانيا الدولة الخامسة 410

www.icc-cpi.org .KEUBOU, P., « Législation interne et exigences…», op. cit., p. 848: انظر 411

Page 181: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

175

ق بقمع المخالفات الجسيمة التفاقيات ، المتعل1993جوان 16فبموجب قانون .412العالميجوان 8الثاني المعتمدين في و البروتوكولين األولو 1949أوت 12جنيف المؤرخة في

.الملحقين بها، تم إدراج جرائم الحرب فقط 1977قبل المصادقة عليه، أصدرت و على إثر توقيع بلجيكا على نظام روما األساسي

دلت بموجبه القانون األول حيث أدرجت كل من ع 1999فيفري 10قانونا مؤرخا في الجرائم ضد اإلنسانية مما أدى إلى اعتبار هذا القانون متكامال و جريمة اإلبادة الجماعية

المعدل 15/2003كما يمكن اإلشارة إلى القانون العضوي اإلسباني رقم .إلى حد كبيرع اختالف في الصياغة مقارنة لقانون العقوبات الذي تضمن إدماج الجرائم ضد اإلنسانية م

أما المملكة المتحدة فلقد أحالت في القانون المتعلق بالمحكمة . مع نظام روما األساسي . إلى المفهوم كما جاء في اتفاقية روما 2001الجنائية الدولية الصادر في

كما اعتمدت استراليا مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية في تعديل قانون العقوبات بتاريخ2003ديسمبر 23

بنفس التعريف الوارد في نظام روما األساسي لكن دون ذكر 413السياق، أما زيالندا الجديدة فقد أدمجت المفهوم كما ورد في اتفاقية روما في القانون حول

.2000سبتمبر 6الجرائم الدولية بتاريخ فها المعارض ويالحظ أن الواليات المتحدة األمريكية لم تعتمد أي نص بالنظر لموق

للمحكمة الجنائية الدولية حيث أنها لم تصادق على نظام روما األساسي رغبة في تفادي سنعود فيما بعد و ،414كل المؤسسات التابعة لهاو أي خطر أو تهديد قد يلحق بمواطنيها .لبعض التفاصيل لتبيان موقفها المتناقض

محاولة لدخول عهد جديد من :يةإدماج الجرائم ضد اإلنسانية في دول أمريكا الالتين)ب :الديمقراطية

شهدت هذه الدول خالل العشرية األخيرة من القرن الماضي متابعات للجرائم لعل اإلطار العام لذلك يعود لإلجتهاد و .الدولية، مثلما كان الحال في الدول األوروبية

إلى األحكام التي كرست اإلختصاص العالمي للمحاكم األلمانية هذه األطروحة الثاني من سنتعرض في الباب 412 .غيرها من الجهات القضائية الداخليةو

.2002جوان 27كما اعتمدت قبل ذلك قانونا خاصا بالمحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 413 .88علي يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير،مرجع سابق، ص : انظر 414

Page 182: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

176

فالسكيز تعد قضية و القضائي الصادر عن محكمة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان،هي التي فتحت المجال لذلك، فاستنادا على المادة Velasquez Rodriguezرودريغز

األولى من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان التي ألزمت الدول بضمان احترام الحقوقالحريات التي تضمنتها اإلتفاقية بالنسبة لجميع األشخاص المتواجدين تحت واليتها، جاء و

:في القرارتوضح هذه المادة اإللتزام الذي تتحمله كل دولة طرف فيما يتعلق بكل الحقوق «

إن أية شكوى تثير أنه تم انتهاك أحد هذه الحقوق تؤدي ال محالة إلى انتهاك .المحمية .415»المادة األولى الفقرة األولى من اإلتفاقية

التزام الدول األطراف في أكدت على و لم تفوت المحكمة منذ هذا القرار فرصة إالبمعاقبة و متابعات للجرائم الدوليةو اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان بإجراء تحقيقات

هذا كرد فعل طبيعي على انتهاكات حقوق اإلنسان التي ارتكبتها و ،416المسؤولين عنهاع مو الدكتاتوريات التي حكمت هذه الدول إلى غاية مطلع تسعينيات القرن الماضي،

تقلد حكومات ديموقراطية الحكم، كانت الفرصة مواتية لمحو هذه اآلثار السلبية و زوالهايعتبر اإلجتهاد القضائي و منع إفالت مرتكبيها من العقاب،و بمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم،

.للمحكمة عامال مهما ساعد في المضي قدما نحو ذلكن دافعا قويا لمعاقبة أخطر الجرائم الدولية كما أن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية كا

هو توجه و 417في هذه الدول، إذ عمد معظمها إلى المصادقة على نظام روما األساسيهو أمر متاح لها بالنظر لتكريس مبدأ و طبيعي باعتبارها اختارت نهج المعاقبة،

: انظر 415

Affaire Velasquez Rodriguez, arrêt du 29 juillet 1988, Inter-Am.Ct.HR (Sér.C) n°4 (1988), par. 162.

AMBOS, (Kai), « Latin american and international criminal law : Introduction and: انظر 416

general overview », in I.C.L.R., 10, 2010, p. 341. تاريخ مصادقة أول دولة من 1999الكاريبي على نظام روما األساسي منذ و دولة من أمريكا الالتينية 27صادقت 417

.تاريخ مصادقة غواتيماال 2012أفريل 2توباغو إلى غاية و تيهي ترينيو هذه المنطقة www.icc-cpi.org: انظر القائمة المفصلة للدول بتواريخ المصادقة على موقع المحكمة

Page 183: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

177

الواردة في اإلختصاص التكميلي، األمر الذي سيضع على عاتقها مسؤولية إعمال المبادئ .العمل على مالءمة تشريعاتها الجنائية إلمكانية ممارسة اختصاصهاو اتفاقية روما

بدأ هذا التوجه قبل اعتماد نظام روما األساسي، فلقد صادقت معظم هذه الدول على اتفاقية و اتفاقيات تتضمن معاقبة صور الجرائم ضد اإلنسانية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب،

عملت على إدماجها ضمن قوانينها و غيرها التي تعرضنا لها،و العنصري منع الفصل .يبين أن مسار المعاقبة لم ينطلق من العدمو الداخلية، مما يشكل أرضية يمكن البناء عليها

الجرائم و ولقد أكد الفقه أن تشريعات دول أمريكا الالتينية المتعلقة بالجرائم الدولية عموما، كما 418صا قد ابتعدت عن التعريفات الواردة في اإلتفاقيات الدوليةضد اإلنسانية خصو

أن عملية تقنين هذه الجرائم بإدماجها في التشريعات الداخلية لم تكن بنفس الطريقة في هذه .ا لعملية وضع القوانينمنتظمو لم تتبع مسارا منسجماو الدول،

الدول، بالنظر لوجود سبق أن أشرنا كذلك للسياق القانوني الذي توجد فيه هذهمحكمة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان التي تعالج في اجتهادها القضائي مسائل متعلقة

هو و بالتالي تؤثر في توجه هذه الدول بالنسبة لمسار اإلدماج،و بالقانون الدولي الجنائي، .عامل مهم ال يمكن التغاضي عنه

عدة دول منها،فعلى إثر زوال يمكن كذلك التأكيد على المسار الذي انتهجتهالدكتاتوريات عمدت إلى إجراء تعديالت دستورية غيرت بموجبها من موقفها بالنسبة

.أدرجت اإلتفاقيات الدولية ضمن منظومتها القانونيةو للقانون الدولي عموما،وسنتعرض لبعض األنظمة القانونية فيما يتعلق بالجرائم ضد اإلنسانية لمعرفة مدى

أ باألرجنتين التي كانت من سنبدو.الحدود التي لم يتجاوزهاو نظام روما األساسي إدماج 8التي صادقت على نظامها األساسي في و الدول الرائدة إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية،

2001فيفري بغية إدماج أحكام 2006ديسمبر 13قامت باعتماد قانون مؤرخ في و، 419

لقد اعتمد هذا القانون المتوائم مع و ،420ا الجرائم ضد اإلنسانيةنظام روما األساسي بما فيه

.AMBOS, (Kai), « Latin america and international …», op. cit., p. 432: انظر 418 : راجع موقع المحكمة 419

www.icc-cpi.org. GARCIA FALCONI, (Ramiro), «The codification of crimes against humanity in the:انظر 420

domestic legislation of latin american states », in I.C.L.R., 10, 2010, p. 454.

Page 184: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

178

منه النص 9النصوص الدولية لتعزيز معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية، فلقد اعتمدت المادة من نظام روما األساسي، بوضع 7على معاقبة هذه الجرائم كما هي معرفة في المادة

.السجن المؤبدعقوبات متفاوتة قد تصل في أقصاها إلى عرفت األفعال و تعد دولة الشيلي التي اقترن اسم الدكتاتور بينوشي بها لفترة طويلة

الخطيرة المرتكبة خالل فترة حكمه صدى في أوروبا في محاوالت لمحاكمته من الدول التي تأخرت عن اإللتحاق بركب الدول األطراف في اتفاقية روما، حيث لم تصادق عليه

تضمن إدماج 2008جوان 18الذي سبقه اعتماد قانون في و ،2009جوان 29إال في لقد تم و ،421جريمة اإلبادة الجماعية في القانون الداخليو كل من الجرائم ضد اإلنسانية

التي أصبحت تعتبر نصا مرجعيا في هذا 7اعتماد نفس التعريف الذي جاء في المادة صراحة مثل التمثيل بأعضاء الجسم، 7لمادة الصدد، مع إضافة أفعال جديدة لم تذكرها ا

إجراء تطبيب دون موافقة و التجارب غير المسموح بها على اإلنسان، نزع األعضاء هذا موقفا متطورا يمكن إرجاعه لمحاولة تدارك التصديق المتأخر، يعدو ،422المعني

آخذا ، 7إعطاء توضيح أكثر لهذه الجرائم التي عرفت بعض الغموض في نص المادة و .التطورات الحديثة بعين اإلعتبار

في نفس اإلتجاه، نجد أن دولة األوروغواي صادقت على نظام روما األساسي في شرعت في إعداد مدونة خاصة باإلبادة الجماعية، جرائم الحربو ،2002جوان 28، مما يجعلها ضمن دول المنطقة 2006أكتوبر 4الجرائم ضد اإلنسانية اعتمدت في و .423باقة في هذا الشأنالس

إلى جانب هذه الطائفة األولى، توجد طائفة أخرى من دول أمريكا الالتينية اعتمدت إلى مباشرة ، لم تعمد منذ فترة موقفا متأخرا، إذ رغم مصادقتها على نظام روما األساسي

:انظر 421

GARCIA FALCONI, (Ramiro), « The codification of crimes.. …», op. cit., p. 455. AMBOS, Kai, « Latin america and international …», op. cit., p. 435.

:انظر 422GARCIA FALCONI, (Ramiro), Ibid., p. 456.

:انظر 423GARCIA FALCONI, (Ramiro), Ibid., p. 459.

AMBOS, Kai, « Latin america and international …», op. cit., p. 438.

Page 185: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

179

إدماج الجرائم ضمن تشريعاتها الداخلية،ويمكن أن نذكر في هذا الصدد كال من بوليفيالم تعتمد بعد تشريع داخلي لمعاقبة و 2002جوان 27التي صادقت على اإلتفاقية في

الجرائم ضد اإلنسانية، مما جعل اإلجتهاد القضائي يعتمد حيال هذه المسألة تفسيرات .424مختلفة تحتاج إلى توحيدها

إن صادقت على نظام روما و يمكن إبداء نفس المالحظة بالنسبة للبرازيل التي، إال أنها لم تعتمد أي تشريع إلدماج أحكامه ضمن نظامها 2002جوان 20سي في األسا

يعتبر الوضع في اإلكواتور و .هو ما ال يتيح تطبيق أحكامه من قبل المحاكمو 425الداخليفيفري 5قريبا من سابقه إلى حد كبير، إذ رغم مصادقتها على نظام روما األساسي في

مهالها سبع سنوات على األقل لتتمكن من إدماج المفاهيم ، إال أنها قدمت طلبا بإ2002 .426األساسية للقانون الدولي الجنائي في تشريعها الداخلي

28اتبعت المكسيك هذا التوجه، إذ باإلضافة إلى مصادقتها التي جاءت متأخرة في ام التي تطلبت إجراء تعديل الدستور، فإنها لم تعتمد نصا يدمج أحكام نظو 2005أكتوبر

.روما فيما يتعلق بالجرائم الدوليةلم تعتمد بعد أي قانون في و 2001ماي 14وهو حال الباراغواي التي صادقت في

جوان 7فنزويال في و 2001نوفمبر 10،إضافة إلى البيرو التي صادقت في 427هذا الشأن .428من دون اعتماد أي قانون داخلي لإلدماج 2000

كانت مسرحا الرتكاب الجرائم ضد اإلنسانيةيالحظ إذن أن هذه الدول التي إن كانت لها رغبة في معاقبة هذه و اإلبادة الجماعية طوال فترة حكم الدكتاتورياتو

قضائها الوطنيين، إال أنها لم تعتمد كلها و الجرائم عبر إخضاع مرتكبيها إلى تشريعاتهاإيجابية تعبر عن التزامها كدول اآلليات الضرورية لذلك، فبين المصادقة التي تشكل خطوة

.GARCIA FALCONI, (Ramiro), «The codification of crimes … », op. cit., p. 455:انظر 424 : نظرا425

AMBOS, Kai, « Latin america and international …», op. cit., p. 438. .GARCIA FALCONI, (Ramiro), «The codification of crimes … », Ibid., p. 457:انظر 426 .GARCIA FALCONI, (Ramiro), «The codification of crimes … », Ibid., p. 458:انظر 427 :انظر428

GARCIA FALCONI, (Ramiro), Ibid., pp 458-459.

Page 186: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

180

محاربة هذه الجرائم التي تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق و ذات سيادة بتكريس الالعقاببين الفراغ التشريعي الذي ال زال يسود بعضا منها، تبقى هذه المصادقة غير و ،اإلنسان

لمساعدة في هذا لعل هذه الدول تحتاج إلى او محققة لألثر المرجو منها على أرض الواقع،للمضي نحو اعتماد منظومة تشريعية متكاملة تمكنها من إعمال و الميدان، لبناء الثقة أوال،

.إنصاف ضحايا اإلنتهاكاتو قواعد نظام روما األساسيتراجع في ظل متابعات المحكمة : إدماج الجرائم ضد اإلنسانيةو الدول اإلفريقية) ج

:الجنائية الدولية

إلى بعداد الدول األطراف في اتفاقية روما429ثالثون دولة إفريقيةو أربعالتحقت كان و ،430، غير أن قلة منها فقط اعتمدت قانونا إلدماج أحكامه2015 أفريلغاية الفاتح

جنوب و 1998أكتوبر 31الصادر في 98- 8أولها جمهورية الكونغو بموجب القانون ، كما عدلت مالي قانون العقوبات 2002جويلية 18إفريقيا بموجب القانون الصادر في

بطريقة مطابقة 29أدرجت الجرائم ضد اإلنسانية في المادة و 2002في الفاتح فيفري .من اتفاقية روما 7لنص المادة

كما عمدت رواندا التي لم تصادق على نظام روما األساسي إلى إدماج المفهوم فقد اعتمدت قانونا خاصا ، أما كينيا2003سبتمبر 6ضمن قانون خاص أصدرته في

، وقامت السنغال بموجب القانون 2009بالجرائم الدولية دخل حيز النفاذ في الفاتح جانفي بين و المعدل لقانون العقوبات بإدراج المفهوم على إثرالنزاع الذي حدث بينها 2007-02

قانونا خاصا لقد اعتمدت جزيرة موريس و بلجيكا حول محاكمة الرئيس التشادي السابق، .أدمجت فيه المفهوم كما جاء في اتفاقية روما 2011في بإدراج الجرائم الدولية

.يه سابقاارجع إلى موقع المحكمة المشار إل 429لقد اقترحت عدة منظمات غير حكومية تقديم دعم لهذه الدول بغية تمكينها من تفعيل التزاماتها الناتجة عن اتفاقية 430

:روما، غير أن غياب اإلرادة السياسية حال دون ذلك ، يمكن مراجعة عدة وثائق منها Crimes internationaux et justice locale. Manuel destiné aux responsables de l’élaboration des programmes de loi, aux bailleurs de fonds et aux organismes d’exécution, Open society foundations, 2012,www.opensocietyfoundations.org/.../crimes-internationaux-justice-locale-2..., p. 18.

Page 187: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

181

دماج المفهوم هو أمر قد ينعكس سلبا قوانين إلإلفريقية دوالالعدم اعتمادويالحظ أن كما سنوضحه في الباب باعتبارها محل متابعات من قبل المحكمة الجنائية الدولية عليها .الثاني

غياب مبرر: اإلسالميةوالجرائم ضد اإلنسانية في قوانين الدول العربية) د

، حيث صادقت 431اإلسالميةو يجدر بنا التعرض كذلك للواقع العملي للدول العربيةاألردن هيو شمال إفريقياو فقط من دول الشرق األوسط ثالث دولعلى اتفاقية روما

دول 4و )2011جوان 22(تونس و)2015جانفي 2( فلسطين و )2002أفريل 11( )2002نوفمبر 5(وتونس، جيبوتي طينو فلس432هي باإلضافة إلى األردنو عربية فقط

).2006أوت 18( جزر القمرو ولم تعتمد أية دولة عربية إلى غاية يومنا إجراءات من أجل مواءمة دساتيرها

هو إجراء ضروري و ،جزر القمرو تشريعاتها مع نظام روما األساسي فيما عدا األردنو 2002يستتبع حتما عملية المصادقة، حيث اعتمدت األردن قانون العقوبات العسكري في

هو يخص جرائم الحرب فقط دون غيرها من الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية روما،ولعل سبب ذلك يرجع إلى كون القانون تم إعداده قبل المصادقة على نظام روما األساسي و

433ر اقتصاره على جرائم الحربمما يفس.

اخترنا استعمال مصطلح الدول اإلسالمية إلى جانب الدول العربية لإلشارة للدول التي اعتمدت الشريعة اإلسالمية 431

اعتمدت الشريعة اإلسالمية و ون الوضعي،كأساس لنظامها القانوني، في حين أن أغلب الدول العربية اعتمدت القان .كمصدر أساسي فيما يتعلق باألحوال الشخصية

:و للمزيد من التفصيل حول الدول التي اعتمدت الشريعة في إطار نظامها الداخلي انظرLAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les pays d’Islam », op. cit., p. 523.

: مع إبداء إعالن تفسيري جاء فيه 2002أفريل 11كانت األردن أول دولة عربية صادقت في 432تعلن حكومة المملكة األردنية الهاشمية عدم مخالفة أي حكم في قانونها الوطني، بما فيه الدستور، لنظام روما «

نون الوطني يمنح نظام روما األساسي تطبيقا كليابالتالي، فإنه يفسر أن القاو .األساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية .»الناتج عنه المتصل يجيز ممارسة اإلختصاصو

، "دراسة مقارنة"موضوع التعديل التشريعي، و شريف عتلم، تجريم انتهاكات القانون الدولي اإلنساني منهج: انظر 433، إعداد شريف )مشروع قانون نموذجي( تشريعية الو في المحكمة الجنائية الدولية، المواءمات الدستوريةبحث منشور

.381، ص 2006عتلم، اللجنة الدولية للصليب األحمر، الطبعة الرابعة،

Page 188: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

182

فيفري 4المؤرخ في 022-12أما بالنسبة لجزر القمر، فلقد صدر المرسوم رقم الذي و نظام روما األساسي، تطبيقالخاص ب 22-11المتضمن إصدار القانون رقم 2012

. منه تعريف الجرائم ضد اإلنسانية مثلما ورد في نظام روما األساسي 18اعتمدت المادة تعد العراق الدولة العربية الوحيدة التي أدمجت الجرائم ضد اإلنسانية رغم أنها لم

كان ذلك بمناسبة اعتماد قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا و تصادق على اتفاقية روما،منه بطريقة مطابقة 12هو ما ورد في المادة و لمحاكمة أركان النظام السابق، 2005سنة

.ماالتفاقية رومؤخرا تعديال دستوريا اعتمد مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية اعتمدت موريتانيا

:منه 13بالنسبة ألفعال الرق حيث نصت المادة و أنواع تسخير الكائن البشري أأي أحد لإلسترقاق أو ألي نوع من خضاع إال يجوز «

ة وتشكل هذه نيالمهنسانية أو إاللاو أالقاسية األخرىأو للمعامالت تعرضه للتعذيب .»الممارسات جرائم ضد االنسانية ويعاقبها القانون بهذه الصفة

:على أنه 23إلى أن الدستور المغربي الجديد قد نص في الفصل كذلك نشير جرائم الحرب،و غيرها من الجرائم ضد اإلنسانية،و يعاقب القانون على جريمة اإلبادة « .434»الممنهجة لحقوق اإلنسانو كافة اإلنتهاكات الجسيمةو

ونالحظ أن عزوف الدول العربية عن اعتماد قوانين تجريم الجرائم ضد اإلنسانية، كما يالحظ غياب أي 435جرائم الحرب بسبب عدم مصادقتها على نظام روما األساسيو

معاقبة و عمل في هذا اإلتجاه، على الرغم من أن دوال عديدة اعتمدت قوانين لتجريمالدولية تمهيدا لمصادقتها على اإلتفاقية المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، حتى الجرائم

يذكرنا هذا النص باإلتجاه الذي يعتبر أن الجرائم ضد اإلنسانية ما هي إال صورة من صور جريمة اإلبادة 434

.القضائيسنعود لهذه الفكرة عند تعرضنا لإلجتهاد و الجماعية،التي تعبر عن عدم و إن هذا الموقف يجد تفسيره كذلك في تأخر مصادقة الدول العربية على اتفاقيات حقوق اإلنسان 435

.موافقتها للنزعة الغربية التي أدت إلى صياغة أغلب هذه الصكوك : راجع تفصيل ذلك في

BABADJI, (Ramdane), « L’Algérie devant les comités des droits de l’Homme des Nations Unies », in Le débat juridique au Maghreb.De l’étatisme à l’Etat de droit, Etudes en l’honneur de Ahmed MAHIOU, réunies par BENACHOUR, (Yadh), HENRY, (Jean-Robert), MEHDI, (Rostane), PUBLISUD-IREMAM, 2009, p. 314 et 315.

Page 189: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

183

تستبق هذه العملية المعقدة التي غالبا ما تطول إجراءات استكمالها كون و تكون مستعدةالمصادقة إجراء رسمي يعبر عن سيادة الدولة التي تعتبر في نفس الوقت ممارسة لها،

تعتمد قوانين في هذا اإلتجاه حتى تكون منظومتها التشريعية جاهزة فحري بهذه الدول أن .في حالة ما إذا قررت أن تصبح طرفا في اتفاقية روما

من المفيد التوقف عند الموقف الرافض للدول العربية تجاه مفاهيم القانون الدولي ور الثقافي التي تعكس التصو الجنائي كما هي واردة على األخص في نظام روما األساسي

هو األمر و ،436الذي يناقض تماما التصور اإلسالمي infraction pénaleالغربي للجريمة .الذي أدى إلى امتناع الغالبية العظمى لهذه الدول عن المصادقة على هذه اإلتفاقية

ولمحاولة فهم الموقف المتحفظ للدول العربية، يجدر بنا أن نستعرض الموقف الواليات المتحدة األمريكية من مسألة إنشاء محكمة و ل األوروبيةالمتناقض لكل من الدو

جنائية دائمة، حيث حرصت الدول األوروبية الرائدة إلنشاء هذه المحكمة على حث الدول المصادقة على نظام روما األساسي، في حين أن الواليات المتحدة و العربية على التوقيع

دف تقليص اختصاص المحكمة باقتراح بند األمريكية عملت على طلب تعديالت تستهبمنح مجلس و ينص على عدم اختصاصها إذا كانت المتابعة ممكنة أمام المحاكم الوطنية،

أحسن تعبير لعل و ،و اإلرجاء للمحكمة اإلحالة األمن دورا في إجراء المتابعة عن طريق اعتماد قانون شهير و ،عن ذلك هو معارضتها أن تصادق الدول العربية على اتفاقية روما

الذي صادق عليه الكونغرس 437"ةاألمريكي قوات المسلحةال عضاءحماية أ"يعرف بقانون كرست بموجبه و وقعه الرئيس األمريكي السابق بوش اإلبن، 2002أوت 02 بتاريخ

منح حصانات قضائية لهم في و حماية المواطنين األمريكيين من المتابعة أمام المحكمة، .كما لم تتوان عن تهديد أية دولة تصادق عليه بقطع المعونة اإلقتصادية عنهامواجهتها،

األمريكي إلى نقاش أثارته الدول و أدى هذان الموقفان المتناقضان األوروبي العربية ليس على الجانب الديني كما كان متوقعا بل على مستويين هما الدساتير من جهة

.92و 91يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مرجع سابق، ص علي: انظر436

MEOUCHY TORBEY, (Marie-Denise), L’internationalisation du droit pénal. Le Liban dans le monde arabe, DELTA, C.E.D.L-USEK, BRUYLANT, L.G.D.J., 2008, Vol I, p. 224.

المعروف اختصارا و American service members protection actللقانون هي التسمية اإلنجليزية 437 .ASPAـب

Page 190: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

184

عقدت هذه الدول دورات ألعمال تحضيرية في و المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى،وتمحورت نقاشات و على هامش أشغال األمم المتحدة، 1998فيفري 26و 16الفترة بين

دول الجامعة العربية فيما يخص اإلنضمام إلى نظام روما األساسي حول ثالث عناصر :رئيسية

.يتمثل األول في الجوانب الدستورية للمصادقة على اتفاقية روماويخص الثاني الطابع التكميلي الختصاص المحكمة بالنسبة للجهات القضائية

.الوطنية . التعاون مع المحكمةو أما الثالث فيتعلق بأهمية التصديق

نتوقف عند و الثالث إلى الباب الثاني،و سنرجئ التفصيل في العنصرين الثانيسي يتصل بعناصر أساسية في األول، فلقد اعتبرت الدول العربية أن هذا النظام األسا

، إضافة إلى الحصانات القضائية المرتبطة بالصفة الرسمية،438الدولة قد تمس بسيادتها .غيرها من العناصر األخرىو مسألة عدم تقادم الجرائمو

وتوصلت بناءا على ذلك إلى ضرورة تقدير الوضع الدستوري لكل دولة منها على التي لم و ر بالحلول التي أخذت بها الدول الغربيةحدى، مع اإلسترشاد إن اقتضى األم

إما تفسير الدساتير بطريقة تجعلها تتماشى مع أحكام نظام روما : تخرج عن صورتين .األساسي، أو العمل على تعديل دساتيرها قبل المصادقة

تحليل الدساتير العربية من قبل اللجنة و تم تقديم عدة اقتراحات من أهمها دراسةالتي افترض أنها و للصليب األحمر ولجنة الشؤون القانونية لجامعة الدول العربية،الدولية

ستتوصل إلى أن الدساتير متطابقة مع أحكام نظام روما األساسي، باإلضافة إلى عقد العقوبات و اجتماع للخبراء العرب تكون مهمته تحضير قانون نموذجي عربي للجرائم

.439يستمد أحكامه من اتفاقية روما

.136، مرجع سابق، ص اختصاصاتهاو لنده معمر يشوي، ،المحكمة الجنائية الدولية الدائمة: انظر 438 .381شريف عتلم، تجريم انتهاكات القانون الدولي اإلنساني، مرجع سابق، ص: انظر 439

Page 191: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

185

قد اجتماع نتج عنه اعتماد قانون نموذجي للجرائم التي تدخل في اختصاص ع كما، غير أنه لم يأت بما كان مرجوا منه، على اعتبار أن أغلبية 440المحكمة الجنائية الدولية

. الدول العربية لم تصادق على اتفاقية روماختام الدورة إلى التحفظات، توصلت جامعة الدول العربية في و ورغم كل المخاوف

اعتماد أركان الجرائم الدولية باإلضافة إلى و ضرورة المصادقة على نظام روما األساسي،باقتراح مرشحين عرب لشغل منصب قضاة ضمن تشكيلة المحكمة و قواعد اإلجراءات،

.36لضمان تمثيل هذه الدول وفقا لما تنص عليه المادة ات التي قدمت في ختام مؤتمر الجامعة باإلضافة إلى ذلك، وضحت وثيقة التوصي

آثار التصديق «: حول موضوع 2002فيفري 4و 3العربية المنعقد بالقاهرة يومي التشريعات و اإلنضمام للنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على اإللتزامات القانونيةو

من بين ما جاء في و .موقف هذه الدول من مسألة المصادقة »الوطنية للدول العربيةالتوصيات حث الدول العربية التي ستصبح طرفا في النظام األساسي على تبليغ انشغاالت دول المنطقة لباقي الدول األطراف األخرى، باإلضافة إلى اإلستعانة بخبراء يعملون على

. وضع قانون نموذجي يجرم األفعال الواردة فيه بغية تعميمه في الدول العربيةأن نبدي مالحظة حول دول أوروبا الشرقية التي لم تعتمد نهج المواءمة ما يمكن

عدا تلك التي عرفت أحداث على إثر تفكك جمهورية يوغسالفيا، أما الدول اآلسيوية فلم .هو سبب عدم تخصيص تحليل لهاو تقم أي منها باعتماد قانون في هذا اإلتجاه

إثراء للمفهوم:لى ضوء اإلجتهاد القضائيالجرائم ضد اإلنسانية ع: المطلب الثاني

إن المسار المتميز الذي أدى إلى بلورة الجرائم ضد اإلنسانية في القانون الدولي الجنائي، انطالقا من النظام الدولي في حد ذاته، ثم انتقال هذه الجرائم إلى المجال الوطني

األفعال المجرمة من قبل لكي تتولى الدول معاقبتها، أدى إلى معالجة هذه الطائفة منلقد أسهم القضاء الجنائي الدولي في تحديد و .مدولةو داخليةو جهات قضائية متعددة دولية

منه مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية مع بعض اإلختالف في الصياغة مقارنة مع التعريف الوارد في 11دة اعتمدت الما 440

. اتفاقية روما

Page 192: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

186

، يتطلب منا التعرض لإلجتهاد 441الجرائم الدولية بالنظر للدور المعياري الذي يتمتع بهعلق بالعناصر ، ثم ذلك المت)الفرع األول(القضائي المتعلق بالسياق العام لهذه الجرائم

).الفرع الثاني(المكونة للجرائم ضد اإلنسانية

السياق العام :الفرع األول عرف اإلختصاص القضائي الدولي تطورا عبر مراحل سنتعرض ألساس وجودها

لقد أثر هذا التطور على بلورة مفهوم الجرائم ضد و ممارستها في الباب الثاني،والتي و الدولية لنورمبرغصدرت عن المحكمة العسكرية اإلنسانية، حيث أن أولى األحكام

ما فتئت المحكمتان الجنائيتان المؤقتتان و ،)-1(جعلت من هذه الجرائم ذات صلة بالحربدعائمه بإقرار استقالليته في قرار إرساءو المفهومأن ساهمتا بشكل معتبر في إثراء هذا

).-2(تاديتش :تكريس في محاكمات نورمبرغ: بالنزاعات المسلحة ارتباط الجرائم ضد اإلنسانية. 1

أدت الفظائع المرتكبة خالل الحرب العالمية الثانية إلى الحرص على معاقبة المتسببين في و المتسببين فيها عن طريق إنشاء محكمة نورمبرغ لمحاكمة زعماء النازية

اإلبادة الجماعية تزامن معها إنشاء محكمة طوكيو لمحاكمة مرتكبيو جرائم الهلوكوست، .442من اليابانيين ضد شعوب الشرق األقصىهو و بارتكاب جرائمالقتل الجماعي 443متهما 22تولت محكمة نورمبرغ محاكمة

ما أدى بالعديد إلى القول أن العدالة انتصرت على حساب النزعة اإلنتقامية من زعماء

تزايد دور القاضي الجنائي منذ إنشاء المحاكم الجنائية المؤقتة التي عرفت اجتهادات قضائية معتبرة، غير أن هذا 441 .لدولية التي يعد نظامها األساسي أكثر تكامال من سابقاتهاالدور قد يتضاءل في إطار المحكمة الجنائية ا

HEMPTINE, (Jérôme de), « Réflexion sur l’évolution des rôles normatif et judiciaire du: انظرjuge pénal international », in R .T.D.H., 2001, n° 87, p 526 et 527.

الميثاق ،أما محكمة طوكيو فقد تأسست بموجب 1945أوت 8في لندننورمبرغ بموجب اتفاق تم إنشاء محكمة442 .1946جانفي 19الصادر في

.9، ص 2007وثائق المحكمة الجنائية الدولية، جمع األستاذ نبيل صقر، دار الهدى، الجزائر، : انظر .SALAS, Denis, « Les mots du droit pour un crime sans nom…», op. cit., 2009, p. 35: انظر 443

Page 193: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

187

برت بكونها تمثل عدالة النازية، بالرغم من كل ما قيل عن محاكم نورمبرغ التي اعتهذه المحاكمات الشهيرة أبرزت ألول مرة مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، حيث إن.الفائزين

تبين من سياق األحداث أن اإلجرام النازي هو عبارة عن مؤسسة عملت على وضع 1933مخطط إجرامي واسع المدى ابتداءا من

444. لمحكمة العسكرية لنورمبرغ التي عرفت من نظام ا 6لقد تعرضنا فيما سبق للمادة

هو ما حدا و ،445أمن اإلنسانيةو الجرائم ضد اإلنسانية باإلرتباط مع الجرائم ضد سلمحيث جاء في 446بالمحكمة العسكرية في محاكمتها إلى نفي وجود جريمة ضد اإلنسانية

:الحكم ال تستطيع المحكمة أن تصرح على العموم أن هذه األفعال التي يتم ربطها بالنازية «، تشكل في مفهوم النظام األساسي جرائم 1939السابقة في وقوعها للفاتح من سبتمبر و

.»ضد اإلنسانيةالذي كان ضمن Donnedieu DE VABRESوحسب رأي األستاذ الفرنسي

المفهوم الجديد المتمثل في الجرائم ضد لعسكرية، فإن القضائية للمحكمة االتشكيلة من قبل القضاة جعله يبتعد كثيرا عما في حكم الحكمة، حيث أن تطبيقه اإلنسانية قد اندثر

.447ربطه بجرائم الحربو كان متوقعا من تفعيله، بتضييق مجال تطبيقهع خالل إذا رجعنا إلى معارضي إنشاء محكمة نورمبرغ، السيما محامي الدفا

المحاكمات، نجدهم يؤسسون ادعاءهم على كون الجرائم ضد اإلنسانية تثير إشكالية معتبرة عند إعمالها تتمثل في اصطدامها بمبدأين أساسيين تقوم عليهما الدولة المعاصرة

.مبدأ الشرعية الجنائيةو هما مبدأ السيادةو :قرار تاديتش: جرائم مستقلة بالتدريج. 2

:انظر 444

SALAS,Ibid, p.36. .178، مرجع سابق، ص ...سوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد اإلنسانية: انظر 445 30تم إصدار األحكام في و ،1946أوت 31و 1945نوفمبر 20جرت محاكمة نورمبرغ في الفترة الممتدة بين 446

.1946الفاتح من أكتوبر و سبتمبر DONNEDIEU DE VABRES, (Henri), Le procès de Nuremberg devant les principes:انظر 447

modernes, op. cit., p. 527. GRAVEN, (Jean), Les crimes contre l’humanité …», op. cit., p. 464 et 465.

Page 194: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

188

رائم ضد اإلنسانية تطورا برز بوضوح في النظامين األساسيين شهد مفهوم الجلعله من الضروري تسليط الضوء و رواندا كما بيناه سابقا،و لمحكمتي يوغسالفيا السابقة

م المكرس في نظاميهما على الطريقة التي طبقت بها هاتين المحكمتين المفهو . السيما بالنسبة للسياق،األساسيين

الجرائم ضد اإلنسانية الذي ارتبط منذ تكريسه في نظام محكمة فبالنسبة لمفهوم نورمبرغ بالنزاع المسلح، بدأ يعرف انفصاال تدريجيا عنه، السيما في إطار ما نص عليه

لعل الرجوع إلى اإلجتهاد القضائي يوضح هذه المسألة و النظام األساسي لمحكمة رواندا، .بصفة مؤكدة

لمحكمة يوغسالفيا السابقة يقرن في تعريفه لهذه الجرائم إذا كان النظام األساسي بارتكابها خالل نزاع مسلح سواء كان دوليا أو داخليا، فإن المحكمة في القرارات التي

لعل قرار و ،448نهائيا أصدرتها حاولت أن تتحلل من هذا الشرط تدريجيا لتتخلى عنهلحاصل، إذ جاء في القرار الصادر تاديتش يعد أفضل نموذج للتدليل على هذا التطور ا

:أن 1995عام بين النزاع المسلح الدولي يعد حاليا قاعدة و إن غياب رابط بين الجرائم ضد اإلنسانية «

.449»مكرسة في القانون الدولي العرفي كذلك من ممثليو الذي محل انتقادات شديدة من طرف الفقه، 5المادة نص كان

،إذ أن حرفية النص لم تتح 450بعض الدول في المواقف المعبر عنها أمام مجلس األمنللمحكمة أن تبتعد بصفة واضحة عن ربط هذه الجريمة بوجود نزاع مسلح، مما جعل

CASSESE, A., SCALIA, D., THALMANN, V., « Les grands arrêts du droit: انظر 448

international… », op. cit., p. 183. : انظر 449

TPIY, Chambre d’appel, le Procureur c. Dusko TADIC,Arrêt relatif à l’appel de la défense concernantl’exception préjudicielle d’incompétence, 2 octobre 1995, par. 141.

نبريطانيا أمام مجلس األمن بعدم وجود عالقة مباشرة بيو فرنسا تمسك ممثلو كل من الواليات المتحدة األمريكية،450 .بين جرائم الحربو ارتكاب األفعال المشكلة للجرائم ضد اإلنسانية

:انظر في هذا الصددHEMPTINE, (Jérôme de), « La définition du crime contre l’humanité par le tribunal pénal international pour l’ex-Yougoslavie », R.T.D.H., 1998, p. 772.

Page 195: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

189

هو ما جعل موقف المحكمة و القضاة يعتمدون تفسيرا ضيقا لمفهوم الجريمة ضد اإلنسانية، .451الحدود متحفظا تجاه المسألة إلى أبعد

كما أسهمت المحكمة الجنائية الدولية في التأكيد على عنصر السياق رغم أنها في Katangaهو ما ورد في القرار المتعلق بتأكيد التهم في قضية كتانغا و بدايات عملها،

كذلك و ،452مخطط لهاو الذي اعتبر أن الهجوم ينبغي أن يندرج في إطار سياسة مدروسة، كما توصلت محكمة تيمور الشرقية في قضية أرماندو Bemba453في قضية بمبا

.454سانتوس إلى تبرئته لصعوبة إثبات علمه للسياق الذي ارتكبت فيه الجرائم نشير في هذا اإلطار إلى توجه اإلجتهاد القضائي الجنائي الدولي في بعض األحيان

يندرج هذا في و اعية،إلى معالجة الجرائم ضد اإلنسانية كإحدى صور جريمة اإلبادة الجملقد اعتبرت محكمة يوغسالفيا في قضية و .455محاولة لوضع تدرج بين مختلف الجرائم

Kupreskic أنه:

.ليس للمحكمة ذاتها التي تعتبر مقيدة بهو يرى الفقه أن اإلنتقادات ينبغي أن توجه للنظام األساسي لمحكمة 451 :انظر 452

CPI, Chambre préliminaire I, situation en République Démocratique du Congo, Affaire le Procureur c.Germain KATANGA et Mathieu NGUDJOLO CHUI, Décision relative à la confirmation des charges, ICC-01/04-01/07, 30 septembre 2008, par. 396. =

= CPI, Chambre préliminaire II, situation en République Démocratique du Congo, Affaire le Procureur c.Germain KATANGA, jugement rendu en application de l’article 74 du statut, ICC-01/04-01/07, 7 mars 2014, par.1167.

.وسنتعرض الحقا لمالبسات هذه القضية CPI, Chambre préliminaire II, affaire le Procureur c. Jean-Pierre BEMBA:انظر 453

GOMBO, décision rendue en application des alinéas a) et b) de l’article 61-7 du statut, 15 juin 2009, par. 80 et 81.

: انظر 454ASCENCIO, (Hervé), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés à la définition des crimes internationaux », in ASCENCIO, (Hervé), LAMBERT-ABDELGAWAD, Elisabeth), SOREL, (Jean-Marc), (Sous Dir), Les juridictions pénales internationalisées (Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste), Société de législation comparée, 2006, p. 85.

MAISON,(Raphaëlle), « Les frontières entre les crimes relevant de la compétence: انظر 455des tribunaux pénaux internationaux », in TAVERNIER, (Paul), (sous dir), Actualité de la jurisprudence pénale internationale à l’heure de la mise en place de la cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004, p. 8.

:لمعالجة جريمة اإلبادة الجماعية في اإلجتهاد القضائي الدولي راجعوبالنسبة

Page 196: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

190

جريمة اإلبادة الجماعية، التي تعد أكثر و ال يوجد هناك سوى خطوة بين اإلضطهاد « . 456»الجرائم ضد اإلنسانية إثارة للتقزز

الجرائم ضد اإلنسانية باعتبارها جرائم مستقلة بذاتها غير أن اإلتجاه الغالب يعالج .سواء بالنسبة لجرائم الحرب أو جريمة اإلبادة الجماعية

العناصر المكونة لهذه الجرائم :الفرع الثاني

من 6يتطلب وجود هذا النوع من الجرائم ارتكاب أحد األفعال التي عددتها المادة من النظام األساسي لمحكمة يوغسالفيا 5المادة و النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ

7آخر صياغة وردت في المادة و من النظام األساسي لمحكمة رواندا، 3المادة و السابقةالتي تشكل العناصر الموضوعية أو الركن المادي باعتبارها و من نظام روما األساسي

ا المدنيين دون استثناء باإلضافة إلى استهداف فئة من الضحاي) -1(قائمة غير حصرية .)-3(ضرورة توافر العلم بارتكاب أفعال مجرمة و )-2(العسكريين بشروط

قائمة غير حصرية:األفعال المشكلة للجرائم .1

أن حللناها في الفصل األول من هذا الباب و سنتعرض بالنسبة للعناصر التي سبق

الحلول التي اعتمدها القضاة في الداخلي وسنستعرض و الدوليإلى اإلجتهاد القضائي أمام و قراراتهم مبرزين مدى وجود استقرار أو تغير في اإلجتهاد القضائي،و أحكامهم

MAISON,(Raphaëlle), “Le crime de génocide dans les premiers jugements du tribunal pénal international pour le RWANDA”, R.G.D.I.P., 1999, n ° 1, p. 130 et s.

:جاء في القرار456« Il n’y a qu’un pas de la persécution au génocide, le plus révoltant des crimes contre l’humanité », Le procureur c.KUPRESKIC, la chambre de première instance, jugement, 14 janvier 2000, par. 751.

. JORGICوهو ما أكدته المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان في قضية Affaire JORGIC c. Allemagne, requête n° 74613/01, arrêt du 12 Juillet 2007, par. 44:انظر

Page 197: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

191

، سنشير إلى أهم القراراتاألطروحةالقرارات التي لن تتسع لها هذه و غزارة األحكامطها األحكام فقط، كما ارتأينا تأجيل ذكر بعض القضايا إلى الباب الثاني الرتباو

الداخلي إنما و يالحظ أن اإلشارة إلى أحكام القضاء الدوليو بالموضوع المخصص له، .جاءت على سبيل المثال ال الحصر بالنظر لصدور قرارات بصفة مستمرة

الفعل الذي استند إليه القضاء الجنائي الدولي بكثرة في العديد من هو القتل العمد لى اعتماد النظام األساسي عبارة القتلالذي أكد ع Jelisicالقضايا منها حكم

بعبارة ذأنه يجب األخ Blaskicلقد أكدت محكمة يوغسالفيا في حكم و 457ليساإلغتيالو .KRSTIC459، كما تم األخذ بنفس المفهوم في حكم 458ليس اإلغتيالو القتل

اعتبرت أنها أفعال و كما تم التعرض لإلبادة في عدة قضايا منها حكم أكاييزوفي إطار فحص الركن المادي و ،461تمييزا لها عن القتل العمد460ى نطاق واسعترتكب عل

للجرائم ضد اإلنسانية، تعرضت اإلجتهادات القضائية للمحاكم الجنائية المؤقتة لفعل ، خاصة أنه لم يكن واردا ضمن األفعال Furundzija462اإلغتصاب، حيث عالجه قرار

فقرة ج من ميثاق نورمبرغ، بل ظهر ألول 6المادة المكونة للجرائم ضد اإلنسانية في رواندا، و مرة في التعريف الذي اعتمده النظامان األساسيان لمحكمتي يوغسالفيا السابقة

: حيث جاء في هذا القرار

.لقد ورد في الحكم أن القتل هو إزهاق روح إنسان عمدا457 Le procureur c.Goran JELISIC, IT-95-10-T, la chambre de première instance I, 14: انظر

décembre 1999, par. 35 et 51. CURRAT, Philippe, « Les crimes contre l’humanité… », op. cit., p. 139.

,Le procureur c. BLASKIC, IT-94 -14-T, chambre de première instance I, jugement:انظر 4583 mars 2000, par. 216.

,Le procureur c. KRSTIC, IT-98-33-T, la chambre de première instance, 2 aout 2001: انظر 459Par. 485.

,Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, ICTR-96-4-T, jugement, 2 septembre 1998: انظر 460Par. 591 et 592.

.Le procureur c. KRSTIC, IT-98-33-T…, op. cit., par. 495: انظر 461الهرسك و تعود وقائع هذه القضية للنزاع الذي دار بين القوات المسلحة لمجموعة الكروات الموجودين في البوسنة 462

الهرسك، حيث قام فوروندزييا الذي كان يشغل آنذاك منصب القائد المحلي للوحدة الخاصة للقوات و مع جيش البوسنة .عنف جنسيو نت تتعرض في نفس الوقت ألفعال اغتصابالكرواتية باستجواب مدنية مسلمة كا

Page 198: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

192

إن اإلغتصاب هو فعل يمارس تحت اإلكراه، بمعنى آخر، فإنه فعل يمارس باستعمال « .463»القوة أو التهديد باستعمالها

نشير إلى أن أول تعريف قضائي لإلغتصاب في القانون الدولي تم إعطاؤه من قبل :حيث جاء في إحدى حيثياته Akayesuالمحكمة الجنائية الدولية لرواندا في حكم أكاييزو

تعرف الدائرة التمهيدية اإلغتصاب بأنه اعتداء مادي ذو طبيعة جنسية ترتكب على « .464»شخص الغير بواسطة اإلكراه

في اجتهاد قضائي الحق، تطور موقف المحكمة بالنسبة لتعريف هذا الفعل المكون للجرائم ضد اإلنسانية، فمن اشتراط أن يكون هذا الفعل قائما على اإلكراه، استندت

المتمثل وأو القانون العرفي المحكمة على التوجه الذي تعرفه معظم دول الشريعة العامة ،Kunarac et cie465الموقف المعتمد في قضية كوناراتش هوو في غياب رضا الضحية،

.Semanza466هو نفس ما أخذت به محكمة رواندا في قضية سيمانزا ووهناك عنصر آخر مهم من العناصر المكونة للجرائم ضد اإلنسانية هو جريمة

الصادر عن Kupreskicاإلضطهاد، ولقد ورد تعريف مفصل لهذا العنصر في حكم :كما يلي 2000جانفي 14لتمهيدية في الدائرة ا

كآلية إضافية لتقرير ما إذا كانت ejusdem generisيمكن استخدام معيار نفس النوع «تبلغ درجة الجسامة التي تتطلبها حفقرة 5بعض األفعال المحظورة عموما بموجب المادة

ذا المعيار هي أن إن الخالصة الوحيدة التي يمكن استنتاجها من تطبيق ه. هذه المادةالحرمان الواضح أو الجلي للشخص من الحقوق األساسية هو وحده الذي يمكن أن يشكل

.467»جرائم ضد اإلنسانية

.Les grands arrêts du droit international pénal, op. cit., p. 196: انظر 463 :انظر 464

Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, ICTR-96-4-T, jugement…, op. cit., par. 598. Le procureur c. KUNARAC, IT-96-23-T et IT-96-23/1-T , la chambre de première: انظر465

instance, 22 février 2001, par. 453. ,Le procureur c SEMANZA., ICTR-97-20-T, Chambre de première instance III :انظر 466

jugement et sentence, 15 mai 2003, par. 344 et 345. :انظر 467

Le procureur c.KUPRESKIC, la chambre de première instance, jugement, 14 janvier 2000, par. 620.

Page 199: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

193

وهو ما يبرز الدور الفعال لإلجتهاد القضائي في توضيح مفهوم الجرائم ضد الفيا السابقة لقد توسعت محكمة يوغسو .مفهوم كل فعل من األفعال المكونة لهاو اإلنسانية،

، حيث اعتبرت أن هذا الفعل ال يقتصر على 5في مفهوم اإلضطهاد الذي ورد في المادة ما ورد في الحرف ح من المادة، بل قد يمتد ليشمل أحد األفعال الواردة في التعداد الذي

:، حيث جاء في الحكم5تضمنته المادة جي للمدنيين المسلمين في البوسنةمنهو تعتبر الدائرة التمهيدية أن القتل المتعمد «نقلهم يمكن أن تشكل اضطهادا ألنها تدخل تحت وصف القتل العمد، و احتجازهمو

.468» 5النقل التي هي جرائم مذكورة صراحة في المادة و اإلحتجازفقرة أولى حرف ك، الذي تم اعتماده ليشمل كل ما ال 7الفعل الوارد في المادة إن

يدخل في أحد األفعال المكونة للجرائم ضد اإلنسانية، في محاولة لجعل التعريف شامال الصادر Vasiljevic469هو ما ورد في حكم و إلى أبعد حد، هو الذي يتطلب توضيحات،

، حيث اشترطت المحكمة معيار الجسامة الذي 2002مبر نوف 29عن الدائرة األولى في هو ما يتحقق باإلطالع على طبيعة العمل أو اإلمتناع، السياق الذي تم و ،5ورد في المادة

.470فيه، الوضعية الشخصية للضحية باإلضافة إلى اآلثار التي يرتبها الفعل على الضحيةالجرائم ضد اإلنسانية، إذ بينا كما كان للمحاكم المختلطة دورا في توضيح مفهوم

عند تعرضنا ألنظمتها األساسية أنها تتضمن مزيجا من القواعد ذات المصدر الدوليهو و للمحكمة الكمبودية، الدوائر اإلستثنائيةفي هذا الصدد صدر حكم عن و الداخلي معا،و

، حيث فحصت المحكمة مختلف 2010جويلية 26الصادر في 471Duchحكم دوش

.من القرار السابق 629انظر الفقرة 468بعض الوحدات و التحق ميتار فاسليفيتش الذي هو من صرب البوسنة بوحدة صغيرة شبه عسكرية تنشط مع الشرطة 469

ئم ضد السكان المسلمين المحليين، السيما إضرام النار في منزل كان قد طلب من بعض ارتكب عدة جراو العسكرية .السكان اإلحتماء بداخله

.CASSESE, A., SCALIA, D., THALMANN, V., Les grands arrêts de droit …, op: انظر 470cit., p. 209.

التي هي مركز و 1975منذ أكتوبر S-21 مساعد أمين لوحدة Duchالمعروف بلقب Kaing Guenk Eavيعتبر 471 .PCKإعدام األشخاص المعارضين ل و أمني أنشئ الستجواب

Page 200: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

194

التي تندرج ضمن وصف الجرائم ضد اإلنسانيةو ال التي اتهم بها المتهم دوشاألفع :تتمثل حسب ما ورد في الحكم فيو

، األفعال الالإنسانية 475، التعذيب474، الحبس473، اإلسترقاق472اإلبادةو القتلمن 5هي كلها أفعال نصت عليها المادة و 477اإلضطهاد ألسباب سياسيةو 476األخرى

التي أشرنا فيما سبق إلى أنها و للمحكمة الكمبودية، بالدوائر اإلستثنائيةالقانون المتعلق لقد و استمدت لحد كبير من التعريف الوارد في النظام األساسي لمحكمة يوغسالفيا السابقة،

أفريل 17في الفترة الممتدة من حددت هذه المادة ارتكاب أحد هذه األفعال على األقل :إذ ورد في الحكم 1979جانفي 6إلى 1975

، لم يكن القانون الكمبودي يتضمن أي نص 1979و 1975أثناء الفترة الممتدة بين «يتعلق بالجرائم ضد اإلنسانية، كما أن كمبوديا لم تكن طرفا في أية معاهدة دولية متعلقة

الدائرة األولى ان تبحث فيما إذا كانت الجرائم ضد اإلنسانية، فعلى غرفة . بهذه الجرائماإلستثنائية، في تلك الفترة تعد الدوائرمن القانون المتعلق ب 5مثلما هي معرفة في المادة

.478»جزءا من القانون الدولي العرفي

,Affaire M.KAING Guek Eav alias DUCH, dossier n° 001/18-07-2007/ECCC/TC: انظر 472

chambres extraordinaires au sein des tribunaux cambodgiens, la chambre de première instance, jugement, 26 juillet 2010, par. 205 à 224.

.من الحكم المشار إليه آنفا 233إلى 225انظر الفقرات 473 .من نفس الحكم 239إلى 234انظر الفقرات 474 .من الحكم ذاته 256إلى 240انظر الفقرات 475 .من نفس الحكم 278إلى 257انظر الفقرات 476 .من نفس الحكم 280إلى 279انظر الفقرات 477 .من نفس الحكم 285انظر الفقرة 478

Page 201: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

195

يفهم من هذه الفقرة أن التعريف المعتمد للجرائم ضد اإلنسانية في قضية دوش هو لقانون الدولي لوحده دون القانون الداخلي الكمبودي الذي لم يكن موجودا في تلك الفترة،ا :لقد ورد في الحكم ما يؤكد ذلك كما يليوإذا كانت الجرائم ضد اإلنسانية تشكل دوما جزءا من القانون الدولي العرفي منذ اعتماد «

األفعال المشكلة لها التي و فهاالنظام األساسي لنورمبرغ، فلقد عرفت تغييرات في تعريإن هذا الوضع يبين الطابع العرفي للجرائم ضد . توضحت على مر السنوات

.479»اإلنسانيةيعد اإلكتفاء بالقانون الدولي وضعية خاصة بكمبوديا التي كانت تفتقد لنصوص

لطابع المستقل لقد أكدت المحكمة كذلك على او داخلية في الفترة التي ارتكبت فيها الجرائم، :للجرائم ضد اإلنسانية حيث جاء في الحكم

مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية و إن مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية كمفهوم قانوني مستقل «فقرة ج من النظام األساسي 6الذي ينتج عن ارتكابها اعترف بهما ألول مرة في المادة

لقد تم إدراج الجرائم ...كمة كبار مجرمي الحربللمحكمة العسكرية الدولية المنشأة لمحا .480»ضد اإلنسانية كطائفة مستقلة من الجرائم

التي و كما تعرضت المحكمة لمسألة كانت طرحت خالل محاكمات نورمبرغعرفت اشتراط ارتباط الجرائم ضد اإلنسانية بوجود نزاع مسلح، حيث أنها تأسيا باإلجتهاد

ة نورمبرغ الذي ابتعد عن مثل هذا التوجه، أكدت عدم وجود القضائي الالحق على مرحل :رابط، حيث جاء في الحكم

من القانون المتعلق بالدوائر 5التمهيدية، تالحظ على األخص، أن المادة دائرةإن ال «النزاع و اإلستثنائية لمحكمة كمبوديا ال تشترط وجود عالقة بين الجرائم ضد اإلنسانية

.481»المسلحالمحكمة حكمها على اإلتفاقيات الدولية التي اعتمدت الحقا على محاكمات أسست

نورمبرغ، السيما اتفاقية منع اإلبادة الجماعية، اتفاقية منع الفصل العنصري، اتفاقية عدم

.من نفس الحكم 290انظر الفقرة 479 .من حكم دوش 285انظر الفقرة 480 .من نفس الحكم 291انظر الفقرة 481

Page 202: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

196

الجرائم ضد اإلنسانية، مما يجعل اجتهادها القضائي يسير في نفس و تقادم جرائم الحرب .من قبل المحاكم الدولية المؤقتة اإلتجاه المكرس منذ فترة

لعب القضاء الداخلي دورا في توضيح معالم الجرائم ضد اإلنسانية لمعاقبتها والتي نظر فيها القضاء الفرنسي Barbieعبر عدة قضايا أهمها قضية باربيبطريقة فعالة

.482كأول قضية يحاكم فيها متهم في فرنسا بارتكاب جرائم ضد اإلنسانيةأكتوبر 4ليون بموجب قرار اإلتهام المؤرخ في مدينة غرفة اإلتهام في قررت

إحالة القضية أمام محكمة الجنايات التي قررت محاكمته و توجيه اإلتهام لباربي 1985قررت أنه ال يمكن محاكمته على جرائم و بتهمة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية ضد اليهود،

لقد أصدرت محكمة النقض و .باعتبارها قد تقادمتالحرب التي ارتكبها ضد المقاومين نقضت بموجبه قرار غرفة استئناف 1985ديسمبر 20الفرنسية قرارا شهيرا بتاريخ

:لقد ورد في إحدى حيثياته ما يليو ليون،فقرة ج من النظام األساسي 6حيث أنه تعتبر جرائم ضد اإلنسانية بمفهوم المادة «

... ،1945أوت 8لنورمبرغ الملحق باتفاق لندن المؤرخ في للمحكمة العسكرية الدوليةالتي تم ارتكابها بطريقة نظامية باسم الدولة التي تمارس سياسة و كل األفعال الالإنسانية،

هيمنة إيديولوجية، ليس فقط ضد األشخاص بسبب انتمائهم لمجموعة عرقية أو دينية، بل .483»يعة المعارضةكذلك ضد معارضي هذه السياسة مهما كانت طب

يتبين بوضوح أن محكمة النقض الفرنسية قد اعتمدت الركن المادي للجرائم ضد اإلنسانية من التعريف الوارد في ميثاق محكمة نورمبرغ، غير أنها أضافت عنصرا جديدا

هو ما لم يتضمنه ميثاق محكمة و يتمثل في سياق الجرائم التي ترتكب بطريقة نظامية، 7توجب األمر اعتماد نظام روما األساسي ليأخذ بعنصر السياق في المادة نورمبرغ، بل .فقرة أولى منه

1942في ليون خالل الفترة الممتدة من Gestapoيعد كالوس باربي الرئيس السابق للشرطة العسكرية األلمانية 482 .المقاومين خالل الحرب العالمية الثانيةو نقل آالف اليهودو عتبر مسؤوال عن توقيف، قتليو ،1944إلى :انظر 483

CASSESE, A., SCALIA, D., THALMANN, V., Les grands arrêts du droit international…, op. cit., p. 185.

Page 203: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

197

بابون و Touvierوعرف هذا اإلجتهاد القضائي استمرارية في قضايا توفييه Papon، لقد و .484التي تم فيها اتهام المجرمين الفرنسيين بارتكاب جرائم ضد اإلنسانيةو

ة استئناف بوردو لبابون قرار اتهام بارتكاب جرائم ضد وجهت غرفة اإلتهام في محكم ،1997جانفي 23اإلنسانية، فقدم طعنا ضده أمام محكمة النقض التي رفضت الطعن في

حكم عليه و تمت إدانته من قبل محكمة الجنايات بالمساهمة في جرائم ضد اإلنسانيةو .سنوات 10بالسجن

نفسه بإثارة عدة أسباب لنقض لقرار اإلتهام ولقد حاول المتهم بابون الدفاع عن من ميثاق نورمبرغ، حيث يعتبر أن اتهام شخص 6معتبرا أنه جاء مخالفا لنص المادة

يديولوجية التي تقوم على اإلبارتكابه جرائم ضد اإلنسانية يتطلب أن يتبنى هذا الشخص سبق له أن انتمى للمنظمات للمؤسسة اإلجرامية، متمسكا بأنه لم ي الطابع العرقيو الهيمنة

النازية، بل هو تابع لحكومة فيشي التي لم يكن لها يوما إيديولوجية هيمنة تؤدي إلى .التصفية العرقية

:ولقد ورد في قرار محكمة النقض في معرض الرد على ادعاءات بابون ما يليالممارسة اإلحتجازات غير المشروعة، و حيث أن القضاة يالحظون أن هذه التوقيفات «

بطلب من السلطات األلمانية، تم القيام بها بمساعدة من موريس بابون، الذي كان آنذاك أن هذه المصلحة كانت لها مساهمة فعالة في و يشغل منصب أمين عام لمحافظة الجيروند،

الترحيل و مساندة السلطة األلمانية في كل العمليات، ال سيما في تحضير عمليات التوقيف485»ض لها اليهودالتي تعر.

؟أو عسكريين/ مدنيين و:الفئات الضحايا. 2من النظام األساسي لمحكمة يوغسالفيا لطائفة الجرائم ضد 5أشارت المادة

هو و اإلنسانية التي ترتكب ضد السكان المدنيين، دون أن تضع تعريفا للسكان المدنيين

نقل أزيد و باحتجاز 1944و 1942رة ما بين قام موريس بابون األمين العام لمحافظة الجيروند في بوردو في الفت 484 .camps de concentrationيهودي من منطقة بوردو إلى مراكز اإلحتجاز 1500من

في اإلضطهادات التي كانت 1944أما توفييه فقد كان رئيس ميليشيا على المستوى اإلقليمي بليون، حيث شارك منذ .اليهودو تمارس ضد المقاومة

,.CASSESE, A., SCALIA, D., THALMANN, V., Les grands arrêts du droit …op. cit: انظر 485p. 192.

Page 204: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

198

منع ارتكاب هذه الجرائم ال يظهر من الصياغة أن و ،486مفهوم يثير خالفات حول تفسيره .487يخص الفرد بل مجموعة السكان المدنيين

بهذا الصدد إلى اتجاهين، يعتبر األول أنه ال يمكن أن ترتكب هذه انقسم الفقهالجرائم سوى ضد المدنيين، كما أن أعضاء المجموعات المسلحة أو المقاومة ال يمكن أن

لك، يذهب اتجاه آخر إلى اعتبار أن عمليات وعلى عكس ذ.يكونوا إال ضحايا جرائم حرباإلضطهاد أو القتل أو الحبس المرتكبة بصورة جماعية ضد أسرى الحرب أو المرضى أو

حتى المحاربين في بعض الظروف توصف بكونها جرائم ضد و الجرحى أو المقاومين .اإلنسانية MARTICة مناسبة لتوضيح مفهوم السكان المدنيين في قضي488تيحت للمحكمة أو

لقد استلهمت في هذا الصدد من اجتهادها و ،489 2008أكتوبر 8في القرار الصادر في ديسمبر 17في القرار الصادر في GALICالقضائي السابق في عدة قضايا منها قضية

اعتبرت في و .مؤكدة على ضرورة تعريف مفهوم السكان المدنيين تعريفا دقيقا 2004ال يشمل إال األشخاص الذين BLASKICمفهوم كما ورد في قرار أن هذا ال Marticقرار

ال إلى المليشيات أو المتطوعين التابعين و ال ينتمون ال إلى القوات العسكرية لدولة ما، :حيث أنو لها،

HEMPTINE, (Jérôme de), «La définition de la notion de « population civile » dans le:انظر 486

cadre du crime contre l’humanité. Commentaire critique de l’arrêt MARTIC», R.G.D.I.P., 2010, n° , p. 93.

VAURS CHAUMETTE, (Anne-Laure), Les sujets du droit international pénal. Vers:انظر 487une nouvelle définition de la personnalité juridique internationale ?, PEDONE, 2009, p. 106. AMBOS, (Kai), « Selected issues regarding the ‘Core Crimes” in international criminal law », in International criminal law : Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, p. 245.

من ميثاق نورمبرغ، فإن محكمة نورمبرغ اشترطت أن تكون 6رغم غياب أية إشارة للسكان المدنيين في المادة 488 : ، يمكن مراجعة Ahlbrechtهذا في قضية و ليس ضد مدنيينو األفعال موجهة ضد مجموعة من السكان المدنيين

DAVID, (Eric), Eléments de droit pénal, op. cit., p. 1244. وزير الداخلية في المقاطعة المستقلة الصربية ل و شغل مارتيتش عدة مناصب منها رئيس، وزير دفاع 489

KRAJINA في الجمهورية المستقلة ل وKRAJINA، اضطهاد للسكان الكرواتيينو لقد ارتكب عدة أفعال استبعادو .الجمهوريةو غير الصرب من المقاطعةو

Page 205: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

199

.490»الوضعية الخاصة للضحية تكون حاسمة في تحديد صفة مدني أو غير مدني «هذا التعريف الضيق بعدة حجج، أولها أن المعنى ولقد برر القضاة في غرفة اإلستئناف

.491هو كل ما ليس عسكري'' مدني''العادي لعبارة 1/فقرة أ 4كما أن القانون الدولي اإلنساني يعتمد هذا المعنى كما يستنتج من المواد

فقرة أولى من البروتوكول 50من اتفاقية جنيف الثالثة، باإلضافة للمادة 6، 3إلى :ألول التي تنصاإلضافي ا

المدني هو أي شخص ال ينتمي إلى فئة من فئات األشخاص المشار إليها في البنود -1 «المادة و من المادة الرابعة من اإلتفاقية الثالثة) أ(السادس من الفقرةو الثالثو الثانيو األولأم غير إذا ثار الشك حول ما إذا كان شخص ما مدنيا و ''البروتوكول''من هذا اللحق 43

.مدني فإن ذلك الشخص يعد مدنيا .يندرج في السكان المدنيين كافة األشخاص المدنيين-2ال يجرد السكان المدنيون من صفتهم المدنية وجود أفراد بينهم ال يسري عليهم تعريف -3

.»المدنيين وهي مادة واضحة تستثني وفقا لفقرتها األولى كل المنتمين للقوات العسكرية

أما الحجة األخيرة، فتتمثل في كون .492شيات باإلضافة إلى حركات المقاومة المنظمةالمليوهو ما ورد و الداخلية،و مفهوم المدنيين ينطبق بصفة عامة على كل النزاعات الدولية منها

:في القرار كاآلتيتشير إلى حماية IIمن البروتوكول اإلضافي 13تالحظ غرفة اإلستئناف أن المادة «

وفقا لتعليقات اللجنة الدولية للصليب األحمر فإن هذا يتوافق و السكان المدنيين،و نيينالمد .I«493من البروتوكول اإلضافي 50مع المادة

Prosecutor v.MARTIC, IT-95-11-A, the appeals chamber, judgement, 8 october: انظر 490

2008, par. 292. المتعلقة بقواعد التفسير إلى المعنى العادي، 1969ماي 23من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ل 31تشير المادة 491 . المعتادو الذي يقصد به المعنى المألوفو

.HEMPTINE, (Jérôme de), « La définition de la notion de « population civile »…op: انظر 492cit., p 96.

. MARTICمن قرار 300الفقرة : انظر 493

Page 206: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

200

إذا كان هذا هو التوجه الذي أخذت به المحكمة، إال أن قضاة غرفة اإلستئناف ستندوا في ذلك على او حاولوا التخفيف من هذا التفسير الضيق لمفهوم السكان المدنيين،

التي نصت أن وجود عسكريين أو مقاومين و المشار إليها أعاله 50من المادة 3الفقرة العبرة لديهم هي أن يكون و ضمن المدنيين ال يجرد هذه الفئة األخيرة من صفتها المدنية،

أخذ لتقدير ذلك اعتبر القضاة أنه من الضروري و ون في الغالب من المدنيين،فالمستهدهو ما ورد كذلك في قرار و سبب وجودهمو عدد غير المدنيين بعين اإلعتبار

BLASKIC باإلضافة إلى اشتراط المحكمة في قرار مارتيتش أن يكون السكان المدنيون ، :هو ما عبرت عنه في إحدى الفقرات كالتاليو هم المستهدفين أصال بالهجوم

أو المنهجي موجها ضد أية مجموعة من إن اشتراط أن يكون الهجوم واسع النطاق «ا الهجوم ضد ذالسكان المدنيين ال يعني بالضرورة أن ترتكب األفعال التي تندرج ضمن ه

.494»المدنيين فقطكما اعترفت المحكمة بارتكاب الجرائم ضد اإلنسانية في الحالة التي تكون األفعال

ص لم يعودوا قادرين على المشكلة لها مرتكبة ليس فقط ضد المدنيين، بل ضد أشخاالمشاركة في الحرب، أو الجرحى أو األسرى مع التأكيد أن ترتكب هذه األفعال في إطار

:هجوم واسع النطاق أو منهجي، حيث جاء في إحدى الحيثياتمن النظام األساسي، يمكن لشخص أصبح خارج النزاع أن يكون ضحية 5وفقا للمادة «

ية، في حالة توفر جميع الشروط األخرى، السيما أن يندرج فعل يشكل جريمة ضد اإلنسانا الفعل ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان ذه

.495»المدنيينرغم محاوالت التفسير الموسع لمفهوم السكان المدنيين، إال أن الفقه انتقد هذا

فقرة 6ومها األولي، حيث كانت المادة التوجه الذي يرجع بالجرائم ضد اإلنسانية إلى مفهج من ميثاق نورمبرغ تربط هذه الجرائم بوجود نزاع مسلح مما جعل القضاة في هذا

، في حين 496القرار يستندون على القانون الدولي اإلنساني لتحديد مفهوم السكان المدنيين

.من قرار مارتيتش 305الفقرة : انظر 494 .من قرار مارتيتش 313الفقرة : انظر 495 ,…« HEMPTINE, (Jérôme de), « La définition de la notion de « population civile: انظر 496

Page 207: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

بني القانون الدويل واجلنائي والقوانني اجلنائية الوطنيةاجلرائم ضد اإلنسانية الثاينالفصل

201

سلح، مما ساهم في أنه في قرار تاديتش امتنعت المحكمة عن ربط هذه الجرائم بالنزاع المكذلك و إرساء دعائم استقالليتها عن باقي الجرائم األخرى، باعتبارها ترتكب وقت السلم

.أثناء الحرب :مدى اشتراط الدافع التمييزي. 3

لم يكن اإلجتهاد القضائي مستقرا حول كون الجرائم ضد اإلنسانية تقوم كلها على محكمة يوغسالفيا السابقة التي ذهبت بداية يمكن أن نشير هنا إلى موقفو عنصر التمييز،

:حكمإلى اشتراطه حيث جاء في التعتمد الدائرة التمهيدية شرط الدافع التمييزي بالنسبة لكافة الجرائم ضد اإلنسانية طبقا «

.497» 5للمادة التطبيقات و انتقد الفقه بحدة هذا الموقف القضائي معتبرا أن المواقف الفقهية

لوضعية الراهنة للقانون الدولي ليست كافية للتأكيد على وجود عرف دولي المتوفرة في اهو ما أدى بدائرة اإلستئناف إلى التراجع عن و ،498يؤدي إلى توسيع الدافع التمييزي :تفسير الدائرة التمهيدية معتبرة أن

اإلدعاء كان صائبا عندما اعتبر أن الدائرة التمهيدية أخطأت عندما اعتبرت الدافع «إن هذه النية ال تشترط إال بالنسبة لألفعال . التمييزي مرتبطا بكل الجرائم ضد اإلنسانية

.499»ححرف 5التي ذكرت بشأنها أي اإلضطهادات المنصوص عليها في المادة ولقد أخذت محكمة رواندا بنفس الموقف مقتفية أثر نظيرتها في يوغسالفيا مستبعدة

مما يوحي بتوحيد اإلجتهاد 500ل الجرائم ضد اإلنسانيةالدافع التمييزي كعنصر يرتبط بك .القضائي حول هذه المسألة التي تبقى محل خالف فقهي

op. cit., p. 99.

.Le procureur c.Goran TADIC alias « Dule », IT-95-1-T, 7 mai 1997, par. 652: انظر 497HEMPTINE, (Jérôme de), « La définition du crime contre l’humanité par le tribunal…»,

op. cit., p. 768. :انظر في ذلك 498

LEFEUVRE, (Cyprien), « L’apport des juridictions pénales à la définition …», op. cit., p. 82 ,IT-94-1- A, Chambre d’appel, 15 juillet 1999, par. 305.Tadic: انظر 499 :انظر 500

Le procureur c. Bagilishema, ICTR-95-1A-T, 7 juin 2001, par 74.

Page 208: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

202

الباب األول خالصة

يتميز مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية بأنه كان محل تطور مستمر دام أكثر من نصف القرن تأرجح فيها بين مفهوم ينضوي تحت مظلة جرائم دولية أخرى مثلما كان األمر خالل مرحلة نورمبرغ، وبين محاولة ألن يكون مفهوما مستقال تأكدت بالتدريج منذ

المؤقت ليتم ذلك بصورة شاملة عند إنشاء المحكمة الجنائية مرحلة القضاء الجنائي .الدولية

ولم يكن ذلك ممكنا إال بتظافر الجهود واإلسهامات من طرف الفقه الذي كان كل مرة يدعم المفهوم من الناحية النظرية، وكذلك من قبل أجهزة األمم المتحدة السيما لجنة

لى تطوير مبادئ القانون الدولي الجنائي في مختلف القانون الدولي التي ما انفكت تعكف ع .المشاريع التي قامت بوضعها

تطورت الجرائم ضد اإلنسانية في إطار تفاعل معياري تميز بتداخل القانون الدولي الجنائي والقوانين الجنائية الوطنية بطريقة مستمرة، وحاول نظام روما األساسي أن يجمع

عالمية التجريم والعقاب، غير أن انعكاسه ضمن المنظومة الدول حوله كونه يصبو إلىالداخلية تميز بعدم التجانس وما بقاء الدول العربية واإلسالمية خارجه إال دليل على

.محدودية نطاقهو أثار مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية عبر مراحل تطوره مسألة احترام المبادئ

رعية الجرائم والعقوبات التي عرفت نقائص تم الكبرى للقانون الدولي الجنائي مثل شتداركها في اتفاقية روما، ولعب اإلجتهاد القضائي هنا دورا محوريا أسهم من خالله في عملية التفاعل المعياري، حيث كان له السبق أحيانا في تكريس بعض العناصر التي تم

من األفعال أصبحت تغطي تقنينها الحقا لنصل اليوم إلى أشمل تعريف للمفهوم عبر قائمةعملية التجريم بصورة شبه كاملة، كما تميز بالغزارة في انتظار إسهام مكثف من المحكمة

.الجنائية الدولية التي ستجد في عمل سابقاتها مرجعية مؤكدة

Page 209: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

الباب الثانيالباب الثانيالباب الثانيالباب الثاني

معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية وسيادة معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية وسيادة معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية وسيادة معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية وسيادة

اختصاصات قضائية متنافسةاختصاصات قضائية متنافسةاختصاصات قضائية متنافسةاختصاصات قضائية متنافسة: : : : الدولالدولالدولالدول

Page 210: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

204

تقتضي معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية باإلضافة إلى النصوص الدولية والداخلية التي

تسهر على تطبيقها تحدد معالم التجريم أن يتم تفعيل هذه النصوص من قبل جهات قضائية .بطريقة فعالة ومناسبة

وتبرز خالل ذلك أهم المبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي المعاصر أال وهو السيادة التي تظل الحصن المنيع الذي تحتمي به الدول من كل التدخالت الخارجية، ورغم

ها مجموعة الدول كل ما قيل عن تراجع السيادة لصالح المبادئ المشتركة التي تجمع حولفي إطار قواسم مشتركة، إال أنها ما زالت من األسس التي لم تقوضها العولمة بصفة عميقة، وهو ما يجعل من الدولة العنصر الرئيسي في المجتمع الدولي والفاعل األساسي

.في العالقات الدوليةيم يحاول القانون الدولي الجنائي فرض بعض المبادئ التي تسمح ببروز الق

المشتركة والتضامن في إطار منح الفرد حماية تصبو ألن تكون كاملة بغية ضمان كرامته والحيلولة دون أن تبقى أخطر الجرائم الدولية من دون عقاب، ويصطدم ذلك بالسيادة في إطار معادلة تقوم على احترام مصالح الدولة وسيادتها دون اإلنقاص من حماية األفراد من

يتجسد ذلك عبر تكريس مبادئ جديدة، باإلضافة إلى و اإلنسان األساسية، انتهاكات حقوق .إسهام جهات قضائية مختلفة في عملية المعاقبة

:وسنعالج هذا الباب من خالل .محاولة التوفيق العسيرة:الجرائم ضد اإلنسانية وسيادة الدول:الفصل األول .اختصاصات قضائية متعددة للمعاقبة:الفصل الثاني

Page 211: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

الفصل األولوسيادة اجلرائم ضد اإلنسانية

حماولة التوفيق العسرية :الدولة

Page 212: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

206

المعاقبة الجنائية الدولية ألهم انتهاكات حقوق اإلنسان بمبدأ السيادة التي تصطدمغير . التي تحول دون تجاوز بعض الحدود التي تعد من مقومات السيادةو الدولة تتمتع بها

أن تطورات القانون الدولي الجنائي أسفرت عن مبادئ يؤدي تطبيقها إلى التخفيف من لعل أبرز ما و ،501ا النحوذبها على ه ذالطابع المطلق للسيادة التي لم يعد باإلمكان األخ

مفهوم القواعد اآلمرة باعتبارها قواعد تسمو على جميع يتجلى فيه التطور هو تكريس قواعد القانون الدولي األخرى حيث تم اإلعتراف للقواعد الخاصة بمعاقبة الجرائم ضد

كما أن الحصانة التي تتمتع بها أجهزة الدولة. )المبحث األول(اإلنسانية بهذا الطابع ه ذبيرا في سبيل تعزيز معاقبة فعالة لهالتي تعد أفضل تعبير عن السيادة عرفت تراجعا كو

. )المبحث الثاني(الجرائم

، دار )العولمة(طلعت جياد لجي الحديدي، مبادئ القانون الدولي العام في ظل المتغيرات الدولية : لكذانظر في 501

.84، ص 2012الحامد للنشر والتوزيع، الطبعة األولى،

Page 213: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

207

معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في سياق القواعد اآلمرة: المبحث األول

تكريس نواة قانونية تتمتع بقيمة تعلو على باقي و أدى تدرج قواعد القانون الدولي خطيرة تمس بمقومات المجتمع الدولي،القواعد الدولية إلى بلورة قواعد لتجريم أفعال

ظهورها في ميثاق نورمبرغ أفضل تكريس لحماية القيم ذتعد الجرائم ضد اإلنسانية منو، بل أنها أصبحت من بين )المطلب األول(األساسية التي يرتكز عليها المجتمع الدولي

عليا ضمن هرم القواعد اآلمرة التي يمنع مخالفتها تحت أي مبرر كان مما أعطاها مكانة .)المطلب الثاني(القوانين

ارتباط الجرائم ضد اإلنسانية بالقيم األساسية للمجتمع الدولي: المطلب األول

إن تسمية بعض الجرائم الدولية بالجرائم ضد اإلنسانية يعكس للوهلة األولى أن م غير خصوصيتها ناتجة عن خطورتها الكبيرة والتي تجعل منها في كل الحاالت، جرائ

، مما يجعلها إلى جانب جريمة اإلبادة الجماعية من الجرائم التي 502إنسانية بطريقة مميزةوما إدراجها ضمن الجرائم غير القابلة ) الفرع األول(تمس بأساسيات المجتمع الدولي ).الفرع الثاني(للتقادم إال دليل على هذا الطرح

اإلنسانية أو الكرامة اإلنسانية: المصلحة المحمية :الفرع األولإنما كان 1945إن إدراج هذه الجريمة في نظام المحكمة العسكرية لنورمبرغ لعام

بسبب وجود طائفة من األفعال التي لم يكن من الممكن إدراجها ال ضمن جرائم اإلبادة ح جرائم ضد اإلنسانية الجماعية وال ضمن ما يسمى بجرائم الحرب، فتم اختيار مصطل

ولعل هذه التسمية تستدعي الوقوف عندها بعض الشيء . إلضفاء وصف قانوني عليهاقصد توضيح المقصود باإلنسانية، فهل تعتبر األفعال المجرمة مندرجة ضمن هذه الطائفة باعتبارها تمس باإلنسانية جمعاء أم أنها تمس باألخالقيات بالنظر إلى فظاعتها

، كما أن هذه اإلنسانية أصبحت تحظى بحماية في إطار مفهوم مسؤولية )- 1(وخطورتها .)-2(الحماية

DELMAS-MARTY, M, FOUCHARD, I, FRONZA, E, NEYRET, L, Le crime: انظر 502

contre l’humanité…, op. cit., p 7.

Page 214: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

208

:أو اإلنسانية كضحية للجرائم ضد اإلنسانيةاإلنسانية كقيمة مرجعية . 1إذا رجعنا إلى ظروف الحرب العالمية الثانية والقواعد األولية للقانون الدولي

ت من قبل دول المحور والتي لم يكن باإلمكان الجنائي، نجد أن الجرائم التي ارتكباعتبارها جرائم حرب اتفق على تكييفها بجرائم ضد اإلنسانية، وقد أشرنا إلى أن هذه هي

.المرة األولى التي استعمل فيها هذا المصطلحهي الجرائم و ال شك في أن تكريسالقانون الدولي الجنائي لمفهوم الجرائم الدولية

متمثلة في اإلبادة الجماعية، الجريمة ضد اإلنسانية وجرائم الحرب، جاء فوق الوطنية الاألصل بهدف حماية المصالح المشتركة أو الجماعية للدول والممثلة في حماية السلم في

، والتي اصطلح كذلك على وصفها بأنها تشكل النواة الصلبة للقانون 503واألمن الدوليينالدولي الجنائي، كما اعتبر البعض أن قمع جرائم القانون الدولي هو معاقبة كل مساس

.un bien collectif504جماعي بملك أو حق ينبغي التوقف بداية عند مصطلح اإلنسانية، والذي أجمع الفقهاء الذين قاموا

، كما أنه 506يتميز بالغموض، ذو محتوى متغير 505على أنه مصطلح حديث نسبيا بدراسته ،507النظام العامو يلتقي ببعض المفاهيم التي ال تقل عنه غموضا مثل الكرامة اإلنسانية

لقد ذهب البعض إلى اعتبار اإلنسانية من المفاهيم التي يمكن أن تحل محل الدولة التي والعديد من الحاالت، لكن الراجح أن الوضعية الراهنة أصبحت عاجزة عن المواجهة في

.508للقانون الدولي ال تعترف باإلنسانية كأحد أشخاص هذا القانونغير أنه من المفيد أن نحاول تعريف هذا المصطلح الذي يدور حوله مفهوم جريمة

طار، دولية تعد من أفظع الجرائم وتنطوي على انتهاكات خطيرة لحقوق اإلنسان، وفيهذااإل

propos de…, op. cit., p. 177. MESEKE, (Stephan), A: انظر 503 VAURS CHAUMETTE, (Anne-Laure), Les sujets du droit international pénal. Vers: انظر 504

une nouvelle définition de la personnalité juridique internationale ?, PEDONE, 2009, p. 190. .92، مرجع سابق، ص إبراهيم سالمة، الجرائم ضد اإلنسانية: انظر 505 ,«…LEFEUVRE, (Cyprien), « L’apport des juridictions pénales internationales:انظر 506

op. cit., p. 78. .LE BRIS, (Catherine), L’humanité saisie par le droit international…, op. cit., p. 29: انظر 507 : انظر الحجج الداعمة وكذلك النافية لهذا اإلتجاه في 508

SALMON, (Jean), « Quelle place pour l’Etat dans le droit international d’aujourd’hui ? », op. cit., p. 40 et 41.

Page 215: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

209

اعتبر بعض فقهاء القانون الدولي أن مصطلح اإلنسانية يعني مجموعة البشر وهو أسهل .تعريف يمكن إيجاده لهذا المفهوم المعقد

يبدو 509يذهب اإلتجاه الفقهي السائد إلى أن مصطلح اإلنسانية يحيل إلى معنيينصفة وإلى genre humainأنهما متعارضين، يشير األول إلى الجنس البشري

.qualité d’être humainاإلنسان، فقد ذهب إلى أن مفهومه يتعلق بالفرد وهو يشير إلى طريقة تصرف الثانيأما

تجاه األفراد، وكذلك الطبيعة البشرية، باإلضافة إلى المجموعة بالرفقتتمثل في الشعور .510البشرية

والتحديد، ينبغي إذن التوقف إذا كانت القاعدة القانونية في األصل تقوم على الدقة عند المفهوم الذي يرقى باإلنسانية لهذا الغرض ليجعل منها مفهوما قانونيا دقيقا، ويتبين بهذا أن كل المفاهيم التي اقترحها الفقهاء تتميز بالمحدودية فالجنس البشري مفهوم غير

وهنا كذلك ستبرز إتباعهفهو يحيل إلى سلوك ينبغي الرفقمحدد وال متناهي، أما مفهوم الذي و رغم ذلك فإن اإلتجاه الفقهي السائد هو ترجيح المعنى األولو محدودية المفهوم،

.يجعل الجرائم ضد اإلنسانية تهدف إلى حماية وحدة الجنس البشريجاء البعض بفكرة مفادها أن مصطلح اإلنسانية ال يمكن اإلحاطة به إال إذا تعرضنا

ي الالإنسانية، ويدلون على ذلك بأن مختلف األعمال الهمجية هي التي لنقيضه المتمثل فحركت المجال القانوني الذي أوجد مفهوم اإلنسانية، مما يجعل القانون هنا يتدخل لتصحيح

.الوضع الناجم عن غياب اإلنسانيةكما أن هذا المصطلح يثير إشكاال إذا رجعنا إلى استعماالته في مختلف اللغات

تخدمة من قبل دول المجتمع الدولي، والتي ال تزيل اللبس عنه بل تزيد من حدة المس .511اإلختالف، وتؤكد أنه مفهوم على درجة كبيرة من التعقيد

,«…LEFEUVRE, (Cyprien), « L’apport des juridictions pénales internationales :انظر 509

op. cit., p. 78. .LE BRIS, (Catherine), L’humanité saisie par le droit international…, op. cit., p. 30: انظر 510

ANTAKY, (Mark), « Esquisse d’une généalogie…», op. cit., p. 66. :انظر استعماالت هذا المصطلح في اللغتين اإلنكليزية واأللمانية والمعاني المختلفة له في 511

LE BRIS, (Catherine), L’humanité saisie par le droit…, op. cit., p. 31 et 32.

Page 216: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

210

، المجموعة )-أ( الفرد: غير أن اإلنسانية كمفهوم قانوني ال تنأى عن هذه المفاهيم .وضيحوهو ما سنتوقف عنده بشيء من الت) -ب(الدولية والشعوب

:دافراألواإلنسانية) أ

ن القاعدي لها، يعتبر الفرد الوحدة األولية لتكوين المجموعة البشرية، والمكووهو ،لوحدهاالطابع الخصوصي لكل إنسان مأخوذويشير الفرد إلى . 512ر عنهاوالمعب

كما أن التوجه الحديث .إلنسانية التي هي مفهوم جماعيلض قانكمفهوم مبذلك يظهر في منحى إدراج الفرد ضمن المجموعة الدولية مما يؤدي إلى بروز رابط متين بين يذهب

.513المفهومينونشير في هذا الصدد إلى أن قانون حقوق اإلنسان الذي استعمل العبارة المشار

باللغة الفرنسية تحيل Hommeإليها باللغة الفرنسية لم تلق اإلجماع حولها باعتبار الكلمة حاولت الصكوك الدولية لحقوق اإلنسان أن تستعمل عبارات أخرى ونثى، إلى الذكر واألل الفقه ، كما يفضêtre humain ،humainالبشر أو الناس، مثل Hommeبدال من كلمة

المتمثل بدل المصطلح الشائع والمستعمل Droits humainsالحديث عن الحقوق اإلنسانية نطالقا من ذلك، يعرف القانون الدولي تمييزا وا. حقوق اإلنسان، لتفادي هذا اإلشكالفي

بين حقوق اإلنسان التي هي حقوق جماعية وبين حقوق الفرد أو الكائن البشري التي هي الفرد والبشرية مترابطان إلى درجة اوفي هذا اإلطار، إذا كان مصطلح.ةحقوق فردي

نسان كفرد تذهب نة على الرغم من اختالفهما، فإن النصوص التي تعترف بحقوق اإلمعي .محور الحماية وليس اإلنسانيةهو إلى جعله

:الشعوبوالمجموعة الدوليةو اإلنسانية) بمفهوم الشعب إلى مجموعة من األفراد المرتبطين ببعضهم بموجب إقليم حيلي

تقاليد ومعتقدات مشتركة، وبهذا فإن اإلنسانية تشتمل على كل ونمشترك، ويتقاسمغير أن مفهومها هذا ليس حصريا ألنها تشتمل باإلضافة إلى الشعوب على . الشعوب

.األفراد ومختلف المؤسسات اإلنسانية من منظمات وغيرها

.LE BRIS, (Catherine), L’humanité saisie par le droit…, op. cit., p. 34:أنظر 512 :انظر 513

SOUMY, (Isabelle), L’accès des organisations non gouvernementales aux juridictions internationales, BRUYLANT, 2008, p. 425.

Page 217: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

211

ظهر الفرق بين اإلنسانية والشعوب، إذ أن هذا المصطلح هناك عنصر آخر ييشير إلى االرتباط بإقليم معين في حين أن اإلنسانية تتعدى هذا الحصر وال تعرف األخيرر الخلط الذي كان موجودا لفترة طويلة بين حقوق الشعوب وحقوق وهو ما يفس.الحدود

تراث كل "الدولية، ولقد استعمل البعض منها مصطلح الصكوكاإلنسانية في العديد من ، غير أن األرجح هو التمييز بين المفهومين اللذان "عاءتراث اإلنسانية جم"و" الشعوب

.514ب كل منهما آثارا مختلفةيرتيعرف القانون الدولي كذلك مفهوم المجتمع المدني الدولي، والذي يقصد به الفاعلين

دينية، مهنية أو : من غير الدول الذين ينشطون بصفة خاصة في ميادين متعددةلى الدور الفاعل لمختلف المنظمات غير إا الصدد هذفي إلشارةاويمكن .515تطوعية

حقوق اإلنسانية والدفاع عنها، وعلى الرغم من هذه الالحكومية التي تنشط في مجال ترقية األرضية المشتركة بين المفهومين، يبقى أنهما متميزين باعتبار أن اإلنسانية مفهوم أشمل

.على خالف المجتمع المدني الدوليكما أن هناك مفاهيم أخرى تتمثل في المجموعة الدولية والمجتمع الدولي، وهي مفاهيم ذات بعد اجتماعي اعتمدها القانون الدولي، ويقصد بالمجموعة الدولية ذلك المجال

التي هي أعضاء دائمة في مجلس األمن حسب تلك الذي يشمل الدول القوية، السيما بالمعنى الواسع له تمتد لتشمل كل الدول والشعوب المعنى الضيق لهذا المفهوم، وهي

باإلضافة إلى المنظمات الحكومية منها غير الحكومية، كما يمكن تعريفها بأنها المجموعة . 516القانونية الدولية التي تحكمها قواعد القانون الدولي

من ويلتقي مفهوم اإلنسانية بمفهوم المجموعة الدولية في كونهما يقومان على التضاوالتآزر بين الدول متجاوزين ما يعتريهم من تناقضات واختالفات، حيث توجد مصالح

.عليا تفوق الدول

.Le BRIS, C, L’humanité saisie par…, op. cit., p. 36: أنظر 514 .Ibid., p. 552: أنظر تفاصيل أكثر 515 .Ibid., p. 37: أنظر 516

SOUMY, (Isabelle), L’accès des organisations non gouvernementales, op. cit., p. 425.

Page 218: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

212

أحدها : ة أبعادأن مفهوم اإلنسانية يتجاوز مفهوم المجموعة الدولية في عد إالشخصي يتمثل في أن اإلنسانية ال تشمل فقط الدول، بل تمتد كذلك لألفراد والشعوب

أما الثاني فهو بعد زمني، إذ أن المجموعة الدولية . ن انتماءاتهم الوطنيةبغض النظر عألنه يشير إلى وضعيتها الراهنة، في حين أن اإلنسانية هي مفهوم يازمن محددهي مفهوم

.ممتد عبر الزمن يشمل األجيال السابقة والالحقةا نحو التأكيد على ها قويالجرائم ضد اإلنسانية، نجد توج فئةر أنه فيما يتعلق بغي

لة ن أساسا لتحديد العناصر المشكالمصلحة المحمية من هذه الجرائم، وهو ما قد يكو .للجريمة وأحد عناصر تفسيرها

ل استقاللية الجريمة ضد م أكثر بتأصبروز فكرة المصلحة المحمية تدعإن دورا ة سابقالالفيا ة يوغسمحكمالجتهاد القضائي للرب، ولقد كان اإلنسانية عن جرائم الح

، إذ ورد في Erdemovic517حكمهو ما برزفيو ،معتبرا في تدعيم خصوصية هذه الجريمة :إحدى فقراته أن

الجرائم ضد اإلنسانية تتجاوز الفرد، إذ بمهاجمة اإلنسان، يتم استهداف، بل كذلك نفي « الجريمة ضد خصوصية تؤكدي اإلنسانية، هي التي ية الضحية، وهإن هو .اإلنسانية .518»اإلنسانية

:كما وردفي قضية تاديتش أن الجرائم ضد اإلنسانية .519»تتجاوز الجريمة العادية التي تمس ضحايا محددين كونها تمس اإلنسانية ككل «

:أنظر 517

DELMAS-MARTY, FOUCHARD, FRONZA, NEYRET, Le crime contre l’humanité…, op. cit., p. 3 et 4.

la chambre de première instance,Le Procureur c./ Erdemovic, jugement: انظر518portant condamnation, 29 novembre 1996, par. 28.

:نفس الحكمورد فيكما « … Les règles proscrivant les crimes contre l’humanité concernent le comportement d’un criminel non seulement envers la victime immédiate mais aussi envers l’humanité toute entière […]. C’est l’identité de la victime, l’humanité, qui marque d’ailleurs la spécificité du crime contre l’humanité […]. En raison de leur ampleur et de leur caractère odieux, ils

constituent de graves attaques contre la dignité humaine, contre la notion même d’humanité ». Le procureur c.Tadic, arrêt relatif à l’appel de la défense concernant l’exception: انظر 519

préjudicielle d’incompétence, IT-94-1-AR72, chambre d’appel, 2 octobre 1995, par. 28.

Page 219: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

213

، يبدو أن العنصر ةسابقالبالنظر لهذا الطرح الذي اعتمده قضاة محكمة يوغسالفياواسعضد اإلنسانية وهو الهجوم مائز الجرالذي يمي ه ضد السكان النطاق والمنهجي الموج

يعلو الفرد وهو اإلنسانية، وهو ما جعل مفهوما قانونياالمدنيين يحمي بالدرجة األولى تشمل ، باعتبارهاغموضهارغم) الجريمة ضد اإلنسانية(ثراء هذه التسمية يثني علىالفقه

Humanité-victimeضحية –تارة، وكإنسانية Humanité-valeurقيمة –اإلنسانية كإنسانية .520تارة أخرى

القيمة، يستدعي على غرار ما هو األمر كذلك بالنسبة -ن اإلنسانيةعإن الحديث إن اقتضى األمر منع ما هو و ع ما هو غير إنساني، عن طريق تحديدنلجرائم الحرب منافية للكرامة اإلنسانية، أو تلك التي تعارض ريم األفعال المجتباإلضافة إلى غير إنساني،

.مفهوم اإلنسانية ذاتهالضحية فهي توحي ببروز مفهوم جديد يجعلنا ننتقل من المجموعة -أما اإلنسانية

الوطنية أو الدولية، إلى مجموعة إنسانية، وهذا بسبب تأسيس سياسي، أو على األقل .أخالقي وقانوني

اإلنسانية المحمية بالجريمة ضد «لذي يرى أن ويمكن موافقة الرأي الفقهي ا فهي تشكل اندماجا. ال ملك قانوني بعيد عن الواقعو اإلنسانية ليست فقط طريقة سلوك،

.»521إعادة تفسير لهما في مقاربة مفردة تتأسس على مفهوم الكرامةوغير أنه من الضروري التأكيد على احتفاظ الفرد بخصوصيته رغم اعتباره من أهم

.522ه الجرائمذونات اإلنسانية التي تؤسس همك

,DELMAS-MARTY, M., FOUCHARD, I., FRONZA, E., NEYRET:في هذا الصدد أنظر 520

L., « Crime contre l’humanité…, op. cit., p. 5. ,«…LEFEUVRE, (Cyprien), « L’apport des juridictions pénales internationales: انظر 521

op. cit., p. 86. JACQUELIN, (Mathieu), L’incrimination du génocide : étude comparée du droit de: انظر 522

la cour pénale internationale et du droit français, ThèseUNIVERSITE PARIS 1 Panthéon- Sorbonne, 2010, p. 126. VAURS CHAUMETTE, (Anne-Laure), Les sujets du droit international pénal, op. cit., p. 199.

Page 220: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

214

؟مسؤولية الحماية من الجرائم ضد اإلنسانية نحو. 2ة، يع اللجوء إلى القوة في العالقات بين الدولنس القانون الدولي المعاصر مبدأ ميكر

من ميثاق األمم 4فقرة 2وهذا احتراما لسيادة الدول واستقاللها، فلقد نصت المادة :المتحدة

تعمل الهيئة وأعضاؤها في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة األولى وفقا « :للمبادئ اآلتية

يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في عالقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة -4أو استخدامها ضد سالمة األراضي أو االستقالل السياسي ألية دولة أو على أي وجه آخر

.»" األمم المتحدة" يتفق ومقاصد الأنها تعرف بعض االستثناءات، منها لئن كانت هذه القاعدة تبدو مطلقة وشاملة، إال

منه أحسن مثال 51ما نصت عليه المادة التي وردت في ميثاق األمم المتحدة ذاته، ولعلد على شرعي والمقيعن ذلك إذ أن القانون الدولي يسمح باستخدام القوة في حالة الدفاع ال

.الرغم من ذلك بشروط صارمة ال يجوز الخروج عنهار استخدام مفهوم يبرالقرن الماضي ات يغير أنه بتأثير من الفقه، برز خالل تسعين

القوة في حالة وجود انتهاكات لحقوق اإلنسان من قبل دولة تجاه مواطنيها، تحت تسمية غير أن هذه الفكرة .د بين كونه حقا أو واجباالتدخل اإلنساني مع اختالف في هذا الصد

لها بغية التدخل استعميتم اقوبلت بالتحفظ، بل بالرفض كذلك ألن الدول اعتبرتها ذريعة التطورات التي حصلت كانت وراء ظهور المفهوم تحت ، غير أن 523الداخلية هاشؤونفي

.تسمية أخرى هي مسؤولية الحمايةاألمن الذي يعتبر الساهر على المحافظة على السلم ومن المفيد الرجوع إلى مجلس

ى إليه من خالل مختلف عالدولي وفقا للفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة وهو ما سالقرارات التي اتخذها، إال أنه يالحظ في اآلونة األخيرة تدخله في حروب أهلية، إثنية،

.524دينية وقبلية داخلية

.25، مرجع سابق، ص ان ومحمد خليل الموسى، القانون الدولي لحقوق اإلنسانعلومحمد يوسف : انظر 523 :الخ، أنظر... جورجيا، هايتيكوسوفو، انيا، من خالل تدخله في أفغانستان، ألب 524

THOUVENIN, (Jean-Marc), Genèse de l’idée de responsabilité de protéger, in Colloque de Nanterre, La responsabilité de protéger, SFDI, Pedone, 2008, p. 22 et 23.

Page 221: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

215

النزاعات الداخلية بكون الخرق التدخل فييبرر مجلس األمن اختصاصه في ل تهديدا بالسلم أو مساسا به، ويترجم هذا الشامل لحقوق اإلنسان من قبل حكومة يشك

التأسيس عن طريق إلزامه بوقف القمع والتوزيع الحر للمعونة اإلنسانية، كما يسمح جريمة ضد بالتدخل العسكري متعدد الجنسيات من أجل وقف جريمة إبادة جماعية أو

.اإلنسانيةمراحل تطور هذا المفهوم فلقد أثار األمين العام فالإغال يمكن في هذا الصدد

: مفاده الؤفي تقرير األلفية الذي أعده تسا لألمم المتحدةل فعال مساسا غير مقبول بالسيادة، فكيف بوسعنا أن إذا كان التدخل اإلنساني يشك«

نيتشا، خالل خروقات برشهدناها في رواندا أو صري لك التيتف حيال وضعيات كنتصرئ التي تتأسس عليها فة ونظامية لحقوق اإلنسان، والتي تتعارض مع كل المبادظاهرة، مكث

.525» ؟وضعيتنا كبشرقامت بأشغالها تحت 526على إثر ذلك تم إنشاء لجنة دولية للتدخل وسيادة الدول

الجزائر سفير(وسحنون ) أستراليا سابقا وزير خارجية" (Evans"رئاسة كل من إيفانس مت تقريرها لألمين العام لألمم المتحدة في ، حيث بعد قيامها بمشاورات واسعة، قد)سابقاولقد أشار التقرير بداية إلى أن األمر يتعلق بدون أي شك بحق . 2001ديسمبر 18

صل إلى مفهوم حق وم التالتدخل اإلنساني، وفي إطار إعادة صياغة وتعميق التفكير، ت .527الحمايةن الحديث عن التدخل يوحي إلى األذهان منذ الوهلة األولى إلى إمكانية استخدام إففي هذا اإلطار، . ره منذ العصر الحديثحظهو أمر اتجه القانون الدولي إلى القوة و

: و أنأول قرار صادر عنها في قضية كورفاعتبرت محكمة العدل الدولية في

، "21نحن الشعوب، دور األمم المتحدة في القرن الـ "ة، رير األمين العام لألمم المتحدةالخاص باأللفيتق: أنظر 525A/54/2000 217، فقرة.

526Commission internationale de l’intervention et de la souveraineté des Etats C.I.I.S.E.

.هذا يوحي بالحذر بل حتى الرفض الذي تثيره فكرة التدخل اإلنساني على الساحة الدولية 527في دراسات في القانون الدولي بحث منشور موريس توريللي، هل تتحول المساعدة اإلنسانية إلى تدخل إنساني؟، : انظر

.475 ، ص2000اإلنساني، إعداد نخبة من المتخصصين والخبراء، دار المستقبل العربي،

Page 222: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

216

التدخل المزعوم ال يمكن تصوره من قبل المحكمة إال كونه تعبير عن سياسة القوة، حق « ت في الماضي إلى تجاوزات خطيرة، وال يمكنها مهما كانت النقائص وهي سياسة أد

إن حماية السيادة . الموجودة في التنظيم الدولي، أن تجد لها مكانا في القانون الدولي .528»ة، تعتبر إحدى الدعائم األساسية للعالقات الدوليةاإلقليمية بين الدول المستقل

رغم ما تثيره هذه الفكرة من مخاوف على المستوى الدولي ومن حذر تجاهها، إالأنها تجد لها مكانا باعتبار أن القانون الدولي يضع على عاتق الدول التزامات بضمان

1948 عاماإلبادة الجماعية ل حماية األشخاص الواقعين تحت واليتها، ولعل اتفاقيتي منعل، جاا في هذا المالن نموذجا حيتمثا سابقالمشار إليهما 1984 عامومناهضة التعذيب ل

حيث تلتزم الدول األطراف فيهما بالوقاية من بعض األفعال المرتكبة ضد أشخاص .، وبالتالي بحمايتهمعليها موجودين تحت مسؤوليتها والمعاقبة

ت وضعيات تتدخل فيها دول لدولية أبعد من ذلك حيث أقرات اممارسالذهبت غير .529س من دولتهمعأجنبية من أجل حماية مواطنين من غير رعاياها عندما يثبت تقا

خذ بحذر، ولقد أثار جانب كبير من الفقه مسألة تقنين التدخل ؤأن المفهوم ينبغي أن يل أن يمارسها فضقابة يالجماعي اإلنساني عن طريق تحديد شروط استعماله تحت ر

سحنون- س كذلك في تقرير لجنة إيفانسمجلس األمن، وهو ما تكر. إلى ما 530وسعحرية أإطار في ’كما أشار األمين العام لألمم المتحدة في تقريره

:يليأما فيما يخص اإلبادة الجماعية، التصفية العرقية والجرائم ضد اإلنسانية المماثلة لها، «

ن اإلنسانية من طلب حماية للسلم واألمن الدوليين تمك ال كذلك تهديدتشكأال يمكن أن .» ؟مجلس األمن

.CIJ, Affaire du détroit de Corfou, arrêt du 9 avril 1949, p. 35: انظر 528بحماية المارونيين في أرض اإلسالم وكأنهم 1250هناك أمثلة قديمة مثل تعهد الملك الفرنسي سان لويس في 529

قرار ألسباب إنسانية، و 1971تدخل الهند في باكستان الشرقية بنغالداش حاليا سنة فرنسيين، وأخرى معاصرة مثل في رواندا والذي سمح بعملية تدخل الذي جاء على إثر األزمة اإلنسانية 1994جوان 22مجلس األمن الصادر في

: راجع في هذا الصدد. في رواندا ألهداف إنسانية اتمتعددة الجنسيTHOUVENIN, J-M., Genèse de l’idée de responsabilité de protéger …, op. cit., p. 34 et 35.

530Rapport dans une liberté plus grande.

Page 223: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

217

ن مبادئ توجيهية لمختلف اإلجراءات يتضم اعتماد قرارمطالبا من هذا األخير الخاصة بإصالح األمم 2005تخذ للحماية في هذه الحاالت، غير أن وثيقة قمة التي ت

تخاذ إجراء جماعي في مثل هذه الحاالت، إال الستعداد الدول المتحدة وإن أشارت إلى ايقع على عاتق مجلس األمن ةن النص على أي واجب حمايأنها لم تتضم.

ن تحليال لمفهوم مسؤولية الحماية سحنون، نجده تضم-إذا رجعنا إلى تقرير إيفنس :منه 138مرتبطا باالنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان، حيث جاء في الفقرة

إن المسؤولية عن حماية السكان من اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي « .»والجرائم المرتبكة ضد اإلنسانية تقع على عاتق كل دولة على حدة

وغيرها من (يبدو أن االتفاق وقع على االرتباط بين قمع الجرائم ضد اإلنسانية ولية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي من أجل وبين المسؤ) الجرائم الدولية األخرى

.حماية السكان من أن يكونوا ضحايا لهذه االنتهاكات الخطيرةما يلي 139ستخدم بطريقة سلبية، أضافت الفقرة وبغية تأطير هذا المفهوم لكيال ي:

ما ويقع على عاتق المجتمع الدولي أيضا، من خالل األمم المتحدة، االلتزام باستخدام« وفي هذا السياق، نعرب عن استعدادنا التخاذ إجراء ... هو مالئم من الوسائل السلمية

جماعي، في الوقت المناسب وبطريقة حاسمة، عن طريق مجلس األمن، وفقا للميثاق، بما في حال قصور الوسائل ... في ذلك الفصل السابع منه، على أساس كل حالة على حدة

.»... ن عن حماية سكانهاوطنية البيالسلمية وعجز السلطات المن هذه الفقرة أن واضعي التقرير أرادوا إحاطة مسؤولية الحماية من يظهر

، إذ 531الجرائم ضد اإلنسانية ببعض الضمانات خوفا من االنحراف به عن هدفه المقصودأن تمارسها الدول عبر الجهاز األممي الذي يسهر على ضمان السلم واألمن قرر ت

رويج رنا في هذا المجال بالتدخل اإلنساني الذي تم التليين، وهو مجلس األمن، مما يذكالدو .له تحت مظلة مجلس األمن

يد أن نتوقف عند التقسيمات التي وردت في التقرير لمفهوم مسؤولية فمن الم :ل فيالحماية الذي جاء ثالثيا يتمث

.7ص ،، مرجع سابقسامية بوروبة، مسؤولية الحماية أو التدخل اإلنساني؟: انظر 531

Page 224: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

218

الذي يقع على عاتق الدول بمنع كل ما ل االلتزام األولي مسؤولية الوقاية والتي تمث .من شأنه أن يوفر ظروفا النتشار العنف واالضطرابات

مسؤولية الرد وهي تظهر عند فشل المستوى األول وهي تتخذ عدة صور منها ما .هو غير عسكري، ومنها ما هو عسكري يتخذ صيغة التدخل

ارتكاب ةأمثل تجسيد لمعاقب نقد يشكال انذلال ماولعل المستويين األول والثاني هالجرائم ضد اإلنسانية عن طريق اتخاذ تدابير تشريعية وغيرها لمنع مثل هذه األفعال، وكذلك اتخاذ اإلجراءات القمعية الالزمة عند ارتكابها بإخضاع مرتكبيها للمتابعة

.والمحاكمة بناءا على معايير المحاكمة العادلة .تخذ بعد التدخلآخر مرحلة وهي اإلجراءات التي تأما مسؤولية إعادة البناء فهي

الصادرين عن 1973و 1970ولعل أهم تجسيد عرفه هذا المفهوم هو القرارين رقم ي صلب عمل هذا المفهوم فاألحداث التي عرفتها ليبيا، حيث است على إثرمجلس األمن

أشار مجلس 2011 فيفري 26الصادر في 1970ففي القرار ،القرارين ونورد أمثلة لذلكالممنهجة لحقوق اإلنسان مكيفا إياها بجرائم ضد و األمن إلى اإلنتهاكات الجسيمة

:لقد جاء في القرارو ،532اإلنسانية .533»إذ يذكر بمسؤولية السلطات الليبية عن توفير الحماية لسكانهاو «

د يشكل وتعد هذه المرة األولى التي يكرس فيها هذا المفهوم في صك ملزم، مما قسابقة للتوجه به نحو القاعدة العرفية كما تمسكت الدول التي كانت وراء اعتماد هذا

الذي و 2011مارس 17الصادر في 1973أعاد مجلس األمن الكرة في القرار و القرار، : جاء فيه

د إذ يؤكد من جديو إذ يكرر تأكيد مسؤولية السلطات الليبية عن حماية السكان المدنيينو «أن أطراف النزاعات المسلحة تتحمل المسؤولية األساسية عن اتخاذ جميع الخطوات

.534»الممكنة لكفالة حماية المدنيين

.6، الديباجة، فقرة S/RES/1970(2011))2011( 1970مجلس األمن، القرار : انظر 532 .9، فقرة 1970مجلس األمن، القرار : انظر 533 .4، الديباجة، فقرة S/RES/1973 (2011))2011 (1973مجلس األمن، القرار: انظر 534

Page 225: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

219

ن مسؤولية حماية السكان المدنيين من الجرائم ضد اإلنسانية حسب ما ورد في إث القرارين ال تقتصر على البعد السياسي بل تتعداه إلى إضفاء صبغة قضائية عليه، حي

هو ما يؤكد و قرر مجلس األمن بناء على ذلك إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدوليةعلى الطابع النسبي للسيادة التي لم تعد تحول دون تقرير العقاب عند عجز السلطات

الردع الذي يعتبر أساسا لمسؤولية و الحمايةو كما يتبين أن الوقاية.الوطنية عن ذلك، وهو ما يعزز من هذا المفهوم الجديد في 535ص نظام روما األساسيالحماية موجود في ن

. إطار السعي نحو عدم إفالت مرتكبي أشد الجرائم الدولية خطورةمن العقاب

عدم قابلية هذه الجرائم للتقادم :الفرع الثانيدت عبر تجريمها ووضع عقوبة جستإن معاقبة الجرائم فوق الوطنية والتي

بقى لكيق هدف القمع بمعاقبة مرتكبيها والردع عن ارتكابها إال أنذكان يحقلمرتكبيها وإن ض النظر عن ، مما أدى إلى التفكير في جعل هذه الجرائم تالحق مرتكبيها بغمحدودا

.قد يمس بمبدأ السيادة بمفهومه التقليدي المطلقعامل الزمن وهو ما جسامتها ال تبقى محل متابعة أن الجرائم الوطنية على الرغم من خطورتها و و نجد

لمدة زمنية غير محدودة، ذلك أن الزمن كفيل بوضع حاجز أمام أية متابعة وهو ما يتجسد ي معظم التشريعات الجنائية الوطنية لتقادم الجرائم مع أحكام مفصلة بالنسبة من خالل تبن .536هالمختلف أنواع

لى تكريسه في النصوص ويقتضي منا الحديث عن عنصر التقادم التعرض بداية إ .)-1(النصوص الداخلية في، ثم)-1(الدولية

الذي تم اتخاذه بصدد 2011مارس 30الصادر في )2011( 1975كما وجد المفهوم تكريسا مرة أخرى في القرار

.الوضعية في كوت ديفوار BA, (Amady), « La cour pénale internationale et la responsabilité de protéger », in: انظر 535

CHAUMETTE, (Anne-Laure), THOUVENIN, (Jean-Marc), La responsabilité de protéger, dix ans après, PEDONE, 2013, op. cit., p. 78.

.149ة الدولية، مرجع سابق، ص عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائي: انظر 536 .211، مرجع سابق، ص منتصر سعيد حمودة، المحكمة الجنائية الدولية

BOYLE, (David), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés quant au régime du crime », op. cit., p. 130.

.91ص مرجع سابق، ، لدولي الجنائيعبد اهللا سليمان سليمان،المقدمات األساسية في القانون ا

Page 226: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

220

:تقادم في النصوص الدوليةالعدم .1عرفت هذه الفكرة تطورا منذ بداية ظهور القانون الدولي الجنائي وبلورته وهو ما

، ثم )-أ(يؤدي بنا إلى مكانة هذا المفهوم في إطار نظام المحكمة العسكرية لنورمبرغة للمحاكم األساسية منظاألوال يسعنا عدم اإلشارة إلى ،)-ب(األممية لعدم التقادماالتفاقية

). -ج( المدولة و الدولية منها :تقادم في النصوص السابقة على االتفاقية األمميةالعدم ) أ

إن أول محاولة فعالة من أجل معاقبة الجرائم الدولية بعد الحرب العالمية الثانية ن نظامها األساسي اختصاصها المحكمة العسكرية لنورمبرغ التي تضمكانت بال شك

.بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد أمن وسلم اإلنسانيةجاء خاليا من originalitéتهخصوصيو تهحداثغير أن النظام األساسي بالرغم من

أي بند حول تقادم الدعوى العمومية أو العقوبة الواردة على الجرائم التي تدخل ضمن ضع فيه ويمكن تبرير غياب مثل هذه اإلشارة إلى الظرف الخاص الذي و. 537اختصاصها

هذا النظام األساسي وتركيزه على معاقبة مرتكبي الجرائم األكثر خطورة عبر وضع عها هذه المحكمة العسكرية، علما نص على العقوبات التي يمكن أن توق، والاتعريفات له

ر بعد بدرجة كافيةأن مفهوم التقادم لم يكن قد تطو. ، تم اعتماد اتفاقية قمع الدوليةفي نفس السياق الهادف إلى تكريس معاقبة الجرائم

ضع تعريف والتي بالرغم من و 1948ديسمبر 9ومعاقبة جريمة اإلبادة الجماعية في ختصاص معاقبتها، إال أنها جاءت كذلك خالية من أي في اتفصيل الو 2في المادة لجريمةل

صورة خاصة للجرائم ضد حسب البعض حكم يتضمن عدم تقادم هذه الجريمة التي تشكل ، وهذا يدل على أن فكرة عدم التقادم لم تتبلور بعد في أن تعرضنا لهو كما سبق اإلنسانية

الالحقة للحرب العالمية الثانية بالرغم من فظاعة الجرائم المرتبكة سواء من تلك الفترة .ها أو من حيث عدد مرتكبيهااحيث مد

,PONCELLA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité », in ASCENCIO, Hervé, DECAUX :أنظر 537

Emmanuel, PELLET, Alain (Sous Dir), Droit international pénal…, op. cit., p. 887.

Page 227: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

221

بغرض ت بالدول إلى تداركها الحقا على عدة أصعدةل هذا اإلغفال ثغرة أديشك .ا المجالذمأل الفراغ القانوني الموجود في ه

:1968عدم التقادم في اتفاقية )ب

و طبيعة ذمرة في نص دولي س مفهوم عدم تقادم الجرائم الدولية ألول رلقد كالخاصة بعدم تقادم جرائم الحرب 1968نوفمبر 26عامة وهو اتفاقية األمم المتحدة لـ

.538والجرائم ضد اإلنسانية أيالتقادممبرر عدم تطبيق بالرجوع إلى ديباجة االتفاقية، نجدها أشارت إلى

:الحرب والجرائم ضد اإلنسانية بنصهاجرائم علىوإذ تلحظ خلو جميع اإلعالنات الرسمية والوثائق واالتفاقيات، المتصلة بمالحقة ومعاقبة «

.»جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية، من أي نص على مدة التقادم وإذا تفحصنا بنود هذه االتفاقية، نجدها تضمدم تقادم هذه ر عنت األسباب التي تبر

الجرائم، فنجد أن الجرائم المعنية بهذه االتفاقية تصنف من بين الجرائم الدولية األكثر خطورة مما يتطلب إخضاعها ألحكام تؤدي إلى عدم إفالت مرتكبيها من العقاب تحت أي

.ظرف كان ،كما أن معاقبة هذه الجرائم بطريقة فعالة يؤدي إلى الوقاية من ارتكابها مجددا

وسيكون لمبدأ عدم تقادمها الردع الكافي تجاه أي تفكير في القيام بها مرة أخرى سواء من

.جاء هذا في سياق ما بعد الحرب العالمية الثانية إلرساء أولى مبادئ منع اإلفالت من العقاب 538ذكرة ماجستير مرابح أشرف رضاونية، الجريمة الدولية وضوابط إعمال اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، : أنظر

.8ص ،2005/2006فرع القانون والقضاء الدوليين الجنائيين، PONCELLA, (Pierrette), «L’imprescriptibilité…», op. cit., p. 887. BERNARD, (Antoine), « Les enjeux du nouveau système de justice pénale internationale », op. cit., p. 187. MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international criminal law, op. cit., p. 276.

Page 228: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

222

ى، أو من مرتكبين محتملين في المستقبل وهو ما سيحول مثلمرتكبيها وهي الغاية القبل .دون خرق القواعد التي تمنع القيام بهذه الجرائم

، "الرأي العام العالمي"التي يعرفها ل هذه االتفاقية ردا على حالة عدم االطمئنان تمث .539تجاه قاعدة التقادم التي تكرسها قواعد القانون الداخلي حيال الجرائم

من هذه االتفاقية عدم تقادم الجرائم بالنسبة للمتابعات والعقوبة 4ست المادة ولقد كر : معها بنصها

اءات الدستورية لكل منها، تتعهد الدول األطراف في هذه االتفاقية بالقيام، وفقا لإلجر« أو أي ورية لكفالة عدم سريان التقادمة تدابير تشريعية أو غير تشريعية تكون ضرباتخاذ أي

.»حد آخر على الجرائم المشار إليها في المادتين األساسي نظام الفة في يشمل عدم التقادم الجرائم ضد اإلنسانية كما هي معر

فة في ا وكذلك جريمة اإلبادة الجماعية كما هي معرمنه ج/6لنورمبرغ حسب نص المادة 1948اتفاقية

ولم تصادق 11/11/1970دخلت هذه االتفاقية حيز النفاذ بتاريخ .540كل دعما نحو سياستها القمعية تجاه الجزائر عليها، على الرغم أن وجود مصادقة كان سيش

ويمكن التساؤل ، االستعمارالجرائم األكثر خطورة السيما التي كانت ضحية لها في فترة تكتسي طابعا عرفيا يجعلها ذات تطبيق أصبحتعما إذا كانت القواعد التي تضمنتها .541عالمي بغض النظر على المصادقة عليها

يا، اعتمد نظام روما عرفسيرا في اتجاه قمع الجرائم الدولية بأحكام تكتسي طابعا :منه التي تنص 29في المادة 542األساسي مبدأ عدم التقادم

.»ال تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم أيا كانت أحكامه «

:، أنظرPONCELAالفقيهة وهي عبارة أوردتها 539

PONCELLA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité… », Ibid., p. 887. كما يشمل كذلك جرائم الحرب كما هي معرفة بالرجوع إلى النظام األساسي للمحكمة العسكرية الدولية لنورمبرغ 540

إلبعاد بموجب هجوم عسكري أو االحتالل واألفعال الالإنسانية ا« و 1949أوت 12وكذلك التفاقيات جنيف األربع لـ . »الناجمة عن سياسة الفصل العنصري

جانفي 25لقد اعتمد مجلس أوروبا اإلتفاقية األوروبية الخاصة بعدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية في 5411974.

.PONCELLA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité…», op. cit., p. 888: أنظر 542

Page 229: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

223

وهو ما يدعم مسار ، لضرورة على الجرائم ضد اإلنسانيةوهو حكم ينطبق باوبالتالي فإن هذا .543القانون الدولي الجنائي نحو تكريس قمع الجرائم الدولية بصفة عامة

ل دفعا نحو جعل هذه الجريمة نطبق على الجرائم ضد اإلنسانية وهو ما يشكالحكم ي .تكتسي طابعا خصوصيا يقتضي األمر معاقبتها بأنجع الوسائل

ا لم دوروان ةسابقالكمتييوغسالفيا لمحشارة فقط أن النظامين األساسيين ينبغي اإل كبيراما يشكل فراغا وهو اصهاختصاالتي تدخل في لجرائم اتقادم يتعرضا لمبدأ عدم

ال نحو خاصة أن هاتين المحكمتين أنشئتا في فترة عرفت فيها العدالة الجنائية الدولية تحوتكريس قمع فعال للجرائم الدولية، وتكون هاتان المحكمتان قد عرفتا نفس الفراغ الذي

.عرفته المحكمة العسكرية لنورمبرغت فيهبارتكبالوقت الذي دون أن تتقيدم ست االتفاقية األممية مبدأ عدم التقادكر

:حيث نصت المادة األولى) وجرائم الحرب(الجرائم ضد اإلنسانية .»... بصرف النظر عن وقت ارتكابهاال يسري أي تقادم على الجرائم التالية «

فطبقا لهذا النص، يسري عدم التقادم بأثر رجعي وهو ما جعل العديد من الدول ال االتفاقية تفاديا لسريان مثل هذا الحكم عليها، وهي دول ارتكبت مجموعة تصادق على هذه

من الجرائم الدولية السيما خالل الحرب العالمية الثانية، كما أن نفس األمر ينطبق على الجرائم التي وقعت في كمبوديا، يوغسالفيا السابقة ورواندا، وباإلطالع على قائمة الدول

دقة الدول األوروبية عليها، وهي الدول المستعمرة التي المصادقة، يالحظ غياب مصارفت بارتكاب أبشع انتهاكات حقوق اإلنسانع.

أما نظام روما األساسي، فلقد كرس مبدأ عدم تقادم الجرائم الدولية بالنسبة للجرائم ، 1968المرتكبة بعد دخوله حيز النفاذ، على عكس ما ورد في االتفاقية األممية لـ

لسبب في ذلك إلى أن هذا النظام هو اتفاقية دولية تضمنت إنشاء محكمة دائمة ويرجع اتختص بمتابعة مرتكبي الجرائم الدولية التي تدخل في نطاق اختصاصها المادي، وما كان

ا على خالف األمر بالنسبة للجرائم الداخلية التي تسقط بمرور ذه الخاصية أساسية في الجرائم الدولية وهذتعد ه 543

.الزمن .22، مرجع سابق، ص فر علي محمد، اإلتجاهات الحديثة في القانون الدوليجع: انظر

Page 230: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

224

للدول أن تقبل بمثل هذا النص مع تكريسه للمعاقبة دون احترام مبدأ عدم رجعية القوانين .ن الدولي الجنائيالذي هو أحد دعائم القانو

تثور هنا مشكلة وجود نصين دوليين يعالجان مسألة معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية بحكمين متناقضين، ويقتضي الرجوع إلى اتفاقية فيينا لقانون ) وجرائم دولية أخرى(

لحسم هذه المسألة ومعرفة النص الواجب التطبيق، حيث 1969ماي 23المعاهدات لـ في بنصها المتصلة بموضوع واحدة بعمتتاالمعاهدات تطبيقاللحالة 30 تعرضت المادة

:على ما يلي 2الفقرة حين تنص المعاهدة صراحة على أنها تخضع أو ال تعتبر منافية لمعاهدة سابقة أو «

.» ه المعاهدة األخيرةذالحقة، تسري أحكام هالذي حرص على ستنتج من هذا النص أن األولوية تكون لنظام روما األساسي ي

ة عدم رجعية تطبيق أكثر فعالية في معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية بضمان احترام قاعدويعتبر احترام مبدأ عدم الرجعية كذلك امتثاال لمبدأ الشرعية الجنائية الذي .النص الجنائي

.له ناتعرضمكانية إذا كانت الجرائم ضد اإلنسانية ال تخضع للتقادم، طرح الفقه تساؤال حول إ

ويالحظ أن العديد من الدول التي شهدت ارتكابا لمثل هذه . تطبيق سياسة العفو عليهاالجرائم في فترة من الفترات لجأت بعد استقرار األوضاع إلى اعتماد قوانين تتضمن العفو

وتعتمد الدول مثل هذه . وهذا كله في إطار ما يعرف بالعدالة االنتقالية. عن مرتكبيها :لسببينالقوانين

يرجع األول إلى رغبتها في عدم مساءلة مرتكبي الجرائم التي تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق اإلنسان، وإخفاء جرائمهم بتمكينهم من اإلفالت من العقاب، وفي هذه الحالة

ة الدولة في كونها تدعم مجرمين غالبا ما يكونون قد مارسوا جرائمهم تثور مسألة سوء ني .بصورة حادةالتناقض بين قوانين العفو وعدم تقادم الجرائم برز، ويبدعم من الدولة

ق بغرض أما السبب الثاني، والذي أشرنا إليه أعاله بالعدالة االنتقالية، فهو مطبإعطاء فرصة للبناء والتسامح وطي صفحة العنف واالنتهاكات عندما تكون الظروف

وبة قد يعيد الصراع إلى الساحة مجددا، ذ أن المحاكمات وتوقيع العقإمهيأة لمثل ذلك،

Page 231: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

225

وفي مثل هذه الحالة ال يثور مشكل بالنسبة لعدم تقادم الجرائم باعتبار توجه السياسة هنا .إلى التآم الجروح وزوال أسباب التناحر واالنتهاكات

نشير في هذا الصدد إلى إمكانية أن يثور إشكال بين مبدأ عدم التقادم الوارد في األساسي وبين حاالت العفو التي قد تتخذها بعض الدول بعد دخول هذا النظام نظام روما

حيز النفاذ، وعلى اعتبار أن العفو لم يدرج ضمن حاالت عدم المقبولية التي نصت عليها منه، فستبحث المحكمة ال محالة عن الهدف المتوخى من اعتماد العفو هل هو 17المادة

وسيتوقف قرارها على 544غرض المضي نحو التصالحبهدف اإلفالت من العقاب، أم بر هذه المسألة حاليا بالنسبة للقضايا التي تنظر فيها التحقق من النية في كل حالة، ولم تث

.المحكمة الجنائية الدولية :المدولةو في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية الدولية) ج

اإلفالت منع يالحظ أنه على الرغم من مساهمة القضاء الجنائي المؤقت في تكريس ننظاميالمتابعة مرتكبي أشد الجرائم الدولية خطورة، إال أنه يعاب على و من العقابغير أن . 545خلوهما من أية إشارة إلى مبدأ عدم التقادمللمحكمتين الخاصتين األساسيين

تطبيق قاعدة عدم التقادم مثلما كان األمر في قضية اإلجتهاد القضائي ذهب إلى Furundzija 546بالنسبة لجريمة التعذيب.

هو ما نصت عليه القاعدة و ولقد حاولت بعض المحاكم المدولة تدارك ذلكمنها بإقرارها 17.1التنظيمية المتضمنة إنشاء غرفة خاصة بتيمور الشرقية في المادة

لتي تدخل في اختصاصها المادي، في حين أن النظام األساسي لعدم تقادم كل الجرائم ا .سنعود الحقا لحالة كمبودياو ،547للمحكمة الخاصة بسيراليون لم يشر إلى المبدأ

:في القوانين الداخليةعدم التقادم . 2

.PONCELLA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité…», op. cit., p. 895: أنظر 544 BOYLE, (David), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés quant au régime: انظر 545

du crime », op. cit., p. 131. ,op. cit., par. 157.Le procureur c.Anto FURUNDZIJA, IT-95-17/1-T: انظر 546 BOYLE, (David), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés quant au régime: انظر 547

du crime », op. cit., p. 131.

Page 232: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

226

ال تعرف قاعدة أو القانون العرفي يالحظ بداية أن تشريعات دول الشريعة العامة دأبت مختلف التشريعات الجنائية على تكريس مبدأ عدم 548ثقافيةو التقادم ألسباب تاريخية

سة هذا المبدأ بتفصيالت كل التقادم بالنسبة للدعوى العمومية وكذلك بالنسبة للعقوبات، مكرتجهت نوع من أنواع الجريمة، ومع موجة التكريس الدولي لعدم تقادم الجرائم الدولية، ا

.عدة تشريعات إلى تبني هذا المبدأالذي و 1964ديسمبر 26در في اصالالقانون الفرنسي ويمكن أن نشير هنا إلى

وهو قانون سابق على اتفاقية عدم التقادم 549يكرس عدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانيةصة التي السالف الذكر مما يوحي باهتمام المشرع الفرنسي بالمسألة بالنسبة للظروف الخا

وبهدف عدم المتابعة عن الجرائم التي عاشتها فرنسا خالل فترة الحرب العالمية الثانية .ارتكبتها في مستعمراتها

:لقد نصت المادة الوحيدة من هذا القانون على ما يليال تخضع الجرائم ضد اإلنسانية، مثلما هي معرفة بموجب الئحة األمم المتحدة المؤرخة « ، والتي اعتمدت تعريف الجرائم ضد اإلنسانية، مثلما هي واردة في 1946ي فيفر 13في

.»، بطبيعتها للتقادم 1945أوت 8ميثاق المحكمة الدولية المؤرخ في مطبقا ليس فقط على الدعوى هاتجه الفقه الفرنسي إلى تمديد هذا القانون ليجعل

نص 1994ن آخر صدر في هذا النص قانو ىولقد تل.العمومية، بل كذلك على العقوبةصراحة على عدم تقادم كل من الدعوى العمومية وكذلك العقوبات المنطوق بها بالنسبة

".الجرائم ضد اإلنسانية"لكل الجرائم المعرفة تحت تسمية عال التي ارتكبتها فرغم وجود هذا النص، يبقى اإلشكال قائما بالنسبة لبعض األ

والتي رفضت االعتراف بكونها تشكل جرائم ضد تهاستعمراالتي فرنسا في الدول

.يعود ذلك للمذهب البروتستانتي الذي يرفض األخذ بالمفهوم الكاثوليكي الذي يقر غفران المعاصي في الدنيا 548 ,DELMAS-MARTY, (Mireille), « La responsabilité pénale en échec (prescription: انظر

amnistie, immunités) », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux », Presses universitaires de France, 2002, p. 618.

.PONCELLA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité…», op. cit., p. 890: أنظر 549BENILLOUCHE, (Mickaël), « Droit français», in CASSESE, Antonio, DELMASMARTY, Mireille (Sous Dir.), juridictions nationales …, op. cit., p. 184.

Page 233: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

227

ولقد تضمن القانون البلجيكي .اإلنسانية، مما يجعلها ال تنطوي تحت مبدأ عدم التقادممنه 8النص على قاعدة التقادم في المادة 1999 عامالمعدل 1993جوان 16المؤرخ في :التي جاء فيها

ا القانون أحكام المادة ذمادة األولى من هال تنطبق على الجرائم المنصوص عليها في ال« من قانون العقوبات 91المادة و من الباب التمهيدي لقانون اإلجراءات الجزائية 21

.» العقوباتو المتعلقة بتقادم الدعوى العموميةأما القانون األلماني، فلقد تضمن أحكاما مختلفة بالنسبة لمسألة التقادم، إذ أن المادة

بر سوى جريمة اإلبادة الجماعية وكذلك القتل من الجرائم التي ال تتقادم منه لم تعت 2نصا قاصرا ال ه، وهو ما كان محل انتقاد من قبل الفقه الذي اعتبر550بمرور الوقت

.يتماشى مع المعايير الدولية المكرسة لعدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانيةعلى إثر 2002جوان 26في ةالدولي المعتمدالعقوباتبتفحص مدونة قانون

النقائص التي عرفها القانون تتدارك هادنجنظام روما األساسي،على مصادقة ألمانيا :المعنونة عدم السقوط بالتقادم النص التالي 5السابق، حيث تضمنت الفقرة

ال تسقط الجرائم الجسيمة الواردة في هذا القانون وال تنفيذ األحكام الصادرة بشأنها « .»بالتقادم

يعرف قانون العقوبات اإلسباني قصورا فيما يتعلق بمبدأ عدم التقادم، إذ لم يرد فيه نص صريح يؤكد على عدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانية، كما أن إسبانيا على غرار ألمانيا

، غير أنها صادقت اوفرنسا لم تصادق على اتفاقية عدم التقادم لألسباب التي ذكرناها سابقوكذلك الجرائم (وما األساسي الذي كرس عدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانية على نظام ر

إلى تكريس عدم Priebkeولقد ذهبت محكمة النقض اإليطالية في قضية ).الدولية األخرى .551تقادم الجرائم ضد اإلنسانية باعتبارها تندرج ضمن القواعد اآلمرة

: رأنظ 550

ROTH, (Robert), JEANNERET,(Yvan) , « Droit allemand », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous. Dir.), Juridictions nationales…, op. cit, p. 22.

:للتفصيل انظر 551MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international criminal law, op. cit., p. 277.

Page 234: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

228

ات حاكمة قامت بانتهاكات أما دول أمريكا الالتينية التي شهدت عدة دكتاتوريهذه األنظمة إلى انتقالجسيمة لحقوق اإلنسان، وارتكبت فيها جرائم ضد اإلنسانية، ومع

الحكم الديمقراطي، بات من الضروري متابعة ومعاقبة هذه الجرائم الخطيرة، وإرساء مبدأ بالمصادقة على اتفاقية ر قيام العديد منها عدم التقادم المتعارف عليه اتفاقيا، وهو ما يفس

1968. نت إقرار العفو، وهو األمر ألرجنتين، نجد أن التشريعات األولى تضمأمابالنسبةل

، مما أدى بالمشرع إلى التدخل وإلغاء هذه القوانين 552الذي لم يالق قبوال على عدة أصعدة .المجحفةت عليها ، فلقد اعتبرت المحاكم في القضايا التي عرضاإلجرائيعلى الصعيد و

والمتعلقة بأحداث وقعت خالل فترة الدكتاتوريات، أن األفعال التي تصنف ضمن طائفة الجرائم ضد اإلنسانية ال تتقادم باعتبار أن هذا المبدأ مكرس في القانون الدولي العرفي،

ال تلغيها أية قواعد 553بل أنها اعتبرت أن عدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانية يعد قاعدة آمرة .نونية أخرى سواء كانت سابقة أم الحقة عليهاقا

الرئيس المتوفى مثلهاأما الشيلي والتي كانت مسرحا ألشهر الدكتاتوريات التي ا ل حاجزا مهمبينوشي، فإنها لم تصادق بدورها على اتفاقية منع التقادم، وهو ما قد يشك

.في معاقبة الجرائم ضد اإلنسانيةدا من نوعه ضمن مجموعة الدول األمريكية، إذ نص وتعتبر فنزويال نموذجا فري

، 554منه 271دستورها صراحة على عدم تقادم الجرائم ضد حقوق اإلنسان في المادة .وهو ما يشمل الجرائم ضد اإلنسانية

ALVARES, (Alejandro E.), BERTONI, (Eduardo A.), BOO, (Miguel), « Droit:أنظر 552

argentin », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous. Dir.), Juridictions nationales…, op. cit., p. 318.

ALVARES, (Alejandro E.), BERTONI, (Eduardo A.), BOO, (Miguel), « Droit: أنظر 553argentin », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mireille), (Sous. Dir.), Juridictions nationales…, op. cit., p. 318. PARENTI, (Pablo F), «The prosecution of international crimes in Argentina» , I.C.L.R., 2010, n°10, p. 498.

:أنظر 554AMBOS, (Kaï), « Les pays d’Amérique latine », in CASSESE, (A.), DELMAS- MARTY (Sous. Dir.), Juridictions nationales, op. cit., p. 516.

Page 235: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

229

الواليات المتحدة األمريكية والتي كانت فاعال رئيسيا في التكريس القانوني نالحظ أناإلنسانية، لم تصادق على اتفاقية عدم التقادم، كما أنها لم تصادق لمفهوم الجريمة ضد

555على نظام روما األساسي الذي يكرس عدم تقادم الجرائم الدولية رغم أنها وقعت عليهغير أن المحاكم األمريكية نظرت في قضايا محاكمات لمتهمين . ثم سحبت توقيعها

الحرب العالمية الثانية، مثل قضية بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية تعود وقائعها إلىDEMJANJUK التي سنعود إليها الحقا.

نشير في هذا الصدد إلى القانون الكمبودي المتعلق بإنشاء الدوائر اإلستثنائية في :5المحاكم الكمبودية الذي أقر المبدأ بمناسبة تعريف الجرائم ضد اإلنسانية في المادة

.»...، أحد األفعالال تتقادمالتي و يقصد بالجريمة ضد اإلنسانية«ولقد أدرجت عدة دول إفريقية في القوانين التي سبق أن تعرضنا لها في الفصل

العقوبة بالنسبة للجرائم ضد و الثاني من الباب األول مبدأ عدم تقادم الدعوى العموميةرواندا في ، 32، مالي في المادة 14هو حال قانون جزر القمر في المادة و اإلنسانية .14جمهورية الكونغو في المادة و 20المادة

أن نتوقف عند الدول العربية لفحص موقفها من المسألة، خاصة أنها مهممن الكانت مستعمرة لفترة زمنية طويلة، كما أن البعض منها شهد انتهاكات جسيمة لحقوق

م ضد األكراد في اإلنسان خالل بداية العشرية األخيرة من القرن الماضي مثل الجرائباإلضافة إلى األحداث المأساوية في سوريا العراق، والجرائم المرتكبة في الكويت،

.الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني يوميامة لبعض االنتهاكات الخطيرة وبالموازاة مع المصادقة على بعض االتفاقيات المجر

ة الجماعية، فإن البعض منها صادق على لحقوق اإلنسان مثل اتفاقية منع جريمة اإلباداتفاقية عدم التقادم وهو حال الجمهورية العربية الليبية، الكويت، اليمن وتونس، غير أن هذه الدول تعرف فراغا في مجال تجريم الجرائم الدولية عموما والجرائم ضد اإلنسانية

: أنظر للتفصيل أكثر555

LEE, (Karen I), « Les Etats-Unis d’Amérique et le Canada », op. cit., p.465-466.

Page 236: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

230

مثلما يتطلبه 556الداخلية خصوصا، حيث لم تدمج هذه الدول األحكام االتفاقية في قوانينها .تعرضنا له في الباب األولو القانون الدولي الجنائي في مثل هذه الحاالت

بالنسبة 2014جانفي 26الصادر في اإلستثناء هو ما كرسه الدستور التونسي إن : 23الفصل إلحدى صور الجرائم ضد اإلنسانية في

.»ال تسقط جريمة التعذيب بالتقادم و «شروع القانون العربي النموذجي للجرائم التي تدخل في اختصاص كما تضمن م

:عدم التقادمعلى منه 6المحكمة الجنائية الدولية النص في المادة ال العقوبة المحكومة بها عن الجرائم المنصوص عليها في و ال تسقط الدعوى الجزائية «

.»هذا القانون بالتقادم هو موقفها المتحفظ والسلبي خالل المفاوضات التي لهذه الدولتعقيداما زاد األمر

جرت بشأن نظام روما األساسي بغرض إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، حيث أنها إال أربعة دول امتنعت عن التصويت لدى اعتماده، ولم تصادق عليه إلى غاية يومنا

ام التي تنص على عدم تقادم غير أن منظومتها التشريعية تبقى تشهد نقصا في األحك.فقط .الجرائم ضد اإلنسانية

شرعت األردن في إعداد مدونة خاصة بمعاقبة جرائم الحرب على إثر مصادقتها على اتفاقية روما، كما أن هذه الدول لم تعتمد ضمن قوانينها الداخلية مفهوم الجرائم ضد

.قطعي تأخذ به ، مما ال يساعد على وجود مبدأ عدم التقادم كمبدأ557اإلنسانية جرائموتأخذ معظم القوانين العقوبات العربية بمبدأ تقادم الجرائم والعقوبات، وهي

القانون العام، غير أن موقفها تجاه الجرائم الدولية ينبغي أن يكون على خالف ذلك، .تماشيا مع القواعد الدولية في هذا الشأن

ات داخلية تتالءم مع قواعد تجريم ونأمل أن تتوجه الدول العربية إلى اعتماد تشريعن من ومعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في شتى العناصر الموضوعية واإلجرائية حتى تتمك

نها من تقوية موقفها والعمل على معاقبة مرتكبي هذه الجرائم بناء صرح قانوني متين يمكئية الدولية التي نها من ذلك، خاصة مع إنشاء المحكمة الجنابموجب تمتعها بآليات تمك

.LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les pays d’Islam », op. cit., p. 529: أنظر 556 .LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les pays d’Islam», op. cit., p. 135: أنظر 557

Page 237: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

231

نظر في قضايا تخص دوال إفريقية وعربية فقط، حتى ال تكون كانت لغاية فترة قريبةت .ضحية الستعمال العدالة الجنائية الدولية ألغراض ذاتية

الرجعية سواء كان األمر بالنسبة لقاعدة عدممشكالرييثتطبيق قاعدة عدم التقادم إن .على المستوى الدولي أو على المستوى الداخلي

األمم المتحدة الخاصة بعدم يةاتفاقى النصوص الدولية وتوقفنا عند فإذا نظرنا إل :المادة األولى التقادم، نجدها اعتمدت مبدأ التطبيق بأثر رجعي حيث نصت

.» ...النظر عن وقت ارتكابهاال يسري أي تقادم على الجرائم التالية بصرف « :من نظام روما األساسي نصت أنه 11/1في حين أن المادة

ليس للمحكمة اختصاص إال فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام « .» األساسي

:كذلك التي نصت 24وهو ما يكرس مبدأ عدم الرجعية، والذي تأكد عبر المادة .»ص جنائيا بموجب هذا النظام األساسي عن سلوك سابق لبدء نفاذ النظامال يسأل الشخ«

المشكل بحدة عندما ال تتضمن النصوص القانونية أي نص حول مدى طرح ياعتمادها مبدأ عدم الرجعية أم ال، وهو األمر الذي ورد بالنسبة للقانون الفرنسي لـ

االتهام بباريس اعتبرت أن النص ، إذ أن غرفة "TOUVIER"بالنسبة لقضية توفيي 1964المتعلق بعدم التقادم ال يمكنه أن يشمل أفعاال سبق وأن تقادمت بموجب القواعد العامة، وهو ما عارضته الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، آخذة على غرفة االتهام عدم بحثها عما

ام نظام المحكمة ستنتج أم ال من أحكإذا كان مبدأ عدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانية يالتي عرفت الجرائم ضد اإلنسانية دون أن 6العسكرية الدولية بنورمبرغ السيما المادة

.558تربطها بأي عنصر زمني من أجل متابعتها وقمعها

رفع القواعد المجرمة للجرائم ضد اإلنسانية إلى مصاف القواعد اآلمرة: المطلب الثاني درج الجرائم الدوليةأو الجرائم ضد اإلنسانية ضمن جدل ت

.PONCELLA, P., « L’imprescriptibilité »…, op. cit., p. 891-892: أنظر 558

Page 238: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

232

قواعده من مصادر مختلفة، كما إن القانون الدولي باعتباره نظاما متجانسا يستمدأنه يقوم على أساس المساواة في السيادة بين الدول، األمر الذي يجعل من وجود تدرج في

ج في قواعده تحت غير أن القانون الدولي عرف ظهور تدر.559المصادر تصورا مستحيالللتطبيق في القانون الدولي خصبامفهوم القواعد اآلمرة أو القطعية والذي عرف مجاال

مع تخصيص بعض صور الجرائم ضد اإلنسانية بهذه الصفة ) األولفرع ال(الجنائي ).الثانيفرع ال(

القانون الدولي الجنائي والقواعد اآلمرة :الفرع األولبعد الحرب األولى لي الجنائي كفرع قانوني برزت نواته إن حداثة القانون الدو

له القانون العالمية الثانية جعلته يتطور بسرعة، مع بقائه متموقعا في اإلطار العام الذي يمثوتم تطبيق هذه القواعد ) - 1(الدولي، حيث يعرف هذا األخير قواعد ال يمكن مخالفتها

).-2(على الجرائم ضد اإلنسانية :المفهوم واآلثار: اعد اآلمرةالقو .1

عالج القانون الدولي اإلتفاقي مفهوم القواعد اآلمرة في محاولة لإلحاطة بمضمونه ).-ب(استتبع ذلك اإلجتهاد القضائي بإضافة قواعد توضيحية و )-أ( :االتفاقيالمفهوم )أ

الداخلية، فإن إذا كانت فكرة القواعد اآلمرة استخدمت منذ فترة طويلة في القوانين .560مر لم يكن كذلك في القانون الدولي إال منذ عهد قريب نسبيااأل

عرف من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية تعدادا لما ي 38ت المادة تضمنبالمصادر الرسمية للقانون الدولي، ولقد انتقد الفقه بشدة الطابع الضيق لهذا التعداد

LAGHMANI, Slim, « Le jus cogens et la cohérence de l’ordre juridique international:أنظر 559=» , in Les Droits de l’homme. Une cohérence pour le droit international ?, Colloque des

17,18et 19 avril 2008, sous la direction de Rafaâ BEN ACHOUR, et Slim LAGHMANI, =PEDONE, 2008, p. 63.

،1979عبد المجيد، النظرية العامة للقواعد اآلمرة في النظام القانوني الدولي، رسالة دكتوراه، محمد ليمانس: انظر 560 .80ص

Page 239: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

233

كما أشرنا له في الباب غفل اإلشارة إلى مصادر هامةباعتباره ليس حصريا، وكونه أ .األول

مفهوم جديد يعرف بالقواعد 1969ورد في اتفاقية فيينا للقانون المعاهدات لـ منها، وهي قواعد ال يجوز بأي حال من 64و 53ضت له المادتان تعر القطعيةاآلمرة أو

.561عتبر ملزمة فقطاألحوال مخالفتها مقارنة مع القواعد األخرى التي تالذي يقوم على 562ارتبط مفهوم القواعد اآلمرة تقليديا بفكرة النظام الدولي العام

نت اتفاقية لقد تضما اإلطار ذفي هوال يمكن للدول أن تقوم بخرقها، صلبة وجود نواة وتتعلق بالقواعد اآلمرة السابقة في ظهورها 53فيينا حالتين، وردت األولى في المادة

:قواعد القانون الدولي األخرى الملزمة، فنصت على ما يلي علىتعتبر المعاهدة الغية إذا كانت، في وقت عقدها، تتعارض مع قاعدة قطعية من قواعد «

راد بالقاعدة القطعية من قواعد القانون وفي تطبيق هذه االتفاقية ي. القانون الدولي العامالمجتمع الدولي ) مجتمع الدول الدولي(بها من الدولي العام أية قاعدة مقبولة ومعترف

منها وال يمكن تغييرها إال بقاعدة الحقة من قواعد باالنتقاصسمح بوصفها قاعدة ال يككل .») الخاصية(القانون الدولي العام يكون لها نفس الطابع

:حالة القاعدة اآلمرة الالحقة بنصها 64تضمنت المادة جديدة في القانون الدولي العام، تصبح أية معاهدة قائمة تخالف إذا ظهرت قاعدة قطعية «

.»هذه القاعدة الغية ومنهية ، مما 563تكريسا وضعيا غير متنازع فيه للنظام العام الدولي 53ل نص المادة يمث

قطعية والعكس صحيح، ويبرز تجاوز الوضع التقليدي العام يجعل كل قواعد النظام

DUPUY, (Pierre-Marie), « Normes internationales pénales et droit impératif (jus:أنظر 561cogens) », in ASCENCIO, Hervé, DECAUX, Emmanuel, PELLET, Alain (Sous Dir), Droit international pénal, PEDONE, 2000, p. 71.

FOUCHARD, (Isabelle), Crime international…, op. cit, p. 200. .169مواجهة الدولية والوطنية، مرجع سابق، ص ياسر حسن كلزي، ال: انظر 562

و يتمسك بعض الفقه بضرورة التمييز بين النظام العام الدولي الذي يمس بالنظام العام لعدة دول وبين النظام العام .الذي يمس بالمجتمع الدولي ordre public universelالعالمي

.ONDO, (Télésphore), « La compétence universelle en Afrique », op. cit., p. 81:راجع ذلك في .243، مرجع سابق، ص عبد المجيد، النظرية العامة للقواعد اآلمرةمحمد ليمانس: أنظر 563

LAGHMANI, (Slim), «Le jus cogens et la cohérence…», op. cit., p. 65.

Page 240: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

234

ا المفهوم ذ، كما يعتبر الفقه أن ه564لى الرضا وإرادة الدولللقانون الدولي المؤسس ع .565تشكل كدرع للبشرية يؤدي إلى منح الفعالية للمجموعة الدولية

إذا حاولنا تسليط الضوء على بعض العناصر الواردة في تعريف القاعدة اآلمرة، ال يشير نجد عنصر القبول من المجتمع الدولي ككل، ولقد تم تفسير هذا العنصر بكونه

واسعة قصد به أغلبية إلى اإلجماع كما قد يبدو عند قراءة المادة بصياغتها المعتمدة، بل ي، وهو نفس االتجاه الذي ذهبت إليه لجنة الدول une large majorité566معتبرةأو

، حيث Michael Dominguesاألمريكية لحقوق اإلنسان في قضية مايكل دومينغس :عن اعتراف من قبل مجتمع الدول الدولي ككل اعتبرت أنه يمكن الحديث

ة عارضهناك م تمن الدول، حتى وإن كان معتبرة عندما يوجد قبول واعتراف أغلبية« .567»من قبل عدد صغير من الدول

، فلقد تمسك المعتبرةالواسعة أو األغلبية المقصود باقترح الفقه عدة معايير لتحديد يتم القبول من دول تنتمي إلى كل المكونات األساسية بمبدأ التمثيل، أي أن AGOالفقيه

وال يهم بعد ذلك أن يعارض عدد صغير من ، 568للمجموعة الدولية بمختلف النظم القانونيةيا لمنع الفصل العنصري سالدول هذه القاعدة، وهو حال معارضة جنوب إفريقيا ورودي

.التي تمنع هذا الفعل والذي لم يؤثر بحال من األحوال في وجود القاعدة اآلمرةوجود مخالفين بسبب جد كما أن اإلجماع مسألة غير واردة، باعتبار أن النظام العام و

.دةاالسيصاحبة ومعارضين، مما يؤكد الطابع المتفوق للقواعد اآلمرة على إرادة الدول

FOUCHARD, (Isabelle), Crime international … op. cit., p. 198: انظر564 :انظر للتفصيل 565

BEDJAOUI, (Mohammed), L’humanité en quête de paix et de développement, op. cit.,.,Vol II, p. 499.

très largeإلى أنه يكفي وجود أغلبية مطلقة 1969تمت اإلشارة خالل مؤتمر األمم المتحدة بغرض تبني اتفاقية 566majorité.

.LAGHMANI, (Slim), « Le jus cogens et la cohérence…», op. cit.., p. 67: أنظر :2003تقرير اللجنة الصادر في في جاء 567

« Where there is an acceptance and recognition by a large majority of states, even if over dissent by a small number of states”.

BIAD, (Abdelwahab), La Cour internationale de justice et le droit international: ر فيمذكو568humanitaire. Unelex specialis revisitée par le juge, BRUYLANT, 2011, p. 50.

Page 241: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

235

عرف أي ز بالحداثة والتطور، إال أنه لم يإذا كان النص المعتمد في اتفاقية فيينا يتميتطبيقات عملية خالل فترة زمنية طويلة نسبيا بسبب الصراع الذي كان موجودا في فترة

ي يشير إلى نظرالثنائية القطبية بين المعسكرين الشرقي والغربي، وبقي مجرد مفهوم .قبل مخالفتها بأي حال من األحوالقواعد ال ت

ل دفعا لتجسيد هذا ية شكغير أن زوال المعسكر االشتراكي وظهور األحادية القطبالمفهوم، وساهمت األحداث التي وقعت في قلب أوروبا وإفريقيا في توضيحه وهو ما كرسته التطورات األخيرة لقانون المسؤولية الدولية والقانون الدولي الجنائي، عبر تكريس

عرف لمرتكبي االنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان أو ما ي الجنائية الفرديةالمسؤولية بالجرائم الدولية أمام المحاكم الجنائية الدولية، وكذلك وضع نظام للمسؤولية المشددة التي

.569تقع على عاتق الدولة، خروجا عن القواعد العامة للمسؤوليةمن اتفاقية فيينا المشار إليها آنفا، وبين 53وفي هذا الصدد ينبغي الربط بين المادة

المحكمة اختصاص محاكمة مرتكبي حئية الدولية الذي يمنناالنظام األساسي للمحكمة الجالجرائم األشد خطورة التي تمس المجموعة الدولية، وكذلك الفصل الثالث المتضمن : مجموعة من المواد حول مسؤولية الدول عن األفعال غير المشروعة دوليا والمعنون

ن الدولي العام الذي اعتمدت االنتهاكات الجسيمة اللتزامات ناتجة عن قواعد قطعية للقانو2001ه في لجنة القانون الدولي نص.

بصدد إلى أن لجنة القانون الدولي كانت خالل األعمال التي جرت ةراشاإلويمكن لقوةاستخداما: ل قواعد آمرةقد أعطت أمثلة لما يشك المسؤولية الدولية مشروعإعداد

، القيام بأفعال تشكل جرائم وفقا للقانون الدولي، القيام بأفعال مثل ةمشروعبطريقة غير االتجار بالرقيق، القرصنة أو اإلبادة الجماعية، مخالفة المبادئ األساسية للقانون اإلنساني،

.570حق الشعوب في تقرير مصيرها والمساواة بين الدول

.LAGHMANI, (Slim), « Le jus cogens et la cohérence…», op. cit., p. 68: أنظر 569

VAURS CHAUMETTE, (Anne-Laure), Les sujets du droit international pénal, op. cit., p 202. :يمكن االطالع على مشروع اتفاقية قانون المعاهدات على الموقع التالي 570

http://www.un.org/law/ilc , Annuaire CDI, 1966, Vol. II, p. 270.

Page 242: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

236

تأويالت بهما يبقى محل ل هذا تطورا معتبرا بدا في مرحلة اعتماده مفهوما مويشكغير أن القضاء باجتهاده لعب دورا في بلورة وتوضيح مفهوم .مختلفة، متضاربة أحيانا

.القواعد اآلمرة بصورة رفعت عنه الجدل وحسمت بشأنه الخالف :في االجتهاد القضائي)ب

إن الطابع الغامض والمبهم للقواعد اآلمرة جعل من القضاء الدولي يأخذ موقفا متحفظا اتجاهه، حيث تفادت كل من محكمة العدل الدولية والمحاكم التحكيمية الدولية

ة تكييف القواعد التي تتعرض لها بكونها جنبالخوض في هذه المسألة بطريقة صريحة، مت .571قواعد آمرة

:ولم يخرج موقف القضاء الدولي من المسألة عن الحاالت التاليةعد اآلمرة إال لنفي هذه الصفة عن بعض القواعد كان القضاء ال يشير إلى القوا

ويل ضد الكويت أالقانونية الدولية وهو ما ورد في الحكم التحكيمي الصادر في قضية أمين .1982مارس 24في

في بعض القضايا، كان القضاء يتفادها، باستعمال حجج تتعلق باختصاص المحكمة، وكان هذا األمر في عدة قضايا نذكر منها القرار الصادر عن محكمة العدل

والمتعلق بالتحديدات البحرية بين غينيا بيساو والسنيغال، 1989جويلية 31الدولية في والمتعلق بمشروعية التهديد 1996يلية جو 8وكذلك الرأي االستشاري الصادر في

قاعدة ما بكونها قاعدة الذي تقوم به لتكييف المن أجل إحالة .باألسلحة النووية أو استخدامهاآمرة إلى جهاز آخر، وكان هذا الحال في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية في

.1986جوان 27نيكاراغوا في ى كذلك في أنها لم تستعمل التسمية الواردة في كما أن هذا الموقف المتحفظ تجل

أخرى للداللة عليها، ففي قضية مشروعية التهديد بالسالح ااتفاقية فيينا، بل استعملت ألفاظ، وفي 572النووي أو استعماله، استخدمت المحكمة لفظ االعتبارات اإلنسانية األساسية

:انظر 571

BIAD, (Abdelwahab), La Cour internationale de justice et le droit international humanitaire, op. cit., p.51.

.172ياسر حسن كلزي، المواجهة الدولية والوطنية، مرجع سابق، ص : انظر 572

Page 243: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

237

obligations ergaاجهة الكافة قضية برشلونة تراكشن اختارت عبارة االلتزامات في مو

omnes573. غير أن التحول في موقف المحكمة تصادف مع قرارها الصادر في قضية

3بتاريخ ) جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد رواندا(النشاطات المسلحة في إقليم الكونغو 2006فيفري

:هحيث ورد في574طابع ) بال شك(التي تحوز ) يةمنع اإلبادة الجماع(أن النزاع يتعلق باحترام قاعدة «

.575»القاعدة اآلمرة :القواعد اآلمرة والجرائم ضد اإلنسانية.2

يطرح مفهوم القواعد اآلمرة عند وضعه في إطار القانون الدولي الجنائي تساؤال .576لهمفاده ما إذا وجد هناك تدرج بين قواعده، وبالتالي بين مختلف المصادر التي تشك

وبتفحص بعض القواعد التي تحوز صفة مبادئ القانون الجنائي العامة Principes généraux de droit pénal والتي وردت في نظام روما األساسي باعتبارها

من بينها مبدأ شرعية الجرائم يمكن أن نستخلصقواعد أساسية ال يجوز بحال مخالفتها، ئي، المسؤولية الجنائية الفردية وغيرها من المبادئ والعقوبات، عدم رجعية النص الجنا

المبادئ العامة للقانون الجنائي، هذا بالنسبة : التي وردت في الفصل الثالث المعنون .للصنف األول من القواعد

أما الثاني فهو مجموعة القواعد التي تحوز صفة مبادئ القانون اإلنساني والتي دت منه التي حد 5ما ورد في نظام روما في المادة تشكل مخالفتها جرائم دولية، وهو

.249، مرجع سابق، ص للقواعد اآلمرةعبد المجيد، النظرية العامة محمد ليمانس: انظر 573 BIAD, (Abdelwahab), La Cour internationale de justice et le droit international: انظر 574

humanitaire, Ibid., p.52. Affaire des activités armées sur le territoire du Congo (République Démocratique du:أنظر 575

Congo c. Rwanda), arrêt, 3 février 2006, par 64. .DUPUY, (Pierre-Marie), «Normes internationales pénales…», op. cit., p. 71: أنظر 576

Page 244: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

238

للمحكمة الجنائية الدولية بالجرائم األكثر خطورة التي تمس ) النوعي(االختصاص المادي .المجموعة الدولية ككل، والتي تدرج ضمنها الجرائم ضد اإلنسانية

ة فيينا من اتفاقي 53ويمكن في هذا الصدد أن نربط بين هذا النص وبين نص المادة مما جعل " المجموعة الدولية ككل"لقانون المعاهدات، حيث نالحظ اشتراكهما في عبارة

د مجال التطبيق المادي للقانون الدولي الجنائي الفقه يؤكد أن مجموعة القواعد التي تحد .577والسيما فيما يخص الجرائم ضد اإلنسانية على عالقة وطيدة بمسألة القواعد اآلمرة

ت تجريم ومعاقبة الجرائم ضد القانونية المختلفة المصادر التي تول النصوصإن ح لمنع ارتكاب هذه نج من نظام نورمبرغ األساسي أصبحت تم/6بدءا بالمادة اإلنسانية

.578لقد أسهم العرف الدولي بقسط وفير في ذلكو الجرائم وصف القاعدة اآلمرةد هذا وسنوضح فيما بعد أن االجتهاد القضائي أيرا في عدة مناسبات الترابط مقر

ئي السيما في ل انتهاكا للقواعد اآلمرة للقانون الدولي الجناأن الجرائم ضد اإلنسانية تشكفيها بقرارات مؤكدة ال يعتريها أي لبس لبعض صورها التي فص.

القواعد اآلمرة والجرائم ضد اإلنسانية في االجتهاد القضائي الجنائي :لثانيالفرع ا دوليال

طائفة القواعد اآلمرة أن تفسيرها وتحديد معالمها لم يكن في خصوصياتمن ستها، بل من قبل القضاء الذي تدخل في مناسبات عديدة إلضفاء هذا النصوص التي كر

ير فالطابع على الجرائم الدولية بصفة عامة، ولقد حظيت الجرائم ضد اإلنسانية بنصيب و ةميجراعتبرت التي اإلبادة الجماعية يمة جرترنا البدأ بغير أننا اخمن هذا التكييف،

منع التعذيب سنتوقف بعدها عندو (1-)الستعراض اإلستدالل القانوني بشأنها الجرائم .(2-)ر قاعدة آمرة اعتبالذي :جريمة الجرائم: اإلبادة الجماعية. 1

).-ب(الجنائية لروانداالمحكمة و )-أ(تكريس ذلك من قبل محكمة العدل الدولية تم

: أنظر 577

DUPUY, (Pierre-Marie), «Normes internationales pénales…», Ibid., p. 76. : انظر 578

MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international criminal law, op. cit., p. 263.

Page 245: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

239

:في االجتهاد القضائي لمحكمة العدل الدولية) أسبق وأن تعرضنا التفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها المعتمدة

في سياق تميز بتحرك المجتمع الدولي غداة الحرب العالمية الثانية بغرض 1948 عامال تتكرر الفظائع واالنتهاكات الخطيرة وضع التزامات وضعية على عاتق الدول حتى

وذكرنا أن . لحقوق اإلنسان، وظهور القانون الدولي الجنائي وبروز مفهوم الجرائم الدوليةست مجموعة من االلتزامات على دولة طرف كر 142هذه االتفاقية التي تلزم اليوم

قانون الدولي، يحوز صفة عاتقها، من بينها منع اإلبادة الجماعية، وهو التزام أساسي في ال .579القاعدة اآلمرة التي ال يمكن بأي حال من األحوال مخالفتها

جمع و من الضروري أن نبدي مالحظتين أوليتين عن هذه االتفاقية الهامة التي ت .اآلراء أنها أصبحت تحوز طابعا عرفيا مؤكد إلى جانب مصدرها االتفاقي

لداللة على ل" الوقاية"نها أدرجت عبارة نجد أ،عند الرجوع إلى عنوان االتفاقيةموضوعها، مما يوحي إلى التكريس المبدئي للقمع بوضع التدابير الالزمة التي تحول

قط بعد ارتكابها وتمنع دون ارتكاب هذه الجريمة الخطيرة، إذ أن قمع الجرائم ال يكون فع إجراءات وآلية ردعية ، بل األجدر هو العمل على أال يتم ارتكابها بوضمرتكبيهابمتابعة

.تمنع من تجسيدها على أرض الواقع، هذا بالنسبة للمالحظة األولىهذه االتفاقية من قبل القضاء الدولي، السيما بتطبيق أما المالحظة الثانية، فمتعلقة

محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة األمم المتحدة، إذ تعتبر غة ب، مما يعطي لقرارها ص580األولى التي تطبق فيها المحكمة هذه االتفاقية هذه المرة

.شاملة

=:أنظر 579

MARTIN, (Pierre-Marie), « Quelques précisions sur le crime de génocide», recueil DALLOZ, 2007, N° 30, p. 2121.

حول مسألة 1951ماي 28نشير إلى أنه سبق لمحكمة العدل الدولية أن أصدرت رأيا استشاريا مؤرخا في 580ضت لمعيار موضوع المعاهدة والغرض من التحفظات المتعلقة باتفاقية منع اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها، أين تعر

.إبرامها www.icj-cij.org: وقع التالييمكن اإلطالع على مضمون الرأي االستشاري على الم

Page 246: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

240

إلى األحداث التي وقعت في هتعود ظروفحيث ونشير بداية إلى إخطار المحكمة، تفكك الجمهورية اليوغسالفية الفيدرالية إثر على 1991نهاية العام السابقة إقليم يوغسالفيا

وهبوب رياح الديمقراطية على دول أوروبا الشرقية التي كانت بعد نهاية الحرب الباردةالعرقية والدينية المختلطة التي كانت للتركيبةبالنظر و .لتغيير وبناء دولة القانونلاقة تو

مين بجمهورية تتكون منها الدولة الفيدرالية، شرع الصرب المتواجدين في البوسنة مدعيل وأفعال بشعة ضد البوسنيين المتواجدين في البوسنة صربيا والجبل األسود في أعمال تقت

وجرائم ، جرائم ضد اإلنسانية صفت بكونها جرائم إبادة جماعيةوالهرسك، وهي أعمال وةسابقالة الجنائية الدولية ليوغسالفيا ك بإنشاء المحكمحرب، جعلت مجلس األمن يتحر

البوسنة والهرسك إلى رفع ، وبالتوازي مع ذلك، لجأت جمهورية628بموجب القرار مارس 20دعوى ضد جمهورية صربيا والجبل األسود أمام محكمة العدل الدولية في

1993المترتبة عليها بموجب لتزاماتالطالبة منها الحكم على هذه األخيرة بانتهاكها ل 581

.السيما المادة األولى منها 582اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليهان محكمة العدل الدولية في إطار فحصها للوقائع وطلبات المدعية المتعلقة بجريمة إ

التي سبقتها في ة سابقاليوغسالفيا محكمة ة استلهمت من االجتهاد القضائي لاإلبادة الجماعيهذا المجال، والتي تعرضت للعناصر المكونة لهذه الجريمة، وقدمت تفسيرا صارما لها

، مما يفسر الطابع الخطير لهذه 583ألجل إدخالها تحت هذا المسمى قة في األفعالمدق .الجريمة

:2004أفريل 19الصادر في Krsticوفي هذا اإلطار ورد في قرار بثبوت التهمة بجريمة اإلبادة جزمجل الأة الواجب توفرها من مرأن الشروط الصا«

المتمثلة في إثبات القصد –إن هذه الشروط . الجماعية دليل على خطورة هذه الجريمةالخاص الذي يعتبر أمر صعبا وكذلك العنصر الخاص، باإلضافة إلى كون المجموعة كلها

.اإلطالع على العريضة االفتتاحية للدعوى كاملة على موقع المحكمة المشار إليه آنفا مكني 581بناءا على استخالف جمهورية 1948نشير إلى أن جمهورية البوسنة والهرسك تعتبر ملزمة بموجب اتفاقية 582

مارس 12ورية صربيا والجبل األسود انضمت إليها بتاريخ ، وأن جمه1992ديسمبر 29يوغسالفيا الفدرالية منذ http://treatie.un.org: ، راجع الموقع التالي2001

.MARTIN, (Pierre-Marie), «Quelques précisions…», op. cit., p. 2123: أنظر 583

Page 247: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

241

الجريمة تبعد خطر التصريح بثبوت –أو جزءا هاما منها هي التي كانت مستهدفة باإلبادة غير أنه عندما تتوافر جميع هذه الشروط، فال ينبغي للقانون أن .بصفة عشوائية وتعسفية

محاولة إبادة في فإن قوات صرب البوسنة . عن تعيين الجريمة المرتكبة باسمها يمتنع 40فلقد قامت هذه القوات بإبادة . جزء من مسلمي البوسنة، تكون قد ارتكبت إبادة جماعية

، وهي مجموعة Srebrenicaرينيتشا بيرا يقطنون سلمي البوسنة الذين كانوألف من مس .584»تمثل مسلمي البوسنة في مجملهم

لقد تعرض قرار محكمة العدل الدولية بصفة معمقة لاللتزام بمنع اإلبادة الجماعية ادة منع اإلب« ك في تسمية االتفاقية ذاتها لالمادة األولى من االتفاقية، وكذالذي ورد في

المنع والمعاقبة : لتزامينإلمسألة ات المحكمة عالج، ولقد 585»الجماعية والمعاقبة عليها :وحاولت الموازنة بينها كالتالي

ال يمكن استخالص أن االلتزام بالمنع ليس له وجود قانوني مستقل، أو أنه من ناحية ما « . محط فحص المحكمة لوحده يتم إدراجه في االلتزام بالمعاقبة، بحيث يكون هذا األخير هو

ةمعياري قيمةإن االلتزام الذي يقع على عاتق كل دولة متعاقدة بمنع اإلبادة الجماعية يحوز .586» املزم اوطابع

الوارد في االتفاقية وكونه ال يقل أهمية عن بالمنع مما يوحي بأهمية االلتزام خصوصية، تتمثل في إمكانية االلتزام بالمعاقبة، وهو ما يمنح جريمة اإلبادة الجماعية

ر عنه الفقه بجريمة اإلبادة وهو ما عب، هاعها عند حدوث إخالل بااللتزام بمنتحقق وقوع .587باالمتناع

واصلت المحكمة في استداللها عن البحث في وجود مسؤولية تقع على عاتق حيث اعتبرت أنه يوجد إخالل بااللتزام ،)صربيا والجبل األسود(جمهورية يوغسالفيا

,par. 12.Le procureur c. KRSTIC, IT-98-33-T: أنظر 584 .MARTIN, (Pierre-Marie), «Quelques précisions…», op. cit., p. 2124: أنظر 585 Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de :أنظر 586

génocide, arrêt, 26 février 2007, par. 427. .Génocide par omissionيتكلم الفقهاء عن 587 ,.MARTIN, (Pierre-Marie), « Quelques précisions sur le crime de génocide»,op. cit: انظر

p. 2124 et 2125.

Page 248: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

242

ع نوإعمال الوسائل المناسبة بغرض م اتخاذعن بمنع الجريمة عند وجود امتناع من الدولة فت المحكمة هذا االلتزام بكونه التزام بتصرف وليس ولقد صن. ارتكاب اإلبادة الجماعية

:التزاما بنتيجة حيث جاء في القراردولة ما التزاما بالحيلولة دون وقوع إبادة جماعية في كل ال يمكن أن نفرض على «

.588»الظروف تشير المحكمة في هذه الحيثية بوضوح إلى التصرفات التي تقوم بها الدولة على أرض الواقع لغرض الوصول إلى عدم ارتكاب مثل هذه الجريمة، والتي قد تعجز في

ذلك، ولعل العامل الجغرافي هنا قد عها مننمتعن الوصول إلى ذلك نتيجة لعوامل الواقع أن تتخذ فيهاا، خاصة إذا كانت أراضي الدولة تمتد إلى مساحات شاسعة يتعذر يبدو مهملى الرابط القوي الذي يربط صرب البوسنة إكما أن المحكمة أشارت .فورية تإجراءا

طراف في اتفاقية بجمهورية يوغسالفيا الفدرالية آنذاك لو قارناه مع باقي الدول األخرى األرب البوسنة، وما زاد صوأكدت على التأثير الذي كانت تمارسه هذه الدولة على 1948

الوضع تأزما هو ما ورد في األمرين المتضمنين اتخاذ تدابير تحفظية الصادرين عن التزامات محددة على هذه الدولة بغرض التحرك لمنع اوضع انذل، وال1993المحكمة في

.البوسنة ينوون القيام تجاه المسلمين في البوسنةما كان صرب :وانطالقا من هذه العناصر كلها، توصلت المحكمة إلى ما يلي

ال يشترط لتقرير خرق اإللتزام بالوقاية من قبل دولة إثبات أنها كانت تملك سلطة منع « لك ذ اإلبادة الجماعية بطريقة محققة، بل يكفي أن تكون لديها الوسائل للتصرف على

مما تقدم، تستنتج .هو ما تحقق في قضية الحالو .لك بوضوحذتمتنع عن القيام بو النحو، المحكمة أن المدعى عليها خرقت اإللتزام بالوقاية من اإلبادة الجماعية في سيبرينيتشا، مما

589.» يرتب مسؤوليتها الدولية

Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de: أنظر 588

génocide, op. cit., par. 430. Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de:انظر 589

génocide, op. cit., par 438.

Page 249: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

243

طى جريمة اإلبادة أع هكون 1948ا من حيث تطبيقه التفاقية يعتبر هذا القرار ثري، كما 590الجماعية مفهوما متطورا جعلها جريمة تحتل المرتبة األولى من حيث الفظاعة

. 591اعتبر أن منع اإلبادة الجماعية يعد قاعدة آمرة

.الموضوع وهو ما سنتعرض له مساهمة فيوكان للمحاكم الجنائية المؤقتة الخاصة برواندافي االجتهاد القضائي للمحكمة الجنائية الدولية -ب

هم مرتكبوها بجرائم صدرت أولى األحكام عن هذه المحكمة المؤقتة في قضايا ات 593وكامباندا" AKAYESU" 592وتعد قضيتي أكاييزو ،ضد اإلنسانيةجرائم و جماعية إبادة"KAMBANDA "أفضل نموذج لذلك.

على اتفاقية أول قرار استند أعالهوإذا كان قرار محكمة العدل الدولية المشار إليه منع اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها ليقرر بناءا عليها مسؤولية دولة طرف، فإن قرار أكاييزو يعد أول عمل قضائي صادر عن القضاء الجنائي الدولي يقر بالمسوؤلية الجنائية

1948الفردية عن ارتكاب جريمة اإلبادة الجماعية تطبيقا التفاقية 594.

إلى ارب بين جريمة اإلبادة الجماعية والجرائم ضد اإلنسانيةلى التقناإشرلقد أعتبر اإلبادة الصورة المشددة للجرائم ضد اإلنسانية، ولقد ادرجة أن العديد من الفقهاء

جريمة : إلى مسألة العالقة بين الجرائم الثالثة محكمة رواندالالدائرة التمهيدية تعرضت :إدانةكامبانداحكمورد في اإلبادة الجماعية، جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية، حيث

.56وليم نجيب جورج نصار، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية، مرجع سابق، ص : انظر590 : انظر 591

LANKARANI, (Leila), « Le rôle de la cour internationale de justice en matière pénale », in MALABAT, (Valérie) (Sous Dir), Juge national, européen, international et droit pénal, Actes de la journée d’étude organisée le 24 juin 2011 par l’Institut de Sciences Criminelles et de la Justice de Bordeaux, éditions CUJAS, 2012,p. 53.

مجموعة من 1994إلى جوان 1993كان أكاييزو رئيس بلدية طابا، وارتكب خالل الفترة الممتدة من أفريل 592 .فعال توصف بالعنف الجنسي، التعذيب، أفعال الإنسانية، وقتل تعتبر مكونة للجريمتين الدوليتيناأل

أفعال 1995جويلية 17إلى 1994أفريل 08دا، الوزير األول لرواندا بارتكابه خالل الفترة الممتدة من اتهم كامبان 593 .إبادة جماعية، االشتراك في اإلبادة الجماعية، وأفعال قتل مدنيين

:أنظر 594MAISON, (Raphaëlle), « Le crime de génocide dans les premiers jugements du tribunal pénal International Pour le Rwanda», op. cit., p. 130

Page 250: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

244

المشتركة من اتفاقيات جنيف والبروتوكول 3أن مخالفات المادة ... ال مجال للشك« دة الجماعية أو الجريمة ضد اني رغم جسامتها، تعتبر جرائم أقل من اإلباثاإلضافي اليبدو من الصعب وضع تدرج بين اإلبادة الجماعية ... وعلى خالف ذلك. اإلنسانية

.595»ا موالجريمة ضد اإلنسانية فيما يخص خطورته :الحكمهم جاء في أغير أن

.596»إن اإلبادة الجماعية تعد جريمة الجرائم « اإلبادة الجماعية من قبل المحكمة أما بالنسبة لقضية أكاييزو، فإن إدانته بارتكاب

.كانت أكثر صعوبة بالنظر للركن المعنوي الخاص الذي يصعب إثباتهولقد حددت المحكمة الشروط المطلوب توفرها لثبوت جريمة اإلبادة الجماعية حيث

:جاء في القرار »األساسي من النظام 2من المادة ) 2(مة في الفقرة من أجل اعتبار أحد األفعال المجر

هم كونأو مجموعة من األشخاص رتكب ضد شخصمكونة إلبادة جماعية، ينبغي أن ي ... اضمن مجموعة معينة وبسبب انتمائهم له

هي جريمة تتميز و إن القصد الخاص هو أحد العناصر المكونة للجريمة العمدية،... .597»نية الفاعلو بالرابط النفسي بين النتيجة المادية

محكمة يوغسالفيا السابقة لم تتعرض لمفهوم القواعد اآلمرة فيما نشير إلى أن .يخص جريمة اإلبادة الجماعية

:ةسابقالمنع التعذيب كقاعدة آمرة في االجتهاد القضائي لمحكمة يوغسالفيا . 2هأنلمحكمة يوغسالفياز النظام األساسي ما يمي ف ضمن ن عدة قواعد تصنتضم

ألمثلة هنا هي قاعدة عدم جواز المحاكمة على نفس الفعل القواعد اآلمرة، ولعل أن امنه، ومبدأ حق المتهم في الحصول على محاكمة عادلة 10مرتين الواردة في المادة

Le Procureur c. Jean KAMBANDA JCTR-97-23-8, chambre I, jugement portant: أنظر595

condamnation,4 septembre 1998, par. 14. Le procureur c.KAMBANDA, Ibid., par. 16: أنظر 596 ,Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, ICTR-96-4-T, jugement, 2 septembre 1998: انظر597

Par. 517 et 518.

Page 251: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

245

وهي قواعد إجرائية أساسية تضمنتها المادة ،598من النظام األساسي 21الوارد في المادة ولقد كانت محكمة .يقةة بتفاصيل دقمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسي 14

أولى المحاكم الجنائية الرائدة في تطبيق القواعد اآلمرة على الجرائم ة ابقساليوغسالفيا في قضية 1998ديسمبر 10بتاريخ IIتمهيديةال دائرةالدولية، ويعتبر الحكم الصادر عن ال

Furundzija النموذج األمثل لذلك. ن الوقائع التي انطلقت منها المحكمة، نشير إلى أعمال التعذيب التي ارتكبها عو

األساسي نظام الوكذلك 1984المتهم والتي ورد تجريمها في كل من االتفاقية األممية لـ .منه 5لة للجرائم ضد اإلنسانية في المادة لمحكمة ضمن األفعال المشكل

المحكمة لمنع التعذيب دائرةمتهم، تعرضت في إطار تكييف األفعال ومدى نسبتها للالقواعد القانونية المتعلقة بحقوق اإلنسان فإن إلى أنه من بينلت في القانون الدولي، وتوص

:قاعدة المنع هذه لها قيمة القاعدة اآلمرة وهو ما عبرت عنه كما يلياآلخر الذي يميز مبدأ ، فإن الطابع Erga omnesكافةباإلضافة إلى الطابع في مواجهة ال«

بالنظر ألهمية القيم و .منع التعذيب هو أنه يمس بتدرج القواعد في النظام القانوني الدولي، أي قاعدة تصنف Jus cogensالتي يتولى حمايتها، أصبح هدا المبدأ قاعدة قطعية أو آمرة

اعد العرفية ضمن الهرمية الدولية في مرتبة أعلى من القانون اإلتفاقي بل حتى من القو .599»العادية

ير معتاد، حيث اعتبرت أن عت استدالال غبتأنها االتمهيدية ة دائرال حكميستنتج من التعذيب يمس بتدرج القواعد في النظام القانوني الدولي، وبالنظر ألهمية القيم عمبدأ من

التأكيد على ما لى إكما ذهبت الغرفة .600التي يحميها، تم رفعه إلى مصاف القواعد اآلمرة :يلي

HARHOFF, (Frederik), «La consécration de la notion de jus cogens dans la:أنظر 598

jurisprudence des tribunaux pénaux internationaux», in TAVERNIER, (Paul) (Sous. Dir), Actualité de la jurisprudence pénale international à l’heure de la mise en place de la Cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004, p. 70

,Le procureur c.Anto FURUNDZIJA, IT-95-17/1-T, la chambre de première instance: أنظر 599jugement, 10 décembre 1998, par. 153.

.HARHOFF, (Frederick), « La consécration de la notion…», op. cit., p. 71 et 71: أنظر 600

Page 252: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

246

يظهر بصورة واضحة أن قيمة القاعدة اآلمرة التي يحوزها منع التعذيب يجعل منها « و يترتب عن ذلك أن هذا المنع .حاليا من القواعد األكثر أهمية بالنسبة للمجموعة الدولية

كذلك و يجب أن يكون له أثر ردعي، بمعنى أنها تذكر جميع أعضاء المجموعة الدولية .601»األفراد الواقعين تحت سلطتهم أنها قاعدة مطلقة ال يمكن ألحد أن ينتهكها

، مؤكدة لألفرادكذلكقانوني دولية منع التعذيب كمبدأ دائرة التمهيديلقد أسندت الضرورة احترامهم له، ولم تتوان عن التذكير في هذا اإلطار بما ورد في الحكم على

: غ والذي اعتبر أنالصادر عن المحكمة العسكرية لنورمبرالذي الوالءو االلتزامات الدولية التي تقع على عاتق األفراد تسمو على واجب الطاعة«

.602»يلتزمون به تجاه الدولة التي يعتبرون من رعاياها ، وهو الحال اآلمرةقاعدة الضائية أخرى ناقشت فيها المحكمة قكما وجدت مناسبات

رأي الالذي أصدرته رجعت إلى الحكمفي التمهيدية ة دائر، حيث أن الJelisicفي قضيةحول اتفاقية منع اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والذي 1951االستشاري الصادر في

:هتعرضنا له آنفا، حيث جاء في المعاقبة عليها تندرج ضمن القانون الدولي و إن أحكام اتفاقية منع اإلبادة الجماعية«

لك،ذبل أن المحكمة ذهبت أبعد من .1951 ذحكمة العدل الدولية منالعرفي كما أكدته م .603»ه الجريمة مرتبة القاعدة اآلمرة بالنظر لخطورتها المعتبرةذمنحت لهو

، والذي بصدد Kupreskicوتواصل االجتهاد القضائي على هذا المنوال في قضية اعد اآلمرة حيث جاء مفهوم القو عالجتعرضه للقانون الواجب التطبيق في قضية الحال

:فيه

: أنظر 601

Le procureur c.Anto FURUNDZIJA, op. cit., par. 154. .Ibid., par 155: أنظر 602 Le procureur c.Goran JELISIC, IT-95-10-T, la chambre de première instance I, 14:أنظر 603

décembre 1999, par 60.

Page 253: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

247

إن معظم قواعد القانون الدولي اإلنساني، السيما تلك التي تحظر جرائم الحرب، « وجريمة اإلبادة الجماعية، هي قواعد قطعية للقانون الدولي أو قواعد الجرائم ضد اإلنسانية

.604»فتها لآمرة، بمعنى أنها ملزمة وال يمكن مخا :كالتالي Kunaracة التعذيب في حكم تعرضت المحكمة مرة أخرىلجريم

بموجب القانون االتفاقي وكذلك القانون الدولي العرفي، ) محظور(إن التعذيب ممنوع « ويمكن اعتبار أن هذا المنع يرقى إلى ... سواء أثناء فترة السلم أو في وقت النزاع المسلح

.605»مرتبة القاعدة اآلمرة :أنحيث اعتبرت Krsticضية قواستقرت المحكمة على هذا النهج في

في القانون الدولي العام مؤكدةنت قاعدة المتعلقة باإلبادة الجماعية قن 1948اتفاقية « التي رفعها القضاء إلى مصاف القواعد اآلمرةو ،والتي تمنع جريمة اإلبادة الجماعية

«606. تخط فيه يتأكد مما سبق أن اإلجتهاد القضائي الجنائي الدولي اقتحم مجاال لم

محكمة العدل الدولية إال بحذر شديد، مؤكدا الطابع اآلمر ألهم صور الجرائم ضد . ا المفهومذمساهما في تطوير هو اإلنسانية

Le procureur c.KUPRESKIC, la chambre de première instance, jugement, 14 janvier: أنظر 604

2000, par 520. Le procureur c.KUNARAC, IT-96-23-T et IT-96-23/1-T, la chambre de première: أنظر 605

instance, 22 février 2001, par 466. ,op. cit., par 541.Le procureur c. KRSTIC, IT-98-33-T: أنظر 606

Page 254: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

248

تراجع : معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية وحصانة أجهزة الدولة: المبحث الثاني الحصانة لصالح المتابعة

اية من أية مضايقات أو متابعات بسبب تقتضي سيادة الدولة أن يتمتع ممثلوها بحمتعود في األساس إلى تمتع الدولة كشخص من أشخاص القانون الدولي ،تمتعهم بحصانة

سها وفقا للمبادئ ي، تم تكر607حصانة قضائية وحصانة تنفيذية: بحصانة تأخذ شكلينولقد تميزت . الل والمساواة بين الدولقالمعترف بها في القانون الدولي والمتعلقة باالست

الحصانة التي تتمتع بها الدولة بكونها مطلقة ال تقبل وجود أي استثناء أو مخالفة، ولقد تجسد العرف الذي يكرسها في القانون الدولي اإلتفاقي والذي يتمثل أساسا في اإلتفاقية

1972 مايو 16بتاريخ ل زاألوروبية حول حصانة الدول المعتمدة في با، والتي تبعتها 608

من اقية عالمية هي اتفاقية األمم المتحدة حول الحصانة القضائية للدول وممتلكاتهااتف2004ديسمبر 2المعتمدة في الوالية القضائية

609. ويتجه القضاء الدولي حاليا إلى تأكيد نسبية حصانة الدول، كما كرسته المحكمة

.610األوروبية لحقوق اإلنسان في قضية العدساني

أما الحصانة . يقصد بالحصانة القضائية منح امتياز يتمثل في عدم إمكانية مقاضاة الدولة أمام محاكم دولة أخرى 607

.التنفيذية فتقتضي منع حجز أمالك موجودة في دولة أخرى تنفيذا لحكم : انظر

BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains. Vers une évolution structurelle de l’ordre juridique international?, BRUYLANT, 2011, p. 40 DELMAS-Marty, Mireille, « La responsabilité pénale en échec (prescription, amnistie, immunités) », in DELMAS-MARTY, Mireille, CASSESE, Antonio, Juridictions nationales et crimes internationaux, PUF, 2002, p. 638.

.فاطرأدولة 8وهي تضم حاليا 1976يونيو 11دخلت هذه اإلتفاقية حيز النفاذ في 608 .حيز النفاذبعد دخل هذه اإلتفاقية لم ت 609رفع العدساني الذي يحمل الجنسيتين الكويتية والبريطانية دعوى أمام المحكمة األوروبية ضد بريطانيا كون القضاء 610

فيها رفض دعواه ضد دولة الكويت مطالبا بتعويضات عن أفعال تعذيب كان قد تعرض لها بالكويت بحجة الحصانة، اعد اآلمرة وأن هناك استثناءات على قاعدة حصانة الدولة لكنها فقررت المحكمة أن أفعال التعذيب ترقى إلى مرتبة القو

.لم تطبقها في قضية الحال ألن المسألة كانت متعلقة بادعاء مدني وليس جنائي ,Affaire Al-Adsani c. Royaume-Uni, arrêt du 21 novembre 2001, requête n° 35763/97: انظر

Par. 62. CAFLISCH, (Lucius), CANCADO TRINDADE, (Antonio A.), « Les conventions américaine et européenne des droits de l’homme », op. cit., p. 49.

Page 255: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

249

أجهزة الدولة أي األشخاص الذين يتصرفون كممثلين لها أما فيما يخص حصانةوباسمها، فهي بدورها عرفت تكريسا مطلقا كامتداد لحصانة الدولة، غير أن اإلنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان وضرورة منع مرتكبيها من اإلفالت من العقاب أدى إلى بروز

ما قد يؤدي إلى التراجع م )المطلب األول(نقاش حول أساس اإلعتراف بهذه الحصانة .)المطلب الثاني(عنها عند ارتكاب جرائم دولية

حدودهاوحصانةالأساس : المطلب األول

الذي يؤدي إلى منع تحريك الدعوى الجنائية ضد و إن مفهوم حصانة الدولةتجسد لفترة طويلة في حصانة أجهزة الدولة كأحد مظاهر 611الشخص الذي يتمتع بها

أساس اإلعتراف بهذه فةمما يحتم معر ،612كانت تقوم على تشخيص السلطةالتقاليد التي ، والتوقف عند )الفرع الثاني(ثم التعرض لمختلف مظاهرها ) الفرع األول(الحصانة ).الفرع الثالث(المتعلقة بمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية النصوصالحصانة في استبعاد

األساس الوظيفي :الفرع األولوالذين باسمهاجهزة الدولة تشمل كل األشخاص الذين يتصرفون إن حصانة أ

يجسدهم كل من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، الوزراء، الدبلوماسيين وكل األشخاص .المؤهلين بتمثيلها

ويتطلب األمر التعرض لمبرر اإلعتراف لهاته األجهزة بحصانة والتي ترجع إلى والتي جسدتها جزئيا إتفاقية فيينا حول العالقات ) - 1( ةحسنال مقتضيات العالقات الدولية

).- 2(الدبلوماسية

علي خلف الشرعة، مبدأ التكامل في المحكمة الجنائية الدولية، دار الحامد للنشر والتوزيع، الطبعة األولى، : انظر611

.102، ص 2012 ,DECAUX, (Emmanuel), « Les gouvernants », in ASCENCIO, H., DECAUX:انظر 612

E., PELLET, A. (Sons Dir) Droit international pénal…, op. cit., p. 183. DUPUY, (Pierre-Marie), « Crimes et immunités, ou dans quelle mesure la nature des premiers empêche l’exercice des secondes », R.G.D.I.P., 1999, n° 2, p. 289.

Page 256: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

250

:اإلعتبار المتعلق بالعالقات الدولية الحسنة. 1سادت لفترة طويلة فكرة أن حصانة أجهزة الدولة السيما رئيس الدولة من حصانة

مما كان يعبر عن السيادة بما تعينه من سلطة ومكانة قانونية مميزة، وهو 613الدولة نفسهااألمر الذي ترتب عنه عدم إمكانية المساس بهؤالء األشخاص حتى عند ارتكابهم لمخالفات

جريمة تمثلفي جنائية، غير أن هذه الحصانة المطلقة عرفت على الرغم من ذلك استثناءا ي .مساسا بالمصالح الحيوية للدولة الخيانة العظمى، والتي تعد

فعمدت معظم الدساتير إلى تكريس هذا اإلستثناء على الحصانة، باعتبار ارتكابها للدولة التي يمثلها، كما خصتها امن قبل رئيس الدولة أو رئيس الحكومة يعد تنكر

إنشاء بإجراءات خاصة إذ ال يكلف القضاء العادي بمحاكمة مرتكبيها بل غالبا ما يتممحكمة خاصة تتولى هذه المهمة، حيث خارج هذه الحالة، ال يمكن مساءلة أحد أجهزة

.الدولة عن أفعال يقومون بهااألساس القانوني الذي يبرر تمتع أجهزة الدولة بالحصانة راجع إلى طبيعة إن

الوظيفة التي يقومون بها، فهم على خالف باقي المواطنين ال يتصرفون في إطار الحهم الخاصة بل يمارسون مهاما رسمية قد تصل إلى غاية تمثيل الدولة على أعلى مص

، مما جعل الفقه يتكلم عن األساس الوظيفي 614بالتالي خدمة الصالح العام و المستويات .لهذه الحصانة

ؤدي تهدف الحصانة تبعا لذلك السماح لممثل الدولة أن يتصرف بحرية باعتباره يإقليمها فيمحصورةو منعزلةالحها، ودون هذه الضمانة، ستبقى الدولة بإسمها ولص مهامه

:انظر 613

METILLE, (Sylvain), «L’immunité des chefs d’Etat au XXI e siècle. Les conséquences de l’affaire du mandat d’arrêt du 11 Avril 2000», in R.D.I.S.D.P., 2004, n° 1, p. 37.

، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية )القادة والرؤساء(محمد األمين بن الزين، المسؤولية الجنائية لممثلي الدولة: انظر 614 .31ص ،1، عدد 2009والسياسية، واالقتصادية

في بحث منشور شريف عتلم، المواءمات الدستورية للتصديق واإلنضمام على النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية،، اللجنة الدولية )مشروع قانون نموذجي(المواءمات الدستورية والتشريعية.، المحكمة الجنائية الدولية)إعداد(عتلم، شريف

.299 ، ص2006للصليب األحمر، .96، مرجع سابق، ص عبد اهللا سليمان سليمان،المقدمات األساسية في القانون الدولي الجنائي

Page 257: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

251

فالحصانة ليست مرتبطة بالشخص . 615من دون أية عالقات أو تبادل مع الدول األخرىبل الوظيفة، إذ يتكلم الفقه واالجتهاد القضائي الدوليين عن حصانة رئيس الدولة أو وزير

.ذه الصفةخارجيتها دون أدنى اعتبار لشخصه خارج هممارسة مهامهم في من دين منها ييسمح هذا التأسيس الوظيفي للحصانة للمستف

تمثيل الدولة على أحسن وجه سواء داخل الدولة أو خارجها، حيث أن أي مساس قد يسببه تدخل أو مضايقة من قبل أجهزة الدول األخرى السيما القضاء سيؤدي إلى تعكير صفو

بين اتالسياد تساويبمبدأ ؤدي إلى اإلخاللاس بطابعها الودي ويالمسو العالقات الدولية .الدول

نتفاء الجوانب الشخصية، إذ ال مجال الويشير الطابع الوظيفي لهذه الحصانة كذلك هنا لمنح أي اعتبار لشخص المستفيد من الحصانة، ولقد تأكد الطابع العرفي للحصانة

.أن تجسده اإلتفاقيات الدولية كما سنورده اآلنالوظيفية ألجهزة الدولة تدريجيا قبل :تكريس للقانون العرفي: اتفاقية فيينا حول العالقات الدبلوماسية. 2

ينبغي التأكيد منذ البداية على أن القانون الدولي اإلتفاقي ال يتضمن إلى غاية يومنا ه أي نص صريح ينظم حصانة رؤساء الدول والحكومات والوزراء، غير أن الفق

واالجتهاد القضائي استندا عليه لوضع إطار مفاهيمي لهذه الحصانة وهو ما أكدت عليه .كما سنتعرض له بالتفصيل الحقا Yerodiaمحكمة العدل الدولية في قضية يروديا

1961أفريل 18في ةوتعتبر اتفاقية فيينا حول العالقات الدبلوماسية المعتمد616

م اإلستناد على أحكامها وتفسيرها بطريقة تطورية حجر الزاوية في هذا المجال إذ تا للقواعد نإلسقاطها على حالة رئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزير، وهي تتضمن تقني

والتي ال زالت مطبقة بين الدول التي 617حكم العالقات الدبلوماسيةتالعرفية التي ظهرت ل .ليست طرفا بعد في هذه اإلتفاقية

.METILLE, Sylvain, « L’immunité des chefs d’Etat …», Ibid.,p. 37: انظر615

14ليها الجزائر في انضمتإدولة طرف، ولقد 189وتضم حاليا 1964أفريل 24دخلت هذه اإلتفاقية حيز النفاذ في 616 .1964أفريل

METILLE, (Sylvain), «L’immunité des chefs d’Etat au XXI:انظر 617 e siècle …», op. cit., p. 39 BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains, …, op. cit., p. 147.

Page 258: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

252

على العالقة بين الحصانة وأجهزة الدولة، إذ ال وجود لمبرر أكدت هذه اإلتفاقية خر لمنحها سوى تمكين هؤالء من ممارسة وظائفهم على أحسن وجه، وليس منحهم آ

:مزايا لشخصهم، حيث جاء في ديباجتهاوهي على يقين بأن الغرض من هذه المزايا والحصانات، ليس هو تمييز أفراد، بل هو «

.»الدبلوماسية ألعمالها على أفضل وجه كممثلة لدولهاتأمين أداء البعثات ويمكن تطبيق نفس اإلستدالل الوارد في هذه اإلتفاقية على رؤساء الدول، باعتبار أن القانون الدولي العرفي يمنحهم حصانات لغرض تمكينهم من أداء مهامهم بطريقة

.المستوياتفعالة، فهم من باب أولى يضمنون تمثيل دولهم على أعلى لحصانة رؤساء الدول في بعض اإلتفاقيات الخاصة مثل اإلتفاقية حول انجد أثر

1969ديسمبر 8البعثات الخاصة المعتمدة في التي فقرة أولى 21، حيث نصت المادة 618

:على مايليوي الرتب العالية ذو تحمل عنوان مركز رئيس الدولةيتمتع رئيس الدولة الموفدة في الدولة المستقبلة أو أية دولة ثالثة، عند ترؤسه بعثة «

الحصانات المقررة في القانون الدولي لرؤساء الدول و اإلمتيازاتو خاصة، بالتسهيالت .»ة القائمين بزيارة رسمي

، ن بحماية دوليةيعمتمتلضد األشخاص ا جرائمكما تعرضت اإلتفاقية حول منع ال1973ديسمبر 14المعتمدة في المعاقبة عليهاومن فيهم الموظفون الدبلوماسيون، ب

619 :منها أ1/لهذه المسألة، وجاء في المادة األولى فقرة

:تعني عبارة شخص يتمتع بحماية دولية «لك أي عضو في جهاز جماعي يمارس بموجب دستور الدولة ذرئيس الدولة، بما في -أ

حكومة، أو وزير الشؤون الخارجية، عندما يتواجد في دولة سمهام رئيس الدولة، رئي . »أجنبية، باإلضافة إلى أفراد عائلته المرافقين له

يظهر استعراض القانون الدولي أنه ال يتضمن نظاما اتفاقيا متكامال خاصا بحصانة رؤساء الدول، حيث أن المسألة كانت محل تنظيم بموجب قواعد العرف الدولي التي ال

.دولة 38وتضم 1985جوان 21دخلت هذه اإلتفاقية حيز النفاذ في 618 .2000نوفمبر 7، وانضمت إليها الجزائر في 1977فيفري 20 دخلت هذه اإلتفاقية حيز النفاذ في619

Page 259: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

253

تتميز دائما بالوضوح والدقة، وهو ما يفسر االجتهادات القضائية المتضاربة للدول في .620الكثير من األحياننفس المالحظات فيما يتعلق بالوزراء والمسؤولين من مستوى رفيع، إذ ءيمكن إبدا

القانون الدولي الحصانات التي يتمتعون بها بطريقة واضحة، غير أن اإلتجاه عالجال يلب يذهب إلى منح رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية نفس الحصانات التي يمنحها الغا

، ويمكن أن نستدل في هذا المقام بأعمال معهد 621القانون الدولي العرفي لرؤساء الدولالحصانات "حول الئحةالقانون الدولي الذي عكف على دراسة هذا المفهوم وأصدر

نت ، تضم2001 في" الحكومات في القانون الدوليالقضائية والتنفيذية لرؤساء الدول واألشخاص الذين يتمتعون بها، ويمكن أن نشير فئاتو عدة قواعد حول طبيعة الحصانة

:هالتي اعتبرت أن 15/1هنا إلى نص المادة الحصانة القضائية المعترف بها لرئيس الدولة و يتمتع رئيس حكومة دولة أجنبية بالحرمة«

.»لك في إمكانية اإلعتراف له بحصانة تنفيذيةذوال يؤثر .ةه الالئحذبموجب هكما أفردت اإلتفاقية حول البعثات الخاصة نصا خاصا برؤساء الحكومات ووزراء

:منها 21/2الخارجية حيث نصت المادة وي الرتب العالية في بعثة ذغيرهما من و وزير الخارجيةو ا اشترك رئيس الحكومةذإ«

خاصة للدولة الموفدة، فإنهم يتمتعون في الدولة المستقبلة أو في أية دولة ثالثة بالتسهيالت الحصانات المقررة في القانون الدولي باإلضافة إلى ما هو ممنوح منها في و اإلمتيازاتو .»ةه اإلتفاقيذه

يمكن استخدام هذه النصوص كأساس لتأكيد الحصانة التي يعترف بها القانون الدولي للممثلين الرسميين للدولة والتي لم تحظ سوى بقدر يسير من األحكام اإلتفاقية التي

.جاءت عامة ومفتقرة للدقة، وهو ما يتطلب التفصيل في مجال هذه الحصانة وامتدادها

,.« …BELLAL, (Annyssa), « Immunités et violations graves des droits humains:انظر620

op. cit., p. 153. .Ibid., p. 156:انظر 621

Page 260: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

254

مجال الحصانة :الفرع الثانيعمال إشكل عائقا إجرائيا أمام تإن الحصانة كما يعترف بها القانون الدولي

، والذين ينبغي 622اختصاص الجهات القضائية الوطنية تجاه األشخاص الذين يتمتعون بهاأن يحصلوا على حماية تمكنهم من أداء مهامهم على أحسن وجه، وهي تخضع لنظام

ف والتغير حسب وضعية األشخاص المتمتعين بها ومركزهم قانوني معقد يتميز بالتكي .القانوني

الحصانات : بين نوعين من الحصانة هما اويعرف القانون الدولي تمييز، حيث تغطي األولى ratione personaeوالحصانات الشخصية ratione materiaeالوظيفية

لدولة عند ممارسة مهامهم، قوم بها ممثلي الدولة أو ما يعرف بأجهزة ايكل األعمال التي ي تمنح لبعض األشخاص فهأما الثانية والتي تعرف كذلك باسم الحصانات الدبلوماسية

الذين يمارسون مهامهم على إقليم دولة أجنبية بطريقة نوالدبلوماسيالسيما األعوان تمكنهم من أداء مهامهم بحرية ومسؤولية، ويمتد مجال تطبيقها إلى األعمال الممارسة

.623خالل المهمة الرسمية وكذلك قبلها، لكنها تنتهي بانتهاء المهمةملة من القواعد توضح من خاللها جولقد كرست اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية

ماهية الحصانات التي يتمتع بها الدبلوماسيون خالل أدائهم لمهام تمثيل دولهم، مميزة بين .الجنائيات في المجال الحصانات في المجال المدني والحصان

ففيما يتعلق باألولى، تجدر اإلشارة إلى أن األصل هو تمتع الممثلين الدبلوماسيين لدولة لبالحصانة فيما يتعلق بالتصرفات المدنية، فال يمكن متابعتهم أمام المحاكم المدنية

أوردت بعض 31، غير أن المادة 624األجنبية التي يمارسون مهامهم فوق إقليمها :اإلستثناءات على الحصانة في الفقرات أ، ب، جـ منها والتي جاء فيها

,.MOHAMED SALAH, M., « Interrogations sur l’évolution du droit…», op. cit :انظر622

p. 771. .MOHAMED SALAH, M., « Interrogations sur l’évolution du droit…», op. cit:انظر 623

p. 773. ,…BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains:انظر 624

op. cit., p. 149.

Page 261: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

255

عتمد لديها ويتمتع من القضاء الجنائي في الدولة الم باإلعفاءيتمتع المبعوث الدبلوماسي « :األمر، مالم يتعلق واإلداريمن القضاء المدني باإلعفاء كذلك

دولة المعتمد لديها، مالم يكن ال إقليمبدعوى عينية متصلة بعقار خاص موجود في .أ .البعثة وألغراضالمبعوث حائزا للعقار لحساب حكومته

مديرا أوبدعوى متصلة بتركة يكون للمبعوث فيها مركز بوصفة منفذا للوصية .ب .، وذلك بصفته الشخصية وليس باسم الدولة المعتمدةإليهموصي أووارثا أوللتركة

بنشاط تجاري قام به في الدولة المعتمد أوها المبعوث بدعوى متصلة بمهنة حرة زاول .ج .»ط هذا النشا أوكانت هذه المهنة أيالديها خارج نطاق مهامه الرسمية

تتعلق ويستخلص من هذه المادة أن الحاالت التي ال يؤخذ فيها بالحصانة تصرفات كل ما يقومون به من و األمالك الخاصة للممثلين الدبلوماسيين،و بالتصرفات

.خارج وظائفهم الرسميةأما في المجال الجنائي، فلقد تضمنت اتفاقية فيينا حول العالقات الدبلوماسية مبدأ

:31عدم خضوع األعوان لدبلوماسيين للقضاء الجنائي للدولة األجنبية حيث نصت المادة .»لديها من القضاء الجنائي في الدولة المعتمد باإلعفاءيتمتع المبعوث الدبلوماسي «

ويفهم من هذا النص أنه ال يمكن بأي حال من األحوال للسلطات القضائية الجنائية للدولة التي يكون الدبلوماسي معتمدا لديها أن تتخذ أي إجراء يستهدف متابعته سواء كان

شخص حرمةخر وهذا وفقا لمبدأ آأو أي إجراء ردعي تكليفا بالحضورأمر بالقبض أو .625الدبلوماسين هذه الحصانة القضائية عاإلضافة إلى منع اتخاذ أي إجراء ردعي،ينتج وب

الجنائية المطلقة منع أي تهديد يمس بالسير العادي لوظائف الشخص الذي يتمتع ، غير أن هذه القاعدة تعرف بعض اإلستثناءات التي ذكرتها اتفاقية فيينا 626بالحصانة

.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains…, op. cit:انظر625

p. 151. ,.METILLE, (Sylvain), « L’immunité des chefs de l’Etat au XXIe siècle…», op. cit:انظر 626

p. 49. QUENEUDEC, (Jean-Pierre), « Un arrêt de principe : l’arrêt de la C.IJ du 17 Février 2002 », www.ridi.org , p. 3.

Page 262: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

256

، حنجالدبلوماسي جرائم من القانون العام أو والتي تسمح بالمتابعة في حالة ما إذا ارتكب :31/4حيث نصت المادة

عفيه من يالدولة المعتمد لديها ال الختصاص قضاءالدبلوماسي مثلالم عدم خضوع « .»دة الخضوع لقضاء الدولة المعتم

تمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانة فوق إقليم الدولة المعتمد لديها يتطلب منه كما أن :كما يليمن اإلتفاقية 41، وهو ما ورد في المادة احترام منظومتها القانونية

الذين يستفيدون من األشخاصبالمزايا والحصانات المقررة لهم، على إخاللدون -1«عليهم أنقوانين ولوائح الدولة المعتمد لديها كما هذه المزايا والحصانات واجب احترام

.واجب عدم التدخل في الشئون الداخلية لهذه الدولةتكون معالجة كافة المسائل الرسمية التي تكلف بها البعثة من قبل حكومة أنيجب -2

وزارة أيةمع أو.عن طريقها أوالدولة المعتمدة مع وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها .متفقعليها أخرى

الخاصة بالبعثة على وجه يتنافى مع مهام البعثة كما بينتها األماكنال يجوز استعمال -3االتفاقات الخاصة أوالقواعد العامة للقانون الدولي أوغيرها مننصوص هذه االتفاقية

.»المعمول بها بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديهاكرستها اتفاقية فيينا تبقى محدودة، إذ أنها ال تطبق إال داخل غير أن الحصانة التي

لديها، كما أنها تنتهي بانتهاء المهمة الدبلوماسية وهو االدولة التي يكون الدبلوماسي معتمد :التي اعتبرت أن 2/ 39ما تضمنته المادة

ه المزايا هذ نتهي عادةالمزايا والحصانات ، تمن الذينيتمتعونب صةشخمهمعندما تنقضي «عند انتهاء أوألراضي الدولة المعتمد لديها هذا الشخص ةغادرمن وقتموالحصانات

نزاع عند قيامالوقت حتى سريانهالهذاستمريو ،السببمنح له لهذا ةالتي تمعقولالمهلةالكعضو في فردم بها هذا الاالتي ق لألعمالفتستمر الحصانة بالنسبة كلمسلح، ومع

.»البعثةمن هذه المبادئ المكرسة اتفاقيا، يبدو من الضروري إسقاطها على حالة انطالقا

رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الشؤون الخارجية، إذ أن ما يتمتع به ، غير أنهم يخضعون باإلضافة ىالدبلوماسي منحصانة يعود ألجهزة الدولة من باب أول

Page 263: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

257

حصانات أكثر اتساعا مما تكرسه القواعد لذلك إلى القواعد العرفية الدولية التي تمنحهم .627اإلتفاقية

أدى تطور القانون الدولي الجنائي في ،أمام هذه القواعد المتباينة وغير المستقرةإطار منع إفالت مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب إلى تكريس قاعدة غياب الحصانة

.وهو ما سنتعرض له اآلن

المتعلقة بمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية النصوصاستبعاد الحصانة في :الفرع الثالثإلى تراجع 628أدى تكريس مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية منذ مرحلة نورمبرغ

حصانة أجهزة الدولة في حالة ارتكابهم لجرائم دولية مما أدى إلى متابعتهم ومساءلتهم اإلتفاقيات و )-1(للمحاكم الجنائية الدولية بصفة مطلقة وفقا لما كرسته النصوص المنشئةوهو ما توجته مؤخرا أشغال معهد ) -2(المكرسة لبعض صور الجرائم ضد اإلنسانية

.)-4(تعكف لجنة القانون الدولي على دراسته و )-3(القانون الدولي :عدم اإلعتداد بالحصانة في النصوص المنشئة للقضاء الجنائي الدولي. 1

) - ب(وكذلك الدائم ) -أ(لقد توافقت النصوص المنشئة للقضاء الجنائي المؤقت أنهم يقومون بتأدية صانتهم بحجةبحالتمسك على عدم السماح للممثلين الرسميين للدولة

.سنستعرضه في مختلف النصوصما مهامهم وهو :بالنسبة للنصوص المنشئة للقضاء الجنائي الدولي المؤقت) أ

ص أنشأ جهة قضائية لمتابعة كبار مجرمي الحرب العالمية الثانية مبدأ ن كرس أول :من نظام نورمبرغ األساسي 7غياب حصانة ممثلي الدولة، إذ جاء في المادة

سامين، ال كموظفينلن يتم اعتبار الصفة الرسمية للمتهمين، سواء كرؤساء دول، أو « .»من العقوبة فلتخفيل، وال لإلعفاء بكسب

,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains…, op. cit:انظر627

p. 151. خلصت محكمة نورمبرغ في قضائها إلى اعتبار الفرد شخصا من أشخاص القانون الدولي، ولم تكن المحكمة لتقرر 628

.رائم التي يرتكبونها باسم الدولة ولحسابهارست مبدأ مسؤولية األفراد شخصيا عن الجكهذه المسؤولية إال إذا كانت قد .296عبد المنعم عبد الغني، القانون الدولي الجنائي، مرجع سابق، ص : انظر

Page 264: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

258

أن مرحلة نومبرغ شكلت أول لبنة لتدعيم مبدأ استبعاد حصانة أجهزة الدولة يبدو ،629)أو جرائم دولية على العموم(عندما يتعلق األمر بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية

التي من شأنها ترتيب و فرض التزامات مباشرة على عاتق األفراد،ويرجع ذلك بسبب ولقد .630قبتهم على مخالفتها بموجب القانون الدوليبالتالي معاو مسؤوليتهم الجنائيةالفردية

تأثرتأكد ذلك عند إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة والتي :همن 2فقرة 7إلى حد كبير بصياغة نورمبرغ، إذ نصت المادة نظامها األساسي

و موظف سامي، ال تعفيه إن الصفة الرسمية للمتهم، سواء كان رئيس دولة أو حكومة، أ« .»العقوبة فمن المسؤولية الجنائية وال تعد سببا لتخفي

األساسي للمحكمة من النظام 2فقرة 6وهو النص الذي ورد بحرفيته في المادة مما يوحي باعتماد مبدأ غياب الحصانة بصفة مؤكدة، ولقد اعتمد برواندا الجنائية الخاصة

وهو ما جعل 2فقرة 6بسيراليون هذا التوجه في المادة النظام األساسي للمحكمة الخاصةالفقه يعتبر أن هذه النصوص الدولية التي استبعدت قاعدة الحصانة الشخصية التي تهدف

ال الطريقة الخاصة إلنشاء تهم لمهامهم لم تكن لتكرس ذلك لوادة خالل تأديقإلى حماية الناء على قرار صادر من مجلس األمن ب تين والتي جاءتالمحكمتين الجنائيتين المؤقت

، وهو ما يمكن تطبيقه بالنسبة للمحكمة 631تطبيقا للفصل السابع من ميثاق األمم المتحدةبدرجة أقل في كمبوديا بسبب الحصانة التي يمنحها الدستور و ،632الخاصة بسيراليون

.633للملك

.35، مرجع سابق، ص محمد األمين بن الزين، المسؤولية الجنائية لممثلي الدولة: انظر 629 .FOUCHARD, I., Crime international …, op. cit., p. 211: انظر 630 ,...BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains:انظر في ذلك 631

op. cit., p. 167. وهو ما تمسك به الرئيس الليبيري السابق الذي كان مازال يؤدي مهامه كرئيس دولة عندما وجهت له التهمة 632

بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية وانتهاكات خطيرة أخرى القانون الدولي اإلنساني، إذ اعتبر أنه محمي بحصانة مطلقة من .بموجب قرار صادر عن مجلس األمن أي إجراء يتخذ ضده، وال يمكن استبعاده هذه الحصانة إال

TSSL, Prosecutor v. Charles Ghankay TAYLOR, Decision on immunity from:انظرjurisdiction, Case Number SC SL-2003-01, 31 Mai 2004.

BOYLE, (David), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés quant au régime: انظر 633du crime », op. cit., p. 133.

Page 265: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

259

:بالنسبة لنظام روما األساسي) ب

ائيا في نظام روما األساسي، حيث جاءت المادة غير أن القاعدة عرفت تكريسا نه :لتنص صراحة 27تمييز ييطبق هذا النظام األساسي على جميع األشخاص بصورة متساوية دون أ -1«

وبوجه خاص، فإن الصفة الرسمية للشخص، سواء كان رئيسا .بسبب الصفة الرسميةبا أو موظفا حكوميا، ال لدولة أو حكومة أو عضوا في حكومة أو برلمان أو ممثال منتخ

تعفيه بأي حال من األحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام األساسي، كما أنها .ال تشكل في حد ذاتها سببا لتخفيف العقوبة

ال تحول الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية -2الوطني أو الدولي، دون ممارسة المحكمة للشخص، سواء كانت في إطار القانون

.»اختصاصها على هذا الشخصأول مالحظة يمكن إبداؤها حول هذا النص هو أنه جاء مفصال مقارنة بالنصوص التي سبقته، ويبدو أنه استفاد من مختلف هذه النصوص السابقة بطريقة أدت بمحرريه إلى

.634حصانةور بالنسبة لمبدأ استبعاد الثتفادي أي لبس قد ييظهر من الفقرة األولى من هذه المادة أنها قامت بتعداد ألجهزة الدولة في حين أن

لرؤساء الدول وللموظفين السامين، بل أنها جاءت باإلشارةالنصوص السابقة قد اكتفت شاملة لمكونات السلطة في الدولة متعدية السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية وهو نص

.لتوسيع من نطاق الصفة الرسميةيؤدي إلى انوع الحصانات التي قد يدفع بها هؤالء إلىكما أشارت الفقرة الثانية من المادة

الممثلون الرسميون، إذ أنها تشمل تلك التي يمنحها القانون الدولي باإلضافة إلى تلك التي

طالل ياسين العيسى وعلي جبار الحسيناوي، المحكمة الجنائية الدولية، دراسة قانونية، مرجع سابق، ص : انظر 63494.

.174و 131القضاء الدولي الجنائي، ص سهيل حسين الفتالوي،

Page 266: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

260

ذلك أن معاقبة الجرائم الدولية في ظل 635بها بموجب القانون الداخلي لدولهم ونيتمتع .636النظام األساسي تتم باسم المجموعة الدولية

دا آخر يعالج مسألة الحصانة، حيث نصت نبكذلك تضمن نظام روما األساسي المتعلقة بالتعاون فيما يتعلق بالتنازل عن الحصانة والموافقة على التقديم على 98المادة :ما يلي

مة أن توجه طلب تقديم أو مساعدة يقتضي من الدولة الموجه إليها ال يجوز للمحك -1«الطلب أن تتصرف على نحو يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحصانات الدولة أو الحصانة الدبلوماسية لشخص أو ممتلكات تابعة لدولة ثالثة، ما لم

الدولة الثالثة من أجل التنازل عن لك تتستطع المحكمة أن تحصل أوال على تعاون .الحصانة

ال يجوز للمحكمة أن توجه طلب تقديم يتطلب من الدولة الموجه إليها الطلب أن -2تقتضي موافقة الدولة ةتتصرف على نحو ال يتفق مع التزاماتها بموجب اتفاقات دولي

بوسع المحكمة أن المرسلة كشرط لتقديم شخص تابع لتلك الدولة إلى المحكمة، ما لم يكن .»تحصل على تعاون الدولة المرسلة إلعطاء موافقتها على التقديم

تقتضي هذه المادة أن يتم احترام القانون الدولي للحصانات عند تقديم طلب تعاون تضع قاعدة مفادها أن 27من المحكمة إلى الدولة يخص رعية دولة ثالثة، علما أن المادة

الممثلون الرسميون ال يمكن أن تشكل استثناء على ممارسة الحصانة التي يتمتع بهامشكال في التفسير، حيث يثور التساؤل " الدولة الثالثة"ير عبارة ثالمحكمة الختصاصها، وت

.637ما إذا كانت تمتد لتشمل الدول غير األطراف في نظام روما األساسيتي تتم اإلشارة للدول الفقه أن يجد تفسيرا يتماشى مع جوهر اتفاقية روما ال حاول

ين يتمتعون بصفة رسمية، ذتسعى لمعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية خاصة أولئك ال التي

,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains, …., op. cit: انظر635

p. 169. BERNARD, (Antoine), « Les enjeux du nouveau système de justice pénale: انظر 636

internationale », op. cit., p. 187. ,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains, …. Ibid:انظر 637

p. 170.

Page 267: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

261

الدول غير "لم تصادق على نظام روما األساسي بعبارة حيث أنه تتم اإلشارة للدول التي تشمل جميع الدول األطراف وغير " الدول الثالثة"وهو ما يستتبع أن عبارة " األطراف

27األطراف، وهو ما سيكون من شأنه تقليص اآلثار المترتبة على المادة ، إذ يتطلب 638

لمعنية التي قد تكون طرفا في أن تطلب المحكمة موافقة الدولة ا 98األمر وفقا للمادة نظامها األساسي، قبل أن تصدر أمرا بالقبض أو تطلب تقديم المشتبه به وهو ما سيفرغ

.من روحها 27المادة وجدت حالة الدولة غير الطرف تطبيقا أمام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار

ميثاق األممي بإحالة طبقا لمقتضيات الفصل السابع من ال 1593مجلس األمن القرار رقم في دارفور على المحكمة التي أصدرت أمرا بإلقاء القبض ضد الرئيس السوداني الحالة

عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية وجرائم حرب، والسودان دولة غير طرف في نظام روما األساسي، باإلضافة إلى أن األمر بإلقاء القبض موجه ضد رئيس دولة في

.مةالخد، 639على انعقاد اإلختصاص المادي والشخصي للمحكمة Iو أكدت الدائرة التمهيدية

من اتفاقية روما، حيث 27الحصانة طبقا للمادة استبعادم في ذلك هو التأكيد على هواأل :جاء في قرار المدعي العام ما يلي

ي دارفور تمت إذن، طبقا لإلختصاص الشخصي، تعتبر الدائرة أنه بالنظر لكون الحالة ف«ب من النظام /13إحالتها للمحكمة من قبل مجلس األمن، متصرفا بموجب المادة

األساسي، فإن هذه الحالة تقع ضمن اختصاص المحكمة رغم أنها تتعلق بالمسؤولية

,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains, …. op. cit:انظر 638

p. 170. :ب من نظام روما األساسي التي تنص/13وهذا وفقا لما تضمنته المادة 639 وفقا ألحكام هذا النظام األساسي في 5للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة "

:األحوال التاليةإذا أحال مجلس األمن، متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة، حالة إلى المدعى العام يبدو فيها ) ب(

".أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت

Page 268: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

262

الجنائية لرعية دولة ليست طرفا في النظام األساسي، عن جرائم يزعم بارتكابها فوق إقليم 640.»النظام األساسي دولة ليست طرفا في

من نظام روما األساسي لتؤسس ممارسة 27كما استندت المحكمة على المادة اختصاصها في هذه الحالة، وأن مركز رئيس الدولة أثناء ممارسته لمهامه ال يحول دون

:كالتالي قرارفي المساءلته جنائيا، وهو ما جاء كرئيس دولة ليست طرفا في النظام تعتبر المحكمة أن الوضعية الحالية لعمر البشير «

.األساسي ال تؤثر في اختصاص المحكمة بالقضية الحاليةيقوم الثاني منها على ...ه النتيجة استنادا إلى أربع اعتبارات ذولقد توصلت المحكمة له

.641»من النظام األساسي التي ال تعتد بالحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول 27المادة تأكيد متابعة الرئيس السوداني من قبل الدائرة التمهيدية، إال أن على الرغم من

اإلشكال يبقى قائما في هذه الحالة كون السودان ليس طرفا في نظام روما األساسي، وقد ، كما سمح قرار 642تم تفسير هذا الموقف بكون القضية تمت إحالتها من قبل مجلس األمن

التعاون مع المحكمة بالرغم من أنه ليس طرفا بإلزام السودان ب 1593مجلس األمن رقم :حيث ورد فيهفي نظامها األساسي

جميع أطراف الصراع األخرى في دارفور تعاونا و تتعاون حكومة السودان يقرر أن «أن تقدم إليهما كل ما يلزم من مساعدة، عمال بهذا والمدعي العام و كامال مع المحكمة

643»القرار، فغالبا ما يتم لممثليهاي دساتيرها وقوانينها بحصانة فتعترف يبقى أن الدول

اإلعتراف بحصانة رئيس الدولة صراحة في الدستور ويترتب عن ذلك عدم إمكانية الذي جاء و من نظام روما األساسي 27متابعته، وهو األمر الذي يتعارض مع نص المادة

CPI, Decision on the Prosecution’s application for a warrant of arrest against Omar:انظر 640

Hassan Ahmad Al Bashir, Par. 40. .Idem., Par. 41, 42 et 43: انظر641 ,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains…, op. cit:انظر 642

p. 174. .2، فقرة 2005مارس 31الصادر في 1593 مجلس األمن، القرار: انظر 643

Page 269: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

263

هو و ،644القضاء الوطني الستبعاد الحصانة التي أصبحت تشكل عائقا في المحاكمة أمامتعديل دستورها بالنسبة حيث عمدت إلىعند مصادقتها عليه كما ذكرنافرنسا ما قامت به

لعملية إدماج نظام ناتعرضلقد ، و645لهذا البند حتى تتماشى التزاماتها الدولية مع دستورهاهو و روما األساسي ومختلف العوائق التي تواجهها الدول لتفعيل أحكامه التي التزمت بها

.هاذما يفسر اإلجراءات التي تتخالحصانة وهو ما سنتعرض له بعض الهيئات الدولية في موضوعولقد ساهمت

.اآلن :حصانة أجهزة الدولة في أشغال معهد القانون الدولي. 2

بجهد وافر في توضيح معالم نظام الحصانات التي 646هم معهد القانون الدوليأسالدولة بالنظر للغموض الذي يكتنف الحصانات القضائية والتنفيذية التي ممثلويتمتع بها

يتمتع بها رئيس الدولة أو الحكومة، وبعد دراسة الموضوع في إطار اللجنة الثالثة عشر ، صدرت الئحة خالل دورة VERHOEVENاذ فيرهوفن والتي قام بها المقرر األست

حول الحصانات القضائية والتنفيذية لرئيس الدولة 2001المعهد المنعقدة بفانكوفر عام

، مرجع دراسة متخصصة في القانون الجنائي الدولي.عبد الفتاح بيومي حجازي،المحكمة الجنائية الدولية: انظر 644

.148سابق، ص = :1958من الدستور الفرنسي لعام 54تنص المادة 645 ="ح المجلس الدستوري، بناء على إخطار من رئيس الجمهورية، أو الوزير األول، أو رئيس أحد المجلسين، إذ صر

أو ستين نائبا أو ستين عضوا في مجلس الشيوخ، أن تعهدا دوليا ما، يتضمن بندا مخالفا للدستور، فإنه ال يؤذن ".لموافقة عليه إال بعد مراجعة الدستوربالتصديق على هذا التعهد الدولي أو ا

يعتبر فيه 1998ديسمبر 24ولقد أصدر المجلس الدستوري بناء على إخطار من رئيس الجمهورية الفرنسي قرار في من الدستور الفرنسي التي تقرر نظاما خاصا 68من اتفاقية روما والمادة 27وجود تعارض بين مقتضيات المادة

.لةلمسؤولية رئيس الدو ,« GALLIE, (Martin), « Crimes internationaux et statut pénal du chef de l’Etat français:انظر

www.rfdi.net/doc/Colloque CPI Martin Gallie.pdf, p. 3. TAVERNIER, (Paul), « Comment surmonter les obstacles constitutionnels… », op. cit., p. 553.

Gustaveببلجيكا على يد قانونيين مبرزين من بينهم غوستاف مونييه 1873ديسمبر 8المعهد منظمة تأسست في 646

Moynier تقوم لجان الذي كان من األعضاء المؤسسين للجنة الدولية للصليب األحمر، يجتمع كل سنتين في دورات، و .علمية بدراسة المواضيع التي تختارها الجمعية العامة، وعند تلقيها وفحصها، تصدر بالنسبة للمواضيع المهمة لوائح

www.idi-iil.org:انظر

Page 270: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

264

والحكومة في القانون الدولي تضمنت حوصلة لمختلف األشغال التي استندت على القواعد يمكن المساس بشخص رئيس والممارسات الموجودة، فلقد أكدت في المادة األولى أنه ال

أنه ينبغي الديباجةالدولة الذي يمارس مهامه في إقليم دولة أجنبية، بعد أن وضحت في منحه معاملة خاصة كممثل لدولته ليس لمصلحته الشخصية بل لتمكينه من ممارسة مهامه

موعة وتحمل مسؤولياته بصفة مستقلة وفعالة بالنسبة للدولة المعنية، وكذلك بالنسبة للمج .الدولية، مما يؤكد الطابع الوظيفي الذي تعرضنا له آنفا

:2و كرست الالئحة الحصانة القضائية الجنائية بصفة شبه مطلقة إذ نصت المادة ية بيتمتع رئيس الدولة في المجال الجنائي، بالحصانة القضائية أمام محاكم الدولة األجن«

.»كانت خطورتهابالنسبة لكل جريمة يكون قد ارتكبها، مهما بأية حصانة ممنوحة له وفقا للقانون الدولي إذا ما 7أنه ال يتمتع وفقا للمادة غير

قررت دولته رفع الحصانة عنه وهو ما اعتمدته محكمة العدل الدولية في قرار يروديا كما .سنراه الحقا :منها والتي نصت 11/1أن المهم هو ما جاء في المادة إال

:أحكام هذه الالئحة حاجزا بالنسبة لـ قفال ت -1«تلك الناشئة عن األنظمة األساسية للمحاكم ،اإللتزامات الناشئة عن ميثاق األمم المتحدة

للدول التي تكون الدولية بالنسبةالجنائية الدولية وكذلك النظام األساسي للمحكمة الجنائية .» طرفا فيه

ة في حالة ارتكابه جرائم دولية لوهو اعتراف صريح بتراجع حصانة رئيس الدو .من نظام روما األساسي 27مام القضاء الجنائي الدولي، وتأكيد للطابع العرفي للمادة أ

من الالئحة مبدأ عدم تمتع رئيس الدولة السابق بالحصانات 13كما كرست المادة كانت الشخصية، أما الحصانات الوظيفية فلقد أكدت على وجود استثناء عليها إذا ما

األفعال المتابع بها تشكل جريمة في القانون الدولي وهو تأكيد على أن الحصانة محدودة .بارتكاب جرائم دولية

رئيس الحكومة لنفس النظام القانوني الذي يخضع له رئيس 15لقد أخضعت المادة الدولة مما يوحي بتكريس القواعد التي كانت مطبقة بصفة مؤكدة، والتي سنوضحها على

.ضوء االجتهاد القضائي

Page 271: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

265

:أشغال لجنة القانون الدولي الحصانة في. 3

مفهوم الحصانة القضائية لممثلي الدولة باهتمام لجنة القانون الدولي التي حظي حصانة مسؤولي الدول من «: ضمن أشغالها تحت تسمية 2007قررت إدراجه منذ

عدة تقارير كان آخرها الصادر في لقد تم إعداد و ،»الوالية القضائية الجنائية األجنبية، تضمنا مشروع مواد حول 2013الستين لسنة و الرابعةو الستينو الدورتين الثالثة

.الموضوعفي تأكيد عوض ممثلي الدول 647ويالحظ أن اللجنة اختارت عبارة مسؤولي الدول

عن مضمون المواد نجد أنهتم اإلعتراف لكل منو ،على المسؤوليات التي يتحملونهاوزراء الخارجية بالحصانة الشخصية أثناء شغلهم و رؤساء الحكوماتو رؤساء الدوليعد هذا متماشيا مع اإلتجاه الغالب في و ،)من المشروع 4و 3المادتين (مناصبهم فقط

كان قرار و الوظيفة،و الوضع الحالي، كما تم تبرير منحهم هذه الحصانة بالنظر للتمثيلسنعود الحقا لهذا و ضية يروديا مرجعا لتبرير هذه الحصانة،محكمة العدل الدولية في ق

.القرار كما تم التعرض إلمكانية توسيع دائرة مسؤولي الدول خارج أولئك المشار إليهم

أكد التقرير على تمتع رئيس الدولة و.هذا ما يعكس الممارسات الموجودة في هذا المجالويبدو من ذلك أن لجنة و الدولي العرفي، بالحصانة الموضوعية كما هو مكرس في القانون

القانون الدولي تعكف على دراسة المسألة بحذر بالنظر لحساسيتها على مستوى العالقات . بين الدول

؟نحو تراجع عن الحصانة: حصانة أجهزة الدولة والجرائم ضد اإلنسانية: المطلب الثاني

فيأدى غموض القواعد التي تحكم حصانة الدولة إلى إسهام االجتهاد القضائي محاولة لتوضيح أسسه، خاصة مع تكريس قاعدة استبعاد الحصانة في النصوص المنشئة

ولعل األمر يعرف بعض اإلختالفات أمام القضاء ) الفرع األول(للقضاء الدولي الجنائي ).الفرع الثاني(الحلول تختلف حسب الوضعيات الجنائي الوطني الذي يعرف طائفة من

الفصل ،2013أغسطس 9يوليه 8يونيه و 7مايو 6تقرير لجنة القانون الدولي، الدورة الخامسة والستون، : انظر 647

.48، فقرة A/68/10الخامس،

Page 272: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

266

غياب الحصانة أمام القضاء الجنائي الدولي :الفرع األولالتوقف عند ) -2(ينبغي قبل استعراض الممارسة القضائية للمحاكم الجنائية الدولية

).-1(روديا يمسألة على ضوء قضية الموقف محكمة العدل الدولية من :قضية يروديا: الدولة أمام محكمة العدل الدوليةحصانة أجهزة . 1

عرف مبدأ اإلختصاص العالمي منذ سنوات ازدهارا وتطبيقات متعددة من قبل بعض الدول التي اعتمدت معاقبة الجرائم الدولية بناء عليه، وسنتعرض له في الفصل

ت مالتي قاالثاني من هذا الباب بكل تفاصيله، ولعل أهم عائق اصطدمت محاكم الدول بالحصانة ألن أغلب المتابعين هم من جنسيتها المتهم التي يحمل دولةالبالمتابعة هو تمسك

.كبار المسؤولين في دولهممنطقة البحيرات الكبرى كانت اتجه العديد من ضحايا النزاعات المسلحة التي

سيمة لحقوق إلى القضاء البلجيكي للمطالبة بمتابعة مرتكبي اإلنتهاكات الجمسرحا لها اإلنسان كما كان األمر بالنسبة لوزير خارجية الكونغو الديمقراطية يروديا الذي كان محل

، وتمخض عن 2000أفريل 11أمر دولي بإلقاء القبض صادر عن القضاء البلجيكي في ذلك لجوء الكونغو لرفع دعوى ضد بلجيكا أمام محكمة العدل الدولية طالبة منها الحكم بأن

.648انتهكت الحصانة القضائية التي يتمتع بها الوزير أثناء تأدية مهامه بلجيكايروديا ض على الكراهية العرقية الذي ألقاه تعود وقائع القضية إلى الخطاب المحر

جرائم ضد اإلنسانية بأنه يشكلمن قبل القضاء البلجيكي وتم تكييفه 1998في أوت المتعلق بقمع المخالفات 1993جوان 16طبقا للقانون المؤرخ في ) وجرائم حرب(

1999فيفري 19الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني المعدل بموجب القانون المؤرخ في 649

,CIJ, arrêt, affaire du mandat d’arrêt du 11 Avril 2000 (Affaire Yerodia):انظر في ذلك 648

14 Février 2002, République Démocratique du Congo c. Belgique, par. 1. GHERAÏRI, (Ghazi), LAGHMANI, (Slim), HAMROUNI, (Salwa), Affaires et documents de droit international, Centre de publication universitaire, Tunis, 2005, p. 564.

,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains…, op. cit:انظر 649

Page 273: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

267

اإلشكال عند إصدار األمر الدولي بإلقاء القبض الذي وجه إلى وزير خارجية ثارولقد حصانة الدبلوماسية ا للقدولة أجنبية أثناء ممارسة مهامه، األمر الذي اعتبرته الكونغو خر

دة، والتي اعترف بها االجتهاد القضائي اسيات ذالتي يتمتع بها وزير خارجية دولة .650من اتفاقية فيينا المتعلقة بالعالقات الدبلوماسية 2فقرة 41للمحكمة والناتجة عن المادة

الوضعية الراهنة الطرفين إلى ادعاءاتأشارت المحكمة في معرض ردها على :بمسألة الحصانات، معتبرة أنه ةاإلتفاقي والمتعلقلقانون ل

أو آخر من مسألة حول جانبيمكن استخالص نتائج مفيدة من هذه اإلتفاقيات «غير أنها ال تشتمل على أي بند يبين بصراحة الحصانات التي يتمتع بها . الحصانات

الدولي العرفي نتيجة لذلك، ستستند المحكمة على القانون . وزراء الخارجية األجانب .651»للفصل في المسائل المتعلقة بحصانة الوزراء كما طرحت في قضية الحال

لحصانة الممنوحة لوزير الخارجية بأنها تقوم على أساس وظيفي كما لبعد تبريرها :كممثل للدولة تهسبق وأن تعرضنا له في المطلب األول أعاله، وأنه بالنظر لطبيعة وظيف

مدة خدمته، فإنه أثناءتخلص المحكمة إلى أن وظائف وزير الخارجية تؤدي إلى أنه «وتهدف هذه الحصانة والحرمة .يتمتع بحصانة قضائية جنائية وحرمة مطلقتين في الخارج

ة لقرصادر عن دولة أخرى يؤدي إلى ع سلطةيعبر عن عمل حماية المعني من أي إلى 652.»في ممارسة مهامهه الفقرة أن محكمة العدل الدولية اعتبرت أن الحصانة التي يتمتع بها يبدو من هذ

وزير الخارجية ذات طابع مطلق ألنها تسعى إلى حماية حريته في أداء وظائفه كممثل لدولته، بل أنها رفضت أن تميز بين التصرفات التي يقوم بها بصفة رسمية وبين تلك

p. 207.

.CIJ, Affaire du mandat d’arrêt …, op. cit, par. 1: انظر 650KLIP, (André), « Complementarity and concurrent jurisdiction », in International criminal

=law : Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28

=November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, p. 193.

.CIJ, Affaire du mandat d’arrêt…, op. cit., par 52:انظر 651 .Ibid., par. 54: انظر 652

Page 274: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

268

هبين تلك التي أداها قبل ممارسة وظائف كلذك، وأو شخصية خاصةالتي يقوم بها بصفة وهو األمر الذي يطرح تساؤالت عن 653الرسمية وتلك التي قام بها خالل ممارسة وظائفه

.السبب الذي جعل المحكمة تقف عند هذا الحد رافضة الخوض في المسألة بصفة مفصلةصادر عن ما تمسكت به بلجيكا للتأكيد على شرعية األمر بإلقاء القبض ال بينمن

قضائها الوطني هو أن مبدأ الحصانة الجنائية لوزير الخارجية يعرف استثناءا يؤدي إلى ، غير أن المحكمة استبعدت 654عدم اإلعتداد به وهو الحالة التي يرتكب فيها جرائم دولية

، إذ يتوقف 655حجتها معتبرة أن مثل هذا االستثناء لم يرق إلى مرتبة العرف الدولي .قضاء الجنائي الدولي فقطتطبيقه على ال

انقسمت آراء الفقه بين مؤيد لموقف المحكمة الذي جاء حسبهم صائبا ويشكل شكل تراجعا عن اآلمال التي برزت منذ نظام الحصانات، وبين منتقد ألنه صرحا هاما فيوتجاهل التطور المهم للقانون الدولي الجنائي، بل أن هذا اإلنقسام برز 656قضية بينوشي .657وا مواقف متعارضةنباة المحكمة ذاتهم الذين تحتى بين قض

توقفت المحكمة بعد نفيها لوجود استثناء على الحصانة الجنائية عند ارتكاب جرائم :القراردولية أمام مسألة إمكانية متابعة ممثلي الدولة، حيث جاء في

.Ibid., par. 55: انظر 653

على القرارين الصادرين في قضية بينوشي أمام القضاء البريطاني والقذافي أمام األخصاستندت بلجيكا على 654

.الفرنسي والذين كرسا استثناء الجرائم الدولية على مبدأ الحصانة، وسنعود لهما بالتفصيل أدناه القضاء .CIJ, Affaire du mandat d’arrêt…, op. cit., par 58 :انظر 655

,…« LANKARANI, (Leila), « Le rôle de la cour internationale de justice en matière pénaleوop. cit., p. 53.

:انظر 656METILLE, (Sylvain), « L’immunité des chefs d’Etat au XXIe siècle…», op. cit., p. 66

ستبعاد تطورات القانون الدولي االمعارض افي رأيه VAN DEN WYNGAERTالقاضي الخاص تفلقد تأسف 657 BULA-BULAاعتبر القاضي الخاصالجنائي التي تؤدي إلى متابعة مرتكبي أكثر الجرائم الدولية خطورة، في حين

.في رأيه اإلنفرادي أن المحكمة فندت الحجج الضعيفة لبلجيكا

Page 275: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

269

أن الحصانة القضائية التي يتمتع بها وزير الخارجية أثناء أدائه لمهامه ال تعني ... «إن .إفالته من العقاب بالنسبة للجرائم التي يكون قد ارتكبها، مهما كانت خطورتها

.658»الحصانة القضائية الجنائية والمسؤولية الجنائية الفردية مفهومان مختلفان تمامان إقرار مسؤوليتهم دولك الحاالت التي ال تحول فيها الحصانات وحددت بعد ذ

:الجنائية في أربعوفقا ناال يتمتع السابق وزير الخارجية لمهامهأوفمن البديهي أن وزير الخارجية الممارس

.اهم التي بإمكان محاكمها متابعتهتللقانون الدولي بالحصانة القضائية الجنائية في دولللتمسك بحصانتهم أمام محاكم دولة أجنبية إذا ما قررت دولتهم كما أنه ال مجال

.رفع الحصانة عنهمالحالة الثالثة والتي جاءت بصياغة يكتنفها الغموض، فلقد اعتبرت فيها المحكمة في

أنه بإمكان محكمة دولة أجنبية أن تتابع وزير خارجية سابق عن التصرفات التي قام بها قبل توليه لوظائفه أو بعد ذلك، كما يمكنها حتى متابعته عن التصرفات التي قام بها أثناء

.، وأثارت هذه الحالة انتقادات سنوردهاأعمال خاصةكانت تأدية وظائفه، إذاوهي بدورها بديهية كونها نتاج للتطور الذي عرفه القانون الدولي ةأما آخر حال

.659الجنائي، فتقتضي متابعة وزير الخارجية أمام القضاء الدولي الجنائي المؤقت والدائمبالحالة الثالثة التي سمحت بمتابعة وزير تأهم اإلنتقادات التي وجهها الفقه تعلقمن

، الطبيعة الخاصةالخارجية أثناء ممارسة مهامه إذا كانت تندرج ضمن التصرفات ذات وطرحوا مسألة الجرائم الدولية وإشكالية تصنيفها ضمن التصرفات ذات الطبيعة الوظيفية

سانية كتصرفات ، فمن الصعب اعتبار الجرائم ضد اإلنخاصةوز طبيعةحتلك التي تأو ذات طبيعة خاصة بالنظر الستحالة ارتكابها من قبل الممثلين الرسمين دون دعم من

.660مؤسسات الدولة

:انظر 658

CIJ, Affaire du mandat d’arrêt…, op. cit., par. 60. :انظر 659

CIJ,Affaire du mandat d,arret, op.cit., par. 61. ,.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves des droits humains, … op. cit :انظر 660

p. 212.

Page 276: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

270

ويمكن إسقاط ما جاءت به محكمة العدل الدولية بالنسبة لحصانة وزير الخارجية ر على غيره من أجهزة الدولة، وهو الحال بالنسبة لرئيس الدولة ورئيس الحكومة أو الوزي

األول من باب أولى، إذ يبدو أن المحكمة فضلت اإلبقاء على استقرار العالقات الدولية الذي يسود المجتمع الدولي مفضلة عدم األخذ بالتطورات التي 661وعلى قدسية مبدأ السيادة

.الوطنية وهو ما سنتعرض لها بعض المحاكم ذكو يعرفها القانون الدولي الجنائي

:أمام القضاء الجنائي الدوليمبدأ الحصانة . 2

عدة تطورات انتقلت فيها من مبدأ مطلق يحول ةعرفت قاعدة حصانة ممثلي الدولدون أية متابعات إلى قاعدة نسبية تسمح بوجود متابعات، وهو ما تكرس بصفة صريحة

ولية مام المحكمة الجنائية الدومؤخرا أ) -أ(في االجتهاد القضائي للمحاكم الجنائية المؤقتة ).ب( :استبعاد الحصانة في االجتهاد القضائي لمحكمتي يوغسالفيا ورواندا) أ

أسهمت المحكمتان الجنائيتان المؤقتان في تأكيد غياب الحصانة عند ارتكاب جرائم ي الدولة مناسبة اعتبر فيها القضاة أنه ال يمكن لممثل Blaskicدولية، فلقد شكلت قضية .انونيةحججا قل أمام محكمة جنائية دولية، معتمدين وثالدفع بحصانتهم عند الم

والذي MILOSEVICغير أن أهم قرار هو ذلك الذي صدر في حق ميلوزفتش بتهمة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية صربيادولة لفي الخدمة ا تمت متابعته عندما كان رئيس

22اتهام في ، وصدرت ضده صحيفة662)، اإلبادة، الحبس، التعذيبالعمد أفعال القتل(، وتعد هذه أول مرة تتم فيها متابعة رئيس دولة مازال في الخدمة من طرف 1999ماي

دراسة قانونية، مرجع سابق، ص . طالل ياسين العيسى وعلي جبار الحسيناوي، المحكمة الجنائية الدولية: انظر 66195. وجهت التهمة لميلوزفتش الرتكاب جرائم في كوسوفو تمثلت في ترحيل مجموعة هائلة من السكان األلبانيين من 662

.1999جوان 20إلى 1999إقليم كوسوفو إلبقائهم تحت رقابة الصرب وهذا في الفترة الممتدة من الفاتح جانفي

Page 277: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

271

جهة قضائية دولية، ولقد أكدت هذه الوثيقة على المسؤولية الجنائية التي يتحملها الرئيس :ت أنهالصربي، حيث اعتبر

، فإن سلوبودان ...الشرطةحوز سلطة وأنه يمارس رقابة على هيئات يبالنظر لكونه «ميلوزفتش، بصفته رئيس الجمهورية الفدرالية ليوغسالفيا، يعد مسؤوال جنائيا طبقا للمادة

.663»...من النظام األساسي للمحكمة عن األفعال التي ارتكبها تابعوه 7/3كما استبعدت محكمة رواندا مبدأ الحصانة بالنسبة للمتهمين الذين يحوزون صفة

هو ما يبين استقرار المحكمتين و كذلك في قضية كاييشيما،و قضية أكاييزوفي رسمية .على هذا التوجه من أجل محاربة اإلفالت من العقاب

:عدم اإلعتداد بالحصانة أمام المحكمة الجنائية الدولية) ب

لقد كانت قضية الرئيس السوداني البشير أول حالة تباشر فيها المحكمة الجنائية متابعة ضد رئيس دولة في الخدمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية على الرغم الدولية

تبعتها إحالة الوضع في ليبيا من قبل مجلس األمن حيث و من تمسكه بالحصانة القضائية،أصدرت المحكمة و تعلق األمر بمتابعة الرئيس الليبي القذافي الذي كان آنذاك في الخدمة

قبل أن تتوقف جميع اإلجراءات ضده في 2011جوان 27يخ في حقه مذكرة اعتقال بتار .نوفمبر من نفس السنة على إثر وفاته 22

كما تجري حاليا متابعة سيف اإلسالم القذافي الذي كان وزير أول وقت بدأ تجري كذلك متابعة غباغبو بتهمة و اإلجراءات بتهمة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية،

، الذي كان رئيس دولة كوت ديفوار أثناء مباشرة اإلجراءاتارتكاب جرائم ضد اإلنسانية . لقد صدر في حقه قرار تأكيد التهمو

:انظر663

Le Procureur c. Slobodan MILOSEVIC et consorts, Acte d’accusation, 22 Mai 1999, par. 84.

Page 278: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

272

يبدو من ذلك أنه ال مجال لتمسك ممثلي الدول بالحصانة بسبب تنافيها مع هو األمر الذي لم يتأكد بصفة و المسؤولية التي تقع عليهم بسبب ارتكاب جرائم دولية

. شاملة في القضاء الداخلي

مواقف متباينة: الحصانة أمام القضاء الجنائي الداخلي :الفرع الثانيتصطدم متابعة ممثلي الدولة أمام القضاء الجنائي الداخلي بمبدأ الحصانة، ونجد أن

متبعة في ذلك خطوات ) -1(بعض الجهات القضائية الرائدة تتجه نحو استبعاد الحصانة ).-2(بها متشبثاالقضاء الجنائي الدولي في حيث أن البعض اآلخر ال يزال

:قضيتي بينوشي والقذافي: ة رائدةاستبعاد الحصانة أمام جهات قضائي. 1

- أ(سمح مبدأ اإلختصاص العالمي بمتابعة رئيس دولة سابق ويتعلق األمر ببينوشي ).- ب(البعض إلى متابعة رئيس دولة أثناء ممارسة مهامه اتجهو)

:الخاصالحصانة المادية بالنسبة لألفعال ذات الطابع استبعاد: قضية بينوشي) أ

تعد هذه أول قضية يعالج فيها القضاء الداخلي مسألة الحصانة التي تتمتع بها اإلفالت من العقاب بالنسبة عدم أجهزة الدولة ويقرر فيها استبعاد الحصانة لتكريس

.لحقوق اإلنسان لجسيمةلمرتكبي اإلنتهاكات الشيلي بدأ أول إجراء أمام المحاكم اإلسبانية التي حركت الدعوى ضد الرئيس ا

عالجه بصورة مفصلة في الفصل الثاني نعلى مبدأ االختصاص العالمي كما سالسابق بناء أدناه، وإصدار أمر دولي بإلقاء القبض تمخض عن إلقاء القبض عليه في بريطانيا بتاريخ

وبدأت إجراءات النظر في طلب تسليمه للقضاء اإلسباني من أجل 1998أكتوبر 16 . 664لدولية التي ارتكبهامحاكمته عن الجرائم ا

:انظر 664

GHERAIRI, (Ghazi), LAGHMANI, (Slim), HAMROUNI, (Salwa), Affaires et documents de droit international…., op. cit., p. 589.

COSNARD, (Michel), « Quelques observations sur les décisions de la chambre des Lords

Page 279: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

273

ي تمسك بمبدأ الحصانة التي يتمتع بها رئيس الدولة ذجاء رد فعل دفاع بينوشي الوسار القضاء بداية في اإلتجاه ،السابق والتي تحول دون أية متابعات موجهة ضده

1998أكتوبر 28المكرس للحصانة حيث قررت محكمة العدل العليا البريطانية بتاريخ ويبدو أن مبدأ ،يتمتع بالحصانة القضائية الجنائية باعتباره رئيس دولة سابق أن بينوشي

.السيادة والحصانة المطلقة بررا مثل هذا القرارغير أن القضية أخذت مجرى يسير في إطار التوجهات الحديثة للقانون الدولي

بما التي قد تمس به عقاب واستبعاد جميع العوائقئي التي تسعى إلى تكريس مبدأ الالجناإثر استئناف الحكم أمام غرفة اللوردات، أصدرت هذه األخيرة قرارا ىفيها الحصانة، فعل

يلغي الحكم السابق أكدت فيه على أنه ال يمكن الدفع بالحصانة كون رئيس الدولة السابق ارتكب جرائم التعذيب، وهي أفعال ال تندرج ضمن الوظائف التي تدخل في ممارسات

.ئيس الدولةرتم إلغاء القرار الصادر عنها 665على إثر الطعن في حياد تشكيلة غرفة اللوردات

1999مارس 24وبعد اعتماد تشكيلة جديدة، أصدرت غرفة اللوردات قرارا آخر في ل السابق، إذ قرر ستة لوردات من ضمن سبعة رفع ذهبت فيه إلى اعتماد نفس الح

جملة من الحجج القانونية، من أهمها أن اتفاقية الحصانة عن بينوشي معتمدين علىالتسليم أو المحاكمة ما إلجريمة التعذيب ولمبدأ هابتكريس 1984عام مناهضة التعذيب ل

وهو تفسير توصل له ،لتمتع أجهزة الدولة بالحصانة القضائية الجنائية منافية تصبحالمعاهدة والغرض من إبرامها موضوع قاعدة التفسير التي تستند على القضاة انطالقا من

من اتفاقية فيينا القانون المعاهدات، 31/1حسب مبادئ التفسير التي كرستها المادة .وتتعارض بالتالي مع الحصانة المادية التي يتمتع بها رئيس دولة سابق

du 25 Novembre 1988 et du 24 Mars 1999 dans l’affaire Pinochet », R.G.D.I.P., 1999, n° 2, p. 293.

تم اتهام اللورد هوفمان الذي كان ضمن أغلبية القضاة الثالث الذين صوتوا لصالح رفع الحصانة عن بينوشي بعدم 665 .الحياد لكونه على صلة بمنظمة العفو الدولية التي تدخلت في القضية

.COSNARD, (Michel), « Quelques observations sur les décisions…», op. cit., pانظر294.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves…, op. cit.,p. 191.

Page 280: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

274

لقضاة تفسير المقصود باألفعال المرتبطة بالوظيفة التي تبرر تمتع رئيس حاوالنة المادية، وطرح التساؤل حول ما إذا كان باإلمكان اعتبار الجرائم الدولية الدولة بالحصا

هم من ذلك بمفهوم فيو وصلوا إلى اإلجابة بالنفي،ضمن األفعال المرتبطة بالوظيفة ليت Actes à titreطبيعة خاصةالمخالفة بأن هذه األفعال اإلجرامية تم تصنيفها كأفعال ذات

privé. ه ذه إشكاال على اعتبار أنه لم يكن بإمكان المجرم ارتكابير هذا التصنيف ثيلو ال استناده على صفته الرسمية التي منحت له تسهيالت الرتكاب انتهاكات األفعالقضاة ذي أخذ به لامما أدى بالفقه إلى انتقاد هذا اإلستدالل ،لحقوق اإلنسان جسيمة

ما إذا كان اإلستثناء الذي كرسوه األغلبية، لعدم وضوحه في مجمله وطرح التساؤل حول لخطيرةة لرؤساء الدولة السابقين يمتد ليشمل جميع اإلنتهاكات ايعلى الحصانة الماد

للقانون الدولي اإلنساني أم أنه يخص فقط جريمة التعذيب بمفهوم اتفاقية مناهضة .666التعذيب

إلفالت من من الموقف اإليجابي للقضاء البريطاني من مسألة عدم ا وعلى الرغمالعقاب، وبدال من تسليم بينوشي للقضاء اإلسباني لمحاكمته، صرح وزير الداخلية

أنه من و بأن الحالة الصحية للدكتاتور ال تسمح بتسليمه 2000جانفي 11البريطاني في . 667إلى بلده عودالضروري أن يقررت صدى في الشيلي دولة الدكتاتور التيالقيقراري مجلس اللوردات غير أن

رفع الحصانة عنه بالنظر لمشاركته في عملية 2004أوت 26المحكمة العليا فيها بتاريخ CONDOR668هي بمعاقبة المتهم، وهي إحدى م، وتكون بذلك الشيلي قررت أن تقو

ت فيها محكمة العدل الدولية متابعة رئيس الدولة ولو كان في زاجالحاالت التي كانت قد أ .إطار الخدمة

:نسبية الحصانة الشخصية لرئيس الدولة أثناء ممارسة مهامه: القذافي قضية) ب

:انظر 666

MAHMOUD SALAH, (Mohamed), « Interrogations sur l’évolution du droit …», op. cit., p. 773.

.BELLAL, (Annyssa), Immunités et violations graves…, op. cit., p. 198:انظر 667 .وبعد الشروع في المحاكمة، توفي الدكتاتور وانتهت بذلك كل المتابعات668

Page 281: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

275

تعرض الرئيس الليبي القذافي لمتابعات أمام القضاء الفرنسي، جراء عمليات تفجير ، حيث رفعت عائالت 1989سبتمبر 19طائرة فرنسية فوق صحراء النيجر في

وقرر قاضي TGI669لكبرى الضحايا شكوى مصحوبة بادعاء مدني أمام محكمة باريس اأن رئيس الدولة في الخدمة ال يتمتع بحصانة االتحقيق إصدار أمر بإجراء تحقيق معتبر

قضائية عندما يرتكب جريمة دولية، طعن فيه المدعي العام للمحكمة باإلستئناف، تؤكد فيه أمر قاضي 2000أكتوبر 20فأصدرت محكمة اإلستئناف قرارا هاما في

.التحقيقلحصانة رئيس الدولة لعدم النص عليها في حتتأكيدها على الطابع العرفي البد بع

المدنية على حد و أية اتفاقية دولية والتي تمنع من متابعته أمام الجهات القضائية الجنائيةهناك تراجعا بدأ يتكرس في هذا المجال، فلقد جاء في قرار غرفة اعتبرت أنسواء،

:ريساإلتهام لمحكمة استئناف باتعرف بعض القيود منذ نهاية تغير أن هذه الحصانة إن كانت عند ظهورها مطلقة، بدأ«

.الحرب العالمية الثانية 8في المعتمد لندن اتفاقا، السيما نساتفاقيات دولية صادقت عليها فر هناك عدة

مة الذي أنشأ المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ، النظام األساسي للمحك 1945أوت الصادرين 955و 827القرارين رقم ... ،1946جانفي 19طوكيو المعتمد في لالعسكرية

عن مجلس األمن لألمم المتحدة والمتضمنين على التوالي النظام األساسي للمحكمة الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة في الهاي وذلك المتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة برواندا في

17تفاقية المتضمنة النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في ا، واإلشأرو، قد استبعدت هذه الحصانة، فيما يخص الجرائم األكثر خطورة ضد 1998جويلية

.670»اإلنسانية، اإلبادة الجماعية، الفصل العنصري وجرائم الحرب

: انظر 669

POIRAT, (Florence), «Immunités de juridiction pénale du chef d’Etat étranger en exercice et

règle coutumière devant le juge judiciaire», in R.G.D.I.P., 2001, n° 2, p. 478.

Cour d’appel de Paris, chambre d’accusation, 2è section, Arrêt du 20/10/2000, n° A :انظر 6701999 0591.

Page 282: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

276

ي ميدان القانون ة أن القضاة استندوا إلى أحدث التطورات فثييحيظهر من هذه الالدولي الجنائي التي كرسها اإلجتهاد القضائي انطالقا من النصوص المنشئة للمحاكم الدولية، ويكون بذلك قد أكد أن ارتكاب الجرائم الدولية يشكل استثناءا على الحصانة التي

في ورداتليتمتع بها رئيس الدولة، كما استند القضاة لتأسيس استداللهم على قرار غرفة القضية بينوشي باإلضافة إلى قرارات أخرى صادرة عن القضاء األمريكي، ليتوصلوا إلى

.التأكيد على أمر قاضي التحقيق بالشروع في إجراءات التحقيق ضد الرئيس الليبيغير أن تراجعا طفيفا حدث بعد الطعن بالنقض في قرار محكمة اإلستئناف، حيث

، أكدت فيه بداية على أن 2001مارس 13في أصدرت محكمة النقض الفرنسية قراراالحصانة القضائية لرئيس الدولة التي يكرسها العرف الدولي تشكل عائقا أمام متابعة رئيس الدولة في الخدمة، وهو اعتراف بالقاعدة التي يكرسها القانون الدولي وأكدتها

إلى أن الجرائم محكمة العدل الدولية في قضية يروديا، غير أن محكمة النقض توصلتالتي يتم متابعة الرئيس الليبي بها ال تعد من الجرائم التي تشكل استثناءا على مبدأ

:الحصانة القضائية وتسمح باستبعادها، إذ جاء في القرارحيث أنه، طبقا لوضعية القانون الدولي في الوقت الحالي، فإن الجريمة المتابعة مهما «

ضمن االستثناءات الواردة على مبدأ الحصانة القضائية كانت درجة خطورتها، ال تندرجلرؤساء الدول األجنبية في الخدمة، وأن غرفة اإلتهام بتأكيدها على وجود استثناء تكون قد

.671»تجاهلت المبدأ الوارد أعاله :انعكاس لمبدأ السيادة: تمسك بعض الجهات القضائية بالحصانة. 2

لممثلين الرسميين من المتابعة القضائية السيما يؤكد القضاء الداخلي على حصانة اعندما يتعلق األمر بممثلي دولتهم، ذلك أن أغلب الدساتير تنص على حصانة رئيس الدولة

.مما يحول دون إجراء أية متابعةكما يستند القضاء على الحصانة الموضوعية لرئيس الدولة لكي يتمسك بعدم

Reيمكن أن نذكر على سبيل المثال قضية و ةإمكانية متابعة رئيس دولة في الخدم

Honecker التي ذهبت فيها المحكمة اإلتحادية العليا أللمانيا اإلتحادية سابقا إلى عدم

.« Cour de cassation, Arrêt, n° 00-87-215, affaire « Kadhafi:انظر 671

Page 283: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

حماولة التوفيق العسرية: وسيادة الدولة اجلرائم ضد اإلنسانية الفصل األول

277

لعل األمثلة كثيرة ال يتسع المقام لذكرها، بل يالحظ و ،672متابعة المدعي بسبب الحصانة .لمساس بحصانة ممثليهافقط أن الدول تجد في قضائها الوطني أساسا تمنع فيه من ا

في هذا المقام، يمكن اإلشارة إلى أن الدول اإلفريقية حاولت أن تأخذ موقفا إيجابيا عقاب فكرست استبعاد الحصانة في القوانين التي اتخذتها منع اإلفالت من المن مبدأ

بغرض المواءمة مع نظام روما األساسي مثل قانون جمهورية الكونغو الديمقراطية في مما يعزز من موقفها، غير أن 4/1673قانون جنوب إفريقيا في المادة و ،21/3المادة

.القارة تعاني من مشكل انحصار المتابعات في نطاقها كما سنراه

الفصل ،2013أغسطس 9يوليه 8يونيه و 7مايو 6تقرير لجنة القانون الدولي، الدورة الخامسة والستون، : انظر 672

.267هامش 14الخامس، مرجع سابق، ص .ONDO, (Télésphore), « La compétence universelle en Afrique », op. cit., p. 83: انظر 673

Page 284: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

لثاينالفصال

اختصاصات قضائية

متعددة املعاقبة

Page 285: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

279

ولعل ،الدول بينيعرف النظام القانوني الدولي تكريس مبدأ السيادات المتساوية بروز القانون الدولي الجنائي كفرع قانوني جديد يقوم على تجريم مجموعة من األفعال التي تعتبر انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان ويتأسس على المسؤولية الجنائية الفردية كمبدأ محوري أدى إلى ظهور مفاهيم ومؤسسات جديدة تعمل على قمع

القضاء الهيكل األساسي الذي دعكبيها من اإلفالت من العقاب، ويتهذه الجرائم ومنع مر .ن من تحقيق هذا الهدف السامييمك

ويتيح اإلطالع على مختلف المحاكمات التي جرت مالحظة أن هناك هيئات تداخل حاولت عن نشاطهاب رتالدولي والداخلي معا، قد يت يينقضائية على المستو

، وسنتعرض بالتالي للقضاء حدتهمن تخفيفد حلوال للالنصوص المنظمة لها أن تجالجهات القضائية الداخلية التي غفلدون أن ن) المبحث األول(الدولي بمختلف صوره

).المبحث الثاني(بدورها تنتظم في عدة مظاهر

Page 286: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

280

حركية تعدد هذه الجهات: المعاقبة من قبل جهات قضائية دولية: المبحث األولتها ضرورة إنشاء جهة قضائية جنائية دولية دائمة تكون مهمبنادت الدول منذ فترة وعملها بصفة ها، ويتم تحديد شروط انعقاد اختصاص674معاقبة مرتكبي هذه الجرائم

اتفاقية، غير أن الخالفات اإليديولوجية التي ميزت المجتمع الدولي حالت دون تحقق هذا ء محكمة العدل الدولية بعيدة عن هذا الميدان بالنظر للمبادئ الطموح، وبقيت في تلك األثنا

، )المطلب األول(التي تقوم عليها والتي ال تتوافق مع مبادئ القانون الدولي الجنائي وتجسدت أولى الجهات القضائية في محاكم دولية مؤقتة تلتها بعد فترة محكمة جنائية

).المطلب الثاني(دولية دائمة

استبعاد اختصاص محكمة العدل الدولية كأصل: لوالمطلب األإنشاء عصبة األمم عام منظمات أهمها زوبرعن لتنظيم الدولي المعاصراأسفر

تدعيم السلم بين الدول،و التي شكلت أول انتصار في سبيل وضع لبنات التعاون 1919وبعد فشل .هذه المنظمة جهاز قضائي يعرف بمحكمة العدل الدولية الدائمة أتنشأو

ثانية، تم تعويضها غداة الحرب بمنظمة األمم عالمية العصبة في منع اندالع حرب تكريس جهاز قضائي تم، و1945 عامالمتحدة التي أنشئت بموجب ميثاق سان فرانسيسكو

العدل الدولية الدائمة، وحسب محكمة خليفةجديد يعرف بمحكمة العدل الدولية التي تعد :اق األمم المتحدة فإنمن ميث 92المادة

.»لألمم المتحدة ةيسرئيال ةالقضائي داةاألهي محكمة العدل الدولية«وهي بهذا المفهوم أنشئت لحل النزاعات التي تثور بين الدول في نظام قائم على سيادة الدول كما أشرنا إليه، ويبدو أنها تفتقر ألدنى الوسائل واآلليات التي تسمح لها

متحدة ولم يتحقق ذلك إال بعد على الرغم من كون الفكرة قديمة، إال أن تجسيدها الفعلي لم يبرز إال في إطار األمم ال 674

.نهاية الحرب الباردة وزوال الصراع بين الشرق والغرب .204و 203، مرجع سابق، ص ، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائيعثمانأحمد عبد الحكيم : راجع

للعلوم القانونية واإلقتصادية عالوة العايب، المحكمة الجنائية الدولية اختصاص أصيل أم تكميلي، المجلة الجزائرية .505ص ،4، عدد 2011والسياسية،

.45ص ،2010محمد مؤنس محب الدين، الجرائم اإلنسانية في نظام المحكمة الجنائية، الرياض، الطبعة األولى،

Page 287: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

281

، غير أنها )الفرع األول(م الدولية عامة والجرائم ضد اإلنسانية خاصة بمعاقبة الجرائ ).الفرع الثاني(لقانون الدولي الجنائي عبر قرارات محددة لجدمكاناحاولت مؤخرا أن ت

معاقبةالافتقار المحكمة آلليات :الفرع األول. منازعاتي واستشاري: بنوعين من االختصاصاتتمتع محكمة العدل الدولية ت

فبالنسبة لالختصاص االستشاري، يمكن للمحكمة أن تصدر آراء استشارية حسب ما ، ورغم افتقار هذه اآلراء للطابع اإللزامي 675األساسي هانظاممن 65نصت عليه المادة

لت طابعا عرفيا تحوفإنها تكتسي رغم ذلك أهمية معتبرة، بل أن بعضا منها اكتست .676بموجبه إلى قواعد ملزمة

عتبر حكرا على االختصاص الثاني فيتمثل في االختصاص المنازعاتي الذي يأما :من النظام األساسي للمحكمة 34/1الدول فقط وهو ما نصت عليه المادة

.»رفع للمحكمة للدول وحدها الحق في أن تكون أطرافا في الدعاوى التي ت« أن هذا األمر ال يستثني أن المحكمة ليست مختصة بمحاكمة األفراد،غير ذلك ويفهم من

.677قضايا تخص مصير األفراد في أن تنظر يةنامكإجميع الدول رغم اعتبار ويعد اختصاص المحكمة كذلك ذو طابع اختياري إذ

األعضاء في األمم المتحدة طرفا في النظام األساسي لمحكمة العدل الدوليةبقوة القانون، خيرة إذ يتطلب األمر من الدول أن تقبل غير أن هذا ال يكفي النعقاد اختصاص هذه األ

المتحدة باستفتائها،أو ص لها ميثاق األمم ة هيئة رخي في أية مسألة قانونية بناء على طلب أيتفلمحكمة أن تل. 1« 675

.»حصل الترخيص لها بذلك طبقا ألحكام الميثاق المذكور حول التحفظ على اتفاقية منع اإلبادة 1951ماي 23االستشاري الصادر في يويمكن أن نضرب عن ذلك مثاال بالرأ676

بديها الدول على هذه االتفاقية الجماعية والمعاقبة عليها، والذي كرست فيه المحكمة معيار عدم تعارض التحفظات التي ت .ج/19في المادة 1969، والذي كرسته اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام مع موضوع المعاهدة والغرض من إبرامها

وأحسن مثال لذلك هو القضايا العديدة المعروضة على المحكمة والمتعلقة بالحماية الدبلوماسية والقنصلية والتي 677، 2001جوان 27ها قرار في فيالتي صدر Lagrandمن بينها قضية الغراند ،مصالح رعاياها ساندت فيها الدول

.2004مارس 31في Avenaفينا أوقضية .FOUCHARD, I., Crime international. Entre internationalisation…, op. cit., p. 534:أنظر

Page 288: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

282

ويعد مثل هذا التكريس الختصاص المحكمة أفضل نموذج عن ،صراحة بهذا االختصاص . 678احترام سيادة الدول

نشير إلى أن المحكمة ال تسمح بوجود أي استثناء على الطابع االتفاقي الذي يقوم فوق ضية النشاطات العسكرية عليه اختصاصها وهو ما أكدته في مناسبات عديدة منها ق

:، حيث ورد في القرار أنإقليم الكونغو »حت بأن حجية قاعدة ما تجاه الكافة وقاعدة تالحظ المحكمة بأنه سبق لها وأن وض

.679»الموافقة على االختصاص مسألتان مختلفتان تماما عاملصادر اتفاقية منع اإلبادة الجماعية اها المتعلقبمناسبة قراربوأعادت التأكيد

بأن شروط ممارسة اختصاصها تطبق في كل الحاالت مهما كانت طبيعة االلتزام 2007 :أو الذي يدور حوله النزاع، حيث جاء في هذا القرار بأن المحكمة 680المدعى بخرقه

تقع على األطراف أخرى ات اللتزامليست مؤهلة للفصل في الخروقات المدعى بها « بموجب القانون الدولي، وهي انتهاكات ال يمكن أن توصف بكونها إبادة جماعية، السيما

األمر يكونو .نزاع مسلح خاللفيما يتعلق بالتزامات تهدف إلى حماية حقوق اإلنسان تندرج ضمن االنتهاكات المزعومة بالتزامات فيها تتعلقكذلك حتى في الحالة التي نفسهيمكن أن تكون ملزمة في التي و اعد اآلمرة، أو متعلقة بحماية قيم إنسانية أساسيةالقو

.erga omnes «681مواجهة الكافة

.محكمةالاألثر النسبي لقرارات كرست ساسي التيمن النظام األ 59وما يدعم هذا المبدأ ما ود في المادة 678 Affaire des activités armées sur le territoire du Congo (Nouvelle requête : 2002):أنظر 679

(République Démocratique du Congo c. Rwanda), compétence de la cour et recevabilité de la requête, arrêt 3 février 2006, par. 64.

ينبغي التمييز بين مسؤولية الدولة بسبب ارتكاب جريمة دولية والتي تقوم نتيجة انتهاك الدولة اللتزامات دولية تعد 680أساسية للمحافظة على المصالح األساسية للمجموعة الدولية وبين مسؤوليتها بسبب غياب منع وقمع أعمال إجرامية

.اسية تفرض عليها التزامات إيجابيةوالتي تقوم نتيجة خرق قواعد أس SICILIANOS, (Linos-Alexandre), « La responsabilité de l’Etat pour absence: انظر

de prévention et de répression des crimes internationaux », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous Dir), (Droit international pénal ) PEDONE, 2000, p. 115.

MARTIN, (Pierre-Marie), « Quelques précisions sur le crime de génocide», op.cit., p. 2121. :أنظر 681

Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de génocide,arrêt, 26 février 2007, par. 147.

Page 289: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

283

في التأكيد على عدم اختصاصها بالنظر 682كما واصلت المحكمة على نفس النهج في االنتهاكات التي تكون جمهورية يوغسالفيا الفدرالية قد ارتكبتها في البوسنة والهرسك،

:حيث اعتبرت أنالجرائم التي أشارت إليها باختصار فيما سبق يمكن أن ترقى إلى مرتبة جرائم حرب «

.683»أو جرائم ضد اإلنسانية، غير أن المحكمة ليست مختصة للنظر فيها لمتبع في تبرير ن موقفها ويوضحه هو استداللها في القرار، والمنطق اما يبي إن

قص من قيمة االلتزامات التي تقع على عاتق الدول، حيث عدم اختصاصها والذي ال ين :اعتبرت أن هناك

وجود التزامات ناتجة عن القانون الدولي ذات قوة إلزاميةمن جهة، ، بيناأساسي افرق« ومن جهة أخرى بين وجود محكمة مختصة لحل النزاعات المتعلقة باحترام هذه

. االلتزامات غير موجودة أن يعني البتة بإن عدم وجود مثل هذه المحكمة ال. االلتزاماتوعلى الدول أن تحترم هذه االلتزامات . قانونية ةقوذات و يحةوتبقى هذه االلتزامات صح

الملقاة عليها بموجب القانون الدولي، السيما القانون الدولي اإلنساني، وتبقى مسؤولة عن .684»لها نسب التصرفات المخالفة للقانون الدولي التي يمكن أن ت

لى تأسيس القانون الدولي وأساس إلزاميته، والذي عودإهذا االستدالل مهم ألنه يز المجتمع الدولي من غياب سلطة فوق الدول، ومن عدم يبقى موجودا بالرغم مما يمي

توافر شروط اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر في انتهاكات الدول اللتزاماتها .الدولية

قرار هو أنه سمح لهذه الهيئة القضائية بأن تنظر في الجرائم ال هذامن خصوصيات من اتفاقية 9للمادة تطورياالمرتكبة من بعض الدول أو بدعم منها وهذا باعتمادها تفسيرا

.FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 535:أنظر 682 :أنظر 683

Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de génocide, op. cit., par. 277.

:أنظر 684Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de génocide, op. cit., par. 148.

Page 290: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

284

منع اإلبادة الجماعية والتي تبقى نصا معزوال مقارنة مع االتفاقيات الدولية الجنائية :للتفسير الذي اعتمدته لهذا النص األخرى، حيث نجد المحكمة قدمت حججا

إن النتيجة التي مفادها أن على األطراف المتعاقدة االمتناع عن ارتكاب اإلبادة الجماعية « خصوصية الصياغة التي جاءت بها النظر لتتأكد ب 3واألفعال األخرى الواردة في المادة

9المادة ي النص الذي أورد ف" تنفيذ"وبدون هذه الخصوصية، وبدون إضافة عبارة .685

وهي إضافة ال (االتفاقية " تطبيق"و "بتفسير"اختصاص المحكمة بالنسبة للنزاعات المتعلقة كانت لتبدو نصا تقليديا في ميدان حل 9، فإن المادة )تبدو ذات معنى في هذا الصدد

.686»النزاعات :أضافت المحكمة ما يلي ،للتأكيد على هذه الخصوصية

المتعلقة بمسؤولية ]النزاعات[السيما "في الجزء من الجملة 9ادة تتمثل خصوصية الم« ." 3الدولة في مجال اإلبادة الجماعية أو أحد من األفعال األخرى المشار إليها في المادة

تؤكد أن النزاعات المتعلقة بمسؤولية الدول األطراف عن اإلبادة " السيما"يبدو أن عبارة أكثر اتساعا من مجموعتندرج في 3الواردة في المادة الجماعية أو أي من األفعال

إن الصياغة الخاصة للجزء من (...) النزاعات المتعلقة بتفسير، تطبيق أو تنفيذ االتفاقية الجملة في مجمله تؤكد بأن األطراف المتعاقدة يمكن اعتبارها مسؤولة عن إبادة جماعية

.687»ن االتفاقية م 3أو أي فعل من األفعال الواردة في المادة يبدو أن التفسير الذي اعتمدته المحكمة لبند من اتفاقية منع اإلبادة الجماعية ينطلق

، وهو ما غرضهامن المعنى العادي لأللفاظ المستعملة ويتوافق مع موضوع المعاهدة و عاممن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لـ 31أوردته قواعد التفسير التي كرستها المادة

1969.

: من اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية 9نصت المادة 685تعرض على محكمة العدل الدولية، بناء على طلب أي من األطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين األطراف «

ق أو تنفيذ هذه اإلتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبي .»جماعية أو عن أي من األفعال األخرى المذكورة في المادة الثالثة

Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de:أنظر 686génocide, op. cit., par. 168.

:أنظر 687Ibid., par. 169.

Page 291: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

285

دت على قبول التحفظ الذي قد يرد على بنود اتفاقية منع اإلبادة كما أن المحكمة أك، والمتعلق بقضية قرارها المشار إليه آنفاذلك مثالو منها، 9الجماعية، السيما المادة

النشاطات العسكرية في إقليم الكونغو، حيث أن رواندا كانت قد أبدت تحفظا على المادة الكونغو في صحته متمسكة برفضه ألنه ورد على قاعدة آمرة من قواعد ، ونازعت 9

ت بصحة التحفظ، ، وهو ما رفضته المحكمة التي أقر)العرفي(القانون الدولي العام :ليست مختصة كما بينته في قرارها نتيجة لذلك أنهاوتوصلت

من 9على المادة تستنتج المحكمة مما سبق، أنه بالنظر للتحفظ الذي قامت به رواندا« ل أساسا الختصاص المحكمة اتفاقية منع اإلبادة الجماعية، فإن هذا النص ال يمكن أن يشك

.688»في قضية الحال النتيجة التي يمكن التوصل إليها إلى أن القانون الدولي ال يعرف في الوقت الحالي

علق األمر بانتهاكات ، حتى وإن تactio popularisالدعوى الشعبيةبـآلية شبيهة بما يعرف دته في قضية خطيرة للقواعد اآلمرة في النظام الدولي، وهو موقف سبق للمحكمة أن أك

غرب إفريقيا والتي بدورها رفضت االعتراف بحق كل دولة عضو في المجموعة -جنوبعلى الرغم من اعترافها بفكرة 689الدولية برفع دعوى بغرض حماية هدف عام

الجميع، فالعبرة في انعقاد االختصاص هو موافقة األطراف على االلتزامات قي مواجهةذلك، ويؤدي غياب الموافقة إلى عدم إمكانية نظر المحكمة في النزاع حتى وإن تعلق

:األمر بانتهاك التزامات ذات طبيعة آمرة، وهو ما عبرت عنه إيزابيل فوستار بقولهاعلى الحماية الفعلية للمصالح الجماعية يتغلب) الختصاص المحكمة(إن الطابع االتفاقي «

.690»للمجموعة الدولية بكاملها عدم اختصاص محكمة العدل الدولية مبدئيا بمعاقبة الجرائم فوق بريرويمكن ت

المجال ةبخصوصيو ،نظامها األساسيبالرجوع لالوطنية بما فيها الجرائم ضد اإلنسانية نها من ممارسة مثل هذا مكتوآليات الجنائي الذي تفتقر المحكمة حياله لوسائل

حيث تجد نفسها عاجزة أمام أفعال جنائية خاصة تتطلب التحقق والتدقيق . االختصاص

.Affaire des activités armées sur le territoire du Congo, op. cit., par. 70: أنظر 688 .Affaire du sud ouest africain, 18 juillet 1966, par.47:أنظر 689 .FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 537:مذكور في 690

Page 292: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

286

يعد 2007 عام وقوع جرائم دولية، ولعل قرار منع اإلبادة الجماعية لـلتتأكدمن فيها حدة، فلقد أفضل صورة على هذا الحذر الذي يتوخاه الجهاز القضائي الرئيسي لألمم المت .كبتأشار القضاة في متن القرار إلى ضرورة التحقق من كون إبادة جماعية قد ارت

في توفر أحد األفعال أو أكثر التي أوردتها بحثوالحقيقة أن هذا التحقق يتطلب المن اتفاقية منع اإلبادة الجماعية، باإلضافة إلى وجود القصد الجنائي الخاص الذي 2المادة

ولعل السؤال يطرح عن الطريقة التي يمكن بموجبها المحكمة . ب اإلثباتهو عنصر صعتحقق من هذه الجرائم السيما في ظل افتقادها لوسائل بشرية كافية من محققين يتولون تن أ

نقص الخبرات القانونية في هذا لك ضاف إلى ذيو .جمع األدلة في موقع ارتكاب الجرائمالصعوبات التي واجهت مامتخصصين في القانون الجنائي، وتشكيلتهاال تضمالمجال كون

التي تشوب نقائصالأفضل دليل على ة إالسابقالالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا .لمحكمة من باب أولىهذها

على هذا األساس، تستند المحكمة في استنتاجاتها المتعلقة بتكييف الوقائع واألفعال للمحكمة الخاصة بيوغسالفيا في عدة مناسبات، وهو الحال في قرار إلى االجتهاد القضائي

:المشار إليه أعاله حيث جاء فيه 2007تمنح المحكمة أهمية معتبرة الستنتاجات الوقائع والتكييفات القانونية التي توصلت إليها « للمتهمين بغية الفصل في المسؤولية الجنائيةة سابقاالكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيالمح

الذين يمثلون أمامها، كما أنه بالنسبة لهذه القضية، تولي أكبر االهتمام ألحكام وقرارات النزاع إطارالمتعلقة باألحداث التي تشكل ةسابقالالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا

«691. على عدة أحكام صادرة عن محكمة يوغسالفيا قرارا الذت في هاستندالحظ أنهاوي

ل مرجعا لها الذي شك 2005جانفي 17الصادر في Blagojevicوالسيما حكم ةبقساال 02الصادر في Krsticعن األفعال المرتكبة في سريبرينيتشا، باإلضافة إلى حكم للتقصيفيما يتعلق بالتكييفات القانونية لألفعال بغية تعريف اإلبادة الجماعية 2001أوت

: أنظر 691

Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de génocide, op. cit., par. 403.

Page 293: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

287

، ولقد ذهب )القصد الخاص(والمعنوية ) موعة المستهدفةتعريف المج(بعناصرها المادية الل والمرجعية، تقوم دبعض الفقهاء إلى اعتبار أن محكمة العدل الدولية عبر هذا االست

ستندعلى محكمة يوغسالفيا، غير أنه يالحظ أن المحكمة ت نشاطعلى إضفاء مصداقيةبوما توصلت و تدعيم استداللها بغية الجتهاد القضائي لمحكمة يوغسالفيابمحض اختيارهاا

.692بأي حال من األحوال وحيدالمرجعالإليه من نتائج، وال يعد هذا نها تحتفظ بهامش من االستقاللية يمك هامرجعية ، نجد أنهالذلهلمحكمة داامرغم اعت

األولوية التي من استعمال مفاهيم خاصة بالقانون الدولي الجنائي، كما أنها تؤكد على تفسير قواعد القانون الدولي العام والقانون الدولي الجنائي مقارنة بالمحكمة في تحوزها

كما أنها وفي إطار هذا التوجه نحو منح استنتاجاتها األولوية والهيمنة، .الجنائية المؤقتة .ةسابقالمحكمة يوغسالفيا ه من اجتهادات قضائية صادرة عن تقوم باختيار ما تطبق

الرقابة "صدد إلى رفض محكمة العدل الدولية األخذ بقاعدة يمكن أن نشير في هذا الأن األخذ ب ذلكرت اديتش، ولقد برتالتي طبقتها محكمة يوغسالفيا في قضية " الشاملةيقوم إذ ال مسؤولية الدولة إلى أبعد مما يسمح به قانون المسؤولية الدولية، جيوسع مبهاس

لة ال تقوم إال على أفعالها، أي األفعال التي على مبدأ مفاده أن مسؤولية الدوهذا األخير .فون باسمهاصرتتكبها أشخاص يير

:محكمة أنالولقد اعتبرت هذا المعيار غير مالئم، ألنه يوسع كثيرا الرابط الذي ينبغي أن يوجد بين تصرف «

.693»ه في النهاية بترأجهزة الدولة والمسؤولية الدولية للدولة، مما يؤدي إلى الموقف كرد على االنتقادات التي وجهتها محكمة يوغسالفيا لمعيار جاء هذا

طات العسكرية سته في قضية النشاالذي سبق لمحكمة العدل الدولية أن كر" الرقابة الفعلية"ت بمسؤولية الواليات المتحدة األمريكية كاراغوا والذي بموجبه أقريوشبه العسكرية في ن

بعصابات الكونتراس التي كانت تنشط على إقليم بسبب العالقة التي كانت تربطهاعلى هذا القرار أنه أخذ بمعيار أقل ما ةسابقالنيكاراغوا، حيث عابت محكمة يوغسالفيا

.FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 540:أنظر 692 : أنظر 693

Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de génocide, par. 406.

Page 294: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

288

، وال يتالءم مع يةمسؤولية الدولاليمكن أن يقال عنه أنه غير متوافق مع منطق قانون :عبرت عنه كما يلي العمل القضائي وال تطبيقات محكمة العدل الدولية وهو ما

حصري ال و إن مفهوم الرقابة الفعلية الذي اقترحته محكمة العدل الدولية كمعيار وحيد« .694»الصادرة عن الدولو يتماشى مع الممارسة الدولية القضائية

أعادت محكمة العدل الدولية بذلك التأكيد على أهمية هذا المعيار الذي طبقته في بالنسبة ألعضاء صرب البوسنة السابق، وأكدت على ضرورة إثبات وجود تبعية تامة

.ثناء وقوع األحداث المأساوية لمنطقة سربرينيتشاصربيا أجمهورية لوالتعارض في اختصاص كل تثير هذه التوجهات المختلفة المخاوف من التناقض

من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية المؤقتة، كما تشير إلى حرص األولى على فرض أولويتها في تفسير قواعد القانون الدولي العام وكذلك القانون الدولي الجنائي مما قد

.يثير بعض اإلشكالياتمفاهيم القانون الجنائي التي ولية تعاملت بحذر بالغ مع دنالحظ أن محكمة العدل ال

اإلبادة جريمة أثيرت أمامها في هذه القضية، السيما فيما يتعلق بالقصد الخاص الرتكاب . الجماعية، ومعايير وطرق اإلثبات باإلضافة إلى فكرة المساهمة

يبدو مما سبق أنها واجهت صعوبات بالغة في سياق النظر في جرائم دولية السيما للدولة غير أنها سمحت لنفسها رغم ذلك بإبداء بعض المحاوالت كما سندتلك التي ت

.سنبينه

إسهامات: محكمة العدل الدولية والجرائم ضد اإلنسانية :الفرع الثانيرغم القيود التي تمنع المحكمة من أن تحاكم أفرادا ارتكبوا جرائم دولية، ومن أن

بغرض استعمالها في مجال المسؤولية تستند على مفاهيم المسؤولية الجنائية الفردية الدولية للدولة عن جرائم الدولة، إال أنها أبدت مؤخرا بعض الميل نحو الخوض في بعض

.مفاهيم القانون الدولي الجنائيفيفري 20ويعتبر قرارها الصادر في قضية الكونغو الديمقراطية ضد بلجيكا في

صدر عن القضاء البلجيكي ضد ، حيث طرح األمر بالقبض الذيلذلكنموذجا 2002

,IT-94-1-A, Chambre d’appel, op.cit., par. 124 et suite. Le procureur c.Tadic: أنظر 694

Page 295: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

289

مدى إمكانية متابعة ممثلين للدولة بسبب ارتكابهم حولوزير خارجية الكونغو جدال حادا جرائم ضد اإلنسانية أو غيرها من الجرائم الدولية، حيث استند القاضي البلجيكي على مبدأ

اقبة الجرائم والمتعلق بمع 1993 عاماالختصاص العالمي الذي ورد في القانون الصادر بارتكاب هذه ) وزير خارجية الكونغو(ضد اإلنسانية وجرائم الحرب لمتابعة يروديا

.الجرائم، حيث تعرضت المحكمة لهذا المبدأ ألول مرة مثلما سنذكره الحقال مناسبة قضائية مهمة المتعلق بجريمة اإلبادة الجماعية شك 2007كما أن قرار

الجماعية ولية لمدى مسؤولية جمهورية صربيا عن اإلبادة ضت فيها محكمة العدل الدتعرض لها سكان البوسنة على يد صرب البوسنة، والتي أسهبت فيها المحكمة حول التي تعر .إليه أعاله كما أشرنا695للجرائمنة المكوالمادية والمعنويةاألفعال

سنتوقف هنا لنفصل في الكيفية التي عالجت بها المحكمة هذه الجريمة من حيث ارتكابها على عنتعريفها واإلشارة إلى أركانها ومدى مسؤولية دولة جمهورية صربيا

من اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية 2، حيث أنها استندت على المادة إقليم البوسنةاعتبرت و ،696قد ارتكبت أم ال فوق إقليم جمهورية يوغسالفيالتحديد ما إذا كانت الجريمة

، 697أن أفعال التطهير العرقي التي ارتكبت ال يمكن أن ترقى إلى مرتبة اإلبادة الجماعيةهو ما و بل أن أهم إسهام لها تمثل في تكريس مفهوم اإلبادة الجماعية التي ترتكبها الدولة

عن اإلبادة الجماعية باإلمتناع حين ال تتخذ أكدته حين اعتبرت أنه باإلمكان الحديث .الدولةاإلجراءات الالزمة لمنع ارتكاب هذه األفعال

تعتبر المحكمة بإسهاماتها القضائية الغزيرة في موضع يمكنها من التأثير على من نظام روما 21على الرغم من عدم إشارة المادة و بلورة مفاهيم الجرائم الدولية،

هاد القضائي كأحد المصادر التي تستند عليها المحكمة الجنائية الدولية، إال األساسي لإلجت

:انظر 695

LANKARANI, (Leila), « Le rôle de la cour internationale de justice en matière pénale »…, op. cit., p. 57.

:انظر 696CORTEN, (Olivier), « L’arrêt rendu par la CIJ dans l’affaire du crime de génocide (Bosnie-Herzégovine c.Serbie) : vers un assouplissement des conditions permettant d’engager la responsabilité d’un Etat pour génocide ? », in A.F.D.I., 2007, p. 251.

.Ibid., p. 255 : انظر 697

Page 296: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

290

أن ذلك لم يمنع هذه األخيرة من اإلستشهاد باإلجتهاد القضائي لمحكمة العدل الدولية إما نعتقد أنها لن تحيد عن هذا األمر بالنسبة للجرائم ضد و ،698من أجل تفسير بعض المفاهيم

.ا يتعلق بتفسير عناصرهااإلنسانية السيما فيم

الجرائم ضد اإلنسانية في سياق تعدد الجهات القضائية معاقبة : المطلب الثاني من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الجنائية الدولية:الدولية

ة التي استهدفت تكريس مبدأ اإلفالت من العقاب والتي ثالجهود الدولية الحثي إنلت أهم قائمة على أسس قانونية متعارف عليها شك اء عدالة جنائية دوليةرسعرفت إ

مرحلة في تاريخ القانون الدولي الجنائي، حيث أن أول تتويج لمعاقبة الجرائم ضد بموجب اختصاص يقوم على اإلنسانية تمثل في تولي محاكم مؤقتة هذه العملية

حكمة دولية دائمة وتواصل بناء صرح هذه العدالة إلى غاية إنشاء م) الفرع األول(األولوية ).الفرع الثاني(بصفة مكملة للقضاء الوطنيتتولى هذا االختصاص

اختصاص قائم على األولوية :ولالفرع األلت انتهاكات تزامن إنشاء المنظمة األممية مع نهاية الحرب العالمية الثانية التي سج

يين الضحايا، ولقد ف مالجسيمةلحقوق اإلنسان، وارتكاب جرائم دولية على مدى واسع خلرفت تاريخيا بمحكمة نورمبرغ توصل الحلفاء إلى إنشاء أولى المحاكم الدولية التي ع

لدولي في خريطة القضاء ا هتعرفتبدأالذي تغييربال مسارال، واستمر )-1(ومحكمة طوكيو ية ات بإنشاء العديد من الجهات القضائيه في التسعينليبلغ أوجالقرن الماضي ات يثمانينوالتي يطبعها اختصاص قائم على األولوية كما ) -2(محاكم دولية مؤقتة منها 699الجديدةعدم تجانس في الجهات القضائية الدولية وهو المسار الذي أطلق ولقد أدى ذلكإلى.سنبينه

بالرجوع لقاعدة األثر النافع التي طبقتها محكمة العدل الدولية، أو بتفسير أحد بنود نظام اتعباربعض المثل تفسير 698

:انظر .قضايا فصلت فيها المحكمةروما األساسي بالرجوع لسياقه والغرض منه برجوعها صراحة لHAMULI KABUMBA, (Yves), « Incidence de la jurisprudence de la cour internationale de justice sur les règles d’interprétation du statut de Rome, sur la qualification des faits et surla preuve devant la cour pénale internationale », R.G.D.I.P., 2010, n° 4, p. 786.

COUSTON, (Mireille), « La multiplication des juridictions internationales, sens et:أنظر 699dynamique », J. D. I., 2002, n° 1, p. 7.

Page 297: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

291

القانون ؤالقضائية الدولية والذي ترافق بدوره مع تجزالجهات عليه الفقه وصف تعدد .الدولي

الفقه على أن العدالة الجنائية الدولية هي بصدد تقييد سلطة الدول في عدة كما يتفقضرورة متابعة مرتكبي الجرائم و ميادين مما يعيد طرح الجدل بين مبدأ السيادة

.700الدولية :المحكمة العسكرية الدولية لنورمبرغ والمحكمة العسكرية الدولية للشرق األقصى .1

:قضاء مؤقت منازع فيهتعتبر الحرب العالمية الثانية نقطة البداية الفعلية نحو إنشاء قضاء دولي جنائي

ألفعال التي ترتكبها بعض نظر إلى فكرة عقاب المحاكمة مجرمي الحرب بعد أن كان ي .701أو األفراد التابعين لها كانتهاك للسالم الدوليالدول

نورمبرغ شكلت النواة تعرضنا في الفصل األول من الباب األول إلى أن مرحلة الذي عرف أول تكريس في النظام األساسي يةاألولى لمفهوم الجرائم ضد اإلنسان

ل أول للمحكمة، والحقيقة أن الميزة األخرى التي سنركز عليها هنا هي أن هذا الجهاز يشكسابقة في القضاء الجنائي الدولي بعد فشل إنشاء المحكمة الدولية في الحرب العالمية

، على الرغم من أن الجرائم ضد اإلنسانية كانت ال تزال مرتبطة بصورة وثيقة ولىاأل .702بجرائم الحرب

1942جانفي 13مهد كل من إعالن سان جيمس الصادر في وإعالن موسكو 703

1943أكتوبر 30الصادر في اجتماع لندن الذي شاركت فيه ضوتمخ،لهذه المحكمة 704

: انظر 700

CASSESE, (Antonio), « Y-a-t-il un conflit insurmontable entre souveraineté des Etats et justice pénale internationale ? », op. cit., p. 13.

حيدر عبد الرزاق حميد، تطور القضاء الدولي الجنائي، من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الدولية الجنائية : أنظر 701 .100، ص 2009الدائمة، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر والبرمجيات،

.64، ص 2009د القادر بوراس، التدخل الدولي اإلنساني وتراجع مبدأ السيادة الوطنية، دار الجامعة الجديدة، عب .167البقيرات، عبد القادر، العدالة الجنائية الدولية،مرجع سابق، ص : انظر 702يكا، اليونان، لوكسمبورغ، بلجفرنسا، : صدر هذا اإلعالن عن حكومات بعض الدول التي احتلتها ألمانيا النازية وهي703

، ولقد ورد فيه التأكيد على ضرورة اإلسراع بمحاكمة مجرمي النرويج، هولندا، بولونيا، تشيكوسلوفاكيا ويوغسالفيا .الحرب األلمان

Page 298: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

292

وفرنسا على بريطانياو –سابقا –كل من الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد السوفياتي نشاء محكمة دولية جنائية تختص بمحاكمة كبار مجرمي الحرب، وتم إلإجماع هذه الدول

مقرها في التي تضمنت إنشاء محكمة عسكرية دولية 1945أوت 08عقد اتفاقية لندن في برلين، مع عقد جلساتها األولى في نورمبرغ، وتم إلحاق النظام األساسي للمحكمة

.باإلتفاق العسكرية الدولية الذي يتشكل من ثالثين مادةعة على اتفاقية لندن، وتختص تتألف المحكمة من قضاة ينتمون للدول الموق

.اإلنسانية ضمن اختصاصهارائم ضد أدرجت الج هابمحاكمة كبار مجرمي الحرب علما أنو عرفت هذه الفترة إنشاء جهة قضائية أخرى هي المحكمة العسكرية الدولية

تختص بمحاكمة التي ، و1946جانفي 19للشرق األقصى بموجب إعالن صادر في ويالحظ أن هذا اإلعالن يستند في . الجرائم التي ارتكبوها نمجرمي الحرب اليابانيين ع

تفاقية لندن السابقة الذكر، مما يؤكد على استلهامه من أحكامها معظم أحكامه على اولقد تضمن النظام األساسي لمحكمة طوكيو اختصاص هذه األخيرة بالنظر في . ومبادئها

.عدة جرائم من بينها الجرائم ضد اإلنسانيةوالصفة الرسمية 705من المتهمين الذي مثلوا أمام المحكمتين كبيرورغم العدد ال

انتقاد وجه أهمإال أن ،انوا يحوزونها باعتبارهم كانوا من كبار القادة والمسؤولينالتي ككما تعرضنا له ، بالنظر للتشكيلة القضائية706تجسدان عدالة الفائزين هو كونهمالهما .سابقا

نورمبرغ تين األساسيين لكل من محكمنشير إلى خصوصية ميزت النظامية إشارة إلى طبيعة االختصاص الممنوح لهما، وإلى طوكيو هو خلو هذين النصين من أيو

والواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا، وجاء فيه أنه يجب محاكمة القادة –سابقا –صدر عن االتحاد السوفياتي 704 .مان عن الفظائع التي ارتكبوها بأسرع وقتاألل .من قبل محكمة طوكيو 26شخصا من قبل محكمة نورمبرغ، و 22إدانة تتم 705 .327ص ،2009سهيل حسين الفتالوي، حقوق اإلنسان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، : أنظر في ذلك 706

.34ابق، ص علي يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مرجع س .73القضاء الدولي الجنائي، مرجع سابق، ص تالوي، الفيل حسينسه

BOSLY, H-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité et crimes de guerre face à la justice. Les juridictions internationales et les tribunaux nationaux », BRYULANT, L.G.D.J., 2010, p. 51.

Page 299: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

293

ولعل الرجوع إلى ظروف إنشاء .ا مقارنة بالجهات القضائية الوطنيةممكانة اختصاصهلوحدها اختصاصا بمعاقبة مرتكبي ملكهذه المحاكم العسكرية يجعلنا نفهم بأنها ال ت

الجرائم ضد اإلنسانية وغيرها من الجرائم األخرى، بل ال شيء يمنع القاضي الوطني من متابعة مجرمي الحرب العالمية الثانية، غير أن الواقع العملي يحول دون تحقيق ذلك فعليا

الفتقار النظم القانونية بالنظر الفتقاره لمختلف اآلليات والوسائل التي تمكنه من المتابعة، .هو عائق كبير يحول دون إمكانية المتابعةو ألساسيات المفاهيم المتعلقة بالجريمة،

يمكن في هذا اإلطار الحديث عن نوع األولوية التي تحوزها محكمتي نورمبرغ وبالنظر كذلك للفراغ الذي كان يسود األنظمة بموجب اتفاقيةوطوكيو بالنظر إلنشائهما

شر العدالة الجنائية الدولية والتي ظهرت كمؤعهد إلى حداثة ةفاضباإلنونية الداخلية، القا تتقاعسقوي على محاربة الجرائم الدولية وإفالت مرتكبيها من العقاب السيما أن الدول

.707في الغالب عن متابعة مواطنيها الذين ارتكبوا مثل هذه األفعال الخطيرةومنازعة 708ائية الدولية المتميزة بطابعها العسكريحداثة هذه المحاكم الجن إن

ةتؤيد أولوي ، ل المجموعة الدولية بكاملهاتمثالبعض في طابعها الدولي ألنها لم تكن محاكم دولية بل رهااعتبإلى عدم ااالتجاه الغالب هبذ ، على المحاكم الداخلية اختصاصها

ليوغسالفيا وهو األمر الذي أكدته المحكمة الجنائية الدولية ،709محاكم متعددة الجنسيات :السابقة في حكم تاديتش حيث جاء فيه

إن هذا الحكم الذي يعد األول من نوعه فيما يتعلق بإدانة أو تبرئة شخص بالنسبة «للمخالفات الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني الذي يصدر عن محكمة دولية بأتم معنى

و تعتبر .ذ تعد المحكمة الدولية أول جهاز بهذه الصفة أنشأته منظمة األمم المتحدةالكلمة، إ

كيف نجحنا في إنشاء المحكمة الجنائية .إبراهيمدراجي،القانون الدولي اإلنساني والمحكمة الجنائية الدولية: انظر 707في األشعل، عبد اهللا، سلهب سامي، خليفة، إبراهيم أحمد، علوان، نعيم امين الدين، شكري، محمد بحث منشور الدولية؟،

آفاق 'القانون الدولي اإلنساني، شمسان، عبد الوهاب، كرعود، محمد، جويلي، سعيد سالمعزيز، دراجي، إبراهيم، ، ص 2005، الجزء الثالث، ترسيخ دور القانون الدولي اإلنساني وآليات الحماية، منشورات الحلبي الحقوقية، 'وتحديات150.

.اطاتعود هذه الميزة بالنظر لتشكيلتهما، إذ يعتبر القضاة في األصل ضب 708709 ث البعض ليس عن محاكم دولية بل محاكم متعددة الجنسياتإذ تحد. .17دراسة قانونية، مرجع سابق، ص . طالل ياسين العيسى وعلي جبار الحسيناوي، المحكمة الجنائية الدولية: أنظر

FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 572.

Page 300: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

294

طوكيو، مجرد و المتمثلة في المحاكم العسكرية الدولية لنورمبرغو األجهزة السابقة عليه،ليست دولية، باعتبار أنها لم تكن تمثل سوى جزءا من و محاكم ذات جنسيات متعددة

.710»)ليةالدو(المجموعة العالميةالمحكمة العسكرية الدولية لنورمبرغ من جهتها في تأكيد هذا االختصاص أسهمت

:حيث صرحت في حكمها أنتحرير النظام األساسي ارتبط بالسلطة التشريعية السيدة التي تمارسها الدول والتي «

ول بحق ر لهذه الداستسلم لها الرايخ األلماني دون أية شروط، فلقد اعترف العالم المتحض تعسفيةممارسة النظام األساسي ال يمثل البتة إن .إرساء القانون في األقاليم المحتلة

ساري المفعول اللي ر عن القانون الدولألولوية من قبل األمم الفائزة في الحرب، بل يعب .711») أي المحكمة(أثناء إنشائها

اسي لمحكمة نورمبرغ أن الدول الموقعة على النظام األسيعتبر وهو ما جعل الفقه ة بما كان بوسع أي منها أن تقوم به منفردة، حيث فوضت للمحكمة جماعيقامت بصفة

باسمها اختصاص المحاكمة عن الجرائم المرتكبة، وهذا على أساس اختصاصات اعترف .712القانون الدول بها لكل واحدة منها

ائم التي ال يمكن مقيد بالجر غير أن مجال تطبيق هذه األولوية ليس مطلقا، بل 1945 عامواتفاق لندن ل 1943 لعامورد في إعالن موسكو وهو ماغرافيا، ها جعتموق :التاليك

سيتم إحالة الضباط والعسكريين األلمان وأعضاء الحزب النازي والذين تثبت « مسؤوليتهم عن ارتكاب فظائع وجرائم، أو الذين ساهموا إراديا في ارتكابها أمام الدول

حتى تتم محاكمتهم ومعاقبتهم طبقا لقوانين الدول الشنيعةارتكبت فيها هذه األفعال التي .»الموجودة فيها المحررة والحكومات الحرة

:انظر 710

Le procureur c.Goran TADIC alias « Dule », IT-95-1-T, la chambre de première instance I, op.cit, par. 1er.

.FOUCHARD, I., Crime international, op. cit., p. 572: كور فيذ، محكم محكمة نورمبرغ: أنظر 711 .Ibid., p. 572: انظر 712

Page 301: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

295

يالحظ إذن أن هناك اختصاصان يتواجدان بصفة متوازية طبقا للنصوص المنشئة مة المجركبت األفعال يؤول للدول التي ارت امن جهة نجد اختصاصفلمحكمة نورمبرغ،

على إقليمها، وهو اختصاص تقليدي ال يثير أي إشكال وال يمكن المنازعة فيه، واختصاصا دوليا يؤول لمحكمة دولية يعتبر جديدا بالنظر لحداثة القانون الدولي الجنائي،

.وتعود األولوية لكل محكمة بالنظر لدرجة ارتباط الجريمة باإلقليم من عدمهالمحاكم الدولية اختصاصولوية األ مبدئيالت تكريسا الفترة شكعتبر أن هذه نيمكن أن

ولو أنه جاء بصفة محتشمة، إال أنه يشكل اللبنة األولى التي تم البناء عليها في تطوير هو أن الدول التي أنشأت ذلكم ومما يدع، اختصاص الجهات القضائية الدولية أولوية

كون اختصاصهما استثنائيا في حين يعود هاتين المحكمتين استهدفت منذ البداية أن ي ءداألتقييم أولي لعند إجراء و .713االختصاص كقاعدة عامة للمحاكم العسكرية الوطنية

جت نهاية الحرب العالمية الثانية ، يبدو أن هناك بعض الجوانب القضائي للمحاكم التي توظهور محاكم دولية جنائية اإليجابية التي ال يمكن نكرانها والتي تتمثل في فتح الباب أمام

وظهور مفهوم الجرائم الدولية فوق الوطنية ومن بينها الجرائم ضد اإلنسانية باإلضافة إلى المبادئ األساسية للقانون الدولي الجنائي مثل عدم االعتداد بالصفة الرسمية كسبب النتفاء

. المسؤوليةتعود في معظمها إلى غير أن هناك العديد من النقائص التي طبعت سير عملهما

السرعة التي تمت بها محاكمة المتهمين الرئيسيين والنطق بأحكام تضمنت عقوبات قاسية ، باإلضافة إلى عدم تمكين المتهمين من ممارسة فعالة لحق الدفاع 714وصلت إلى اإلعدام

حلفاءدول الجرائم التي تم ارتكابها من قبل كما ال يمكن غض الطرف عن ال، أنفسهمعن ، وهي عدالة ه األخيرة ذبه ه تي تأخذ نفس الوصف الذي قامتفي أقاليم دول المحور وال

.الكيل بالمكيالينكما نشير كذلك إلى المخالفة الصريحة لمبدأ الشرعية الجنائية الذي سبق وأن

جرائم ضد اإلنسانية ال، السيما فيما يتعلق باألطروحةتعرضنا له في الباب األول من هذه

.FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 573: أنظر 713 .م باإلعداماحكأ 7ب متهمين، ومحكمة طوكيوحكم باإلعدام ضد ال 12نطقت محكمة نورمبرغ بـ 714

Page 302: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

296

م تكن معروفة في القانون االتفاقي مما يفسر ربطها بوجود نزاع مسلح في المادة التي ل .715ج من نظام محكمة نورمبرغ/6

ستند عليه في مناسبات عديدة بقيت األحكام الصادرة من قبل المحكمتين مصدرا ي، كما استندت لجنة 716مبادئ نورمبرغ السبعومن قبل عدة جهات، حيث استخلص الفقه

الجرائم ضد سلم وأمن اإلنسانية، مما يجعل مدونةالقانون الدولي عليها في وضع مشروع من فترة نورمبرغ انطالقة نحو منح جهات قضائية دولية اختصاص معاقبة الجرائم ضد

.اإلنسانية برزت في تلك الفترة ضرورة إرساء محكمة جنائية دولية دائمة، غير أن الخالفاتالسياسية خالل فترة الحرب الباردة أرجأت وضعها، واستمر المسار بجهات قضائية

بهذه المعاقبة حتى بعد نهاية الحرب الباردة تمثلت في محكمة يوغسالفيا ةدولية مختص .ومحكمة روانداة سابقالوالمحكمة الجنائية الدولية ةسابقالالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا -2

دور مهيمن لمجلس األمن الدولي: اندلروا

ل السابع من ميثاق لى الفصإمجلس األمن الدولي إنشاء المحكمتين استنادا قرر القرارات بكونها ملزمة لجميع الدول األعضاء في المنظمة هذه تتميزو ،األمم المتحدة

ةالداخلي وانينهمقبمواءمة و بالتعاون التام مع هاتين المحكمتين ونتزملياألممية، والذين .717بغرض تطبيق هذين القرارين

,PETRY, (Roswitha), « Les tribunaux internationaux », in Droit pénal humanitaire:أنظر 715

MOREILLON, LaurentKUHN, André, BICHOVSKY, Aude, MAIRE, Virginie, VIREDAZ, Baptiste, (Editeurs), Série II, Volume 4, HELBING et LICHTENHAHN, BRUYLANT, 2006, p. 43.

و المتمثلة في المسؤولية الدولية للفرد، مبدأ سيادة القانون الدولي على القانون الداخلي، مبدأ مسؤولية رئيس الدولة أو 716رائم الحكومة المقترفة جريمة دولية، مبدأ سيادة الضمير على مقتضيات النظام، مبدأ المحاكمة العادلة، مبدأ تعيين الج

.الدولية و مبدأ اإلشتراك في الجريمة الدوليةبعض المالحظات في اتجاه تعميم اإلختصاص (توفيق بوعشبة، القانون الدولي اإلنساني والعدالة الجنائية: أنظر 717

ألحمر، دليل للتطبيق على الصعيد الوطني، اللجنة الدولية للصليب ا.في القانون الدولي اإلنسانيبحث منشور ، )العالمي .374 ، ص2006

BOSLY, H. D., et VANDERMEERSCH, Génocide, crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 55.

Page 303: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

297

ولقد ثار نقاش فقهي حاد حول الطريقة التي ابتكرها مجلس األمن إلنشاء محكمة تتولى معاقبة أخطر الجرائم الدولية، والحقيقة أن االختيار وقع عليها عوض اعتماد اتفاقية

ومؤيد لقد استندو ،اكاتوقف االنتهلدولية بالنظر للسرعة التي كان يتطلبها التدخل القيمة اإللزامية التي تتمتع بها قرارات مجلس األمن التي تعد علىاستعمال هذه الطريقة

.718ملزمة للدول على عكس لوائح الجمعية العامة التي تفتقر لهذه الميزةانتقل النقاش إلى المحكمة المؤقتة، حيث أثار دفاع المتهمين إشكالية عدم شرعية

االستئناف على هذه االنتقادات مستندة دائرةأجابت و ،Tadicديش تاي قضية المحكمة فمنه التي يبدو منها أنها تمنح مجلس األمن سلطة 41على الميثاق ذاته والسيما المادة

:تقديرية واسعة لتقرير التدابير الواجب اتخاذها، حيث جاء في القرار ما يلي، ال توضيحيةل مجرد أمثلةتشك 41ها في المادة من البديهي أن التدابير المشار إلي«

استخدام القوة ''وال تشترط المادة سوى أال تؤدي هذه التدابير إلى .تستبعد أية تدابير أخرى .719»وهو ما يجعله تعريفا سلبيا ''المسلحة

ت المحكمة على االدعاءات التي مفادها أن إنشاء مثل هذه المحكمة يمس كما ردمن الميثاق لتؤسس موقفها الذي يؤيد 7فقرة 2حيث استندت على المادة بسيادة الدول،

.اعتماد استثناءات على االختصاص الوطنيوالتعرض ) -أ(يتطلب األمر بداية توضيح المقصود بمبدأ أولوية اإلختصاص

.)-ب(المتمثلة في تنازل المحاكم الوطنية و للنتيجة المترتبة عنه المفهوم: مبدأ أولوية االختصاص -) أ

:كما يليمن النظام األساسي لمحكمة يوغسالفيا السابقة 9جاء في المادة

مسعد عبد الرحمان زيدان، تدخل األمم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، دار الكتب : أنظر 718

.457ص ،2008القانونية، دار شتات للنشر والبرمجيات، PETRY, Roswitha, « Les tribunaux internationaux…», …op. cit., p. 48.

:أنظر 719Le procureur c.Tadic, arrêt relatif à l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle d’incompétence, op.cit, par. 35.

Page 304: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

298

تعتبر المحكمة الدولية والمحاكم الوطنية مختصة بطريقة تنافسية لمحاكمة األشخاص . 1« وغسالفيا المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي اإلنساني المرتكبة على إقليم ي

.1991السابقة منذ الفاتح جانفي تكون للمحكمة الدولية األولوية على المحاكم الوطنية، ويمكنها أن تطلب بصفة رسمية . 2

من المحاكم الوطنية، في أية مرحلة من اإلجراءات أن تتنازل لها طبقا لهذا النظام .» Règlementلقواعدهاو األساسي

، غير أن هناك األساسي لمحكمة رواندالنظام ا وهو نفس الحل الذي أخذ بهزها عنها تتمثل في تلقي مجلس األمن طلبا من حكومة رواندا إلنشاء خصوصية تمي

، مما يجعلها تنتفي لطابع القهر الذي تميزت 720ةسابقالمحكمة مثلما تم بالنسبة ليوغسالفيا فس االنتقادات التي غير أن هذا لم يمنع من تعرضها لن. 721به المحكمة السابقة عليها

ومن المنازعة في شرعية اختصاصها، وهو األمر ة سابقالواجهتها محكمة يوغسالفيا التي نفس الحجج االتي اعتمدت فيهو ،722Kanyabashiكانياباشي ةفي قضي هالذي حسمت

نبئ عن استقرار في مما ي، 723اديتشتفي قضية ة سابقال استندت عليها محكمة يوغسالفيا .القضائي الجنائي الدولي فيما يتعلق بمسألة االختصاصاالجتهاد

تم تفسير هذا االختصاص بكون مجلس األمن هو الذي بادر بإنشاء هذه المحكمة الدولية، ولقد ورد هذا المبدأ مطلقا على عكس ما تم النص عليه في نظام محكمة

في تنافسوجود فهم من أولوية االختصاص أنه في حالة وي. نورمبرغ الذي جاء نسبيامحكمة دولة اإلقليم الذي (ختصاص بين كل من المحكمة الدولية ومحاكم جنائية وطنية إلا

كون القانون الداخلي يعترف بمبدأ االختصاص بارتكبت فيه الجريمة فيه الجريمة أو

غير دائم في مجلس األمن بصفة فعالة في عمليات المفاوضات ساهمت رواندا التي كانت في تلك الفترة عضوا 720

.والمداوالت التي جرت داخل مجلس األمن، وهو األمر الذي لم يتح ليوغسالفيا السابقة .PETRY, (Roswitha), « Les tribunaux internationaux…», op. cit., p. 53: أنظر 721 :انظر 722

GARIBIAN, (Sévane), Le crime contre l’humanité au regard des principes fondateurs de l’Etat moderne, op.cit, p.203.

.التحريض على إبادة التوتسي الذي اعتمده كانياباشي عندما كان رئيسا لبلدية بوتارتتعلق هذه القضية ب 723

Page 305: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

299

إلى دائما فإن االختصاص يؤول ) الشخصي اإليجابي عندما ترتكب الجريمة في الخارج .وليةالمحكمة الد

تتعلق إحداها ،يترتب على أولوية اختصاص المحكمتين الجنائيتين المؤقتتين نتائج ، ومفاد ذلك أنه ال يمكن محاكمة 724بمبدأ عدم جواز المحاكمة على نفس الجرم مرتين

شخص بالنسبة لنفس األفعال المشكلة لجرائم دولية أمام محاكم قضائية وطنية إذا تمت ن من معالجة بعض حلول تمك اعتماد يوغسالفيا غير أنه تممة محكمحاكمته عليها أمام

الوضعيات االستثنائية، وعلى اعتبار أن المحاكم الوطنية قد تقوم في الغالب بإجراء محاكمات شكلية تستهدف عدم إقرار المسؤولية الجنائية لمرتكبي الجرائم ضد

.725اإلنسانيةنائيتين الدوليتين يبدو واضحا وال يثير إذا كان مبدأ أولوية اختصاص المحكمتين الج

أي إشكال من الناحية النظرية، باعتباره يؤدي إلى منح االختصاص بمعاقبة جريمة دولية إلى محكمة دولية، فإن هذا يصطدم في الواقع بعدة صعوبات تتجسد في االستحالة العملية

إلى ضرورة مالءمة هذا بأن تتولى محكمة دولية معاقبة كل الجرائم الدولية ، مما يؤدي .726المبدأ ليطبق على بعض القضايا دون غيرها

فإما يتم اختيار عدم متابعة بعض الجرائم مما : يؤدي هذا إلى نتيجتين أساسيتينيؤدي إلى إفالت أغلبيتها من المعاقبة وهذا بالنظر إلمكانية المتابعة التي تحوزها المحاكم

لوطنية بالرغم من تمتعها باختصاص يتنافس مع الدولية المؤقتة، ذلك أن المحاكم ا

المتعلقة بالحق في الحصول على محاكمة عادلة، حيث نص يعد هذا المبدأ من المبادئ األساسية لحقوق اإلنسان 724

من النظام 10كما تضمنته المادة ، 14/7في المادة 1966 عامعليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لـا األساسي، من نظام روم 20من النظام األساسي لمحكمة رواندا والمادة 9والمادة ة سابقالاألساسي لمحكمة يوغسالفيا .واعتمدته جل القوانين الوطنية

من نظام محكمة رواندا 2فقرة 9لمحكمة يوغسالفيا والمادة النظام األساسيمن 2فقرة 10وهو ما تضمنته المادة 725بالنسبة للمحاكمات التي تجري أمام القضاء الوطني دون احترام اعتبارات النزاهة والتي ال يشملها حظر جواز المحاكمة

.مرتين GIUDICELLI-DELAGE, (Geneviève) , « Poursuivre et juger selon « les intérêts de:أنظر 726

la justice », complémentarité ou/et primarité ? », in R.S.C.D.P.C., 2007, n° 3, p. 475.

Page 306: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

300

ال تقوم في إال أنها،اختصاص القضاء الدولي المؤقت يؤهلها ألن تقوم بعملية المتابعة .من العقاب بصورة واسعةالمجرمين إفالت ةظاهرتفاقم مما يؤدي إلى ذلكالغالب بالدولية المؤقتة ما يتم هذا االختيار بناءا على تظافر جهود كل من المحاكم وإ

ض النقص الذي قد مما يجعل هذه األخيرة تعو ،والمحاكم الوطنية في إجراءات المتابعةيطرأ على عمل المحاكم الدولية إما بممارسة اختصاصها بصفة تلقائية، أو بإحالة القضايا

.هالها من قبلإلى يرى الفقه أن الجمع بين االختصاص الدولي والداخلي ال ينبغي أن يتأسس

ن العبرة أالضغط على القضاء الجنائي الدولي، بل خفيفتإلىية ترمي فقط اعتبارات كمن من ، ذلك أنه إذا كان تطبيق مبدأ أولوية االختصاص سيمكالمشروعيةبتحقيق الفعالية و

، فإن هناك خطر 727الجرائم األكثر خطورة لمحاكمةالوصول إلى قيمة رمزية بالنظر .إذا ما نظرنا إلى الجرائم التي لم تتم معاقبتها، والتي تعتبر األكثر عددالتالشي هذه القيمة هذا القضاء الجنائي الدولي الذي يقوم على االختيار ونزع في مشروعيةناهيك عن الطعن

االختصاص من بعض الدول لمحاكمة ومعاقبة الجرائم الدولية، مما يؤدي إلى الوقوع في .728محاكمات نورمبرغ وطوكيو كثيرخاللد بها الطالما ند فخ العدالة االنتقائية التي

ويتم تفادي كل هذه النقائص بإرساء معايير لالختيار وبإشراك الدول في عملية ويحيلنا مبدأ أولوية االختصاص إلى التعرض لنتيجته .معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية

وطني وتقرر المحاكم الدولية لة أمام القضاء الالحتمية عندما تكون عملية المعاقبة مفع .ممارسة اختصاصها في المعاقبة مما يؤدي إلى تنازل المحاكم الوطنية

السيادة في خدمة العدالة : المحاكم الوطنية لصالح المحاكم الجنائية الدولية تنازل) ب :الجنائية الدولية

ولقد تجسدت فعالية المحكمتين بالنظر لتكريس مبدأ التقاضي على درجتين بإنشاء غرف استئناف تتولى هذه المهمة 727

.كمحاولة لتدارك النقص الذي عرفته محكمتي نورمبرغ وطوكيو :للتفصيل حول شروط اإلستئناف وآثارهانظر

ABDESSEMED, (Abderrachid), « Le principe du double degré de juridiction et les juridictions pénales internationales », in R.T.D.H., 2008, n° 74, p. 423 et suite.

GIUDICELLI-DELAGE, (Geneviève), « Poursuivre et juger…», op. cit., p. 475 et: أنظر 728476.

Page 307: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

301

أفضل تعبير عن سيادتها بالنظر لما إن ممارسة الدول الختصاصها القضائي يعدتحتويه هذه الممارسة من تطبيق لقانونها الوطني ومن إصدار لألحكام والقرارات باسم

.الشعب الذي يعتبر مصدر هذه السيادة في أغلبية أنظمة الحكمغير أن هذه األخيرة لم تعد تحتكر اختصاص معاقبة الجرائم عندما يتعلق األمر

انية أو جرائم دولية على العموم، إذ عرف المجتمع الدولي بروز القضاء بجرائم ضد اإلنس .يةالدولالمجموعة عن إرادة الدولي الجنائي الذي يعبر

لقد تجسد هذا التراجع في تطبيقات مبدأ أولوية االختصاص الذي يعود للمحكمتين 8و 2فقرة 9المادتين ا األساسيين عبر مورواندا في نظاميهة سابقالالجنائيتين ليوغسالفيا

، كما الينبغي إغفال اإللتزام الذي يقع على الدول عموما بالتعاون مع 729تباعا 2فقرة .730الذي يشكل ضمانة قوية لفعالية هذه األخيرةو المحاكم الجنائية الدولية

تفاصيل إجراءات قة سابالتولى نظام اإلجراءات وقواعد اإلثبات لمحكمة يوغسالفيا ولقد تضمن هذا .731المحاكم الوطنية لصالح المحكمة الدولية في الفصل الثاني منهتنازل

لنائب العام للمحاكم الوطنية طلبات بغرض اه أن يوجلنظام باإلضافة إلى ذلك إمكانية اولقد ، محكمة الالحصول على معلومات متعلقة بقضايا خاصة بجرائم تدخل في اختصاص

نظام اإلجراءات كيفيات وإجراءات التنازل، وبالرجوع من 11إلى 5مت المواد من نظت على أن النائب العام للمحكمة الدولية يقوم بإخطار نجدها نص 2فقرة 9إلى المادة

نها الرئيس لهذا الغرض من أجل تقديم طلب رسمي لمحكمة الدائرة التمهيدية التي يعي .مة الدوليةحكموطنية بغية تنازلها لصالح ال

لقد اعتمد النظام األساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون كذلك مبدأ أولوية اختصاص هذه المحكمة، غير أن هذه 729

.وسنعود بالتفصيل لهذه المحكمة الحقا. األولوية تطبق فقط بالنسبة لمحاكم سيراليون : انظر لتفاصيل أكثر 730

UBEDA, (Muriel), « L’obligation de coopérer avec les juridictions internationales », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, p. 952.

.FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 579: أنظر 731LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), «Le dessaisissement des tribunaux nationaux au profit des tribunaux pénaux internationaux : un encadrement abusif par le droit international de l’exercice de la compétence judiciaire interne ? », in R.G.D.I.P., 2004, n° 2, p. 409.

Page 308: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

302

نص هذه المادة أن إجراء طلب التنازل يكون ملزما للمحاكم الوطنية، يظهر منوالذي جاء ة سابقالد في التقرير السنوي األول الذي أعدته محكمة يوغوسالفيا تأك هو ماو

: فيه أن »قات التي تحول دون تقديم أو تحويل المتهم، بما فيها هذا االلتزام يسمو على جل المعو

. 732»ة اتفاقية تسليم أي تشريع وطني وأيمن نظام اإلجراءات مسألة عدم احترام الدولة لطلب التنازل، 11عالجت المادة و

: فنصت على أنهإذا لم تقدم محكمة الدولة التي نظرت في القضية المطلوب منها التنازل عنها خالل أجل « بأنها اتخذت يوما من تاريخ إبالغها من قبل كاتب الضبط بهذا الطلب تأكيدات تينس

يمكن للدائرة التمهيدية فالستجابة لهذا الطلب أو أنها بصدد اتخاذها، لاإلجراءات الالزمة .»أن تطلب من رئيس المحكمة عرض المسألة على مجلس األمن

مما يؤكد على مبدأ أولوية االختصاص وعلى دور مجلس األمن في السهر على .ولدفرض احترامه من قبل ال

مرحلة كانت عليها ةيمكن للمحكمة تقديم طلب التنازل في أي شير إلى أنهنالمساوئ الناجمة عن إعادة البدء في اإلجراءات ذاإلجراءات أمام المحكمة الوطنية، مع أخ

. 733من جديد لكل من المتهم والضحية وكذلك الشهود بعين االعتباريوغوسالفيا ع محكمة ماني المتعلق بالتعاون م، نجد أن القانون األلقياسفي هذا ال

منه 2قد اعتمد نفس االتجاه حيث ورد في المادة 1995أفريل 10الصادر في ةسابقال : أن .» يمكن القيام بالتنازل مهما كانت المرحلة التي وصلت لها اإلجراءات«

وإن كانت المتابعة ضد نفس حتىوتبادر المحكمة الوطنية بالتنازل عن القضية أو إذا كان الشخص المتهم موضوعا بسبب عقوبات ليست ،الشخص تتعلق بوقائع أخرى

د ذلك في التقرير ولقد تأك. ة الحقةفترفي اهم بارتكابهلها عالقة بالجرائم الدولية التي أت

.91، فقرة 1994أوت 29التقرير السنوي األول الصادر بتاريخ : أنظر 732 :انظر في ذلك 733

LAMBERT-ABDELGAWAD, E., « Le dessaisissent des tribunaux nationaux…», op. cit., p. 409.

Page 309: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

303

إلى قضية حيث تمت اإلشارة 2000في ة سابقالالسابع الذي تقدمت به محكمة يوغسالفيا أوت 09وتم تسليم المتهم للمحكمة الدولية في Vinco Martinovic734مارتينوفيتش

.735والذي كان محتجزا بسبب وقائع أخرى في كرواتيا 1999بتفحص مختلف حاالت طلب التنازل المقدمة للدائرة التمهيدية األولى، نجد أن هذه

و يترتب عن طلب التنازل عدة آثار م، األخيرة قبلت هذا الطلب الذي تقدم به النائب العاهامة تتمثل في تحويل عناصر التحقيق باإلضافة إلى نسخ من ملف الدعوى باإلضافة إلى

ا من النظام األساسي لمحكمة يوغسالفي 10هو ما ورد في نص المادة و إرسال الحكم، .السابقة

اختصاص تكميلي :الفرع الثانياختصاص المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة لم تكن إن األولوية التي كرست في

رغم المزايا التي ذلتبقى مهيمنة في نظام دولي يولي اإلعتبار األهم لمبدأ سيادة الدول، إالمتابعة، إال أنها بقيت و تكريس للمعاقبةو طبعت هاته المحاكم من محاربة للجريمة الدولية

.هاء المهمة التي أنشئت من أجلهايفترض أن تزول بمجرد انت ذمحدودة المدى إلك أن الدول حرصت على إنشاء محكمة جنائية دولية ذلقد أظهرت الممارسة ك

التي و برزت الفكرة على أعقاب الحرب العالمية األولى بموجب اتفاقية فرسايو دائمةالتي لم تر النور 736ه الهيئةذعلى ضرورة إنشاء مثل ه 230إلى 227نصت موادها من

.آنذاكبرزت الفكرة من جديد عقب الحرب العالمية الثانية باعتماد اتفاقية الوقاية من

منها على إنشاء محكمة 6التي نصت المادة و 1948المعاقبة عليها عام و اإلبادة الجماعيةه ذلك، شرعت لجنة القانون الدولي في إعداد نظام أساسي لمثل هذعلى إثرو .جنائية دولية

رتينوفتش مسؤوال عسكريا خالل أعمال العنف التي ارتكبت ضد السكان المدنيين في بكون ماتتعلق وقائع القضية 734

.موستاربحجة أنها كانت تنفذ عقوبة السجن Martinovicو Naletilicقبل ذلك تسليم كل من توكانت كرواتيا قد رفض 735

.في حقهما بسبب أفعال سابقةلمتابعة اإلمبراطور غليوم الثاني بسبب ارتكابه جرائم ضد السلم، ه اإلتفاقية هو إنشاء محكمة ذكان الهدف من ه 736

.غير أنه حصل على حق اللجوء إلى هولندا ولم تتسن بالتالي محاكمته

Page 310: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

304

لتسفر 1990استأنفته اللجنة مجددا عام و ف أثناء الحرب الباردة،المحكمة، الذي توق 1998جويلية 17جوان إلى 15األشغال عن مؤتمر المفوضين في روما في الفترة من

1998جويلية 17الذي اختتم باعتماد النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية في و .دولة عن التصويت 21ع امتناو دول ضده، 7و دولة لصالحه، 120بتصويت

2002دخل نظام روما األساسي حيز النفاذ في الفاتح من جويلية بلغ عدد و 737

دولة مما يوحي باإلنسجام 123عدد 2015 أفريلالفاتحالدول المصادقة عليه إلى تاريخ .ا الجهاز الردعي العالميذحول ه

اختصاص المحكمة وعلى عكس ما ورد في اختصاص المحكمتين المؤقتتين، فإن ،738هو تكريس لسيادة الدولو الجنائية الدولية يكون مكمال الختصاص القضاء الوطني،

التطبيقات العملية له على ضوء و)-1(ميلي كسنتعرض تباعا لمفهوم مبدأ اإلختصاص التو .)- 2(القضايا التي عرضت على المحكمة

:ميليكمفهوم مبدأ اإلختصاص الت. 1

األساسي مسألة التنافس في اإلختصاص بين المحكمة الجنائية حسم نظام روما من 10ه األخيرة، حيث ورد في الفقرة ذالجهات القضائية الداخلية لصالح هو الدولية :الديباجة

ا النظام األساسي ستكون مكملة ذتؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب ه ذإو « .»طنية للواليات القضائية الجنائية الو :لك في المادة األولى التي نصت على ما يليذكما أعاد التأكيد على

.»...تكون المحكمة مكملة للواليات القضائية الجنائية الوطنية و ... «

.مصادقة 60والبالغ 1/ 129ببلوغ النصاب القانوني المحدد في المادة 737 .364، مرجع سابق، ص اصرناصركتاب، التعذيب ووسائل مناهضته في القانون الدولي المع: انظر 738

.72و 71، مرجع سابق، ص حقوق ضحايا الجرائم الدولية ،نصر الدين بوسماحةBENNOUNA, (Mohamed), « La cour pénale internationale », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, p. 741.

Page 311: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

305

يبدو أن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لن يترتب عنه بأي حال من األحوال نزع لمحاكمة )بالتالي من المشرع الوطني و (اإلختصاص من الجهات القضائية الوطنية

التي تدخل في نطاق 739غيرها من الجرائم الدولية و مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانيةاإلختصاص المادي للمحكمة، بل يؤول اإلختصاص لها مبدئيا لممارسة اختصاص

رواندا أن اختصاص و يظهر بالمقارنة مع حالة محكمتي يوغسالفيا السابقةو.740المعاقبةمحكمة الجنائية الدولية ال يتميز باألولوية على المحاكم الوطنية، بل يمكن اعتبار ال

ه األخيرة الختصاصها في متابعة الجرائم ضد اإلنسانية تشكل مبدئيا عقبة ذممارسة هويؤدي مبدأ اإلختصاص .تحول دون ممارسة المحكمة الجنائية الدولية الختصاصها

ية تحت المجهر باعتبارها ستتحمل المسؤولية عن معاقبة التكميلي إلى وضع المحاكم الوطن .741مرتكبي الجرائم الدولية بالدرجة األولى

.20و 19علي خلف الشرعة، مبدأ التكامل في المحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص : انظر 739

.78دراسة قانونية، مرجع سابق، ص .طالل ياسين العيسى وعلي جبار الحسيناوي، المحكمة الجنائية الدوليةBOSLY, H-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 75.

BAKKER, (Christine A.E), «Le principe de complémentarité et les «auto-saisines» : un regard critique sur la pratique de la cour pénale internationale», R.G.D.I.P., 2008, n° 2, p. 361. LATTANZI, (Flavia), «Compétence de la cour pénale internationale et consentement des Etats», R.G.D.I.P., 1999, n° 2, p. 426.

.521، مرجع سابق، ص عالوة العايب، المحكمة الجنائية الدولية اختصاص أصيل أم تكميلي: انظر 740د السادس، جامعة محمد فضيل خان، اإلختصاص التكاملي للمحكمة الجنائية الدولية، ، مجلة المنتدى القانوني، العد

.231خيضر بسكرة، صفي األشعل، عبد اهللا، سلهب بحث منشور القانون الدولي اإلنساني والمحكمة الجنائية الدولية، ،محمد عزيز شكري

سامي، خليفة، إبراهيم أحمد، علوان، نعيم امين الدين، شكري، محمد عزيز، دراجي، إبراهيم، شمسان، عبد الوهاب، .131 ، صمرجع سابق، 'آفاق وتحديات'القانون الدولي اإلنساني، جويلي، سعيد سالم كرعود، محمد،

.243وان مقصود خليل، الجرائم ضد اإلنسانية واإلبادة الجماعية وطرق مكافحتهما، ص صف .103الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مرجع سابق، ص علي يوسف

BOURDON, (William), La cour pénale …, op. cit., p. 95. :انظر 741

BERNARD, (Antoine), « Les enjeux du nouveau système de justice pénale internationale », op. cit.,p. 188

Page 312: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

306

من المهم التوقف عند الحاالت التي تطبق فيها تبعية اختصاص المحكمة الدولية،، 742يظهر من تفحص نظام روما األساسي أن اختصاص الدولة الطرف يعد هو األصلو

ا مهما كان ذهو لو لم تكن طرفا فيهو لك ألية دولةذيؤول ك بل أن اإلختصاص المبدئي .ي مارستهذنوع اإلختصاص ال

ميلي بين المحكمة الجنائية الدوليةكعالج نظام روما األساسي مسألة اإلختصاص الت :منه 17، حيث ورد في المادة 743المحاكم الوطنية في إطار حاالت عدم المقبوليةو، تقرر المحكمة أن الدعوى غير مقبولة 1المادة و الديباجةمن 10مع مراعاة الفقرة -1«

:في حالة ماا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها الوالية عليها، ما لم تكن ذإ )أ(

لك، ذالدولة حقا غير راغبة في اإلضطالع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على قررت الدولة عدم و الدعوى دولة لها والية عليها ا كانت قد أجرت التحقيق فيذإ )ب(

مقاضاة الشخص المعني، ما لم يكن القرار ناتجا عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة،

ال يكون و ا كان الشخص المعني قد سبق أن حوكم على السلوك موضوع الشكوى،ذإ )ج( ،20من المادة 3ة من الجائز للمحكمة إجراء محاكمة طبقا للفقر

. »المحكمة إجراء آخر ذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذإ )د(ه الشروط أنها جاءت لتقيد من اإلختصاص القضائي للمحكمة الجنائية ذيبدو من ه

لك أن ذيستنتج من و هو ما يعد نتيجة لتأكيد سيادة الدول التي تعتبر هي القاعدة،و الدوليةناكعنصران أساسيان يحكمان مقبولية النظر في قضية ما أمامها يتمثالن في انعدام ه

.سنتعرض لهما تباعا) -ب(وخطورة القضية )-أ(744القدرةو اإلرادة :انعدام إرادة الدولة أو عدم قدرتها على ممارسة اختصاصها) أ

.108و 107القضاء الدولي الجنائي، مرجع سابق، ض تالوي، الفيل حسينسه: انظر 742األساسي يقسم إلى تكامل موضوعي، تكامل إجرائي وتكامل في تنفيذ إن مبدأ التكامل المكرس في نظام روما 743

.العقوبة .وما يليها 27الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مرجع سابق، ص علي يوسف: راجع ألكثر تفاصيل

.271ص ،2009 عمر سعد اهللا ، مدخل في القانون الدولي لحقوق اإلنسان، ديوان المطبوعات الجامعية،: انظر 744

Page 313: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

307

واجهتالدول ذاتها، إذ 17ا العنصر بموجب معايير أوردتها المادة ذيتم تحديد هصعوبة خالل مفاوضات مؤتمر روما في وضع معايير للتقدير تكون على درجة كبيرة من الموضوعية لتفادي اتساع اإلختصاص التفسيري للمحكمة عند فحصها المسائل

.745المتعلقة بالمقبوليةيعتبر انعدام اإلرادة من المسائل التي وجدت فيها الدول أكثر صعوبة لإلتفاق على

ف، حيث لم تتم اإلشارة في األخير إال للحاالت التي يمكن فيها إثبات وجود سلطة تعريقضائية تحت سيطرة السلطة السياسية، أو أن إدارة العدالة تتم بطريقة موجهة إلى وجهة

.ماوتتجسد عدم رغبة الدولة في محاولة عدم ثبوت المسؤولية الجنائية على المتهم، أو

ي اإلجراءات المتبعة للمحاكمة أو عدم توفر ضمانات االستقاللية ر فاإلبطاء غير المبر .والحياد

، إذ بانعدام إرادتهاة مقارنة بسهولتعريفها لقد تم أما فيما يتعلق بعدم قدرة الدولة، فالدولة وجهازها القضائي، كتتمثل في وجود وضعيات تشير إلى الحرب األهلية، أو تفك

.746ل مؤتمر روما بحالة رواندا بعد أحداث اإلبادة الجماعيةولقد تم االستشهاد خالل أعما

:الحد المتعلق بخطورة القضية) ب

أتيحت الفرصة لتفسير هذا المفهوم في أول تحقيق افتتحه المدعي العام للمحكمة بمناسبة قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث 2004 رسالجنائية الدولية في ما

يتعلق 2006فيفري 10في حكم صادر عنها بتاريخ Iهيدية األولى قامت الدائرة التمؤسس، استند فيه بإصدار أمر بالقبض ضد المتهم توماس لوبنغادييلو بإعطاء تفسير م

.GARIBIAN, (Sévane), Le crime contre l’humanité …, op. cit., p. 429: انظر 745

BOSLY, H-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 85.

.74ابق، ص ،مرجع سحقوق ضحايا الجرائم الدولية ،نصر الدين بوسماحة:أنظر 746GARIBIAN, (Sévane), Le crime contre l’humanité …, Ibid., p. 429 et 430.

Page 314: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

308

التفسير النصي والسياقي، ثم التفسير : قضاة الدائرة التمهيدية على نوعين من التفسير .كما سنبينه هنا بالتفصيل téléologiqueالغائي

حد فحسب ما يبدو من التفسير حسب النص والسياق الوارد فيه، يعد اشترط أن الخطورة الخاصة المشار إليها في إذلقبول الدعوى، إضافي لخطورة القضية إلزاميا

في االختصاص تميز الجرائم التي تدخل خطورة التي الضافة إلى باإلهذه المادة جاءت أو " منهجيا"يتطلب األمر أن يكون التصرف المستهدف في القضية للمحكمة، إذ المادي

". على مستوى المجموعة الدولية" التنديد"وأن يثير " مرتكبا على نطاق واسع"التفسير حسب الهدف والذي يتم اللجوء فيه إلى ديباجة النص اإلتفاقي كما هو ماأ

ا إضافيا نصرالفعل المشار إليه باعتباره ع تكبرالحال هنا، فلقد ركز فيه القضاة على ميتم األخذ به لتحديد درجة خطورة القضية، ويتبين من الحكم الصادر في حق لوبنغا أن

ل أكبر تهمين بتحممرتكبي األفعال ينبغي أن يكونوا حصريا من أعلى القادة في الدولة الم . 747مسؤولية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة

التفسير القضائي لهذا الحد الخاص للخطورة يعتبر فرصة للقضاة لتوضيح نإالدولية، يعتبر حد ةلي الختصاص المحكمة الجنائييمبع التكافبالنظر للط: معنى هذا الشرط

الخطورة عنصرا أساسيا يستهدف رفع األثر الردعي للمحكمة إلى أقصاه، بالنظر لكون . 748سا بالهدف األسمى للوقاية من ارتكاب الجرائممرتبطا أسا لهاالوظيفة العقابية

من الضروري التأكيد أنه في جميع الحاالت، تعود مسألة فحص مقبولية قضية تتم ، وهذا وفقا للشروط المشار إليها 749إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى هذه األخيرة

لعام فتح تحقيق وفقا لنص من نظام روما األساسي عندما يقرر المدعي ا 15في المادة عندما يصدر إذن للتحقيق عن الدائرة التمهيدية بناء 18فقرة ج، أو وفقا للمادة 13المادة

مية، الدور الذي يلعبه هؤالء لالوضعية الس :جزئياتهياإلضافي يتكون من ثالث نصرولقد أبرز القضاة أن هذا الع747

ون إليها، والدور الذي لعبته هذه األجهزة األشخاص داخل أجهزة الدولة أو المنظمات أو الجماعات المسلحة الني ينتم .لهذه الجرائمي المنهج أووالمنظمات في االرتكاب واسع النطاق

.GARIBIAN, (Sevane), Crime contre l’humanité …, op. cit., p. 431:أنظر 748 .131علي يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مرجع سابق، ص : انظر 749

Page 315: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

309

فقرة أ 13على طلب المدعي العام، أو عندما تقوم دولة بإخطار المحكمة وفقا لنص المادة .ويليها تقرير من المدعي بأن هناك أسباب جدية لفتح تحقيق

أمام المحكمة حول التي تثور من نظام روما األساسي المنازعة 19دة الماعالجت مقبولية حالة ما بصفة الحقة على صدور قرار عنها يقضي بالمقبولية، وهذا سواء من قبل المتهم أو الشخص الذي صدر ضده أمر بالقبض، أو من طرف الدولة التي يؤول لها

123قبلت باختصاص المحكمة وفقا للمادة االختصاص في هذه الحالة، أو من الدولة التي .من نظام روما األساسي

كما يستطيع المدعي العام أن يطلب من المحكمة أن تفصل في مسألة مقبولية قضية ، باإلضافة إلى إمكانية المحكمة أن تفصل فيها من 3فقرة 19ما حسب ما تضمنته المادة

ما يجعل من هذه المسألة مرنة يمكن فقرة أولى وهو 19تلقاء نفسها حسب نص المادة منح سلطة واسعة تكما أنها لعدة أطراف لها المصلحة في ذلك أن تطالب بفحصها،

.750للدولشكل آلية مهمة ييمكن اعتبار أن مسألة التكامل بتطبيقها المتعلق بفحص المقبولية

ي عمقممارسة اختصاصها ال إلىالجنائيين الدوليين، إذ أنها ستدفع بالدول ةفي يد القضاإلنسانية باإلضافة التي قد يطمح لها مرتكبو الجرائم ضد ا عقاببهدف إنهاء حالة الال

لدول بأن تمارس لويسمح تكامل االختصاص . رتكاب جرائم جديدةالوقاية من ابعة اختصاصها القمعي بصفة فعالة إذ تقع عليها المسؤولية بصفة أولية بغرض متا

.ئم ضد اإلنسانيةمرتكبي الجرالقد شرعت المحكمة الجنائية الدولية في ممارسة اختصاصها وهو ما سنوضحه

.اآلن

:في ممارسة المحكمة يليمكالتاإلختصاص . 2

.GARIBIAN, (Sevane), Crime contre l’humanité …, op. cit., p. 432:أنظر 750

Page 316: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

310

روما حير النفاذ أمام منذ دخول نظام 2014لغاية نهاية وضعيات سبععرضتم حالتين من قبل مجلس األمن وفي ول أطراف، دقبل منها تمت إحالتها من ةثالث: المحكمة

، حالتين قرر المدعي العام فتح تحقيق بعد حصوله على رخصة من قبل الدائرة التمهيديةوسنتعرض . لن نتعرض لهذه الحالةو كما قرر فتح تحقيق من تلقاء نفسه بالنسبة لكينيا

.يليمالتكاإلختصاص على طريقة تطبيق مبدأ باختصارمع التركيز لكل وضعية :اإلحالة من قبل دولة طرف )أ

تعلق األمر بأربع دول هي على التوالي جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية مالي غير أننا لن نتعرض لهذه األخيرة بسبب تعلقها بجرائم و إفريقيا الوسطى، أوغندا

.الحرب :الوضعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية /أ

، وعلى إثر 2002أفريل 11ت هذه الدولة على نظام روما األساسي في قصاد تعالت أصوات عدة منظمات حكومية وغير 2002دخوله حيز النفاذ في الفاتح من جويلية

، كما 2002األشخاص في هذه الدولة منذ آلالفقتل تعسفي منددة بأعمال حكومية .751قسري وتجنيد األطفال قلنأشارت التقارير إلى عمليات اغتصاب وتعذيب و

مارس 3الوضعية إلى المدعي العام للمحكمة في الدولةأحالت لك،على إثر ذ. بفتح تحقيق عن الوضعية في هذه الدولة 2004جوان 23الذي أصدر قرارا في 2004

ن تخصان الجرائم اقضيت من بينهاحاالت عربألالتعرضولقد أدت الوضعية المحالة إلى .ضد اإلنسانيةاللذان اتهما ي شولووجونغو يقضية المدعي العام ضد جيرمان كاتنغا وماتفهناك

ن والؤمس انف غير مسبوق ضد النساء والرجال واألطفال، وهمعبارتكاب جرائم ذات . 752جنسي قاسترقاأفعال ال إنسانية و ،عن جرائم

Bosly, H.D., VAN DERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre: أنظر لتفاصيل أكثر 751

l’humanité…, op. cit., p. 127. BAKKER, (Christine), AE, Le principe de complémentarité …, op. cit., p. 370.

Fouchard, I., Crime international …, op. cit., p. 602. ,« BA, (Amady), « La cour pénale internationale et la responsabilité de protéger: انظر752

op. cit., p. 284.

Page 317: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

311

المتمثلة في ضدهما الموجهة التهم 2008سبتمبر 26في Iأكدت الدائرة التمهيدية 2005 مارس في عليهما القبض يألقو ،)حرب لك جرائموكذ(ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية

2009نوفمبر 24 بتاريخ المتهمين ضد المحاكمة افتتحت كما تباعا، 2008 فيفري 6 فيو753.

رعية رواندية اتهم بكونه فتخص ،مباروشيمانا كستيكال ضد العام المدعي قضية أماالتنفيذي للقوى الديمقراطية لتحرير رواندا المعروفة بالقوى المقاتلة األمين العام

، ولقد ساهمت هذه الحركة في ارتكاب جملة من الجرائم ضد Abacunguziوزي غأباكون 2009اإلنسانية السيما عدة اغتصابات ارتكبت عن طريق العنف في مقاطعات كيفو في

المدعي العام للمحكمة الجنائية ه تقدم ب ، وبناء على طلب)م الحربباإلضافة إلى جرائ(سبتمبر 28، أصدرت أمرا بالقبض تحت األختام ضد المتهم في Iالدولية للدائرة التمهيدية

2010أكتوبر 11ريس بتاريخ يه السلطات الفرنسية القبض في باحيث ألقت عل 2010لتهم أمام الدائرة إلى مقر المحكمة بالهاي، حيث تم عقد جلسة لتأكيد ا بتحويلهوقامت 2011سبتمبر 21إلى 16في الفترة الممتدة من Iالتمهيدية

754. أن المحكمة مارست اختصاصها القضائي التكميلي بسبب حالةنالحظ في هذه ال

ام عدم قدرة القضاء الوطني الرواندي على معاقبة هؤالء المتهمين بالنظر لتفكك النظ .تهماالقانوني والقضائي الداخلي وهشاش

:الوضعية في أوغندا /بشهدت أوغندا حربا أهلية تعد من أطول وأبشع الحروب األهلية التي عرفتها القارة

قرابة مليوني حوالتي كان ضحيتها أزيد من عشرات اآلالف من القتلى ونزو 755اإلفريقية .شخص

في أدلته العام المدعي قدم ولقد المحاكمة، في بالمشاركة لهم يسمح مما الضحية بصفة شخصا 345 لـ القضاة اعترف753

.2011 مارس 21 في أدلته تقديم في الدفاع وشرع شاهدان، للضحايا القانونيين الممثلين قدم كما ،2010 ديسمبر 8 :أنظر 754

BOSLY, H-D., VANDERMEERSH, D., Génocide, crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 133.

شمال عرضة لهجمات منتظمة، ويعود السبب في ذلك لتربع السنة كان خاللها سكان 17دام النزاع في أوغندا 755 .، وتشكل حركة تمرد تعرف بجيش الرب للمقاومة1986الرئيس يوويري موسيفيني على هرم السلطة عام

Page 318: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

312

، قامت بإحالة 2002جوان 14على نظام روما األساسي في تهاعلى إثر مصادقويالحظ أن هذه الوضعية تعتبر أول 2003ديسمبر 16الوضعية إلى المدعي العام في

28فتح تحقيق في المدعي العام قررو .إحالة تتلقاها المحكمة الجنائية الدولية من قبل دولةأصدرت أوامر بالقبض التي IIلتمهيدية ، كما أحال الوضعية إلى الدائرة ا 2004 جويلية

بارتكاب جرائم ضد لهم ضد خمس مسؤولين منتمين لجيش الرب للمقاومة وتم توجيه تهم شرع المدعي العام في التحقيق استنادا على التقرير الذي تلقاه من سلطات لقد و ،اإلنسانية

تكبة من قبل الجيش عد قرر توسيع المجال بشمول الجرائم المربأوغندا، غير أنه فيما بسلطته التقديرية في غير أنه تمسك . 756النظامي ألوغندا، وهو ما رفضته هذه األخيرة

حالة تلقيه إحالة وضعية من قبل الدولة في عدم تقيده بما ورد فيها، ولقد أسس موقفه على اعتمده التقرير الذي تقدم به البرلمان لحكومة أوغندا أين وافق البرلمان على التقسيم الذي

.لمثل هذا التوجه العام معطيا موافقة ممثلي الشعب المدعيكما تمسكت أوغندا على إثر ذلك بأولوية اختصاصها على اختصاص المحكمة

معاقبة الجرائم المرتكبة على إقليمها، بل على في الجنائية الدولية مؤكدة على إرادتها د ذلك بإنشاء محكمة خاصة في ماي قدرتها على القيام بذلك بإنشاء محاكم خاصة، وتأك

.757فة بمحاكمة أعضاء جيش الرب للمقاومةمكل 2008لصالحها مستخدمة إياه يليالتكماإلختصاص يبدو أن أوغندا حاولت أن تعيد تطبيق أن قيام دولة امن قبل المدعي العام، معتبر هفي االتجاه العكسي، وهو ما لم يتم إقرار

ة الجنائية الدولية يشكل قرينة قوية على عدم رغبتها أو عدم بإحالة وضعية على المحكم .758قدرتها في القيام بمحاكمة الجرائم المحالة بنفسها

.Fouchard, I., Crime international…, op. cit., p. 602 et 603:أنظر في هذا الصدد 756هذه المنظمة على المحكمة الجنائية الدولية سحب األوامر بالقبض التي أصدرتها ضد المتهمين وكما اشترط مسؤول757

كشرط لقيامها بعقد اتفاق سالم مع سلطات أوغندا، حيث عبروا عن رغبتهم في أن تتم محاكمتهم من قبل الجهات .غنديةالقضائية األو

FOUCHARD, I, Crime international..., Ibid., p. 603:انظر .Ibid., p. 603:أنظر 758

Page 319: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

313

الحقيقة أن المدعي العام وجد نفسه ألول مرة أمام مواجهة حدود االختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية وأمام النزاع بين مصالح السلم والمصالحة الوطنية

.ومصالح العدالة وهو ما سيتضح مستقبال :الوضعية في جمهورية إفريقيا الوسطى /ج

، وقررت إحالة 2001أكتوبر 3صادقت هذه الدولة على نظام روما األساسي في ونشير إلى خصوصية في هذه . 2005جانفي 7الوضعية إلى المدعي العام للمحكمة في

رفضت فيه جزئيا قرارا 2006أفريل 11الوضعية إذ أن محكمة النقض قد أصدرت في ن محكمة استئناف بانغي واعتبرت أن القرار الصادر عضد الطعن بالنقض الذي رفع

المحكمة الجنائية الدولية هي وحدها التي تكون مختصة بمتابعة الجرائم الخطيرة المرتكبة 2002في هذه الدولة منذ الفاتح جويلية

على عدم قدرة النظام القضائي ت، وأكد759تعقيد بالنظر ل) وجرائم الحرب كذلك(الوطني على متابعة الجرائم ضد اإلنسانية

ولقد سبق للمدعي العام أن صرح قبل ذلك بأنه . اإلجراءات المتعلقة بمثل هذه الممارسةمحكمة النقض لمعرفة ما إذا كان سيقوم بفتح تحقيق أم ال، وهذا موقف كان في انتظار

.استنادا على مبدأ التكامل الوارد في نظام روما األساسي 22ضاء الوطني، قرر المدعي العام في الذي اتخذه القاإليجابي على إثر الموقف

.بأنه سيقوم بفتح تحقيق فيما يتعلق بهذه الوضعية 2007ماي تعد إحالة الوضعية إلى المحكمة القاسم المشترك الذي يطبع هذه الوضعيات

يل هذه الدول اإلفريقية منح االختصاص في معاقبة الجرائم ض، والذي يشير إلى تفالثالثهذه الدول رغم أنها صادقت على لك أنذ ،المحكمة الجنائية الدوليةضد اإلنسانية إلى

نظام روما األساسي ، إال أنها لم تواكب ذلك بإجراء المواءمات الدستورية والتشريعية .760المناسبة، وهو ما يعد ثغرة تحول دون أيلولة االختصاص في المعاقبة إلى قضائها

:أنظر 759

BOSLY, H-D, VANDERMEERSH, D. Génocide, crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 135.

FOUCHARD, I., Crime international…, op. cit., p. 604. كاليات التي صاحبت متابعة المحكمة الجنائية الدولية لمرتكبي جرائم ضد اإلنسانية ينتمون سنعود الحقا لمعالجة اإلش760

فقط لدول إفريقية، مما اعتبرته هذه األخيرة إجحافا في حقها، واعتبرت هذه المحكمة ذات توجه غربي، حاولت تعويضه .بجهة قضائية عقابية إفريقية

Page 320: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

314

بالنظر ألنها تحملت مسؤوليتها في هذا غير أن موقفها ال يمكن إال الثناء عليه .الشأن بإتاحة الفرصة لمعاقبة دولية في ظل غياب معاقبة وطنية فعالة

:اإلحالة من قبل مجلس األمن) بتميز نظام روما األساسي بإعطاء مجلس األمن دورا أساسيا في تحريك الدعوى أو

:فقرة ب منه على ما يلي 13أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث نصت المادة 761توقيفهاوفقا ألحكام 5لمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة ل«

:هذا النظام األساسي في األحوال التاليةمم المتحدة، حالة إذا أحال مجلس األمن، متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق األ) ب(

.»إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت ولقد أثار هذا البند الكثير من النقاشات الفقهية حول المخاوف التي عبرت عنها عدة

التي، و762من قبل مجلس األمنكوسيلة أطراف من استخدام المحكمة الجنائية الدولية دما طلب هذا األخير من المحكمة إعفاءا عاما من التحقيق والمتابعة بناءا ها عنبلغت أوج

م الذين أعضاء عمليات حفظ السالبمن نظام روما األساسي فيما يتعلق 16على المادة ينتمون لدولة ليست طرفا في نظام روما األساسي بمجرد أن العملية تم اعتمادها

.وترخيصها من قبل األمم المتحدة

:من نظام روما األساسي 16نصت المادة 761ال يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام األساسي لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب من «

مجلس األمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة، »ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها

وهو يمنح بهذا سلطة لمجلس األمن لتوقيف عمل المحكمة ،ويعد opting outرف هذا اإلجراء بإرجاء التحقيق ويع .خطيرا بالنظر إلمكانية استعماله ألغراض سياسية معينة

طاهر الدين عماري، حول العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن الدولي،المجلة الجزائرية للعلوم: انظر .355 ،ص2010القانونية واإلقتصادية والسياسية،

.222ص مرجع سابق، القضاء الدولي الجنائي،تالوي، الفيل حسينسه .89، مرجع سابق، ص حقوق ضحايا الجرائم الدولية ،نصر الدين بوسماحة

BERNARD, (Antoine), « Les enjeux du nouveau système de justice pénale internationale », op. cit., p. 194.

.1157،ص2006تونسيبن عامر،العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن ،مجلة القانون العام، : أنظر 762 .134مرجع سابق، ص القانون الدولي اإلنساني والمحكمة الجنائية الدولية، ،شكريعزيزمحمد

FOUCHARD, I., Crime international..., op. cit., p. 606.

Page 321: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

315

.سنتعرض لها تباعاحاالت 3قد أحال مجلس األمن ول :)السودان(الوضعية في دارفور /أ

نشير إلى أن السودان الذي لم يصادق على نظام روما األساسي شهد منذ مارس نزاعا مسلحا غير دولي بين حكومة السودان الممثلة في مقاتلي القوات المسلحة 2003

المجندة إلى جانب مليشيات جنجاويد من جهة وعدة السودانية وقوات الدفاع الشعبية ة جيش تحرير السودان والحركة من أجل العدل والمساواة، كجماعات متمردة أهمها حر

الذي نص على إنشاء لجنة دولية للتحقيق 1564أدت بمجلس األمن إلى اعتماد القرار جرائم ضد اإلنسانية حول دارفور تقدمت بتقرير ورد فيه أن هناك أسباب قوية تؤكد بأن

قد ارتكبت في إقليم دارفور وأوصى بإحالة الوضعية للمحكمة الجنائية ) وجرائم حرب( .763الدولية

مارس 31المؤرخ في 1593وعلى إثر ذلك، أصدر مجلس األمن القرار رقم :بإحالة القضية إلى المحكمة حيث جاء فيه 2005

إن مجلس األمن، « التحقيق الدولية بشأن انتهاكات القانون اإلنساني الدولي وحقوق ر لجنةيإذ يحيط علما بتقر ،(S/2005/60)اإلنسان في دارفور

للسالم واألمن الدوليين، اوإذ يقرر أن الحالة في السودان ال تزال تشكل تهديد وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة،

يوليو إلى المدعي العام للمحكمة / تموز 1ذ منيقرر إحالة الوضع القائم في دارفور . 1 .»الجنائية الدولية

تعتبر هذه المرة األولى التي يقرر فيها مجلس األمن إحالة وضعية تخص دولة لم ،764تصادق على نظام روما األساسي إلى المحكمة

:انظر 763

BENHAMMOU, (Abdallah), « La cour pénale internationale à l’épreuve des faits : la situation au Darfour », R.A.S.J.E.P., 2008, n°4, p. 211. DECAUX, (Emmanuel), « La crise du Darfour.Chronique d’un génocide annoncé », in A.F.D.I., 2004, p. 739.

المدعي العام ضد أحمد محمد هارون وعلي محمد : حاليا هي Iحيث تم عرض خمس قضايا على الدائرة التمهيدية 764، المدعي العام ضد عمر حسن أحمد البشير، المدعي العام ضد بهار إدريس أبو قردة، )بيعلي خش(علي عبد الرحمن

Page 322: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

316

من خصوصية هذه الوضعية أنه تعتبر هذه المرة األولى التي تصدر فيها المحكمة بالقبض ضد رئيس دولة في الخدمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد اإلنسانية، ويبرر ذلك اأمر

كرست استبعاد الصفة الرسمية كما من نظام روما األساسي التي 27بما ورد في المادة .تعرضنا لها بالتفصيل سابقا

:الوضعية في ليبيا /بانتهاكات جسيمة ت فيها أعلى سلطات الدولة بارتكابمتهداث عنف اليبيا أح شهدت

ها قرأومن بين اإلجراءات التي ، ةلحقوق اإلنسان ترقى إلى مرتبة جرائم ضد اإلنساني 4هو ما ورد في الفترة 2011فيفري 26صادر عن مجلس األمن في ال 1970القرار رقم : من القرار

2011راير فب/ شباط 15يقرر إحالة الوضع القائم في الجماهيرية العربية الليبية منذ / 4« .»العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى المدعي

ما يميز هذه الوضعية أن قرار اإلحالة على المحكمة اتخذ باإلجماع مما يبين أن دوال أعضاء دائمين في مجلس األمن ليست طرفا في نظام روما األساسي قد أعطت

لقلق إزاء مسألة استخدام مما يشير إلى التناقض في مواقفها ويعيد ا ،موافقتها لإلحالة .مجلس األمن لسلطاته بطريقة موجهة

المدعي العام قياماتخذ هذا اإلجراء ضد دولة ليست طرفا في اتفاقية روما، وبعد معمر القذافي، وابنه سيف الراحل إصدار أوامر بالقبض ضد الرئيس طلب ،تحقيقلبا

ي للحكومة العكسرية الناطق الرسماإلسالم القذافي وعبد اهللا السنوسي رئيس المخابرات .2011جرائم ضد اإلنسانية منذ فيفري الليبية بسبب ارتكابهم

، قررت الدائرة التمهيدية 2011أكتوبر 20وبمقتل الرئيس الليبي في Iضد المتهم، ولقد ألقت السلطات الليبية القبض على المتهمين اآلخرين اإلجراءاتوقف

ربو جاموس، والمدعي العام ضد عبد الرحيم محمد حسين، اكايرنورين وصالح محمد جبالمدعي العام ضد عبد اهللا بندة أ

ب، البشير وحسين، وتم توجيه تكليف بالحضور ألبو قردة يهارون، خش: كما أصدرت أربع أوامر بالقبض ضد كل من .2010فيفري 8التي رفضت تثبيت التهم في 2009ماي 18في دائرةالذي مثل من تلقاء نفسه أمام ال

,.BOSLY, H-D, VANDERMEERSH, D. Génocide, crimes contre l’humanité…, op. cit.: أنظرp. 137

Page 323: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

317

إمكانية حولما بموجب مبدأ التكامل، مع الجدل القائم متمسكة باختصاصها في معاقبته .توفير محاكمة عادلة لهما

:الوضعية في كوت ديفوار /جمصادقتها عليه ذمنإال طرفا في نظام روما األساسي لم تصبح إن كوت ديفوار

عن قبول 2003أفريل 18قد أعلنت في كانت مةوالحكغير أن ، 2013فيفري 15في من النظام األساسي، ولقد جددت رئاسة 3فقرة 12بموجب المادة المحكمة اختصاص

.2011ماي 3و 2010ديسمبر 14الجمهورية قبولها هذا االختصاص في لقد جرت انتخابات رئاسية ترشح فيها كل من الرئيس المنتهية واليته غباغبو

28ثاني الذي جرى في وزعيم المعارضة الحسن واتارا فاز بها هذا األخير في الدور ال، وأمام منازعة الرئيس غباغبو هذه النتائج ورفضه التنحي عن السلطة 2010نوفمبر

حدثت أعمال عنف بين القوات الموالية للرئيس المنتهية واليته وأنصار الرئيس الفائز أن أعمال التقتيل 2011أفريل 6وعلى إثر إعالن المدعي العام للمحكمة في . باإلنتخابات

إلقاء القبض على الرئيس السابق طلب بعدو ،765قد تكون محل تحقيق من قبل مكتبهفتح تحقيق حول الجرائم األكثر 2011ماي 18من المدعي العام في االرئيس واتار

وتلقى المدعي العام رخصة من .2011نوفمبر 28خطورة المرتكبة في كوت ديفوار منذأمرا 2011نوفمبر 23والتي أصدرت في تلقاء نفسه بفتح تحقيق من IIIالدائرة التمهيدية

أمام 2011نوفمبر 30ضد الرئيس السابق غباغبو والذي تم تحويله في موختمبالقبض ونشير أن جلسة تأكيد 2011ديسمبر 5سجن المحكمة حيث مثل أمام الدائرة التمهيدية في

.2013فيفري 19التهم بدأت في

:اإلفريقية تجاه المحكمة الجنائية الدوليةمخاوف الدول . 3أدت المتابعات التي قامت بها المحكمة الجنائية الدولية إلى تحرك الدول اإلفريقية

حكومات و تم عقد دورة استثنائية لقمة لرؤساء دولو ،معتبرة أن المحكمة موجهة ضدها ه المؤسسةذتوضحت فيها معالم العالقة بين ه 2013أكتوبر 12اإلتحاد اإلفريقي بتاريخ

, …BOSLY, HD., VANDERMEERSH, D., Génocide, crimes contre l’humanitéأنظر 765

op. cit, p. 145.

Page 324: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

318

المحكمة حيث طلبت من مجلس األمن أن يتدخل لوقف المتابعات ضد المسؤولين في واعتبرت أنه ال يمكن أن تتم أية متابعة ضد رئيس دولة أو رئيس حكومة إفريقي و كينيا،

فريقية لحقوق اإلنسانيكون في الخدمة، كما طالبت بتوسيع اختصاص المحكمة اإل .الشعوب ليشمل الجرائم الدوليةو

على الرغم من الموقف المتحفظ، يعتقد البعض أن المحكمة بموجب سلطتها في لك في تعزيز ذمعاقبة الجرائم الدولية األكثر خطورة ستسهم على العكس من و متابعة

النمو و س دولة القانونهو ما سينعكس على تكريو ه الدولذاألنظمة القانونية الداخلية له .766اإلجتماعيو اإلقتصادي

التي و ويتوقف األمر كذلك على المقاربة التي تعتمدها الدول اإلفريقية للمحكمة .767ينبغي أال تتأسس على اعتبارها وسيلة الستعمار جديد

اختصاص ذو طبيعة هجينة :الفرع الثالثعرف بالمحاكم تمن المحاكم نيجيل ثاعرفت عملية معاقبة الجرائم الدولية إنشاء

تتميز و المدولة أو المختلطة أو الهجينة يبلغ عددها حاليا ست محاكم أشرنا إليها فيما سبق،هذه المحاكم بتشكيلتها الدولية مع بقائها متموقعة ضمن النظام الداخلي بصورة

هما المحكمةو ومع ذلك يمكن أن نالحظ مبدئيا أن محكمتين من ضمنهما768واضحةالمحكمة الخاصة للبنان تم إنشاؤهما على نموذج المحكمة فوق و الخاصة لسيراليون

:انظر 766

BABINGTON-ASHAYE, (Adejoké), « The international criminal court and its potential impact on development in Africa », in L’Afrique et le droit international. Variations sur l’organisation internationale, En l’honneur de Raymond RANJEVA, LIBER AMICORUM, PEDONE, 2013, p. 48.

.Ibid., p. 53: انظر 767شريفة تريكي، المحاكم الجنائية الدولية المختلطة، مذكرة ماجستير فرع قانون دولي وعالقات دولية، : انظر كال من 768

.1، ص 2009/2010BOSLY, H-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 146.

=REBUT, (Didier), Droit pénal international, op. cit., p. 558. =

MANIRAKIZA, (Pacifique), La répression des crimes internationaux devant les tribunaux internes, 2003, université d’Ottawa, p. 212.

Page 325: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

319

الغرف و لكمبوديا اإلستثنائيةالدوائرهي و ية في حين أن المحاكم األربع المتبقيةطنالوة دوليال فرقالو لجرائم الحرب في البوسنة 64الغرفة و الهرسكو المختلطة للبوسنة

النظام القضائي الداخلي للدول المعنية مع تطبيقها قواعد لكوسوفو تندرج أكثر ضمن .اإلجرائي لهذه الدول بصفة جزئيةو القانون الموضوعي

مما يميز هذه المحاكم المدولة أنها هيئات لها وظيفة قضائية تخضع بذلك للمبادئ ة معاقبو دولة القانون تكريستهدف إلى و األساسية التي تحكم عمل كل محكمة جنائية،

في عملية إنشائها، كما تتميز الدور األساسي الذي لعبته األمم المتحدةو الجرائم الدولية،األهم من ذلك أنها أنشئت لمواجهة و كلها ببعد دولي تختلف درجته من محكمة إلى أخرى

.769للقيام بمهمة محددة أو لفترة زمنية محددة و وضعيات خاصةق إنشائها التي تتراوح بين اإلتفاق الثنائي كما أن هناك خاصية تتمثل في تعدد طر

قرار صادر عن مجلس األمن، أو قانون وطني معتمد طبقا التفاق ثنائي ىالمتخذ بناءا علأو أعمال لإلدارة المؤقتة التي تقوم بها األمم المتحدة طبقا لقرارات صادرة عن مجلس

.770األمنلبنان باعتبارها تختص بصة نوضح بداية إلى أننا سنستبعد كل من المحكمة الخا

إلى مقتل رئيس تي أدتال 2005فيفري 14ية المرتكبة في بمعاقبة الجرائم اإلرهاببالنظر لكونها تختص غرفة حقوق اإلنسان في البوسنةو الوزراء السابق رفيق الحريري

سنتعرض بالدراسة للمحاكم اآلتية فقط مع التمييز بين حالة و بمعاقبة جرائم الحرب .)-2(المحاكم ذات الطابع الوطني الغالب و )-1(حاكم ذات الطابع فوق وطنيالم :لمحاكم ذات الطابع فوق الوطنيا. 1

:انظر 769

BOSLY, H-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité …, op. cit., p. 147

.سنعود بتفاصيل أكثر في النقطة الموالية للحديث عن طرق إنشاء هذه المحاكم المدولة 770 :انظر في ذلك

LAMBERT- ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Quelques brèves réflexions sur les actes créateurs des tribunaux pénaux internationalisés », op. cit., p. 36 à 40.

Page 326: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

320

القرن ات يتسعيننشوب حرب أهلية خالل عرفتالتي سيراليونوهي تخص لقد تم إنشاء و جرائم الحرب،و ارتكبت فيها جملة من الجرائم ضد اإلنسانيةالماضي

حكومة و لسيراليون بموجب اإلتفاق الذي أبرم بين األمم المتحدةالمحكمة الخاصة الذي تضمن كذلك النظام األساسي لهذه المحكمةو 2002جانفي 16سيراليون في

، أما 771تتضمن تشكيلتها أغلبية من القضاة الدوليين إلى جانب أقلية من القضاة الوطنيينو فهو يشملن النظام األساسي ، م 5إلى 3عن اإلختصاص المادي فحسب المواد من

على الرغم من انعدام أي نص يلزم و ).وجرائم الحرب(مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية الدول بالتعاون مع هذه المحكمة، إال أن مجلس األمن أصدر بناء على الفصل السابع من

يطلب فيه من جميع الدول أن 2006جوان 16في 1688قرارا رقم األممي الميثاق . بدي تعاونها السيما فيما يتعلق بضمان مثول الرئيس السابق تايلور للمحاكمةت

تمت فيه 2007جوان 20عن القضايا التي تنظر فيها، صدر أول قرار في أما AFRCمسلحة للمجلس الثوري الإدانة ثالث أعضاء على مستوى عالي ضمن القوات

كامارا و KANUكانوو BRIMAهم بريماو )وجرائم حرب(بارتكابهم جرائم ضد اإلنسانيةKAMARA772، بإدانة متهمين بارتكاب جرائم 2009أكتوبر 9صدر قرار ثاني في و

.حربفيما يخص الرئيس الليبيري السابق تايلور، فلقد طلبت المحكمة الخاصة و

بموجب اتفاق عقدته مع المحكمة و لسيراليون أال تجري محاكمته فوق إقليم سيراليونمن قبل المحكمة ةمحاكمال هذه، تقرر أن تجري 2006جوان 13ئية الدولية في الجنا

راجع للتفاصيل المتعلقة بتشكيلة المحكمة بمختلف دوائرها، تمويلها، مقرها والنظام األساسي الخاص بالموظفين 771

: لزمني والمكاني والقواعد الموضوعية واإلجرائية المطبقة كال منباإلضافة إلى اإلختصاص الشخصي وا .54إلى 51، مرجع سابق، ص ...شريفة تريكي، المحاكم الجنائية الدولية المختلطة

BOSLY, H.-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité …op. cit., pp. 150 - 152. ROMANO, (Cesare P.R), BOUTRUCHE, (Théo), « Tribunaux pénaux internationalisés : état des lieux d’une justice «hybride », R.G.D.I.P., 2003, n° 1, p. 116 à 121. Mc DONALD, (Avril), « Sierra Leone’s shoestring Special Court », R.I.C.R., 2002, n° 845, pp. 131 - 139. FOUCHARD, Isabelle, Crime international …, op.cit., pp. 609 - 613.

.سنة سجن 45سنة سجن، والمتهم كامارا ب 50تم الحكم على المتهمين بريما وكانو بـ 772

Page 327: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

321

وجرائم (هو متهم بارتكاب جرائم ضد اإلنسانيةو ،773الخاصة في الهاي ألسباب أمنية .يدينه بالتهم الموجهة له 2012أفريل 26صدر قرار في و )حرب :المحاكم ذات الطابع الوطني الغالب. 2

:كالتاليوسنتعرض لها تباعا :الغرف الخاصة المنشأة في تيمور الشرقية) أ

تعرضت تيمور الشرقية التي كانت مستعمرة برتغالية حصلت على استقاللها في نهعرتب ت 1975إلى احتالل عسكري من قبل اندونيسيا في ديسمبر 1975نوفمبر 28

بعد تواصل العنفو تيموري، 200.000تسبب في مقتل حوالي سكانللقمع وحشي .النازحينو صدور نتائج اإلستفتاء الشعبي التي خرجت بمطلب اإلستقالل بمزيد من القتلى

بإخضاع اإلقليم لإلدارة المؤقتة و مظ الساللحف اتتدخل مجلس األمن بإرسال قولألمم المتحدة التي بادرت بإنشاء الغرف الخاصة للجرائم الخطيرة بموجب الئحتين

جوان 6صادرة في 2000/15و 2000مارس 6صادرة في 2000/11تنظيميتين رقم ، تم على إثرهما 1999أكتوبر 25ل 1272بناءا على قرار مجلس األمن رقم 2000

غرفة استئناف و DILIإنشاء غرفة خاصة من الدرجة األولى لدى محكمة مقاطعة ديلي .لدى محكمة استئناف ديلي

تختص و من مدعي عام تيموريو نتيمورييو تتشكل هذه الغرف من قضاة دوليينبمتابعة مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية كما هو وارد في المادة األولى من الالئحة التنظيمية

.اختصاصا عالميالغرف لذه األخيرة هكما منحت ، 2000/15774رقم يالحظ أن نشاط هذه الغرف الخاصة كان إيجابيا إلى حد كبير بالنظر إلى سرعة

متهم من قبل المدعي العام على الرغم من 400اكمات التي شملت أكثر من المحو التحقيق

BOSLY, H.-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre: انظر في ذلك 773

l’humanité …op. cit, p. 154. تفاصيل المتعلقة بتشكيلة الغرفتين الخاصتين واإلختصاص الشخصي والزماني والتمويل لإلطالع على مختلف ال 774

= :واإلجراءات المطبقة، راجع=

ONG, (Sophinie), « Les chambres extraordinaires du Cambodge : une dernière tentative de lutte contre l’impunité des dirigeants khmers rouges», in R.D.P.C., 2006, n° 11, p. 960 - 973.

Page 328: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

322

يينسبعض النقائص التي طبعتها ال سيما فيما يتعلق بعدم محاكمة كبار المسؤولين اإلندوني .775نقص ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين ال سيما فيما يخص الدفاعو

ذا تكون أول محكمة خاصة بهو 2005لقد تم إنهاء نشاط هذه الغرف في ماي .المدولةو تعرف انتهاء لمهمتها في انتظار المحاكم الخاصة األخرى الدولية منها

:ةكمبوديفي المحكمة الاإلستثنائيةدوائرال) ب 1975أفريل 17عرفت كمبوديا حكما شيوعيا شموليا ساد في الفترة الممتدة بين

الذين ارتكبوا خالل فترة حكمهم أفعال تقتيل كان بقيادة الخمير الحمر 1979جانفي 9واإلحتجاز التعسفي و المهينةو المعاملة الالإنسانيةو على نطاق واسع باإلضافة إلى التعذيب

.لقي قرابة مليوني شخص حتفهم خالل تلك الفترة الدمويةو 776في معسكرات العملسابقين الخمير لقد برزت أولى األصوات الرسمية للمطالبة بمحاكمة المسؤولين ال

، غير أنها 1997طلبت الحكومة مساعدة من األمم المتحدة في و 1993الحمر منذ رواندا،و قةلسابا ليوغسالفيارفضت أن يتم تشكيل محكمة على نموذج المحاكم المؤقتة

داخل المحاكم استثنائية دوائرأنشأت بموجبه 2001أوت 10اعتمدت قانونا في ومع و الديمقراطية، ديابكمبورائم التي ارتكبت خالل الفترة المعروفة الكمبودية لمتابعة الج

المالي، تم عقد و بروز الحاجة من جديد لمساعدة األمم المتحدة على المستويين القانونيتمت الموافقة عليه بموجب الالئحة 2003مارس 17اتفاق مع المنظمة األممية في

55/228 B أكتوبر 27لذلك تم اعتماد القانون في نتيجةو 2003ماي 13المؤرخة في .الذي عدل القانون السابق 2004

مما يميز هذه الجهات القضائية هي أنها المحاكم المختلطة الوحيدة التي تضمتختص من الناحية و ،777أقلية من القضاة الدوليينو تشكيلة من القضاة أغلبيتهم وطنيين

.778)2004من قانون 5المادة (نسانيةالجرائم ضد اإل يمعاقبة مرتكببالموضوعية

… BOSLY, H.-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité: انظر 775

op. cit., p. 160. .Ibid., p. 161: انظر 776

ONG, (Sophinie), « Les chambres extraordinaires du Cambodge…», op. cit., p. 951 - 952. اصة باإلختصاص الشخصي والزماني والمكاني باإلصافة إلى القانون الواجب يمكن اإلطالع على التفاصيل الخ 777

:التطبيق في

Page 329: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

323

وعن حصيلة نشاطها، يمكن أن نشير إلى كون أغلبية المتهمين قد توفوا بالنظر إلى اك غأن األحداث تعود إلى أكثر من ثالثين سنة، غير أنه قد جرت محاكمة المتهم كينغ

جويلية 26صدر قرار في و DUCH''دوش''المعروف بلقب KAING GUEK EAVإياف حكم عليه و يقضي بإدانته بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية الدوائر اإلستثنائيةعن 2010 للدوائربعد اإلستئناف أصدرت غرفة المحكمة العليا و ،779سنة سجنا 35بعقوبة يرفع العقوبة إلى السجن 2012فيفري 3داخل المحاكم الكمبودية قرارا في اإلستثنائية

2004يحددها قانون هي العقوبة القصوى التيو المؤبد780.

:المحاكم الجنائية األخرىو التنازع بين المحاكم الجنائية المدولة. 3 دولية تسعى إلى متابعةو إن الخارطة العقابية التي تعرف وجود محاكم وطنية

الجرائم الدولية تعززت منذ فترة بنوع من المحاكم التي تعرف بالمختلطة يمعاقبة مرتكبولقد أدى إنشاؤها إلى بروز إشكال إمكانية و كونها تأخذ من النوعين اللذان وجدا قبلها،

.تداخل اإلختصاص القمعي بينها في صورة تنازع إيجابي حول نفس القضية حديث عن تنازع اختصاص إيجابي يتمثل يتفق الفقه بأن أول شرط ينبغي توافره لل

هو األمر الذي يتحقق نظريا بالنسبة للمحاكم المدولة بالنسبة و781في تعدد الجهات القضائية BOSLY, H.-D., VANDERMEERSCH, D., Génocide, crimes contre l’humanité…, op. cit., p. 163.

، الجرائم والجنح المتعلقة بتدمير )6المادة (، جرائم الحرب4) المادة(باإلضافة إلى جريمة اإلبادة الجماعية 778وجرائم القانون العام ) 8المادة (، الجرائم ضد األشخاص المحميين دوليا)7المادة (الممتلكات الثقافية خالل نزاع مسلح

).3المادة (الكمبوديمعارضة من قبل عدة أطراف بدءا بالقضاة أنفسهم، حيث أصدر القاضي الدولي الفيرين لقد لقيت هذه العقوبة 779

LAVERGNE دت العقوبة ليس من حيث المدةر فيه عن عدم موافقته لألغلبية التي حدرأيا معارضا مرفقا بالقرار عبها غياب نص قانوني صريح سواء في وإنما بالنظر إلى األسانيد القانونية التي استندوا عليها، والتي زاد من صعوبت

اإلتفاق الثنائي أو في القانون الكمبودي أو في النظام الداخلي للغرف يبين العوامل الواجب أخذها بعين اإلعتبار لتحديد .العقوبة

www.eccc.gov.kh: راجع رأيه المعارض كامال على موقع المحكمةنوون : سؤولين سابقين متهمين بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية وهمتنظر الغرف الخاصة حاليا في قضايا أربع مو 780 Khieuوخيو سامفان Ieng THIRITH، إينغ تيريت Ieng SARY، إينغ ساري Nuon CHEAشيا

SAMPHAN يقضي بعدم قدرة المتهمة إينغ تيريت 2011نوفمبر 17، غير أن الدائرة التمهيدية أصدرت قرارا في .بسبب إصابتها بمرض عقلي وفقا لما أكده تقرير الخبرة الطبيةعلى المثول للمحاكمة

KERBRAT, (Yann), « Les conflits entre les tribunaux pénaux hybrides et les autres: انظر 781

Page 330: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

324

كذلك و للمحاكم الجنائية الدولية السيما منذ شروع المحكمة الجنائية الدولية في عملها،ختلفا بالنسبة للمحاكم الوطنية بالنسبة للمحاكم الوطنية للدول الغير، غير أن األمر يكون م

للدولة التي أنشئت فيها المحاكم المختلطة، بالنظر إلى غياب مثل هذه الجهات القضائية ).وهو ما ينطبق على تيمور الشرقية(الوطنية بالنظر لحداثة الدولة

الداخلي في آن واحد مع تغلب و كما أن المحاكم المختلطة تتميز بطابعها الدولي .هو أمر يختلف من محكمة ألخرى كما تعرضنا له من قبلو ين على اآلخرأحد العنصر

يشترط األمر كذلك أن يكون هناك اختصاصا متنافسا بين هذه الجهات القضائية من النظام األساسي 8لقد تعرضت المادة و الممارسة الفعلية لسلطتها القمعية،و المختلفة

اعتبرت أن المحكمة الخاصة تتمتع بأولوية ث للمحكمة الخاصة لسيراليون لهذا التنازع حي .اإلختصاص على المحاكم الوطنية لسيراليون

وتطرح مسألة تنازع اإلختصاص تطبيق المبدأ القانوني الدولي المتضمن عدم من العهد الدولي 7فقرة 14هو ما تضمنته المادة و المحاكمة على الجرم ذاته مرتين

كما ورد في النظامين األساسيين للمحكمتي 1966 عامالسياسية لو الخاص بالحقوق المدنية .مثلما تعرضنا له سابقارواندا و قةلسابا يوغسالفيا

منه 9ن النظام األساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون النص عليه في المادة تضماخلية بغية اعتبرت أن المحكمة ال تعتد بالحالة التي يحاكم فيها متهم أمام المحاكم الدالتي

.تمكينه من اإلفالت من العقاب

juridictions répressives (nationales et internationales) », in ASCENCIO, Hervé, LAMBERT- ABDELGAWAD, Elisabeth, SOREL, Jean-Marc (Sous.Dir), Les juridictions pénales internationalisées …, op. cit., p. 191.

Page 331: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

325

المعاقبة من قبل جهات قضائية داخلية: المبحث الثانيمعاقبة الجرائم التي يتضمنها قانون العقوبات و المحاكم الوطنية تختص بردعن إ

في كل دولة، وفقا لمبادئ اختصاص قائمة على اإلختصاص اإلقليمي الذي يمنح التي ارتكبت الجرائم فوق إقليمها، اإلختصاص الشخصي الذي اإلختصاص لمحاكم الدولة

اإلختصاص الشخصي (يقوم على منح اإلختصاص لمحاكم الدولة التي يحمل الجاني .782جنسيتها) اإلختصاص الشخصي السلبي(أو الضحية) اإليجابي

التي تعرف توجه هذه و ويختلف األمر لما تكون المخالفات المرتكبة جرائم دولية،حاكم في الغالب إلى تطبيق مبادئ الحصانة من أجل عدم إخضاع مرتكبيها الذين الم

ولقد أدت هذه العيوب إلى محاولة .يكونون في الغالب من ممثلي الدول إلى العقابحديثا تجاوزها عن طريق اعتماد بعض الدول مبدأ اإلختصاص العالمي الذي يعد مبدأ

يتأسس على متابعة مرتكبي الجرائم الدولية من قبل جهات قضائية داخلية ال نسبيا عدم هذا في اإلتجاه نحو تكريسو وفةيرتبطون معها بأي من الروابط التقليدية المعر

، كما اتجه القضاء الجنائي الدولي )المطلب األول(إلفالت من العقاب على نطاق واسعابة التي أسندت له في نطاق زمني محدود إلى اإلستعانة الخاص في سياق إتمام مهمة المعاق

).المطلب الثاني(بالقضاء الجنائي الوطني عن طريق تفويض اختصاص المعاقبة له

الطابع المدول لجهات قضائية : المعاقبة وفقا لمبدأ اإلختصاص العالمي: المطلب األول داخلية

فت تطورا مهما خالل يعد مبدأ اإلختصاص العالمي من المبادئ التي عرعلى الرغم 783هو من المبادئ المختلف بشأنها و من القرن الماضيالعشريتين األخيرتين

وهناك باإلضافة إلى ذلك مبدأ اإلختصاص العيني الذي يقوم على منح اإلختصاص للمحاكم الوطنية عند ارتكاب 782

.جرائم تمس بمصالحها اإلقتصادية : العامة للقانون الجنائي باللغتين العربية والفرنسية، وكذلك يمكن الرجوع إلى المراجع

.323، مرجع سابق، ص تالوي، حقوق اإلنسانالفهيل حسينسPAZARTZIS, (Photini), La répression pénale des crimes internationaux. Justice pénale internationale, PEDONE, 2007, p. 84.

ROUSSY, (Ariane), « Le principe de l’universalité du droit de punir comme: انظر 783

compétence juridictionnelle nationale des Etats», in MOREILLON, (Laurent), KUHN, =

Page 332: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

326

تتطلب اإلحاطة به كإحدى الطرق التي والفقهاء، و من كونه يحضى بتأييد العديد من الدول تمكن من معاقبة فعالة للجرائم ضد اإلنسانية على المستوى الوطني أن نتعرض لمفهومه

تطوره التاريخي، ثم المواقف المتباينة للدول إبراز و عن طريق تعريفه) الفرع األول(الفرع (دول رفضته مبدئيا و التي تتفرع إلى دول رائدة اعتمدته بصفة موسعةو بشأنهالتبعات التي تلتها و أخيرا التطبيقات المختلفة التي عرفها من قبل القضاء الوطنيو )الثاني

).الفرع الثالث( الدولي من قبل القاضي

مفهوم اإلختصاص العالمي:الفرع األوليمكن الحديث عن اإلختصاص العالمي عندما تتمكن محاكم دولة ما من محاكمة

هذا خروجا عن القاعدة العامة المعروفة و شخص بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة .اإلقليميةالمتمثلة في مبدأ و في اختصاص المحاكم الوطنيةللوصول إلى تطوره عبر ) -2(التفصيل في أنواعهو )- 1(وسنتولى تعريف هذا المبدأ

.الزمن :تعريف اإلختصاص العالمي. 1

لم تعد المبادئ التقليدية لإلختصاص الجنائي الوطني كافية من أجل المتابعةتي يرتكبها ممثلون المعاقبة الفعالة لجرائم تتعلق باإلنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان الو

أن أشرنا لها و رسميون للدولة بسبب عدم تمكن قضائهم الوطني من متابعتهم ألسباب سبقال بأي رابط و ال بالجنسيةو هو ما أدى إلى نشوء مبدأ حديث ال يعتد ال باإلقليمو .أعاله

لقد نادى و ،784المحاكم التي تتولى متابعته يعرف باإلختصاص العالميو بين المجرم

(André), BICHOVSKY, (Aude), MAIRE, (Virginie), VIREDAZ, (Baptiste) (Editeurs), Droit=

pénal humanitaire, COLLECTION LATINE, Série II, Volume 4, HELBING et LICHTENHAHN, BRUYLANT, 2006, p. 21.

.200عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص : انظر 784 .526ص ،مرجع سابق، المحكمة الجنائية الدولية اختصاص أصيل أم تكميلي ،عالوة العايب

.277ص ،مرجع سابق وان مقصود خليل، الجرائم ضد اإلنسانية واإلبادة الجماعية وطرق مكافحتهما،صف .375ص ،مرجع سابق ،بوعشبة، القانون الدولي اإلنساني والعدالة الجنائية

.333ص ،مرجع سابق ،توفيق لنده معمر يشوي، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها

Page 333: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

327

حيث ال يتصور أن تبقى بعض 785عالمية حاجة أخالقيةجابة إلى ستلبعض به بهدف اإلا .الجرائم الخطيرة من غير عقاب إذا تعذرت المتابعة وفقا للمبادئ التقليدية المعروفة

ض التصرفات التي تضر عيكرس القانون الدولي الجنائي هذا المبدأ من أجل قمع بائي باعتباره يتعارض مع مبدأ السيادة، لهذا فهو مجموعة الدول، وهو اختصاص استثن

يرتبط بالجرائم الدولية، أي الجرائم األكثر خطورة التي تمس الجماعة الدولية في Aut dedere aut judicareهو أفضل تطبيق لمبدأ إما التسليم أو المحاكمة و ،786مجملها

.787الذي تكرسه عدة اتفاقيات دولية معاصرةاالختصاص العالمي جميع المحاكم الوطنية من متابعة ومعاقبة الجرائم ن مبدأ يمك

الدولية األكثر خطورة على األقل من الناحية النظرية، غير أن األمر مختلف من الناحية ألن هذا يتوقف على جملة من العوامل القانونية هالعملية إذ نجد أن بعضها فقط سيمارسل أكثر من األخرى بحكم استعدادها لذلك وحيازتها والسياسة تمنح فرصة المتابعة لدو

.لترسانة من الوسائل تمكنها من المساهمة في محاربة الالعقابأبعد انه يعرف جذورأولئن وجد تطبيقه صدى واسعا منذ فترة زمنية قصيرة، إال

.اآلن هلك كما سنستعرضذمن :هتطور. 2

مكثفا منذ فترة زمنية حديثة، إال أنه إذا كان مبدأ االختصاص العالمي يعرف تطبيقا م 13، إذ تعود بوادر ظهوره إلى القرن 788ليس بالمبدأ الجديد كما يتبادر إلى األذهان

.ROUSSY, (Ariane), « Le principe de l’universalité du droit de punir», op. cit., p. 22:رانظ 785، المجلة الجزائرية )الجزء األول(مبدأ اإلختصاص العالمي في القانون الجنائي الدولي ،ناصر كتاب: أنظر كال من 786

.545ص ، 4، عدد 2011للعلوم القانونية واإلقتصادية والسياسية، .31، ص 2014بو عبد اهللا مونية، المركز القانوني لضحايا الجرائم الدولية، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، بن

FELLOUS, (Gérard), Les droits de l’homme, op. cit., p. 248. MANIRAKIZA, (Pacifique), La répression des crimes internationaux..., op. cit., p. 34.

LA PRADELLE, (Géraud de), La compétence universelle ..., op. cit., p. 905. .DAVID, (Eric), Eléments de droit pénal international et européen, op. cit., p. 705: انظر 787وره إلى فترة عرف االختصاص العالمي بروزا في قضايا نظرت فيها محاكم وطنية لعدة دول، غير أنه يمتد بجذ788 : انظر في ذلك. بعيدة

JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre du principe de compétence universelle. Vers une répression sans frontières ?, Thèse, Université Robert Schuman, Strasbourg, 2008, p. 54.

Page 334: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

328

ثم تقرر ،حيث تم تطبيقه على المتشردين بالنظر لعدم وجود إقامة ثابتة ومعروفة لهمم أن ينعقد 16القرن والسارقين، ولقد اقترح الفقه اإلسباني منذ المنبوذينتوسيعه ليشمل

االختصاص لقاضي مكان إيقاف السارق، باعتبار هذا األخير بنقله ألشياء مسروقة يكون .مرتكبا لجريمة مستمرة

التمييز بين الجرائم العادية 789"قانون الحرب والسلم" اقترح غروسيوس في كتابه التي ال تمس إال األفراد، وبين الجرائم التي تهم بصفة معينة المجتمع البشري حيث أن

ممارسة االختصاص العالمي ليست حتأهمية معتبرة، حيث أصب قمع هذه األخيرة يكتسي . 790فقط حقا للدولة بل واجبا عليها

اص العالمي بالنسبة لجريمة القرصنة لقد كرس القانون الدولي أول تطبيق لالختصت بهذا المبدأ في ذالبحرية، وهو تكريس يعتبر حديثا مقارنة بالتشريعات الوطنية التي أخ

مرحلة سابقة عليه، وهذا على أساس قاعدة عرفية قديمة تم تقنينها في اتفاقيات حديثة .791وتوسيعها إلى المالحة الجوية

=PEYRO LLOPIS, (Ana), La compétence universelle en matière de crimes contre l’humanité, Bruylant, 2003, p. 2.

De jure belli ac pacis:عنوانه بالالتينية هو 789 .LA PRADELLE, (Géraud de), « La compétence universelle... », op. cit., p. 906: انظر 790في المادة 1982ديسمبر 10، واتفاقية قانون البحار لـ 1958 عامالبحار لـوهو ما ورد في اتفاقية جنيف لقانون 791حول قمع األعمال غير المشروعة ضد سالمة المالحة البحرية في المادة 1998مارس 10منها، اتفاقية روما لـ 105 23لـ مونتريالقية ، واتفااتلطائرعلى اغير المشروع اإلستيالءحول قمع 1970ديسمبر 16، اتفاقية الهاي لـ 3

تم تطبيق المبدأ على جريمة ،كماحول قمع األعمال غير المشروعة الموجهة ضد سالمة الطيران المدني 1971سبتمبر .اإلتجار في الرقيق بالنظر لخطورتها

.DAVID, (Eric), Elément de droit international ... op, cit., p. 242:انظرLA PRADELLE, (Géraud de), « La compétence universelle ... », op. cit., p. 907. ROUSSY, (Ariane), « Le principe de l’universalité ... », op. cit., p. 25.

يان الذي منح اختصاص قمع الجرائم لكل من محكمة نويرى البعض أن مبدأ االختصاص العالمي يعود إلى تقنين جوست : مكان ارتكاب الجريمة وكذلك محكمة مكان القبض على الجاني، انظر لتفاصيل أكثر

JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre du principe de compétence universelle ..., op. cit., pp. 57 et 58.

Page 335: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

329

، فلم تمنح اتفاقية الوقاية من جريمة اإلبادة الجماعية أما فيما يتعلق بالجرائم الدوليةاالختصاص العالمي لمعاقبة مرتكبيها، حيث ةللدول ممارس 1948 عاموالمعاقبة عليها لـ

: بمنح االختصاص إما لقضاء دولة اإلقليم أو القضاء الدولي بنصها 6اكتفت المادة ية أو أي من األفعال األخرى ن بارتكاب اإلبادة الجماعويحاكم األشخاص المتهم"

ة التي ارتكب الفعل على أمام محكمة مختصة من محاكم الدولالمذكورة في المادة الثالثة أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من األطراف

".عترف بواليتهااالمتعاقدة قد عية على إقليمها امارتكبت اإلبادة الج الدولة التي يبدو من هذا النص أنه ال يلزم إال

ت فيهابارتك التيبمتابعة مرتكبيها، وأن الدول األخرى ال تلتزم إال بتسليم هؤالء للدولة ، 6الجريمة، غير أن أول تطبيق قضائي دولي لهاته االتفاقية أبرز تطورا في تفسير المادة

طبيق اتفاقية منع جريمة اإلبادة حيث اعتبرت محكمة العدل الدولية في قرارها المتعلق بت : المتعلق بالدفوع األولية أن) البوسنة والهرسك ضد يوغوسالفيا(الجماعية والمعاقبة عليها

الحقوق وااللتزامات المكرسة بموجب االتفاقية هي حقوق والتزامات في مواجهة «792الكافة

«. : أنإلى وذهبت في قرارها حول الموضوع الذي سبق وأن تعرضنا له

االلتزام الذي يقع على كل دولة بمنع ومعاقبة جريمة اإلبادة الجماعية ليس محدودا على « .793 »أساس اإلقليم بموجب االتفاقية

وهو ما يعد تفسير تطوريا لمبدأ االختصاص الوارد في االتفاقية، علما أن هذه صوص المنشئة نيع الت طابعا عرفيا مؤكدا، والدليل هو اعتماد مبادئها في جمذاألخيرة أخ

لة، باإلضافة إلى نظام روما األساسي المنشئ للمحاكم الجنائية المؤقتة الدولية منها والمدو .محكمة الجنائية الدوليةلل

يختلف األمر فيما يتعلق بالجرائم ضد اإلنسانية التي وإن كانت تندرج ضمن ة مثلما تعرضنا له سابقا، والتي القواعد اآلمرة إال أنها لم تكن محل تقنين في اتفاقية شامل

عرفت تطورا في مفهومها، وهي تختلف عن جرائم الحرب التي يمكن معاقبتها وفقا لمبدأ

. 595، فقرة الجماعية المتعلق بالدفوع األولية في قضية اإلبادة 1996ية جويل 11قرار : انظر 792 .31المتعلق بتطبيق اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فقرة 2007فيفري 26انظر قرار 793

Page 336: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

330

، غير أن 794صراحة 1949 عاماالختصاص العالمي كما كرسته اتفاقيات جنيف األربع لسبة الجرائم ضد اإلنسانية عرفت تقنينها في اتفاقية دولية، وهو الحال بالنصور بعض

، ولقد اعترفت 1984ديسمبر 10والتعذيب في 1973نوفمبر 30للفصل العنصري في كما سنتعرض له بالتفصيل في 795منها باالختصاص العالمي 5هذه األخيرة في المادة

.التفعيل القضائي لهذا المبدأذهب جانب معتبر من الفقه إلى أنه ينبغي االعتراف بتطبيق االختصاص العالمي

جرائم ضد اإلنسانية بالنظر إلى خطورتها، حيث أنها تمس المجموعة الدولية في على الغير أنه ينبغي التمييز بين االتفاقيات . 796مجملها وتشكل بالتالي انتهاكا للقانون الدولي

يلية أو فرعية، التي تكرس اختصاصا عالميا إلزاميا، وبين تلك التي تأخذ به بصفة تكمصل العنصري أبرز نموذج على هذه الصورة األخيرة، حيث أنها ع الفنوتعتبر اتفاقية م

وهو ما يمنح الدولة ، تمنح للدول إمكانية متابعة مرتكبي هذه الجريمة دون أن تلزمها بذلكمن عدمه، وتعترف اتفاقية مناهضة التعذيب اهفي إعمال اختصاص يةيرتقدالالسلطة

الوارد في اتفاقية منع الفصل إال أنه أقوى من ذلك اختصاص وإن كان فرعيإلبا .العنصري

يبدو من خالل استعراض أهم النصوص الدولية التي تشتمل على بذرة االختصاص .اآلنأنه سيكون محل تأويالت مختلفة بين الدول وهو ما سنتعرض له 797العالمي

اتفاقية جنيف الثالثة والمادة من 129من اتفاقية جنيف الثانية، المادة 50من اتفاقية جنيف األولى، المادة 49المادة 794 .من اتفاقية جنيف الرابعة 146

.DAVID, (Eric), Eléments de droit international…, op. cit., p. 243:راجع للتفصيل .555، مرجع سابق، ص مبدأ اإلختصاص العالمي في القانون الجنائي الدولي،ناصر كتاب: انظر 795 .JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en en œuvre …, op. cit., p. 76:أنظر 796

PEYRO LLOPIS, (Ana), La compétence universelle en matière…, op. cit., p. 43. تعرف اتفاقيات أخرى تكريس هذا المبدأ، وهو الحال بالنسبة لما يعرف بالجرائم عبر الوطنية، مثل اتفاقية فيينا لـ 797 .منها 4بمحاربة االتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية في المادة المتعلقة 1988ديسمبر 20

Page 337: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

331

واقف المتباينة للدول بشأن االختصاص العالميمال:الفرع الثانياالختصاص العالمي تساؤالت حول االعتراف به كمبدأ في األنظمة يثير مبدأ تكون ذات ال سه غالبا ما ، خاصة أن االتفاقيات الدولية التي تكر798القانونية الداخلية

تصنيف الدول ضمن ثالث بتطبيق مباشر، ويسمح فحص مختلف القوانين الداخلية بي الجرائم الدولية من متابعة مرتكاألولى هي من اعتمدت المبدأ بطريقة تمكنها : طوائف

، والثانية هي من اعتمدت موقفا سلبيا عرضها ألن تكون في أغلب )-1( األكثر خطورة، وثالثة حاولت توجيه المبدأ لئال يصبح ذريعة )-2(الحاالت محل متابعة من قبل األولى

)3(في حد ذاته 1 .مبدألع لاعتماد موس:

إلى اعتماد تشريعات تكرس مبدأ االختصاص العالمي لجأت بعض الدول األوروبية بصفة أوسع مما هو عليه وفقا لاللتزامات الدولية التي تنتج عن المصادقة على االتفاقيات

وهو . 799الدولية التي تعتمده، وتعرف هذه الحالة باالختصاص العالمي المستقل أو المطلقالناحية النظرية البحتة إال أنه أثار على الرغم من طابعه الموسع الذي قد يبدو مغريا من

، مما أدى بالبعض أن جدال واسعا ومعارضة من قبل دول أخرى سنتعرض لها في حينها .800يتحدث عن تحدي اإلختصاص العالمي

-أ(تعد كل من بلجيكا وإسبانيا من الدول التي أخذت باالختصاص العالمي المطلق ).-ب(رست اختصاص عالميا عاديا كغربية و ، توجد إلى جانبها دول أوروبية)

.ROUSSY, (Ariane), Le principe de l’universalité du droit de punir…, op. cit., p. 28: أنظر 798 .سبق وأن أشرنا إلى هذا المفهوم خالل تعريف االختصاص العالمي799 .JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre du principe …, op. cit., p. 103: انظر

:انظر 800BERNARD, (Antoine), « Les enjeux du nouveau système de justice pénale internationale», op.cit., p 189.

Page 338: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

332

:العصر الذهبي لالختصاص العالمي المطلق: التشريعان األوليان البلجيكي واالسباني) أ

يمكن بموجبه للسلطات القضائية 1993جوان 16اعتمدت بلجيكا قانونا في ، وتعتبر الفترة الالحقة هي 801البلجيكية أن تتولى متابعة ومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب

يتعلق 1999فيفري 10األهم حيث قامت بتعديل هذا القانون بموجب قانون صادر في 3الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني، فباإلضافة إلى المادة األولى فقرة المخالفاتبقمع

، نجد أن منها التي تتعلق بجريمة اإلبادة الجماعية 2والمادة ،المتعلقة بجرائم الحربقد كرست االختصاص العالمي بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانية كما 2المادة األولى فقرة

.هي معرفة وفقا لنظام روما األساسي يسمح هذا القانون بمتابعة مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية بغض النظر عن جنسيتهم

ليم بلجيكا أثناء المتابعة، أو مكان ارتكابهم الفعل اإلجرامي، ودون اشتراط تواجدهم فوق إق .كما أنه ال يتعرف بالحصانات التي قد يتمتع بعض المتهمين بحكم وظائفهم

ر تهاطل الشكاوى على القضاء البلجيكي، حيث تقدمت مجموعة من يفسهو ماوالناجين من المذابح التي ارتكبت ضد مخيمات الالجئين في صبرا وشتيال بشكوى للقضاء

ضد شارون الذي كان آنذاك وزير الدفاع، ويارون عميد 2001وان ج 19البلجيكي في كتيبة القوات اإلسرائيلية ومسؤولين آخرين في الجيش اإلسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم

.802)باإلضافة إلى جرائم حرب وإبادة جماعية(ضد اإلنسانية غو غير أن أهم حدث هو األمر الدولي بإلقاء القبض على وزير خارجية الكون

هي التي 803الذي وجهه القضاء البلجيكي بتهمة ارتكاب إبادة جماعية Yerodiaيروديا البلجيكي حيث رفعت الكونغو دعوى أمام محكمة العدل ينظام القانونالأحدثت منعطفا في

، وفي 1952في 1949قامت بلجيكا التي تعتبر نموذجا إلقامة العدالة الدولية بالموافقة على اتفاقيات جنيف األربع ل 801

، 1951البرتوكولين اإلضافيين لهما، كما أنها وافقت على اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها في 1986 .1999في كما صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب

.PEYRO LLOPIS, (Ana), La compétence universelle…, op. cit., p. 97: أنظر .JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 110:أنظر 802 .النزاع الذي تسبب في حدوث بإصدار األمر الدولي بإلقاء القبض VANDERMEERSCHقام القاضي 803

Page 339: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

333

الدولية صدر على إثرها قرار تعرض لضوابط ممارسة االختصاص العالمي من قبل .الفرع الثالث أدناهفي هالقضاء الوطني سنتعرض ل

حيث تم إدخال تعديالت 2003أفريل 23في 1993قامت بلجيكا بتعديل قانون ، إذ بقيت 7جوهرية على ممارسة االختصاص العالمي تم بموجبها إعادة صياغة المادة

ممارسة هذا المبدأ ممكنة بشرط تواجد المتهم في بلجيكا، ويعد هذا اتجاها نحو المفهوم ، كما يمكن للقضاء المتابعة حتى في حالة عدم برابط بدولة المتابعةيأخذ المرن الذي

تواجد المتهم بشرط الحصول على موافقة المدعي العام الفدرالي مع إمكانية قيام الحكومة بإخطار المحكمة الجنائية الدولية، أو دولة أخرى تكون مؤهلة أكثر للقيام بالمتابعة، وتم

ا القانون هها تشكل عائقا ضد المتابعة، وهذا في الحدود التي يقرالحصانة باعتبار اعتماد . 804الدولي في ميدان الحصانات

و تقدمت عدة أطراف بشكاوى ضد الرئيس األمريكي السابق بوش بتهمة جرائم المتتالية التي اعتبرها البعض ىاألمريكي فرانكس، وأمام هذه الشكاو العميدحرب، وكذلك

ألغت 2003أوت 05جديدا في اعتمدت بلجيكا قانونا ،ضى والتعسفبداية لسيادة الفو، ولقد أدى هذا القانون 2003و 1999والمعدل في 1993ه القانون المعتمد في بموجب

الجديد إلى إعادة النظر في ممارسة مبدأ االختصاص العالمي بصفة جذرية، إذ على الرغم ينبغي متابعتها ومعاقبة مرتكبيها، نجد من بقاء الجرائم الدولية مكرسة كأفعال محظورة

أنها كرست مبدأ الحصانة لكل شخص مدعو رسميا من الحكومة البلجيكية أو من منظمة .دولية أبرمت معها بلجيكا اتفاقية مقر

بهذا التعديل الجوهري، تكون بلجيكا قد عادت إلى االختصاص العالمي التقليدي التمهيدي لقانون اإلجراءات الجزائية المعتمد في مكرر من الباب 12المكرس في المادة

ويترتب على القانون الجديد أن ممارسة االختصاص العالمي أصبحت متوقفة ، 2001على شرط أن يكون مرتكب الجرائم الدولية يحمل جنسية بلجيكية، أو أن يكون مقيما في

جنسية بلجيكية لكن بعد ويتيح القانون إجراء المتابعة عندما تكون الضحية تحمل . بلجيكاكما أنه في حالة ما إذا قرر االدعاء حفظ . الحصول على موافقة المدعي العام الفدرالي

.JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 111:أنظر 804

Page 340: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

334

القضية بسبب عدم قبول الشكوى أو بسبب وجود دولة تكون مؤهلة أكثر للمتابعة، أو إذا ية ، يقوم وزير العدل بإخطار المحكمة الجنائ2002جوان 30كانت األفعال مرتكبة بعد

. التي تتخذ اإلجراءات المناسبة وفقا لنظامها األساسي 805الدوليةإال أن ،على الرغم من تقييد ممارسة االختصاص العالمي بموجب القانون الجديد

القضاء البلجيكي نظر في قضايا بناء على هذا المبدأ وفصل فيها بإدانة مرتكبي اإلبادة ي متابعة حسين حبري الرئيس التشادي السابق، حيث هالجماعية في رواندا، ولعل أهمها

ضده أمرا دوليا بإلقاء القبض مؤرخا Fransenأصدر قاضي التحقيق في بروكسل فرانسن بناء على شكاوى تقدم بها ضحايا الجرائم ضد اإلنسانية التي 2005سبتمبر 19في

.ارتكبها ضدهم، باإلضافة إلى التعذيب والحرمان من الحريةأين كان الرئيس (وازاة مع ذلك، وجهت السلطات البلجيكية طلبا رسميا للسنغال بالم

المحاكم السنغالية عن عدم ن، ومع إعال806بتسليم حسين حبري) التشادي السابق قد لجألى غياب تشريع يدمج االتفاقيات الدولية المتضمنة مبدأ إاختصاصها بالمتابعة استنادا

التيمة، تطورت القضية وتم رفعها أمام محكمة العدل الدولية االلتزام بالتسليم أو المحاك .مبدأ سنعالجه في الفرع الموالي أدناهلأصدرت قرارا تعرضت فيه ل

عا لدول قد أعطت دفعقابر رائدة في تكريس مبدأ الكانت تعتبالتي يبدو أن بلجيكا ، 1985ائية في لقد اعتمدت إسبانيا قانون للسلطة القضى، فأخرى لكي تنحى نفس المنح

حددت فيه ضوابط اختصاص المحاكم االسبانية التي بموجبها اعترفت بمبدأ االختصاص : منه 4فقرة 23العالمي، حيث نصت المادة

كذلك بمتابعة األفعال المرتكبة من قبل اسبانيين أو أجانب خارج سبانييختص القضاء اإل" : ن العقوبات أحد األفعال التاليةاإلقليم الوطني والتي يمكن اعتبارها وفقا لقانو

".كل فعل ينبغي متابعته في اسبانيا وفقا لالتفاقيات أو المعاهدات الدولية -حيفتح باب الشكوى ليس للضحايا فقط بل لكل هويتميز القانون االسباني بأن

، كما أنه action populaire807بالدعوى الشعبيةالمواطنين وكذلك الجمعيات وهو ما يعرف

.JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre…, op. cit., p. 113: أنظر 805 .Ibid., p. 117:أنظر 806 .JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre…, op. cit., p. 125: أنظر 807

Page 341: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

335

قبل تعديله في أنه ال يشترط تواجد المتهم على 1999 عاملتقي مع القانون البلجيكي لـي .اإلقليم

ي الهيئة همنه تمنح اختصاص المتابعة لهيئة وحيدة وممركزة 62كما أن المادة الموجودة في مدريد، غير أن هذا القانون ينطوي على audience nationaleالوطنية

خارج إسبانيا، غير المتهمون العفو التي يستفيد منها و بعض القيود المتمثلة في الحصانة .أن الممارسة القضائية حاولت التقليص من مبدأ الحصانة كما سنتعرض له اآلن

قين من دول أمريكا فلقد نظر القضاء االسباني في عدة قضايا تخص مسؤولين سابالالتينية، أهمها قضية الرئيس الشيلي السابق بينوشيه، الذي يمثل جيل الديكتاتوريين الذين

، حيث بناء على شكوى تقدم بها 808طبعوا بوصمة عار التاريخ المعاصر ألمريكا الالتينيةحكم شيليون واسبانيون كانوا ضحايا ألعمال التعذيب التي ارتكبت في الشيلي في فترة

بإصدار أمر دولي بإلقاء القبض على الرئيس Garzonالجنرال، قام القاضي غارزون السابق الذي وجهت له تهمة ارتكاب أفعال تعذيب وجرائم إبادة جماعية بناء على مبدأ

.االختصاص العالمي واالختصاص الشخصي السلبيق يتلقى العالج في تواصلت اإلجراءات بعد ذلك في بريطانيا أين كان الرئيس الساب

، 809إحدى المصحات أين ألقي عليه القبض وشرع القضاء في فحص إجراءات تسليمهاألول فصلدم ذلك بمشكل الحصانة الذي أثاره الدفاع والذي تعرضنا له في الصطوا

. 810بعد رفع الحصانة عنهبالتفصيل، غير أن إجراءات محاكمته تمت أمام القضاء الشيلي

,MAHMOUD (Mohamed Salah M.), « Les leçons de l’affaire Pinochet », J.D.I., 1999:أنظر 808

n° 4, p. 1021. .Ibid., p. 1028:أنظر 809

DUPUY, (Pierre-Marie), « Crimes et immunités…», op. cit., p. 292. BULLIER, (Antoine J.), « Priorité à la procédure au procès Pinochet », LPA, n° 214, p. 4. BULLIER, (Antoine J), « Kadhafi / Pinochet : Chambre d’accusation de la cour d’appel de Paris et chambre des Lords se rejoignent dans une même logique »,LPA, n° 243, p. 9, COSNARD, (Michel) « Quelques observations sur les décisions… », op. cit., p. 310. DOMINICE, (Christian), « Quelques observations sur l’immunité, de juridiction pénale de l’ancien chef d’Etat », R.G.D.I.P., 1999, n° 2, p. 294. CARA, (Jean-Yves de), « L’affaire Pinochet devant la chambre des Lords », A.F.D.I., 1999, p. 72.

سنة سجن بتهمة ارتكاب 640بـ 2005أفريل Scilingo 19لرقيب األرجنتيني السابق سيلينغو كما تمت إدانة ا 810 .جرائم ضد اإلنسانية

Page 342: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

336

بتهمة ارتكاب أعمال قتل واتيماالمن غبعات ضد مسؤولين كما تم تحريك متا، وأمام رفض المحكمة االسبانية 1986إلى 1978وتعذيب واحتجاز في الفترة الممتدة من

العليا تطبيق االختصاص العالمي في هذه الحالة معتبرة أنه ال وجود لمصلحة وطنية أكدت فيه أن مبدأ 2005بر أكتو 5إلسبانيا، أصدرت المحكمة الدستورية قرارا في

االختصاص العالمي يتأسس بصفة خالصة على الخصائص التي تتميز بها الجرائم ضد ضحايا بأضرار، بل الوالتي بطبيعتها ال تصيب فقط ) وكذلك اإلبادة الجماعية(اإلنسانية

.811المجموعة الدولية بأكملهامتابعة مرتكبيها رتبر ويبدو التأكيد على خصوصية الجرائم ضد اإلنسانية التي

، وكذلك على ضرورة التعاون المتابعةالذي يقوم بقاضي الحتى في غياب رابط مع دولة .بين الجهات القضائية الوطنية والدولية حتى ال يصبح الالعقاب هو القاعدة

البلجيكية واإلسبانية نموذجا حاولت العديد من الدول األوروبية انلت المبادرتشك .ه لكن بصفة نسبية كما سنراهاالحتذاء ب

:التشريعات التي اعتمدت اإلختصاص العالمي المقيد )بأقدم القضاء الفرنسي على متابعة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية خالل الحرب العالمية الثانية بصفة متأخرة على محاكمات نورمبرغ، وهذا على أساس

مبدأ االختصاص العالمي في تشريعها ألول فرنسا مبدأ اإلقليمية والشخصية، وأدمجت ةسابقالمن المحاكم الجنائية الدولية ليوغسالفيا ألول، على إثر ظهور الجيال1994رة عام م

.ورواندامن قانون اإلجراءات الجزائية التي تبين حاالت 689اعتمد المشرع المادة

مما يبذالتعأشارت إلى اتفاقية مناهضة التيو ،812وشروط ممارسة االختصاص العالميمنها تواجد األولىرطت الفقرة يفهم اإلشارة ضمنيا إلى الجرائم ضد اإلنسانية، ولقد اشت

ولقد نظر القضاء الفرنسي ألول مرة في جريمة ، خالل فتح التحقيق في اإلقليم المتهم، حيث Ely Ould Dahالتعذيب وفقا لمبدأ االختصاص العالمي في قضية إلي ولد داح

تدريب في للقوات العسكرية الموريتانية كان في فرنسا في إطار انقيبيعتبر هذا األخير

.JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 125:أنظر 811 .Ibid., p. 138 et 139:أنظر 812

Page 343: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

337

، والقبض 813مؤسسة عسكرية فرنسية، وتم إخضاعه للتحقيق بتهمة ارتكاب جرائم تعذيب .م تحصل على إفراج مؤقت تمكن على إثره من الفرار والرجوع إلى موريتانياثعليه

صدر قرار عن محكمة الجنايات لمونبولييه تم فيه التأكيد على اختصاصها بموجب تمسك الدفاع بمبدأ الحصانة الذي يتمتع به النقيب والذي م رغمبدأ االختصاص العالمي، و

فصلنا فيه، إال أنه استبعد في هذا المجال، وصدر قرار عن محكمة النقض الفرنسية في أكدت فيه على اختصاص القضاء الفرنسي بمتابعة أفعال التعذيب التي 2002أكتوبر 23

فقرة أولى من قانون اإلجراءات 689اتهم بها ضابط موريتاني وهذا بناء على المادة . 814خذ تطبيقا التفاقية مناهضة التعذيباتالجزائية الذي

سنشير إلى تداعيات هذه القضية أمام المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان التي أيدت في قضية نائب القنصل التونسي في فرنسا ا األخير ذهكما نظر .موقف القضاء الفرنسيهت له تهمة ارتكاب جرائم تعذيب من قبل زوجة معارض تونسي، خالد بن سعيد الذي وج

التي تعود Beachكما نظر في قضية أخرى تعرف بمفقودي بيش . الذي تمت إدانتهأحداثها إلى الحرب األهلية في جمهورية الكونغو، والتي شهدت فقدان مئات الالجئين على

المتهمين ، وتم توقيف أحد 815إثر اختطافهم من قبل قوات الكونغو يبتعذعلى إثر تواجده فوق اإلقليم الفرنسي بتهمة ارتكابه جرائم Dabiraاوهونوريبردابير

ختصاص إلواختفاء قسري وجرائم ضد اإلنسانية، ولقد نازع القضاء الكونغولي في اقامت و اتفقت الدولتان على اللجوء إلى محكمة العدل الدوليةو الفرنسيةلمحاكم العالمي ل

لدى وكيل الجمهورية لمحكمة مونبولييه 1999جوان 04يأتي هذا اإلجراء على إثر فتح إجراء تحقيق قضائي في 813

متهمة النقيب بتعذيب سجينين FIDHوالفدرالية الدولية لرابطات حقوق اإلنسان LDHتقدمت به رابطة حقوق اإلنسان .ا اآلن الجئان في فرنساسياسيين موريتانيين هم

:انظرABBAS, (Abou), « Du ‘’passif humanitaire’’ de l’Etat mauritanien à l’affaire Ould Dah : Quelques réflexions à la lumière du droit international pénal », l’Observateur des Nations Unies, n° 10, 2001, p. 68.

:أنظر 814ROULOT, (Jean-François), « L’exercice par une juridiction française de la compétence universelle emporte la compétence de la loi française, même en présence d’une loi étrangère portant amnistie », J.C.P., 2003, N° 20, p. 894.

.JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 142 : أنظر 815

Page 344: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

338

، 816ئناف باريس على إثر ذلك بإبطال جميع اإلجراءات المتعلقة بهذه القضيةاستمحكمة إجراءات تمت بالموازاة أمام القضاء الكونغولي أدت إلى إخالء هناك مع اإلشارة إلى أن

.سبيل المتهميننظر القضاء الفرنسي في عدة قضايا تخص جرائم دولية غير الجرائم ضد

817.ه الدراسةاإلنسانية ال يتسع لها مجال هذمكرر 6كما اعتمد قانون العقوبات السويسري مبدأ االختصاص العالمي في المادة

ضد جرائم الوالذي يطبق على عدة جرائم مثل اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب دون ، كما عمدت ألمانيا بعد مصادقتها على نظام روما األساسي على اعتماد 818اإلنسانية

، وبالنظر 2002جويلية 30لدولي التي دخلت حيز النفاذ في مدونة قانون العقوبات اية بإنشاء المحكمة العسكرية للسوابق التي عرفتها ألمانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثان

برغ لمتابعة مرتكبي الجرائم الدولية، اعترفت في المدونة لمحاكمها بممارسة ملنوروكذلك جرائم الحرب وجريمة (اإلنسانية االختصاص العالمي تجاه مرتكبي الجرائم ضد

.819)اإلبادة الجماعيةصادقت كل من الدانمارك والنرويج والسويد وهولندا على نظام روما األساسي، لكنها لم تتخذ كلها موقفا موحدا بشأن الجرائم التي أقرت لمتابعتها اختصاصا عالميا، فنجد

بدأ بالنسبة للجرائم ضد اإلنسانية في حين بهذا الم اأن كل من الدانمارك والسويد لم تعترفالقانون النرويجي طأن النرويج وهولندا اعترفتا به مع اختالف بينهما، ففي حين ال يشتر

تواجد المتهم خالل افتتاح التحقيق، نجد أن القانون الهولندي يكرسه في كل مراحل .820الدعوى

: أنظر 816

JADALI,Safinaz,Les Etats et la mise en œuvre, op.cit, p. 144. . l’abbé Winceslasأهمها هي قضية الراهب الرواندي وينسيسالس 817 .ROUSSY, (Ariane), Le principe de l’université du droit de punir…, op. cit., p. 34:أنظر 818

.ولقد سبق أن أشرنا إلى أن سويسرا طرف في نظام روما األساسيمن أهم القضايا التي نظر فيها القضاء األلماني والذي ارتكب عدة أفعال إجرامية خالل Demjanjukتعد قضية 819

.الحرب العالمية الثانية وتستمر تداعياتها إلى غاية يومنا هذاأنظر لتفاصيل أكثر الملحق الرابع المضمن جدول مقارنة لالختصاص العالمي في بعض الدول األوروبية الموجود 820 :في

Page 345: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

339

، تم 2003جوان 19لصادر في ووفقا للقانون الهولندي المتعلق بالجرائم الدولية ا 4تكريس االختصاص العالمي بالنسبة لعدة جرائم منها الجرائم ضد اإلنسانية في المادة

مع اشتراط تواجد الفاعل فوق اإلقليم الهولندي وأن تكون 8منه، والتعذيب في المادة 821الجرائم قد ارتكاب بعد دخول القانون حيز النفاذ أي الفاتح أكتوبر

ما أنه ، ك2003بالنسبة للجرائم المرتكبة قبل هذا التاريخ ينطبق عليها التشريع السابق السيما القانون

أفريل 7المتعلق بجريمة التعذيب، ولقد أدانت محكمة روتردام في 1988المعتمد في والحرس المدني المدعو سباستيان –سابقا -السابق للقوات المسلحة لزائير العقيد 2004 .في الكونغو 1996بسبب ارتكابه جرائم تعذيب سنة Nzapaliنزابالي كان و ،822لم تعتمد مبدأ االختصاص العالمي إال في مرحلة متأخرة نسبيا،فكندا أما، حيث 2000جوان 29قانون حول الجرائم ضد اإلنسانية وجرائم الحرب في ذلك في

: المتعلقة بالجرائم المرتكبة في الخارج بالصياغة التالية 6وردت المادة ذ أو انفسواء قبل دخول هذه المادة حيز الكل من يرتكب في الخارج إحدى هذه الجرائم، «

: 8بعة عن هذه الجريمة وفقا للمادة بعدها، يعتبر متهما بفعل إجرامي، ويمكن متا .اإلبادة الجماعية/ أ .جريمة ضد اإلنسانية/ ب .»جريمة حرب/ جـ

الصادر عن المحكمة العليا اص العالمي تطبيقا في قرار فينتاوجد مبدأ االختص تة شارك في الهولوكوسيوتتعلق القضية بضابط القوات الفاشية المجر 1994الكندية في

، ولقد كان محل متابعة في دولته بعد نهاية الحرب، غير أنه 823الذي حدث في المجر Avis fait au nom de la commission des affaires étrangères sur le projet de loi, adopté par le =sénat, portant réadaptation du droit pénal à l’institution de la cour pénale internationale, par

= Mme Nicole Ameline, http://www.assemblee-nationale.fr/13/pdf/rapports/r1828.pdf. le 14/09/2010, p. 99 et 100.

.JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 152: أنظر 821 .JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, Ibid., p: أنظر822

191.FLETCHER, (Georges P), « Les pays d’Amérique du nord.Trois modèles de compétence universelle », in CASSESE, (Antonio), DELMAS-MARTY, (Mirelle), Juridictions nationales,

op. cit. p. 454. .LEE, (Karen I.), « Les Etats unis d’Amérique et le Canada », op. cit., p. 473: ظرأن 823

Page 346: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

340

حصل على إفراج بسبب صدور عفو عام وعلى إثر ذلك قرر الهجرة إلى كندا كما فعل ، 3( 7فقرة الالمئات من الذين شاركوا في الهولوكوست هو ما دفع كندا إلى اعتماد نص

الحكومة الكندية على إثر ذلك متابعته بتهمة ارتكاب من قانون العقوبات، وقررت ) 71جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية، وقرر المحلفون تبرئته، وطعن النائب العام أمام المحكمة العليا التي أكدت تبرئته دون أن يتأسس قرارها على مبررات قوية، وترجع

من ضرورة إثبات أن المتهم هذا الحكم إلى اإلشكال الذي أثاره محامو الدفاع أسباب مثل، وهو ما 824ان على علم بأنه يرتكب جرائم ضد اإلنسانية وكذلك إثبات الركن المادي لهاك

ل باعتماد قانون الجرائم ضد اإلنسانية وجرائم الحرب الذي أدخل تعديالت على النص عج .القديم بغية تفادي تكرار ما حدث في قضية فينتا

ها مكن وصفه به هو التناقض، حيث أندة موقفا أقل ما ياعتمدت الواليات المتحلقد في البداية كانت من المشجعين على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، غير أن موقفها شهد تغيرا جذريا خالل أشغال مؤتمر روما توج بالتصويت ضد نظام روما األساسي لدى

نه على الرغم من التصويت ، واستمر هذا الموقف المتناقض بتجلياته، حيث أ825اعتماده، 2000ديسمبر 31المعارض، قررت الواليات المتحدة التوقيع على اتفاقية روما في

.لتسحب توقيعها بعد ذلك وتشرع في إبرام اتفاقيات ثنائية تمنح بموجبها الحصانة لجنودها أما عن االختصاص القضائي، فلقد اعتمدت المبادئ التقليدية المتمثلة في الشخصيةواإلقليمية والعينية مع ربط ذلك في كل مرة باحترام المحاكمة العادلة، غير أن األمر مختلف بالنسبة لالختصاص العالمي فيما يتعلق بالجرائم الدولية عموما، إذ ال يتم تطبيق نص قانون عقوبات على جريمة دولية ارتكبت في الخارج إال إذا منح الكونغرس لهذا

. 826اإلقليم، مع ضرورة احترام مبادئ المحاكمة العادلة خارج اارآثالقانون ير كذلك إلى أن المحاكم األمريكية تمارس اختصاص عالميا فيما يتعلق نشكما

غير أن هذا األخير ينص على إمكانية 1994نوفمبر 20بجريمة التعذيب وفقا لقانون

:أنظر للتفصيل في النقاشات التي تمت خالل المحاكمة وأثرت على موقف المحلفين 824LEE, (Karen I.), Ibid., p. 173.

JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 173. .وهي بهذا تنتمي لألقلية التي رفضت نظام روما األساسي كما سبق وأن أشرنا له في الباب األول825 .LEE, (Karen I), « Les Etats unis d’Amérique et le Canada », … op. cit., p. 469:أنظر 826

Page 347: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

341

ولو بصفة غير إرادية، تطبيق عقوبة اإلعدام، إذا أدت أفعال التعذيب إلى موت الضحية، وهو ما يثير إشكاال عويصا بالنسبة لالتجاه العالمي نحو إلغاء هذه العقوبة، مما يفسر

.827رفض أغلبية الدول األوروبية تسليم المتهمين بسبب احتمال تطبيق هذه العقوبة عليهمومن المفيد أن نشير إلى موقف القضاء األمريكي من تفسير مبدأ االختصاص

: حيث اعتبر في إحدى القضايا أن العالميتلتزم المحاكم األمريكية بتطبيق قرارات الكونغرس المتعلقة بتعريف االختصاص «

828.»القضائي، حتى إذا كانت هذه القرارات تتجاوز الحدود التي يضعها القانون الدولي إذا كان هذا هو الموقف الذي يعبر عن النظرة األحادية للواليات المتحدة، فلقد

Alien Tortحاولت أن تعتمد موقفا تكميليا تمثل في اعتماد االختصاص العالمي المدني

Claims act الذي يشكل وسيلة لمنع إفالت مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب بسبب . 829تفعيل مبدأ الحصانة القضائية ونظرية عمل السيادة

:الضحيةالدول اإلفريقية والعربية واإلسالمية في موقع . 2فصلنا فيها سابقا بدءا بالموقف ناسنتعرض باختصار لوضعية هذه الدول باعتبار

.)-ب(اإلسالمية و ثم الموقف المتجاهل للدول العربية) -أ(السلبي للدول اإلفريقية :للدول اإلفريقية من تطبيق االختصاص العالمي سلبيالموقف ال) أ

رس مبدأ االختصاص العالمي حتى الدول اإلفريقية تشريعات تك ت بعضاعتمد .830تحذو حذو الدول الغربية وال تبقى مجرد متفرج أو ضحية

:انظر 827

FLETCHER, (George P.), « Trois modèles de compétence universelle …», op. cit., p.459. United states v.Yunis: وهذا في قضية828 :أنظر 829

FLAUSS, (Jean-François), « Les droits des victimes selon l’Alien tort claims act : observations sur la compétence civile universelle», in La protection internationales des droits de l’homme et les droits des victimes, BRUYLANT, 2009, p. 238.

يثور هذا اإلشكال بالنظر ألن العديد من الدول اإلفريقية شهدت انتهاكات واسعة لحقوق اإلنسان، كانت في العديد 830 : انظر .من الحاالت مرتكبة في إطار سياسة اعتمدتها بعض الحكومات

ONDO, (Télésphore), « La compétence universelle en Afrique : essai d’analyse », in R.D.I.D.C., 2011, n° 1, p. 61.

Page 348: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

342

أصبحت طرفا في اتفاقيات تكرس مبدأ عالمية العقاب، مثل هاوباعتبار أن العديد مناتفاقيات جنيف األربع والبروتوكول األول، واتفاقية منع الفصل العنصري وكذلك مناهضة التعذيب، يقع عليها التزام بإدماج التزاماتها الدولية، ونجد أن المشرع في كل دول يقع

بإجراء مواءمة عن طريق اإلدماج أي ، إما831عليه اعتماد اإلجراءات المناسبة لذلكباعتماد نص خاص لتطبيق االتفاقية على إثر المصادقة عليها أو عن طريقة مواءمة

.832باإلحالة، أي باعتماد قاعدة عامة متعلقة بإنفاذ هذه االلتزاماتإفريقية نصوصا لتكريس مبدأ االختصاص العالمي كما هو دول عدةاعتمدت

تلك التي تنتمي التجاه تالناتجة عن القانون الدولي االتفاقي، وإذا كانن التزاماتها بعمناالشريعة العامة منها اتخذت موقفا إيجابيا إزاء التزاماتها الناتجة عن اتفاقيات جنيف األربع، إال أن الدول التي تنتمي لالتجاه الالتينوجرماني أخذت موقفا حذرا رغم مصادقتها

ذيب، حيث لم تعمد إلى إدماجها في قوانينها الجنائية الوطنية مما على اتفاقية مناهضة التع، ما عدا مدغشقر التعذيببممارسة االختصاص العالمي بالنسبة لجريمة لمحاكمها ال يسمح

ب واألفعال الالإنسانية أو يتعلق بمناهضة التعذي 2008جوان 11التي اعتمدت قانونا في نائية لالختصاص العالمي إذا كان المتقدم بالشكوى ة نص على ممارسة المحاكم الجينالمه

أو الضحية يحمل جنسية مدغشقر، أو إذا كان الفاعل متواجدا فوق إقليمها، كما اعتمدت . 833كل من بورندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية هذا المبدأ ضمن نصوص عامة

إلبادة كما أن عدة دول اعتمدت مبدأ االختصاص العالمي بالنسبة لجريمة االجماعية، وجرائم الحرب وكذلك الجرائم ضد اإلنسانية منها، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الكونغو، إثيوبيا، غانا، رواندا، السنغال وجنوب إفريقيا، باإلضافة إلى النيجر

.834وكوت ديفوار

ال تقبل اتفاقيات القانون الدولي الجنائي التطبيق المباشر، بل تتطلب اتخاذ إجراءات اإلدماج لتفعيل االلتزامات التي 831

.كما فصلنا في ذلك آنفا ترتبها على الدول .ONDO, (T), « La compétence universelle en Afrique …», op. cit., p. 75:أنظر 832 .ONDO, (T.), « La compétence universelle en Afrique …», Ibid., p. 77:أنظر 833 .Ibid., p. 78 – 79:أنظر 834

Page 349: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

343

يبدو من خالل مختلف النصوص التي تنظم ممارسة االختصاص العالمي أن ، ولعل السبب في ذلك يعود 835بعض الدول اإلفريقيةفي المحاكم العليا بها المهمة تتكفل

إلى الحرص على معاقبة أكثر فعالية، ولقد اشترطت هذه القوانين تواجد المتهم على إقليم الدولة من أجل مباشرة إجراءات المتابعة، مما يجعل منها تأخذ باالختصاص العالمي

ايير الدولية المتعلقة بالمحاكمة العادلة، نصت أغلبية ورغبة في االمتثال للمع. المقيد .836تشريعات هذه الدول على منح ضمانات للمتهم وكذلك للضحايا

لئن كانت الدول اإلفريقية التي صادقت على نظام روما األساسي حاولت إعطاء جمة لحد كبير، إذا أن هناك عوائق نظريا هذا االلتزام مظهرا إيجابيا، إال أن ذلك يبقى

تحول دون إعطاء هذا المبدأ تفعيال وقيمة عملية تسمح بأن تساهم محاكمها في قمع الجرائم ضد اإلنسانية بصورة فعالة، فمن الناحية القانونية البحتة أشرنا إلى النقص الذي تعرفه تشريعاتها التي لم تتضمن إدماج مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية كما تعرضنا له في

من الباب األول، ولقد تعرض القضاء السنغالي لهذه اإلشكالية في قضية الفصل الثاني الذي تمت متابعته أمام محاكم الدولة التي اختار 837الرئيس التشادي السابق حسين حبري

والتي 1984اللجوء إليها بتهمة ارتكاب جرائم التعذيب وفقا التفاقية مناهضة التعذيب لـ ير أنها لم تعمد إلى إدماجها ضمن قانونها الداخلي كانت السنغال قد انضمت لها ، غ

السيما فيما يتعلق بمبدأ االختصاص العالمي وهو ما دفع غرفة االتهام لدى محكمة :استئناف داكار أن ترفض النظر في الدعوى لعدم االختصاص، حيث جاء في قرارها

للجريمة ي تجريم حيث أن القانون الوضعي السنغالي ال يتضمن في المرحلة الحالية أ« 4ضد اإلنسانية، وأنه طبقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في المادة

من قانون العقوبات، ال يمكن للمحاكم السنغالية أن تنظر في هذه الوقائع من الناحية »المادية

838.

: لتفاصيل أكثر على سبيل المثال، راجع) السنغال(هي المحكمة العليا في رواندا، ومحكمة االستئناف بداكار 835

ONDO, (T.), Ibid., p. 84. .Ibid., p. 84:انظر836 .يل في هذه القضية عندما نتعرض لموقف محكمة العدل الدولية من المبدأ في الفرع الثالثصسنعود للتف 837 .2000جويلية 04، المؤرخ في 134أنظر القرار رقم 838

Page 350: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

344

ممارسة كما يشكل مبدأ حصانة الممثلين الرسميين من أهم العوائق التي تحول دون .المحاكم اإلفريقية لالختصاص العالمي، وكذلك إجراءات العفو

وال يسعنا أن نهمل المعوقات السياسية حيث تتميز السلطة القضائية بالتحيز في العديد من الدول اإلفريقية حيث ال يمكنها ممارسة وظيفتها القمعية بصفة مستقلة عن

إلضافة إلى نقص الموارد المالية والمادية السلطة الحاكمة التي تضعها في موقف حرج، باوليست الدول العربية بأحسن حاال من نظيراتها اإلفريقية .ها بالمتابعةماالتي تحول دون قي

.كما سنتعرض له اآلن :الدول العربية واإلسالمية وتجاهل مبدأ االختصاص العالمي) ب

فا حذرا تجاه مفهوم حقوق عرفت الدول العربية واإلسالمية لفترة زمنية طويلة موقاإلنسان، مثلما تضمنته الصكوك الدولية، إذ اعتبرتها ذات نزعة غربية ال تتوافق مع

ئن كانت قد صادقت ، ول839خصوصية الثقافة العربية عمبادئ الشريعة اإلسالمية، وال مكذا على العهدين الدوليين بطريقة متفاوتة فلقد كانت أشد معارضة التفاقية حقوق الطفل و

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة حيث أبدت عدة تحفظات توافقت فيها .كلها تقريبا

كما تباطأ العديد منها في االلتزام باتفاقية مناهضة التعذيب، ولقد صادقت عليها عربية، غير أن أغلبيتها لم تبادر إلى إدماج األحكام الموضوعية واإلجرائية دولعدة

وانينها الداخلية، إذ يبقى التزامها بمتابعة مرتكبي جريمة التعذيب مجرد التزام ضمن ق .840دولي لم تتجه إرادتها بعد إلى منحه صراحة وبصفة مباشرة لجهاتها القضائية الجنائية

:نحو تأطير ممارسة االختصاص العالمي .3

MEKKI, (Nidhal), MAAOUIA, (Sarra), « Les droits de l’homme dans le monde:أنظر 839

arabe entre régionalisme et universalisme. » Les droits de l’homme.Une nouvelle cohérence pour le droit international ?,Colloque des 17, 18 et 19 avril 2008, PEDONE, 2008, p. 201. JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 176.

.376ص مرجع سابق، ،توفيقبوعشبة، القانون الدولي اإلنساني والعدالة الجنائية: انظر 840

Page 351: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

345

متابعة وفقا لالختصاص العالمي لإن الممارسة المكثفة لمحاكم الدول األوروبية لوتزايد المتابعات الموجهة لمجموعة من الدكتاتوريين األفارقة والالتينوأمريكيين أدى إلى تذمر القارة اإلفريقية متهمة هذه المحاكم بمتابعة تعسفية وانتقائية تنطوي في العديد من

مبادرة دعوة فريقي الحاالت على تدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأخذ االتحاد اإلإلى التشاور حول مسألة االختصاص العالمي على إثر قمة شرم الشيخ اإلتحاد األوروبي

، وتجسدت هذه المبادرة في تعيين مجموعة من الخبراء التقنيين 2008 عامالمنعقدة في تتمثل مهمتهم في 2009الخاصين من االتحاد اإلفريقي واالتحاد األوروبي في جانفي

النقاشات بين االتحادين حول مبدأ االختصاص العالمي ووضع تقرير في أفريل توضيح . 841حول المسألة 2009

في أداء المهمة الموكلة إليه تحت الرئاسة المشتركة 842ولقد شرع فريق الخبراءلألستاذين بجاوي وكاسيز، مستعرضا المبدأ كمفهوم قانوني مكرس في القانون الدولي

تشريعات الدول اإلفريقية التي اعتمدت االختصاص العالمي تفحصم االتفاقي والعرفي، ث .والتي تعرضنا لها في النقطة السابقة بتفاصيل

صوص والتطبيقات، حيث ال تميل هذه الدول إلى نغير أن هناك تفاوت بين الممارسة االختصاص العالمي بالنسبة للجرائم الدولية عامة، بل تفضل المبادئ التقليدية

ثلة في اإلقليمية، كما أن هناك انتشار للجان المصالحة والحقيقة التي عرفتها بعض المتم .843الدول

فريق إلى إجراء نفس المسح بالنسبة لقوانين الدول األوروبية التي كان الكما عمد لفترة زمنية طويلة وأدت إلى القيام بمتابعات تجاه مسؤولي العديد من االبعض منها رائد

841Union africaine – Union européenne. Groupe d’experts techniques ad hoc sur le principe de compétence universelle, R.B.D.I., 2009, N° 1, p. 241.

من إيطاليا، casseseكاسيز ةتذااتفق االتحاد اإلفريقي واالتحاد األوروبي على تعيين ست خبراء مستقلين هم األس 842من زامبيا، بيتر BEYANIمن أستراليا، بجاوي من الجزائر، بياني O KEEFEمن بلجيكا، أوكيف Kleinكلين

PETER نزانيامن ت. سنة، ولقد 50الذي دام قرابة Apartheidاعتمدت دولة جنوب إفريقيا هذا الحل بعد زوال حكم الفصل العنصري 843

.أبرز هذا الحل ثماره وأسهم في بناء مقومات الديمقراطية بصورة فعالة

Page 352: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

346

أمريكية والتي أدت في بعض الحاالت إلى -اإلفريقية منها وكذلك الالتينوالدول السيما .حدوث أزمات دبلوماسية بينها وبين الدول المعنية

لعل أهم ما ورد في التقرير هو االنشغاالت التي تخص القارة اإلفريقية والتي ون تمتع تمثلت على الخصوص في المعوقات القانونية والمؤسساتية الوطنية التي تحول د

هذه الدول بالقدرة الالزمة على محاربة الجرائم الدولية ومتابعة مرتكبيها، وتبرز معه .844ضرورة تعزيز قدراتها القانونية

أشارت الدول اإلفريقية في التعبير عن مواقفها الرسمية أنها كانت مستهدفة ة أن ممارسة مسؤوليها والعمل على توقيفهم، معتبرلبإجراءات تمثلت في توجيه التهم

ولقد تسببت المتابعات . 845قوم على انتقاء سياسيتبية لالختصاص العالمي والدول األورالعديد من المسؤولين األفارقة أثناء أداء الخدمة في توتر العالقات بين الدول تالتي طال

اإلفريقية والدول األوروبية، باإلضافة إلى المساس بكرامة وهيبة الشخصيات العمومية، .ك عن عدم احترام مبدأ الحصانات التي يتمتعون بها بصفتهم ممثلين رسميين لدولهميناه

بعض المسؤولين متابعة اء إشكالية ذات بعد تاريخي، إذ أن أثار تقرير فريق الخبراألفارقة وإخضاعهم للوالية القضائية للدول األوروبية تذكر بفترة االستعمار التي تشكل

سلبية على نمو ر لما خلفته من آثار ظوصمة عار مازالت تطبع الدول األوروبية بالن .إلى غاية يومنا هذا فريقية مازالت تقبع بآثارهاوازدهار القارة اإل

وجاءت المواقف التي عبر عنها الخبراء الذين عينهم االتحاد األوروبي في سياق االنشغاالت التي تواجهها القارة اإلفريقية، غير أنهم حاولوا التخفيف من حدتها بالنظر إلى

اء القادة األفارقة بل شملت رؤس طأن المتابعة وفق مبدأ االختصاص العالمي لم تطل فق، باإلضافة إلى أن هذه المحاكم نادرا ما توصلت إلى 846ومسؤولين من دول حول العالم

.Union Africaine – Union Européenne, Groupe d’experts …, op. cit., p. 264: أنظر 844 أنظر845

UnionAfricaine-Union Europeenne, op.cit., p. 265. على سبيل المثال، تم تحريك متابعة من قبل المحاكم البلجيكية ضد مسؤولين أمريكيين مثل الرئيس األمريكي السابق 846

لسابق شارون، ووزيرة جورج بوش االبن، ووزير دفاعه رامسفلد، وشيني، ومسؤولين إسرائليين مثل رئيس الوزراء االخارجية السابقة ليفني، كما تمت متابعة المسؤول العسكري ديميانجوك من قبل القضاء األلماني، وطالت المتابعات

.مسؤولين من آسيا مثلما هو األمر بالنسبة للخمير الحمر، وكذلك قادة من دكتاتوريات أمريكا الالتينية

Page 353: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

347

إدانة المتهمين بسبب توقيف اإلجراءات بناءا على مبدأ الحصانة التي يتمتع بها هؤالء .847الممثلون الرسميون وفقا للقانون الدولي

ي يكرس استقاللية غير أن الخبراء أكدوا على ضرورة احترام المبدأ الدستوري الذأو المعارضة كونه من المبادئ للحد السلطة القضائية والذي ال يعرف حسبهم أية إمكانية

.األساسية في أنظمة الدول األوروبيةمثلت أهمها في التوصيات تالتقرير الذي أعده فريق الخبراء جملة من تضمن

اإلنسانية والجرائم حرص الدول على وضع حد لسياسة الالعقاب بالنسبة للجرائم ضدالوثيقة التأسيسية لالتحاد مننقطة ح 4الدولية الخطيرة األخرى، السيما وأن المادة

ت بإمكانية التدخل في دولة طرف بناء على قرار من المؤتمر في حالة اإلفريقي أقرارتكاب إحدى الجرائم الدولية الخطيرة، مما يشكل إطارا مناسبا يحثها على متابعة

.ؤولين باتخاذ التدابير التشريعية المناسبة وغيرها للعمل على التجريم والمعاقبةالمستواجد على يمن الضروري أن تبادر كل من الدول اإلفريقية واألوروبية التي

إقليمها متهمون بارتكاب هذه الجرائم بالعمل على متابعتهم جزائيا، أو تسليمهم إلى الدولة اكمتهم، شرط التحقق من أن الدولة المسلم إليها ستوفر للمتهم التي تكون أكثر تأهيال لمح

كما أن ممارسة االختصاص . 848محاكمة عادلة طبقا للمعايير الدولية لحقوق اإلنسانالعالمي ينبغي أن تكون في ظل احترام العالقات الودية بين هذه الدول، وكذلك مع احترام

.لبعض الفئات التي تمثل الدولة مبدأ الحصانة التي يعترف بها القانون الدوليت العديد من قضايا المتابعة التي تمت وفقا لهذا المبدأ صدى دوليا جعل يو لق

.القضاء الدولي يكون موقفا منه كما سنبينه فيما يلي بين قبول متحفظ وتكريس مؤكد: االختصاص العالمي أمام القضاء الدولي :الفرع الثالث

رعت فيها بعض الجهات القضائية األوروبية الرائدة لم تتوقف المتابعات التي شعلى المستوى الوطني، بل تعدت آثارها خارجها وأتاحت الفرصة لكل من محكمة العدل

.في إبراز موقفيها من المسألة) -2(والمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ) - 1(الدولية

.Union Africaine – Union Européenne, Groupe d’experts …, Ibid., p. 265: أنظر 847 : أنظر 848

Union Africaine-Union –Europeenne, op.cit., p. 268.

Page 354: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

348

:المبدأ المحرج: االختصاص العالمي أمام محكمة العدل الدولية .1ه بعض المسؤولين األفارقة وفقا جاأدت المتابعات التي قام بها القاضي البلجيكي ت

محاولة حسم بعض النقاط أمام الجهاز القضائي الرئيسي إلى لمبدأ االختصاص العالمي رئيس تشاد بوالثانية ) -أ(لخارجية للكونغو م المتحدة في حالتين تعلقت األولى بوزير املأل

).-ب(السابق

:قضية يروديا )أمن ،على إثر شكاوى وجهت ضد عدة مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية

البلجيكي بينهم رئيس الدولة كابيال ووزير الخارجية يروديا، أصدر قاضي التحقيقأمرا دوليا بإلقاء القبض ضد 2000أفريل الفاتحفي VANDERMEERCHفاندرميرش

، أدى بجمهورية 849وزير الخارجية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانيةمحكمة العدل الدولية التي أصدرت أمام الكونغو الديمقراطية إلى رفع دعوى ضد بلجيكا

مهما تعرضنا لبعض عناصره المتعلقة بالحصانة في المبحث الثاني من الفصل اقرار .األول من هذا الباب

وإذا كان موقف المحكمة واضحا من مسألة الحصانة التي يعترف بها القانون الدولي لممثلي الدول، فإنها فيما يخص االختصاص العالمي للمحاكم البلجيكية لم يكن

: بنفس الوتيرة إذ ورد في قرارها ما يليبكامل ر الخارجية من ممارسته وظيفته، فإنه ال يتمتعيثالثا، بمجرد انتهاء وز... «

الحصانات القضائية التي كان القانون الدولي يمنحها له في الدول األخرى، ويمكن لمحكمة ، أن تحاكم وزير خارجية سابق لدولة شرط أن تكون مختصة وفقا للقانون الدوليدولة ما،

، قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد 2002فيفري 14من قرار محكمة العدل الدولية ل 13أنظر الفقرة 849

بلجيكا .JADALI, (Safinaz), Les Etats et la mise en œuvre …, op. cit., p. 176

GHERAIRI, (Ghazi), LAGHMANI, (Slim), HAMROUNI, (Selwa), Affaires et documents de droit…, op. cit., p. 568.

Page 355: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

349

أخرى عن أفعال ارتكبها قبل ممارسة وظائفه أو بعد هذه الفترة، وكذلك عن أفعال وإن »ل هذه الفترة، فإنها اتسمت بالطابع الخاصارتكبت خال

850. يبدو من هذه الفقرة أن المحكمة تجنبت الخوض في هذا الجانب بالنظر ألسباب

خالف الواقع بالنسبة لالختصاص العالمي، ولقد اعتبر البعض أن مثل هذا السياسية هي ليل موقف ، كما أن البعض اآلخر قام بتح851الموقف مالئم بالنظر للوضعية الراهنة

المحكمة معتبرا أنها تميز بين الحاالت التي يمنح فيها القانون الدولي الجنائي للمحاكم الوطنية اختصاص مفوضا، وبين الحاالت التي يطمح فيها القانون الوطني إلى تطبيق

كما يبدو من حكمها المخاوف التي تبرز . 852دون وجود لهذا التفويضالدولي القانون ياسي في حالة ما إذا لجأت محاكم دولة إلى متابعة مسؤولي دولة أخرى على الصعيد الس

.853بسبب ارتكاب جرائم من القانون الدولير عنه أبدى العديد من القضاة معارضة تجاه تطبيق االختصاص العالمي، مثلما عب

: في رأيه االنفرادي الذي اعتبرأن Guillaumeالقاضي غيوم م له من شأنها خلق الفوضى القضائية على أقصى صورها، ممارسة عدة محاكم في العال«

التي تعد " المجموعة الدولية"ف الدول القوية التي تتصرف باسم ستشجيع تع إلىباإلضافة »مفهوما غامضا

854. .وهو ما ترك المسألة غير محسومة إلى أن طرحت مؤخرا قضية حسين حبري

: قضية حسين حبري)بالذي أعلن عن عدم اختصاص المحاكم السنغالية بمتابعة الرئيس التشادي القرارإن

وفقا لالختصاص تهثار خارج إفريقيا، إذ قرر القضاء البلجيكي متابعآالسابق كان له

.2002فيفري 14من قرار محكمة العدل الدولية لـ 61الفقرة : أنظر 850 ,«COT, (Jean-Pierre), « Eloge de l’indécision. La Cour et la compétence universelleأنظر 851

R.B.D.I., 2002, n°2 ,p. 549 ROULOT, (Jean-François), « Interrogations concernant la répression nationale des:انظر852

crimes internationaux (A propos de l’arrêt rendu par la cour internationale de justice le 14 Février 2002) », L.P.A., 30 Août 2002, n° 174, p. 7.

VERHOEVEN, (Joe), « Quelques réflexions sur l’affaire relative au mandat d’arrêt: أنظر 853du 11 Avril 2000 », in R.B.D.I., 2002, n° 1-2, p. 533.

ROULOT, (Jean-François), « Interrogations concernant … », op. cit., p. 6 et 7. .15أنظر الرأي االنفرادي للقاضي غيوم الملحق بالقرار،فقرة 854

Page 356: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

350

، غير أن تماطل هذه األخيرة تهأو محاكم هالعالمي مطالبا من المحاكم السنغالية إما تسليماحترام التزامها الدولي وفقا بعدل الدولية مطالبة السنغال جعل من بلجيكا تلجأ لمحكمة ال

لمبدأ التسليم أو المحاكمة، مما أثار عدة مسائل متعلقة بمدى التزامات السنغال التي استقبلت حبري على إقليمها، وما إذا توجب عليها تقديمه للمحاكمة في أجل معين، وكذلك

.855ر األمر الدولي بإلقاء القبض الصادر عنهامدى إمكانية مطالبة بلجيكا بتسليمه على إثمن المفيد أن نذكر بكون السنغال التي كانت قد أصبحت طرفا في اتفاقية مناهضة

و 2007 عامالتعذيب قامت بعد فترة زمنية بإدماج هذه االتفاقية في قانونها الداخلي ذيب وفقا لمبدأ منح للمحاكم الوطنية إمكانية متابعة أي شخص يرتكب جريمة التعيذال

: االختصاص العالمي، ما جعل محكمة العدل الدولية تقرر بأنهوقت إيداع العريضة، لم يعد للنزاع الذي كان موجودا بين الطرفين حول تفسير أو «

فال يكون للمحكمة اختصاص للفصل . من االتفاقية أي وجود 5من المادة 2تطبيق الفقرة »5من المادة 2م الناتج عن الفقرة في طلب بلجيكا المتعلق بااللتزا

856. في إطار تقدير مدى االلتزام الواقع على الدولة الطرف بموجب هذه االتفاقية، حاولت السنغال التأكيد أنها تتمتع بهامش واسع من التقدير بغرض إعمال هذه االلتزامات،

لواليتها على غير أنه يستنتج من موضوع االتفاقية ذاتها أنها تؤكد على ممارسة الدولولقد عالجت المحكمة هذا االلتزام ،857إقليمها، وأنها تلتزم بناء على ذلك بتحقيق نتيجة

: بالنسبة للسنغال معتبرة أنهفي مدى خرق للنظرالقضية لمحكمة ليست مختصة في هذه وعلى الرغم من كون ا«

من االتفاقية لألسباب المبينة أعاله، إال أنها تعتبر أن إعمال الدولة 5من المادة 2الفقرة هو التعذيباللتزامها بتكريس االختصاص العالمي لمحاكمها من أجل النظر في جريمة

.WECKEL, (Philippe), «Cour internationale de justice, ordonnance du 28 mai 2009: أنظر 855

Question concernant l’obligation de poursuivre on d’extrader (Belgique c. Sénégal) », in Chronique de jurisprudence internationale R.G.D.I.P. 2009, n° 03, p. 686.

48، فقرة 2012جويلية 20قرار محكمة العدل الدولية، االلتزام بالتسليم، أو المحاكمة، بلجيكا ضد السنغال، : أنظر 856 .على موقع المحكمة

,WECKEL, (Philippe), « Cour internationale de justice, Arrêt du 20/ 07/ 2012: أنظر 857Question concernant l’obligation de poursuivre on d’extrader (Belgique c. Sénégal) », in Chronique de jurisprudence internationale R.G.D.I.P., 2012, n° 04, p. 912 et 913.

Page 357: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

351

وعرض القضية على ) 2، فقرة 6المادة (يدي تمهتحقيق شرط ضروري للتمكن من فتح ). ، فقرة أولى7المادة (المختصة من أجل مباشرة الدعوى الجنائية سلطاتها

إن مجمل هذه االلتزامات تمكن من القيام بمتابعات ضد المتهم، عند عدم تسليمه، ومن تحقيق موضوع المعاهدة وهدفها، والمتمثل في تكثيف فعالية محاربة التعذيب، لتفادي

.858»بإفالت مرتكبي مثل هذه األفعال من الالعقايروديا، إذ أنه في قضية و قضية حبرييبدو هنا االختالف في مقاربة المحكمة بين

لت عدم الخوض في المسألة باعتبار بلجيكا استندت على البعد العرفي ضهذه األخيرة فلالختصاص العالمي، وهو األمر الذي لم ترد االعتراف به خشية التجاوزات، في حين

: تبرت أنه يستحق التوقف عنده، إذ ورد في القرار أن أنها في القضية الحالية اعيجد ما يقابله في أحكام عدة تهالتزام الدولة بتجريم التعذيب وبتكريس اختصاصها بمتابع«

ويكتسي هذا االلتزام الذي ينبغي إعماله من . اتفاقيات دولية تتعلق بمعاقبة الجرائم الدوليةإذ أن الدول األطراف وردعيا،المعاهدة طابعا وقائيا قبل الدولة المعنية بمجرد التزامها ب

بتزودها بالترسانة القانونية الضرورية لمتابعة هذا النوع من الجريمة تضمن تدخل نظامها 859القضائي تبعا لذلك وتلتزم بتنسيق جهودها للقضاء على كل خطر لالعقاب

«. شريعية الالزمة على هذا األساس، يعد تماطل السنغال في إجراء المواءمة الت

ها االتفاقية على ضعلالختصاص العالمي تقصيرا حال دون تنفيذ باقي االلتزامات التي ت .860عاتقه طيلة سنوات، وشكل مساسا بفعالية المحاربة التامة لالعقاب

الحقيقة أن المحكمة عالجت االختصاص العالمي في إطاره الشامل المتمثل في مبدأ ة طبيعة العالقة الموجودة بين العملين القانونيين، مؤكدة على المحاكمة أو التسليم، مبين

الخصوص على أولوية المحاكمة عند توفر الشروط الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب، .وال تتحرر الدولة من هاذ االلتزام القانوني إال بنقله لدولة أخرى طلبت تسليمه

.74لدولية، االلتزام بالتسليم أو المحاكمة، فقرة قرار محكمة العدل ا: أنظر 858 .75نفس المصدر، فقرة : أنظر 859 ,«… WECKEL, (Philippe), « Cour internationale de justice, Arrêt du 20/ 07/ 2012: أنظر 860

op. cit., p. 914.

Page 358: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

352

فة مطلقة، بالنظر لإلشكاليات التي تبدو الصعوبة في اتخاذ موقف من هذا المبدأ بصقد تبرز إذا ما تم تأسيسه على طابع عرفي، بالنظر للمواقف المختلفة التي يثيرها على

و لقد عرف القضاء اإلقليمي موقفا أكثر تفتحا نحو المبدأ على عكس ما هو .العرف الدولي .عليه الحال بالنسبة لمحكمة العدل الدولية

:تكريس مطلق: االختصاص العالمي أمام المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان .2إذا كانت أجهزة الرقابة اإلقليمية لحقوق اإلنسان تستند في الغالب على النصوص اإلقليمية التي أنشأتها لفحص مدى التزام الدول األطراف بها، إال أنها أصبحت منذفترة

ولي على العموم، والسيما القانون الدولي الجنائي، تفصل في مسائل متعلقة بالقانون الدمثلما كان الحال في قرارين صادرين عن المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان متعلقين على

).-ب(وبضابط عسكري موريتاني ) - أ(التوالي بقضية عسكري صربي

:أو التفسير التطوري لمبدأ االختصاص العالمي: قضية جورجيتش) أهو مواطن من البوسنة Jorgicتعود وقائع القضية إلى كون نيكوال جورجيتش ، ثم رحل من جديد إلى 1969والهرسك من أصل صربي، انتقل للعيش في ألمانيا سنة

أين ارتكب جملة من االنتهاكات الجسيمة في الفترة من 1992في ) مدينة دوبوج(البوسنة 1992ماي إلى سبتمبر

861. علومات التي وردت للمحاكم األلمانية، التي تشير إلى ارتكاب وبناء على الم

ديسمبر 16اريخ جورجيتش أفعال توصف بأنها إبادة جماعية تم اعتقاله في ألمانيا بتإدانته من قبل محكمة استئناف دوسلدورف و إقليمها وتمت محاكمته بمجرد دخوله 1995وهو ،862مت عليه بالسجن المؤبدبارتكاب اإلبادة الجماعية وحك 1997سبتمبر 26في

محكمة العدل الفدرالية والمحكمة الدستورية (الحكم الذي أيدته الجهات القضائية العليا ).الفدرالية

,Cour européenne des droits de l’homme, Affaire Jorgic c. Allemagne, Arrêt:أنظر في ذلك 861

12 juillet 2007, par. 7 et 8. .Ibid., par. 15:أنظر 862

Page 359: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

353

في محاولة لتفنيد ما حكم به القضاء األلماني، لجأ جورجيتش إلى المحكمة ن من قبل األوروبية لحقوق اإلنسان، بعريضة موجهة ضد ألمانيا حيث تمسك بأنه أدي

محاكم غير مختصة بناء على ما ورد في اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها، باإلضافة إلى خرق المواد من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان التي اشتملت على ضمانات المحاكمة العادلة، ناهيك عن أن المحاكم األلمانية عندما قررت إدانته، تكون قد

عتمدت تفسيرا موسعا التفاقية منع اإلبادة الجماعية ال يجد له أساس ال في القانون ا .863األلماني وال في القانون الدولي العام

إن فحص ادعاءات جورجيتش يتطلب الرجوع التفاقية منع اإلبادة الجماعية، : منها التي نصت على ما يلي 6وباألخص المادة

»حاكم األشخاص المتهمون بارتكاب اإلبادة الجماعية أو أي من األفعال المذكورة في ي، أو أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضهاالمادة الثالثة

أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من األطراف المتعاقدة قد .»اعترف بواليتهاالجريمة تكون وفقا لمبدأ هذهحرفية هذا النص أن متابعة مرتكبي يبدو من

اإلقليمية، غير أن المحكمة األوروبية لم تتوقف عند النص، بل استندت على االجتهاد اللتان Kupreskicوكوبرسكيتش Tadicالقضائي الجنائي الدول السيما قضيتي تاديتش

ات التشريعية وكذلك القضائية للعديد من الدول اعترفتا بهذا المبدأ، باإلضافة إلى الممارس، وباإلضافة إلى كون قانون العقوبات األلماني ساري المفعول أثناء رفع 864التي أخذت به

الدعوى أمامها يتضمن اختصاص المحاكم األلمانية بالنسبة لجريمة اإلبادة الجماعية مهما وباعتبار أن المحاكم األلمانية كان مكان ارتكابها ومهما كانت جنسية المتهم والضحية،

من اتفاقية متع اإلبادة 6نفسها التي أدانت جورجيتش عمدت إلى تفسير أحكام المادة الجماعية طبقا لقاعدة الهدف من المعاهدة، والذي حددته المادة األولى منها التي جاءت

: صياغتها كما يلي

.Ibid., par 3: أنظر 863 .CEDH, affaire Jorgic … , op. cit., par. 50 à 54: أنظر 864

Page 360: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

354

في أيام السلم وأثناء تبة، سواء ارتكادة الجماعياإلبأن صادق األطراف المتعاقدة على ت « .»والمعاقبة عليهاعها منالحرب، هي جريمة، بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد ب

حق أية دولة طرف أن دون 6ة دالختصاص اإلقليمي الوارد في الماوال يحول ا : القرارفي تمارس اختصاص عالميا، وبهذا جاء

قامت به المحاكم األلمانية والقواعد المطبقة من تصل المحكمة إلى أن التفسير الذي « .القانون الدولي العام، والتي على أساسها يفترض تفسير قانون العقوبات، لم يكن تعسفيا

وبهذا فإن القضاة األلمانيين كان لهم أسانيد معقولة ليحكموا باختصاصهم في الفصل في »مدعياتهام ارتكاب جريمة اإلبادة الجماعية التي وجهت لل

865 . وتعد هذه أول مناسبة تعترف فيها المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان باتفاقية

بالنسبة لجريمة conventionnalité de la compétence universelleاالختصاص العالمي .، وهو ما أعادت تأكيده في قرار آخر نتعرض له866اإلبادة الجماعية

:مة التعذيباالختصاص العالمي لجري: قضية ولد داح) بقرر النقيب الموريتاني ولد داح على إثر إدانته من قبل القضاء الفرنسي بارتكاب

حوزه، اللجوء إلى المحكمة األوروبية يجرائم التعذيب وفقا لمبدأ االختصاص العالمي الذي من االتفاقية 7ومؤسسا ادعاءه على المادة 867لحقوقاإلنسان منازعا في اختصاصها

.868وق اإلنساناألوروبية لحق

.Ibid., par. 70: أنظر 865 .Compétence universelle, CEDH, 4e section, 12 Juillet 2007, … op. cit, p. 779: انظر866 ,DUBUY, (Mélani), « Décision sur la recevabilité du 30 mars 2009, Ely Ould Dah: أنظر 867

c/ France, Req. N° 13113 / 03 », in R.G.D.I.P., 2009, n° 2, p. 453. :أنظر 868

TOUILLIER,( Marc), « L’interprétation conventionnelle de la légalité criminelle au secours de la compétence universelle des juridictions répressives françaises (Brèves considérations de droit pénal à propos de la décision rendu le 17 Mars 2009 par la Cour européenne des droits de l’homme dans l’affaire Ould Dah c/France», in Droit pénal, Revue mensuelle Lexis nexis jurisclasseur, novembre 2009, p. 7.

Page 361: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

355

باختصاص عالمي طبقا ةأكدت المحكمة األوروبية على تمتع المحاكم الفرنسيلقانون اإلجراءات المدنية شرط احترام عنصرين هما تواجد الفاعل فوق اإلقليم الفرنسي

.869وأن تتعلق المتابعة بتطبيق بعض االتفاقيات الدوليةالقانوني المتعلق باالختصاص وبهذا تكون المحكمة األوروبية قد أضافت للبناء

العالمي، سائرة في اتجاه قرار جورجيتش، ومقتربة من األحكام الوطنية في هذا الشأن، غير أن اجتهادها القضائي يبتعد في هذه المسألة عن اجتهاد محكمة العدل الدولية التي

ق بثين ه في أضيق الحدود، بالنظر لطغيان اعتبارات السيادة ومااتحاولت حصر تطبيق .870عنها من حصانة ألجهزة الدولة

المعاقبة عن طريق التفويض: المطلب الثاني

من المظاهر الجديدة التي تمخضت عن العدالة الجنائية الدولية المؤقتة هو إتاحة إمكانية للقضاء الوطني بالنظر في بعض القضايا التي تفحصها وهذا عن طريق تكليفها

ومحاولة ) -1(مما يتطلب تفحص األساس القانوني لهذا التفويض بالفصل فيها نيابة عنها، ).-2(استعراض أهم تطبيقاته

األساس القانوني لتفويض المحاكم الجنائية الدولية اختصاصها للقضاء :الفرع األول الوطني

ورواندا مرحلة جديدة في ة سابقاللت المحاكم الجنائية لكل من يوغوسالفيا شكالجرائم الدولية، كونها تحوز أولوية على المحاكم الوطنية في ممارسة ية معاقبة لمع

.DUBUY, Mélanie, « Décision sur la recevabilité …», op. cit., p. 456:أنظر 869 :نشير إلى أن محكمة يوغسالفيا السابقة اعترفت بمبدأ اإلختصاص العالمي في قضية تاديتش حيث جاء في قرارها 870في كذلك ، و »بفكرة تطبيق اإلختصاص العالمي المعترف بها في حالة ارتكاب جرائم دوليةال يمكن سوى الترحيب «

.Furundzijaقضية = :انظر =

Le procureur c.Tadic, arrêt relatif à l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle d’incompétence, op. cit., par. 62. Le procureur c.Anto FURUNDZIJA, IT-95-17/1-T, op. cit., par. 156.

Page 362: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

356

في مجلس األمن في اختصاصها القمعي مثلما هو ناتج عن إرادة المجتمع الدولي ممثال .للفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة اقإطار تصرفه وف

الح هذه المحاكم ب عن ذلك التزام المحاكم الداخلية بالتنازل عن المعاقبة لصوترتالدولية المؤقتة إذا تلقت طلبا من هذه األخيرة كما تعرضنا له في المبحث األول أعاله، غير أن الواقع أوجد تطبيقا آخر يتمثل في تفويض هذه الهيئات العقابية الدولية الختصاصها بغرض تكليف المحاكم الداخلية بذلك، وهو ما يعرف باالتجاه التنازلي

.ن القضاء الدولي إلى القضاء الداخليللمعاقبة مه في مبررين هما اآلجال المحددة إلنهاء المحاكم الدولية سيجد هذا التفويض أسا

والفعالية التي تحققها المحاكمة من قبل محاكم داخلية في بعض الحاالت ) -أ(لمهامها ).-ب(

مسألة اآلجال : الطابع المؤقت للمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة)أ

الطابع المؤقت على غرار محاكم ما بمن المحاكم الجنائية الدولية األولز الجيل تميبعد الحرب العالمية الثانية، إذ أن فترة وجودها مرهونة بقمع الجرائم التي أنشئت من

محددة، مما يميزها عن المحكمة الجنائية الدولية أجلها، والتي ارتكبت خالل فترة زمنيةولعل النظام األساسي لهذا المحاكم يفيد بصورة واضحة هذا .التي تقوم على الديمومة

والمتعلقة ة سابقالمن النظام األساسي لمحكمة يوغوسالفيا 8الطابع، حيث نصت المادة : باالختصاص الزمني على ما يلي

ني للمحكمة الدولية للفترة التي تبدأ من الفاتح من جانفي يمتد االختصاص الزم... «1991«.

منه ما يلي 2المتضمن إنشاء هذه المحكمة في الفقرة 827القرار رقم نتضم : يقرر بموجب هذا القرار إنشاء محكمة دولية يكون هدفها الوحيد هو محاكمة األشخاص «

للقانون الدولي اإلنساني المرتكبة على الخطيرةالمتهمين بكونهم مسؤولين عن االنتهاكات .»...وتاريخ يحدده مجلس األمن 1991 بين الفاتح جانفية سابقالإقليم يوغوسالفيا

Page 363: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

357

إذ لم يكن الوضع يسمح بتحديد الفترة الزمنية التي تعمل فيها المحكمة بدقة بالنظر .فوق اإلقليم اللوضع الخطير الذي كان سائد

، وعلى 1993 عامشرعت المحكمة الخاصة ليوغوسالفيا السابقة في إنجاز عملها إثر العدد المرتفع من القضايا التي كانت تنظر فيها، قرر مجلس األمن إجراء تعديل في تشكيلتها بغرض تمكينها من أداء مهامها على أحسن وجه واإلسراع في اإلجراءات، حيث

الذي جاء ردا على رسالة األمين العام لألمم 1998ي ما 13في 1166أصدر القرار رقم د عدد يالتي وجهها له بمناسبة طرح إشكالية تزا 1998ماي 05المتحدة المؤرخة في

: ورد في ديباجته أنه 871ةسابقالالقضايا المرفوعة أمام المحكمة الجنائية ليوغسالفيا المحكمة الدولية بغية تمكين كمةرة زيادة عدد القضاة ودوائر المحواقتناعا منه بضرو«

المكلفة بمحاكمة األشخاص المسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة للقانون اإلنساني الدولي دون للقيام ") المحكمة الدولية(" 1991التي ارتكبت في إقليم يوغوسالفيا السابقة منذ عام

.»بمحاكمة العدد الكبير من المتهمين الذين ينتظرون المحاكمة إبطاء، كما تم 872بناء على ذلك قرر إنشاء دائرة محاكمة ثالثة في المحكمة الدولية

.873انتخاب ثالثة قضاة إضافيين للعدد المتواجد من قبل ذمنبعدد إضافي من القضاة المخصصينة سابقالكما تعززت محكمة يوغوسالفيا

2000juges ad litem 30الصادر عن مجلس األمن في 1329، حيث جاء في القرار : 2000نوفمبر

واقتناعا منه بالحاجة إلى تشكيل فريق من القضاة المخصصين للمحكمة الدولية «ليوغوسالفيا السابقة وإلى زيادة عدد القضاة في دوائر االستئناف في المحكمتين الدوليتين

.874»لتمكين المحكمتين من اإلسراع بإنهاء عملهما في أسرع تاريخ ممكن

: جاء في الرسالة ما يلي 871، المشكلة التي تواجهها المحكمة نتيجة ، في رسالتها)رئيسة محكمة يوغوسالفيا السابقة(وتثير الرئيسة ماكدونالد "

الزيادة الحادة مؤخرا في عدد األشخاص المتهمين بجرائم، وفقا للنظام األساسي للمحكمة، والمحتجزين اآلن في وحدة ".االحتجاز التابعة للمحكمة في الهاي

.S/RES/1166 ( 1998)أنظر الفقرة األولى من القرار رقم 872 .S/RES/1166 ( 1998)ن القرار رقمأنظر الفقرة الثانية م 873 .S/RES/1329 (2000)أنظر الفقرة السادسة من ديباجة القرار رقم 874

Page 364: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

358

:ما يليالقراركجاء في وهو ما »1- ر تشكيل فريق من القضاة المخصصين للمحكمة الدولية ليوغوسالفيا السابقة يقر

وتوسيع عضوية دوائر االستئناف بالمحكمة الدولية ليوغوسالفيا السابقة والمحكمة الدولية .»لرواندا

يظهر من هذه الفقرة أن إجراء توسيع دوائر االستئناف يخص كال المحكمتين قتتين، وتعرض مجلس األمن على إثر ذلك لمسألة مهمة تتمثل في طرح فترة انتهاء المؤ

: من القرار 6حيث جاء في الفقرة بيوغسالفيا على الفحص،عمل المحكمة الخاصة يطلب من األمين العام أن يقدم إلى مجلس األمن، في أقرب وقت ممكن، تقريرا -6 «

اية الوالية الزمنية للمحكمة الدولية ليوغوسالفيا يتضمن تقييما ومقترحات بشأن تاريخ نه . »السابقة

جاء إجراء إضافة قضاة مخصصين في المحكمة الدولية لرواندا بصفة الحقة، : والذي جاء في ديباجته ما يلي 1431حيث صدر القرار

واقتناعا منه بضرورة إنشاء مجموعة من القضاة المخصصين في المحكمة الدولية « .»لرواندا بغية تمكين المحكمة من التعجيل بإنجاز عملها في أقرب موعد ممكن

:وبناء على ذلك» 1- ر إنشاء مجموعة من القضاة المخصصين في المحكمة الدولية لرواندا يقر«.

قضايا التي عرضت على محكمة يوغوسالفيا السابقة، لجأ أمام العدد المعتبر من المجلس األمن إلى توسيع صالحيات القضاة المخصصين بغرض تمكينهم من النظر في عدة قضايا على درجات مختلفة بالتوازي، وشرعت المحكمة الجنائية ليوغوسالفيا في

جويلية 23ادر في ي أيدها مجلس األمن في بيانه الصتاعتماد إستراتيجية االنجاز الإلنجاز التحقيقات، وجميع أنشطة محاكمات المرحلة 2004، وتم اعتماد نهاية عام 2002

2010 عامكون نهاية جميع أعمالها ت، وتقرر أن 2008ية نهاية عام ئادتباال، والحقيقة 875

أن مثل هذا لن يتحقق إال إذا ركزت المحكمة عملها على محاكمة القادة والمسؤولين

10، ويالحظ أنه صدر بعد 2، ص S/RES/1503(2003)، 2003أوت 28الصادر في 1503أنظر القرار 875

بالنظر للمعوقات والصعوبات التي سنوات من إنشاء المحكمة، وهو أجل معقول يبدأ منه التخطيط إلنهاء عمل المحكمة .تعترض عملها

Page 365: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

359

ذين ال يتحملون قدر كبيرا من المسؤولية عن ارتكاب لر، وترك القضايا الخاصة بالالكبا .الجرائم للمحاكم الوطنية المختصة

يبدو من كل ذلك أن مسألة إنهاء عمل المحكمتين ليس باألمر الهين، حيث أن ا، مسألة اآلجال التي تم تحديدها مرتبطة بالتمويل الذي تتطلبه المحكمتان إلنجاز عملهم

لت هذه الكلفة ولقد عج.والذي كلف ميزانية ضخمة تحملتها األمم المتحدة على عاتقهاباتخاذ تدابير 876الباهضة التي تجاوزت بكثير ما كان مقررا للدول أن تتحمله على عاتقها

لتسريع وتيرة عمل المحكمتين، وهو ما برر اإلجراء الذي أورده قرار مجلس األمن :حيث جاء فيه 1534

وكل 2004ماي 31يطلب إلى كل من المحكمتين أن تقدم إلى المجلس في موعد غاية «ستة أشهر بعد ذلك، تقييمات يعدها رئيس المحكمة ومدعيها العام تحدد بالتفصيل التقدم

نحو تحقيق إستراتيجية االنجاز للمحكمة، وتوضح التدابير التي اتخذت لتنفيذ زالمحر .877»بير التي ال يزال يتعين اتخاذهاإستراتيجية االنجاز والتدا

، واحتوت 2004ماي 24وهي التقارير التي وردت بانتظام لمجلس األمن منذ على تفاصيل القضايا المعروضة على المحكمة بدقة يتسنى معها تقدير مدى تقدمها في

2004أفريل 30االنجاز، ومنذ ، بالنسبة للمحكمة الخاصة برواندا، وفي مرحلة الحقة، 878

تم اعتماد آلية دولية خاصة بممارسة الوظائف المتبقية لكل من المحكمة الخاصة 22في 1966بيوغوسالفيا السابقة والمحكمة الخاصة برواندا بموجب قرار مجلس األمن

: ، حيث ورد فيه2010ديسمبر يقرر أن ينشئ اآللية الدولية لتصريف األعمال المتبقية للمحكمتين الجنائيتين -1 «يوليه / تموز 1ه في لميشرع فرع محكمة يوغوسالفيا في ع بفرعين، وأن") اآللية"(

وهو ما جعل مجلس األمن يدعو المحكمتان إلى ضمان استخدام ميزانيتيهما بصورة فعالة وبطريقة كفأة، انظر 876

.2، ص 2004مارس 26الصادر في 1534القرار .2، ص 1534من القرار 6أنظر الفقرة 877 .2004ماي 03الصادر في s/2004/341أنظر القرار 878

Page 366: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

360

ويقرر لهذا ") تاريخا البدأ (" 2012يوليه / تموز 1، وفرع محكمة رواندا في 2013 .879»من هذا القرار 1الغرض اعتماد النظام األساسي لآللية الوارد في المرفق

التحضير لزوال المحكمتين الجنائيتين الدوليتين، ل اآللية وسيلة انتقالية لغرض تشكر عن تقدم كبير تم إحرازه بالنسبة إلستراتيجية االنجاز ألعمال المحكمتين، وهي بوهي تع

يحكمه النظام األساسي لآللية الدولية لتصريف األعمال ad-hocبدورها جهاز خاص 1966من القرار المتبقية للمحكمتين الجنائيتين الوارد في المرفق األول

880 . تمارس اآللية نفس االختصاص الموكل للمحكمتين الجنائيتين، حيث ورد في المادة

: األولى من نظامها األساسيتواصل اآللية االختصاص المادي واإلقليمي والزمني والشخصي لمحكمة يوغوسالفيا -1 «

ساسي لمحكمة من النظام األ 8إلى 1ومحكمة رواندا كما هو مبين في المواد من ا ممن النظام األساسي لمحكمة رواندا وكذلك حقوقه 7إلى 1يوغوسالفيا وفي المواد من

.881»ا، رهنا بأحكام هذا النظام األساسيموالتزاماتهويالحظ أن اآللية ستتواجد بصفة متزامنة عند بداية عملها مع المحكمتين الجنائيتين

التي تنظر فيها سواء في أول درجة أو في يااالمؤقتتين إلى غاية نهاية نظرهما في القضبالنسبة لآللية المتعلقة بمحكمة 2012جويلية 1االستئناف، وهو األمر الذي تحقق منذ

بالنسبة لآللية المتعلقة بمحكمة يوغوسالفيا، 2013جويلية 1رواندا و ابتداءا من سبة آلخر القضايا بالن 2016جويلية 31ويفترض أن تنهي محكمة يوغوسالفيا عملها في

عام قرر أن تنتهي أعمالها نهايةكان م، أما المحكمة الخاصة برواندا ف882التي بقيت أمامها2014

883.

.S/RES/1966) 2010(، 2010ديسمبر 22الصادر في 1966أنظر القرار 879 .21إلى 5، ص 1966أنظر القرار 880 .7، ص1966أنظر المرفق األول من القرار 881شكل فرار العديد من القادة المتهمين عائقا دون إنهاء المحكمة عملها في التاريخ المحدد سابقا، حيث يفترض بها أن 882

.، أنظر التفاصيل على موقع المحكمةmladicومالديتش Hadzicتنظر في آخر قضيتين هما حادزيتش ، 2012نوفمبر 14اندا لرئيس مجلس األمن في أنظر التقرير الموجه من قبل رئيس المحكمة الجنائية الدولية لرو883

S/2012/836 10، ص 35، فقرة.

Page 367: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

361

ينبغي التمييز بين حالتين لممارسة اآللية اختصاصها، فالحالة السائدة أنها ستتولى ا قرار بالتدريج مقاضاة األشخاص الذين هم من أبرز القادة وأصدرت محكمة يوغوسالفي

اتهام بشأنهم، غير أنه يمكنها أن تواصل المتابعة بالنسبة ألشخاص ليسوا من أبرز القادة بشرط أن تشرع اآللية في محاكمتهم بعد أن تكون قد استنفذت كل الجهود المعقولة إلحالة

.884من النظام األساسي لآللية 6القضية وفقا لما تنصعليه المادة المؤقت الذي يميز المحكمتين الجنائيتين المؤقتتين، وبالنظر باإلضافة إلى الطابع

للعدد الكبير من المتهمين الذين تمت إحالتهم أمامها، هناك مبرر آخر لتفويض اختصاصها .للجهات القضائية هو الفعالية التي تطبع بعضها

: فعالية المتابعة أمام المحاكم الوطنية) بمتين الجنائيتين الدوليتين لمتابعة مرتكبي ه مجلس األمن إلى إنشاء المحكاتج

في يوغوسالفيا السابقة ) م الدولية األخرى حسب كل حالةئوالجرا(الجرائم ضد اإلنسانية ورواندا، بالنظر للكفاءة العالية التي يتمتع بها القضاة الدوليون الذين يتحكمون في مختلف

نات التي تقدمها المحاكمة أمام المحاكم المفاهيم القانونية ذات الصلة، باإلضافة إلى الضما .الدولية من ضمانات للمحاكمة العادلة

ن األنظمة األساسية لهذه المحاكم وكذلك قواعد اإلجراءات متضو على الرغم منواإلثبات التي تم اعتمادها من تكريس الختصاصها وكفاءتها بالنظر في هذه الجرائم

كثير من الحاالت عن موقع ارتكاب الجرائم، مما الخطيرة، إال أنها تبقى بعيدة في ال .يصعب من أداء مهامها

ستراتيجية االنجاز تقديم دعم للقضاء الوطني بغية تزويده بالكفاءة والقدرة اتضمنت الالزمة على النظر في قضايا المتهمين الذين ال ينتمون لصنف القادة، بغية التخفيف على

.قيام بعملية متابعة القادة على أحسن وجهالمحاكم المؤقتة، وتمكينها من الغير أن بعض األنظمة القانونية والقضائية أحرزت تقدما مهما في عملية معاقبة

بالنظر لتجربتها السابقة ) وكذلك جرائم الحرب واإلبادة الجماعية(الجرائم ضد اإلنسانية عل أبرزها المحاكم األلمانية التي بدأت بالنسبة لبعضها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ول

.8و 7، ص 4/ 1، المادة1966المرفق األول من القرار : أنظر 884

Page 368: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

362

التي قامت بمتابعة العديد من مرتكبي هذه الجرائم بعد انتهاء عمل المحكمة العسكرية لنورمبرغ، ولقد سبق أن أشرنا إلى بعض القضايا التي نظرت فيها مثل ديميانيوك، ب جورجيتش، كما قام القضاء الفرنسي بإدانة متهمين بارتكاب جرائم دولية خالل الحر

، Touvierوتوفيي Barbie، وباربي Paponالعالمية الثانية مثلما كان الحال بالنسبة لبابون كما أثبت القضاء البلجيكي دورا فعاال في متابعة العديد من المتهمين بارتكاب جرائم دولية

.وفقا لمبدأ االختصاص العالمي مثلما تعرضنا له بالتفصيل في المطلب األول أعالهوتجد هذه المتابعة تبريرها في فعالية المحاكم الداخلية بالنظر لعدة اعتبارات، أهمها

عندما ترتكب األفعال المجرمة على إقليم دولة القاضي مما يتيح إمكانية جراءاتاإل تسهيلجمع وفحص األدلة بالنظر لتوفرها وسهولة الوصول إليها، في حين أن القضاء الجنائي

.له الوصول لألدلة إال بناء على التعاون الذي تبذله الدول في هذا الشأنالدولي لن يتاح تبرز هذه الخصوصية بالنسبة للمحكمتين الجنائيتين المؤقتتين بالنظر لطريقة

وجدتا بموجب قرار صادر عن مجلس األمن، ولقد تجسدت القوة أإنشائهما، حيث أنهما بدأ أولوية االختصاص لهما مقارنة مع التي أخرجت المحكمتان الى النور في تكريس م

المحاكم الوطنية، وهو األمر الذي ينتج عنه تخلي هذه األخيرة عن القضايا التي تنظر فيها م اعتماده، فعلى خالف لدولية بذلك، غير أن حال معاكساتعند تلقي طلب من المحاكم ا

ية للقضاء الوطني التخلي، هناك تفويض من المحاكم الدول في حالةاالتجاه التصاعدي .لممارسة المتابعة عن الجرائم الدولية المرتكبة

يقتضي المنطق أن هذا االتجاه التنازلي ال يمكن تصوره إال بالنسبة لقضاء وطني فعال، إذ أن المحكمتين الجنائيتين المؤقتتين اللتان تتمتعان باختصاص قائم على األولوية

ة لها من أجل ممارسة اختصاص المتابعة، غير أن المنشئ اتهما المؤهلتان بموجب القرارن تقوم بالمتابعة عوضا الظروف تقتضي في بعض الحاالت أن تطلبا من محكمة وطنية أ

.ا تعتبر في وضعية أفضل منهما للقيام بذلكعنهما، كونهينبغي اإلشارة إلى أن عملية التفويض ال تخص القادة الذين يستأثر القضاء الدولي

بالنظر للمسؤولية التي يتحملونها عن الجرائم التي ارتكبوها والتي تجعلهم بعيدا بمتابعتهمعن القضاء الوطني، بل أن األمر يتعلق فقط باألشخاص المتهمين غير القادة والذين

Page 369: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

363

سيثقلون كاهل القضاء الدولي بالنظر للعدد الكبير من القضايا المعروضة عليه، والتي ال .ستراتيجية االنجاز إذا تحملها لوحدهيمكنه إنهاؤها وفقا إل

اتجهت بعض الدول إلى إرساء دعائم قوية للتعاون مع المحاكم الدولية الجنائية 1996ماي 22مؤرخ في 432- 96قانونا رقم قد اعتمدتالمؤقتة، فنجد أن فرنسا

الذي أنشأ محكمة 955مة التشريع الفرنسي مع أحكام قرار مجلس األمن ءيتضمن ماللية من أجل محاكمة األشخاص المتهمين بارتكاب أفعال إبادة جماعية أو انتهاكات دو

على إقليم رواندا، وبالنسبة للروانديين، 1994خطيرة أخرى للقانون الدولي اإلنساني في .األفعال المرتكبة على إقليم الدول المجاورة

الجنائية المؤقتة والذي االلتزام بالتعاون الذي يقع على عاتق الدول تجاه المحاكم إندى ذلك نه ال يوجه فقط إلى الدول المعنية بالقرار ، بل أنه يتعأيحمل طابعا خاصا، حيث األعضاء في األمم المتحدة، بالنظر للسلطات الواسعة التي لكونه شامال لجميع الدول

ابع من يحوزها مجلس األمن عند المحافظة على السلم واألمن الدوليين بموجب الفصل الس .الميثاق

ذلك بجالء في النظامين األساسيين لمحكمتي يوغوسالفيا السابقة ورواندا، ولقد برز .بمواد أكثر تفصيال 885كما أنه تم توضيح هذه االلتزامات العامة

المؤكدة لبعض المحاكم الوطنية في مجال معاقبة الجرائم ضد ةالخبر تبينتولقد .محاكم الجنائية المؤقتة بإجراء المتابعة كما سنوضحهاإلنسانية عند تكليفها من قبل ال

بالمعاقبة تفويض االختصاصمحدودل تطبيق :الفرع الثانيمكرر من قواعد اإلجراءات واإلثبات خطوة حاسمة نحو 11ل تعديل المادة شك

القضائية للمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة، حيث أصبحت délocalisationعدم الموقعة : تنص

,« UBEDA, (Muriel), « L’obligation de coopérer avec les juridictions internationales: انظر 885

op. cit., p. 952.

Page 370: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

364

ها إلقاء القبض على المتهم فيسلطات الدولة التي تم ن إذا رآى المدعي العام أ - أ «مستعدة لمتابعته أمام محاكمها، وأنه من المالئم طبقا للظروف، أن تنظر محاكم هذه الدولة

.886»ة التمهيدية إصدار أمر طبقا لهذه المادة في القضية، يمكنه أن يطلب من الدائروكنتيجة لذلك، باتت مسألة احترام مقتضيات القانون الدولي لحقوق اإلنسان من قبل م دالمحاكم الوطنية المفوض لها ذات أولوية، خاصة احترام ضمانات المحاكمة العادلة وع

المحكمتين ، وسنتعرض لطريقة تفويض االختصاص لكال 887تطبيق عقوبة اإلعدام .المؤقتتين

:التفويض من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة. 1يبدو من ممارسة المحكمة الخاصة ليوغوسالفيا إلستراتيجية اإلنجاز أنها اتجهت نحو إحالة عشرات القضايا إلى المحاكم الوطنية، السيما محاكم البوسنة والهرسك

وتمثل معيار االختيار هنا في األقاليم التي لها عالقة مباشرة والمحاكم الكرواتية، صربيا لها أن ، وعلى الرغم من 888باإلنتهاكات التي ارتكبت في يوغوسالفيا السابقة

عالقة باألحداث التي تسببت في إنشاء المحكمة الجنائية الخاصة ليوغوسالفيا السابقة إال .889من قبلها مع المحكمة الدوليةأنه تقرر استبعادها بسبب غياب ألي تعاون

وأمام المحاكم ) -أ(وسنتعرض تباعا للتفويض أمام محاكم البوسنة والهرسك ).-ب(الكرواتية

:التفويض لمحاكم البوسنة والهرسك )أأدت الرغبة في تسريع وتيرة إنجاز أعمال محكمة يوغوسالفيا السابقة وإزالة

، والتي تكفلت بالنظر في أول 890بوسنة والهرسكالعبء عنها إلى إنشاء محكمة الدولة لل

ألول مرة في " توقيف قرار االتهام في حالة المتابعة أمام القضاء الوطني" التي تحمل عنوان اعتمدت هذه المادة886

.1997نوفمبر 17الصادرة عن المحكمة الدولية ليوغوسالفيا في IT/32/REV.12الوثيقة .FOUCHARD, I, Crime international ..., op, cit., p. 586: أنظر 887

888Ibid., p. 587. دولة أحسن دليل على غياب نية Mladicومالديتش karadzicل عدم إلقاء القبض على المتهمين كرادريتش مث 889

.في ؟؟، إال أن تم ذلك بمحاكمة المتهمين بالجرائم التي تدخل في اختصاص محكمة يوغسالفيا السابقة صربيا .FOUCHARD, I, Crime international ..., op, cit., p. 588: أنظر890

Page 371: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

365

والذي كان متابعا بارتكاب جرائم Stankovicقضية أحيلت لها وهي قضية ستانكوفيتش .اغتصاب وجرائم أخرى ضد اإلنسانية

إحالة قضية ستانكوفيتش ومعه جانكوفيتش ترتقرJanckovic891 من قبل المدعيتم إحالة قضية ستانكوفيتش تأن 2004سبتمبر 12العام للمحكمة الدولية، حيث طلب في

، وتم 2005ماي 17إلى سلطات البوسنة والهرسك، وأصدرت تشكيلة اإلحالة قرارا في الهرسك،و بإحالة القضية أمام محكمة الدولة في البوسنة 2005نوفمبر 15تأكيده في

األشخاص التي مساس بكرامةو اغتصابو الذي بعد ثبوت التهمة عليه بأفعال استرقاقوسنة 20بعقوبة 2007مارس 28تشكل في مجملها جرائم ضد اإلنسانية، حكمت عليه في

.سجناأما قضية جانكوفيتش فجاء طلب المدعي العام باإلحالة أمام محكمة الدولة في

، وتم 2005جويلية 22و جاء قبول اإلحالة في ، 2004نوفمبر 29الهرسك في و البوسنةوبعد ثبوت 2005ديسمبر 8وتمت إحالته الفعلية في ، 2005نوفمبر 15تأكيده في

سنة 34التهمة عليه بارتكاب أفعال تعذيب واغتصاب حكمت عليه محكمة الدولة بعقوبة .2007نوفمبر 18سجن في ، الذي كان متهما 892Trbicر في إطار عمليات اإلحالة إلى قضية تربيتش ينش

جرائم ضد اإلنسانية في صورة اإلبادة، القتل بارتكاب جرائم إبادة جماعية وواالضطهادات ألسباب سياسية، عرقية أو دينية باإلضافة إلى النقل القسري، كما وجهت

.له اتهامات بارتكاب جرائم حربوكما حدث في القضية السابقة، تقدم المدعي العام لدى المحكمة الدولية

04يتش أمام محاكم البوسنة والهرسك في ليوغوسالفيا السابقة بطلب إلحالة قضية ترب

الذي هو وحدة شبه عسكرية صربية كانت موجودة في Milijevinaيعد ستانكوفيتش عضوا في لواء ميليفينا 891

بالبوسنة والهرسك، أما جانكوفيتش هو قائد مساعد في الشرطة العسكرية وأحد أبرز القادة شبه العسكريين Focaمنطقة .Focaفي منطقة

,Fiche informative, « FOCA », (IT 96-23/2), Le procureur contre Gojko: أنظر تفاصيل أكثر في

Jankovic et RadoVan Stankovic .على موقع المحكمة الخاصة بيوغوسالفيا السابقة . ، الذي كان ينشط في شرق البوسنة والهرسك، وكان VRSفي جيش صرب البوسنة نقيبتريببتش كان له رتبة 892

.Nikolicيعمل تحت مسؤولية نيكوليتش

Page 372: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

366

جوان 11، وتمت اإلحالة في 2007أفريل 27، حيث صدر أمر باإلحالة في 2006ماي ، وعلى إثر ذلك تمت محاكمته أمام محكمة الدولة في البوسنة والهرسك وصدر 2007

قبل سنة سجن، تم تأكيدها من 30وحكم عليه بعقوبة 2009أكتوبر 16قرار بإدانته في .893هيئة االستئناف لمحكمة البوسنة والهرسكوالتي تعلقت TODOVICوتودوفتش RASEVICأما بالنسبة لقضية راسفيتش

تل، قنسانية تتمثل في االضطهادات، البارتكاب المتهمين أفعاال تشكل جرائم ضد اإللة في الفاتح السجن، االسترقاق والمعاملة الالإنسانية، فلقد تولى المدعي العام طلب اإلحا

بالنسبة لراسفيتش، وبعد 2004نوفمبر 04بالنسبة لتودوفتش وفي 2004من نوفمبر ، 2006أكتوبر 3جملة من اإلجراءات، أحيل المتهمان إلى محاكم البوسنة والهرسك في

سجنسنة ونصف 12و سنوات ونصف 8وتمت إدانتها من قبل محكمة الدولة بعقوبة .على التوالي، الذي LJubicic894دعي العام إحالة قضية أخرى تخص المتهم ليوبستش ى المتول

كان متهما بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية تتمثل في اضطهادات وأعمال قتل وأفعال ال 12، وقبلت الهيئة المختصة هذه اإلحالة في )باإلضافة إلى جرائم الحرب(إنسانية أخرى

مة الدولة في وحوكم أمام محك 2006 ديسمبر 22، التي تمت فعليا في 2006أفريل .سنوات سجن 10بعقوبة 2008أفريل 29ي حكمت عليه في تالبوسنة والهرسك ال

، فقد تم اتهامهم بارتكاب أفعال 895أما بالنسبة لقضية المتهم ميجاكتش واآلخرون اضطهادات ألسباب سياسية، عرقية، ودينية، وكذلك القتل، واألفعال الالإنسانية التي تعد

على موقع محكمة Fiche informative, « SREBRENICA » (IT-05-88/1) ; Milorad TRBIC: أنظر 893

.يوغوسالفيا السابقةفي أعلى رتبة لكل وحدات الشرطة العسكرية لقوات الدفاع الكرواتية، قوات 1993صيب ليوبستش منذ جانفي نتم ت 894

.كروات البوسنة، وذلك في قلب البوسنةعلى موقع محكمة ; fiche informative, « vallée de la Lasva », (IT-00-41) Pasko, LJUBICIC: أنظر

. يوغوسالفيا السابقةقائد مركز االعتقال في منطقة أومرسكا، الذي أنشأته القوات الصربية شمال غرب MEJAKICيعد ميجاكتش 895

الذي كان قائد فرقة الحراس لمعتقل أومرسكا، وفوستار GRUBANالبوسنة والهرسك، وساعده المتهمون غروبان FUSTAR قائد لفرقة حراس معتقل كيراتزم، وكنزفتشKNEZVIC الذي وإن لم يكن يمارس أي مهمة رسمية في

.المعتقلين، إال أنه كان له الحرية في دخولهما وخروجهما

Page 373: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

367

، وتقدم المدعي )باإلضافة إلى ارتكابهم لجرائم حرب(في مجملها جرائم ضد اإلنسانية 20، وأصدرت هيئة اإلحالة أمرا في 2004سبتمبر 02طلب إحالة قضيتهم في بالعام

قبلت فيه اإلحالة، وبعد استئناف دفاع المتهمين، تم قبول اإلحالة من قبل 2005جويلية ، أين 2006ماي 9التهم جميعا إلى البوسنة والهرسك في غرفة االستئناف وجرت إح

جرت محاكمتهم أمام محكمة الدولة، والتي أصدرت حكما بإدانة ميجاكتش بالسجن لمدة سنة، وغروبان بـ 31، وكذلك إدانة كنزفتش بالسجن لـ 2008ماي 30سنة في 21 9ر بالسجن سنة سجنا، وكان سبق لها أن أصدرت حكما في حق المتهم فوستا 11

سنوات، وبعد استئناف حكم المتهمين الثالث، أصدرت تشكيلة االستئناف لدى محكمة الدولة قرارا بتثبيت العقوبة التي تخص المدانين مجاكتش وكنزفتش، وخفضت عقوبة

.سنوات سجنا 7روبان إلى غالمدان في المحكمة رت هيئة اإلحالة يالحظ أنه في جميع القضايا المشار إليها أعاله، قر

يالخاصة بيوغوسالفيا السابقة أن تطلب من المحكمة الدولية في البوسنة والهرسك تولمكرر من 11محاكمة المتهمين بناء على طلب تقدم به المدعي العام للمحكمة وفقا للمادة

قواعد اإلجراءات واإلثبات، وما كان للمحاكم الوطنية أن تباشر محاكمة المتهمين من غير ادة، وذوي المسؤوليات المتوسطة لوال الدعم الذي تلقته من المحكمة الدولية، والذي الق

والخبرات من المحكمة إلى جهات قضائية للدول الناشئة عن فتمثل في نقل المعاريوغوسالفيا السابقة، حتى تتمكن من أداء مهام معاقبة مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية وفقا

ي، وفي هذا للمعايير الدولية، علما أنها ليست متخصصة في مجال القانون الدولي الجنائن بمساعدة الشهود تكوينا من قبل نظرائهم في ن واألشخاص المكلفوواإلطار تلقى القانوني

للممارسات المطورة من قبل المحكمة الجنائية الدولية دليل المحكمة الدولية، وتم إعداد 2009ليوغوسالفيا السابقة صدر في ماي

الذي شكل وثيقة هامة استلهمت منها 896 .كالسلطات في هذه الدول التي قامت بالمحاكمة بناءا على تفويضها بذل

Fiche informative « Camps d’Omareska et de kératerm », (IT-02-65), MEJAKIC et: أنظر

consorts فيا السابقةعلى موقع محكمة يوغوسال. ويمكن اإلطالع عليه على موقع المحكمة الدولية ,Manuel des pratiques développées par le TIPYوهو 896

.ليوغوسالفيا السابقة

Page 374: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

368

وإذا كانت اإلحالة إلى محاكم البوسنة والهرسك لم تطرح إشكاال، إلى أن األمر كان .مختلفا أمام المحاكم الكرواتية وهو ما سنبينه كاآلتي

:التفويض للمحاكم الكرواتية)بعلى عكس السلطات في البوسنة والهرسك، لم تتلق السلطات الكرواتية إحالة من

ونوراتش ADEMIفي قضية واحدة تخص كال من أدمي قبل المحكمة الدولية إالNORAC897 اللذان كان متهمين بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية تمثلت في أفعال اضطهاد

، وما يميز هذه اإلحالة أنها )باإلضافة إلى جرائم حرب(ألسباب عرقية، سياسية أو دينية ه القضايا، بل يبدو كذلك أن لم تتعلق بمتهمين من غير القادة كما هو المعتاد في مثل هذ

محكمة يوغوسالفيا السابقة اعتبرت أن خطورة األفعال، الوضعية الهرمية للمتهمين ال تشكل بحد ذاتها عائقا أمام إحالة القضية أمام المحاكم هلعبوالذي وكذلك الدور

.898الكرواتيةعة من أجل يبدو أن محكمة يوغوسالفيا السابقة قد منحت لنفسها سلطة تقديرية واس

مكرر من قواعد 11تقدير معايير اإلحالة على الرغم من كونها معرفة بدقة في المادة اإلجراءات واإلثبات، حيث رغم إقرار المحكمة بوجود نقائص في قانون العقوبات

ن من تغطية مجمل األفعال المنسوبة للمتهمين، مما قد يفيد بإمكانية إبقاء كالكرواتي ال تم : لك، حيث ورد في قرارهاذذهبت إلى عكس هاها، إال أنالقضية أمام

فإن تشكيلة اإلحالة ليست مقتنعة بأنه ينبغي استبعاد قضية من ،نظرا لهذه االعتبارات «اإلحالة بسبب واحد وهو وجود اختالف طفيف يمكن أن يبدو عند تطبيق القانون بين

وفي حالة اإلحالة، تكون محكمة المقاطعة . المحكمة الدولية والجهة القضائية الكرواتيةالقانون المطبق على كل فعل من األفعال المختصة في كرواتيا هي المؤهلة بتحديد ما هو

.899»اإلجرامية المنسوبة للمتهمين

، أما نوارتش فكان قائد للفرقة المؤللة 1993غرب كرواتيا في GOSPICكان أدمي قائدا مؤقتا للمقاطعة العسكرية 897

motorisée 1993التابعة لحرس الجيش الكرواتي في. .FOUCHARD, I., Crime international …, op. cit., p. 588:أنظر 898 TIPY, le procureur C.ROHIM Ademi et Mirko Norac, IT-04-78PT, Décision portant:أنظر 899

renvoi d’une affaire aux autorités de la République de Croatie en application de l’article 11 bis du règlement, 14 septembre 2005, par. 46.

Page 375: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

369

عالن أدمي غير مدان بجميع إن أمام محكمة مقاطعة زغرب، تم بعد إحالة المتهمي .األفعال التي كان متهما بها، أما نوراتش فحكمت عليه المحكمة بعقوبة سبع سنوات سجنا

:التفويض للمحاكم الصربية ) جالبداية استبعاد ذرت منقر يوغسالفيا السابقة محكمة سبق وأن أشرنا إلى أن

المحاكم الصربية من عمليات اإلحالة بالنظر لعدم إبرام دولة صربيا والجبل األسود اتفاق KOVACEVIC900كوفاسيفيتش للمتهم التعاون معها، ومع ذلك تم إحالة قضية واحدة

ير أن المحاكم في جمهورية صربيا اعتبرت أنه غير وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب، غ .قابل للمحاكمة بسبب حالته الصحية

اعتبرت هيئة اإلحالة أن صربيا قادرة في المرحلة الحالية على متابعة تطورات .901صحة كوفاسيفيتش وأن تعمل على إعادة محاكمته إذا كانت حالته الصحية تسمح بذلك

التفويض التي قامت بها المحكمة الدولية أهم ما يمكن استنتاجه من عمليةليوغوسالفيا أنه في سياق إستراتيجية إنجاز األعمال وجدت هناك مفارقات تمثلت في قيام المتهمين باالعتراف بالذنب بغرض تجنب إحالتهم أمام الجهات القضائية الوطنية، وهو ما

بخطورة الجرائم والذي تمسك عند استئناف أمر اإلحالة 902حدث في قضية جنكوفتشالمنسوبة إليه وكذلك وضعيته في هرم المسؤوليات وقت ارتكاب األفعال لم تؤخذ في الحسبان من قبل تشكيلة اإلحالة، ولقد قارن وضعيته بقادة آخرين يحاكمون أمام المحكمة

. الدولية ليطلب االستفادة من نفس المعاملةمحاكم الدول التي وقعت قدرات عزيزهي تللمحكمة كانت يبدو أن األولوية بالنسبة

أكثر فعالية، وتكتسب خبرة معتبرة تمكنها من إرساء دعائم لجعلها الجرائم على إقليمها دولة القانون وجعل حقوق اإلنسان بمفهومها الدولي األوروبي أكثر تكريسا، غير أن

.الوضع كان مخالفا بالنسبة للمحكمة الدولية لرواندا

. 1991للجيش الشعبي اليوغسالفي منذ نهاية 472الذي يعتبر قائد اللواء الثالث للفرقة المؤللة الـ 900Fiche informative, (IT-01-42/2) Vladimir KOVACEVIC

.قةأنظر على موقع محكمة يوغوسالفيا الساب : أنظر 901

Renvoi du procès de Vladimir Kovacevic devant les instances nationales serbes,communiqué de presse, La Haye, 17 novembre 2006.

.FOUCHARD, I., Crime international …, op. cit., p. 589:أنظر 902

Page 376: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

370

الوطنيالتوجه نحو القضاء : التفويض من قبل المحكمة الجنائية الدولية لرواندا. 2

:األوروبيفي مرحلة متأخرة نسبة للمحكمة الدولية لرواندا إاللم تثر مسألة التفويض بال

، ولعل أهم إشكال ثار 903مقارنة مع المسار الذي بدأ أمام المحكمة الدولية ليوغوسالفيامحاكم الرواندية التي تعد مختصة وفقا لمبدأ اإلقليمية هو إمكانية النطق عند اإلحالة أمام ال

.904باإلعدام ضد المتهمين وتنفيذ هذه العقوبة عليهملتفادي مثل هذه الوضعيات، تم كمرحلة أولى التفكير في مواءمة التشريع الرواندي

تم استحداثها مكرر من قواعد اإلجراءات وقواعد اإلثبات التي 11مع مقتضيات المادة إلى 5، المنعقدة من 12ألول مرة بموجب التعديل الذي تم في الجلسة العامة للقضاة الـ

إحالة قرار االتهام أمام محكمة ’‘، ولقد نصت هذه المادة التي عنوانها 2002جويلية 6 : على ما يلي ’’أخرى

: ة أنإذ تبين بطلب من المدعي العام أو تلقائيا للدائرة التمهيدي -أ «i المتهم مستعدة لمحاكمة على ) القبضإلقاء دولة (سلطات الدولة التي تم إلقاء القبض فيها

هذا األخير أمام محاكمها، أو ii مستعدة للقيام بذلك، وال تعترض سلطات دولة ) دولة التلقي(أن سلطات دولة أخرى

القبض على ذلك، وiii أنه من المالئم وفقا لظروف محاكم دول القبض والتلقي في هذا الحالة، أن تمارس

واليتها على المتهم، فإن الدائرة التمهيدية وبعد منح الفرصة لسماع المتهم الموقوف أمام ضده، في انتظار بدأ اإلجراءات أمام المحاكم المتابعاتالمحكمة، يمكنها أن تأمر بوقف

.»الوطنية

.Ibid., p. 590 : أنظر 903 :أنظر 904

, p.591.Ibid.

Page 377: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

371

رواندا لبعض القضايا لالمواءمة التشريعية محاولة لتفويض المحكمة الخاصة ونتج عن، غير أن غرفة اإلحالة 905إلى محاكم رواندا بالنظر لتوفر ضمانات المحاكمات العادلة

أن كال من التشريع والممارسة 2008ماي 20اعتبرت في قرار صادر عنها في بالتالي و المتعلقة بحماية حقوق اإلنسان،الدولية الرواندية ال يعدان كافيين بالنظر للمعايير

.906الخاصة بروانداه الحالة إحالة القضايا من قبل المحكمة الدولية ذال يمكن في هالفرق الكبير بين وضعية إنجاز العمل في محكمة يوغوسالفيا السابقة هنا يبرز

تشهده القارة اإلفريقية رتها في رواندا، إذ سبق وأن تعرضنا للتأخر الكبير الذييوبين نظعلى مستوى مواءمة تشريعاتها الداخلية مع النصوص العقابية الدولية، مما جعل المحكمة الدولية لرواندا تحرص كل الحرص على أن تنهي أعمالها في إطار إعطاء األولوية

ية، ن إبعاد اإلحالة في المحاكم الرواندأللمحاكمة العادلة، وهو ما جعل البعض يشير إلى يجية االنجاز التي تقوم على آجال محددة لن تتمكن بذلك تولو بصفة مؤقتة سيعرقل استرا

.907من احترامهاول دومن خصوصية الوضعية كذلك أن المحكمة الدولية اتجهت إلى اإلحالة إلى

تتمكن من إبرام اتفاق بسبب إبرام اتفاقيات معها، خاصة أنها لم فريقيةاإلخارج القارة مع رواندا، وال يوجد لهذا االتفاق نظير مع الدول اإلفريقية األخرى، وهو ما إال لإلحالة

: ورد في تقريرها كما يليخارج القارة اإلفريقية، وخصوصا في أوروبا، لم يتمكن المدعي العام إلى غاية اليوم «

.908»من الحصول إال على ثالث موافقات في هذا المجالبالنسبة للقضايا رواندا و وألمانيا909إلى كل من فرنساولقد تم الترتيب لإلحالة .األربع التي سنتعرض لها تباعا

: أنه 1997نوفمبر 20إذ ورد في التقرير الصادر عن المحكمة الدولية في 905بثالث منذ إلغاء عقوبة اإلعدام مؤخرا في رواندا، واعتماد قوانين جديدة تضمن المحاكمة العادلة، تقدم المدعي العام "

مكرر من أجل إحالة قضايا ثالث متهمين محبوسين في آروشا وكذلك متهم هارب أمام رواندا، 11طلبات وفقا للمادة ".ومازالت هذه الطلبات عالقة أمام المحكمة

.FOUCHARD, I., Crime international …, op. cit., p. 590: أنظر 906 .Ibid., p. 591 :أنظر 907 .من تقرير إستراتيجية اإلنجاز المشار إليه سابقا 34أنظر الفقرة 908

Page 378: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

372

:اإلحالة إلى فرنسا )أتتعلق أول قضية طلب المدعي العام إحالتها إلى فرنسا بالمتهم بوسيباروتا

BUCYIBARUTA910 إلى المحاكم الفرنسية بسبب ارتكابه جرائم ضد اإلنسانية تمثلت، ولقد تقرر إحالة )باإلضافة إلى جرائم اإلبادة الجماعية( 911قتل واالغتصابفي اإلبادة، ال

، حيث تم استدعاؤه 912أين يوجد مكان إقامته Troyesترواالمتهم أمام النيابة العامة في ، وتقدم المتهم باستئناف لقرار اإلبقاء في الحبس أين تم 2000وإخضاعه للتحقيق في ماي .2000ديسمبر 20ي التحقيق صادر في إطالق سراحه بقرار من قاض

أصدرت محكمة النقض ،وبالنظر للصعوبات التي قد تجدها المحاكم الفرنسيةوفي (فيه أن تتم إحالة التحقيق في هذه القضية ورد 2001سبتمبر 26الفرنسية قرارا في

لعدالة، كما أن اتسيير حسنغرض في باريس ل الدائرة الكبرىإلى محكمة ) قضايا أخرىذ طلب اإلحالة تنفي من قبل محكمة استئناف باريس برفضهذه القضية عرفت اعتراضا

. 913به المحكمة الجنائية الدولية لرواندا تالذي تقدمالذي كان قسيسا في كنيسة MUNYESHYAKAيشياكا يكما تمت إحالة المتهم مون

اب جرائم ضد اإلنسانية تمثلت واتهم بارتك 1994جويلية 05أفريل إلى 10كيغالي من نوفمبر 20، بناء على قرار اإلحالة الصادر في العمد في االغتصاب، اإلبادة والقتل

: عن الدائرة التمهيدية في المحكمة الدولية لرواندا، حيث جاء في القرار ما يلي 2007ة، بما فيها يؤكد المدعي العام أن فرنسا مختصة ومستعدة تماما لقبول قضايا من المحكم «

القضية المتعلقة بمونييشياكا على أساس مبدأ االختصاص العالمي الذي أخذت به فرنسا

.REBUT, Didier, droit …., op. cit., p. 523:أنظر 909وقت وقوع أحداث التقتيل في رواندا، وبالتالي كانت له Gikongoroكان المتهم يشغل منصب والي جيكونغورو 910

.سلطة على كامل المقاطعة، كما أنه نظم وسير بهذه الصفة عمليات التقتيل TPIR, affaire ICTR – 2005 – 85 - I, le Procureur c. Laurent BUCYIBARUTA, Acte:أنظر 911

d’accusation, p. 2 et 12 à 21. Rwanda. La répression des présumés génocidaires rwandais devant les juridictions: أنظر 912

françaises : Etat des lieux, in www.fidh.org/La-repression-des-Présumés,. CAHN, (Olivier), « Le jugement en France par délégation d’une juridiction pénaleأنظر 913

internationale », in R.S.C.D.P.C, 2008, n° 2, p. 274.

Page 379: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

373

31أو الدول المجاورة بين الفاتح جانفي و/للنظر في الجرائم الدولية المرتكبة في رواندا و .914»1994ديسمبر

وبعد تأكدها من عدم تطبيق عقوبة اإلعدام ومن حصول المتهم على محاكمة تجمع بين مفهومي التفويض أنهاومن خصوصية هذه القضية .عادلة، أمرت باإلحالة

واالختصاص العالمي، ونشير كذلك إلى أن المحاكم الفرنسية كانت قد شرعت في متابعة 1995جويلية 25المتهم منذ

. حتى قبل إحالة القضية إليها رسميا 915كوريايو ونتاتهم المكما أن المدعي العام كان قد طلب إحالة قضية

NTAWUKURIYAYO أمام القضاء الفرنسي، باعتباره كان متواجدا في فرنسا، وبعدسنة سجنا، 25تم تسليمه إلى المحكمة الدولية التي حاكمته وأدانته بعقوبة ،عدة إجراءات

20بتخفيض العقوبة إلى 2011ديسمبر 14وبعد قيامه باستئناف الحكم، صدر قرار في .إلى مالي أين يقضي عقوبته 2012جويلية 4تقرر نقله في سنة سجن، و

:رواندا إلىاإلحالة )بUWINKINDIكانت هناك محاولة إلحالة قضية المتهم أوينكندي أمام القضاء 916

عدم اقتناع المحكمة الدولية لرواندا بتوفر رغمو الرواندي كما سبق وأن أشرنا إليه،الضمانات لمثل هذه المحاكمات في مرحلة سابقة، تم إحالتها في األخير، وكذلك قضية

الذي تمت متابعته بارتكاب جرائم ضد 917اريشمونياجي MUNYGISHARIالمتهم .واالغتصاب وتمت إحالته إلى رواندا مؤخرا العمد اإلنسانية تتمثل في القتل

ر ابتوالطلب إحالة قضية المتهم نجير بادرةكانت هناك مما كNGIRABATWARE ،الذي كان وزير التخطيط في رواندا أمام المحاكم األلمانية

لمحاكمته عن جرائم ضد اإلنسانية، غير أن موقعه في هرم السلطة أدى إلى استبعاد هذه

TPIR, Chambre de première instance désignée en vertu de l’article 11 bis, le:أنظر 914

procureur C. Winceslas MUNYESHYKA, affaire ICTR-2005-87-I, 20 novembre 2007, par 5, p. 3.

.Rwanda. La répression des présumées génocidaires rwandais. .. ,op. cit., p. 2: أنظر 915كنيسة كاينزي وقت ارتكاب أفعال لتقتيل، وكان متعاونا مع الحزب المتطرف الذي قام بإيعاز راهبا فيكان المتهم 916

.توتسيمنه بتقتيل مجموعة من قبيلة ال .التقتيلأفعال كان المتهم أمين عام للحزب المتطرف خالل ارتكاب 917

Page 380: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

374

مة القادة عن الجرائم التي تدخل اإلمكانية ألن المحكمة الدولية لرواندا هي المؤهلة لمحاك .في اختصاصها

نفس الظروف يبدو من خالل هذه القضايا أن المحكمة الدولية لرواندا لم تلق العبء عليها قصد إنجاز أشغالها في اآلجال المحددة، مما فيخفالمواتية لتتمكن من ت

ة لها، ولعل يطرح مسألة فعالية القضاء الوطني في رواندا وكذلك في الدول المجاورالسلطة التي تتمتع بها في طلب إحالة القضايا، وكذا في بعض الحاالت إلغاء طلب اإلحالة وإعادة محاكمة المتهمين أمامها، تنبع من مبدأ سمو هذه المحاكم المنشأة بقرار من مجلس

.األمن على المحاكم الوطنيةم الدولية المؤقتة كما يظهر أن معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية من قبل المحاك

والمحاكم الوطنية أدت إلى بروز حيوية لالنتقال من القانون الدولي إلى القانون الداخلي .في مسار يعرف مرونة وكذلك إشكاالت في عدة حاالت

Page 381: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

اختصاصات قضائية متعددة املعاقبة الثاينالفصل

375

خالصة الباب الثانيالنصوص القانونية مختلفة المصادر التي تضمنت معاقبة الجرائم ضد ترافقت

و أاإلنسانية مع تعدد الجهات القضائية التي تتولى هذه العملية سواء على المستوى الدولي الداخلي في سياق تميز بتعدد الجهات القضائية الدولية و هو ما نتج عن التحوالت التي

.شهدتها الساحة الدوليةالجرائم ضد اإلنسانية و خصوصيتها تقتضي أن تتولى محاكم دولية متابعة فطبيعة

مرتكبيها، و على الرغم من وجود محكمة العدل الدولية بإرثها القضائي الكثيف، إال أنها ليست مخولة بهذا اإلختصاص، و تضافرت الجهود في إنشاء محاكم دولية عبر عدة

عقاب و إنصاف الضحايا، فانتقلنا من فترة ان الهدف من ورائها هو تكريس الفترات كالمحاكم العسكرية الدولية إلى المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة، التي مهدت للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة التي تشكل تفعيال لفكرة قديمة، و تعززت هذه الترسانة القضائية

.ية المحاكم المختلطةبمحاكم مزجت بين القانون الدولي و الداخلي لتأخذ تسمو لم يكن من المتصور أن تبقى المحاكم الوطنية بعيدة عن هذا المسعى، غير أن األهم هو الخروج عن الصورة التقليدية للمتابعة بتطور معاقبة تقوم على اإلختصاص العالمي في إنعكاس لتدويل القضاء الوطني، و بتكفل القضاء الوطني بمعاقبة مجرمين

.القضاء الدوليبتفويض من إن تظافر مبادئ األولوية و التكميلية و العالمية أدى إلى بروز حركية أوجدت عدة مستويات لمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في تفاعل مستمر أسهم في توضيح هذا المفهوم القانوني الذي يحتاج إلى معالم مؤكدة خاصة بالنظر لظروف بروزه في القانون الدولي

. داة الحرب العالمية الثانيةالجنائي غ

Page 382: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

376

خاتمـــةخاتمـــةخاتمـــةخاتمـــة

Page 383: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

377

خاتمةعلى إن التطور الذي عرفه مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية منذ ظهوره ألول مرة

و على الصعيد القانوني في ميثاق نورمبرغ و المستوى السياسي بعيد أحداث إبادة األرمن يبرز أن بلورة أي مفهوم قانوني إنما تكون محكومة بالمحيط السياسي و طوكيو

لذي يمنحها بعدا يتسنى من خالله تحديد مكنونه و اإليديولوجي، و بالسياق التاريخي ا .اإلحاطة بمداه

لئن كان المفهوم يعد حاليا من أهم ركائز القانون الدولي الجنائي باعتباره ينضوي ضمن الجرائم الدولية األكثر خطورة لمساسها بالسلم و األمن الدوليين، إال أنه عرف

ونية التي منحته تفسيرا و تطويرا لكي يقترب في مساهمة لترسانة أخرى من القواعد القانفمن المؤكد أن تجزؤ القانون الدولي . الدقة من جرائم الحرب و جريمة اإلبادة الجماعية

كان ليعطي دفعا نحو توضيح المفهوم ليس في إطار القانون الدولي الجنائي فقط، بل كذلك التفسير و التطبيق، و كذلك القانون الدولي في القانون الدولي العام بمبادئه العامة المتعلقة ب

ن عتبار هذين الفرعين أصبحا متكامليلحقوق اإلنسان بل حتى القانون الدولي اإلنساني با .إلى حد بعيد في المرحلة الحالية

غير أن أهم حدث ينبئ عن دخول معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية عهدا جديدا هو نحو القانون الداخلي في ظل تكريس تدريجي لسيادة انتقال المسار من القانون الدولي

جنائية نسبية للدولة بعد أن كانت السيادة بمختلف أبعادها مفهوما مطلقا ال يقبل أي تقليص، و كان لنظام روما األساسي دفعا قويا نحو اعتماد الدول للمفهوم في قوانين عقوباتها

من اتفاقية روما و بين 7لمادة بطريقة تأرجحت بين اعتماد المفهوم كما جاء في اإن . استحداث بعض الصور التي تستجيب للخصوصيات و للظروف التاريخية لكل دولة

عملية المواءمة التشريعية أسهمت في جعل المفهوم أكثر وضوحا و دقة، بل أنها في بعض الدول مكنت من إرساء معاقبة جرائم خطيرة ارتكبت خالل فترات دكتاتوريات

و هو ما ينبئ عن توافق و تناغم بين . تاريخها بأبشع انتهاكات حقوق اإلنسانرسمت القانون الدولي الجنائي و القوانين الجنائية الوطنية و الذي يعد من اإلتجاهات الحديثة التي

. تعرفها العالقة بين القانون الدولي و القانون الداخلي

Page 384: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

378

عقاب هو م فعالية في تكريس مبدأ الئو من الجوانب التي أعطت لمعاقبة هذه الجرااإلجتهاد القضائي للمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة ليوغسالفيا السابقة التي تقترب من إنتهاء فترة عملها و التي ستخلف ال محالة إرثا قانونيا و قضائيا ستنهل منه الجهات

ة الجنائية الدولية أو القضائية التي ستتولى عملية المعاقبة سواء تعلق األمر بالمحكمالمحاكم الداخلية، و ما اإلشارة الحتمية الجتهادها القضائي في القرارات التي تعرضنا لها

.إال أفضل دليل على الحجية التي تتمتع بها و على القيمة القانونية المؤكدة التي تحوزهاوية لمعاقبة يمكن اعتبار أن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بما شكل من دفعة ق

الجرائم ضد اإلنسانية أكد على فعالية المعاقبة عبر تكريس صريح لمبدأ الشرعية الجنائية، و هو األمر الذي حال دون تطور الجرائم ضد اإلنسانية عند ظهورها في ميثاق نورمبرغ

كما . الذي لم ينص عليه، ال سيما أنها كانت مرتبطة في نفس الوقت بوجود نزاع مسلحفهوم مسؤولية الحماية الذي يعد إحدى الصور لحديثة للوقاية من الجرائم ضد أن م

اإلنسانية و المعاقبة عليها سيؤدي إلى وجود تكامل بينه و بين المعاقبة في ظل نظام روما األساسي باعتبارهما يتجهان إلى تحقيق نفس الهدف المتمثل في حماية اإلنسان وكذلك

.السلم و األمن الدوليينير أن بعض العوامل من شأنها أن تبرز محدودية المعاقبة لجرائم تمس في جوهرها غ

باإلنسانية و كرامة اإلنسان و تؤدي إلى فعالية محدودة في المعاقبة، و يبرز ذلك من خالل عزوف أغلب الدول العربية و اإلسالمية عن المصادقة على نظام روما األساسي

أخرى، و هو ما انعكس على منظومتها القانونية اهية أحيانألسباب تعد معقولة أحيانا و واو القضائية الداخلية التي تعرف غياب نصوص تتولى المعاقبة و محاكم تسعى إلى منع

كما أن الفقه . إفالت مرتكبي هذه األفعال من العقاب كما عالجناه بالتفصيل في األطروحةالتي عرفها المفهوم و التي تكاثفت منذ فترة العربي لم يسهم إال نادرا في الكتابات الغزيرة

بسبب غياب اتفاقية دولية شاملة على شاكلة ما يحكم جرائم الحرب و اإلبادة الجماعية، و هو ما يعد ضعفا في مواجهة التيار الفقهي الغربي المهيمن الذي وجد في ذلك مجاال

ي و اإلسالمي بركب الدول و نعتقد أن الوقت مناسب ألن تلتحق دول العالم العرب. خصبااألطراف في نظام روما األساسي حتى تتفادى متابعة مواطنيها بتدخل مجلس األمن كما

Page 385: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

379

تتيحه اتفاقية روما، وألن تعتمد قوانين المواءمة التي تمكنها من القيام بعملية المتابعة .عوض أن تكون في موقع الضحية كما حدث في عدة مناسبات

إيجابيات مبدأ اإلختصاص العالمي لتدرجه ضمن قوانينها كما عليها أن تستخلصالداخلية و تتمكن بدورها من معاقبة مرتكبي الجرائم ضد اإلنسانية حتى و إن لم يتواجدوا فوق إقليمها، و تطبقه بطريقة فعالة بعيدة عن الحساسيات التي يثيرها منذ فترة بسبب

ما سيساعد في تكريس مبدأ اإلختصاص و هو . استخدامه بطريقة انتقائية و موجهة .التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية مع الجهات القضائية الوطنية

إن معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في الفترة الحالية توجد على مفترق طرق يجمع بين توجهات جديدة للقانون الدولي تتميز بسيطرة العولمة و بروز فاعلين جدد ينافسون

عملية إنتاج القواعد القانونية، و تطورات في مفهوم األمن الدولي أفرزت مبدأ الدولة فيمسؤولية الحماية الذي تحاول بعض الدول جعله قاعدة قانونية مكرسة مما يتطلب من الدول أن تمأل الفراغ القانوني الموجود في أنظمتها حتى ال تتجاوزها األحداث و تكون

في تطوير هذا المفهوم القانوني الذي ما زال يحتاج إلى هي المساهم الفعال و الحقيقيتوضيح بالنظر لعملية التفاعل المعياري التي يمكن أن تسفر عن تضارب في وجهات النظر بين النظامين القانونيين الدولي و الداخلي، و بذلك تبقى السيادة للقانون حتى و إن

. و نتيجة المعاقبة الفعالةتراجعت سيادة الدولة حتى يكون إرساء العدالة ه

Page 386: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

380

قائمة المراجعقائمة المراجعقائمة المراجعقائمة المراجع

Page 387: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

381

قائمة المراجع

باللغة العربية ـ الكتب 1، دار 14سقيعة، ، الوجيز في القانون الجزائي الخاص، الجزء األول، طبعة بوسنأح

.ص 488، 2012هومة، ان ، الجرائم الدولية في ضوء القانون الدولي الجنائي و الشريعة عثممد عبد الحكيم أح

.ص 549، 2009اإلسالمية، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر و البرمجيات، نية، المركز القانوني لضحايا الجرائم الدولية، دار اليازوري العلمية للنشر عبد اهللا موبن بو

.ص 252، 2014و التوزيع، فر علي محمد، اإلتجاهات الحديثة في القانون الدولي الجزائي، المؤسسة الجامعية جع

.ص 240، 2007للدراسات و النشر و التوزيع، من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة .جنائيدر عبد الرزاق حميد،تطور القضاء الدولي الحي

، 2008الدولية الجنائية الدائمة،دار الكتب القانونية،دار شتات للنشر و البرمجيات، .350صسات في القانون الدولي اإلنساني، إعداد نخبة من المتخصصين و الخبراء، دار درا

.ص 592، 2000المستقبل العربي، دراسة مقارنة، .ية المعاهدات الدولية و الرقابة عليهاوى أحمد ميدان المفرجي، دستورسل

.ص 383 ،2013دار الحامد للنشر و التوزيع، الطبعة األولى، .ص 352، 2009تالوي، حقوق اإلنسان، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الفيل حسينسه، مكتبة 3 القضاء الدولي الجنائي، موسوعة القانون الدولي الجنائيتالوي، الفيل حسينسه

.ص 500، الطبعة األولى، 2011المدينة، ،الجرائم ضد اإلنسانية في ضوء أحكام النظام األساسي للمحكمة ،رخان بكةتموسنس

.ص 565، 2006الجنائية الدولية،منشورات الحلبي الحقوقية،الطبعة األولى،مشروع (تشريعيةالمواءمات الدستورية و ال.، المحكمة الجنائية الدولية)إعداد(لم، عتريفش

.ص 634، 2006، اللجنة الدولية للصليب األحمر، )قانون نموذجي

Page 388: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

382

دراسة .وان مقصود خليل، الجرائم ضد اإلنسانية و اإلبادة الجماعية و طرق مكافحتهماصف .ص 356، 2010في القانون الدولي العاصر، الدار العربية للموسوعات،

دراسة قانونية .، المحكمة الجنائية الدوليةل ياسين العيسى و علي جبار الحسيناويطالمع تحديد ..أحكام العضوية فيها..تشكيالتها..أساسها القانوني.. في تحديد طبيعتها

.ص 500، 2009ضمانات المتهم فيها، دار اليازوري، عت جياد لجي الحديدي، مبادئ القانون الدولي العام في ظل المتغيرات الدولية طل .ص 237، 2012الحامد للنشر و التوزيع، الطبعة األولى، ، دار )العولمة(

عل، ، سلهب سامي خليفة، إبراهيم أحمد علوان، نعيم امين الدين، شكريمحمد األشالله عبدالقانون ، عزيز، دراجيإبراهيم، شمسان عبد الوهاب، كرعود محمد، جويلي سعيد سالم

، الجزء الثالث، ترسيخ دور القانون الدولي اإلنساني و 'آفاق و تحديات'الدولي اإلنساني .ص 267، 2005آليات الحماية، منشورات الحلبي الحقوقية،

دراسة متخصصة في القانون الجنائي .الفتاح بيومي حجازي،المحكمة الجنائية الدوليةعبد نظرية اإلختصاص القضائي للمحكمة،دار .جنائية الدوليةالنظرية العامة للجريمة ال.الدولي

.ص 2005،879الفكر الجامعي،الجرائم ضد اإلنسانية ، مرتكبي معاقبة . ، ، العدالة الجنائية الدوليةالقادر البقيراتدعب

.ص 268، 2007ديوان المطبوعات الجامعية ، السيادة الوطنية، دار الجامعة راس، التدخل الدولي اإلنساني و تراجع مبدأبوبد القادرع

.ص 359، 2009الجديدة، نان محمد الخشاشنة، التدابير القسرية لمجلس األمن، مطبعة األمن العام، الطبعة عد

.ص 117، 1999األولى، ، 2011، ةي يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، مكتبة المدينعل

.ص 320كامل في المحكمة الجنائية الدولية، دار الحامد للنشر ي خلف الشرعة، مبدأ التعل

.ص 181، 2012، الطبعة األولىوالتوزيع، د اهللا، مدخل في القانون الدولي لحقوق اإلنسان، ديوان المطبوعات الجامعية، سعرعم

.ص 336، 2009

Page 389: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

383

سليمان سليمان، المقدمات األساسية في القانون الدولي الجنائي،ديوان المطبوعات عبد اهللا .ص 349 ، 1992الجامعية،

ه معمر يشوي، ،المحكمة الجنائية الدولية الدائمة و اختصاصاتها،دار الثقافة للنشر و لند .ص 463، 2008التوزيع،لحقوق اإلنسان، المصادر و ان، و محمد خليل الموسى ، القانون الدولي علويوسف محمد

.ص 333، 2008الرقابة، الجزء األول، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الطبعة الثانية، النظرية العامة للجريمة الدولية،الدار .عبد المنعم عبد الغني،القانون الدولي الجنائي محمد

.ص 377، 2008الجامعية الجديدة،نية في نظام المحكمة الجنائية ، الرياض، الطبعة اإلنسا رائممؤنس محب الدين، الج محمد

مطلع عليه على الموقع . ص 192، 2010األولى، http://www.mediafire.com/download/qm3242p8rhusjuz/%pdf بتاريخ

10/02/2012. ، 2004، الجريمة الدولية، دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، صالح العادليود محم .ص 297لحة غير ذات الطابع دان، تدخل األمم المتحدة في النزاعات المسزيسعد عبد الرحمانم

.ص 726، 2008الدولي، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر و البرمجيات، دراسة .أحكام القانون الدولي الجنائي.ودة، المحكمة الجنائية الدوليةحمصر سعيد منت

.ص 350، 2006تحليلية،دار الجامعة الجديدة للنشر،دولية على ضوء أحكام القانون الدولي ، ، حقوق ضحايا الجرائم ال ،ر الدين بوسماحةنص

.ص 176، 2007دار الفكر الجامعي ،، مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية في القانون الدولي، مركز دراسات جورج نصارم نجيب ولي

.ص 543، 2008الوحدة العربية، الطبعة األولى،

Page 390: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

384

:األطروحات و المذكرات.2 رسائل الكتوراه-أالمجيد، النظرية العامة للقواعد اآلمرة في النظام القانوني الدولي، رسالة عبد محمد يمانسل

.ص 457، 1979دكتوراه، ، ، التنازع بين المعاهدة الثنائية و القانون في المجال الداخلي في محمد ناصر بوغزالة

، 1996ضوء أحكام القانون الدولي العام، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة الجزائر، .ص 404

، التعذيب و وسائل مناهضته في القانون الدولي المعاصر، أطروحة لنيل ناصر كتاب .ص 452، 2010شهادة الدكتوراه، كلية الحقوق جامعة الجزائر،

، المواجهة الدولية و الوطنية النتهاكات القانون الدولي اإلنساني، ياسر حسن كلزي ىعل نشورةص م 594، 2009ية، الرياض، طروحة دكتوراه الفلسفة في العلوم األمنأ

الموقع http://repository.nauss.edu.sa/en/bitstream/handle/123456789/5076

0.pdf?sequence=1 مذكرات الماجستير- بح أشرف رضاونية ، الجريمة الدولية و ضوابط إعمال اختصاصات المحكمة الجنائية راب

217، 2005/2006و القضاء الدوليين الجنائيين، ذكرة ماجستير فرع القانون مالدولية، .صالمحاكم الجنائية الدولية المختلطة، مذكرة ماجستير فرع قانون دولي و ،كيترييفةشر

. ص 335، 2009/2010عالقات دولية، : المقاالتـ 3

Page 391: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

385

في عتلم، بحث منشورالوفا، المالمح األساسية للمحكمة الجنائية الدولية، بومدأأحمشروع قانون (المواءمات الدستورية و التشريعية.، المحكمة الجنائية الدولية)إعداد(شريف .66-9ص .، ص2006، اللجنة الدولية للصليب األحمر، )نموذجي

، المحكمة )إعداد(في عتلم، حازمبحث منشور مة، الجرائم ضد اإلنسانية، سالهيمإبرا، اللجنة الدولية )مشروع قانون نموذجي(رية و التشريعيةالمواءمات الدستو.الجنائية الدولية

.99-91ص .، ص2006للصليب األحمر، كيف نجحنا في إنشاء .، القانون الدولي اإلنساني و المحكمة الجنائية الدوليةإبراهيم دراجي

في األشعل، عبد اهللا، سلهب سامي، خليفة، بحث منشور المحكمة الجنائية الدولية؟، مد، علوان، نعيم امين الدين، شكري، محمد عزيز، دراجي، إبراهيم، شمسان، إبراهيم أح

آفاق و 'القانون الدولي اإلنساني، عبد الوهاب، كرعود، محمد، جويلي، سعيد سالم، الجزء الثالث، ترسيخ دور القانون الدولي اإلنساني و آليات الحماية، منشورات 'تحديات

.182-147ص .، ص 2005الحلبي الحقوقية، عامر، العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية و مجلس األمن ،مجلة القانون تونسي بن

.1165- 1149ص .،ص 2006العام، بعض المالحظات في اتجاه (، القانون الدولي اإلنساني و العدالة الجنائيةتوفيق بوعشبة

ليل للتطبيق على د.في القانون الدولي اإلنسانيبحث منشور ، )تعميم اإلختصاص العالمي .377-365ص .، ص2006الصعيد الوطني، اللجنة الدولية للصليب األحمر،

رون، الشرعية الجنائية الوطنية و الشرعية الجنائية الدولية، مجلة المنتدى حسينة ش .100 -85ص .القانوني، العدد السادس، جامعة محمد خيضر بسكرة، ص

ل اإلنساني؟ اآلثار اإلنسانية و أثر حقوق اإلنسان ، مسؤولية الحماية أو التدخسامية بوروبة ألقيت خالل المتعلقين بحالة ليبيا، مداخلة 1973و 1970في قراري مجلس األمن

" المؤتمر اإلقليمي األول الذي نظمته الشبكة األكاديمية العربية لحقوق اإلنسان، حول . 15- 1 ، ص2011، "منظور حقوق اإلنسان: الربيع العربي

اهللا، الجرائم ضد اإلنسانية، إبادة الجنس و جرائم الحرب و تطور سمعان بطرس فرجفي دراسات في القانون الدولي اإلنساني، إعداد نخبة من بحث منشور مفاهيمها،

.449-421ص .، ص2000المتخصصين و الخبراء، دار المستقبل العربي،

Page 392: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

386

منهج و موضوع التعديل التشريعي .ني، تجريم انتهاكات القانون الدولي اإلنساشريف عتلم، المحكمة الجنائية )إعداد(في عتلم، شريفبحث منشور ، ''دراسة مقارنة''

، اللجنة الدولية للصليب )مشروع قانون نموذجي(المواءمات الدستورية و التشريعية.الدولية .383-363ص .، ص2006األحمر،

مام على النظام األساسي للمحكمة ، المواءمات الدستورية للتصديق و اإلنضشريف عتلم، المحكمة الجنائية )إعداد(في عتلم، شريف بحث منشور الجنائية الدولية،

، اللجنة الدولية للصليب )مشروع قانون نموذجي(المواءمات الدستورية و التشريعية.الدولية .361-293ص .، ص2006األحمر،

ة الدولية و مجلس األمن ،حول العالقة بين المحكمة الجنائيطاهر الدين عماري-353ص .،ص2010الدولي،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و اإلقتصادية و السياسية،

. 392ـ، القانون الدولي اإلنساني و الضرورة القانونية لنشوء المحكمة عبد الوهاب شمسان

هيم أحمد، في األشعل، عبد اهللا، سلهب سامي، خليفة، إبرابحث منشور الجنائية الدولية، علوان، نعيم امين الدين، شكري، محمد عزيز، دراجي، إبراهيم، شمسان، عبد الوهاب،

، الجزء 'آفاق و تحديات'القانون الدولي اإلنساني، كرعود، محمد، جويلي، سعيد سالمالثالث، ترسيخ دور القانون الدولي اإلنساني و آليات الحماية، منشورات الحلبي الحقوقية،

.214-183 ص.، ص2005المحكمة الجنائية الدولية اختصاص أصيل أم تكميلي، المجلة الجزائرية ،عالوةالعايب

.527-505ص .، ص4، عدد 2011للعلوم القانونية و اإلقتصادية و السياسية، ، اإلختصاص التكاملي للمحكمة الجنائية الدولية، ، مجلة المنتدى القانوني، فضيل خان

.235 -231ص .حمد خيضر بسكرة، صالعدد السادس، جامعة م، المجلة )القادة و الرؤساء(الزين، ، المسؤولية الجنائية لممثلي الدولة محمد األمين بن

.42-31ص .، ص1، عدد 2009الجزائرية للعلوم القانونية و اإلقتصادية و السياسية، في بحث منشور القانون الدولي اإلنساني و المحكمة الجنائية الدولية، ،محمد عزيز شكري

األشعل، عبد اهللا، سلهب سامي، خليفة، إبراهيم أحمد، علوان، نعيم امين الدين، شكري، ، محمد عزيز، دراجي، إبراهيم، شمسان، عبد الوهاب، كرعود، محمد، جويلي، سعيد سالم

Page 393: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

387

، الجزء الثالث، ترسيخ دور القانون الدولي 'حدياتآفاق و ت'القانون الدولي اإلنساني .145-98ص .، ص2005اإلنساني و آليات الحماية، منشورات الحلبي الحقوقية،

في بحث منشور ، تقييم النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية، محمود شريف بسيونيالخبراء، دار دراسات في القانون الدولي اإلنساني، إعداد نخبة من المتخصصين و

.459-451ص .ص، 2000المستقبل العربي، في بحث منشور ، هل تتحول المساعدة اإلنسانية إلى تدخل إنساني؟، موريس توريللي

دراسات في القانون الدولي اإلنساني، إعداد نخبة من المتخصصين و الخبراء، دار .483-461ص .، ص2000المستقبل العربي،

، المجلة )الجزء األول(اص العالمي في القانون الجنائي الدوليمبدأ اإلختص ،ناصر كتاب-529ص .، ص4، عدد 2011الجزائرية للعلوم القانونية و اإلقتصادية و السياسية،

575. و اإلعالنات اإلتفاقيات الدولية و األنظمة األساسية- 4

.1919جوان 28 ،عصبة األمم عهد . 1929 عاملـ الخاصةبالرقتفاقية إلا

.1945النظام األساسي لمحكمة العدل الدوليةوميثاق األمم المتحدة .1948ديسمبر 9 ،اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية و المعاقبة عليها

12اتفاقية جنيف األولى لتحسين حال الجرحى و المرضى بالقوات المسلحة في الميدان، . 1949أوت

اتفاقية جنيف الثانية لتحسين حال جرحى و مرضى و غرقى القوات المسلحة في البحار، . 1949أوت 12

.1949أوت 12اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، .1949أوت 12اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية األشخاص المدنيين في وقت الحرب،

.1961أفريل 18الدبلوماسية المعتمدة في اتفاقية فيينا حول العالقات .1968اتفاقية عدم انتشار األسلحة النوويةالمعتمدة في الفاتح جويلية

.1968نوفمبر 26اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب و الجرائم ضد اإلنسانية المعتمدة في

Page 394: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

388

.1969ماي 23، اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات .1969ديسمبر 8لخاصة المعتمدة في اإلتفاقية حول البعثات ا

.1972 مايو 16في اإلتفاقية األوروبية حول حصانة الدواللمعتمدة .1973نوفمبر 30اتفاقية القضاء على جريمة الفصل العنصري و المعاقبة عليها

اإلتفاقية حول منع الجرائم ضد األشخاص المتمتعين بحماية دولية، بمن فيهم الموظفون .1973ديسمبر 14ن، والمعاقبة عليهاالمعتمدة فيالدبلوماسيو

اتفاقية ستراسبورغ حول عدم تقادم الجرائم ضد اإلنسانية و جرائم الحرب المعتمدة في .1974جانفي 25

إعالن حماية جميع األشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو كانون األول 9، )30-د( 3452معية العامة العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة، الج

.1975ديسمبر /

10اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة .1984ديسمبر

.1994اتفاقية الدول األمريكية بشأن االختفاء القسري لألشخاص .1998 نظام روما األساسي

.2002أركان الجرائم من الوالية القضائية اتفاقية األمم المتحدة حول الحصانة القضائية للدول وممتلكاتها

.2004ديسمبر 2المعتمدة في .2006ألشخاص من االختفاء القسري ية حماية جميع ااتفاق

.2009اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي حول حماية و مساعدة األشخاص النازحين داخليا النصوص القانونية- 5 .المعدل 1996ور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، دست .2011ور المملكة المغربية، دست

Page 395: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

389

.2013تور الجمهورية اإلسالمية الموريتانية، تعديل دس .2014الدستور التونسي،

روع القانون العربي النموذجي للجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية مش .2005وزراء العدل العرب، الدولية، مجلس

.بتعديالته 1966ون العقوبات الجزائري قان .2002، األردن، 30ون العقوبات العسكري رقم قان .2002يونيو 26ن بإصدار مدونة قانون العقوبات الدولي األلماني، قانو . 2005أكتوبر 18، العراق، 10نون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم قا

نظام روما األساسي، تطبيقالمتضمن إصدار القانون الخاص ب 022-12رقم سوم المر .2012فيفري 4جزر القمر،

:القرارات الصادرة عن األمم المتحدة-6 األمين العام-أ المتضمنة إنشاء غرفة 2000جوان 06المؤرخة في 2000/15عدة التنظيمية رقم القا

خاصة بتيمور الشرقية المتعلقة باعتماد قانون 2003جويلية 6المؤرخة في 2003/25رقم التنظيميةعدة القا

. العقوبات لكوسوفو، "21نحن الشعوب، دور األمم المتحدة في القرن الـ "الخاص باأللفية، رير تقالA/54/2000 . مجلس األمن- ب

. 2005مارس 31الصادر في 1593 ، القرارمجلس األمن S/RES (2010)1966/. 2010ديسمبر 22الصادر في 1966س األمن، القرار مجل

2011فبراير 26الصادر في )2011( 1970األمن، القرار مجلسS/RES/1970(2011)

2011مارس 17الصادر في )2011(1973س األمن، القرارمجلS/RES/1973 (2011)

Page 396: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

390

الجمعية العامة-ج .1966ديسمبر 16الصادر في 2202Aار القر .1974ديسمبر 14الصادرة في 3314حة الالئ لجنة القانون الدولي-د 9يوليه 8يونيه و 7مايو 6ير لجنة القانون الدولي، الدورة الخامسة و الستون، تقر

. A/68/10 الفصل الخامس، ،2013أغسطس 9يوليه 8يونيه و 7مايو 6رير لجنة القانون الدولي، الدورة الخامسة و الستون، تق

، الجمعية العامة، الوثائق الرسمية، الدورة الثامنة و الستون، الملحق رقم 2013أغسطس 10 )A/68/10 (. مجلس حقوق اإلنسان-ه ينية المحتلة منذ ير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق اإلنسان في األراضي الفلسطتقر .2011جانفي A /HRC / 16/72 ،10، الجمعية العامة 1967عام المحكمة الجنائية الدولية -7

.2012أبريل 3مة الجنائية الدولية، مكتب المدعي العام، الوضع في فلسطين، المحك المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة -8التقرير السنوي األول الصادر محكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة، ال

.1994أوت 29بتاريخ :الوثائق-9دليل للتطبيق على الصعيد الوطني، اللجنة الدولية للصليب .ون الدولي اإلنسانيالقان

.ص 535، 2006األحمر، إعداد كل من . روما األساسي و تطبيقهدليل للتصديق على نظام .كمة الجنائية الدوليةالمح

المركز الدولي لحقوق اإلنسان و التطوير الديمقراطي و المركز .الحقوق و الديمقراطية .ص 220، 2000الدولي إلصالح القانون الجنائي و سياسة القضاء الجنائي، مايو

Page 397: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

391

، 2007ئر، ئق المحكمة الجنائية الدولية، جمع األستاذ نبيل صقر، دار الهدى، الجزاوثا .ص 351ح اتفاقية دولية بشأن الجرائم ضد اإلنسانية و المعاقبة عليها، أغسطس مقتر

2010-http://law.wustl.edu/harris/cah/docs/CAHConventionProvisionalDraftArabic.pdf

جنبيةباللغة األ

I - Ouvrages spécialisés : BELLAL, (Annysa), Immunités et violations graves des droits humains. Vers une évolution structurelle de l’ordre juridique international ? », BRUYLANT, 2011, 265 p. BERKOVICZ, (Grégory), La place de la cour pénale internationale dans la société des Etats, L’Harmattan, 2005,395p. BIAD, (Abdelwahab), La Cour internationale de justice et le droit international humanitaire.Une lex specialis revisitée par le juge, BRUYLANT, 2011, 210 p. BOURDON, (William), La cour pénale internationale, Editions du Seuil, 2000, 290 p. BOSLY,(Henry.D),VANDERMEERSCH,(Damien), « Génocide, crimes contre l’humanité et crimes de guerre face à la justice. Les juridictions internationales et les tribunaux nationaux », BRYULANT,L.G.D.J,2010, 219p. CHIAVARIO, (Mario) (sous dir), La justice pénale internationale entre passé et avenir, DALLOZ, GIUFFRE EDITORE, 2003,398 p. CORTEN, (Olivier), Le droit contre la guerre.L’interdiction du recours à la force en droit international contemporain, PEDONE, 2008, 867 p. CURRAT, (Philippe), Les crimes contre l’humanité dans le statut de la cour pénale internationale, BRUYLANT, L.G.D.J., Shulthess, Collection Genevoise, 2006, 806 p.

Page 398: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

392

D’ASCOLI, (Silvia), Sentencing in international criminal law. The UN ad hoc tribunals and future perspectives for the ICC, Oxford and porthard Oregon, 2011, 422 p. DAVID, (Eric), Eléments de droit pénal international et européen, BRUYLANT, 2009, 1566 p. DOUMBE-BILLE, (Stéphane) (Sous Dir), Nouveaux droits de l’homme et internationalisation du droit, BRUYLANT, 2012, 277 pp. FERNANDEZ, (Julian), PACREAU , (Xavier), Statut de Rome de la cour pénale internationale. Commentaire article par article, T 1, PEDONE, 2012, 1165 p. FELLOUS, (Gérard), Les droits de l’homme.Une universalité menacée, La documentation française, 2010, 266 p. GARIBIAN, (Sévane), Le crime contre l’humanité au regard des principes fondateurs de l’Etat moderne , BRYULANT,L.G.D.J., Schultess, Collection Genevoise, 2009, 578p. HUET, (André), KOERING-JOULIN, (Renée), Droit pénal international, PUF, 1994, 507 p. JUROVICS, (Yann), Réflexions sur la spécificité du crime contre l’humanité, L.G.D.J., 2002, 525 p. KUALI, (Dan), The responsibility to protect.Implementation of article 4(h) intervention, The Raoul Wallenberg Institute human rights library, Martinus Nijhoff Publishers, 2011, 527 p. LAUCCI, (Cyril), «The annotated digest of the international criminal court», 2008, volume 3, 796 p. LE BRIS, (Catherine), L’humanité saisie par le droit international public, L.G.D.J., 2012, 667 p. MALABAT, (Valérie) (Sous Dir), Juge national, européen, international et droit pénal, Actes de la journée d’étude organisée le 24 juin 2011 par l’Institut de Sciences Criminelles et de la Justice de Bordeaux, éditions CUJAS, 2012, 157 p.

Page 399: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

393

MALEKIAN, (Farhad), Principles of Islamic international criminal law, BRILL, 2011, 452 p. MANIRAKIZA, (Pacifique), La répression des crimes internationaux devant les tribunaux internes,2003, université d’Ottawa,454 p. MARTINEAU, (Anne-Charlotte), Les juridictions pénales internationalisées.Un nouveau modèle de justice hybride ? , PEDONE, 2007,300p. MEOUCHY TORBEY,(Marie-Denise), L’internationalisation du droit pénal.Le Liban dans le monde arabe, volume I, DELTA, C.E.D.L.-USEK, BRUYLANT, L.G.D.J., 2008, 504 p. PAZARTZIS, (Photini), La répression pénale des crimes internationaux,Justice pénale internationale , PEDONE, 2007, 95p. PEYRO LLOPIS, (Ana), La compétence universelle en matière de crimes contre l’humanité, BRUYLANT, 2003, 178 p. REBUT, (Didier), Droit pénal international, DALLOZ, 1ère édition, 2012, 659 p. SOUMY, (Isabelle), L’accès des organisations non gouvernementales aux juridictions internationales, BRUYLANT, 2008, 603 p. TAVERNIER, (Paul), (sous dir), Actualité de la jurisprudence pénale internationale à l’heure de la mise en place de la cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004,281p. TRUCHE,(Pierre),(Sous Dir), Juger les crimes contre l’humanité.20 ans après le procès Barbie ,2009,266p. VAURS CHAUMETTE, (Anne-Laure), Les sujets du droit international pénal.Vers une nouvelle définition de la personnalité juridique internationale ?, PEDONE, 2009, 545 p. VERHOEVEN, (Joe), Droit international public, LARCIER, 2000, 856 p. II-Ouvrages collectifs : L’Afrique et le droit international. Variations sur l’organisation internationale, En l’honneur de Raymond RANJEVA, LIBER AMICORUM, PEDONE, 2013, 646 p.

Page 400: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

394

ANDERSSON ,(Nils),IAGOLNITZER,(Daniel),RIVASSEAU,(Vincent),(Sous Direction), « Justice internationale et impunité, le cas des Etats-Unis,Questions contemporaines, l’HARMATTAN, 2007, 303 p. ARSANJANI, (Mahnoush H), KATZ COGAN,( Jacob), SLOANE, (Robert D), WIESSNER, (Siegfried) (Editors), “Looking to the future.Essays on international law in Honor of W.Michael Reisman”, MARTINUS NIJHOFF PUBLISHERS, 2011, 1153 p . ASCENCIO,(Hervé),DECAUX,(Emmanuel),PELLET,(Alain),(Sous Dir), « Droit international pénal » Paris,PEDONE, 2000, 1053 p. ASCENCIO,(Hervé),LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth),SOREL, (Jean-Marc), (Sous Dir), Les juridictions pénales internationalisées(Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste) ,Société de législation comparée, 2006, 383 p. BEN ACHOUR, (Rafaa) et LAGHMANI, (Slim) (Sous Direction), Les droits de l’homme. Une nouvelle cohérence pour le droit international ?, Colloque des 17,18 et 19 Avril 2008, PEDONE, 2008, 328 p. CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, 673 p. CASSESE,(Antonio),DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, 267p. CASSESE, (Antonio), SCALIA, (Damien), THALMANN, (Vanessa), Les grands arrêts de droit international pénal, DALLOZ, 2010 , 475 p. CASSESE, (Antonio), ACQUAVIVA, (Guido), FAN, (Mary), WHITING, (Alex), International criminal law: cases and commentary, Oxford university press, 2011, 648 p. CHAUMETTE, (Anne-Laure), THOUVENIN, (Jean-Marc), La responsabilité de protéger, dix ans après, PEDONE, 2013, 208 p.

Page 401: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

395

DARCY, (Shane), POWDERLY, (Joseph) (Edited by) , Judicial creativity at the international criminal tribunals, OXFORD university press, 2010, 391 p. DELMAS- MARTY, (Mireille), FOUCHARD,( Isabelle), FRONZA, (Emanuela), NEYRET,( Laurent), « Le crime contre l’humanité », PUF, Que sais-je ?, 2009, 127p. DELMAS- MARTY,( Mireille), PIETH,( Mark), SIEBER,( Ulrich),( Sous.Dir), « Les chemins de l’harmonisation pénale.Harmonising criminal law », Société de législation comparée, 2008, 447 p. DELMAS-MARTY, (Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée), 2005, 488p. GHERAIRI, (Ghazi), LAGHMANI, (Slim), HAMROUNI, (Salwa), Affaires et documents de droit international , Centre de publication universitaire, Tunis, 2005, 627 p. International criminal law :Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, 575 p. JONES, (John R.W.D.), POWLES, (Steven), International criminal practice, Third edition, OXFORD, 2003, 1085 p. Le débat juridique au Maghreb.De l’étatisme à l’Etat de droit, Etudes en l’honneur de Ahmed MAHIOU, réunies par BENACHOUR, (Yadh), HENRY, (Jean-Robert), MEHDI, (Rostane), PUBLISUD-IREMAM, 2009, 403 p. MOREILLON,(Laurent), KUHN,(André), BICHOVSKY,(Aude), MAIRE,(Virginie), VIREDAZ,(Baptiste),(Editeurs), Droit pénal humanitaire , Collection latine, Série II, Volume 4, HELBIN et LICHTENHAHN, BRUYLANT,2006, 378p. PHILIPPE, (Xavier), VIRIOT-BARRIOL, (Dominique) (Sous Dir), L’actualité de la justice pénale internationale, Actes du colloque organisé par le centre de recherche en mutation pénal F.BOULAN(Aix-en-Provence, 12 mai 2007), Presses Universitaires d’AIX-MARSEILLE, 2008, 150 p.

Page 402: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

396

La responsabilité de protéger, SFDI ,colloque de Nanterre, Pedone, 2008, 358 p. L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, 591 p. En l’honneur de droit et justice. Mélanges Nicolas VALTICOS, PEDONE, 1999, 755 p. La sécurité humaine.Théorie(s) et pratique(s), En l’honneur du doyen Dominique BREILLAT, colloque international organisé par le CECOJI et le centre Jean Bodin avec le soutien de l’Université de Poitiers, sous la direction de Rahim KHERAD, PEDONE, 2010, 264 p. SADAT, (Leila Nadya) (Edited by), Forging a convention for crimes against humanity, Cambridge University press, 2011, 565 p. III-Articles et cours: ABASS,(Abou), « Du « Passif humanitaire » de l’Etat mauritanien à l’affaire Ould Dah : Quelques réflexions à la lumière du droit international pénal », L’Observateur des Nations Unies, 2001, n°10, pp.67-99. ABDESSEMED, (Abderrachid), « Le principe du double degré de juridiction et les juridictions pénales internationales », in R.T.D.H, 2008, n° 74, pp 419-447. ABI- SAAB, (Georges), ABI- SAAB,( Rosemary), «Les crimes de guerre», in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain), (Sous. Dir), Droit international pénal , PEDONE, 2000, pp 265-291. ABI-SAAB, (Georges), « Droits de l’homme et juridictions pénales internationales. Convergences et tensions », in En l’honneur de droit et justice. Mélanges Nicolas VALTICOS, PEDONE, 1999, pp 245-253. ALVAREZ, (Alejandro E), BERTONI, (Eduardo A), BOO, (Miguel), “Droit argentin”, in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 299-331.

Page 403: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

397

AMBOS, (Kai), « Les pays d’Amérique latine », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 479-520. AMBOS, (Kai), «Selected issues regarding the ‘Core Crimes” in international criminal law», in International criminal law :Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, pp 219-282. AMBOS, (Kai), «Latin american and international criminal law :Introduction and general overview», in I.C.L.R., 10, 2010, pp 431-439. ANTAKY, (Mark), « Esquisse d’une généalogie des crimes contre l’humanité », R.Q.D.I., 2007, hors série, pp 63-80. http://www.sqdi.org/fr/revue-collection-vhsn2007.html consulté le 19/07/2013. ASCENCIO,(Hervé), « La banalité des sources du droit international pénal par rapport aux sources du droit international général », in DELMAS-MARTY,( Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), Les sources du droit international pénal , Société de législation comparée, 2005, pp 403-409. ASCENCIO, (Hervé), « Les tribunaux ad hoc pour l’ex-Yougoslavie et pour le Rwanda », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), Droit international pénal, PEDONE, 2000, pp 715-734. ASCENCIO, (Hervé), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés à la définition des crimes internationaux », in ASCENCIO,(Hervé),LAMBERT-ABDELGAWAD, Elisabeth),SOREL, (Jean-Marc), (Sous Dir), Les juridictions pénales internationalisées(Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste) ,Société de législation comparée, 2006, pp 69-93. BA, (Amady), « La cour pénale internationale et la responsabilité de protéger », in CHAUMETTE, (Anne-Laure), THOUVENIN, (Jean-Marc), La responsabilité de protéger, dix ans après, PEDONE, 2013, pp 77-94.

Page 404: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

398

BABADJI, (Ramdane) , « L’Algérie devant les comités des droits de l’Homme des Nations unies », in Le débat juridique au Maghreb.De l’étatisme à l’Etat de droit, Etudes en l’honneur de Ahmed MAHIOU, réunies par BENACHOUR, (Yadh), HENRY, (Jean-Robert), MEHDI, (Rostane), PUBLISUD-IREMAM, 2009, pp 313-340. BABINGTON-ASHAYE, (Adejoké), « The international criminal court and its potential impact on development in Africa », in L’Afrique et le droit international. Variations sur l’organisation internationale, En l’honneur de Raymond RANJEVA, LIBER AMICORUM, PEDONE, 2013, pp 45-57. BAKKER, (Christine A.E), « Le principe de complémentarité et les ‘’auto-saisines’’ : Un regard critique sur la pratique de la cour pénale internationale », R.G.D.I.P, 2008, n°2, pp 361-378. BASSIOUNI, (M.Cherif), « L’expériences des premières juridictions pénales internationales », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 635-659. BASSIOUNI, (M.Cherif), «The “Indirect enforcement system”:Modalities of international cooperation in penal matters», in International criminal law :Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, pp 411-463. BEDJAOUI, (Mohammed), L’humanité en quête de paix et de développement, II, Cours général de droit international public, RCADI, Tome 325, MARTINUS NIJHOF PUBLISHERS, Leiden/Boston, 2006, 542 p. BENHAMMOU, (Abdallah), « La cour pénale internationale à l’épreuve des faits : la situation au Darfour », R.A.S.J.E.P, 2008, n°4, pp 207-220. BENILLOUCHE, (Mikael), « Droit français », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 159-191.

Page 405: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

399

BENNOUNA, (Mohamed), « La cour pénale internationale », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 735-746. BERNARD, Antoine, «Les enjeux du nouveau système de justice pénale internationale», in Justice internationale et impunité, le cas des Etats- Unis (Sous.Dir), ANDERSSON, Nils, IAGOLNITZER, Daniel, RIVASSEAU, Vincent, Questions contemporaines, l’Harmattan, 2007, pp 185-199. BETTATI, (Mario), « Le crime contre l’humanité », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » , PEDONE, 2000, pp 293-317. BISAZZA,(Patrizia), «Les crimes à la frontière du jus cogens», in MOREILLON, Laurent, KUHN, André, BICHOVSKY, Aude, MAIRE, Virginie, VIREDAZ, Baptiste ( Editeurs), Droit pénal humanitaire, Collection latine, Série II, Volume 4, HELBIN et LICHTENHAHN, BRUYLANT,2006, pp 163-181. BODEAU-LIVINEC, (Pierre), « Le domaine réservé : persistance ou deliquescence des fonctions étatiques face à la mondialisation », in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, pp 153-175. BOYLE, (David), « L’apport des tribunaux pénaux internationalisés quant au régime du crime », in ASCENCIO,(Hervé),LAMBERT-ABDELGAWAD, Elisabeth),SOREL, (Jean-Marc), (Sous Dir), « Les juridictions pénales internationalisées(Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste) »,Société de législation comparée, 2006, pp 95-143. BULLIER, (Antoine J.), «Priorité à la procédure au procès Pinochet », LPA, n° 214, pp 4-5. BULLIER, (Antoine J), «Kadhafi / Pinochet : Chambre d’accusation de la cour d’appel de Paris et chambre des Lords se rejoignent dans une même logique », LPA, n° 243, pp 9-10. BURGORGUE-LARSEN,(Laurence), « Les sources du droit international pénal.Analyse comparative de la pratique judiciaire des TPI et du texte du statut portant création de la Cour Pénale Internationale », in DELMAS-

Page 406: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

400

MARTY,( Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée), 2005, pp 377-381. CAFLISH, (Lucius), CANCADO TRINDADE, (Antonio A.), « Les conventions américaine et européenne des droits de l’homme et le droit international général», R.G.D.I.P., 2004, n°1, pp 5-62. CAHIN, (Gérard), « Le droit international face aux « Etats défaillants » », in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, pp 51-114. CAHN, (Olivier), « Le jugement en France par délégation d’une juridiction pénale internationale », R.S.C.D.P.C., 2008, n°2, pp 273-302. CALLEJON, (Claire), « Une immense lacune du droit international comblée avec le nouvel instrument des nations unies pour la protection de toutes les personnes contre les disparitions forcées », in R.T.D.H., 2006, n°66, pp 337-358. CARA, (Jean- Yves de), «L’affaire Pinochet devant la chambre des Lords », A.F.D.I., 1999, pp 72-100. CASSESE,(Antonio), « Y-a-t-il un conflit insurmontable entre souveraineté des Etats et justice pénale internationale ? », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, pp 13-29. CASSESE, (Antonio), « L’influence de la CEDH sur l’activité des Tribunaux pénaux internationaux », in CASSESE,(Antonio),DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, pp 143-182. CASSESE, (Antonio), « L’incidence du droit international sur le droit interne », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 555-566.

Page 407: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

401

CHARPENTIER, (Jean), «Le droit pénal international, protection réelle ou illusoire des citoyens contre les crimes des dirigeants ? », in La sécurité humaine.Théorie(s) et pratique(s), En l’honneur du doyen Dominique BREILLAT, colloque international organisé par le CECOJI et le centre Jean Bodin avec le soutien de l’Université de Poitiers, sous la direction de Rahim KHERAD, PEDONE, 2010, pp 233-238. CHEMILIER-GENDREAU, (Monique), A quelles conditions l’universalité du droit international est-elle possible ?, RCADI, 2011, Vol 355, pp 9-40. CHEN, (Lung-Chu), «Human rights and world public order: major trends of development, 1980-2010 and beyond», in ARSANJANI, (Mahnoush H), KATZ COGAN,( Jacob), SLOANE, (Robert D, WIESSNER, (Siegfried) (Editors), “Looking to the future.Essays on international law in Honor of W.Michael Reisman”, MARTINUS NIJHOFF PUBLISHERS, 2011, pp 439-474. CIMAMONTI, (Sylvie), « La place prise par le droit international pénal au sein des ordres français et international », in PHILIPPE, (Xavier), VIRIOT- CISSE, (Abdoullah), « La responsabilité pénale des chefs d’Etat africains en exercice pour crimes internationaux graves ». http://www.sos-attentats.org/publications/cisse.pdf consulté le 24/07/2013. CONDORELLI, (Luigi), « La répression des crimes et la cour pénale internationale : une innovation majeure en droit international. », in Justice et juridictions internationales, Colloque des 13,14 et 15 Avril 2000 dédié au Doyen Sadok Belaid, Sous la direction de Rafaa BEN ACHOUR, Slim LAGHMANI, PEDONE, 2000, pp 147- 159. CORTEN, (Olivier), « L’arrêt rendu par la CIJ dans l’affaire du crime de génocide (Bosnie-Herzégovine c.Serbie) : vers un assouplissement des conditions permettant d’engager la responsabilité d’un Etat pour génocide ? », in A.F.D.I., 2007, pp 249-279.

Page 408: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

402

COSNARD, (Michel), «Quelques observations sur les décisions de la chambre des Lords du 25 Novembre 1988 et du 24 Mars 1999 dans l’affaire Pinochet», R.G.D.I.P., 1999, n° 2, pp 309-328. COT, (Jean-Pierre), « Eloge de l’indécision. La cour et la compétence universelle », in RBDI, 2002, n°1-2, Vol XXXV, pp 546-553. COT, (Jean-Pierre),«Préface», in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, pp 5-9. COUSTON, (Mireille), « La multiplication des juridictions internationales. Sens et dynamique », J.D.I., 2002, n°1, pp 5-53. CUPIDO, (Merjolein), «The policy underlying crimes against humanity:practical reflections on a theoretical debate», in Criminal Law Forum, Volume 22, N°3, September 2011, pp 275-309. DECAUX, (Emmanuel), « Les gouvernants », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 183-199. DECAUX, (Emmanuel), « La crise du Darfour.Chronique d’un génocide annoncé », in A.F.D.I., 2004, pp 731-754. DE FROUVILLE, (Olivier), « Les tribunaux pénaux internationaux et les principes généraux de droit. Quelques commentaires », in DELMAS-MARTY,( Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée), 2005, pp 389-393. DE FROUVILLE, (Olivier), « Les disparitions forcées », in ASCENCIO,(Hervé),DECAUX,(Emmanuel),PELLET,(Alain) (Sous Dir), « Droit international pénal » Paris,PEDONE, 2000, pp 377-386. DELMAS-MARTY, (Mireille), « Les crimes internationaux peuvent-ils contribuer au débat entre universalisme et relativisme des valeurs ? », in CASSESE,(Antonio),DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, pp 59-67.

Page 409: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

403

DELMAS-MARTY, (Mireille), « L’influence du droit comparé sur l’activité des Tribunaux pénaux internationaux », in CASSESE,(Antonio),DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Direction), « Crimes internationaux et juridictions internationales », Presses Universitaires de France, 2002, pp 95-128. DELMAS-MARTY, (Mireille), « Droit comparé et droit international :interactions et internormativité », in CHIAVARIO, (Mario) (sous dir), La justice pénale internationale entre passé et avenir, DALLOZ, GIUFFRE EDITORE, 2003, pp 11-26. DELMAS-MARTY, (Mireille), « La responsabilité pénale en échec(prescription, amnistie, immunités) », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 613-652. DELAPLACE, (Edouard), « La torture », in ASCENCIO,(Hervé),DECAUX,(Emmanuel),PELLET,(Alain) (Sous Dir), « Droit international pénal » Paris,PEDONE, 2000, pp 369-376. DHOMMEAUX, (Jean), « Monismes et dualismes en droit international des droits de l’homme », A.F.D.I., 1995, pp 447-468. DOMINICE, (Christian), «Quelques observations sur l’immunitéde juridiction pénale de l’ancien chef d’Etat », R.G.D.I.P., 1999, n° 2, pp 297-308. DONNEDIEU DE VABRES, (Henri), Le procès de Nuremberg devant les principes modernes de droit international pénal, Cours général de droit international public, RCADI, Tome 1, Vol 70, MARTINUS NIJHOF PUBLISHERS, Leiden/Boston, 1947, 580 p. DUBUY, (Mélanie), « Décision sur la recevabilité du 30 mars 2009.Ely OULD DAH c/France, Req.n° 13113/03 », R.G.D.I.P., 2009, n°2, pp 452-459. DUGARD, (John), « L’apartheid », in ASCENCIO,(Hervé),DECAUX,(Emmanuel),PELLET,(Alain) (Sous Dir), « Droit international pénal » Paris,PEDONE, 2000, pp 349-360.

Page 410: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

404

DUPUY, (Pierre-Marie), « Normes internationales pénales et droit impératif (jus cogens) », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 71-80. DUPUY, (Pierre-Marie), « Crime sans châtiment ou mission accomplie ? », R.G.D.I.P., 2007, n°2, pp 243-257. DUPUY, (Pierre-Marie), « Crimes et immunités, ou dans quelle mesure la nature des premiers empêche l’exercice des secondes », in R.G.D.I.P., 1999, n°2, pp 289-296. FICHET-BOYLE, (Isabelle), MOSSE, (Marc), « L’obligation de prendre des mesures internes nécessaires à la prévention et à la répression des infractions », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 871-885. FLAUSS, (Jean-François), « Les droits des victimes selon l’Alien tort claims act :observations sur la compétence civile universelle », in La protection internationale des droits de l’homme et les droits des victimes, BRUYLANT, 2009, pp 237-254. FLETCHER, (George P), « Les pays d’Amérique du Nord.Trois modèles de compétence universelle », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 451-477. GALLIE, (Martin), « Crimes internationaux et statut pénal du chef de l’Etat français », 17 p, www.rfdi.net/doc/ColloqueCPIMartinGallie.pdf consulté le

20/06/2013. GARCIA FALCONI, (Ramiro), «The codification of crimes against humanity in the domestic legislation of latin american states», in I.C.L.R., 10, 2010, pp 453-459. GHOZALI, (Nasreddine), « La justice pénale internationale à l’épreuve de la raison d’Etat : l’exemple de la cour pénale internationale », in BEN ACHOUR, (Rafaa), LAGHMANI, (Slim) (Sous Dir), Justice et juridictions internationales, PEDONE, 2000, pp 127-146.

Page 411: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

405

GIUDICELLI-DELAGE,(Geneviève), « Poursuivre et juger selon les « intérêts de la justice ».Complémentarité ou/et primauté ? », R.S.C.D.P.C., Juil/Sept 2007, n°3, pp 473-484. GRAVEN, (Jean), Les crimes contre l’humanité, Cours général de droit international public, RCADI, Tome 1, Vol 76 , MARTINUS NIJHOF PUBLISHERS, Leiden/Boston, 1950, 605 p. HAMULI KABUMBA, (Yves), « Incidence de la jurisprudence de la cour internationale de justice sur les règles d’interprétation du statut de Rome, sur la qualification des faits et sur la preuve devant la cour pénale internationale », R.G.D.I.P., 2010, n°4, pp 779-809. HARHOFF, (Frederik), « La consécration de la notion de jus cogens la jurisprudence des tribunaux pénauxinternationaux », in TAVERNIER, Paul (Sous. Dir), Actualité de la jurisprudence pénale international à l’heure de la mise en place de la Cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004, pp 65-80. HELALI, (Mohamed Salah), « Le conseil de sécurité des nations unies et la souveraineté pénale des Etats : limitation ou partage des compétences ? », in dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, pp 433-450. HEMPTINE, (Jérôme de), « La définition de la notion de « population civile » dans le cadre du crime contre l’humanité. Commentaire critique de l’arrêt MARTIC », R.G.D.I.P., 2010, n°1, pp 93-104. HEMPTINE, (Jérôme de), « La définition du crime contre l’humanité par le tribunal pénal international pour l’ex-Yougoslavie », R .T.D.H., 1998, pp 763-779. HEMPTINE, (Jérôme de), « Réflexion sur l’évolution des rôles normatif et judiciaire du juge pénal international », in R .T.D.H, 2001, n° 87, pp 525-544. JOS, (Emmanuel), « La traite des êtres humains et l’esclavage », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 337-347.

Page 412: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

406

JUROVICS, (Yann), « Article 7.Crimes contre l’humanité », in FERNANDEZ, (Julian), PACREAU, (Xavier)(Sous.Dir), Statut de rome de la cour pénale internationale.Commentaire article par article, PEDONE, 2012, pp 417-480. KHERAD, (Rahim), « La souveraineté de l’Etat et l’émergence d’une conception globale de la sécurité », in L’Etat dans la mondialisation, SFDI, colloque de Nancy, Pedone, 2013, pp 209-230. KEUBOU, (Philipe), « Adaptation des législations internes aux exigences de la Convention de Rome : Etude comparative du Cameroun et de quelques pays européens », R.S.C.D.P.C., 2004, n°4, pp 843-864. KERBRAT, (Yann), « Les conflits entre les tribunaux pénaux hybrides et les autres juridictions répressives(nationales et internationales) », in ASCENCIO,(Hervé),LAMBERT-ABDELGAWAD, Elisabeth),SOREL, (Jean-Marc), (Sous Dir), « Les juridictions pénales internationalisées(Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste) »,Société de législation comparée, 2006, pp 189-208. KLEFFNER, (Jann.K), « Droit néerlandais », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 217-257. KLIP, (André), «Complementarity and concurrent jurisdiction», in International criminal law :Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, pp 173-197. LAGHMANI, (Slim), « Le Jus Cogens et la cohérence de l’ordre juridique international”, in BEN ACHOUR, (Rafaa) et LAGHMANI, (Slim) (Sous Direction), Les droits de l’homme.Une nouvelle cohérence pour le droit international ?, Colloque des 17,18 et 19 Avril 2008, PEDONE, 2008 , pp 63-96. LAMBERT-ABDELGEWAD, (Elisabeth), « Le dessaisissement des tribunaux nationaux au profit des tribunaux pénaux internationaux : un encadrement

Page 413: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

407

abusif par le droit international de l’exercice de la compétence judiciaire interne ? », R.G.D.I.P., 2004, n°2, pp 407-438. LAMBERT-ABDELGEWAD, (Elisabeth), « Les tribunaux pénaux pour l’ex-Yougoslavie et le Rwanda et l’appel aux sources du droit international des droits de l’homme », in DELMAS-MARTY,( Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée), 2005, pp 97-134. LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les pays d’islam », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 521-552. LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Quelques brèves réflexions sur les actes créateurs des tribunaux pénaux internationalisés », in ASCENCIO,(Hervé),LAMBERT-ABDELGAWAD, Elisabeth),SOREL, (Jean-Marc), (Sous Dir), « Les juridictions pénales internationalisées(Cambodge, Kosovo, Sierra Leone, Timor Leste) »,Société de législation comparée, 2006, pp 27-45. LANKARANI, (Leila), « Le rôle de la cour internationale de justice en matière pénale », in MALABAT, (Valérie) (Sous Dir), Juge national, européen, international et droit pénal, Actes de la journée d’étude organisée le 24 juin 2011 par l’Institut de Sciences Criminelles et de la Justice de Bordeaux, éditions CUJAS, 2012, pp 41-60. LA PRADELLE, (Géraud), « La compétence universelle », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 905-918. LATTANZI, (Flavia), « Compétence de la cour pénale internationale et consentement des Etats », R.G.D.I.P., 1999, n°2, pp 425-444. LEE, (Karen I), « Les Etats-Unis d’Amérique et le Canada », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions

Page 414: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

408

nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 461-477. LEFEUVRE, (Cyprien), «L’apport des juridictions pénales internationales à la définition des crimes internationaux : l’exemple du crime contre l’humanité», in PHILIPPE, (Xavier), VIRIOT-BARRIOL, (Dominique) (Sous Dir), L’actualité de la justice pénale internationale, Actes du colloque organisé par le centre de recherche en mutation pénal F.BOULAN(Aix-en-Provence, 12 mai 2007), Presses Universitaires d’AIX-MARSEILLE, 2008, pp 55-92. LELIEUR, (Juliette), « Le statut de la cour pénale international: un droit répressif d’une génération nouvelle», in DELMAS- MARTY,( Mireille), PIETH,( Mark), SIEBER,( Ulrich),( Sous.Dir), « Les chemins de l’harmonisation pénale.Harmonising criminal law », Société de législation comparée, 2008, pp 39-64. LENOIR, (Noëlle), « Le droit international pénal de la bioéthique », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 405-415. LUNCA, (Mariana), « Le régionalisme, vecteur d’internationalisation des nouveaux droits de l’homme », in DOUMBE-BILLE, (Stéphane) (Sous Dir), Nouveaux droits de l’homme et internationalisation du droit, BRUYLANT, 2012, pp 247-258. MAHIOU, (Ahmed), « Les processus de codification du droit international pénal », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 37-53. MAHMOUD-SALAH,(Mohamed), « Interrogations sur l’évolution du droit international pénal », J.D.I., 2009, n°4, pp 731-789. MAHMOUD-SALAH, (Mohamed M), « Les leçons de l’affaire Pinochet», J.D.I., 1999, n° 4, pp 1021-1041. MAISON,(Raphaëlle), “Le crime de génocide dans les premiers jugements du tribunal pénal international pour le RWANDA”, R.G.D.I.P., 1999, n ° 1, pp 129-145.

Page 415: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

409

MAISON,(Raphaëlle), « Les frontières entre les crimes relevant de la compétence des tribunaux pénaux internationaux », in TAVERNIER, (Paul), (sous dir), Actualité de la jurisprudence pénale internationale à l’heure de la mise en place de la cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004, pp 7-19. MANIRABONA, (Amissi Melchiade), « L’affaire TRAFIGURA : vers la répression de graves atteintes environnementales en tant que crimes contre l’humanité ? », in R.D.I.D.C., 2011, n° 4, pp 535-576. MANZINI,(Pietro), « Le rôle du principe de la légalité dans la détermination des sources du droit international pénal », in DELMAS-MARTY,( Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée, 2005, pp 261-267. MARTIN, (Pierre-Marie), « Quelques précisions sur le crime de génocide», recueil DALLOZ, 2007, N° 30, pp 2121-2125. MASSE,(Michel), « Le crime contre l’humanité », in TRUCHE, Pierre (Sous Dir), Juger les crimes contre l’humanité. 20 ans après le procès Barbie, ENS Editions, 2009, pp 61-69. Mc DONALD, (Avril), «Sierra Leone’s shoestring Special Court», R.I.C.R, 2002, n° 845, pp 121-143. MEKKI, (Nidhal), MAAOUIA, (Sarra), « Les droits de l’homme dans le monde arabe entre régionalisme et universalisme », in BENACHOUR, (Rafâa), LAGHMANI, (Slim) (Sous.Dir), « Les droits de l’homme. Une nouvelle cohérence pour le droit international ? » Colloque des 17, 18 et 19 avril 2008, PEDONE,2008 ,pp 201-228. MESEKE, (Stephan), « La contribution de la jurisprudence des tribunaux pénaux internationaux pour l’ex- Yougoslavie et le Rwanda à la concrétisation du crime contre l’humanité », in CHIAVARIO, (Mario) (Dir), La justice pénale internationale entre passé et avenir, DALLOZ, GIUFFRE EDITORE, 2003, pp 173-222.

Page 416: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

410

METILLE, (Sylvain), « L’immunité des chefs d’Etat au XXIe siècle.Les conséquences de l’affaire du mandat d’arrêt du 11 avril 2000 », in R.D.I.S.D.P., n°1, 2004, pp 29-86. NASEL,(Mélanie), « Les crimes contre l’humanité », in MORILLON,( Laurent), KUHN,(André), BICHOVSKY,(Aude), VIREDAZ,(Baptiste), (Editeurs), Droit pénal humanitaire, Série II, volume 4, HELBING et LICHTENHAHN, BRUYLANT, 2006, pp 129-145. NEGRE, (Céline), « Les atteintes massives à l’environnement », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp537-554. ONDO,(Télésphore), « La compétence universelle en Afrique : essai d’analyse», R.D.I.D.C., 2011, n°1, pp 53-120. ONG, (Sophinie), « Les chambres extraordinaires du Cambodge :une dernière tentative de lutte contre l’impunité des dirigeants khmers rouges », R.D.P.C., 2006, n°11, pp 949-978. PARENTI, (Pablo F), «The prosecution of international crimes in Argentina» , I.C.L.R., 2010, n°10, pp 491-507. PELLET, (Alain), « Les articles de la C.D.I. sur la responsabilité des Etats pour fait internationalement illicite suite – et fin ? », in A.F.D.I., 2000, pp 1-23. PETRY, (Roswitha), «Les tribunaux internationaux», in Droit pénal humanitaire, MOREILLON, Laurent, KUHN, André, BICHOVSKY, Aude, MAIRE, Virginie, VIREDAZ, Baptiste, (Editeurs), Série II, Volume 4, HELBING et LICHTENHAHN, BRUYLANT, 2006, pp 39-55. PONCELA, (Pierrette), « L’imprescriptibilité », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 887-895.

Page 417: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

411

POIRAT, (Florence), «Immunités de juridiction pénale du chef d’Etat étranger en exercice et règle coutumière devant le juge judiciaire», in R.G.D.I.P., 2001, n° 2, pp 473-491. POISSONIER, (Ghislain), « Les chambres extraordinaires au sein des tribunaux cambodgiens. Une nouvelle forme de justice internationale. », J.D.I., 2007, n°1, pp 85-102. RAIMONDO, (Fabian), « Les principes généraux de droit dans la jurisprudence des tribunaux Ad Hoc. Une approche fonctionnelle », in DELMAS-MARTY,( Mireille), FRONZA,(Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée), 2005, pp 75-95. ROBERTS, (Anthea), «Comparative international law?The role of national courts in creating and enforcing international law», in I.C.L.Q., Volume 60, January 2011, pp 57-92. ROMANO, (Cesare P.R), BOUTRUCHE, (Theo), « Tribunaux pénaux internationalisés : état des lieux d’une justice hybride », R.G.D.I.P., 2003, n° 1, pp 109-124. PETRY, (Roswitha), «Les tribunaux internationaux», in Droit pénal humanitaire, MOREILLON, Laurent, KUHN, (André), BICHOVSKY, (Aude), MAIRE, (Virginie), VIREDAZ, (Baptiste), (Editeurs), Série II, Volume 4, HELBING et LICHTENHAHN, BRUYLANT, 2006, pp 33-55. ROTH, (Robert) et JEANNERET, (Yvan), « Droit allemand », in CASSESE,(Antonio), DELMAS-MARTY,(Mireille),(Sous Dir), « Juridictions nationales et crimes internationaux »,Presses universitaires de France, 2002, pp 7-29. ROULOT, (Jean-François), « Interrogations concernant la répression nationale des crimes internationaux (A propos de l’arrêt rendu par la cour internationale de justice le 14 Février 2002), L.P.A, 30 Aout 2002, n°174, pp 3-8.

Page 418: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

412

ROULOT, (Jean-François), «L’exercice par une juridiction française de la compétence universelle emporte la compétence de la loi française, même en présence d’une loi étrangère portant amnistie», J.C.P., 2003, N° 20, pp 894-897. ROUSSY, (Ariane), « Le principe de l’universalité du droit de punir comme compétence juridictionnelle nationale des Etats. », in MORILLON,( Laurent), KUHN,(André), BICHOVSKY,(Aude), VIREDAZ,(Baptiste), (Editeurs), Droit pénal humanitaire, Série II, volume 4, HELBING et LICHTENHAHN, BRUYLANT, 2006, pp 21-38. SALAS, (Denis), «Les mots du droit pour un crime sans nom, les origines du crimes contre l’humanité», in TRUCHE, Pierre (Sous Dir, Juger les crimes contre l’humanité. 20 ans après le procès Barbie, ENS Editions, 2009, pp 27-42. SALMON, (Jean), « Quelle place pour l’Etat dans le droit international d’aujourd’hui ? », RCADI 2010, volume 347,pp 9-78. SARACCO, (Marianne), « Une lecture « contextuelle » de l’utilisation des sources du droit dans la jurisprudence des tribunaux ad hoc. », in DELMAS-MARTY, (Mireille), FRONZA, (Emanuela), LAMBERT-ABDELGAWAD, (Elisabeth), « Les sources du droit international pénal », Société de législation comparée), 2005, pp 243-253. SCALIA, (Damien), « Constat sur le respect du principe Nulla Poena Sine Lege par les tribunaux pénaux internationaux », in R.I.D.C., 2006, n° 1, pp 185-209. SCHABAS, (William. A), « Le génocide», in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), Droit international pénal , PEDONE, 2000, pp 319-331. SICILIANOS, (Linos-Alexandre), « La responsabilité de l’Etat pour absence de prévention et de répression des crimes internationaux », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 115-128.

Page 419: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

413

SIMMA, (Bruno), PAULUS, (Andreas), « Le rôle relatif des différentes sources du droit international pénal(dont les principes généraux de droit) », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 55-69. SLUITER, (Goran), « ‘’Chapeau Elements’’ of crimes against humanity in the jurisprudence of the UN ad hoc tribunals», in Forging a convention for crimes against humanity, SADAT, Leila Nadya (Edited by), Cambridge University press, 2011, pp 102-141. SWART, (Bert), «International crimes: Present situation and future developments», in International criminal law :Quo Vadis ?, Proceedings of the international Conference held in Siracusa, Italy, 28 November-3 December 2002, on the occasion of the 30th Anniversary of ISISC, ERES, 2004, pp 201-217. SZUREK, (Sandra), « Historique.La formation du droit international pénal », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), Droit international pénal , PEDONE, 2000, pp 7-22. TAVERNIER, (Paul),« Comment surmonter les obstacles constitutionnels à la ratification du statut de Rome de la cour pénale internationale », R.T.D.H., 2002, pp 545-561. TAVERNIER, (Paul), « L’interaction des jurisprudences des tribunaux pénaux internationaux et des cours européenne et interaméricaine des droits de l’homme », in TAVERNIER, (Paul), (sous dir), Actualité de la jurisprudence pénale internationale à l’heure de la mise en place de la cour pénale internationale, BRUYLANT, 2004, pp 251-261. TAVERNIER, (Paul), « La sécurité humaine et la souveraineté des Etats », in La sécurité humaine.Théorie(s) et pratique(s), En l’honneur du doyen Dominique BREILLAT, colloque international organisé par le CECOJI et le centre Jean Bodin avec le soutien de l’Université de Poitiers, sous la direction de Rahim KHERAD, PEDONE, 2010, pp 39-50.

Page 420: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

414

THOUVENIN, (Jean-Marc), «Genèse de l’idée de responsabilité de protéger», in La responsabilité de protéger, SFDI ,colloque de Nanterre, Pedone, 2008, pp 21-38. TOMUSCHAT, (Christian), « La cristallisation coutumière », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 23-35. TOUILLIER, (Marc), « L’interprétation conventionnelle de la légalité criminelle au secours de la compétence universelle des juridictions répressives françaises.(Brèves considérations de droit pénal à propos de la décision rendue le 17 Mars 2009 par la cour européenne des droits de l’homme dans l’affaire Ould Dah c/France) », in Revue mensuelle LexisNexis jurisclasseur, Novembre 2009, pp 7-10. UBEDA, (Muriel), « L’obligation de coopérer avec les juridictions internationales », in ASCENCIO, (Hervé), DECAUX, (Emmanuel), PELLET, (Alain),(Sous Dir), (Droit international pénal » PEDONE, 2000, pp 951-967. VAN DEN HERIK, (Larissa), «Using custom to reconceptualize crimes against humanity», in DARCY, (Shane), POWDERLY, (Joseph) (Edited by) , Judicial creativity at the international criminal tribunals, OXFORD university press, 2010, pp 80-105. VIRIOT-BARRIOL, (Dominique), « La réception de la justice pénale internationale par les Etats ? L’exemple français », in PHILIPPE, (Xavier), VIRIOT-BARRIOL, (Dominique) (Sous Dir), L’actualité de la justice pénale internationale, Actes du colloque organisé par le centre de recherche en mutation pénal F.BOULAN(Aix-en-Provence, 12 mai 2007), Presses Universitaires d’AIX-MARSEILLE, 2008, pp 33-52. VERHOEVEN, (Joe), « Quelques réflexions sur l’affaire relative au mandat d’arrêt du 11 Avril 2000 », in R.B.D.I., 2002, n° 1-2, pp 531-517. WECKEL, (Philippe), « Cour internationale de justice, Ordonnance du 28 mai 2009, Question concernant l’obligation de poursuivre ou d’extrader(Belgique c. Sénégal) », R.G.D.I.P., 2009, n°3, pp 685-689.

Page 421: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

415

WECKEL, (Philippe), « Cour internationale de justice, Arrêt du 20 juillet 2012, Question concernant l’obligation de poursuivre ou d’extrader(Belgique c. Sénégal) », R.G.D.I.P.,2012, n°4, pp 907-919. WOLFRUM, (Rudiger), « Obligation of result versus obligation of conduct :some thoughts about the implementation of international obligations», in ARSANJANI, (Mahnoush H), KATZ COGAN,( Jacob), SLOANE, (Robert D, WIESSNER, (Siegfried) (Editors), “Looking to the future.Essays on international law in Honor of W.Michael Reisman”, MARTINUS NIJHOFF PUBLISHERS, 2011, pp 363-383. YAHIA-BACHA, (Mouloud), « La convention des Nations Unies contre la torture », R.A.S.J.E.P., 1986, n°3 et 4, Vol XXIV, pp 529-538. ZAKR, (Nasser), «Approche analytique du crime contre l’humanité en droit international», in R.G.D.I.P., 2001, n° 2, pp 281-306. ZOLLER, (Elisabeth), «La définition des crimes contre l’humanité», J.D.I., 1993, n°3, pp 549-568. IV- Thèses FOUCHARD, (Isabelle), Crime international.Entre internationalisation du droit pénal et pénalisation du droit international, Thèse UNIVERSITE PARIS 1 Panthéon- Sorbonne et Université de Genève, 2010, 637 p. INOMATA, (Kazuma), Le principe de légalité en droit international, Thèse université Paris I, 2007, 503 p. JACQUELIN, (Mathieu), « L’incrimination du génocide : étude comparée du droit de la cour pénale internationale et du droit français », ThèseUNIVERSITE PARIS 1 Panthéon- Sorbonne, 2010, 710 p. JADALI, (Safinaz), « Les Etats et la mise en œuvre du principe de compétence universelle. Vers une répression sans frontières ? », Thèse, Strasbourg III, 2008, 414p.

Page 422: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

416

V- Documents et rapports Assemblée nationale, avis fait au nom de la commission des affaires étrangères sur le projet de loi, adopté par le Sénat, portant adaptation du droit pénal à l’institution de la cour pénale internationale, par Mme Nicole AMELINE, Députée, 2009, 100 p. http://www.assemblee-nationale.fr/13/pdf/rapports/r1828.pdf consulté le 14/09/2012.

Cour pénale internationale. Mise en œuvre du statut de Rome.Fiche de suivi.1ère partie.Amnesty international, 2010, 20 p www.amnesty.org/fr/library/asset/IOR53/.../ior530112010fra.pdf .consulté le 07/08/2013.

Crimes internationaux et justice locale. Manuel destiné aux responsables de l’élaboration des programmes de loi, aux bailleurs de fonds et aux organismes d’exécution, Open society foundations, 2012, 229 p . www.opensocietyfoundations.org/.../crimes-internationaux-justice-locale-2...consulté le31/05/2013. Institut de droit international, session de Vancouver 2001.Les immunités de juridiction et d’exécution du chef d’Etat et de gouvernement en droit international,consulté sur le site de l’Institut www.idi-iil.org La CEDH consacre le principe de la compétence universelle, Recueil Dalloz, 2009, n°23, pp 1573-1575. Rwanda. La répression des présumés génocidaires rwandais devant les juridictions françaises : Etat des lieux, in www.fidh.org/La-repression-des-Présumés , consulté le 07/06/2013. Union Africaine – Union Européenne, groupe d’experts techniques Ad-hoc sur le principe de compétence universelle, R.B.D.I., 2009, n° 1, pp 240- 272.

Page 423: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

417

Rapport du 29 janvier 2007 sur la situation des droits de l’homme dans les territoires palestiniens occupés, 2e partie : Cisjordanie, Jérusalem, l’occupation, la colonisation et l’apartheid en Palestine, par John DUGARD, http://www.ism-france.org/analyses/Rapport-du-29-janvier-2007-sur-la-situation-des-droits-de-l-Homme-dans-les-Territoires-Palestiniens-Occupes-2eme-partie-Cisjordanie-Jerusalem-l-Occupation-la-colonisation-et-l-Apartheid-en-Palestine-article-6335 consulté le 20 novembre 2013. VI- Documents des nations unies a- Secrétaire général Rapport du Secrétaire Général établi conformément au paragraphe 2 de la résolution 808 (1993) du Conseil de Sécurité présenté le 3 mai 1993, (S/25704). Nations unies, mission d’administration intérimaire des nations unies au Kosovo, UNMIK/REG/2003/25, 6 juillet 2003. Nations unies, Administration transitoire des Nations Unies au Timor Oriental, UNTAET/REG/2000/15, 6 juin 2000. b- Commission de droit international Principes du droit international consacrés par le statut du tribunal de Nuremberg et dans le jugement de ce tribunal, C.D.I., 1950. Projet de code des crimes contre la paix et la sécurité de l’humanité, 1954. Projet de code des crimes contre la paix et la sécurité de l’humanité, 1996. c- Conseil des droits de l’homme Rapport de la commission d’enquête internationale indépendante sur la République arabe syrienne, 12 février 2012, A/HRC/19/69.

Page 424: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

418

d- Documents de la cour pénale internationale Notedéfinissant la stratégie d’ensemble du bureau du Procureur, septembre 2003 VII- Textes a- Accords Accord entre les nations unies et le gouvernement sierra-léonais pour la création d’un tribunal spécial pour la Sierra Léone, 16 janvier 2002. b- Lois Loi sur les crimes contre l’humanité et les crimes de guerre, Canada, 29 juin 2000. Loi sur la répression des violations graves des conventions de Genéve, Belgique, 16 juin 1993, modifiée le 10 février 1999. Loi du 23 avril 2003 modifiant la loi du 16 juin 1993, Belgique. Loi organique 15 /2003 portant modification du code pénal, Espagne, 25 novembre 2003. Loi relative à la création des chambres extraordinaires au sein des tribunaux du Cambodge pour la poursuite des crimes commis durant la période du KAMPUCHEA démocratique , NS/RKM/1004/006, 27 octobre 2004. Loi 599 portant code pénal, Colombie, 24 juillet 2000. Loi 26 sur les crimes internationaux et la CPI, Nouvelle Zélande, 26 septembre 2000. Loi relative à la CPI, Royaume Uni, 2001. Loi de protection des soldats américains ASPA,Etats unis d’Amérique, Aout 2002. Loi 3/ 03 portant code pénal, Bosnie Herzégovine, 27 juin 2003. Loi 41 relative à la CPI, Australie, 27 juin 2002. Loi portant modification du code pénal, Australie, 23 décembre 2003.

Page 425: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

419

Loi portant intégration du statut de Rome, Argentine, 13 décembre 2006. Loi 2007-02 modifiant le code pénal, Sénégal, 12 février 2007. Loi portant code pénal, Panama, 18 mai 2007. Loi sur les crimes internationaux, Kenya, 2008. Loi 31 portant code pénal, Costa Rica, 24 juin 2010. Loi portant code pénal, Malte, 2010. Loi 2010- 930 portant adaptation du droit pénal à l’institution de la CPI, France, 9 aout 2010. Loi 27 relative à la CPI, Ile Maurice, 26 juillet 2011. VII- JURISPRUDENCE 1-JURISPRUDENCE INTERNATIONALE a- Cour Internationale de Justice Affaire du détroit de Corfou, arrêt du 9 avril 1949. Affaire du mandat d’arrêt international, République Démocratique du Congo c. Belgique, 20 février 2002. Affaire relative à la convention pour la prévention et la répression du crime de génocide, arrêt, 26 février 2007. CIJ, Licéité de la menace ou de l’emploi d’armes nucléaires, avis consultatif, 8 juillet 1996. Affaire des activités armées sur le territoire du Congo(République Démocratique du Congo c. Rwanda),arrêt, 3 février 2006. Affaire du sud ouest africain,(Ethiopie c.Afrique du sud ; Libéria c.Afrique du sud), arrêt, 18 juillet 1966. Conséquences juridiques pour les Etats de la présence continue de l’Afrique du Sud en Namibie(Sud ouest africain), avis consultatif, 21 juin 1971. b- Cour Européenne des Droits de l’Homme . Affaire JORGIC c. Allemagne, requête n° 74613/01, arrêt du 12 Juillet 2007. Affaire OULD DAH c. France, 30 mars 2009.

Page 426: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

420

Affaire Al-Adsani c.Royaume-Uni, arrêt du 21 novembre 2001,requête n° 35763/97 c- Cour Interaméricaine des Droits de l’Homme Affaire Velasquez Rodriguez, arrêt du 29 juillet 1988, Inter-Am.Ct.HR(Sér.C) n°4 (1988). d- Cour Pénale Internationale Cour pénale internationale, Chambre préliminaire I, Decision on the Prosecution’s Application of Warrant of Arrest against Omar Hassan Ahmad Al Bashir, ICC-02/05-01/09, 4 mars 2009. CPI, Chambre préliminaire I, situation en République Démocratique du Congo, Affaire le Procureur c.Germain KATANGA et Mathieu NGUDJOLO CHUI, Décision relative à la confirmation des charges, ICC-01/04-01/07, 30 septembre 2008. CPI, Chambre préliminaire II, affaire le Procureur c. Jean-Pierre BEMBA GOMBO, décision rendue en application des alinéas a) et b) de l’article 61-7 du statut, 15 juin 2009. CPI, Chambre préliminaire II, situation en République Démocratique du Congo, Affaire le Procureur c.Germain KATANGA, jugement rendu en application de l’article 74 du statut, ICC-01/04-01/07, 7 mars 2014. e- Tribunal Pénal International pour l’ex-Yougoslavie Le procureur c. BLASKIC, IT-94-14-Tchambre de première instance I, jugement, 3 mars 2000. Le procureur c.DELALIC et consorts, IT-96-21-T, chambre de première instance, jugement, 16 novembre 1998. Le Procureur c./ Erdemovic, la chambre de première instance, jugement portant condamnation, 29 novembre 1996.

Page 427: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

421

Le Procureur c./ Erdemovic, IT. ?? , La chambre d’appel, Arrêt, 7 Octobre 1997. Le procureur c.Anto FURUNDZIJA, IT-95-17/1-T, la chambre de première instance, jugement, 10 décembre 1998. Le procureur c.Goran JELISIC, IT-95-10-T, la chambre de première instance I, 14 décembre 1999. Le procureur c.KUNARAC, IT-96-23-T et IT-96-23/1-T , la chambre de première instance, 22 février 2001. Le procureur c. KRSTIC, IT-98-33-T, la chambre de première instance, 2 aout 2001. Le procureur c.Goran TADIC alias « Dule », IT-95-1-T, la chambre de première instance I, 7 mai 1997. Prosecutor v.MARTIC, IT-95-11-A, the appeals chamber, judgement, 8 october 2008. Le procureur c.Tadic, arrêt relatif à l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle d’incompétence, IT-94-1-AR72, chambre d’appel, 2 octobre 1995. Le procureur c.Tadic,IT-94-1- A, Chambre d’appel, 15 juillet 1999. Le procureur c.Slobodan MILOSEVIC et consorts, acte d’accusation, 22 mai 1999. Le procureur c.Tadic,IT-94-1-Tbis-R117, la chambre de première instance, jugement relatif à la sentence, 11 novembre 1999. Le Procureur c./ Delalic, Mucic, Delic et Landzo , affaire "CELEBICI" , IT-96-21, Chambre d’appel, 20 Février 2001 Leprocureur c. Krstic, IT-98-33-A, 19 avril 2004. Leprocureur c.KUPRESKIC, la chambre de première instance, jugement, 14 janvier 2000. Le procureur c SEMANZA., ICTR-97-20-T, Chambre de première instance III, jugement et sentence, 15 mai 2003.

Page 428: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

422

f- Tribunal Pénal International pour le Rwanda Le procureur c. Bagilishema, ICTR-95-1A-T,Chambre de première instance I, jugement, 7 juin 2001. TPIR, affaire ICTR-2005-85-I, le Procureur c. Laurent BUCYIBARUTA , Acte d’accusation , ??? Leprocureur C. Clément KAYISHEMA et Obed RUZINDANA, Affaire n° ICTR-9F1T, Chambre de première instance II, , jugement , 21 mai 1999 Le procureur c.SEMANZA, ICTR-97-20-T, Chambre de première instance III, jugement et sentence, 15 mai 2003. Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, Affaire n° ?? , Chambre de première instance, , Acte d’accusation, 4 septembre 1998. Le procureur c.Jean-Paul AKAYESU, ICTR-96-4-T, jugement, 2 septembre 1998. Le procureur c.Jean KAMBANDA, ICTR-97-23-S, chambre I, jugement portant condamnation, 4 septembre 1998. Chambre de première instance désignée en vertu de l’article 11 bis, le procureur C. Winceslas MUNYESHYKA, affaire ICTR-2005-87-I, 20 novembre 2007. g- Chambres Extraordinaires au sein des Tribunaux Cambodgiens Affaire M.KAING Guek Eav alias DUCH, dossier n° 001/18-07-2007/ECCC/TC, chambres extraordinaires au sein des tribunaux cambodgiens, la chambre de première instance, jugement, 26 juillet 2010. h- Tribunal Spécial pour la Sierra Léone Prosecutor v. Charles Ghankay TAYLOR, Decision on immunity from jurisdiction, Case Number SC SL-2003-01, 31 Mai 2004.

Page 429: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

423

2- JURISPRUDENCE INTERNE CANADA Cour suprême, arrêt Finta, 24 mars 1994. CHILI Cour suprême, décision de levée de l’immunité de Pinochet, 26 aout 2004 . France Cour de cassation, chambre criminelle, Klaus BARBIE, 20 décembre 1985. Ely ould dah, cour de cassation, 23/10/2002. KADHAFI , Cour d’appel de Paris, chambre d’accusation, 2è section, Arrêt du 20/10/2000, n° A 1999 0591. ISRAEL Tribunal du district de Jérusalem, affaire Adolf EICHMANN, 15 décembre 1961. SENEGAL Cour d’appel de Dakar, Chambre d’accusation, Arrêt n° 134, 4 juillet 2000

Page 430: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

424

فهرس المحتويات شكر إهداء

قائمة المختصرات

01 المقدمة

16 المعياريمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية على ضوء التفاعل : الباب األول

18 تطور في المفهوم و المعاقبة: الجرائم ضد اإلنسانية: الفصل األول 19 تكريس عرفي و اتفاقي متدرج: المبحث األول 20 دور العرف و الفقه في بلورة الجرائم ضد اإلنسانية: المطلب األول 20 الطابع العرفي األولي للجرائم ضد اإلنسانية: الفرع األول

20 المصدر العرفي للجرائم ضد اإلنسانية-1 جريمة غير : تكريس أولي في النظام األساسي للمحكمة العسكرية لنورمبرغ-2

26 مستقلة 32 الجرائم ضد اإلنسانية بين المشاريع واإلتفاقياتمحاوالت تقنين :الفرع الثاني

الجرائم ضد اإلنسانية في مشروع لجنة القانون الدولي الخاص بمدونة الجرائم -1 32 ضد سلم و أمن اإلنسانية

في ظل غياب : اإلتفاقيات الدولية المكرسة لبعض صور الجرائم ضد اإلنسانية-2 38 اتفاقية شاملة

40 ااتفاقية منع جريمة الفصل العنصري و المعاقبة عليه-أ 41 اتفاقية مناهضة التعذيب-ب 43 اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب و الجرائم ضد اإلنسانية -ج 44 الدور الرائد للفقه: المبادرة من أجل اتفاقية حول الجرائم ضد اإلنسانية– 3 45 مشروع اتفاقية حول الجرائم ضد اإلنسانية أمام لجنة القانون الدولي-4

Page 431: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

425

46 الجرائم ضد اإلنسانية في القانون الدولي الجنائي اإلسالمي : لثالفرع الثا نظام روما األساسي كمرجع لتجريم و معاقبة الجرائم ضد : المطلب الثاني

47 حصيلة لقانون نورمبرغ: اإلنسانية : تطور المفهوم في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة :الفرع األول

48 ابتعاد عن المفهوم العرفي األولي الجرائم ضد اإلنسانية في النظامين األساسيين للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين -1

48 المؤقتتين 49 في إطار النظام األساسي للمحكمة المؤقتة ليوغسالفيا السابقة -أ 51 رواندالفي إطار النظام األساسي للمحكمة المؤقتة -ب تأثر : الجرائم ضد اإلنسانية في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية المدولة-2

52 بنظام روما األساسي :نظام روما كإطار مرجعي لتجريم و معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية:الفرع الثاني

56 بين الشمولية و المحدودية 57 ميزة حصرية للجرائم ضد اإلنسانية :غياب اتفاقية دولية خاصة-1 تكريس يسعى: من نظام روما األساسي 7الجرائم ضد اإلنسانية وفقا للمادة -2 58 لتعويض غياب اتفاقية شاملة

63 الجرائم ضد اإلنسانية عبر األفعال المكونة لها: المبحث الثاني 63 يةالسياق العام للجرائم ضد اإلنسان:المطلب األول 64 المصدر: الهجوم واسع النطاق أو المنهجي: الفرع األول

64 قانون نورمبرغ مصدر ضمني للسياق العام- 1 65 مفهوم غامض : الهجوم- 2

68 واسع النطاق أو منهجي: خصائص الهجوم: الفرع الثاني 68 تعبير عن الطابع الجماعي للجريمة : الهجوم واسع النطاق– 1 69 تعبير عن السياسة اإلجرامية : الهجوم المنهجي – 2

70 الركن المادي أو التعداد المتنوع لألفعال: المطلب الثاني 71 األفعال التقليدية : الفرع األول

Page 432: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

426

72 القتل العمد – 1 73 إلبادة ا – 2 76 اإلسترقاق – 3 79 إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان – 4

81 المستجدات و النقائص: الفرع الثاني 82 قائمة متنوعة من األفعال إلثراء مفهوم الجرائم ضد اإلنسانية- 1 السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف -أ

82 القواعد األساسية للقانون الدولي 84 التعذيب - ب القسري الحمل أو البغاء على اإلكراه أو الجنسي االستعباد أو االغتصاب -ج هذه مثل على جنسيال العنف أشكال آخر شكل أي أو القسري، التعقيم أو

87 ةرالخطو من الدرجة 94 االختفاء القسري لألشخاص -د

97 العنصري الفصل جريمة-هـ 99 االضطهاد -و 101 صياغة شاملة في مواجهة التطورات المفاهيمية : نسانية األخرىإاألفعال الال -2 101 الشمول المبدئي : األفعال الالإنسانية األخرى -أ

ضمن البيئية مخالفاتال و المشروعة غير الطبية التجارب إدراج نحو-ب 103 نسانية؟إالال األفعال

105 التمييزي دافعالركن المعنوي و إشكالية ال: لثالمطلب الثا 105 مشتمالت الركن المعنوي: الفرع األول 106 العلم بالهجوم: الفرع الثاني

الجرائم ضد اإلنسانية بين القانون الدولي الجنائي و القوانين : الفصل الثاني

109 الجنائية الوطنية 111 جرائم دولية وفقا للقانون الدولي الجنائي :الجرائم ضد اإلنسانية: المبحث األول

Page 433: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

427

111 إضفاء الصبغة الدولية على هذه الجرائم : المطلب األول 111 فوق وطنية دولية جرائم باعتبارهاجرائم ضد اإلنسانية ال: الفرع األول السلم و الكرامة : الترابط بين القيم األساسية للمجتمع الدولي: الفرع الثاني

115 اإلنسانية والعدالة 122 الجرائم ضد اإلنسانية و مبدأ الشرعية: المطلب الثاني 122 مفهومه و تطوراته : مبدأ الشرعية: الفرع األول

125 الطبيعة القانونية لمبدأ الشرعية الجنائية وفقا لمنظور القانون الدولي الجنائي -1 126 تأثر مبدأ الشرعية بالقانون الدولي العرفي-2

128 اإلنسانية و مصادر القانون الدولي الجنائيالجرائم ضد :الفرع الثاني 128م اختالف؟أتطابق :مصادر القانون الدولي الجنائي و مصادر القانون الدولي العام-1 135 صادر التقليديةالم–أ 144 المصادر الحديثة -ب : مصادر القانون الدولي الجنائي والقانون الدولي لحقوق اإلنسان-2

146 استعارة قضائية مكرسة 146 خضوع للمبادئ العامة : قانون حقوق اإلنسان اإلقليمي والقانون الدولي -أ من االجتهاد : القضاء الجنائي المؤقت واالجتهاد القضائي اإلقليمي لحقوق اإلنسان -ب

147 إلى التقنين إدماج الجرائم ضد اإلنسانية ضمن القوانين الوطنية :المبحث الثاني

151 و في اإلجتهاد القضائي 151 دماجاإلدور نظام روما األساسي في تسريع وتيرة :المطلب األول 151 إدماج نسبي بعد محاكمات نورمبرغ :الفرع األول 159 األساسي إدماج نوعي بعد اعتماد نظام روما: الفرع الثاني

165 إدماج القاعدة الدولية التجريمية -1 166 تراجع السيادة كمدعم لإلدماج -أ 170 مواءمةخصائص مسار ال-ب 170 نماذج متفاوتة إلدماج الجرائم ضد اإلنسانية في القوانين الوطنية -2

Page 434: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

428

171 رائد إلدماج الجرائم ضد اإلنسانية و الدول المتطورة األخرى الدول الغربية -أ محاولة لدخول عهد:إدماج الجرائم ضد اإلنسانية في دول أمريكا الالتينية -ب

173 جديد من الديمقراطية تراجع في ظل متابعات : الدول اإلفريقية و إدماج الجرائم ضد اإلنسانية -ج

178 المحكمة الجنائية الدولية 179 غياب مبرر: الجرائم ضد اإلنسانية في قوانين الدول العربية و اإلسالمية -د

183 إثراء للمفهوم : الجرائم ضد اإلنسانية على ضوء اإلجتهاد القضائي:المطلب الثاني 184 السياق العام: الفرع األول

184 نورمبرغ تكريس في محاكمات: ارتباط الجرائم ضد اإلنسانية بالنزاعات المسلحة-1 185 قرار تاديتش: جرائم مستقلة بالتدريج-2

188 نة لهذه الجرائم العناصر المكو: الفرع الثاني 188 قائمة غير حصرية :األفعال المشكلة للجرائم-1 195 أو عسكريين؟ / مدنيين و:الفئات الضحايا-2 198 مدى اشتراط الدافع التمييزي– 3

200 خالصة الباب األول

:معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية و سيادة الدول:الباب الثاني 201 اختصاصات قضائية متنافسة

203 محاولة التوفيق العسيرة :الجرائم ضد اإلنسانية و سيادة الدول:الفصل األول 205 عد اآلمرة معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في سياق القوا:المبحث األول 205 ارتباط الجرائم ضد اإلنسانية بالقيم األساسية للمجتمع الدولي :المطلب األول 205 اإلنسانية أو الكرامة اإلنسانية :المصلحة المحمية:الفرع األول

206 اإلنسانية كقيمة مرجعية أو اإلنسانية كضحية للجرائم ضد اإلنسانية -1 208 دافرو األاإلنسانية -أ 208 و المجموعة الدولية و الشعوب اإلنسانية-ب

Page 435: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

429

212 نحو مسؤولية الحماية من الجرائم ضد اإلنسانية؟ -2

217 عدم قابلية هذه الجرائم للتقادم :الفرع الثاني 217 تقادم في النصوص الدولية العدم -1 218 عدم التقادم في النصوص السابقة على االتفاقية األممية -أ 219 1968عدم التقادم في اتفاقية -ب 223 في األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية الدولية و المدولة -ج 223 تقادم في القوانين الداخلية العدم -2

مصاف القواعد اآلمرة رفع القواعد المجرمة إلى :المطلب الثاني 229 و الجرائم ضد اإلنسانية ضمن جدل تدرج الجرائم الدولية أ 230 القانون الدولي الجنائي و القواعد اآلمرة :الفرع األول

230 المفهوم واآلثار: القواعد اآلمرة -1 230 االتفاقي المفهوم –أ 233 االجتهاد القضائي -ب 235 القواعد اآلمرة والجرائم ضد اإلنسانية - 2

236القواعد اآلمرة و الجرائم ضد اإلنسانية في اإلجتهاد القضائي الدولي :الفرع الثاني 236 جريمة الجرائم: اإلبادة الجماعية-1 236 في اإلجتهاد القضائي لمحكمة العدل الدولية -أ 240 جريمة الجرائم : كمة رواندافي اإلجتهاد القضائي لمح - ب 242 . منع التعذيب كقاعدة آمرة في اإلجتهاد القضائي لمحكمة يوغسالفيا السابقة-2

:الدولة جهزةأالجرائم ضد اإلنسانية و حصانة معاقبة :المبحث الثاني 245 تراجع الحصانة لصالح المتابعة

246 و حدودهاحصانة الأساس : المطلب األول 246 األساس الوظيفي: الفرع األول

247 اإلعتبار المتعلق بالعالقات الدولية الحسنة - 1 248 تكريس للقانون العرفي : اتفاقية فيينا حول العالقات الدبلوماسية - 2

Page 436: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

430

251 مجال الحصانة: الفرع الثاني 254علقة بمعاقبة الجرائم ضد اإلنسانية المت لنصوصاستبعاد الحصانة في ا: الفرع الثالث

254 عدم اإلعتداد بالحصانة في النصوص المنشئة للقضاء الجنائي الدولي / 1 254 بالنسبة للنصوص المنشئة للقضاء الجنائي الدولي المؤقت -أ 256 بالنسبة لنظام روما األساسي -ب 260 حصانة أجهزة الدولة في أشغال معهد القانون الدولي - 2

261 القانون الدولي لجنة حصانةفي أشغالال - 3 نحو تراجع عن : حصانة أجهزة الدولة والجرائم ضد اإلنسانية: المطلب الثاني

262 ؟الحصانة 262 غياب الحصانة أمام القضاء الجنائي الدولي : الفرع األول

263 قضية يروديا : حصانة أجهزة الدولة أمام محكمة العدل الدولية - 1 267 مبدأ الحصانة أمام القضاء الجنائي الدولي - 2 267 استبعاد الحصانة في االجتهاد القضائي لمحكمتي يوغسالفيا ورواندا -أ 267 عدم اإلعتداد بالحصانة أمام المحكمة الجنائية الدولية -ب

268 مواقف متباينة : الحصانة أمام القضاء الجنائي الداخلي: الفرع الثاني 268 قضيتي بينوشي والقذافي : استبعاد الحصانة أمام جهات قضائية رائدة -1 269 استبعاد الحصانة المادية بالنسبة لألفعال ذات الطابع الخاص : قضية بينوشي -أ 271 ة الشخصية لرئيس الدولة أثناء ممارسة مهامه نسبية الحصان: قضية القذافي-ب 273 مبدأ السيادةانعكاس ل: تمسك بعض الجهات القضائية بالحصانة-2

274 اختصاصات قضائية متعددة للمعاقبة :الفصل الثاني 276 حركية تعدد هذه الجهات :المعاقبة من قبل جهات قضائية دولية:المبحث األول 276 استبعاد اختصاص محكمة العدل الدولية كأصل :المطلب األول 277 افتقار المحكمة آلليات المعاقبة :الفرع األول 284 إسهامات :ضد اإلنسانيةالجرائمومحكمة العدل الدولية:الفرع الثاني

Page 437: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

431

لقضائية معاقبة الجرائم ضد اإلنسانية في سياق تعدد الجهات ا: المطلب الثاني 286 من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الجنائية الدولية : الدولية

286 اختصاص قائم على األولوية:الفرع األول المحكمة العسكرية الدولية لنورمبرغ والمحكمة العسكرية الدولية للشرق -1

287 قضاء مؤقت منازع فيه : األقصى :المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا -2

292 دور مهيمن لمجلس األمن الدولي 293 المفهوم: مبدأ أولوية االختصاص -أ السيادة في خدمة :تنازل المحاكم الوطنية لصالح المحاكم الجنائية الدولية -ب

296 الدوليةالعدالة الجنائية 298 لي يماختصاص تك:الفرع الثاني

300 لي يممفهوم مبدأ اإلختصاص التك -1 302 انعدام إرادة الدولة أو عدم قدرتها على ممارسة اختصاصها -أ

303 الحد المتعلق بخطورة القضية -ب 305 في ممارسة المحكمة لي يماإلختصاص التك -2 305 اإلحالة من قبل دولة طرف -أ 305 الوضعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية / أ 306 الوضعية في أوغندا / ب 308 الوضعية في جمهورية إفريقيا الوسطى / ج 309 اإلحالة من قبل مجلس األمن -ب 310 ) السودان(الوضعية في دارفور / أ 311 الوضعية في ليبيا / ب 312 الوضعية في كوت ديفوار/ ج 313 مخاوف الدول اإلفريقية تجاه المحكمة الجنائية الدولية- 3

313 اختصاص ذو طبيعة هجينة :الفرع الثالث 315 المحاكم ذات الطابع فوق الوطني -1

Page 438: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

432

316 المحاكم ذات الطابع الوطني الغالب -2 316 الغرف الخاصة المنشأة في تيمور الشرقية -أ 317 في المحكمة الكمبودية الدوائراإلستثنائية-ب 318 التنازع بين المحاكم الجنائية المدولة و المحاكم الجنائية األخرى -3

320 المعاقبة من قبل جهات قضائية داخلية :المبحث الثاني 320الطابع المدول للقضاء الوطني:المعاقبة وفقا لمبدأ اإلختصاص العالمي:المطلب األول 321 مفهوم اإلختصاص العالمي :الفرع األول

321 تعريف اإلختصاص العالمي -1 322 تطوره -2

326 المواقف المتباينة للدول بشأن اإلختصاص العالمي :انيالفرع الث 326 اعتماد موسع للمبدأ -1 العصر الذهبي لالختصاص العالمي : التشريعان األوليان البلجيكي واالسباني -أ

327 المطلق 331 التشريعات التي اعتمدت اإلختصاص العالمي المقيد –ب 336 الدول اإلفريقية والعربية واإلسالمية في موقع الضحية -2 336 للدول اإلفريقية من تطبيق االختصاص العالمي سلبيالموقف ال -أ 339 الدول العربية واإلسالمية وتجاهل مبدأ االختصاص العالمي -ب 339 نحو تأطير ممارسة االختصاص العالمي -3

العالمي أمام القضاء الدولي بين قبول متحفظ اإلختصاص:الفرع الثالث 342 كد و تكريس مؤ

342 المبدأ المحرج : االختصاص العالمي أمام محكمة العدل الدولية -1 343 قضية يروديا -أ 344 قضية حسين حبري -ب 346 كريس مطلقت: االختصاص العالمي أمام المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان -2 347 أو التفسير التطوري لمبدأ االختصاص العالمي : قضية جورجيتش-أ 349 االختصاص العالمي لجريمة التعذيب : قضية ولد داح -ب

Page 439: ﻥﻴﺒ ﺔﻴﻨﺎﺴﻨﻹﺍ ﺩﻀ …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/123456789/13681/2/...ﺕﺍﺭﺼﺘﺨﻤﻝﺍ ﺔﻤﺌﺎﻗ AFDI Annuaire français de droit

433

350 المعاقبة عن طريق التفويض :المطلب الثاني األساس القانوني لتفويض المحاكم الجنائية الدولية اختصاصها :الفرع األول

350 للقضاء الوطني 351 لة اآلجال سأم:الطابع المؤقت للمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة -1 355 فعالية المتابعة أمام المحاكم الوطنية -2

358 تطبيق محدود لتفويض اإلختصاص بالمعاقبة:الفرع الثاني 358 التفويض من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة -1 359 التفويض لمحاكم البوسنة والهرسك -أ 362 التفويض للمحاكم الكرواتية -ب 363 التفويض للمحاكم الصربية -جـ التوجه نحو القضاء : التفويض من قبل المحكمة الجنائية الدولية لرواندا-2

364 الوطني األوروبي 366 اإلحالة إلى فرنسا -أ

367 اإلحالة إلى رواندا 369 خالصة الباب الثاني

370 الخاتمة

374 قائمة المراجع

418 فهرس المحتويات