219
ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺭﻗﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺸﺭﺍﻕ ﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﺴﻤﻨﺩﺭ ﻋﻠـﻲ ﺍﺴﺘﻬﻼل ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻭﻟﺌﻥ ﻭﻓﻨﻭﻨﻬﺎ، ﻭﺁﺩﺍﺒﻬﺎ ﻋﻠﻭﻤﻬﺎ ﺠﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﺙ ﻤﻥ ﻟﻸﻤﺔ ﻤﺎ ﻭﺃﺨﻠﺩ ﻭﺃﻨﺒل ﺃﻨﻔﺱ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﻭﻋﻘﻴـﺩﺓ، ﻭﻟﻐـﺔ ﻋـﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﻓﺭﻕ ﺠﻤﻌﺎﺀ ﻟﻺﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺇﻨﻪ ـ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻤﺘﺎﺯﺓ ﻭﺘﻜﺎﻤﻠﻬﺎ ﻭﺘﻔﺎﻫﻤﻬﺎ ﺘﻁﻭﻴﺭﻫﺎ ﺴﺒﻴل ﻓﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺘﺒﻨﻰ ﺃﻓﻀﻠﻪ ﻭﺘﺘﻭﺍﺭﺙ ﻭﻤﺅﺜﺭﺓ، ﻭﻤﺒﺩﻋﺔ ﻤﺘﺄﺜﺭﺓ ﺃﻗﺩﺍﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ ﺘﺸﺎﺭﻙ ﺩﺍﻤﺕ ﻤﺎ ﻭﻤﻜﺎﻥ، ﺯﻤﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﺎﺠﺯ. ﻭﻤ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺩﺨﻠﻭﺍ ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺭﺒﺔ ﻟﻠﻌﺭﺏ ﻜﺎﻥ ﻭﻗﺩ ﺍﻟﺸـﺭﻕ ﺇﻟـﻰ ﻤﻜـﺔ ﻤـﻥ ﻓﺘﻭﺠﻪ ﻤﺩ ﻓﺎﻹﺴﻼﻡ ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ، ﺇﻻ ﻤﺘﺒﻠﻭﺭﺍ ﺸﺎﻤﻼ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻴﺼﺒﺢ ﻟﻡ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ، ﺃﻗﺩﻡ ﻤﻨﺫ ﻭﺇﺒﺩﺍﻉ ﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻵﺨﺭ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻤﺠﺎﻭﺭﺍ ﺃﻭ ﻤﺎﺭ ﺒﻠﺩﺍﻨﻬﺎ، ﺒﻌﺽ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻘﺭ ﻭﺍﻟﻐﺭﺏ. ﻟﻐﻴﺭﻫﻡ ـ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﻥ ﺤﻜﺎﻤﻪ ﻋﻬﺩ ﻓﻲ ﺴﻴﻤﺎ ﻭﻻ ـ ﺴﻤﺎﺤﻪ ﻭﺍﺘﺴﻊ ﻜﺜﻴﺭﻭﻥ، ﻓﻴﻪ ﺩﺨل ﻭﻗﺩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﻤﻥ. ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻋﻠـﻭﻡ ﻟﻬـﺅﻻﺀ ﻭﻜـﺎﻥ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﺘﻬـﺎ ﺍﻟﺒـﺭﺍﻨﺱ، ﺠﺒﺎل ﺇﻟﻰ ﻓﺎﺭﺱ ﻤﻥ ﻭﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﺭﻴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺴﻴﺔ ﻤﺤل ﹼﺕ ﻭﺤﻠ ﻓﺎﺴﺘﻭﻋﺒﺘﻬﺎ ﻷﺩﺍﺌﻬﺎ، ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﺘﺨﺫﻭﺍ ﺒﻴﻨﻬﺎ، ﻋﻠﻭﻤﻪ ﺒﻴﻥ ﻭﺠﻤﻌﻭﺍ ﻓﻴﻪ، ﻓﺄﺩﺨﻠﻭﻫﺎ ﻭﻓﻨﻭﻥ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻟﻐﺎﺕ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﻥ ﺍﻟﺘـﻲ ﺍﻟﺸـﺭﻗﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻟﻤﻌﻅﻡ ﻴﺘﻬﻴﺄ ﻟﻡ ﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺒﺎ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﺴﺘﻭﻋﺒﺕ ﺤﺘﻰ ﺒﺤﺭﻭﻓﻬﺎ، ﺤﺭﻭﻓﻬﺎ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍل ﻋﻠﻰ ـ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻟﻐﺔ ﻭﻫﻲ ـ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭل ﺤﻤﻠﺕ ﻭﺍﻟﺴﺭﻴﺎﻨﻴﺔ ﻜﺎﻟﻌﺒﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻤﻥ ﻷﺨﻭﺍﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻭﺍﻷﻭﺭﺩﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺔ ﻜﺎﻟﻔﺎﺭﺴﻴﺔ ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﺭﺴـﺕ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﺘﺭﺍﺙ ﺒﻴﻥ ﺤﻠﻘﺔ ـ ﺍﻟﻭﺴﻴﻁ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻓﻲ ـ ﻓﻜﻭﻨﺕ ﺍﻟﻜﻠﺩﺍﻨﻴﺔ، ﻨﻬﻀﺘﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻨﻴﻨﺎ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺘﻪ ﻟﻨﺎ ﺘﻬﻴﺄﺕ ﺇﺫﺍ ﺤﺘﻰ ﹰ، ﺘﺭﺍﺜﺎ ﻤﻨﻪ ﻭﺃﺒﺩﻋﺕ ﻨﻬﻀﺘﻬﺎ، ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻋﻠﻴﻪ. ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻤﻬﺩ ﻤﻨﺫ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﻤﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻓﺠﺭ ﺒﺯﻍ ﻋﺎﻡ ﺁﻻﻑ ﺜﻼﺜﺔ ﻁﻭﺍل ﻓﻴﻪ ﻀﺤﺎﻫﺎ ﻭﺍﺴﺘﻘﺭ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ، ﻗﺒل ﺴﻨﺔ ﻭﺨﻤﺴﻤﺎﺌﺔ ﺁﻻﻑ ﺃﺭﺒﻌﺔ. 1 ﺴﻭﻤﺭ ـ: ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺨﻁ ﻫﻨﻜﺯ ﺤل ﻟﻘﺩ) 1850 ( ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴـﺔ ﺍﻟـﻨﻅﻡ ﺃﺴـﺱ ﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﻓﻀﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺩل ﺠﻼﺀ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ﻭﺴﻼﻟﺘﻬﺎ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺴﻭﻤﺭ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻷﺜﺭﻴﻭﻥ ﻓﺠﻼ ﻭﻟﻭﺭﻨﺴﻥ، ﺃﻭﺒﺭﺕ، ﻓﻴﻪ ﻭﺘﻭﺴﻊ، ﻭﺍﻟﻤﺼﺭﻓﻴﺔ ﹰ، ﺸـﻬﺭﺍ ﻋﺸـﺭ ﺒﺈﺜﻨﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻗﻭ ﺍﻟﻌﺠﻼﺕ، ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺭﻜﺒﺎﺕ ﻋﺭﻑ ﻤﻥ ﺃﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻓﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﻭﺃﺜﺒﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻠﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻷﺨﺘﺎﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺒﺔ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻴﻴل ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺯﻴﻥ ﻭﺠﻤﻊ ﹰ، ﻤﻜﺘﻭﺒﺎ ﻤﺩﻨﻴ ﻗﺎﻨﻭﻨﺎ ﻭﺴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ، ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻋﻨﻬﺎ ﺘﻘﻭﻴﻤﻬﺎ ﻓﻭﺭﺙ ﺃﻟﻑ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ ﻀﻤﺕ ﻤﻜﺘﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ) ﻟﻭﺡ.(

نهج المستشرقين

Embed Size (px)

DESCRIPTION

الحضارة هي أنفس وأنبل وأخلد ما للأمة من تراث في جماع علومها وآدابها وفنونها، ولئن كان من صنع الطبقة الممتازة فيها ـ إنه للإنسانية جمعاء لا فرق بين عرق ولغة وعقيدة، أو حاجز من زمان ومكان، ما دامت تشارك فيه على أقدارها متأثرة ومبدعة ومؤثرة، وتتوارث أفضله وتبنى عليه في سبيل تطويرها وتفاهمها وتكاملها. وقد كان للعرب والمستعربة والذين دخلوا في الإسلام تراث ومشاركة وإبداع منذ أقدم العصور، ولكنه لم يصبح عميقاً شاملاً متبلوراً إلا بالإسلام، فالإسلام مدّ فتوجه من مكة إلى الشرق والغرب مستقرَّاً في بعض بلدانها، مارَّاً أو مجاوراً بعضها الآخر. وقد دخل فيه كثيرون، واتسع سماحه ـ ولا سيما في عهد حكامه من العرب ـ لغيرهم من أصحاب العقائد. وكان لهؤلاء علوم وآداب وفنون فأدخلوها فيه، وجمعوا بين علومه بينها، واتخذوا العربية لغة الكتاب لأدائها، فاستوعبتها وحلّت محل الفارسية والسريانية والقبطية واليونانية واللاتينية من فارس إلى جبال البرانس، وتجاوزتها إلى غيرها من لغات أوربا وحملت الدول الإسلامية ـ وهي لغة الدين في العالم الإسلامي ـ على استبدال حروفها بحروفها، حتى استوعبت تراث الإسلام استيعاباً لم يتهيأ لمعظم اللغات الشرقية التي دان أهلها بالإسلام كالفارسية والتركية والأوردية، أو لأخواتها من اللغات السامية كالعبرية والسريانية والكلدانية، فكونت ـ في العصر الوسيط ـ حلقة بين تراث اليونانية القديمة وبين اللاتينية الحديثة أرست عليه أوربا نهضتها، وأبدعت منه تراثاً، حتى إذا تهيأت لنا استعادته بنينا عليه نهضتنا.

Citation preview

Invalid document format