٥حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

دمةــاملقإن احلمد هللا، حنمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باهللا من

شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اهللا فال مضل له، ومن -وحده ال شريك له–يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال إله إال اهللا

صلى اهللا وسلم وبارك عليه وعلى –وأشهد أن حممدا عبده ورسوله .وصحبه ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدينآله

:أما بعد فهذا الكتاب ما هو إال حماولة للعودة بالتربية إىل نبعها األصل، ومصدرها الوثيق املنزل من وحي السماء، واملقتبس من سنة رسول

؛ فطاملا ركضنا خلف كل -عليه الصالة والسالم–اإلنسانية حممد هتا املتهافتة، وطاملا عكفنا على مناهجها ناعق بالتربية الغربية، ونظريا

دراسة وتدريسا، وحبثا ومطالعة، ونسينا أننا أمة ال تسقي إال مـن كتاب اهللا الذي ال يأتيه الباطل من بني يديه وال مـن خلفـه، وال تقتبس إال من مشكاة النبوة اليت أضاءت الكون بآفاقه وأعماقـه،

نا، وأن لنا تارخيا وأن لنا جمدنا املشرق ونسينا أو تناسينا أن لنا أصالتالذي أقامه اإلسالم، ولن يعود إلينا إال إذا عدنا إىل اإلسالم كمـا

حنن قـوم «: -رضي اهللا عنه–قال اخلليفة الراشد عمر بن اخلطاب .»أعزنا اهللا باإلسالم، ومهما ابتغينا العزة يف غري اإلسالم أذلنا اهللا

تاب من كنوز السنة أصوال كبرية الفائدة، وقد مجعت يف هذا الكعظيمة العائدة يف تربية األبناء، فجاءت كحبات اللؤلؤ املنتظمة، لتصرخ

أيها الغرب البائس، : يف وجه الغرب البائس، ونظرياته املهترئة وتقول له ..ما أنت إال كالطفيليات على شجرة التربية

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٦

دع عامل القيم واألخالق؛ أيها الغرب احلائر، دع عامل الروح،.. إهنا من شأننا حنن املسلمني وأما أنت فليس لك إال عامل املـادة

..ويهرج احلياة ومتاعها احلسي الغليظ.. واآللةكما حتتـاج –إن الطفولة املعذبة على امتداد هذا العامل حتتاج

إىل اإلسالم وإىل قـيم اإلسـالم، وإىل منـهاج -اإلنسانية مجعاءالذي يستطيع أن ينتشل الطفولة -وحده–م يف التربية، فهو اإلسال

الذي بإمكانه أن ينقذ الفطرة يف نفوس -وحده–من الضياع، وهو هؤالء األطفال من احليرة وااللتياع، ومناهجه هي الكفيلة بأن تنشئ

.طفولة سوية وفق املنهج الرباينبل غرينا؛ فنربي ندرك هذه احلقيقة ق -حنن املسلمني–ويا ليتنا

عليه الصـالة –أبناءنا على ضوء كتاب اهللا، ووفق سنة رسول اهللا .-والسالم

إن هؤالء األطفال كاألرض الدمثة الرخية، يغرس هبا الورد كما ولكن املشكلة تكمن يف منـاهج التربيـة، ويف .. ينبت به الشوك .القائمني عليها

بية اإلسـالمية، وبقـي يف وهذا الكتاب خطوة يف طريقة الترأن يعني على إخراجهـا، وأن -عز وجل–الزوايا خبايا، نسأل اهللا

.يوفقنا لصاحل القول والعمل، وأن يهدينا سواء السبيل كتبه

حيىي بن سعيد آل شلوان

٧حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

احلقيقة الغائبةوصية اهللا لآلباء سابقة على وصية األوالد بآبـائهم، قـال فمن أمهـل ]. ٣١: اإلسراء. [_خشية إملاق أولادكم +: تعاىل

تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى؛ فقد أساء إليه غاية اإلسـاءة، وأكثر األوالد إمنا جاء فسادهم من قبل اآلباء، وإمهاهلم هلم، وترك تعليمهم فرائض وسننه؛ فأضاعوهم صغارا، فلم ينفعا بأنفسهم، ومل

: هم كبارا، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق، فقالينفعوا آباءيا أبت، إنك عققتين صغريا، فعققتك كـبريا وأضـعتين وليـدا،

.فأضعتك شيخا» حتفـة املولـود « -رمحة اهللا عليـه –من كالم ابن القيم

.١٣٩ص

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٨

التربية مسؤولية) ١( : --قـال رسـول اهللا : قال -رضي اهللا عنه–عن ابن عمر

كم راع، فمسؤول عن رعيته، فاألمري الذي علـى النـاس كل«راع، وهو مسؤول عنه، والرجل راع على أهـل بيتـه، وهـو مسؤول عنهم، واملرأة راعية على بيت بعلهـا وولـده، وهـي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنـه،

.)١(»أال فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته ـةــوقف !التربية مسؤولية، وأي مسؤولية؟.. نعم هل وقف كل منا أمـام هـذه .. أخيت األم.. أخي األب

الرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، «: احلقيقة العظيمة؟ »...واملرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسـؤولة عنـهم

وهل يستشعر كل منا هذه املسؤولية اجلسيمة؟والبـد مـن -عز وجل–من الوقوف بني يدي اهللا البد

السؤال، فهل أعددنا للسؤال جوابا؟ مث هل أعددنا للجواب صوابا؟ .وهنا تتضح املسؤولية

كيف حنن وتربية األبناء؟ على أي نشأة نشأناهم؟ وبـأي تربية ربيناهم؟ وألي غاية أعددناهم؟

).٤٥٦٩: («صحيح اجلامع الصغري«: انظر–احلديث متفق عليه ) ١(

٩حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

ربية أبنائنا، وتصحيح املسار، البد من مراجعة حساباتنا يف ت والعودة بالتربية إىل هنجها األصيل، وأسلوهبا اجلميل املستمد مـن

، وعلينا أن نضع -عليه الصالة والسالم–كتاب اهللا، وسنة رسوله مقاييس الطاعة واملعصية، واحلالل واحلرام، واخلطـأ والصـواب،

ادها يف تربيتنا واملعروف واملنكر، وما يوافق روح اإلسالم وما يضألبنائنا، إىل جانب مقاييس العاطفة، والنظر إىل جانـب مقـاييس

..العاطفة، والنظر إىل عنصري الزمان واملكان، وتغريات األحوالليس صحيحا أال نفهم من التربية إال تغذية البدن، ورعايـة

الصحة، أو محل العصا، وإصدار األوامر والنـواهي، بعيـدا عـن .بط الشرعية، والسنن املرعيةالضوا

فلنتق اهللا يف هذه الفطر السليمة، واألنفس الزكيـة، وقـد !أننا مسؤولون -دائما وأبدا–والنا اهللا أمرها، ولنتذكر

..من هنا نبدأ) ٢(

ختيروا لـنطفكم، فـانكحوا «: - -قال رسول اهللا .)١(»األكفاء، وأنكحوا إليهم

ــةـوقف هو اخلطـوة األوىل يف طريـق التربيـة .. اختيار الزوجة ..الطويل

: «صحيح اجلامع«، و)١٠٦٧(احلديث -٣/٥٦: «سلسلة األحاديث الصحيحة«) ١()٢٩٢٨.(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ١٠

: -عليه الصالة والسـالم –وهذا هو توجيه رسولنا احلبيب ، ليدرك املسلم قبل أن خيتار الزوجة اليت يريد أن »ختريوا لنطفكم«

أنه سيختار أما ألوالده، وحمضنا لذريته، وحجرا لفلذات –ينكحها سن االختيار فقد أحسن إىل ذريته، وحري بـأوالده فؤاده؛ فإن أح

أن ينشؤوا على الصالح، وإن أساء االختيار، فقد أساء إىل ذريته، .. وظلمها وهي ال تزال نطفة يف صلبه؛ حني وضعها يف غري حملـها

!»وإنك ال جتين من الشوك العنب«ما هي هذه الكفاءة املذكورة يف احلديث؟ أهـي .. ولكن سب والنسب؟ أم كفاءة املال واجلمال؟ يقـول الشـيخ كفاءة احلجيب أن يعلم أن الكفاءة إمنا هي يف اخللق «: -حفظه اهللا–األلباين

: -عليه الصالة والسالم–، ويف ذلك يقول الرسول )١(»والدين فقطتنكح املرأة ألربع ملاهلا، وحلسبها، وجلماهلا، ولدينـها، فـاظفر «

–، ويف اجلانب اآلخر يوصي نبينـا )٢(» بذات الدين تربت يداكإذا أتـاكم «: الزوجة وأولياء الزوجة بقوله -عليه الصالة والسالم

من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن ال تفعلـوا تكـن فتنـة يف .)٣(»األرض وفساد عريض

زوج صاحل، وزوجـة : فهذا هو الزواج اإلسالمي السعيد اء على أب تقي نقي، صـاحل صاحلة، فما أمجل أن تفتح عيون األبن

).٣/٥٧: («السلسلة الصحيحة«) ١( ).٣٠٠٣: («صحيح اجلامع«) ٢( ).٢٧٠: («صحيح اجلامع«) ٣(

١١حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

مصلح، عابد زاهد، يتتبع مرضاة اهللا، ويتجنـب معاصـيه،ويرجو رمحة اهللا، وخيشى عقابه، ذي دين قومي، وخلق كرمي، وقلب سليم، حسن العشرة، لين اجلانب، دمث األخالق، ويهتدي هبدي الرسول

-- يف جليل األمور وصغريها. تفتح عيون األبناء علـى أم ذاكـرة وكذلك ما أمجل أن ت

شاكرة، صائمة قائمة، مطيعة لزوجها حمسنة يف تربية أبنائها، قائمة هبا أوجب اهللا عليا، قد أدركت متام اإلدراك مسؤولياهتا يف تربيـة أبنائها، وتنشئهم النشأة اإلسالمية الكرمية؛ ليكونوا يف الغد املشرق

؛ فتقـر ..لمجد، ومشاعل للنور واهلدىمحلة لراية الكفاح، وقادة ل .هبم عني أمتهم، ويكتب هلا العز والتمكني

فهل تعني؟.. هذا هو دورك أيتها األم املسلمة ..إذا أراد أن يأيت أهله) ٣(

: --قال النيب : قال -رضي اهللا عنهما–عن ابن عباس للهم جنبنا بسم اهللا، ا: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأيت أهله قال«

الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا؛ فإنه إن قضي بينهما ولـد .)١(»من ذلك مل يضره الشيطان أبدا

وقفة !ما أعظم اهتمام اإلسالم باألبناء! سبحان اهللا

صحيح «، )٥١٦٥(-فتح الباري«انظر : رواه البخاري، ومسلم، وغريمها) ١(

).٥٢٤١: («اجلامع

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ١٢

، ..حىت يف هذه اللحظة، حلظة اجلماع، وفـوران الشـهوة اع ولد، لـه ينبغي على األب أن يتذكر إنه قد يرزق من هذا اجلم

حقوق على والده، ومن أعظم هذه احلقوق، وأخطرها قدرا، محاية االبن من الشيطان، ووقايته من كيده؛ حىت وإن كان هذا االبـن

..مستورا يف رحم الغيبفهل يتذكر األب املسلم هذا األمر، ويوطن نفسه أن يقول

طان مـا اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشـي «: عند كل مجاع .»مل يضره الشيطان أبدا«؛ لعله إن رزق بولد من ذلك »رزقتنا

مسالك »مل يضره الشيطان أبدا«: وقد سلك أئمتنا يف قوله املعىن مل يسلط عليه من أجل بركة التسمية، بـل : فقيل«متعددة،

إن عبادي لـيس لـك +: يكون من مجلة العباد الذين قيل فيهممل يضـره يف :املراد مل يصـرعه، وقيـل : ، وقيل_سلطانعليهم

مل يفتنه عن دينه إىل الكفر، وليس املراد عصمته منه عن : بدنه،وقيل ..املعصية، وقيل غري ذلك

اب التسـمية، باسـتح «: ويف احلديث من الفوائد أيضـا والدعاء، واحملافظة على ذلك حىت يف حالة املالذ كالوقاع، وفيـه

م بذكر اهللا ودعائه من الشيطان،والتربك بامسه، واالستعاذة االعتصابه من مجيع األسواء، وفيه االستشعار بأنه امليسر لـذلك العمـل، واملعني عليه، وفيه إشارة إىل أن الشيطان مالزم البن آدم ال ينطرد

.)١( »...عنه إال إذا ذكر اهللا

.بشيء من التصرف - ١٠/٢٨٦: فتح الباري) ١(

١٣حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

..يدعو له: أو ولد صاحل) ٤( : قال --أن رسول اهللا -رضي اهللا عنه– عن أيب هريرة

صدقة جارية، أو : إذا مات اإلنسان، انقطع عمله إال من ثالث« .)١(»يدعو له: علم ينتفع به، أو ولد صاحل

وقفه هذا احلديث أصل يف حث اآلباء واألمهات على السعي اجلاد،

سـالمية والعمل الدائب يف إصالح األبناء، وتنشئتهم النشـأة اإل بركة تعود علـى والديـه يف » للولد الصاحل«القومية؛ لعلمهم أن

.حياهتما، وبعد موهتما، ويف اآلخرة يوم البعث واجلزاءفهو يف احلياة الدنيا بار بوالديه، مطيع هلما، قـائم علـى

شؤوهنما، وبعد أن تنقضي آجاهلما وتنقطع أعماهلما، ويصبحا حتت نهما وبني العمل وكسب الثواب، يأيت هـذا أطباق الثرى وحيال بي

الولد الصاحل؛ فيدعو لوالديه، ويستغفر هلما، ويصل عهـدمها مـن !بعدمها؛ فال حيرم هذان األبوان من األجر، ومها يف ظلمة القرب

وعندما يقوم احلساب، ويفضي كل إنسان إىل مـا قـدم -ديث عن النيب ففي احل -أيضا–» الولد الصاحل«وأخر؛ تأيت بركة

- أي رب أنـي يل : إن العبد لترفع له الدرجة، فيقول«: قال

: «صحيح اجلامع«، و )١١/١٨٠: («جامع األصول«: رواه مسلم، انظر) ١()٧٩٣.(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ١٤

.)١(»باستغفار ولدك لك من بعدك: فيقول! هذا؟فمنفعة الولد الصاحل تعود أوال وآخرا على والديه، وذلـك

إن أحسنا إليه يف التربية؛ فإن اهللا سيحسن إليهما يف املثوبة، كيـف . _هـل جـزاء الإحسـان إلـا الإحسـان +: ئلوهو القا! ال؟ ].٦٠: الرمحن[

..كن له سترا من النار) ٥ (دخلت علي امـرأة، : قالت -رضي اهللا عنها–عن عائشة

ومعها ابنتان هلا؛ تسأل، فلم جتد عندي غري مترة واحدة، فأعطتهـا ، مث قامت فخرجـت، إياها، فقسمتها بني ابنتيها، ومل تأكل منها

من ابتلي من هذه «: --فأخربته، فقال النيب --فدخل النيب .)٢(»البنات بشيء؛ فأحسن إليهن؛ كن له سترا من النار

: قال --أن النيب -رضي اهللا عنه–وعن أنس بن مالك وضـم (من عال جارتني حىت تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهـو «

.)٣( »)أصابعه ـــةوقف مما يدل على فضل البنات، -وغريمها كثري–هذان احلديثان

).١٦١٧: (»صحيح اجلامع«) ١(). ١/١١٤: (»جامع األصول«انظر رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، ) ٢( ).٥٩٣٢: (»وصحيح اجلامع«: »صحيح اجلامع«، وهو يف )١/٤١٢: (»جامع األصول«: رواه مسلم، والترمذي) ٣()٦٣٩١.(

١٥حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

والتأكيد على حقوقهن، والندب إىل اإلحسان إليهن بشتى صـور من اإلحسان إليهن يف التربية، ويف النفقة، ويف املعاملـة، : اإلحسان ..وحنو ذلك

فإن التسخط باإلناث، والتربم منهن، وكراهية وجودهن من وإذا بشـر +: يف قوله -تعاىل–الق اجلاهلية، الذين ذمهم اهللا أخ

يتوارى من القوم * أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألـا

].٥٩، ٥٨: النحل[ ._يحكمون ساء ماوهذه اللوثة اجلاهلية ال تزال عالقة يف نفوس كـثري مـن

ملك السماوات +: -تعاىل–املسلمني، وكأهنم ال يقرؤون قول اهللا والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشـاء

و يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنـه أ* الذكور ].٤٩،٥٠: الشورى. [_عليم قدير

إن كرهتموهن فعسى +: يف حق النساء -تعاىل–وقد قال " ، ]١٩ :النسـاء . [_أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثريا

قد يكون للعبد فـيهن خـري يف الـدنيا -أيضا–وهكذا البنات ؛ ففضلهن يف الدنيا مشهور ال ينكر مما ميتزن بـه .)١( ..."واآلخرة

، وأما فضـلهن يف ..من حسن الصحبة، وكمال الرب، ولني اجلانبإذ --على لسان نبيه حممد -عز وجل–اآلخرة فقد أجراه اهللا

بتلي من هذه البنات بشيء؛ فأحسن إليهن، كن له من ا« : يقول

.١٥حتفة املودود ) ١(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ١٦

، بل إن األمر فوق ذلك؛ إذ يكون احملسن إلـيهن »سترا من الناريف جنة اخللد، وامللـك -عليه الصالة والسالم–رفيقا خلري البشر

.الذي ال يبلى، كما يظهر يف احلديث.. خري دارالستر من النار، ومرافقة سيد األبرار يف! اهللا أكرب

.جزاء اإلحسان إىل البنات، فهل تفرط يف هذا؟ ..أحب األسماء) ٦(

-قال رسـول اهللا : قال -رضي اهللا عنهما–عن ابن عمر - :»١(»عبد اهللا، وعبد الرمحن: أحب األمساء إىل اهللا(.

ةــوقف فـإن «هذا احلديث أصل يف طلب االسم احلسن للمولود؛

ى، ودليل عليه، وضرورة للتفاهم معه، ومنـه، االسم عنوان املسموإليه، وهو للمولود زينة ووعاء، وشعار يـدعى بـه يف اآلخـرة

، وهلذا صار مـن ..واألوىل، وتنويه بالدين، وإشعار بأنه من أهلهمأسورا يف قالب الشرعية، ولساهنا العريب ) األب(ميلك حق التسمية

.)٢(»باسم يشينهاملبني؛ حىت ال جيين على مولوده لكل مسمى «: وتأثري االسم على املسمى ال خيفى، فقد قيل

أكثـر : -كما قال القيم رمحـه اهللا –وهلذا نرى »من امسه نصيب .السفلة أمساؤهم تناسبهم، وأكثر الشرفاء والعلية أمساؤهم تناسبهم

).١٦١: (»صحيح اجلامع«: رواه مسلم، وغريه) ١( .٥ص: للشيخ الفاضل بكر أبو زيد–د وتسمية املول) ٢(

١٧حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

فيا من رزقه ربه مبولود، اتق اهللا يف هذا املولود، وال جتـين ه يف مستهل حياته باسم غري مشروع، أو مبتور عن لغة العرب علي

مستهجن يف العقل والذوق، بل إن الواجب عليـك أن اخلالدة، أوتربط هذا املولود بأمساء السلف الصاحل، وما نطق به اللسان العريب؛

؛ ..لتبث يف نفس مولودك معاين العزة والكرامة، والطهر والصالح .احلة يف سلسلة اجملد اإلسالميفينشأ حلقة ص

وقد ذكر شيخنا الفاضل بكر بن عبد اهللا أبو زيد يف كتابه أصوال مهمة يف التسمية، ينبغي علـى كـل أب » تسمية املولود«

مسلم يرجو اهللا والدار اآلخرة أن يقف عنـدها قبـل أن يسـمي :مولوده؛ ليعبد اهللا على بصرية، وإليك ملخص هذه األصول

يف ذلـك --جاءت السنة عن النيب :ت التسميةوق -١تسميته يوم سابعة، تسميته يوم والدته، تسـميته : على ثالثة وجوه

إىل ثالثة أيام من والدته، وهذا اختالف تنوع يدل على أن يف األمر .سعة، واحلمد هللا رب العاملني

ال خالف يف أن األب أحق بتسمية :التسمية حق لألب -٢وليس لألم حق منازعته، وبناء على ذلك، فعلـى الوالـدة املولود،

عدم املشادة واملنازعة، ويف التشاور ميدان فسيح للتراضي واأللفة، .وتوثيق حبال الصلة بينهما

.املولود ينسب ألبيه ال إىل أمه -٣

جيب على األب اختيار االسم احلسن يف :حسن االختيار -٤ .النظر الشرعي، واللسان العريباللفظ واملعىن يف قالب

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ١٨

:مراتب األمساء استحبابا وجوازا، وهي مخس مراتب -٥

عبد اهللا، وعبد الـرمحن، : استحباب التسمية هبذين االمسني -ا .-تعاىل–ومها أحب األمساء إىل اهللا

: استحباب التسمية بالتعبيد ألي من أمساء اهللا احلسىن، حنو -ب ..عبد العزيز، عبد امللك

إبراهيم، يوسـف، : التسمية بأمساء أنبياء اهللا ورسله، حنو -ج ..عليهم الصالة والسالم–حممد التسمية بأمساء الصاحلني من املسلمني، وصحابة رسول اهللا -د

-- عليه الصالة –هم رأس الصاحلني يف هذه األمة، وزوجاته .هن رأس الصاحلات يف هذه األمة -والسالم :من األمساء املستوفية لشرط التسمية اآلتية غري ذلك -هـأن يكون االسم عربيا، أن يكـون : شروط التسمية -٦

حسن املبىن واملعىن لغة وشرعا، ومراعاة قلة حروف االسـم مـا ..أمكن، مراعاة خفة النطق به على األلسن

: حنو -تعاىل–كل اسم معبد لغري اهللا :األمساء احملرمة -٧ رسول، عبد احلسني، ومن هذا الغلط يف التعبيد ألمساء يظـن عبد ال

عبد ، عبد املقصود: وليست كذلك، مثل -تعاىل–أهنا من أمساء اهللا ، ..الرمحن، الباري،: مثل -تعاىل -الستار وحترم التسمية بأمساء اهللا

وحترم التسمية باألمساء األعجمية املولدة للكافرين، حنو؛ بطـرس، ، وحترم التسمية بأمساء األصنام املعبـودة ...ا، سوزانجرجس، ديان

١٩حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

، وحترم التسمية باألمساء ...الالت، هبل، إساف: من دون اهللا، حنونارميان، شـرييهان، : األعجمية اليت ال تتسع هلا لغة العرب، ومنها

ملك األمالك، سـلطان : ، وحترم التسمية بنحو...شرين، جيهان، وحترم التسـمية بأمسـاء ...النساءالسالطني، سيد الناس، ست

..إبليس، خنزب، الوهلان: الشياطني، حنو

تكره التسمية هبا تنفر منه القلوب؛ :األمساء املكروهة -٨ ملعانيها، أو ألفاظها، أو ملا تثريه من سخرية وإحـراج ألصـحاهبا،

ويكـره التسـمي ... حرب، مرة، فاضح، شليويح، فدغوش: حنو: ن رخوة شهوانية، وهذا يف تسمية البنات كثري، حنوبأمساء فيها معا

، ويكره تعمد التسمي بأمسـاء ...أحالم، عبري، هناد، شادية، فاتنالفساق املاجنني من املمثلني،واملطربني، وعمار خشبات املسـارح باللهو الباطل، وتكره التسمية بأمساء فيها معان تـدل علـى اإلمث

، وتكره التسمية بأمسـاء ...سراق، خائنظامل، : واملعصية، كمثل، ويكره التسمي بأمسـاء ...فرعون، قارون: الفراعنة واجلبابرة، حنو

حـنش، كلـب، : احليوانات املشهورة بالصفات املستهجنة، حنو، وتكره التسمية بكل اسم مضـاف إىل لفـظ ...كليب، حمار

بنحوهـا، نور الدين، سيف الدين، ونور اإلسـالم : ، حنو)الدين( ..حممد أمحد، حممد سعيد،: وتكره التسمية باألمساء املركبة، مثل

.)١(..وكره مجاعة التسمي بأمساء املالئكة، وأمساء سور القرآن

وعلى من ابتلي مبثل هذه األمساء اليت تنكرها الشريعة، ويأباها

.؛ فإنه ال يستغىن عنه»تسمية املولود«ذه األصول بالتفصيل يف كتاب راجع ه) ١(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٢٠

الذوق العريب أن يبادر إىل تغيريها إىل أمساء حسنة، ومقبولة شـرعا .لغة، واهللا املوفق لكل خريو

..ليس منا) ٧( ليس منا من مل يرحم صغرينا، ويوقر «: --قال رسول اهللا

.)١(»كبرينااحلسن بن --قبل رسول اهللا : قال: -«–وعن أيب هريرة

إن يل عشرة مـن : علي، وعنده األقرع بن حابس التميمي، فقال: مث قـال --ليه رسول اهللا الولد، ما قبلت منهم أحدا، فنظر إ

.»من ال يرحم ال يرحم« ــةوقف الرمحة بالصغار حق واجب، ومن ال يرحم الصغري فلـس

عليه الصالة –على طريقة املسلمني، وليس متبعا لسنة سيد املرسلني ؛ فهذه النفوس الربيئة، واألجسام الغضة الطرية، والعقول -والسالم

ن إىل اليد احلانية، والعني الراعية، والقبلـة الساذجة، أحوج ما تكو .الضافية، والكلمة الطيبة، واملعاملة احلسنة

إن أبا قاسي القلب، نافر الطباع، خشن املعاملة مع أطفاله أب قد تغيبت معاين األبوة عن ذهنه، بل جتردت معاين اإلنسانية –

.من نفسهحم صـغارها، وال وكذلك احلال بالنسبة لألم اليت ال تـر

).٥٤٤٥: (»صحيح اجلامع الصغري«، )٢١٩٦: (»السلسلة الصحيحة«) ١(

٢١حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

تعطف عليهم، وال تلني يف أيديهم، وال تتودد إليهم؛ فإن هذه األم قد انتكست فطرهتا، وجتردت من مشاعر األمومة احلانية، ولك أن

بال عطـف وشـفقة علـى .. بال رمحة.. أما بال مشاعر.. تتخيلصغارها؛ فكم جتين هذه األم على نفسها، وكم جتين على أطفاهلا،

.انت تعقل وتعيلو كفمن اجلدير باآلباء واألمهات أن ميلؤوا قلوب أبنائهم حبـا

هلم، وقربا منهم، بالرمحة وحسن املعاملة؛ حىت ال يذهب هـؤالء --األبناء ليبحثوا عن احلب من مكان آخر، ولنا يف رسول اهللا

أرحم الناس بالعيال «: أسوة حسنة، فقد كان عليه الصالة والسالم .)١(»بيانوالص

..إذا غربت الشمس) ٨( إذا عربت الشـمس، فكفـوا «: --قال رسول اهللا

.)٢(»صبيانكم؛ فإهنا ساعة ينتشر فيها الشياطني ــةوقف هذا احلديث من كمال عناية اإلسـالم باألطفـال؛ فـإن

اإلسالم يعىن حبفظ األطفال من الشرور الباطنة اخلفية كما يعـىن .شرور الظاهرة اجلليةحبفظهم من ال

وهذا توجيه نبوي كرمي لآلباء حببس أبنائهم، ومنعهم مـن

).٤٧٩٧: (»صحيح اجلامع الصغري«) ١( ).٦٩٢: (»◌ صحيح اجلامع«، )١٣٦٦: (»سلسلة األحاديث الصحيحة«) ٢(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٢٢

سـاعة «اخلروج عندما يقبل الليل بظالمه؛ وذلك ألن هذه الساعة .»ينتشر فيها الشياطني

ما اخلطورة يف ذلك؟.. ولكن : - عليه الصالة والسـالم –تأيت اإلجابة من حديث آخر، بقول

، ]٣٢٥٦: صحيح اجلامع الصغري. [»..نتشارا وخطفةفإن للجن ا... «اجلان، أو يتعرضون وهذا واقع مشاهد، وهو أن كثريا ممن يصابون مبس

الختطافهم، إنما حيدث هلم ذلك يف هذه الساعة األوىل من الليل، فهل يعي ذلك الذين أمهلوا أبناءهم، وعروضهم لألخطار من حيث

.يشعرون أو ال يشعرون؟ هل يستمر هذا املنع طوال الليل؟.. ولكن يف حـديث -عليه الصالة والسالم–يقول الرسول الكرمي

. ».. فإذا ذهبـت سـاعة مـن العشـاء فخلـوهم .. «: آخر، ولكن مادامـت العـني رقيبـة، ]٧٦٤: صحيح اجلامع الصغري[

واملتابعة موجودة؛ فإنه إن يسلموا من شـياطني اجلـن، فقـد ال اطني اإلنس الذين حياولون جـرهم إىل اهلاويـة، يسلمون من شي

.وسحبهم إىل مزالق االحنراف ..مالعبة األطفال) ٩ (

-كان رسـول اهللا «: قال -رضي اهللا عنه–عن أيب هريرة - ليدلع لسانه للحسن بن علي؛ فريى الصيب حمـرة لسـانه؛

٢٣حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

.)١( »فيبهش له --رسول اهللا كان «: قال - رضي اهللا عنه -عن أنس

يازوينـب، يازوينـب، : يالعب زينب بنت أم سلمة، وهو يقول .)٢(»..مرارا

عقلت مـن : قال - رضي اهللا عنه -عن حممود بن الربيع جمة مجها يف وجهي، من دلو، من بئر كانت يف --رسول اهللا

.)٣(دارنا، وأنا ابن مخس سنني ــةوقف .طريق األسرع إىل قلوهبمهي ال.. مالعبة األطفال مل يهمل هذا اجلانب العظيم؛ --فهذا رسول اإلنسانية

ألنه يدرك أن عامل الطفولة جزء من ال يستهان بـه مـن عـامل اإلنسانية، وأن هلذا العامل خصائصه، وطبائعه اليت ينبغي مراعاهتـا،

.وأن حنسن التعامل معهاخيـرج لسـانه، --انظر إىل األحاديث السابقة، جتده

، ويأخذ دفعة من املـاء »يازوينب.. يازوينب« ويالعب باللفظ ..ويرميها من فيه يف وجهه الصيب »جمة«

أفعال يسرية ال تطلب جمهودا، وال تستهلك وقتا، ولكن هلا

).٧٠: (»سلسلة األحاديث الصحيحة« ) ١( ).٥٠٢٥: (»صحيح اجلامع«، )٢١٤١: (»سلسلة األحاديث الصحيحة«) ٢( ).٨/٢٠: (»جامع األصول«: أخرجه البخاري، ومسلم) ٣(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٢٤

آثارها يف نفوس األطفال، وهلا معانيها عندهم، وهلا أثرها العظـيم ذه املالعبة احملببة، وبعد ذلك يأيت دور يف التربية، إذ يستطيع اآلباء هب

.التوجيه الذي سيجد له آذانا مصغية، وقلوبا واعيةعلينا أن ندرك أن حاجـة الطفـل إىل القبلـة الصـافية،

أكرب من حاجته على أنـواع –واالبتسامة احلانية، واملداعبة اللطيفة ملادية الطعام والشراب، وخمتلف أشكال الثياب، وغري ذلك األمور ا

.اليت ال قيمة هلا كبرية يف نفس الطفل ..فيا أيها اآلباء، العبوا أبناءكم؛ تكسبوا قلوهبم

..يا أبا عمري) ١٠( كان رسول اهللا : قال - رضي اهللا عنه -عن أنس بن مالك

-- يدخل علينا، ويل أخ صغري، يكىن أبا عمري، وكان له نغـر: ذات يوم، فرآه حزينا، فقـال --النيب يلعب به فمات، فدخل

يا أبا عمـري، مـا فعـل «: مات نغرره، فقال: قالوا »ما شأنه؟« .)١(»النغري؟

ـــةوقف إال أن فيه » مبالعبة األطفال«هذا احلديث وإن كان يلحق

فوائد أخرى، بل قد ذكر العلماء هلذا احلديث أكثر من ستني فائدة، » فـتح اجمليـد «احلافظ ابن حجر يف كتابه املبارك وقد استوعبها

: »جامع األصول«انظر : أخرجه البخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي) ١( ).٧٨٣٠: (»صحيح اجلامع«، )١١/٢٥٨(

٢٥حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

.فراجعها إن شئت :ويهمنا هنا من هذه الفوائد فائدتان مؤاساة الصغري، والسؤال عـن حالـه، والتلطـف بـه، - ١

ومشاركته يف أحزانه بالكلم الطيبة واالبتسـامة احلانيـة، واملداعبة اللطيفة، وإن كانت أحزانه ال تتجـاوز مـوت

؛ فإن هلا يف نفس ..به، أو انكسار لعبة حيبهاعصفور يلعب .الطفل معاين كبرية، وإن بدت يف أعيننا صغرية املعىن

جواز تكنية الصغري، فهذا الطفل الصغري الـذي يلعـب - ٢هبذه --وخياطبه رسول اهللا » أبا عمري«بالعصفور يكىن

الكنية، وهذه من عادات العرب احلسـنة؛ فـإن الكنيـة .و به، وترتفع بعقله، وتشعره بأن له مكانةللصغري تسم

كانوا يكنون الصيب تفاؤال بأنه سيعيش حىت يولد : قال العلماء«له، ولألمن من التلقيب؛ ألن الغالب أن من يذكر شخصا فيعظمه أن ال يذكره بامسه اخلاص به، فإذا كانت له كنيه أمن من تلقيبـه،

بادروا أبناءكم بالكىن قبـل أن تغلـب عليهـا : وهلذا قال قائلهم .)١(»...األلقابنفسية، أفسدت عليـه وكم من لقب سبب لصاحبه عقدا

فهل نكني .. فت به عن النهج املستقيم، واحلياة السويةعيشه، واحنر أطفالنا؟

.١٢/٢٢٥: فتح الباري) ١(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٢٦

..فكرهت أن أعجله) ١١( :روى بعض الصحابة، فقال يف إحدى صاليت العشـي --خرج علينا رسول اهللا «

--ا أو حسينا، فتقدم النيب ، وهو حامل حسن]الظهر أو العصر[فوضعه عند قدمه اليمىن، مث كرب للصالة،فصلى، فسجد بني ظهراين

فـإذا ] من بني النـاس [فرفعت رأسي : صالته سجدة أطاهلا، قالوهـو سـاجد، فرجعـت إىل --الصيب على ظهر رسول اهللا

يـا : الصالة، قال النـاس --سجودي، فلما قضى رسول اهللا سـجدة ] هـذه [هللا، إنك سجدت بني ظهراين صالتك رسول ا

كل «: أطلتها، حىت ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك قال؛ فكرهت أن أعجلـه؛ حـىت )١(ذلك مل يكن ولكن ابين ارحتلين

.»يقضي حاجته ــةوقف ..!ما أعظمك مربيا رسول اهللا! اهللا أكرب فيسـجد هبـم بأصحابه، -عليه الصالة والسالم–يصلي

سجدة طويلة حىت ظنوا أنه قد حدث أمر، أو أن الوحي يتنـزل، وكل ذلك من أجل أن طفال صغريا راكب على الظهر الشـريف،

أن يرفع رأسه؛ حـىت -عليه الصالة والسالم–وكره املريب الرحيم

من التعجيل أو ): فكرهت أن أعجله(بالركوب على ظهري، أي اختذين راحلة ) ١( .اإلعجال

٢٧حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

هكذا تكـون .. حقا...! يقضي هذا الطفل حاجته،وينزل باختياره ..املربون التربية، وهكذا يفعل

إن احليلولة دون الطفل وحاجاته هلا آثارها املريرة يف حياته عاجال أو آجال، ومن أخطر هذه اآلثار شعور الطفل باحلرمان، وأنه يعيش يف سياج منيع من األوامر والنواهي اليت تلغـي شخصـيته، .وتقيد حريته، فيتولد عن ذلك الكبت النفسي املؤدي إىل االنفجار

خنطئ كثريا عندما حنول بني أطفالنا وبني أكل يشتهونه، أو مننعهم من ممارسة لعبة حيبوهنا، أو نقف هلم يف طريق رغبة يسـعون

، خنطئ يف ذلك عندما نستخدم معهم أسـلوب املنـع ..يف حتقيقااجلاف، أو احلرمان القاتل، ولو أننا جلأنا إىل أسـلوب اإلقنـاع؛

مما ال نراه، مع احلفاظ على نفسـياهتم لنجحنا يف صرفهم عن كثري .من الشعور باحلرمان املرير

علينا أن ندرك أن للطفل رغباته اليت البد من إشباعها، وله طبائعه اليت يتصرف يف نطاقها، وله مقاييسه الـيت ختتلـف عـن مقاييسنا، فإذا أردنا أن مننعه من شيء نتوقع ضـرره، فباإلقنـاع،

، وإال فلندعه ميضي على سجيتيه ما دام يف األمـر واملوعظة احلسنة ..جمال لالحتمال

أتأذن يل؟) ١٢( -أن رسـول اهللا : - رضي اهللا عنه -عن سهل بن سعد - أصغر : ويف رواية -أتى بشراب، فشرب منه، وعن ميينه غالم

أتأذن يل أن أعطـي «: ه األشياخ، فقال للغالموعن يسار -القوم

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٢٨

واهللا، يا رسول اهللا، ال أوثر بنصييب منـك : قال الغالمف »هؤالء؟ .)١(أي ألقاه): فتله(» يف يده --أحدا، فتله رسول اهللا

ـــةوقف حبث علماؤنا الكرام يف هذا احلديث فوائده الفقهية، وأطنبوا ، لكن القليل منهم من وقع على فائدة هـذا احلـديث )٢(يف ذلك

حترام الصغري وعدم انتهاك حقوقه بحجة ضرورة ا«التربوية، وهي .»صغر سنه، بينمـا --فهذا غالم صغري، جيلس عن ميني الرسـول

جيلس األشياخ، وكبار السن، وأهل الفضل والسابقة يف اإلسـالم بشراب؛ فيشرب منه، ويريد --عن يساره، ويؤتى رسول اهللا مي األمين تقد -عليه الصالة والسالم–أن يسقي من معه، ومن سنته

عليه –ولو كان مفضوال بالنسبة إىل من على اليسار، فيستأذن النيب الغالم يف أن يتنازل عن حق من حقوقه املشروعة -الصالة والسالم

أتأذن يل أن أعطـي «: إىل من هم أكرب منه، فيقول له بكل لطف .»هؤالء؟أي تكرمي بعد هذا التكرمي؟، وأي احترام حلقوق ! اهللا أكرب

.إهنا التربية النبوية، وكفى.. األطفال كمثل هذا االحترام؟إن طفال يشعره من حوله باالحترام، وأن له حقوقه اليت ال يرحتل مبداركه وعقلـه عـن النظـرة -واهللا—حلري به–هتضم

).٥/٨٤: (»جامع األصول«: أخرجه البخاري، ومسلم) ١( .١١/٢١٨: فتح الباري: انظر) ٢(

٢٩حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

الطفولية الساذجة، وأن يتجاوز بفكره حجم سنه، وها أنت قـد بـذلك؛ --لو مسح لرسول اهللا رأيت هذا الغالم، وقد أيقن أنه

فيقول بكـل شـجاعة --لفاته شرف الشرب بعد رسول اهللا واهللا يا رسول اهللا، ال أوثر بنصـييب منـك «: وحرص على اخلري

.»أحدا! ما الذي حلق هبذا الطفل الصغري إىل هذا املعىن السـامي؟

، وتعاملـه إهنا التربية السوية اليت تعطيه احترامه، وحتفظ له حقوقه .بلطف وتوقري

..فيسلم عليهم) ... ١٣( :قال - رضي اهللا عنه -عن أنس بن مالك مير بالغلمان فيسلم عليهم، ويدعو --كان رسول اهللا «

.»هلم بالربكة ـــةوقف إلقاء السالم على األطفال فيه إظهـار للسـنة، وتكـرمي

النبيل الذي يشيع احملبة، ويؤلف لألطفال، وتربية هلم على هذا اخللق القلوب، وينقيها من البغضاء والشحناء، وخيلصها مـن العـداوة

.واألحقاديسلم األب يف ! ما أمجل أن يتربى أبناؤنا على هذا اخللق الكرمي

بيته على أطفاله، ويسلم املعلم على تالميذه، وإذا مر املسلم يف طريقـه وتربية هلم على - - السالم اقتداء بسنة النيب هبؤالء الصغار ألقى عليهم

.هذه الشعرية العظيمة، اليت هي من خصائص األمة احملمدية

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٣٠

ماذا سيخسر أحدنا إذا سلم على األطفال؟ وهو يقرأ ويعي إن موجبـات «: -عليه الصالة والسالم–حديث رسولنا احلبيب

.)١(»املغفرة بذل السالم، وحسن الكالمالسالم اسم من أمسـاء «: -الصالة والسالم عليه–وقوله

اهللا، وضعه اهللا يف األرض، فأفشوه بينكم؛ فإن الرجل املسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم، فردوا السالم؛ كان له عليهم فضل درجة بتذكريه إياهم السالم، فإن مل يردوا عليه رد عليه من هو خـري

.)٢(»منهم وأطيبمن موجبات املغفرة، ومن أسباب الرفعة : فهذا هو السالم

يف الدرجات، وإن مل حيصل الرد من املسلم عليه، فالرد مضـمون : من املالئكة املقربني، فما أحوجنا إىل أال ندع فرصة للسالم تفوتنا

تسلم على الكبري والصغري، وعلى من عرفنا ومن مل نعرف، اقتـداء .)٣(و املنزلة بالسنة، ورغبة يف األجر وعل

مث إنه قد ثبت بالتجربة أن جل األطفال يردون السالم على من يلقيه عليه؛ فقلوهبم أقرب إىل الفطرة، ومل تتلوث بعـد بلوثـة الكرب اليت تسربت إىل نفوس كثري منا، فهل هنتبل هذه الفرصة، ومند

سـيكون للتربيـة بالسالم جسور احملبة بيننا وبني أطفالنا، وعندها !أال ما أقسانا إذا مل نفعل ذلك.. أثرها، وللتوجيه مثاره

.٢٢٣٢: »صحيح اجلامع«) ١( .٣٦٩٧: »صحيح اجلامع«) ٢( .٦/٥٩٣» جامع األصول«انظر يف فضل السالم وآدابه ) ٣(

٣١حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

..يا غالم) ١٤( كنـت : قـال -رضي اهللا عنهما–عن عمر بن أيب سلمة

وكانت يدي تطيش يف الصحفة، --غالما يف حجر رسول اهللا يا غالم، سم اهللا، وكـل بيمينـك، «: --فقال يل رسول اهللا

.)١(، فما زالت تلك طعميت بعد »ا يليكوكل مم ـــةوقف وجـوب التسـمية علـى : من فوائد هذا احلديث الفقهية

الطعام، ووجوب األكل باليمني، وأن يأكل األكل مما يليه إذا كان الطعام نوعا واحدا، وأما إذا اختلفت األنواع فله أن يتنـاول مـن

].١٠/٦٥٣: فتح الباري[مجعيها لفوائد التربوية يف هذا احلديث، فتتلخص يف النقـاط وأما ا :التاليةضرورة التوجيه للصغار، وأال هنمل هذا اجلانب، مـتعللني - ١

بصغر سنهم، وضعف عقوهلم، وعدم قدرهتم علـى االسـتيعاب، وهذا خطأ يقع فيه أكثر اآلباء؛ حيث يهملـون أبنـاءهم؛ فـال

ال يعودوهنم على مكارم يعلموهنم الفرائض، وال السنن، واآلداب، واألخالق؛ فإذا خاطبت أحدهم يف ذلك، ونصحته بتوجيـه ابنـه،

، ...عندما يكـرب إن شـاء اهللا .. ما زال صغريا: أجاب بكل برود

صحيح اجلامع «، وانظر )٧/٣٨٨(» جامع األصول«: ومسلم أخرجه البخاري) ١( ).٢٥١: (»الصغري

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٣٢

.وهكذا ينشأ الطفل ساذجا، وقد ال جيدي معه التوجيه عند الكربإن من له خربة يف توجيه األطفال جيد فيهم االستجابة السريعة،

..واالستيعاب الفائق، ولكنجيب أن يكون التوجيه باألسلوب احلسن، والكلمة الطيبة، - ٢

واملعاملة اليت تالئم األطفال، وتراعي خصائصهم؛ فهـذا املربـي حينما رأي يد عمر بن أيب سـلمة -عليه الصالة والسالم–الكرمي

تطيش يف الصحفة، مل ينتهره، ومل يزجره، وإمنا أدرك أن هذا غالم يـا «: صغري حيتاج إىل التعليم قبل العقاب، فخاطبه بكل لطـف

هلا ظالهلا التربوية اليت جعلت هـذا »..يا غالم«وكلمة »..غالمويتأثر بـه، ويعمـل --الغالم يستمع ملا يلقيه عليه رسول اهللا

.مبقتضاه، وما نبذره يف نفوس »العلم يف الصغر كالنقش يف احلجر« - ٣

زدهر، ويبقى أثره يف نفوسهم؛ ألنه كما قال هؤالء الصغار ينمو وي، أمل تلحظ إىل عمر بـن أيب »صادف قلبا خاليا فتمكنا«: الشاعر

فمـا «: سلمة وهو يتحدث عن أثر ذلك التوجيه النبوي الكـرمي ، مل خيالف هذا التوجيه مدى عمره؛ ألنـه »زالت تلك طعميت بعد

.لتربيةوهكذا تكون ا.. وجه صغريا، وبأسلوب حسن

..تعال أعطيك) ١٥( يف --أتى رسول اهللا «: عن عبد اهللا بن عامر، أنه قال

يا عبد : فذهبت أخرج؛ أللعب، فقالت أمي: بيتنا، وأنا صيب، قال: وما أردت أن تعطيه؟ قالـت : اهللا، تعال أعطيك، فقال رسول اهللا

٣٣حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

تعطيه شـيئا أما إنك لو مل«: --أعطيه مترا، فقال رسول اهللا .)١(»كتبت عليك كذبة

ةـــوقفيف هذا احلديث الشريف يربز لنا مطلبان مهمان يف طريـق

:التربيةأن على املربي سواء كان أبا، أو أما، أو معلما : املطلب األول

أن يكون قدوة حسنة ألبنائه، وأن يكون دائما يقـظ القلـب، –د، وينظر إليه دائما من األبنـاء حسن التصرف؛ ألنه حتت عني النق

نظرة االحترام، ويؤخذ عنه كل قول وعمل على أنه احلق الذي ال مرية فيه، والصواب الذي ال شك يف؛ فإذا كان املريب بعيدا عـن النهج السديد، ومنحرفا عن األمر الرشيد، أو كان خطؤه أكثر من

أهنم سيسلكون نفـس صوابه، فماذا تنتظر من الذين حتت يده إال .الطريق، ويتطبعون بنفس الطباع

فهل نصلح أحوالنا، ونريب أنفسنا قبل أن نريب أطفالنـا؟ إننـا حينما نفعل ذلك سنوفر على أنفسنا الكثري من العنـاد يف التربيـة والتوجيه؛ ألننا سنكون بالنسبة ألطفالنا كالشمس اليت يسـتدفئون

أال يـا ليتنـا .. قة النزول إليهمهبا دون أن تكلف هي نفسها مش .ندرك هذه القضيةيف -عـز وجـل –جيب أن نراعي حدود اهللا :املطلب الثاين

معاملتنا مع الصغار كما نراعيها يف معاملتنا مع الكبار؛ فهذا رسولنا

).١٣١٩: (»صحيح اجلامع«، )٧٤٨: (»سلسة األحاديث الصحيحة«) ١(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٣٤

يلفت أنظارنا إىل هـذه القضـية -عليه الصالة والسالم–احلبيب ستدرج ولدها بتمرة كانت يف اخلطرية، فيقول للمرأة اليت كانت ت

.!»كذبةكيف مجع هذا احلديث بني القدوة والتقوى؛ فإذا ! فسبحان اهللا

كان اإلنسان منا قدوة حسنة، وأسوة طيبة ألبنائه، فما ذاك إال ألنه وأصلح ما بينه وبني اهللا، وزم نفسه بزمام -عز وجل–قد اتقى اهللا

!بح قدوة صاحلة هلم؟اخلشية واملراقبة، وإال فكيف يص ..ثالث وصايا) ١٦(

قال : قال -رضي اهللا عنهما–عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص مروا أوالدكم بالصالة، وهم أبنـاء سـبع، «: --رسول اهللا

واضربوهم عليها، وهـم أبنـاء عشـر، وفرقـوا بينـهم يف .)١(»املضاجع ـــةوقف

:ديرة باالهتماميف هذا احلديث النبوي ثالث وصايا ج .»مروا أوالدكم بالصالة، وهم أبناء سبع«: الوصية األوىل

الصالة دون غريها من الفرائض بـأمر --وإمنا خص النيب األبناء هبا عند بلوغهم لسن السابعة؛ لعظم أمر الصـالة، وجليـل قدرها، وال ريب فهي عمود اإلسالم، وهي أول ما يحاسب عليه

: »صحيح اجلامع«، )٥/١٨٧: (»جامع األصول«رواه أبو داود، وغريه، انظر ) ١()٥٨٦٨.(

٣٥حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

ت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسـد سـائر العبد؛ فإن صلحعمله، ولذلك أمرنا بتربية األبناء عليها من الصغر، وتعويدهم على أدائها يف مقتبل العمر؛ حىت إذا كربوا كان هلا يف نفوسهم مكانة ال

.تتزعزع فيحفظوهنا، ومن حفظ الصالة كان ملا سواها أحفظيف املساجد يعبثون هل تظنون أن هؤالء األبناء الذين نشاهدهم

بالصالة، وخيلون هبا، أو يتخلفون عنها، وقد جاوزوا سن البلوغ، هي تظنون أن هؤالء قد ربوا على الصالة يف الصغر؟ كال واهللا، إن

..آباءهم يف غفلة عن هذا، وسوف يسألونوهذه الوصية تابعة لسابقتها يف االهتمام بأمر الصالة، وتربيـة

واستخدام الشدة مع األبناء الذين يهتمون بالصـالة، األبناء عليها،أو يقصرون يف أدائها؛ حىت يدركوا عظم أمرها، وجليل قـدرها، ولكن يف هذه الوصية لفتة مجيلة، وهي أن الضرب إمنا أبيح يف شأن الصالة، ويف سن العاشرة وما بعدها، فهل يعي هذا الذين يضربون

أمور تافهة، وغالبا ما تكون دنيويـة أبناءهم قبل ذلك السن، ويف !حقرية ال تستحق الذكر؟

.»وفرقوا بينهم يف املضاجع«: الوصية الثالثةأي فرقوا بني الذكور واإلناث من األبناء إذا بلغوا العاشـرة؛ وذلك لقرهبم من سن البلوغ، ويف ذلك تربية هلم علـى احلشـمة

نس اآلخر، وهذا جـدير والعفاف، ومنع جنس أن يتشبه بطباع اجل ..بالتأمل

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٣٦

..علقوا السوط) ١٧( :قـال رسـول اهللا : قال - رضي اهللا عنهما- عن ابن عباس

.)١(»علقوا السوط حيث يراه أهل البيت؛ فإنه هلم أدب« ـــةوقف

ال تستغين التربية يف طريقها الطويل عن الترهيب؛ إذ البـد أن هاب، وغالبا ما تكون هذه السـلطة مـن يكون يف البيت سلطة ت

جانب األب، وأما األم فلني اجلانب أنسب هلا، وأصلح حلاهلا مـع .أبنائها

وهذا أسلوب من أساليب التربية النبوية، وهو أن يعلق السوط حيث يراه األبناء؛ فإنه أدب هلم، وردع هلم إذا مهوا هبا ال يصـل،

إذا نزلت؛ فسـيحدث : بلسان احلال وكأن هذا السوط يقول هلمفريتدع من األبناء من ال يتأتى إال بالرهبـة، .. لكم ماال خيطر ببال

وخوف العقوبة، دون أن يكون املريب حباجة إىل إنزال السوط مـن مكانه؛ فإن نظرة واحدة من األبناء إىل هذا السوط املعلق، جتعلهم

يق الصحيح، ويتربـون يعملون له ألف حساب؛ فيسريون يف الطر .على مكارم األخالق

خنطئ كثريا عندما نتوعد األبناء، ونتهددهم على ما يفعلون من أخطاء، مث إذا أردنا أن ننزل هبم العقوبة، أخـذتنا هبـم الرأفـة، فعاقبناهم عقابا يسريا، وضربناهم ضربا مدلال، وهـذا األسـلوب

).٤٠٢٢: (»صحيح اجلامع«: »سلسلة األحاديث الصحيحة«) ١(

٣٧حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

ون بالعقوبة، ويتمـادون يف الساذج إذا تكرر؛ جعل األبناء يستخفاخلطأ؛ ألهنم قد أدركوا أن العقاب سيكون سـهال، وباإلمكـان

!!احتمالهالترغيب والترهيب، وهبذه التربيـة : إن التربية طائر له جناحان

عباده؛ فرغبهم باجلنـة، ورهبـهم -عز وجل–احلكيمة ربى اهللا أمجل مـا قالـه بالنار، فمن ال يأيت هبذا؛ فعله أن يأيت بذاك، وما

:الشاعر العريب القدميــا ــك حازم قســا ليزدجــروا ومــن ي

ــا–فلــيقس علــى مــن يــرحم -أحيان ..اعدلوا بني أوالدكم) ١٨(

:وقال عليه الصالة والسالماعدلوا بني أوالدكم، اعدلوا بني أوالدكم، اعـدلوا بـني «

.)١(»أوالدكمأن أباه أتى به رسول -رضي اهللا عنهما–عن النعمان بن بشري

إني حنلت ابين هذا غالما كان يل فقال رسول اهللا : فقال --اهللا -- :»ال، قال رسول اهللا : ؟ فقال»أكل ولدك حنلته مثل هذا-- :»٢(»فأرجعه(.

).١٢٤٠: (»سلسلة األحاديث الصحيحة«) ١(، احلديث ٥٩٩بتحقيق الشيخ األلباين ص » رياض الصاحلني«متفق عليه، وانظر ) ٢(

–، وباب األشهاد يف اهلبة ٢٥٨٦احلديث -باب اهلبة للولد: »فتح الباري«، ١٧٨٢ .٢٥٨٧احلديث

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٣٨

أفعلت هـذا بولـدك «: --فقال رسول اهللا : ويف رواية، »والدكـم اتقوا اهللا، واعـدلوا يف أ «: ال، قال: قال. ؟»كلهم

.فرجع أيب، فرد تلك الصدقةيا بشري، ألك ولد سوى «: --قال رسول اهللا : ويف رواية

فال تشهدين إذا؛ فإين ال أشـهد علـى «: ال، قال: ؟ فقال»هذا .»جور

أيسـرك أن «: ، مث قال»أشهد على هذا غريي«: ويف رواية .»إذا فال«: بلى، قال: ؟ قال»يكونوا إليك يف الرب سواء

وقفةاحلياة االجتماعية السوية ال تقوم إال إذا أشيع العدل يف أهلها، وكذلك هي حياة األسرة ينبغي أن تقوم على هذا األساس املـتني، فعلى اآلباء أن يعدلوا بني أوالدهم، ويساووا فيما بينهم؛ حـىت ال

عـض تدب الشحناء والعداوة يف نفوس األبناء، وحىت ال يضـطر ب األبناء إىل عقوق اآلباء؛ ملا يرون من األثرة، وملا يشعرون به مـن

.الظلم، وعدم املساواةففي هذين احلديثني ند إىل التأليف بني اإلخوة، وترك ما يوقع

.بينهم الشحناء، أو يورث العقوق لآلباءجيب أن يشعر أبناؤنا بأننا ننظر إليهم بعني واحـدة، وحنـبهم

وأهنم عندنا سواسية، فينشؤون متحابني مترابطني فيما بقلب واحد، .بينهم، بررة غري عاقني آلبائهم

٣٩حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

وهذا يستلزم منا أن نعـدل بينـهم يف العطيـة، ويف القبلـة واالبتسامة، وحسن املعاملة، ما دامت األمور جتري يف نصاهبا، وأما

..إذا كانوا يف معرض املنافسة، فيعامل كل حبسبه ..ال تدعوا على أوالدكم) ١٩( ال «: --قال رسول اهللا : قال -رضي اهللا عنـه–عن جابر

تدعوا على أنفسكم، وال تدعوا على أوالدكم، وال تدعوا على أموالكم؛ ال توفقوا من اهللا ساعة يسأل فيها عطاء؛ فيسـتجيب

.)١(»لكم ةـــوقف

أمـور يف -بعد اهللا–الدعاء سالح املؤمن، وخري ما يستعان به واملريب الناصح هو من يستعني هبذا السالح الفعال يف . الدين والدنيا

تربية أبنائه؛ فيدعو هلم بالصالح، ويدعو هلم خبريي الدنيا واآلخرة، وال ميل من الدعاء هلم يف صالته وسجوده، ويف صيامه وعند فطره،

يف ويف حضره وسفره، ويف كل أحواله وأزمانه، فهو يستعني بـاهللا .تربيته ألبنائه، ومن استعان باهللا أعانه، ومن توكل على اهللا كفاه

: --وللوالدين دعوة ال ترد، ويف ذلك يقول رسـول اهللا ، وحري )٢(»الوالد، واملسافر، واملظلوم: ثالثة تستجاب دعوهتم«

بتحقيق -نيرياض الصاحل«، )٧٢٦٧: (»صحيح اجلامع«: رواه مسلم، وغريه) ١(

).٥١٠ص : (»الشيخ األلباين ).٣٠٤٩: (»صحيح اجلامع«) ٢(

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٤٠

باآلباء أن جيعلوا هذه الدعوة املستجابة يف صـاحل أبنـائهم، وأن .تربيتهم يوظفوها يف

حني ندعو على أوالدنا، وحني نكون ! وما أغبانا! أال ما أقساناعونا للشيطان عليهم، وحني هنلكهم بدعائنا، وحني نستخدم هذا

جاء رجل إىل عبد اهللا بن املبـارك، «السالح الفعال يف إفسادهم، هـل دعـوت : فشكا إليه بعض ولده، فقال له عبد اهللا بن املبارك

.)١(»أنت أفسدته: نعم، قال: عليه؟ قالولذلك يأيت هذا احلديث الشريف حيذر اآلباء واألمهات مـن الدعاء على األبناء؛ حىت ال يوافق من اهللا ساعة يسأل فيها عطـاء؛ فيستجاب هلم، فيهلك األبناء، ويحل هبم البالء، ويزدادون عقوقـا

.إىل عقوقهم، وفسادا إىل فسادهمؤنا على أبنائنا ال يصلح هلم حاال، بل يزيـدهم فإذا كان دعا

سوءا ووباال، أليس من األجدر بنا أن ندعو هلـم ال علـيهم، وأن نسأل اهللا هلم صالح األحوال؛ فنكسب بذلك برهم وصـالحهم،

.ونسلم من عقوقهم وشرهم، وهذا ما يريده كل منا من أبنائه :وختاما

نا األبنـاء، وأن يوفقنـا إىل أن يصلح ل -عز وجل–أسأل اهللا حسن تربتهم، وأن يقر أعيينا هبم، وأن جيعلهم عونا لنا يف الـدنيا،

٢/٢٩٤: إحياء علوم الدين) ١(

٤١حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

وذخرا لنا يف اآلخرة، وأن جيعلهم بعد موتنا من العمل الصاحل الذي .ال ينقطع

أن جيعل هذا الكتاب نرباسا يضـيء -عز وجل–كما أسأله بناء، وأن جيعلـه خالصـا طريقهم يف تربية األ ،لآلباء واألمهات

لوجهه الكرمي، وأن حيقق منه املأمول؛ إنه طريقهم يف تربية األبناء، –وأن جيعله خالصا لوجهه الكرمي، وأن حيقق منه املـأمول؛ إنـه

أكرم مسؤول، وسبحانك اللهم وحبمدك، أشهد أن ال إله -سبحانه .إال أنت، أستغفرك وأتوب إليك

* * *

حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء ٤٢

الفهــرس

٥ ...................................... املقــدمة ٧ .................................... احلقيقة الغائبة

٨ .............................. التربية مسؤولية) ١( ٩ ............................... ..من هنا نبدأ) ٢( ١١ ........................ ..إذا أراد أن يأيت أهله) ٣( ١٣ ...................... ..له يدعو: أو ولد صاحل) ٤( ١٤ ........................ ..كن له سترا من النار) ٥( ١٦ ............................ ..أحب األسماء) ٦( ٢٠ ................................. ..ليس منا) ٧( ٢١ ......................... ..إذا غربت الشمس) ٨( ٢٢ ........................... ..مالعبة األطفال) ٩(

٤٣حتفة اآلباء مبا ورد يف تربية األبناء

٢٤ ............................. ..يا أبا عمري) ١٠( ٢٦ ....................... ..فكرهت أن أعجله) ١١( ٢٧ ............................... أتأذن يل؟) ١٢( ٢٩ ........................... ..فيسلم عليهم ) ١٣( ٣١ ............................... ..يا غالم) ١٤( ٣٢ ........................... ..تعال أعطيك) ١٥( ٣٤ ........................... ..ثالث وصايا) ١٦( ٣٦ ........................... ..علقوا السوط) ١٧( ٣٧ ...................... ..دكماعدلوا بني أوال) ١٨( ٣٩ .................... ..ال تدعوا على أوالدكم) ١٩(

٤٠ ....................................... :وختاما ٤٢ .................................... سالفهــر