171
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﺎ ﻳﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﱐ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻭﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﳍﺎ ﺃﻭﻝ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺣﺪﺙ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﺗﺘﻨﺎﻫﻰ ﻳﻜﻦ ﻭﱂ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺃﺑﺪﻋﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ﺃﺣﺪﺛﻪ ﻭﳐﻠﻮﻕ ﳏﺪﺙ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﻥ ﻛﻠﻬﺎ ﺍﳌﻠﻞ ﺃﻫﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﺃﻫﻞ ﻣﺬﻫﺐ ﻭﺍﻧﻜﺴﻤﺎﻳﺲ ﻭﺍﻧﻜﺴﺎﻏﻮﺭﺱ ﺗﺎﻟﻴﺲ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﻗﺪﻣﺎﺀ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺃﺳﺎﻃﲔ ﻣﻦ ﲨﺎﻋﺔ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻭﻭﺍﻓﻘﺘﻬﻢ ﺷﻲﺀ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻭﲨﺎﻋﺔ ﻭﻳﻮﻧﺎﻥ ﺃﺛﻴﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﺃﻓﻼﻃﻦ ﻭﺳﻘﺮﺍﻁ ﻭﺃﻧﺒﺪﻗﻠﺲ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺱ ﻭﻣﺜﻞ ﻣﻠﻄﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺗﺎﺑﻌﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺒﺎﺩﻱ ﺭﺃﻱ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﺬﻫﺐ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻭﳍﻢ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﻙ ﺑﺎﳌﻠﻞ ﺍﳌﻮﺳﻮﻡ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﺷﺮﺣﻨﺎﻫﺎ ﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻧﺼﺮ ﻭﻣﻦ ﻭﺛﺎﻣﺴﻄﻴﻮﺱ ﺍﻻﻓﺮﻭﺩﻳﺴﻲ ﻭﺍﻻﺳﻜﻨﺪﺭ ﺑﺮﻗﻠﺲ ﻣﺜﻞ ﺷﺎﻳﻌﻪ ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺳﻄﺎﻃﺎﻟﻴﺲ ﻭﻣﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﺻﺎﻧﻌﺎ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻣﻦ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﺳﻴﻨﺎ ﺑﻦ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﻋﻠﻲ ﻭﺃﰊ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﰊ ﻧﺼﺮ ﺃﰊ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﻫﻮ ﻣﺒﺪﻋﺎ ﺑﻞ ﻋﺪﻡ ﻳﺴﺒﻘﻪ ﺣﺪﻭﺛﺎ ﳏﺪﺙ ﻏﲑ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﺟﺐ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﳑﻜﻦ ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺃﻭﺟﺐ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﺘﻮﺳﻂ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﻋﻦ ﳎﺮﺩ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻗﺎﺋﻢ ﳎﺮﺩ ﺟﻮﻫﺮ ﻭﻫﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﺣﺘﻴﺎﺟﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺻﺪﻭﺭﻩ ﺑﻪ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﻣﻌﲎ ﻭﻟﻴ ﻭﺍﳌﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻭﺟﺪﺕ ﻭﺑﺘﻮﺳﻄﻬﻤﺎ ﲰﺎﻭﻳﺎ ﻭﺟﺮﻣﺎ ﻭﻧﻔﺴﺎ ﺁﺧﺮ ﻋﻘﻼ ﻭﺍﺣﺪ ﺇﻻ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻋﻦ ﻳﺼﺪﺭ ﺃﻥ ﳚﻮﺯ ﳍﺎ ﺃﻭﻝ ﺳﺮﻣﺪﻳﺔ ﺍﻷﻓﻼﻙ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ﺳﺮﻣﺪﻱ ﻓﺎﻟﻌﺎﱂ ﻣﻮﺟﺐ ﺑﻐﲑ ﻣﻮﺟﺐ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻭﻻ ﺑﻪ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭﻣﻌﲎ ﻭﻣﻌﻠﻮﻻﺕ ﻋﻠﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻭﻋﺪﺓ ﻣﺪﺓ ﺗﺘﻨﺎﻫﻰ ﻓﻬﻲ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻭﺣﺮﻛﺔ ﺇﻻ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻼ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﺗﺘﻨﺎﻫﻰ ﺇﻥ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﳌﺬﻫﺒﻬﻢ ﻭﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺈﻥ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻭﻟﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﺁﺣﺎﺩﻩ ﻓﺮﺿﺖ ﺃﻭ ﻭﺿﻌﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻭﻟﻪ ﻣﻌﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺁﺣﺎﺩﻩ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﺪﺩ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻟﻪﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻭﺟﻮﺩ. ﻭﻣﺜ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﺑﻌﺪ ﺃﻭ ﺟﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﺜﺎﻝ ﲨﻠﺔ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﻯ ﻭﻣﺎ ﺗﺘﻨﺎﻫﻰ ﻭﻣﻌﻠﻮﻻﺕ ﻋﻠﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺎﻝ ﻣﺜﺎﻝ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻏﲑ ﻓﻴﻪ ﻟﻪﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺈﻥ ﻃﺒﻌﺎ ﻭﻻ ﻭﺿﻌﺎ ﳍﺎ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﺎ ﺁﺣﺎﺩﻩ ﻓﺮﺿﺖ ﻭﻋﺪﺩ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻌﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﻨﺎﻫﻰ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻘﺴﻢ. ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻭﻣﺜﺎﻝ: ﻭﺑﲔ ﻭﺍﻹﳚﺎﺏ ﺍﻹﳚﺎﺩ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺌﻠﺔ ﻭﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻭﻫﻲ ﺩﻭﺭﻳﺔ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﺇﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻗﻂ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻭﻣﺎ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺑﲔ ﻓﺮﻕ ﻏﲑ ﻣﻦ ﻣﺘﻨﺎﻩ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺣﺼﺮﻩ ﻣﺎ ﻭﺇﻥ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﺣﱴ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﳏﻞ ﻋﻠﻰ ﲝﺚ ﻣﻦ ﺑﺪ ﻭﻻ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳊﺴﻦ ﺩﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺭﺩ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﳏﻞ ﻳﺘﺒﲔ ﻭﻻ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺍﳊﻖ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﻧﻘﺴﺎﻡ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﳏﻞ ﻭﻳﻄﻠﻖ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﻛﺘﻘﺪﻡ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺑﻪ ﻭﻳﺮﺍﺩ ﻳﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻓﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺑﺎﳌﻜ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺑﻪ ﻭﻳﺮﺍﺩ ﻭﻳﺮﺍﺩ ﻳﻄﻠﻖ ﻭﻗﺪ ﺑﺎﻟﺮﺗﺒﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﻰ ﻭﻗﺪ ﺍﳌﺄﻣﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻛﺘﻘﺪﻡ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺎﻥ ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﻌﻠﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻛﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺑﻪ ﻭﻳﺮﺍﺩ ﻳﻄﻠﻖ ﻭﻗﺪ ﺍﳉﺎﻫﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻛﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺑﻪ ﺃﻋ ﻭﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﺑﻪ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻓﺈ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻟﻔﻆ ﺇﻃﻼﻕ ﻗﺼﺪﻭﺍ ﺑﺎﻟﻌﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺃﻥ ﺣﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﻣﻦ

ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

  • Upload
    others

  • View
    8

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

لكالم: كتاب ا علم م يف اإلقدا ية هنالشهرستاين: املؤلف ا

القاعدة األوىل

يف حدث العامل وبيان استحالة حوادث ال أول هلا واستحالة وجود أجسام ال

تتناهى مكانامذهب أهل احلق من أهل امللل كلها أن العامل حمدث وخملوق أحدثه الباري تعاىل وأبدعه وكان اهللا تعاىل ومل يكن

معه شيء ووافقتهم على ذلك مجاعة من أساطني احلكمة وقدماء الفالسفة مثل تاليس وانكساغورس وانكسمايس ومن تابعهم م أهل ملطية ومثل فيثاغورس وأنبدقلس وسقراط وأفالطن من أثينية ويونان ومجاعة من الشعراء

ألول شرحناها يف كتابنا املوسوم بامللل والنساك وهلم تفصيل مذهب يف كيفية اإلبداع واختالف رأي يف املبادي اوالنحل ومذهب أرسطاطاليس ومن شايعه مثل برقلس واالسكندر االفروديسي وثامسطيوس ومن نصر مذهبه من املتأخرين مثل أيب نصر الفارايب وأيب علي احلسني بن عبد اهللا بن سينا وغريمها من فالسفة اإلسالم أن للعامل صانعا

بذاته والعامل ممكن الوجود بذاته واجب الوجود بالواجب بذاته غري حمدث حدوثا يسبقه عدم بل مبدعا وهو واجب معىن حدوثه وجوبه به وصدوره عنه واحتياجه إليه وهو جوهر جمرد قائم بذاته جمرد عن املادة وبتوسط ذلك أوجب

س جيوز أن يصدر عن الواحد إال واحد عقال آخر ونفسا وجرما مساويا وبتوسطهما وجدت العناصر واملركبات وليومعىن الصدور عنه وجوبه به وال يتصور موجب بغري موجب فالعامل سرمدي وحركات األفالك سرمدية ال أول هلا تنتهي إليه فال تكون حركة إال وحركة قبلها فهي ال تتناهى مدة وعدة واتفقوا على استحالة وجود علل ومعلوالت

على استحالة وجود أجسام ال تنتهي بالفعل والضابط ملذهبهم فيما يتناهى وما ال يتناهى إن ال تتناهى واتفقوا أيضاكل عدد فرضت آحاده موجودة معا وله ترتيب وضعي أو فرضت آحاده متعاقبة يف الوجود وله ترتيب طبيعي فإن

.وجود ما ال هناية له فيه مستحيلال القسم الثاين علل ومعلوالت ال تتناهى وما عدى ذلك كل مجلة مثال القسم األول جسم أو بعد ال يتناهى ومث

وعدد فرضت آحاده معا أو متعاقبة ال ترتيب هلا وضعا وال طبعا فإن وجود ما ال هناية له فيه غري مستحيل مثال . القسم األول نفوس إنسانية ال تناهى وهي معا يف الوجود بعد مفارقة األبدان

حركات دورية وهي متعاقبة يف الوجود ومدار املسئلة على الفرق بني اإلجياد واإلجياب وبني : ومثال القسم الثاينالتقدم والتأخر وإن ما حصره الوجود فهو متناه من غري فرق بني األقسام وما ال يتناهى قط ال يتصور إال يف الوهم

فيكون التوارد بالنفي واإلثبات على والتخيل دون احلسن والعقل وال بد من حبث على حمل النزاع حىت يتخلص حمل واحد من وجه واحد فيصبح انقسام الصدق والكذب واحلق والباطل وال يتبني حمل النزاع إال بالبحث عن أقسام التقدم والتأخر فقال القوم التقدم والتأخر يطلق ويراد به التقدم بالزمان كتقدم الوالد على الولد ويطلق

ان والتأخر به كتقدم اإلمام على املأموم وقد يسمى هذا القسم متقدما بالرتبة وقد يطلق ويراد ويراد به التقدم باملكبه الفضيلة كتقدم العامل على اجلاهل وقد يطلق ويراد به التقدم بالذات والتأخر هبا كتقدم العلة على املعلول وهؤالء

م من العلية فكان من حقهم أن يقولوا التقدم بالعلية قصدوا يف إطالق لفظ الذات فإهنم أرادوا به العلية والذات أع

Page 2: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

مث العلية الغايية تتقدم على املعلول يف الذهن والتصور ال يف الوجود فهي متأخرة يف الوجود متقدمة يف الذهن حيث خبالف العلة الفاعلية والعلل الصورية فإهنا ال تكون مقارنة يف الوجود فافهم هذا فإنه ينفعك يف نفس املسئلة

يستشهدون بشعاع الشمس مع الشمس وحركة الكم مع حركة اليد فإهنما وإن تقارنا يف الزمان أهنما إذا أخذا على أن أحدمها سبب والثاين مسبب مل يتقارنا يف الوجود ألن وجود أحدمها مستفاد من وجود اآلخر فوجود املفيد

ستفاد من وجود واهب الصور فحينئذ يتقارنان يف كيف يقارن وجود املستفيد لكن إذا أخذا على أن وجودمها مالوجود وهناك ال يكون أحدمها سببا والثاين مسببا ومنهم من زاد قسما خامسا وهو التقدم بالطبع كتقدم الواحد على االثنني ولو طالبهم مطالب مل حصرمت األقسام يف أربعة أو مخسة مل جيدوا على احلصر دليال سوى االستقراء حىت

لو قيل هلم ما الذي أنكرمت على من زاد قسما سادسا وهو التقدم والتأخر يف الوجود من غري التفات إىل اإلجياب بالذات وال التفات إىل الزمان واملكان والتقدم للواحد على االثنني شديد الشبه هبذا القبيل فإن الواحد ليس بعلة

ر شيآن أحدمها وجوده بذاته والثاين وجوده مستفاد من غريه مث يلزم منه وجود االثنني ضرورة بل ميكن أن يتصوبعد ذلك يقع البحث يف انه يستفيد وجوده منه اختيارا أو طبعا أو ذاتا هذا معقول بالضرورة مث جيب أن يفرض

أو تقدم وجود املفيد على وجود املستفيد من حيث الوجود فقط من غري أن خيطر بالبال كون املفيد علة لذاتهموجدا له بصفة مث يقع بعد ذلك التفات إىل أن الوجود املستفيد وجود واجب به ألنه علته أو ال حيب به وذلك ألن الوجوب بالغري الزم به فإنه حيسن أن يقال هذا قد وجد عنه فوجب به وال جيوز أن يقال وجب به فوجد عنه ولكل

جيامع التقدم والتأخر يف تلك املرتبة وجيامع يف مرتبة أخرى مثاله معىن من معاين التقدم والتأخر معية يف مرتبته التقدم السبب على املسبب ذاتا ووجودا أو مقارنته معا وزمانا أو مكانا ولكن ال جيوز أن تطلق معية ما على الباري

عاىل وكما ال جيوز أن يتقدم تعاىل والعامل فإذا ثبت هذا قلنا إما التقدم والتأخر الزماين فيجب نفيهما عن الباري تعلى العامل زمانا مل جيز أن يكون مع العامل زمانا فإنا كما نفينا التقدم الزماين نفينا املعية الزمانية ومثار الشبهة وجمال اخليال هاهنا فإن فازت سفينة النظر عن هذه الغمرة فاز أهل احلق بقصب السبق يف املسئلة فإن ما ال يقبل الزمان

يكن وجوده زمانيا مل جيز عليه التقدم والتأخر واملعية الزمانية كما أن ما ال يقبل املكان ومل يكن وجوده وجودا وملمكانيا مل جيز عليه التقدم والتأخر واملعية املكانية فقول اخلصم إن العامل معه دامي الوجود إيهام بالزمان فيقال جيوز أن

ات واآلخر متأخر بالذات ويكونان معا يف الزمان فإن التقدم بالذات ال ينايف يكون موجودان أحدمها متقدم بالذاملعية يف الزمان كتقدم السبب على املسبب وحركة اليد على حركة املفتاح يف الكم لكن إذا كان وجودمها زمانني

املعية به فإن السبب فإما وجود ال يقبل الزمان أصال كيف يطلق عليه معية بالزمان وذلك كالتقدم باملكان وواملسبب قد يكونان معا يف املكان ويسبق أحدمها اآلخر بالذات لكن إذا كان وجودمها مكانني فإما وجود ال يقبل

املكان أصال فكيف يطلق

عليه معية املكان وحنن ال ننكر أن الوهم يرمتي إىل مدة مقدرة قبل العامل كما يرمتي إىل فضاء مقدر فوق العامل وذلكوهم جمرد وخيال حمض فال فضاء وال بينونة كما يقدره الكرامي وال زمان وال مدة كما يقدره الومهي ولو قدر

تقديرا عامل آخر فوق هذا العامل مل يؤد ذلك إىل جتويز ذلك إىل جتويز عوامل هي أجسام ال تتناهى إذ قد تبني بالربهان لو قدر تقديرا عامل آخر قبل هذا العامل مل يؤد ذلك إىل جتويز عوامل هي استحالة بعد ال يتناهى يف املال واخلال وكذلك

متحركات ال تتناهى إذ تبني بالربهان استحالة مدة وعدة ال تتناهى فرجع اخلالف إذا إىل استحالة وجود جسم ال يف املعية فإذا سلم التقدم يتناهى بعدا وبيان استحالة وجود أجسام ال تتناهى زمانا فإن اخلصم يسلم التقدم والتأخر

نقول ال يلزم من تقدير جسم ال يتناهى بعدا وإن كان مستحيال أن يكون مع الباري تعاىل باملكان كذلك مل يلزم من

Page 3: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تقدير حركات ال تتناهى زمانا أن تكون مع الباري تعاىل بالزمان فإنه تعاىل غري قابل للزمان واملكان وكان اهللا ومل إذ مل تكن معية بالذات وال بالوجود وال بالرتبة املكانية والزمانية ومل يلزم من إطالق كونه موجدا أن يكن معه شيء

يكون املوجد معه يف الوجود وال لزم من إطالق كونه موجبا أن يكون املوجب معه يف الوجود فإن الوجود املستفاد معىن من األقسام منفيا عنه سواء أطلقناها يف قسم ال يكون مع الوجود املفيد وكان املعية من كل وجه وعلى كل

معية . واحد أو يف قسمني مركبني وحنن نبدأ بطرق املتكلمني مث نعود إىل ما ذكرناه من الكالم على حمل النزاعرد املكان وحنن ال ننكر أن الوهم يرمتي إىل مدة مقدرة قبل العامل كما يرمتي إىل فضاء مقدر فوق العامل وذلك وهم جموخيال حمض فال فضاء وال بينونة كما يقدره الكرامي وال زمان وال مدة كما يقدره الومهي ولو قدر تقديرا عامل آخر فوق هذا العامل مل يؤد ذلك إىل جتويز ذلك إىل جتويز عوامل هي أجسام ال تتناهى إذ قد تبني بالربهان استحالة

تقديرا عامل آخر قبل هذا العامل مل يؤد ذلك إىل جتويز عوامل هي بعد ال يتناهى يف املال واخلال وكذلك لو قدرمتحركات ال تتناهى إذ تبني بالربهان استحالة مدة وعدة ال تتناهى فرجع اخلالف إذا إىل استحالة وجود جسم ال

عية فإذا سلم التقدم يتناهى بعدا وبيان استحالة وجود أجسام ال تتناهى زمانا فإن اخلصم يسلم التقدم والتأخر يف املنقول ال يلزم من تقدير جسم ال يتناهى بعدا وإن كان مستحيال أن يكون مع الباري تعاىل باملكان كذلك مل يلزم من

تقدير حركات ال تتناهى زمانا أن تكون مع الباري تعاىل بالزمان فإنه تعاىل غري قابل للزمان واملكان وكان اهللا ومل تكن معية بالذات وال بالوجود وال بالرتبة املكانية والزمانية ومل يلزم من إطالق كونه موجدا أن يكن معه شيء إذ مل

يكون املوجد معه يف الوجود وال لزم من إطالق كونه موجبا أن يكون املوجب معه يف الوجود فإن الوجود املستفاد من األقسام منفيا عنه سواء أطلقناها يف قسم ال يكون مع الوجود املفيد وكان املعية من كل وجه وعلى كل معىن

.واحد أو يف قسمني مركبني وحنن نبدأ بطرق املتكلمني مث نعود إىل ما ذكرناه من الكالم على حمل النزاع .فنقول للمتكلمني طريقان يف املسئلة أحدمها إثبات حدث العامل والثاين إبطال القول بالقدم

اإلثبات بإثبات اإلعراض أوال وإثبات حدثها ثانيا وبيان استحالة خلو اجلواهر أما األول فقد سلك عامتهم طريق عنها ثالثا وبيان استحالة حوادث ال أول هلا رابعا ويترتب على هذه األصول أن ما ال يسبقه احلوادث فهو حادث

.وقد أوردوا هذه الطريقة يف كتبهم أحسن إيراد

سن األشعري رضي اهللا عنه طريق اإلبطال وقال لو قدرنا قدم اجلواهر مل خيل من وأما الثاين فقد سلك شيخنا أبو احلأحد أمرين إما أن تكون جمتمعة أو مفترقة أو ال جمتمعة وال مفترقة أو جمتمعة ومفترقة معا أو بعضها جمتمع وبعضها

وتبدل أحدمها بالثاين وهي مفترق وباجلملة ليست ختلو عن اجتماع وافتراق أو جواز طريان االجتماع واالفتراقبذواهتا ال جتتمع وال تفترق ألن حكم الذات ال يتبدل وهي قد تبدلت فإذا ال بد من جامع فارق فيترتب على هذه األصول أن ما ال يسبق احلادث فهو حادث وقد أخذ األستاذ أبو إسحاق االسفرايين هذه الطريقة وكساها عبارة

ه اهللا طريقا يف إثبات حدوث اإلنسان وتكونه من نطفة أمشاج وتقلبه يف أطوار أخرى ورمبا سلك أبو احلسن رمحاخللقة وأكوار الفطرة ولسنا نشك يف أنه ما غري ذاته وال بدل صفاته وال األبوان وال الطبيعة فيتعني احتياجه إىل

ل يف اجلسمية وهذه صانع قدمي قادر عليم قال وما ثبت من األحكام لشخص واحد أو جلسم واحد ثبت يف الكالطريقة جتمع اإلثبات واإلبطال واعتمد إمام احلرمني رضي اهللا عنه طريقة أخرى فقال األرض عند خصومنا حمفوفة

باملاء واملاء باهلواء واهلواء بالنار والنار باألفالك وهي أجرام متحيزة شاغلة جوا وحيزا وباالضطرار نعلم أن فرض قرها أو متياسرة أو أكرب مما وجدت شكال وعظما أو أصغر من ذلك ليس من هذه األجسام متيامنة عن م

املستحيالت وكل خمتص بوجه من وجوه اجلواز دون ساير الوجوه مع استواء اجلايزات ومتاثل املمكنات احتاج إىل

Page 4: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

هيا يف ذاته مكانا أو خمصص بضرورة العقل وستعلم فيما بعد أن العامل ممكن الوجود باعتبار ذاته سواء قدر كونه متنازمانا أو غري متناه فإن اخلصم يقضي عليه باإلمكان على انه يف ذاته غري متناهي الزمان وهو متناهي املكان فاألوىل

أن جيعل للتناهي املكاين مسئلة وجيعل للتناهي الزماين من حيث احلركات واملتحركات مسئلة أخرى ونأخذ احتياجه .كالضروري أو كالقريب من الضروري إىل املخصص كاملسلم أو

فإن قيل فما الدليل على تطرق وجود اجلايزات إىل العامل بأسره قلنا العقل الصريح يقضي باإلمكان يف كل واحد .من أجزاء العامل واجملموع إذا كان مركبا من األجزاء كان اإلمكان واجبا له ضرورة

من حيث الذات فإن قيل فما الدليل على أن األجسام متناهية

قلنا لو قدرنا جسما ال يتناهى أو بعدا ال يتناهى فإما أن يكون ذلك اجلسم غري متناه من مجيع اجلهات أو من جهة واحدة وعلى أي وجد قدر فيمكن أن يفرض فيه نقطة متناهية يتصل هبا خط ال يتناهى وميكن أن تفرض نقطة

ني النقطتني حبيث يطبق اخلط األصغر على اخلط األطول فإن أخرى على خط هو أنقص من األول بذراع ونصل بكان كل واحد من اخلطني متادى إىل غري هناية فيكون اخلط األصغر مساويا للخط األطول وهو حمال وإن قصر

ما األقصر عن األطول مبتناه فقد تناهى األقصر وتناهى األطول إذ قصر عنه األقصر مبتناه وزاد األطول عليه مبتناه وزاد على الشيء مبتناه كان متناهيا وعلى كل حال فإن كان أحدمها أكرب من الثاين كان فيما ال يتناهى ما هو أصغر

وأكرب وأكثر وأقل وذلك حمال فعلم أن جسما ال يتناهى حمال وجوده وإن بعدا ال يتناهى يف خال أو مال حمال وميكن اص ال تتناهى حىت يتبني أن فرض ذلك حمال فإذا قضينا على اجلسم أن ينقل هذا الربهان بعينه إىل أعداد وأشخ

بالتناهي وجاز أن يكون أكرب منه وأصغر وإذا ختصص أحد اجلايزين احتاج إىل املخصص وكما ميكن فرض اجلواز لو إما أن يف الصغر والكرب ميكن فرضه يف التيامن والتياسر فإن اجلواز العقلي ال يقف يف اجلايزات مث املخصص ال خي

يكون موجبا بالذات مقتضيا بالطبع وإما أن يكون موجدا بالقدرة واالختيار واألول باطل فإن املوجب بالذات ال خيصص مثال عن مثل إذ اإلحياز واجلهات واألقدار واألشكال وساير الصفات بالنسبة إليه واحدة وهي يف ذواهتا

إال هبذه األفعال وقد ظهر فيها آثار االختيار لتخصيصها ببعض اجلايزات متماثلة إذ ال طريق لنا إىل إثبات الصانع دون البعض فعلمنا قطعا ويقينا أن الصانع ليس ذاتا موجبا بل موجدا عاملا قادرا وهذه الطريقة يف غاية احلسن

الصانع منها إثبات هناية والكمال إال أهنا حمتاجة إىل تصحيح مقدمات ليحصل هبا العلم حبدث العامل واحتياجه إىلاألجرام يف ذواهتا ومقاديرها ومنها إثبات خال وراء العامل حىت ميكن فرض التيامن والتياسر فيه ومنها نفي حوادث ال أول هلا فإن اخلصم رمبا يقول مبوجب الدليل كله ويسلم أن العامل ممكن الوجود يف ذاته وأنه حمتاج إىل خمصص

ى العدم ومع ذلك يقول هو دامي الوجود به ومنها حصر احملدثات يف اإلجرام والقامي مرجح جلانب الوجود علباإلجرام وقد أثبت اخلصم موجودات خارجة عن القسمني هي دائمة الوجود بالغري دواما ذاتيا ال زمانيا ووجودا

تتطرق األشكال واملقادير إليها جوهريا ال مكانيا حبيث ال ميكن فرض التيامن والتياسر والصغر والكرب فيها والومنها إثبات أن املوجب بالذات كاملقتضى بالطبع فإن اخلصم ال يسلم ذلك ويفرق بني القسمني واألوىل أن تفرض

.املسئلة على قضية عقلية يوصل إىل العلم هبا بتقسيم داير بني النفي واإلثباتواجب ومستحيل وجايز فالواجب هو ضروري الوجود فنقول القسمة العقلية حصرت املعلومات يف ثلثة أقسام

حبيث لو قدر عدمه لزم منه حمال واملستحيل هو ضروري العدم حبيث لو قدر وجوده لزم منه حمال واجلايز ما ال ضروري يف وجوده وال عدمه والعامل مبا فيه من اجلواهر العقلية واألجسام احلسية واألعراض القامية هبا قدرناه

Page 5: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وغري متناه وكذلك لو قدرنا انه شخص واحد أو أشخاص وأنواع كثرية إما أن يكون ضروري الوجود أو متناهيا .ضروري العدم وذلك حمال ألن أجزاءه متغرية األحوال عيانا وضروري الوجود على كل حال ال يتغري حبال

ذاته وكل ممكن الوجود باعتبار فوجه تركيب الربهان منه أن نقول كل متغري أو متكثر فهو ممكن الوجود باعتبارذاته فوجوده بإجياد غريه فكل متغري أو متكثر فوجوده بإجياد غريه وأيضا فإن الكل متركب من اآلحاد واآلحاد إذا كان كل واحد منها ممكن الوجود فالكل واجب أن يكون ممكن الوجود وكل ممكن فهو باعتبار ذاته جايز أن يوجد

ترجح جانب الوجود على العدم احتاج إىل مرجح واملرجح يستحيل أن يكون مرجحا وجايز أن ال يوجد وإذاباعتبار ذاته ومن حيث وجوده فقط ألمور أحدها أن الوجود من حيث هو وجود أمر يعم الواجب واجلايز وهو

ين أوىل فيهما مبعىن واحد ال خيتلف فلو أوجد من حيث أنه وجود أو من حيث أنه ذات ملا كان أحد املوجودباإلجياد من الثاين فيتعني أنه يوجد لكونه وجودا على صفة أو ذاتا على صفة ويدل على ذلك األمر الثاين وهو أن وجوه اجلواز قد تطرقت إىل األفعال وتلك الوجوه متماثلة واملوجب ال خيصص مثال عن مثل فإن نسبة أحد املثلني

حد املثلني دون الثاين علم أن اإلجياب الذايت باطل فإن منعوا تلك الوجوه إليه كنسبته إىل املثل الثاين فإذا خصص أفال شك أن اجلايز بنفسه يتساوى طرفاه ونسبة الذات من حيث هو ذات إىل أحد طرفيه كنسبته إىل الطرف الثاين

أن املوجب فإذا ختصص بالوجود دون العدم فال بد من خمصص وراء كونه ذاتا وبطل اإلجياب بالذات والثالثبالذات ما مل يناسب املوجب بوجه من وجوه املناسبة مل حيصل املوجب وذلك أنا إذا تصورنا ذاتني أو أمرين معلومني

ال اتصال ألحدمها باآلخر وال مناسبة بينهما وال تعلق وال أشعار بل اختص كل واحد منهما حبقيقته وخاصته مل الوجود لذاته ذات قد تعاىل وتقدس عن مجيع وجوه املناسبات يقض العقل بصدور أحدمها عن الثاين وواجب

والتعلق واالتصال بل هو منفرد حبقيقته اليت هي له وهي وجوب وجوده وال صفة له ثانية تزيد على ذاته الواجبة تم فال يلزم أن يوجد عنه شيء حبكم الذات فإجياب الذات غري معقول أصال بعد رفع النسب والعالئق وعن هذا قل

أن املوجب ملا كان واحدا استحال أن يصدر عنه شيئان معا وملا كان عقال أي جمردا عن املادة أوجب عقال بالفعل جمردا عن املادة وملا اقتضى اإلجياب مناسبة واملناسبة تقتضي املماثلة حىت ينوب أحد املثلني مناب الثاين ثبت لواجب

اإلجياب فعرف أن اإلجياب الذايت باطل فتعني اإلجياد االختياري وذلك الوجود مثل ثبوت مناب واجب الوجود يف .ما أردنا أن نورد

فإن قيل إما كون العامل جايز الوجود واحتياجه إىل واجب الوجود فمسلم لكن مل قلتم إن كونه موجودا بغريه وإمنا يتبني هذا بأن نبحث يف يستدعي حدوثه عن عدم فإن وجود الشيء بالشيء ال ينايف كونه دامي الوجود به .املوضع املتفق انه إذا أحدثه عن عدم هل كان سبق العدم شرطا يف حتقق األحداث

قلنا ال جيوز أن يكون شرطا فإن احملدث ما استند إىل احملدث إال من حيث وجوده فقط والعدم ال تأثري له يف صحة .اإلجياد فيجوز أن يكون دامي الوجود بغريه

قلنا الواجب أن نزيل عن الكالم ما يوقعه الوهم حىت يتجرد املعقول الصرف عن العقل فقول القائل وجد واجلوابعن عدم أو بعد العدم أو سبقه العدم إن كان يعين به أن العدم شيء يتحقق له سبق وتقدم وتأخر واستمرار

تصور األولية يف الشيء احلادث إال وانقطاع أو شيء يوجد عنه شيء فذلك كله من إيهام اخليال حيث مل ميكنهمستندا إىل شيء موهوم كالزمان واملدة كما مل ميكنه تصور النهاية يف العامل إال مستندا إىل شيء موهوم كاخلال

والفضا وكما مل ميكن فرض خالء بني وجود الباري تعاىل وبني العامل ال ميكن أيضا فرض زمان وتقدير زمان بني

Page 6: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

اىل وبني العامل فإن ذلك من عمل الوهم فقط وال يلزم منه املعية بالزمان كما ال يلزم املعية من املكان وجود الباري تعفافهم ذلك فيجب أن تزيل هذا اإليهام عن فكرك فيتصور أن وجود شيء ال من شيء هو املعين حبدوث الشيء عن

املعىن بسبق العدم إذ ال بد من عبارة وتوسع يف العدم فإن قولنا له أول املعىن حبدوثه وإن قولنا مل يكن فكان هوالكالم ليطلق لفظ السبق والتأخر واالستمرار واالنقطاع وإذا ثبتت هذه القاعدة فنقول إذا كان العامل ممكن الوجود

ا وجد باعتبار ذاته واملمكن معناه أنه جايز الوجود وجايز العدم فيستوي طرفاه أعين الوجود والعدم باعتبار ذاته فإذفإمنا يوجد باعتبار موجده ولوال موجده ملا استحق إال العدم فهو إذا مستحق الوجود والعدم باالعتبارين املذكورين فكان واجب الوجود سابقا عليه بالذات والوجود إذ لواله ملا وجد وال جيوز أن يكون وجوده مع واجب الوجود

لوجود ال جيتمعان يف شيء واحد فهو إذا متأخر الوجود وال جيوز أن بالذات والوجود مجيعا ألن قبل ومع بالذات وايكون مع واجب الوجود بالزمان ألنه يوجب أن يكون واجب الوجود زمانيا ألن قولنا مع من مجلة املتضايفات

أثبت املعية يف كاألخوة واألبوة فأحد الشيئني إذا كان مع الثاين بالزمان كان الثاين معه أيضا بالزمان وبكل اعتبارأحد الشيئني وجب عليك أن تثبتها يف الشيء الثاين وال جيوز أن يكون وجوده مع واجب الوجود بالرتبة والفضيلة ألن رتبة الواجب بذاته ال يكون كرتبة الواجب بغريه وظهر أن جايز الوجود وواجب الوجود ال يكونان معا بوجه

القول كان اهللا ومل يكن معه شيء فما معىن قولكم اجلايز دامي املوجود من الوجوه واعتبار من االعتبارات وصح بالواجب أو مع الواجب أو قدرمت دوام وجود الباري تعاىل زمانيا ممتدا مع األزمنة الغري املتناهية كما تومهتم وجود

ذمت لفظ الدوام باالشتراك احملض أما العامل زمانيا ممتدا يف أزمنة ال تتناهى وبئس الوهم ومهكم يف الدوامني فكأنكم أخدوام وجود الباري تعاىل فمعناه انه واجب لذاته وبذاته وال يتطرق إليه جواز وال عدم بوجه من الوجوه فهو األول

بال أول كان قبله واآلخر بال آخر كان بعده وأوله آخره وآخره أوله أي ليس وجوده زمانيا وأما العامل فله أول زماين يتطرق إليه اجلواز والعدم والقلة والكثرة واالستمرار واالنقطاع فلو كان دامي الوجود بدوام ودوامه دوام

الباري كان الباري دامي الوجود بدوام العامل فلو كان الدوامان مبعىن واحد فيلزم أن يكون وجود الباري تعاىل زمانيا ن العامل دامي الوجود بالواجب وإمنا يتضح هذا البطالن كل أو وجود العامل ذاتيا وكال الوجهني باطل فبطل قولكم إ

الوضوح إذا أثبتنا استحالة حوادث ال أول هلا ووجود موجودات ال تتناهى وأما قولكم إن العامل يف احملل املتفق عليه املوجد من حيث إمنا يستند إىل املوجد من حيث وجوده فقط والعدم ال تأثري له يف صحة اإلجياد قلنا ولو استند إىل

وجوده فقط الستند كل موجود وتسلسل القول إىل ما ال يتناهى ومل يستند إىل واجب وجوده بل إمنا استند إليه من حيث جوازه فقط واجلواز قضية أخرى وراء الوجود والعدم مث جواز الوجود سابق على الوجود بالذات فنقول إمنا

ا كان جايز الوجود ألنه وجد فجواز وجوده ذايت له والوجود عرضي وجد به ألنه كان جايز الوجود وال نقول إمنوالذايت سابق على العرضي سبقا ذاتيا مث بينا أن اجلايز مستحق العدم باعتبار ذاته لوال موجده فكان مسبوقا يت بوجوده ومسبوقا بعدم ذاته لوال موجده ألن استحقاق وجوده عرضي مأخوذ من الغري واستحقاق عدمه ذا

مأخوذ من ذاته فهو إذا مسبوق بوجود واجب ومسبوق بعدم جايز فتحقق له أول واجلمع بني ما له أول وبني ما ال .أول له حمال

فإن قيل فما الفرق بني وجوب العامل بإجياب الباري تعاىل وبني وجوده بإجياد الباري تعاىل فإن العامل إذا كان ممكنا يف به وهذا حكم كل علة ومعلول وسبب ومسبب فإن املسبب أبدا جيب بالسبب فيكون ذاته ووجد بغريه فقد وجب

جايزا باعتبار ذاته واجبا باعتبار سببه مث السبب يتقدم املسبب بالذات وإن كانا معا يف الوجود كما تقول حتركت كانت احلركتان معا يف يدي فتحرك املفتاح يف كمي وال ميكنك أن تقول حترك املفتاح يف كمي فتحركت يدي وإن

Page 7: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.الوجودواجلواب قلنا وجود الشيء بإجياد موجده صواب من حيث اللفظ واملعىن خبالف وجوب الشيء بإجياب املوجب

وذلك أن املمكن معناه انه جايز وجوده وجايز عدمه ال جايز وجوبه وجايز امتناعه وإمنا استفاد من املرجح وجوده الوجوب عند مالحظة السبب ألن السبب إفادة الوجوب حىت يقال وجب بإجيابه ال وجوبه نعم ملا وجد عرض له

مث عرض له الوجوب بل أفاده الوجود وفصح أن يقال وجد بإجياده وعرض له الوجود فانتسب إليه وجوده إذ كان تنع طرفان ممكن الوجود ال ممكن الوجوب وهذه دقيقة لطيفة ال بد من مراعاهتا والذي نثبته أن الواجب واملم

واملمكن واسطة إذ ليس بواجب وال ممتنع فهو جايز الوجود وجايز العدم والوجود والعدم متقابالن ال واسطة بينهما والذي يستند إىل املوجد من وجهني الوجود والعدم يف املمكن وجوده فقط حىت يصح أن يقال أوجده أي

لالزم العرضي ال يستند إىل املوجد فأنتم إذا قلتم وجب أعطاه الوجود مث لزمه الوجوب لزوم العرضيات فاألمر اوجوده بإجيابه فقد أخذمت العرضي وحنن إذا قلنا وجد بإجياده فقد أخذنا عني املستفاد الذايت فاستقام كالمنا لفظا ب ومعىن واحنرف كالمكم عن سنن اجلادة ولرمبا نقول أن املمكن إذا وجد يف وقت معني أو على شكل خمصوص جيوجوده على ذلك الوجه ألن املوجد إذا علم حصوله يف ذلك الوقت على ذلك الشكل وأراد ذلك فهو واجب الوقوع ألن خالف املعلوم مستحيل الوقوع واحلصول وإذا كان ممكن اجلنس جايز الذات لكن مل يكن وجوب

دث ال الوجوب بطل اإلجياب الذايت الذي ذلك إال بإجياب العلم واإلرادة فإذا حتقق أن الوجود هو املستفاد يف احلوايتحجوا به حني بنوا عليه مقارنة وجود العامل بوجود الباري تعاىل ومل يبق هلم إال التمثيل مبثال وذلك من سخف

املقال ألن اخلصم رمبا ال يسلم أن حركة اليد سبب حركة الكم واملفتاح وال يقول بالتولد يبقى جمرد فاء التعقيب فظا يف قوله حتركت يدي فتحرك املفتاح وهذا كما أن املادة عند اخلصم سبب ما لوجود الصورة حىت والتسبيب ل

يصح أن يقال لوال املادة ملا وجدت الصورة ومها معا يف الوجود وليس وجود الصورة بإجياد املادة بل بإجياد واهب زمانا فيكون زمان وجودمها واحدا وأحدمها الصور مث إن سلم ذلك فيجوز أن يسبق السبب املسبب ذاتا ويقارنه

سبب والثاين مسبب كما يقال يف االستطاعة مع الفعل لكن املمتنع وجود ما له أول مع وجود ما ال أول له وقد بينا أن هذه املعية ممتنعة على الوجود كلها أعين بالذات والوجود والزمان والرتبة والفضيلة فإن التقدم والتأخر واملع

لق على الشيئني إذا كانا متناسبني نوعا من املناسبة وال نسبة بني الباري تعاىل وبني العامل إال بوجه الفعل والفاعلية يطوالفاعل على كل حال متقدم واملفعول متأخر يبقى أن يقال هل كان جيوز أن خيلق العامل قبل ما خلقه حبيث يكون

أن إثبات األولية والتناهي للعامل واجب تصوره عقال إذ الربهان قد دل نسبة بدوه إىل وقتنا أكثر زمانا فيجاب عنهعليه وما وراء ذلك تقدير ومهي يسمى جتويزا عقليا والتقديرات والتجويزات ال تقف وال تتناهى وهو كما إذا

افة فيجاب عنه إن سئلتم هل كان جيوز أن حيدث العامل أكرب مما خلقه حبيث يكون نسبة هنايته إىل مكاننا أكرب مسإثبات احلد والتناهي للعامل واجب تصوره عقال إذ الربهان قد دل عليه وما وراء ذلك فتقدير ذهين يسمى جتويزا عقليا والتقديرات والتجويزات ال تتناهى فتقدير مكان وراء العامل مكانا كتقدير زمان وراء العامل زمانا وباجلملة

دوث واحلادث ما له أول والقدمي ما ال أول له واجلمع بني ما له أول وبني ما ال أول حدث العامل حيث يتصور احل .له حمال هذا ما نعقله من احلدوث ضرورة وهو كتناهي العامل من احلجمية واجلسمية حذو القدة بالقدة

وا أن حركات متعاقبة فإن قيل قد دل الربهان العقلي على أن جسما ما ال تتناهى ذاته بالفعل مستحيل وجوده فبينوحوادث متتالية ال تتناهى مستحيل وجودها فإن عندنا التناهي والالتناهي إمنا يتطرق إىل أربعة أقسام اثنان منها ال

جيوز أن يوجدا غري متناهيني الذات وهو ما له ترتيب وضعي كاجلسم أو طبيعي كالعلل فجسم ال تتناهى ذاته

Page 8: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تتناهى بالعدد مستحيل وجودها أيضا ولكل واحد من القسمني ترتيب يف مستحيل وجوده وعلل ومعلوالت ال الوجود أما اجلسم فله ترتيب وضعي وألجزائه اتصال ولكل جزء منه إىل جزء نسبة فال جيوز وجود جسم غري متناه

ال جيوز وجود يف زمان واحد وأما العلل فلها ترتيب طبيعي فإن املعلول يتعلق بعلته ولكل معلول إىل علته نسبة فجسم وعلل ومعلوالت ال تتناهى وأما القسمان اللذان يوجدان غري متناهيي الذات فإن أحدمها احلوادث

واحلركات اليت ال تترتب بعضها على بعض لضرورة ذاهتا بل تتعاقب وتتواىل شيء بعد شيء يف أزمنة غري متناهية موجودات مل تتعاقب بل هي جمتمعة يف الوجود ولكن ال ترتيب فإن ذلك جايز عقال والثاين النفوس اإلنسانية فإهنا

.هلا وضعا كاجلسم وال طبعا كالعلل فيجوز أن توجد غري متناهيةواجلواب قلنا كلما حصره الوجود وكان قابال للنهاية فهو متناه ضرورة وما ال يتناهى ال يتصور وجوده سواء كان

.له ترتيب وضعي أو طبيعي أو مل يكنلربهان على ذلك حبيث يعم األقسام األربعة أن كل كثرة ال تتناهى فال ختلو إما أن تكون غري متناهية من وجه أو وا

غري متناهية من مجيع الوجوه واجلهات وعلى القسمني مجيعا فإنا ميكننا أن نفصل منهما جزءا بالوهم أو بالعقل ذها بانفرادها شيئا على حدة فال خيلو إما أن تكون تلك فنأخذ تلك الكثرة مع ذلك اجلزء شيئا على حدة ونأخ

الكثرة مع تلك الزيادة مساوية للكثرة من غري الزيادة عددا أو مساحة فيلزم أن يكون الزائد مثل الناقص ومساويا ة أنقص وهو له وهذا حمال وإما أن ال يكون مساويا له فيلزم أن يكون كثرتان غري متناهيتني وإحدامها أكرب والثاني

أيضا حمال وهذا الربهان إن فرضته يف جسم غري متناه من مجيع اجلهات أو من جهة واحدة فالعبارة عنه أن نقول لك أن تفرض نقطة من ذلك اجلسم ويفصل منه مقدارا فتأخذ ذلك اجلسم مع ذلك املقدار شيئا على حدة

هيتني يف الوهم فال خيلو إما أن يكونا حبيث ميتدان معا مطابقني يف وبانفراده شيئا على حدة مث نطبق بني النقطتني املتنااالمتداد إىل ما ال يتناهى فيكون الزائد والناقص متساويني وإما أن ال ميتدا بل يقصر أحدمها عنه فيكون متناهيا

ا خلف وكذلك إن فرضته والقدر املفضول كان متناهيا أيضا فيكون اجملموع متناهيا أيضا وقد فرضه غري متناه هذيف حركات غري متناهية أو أشخاص غري متناهية متعاقبة أو جمتمعة أو تفرض نفوسا غري متناهية معا أو جمتمعة يف

الوجود فالعبارة عنه أن نقول لك أن تفرض حركة واحدة أو شخصا واحدا وتفصل من احلركات أو األشخاص .ة إىل احلركات الناقصة ومت الربهان من غري تفاوت بني الصورتنيمقدارا بالتوهم وتنسب احلركات الزائد

قال أبو علي بن سينا ها هنا فرق وهو أن اجلسم له ترتيب وضعي أمكنك أن تعني فيه نقطة مث ترتب عليها جواز احد فال االنطباق واالمتداد إىل ما ال يتناهى وليس للحركات املتتالية ترتيب وضعي فإهنا ليست معا يف زمان و

ميكنك أن تعني فيها حركة واحدة وترتب عليها جواز االنطباق ألن ما ال يترتب يف الوضع أو الطبع فال حيتمل .االنطباق

قيل له جوابك عن هذا الفرق من وجهني أحدمها أنك فرضت النقطة يف اجلسم واالمتداد إىل ما ال يتناهى بالوهم أن احلركات املاضية كأهنا موجودة متعاقبة واألزمنة أيضا كأهنا موجودة وقدرت التطبيق أيضا بالوهم فقدر ومها

ومها متعاقبة على مثال خط موهوم ال يتناهى تركب من نقط متتالية واحلدود يف احلركات واألوقات يف األزمنة هو أنه مود إىل أنه كالنقط يف اخلطوط والتعاقب كالتتايل والعلة اليت ألجلها امتنع الالتتناهي ووجب أن تتناهى ف

يكون األقل مثل األكثر والناقص مثل الزايد وهذا موجود يف املوضعني مجيعا ولذلك قال املتكلم أنا إذا فرضنا الكالم يف اليوم الذي حنن فيه وقلنا ما مضى من األيام غري متناه عندكم وما بقي أيضا غري متناه والباقي واملاضي

لتناهي فلو فصلنا من املاضي سنة وأضفناها إىل الباقي صار املاضي ناقصا والباقي زايدا متساويان متماثالن يف عدم ا

Page 9: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.ومها متماثالن يف نفي التناهي أدى ذلك إىل أن يكون الزايد مثل الناقص الوجه الثاين أنه لو مل يتحقق يف احلركات واألشخاص ترتيب وضعي فقد حتقق فيها ترتيب طبيعي كالعلل واملعلوالتفإهنا ال بد أن تكون متناهية باالتفاق وذلك أن كل معلول فهو ممكن الوجود بذاته وإمنا جيب وجوده بعلته فيتوقف وجوده على وجود علته والكالم يف علته كذلك حىت يتناهى إىل علة أوىل ليست ممكنة لذاهتا كذلك نسبة كل والد

د على وجود الوالد وكذلك القول يف الوالد فهال قلت ينتهي إىل مولود نسبة العلة إىل معلوهلا فيتوقف وجود الولإىل والد أول ومع ذلك فاألشخاص عندكم ال تتناهى مث يعدد لكل شخص إنساين قد وجد نفس ناطقة وهي باقية يف جمتمعة يف الوجود فاألشخاص إذا كانت ال تتناهى وجاز وجودها ألهنا متعاقبة ال جمتمعة معا يف الوجود فما قولك

النفوس فإهنا جمتمعة وهي ال تتناهى فإن قال ليس هلا ترتيب طبيعي وال وضعي قيل إذا ترتبت األشخاص والدا ومولودا ترتبت النفوس أيضا ذلك الترتيب ألن من العوارض واللوازم املعينة للنفوس كوهنا حبيث إن صدرت عن

.ترتيبأشخاصها أشخاص فهذه النسبة باقية ببقائها ولذلك النوع وذلك أنا نفرض الكالم يف الدورة : برهان آخر يف أن ما ال يتناهى من احلوادث واحلركات ال يتحقق يف الوجود

اليت حنن فيها وال شك أن ما مضى قد انتهى هبا وما انتهى بشيء فقد تناهى ومعىن قولنا أن ما مضى قد انتهى أنا ا سيأيت اقتضى ذلك تناهي احلركات املاضية إذ يتناهى احلركات إذا أردنا قصر النظر على ما حنن فيه وقطعناه عم

املاضية مل يكن مشروطا فيها حلوق احلركات اآلتية فما من حركة توجد وتعدم إال وقد انقضت حركات قبلها بال فقد هناية فيوجد أبدا طرف منها متناهيا ويكون ذلك الطرف آخر املاضي وأوال ملا بقي فكل حركة أو كل دورة

حتقق هلا أول وآخر وإذا تناهى من طرف فقد تناهى من الطرف الثاين فاحلركات كلها إذا يف ذواهتا متناهية أوال وآخرا وهي معدودة بالزمان والزمان هو العاد للحركات فاملعدود إذا يتناهى أوال وآخرا كذلك يلزم أن يتناهى

ية عددا أم ال قلنا وكل عدد موجود فهو قابل للزيادة والنقصان واألكثر العاد أوال وآخرا يبقى أن يقال أهي متناهواألقل فهو متناه وكل عدد موجود فهو متناه وهذا احلكم جيري يف كل عدد موجود معا كالنفوس اإلنسانية أو

ا طبقت متعاقبة كاألشخاص اإلنسانية وعندهم النفوس غري متناهية عددا وهي قابلة للزيادة والنقصان فإذاألشخاص على النفوس تساوت ال حمالة وإن نقصت من األشخاص عددا وطبقت الباقي على عدد النفوس فإن كان كل واحد منهما ال يتناهى كان الزائد مثل الناقص وإن كان يتناهى فقد حصل املقصود وتطبيق اخلط على

واملتحركات إذا تناهت ذاتا وزمانا ومكانا اخلط كتطبيق العدد على العدد وتطبيق النفس على الشخص واحلركات .وعددا وهذا قاطع ال جواب عنه وال سؤال عليه

ومن مجلة اإللزامات على الدهرية أن حركات زحل وهو يف الفلك السابع مثل حركات القمر وهو يف الفلك األول ثر من حركات القمر فهي إذا من حيث أن كل واحد من النوعني غري متناه ومعلوم بالضرورة أن حركات زحل أك

.مثلها وأكثر منها وذلك من أحمل احملال وأبلغ يف التناقضفإن قيل إن قصرت مسافة فلك القمر عن فلك زحل فقد طال زمان القمر مبقدار قصر املسافة حىت قطع القمر

.فلكه مبثل ما قطع زحل فلكه فقد تساويا يف احلركة

فإهنا حركات احمليط وحركات فلك القمر حركات القطب فهما متساويان فيما قلنا وما قولكم يف حركة فلك زحل .ال يتناهى وحركات فلك زحل أضعاف حركات فلك القمر وال جواب عنه

فإن قيل ألستم أثبتم تفاوتا يف معلوالت اهللا تعاىل ويف مقدوراته فإن العلم عندكم متعلق بالواجب واجلايز واملستحيل إال باجلايز فكانت املعلومات أكثر واملقدورات أقل والقلة والكثرة قد تطرقتا إىل النوعني ومها غري والقدرة ال تتعلق

Page 10: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.متناهينيواجلواب قلنا حنن مل نثبت معلومات أو مقدورات هي أعداد بال هناية بل معىن قولنا أهنا ال تتناهى أي العلم صفة

يقدر هبا على ما يصح أن يوجد مث ما يصح أن يعلم وما يصح صاحلة يعلم به ما يصح أن يعلم والقدرة صفة صاحلة أن يقدر عليه ال يتناهى وليس ذلك عدد أنقص من عدد حىت يكون ذلك نقضا ملا ذكرناه وإمنا املمتنع عندنا أعداد

الوجود حيصرها الوجود وهي غري متناهية فنقول قد بينا أن ما ال يتناهى إمنا ميكن تصوره يف الوهم والتقدير ال يفكالعدد يقال له أنه ال ينتهي تضعيفا وليس نعين به أن العدد الغري متناه موجود حمصور بل املعىن أنك إذا قدرت أو

تومهت ضعفا فوق ضعف إىل ما ال يتناهى أمكنك ذلك كذلك املعلوالت واملقدورات على التقدير الومهي ال ن يعلم وخيرب عنه يقال أن العلم ال يتناهى وكذلك لصالحية يتناهى ولصالحية العلم أن يعلم به كل ما يصح أ

القدرة أن يقدر هبا على كل ما يصح أن يقدر عليه يقال إن القدرة ال تتناهى فال القدرة وال العلم أمر بسيط ذاهب قولنا ذات يف اجلهات ال يتناهى وال املعلومات واملقدورات أعداد كثرية ال تتناهى وهكذا ينبغي أن تفهم من معىن

.الباري سبحانه ال تتناهى أي هو واحد ال يقبل االنقسام بوجه من الوجوه فال يتطرق إليه هناية بوجه من الوجوهشبه الدهرية قالوا إذا قلتم أن العامل حمدث بعد أن مل يكن فقد تأخر وجوده عن وجود الباري تعاىل فال خيلو إما أن

مبدة فقد قارن وجوده وجود الباري سبحانه وإن تأخر مبدة فال خيلو إما إن تأخر يتأخر مبدة أو ال مبدة فإن تأخر ال مبدة متناهية أو مبدة غري متناهية فإن تأخر مبدة متناهية فقد وجب تناهي وجود الباري تعاىل وإن تأخر مبدة غري

. ميتنع مل ميتنع عدة ال تتناهىمتناهية فنفرض يف تلك املدة موجودات ال تتناهى فإنه إن مل ميتنع مدة ال تتناهى ملواجلواب قلنا هذا الكالم غري مستقيم وضعا وتقسيما أما الوضع فقولكم لو كان العامل حمدثا كان وجوده متأخرا .فإن عنيتم به التأخر بالزمان فغري مسلم فإنا قد بينا أن التقدم والتأخر واملعية الزمانية متتنع يف حق الباري سبحانه

هذا مل يصح بنا التقسيم عليه أنه متأخر مبدة أو ال مبدة فإن ما ال يقبل املدة ذاتا ووجودا ال يقال له تقدم أو وعلى تأخر أو قارن مبدة أو ال مبدة فأحلتم علينا تقدما وتأخرا ومعية زمانية للباري تعاىل وإذا منعنا ذلك ألزمتم علينا

منعنا التقدم والتأخر الزماين منعنا املقارنة الزمانية بل وجود الباري تعاىل ال مقارنة يف الوجود وذلك تلبيس فإنا إذا يقال متقدم بالزمان كما ال يقال أيضا فوق باملكان وال يقال مقارن بالزمان كما ال يقال جماور للعامل باملكان وإن

واملوجد ال أول لوجوده واملوجد له أول عنيتم بالتأخر يف الوجود أي املوجد مفيد الوجود واملوجد مستفيد الوجود .فهو مسلم وال يصح أيضا بنا التقسيم عليه أنه تأخر مبدة أو ال مبدة

.فإن قيل ال بد من نسبة ما بني املوجد واملوجد وإذا حتققت النسبة فبمدة متناهية أو غري متناهيةت النسبة مبدة متناهية أو غري متناهية كان وجوده زمانيا قلنا وال بد من نفي النسبة بني املوجد واملوجد إذ لو حتقق

قابال للتغري واحلركة أليس لو قال القائل ما نسبة واحد منا حيث حدث وله أول كان السؤال حماال أليس لو قال تناهى أم ال تتناهى القايل ما نسبة العامل منه تعاىل حيث وجد وله هناية أفيباينه أو جياوره فإن باينه أفبخال أو بينونة ت

.كان السؤال حماال كذلك نقول يف املدة فإن اجلزئي كالكلي والزمان كاملكان

وجواب آخر عن التقسيم نقول ما املعىن باملدة أهي عبارة عن أمر موجود أو عن تقدير موجود أم عن عدم حبت ا املوجود إما قامي بنفسه أو قامي بغريه وعلى فإن كان أمرا موجودا حمققا فهو من العامل فال يكون قبل العامل وأيض

الوجهني مجيعا ال ميكن تقديره قبل العامل وإن كان أمرا مقدرا وجوده والتقديرات الومهية جتويزات وليس كلما جيوزه العقل أو يقدره الوهم ميكن وجوده مجلة حاصلة فإن وجود عامل آخر وكذلك إىل ما ال يتناهى مما جيوز يقدره

لوهم وكذلك األعداد اليت ال تتناهى مما يقدره الوهم ال مما جيوزه العقل وباجلملة اجلايزات كلها ال ميكن أن توجد ا

Page 11: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

مجلة حاصلة فيكون ما ال يتناهى مما حيصره الوجود وذاك حمال فعلم أن تقدير أزمنة غري متناهية ال يكون كالتحقيق كن أن يكون مشحونا مبا ال يتناهى وإن كانت املدة عبارة عن عدم حبت وما ميكن وجوده مجلة معا أو متعاقبا ال مي .فال يتناهى وال ال يتناهى يف عدم البحت

وجواب آخر مل قلتم أن املدة لو كانت متناهية لتناهى وجود الباري تعاىل فإن تناهي املدة كتناهي العامل مكانا وهو زاع مث تناهي العامل مكانا ليس يقتضي تناهي ذات الباري تعاىل ألنه مصادرة على املطلوب األول وتعبري عن حمل الن

ال مناسبة بينه وبني املكانيات واملكان كذلك تناهي العامل زمانا ال يقتضي تناهي وجود الباري تعاىل ألنه ال مناسبة ي أمكن أن يوجد فيها موجودات يف بينه وبني الزمانيات والزمان ومل قلتم أن املدة لو مل تكن متناهية يف التقدير العقل

.التحقيق احلسيشبهة أخرى قال ابن سينا حكاية عن أرسطاطاليس كل حادث عن عدم فإنه يسبقه إمكان الوجود ضرورة وإمكان

الوجود ليس هو عدما حمضا بل هو أمر ما له صالحية الوجود والعدم ولن يتصور ذلك إال يف مادة فكل حادث تلك املادة املتقدمة ال تتصور إال يف زمان ألن قبل ومع ال يتحقق إال يف زمان واملعدوم قبل هو فإنه يسبقه مادة مث

املعدوم مع وليس اإلمكان قبل هو الذي يقارن الوجود فهو إذا متقدم تقدما زمانيا والعامل لو كان حادثا عن عدم سلسل فهو باطل وإما أن يقف على حد ال يسبقه إمكان لتقدمه إمكان الوجود يف مادة تقدما زمانيا فهو إما أن يت

فال يسبقه عدم فيكون واجبا بغريه وهو ما ذهبنا إليه وهذه الشبهة هي اليت أوقعت املعتزلة يف اعتقاد كون املعدوم .شيئا وعن هذا قصروا الشيئية يف املمكن وجوده ال املستحيل ثبوته

عدم أنه هو املوجود الذي له أول ال اإلمكان السابق عليه ليس يرجع إىل واجلواب أنا قد بينا أن معىن احلدوث عنذات وهو شيء حىت حيتاج إىل مادة بل هو أمر راجع إىل التقدير الذهين ألن ما ال جيوز وجوده ال يتحقق له ثبوت

ما يتصورونه من حدوث وحدوث والقبلية واملعية راجعة أيضا إىل التقدير العقلي وإمنا نتصور حنن من حدوث العامل النفس اإلنسانية حادثة هلا أول ال عن شيء حىت ميكن أن يقال أهنا مسبوقة بالعدم أي مل تكن فكانت وهي ممكنة

الوجود يف ذاهتا وإمكاهنا ال يستدعي مادة تسبقها فإن ذلك يودي إىل أن يكون وجودها ماديا فعلم أن اإلمكان من وسبقه على املوجود احلادث ليس إال سبقا يف الذهن مسيتموه سبقا ذاتيا وذلك حيث هو إمكان ليس يستدعي مادة

السبق ليس سبقا زمانيا وكذلك القول يف املعلول األول وساير النفوس فإهنا ممكنة الوجود بذواهتا وإمكان وجودها ونقول أن كل حادث حدوثا سابق على وجودها سبقا ذاتيا وكذلك القول يف اجلسم األول الذي هو فلك األفالك

زمانيا أو حدوثا ذاتيا على أصلكم فإنه يسبقه إمكان الوجود فإن املوجود احملدث قد تردد بني طريف الوجود والعدم وهذا التردد والسبق واإلمكان كله يرجع إىل تقدير يف الذهن وإال فالشيء يف ذاته على صفة واحدة من الوجود

ه انقسم إىل ما يكون وجوده لوجود هو له لذاته أي هو غري مستفاد له من غريه فيقال لكن الوجود باعتبار ذاتالوجود أوىل به وأول ما يكون وجوده لوجود هو له من غريه فيقال الوجود ليس أوىل به وال أول وهذا الوجود مل

يعرب عنه بأنه مسبوق يتحقق إال أن يكون له أول مسبوق بوجود ال أول له ويكون له يف ذاته إمكان الوجودبإمكان الوجود ال أنه وجود يسبقه إمكان الوجود بل الوجود يف ذاته وجود ممكن فقد وجد ها هنا سبقان أحدمها سبق وجود املوجود والثاين سبق إمكان الوجود ولكننا بعدما حبثنا عن السبق الثاين مل نعثر على معىن إال أن الوجود

يكون ممكنا يف ذاته مقدرا فيه تردد بني طريف الوجود والعدم واحتاج إىل مرجح لواله ملا املستفاد لن يتحقق إال بأن حصل له وجود فلو كان كل حادث حمتاجا إىل سبق إمكان وكل إمكان حمتاجا إىل مادة وكل مادة إىل زمان

ود حادث أصال فبطل األصل تسلسل القول فيه فيقال وتلك املادة والزمان حيتاجان إىل مادة وزمان وملا حصل وج

Page 12: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الذي وضعوا الكالم عليه بل ال بد من منتهى ينتهي إليه فيكون مبدعا ال من شيء ويكون ممكنا يف ذاته وال يستدعي إمكانه مادة وزمانا فهكذا جيب أن يتصور معىن سبق اإلمكان وسبق العدم وسبق املوجد فإن املوجد يسبق

لك أن يسبق العدم واإلمكان يف املوجد سبقا تقديريا وقد تقرر الفرق بني التقدم بوجوده من حيث وجوده ويلزم ذ .الذايت والتقدم الوجودي فتأمل ذلك

شبهة أخرى اعتمد عليها أبو علي بن سينا قال أسلم أن العامل مبا فيه من اجلواهر واألعراض جايز الوجود لذاته دامي الوجود بدوامه قال واجلايز أن ال يوجد وأن يوجد وإذا لكن كالمنا يف أنه هل هو واجب الوجود بغريه

ختصص بالوجود احتاج إىل مرجح جلانب الوجود واحلال ال خيلو إما أن يقال ما جيوز أن يوجد عن املرجح جيب أن يوجد حىت ال يتراخى عنه وإما أن يقال ال جيب أن يوجد حىت يتراخى عنه مث يوجد بعد أن مل يوجد لكن العقل الصريح الذي مل يكذب يقضي أن الذات الواحدة إذا كانت من مجيع جهاهتا واحدة وهي كما كانت وكان ال

يوجد عنها شيء فيما قبل مع جواز أن يوجد وهي اآلن كذلك فاآلن ال يوجد عنها شيء وإذا كان قد وجد فقد سباب مث ال خيلو ذلك السبب إما حدث أمر ال حمالة عن قصد وإرادة وطبع وقدرة أو متكن وغرض أو سبب من األ

أن حيدث يف ذاته صفة أو حيدث أمرا مباينا عنه والكالم يف ذلك احلادث على أي وجه كان كالكالم يف العامل فإذا ال جيوز أن حيدث أمر ما وإذا مل جيز فال فرق بني حال أن يفعل وبني حال أن ال يفعل وقد وجد الفعل فهو خلف

.ألنا وضعنا يف التقدير العقلي ذاتا معطلة عن الفعل وهو باطل فنقيضه حقوإمنا ألزمنا هذا واجلواب قلنا أنتم مطالبون بإثبات ثلث مقدمات إحداها إثبات جواز وجود العامل يف األزل والثانية إثبات أن ما

.جيوز وجوده جيب وجوده والثالثة إثبات سبب حادث ألمر حادث

تحالة وجود أمر جايز يف ذاته مع وجود موجود واجب يف ذاته يف األزل من وجهني أما األوىل فنحن قد بينا اسأحدمها استحالة اقتران وجود ما ال أول له مع وجود ما له أول فإن اجلمع بينهما من احملاالت والوجود الواجب

وال وجود معه ال من لذاته جيب أن يتقدم الوجود اجلايز لذاته تقدما ما يف وجوده حبيث يكون الواجب موجوداحيث الوجود وال من حيث الذات وال من حيث الزمان وال من حيث الرتبة واملكان وال من حيث الفضيلة

وباجلملة فحيث ما حتقق اجلواز واإلمكان يف شيء حتقق نفي األزلية عنه وإثبات األولية له واقتران األزلية واألولية الوجود وكل جايز وجوده جيب وجوده أزال وأبدا مجع بني قضيتني يف شيء واحد حمال وقولكم العامل جايز

متناقضتني ومن اعترف باجلواز واإلمكان فقد سلم املسئلة من كل وجه فإن الشيء إذا تطرق إليه اجلواز يف الوجود ا أو لواحد منها من وجه تطرق إليه اجلواز من ساير الوجوه أعين الوقت واملقدار والشكل إذا كان املوجود قابال هل

.والداير بني وجوه اجلواز إذا ختصص بأحد اجلايزين دون الثاين احتاج إىل خمصص وانتفى الوجوب والدوام عنه .وأما الوجه الثاين يف بيان االستحالة أن احلوادث اليت ال تتناهى قد تبني استحالتها

.ة حوادث ال تتناهى ملا بينا من الربهان الدال عليهفإن قيل ما املانع من وجود العامل يف األزل كان اجلواب استحال .وأما الكالم على املقدمة الثانية وهي أن ما جيوز وجوده جيب وجوده

قلنا هذا الكالم أوال متناقض لفظا ومعىن أما اللفظ فإن اجلواز والوجوب متناقضان إال أن يقال أن ما جيوز وجوده يضا باطل فإن الوجوب بالغري إمنا يكون بإجياب الغري واجلايز إمنا حيتاج إىل يف ذاته جيب وجوده بغريه قيل وهذا أ

الواجب يف وجوده ال يف وجوبه فيكون وجوده باجياد الغري مث يلزمه من حيث النسبة وجوبه وقد تبني هذا املعىن جاز وجوده وجب وجوده فيما قبل وأما التناقض من حيث املعىن فهو أن اجلايز وجوده مما ال يتناهى فلو كان ما

لوجد ما ال يتناهى دفعة واحدة وإذا شرط الترتيب يف الذوات حىت حصل يف الوجود أول مث ثان مث ثالث مث ينتهي

Page 13: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

إىل موجودات حمصورة كذلك يشترط الترتيب يف املوجود حىت حصل موجود له أول مث ثان مث ثالث فالترتيب يف ملوجودات أوال وآخرا وهذا بناء على ما ذكرناه من إثبات قسم آخر يف أقسام الذوات تقدما وتأخرا كالترتيب يف ا .التقدم والتأخر وذلك واجب الرعاية

وأما الكالم يف املقدمة الثالثة وهي املغلطة الزباء والداهية الدهيا وكثريا ما كنا نراجع أستاذنا وإمامنا ناصر السنة سليمان بن ناصر األنصاري فيها ويتكلم عليها فما يزيد فيها على أن صاحب الغنية وشرح اإلرشاد أبا القاسم

إثبات وجه فاعلية الباري سبحانه وتعاىل مما يقصر عن دركه عقول العقال مث الذي كان يستقر كالمه عليه إن قال ب الوجود ثبت جواز وجود العامل عقال وثبت حدوثه دليال ويعرف أن ما حدث بذاته فيجب نسبة حدوثه إىل واج

بذاته واخلصم إمنا يطالب بوجه النسبة فإن املوجد إذا كان ال يوجد وأوجد فنسبة احلادث إليه قبل اإلجياد كنسبته إليه حال اإلجياد وبعده ومل حيدث أمر ما وال سبب فلم وجد ومل أوجد وباجلملة فما معىن اإلجياد واإلبداع إن قلت

وده فيه قيل العلم عام التعلق واإلرادة عامة التعلق فنسبة وجوده إىل انه علم وجوده يف هذا الوقت وأراد وجاإلرادة العامة يف هذا الوقت على هذا الشكل كنسبة وجوده يف غري هذا الوقت على غري هذا الشكل وكذلك وضع القول يف القدرة فإهنا يف عموم تعلقها كاإلرادة والعلم فال خصوص يف الصفات فكيف خيتص الفعل وهذا امل

منشأ ضالل بعض املتكلمني فإن الكرامية أثبتوا حوادث يف ذات الباري تعاىل من اإلرادة والقول وهي اليت ختصص العامل بالوجود دون العدم واملشية القدمية تتعلق عندهم تعلقا عاما واإلرادة تعلق تعلقا خاصا وفرقوا بني األحداث

توا إرادات حادثة ال يف حمل هي اليت ختصص العامل بالوجود دون العدم ومل واحملدث واخللق واملخلوق واملعتزلة أثبيفرقوا بني األحداث واحملدث واخللق واملخلوق واألوىل أن نسلك يف حل اإلشكال طريق إبطال مذهب اخلصم مث

.نشري إىل ما يلوح للعقل من معىن اإلجياد

رجح جلانب الوجود على العدم فاملرجح ال خيلو إما أن يرجح من فنقول اتفقنا على أن العامل جايز لذاته حمتاج إىل محيث هو ذات أو من حيث هو وجود ويلزم عليه أمران أحدمها أن يكون كل ذات وكل وجود مرجحا والثاين أن

حيدث ما جيوز وجوده مما ال يتناهى فان نسبة اجلميع إىل الذات والوجود نسبة واجدة والوجهان حماالن وإما أن رجح من حيث هو ذات أو وجود على صفة أو على اعتبار ووجه فان يرجح من حيث هو وجود على صفة فقد ي

سلمت املسئلة وبطل االجياب الذايت وإن يرجح من حيث هو وجود على وجه كما قال اخلصم أنه واجب الوجود إن وجوب الوجود لذاته معناه لذاته وإمنا أوجب من حيث أنه واجب لذاته وهو وجود على وجه فهو أيضا باطل ف

أمر سليب أي وجوده غري مستفاد من غريه ومن فهم وجودا غري مستفاد مل يلزمه أن يفهم أنه مفيد غريه وكذلك من فهم أنه عامل أو عقل وعاقل كما قال اخلصم مل يلزم منه أن يفهم منه أنه موجد مفيد الوجود غريه ألن معىن

ليب أيضا أي جمرد عن املادة وبأن يكون جمردا عن املادة ال يلزم أن يكون مفيد كونه عقال عند اخلصم معىن سالوجود لغريه فبطل اإلجياب الذايت من كل وجه وتعني أنه إمنا أوجد لكونه على صفة ولتلك الصفة من حيث ذاهتا

إىل غريها نسبة واحدة وهلا صالحية التخصيص واإلجياد عموما بالنسبة إىل ما حصل على اهليئة اليت حصل وبالنسبة .أيضا خصوص وجه بالنسبة إىل ما حصل دون ما مل حيصل وذلك اخلصوص هلا عند إضافتها إياها إىل غريها

فنقول ملا علم الباري وجود العامل يف الوقت الذي وجد فيه أراد وجوده يف ذلك الوقت فالعلم عام التعلق مبعىن أنه ا يصح أن يعلم واملعلومات ال تتناهى على معىن أنه علم وجود العامل وعلم جواز صفة صاحلة ألن يعلم به مجيع م

وجوده قبل وبعد على كل وجه يتطرق إليه اجلواز العقلي واإلرادة عامة التعلق مبعىن أهنا صفة صاحلة لتخصيص ما ناهية وهلا خصوص تعلق جيوز أن خيصص به واملرادات ال تتناهى على معىن أن وجوه اجلواز يف التخصيصات غري مت

Page 14: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

من حيث أهنا توجد وتوقع ما علم وأراد وجوده فإن خالف املعلوم حمال وقوعه فالصفات كلها عامة التعلق من حيث صالحية وجودها وذواهتا بالنسبة إىل متعلقاهتا إىل ما ال يتناهى خاصة التعلق من حيث نسبة بعضها إىل بعض

ما علم وجوده والقدرة ال توقع إال ما أراد وقوعه وتعلقات هذه الصفات واإلرادة ال ختصص بالوجود إال حقيقةإذا توافقت على الوجه الذي ذكرناه حصل الوجود ال حمالة من غري تغيري حيصل يف املوجد وإمنا يتعذر تصور هذا

إذا مل يتعلق إال مبعلوم واحد املعىن علينا ألنا مل حنس من أنفسنا إجيادا وإبداعا وال كانت صفاتنا عامة التعلق فعلمناومل تتعلق إرادتنا إال مبراد واحد وال قدرتنا إال مبقدور واحد ال على سبيل اإلجياد ولن يتصور بقا صفاتنا لكوهنا

إعراضا فيتقاضى عقلنا وحسنا حدوث سبب حلدوث أمر حىت لو قدرنا علما وإرادة وقدرة هلا عموم التعلق لى معىن صالحية كل صفة ملتعلقها وقدرنا صالحية قدرتنا لإلجياد وقدرنا بقا الصفات فعلمنا مبتعلقات ال تتناهى ع

وجود شيء بقدرتنا وإراداتنا يف وقت خمصوص ودخل الوقت ال نشك أن الشيء يقع ضرورة من غري أن تتغري ذاتنا ه يقول هو عام اإلفاضة واهب أو حيدث أمر أو سبب مل يكن وهذا كما يقدره اخلصم يف العقل الفعال وفيضه فإن

للصور على اإلشاعة من غري ختصيص مث يثبت له نوع خصوص باإلضافة إىل القوابل والشرايط اليت تتكون فتحصل استعدادا يف القوابل فيختص الفيض بقابل خمصوص على قدر خمصوص فخصوص الفيض بسبب خارج عن ذات

لى أن اإلجياب الذايت عند اخلصم فيض ذايت هو وجود عام ال املفيض ال يقدح يف عموم الفيض باعتبار ذاته عخصوص فيه ولكنه إمنا يفيض منه واحد مث من الواحد يفيض عقل ونفس وفلك ومن كل عقل ونفس عقل ونفس

.حىت ينتهي بالعقل األخري مث يفيض منه الصور على املوجودات السفلية وتنتهي بالنفس الناطقةوجودات يف هذه الذوات وال خصوص يف الفيض وإن تناهي املوجودات عددا ومكانا فنقول ما املوجب حلصر امل

.كتناهي املوجودات بداية وزمانا .فإن قلتم أن اخلصوص عندنا يرجع إىل قبول احلوامل فيقدر الفيض مبقدارها

سع ومل احنصرت قيل وكالمنا يف أصل احلوامل مل احنصر يف عدد معلوم فلم احنصرت السماوات يف سبع أو تالعناصر يف أربعة ومل احنصرت املركبات يف عدد معلوم ومل تناهت هذه املوجودات فهال ذهبت السموات إىل غري

.هناية مكانا كما ذهبت حركاهتا إىل غري هناية زمانالربهان بعينه كما بينا فإن قلتم منعنا من ذلك برهان عقلي على أن العامل متناه مكانا قلنا ومنعنا عن ذلك أيضا ذلك ا

وكل ما ذكرمتوه يف العناية اإلهلية اليت أوجبت ترتيب املوجودات على نظامها األكمل نقدره حنن يف اإلرادة األزلية اليت اقتضت ختصيص املوجودات على النظام الذي علمه أو ليس مل يكف على أصلكم جمرد وجود مطلق حىت

صتم بالتعقل ومل يكف التعقل حىت خصصتم بالعناية مث عدمت فقلتم خصصتم بالوجوب ومل يكف الوجوب حىت خصهذه صفات إضافية أو سلبية ال توجب تكثرا يف ذاته وتغريا فما مسيتموه تعقال حنن نقول هو علم أزيل وما مسيتموه

تتعلق باملراد على وفق عناية حنن نقول هو إرادة أزلية فكما أن العناية عندكم ترتبت على العلم فعندنا اإلرادة إمنا العلم فال فرق بني الطريقني إال أهنم ردوا معاين الصفات إىل الذات وعند املتكلمني معاين الصفات ال ترجع إىل

الذات فاألوىل باملناظرة يف هذه املسئلة أن يدفع اخلصم إىل تعيني حمل النزاع وتبيني مذهبه فيستفيد بذلك بطالن ما صدر عن الباري تعاىل فهو العقل األول ألنه ال يصدر عن الواحد إال واحد مث مذهب اخلصم فإن يقول أول

العقل أوجب عقال آخر ونفسا وجسما هو فلك األفالك وبتوسط كل عقل عقال ونفسا وفلكا حىت انتهت األفالك السماوية واحلركات بالفلك األخري الذي يديره العقل الفعال الذي هو واهب الصور يف العامل وبتوسط العقول

الفلكية حدثت العناصر وبتوسطها حدثت املركبات وآخر املوجودات هي النفس اإلنسانية ألن الوجود ابتدأ من

Page 15: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

األشرف فاألشرف حىت بلغ إىل األخس وهو اهليويل مث ابتدأ من األخس فاألخس حىت بلغ األشرف فاألشرف وهو .النفس الناطقة اإلنسانية

وجودات السفلية على هيئتها وأشكاهلا من أنواعها وأصنافها اليت تراها أوجدت دفعة واحدة أم فيقال هلم هذه املعلى ترتيب فإن وجدت دفعة واحدة بطل الترتيب الذي أوجده يف وجود املوجودات وإن حصلت على ترتيب

.شيئا بعد شيء فأىن حتقق سبق ذايت وتأخر ذايت بني املعلول األول واملعلول األخرينقول ما نسبة املعلول األخري إىل املعلول األول من حيث الزمان ومها وإن كانا يف ذواهتما غري زمانيني إال أن و

النفس اإلنسانية حدثت حدوثا مل تكن قبل ذلك موجودة فتحقق هلا أول فما نسبة أولية النفس إىل العقل األول فإن تناهية كان غري املتناهي حمصورا بني حاصرين وذلك حمال وإن كان بينهما نفوس غري متناهية حدثت يف أزمنة غري م

كانت متناهية فبطل قوهلم أن احلوادث ال تتناهى إذ لو كانت احلركات السماوية غري متناهية كانت املوجودات السفلية غري متناهية أيضا وحصل من نفس بيان املذهب بطالنه مث هم منازعون يف الترتيب الذي ذكروه فإن

حاهبم قد اختلفوا يف املبادي اختالفا ظاهرا فمنهم من قال أول املوجودات هو العنصر مث العقل مث النفس مث أص .اجلسم ومنهم من قال العقل مث النفس مث اهليويل مث األفالك مث العناصر مث املركبات كما سيأيت بيان ذلك

د العامل جوده وجوده قدمي مل يزل فيلزم أن يكون شبهة من شبه برقلس قال الباري سبحانه جواد بذاته وعلة وجووجود العامل قدميا مل يزل قال وال جيوز أن يكون مرة جوادا ومرة غري جواد فإنه يوجب التغري يف ذاته قال وال مانع

فهو خلف من فيض جوده إذ لو كان مانع ملا كان من ذاته إذ املانع الذايت مانع أبدا وقد حتقق اجلود بإجياد املوجودولو كان املانع من غريه كان الغري هو احلامل لواجب الوجود وواجب الوجود ال حيمل على شيء وال مينع من

.شيءشبهة أخرى تقارب هذه الشبهة قال ليس خيلو الصانع من أن يكون مل يزل صانعا بالفعل أو مل يزل صانعا بالقوة فإن

ن الثاين فما بالقوة ال خيرج إىل الفعل إال مبخرج وخمرج الشيء من القوة كان األول فاملصنوع معلول مل يزل وإن كا .إىل الفعل غري ذات الشيء فيجب أن تتغري ذات الصانع ملغري وذلك باطل

شبهة أخرى قال كل علة ال جيوز عليها التحرك واالستحالة فإمنا تكون علة من جهة ذاهتا ال من جهة االنتقال من .هة ذاهتا فمعلوهلا من جهة ذاهتا وإذا كانت ذاتا مل تزل فمعلوهلا مل يزلغريها وكل علة من ج

واجلواب قلنا ما املعىن بقولك الباري تعاىل جواد بذاته وما معىن اجلود فإن عندنا وعندكم اجلود ليس صفة ذاتية فإن معىن القدمي نفي زايدة على الذات بل هو صفة فعلية والصفات عندكم إما أن تكون سلوبا كالقدمي والغىن

األولية ومعىن الغىن نفي احلاجة وأما أن تكون إضافات كاخلالق والرازق على اصطالحنا واملبدئ والعلة األوىل على اصطالحكم وليس هللا صفة وراء هذين املعنيني فاجلود من قسم اإلضافة ال من قسم السلب فال فرق إذا بني معىن

ا الفاعل الصانع فكأنكم قلتم صانع بذاته وهو حمل النزاع ومصادرة على املطلوب املبدئ وبني معىن اجلود ومعنامهاألول فإن اخلصم يقول ليس فاعال لذاته وفعله ليس قدميا مل يزل وفيه وقع اخلالف غريت العبارة من الفعل إىل

رة هو جواد ومرة غري جواد اجلود وجعلته دليل املسئلة وإذا كان معىن اجلود راجع إىل الفعل واإلجياد فقوله م .كقوله مرة فاعل ومرة غري فاعل وذلك أيضا حمل النزاع فلم جيب أن يقال انه يوجب التغري

وإمنا حل الشبهة فيه من وجهني أحدمها أن الفعل إمنا امتنع يف األزل ال ملعىن يرجع إىل الفاعل بل ملعىن راجع إىل ما له أول واألزل ما ال أول له واجتماع ما ال أول له مع ما له أول نفس الفعل حيث مل يتصور وجوده فإن الفعل

حمال فهو تعاىل جواد حيث يتصور اجلود وال يستحيل املوجود أليس لو عني الشخص يف زماننا فيقال جيب أن يوجد

Page 16: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

يزل فاستحالة أزال ألن الباري سبحانه جواد لذاته كان السؤال حماال ألن املوجود املعني استحال وجوده فيما ملوجود املوجود هو املانع لفيض الوجود ال منعا يكون ذلك محال أو زجرا بل هو ممتنع يف ذاته وهكذا لو أوجد ما

أوجده أوال أو أوجد مجيع املوجودات معا من غري ترتيب واحد على واحد كل ذلك غري جايز عند اخلصم ومل لم أن الباري سبحانه يوصف بالقدرة على ما جيوز وجوده وإما ما يقدح يف كونه جوادا هذا كما يقدره املتك

.يستحيل وجوده فال يقال الباري تعاىل ليس قادرا عليه بل يقال املستحيل يف ذاته غري مقدور فال يتصور وجوده .ل وتغريت ذاتهوهذا هو اجلواب أيضا عن قوهلم لو مل يكن صانعا فصار صانعا كان صانعا بالقوة فصار صانعا بالفع

فإنا نقول إمنا مل يكن صانعا مل يزل ألن الصنع فيما مل يزل مستحيل الوجود وإذا استحال وجود الشيء يف نفسه ولذاته مل يكن مقدورا فال يكون مصنوعا قط وإذا استحال وجود الشيء ملعىن آخر كان جايزا يف ذاته فإذا زال

فيكون مصنوعا والصنع مل يزل إمنا استحال لنفي أولية األزل وإثبات أولية ذلك املعىن حتقق اجلواز فصار مقدورا .الصنع فكان اجلمع بينهما حماال فإذا نفيت األزلية تعينت األولية فتحقق اجلواز فصح املقدور فوجد املصنوع

منا املمتنع وجود وكذلك اجلواب عن الشبهة الثالثة أنه علة لذاته فإن معىن كونه علة أي مبدئ لوجود شيء وإاملعلول مع العلة معية بالذات فإن ذلك يرفع العلية واملعلولية وكذلك نقول يستحيل وجود املعلول مع العلية معية

بالزمان فإن ذلك يوجب كون العلة زمانية قابلة للتغري وذلك حمال أيضا فيجب أن يتقدم يف الوجود ألن وجود .اد من غريه ووجود العامل مستفاد منه واملفيد أبدا يتقدم يف الوجودالباري سبحانه وجود لذاته غري مستف

أما الوجه الثاين يف حل الشبهة أن نطالبهم أوال فنقول مبا عرفتم أنه سبحانه جيب أن يكون جوادا لذاته قالوا ألن .موجودا ما يفعل أكمل من موجود ال يفعل وإن تصدر عنه موجودات أشرف من أن ال تصدر

ل له لو عكس األمر عليكم أن املوجود الذي ال يفعل أكمل فما جوابكم عنه إذ ليس هذا من القضايا الضرورية قيخصوصا يف موجود يكون كماله بذاته ال بغريه وإمنا يصدر عنه فعل لو صدر ال لغرض وال ليكتسب به محدا وال

بذاته واآلخر كماله من غريه شهد العقل بالضرورة أمرا ما يتعلق بالتناقل لعمري لو كان موجودان أحدمها كمالهأن الذي كماله بالذات أشرف من الذي كماله بغريه واملوجود الذي لو مل يفعل فعال كان ناقصا فليس بكامل

.الذات بل هو ناقص مستكمل من غريه فلم يصح أن يكون واجب الوجود لذاتهم إذا مل يكن صانعا فصار صانعا فقد جتدد أمر فنقول جتدد يف ذات وأما حل الشبهة الثانية نقول ما املعىن بقولك

.الصانع أمر أم جتدد أمر يف غري ذاته واألول غري مسلم والثاين مسلم وهو حمل النزاع

وقوهلم كان صانعا بالقوة أيضا مشترك فإن القوة يراد هبا االستعداد اجملرد ويراد هبا القدرة واألول غري مسلم .مسلم وهو حمل النزاع وال حيتاج إىل خمرج إىل الفعل والثاين

وأما حل الشبهة الثالثة قال كل علة ال جيوز عليها التحرك واالستحالة فإمنا تكون علة من جهة ذاهتا غري مسلم بل هو باطل على أصله بالعقل األول فإنه ال جيوز عليه التحرك واالستحالة وليس علة من جهة ذاته بل هو معلول

الواجب الوجود وعلة من جهة كونه واجبا به ال بذاته وكذلك العقول املفارقة ال تقبل احلركة واالستحالة وليست .علال من جهة ذواهتا

ومما يعتمد يف إثبات حدث العامل أن نفرض الكالم يف النفوس اإلنسانية ونثبت تناهيها عددا مث ترتب عليها تناهي ليها حدوث األمزجة وتناهيها مث نرتب عليها تناهي احلركات الدورية اجلامعة األشخاص اإلنسانية وترتب ع

للعناصر مث ترتب عليها تناهي املتحركات واحملركات السماوية فثبت حدث العامل بأسره وهي أسهل الطرق .وأحسنها

Page 17: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

لفعل فإنه ال يقبل الزيادة فنقول قد تقرر يف أوايل العقول إن كل عدد أو معدود موجود بالفعل إذا كان غري متناه باوالنقصان وإن الزايد ال يكون مثل الناقص قط وال ميكن أن يكون شيء أكرب من مقدار غري متناه ملوجود وجد

وغري املتناهي ال يتضاعف مبا ال يتناهى وإن ما يتناهى من طرف يتناهى من سائر األطراف والنفوس اإلنسانية عند يف الوجود وهي قابلة للزيادة والنقصان فإن الزمان الذي حنن فيه قد اشتمل على القوم موجودات بالفعل جمتمعة

أشخاص إنسانية متناهية ولكل شخص نفس إذا أضفت تلك النفوس إىل ما مضى من األشخاص اليت بقيت نفوسها ا قبل الزيادة يف كانت األوائل منها أنقص وهي مع الزيادة أزيد وكذلك يف كل زمان وساعة تتزايد النفوس أبدا وم

كل وقت يستحيل أن يكون غري متناه وذلك ألن نسبة ما مضى إىل احلاصل كنسبة الناقص إىل الزايد وحيث ما متادى إىل األول صار أنقص كما إذا متادى إىل اآلخر صار أزيد ومثل هذا مستحيل فيما ال يتناهى موجودا بالفعل

ودات املتعاقبة يف الوجود أهنا ال تتناهى قبل آخر وآخرا بعد أول وأهنا إذا حمصورا يف الوجود نعم رمبا يظن يف املوججازت غري متناهية آخرا جازت غري متناهية أوال وهذا الظن وإن كان خطأ عند العقل إال أن اخليال رمبا يعني هذا

دادا ومعدودات بالفعل ال الرأي لكن الفرض إذا كان يف موجودات غري متناهية جمتمعة يف الوجود ال متعاقبة أع .بالقوة فيلزمها ضرورة أال تقبل الزيادة والنقصان إذ لو قبلت وهي غري متناهية لكان الزايد مثل الناقص

والذي يوضحه أن كل مجلة موجودة اآلحاد بالفعل إذا زيد عليها عدد معلوم أو نقص منها عدد حمصور صار ما ال .يتناهى أكثر مما كان أو أنقص

ل إذا دخل ما ال يتناهى يف الوجود من النفوس فالباقي من النفوس اليت مل تدخل يف الوجود بعد أما إن كانت فنقومتناهية أو غري متناهية فإن مل تكن متناهية فقد تضاعف ما ال يتناهى مبا ال يتناهى وذلك حمال وإذا كانت متناهية

قدار األول وقد علم أن غري املتناهي املوجود ال يكون شيء فإذا زيدت على غري املتناهي صارت اجلملة أكثر من املأكثر منه وهذا أكثر منه فهو خلف مث يلزم أن يكون الباقي على نسبة عددية إذ هي موجودة بالفعل أما نسبة

يها النصف أو الثلث أو الربع أو غري ذلك من النسب وإذا كانت اجلملة غري متناهية بالفعل استحال تقدير النسبة إلفإن ما ال يتناهى ال نصف له وال ثلث وال ربع وإذا حتققت النسبة دل ذلك على أن اجلملة حمصورة معدودة متناهية وليس يلزم على ما ذكرناه كون العدد غري متناه فإنا ال نسلم ذلك يف عدد معلوم موجود ومعىن قولنا أن العدد ال

وهم يعجز عن بلوغ حد وهناية فيه فيحكم العقل انه ال هناية له وكما يتناهى انه يف التقدير الومهي ال يتناهى أي الأن العدد على اإلطالق معلوم من غري ربط مبعدود وكذلك النصف والثلث والربع على اإلطالق معلوم من غري

وإذا حتقق نسبة إىل ما ال يتناهى إمنا املستحيل إثبات أعداد موجودة غري متناهية فإن كل موجود معدود فهو حمدود بطالن النفوس الغري متناهية وكانت كل نفس متعلقة ببدن حتقق بطالن األبدان الغري متناهية مث إذا تناهت األبدان والنفوس اإلنسانية تناهت االمتزاجات العنصرية فتناهت احلركات الدورية السماوية فتناهت املتحركات العلوية

بأسره فكان له أول منه ابتداء فأما تقدير عدم عليه ميكن أن يكون قبله فتناهت احملركات الروحانية فتناهى العاملفهو تقدير خيايل كتقدير خال وراء العامل ميكن أن يكون فيه فاخلال بالنسبة إىل العامل مكانا كالعدم بالنسبة إليه زمانا

.ةوتقدير بينونة وراء العامل غري متناهية كتقدير أزمنة قبل العامل غري متناهيولو سأل سائل هل ميكن تقدير عامل آخر وراء هذا العامل ووراء ذلك العامل عامل آخر إىل ما ال يتناهى كان السؤال

حماال كذلك لو سأل هذا هل ميكن تقدير هذا العامل أو عامل آخر قبله بزمان وقبل ذلك القبل بزمان إىل ما ال يتناهى إال موجده ومبدعه قبلية اإلجياد واإلبداع ال قبلية اإلجياب بالذات وال قبلية كان السؤال أيضا حماال فليس قبل العامل

.الزمان كما ليس فوق العامل إال مبدعه فوقية اإلبداع والتصرف ال فوقية الذات وال فوقية املكان واهللا املستعان

Page 18: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

القاعدة الثانية

يف حدوث الكائنات بأسرها بأحداث له سبحانه

عتزلة والثنوية والطبايعيني والفالسفة وفيها حتقيق الكسب والفرق بينه وبني اإلجياد واخللق مذهب وفيها الرد على املأهل احلق من أهل امللل وأهل اإلسالم أن املوجد جلميع الكائنات هو اهللا سبحانه فال موجد وال خالق إال هو

ذلك الغري مستندا إىل وجود آخر ينتهي والفالسفة جوزوا صدور موجود من غري اهللا تعاىل بشرط أن يكون وجود إىل واجب الوجود بذاته مث هم خمتلفون يف انه هل جيوز أن يصدر عنه أكثر من واحد فذهب أكثرهم إىل انه واحد

.من كل وجه فال يصدر عنه إال واحد الصادر عن مث اختلفوا يف ذلك الواحد فقال بعضهم هو العقل وقال بعضهم هو العنصر مث العقل واختلفوا يف

املعلول األول فقال بعضهم هو النفس وقال بعضهم هو عقل آخر ونفس وفلك هو جسم وكذلك يصدر عن كل عقل عقل حىت انتهى بالعقل الذي هو مدير فلك القمر الفعال الواهب للصور على مركبات العامل ومن قدماء

فمنهم من قال هو املاء ومنهم من قال هو األوائل من جوز صدور شيء متكثر من واجب الوجود واختلفوا فيه النار ومنهم من قال هو اهلواء ومنهم من قال هو أجسام لطيفة بسيطة تركبت أو أجزاء صغار اجتمعت فحدث

العامل ومنهم من قال هو العدد ومنهم من قال هو احملبة والغلبة على ما قررنا تفصيل مذاهبهم يف اإلرشاد إىل عقائد .العباد

وس فلهم تفصيل مذهب يف حدوث الكائنات وسبب امتزاج النور والظلمة وسبب اخلالص لكن اتفقوا وأما اجمل . على نسبة اخلري والصالح إىل النور ونسبة الشر والفساد إىل الظلمة

ادات وأما املعتزلة القدرية فأثبتوا للقدرة احلادثة تأثريا يف اإلجياد واألحداث من احلركات والسكنات وبعض االعتقواالعتمادات والنظر واالستدالل والعلم احلاصل به وبعض االدراكات وهي اليت جيد اإلنسان من نفسه أهنا تتوقف

.على البواعث والدواعي وورود التكليف مبباشرهتا والكف عنها .ووافقنا الفالسفة على أن جسما ما أو قوة يف جسم ال يصلح أن يكون مبدعا جلسم

.لى أن الظلمة ال جيوز أن حتدث بإحداث النورووافقنا اجملوس عووافقنا املعتزلة على أن القدرة احلادثة ال تصلح ألحداث األجسام واأللوان والطعوم والروائح وبعض اإلدراكات واحليوة واملوت وهلم اختالف مذهب يف املتولدات وإمنا أوردنا هذه املسئلة عقيب حدث العامل ألن الدليل ملا قام

ن املمكن بذاته من حيث إمكانه استند إىل املوجد وإن اإلجياد عبارة عن إفادة الوجود فكل موجود ممكن على أ .مستند إىل إجياد الباري سبحانه من حيث وجوده والوسايط معدات ال موجبات وهذا هو مدار املسئلة

على موجب أصلهم باعتبار انه ولنا يف تقرير هذا املعىن كالم مع الفالسفة على مقتضى قواعدهم ومع اجملوس .موجود ومع املعتزلة على موجب عقائدهم

أما الكالم على الفالسفة فنقول كل موجود بغريه ممكن باعتبار ذاته لو جاز أن يوجد شيئا فأما أن يوجده باعتبار تبار انه موجود بغريه إال انه موجود بغريه أو باعتبار انه ممكن بذاته أو باعتبارمها مجيعا لكن ال جيوز أن يوجد باع

بشركة من ذاته إذ ال تعزب ذاته عن ذاته وال خيرج وجوده عن حقيقته وهو باعتبار ذاته ممكن الوجود واإلمكان .طبيعته عدمية فلو أثر يف الوجود ألثر بشركة العدم وهو حمال

Page 19: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وإبداعا إذ اجلسم مركب من مادة وصورة وهذا الربهان إمنا نقلناه عن قوهلم يف اجلسم انه ال يؤثر يف اجلسم إجيادا فلو أثر بشركة من املادة واملادة هلا طبيعة عدمية فال جيوز أن توجد شيئا فاجلسم ال جيوز أن يوجد أيضا فإمكان الوجود كاملادة ونفس الوجود كالصورة كما أن اجلسم ال يؤثر من حيث صورته إال بشركة من املادة كذلك

كن باعتبار ذاته ال يؤثر من حيث وجوده إال بشركة من إمكان الوجود فال موجد على احلقيقة إال املوجود بغريه املم .بوجود واجب بذاته من كل وجه ال يشوبه إمكان وال عدم من وجه والوسايط إن أثبتت فإهنا معدات ال موجدات

وحني الحظنا جانب الوجود نقطع نظرنا فإن قيل املمكن باعتبار ذاته إمنا يوجب غريه أو يوجد باعتبار وجوده بغريهعن اإلمكان والعدم فإن اإلمكان قد زال بثبوت الوجود وحصل الوجوب بدل اإلمكان فال التفات إىل اإلمكان

أصال فلم يؤثر بشركة اإلمكان واجلواب قلنا إذا كان الوجود من حيث هو وجود مؤثرا من غري مالحظة إىل وجه وجود كل موجود حىت ال يكون العقل باإلجياب أوىل من النفس أو اجلسم وحىت يكون اإلمكان واجلواز فليؤثر

اجلسم مؤثرا يف اجلسم باعتبار صورته ال من حيث مادته فإن الوجود من حيث هو وجود ال خيتلف وإمنا االختالف .يف كل موجود إمنا يرجع إىل الفواصل

اعتبارات يف ذاته فهو من حيث وجوده بواجب الوجود يوجب فإن قيل العقل األول إمنا يوجب شيئا آخر بسببعقال أو نفسا ومن حيث انه ممكن بذاته يوجب جسما هو صورة ومادة وقولكم أن جهة اإلمكان غري ملتفت إليها أصال باطل فإن جهة الوجوب يناسب وجود العقل والنفس وجهة اإلمكان يناسب وجود املادة والصورة وإمنا محلنا

لى إثبات هذا اإلجياب ألن الواحد ال جيوز أن يصدر عنه إال واحد فإنه لو صدر عنه اثنان لكان عن جهتني ولو ع .ثبت أن له جهتني لتكثرت ذاته وقد دل الربهان على أن واجب الوجود لن يتكثر

جلسم جسما أو نفسا واجلواب قلنا ولو كان العقل إمنا أوجب عقال أو نفسا باعتبار انه واجب بغريه ال وجب اباعتبار انه واجب بغريه فإن قضية الوجوب بالغري ال ختتلف إال أن يكون أحدمها بغري واسطة والثاين واسطة وإال

فمن حيث أن اجلسم ذو مادة ال ميتنع عليه اإلجياد من حيث انه واجب بغريه وكما أن العقل من حيث انه ذو واإلجياد من حيث انه واجب بغريه فقولوا أن اجلسم جيوز أن يوجد جسما أو إمكان يف ذاته مل ميتنع عليه اإلجياب

.قوة يف جسم جيوز أن توجب جسما أو صورة اجلسمية جيوز أن توجب جسما وهذا مستحيل باالتفاق

نعم نقول هاهنا مقتضيات أربعة عقل ونفس وفلك ومادة وهي جواهر خمتلفة متمايزة باحلقايق تستدعي مقتضيات ربعة خمتلفة باحلقائق أيضا فعليكم أن تثبتوا يف املعلول األول هذه احلقائق حبيث يناسب كل واحد واحد وإال فيلزم أ

أن يصدر عن شيء واحد أشياء وذلك حمال عندكم وعليكم أيضا أن تثبتوا أن تلك االعتبارات املقتضية ال ترجع توجب كثرة يف الذات إال أهنا ال توجب أشياء فإن إىل إضافات وسلوب فإن كثرة اإلضافات والسلوب وإن مل

ذات واجب الوجود واحدة من كل وجه إال أهنا ال تتكثر باإلضافات والسلوب والصفات اإلضافية والسلبية ال توجب أشياء متعددة إذ لو أوجبت ألضيف إىل واجب الوجود مجيع املوجودات إضافة واحدة من غري وسائط

بني أمرين متناقضني أن أثبتوا يف املعلول األول صفات إجيابية خمتلفة احلقائق فقد ناقضوا وذلك حمال عندكم فهممذهبهم حيث قالوا الواحد ال يصدر عنه إال واحد وإن قالوا هذه الصفات اليت ثبتت إضافية أو سلبية لزمهم أن

.يثبتوا مقتضيات متعددة لواجب الوجود وذلك أيضا يناقض مذهبهمم إفهام ال حميص عنه مث نفصل القول بعد اإلمجال فنقول إذا كان املقتضى مفصال معلوما خمتلف األنواع وهذا إلزا

جيب أن يكون املقتضى مفصال معلوما خمتلف احلقائق وما أثبتم إال أمرين أحدمها كونه واجبا بغريه والثاين كونه وكونه ممكنا بذاته أوجب صورة ومادة فقد أثبتم صدور جايزا بذاته وكونه واجبا بغريه أوجب عقال أو نفسا

Page 20: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.موجودين جوهرين قائمني بذاتيهما من وجه واحد وذلك أيضا يناقض مذهبهموأراد من تكيس منهم أن يعتذر عن هذين اإللزامني فقال إن الواحد ال يصدر عنه إال واحد كما ذكرنا إال أن

مبا استفاد من غريه ألن اإلمكان له من ذاته ال من غريه والوجود له من العقل األول إمنا يكثر باعتبارات ذاته الغريه ال من ذاته فلم يستفد الكثرة من واجب الوجود لعمري ملا حصل العقل حصلت له اعتبارات أربعة أحدها

ه فأوجب من حيث هو كونه واجبا بغريه والثاين كونه عقال والثالث كونه واحدا يف ذاته والرابع كونه ممكنا يف ذاتعقل عقال ومن حيث هو موجود بواجب الوجود نفسا ومن حيث هو واحد صورة ومن حيث هو مكن مادة وهذه

.االعتبارات ملا كانت خمتلفة احلقائق أوجبت جواهر خمتلفة األنواعشاهد حسي بل هو أقل انظروا بعني االعتبار إىل هذا االعتذار هل هو إال حتكم حمض مل يقم عليه دليل عقلي وال

رتبة من طرد الفقها أرادوا بناء أشرف املوجودات كماال على اعتبارات كلها ترجع إىل عبارات فنطالبهم أوال .بصحة هذه املناسبات وال جيدون إىل إثباهتا سبيال

با ومبدعا أمر مث نقول كونه واجب الوجود بغريه أمر إضايف ال حمالة ألن كون واجب الوجود مبدأ وعلة أو موجإضايف ال تتكثر به الذات فإذا كان اإلجياب إضافة فيكون بني املوجب واملوجب إضافة ال حمالة واألمر اإلضايف قد

يتكثر ويتعدد وال تتكثر به الذات فلو صلح أن يكون موجبا يف العقل األول العقل اآلخر لصح مثله يف واجب حق واجب الوجود حىت تتحقق له نسبة إجياب إىل موجب فتتكثر النسب الوجود بذاته فهال كثرت اإلضافات يف

اإلضافية وال تتكثر هبا الذات وهذا كما يقدرونه يف العقل الفعال الذي هو واهب الصور على العامل اجلسماين فإنه إىل ما ال ما من صورة حتدث يف العامل إال وهي من فيضه وسنخه مث ختتلف الصور باختالف األنواع واألصناف

يتناهى وال ختتلف الصفات يف الفايض بل هو على نعت واحد والصور ختتلف وتتكثر حبسب القوابل واحلوامل ولو اختلفت النسب فإمنا هي إضافات ال صفات حقيقية كذلك جيب أن يقال يف واجب الوجود بذاته أنه ينسب إليه

صل يف القوابل أو تكون اإلضافات والسلوب كثرية الكل نسبة واحدة من حيث وجودها املمكن مث االختالف حي .وتتعدد املوجبات حبسب تلك وال يوجب ذلك كثرة يف الذات كما قالوا يف املعلول األول

ونقول كون العقل األول عقال أمر سليب عندكم ألن معىن كونه عقال أنه جمرد عن املادة والتجريد عن املادة سلب ناسب وجود جوهر عقلي هو عقل كيف والسلوب كثرية فهال أوجب بكل سلب املادة ونفيها والنفي كيف ي

جوهرا عقليا فإنه كما يسلب عنه املادة يسلب عنه الصورة أعين الصورة اجلسمية ويسلب عنه الكيفية والكمية قق يف والوضع واحليز واملكان والزمان ومل جيب أن يقال يلزم عنه بكل سلب جوهر عقلي ومثل هذه السلوب تتح

.حق واجب الوجود أيضا وال يوجب كل سلب جوهرا عقليا وإن سلم ذلك حصل غرضنا من إضافة الكل إليهمث نقول مل صار كونه واجب الوجود بغريه أوىل بإجياب نفس من كونه جمردا عن املادة ولو عكس األمر فجعل ما

ادة موجبا للنفس أي حمال كان يلزم منه وأي خلل كان ذكرمتوه بالغري موجبا للعقل وما ذكرمتوه من التجرد عن امل .حيصل وهل هذا إال حتكم بارد بين على تقليد أو تقليد استند إىل حتكم

ونقول عددمت اعتبارات أربعة وقضيتم بوحدة العقل يف ذاته وقلتم أن الوحدة توجب نفسا أو جسما فبينوا ما هو ذاته فإن الذي له من ذاته ليس إال إمكان الوجود بقيت اعتبارات ثالثة وإن املستفاد من الباري تعاىل وما هو له من

كانت مستفادة من األول استدعت ثالث مقتضيات وواجب الوجود واحد من كل وجه وإن كانت له لذاته أي ن طبيعة من لوازم ذاته فقد بطل قولكم إن الذي له من ذاته هو اإلمكان فقط مث اإلمكان ال يناسب إال املادة أل

املادة طبيعة عدمية هلا استعداد قبول الصور واإلمكان طبيعة عدمية أيضا هلا استعداد قبول الوجود بقيت الصورة ال

Page 21: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.موجب هلاومما يقضى منه العجب أن اجلسم الذي هو مركب من جوهرين خمتلفني مادة وصورة ال جيوز أن يوجب جسما مثله

اته يوجب جواهر عقلية حقيقية خمتلفة بالنوع ال جيوز أن تشترك يف مادة مع أن وشيء ما له وجود بغريه وإمكان بذاإلمكان ليس يتحقق له وجود إال يف الذهن واملادة يتحقق هلا وجود يف اخلارج فعرف هبذه االعتراضات أن الواسطة

.اليت أوجبوا وجودها حىت توجب املوجودات ال حيتاج إليهااعتبارات يف الصادر األول حىت صدرت عنه أربعة جواهر فما قولكم يف الصادر الثاين مث نقول من أين أثبتم أربع

والثالث أفيصدر عن كل واحد على مثال ما صدر من األول أو يتغري الترتيب فإن كان على مثال األول فيجب أن خالف الوجود أو يصدر عن كل واحد من األربعة أربعة جواهر فيتضاعف األعداد أربعة يف أربعة وذلك على

يصدر عن العقل الثاين أربعة أخرى فما املوجب للوقوف على تسعة من العقول أو تسع من النفوس وتسعة من األفالك وأربعة من العناصر فهال زاد إىل ما ال يتناهى أو هال زاد بعدد معلوم أو هال نقص فهل االنتهاء إىل عدد

املوجب حىت يتغري التأثري من السماوي املتركب تركيبا ال ينحل قط معلوم مث الوقوف عليه إال حتكم حمض مث ما املتحرك حتركا على االستدارة ال يسكن قط إىل العناصر واملركبات تركيبا ال يدوم قط وال يثبت على حال قط

لتقدير النجوم املتحركة حتركا على االستقامة مث االنتهاء إىل النفس اإلنسانية والوقوف عليها آخرا وما املوجبوالشمس والقمر بأقدارها املعلومة حىت صار منها ما هو أكرب ومنها ما هو أصغر وما املوجب لتعيني القطبني باملوضع

املعلوم مع أن كل كرة واحدة وليس بعض األجزاء بتعني القطب فيه أوىل من البعض فإن كنتم شرعتم يف طلب سان يف أن تتجلى هلا حقائق املوجودات وتصرفتم بالفكر العقلي يف العلة لكل شيء وادعيتم أن كمال نفس اإلن

اهليئات وكيفية اإلبداع فأفيدونا جواب هذه األسولة وإذ رأينا احنصاركم وحتريكم ورأينا الوجود على خالف الترتيب الذي وضعتم ومل تستمر قاعدتكم على ما مهدمت عرف بطالن مذهبكم من كل وجه وعلم بالضرورة

د املوجودات إىل صانع عامل قادر خمتار ابتدع اخللق بقدرته وإرادته ابتداعا واخترعهم على مشيئته اختراعا مث استناسلكهم يف طرق إرادته وبعثهم على سبيل حمبته ال ميلكون تأخرا عما قدمهم إليه وال يستطيعون تقدما إىل ما أخرهم

لى الفالسفة املتفقني على رأي أرسطاطاليس وسنرد على الباقني عنه وهذا القدر يكفي يف هذه املسئلة من الرد ع .عند تعقبنا آراء أرباب املقاالت إن شاء اهللا تعاىل

وأما اجملوس فمذهبهم يدور على قاعدتني أحديهما ذكر سبب امتزاج النور والظلمة والثانية ذكر سبب خالص وذلك انه ملا ألزم عليهم أن النور إذا كان ضد الظلمة جوهرا النور من الظلمة واألوىل هي املبدأ والثانية هي املعاد

وطبعا وفعال وحيزا ومها متنافران ذاتا وطبيعة فكيف امتزجا وما املوجب الجتماعهما حىت حصل االمتزاج وحصل معذبة أبد حبصول االمتزاج صور هذا العامل مث هل يبقى هذا االمتزاج أبد الدهر ويلزم عليهم كون أجزاء النور

.اآلبدين أو تتخلص يوما ما فما املوجب للخالص .فصار مدار املسئلة معهم على تقرير هذين الركنني

قالت طائفة منهم أن النور فكر يف نفسه فكرة ردية فحدث منها الظالم متشبثا ببعض أجزاء النور وهذا قول من .قال حبدوث الظالم

شر فيه بوجه ما فما املوجب حلدوث الفكرة الردية فإن حدثت بنفسها فهال حدث فيقال هلم إذا كان النور خريا ال الظالم بنفسه من غري أن ينسب إليه وإن حدث بالنور فالنور كيف أحدث أصل الشر ومنبع الفساد فإنه إن كان

.والفسادكل فساد يف العامل إمنا انتسب إىل الظالم والظالم انتسب إىل الفكرة كانت الفكرة مبدأ الشر

Page 22: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ومن العجب أهنم اعتذروا حىت مل ينسبوا شرا جزئيا إىل النور يف احلوادث ولزمهم أن ينسبوا كل الشر وأصل .الفساد إليه

ومن قال بقدم الظالم فالرد عليه أن العقل يقضي ضرورة أن شيئني متنافرين غاية التنافر طبعا ال ميتزجان إال بقاسر ا بطل تنافرمها بذاتيهما وما هو متنافر ذاتا ال جيوز أن جيتمع ذاتا فالذات الواحدة ال توجب فإهنما لو امتزجا بذاتيهم

.اجتماعا وافتراقا وذلك يقتضي أال حيصل وجود ما وقد حصل فهو خلفالنور ونقول أيضا الظالم ال خيلو إما أن يكون موجودا حقيقة أو مل يكن فإن كان وجوده وجودا حقيقيا فقد ساوى

يف الوجود وبطل االمتياز عنه من كل وجه وكذلك إن ساواه يف القدم والوحدة مث الوجود من حيث هو وجود خري ال حمالة فلم يكن الظالم شرا وإن مل يكن موجودا حقيقة فما ليس مبوجود حقيقة كيف يكون قدميا وكيف ينايف

.ود العاملضده وكيف حيصل منه امتزاج وكيف حيصل من امتزاجه وج .ونقول أيضا عندكم وجود خري من شر ووجود شر من خري ال يتصور

.ومن قال حبدوث الظالم فقد لزمه حدوث شر من خري مث حدوث العامل من االمتزاج وذلك حدوث خري من شركان ومن قال بقدمه فقد لزمه حصول العامل من االمتزاج واالمتزاج إن كان خريا فهو حصول خري من شر وإن

شرا فهو حصول شر من خري مث لو كان االمتزاج خريا أوجب أن يكون اخلالص شرا ألنه ضده ولو كان شرا .فاخلالص خري وعلى أي وجه قدر فال بد من حصول خري من شر وحصول شر من خري

ن نرى خمتلفات يف ونقول أيضا العقل بالضرورة يقضي بأن امتزاج جوهرين بسيطني ال يقتضي إال طبيعة واحدة وحنالعامل اختالفا يف النوع والشخص واحلقيقة والصورة على طبائع خمتلفة وأعراض متضادة وهذه املختلفات تستحيل أن حتصل من امتزاج أمرين بسيطني فقط فإهنما ال يوجبان أمورا على خالف ذاتيهما وال يوجدان أكوانا على ضد

لكائنات حصلت من االمتزاج بل ال بد من إسنادمها إىل فاطر حكيم قادر طبيعتيهما فقد بطل قوهلم أن الكون وا .عليم

.وأما الكالم على املعتزلة فنذكر أوال طريق أهل السنة يف إسناد الكائنات إىل اهللا سبحانه خلقا وإبداعاحكام من آثار العلم ال وهلم طريقان يف ذلك أحدمها قوهلم األفعال احملكمة دالة على علم خمترعها إذ االتقان واإل

حمالة وإذا كان الفعل صادرا من فاعل متقن فيجب أن يكون من آثار علم ذلك الفاعل ومن املعلوم أن علم العبد ال يتعلق قط مبا يفعله من كل وجه بل لو علمه علمه من وجه دون وجه علم مجلة ال علم تفصيل فوجوه اإلحكام يف

ن آثار علمه فيتعني أن الفاعل غريه وهو الذي أحاط به علما من كل وجه وهذه الفعل مل تدل على علمه وليست مالطريقة هي اليت اعتمد عليها الشيخ أبو احلسن األشعري رضي اهللا عنه وأوردها يف كتبه وفرضها يف الغافل إذا

.صدر عنه فعل

من كل وجه كذلك العامل مل حيط به علما واحلق أن الدليل ليس مبختص بالغافل فإن الغافل كما مل حيط علما بالفعل من كل وجه والفاعل اخلالق جيب أن يكون حميطا بالفعل من كل وجه إذ األحكام إمنا يثبت فيه من آثار علمه ال من

آثار علم غريه ويدل على علمه ال على علم غريه فكما يستحيل إجياد الفعل واختراعه على جهل وغفلة باملخلوق أال يعلم من خلق وهو اللطيف " وجه كذلك يستحيل إجياده على غفلة من وجه قال اهللا تعاىل املخترع من كل

فإن قيل هذا الدليل ال يصلح إلثبات استحالة حدوث الفعل بالقدرة احلادثة فإن إحاطة العبد بالفعل من " اخلبري و قدر تعلق العلم احلادث بالفعل من كل كل وجه غري مستحيل وإن مل يتفق يف الصورة املذكورة وقوعا ال وجوبا فل

وجه وجب أن جتوزوا حصول الفعل بالقدرة احلادثة من كل وجه ألن األحكام واإلتقان فيه دل على علم الفاعل

Page 23: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ومع ذلك مل جيز على أصلكم فدل أن االستدالل بانتفاء العلم من كل وجه باطل وأيضا فإن القدر الذي تعلق العلم لوقا للعبد وعندنا العلم بالفعل من كل وجه غري شرط بل العلم بأصل وجوده شرط كونه به وجب أن يكون خم

.فاعال وهو مل يعدم ذلكواجلواب أنا ما أنشانا هذا الدليل لبيان استحالة حدوث الفعل بالقدرة احلادثة بل لنفي كون العبد خالقا ألفعاله اليت

حكام يف فعله على علمه لكن مل يدل فلم يكن خالقا ألنه لو كان يثاب ويعاقب عليها إذ لو كان خالقا لدل األ .خالقا لكان عاملا خبلقه من كل وجه لكنه ليس بعامل به من كل وجه فليس خبالق

هذا وجه داللة هذا النظر فال يلزمنا تقدير اإلحاطة به من كل وجه فإن انتفاء العلم إذا دل على انتفاء اخلالقية مل .وجود العلم على ثبوت اخلالقية بل هو عكس األدلة والدليل ال ينعكس يلزم أن يدل

ولو تصدينا لبيان االستحالة صغنا الدليل صياغة أخرى فقلنا لو كان الفعل منتسبا إىل العبد إبداعا لوجب أن يكون لة واحدة ألمرين أحدمها أن يف حال إبداعه عاملا جبميع أحواله ويستحيل من العبد اإلحاطة جبميع وجوه الفعل يف حا

العلم احلادث ال يتعلق مبعلومني يف حالة واحدة وذلك جلواز طريان اجلهل على العامل بأحد الوجهني فيؤدي إىل أن .يكون عاملا جاهال مبعلوم واحد يف حالة واحدة ويكون علمه علما من وجه وجهال من وجه

ىل ما يعلم ضرورة وإىل ما يعلم نظرا فيحتاج حالة اإلجياد يف حتصيل الثاين أن وجوه املعلومات يف الفعل تنقسم إذلك العلم إىل نظر وهو اكتساب ثان ورمبا حيتاج إىل معرفة الضروري والنظري من وجوه االكتساب فيؤدي إىل

إلجياد لن التسلسل حىت ال يصل إىل إجياد الفعل املطلوب وعن هذا املعىن صار كثري من عقالء الفالسفة إىل أن احيصل إال بالعلم حىت لو تصور من اإلنسان العلم بوجوه الفعل كليا وجزيا وحمال ومكانا وزمانا وعددا وشكال

وعرضا وكماال لتصور منه اإلجياد واإلبداع وعن هذا صاروا إىل أن علم الباري سبحانه بذاته هو املبدئ لوجود والعلم االنفعايل وإمنا حيتاج اإلنسان إىل القدرة واإلرادة والدواعي واآلالت الفعل األول وفرقوا بني العلم الفعلي

واألدوات ألن علمه لن يتصور أن يكون علما فعليا بل علومه كلها انفعالية ولذلك اتفق املتكلمون بأسرهم على وهذا هو سر هذه الطريقة أن العلم يتبع املعلوم فيتعلق به على ما هو به وال يكسبه صفة وال يكتسب عنه صفة

.وهنايتها .أما الطريق الثاين يف بيان استحالة كون القدرة احلادثة صاحلة لإلجياد

فنقول لو صلحت لإلجياد لصلحت إلجياد كل موجود من اجلواهر واألعراض وذلك ألن الوجود قضية واحدة رض يف الوجود من حيث أنه وجود تشمل املوجودات وهو من حيث أنه وجود ال خيتلف فليس يفضل اجلوهر الع

بل من وجه آخر وهو القيام بالنفس واحلجمية والتحيز واالستغناء عن احملل وعند اخلصم هذه كلها صفات تابعة للحدوث وليست من آثار القدرة وأما الشيئية والعينية واجلوهرية والعرضية فهي أمساء أجناس عنده ثابتة يف العدم

درة فلم يبق من الصفات وجه لتعلق القدرة إال الوجود وهو ال خيتلف يف املوجودات وجهة ليست أيضا من آثار القالصالحية أيضا ويف القدرة جهة واحدة فلو صلحت إلجياد موجود ما صلحت إلجياد كل موجود لكنها ال تصلح

.إلجياد بعض املوجودات من اجلواهر وأكثر اإلعراض فلم تصلح إلجياد موجود ما

ضحه أن الصالحية لو اختلفت بالنسبة إىل موجود وموجود الختلفت بالنسبة إىل قدرة وقدرة حىت يقال ومما يوتصلح قدرة زيد حلركة وال تصلح قدرة عمرو ملثل تلك احلركة بل عند اخلصم ملا مشلت احلقيقة مجيع قدر البشر

أن تستوي يف قبول أثر الصالحية استوت كلها يف الصالحية كذلك مشلت حقيقة الوجود مجيع املوجودات فيجببل ميكن أن يقال أن الصالحية ليست تابعة حلقيقة القدرة بل هي خمتلفة بالنسب وعن هذا صلحت لإلجياد عندهم

Page 24: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.ومل تصلح لإلعادة واإلعادة إجياد ثان وصلحت لتحصيل العلم ومل تصلح للغفلة عن ذلك العلمحد األمرين إما أن تثبت عموما فيجب أن ال خيتلف بالنسبة إىل موجود ومما يوضحه أن صالحية القدرة مل ختل من أ

دون موجود كما بينا وإما أن تثبت خصوصا وال دليل على التخصيص لبعض املوجودات دون البعض سرى جريان ح ذلك دليال العادة مبا ألفناه من األفعال املنسوبة إىل العباد وسنبني أن ذلك على أي وجه يثبت وباجلملة فليس يصل

.على حصر صالحية القدرة فيها دون سائر املوجودات جتويزا وإمكانافإن قيل ألستم أوجبتم تعلق القدرة احلادثة ببعض املوجودات دون البعض ومسيتم نفس التعلق كسبا فما ذكرمتوه يف

.التعلق والكسب من التخصيص فهو جوابنا يف اإلجياد من التخصيصتنكرون تأثري القدرة احلادثة وتثبتون التعلق فهال جوزمت عموم التعلق حىت يتعلق بكل موجود ومن العجب أنكم

قدمي أو حادث جوهر أو عرض فإن خصصتم التعلق مع نفي التأثري فال تستبعدوا منا ختصيص التعلق مع إثبات .التأثري

وم التعلق وال لزمنا ذلك إذ مل نعني جهة التأثري واجلواب قلنا حنن بينا القدرة احلادثة وتعلقها باملقدور ومل نثبت عمبالوجود واحلدوث وأنتم عينتم جهة التأثري بالوجود من حيث هو وجود قضية عامة فلزمكم عموم التعلق والتأثري

.يف كل موجود واستحال على أصلكم حصر صالحية القدرة يف بعض املوجودات دون البعض للقدرة احلادثة صالحية أصال ال جلهة الوجود وال لصفة من صفات الوجود ومل يثبت شيخنا أبو احلسن رمحه اهللا

فلم يلزمه التعميم والتخصيص وأما القاضي أبو بكر فقد أثبت هلا أثرا كما سنذكره ولكنه يربئ جهة الوجود عن .التأثري فيه فلم يلزمه التعميم

الضرورية واالختيارية كحركة املرتعش وحركة قال القاضي اإلنسان حيس من نفسه تفرقة ضرورية بني حركيتاملختار والتفرقة مل ترجع إىل نفس احلركتني من حيث احلركة ألهنما حركتان متماثلتان بل إىل زايد على كوهنما

حركة وهو كون أحدمها مقدورة مرادة وكون الثانية غري مقدورة وال مرادة مث مل خيل األمر من أحد حالني إما أن لقت القدرة بأحديهما تعلق العلم من غري تأثري أصال فيؤدي ذلك إىل نفي التفرقة فإن نفي التأثري كنفي يقال تع

التعلق فيما يرجع إىل ذايت احلركتني واإلنسان ال جيد التفرقة فيهما وبينهما إال يف أمر زايد على وجودمها وأحوال ري مل خيل احلال من أحد أمرين إما أن يرجع التأثري إىل وجودمها وإما أن يقال تعلقت القدرة بأحديهما تعلق تأث

الوجود واحلدوث وإما أن يرجع إىل صفة من صفات الوجود واألول باطل مبا ذكرناه أنه لو أثر يف الوجود ألثر يف كل موجود فتعني أنه يرجع التأثري إىل صفة أخرى وهي حال زائدة على الوجود قال وعند اخلصم قادرية الباري

بحانه مل تؤثر إال يف حال هو الوجود ألنه أثبت يف العدم سائر صفات األجناس من الشيئية واجلوهرية والعرضية سوالكونية واللونية إىل أخص الصفات من احلركات والسكون والسوادية والبياضية فلم يبق سوى حالة واحدة هي

.احلدوث فليأخذ مين يف قدرة العبد مثله .أثبت حاال جمهولة ال ندري ما هي إذ ال اسم هلا وال معىنفألزمه أصحابه أنك

قال بل هي معلومة بالدليل والتقسيم الذي أرشدنا إليه كما بينا فإن مل تتيسر يل عبارة عنها باسم خاص مل يضر نه من ذلك ألسنا أثبتنا وجوها واعتبارات عقلية للفعل الواحد وأضفنا كل وجه إىل صفة أثرت فيه مثل الوقوع فإ

آثار القدرة والتخصيص ببعض اجلائزات فإنه من آثار اإلرادة واألحكام فإنه من دالئل العلم وعند اخلصم كون الفعل واجبا أو ندبا أو حالال أو حراما أو حسنا أو قبيحا صفات زائدة على وجوده بعضها ذاتية للفعل وبعضها من

مثل كون اجلوهر متحيزا وقابال للعرض فإذا جاز عنده إثبات آثار اإلرادة وكذلك الصفات التابعة للحدوث

Page 25: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

صفات هي أحوال واعتبارات زائدة على الوجود ال تعلق هبا القادرية وهي معقولة ومفهومة فكيف يستبعد مين ة مثال إثبات أثر للقدرة احلادثة معقوال ومفهوما ومن أراد تعيني ذلك الوجه الذي مساه حاال فطريقه أن جيعل حرك

اسم جنس يشمل أنواعا وأصنافا أو اسم نوع يتمايز بالعوارض واللوازم فإن احلركات تنقسم إىل أقسام فمنها ما هو كتابة ومنها ما هو قول ومنها ما هو صناعة باليد وينقسم كل قسم إىل أصناف فكون حركة اليد كتابة وكوهنا

إحدى احلركتني تتميز هبا عن الثانية مع اشتراكهما يف كوهنما صناعة متمايزان وهذا التمايز راجع إىل حال يف حركة وكذلك احلركة الضرورية واحلركة االختيارية فتضاف تلك احلالة إىل العبد كسبا وفعال ويشتق له منها اسم

عبادة خاص مثل قام وقعد وقائم وقاعد وكتب وقال وكاتب وقائل مث إذا اتصل به أمر ووقع على وفاق األمر مسي وطاعة فإذا اتصل به هني ووقع على خالف األمر مسي جرمية ومعصية ويكون ذلك الوجه هو املكلف به وهو املقابل

بالثواب أو العقاب كما قال اخلصم إن الفعل يقابل بالثواب أو العقاب ال من حيث أنه موجود بل من حيث أنه فعال وكونه موجودا وهو أبعد من العدل والقاضي أقرب حسن أو قبيح والقبح واحلسن حالتان زائدتان على كونه

إىل العدل فإنه أضاف إىل العبد ما مل يقابل بثواب أو عقاب وقابل بالثواب والعقاب ما مل يكن من آثار قدرته قابلها والقاضي عني اجلهة اليت هي عنده مل تقابل باجلزاء فأثبتها فعال للرب وعني اجلهة اليت هي فعل العبد وكسبه ف

.باجلزاء وذلك هو العدلومما يوضح طريقة القاضي ويبني أنه ما خالف األصحاب تلك املخالفة البعيدة أن الفعل ذو جهات عقلية واعتبارات

ذهنبة عامة وخاصة كالوجود واحلدوث والعرضية واللونية وكونه حركة أو سكونا وكون احلركة كتابة أو قوال ن هذه الوجوه بل هي كلها مستفادة له من الفاعل والذي له بذاته هو اإلمكان فقط وأما وليس الفعل بذاته شيئا م

وجوده فمستفاد من موجده على الوجه الذي هو به وهو أعم الوجوه وأما كونه كتابة أو قوال فمستفاد من كاتبه لقان تغايرا مسي أحدمها إجيادا وإبداعا أو قائله وهو أخص الوجوه فيتميز الوجهان متيزا عقليا ال حسيا وتغاير املتع

وهو نسبة أعم الوجوه إىل صفة هلا عموم التعلق ومسي الثاين كسبا وفعال وهو نسبة أخص الوجوه إىل صفة هلا خصوص التعلق فهو من حيث وجوده حيتاج إىل موجد ومن حيث الكتابة والقول حيتاج إىل كاتب وقائل واملوجد ال

فته لوجود املوجد ويشترط كونه عاملا جبميع جهات الفعل واملكتسب تتغري ذاته وصفته حلصول تتغري ذاته أو ص .الكسب وال يشترط كونه عاملا جبميع جهات الفعل

وبيان آخر نقول جلت القدرة األزلية عن أن يكون هلا صالحية خمصوصة مقصورة على وجوه من الفعل خمصوصة ن هلا صالحية عامة شاملة جلميع وجوه الفعل وذلك أن صالحية القدرة احلادثة وقصرت القدرة احلادثة عن أن يكو

مل تشمل مجيع املوجودات باالتفاق فال تصلح إلجياد اجلوهر وكل عرض بل هي مقصورة على حركات خمصوصة لصالحية فلذلك والقدرة احلادثة فيها خمتلفة الصالحية حىت ميكن أن يقدر نوعية خمصوصة يف القدرة احلادثة لتنوع ا

اقتصرت على بعض املوجودات دون البعض خبالف قدرة الباري سبحانه فإن صالحيتها واحدة ال ختتلف فيجب أن يكون متعلقها واحدا ال خيتلف وذلك هو الوجود فإذا مل جيز أن يضاف أخص األوصاف إىل الباري سبحانه ألنه

أعم األوصاف إىل القدرة احلادثة ألنه يؤدي إىل كمال يف يؤدي إىل قصوره يف الصالحية كذلك ال جيوز أن يضافالصالحية فال ذاك الكمال مسلوب عن القدرة اإلهلية وال هذا الكمال ثابت للقدرة احلادثة فينعم النظر فيه ألن فيه

جيوز خالص فال جيوز أن يضاف إىل املوجد ما يضاف إىل املكتسب حىت يقال هو الكاتب القائل القاعد القائم وال .أن يضاف إىل املكتسب ما يضاف إىل املوجد حىت يقال هو املوجد املبدع اخلالق الرازق

وعن هذا كان اجلواب املرتضى عند التمييز بني اخللق والكسب أن اخللق هو املوجود بإجياد املوجد ويلزمه حكم

Page 26: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.وشرط .نه صفةأما احلكم فإن ال يتغري املوجد باإلجياد فيكسبه صفة وال يكتسب ع

.وأما الشرط أن يكون عاملا به من كل وجه والكسب هو املقدور بالقدرة احلادثة ويلزمه حكم وشرط .أما احلكم فأن يتغري املكتسب بالكسب فيكسبه صفة ويكتسب عنه صفة

.وأما الشرط فأن يكون عاملا ببعض وجوه الفعل أو نقول يلزمه التغيري وال يشترط العلم به من كل وجهوهذا حتقيق ما قاله األستاذ أن كل فعل وقع على التعاون كان كسبا للمستعني وحقيقة الكسب من املكتسب هو

وقوع الفعل بقدرته مع تعذر انفراده به وحقيقة اخللق هو وقوع الفعل بقدرته مع صحة انفراده به وهذا أيضا شرح به على وجه ما وإن مل تتعلق به من مجيع الوجوه واخللق هو ملا قاله األستاذ أبو بكر أن الكسب هو أن تتعلق القدرة

أنشأ العني وإجياد من العدم فال فرق بني قوليهما وقول القاضي إال أن ما مسياه وجها واعتبارا مساه القاضي صفة .وحاال

سري الفعل عند سالمة اآلالت وجنا أبو احلسن رمحه اهللا حيث مل يثبت للقدرة احلادثة أثرا أصال غري اعتقاد العبد بتي .وحدوث االستطاعة والقدرة والكل من اهللا تعاىل

وغال إمام احلرمني حيث أثبت للقدرة احلادثة أثرا هو الوجود غري أنه مل يثبت للعبد استقالال بالوجود ما مل يستند املبدع املستقل بإبداعه من غري إىل سبب آخر مث تتسلسل األسباب يف سلسلة الترقي إىل الباري سبحانه وهو اخلالق

احتياج إىل سبب وإمنا سلك يف مسلك الفالسفة حيث قالوا بتسلسل األسباب وتأثري الوسائط األعلى يف القوابل األدىن وإمنا محله على تقرير ذلك االحتراز عن ركاكة اجلرب واجلرب على تسلسل األسباب ألزم إذ كل مادة تستعد

فائضة على املواد من واهب الصور جربا حىت االختيار على املختارين جرب والقدرة لصورة خاصة والصور كلهاعلى القادرين جرب وحصول األفعال من العباد عند النظر إىل األسباب جرب وترتيب اجلزا على األفعال جرب وهو

ريد العقل عن الغفلة كاملرض حيصل عند سوء املزاج وكالسالمة حتصل عند اعتدال املزاج وكالعلم حيصل عند جتوكالصورة حتصل يف املرآة عند التصقيل فالوسايط معدات ال موجدات وما له طبيعة اإلمكان يف ذاته استحال أن

.يكون موجدا على حقيقة كما بينا .أما شبهة املعتزلة فتنحصر يف مسلكني أحدمها مدارك العقل والثاين مدارك السمع

من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف فإذا أراد احلركة حترك وإذا أما األول فقالوا اإلنسان حيس أراد السكون سكن ومن أنكر ذلك جحد الضرورة فلوال صالحية القدرة احلادثة إلجياد ما أراد ملا أحس من نفسه

ل من أحد أمرين إما ذلك قالوا وأنتم وافقتمونا على إحساس التفرقة بني حركة الضرورة واالختيارية ومل خيل احلاأن يرجع إىل نفس احلركتني من حيث أن أحديهما واقعة بقدرته والثانية واقعة بقدرة غريه وإما أن يرجع إىل صفة

يف القادر من حيث أنه قادر على أحديهما غري قادر على الثانية فإن كان قادرا فال بد له من تأثري يف مقدوره وجيب ن حصول الفعل بالوجود ال بصفة أخرى تقارن الوجود وما مسيتموه كسبا غري معقول أن يتعني األثر يف الوجود أل

فإن الكسب إما أن يكون شيئا موجودا أو مل يكن شيئا موجودا فإن كان شيئا موجودا فقد سلمتم التأثري يف الوجود .وإن مل يكن موجودا فليس بشيء

ري هلا كنفي القدرة فإن تعلقها باملقدور كتعلق العلم باملعلوم وال جيد وأكدوا ما قالوه بقوهلم إثبات قدرة ال تأثاإلنسان تفرقة بني حركتني يف أن أحديهما معلومة والثانية جمهولة وجيد التفرقة بينهما يف أن أحديهما مقدورة

.والثانية غري مقدورة

Page 27: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وى الضرورة فيه غري مستقيم ملخالفتنا قلنا وقوع الفعل على حسب الدواعي ممنوع بل هو نفس املتنازع فيه ودعإياكم يف ذلك والنتقاضه عليكم طردا وعكسا فإن أفعال النائم والساهي والغافل مل تقع على حسب الدواعي وهي

منسوبة إىل العباد نسبة اإلجياد عندكم وكثري من األعراض وقع على حسب الدواعي وهي غري منسوبة إىل العباد باالتفاق كاأللوان اليت حتصل بالصبغ والطعوم اليت حتصل باملزج واحلرارة والرطوبة والربودة نسبة اإلجياد عندكم

واليبوسة عند تقريب األجرام بعضها من بعض والشبع عند الطعام والري عقيب الشرب والفهم عند اإلفهام إىل ل مطرد وأنتم مدفوعون إىل إيراد غري ذلك مما أجرى اهللا تعاىل العادة به فال دعوى الضرورة صحيحة وال الدلي

حجة على نفس ما تنازعنا فيه وهو إثبات تأثري القدرة احلادثة يف الوجود من حيث هو وجود وما ذكرمتوه من التفرقة بني احلركتني أما الوجدان فمسلم لكن مل قلتم أن أحديهما موجودة بالقدرة احلادثة فإنا قد بينا أهنا راجعة إىل

إىل صفة يف احملل وإما إىل حال يف احلركة وفصلنامها أحسن تفصيل وباجلملة اإلجياد غري حمسوس وال أحد أمرين إما يدرك بإحساس النفس ضرورة فقد وجدنا للتفرقة بني احلركتني واحلالتني مرجعا ومردا غري الوجود أليس من أثبت

ية يف أهنا بالقدرة احلادثة فإهنا صفات نفسية ثابتة يف املعدوم شيئا عندكم ما رد التفرقة إىل العرضية واللونية واحلركالعدم وال إىل االحتياج إىل احملل فإهنا من الصفات التابعة للحدوث فلذلك حنن ال نردها إىل الوجود فإهنا من آثار

ور على اجلزا القدرة األزلية ونردها إىل ما أنتم تقابلونه بالثواب والعقاب حىت ينطبق التكليف على املقدور واملقدوالدواعي والصوارف أيضا تتوجه إىل تلك اجلهة فإن اإلنسان ال جيد يف نفسه داعية اإلجياد وجيد دعاية القيام

والقعود واحلركة والسكون واملدح والذم وهذه هيئات حتصل يف األفعال وراء الوجود تتميز عن الوجود باخلصوص وباجلملة ال تنزل يف كوهنا معقولة عن درجة االختصاص ببعض والعموم فإن شئت مسيتها وجوها واعتبارات

اجلائزات الذي هو من أثر اإلرادة واألحكام واإلتقان الذي هو من أثر العلم وكون الصيغة أمرا وهنيا ووعدا .ووعيدا باإلرادة

أعم صفات الفعل والسر الذي دفعنا إىل ذلك عموم تعلق قدرة الباري سبحانه وتعاىل وقادريته واستدعاؤهاوخصوص صالحية القدرة احلادثة واستدعاؤها أخص صفات الفعل فإن الفعل كان مقدورا للباري سبحانه وتعاىل

قبل تعلق القدرة احلادثة أي هي على حقيقة اإلمكان صالحية والقدرة على حقيقة اإلجياد صالحية ونفس تعلق فيجب أن تبقى على ما كانت عليه من قبل مث يضاف إىل كل القدرة احلادثة مل خترج الصالحيتني عن حقيقتهما

واحد من املتعلقني ما هو الئق فالوجود من حيث هو وجود إما خري حمض وإما ال خري وال شر انتسب إىل الباري خملوقا سبحانه إجيادا وإبداعا وخلقا والكسب املنقسم إىل اخلري والشر انتسب إىل العبد فعال واكتسابا وليس ذلك

بني خالقني بل مقدورا بني قادرين من جهتني خمتلفتني أو مقدورين متمايزين ال يضاف إىل أحد القادرين ما يضاف .إىل الثاين

مث نقول حنن نعكس عليكم الدليل فنستدل على أن احلركات ليست خملوقة للعباد بوقوع أكثرها على خالف ريك يده يف جهة خمصوصة على حد مضبوط عنده مثل حتريك إصبعه الدواعي والقصود فإن اإلنسان إذا أراد حت

على خط مستقيم مل يتصور ذلك من غري احنراف عن اجلهة املخصوصة وكذلك لو رمى سهما وقصد أن ميضي فأخطأ أو رمى حجرا فأصاب موضعا وأراد أن يصيب يف الرمي ثانيا مل يتأت له ذلك ويستمر ذلك يف مجيع

نية على األسباب فإن االستداد واالحنراف فيها مرتب على حركات اليد واإلنسان قاصر القدرة على الصناعات املبتسديدها على حسب الداعية فإذا وجدنا الدواعي ومل جند التأيت ووجد التأيت ومل توجد الدواعي علمنا أن اختالف

.األحوال واحلركات دالة على مصدر آخر سوا دواعي اإلنسان وصوارفه

Page 28: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ا يوضحه أن القدرة على الشيء قدرة على مثله وعلى ضده عند اخلصم فلو كانت احلركة األوىل حتدث بإحداثه ومملكان قادرا على مثلها أو على ضدها مثل ما قدر على األوىل ولكانت احلركات ال ختتلف أصال عند اجتماع

.الدواعيالتكليف متوجه على العبد بإفعل وال تفعل فلم ختل احلال من املسلك الثاين هلم يف إثبات الفعل للعبد إجيادا قوهلم

أحد أمرين إما أن ال يتحقق من العبد فعل أصال فيكون التكليف سفها من املكلف ومع كونه سفها يكون متناقضا ه وإذا مل فإن تقديره افعل يا من ال يفعل وأيضا فإن التكليف طلب والطلب يستدعي مطلوبا ممكنا من املطلوب من

يتصور منه فعل بطل الطلب وأيضا فإن الوعد والوعيد مقرون بالتكليف واجلزا مقدر على الفعل والترك فلو مل حيصل من العبد فعل ومل يتصور ذلك بطل الوعد والوعيد وبطل الثواب والعقاب فيكون التقدير افعل وأنت ال

ما مل يفعل وهذا خروج عن قضايا احلس فضال عن قضايا تفعل مث إن فعلت ولن تفعل فيكون الثواب والعقاب علىاملعقول حىت ال يبقى فرق بني خطاب اإلنسان العاقل وبني اجلماد وال فصل بني أمر التسخري والتعجيز وبني أمر

.التكليف والطلبنهي وإحالة اخلري والشر قالوا ودع التكليف الشرعي أليس املتعارف منا واملعهود بيننا خماطبة بعضنا بعضا باألمر وال

على املختار وطلب الفعل احلسن والتحذير عن الفعل القبيح مث ترتيب اجملازات على ذلك ومن أنكر ذلك فقد خرج عن حد العقل خروج عناد فال يناظر إال بالفعل مناظرة السفسطايية فيشتم ويلطم فإن غضب بالشتم وتأمل

بأنه رأى من املعامل شيئا ما وإال فما باله غضب وتأمل منه وأحال الفعل باللطم وحترك للدفع واملقابلة فقد اعترف .عليه وإن تصدى للمقابلة فقد اعترف بأنه رأى من املعامل فعال يوجب اجلزا واملكافأة

.واجلواب عن ذلك من وجهني أحدمها االلزامات على مذهبهم والثاين التحقيق على موجب مذهبنالنا ما املكلف به وما املطلوب بالتكليف فإن إمجال القول بأن التكليف متوجه على العبد ليس األول أن تقول عينوا

.يغين يف تقدير أثر القدرة احلادثة وتعيينهفإن قلتم املطلوب واملكلف به هو الوجود من حيث هو وجود فذلك حمل التنازع وكيف يكون الوجود هو

ف يف كونه قبيحا وحسنا ومنهيا عنه ومأمورا به ومن املعلوم أن املطلوب والوجود من حيث هو وجود ال خيتلاملطلوب بالتكليف خمتلف اجلهة فمنه ما هو واجب فعله ويثاب عليه وميدح به ومنه ما هو واجب تركه ويعاقب

.على فعله ويذم عليهدرج حتت القدرة وما اندرج وإن قلتم املكلف به هو جهة يستحق املدح والذم عليه فهو مسلم وذلك الوجه ليس ين

.مل يكن مكلفا به فسقط االحتجاج بالتكليف .فإن قيل املقدور هو وجود الفعل إال أنه يلزمه ذلك الوجه املكلف به ال مقصودا باخلطاب

قيل ال يغنيكم هذا اجلواب فإن التكليف لو كان مشعرا بتأثري القدرة يف الوجود كان املكلف به هو الوجود من هو وجود ال غري ولكن تقدير اخلطاب أوجد احلركة اليت إذا وجدت يتبعها كوهنا حسنة وعبادة وصالة وقربة حيث

فما هو مقصود باخلطاب غري موجود بإجياده فيعود اإللزام عكسا عليكم افعل يا من ال يفعل فليت شعري أي فرق ه وبني مكلف به اندرج حتت قدرة املكلف من بني مكلف به ال يندرج حتت قدرة املكلف وال يندرج حتت قدرة غري

جهة ما كلف به واندرج حتت قدرة غريه من جهة ما مل يكلف به أليس القضيتان لو عرضتا على حمك العقل كانت األوىل أشبه باجلرب فهم قدرية من حيث أضافوا احلدوث والوجود إىل قدرة العبد إحداثا وإجيادا وخلقا وهم جربية

يضيفوا اجلهة اليت كلف هبا العبد إىل قدرته كسبا وفعال كما قيل أعور بأي عينيه شاء مث يلزمهم من حيث مل

Page 29: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

األعراض اليت اتفقوا على أهنا حاصلة بإجياد الباري سبحانه وقد ورد اخلطاب بتحصيلها أو بتركها وتوجه الثواب وان والطعوم واستعمال األدوية والسموم والعقاب عليها وهي أيضا مما يتعارفه الناس ويتداولونه مثل األل

واجلراحات املزهقة للروح والفهم عقيب اإلفهام والشبع عقيب الطعام إىل غري ذلك فإن هذه كلها حاصلة بإجياد .الباري سبحانه وقد يرد اخلطاب بتحصيلها عقيب أسباب يباشرها العبد

ذلك يعاقب على قدر وميدح على قدر ومن املعلوم أن ووجه اإللزام أن اخلطاب يتوجه بتحصيل أعياهنا مقصودا ولمن استأجر صباغا ليبيض ثوبه فسوده غرم ومن قتل إنسانا بسم استوجب القود ومن أحرق ثوب إنسان أو أغرق

سفينة أو فتح بثقا حىت هلك زرع أو هد به دار عوتب على ذلك وضمن وغرم فمورد التكليف ما اندرج حتت .حتت القدرة غري مورد التكليفالقدرة وما اندرج

واجلواب عن السؤال من حيث التحقيق إنا قد بينا وجه األثر احلاصل بالقدرة احلادثة وهو وجه أو حال للفعل مثل ما أثبتموه للقادرية األزلية فخذوا من العبد ما يشابه فعل اخلالق عندكم فلينظر إىل اخلطاب بافعل ال تفعل أخوطب

و خوطب أعبد اهللا وال تشرك به شيئا فجهة العبادة اليت هي أخص وصف للفعل صار عبادة أوجد أو ال توجد أباألمر وذلك حاصل بتحصيل العبد مضاف إىل قدرته فما يضركم إضافة أخرى نعتقدها وهي مثل ما اعتقدمتوه

جعلنا الوجود متبوعا وأصال وقلنا تابعا فالوجود عندنا كالتابع أو كالذايت الذي كان ثابتا يف العدم والفرق بيننا أناهو عبارة عن الذات والعني وأضفناه إىل اهللا سبحانه وتعاىل ومجيع ما يلزمه من الصفات وأضفنا إىل العبد ما ال جيوز

إضافته إىل اهللا تعاىل حيث ال يقال أطاع اهللا تعاىل وعصى اهللا تعاىل وصام وصلى وباع واشترى وقام ومشى فال ه بأفعاله فال يعزب عن علمه ذرة من خلقه خبالف ما يضاف إىل العبد فإنه يشتق له وصف واسم من كل تتغري صفات

فعل يباشره وتتغري ذاته وصفاته بأفعاله وال حييط علما جبميع وجوه اكتسابه وأعماله وهذا معىن ما قاله األستاذ أبو .إسحاق أن العبد فاعل مبعني والرب فاعل بغري معني

.ى طريقة الشيخ أيب احلسن رمحه اهللا حيث مل يثبت للقدرة أثراوأما علفاجلواب عن هذه االلزامات مشكل عليه غري أنه يثبت تأتيا ومتكنا حيسه اإلنسان من نفسه وذلك يرجع إىل سالمة

ه قدرة واستطاعة البنية واعتقاد التيسر حبكم جريان العادة أن العبد مهما هم بفعل وأزمع على أمر خلق اهللا تعاىل لمقرونة بذلك الفعل الذي حيدثه فيه فيتصف به العبد وخبصائصه وذلك هو مورد التكليف وإحساسه بذلك

.كإحساسه بالصفات التابعة للحدوث عندكم وإن مل تكن هي أثر القدرة احلادثةبحانه وتعاىل يف نفس املكلف ومما يوضح اجلواب غاية اإليضاح أن التكليف بافعل وال تفعل ورد باالستعانة باهللا س

وسواء كانت اهلداية " ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " وكقوله تعاىل " إهدنا الصراط املستقيم : " به كقوله تعاىلنفسها هي املسؤولة بالدعاء أو الثبات عليها هو املسؤول وال شك أن العبد لو كان مستقال بإنشائها بقدرته مستبدا

يها كان مستغنيا عن هذه االستعانة مث اهللا سبحانه مين على من يشاء من عباده بأن هداهم لإلميان وعند بالثبات علاخلصم هو حممول على خلق القدرة وهي صاحلة للضدين مجيعا على السواء وذلك يبطل قضية االمتنان باهلداية قال

" .بل اهللا مين عليكم أن هداكم لإلميان : " اهللا سبحانه وتعاىل

وحتقيق ذلك من غري جد عن اإلنصاف أن العبد كما حيس من نفسه التمكن من الفعل وتيسر التأيت حيس من نفسه االفتقار واالحتياج إىل معني يف كل ما يتصرف وجيد يف استطاعته ويتكلف فقدان االستقالل واالستبداد بالفعل يف

استدالال ومن حركات لسانه قيال وقاال ومن ترددات كل ما يأيت ويذر ويقدم ويؤخر من تصرفات فكره نظرا ويديه ميينا ومشاال فيحس االقتدار على النظر وال حيس االقتدار على العلم بعد حصول النظر فإنه لو أراد أن ال حيصل

Page 30: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ذلك ال يتمكن منه وحيس من نفسه حتريك لسانه باحلروف ولو أراد أن يبدل املخارج ويغري األصوات مل يتمكن منوحيس حتريك يديه وأمنلته ولو أراد حتريك جزء واحد من غري حتريك الرباطات املتصلة مل يتمكن من ذلك وعند اخلصم القدرة صاحلة لألضداد واألمثال وهي متشاهبة يف القادرين فالعبد مستقل باإلجياد واالختراع وليس إىل

فحسب واشتراط البنية من أضعف ما يتصور واحلق يف الباري سبحانه وتعاىل من هذه األفعال إال خلق القدرة املسئلة تسليم التمكن والتأيت واالستطاعة على الفعل على وجه ينتسب إىل العبد وجه من الفعل يليق بصالحية

قدرته واستطاعته وإثبات االفتقار واالحتياج ونفي االستقالل واالستبداد فنجد يف التكليف موردي اخلطاب فعال .ة ويضاف يف اجلزاء مقابلة وتفضال واهللا أعلمواستطاع

القاعدة الثالثة

يف التوحيد

.وفيها الرد على الثنوية وتستدعي هذه املسئلة سبق ذكر الوحدانية ومعىن الواحدقال أصحابنا الواحد هو الشيء الذي ال يصح انقسامه إذ ال تقبل ذاته القسمة بوجه وال تقبل الشركة بوجه

اىل واحد يف ذاته ال قسم له وواحد يف صفاته ال شبيه له واحد يف أفعاله ال شريك له وقد أقمنا الداللة فالباري تع .على انفراده بأفعاله فلنقم الداللة على انفراده بذاته وصفاته

وقالت الفالسفة واجب الوجود بذاته ال جيوز أن يكون أجزاء كمية وال أجزاء حد قوال وال أجزاء ذات فعال ووجودا وواجب الوجود لن يتصور إال واحدا من كل وجه فال يتصور وال يتحقق موجودان كل واحد منهما

.واجب بذاته وعن هذا نفوا الصفات وإن أطلقوها عليه فبمعىن آخر كما سنذكرهني فيها وهذه ووافقهم املعتزلة على ذلك غري أهنم خمتلفون يف التفصيل وسنفرد إلثبات الصفات مسئلة ونذكر املذهب

املسئلة مقصورة على استحالة وجود اإلهلني يثبت لكل واحد منهما من خصائص اإلهلية ما يثبت للثاين ولست أعرف صاحب مقالة صار إىل هذا املذهب ألن الثنوية وإن صارت إىل إثبات قدميني مل تثبت ألحدمها ما ثبت للثاين

نفس أزليني وقضوا بكون احلركات سرمدية مل يثبتوا للمعلول من كل وجه والفالسفة وإن قضوا بكون العقل والخصائص العلة كيف واحدمها علة والثاين معلول والصابية وإن أثبتوا كون الروحانيني واهلياكل أزلية سرمدية مدبرة

ة على من هلذا العامل ومسوها أربابا وآهلة فلم يثبتوا فيها خصائص رب األرباب وداللة التمانع يف القرآن مسرودوعن هذا صار أبو احلسن " إذا لذهب كل إله مبا خلق : " يثبت خالقا من دون اهللا سبحانه وتعاىل قال اهللا تعاىل

رمحه اهللا إىل أن أخص وصف اإلله هو القدرة على االختراع فال يشاركه فيه غريه ومن أثبت فيه شركة فقد أثبت .إهلني

فرضنا الكالم يف جسم وقدرنا من أحدمها إرادة حتريكه ومن الثاين إرادة فدليلنا على استحالة وجود إهلني أناتسكينه يف وقت واحد مل خيل احلال من أحد ثالثة أمور إما أن تنفذ إرادهتما فيؤدي إىل اجتماع احلركة والسكون يف

قصور يف إهلية كل واحد حمل واحد يف حالة واحدة وذلك بني االستحالة وإما أن ال تنفذ إرادهتما فيؤدي إىل عجز ومنهما وخلو احملل عن الضدين وذلك أيضا بني االستحالة وإما أن تنفرد إرادة أحدمها دون الثاين فيصري الثاين مغلوبا

" ولعال بعضهم على بعض : " على إرادته ممنوعا من فعله مضطرا يف إمساكه وذلك ينايف إالهية قال اهللا تعاىلرد اإلرادة واالقتدار على فعل واحد فإما أن يشتركا يف نفس اإلجياد وهو قضية واحدة ال وكذلك لو فرضنا يف توا

Page 31: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

يقبل االشتراك وإما أن ينفرد أحدمها باإلجياد فيكون املنفرد هو اإلله والثاين يكون مغلوبا مقهورا وكذلك لو فرضنا منهما عن الثاين افتقارا إليه ألن نفس يف فعلني متباينني حىت يذهب كل إله مبا خلق فيكون استغناء كل واحد

. االستغناء استعالء ويف االستعالء إلزام قهر وغلبة على الثاين

ولنزد هذا بيانا وشرحا فإن التمانع يف الفعل إن أوجب استحالة اإلهلني والتمانع يف االستغناء بالذات أدل على .استحالة اإلهلني

احد منهما عن صاحبه من كل وجه خرج املستغين عنه عن كمال االستغناء فنقول لو قدرنا إالهني استغىن كل وفإن املستغىن على اإلطالق من يستغىن به وال يستغىن عنه فيكون كل واحد منهما مستغىن عنه فيكون مفتقرا قاصرا

إشارة إىل " الفقراء واهللا الغين وأنتم" عن درجة االستغناء املطلق فلن يتصور إذا إالهان مستغنيان على اإلطالق .هذا املعىن

ونقول لو قدرنا إالهني فإما أن يكونا خمتلفني يف الصفات الذاتية أو متماثلني واملختلفان يستحيل أن يكونا إهلني ألن الصفة الذاتية اليت هبا تقدس اإلله عن غريه إذا كانا خمتلفني فيها كان الذي اتصف هبا هو اإلله واملخالف ليس باله

ا أن يكونا متماثلني يف الصفات الذاتية من كل وجه فاملتماثالن ليس يتميز أحدمها عن الثاين باحلقيقة واخلاصية وإمفإن حقيقتهما واحد بل بلوازم زائدة على احلقيقة مثل احملل واملكان والزمان وكل ذلك ينايف اإلهلية أليس ملا كان

سوادية بل باختالف احملل أو باختالف الزمان وكذلك اجلوهران فدل السوادان متماثلني مل يتميز أحدمها حبقيقته ال .إشارة إىل هذا املعىن: ليس كمثله شيء" ذلك على أن التماثل يف اإلهلية لن يتصور بوجه

ونقول من املعلوم أن الطريق إىل إثبات الصانع هو الدليل باألفعال إذ احلس ال يشهد عليه واألفعال اليت شاهدناها ليه من جهة جوازها وإمكاهنا يف ذاهتا واجلواز قضية واحدة تدل على الصانع من حيث أهنا ترددت بني دلت ع

الوجود والعدم فلما ترجح جانب الوجود اضطررنا إىل إثبات مرجح وليس يف نفس اجلواز وترجحه ما يدل على إالها وإمنا ترجح جانب الوجود ألنه مرجحني كل واحد منهما يستقل بالترجيح فإنه لو مل يستقل بالترجيح مل يكن

أراد التخصيص بالوجود وكما أراد علم أنه هو املرجح فلو قدرنا مرجحا آخر وشاركه يف الترجيح بطل االستقالل ومل يكن علمه وإرادته وقدرته أيضا بأن يكون هو املرجح وإن مل يشاركه يف الترجيح وكان متعطال مل يكن علمه

أيضا بأن يكون هو املرجح بل يكون علمه متعلقا بترجيح غريه وإرادته كذلك وإذا تعلق علمه بأن وإرادته وقدرته يكون غريه هو املرجح كان حماال أن يكون هو املرجح فإن خالف املعلوم حمال الوقوع وكذلك إرادته تكون متنيا

تطرق النقص إىل كل صفة من صفاته بل وتشهيا من غريه حىت ختصص ال قصدا وترجيحا وختصيصا من ذاته فقدكان مفتقرا يف مجيع ذلك إىل غريه والفقر ينايف اإلهلية وهذه الطريقة تعضد بيان طريقة االستغناء وهي أحسن ما

.ذكر يف هذه املسئلةوإرادة فإن قيل االختالف الذي قدرمتوه يف إرادة التحريك من أحدمها: سؤال على دليل التمانع يف فعلني خمتلفني

التسكني من اآلخر غري متصور فإن اإلرادة تتبع العلم والعلم يتبع املعلوم فإذا كان املعلوم هو احلركة فمن ضرورته أن يكون املراد هو احلركة وتقدير االختالف يف العلم غري متصور فتقدير االختالف يف اإلرادة أيضا غري متصور

.ف أو تقديره وذلك غري جائز فبطل التمسك هباومبىن داللة التمانع على حتقيق االختال

قال األصحاب احلركة والسكون من مجلة اجلائزات جبلة إذ ليس يف وجود كل واحد منهما استحالة وإذا كانت القدرة صاحلة وتقدير االختالف يف اإلرادة متصور عقال فنحن جنعل املقدر كاحملقق وإن ما يلزم من التحقيق يلزم

Page 32: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كتقدير قيام لون أو عرض آخر بذاته تعاىل نازل منزلة التحقيق يف االستحالة والعلم ليس خيرج اجلائز من التقدير عن قضية اجلواز فإن خالف املعلوم جائز الوجود جنسا وأقول إذا علم أحدمها حتريكه بإرادته وقدرته أفيعلم الثاين

قدرته فإن علم ذلك موجودا بإرادته وقدرته أم يعلم حتريكه بإرادة نفسه وقدرته أم يعلم حتريكه بإرادة غريه وحتريكه بإرادة غريه وقدرته فإن علم ذلك موجودا بإرادته وقدرته فيكون العلم الثاين جهال ال علما وإن علمه

علم متعلق موجودا بإرادة غريه وقدرته فيكون الغري إالها عاملا مريدا قادرا ويكون الثاين متعطال ومل يوجد له إالبفعل غريه فقط وإما إرادته لفعل غريه وقدرته على فعل غريه فتقديرمها مستحيل الوجود أو ناقص الوجود فإن

أخص وصف اإلرادة ما يتأتى به التخصيص وأخص وصف القدرة ما يتأتى هبا اإلجياد واإلبداع ومها إذا تعلقا بفعل لفعل بعد جواز الفعل إبطال حقيقتهما وهلذا قلنا أن معىن فاعلية الغري خرجا عن أخص حقيقتهما ففي تعطيلهما عن ا

الباري سبحانه وتعاىل أنه مل علم وجود شيء يف وقت خمصوص أو تقدير وقت إراده على مقتضى علمه وأوجده كونه بقدرته على مقتضى إرادته من غري أن تتغري ذاته أو صفة من صفاته وعلمه وإرادته وقدرته فيشبه أن يقال لزم

ضرورة ولكنا ال نطلق هذا اللفظ مالحظة منا جانب اإلرادة والقدرة حىت ال يلزمنا اإلجياب بالذات وذلك ينايف الكمال فنحن إمنا عرفنا اجلواز يف اجلائزات بقضية عقلية ضرورية وعرفنا استناد وجود املوجودات إىل عامل قادر

على كمال االقتدار واالستبداد بالفعل واإلبداع والتساوي يف مريد لضرورة االحتياج يف اجلائزات فإن قدرنامهاصفات الذات وصفات الفعل حىت يكون كل واحد منهما هو املوجد بقدرته وإرادته وعلمه وقع التمانع يف الفعل

وإن كان كل وإن قدرنامها على تسليم أحدمها للثاين يف مجيع ما اشتغل به كان املسلم عبدا واملسلم إليه إالها حقاواحد منهما مستقال يف بعض مسلما يف بعض كان كل واحد منهما حمتاجا من وجه وغنيا من وجه قاصرا من حيث

الفعل كامال من حيث القوة فال يكون إالهني بل حمتاجني إىل كامل من كل وجه فإذا ال يتصور يف العقل تقدير العقلي تقدير قادرين على التساوي يف كمال االقتدار وال مريدين موجودين على كمال االستقالل وال يف التجويز

وال عاملني على التماثل يف كمال اإلرادة والعلم بل وال ذاتني متساويني من مجيع الوجوه من غري أن خيتص إحدامها ص أو أثر يدل على عن الثانية إما بإشارة إىل هذا أو ذلك أو حمل مميز أو مكان حميز وزمان مقدم ومؤخر أو بفعل خا

.تغاير املصدر وتباين املظهر وهلذا قلنا أن الواحد مدلول الفعل ولو قدرنا ثانيا وثالثا لتكافوا من حيث العددأحدمها أن الفعل قد دل على وجود : ولقد استهزأ هبذه الطريقة من مل يدرك غورها وأمكن تقريرها من وجهني

ال خيلو إما أن يكون له دليل خاص على وجوده أو جيوز عقال بأن يقال كما ال صانع للعامل مريد قادر فإن قدر ثان فدليل على وجوده وال دليل على انتفائه فإن له دليال بأن خيلق عاملا آخر غري العامل املعني فيؤدي إىل قصور يف اإلهلني

لق قادرا على أن خيلق وإذا مل خيلق دل مجيعا كما بينا وإن جوز ذلك فيجب أن يكون عاملا بأن خيلق مريدا ألن خيعلى أنه مل يرد وإذا مل يرد علم أن ال خيلق واإلله جيب علمه بأن خيلق ويريد بأن خيلق حىت يكون مثال لألول فإمنا

.ليس مبثل له ليس بإالهار على عدد حمصور والوجه الثاين يف تقرير التكايف أن األمر ال خيلو إما أن يقف يف عدد معلوم فيستدعي االقتص

مقتضيا حاصرا فإن الكمية من حيث العدد كالكمية من حيث املساحة أليس لو كان واحدا ذا حجم وعظم مشكل اقتضى مشكال لذلك إذا كان ذا مقدار وعدد اقتضى مقدرا وإن مل يقف يف عدد معلوم اقتضى أعدادا غري متناهية

وباجلملة ما ال دليل عليه عقال فتجويز وجوده تقدير عقلي واجملوز عقال حمصورة يف الوجود غري مترتبة وذلك حمال .املقدر ذهنا ليس بإاله

Page 33: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فال تغفل عن هذه الدقيقة وافرق يف املعقوالت بني تقدير احملال لفظا أو فرضا وبني جتويزه عقال أو عقدا واعلم أن .عقالالتقدير املذكور يف الكتاب فرض حمال لفظا ليس بطالنه

سؤال على وجه داللة الفعل فإن قيل صادفنا يف املوجودات خريا أو شرا أو نظما وفسادا ووجه داللة اخلري خيالف وجه داللة الشر بل وجود اخلري يدل على مريد اخلري ووجود الشر يدل على مريد الشر ومريد اخلري على اإلطالق

يد اخلري يف فعل خمصوص ال يكون مريد الشر يف ذلك الفعل بعينه ال يكون مريدا للشر على اإلطالق كما أن مرفاختالف وجه داللة الفعل بالتضاد دل على اختالف الفاعلني بالتضاد وكما أنكم استدللتم بأنه لو كان معه إاله

.لفسدت السموات واألرض فنحن نستدل بفساد فيهما خريا أو شرا على إالهني اثننيقال احملققون منهم وجه داللة الفعل على الفاعل هو اجلواز واإلمكان وترجح : املتكلمنيواجلواب على قاعدة

جانب الوجود على العدم وذلك مل خيتلف خريا كان أو شرا فالوجود من حيث هو وجود خري كله أو يقال ال خري عل يريد الوجود من حيث فيه وال شر والفعل من حيث وجوده ينسب إىل الفاعل ال من حيث هو خري أو شر والفا

هو وجود ال من حيث هو خري أو شر بل اخلري والشر إما أمران إضافيان بأن يكون شيء خريا باإلضافة إىل شيء شرا باإلضافة إىل شيء وإما أمران شرعيان فريجع احلسن والقبح واخلري والشر فيه إىل قول الشارع افعل ال تفعل

حيث قالوا يف إرادة الكائنات أنه لو كان مريدا للشر لكان شرا فإن الشر مل وهذا هو جوابنا عن قول املعتزلةينسب إليه إال من جهة وجوده والوجود من حيث هو وجود ال شر فيه وهو مريد ملوجود مبعىن أنه على صفة يتأتى

.يقةمنه التخصيص بالوجود دون العدم وببعض اجلائزات دون البعض فلم يكن مريدا للشر يف احلقونقول للتنويه أنا كما صادفنا يف املوجودات خريا وشرا متمايزين فقد صادفنا يف املوجودات خريا وشرا خمتلطني

فإن عامل اخلري احملض هو عامل املالئكة وعامل الشر احملض هو عامل الشياطني وعامل االختالط واالمتزاج هو عامل البشر زاج فإن املمتزج من حيث هو ممتزج على طبيعة غري ما كان املنفرد عليها فهال فهال أثبتم ثالثا ينسب إليه االمت

كانت الطبيعة املذكورة دالة على ثالث لكن قلتم اخلري والشر مل خيتلفا باالمتزاج بل داللتهما واحد كمذلك نقول مل .خيتلفا يف الوجود فإن داللة الوجود واحدةفأما طريقتهم قالوا : ى يف الوحدانية فأجابوا عن هذا السؤال على طريقتهموقد سلك الفالسفة اإلهليون طريقة أخر

قد شهد العقل الصريح بأن الوجود ينقسم إىل ما يكون واجبا يف ذاته وإىل ما يكون ممكنا يف ذاته وكل ممكن فإمنا و تقف على واجب بذاته يترجح جانب الوجود منه على جانب العدم مبرجح فإما أن تذهب املمكنات إىل غري هناية أ

غري ممكن لكنها لو ذهبت إىل غري النهاية ملا وجدت إذ كان يتوقف وجود كل ممكن على سبق وجود مرجحه وذلك حمال فال بد أن يقف على واجب بذاته مث الواجب بذاته ال جيوز أن يكون لذاته مبادي جيتمع منها واجب

جلنس والفصل فإن املبادي جيب أن تكون سابقة على ذات واجب الوجود ال أجزاء كمية وال كاملادة والصورة واالوجود ويكون واجبا هبا ال بذاته وقد فرضنا الواجب بذاته فهذا خلف ولو قدرنا اثنني واجيب الوجود اشتركا يف

كون كل واحد منهما واجب الوجود فال بد أن ينفصل أحدمها عن الثاين بفصل خيصه فيكون وجوب الوجود فيه وهو ذايت هلما فيكون جنسا وما خيص أحدمها دون الثاين فصال ويكون ذاته متركبا منهما وجيب أن مشتركا

تكون األجزاء متقدمة بالذات على ذاته فهو خلف فإذا نوع واجب الوجود سواء أطلق إطالقا أو خصص ختصيصا وحدته ووحدته ختصصه وتعينه من غري أن ال جيوز أن يكون إال واحدا فوجوده وجوبه ووجوبه حقيقته وحقيقته

يتمايز وجوب عن وجود ووجود عن ماهية وحقيقة وعن هذا نفوا صفات الباري تعاىل زائدة على الذات كما

Page 34: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.سيأيت تفصيل ذلك يف مسئلة الصفات إن شاء اهللا تعاىل .مث جرحوا داللة اخلري والشر بل وقوع الشر يف الوجود على مذهبهم

ر ال معىن له إال عدم وجود أو عدم كمال وجود والعدم يدخل يف القضاء بالعرض ال بالذات بل بأن قالوا الشالقصد األول يف اإلبداع ان يكون وجود مث القسمة العقلية أن يكون وجود هو خري حمض أو يكون وجود ال

أكثره شر كذلك فال يتحقق حصوله إال على أن يتبعه شر أما وجود الشر احملض فهو مستحيل بل الوجود الذيوجود وجود يتبعه شر قليل أكثر شرا من وجوده فالشر داخل يف الوجود بالقصد الثاين وال داللة له على مدلول

.إذ ال حقيقة لوجوده كما بيناه وقد سلكت املعتزلة طريق التمانع يف استحالة اإلهلني كما سلكناه ومل يستمر هلم ذلك حيث جوزوا اختالفا يف إرادة

.الباري سبحانه وإرادة العبد واختالفا يف الفعل فال متانعوسلك الكعيب طريقا آخر وقال لو قدرنا قائمني بأنفسهما ال يتميز أحدمها عن األخر بزمان أو مبكان أو حيز وال

فس النزاع يكون ألحدمها حقيقة خاصية ميتاز أحدمها عن الثاين هبا فهو مستحيل عقال واخلصم رميا يقول هذا هو نعربت عنه تعبريا وصريته دليال فإن مجاعة من العقالء صاروا إىل إثبات جواهر عقلية من عقول جمردة ونفوس جمردة

قدميات قائمات بأنفسها وميتاز بعضها عن بعض خبواص وحقائق ومل متنع العقول ثبوهتا ومن أراد أن يسلك هذه .حقق االستحالة وتتضح للعقل واهللا أعلمالطريقة فال بد أن يزيد فيها شروطا حىت يت

القاعدة الرابعة

يف إبطال التشبيه

.وفيها الرد على أصحاب الصور وأصحاب اجلهة والكرامية يف قوهلم إن الرب تعاىل حمل للحوادثفمذهب أهل احلق أن اهللا سبحانه ال يشبه شيئا من املخلوقات وال يشبهه شيء منها بوجه من وجوه املشاهبة

فليس الباري سبحانه جبوهر وال جسم وال عرض وال يف مكان " ليس كمثله شيء وهو السميع البصري " املماثلة و .وال يف زمان وال قابل لألعراض وال حمل للحوادث

وسارت الغالبة من الشيعة إىل نوعي تشبيه أحدمها تشبيه اخلالق باخللق فقالت املغريية والبيانية واهلامشية ومن تابعهم إنه اإلله ذو صورة مثل صور اإلنسان ونسج على منواهلم مجاعة من مشبهة الصفاتية متمسكني بقوله صلى اهللا عليه

.ويف رواية على صورته والنوع الثاين تشبيه املخلوق باخلالق" خلق اهللا آدم على صورة الرمحن " وسلم أو فيه جزء من اإلله واإلله سبحانه وتعاىل عن فقالت هؤالء من الغالبة ومجاعة أخرى أن شخصا من األشخاص إله

.قوهلم متشخص به نسجا على منوال النصارى واحللولية يف كل أمة ومن الكرامية من صار إىل أنه جوهر وجسموأطبقوا على أنه جبهة فوق وأنه حمل احلوادث قالوا إذا خلق اهللا سبحانه جوهرا أحدث يف ذاته إرادة حدوثه ورمبا

عن لفظ أحدث فقالوا حدثت له إرادة حدوثه وكاف ونون وإذا كان احملدث مسموعا حدث له تسمع احترزواوإذا كان مبصرا حدث له تبصر فتحدث له مخس من الصفات احلادثة بكل حمدث أحدثه ورمبا احترزوا عن إطالق

فقالوا مشيئة قدمية وإرادة حادثة لفظ احللول واحملل وإن أطلقوا االتصاف باحلادث وفرقوا بني املشيئة واإلرادة ولذلك فرقوا بني التكوين واملكون واألحداث واحملدث واخللق واملخلوق فاخللق حادث يف ذاته واملخلوق مباين

وكذلك التكوين عبارة عن قوله كن والقول قائم بذاته واملكون مباين وكذلك كالمه تعاىل صفات حتدث له وهي

Page 35: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ات عند بعضهم وعند بعضهم من حروف جمردة فهو حادث ليس بقدمي وال عبارات منتظمة من حروف وأصوحمدث وأحالوا فناء ما حدث من الصفات يف ذاته ومل يطلقوا لفظ التقدم والتأخر على احلروف والكلمات واجتهد

ه غري حممد بن اهليصم منهم يف كل مسئلة من مسائل التشبيه حىت رد اخلالف فيها إىل ما يسوغ أن يذكر وال يسف .مسئلة احلوادث فإنه تركها على التكال األول بعلم صاحبه أيب عبد اهللا الكرام

لنا دليل شامل يعم إبطال مذاهب املشبهة مجلة وعلى كل فرقة ممن عددناهم حجة خاصة ونقض على االنفراد . فنبتدي باألعم

فلو كان الباري سبحانه متقدرا بقدر ونقول التقدر باألشكال والصور والتغري باحلوادث والغري دليل احلدوث متصورا بصورة متناهيا حبد وهناية خمتصا جبهة متغريا بصفة حادثة يف ذاته لكان حمدثا إذ العقل بصرحيه يقضي أن

األقدار يف جتويز العقل متساوية فما من قدر وشكل يقدره العقل إال وجيوز أن يكون خمصوصا بقدر آخر ومتيزه جبهة ومسافة يستدعي خمصصا ومن املعلوم الذي ال مراء فيه أن ذاتا مل تكن موصوفة واختصاصه بقدر معني

بصفة مث صارت موصوفة فقد تغريت عما كانت عليه والتغري دليل احلدوث فإذا مل يستدل على حدوث الكائنات .ري واملقدر يستدعي مقدراإال بالتغري الطارئ عليها وباجلملة فالتغري يستدعي مغريا خارجا من ذات املغ

فإن قيل مب تنكرون على من يقول إن القدر الذي اختص به هناية وحد واجب له لذاته فال حيتاج إىل خمصص واملقادير اليت هي يف اخللق إمنا احتاجت إىل مقدر ألهنا جائزة وذلك ألن اجلواز يف اجلائزات إمنا يعرف بتقدير

قية مقدورة عرف جوازها واحتاج اجلواز إىل مرجح فإذا مل يكن فوق الباري سبحانه القدرة فلما كانت املقادير اخللقادر يقدر عليه مل تكن إضافة اجلواز وإثبات االحتياج له ألسنا اتفقنا على أن الصفات مثان أفهي واجبة له على هذا

.العدد أم جائز أن توجد صفة أخرىقول االختصاص باحلد املذكور واجب له إذ ال فرق بني مقدار يف فإن قلتم جيب االحنصار يف هذا العدد كذلك ن

.الصفات عددا وبني مقدار يف الذات حدا .فإن قلتم جائز أن توجد صفة أخرى فما املوجب لالحنصار يف هذا احلد والعدد فيحتاج إىل خمصص حاصر

لف شاهدا وغائبا يف تطرق اجلواز العقلي إليها واجلواب قلنا املقادير من حيث أهنا مقادير طوال وعرضا وعمقا ال ختتواستدعاء املخصص فإنا لو قدرنا مثل ذلك املقدار بعينه يف الشاهد تطرق اجلواز العقلي إليه واختصاصه به دون

مقدار آخر يستدعي املخصص وتطرق اجلواز إىل اجلائزات ال يتوقف على تقدير القدرة عليها بل معرفة ذلك بينة ورية حىت صار كثري من العقالء إىل أن العقل نفسه عبارة عن علوم ضرورية هي معرفة اجلواز يف للعقل ضر

اجلائزات واالستحالة يف املستحيالت والوجوب يف الواجبات وتقدير القدرة عليها إمنا حيتاج إليه يف ترجيح أحد .اجلائزين على الثاين ال يف تصور نفس اجلواز

من أصحاب الكالم وأما الصفات واحنصارها يف مثان فقد اختلف اجلواب عنه بوجوه وهذه نكثة قد أغفلها كثري .منها أهنم منعوا إطالق لفظ العدد عليها فضال عن الثمانية

وقالوا قد دل الفعل بوقوعه على أن الفاعل قادر وباختصاصه ببعض اجلائزات على أنه مريد وبأحكامه على أنه عامل ضايا خمتلفة وورد يف الشرع إطالق العلم والقدرة واإلرادة وال مدلول سوا ما دل الفعل وعلم بالضرورة أن الق

عليه أو ورد يف الشرع إطالقه وهلذا اقتصرنا على ذلك فلو سئل هل جيوز أن يكون له صفة أخرى اختلف اجلواب بدليل الفعل والفعل ما دل إال عنه فقيل ال يتطرق اجلواز إليه فإنا مل نثبت له الصفات بطريق التجويز العقلي بل

على تلك الصفات وقيل جيوز عقال إال أن الشرع مل يرد به فيتوقف يف ذلك وال يضرنا االعتقاد إذا مل يرد به

Page 36: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تكليف فينسب إىل املكلف تقصري ومنها أهنم فرقوا يف الشاهد بني الصفات الذاتية اليت تلتئم منها حقيقة الشيء اليت ال مدخل هلا يف حتقيق حقيقة الشيء فإن الصفات الذاتية ال تثبت للشيء مضافة إىل وبني املقادير العرضية

الفاعل بل هي له من غري سبب واملقادير املختلفة تثبت للشيء مضافة إىل الفاعل فإن جعلها له بسبب ومنها أهنم ون صفة مدح وكمال أو تكون صفة ذم قالوا لو قدرنا صفة زائدة على الصفات الثمانية مل خيل احلال فيها إما أن تك

ونقصان فإن كانت صفة كمال فعدمها يف احلال نقص وقد اتصف الباري سبحانه بصفات الكمال من كل وجه وإن كانت صفة نقصان فعدمها عنه واجب وإذا بطل القسمان تعني أنه ال جيوز أن يتصف بصفة زائدة على

ل جيوز لباري سبحانه أخص وصف ال ندركه وفرق بني هذا السؤال الصفات الذاتية ويترتب على ما ذكرناه أنه هوالسؤال األول فإن السائل األول سأل هل جيوز أن تزيد صفة على الصفات الثمانية والسائل الثاين سأل هل له

.أخص وصف به يتميز عن املخلوقات

يكون ألنه بذاته وصفاته يتميز واختلف جواب األصحاب عنه أيضا فقال بعضهم ليس له أخص وصف وال جيوز أن عن ذوات املخلوقات وصفاهتا من حيث أن ذاته ال حد هلا زمانا ومكانا وال يقبل االنقسام فعال وومها خبالف ذوات

املخلوقات وصفاهتا فإهنما غري متناهية يف التعلق باملتعلقات فلو كان الغرض أن يتحقق أخص وصف يه يقع التميز .ا ذكرنا فال أخص سوا ما عرفنافقد وقع التميز مب

وقال بعضهم له أخص وصف اإلهلية ال ندركه وذلك أن كل شيئني هلما حقيقتان معقولتان فإهنما يتمايزان بأخص وصفيهما ومجيع ما ذكرنا من أن ال حد وال هناية وال انقسام للذات وال تناهي للصفات كل ذلك سلوب وصفات

.الشيء بل ال بد من صفة إثبات يقع هبا التميز وإال فترتفع احلقيقة رأسا نفي وبالنفي ال يتميز الشيء عنمث إذا أثبت أن له أخص الوصف فهل جيوز أن ندركه؟ قال إمام احلرمني ال جيوز أن ندركه أصال وقال بعضهم جيوز

لمني وتصوير أن يدرك وقال ضرار بن عمرو يدرك عند الروية حباسة سادسة ونفس املسئلة من حمارات املتك .األخص من حمارات العقول

فإن قيل إذا قدر موجودان قائمان بأنفسهما حبيث ال يكون أحدمها حبيث يكون الثاين كالعرض يف اجلوهر فمن الضرورة إما أن يكونا متجاورين وإما أن يكونا متباينني وعلى الوجهني مجيعا جيب أن يكون كل واحد منهما جبهة

وا عن هذا املعىن بأن قالوا الباري سبحانه ال خيلو إما أن يكون داخل العامل أو خارجا عن العامل من الثاين ورمبا عربوكما أن الدخول بالذات يقتضي جماورة وومماسة واخلروج بالذات يستدعي مباينة وجهة ورمبا شككوا أبلغ

.تشكيك على سبيل اإللزامومن املعلوم أن الصفات ال تكون كل واحدة حبيث الثانية وال منحازة فقالوا اتفقنا على أن له سبحانه ذاتا وصفات

عنها جبهة فإن القائم بالغري ال يقبل التحيز رأسا بل هي كلها قائمة بذاته أي حبيث ذاته فقد حتقق التميز بني الذات فال تكون والصفات وذلك راجع إىل أن الذات هلا حيث حىت تكون الصفات حبيث هو والصفات ال حيث هلا

الذات حبيث هي وما قيل التحيث بالنسبة إىل الصفات فلو قدر قائم بذات آخر فمن ضرورته أن ال يكون حبيث هو حىت يتحقق فرق بني الصفات اليت هي حبيث هو وبني ذلك القائم بذاته الذي ليس حبيث هو فيثبت له جهة ما

فأثبتنا اجلهة " وهو القاهر فوق عباده : " وق قال اهللا تعاىلينحاز هبا عنه وقد ورد السمع بأن تلك اجلهة هي جهة فعقال وأثبتنا الفوقية مسعا واستنبطنا من النص الوارد فيه معىن وهو كون الفوق أشرف اجلهات وأليق بكمال الصمدية وهلذا تعلقت القلوب بالسماء ورفعت األيدي ودلت عليها إشارة اخلرساء وإليها كان معراج سيد

.بياءاألن

Page 37: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

واجلواب قلنا هذه الشبهات كلها نشأت من اشتراك يف لفظ القائم بالنفس فإن عندنا يطلق هذا اللفظ يف حق الباري سبحانه مبعىن أنه مستغن عن احملل واحليز مجيعا ويطلق على اجلوهر مبعىن أنه مستغن عن احملل فقط واملستغىن

ملستغىن عن احملل واحليز يف مقابلة احملتاج إىل احملل واحملتاج إىل احليز على اإلطالق يف مقابلة احملتاج على اإلطالق وافلننقل العبارة إىل هذه اجلهة حىت يتبني أنكم جعلتم نفس النزاع دليال متمسكني باشتراك يف العبارة دون املعىن

ورين أو متباينني حمال تقديره فإن ونقول قدرناه مستغنيا عن احملل واحليز وحمتاجا إىل احليز فيجب أن يكونا إما متجاالتجاور والتباين من لوازم التحيز يف املتحيزات فاملستغين عن التحيز كيف يكون إما متجاورا وإما متباينا هذا كمن

يقول القائمان بأنفسهما إما أن يكونا جمتمعني أو مفترقني متحركني أو ساكنني قيل االجتماع واالفتراق من لوازم التحدد وال حيز له سبحانه وال حد وال اجتماع وال افتراق بل إذا فتش على اجملاورة واملباينة مل يتحقق منه التحيز و

.إال نفس االجتماع واالفتراق وما جاور أو باين فقد تناهى ذاتا واملتناهي إذا اختص مبقدار استدعي خمصصا

العامل وال خارج ألن الدخول واخلروج من لوازم وكذلك اجلواب عن الدخول واخلروج فإنا نقول ليس بداخل يف املتحيزات واحملدودات وهلذا ال يطلقان على األعراض ومها كاالجتماع واالفتراق واحلركة والسكون وسائر

األعراض اليت ال ختتص باإلجرام اليت ال حياة هلا ولو قيل هو اهللا سبحانه داخل يف العامل مبعىن العلم والقدرة وخارج وهو " وقد ورد " وهو القاهر فوق عباده " عامل مبعىن التقدس والتنزيه كان معىن صحيحا كما ورد يف التنزيل عن ال

" إين قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاين " وقوله سبحانه " وحنن أقرب إليه من حبل الوريد " " معكم أينما كنتم " وهو الذي يف السماء إله " الة على بعد الفوق وكما ورد اآلية بل اآليات الدالة على القرب أكثر من اآليات الد

وباجلملة من تصور وجوده وجودا مكانيا طلب له جهة ما واحنيازا عن العامل " ويف األرض إله " وورد مقرونا به متناهية أو غري ببينونة متناهية أو غري متناهية كما أن من ختيل وجوده زمانيا طلب له مدة وتقدما على العامل بأزمنة

متناهية وكال التخييلني باطل فهو األول واآلخر إذ ليس وجوده سبحانه زمانيا والظاهر والباطن إذ ليس وجوده .مكانيا

وأما الشك الثاين الذي أوردوه على سبيل اإللزام وهو االتفاق من الكرامية والصفاتية أن هللا سبحانه ذاتا وصفات .يست كل صفة حبيث الثانية بل حبيث الذاتوالصفات قائمة بالذات ول

قيل من أثبت الصفات األزلية قائمة بذات الباري تعاىل ليس يعين بالقيام ما عنيتم وال أطلق أهنا حبيث هو كما أطلقتم بل يعين بالقيام وصف الباري سبحانه وتعاىل هبا والوصف من حيث هو وصف ال يقتضي أن يكون

كم للوصف بأنه معىن موجود أو حال فهو مبعىن آخر وإال فمجرد الوصف والصفة من املوصوف حبيز وجهة مث احلحيث هو وصف ال يقتضي ذلك مث إطالق لفظ احليث أيضا قد اتسع حىت يقال هذا يف العرض من حيث هو

لية موجود له حكم ومن حيث هو عرض له حكم وليس يعين بإطالق لفظ احليث إال االعتبار العقلي والوجوه العقواحلاصل يف هذا السؤال أن األلفاظ اليت أوردوه كلها مشتركة ولفظ القائم بالذات والقائم بالغري ولفظ الدخول

واخلروج ولفظ احليث واجلهة وباجلملة فليعلم أن جهات األجسام من أحكام النهايات يف األجسام حىت لو قدر يكون فوق وحتت وميني ويسار وقدام وخلف ولذلك تتحقق مقدر جسما غري متناه بالفعل مل يكن للجهات معىن فال

إليها اإلشارة ولذواهتا اختصاص وانفراد من جهة أخرى وإذا كانت األجسام كرية أي مدورة فيكون جتدد اجلهات على سبيل احمليط واحملاط والفوق والسفل فيها على سبيل املركز واحمليط فإن قدر العامل كري الشكل إما تقديرا

د عليه حقيقة وإما تقديرا جيوز أن يوجد عليه تصورا قيل إن الباري سبحانه جبهة من العامل فيكون ال حمالة حميطا أوجا بكل العامل وإال فيخلو عن ذاته طرف من جهات الفوق وعندهم هو فوق العامل بأسره فهو خلف فيلزم عليه فوق

Page 38: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

لشمايل وحتت بالنسبة إىل من هو عليها على موازاة القطب بالنسبة إىل من هو على األرض على موازاة القطب ااجلنويب بل يكون بعض منه فوقا وبعض منه حتتا وذلك حمال وإما تعلق القلوب بالسماء ورفع األيدي عليها والنزول إليها بل العرش قبلة الدعاء واألرض مسجد الصالة والكعبة وجهة الوجه وموضع السجود قبلة العني وأقرب ما

.يكون العبد من الرب إذا كان يف السجود واسجد واقترب

ومما أوجب التشبيه قيام احلوادث بذاته سبحانه وقد ذهبت الكرامية إىل جواز ذلك ومن مذهبهم إمنا حيدث من احملدثات فإمنا حيدث بإحداث الباري سبحانه واألحداث عبارة عن صفات حتدث يف ذاته من إرادة لتخصيص الفعل

د ومن أقوال مرتبة من حروف مثل قوله كن وأما سائر األقوال كاألخبار عن األمور املاضية واآلتية والكتب بالوجواملنزلة على الرسل عليهم السالم والقصص والوعد والوعيد واألحكام واألوامر والنواهي والتسمعات للمسموعات

ن األحداث يف شيء وعلى طريقة إمنا والتبصرات للمبصرات فتحدث يف ذاته بقدرته األزلية وليست هي ماألحداث يف اخللق على مذهب أكثرهم قول وإرادة والقول مها صورتان مها حرفان وعلى طريقة حممد بن اهليصم األحداث إرادة وإيثار وذلك مشروط بالقول شرعا وجوز بعضهم تعلق أحداث واحد مبحدثني إذا كانا من جنس

أحداث فيحدث يف ذاته لكل حمدث مخس صفات إرادة وكاف ونون وتسمع واحد وأكثرهم على أن لكل حمدث وتبصر وقد أثبتوا مشية قدمية تتعلق باحلادث واحملدث واألحداث واخللق مث قالوا هذه احلوادث ال تصري صفات هللا

ء ويستحيل عدمها بعد تعاىل وإمنا هو خالق خبالقيته ال خبلق مريد بإراديته ال بإرادة قائل بقائليته وهي واجبة البقا .وجودها يف ذاهتا

.وللمتكلمني عليه طريقان يف الكالم أحدمها الربهان والثاين املناقضة يف اإللزامأما الربهان فنقول لو قامت احلوادث بذات الباري سبحانه وتعاىل التصف هبا بعد أن مل يتصف ولو اتصف لتغري

ق املقدمة األوىل أن معىن قيام األعراض مبحاهلا كوهنا أوصافا هلا كالعلم والتغري دليل احلدوث إذ ال بد من مغري وحتقيإذا قام جبوهر وصف اجلوهر بأنه عامل وكذلك سائر املعاين واألعراض فليس ذلك كالوصف بكون الباري تعاىل

لق قائم بذاته تعاىل خالقا صانعا على مذهب من مل يفرق بني اخللق واملخلوق فإن املخلوق ال يقوم بذات اخلالق واخلعندكم فيجب أن يكون وصفا له وكذلك يقال أراد فهو مريد بإرادة وقال فهو قائل بقول وإذا حتقق كونه وصفا له بعد أن مل يكن موصوفا به فقد حتقق التغري والتغري خروج شيء إىل غري ما كان عليه وال يشترط فيه بطالن صفة

من صفات مث اعتراه صفات فقد تغري عما كان عليه فليس للخصم اعتراض على وجتدد صفة فإنه إذا كان خاليا هذه الطريقة إال منع االتصاف أو منع التغري وقد أثبتنامها ولكنه وضع لنفسه اصطالحا يف أحكام املعاين القائمة

والسكون القائمني باجلوهر بالغري وميز بني حكم العلم والقدرة وهي العاملية والقادرية واملريدية وبني حكم احلركة وهو املتحركية والساكنية فإن كان هذا التميز غري مقبول عقال فإن اتصاف احملال باألوصاف احلادثة واتصاف

الذات باألوصاف من حيث أهنا صفات وموصوفات ليس ختتلف وال تأثري للقدم واحلدوث فيها أصال فإنه إن كان خيتلف احلال بني وصف ووصف وإن كان الوصف راجعا إىل حقيقة يف الوصف راجعا إىل القول واللسان فال

املوصوف يعرب عنها لسان الواصف فال خيتلف احلال بني حقيقة وحقيقة واملعىن إذا قام بذات أو حمل صار وصفا .وصفة هلا ورجع حكمه إليه بالضرورة

حيث أنه كان يف نفسه وباعتبار ذاته جائز برهان آخر أوضح مما قد سبق وهو أن كل حادث حيتاج إىل حمدث من الوجود والعدم فلما ترجح جانب الوجود على العدم احتاج إىل مرجح بالضرورة مث ذلك املرجح إن كان حادثا احتاج إىل مرجح مث يتسلسل القول فيه إىل ما الهناية له وجهة االحتياج ال خيتلف احلال فيها بني حادث يف ذاته

Page 39: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

بني حمدث مباين ذاته فإنه إمنا احتاج جبهة تردده بني طريف جواز الوجود والعدم ال جبهة التباين وغري سبحانه وتعاىل و .التباين وهذا قاطع ال اعتراض عليه

.ونقول إن تصور وجود حادث ال بإحداث فإما أن يقال حيدث ذلك احلادث بنفسه أو بقدرته أو مبشيئته قدمية .العقل الصريح بضرورة حكمه بأن ما مل يكن فكان احتاج إىل حمدث مكون فإن قيل حيدث بنفسه فقد باهتوا

فإن قيل أحدث بقدرة ومشيئة فقد ناقضوا قضية العقل فإن ذلك احلادث إذا جاز أن حيدث بالقدرة فلم ال جيوز أن . يكن فكانحيدث احملدثات كلها بقدرته ومشيئته إذ ال فرق يف نظر العقل بني احلادث واحملدث من حيث أنه مل

والفرق بينهما من حيث اللغة أن أحدمها الزم والثاين متعد ال ينتهض فرق من حيث العقل فإنا إذا قلنا قام وقعد وجاء وذهب كان احلكم الزما والقيام والقعود واجملي والذهاب فعله ومفعوله كما هو فعله والعقل ال يفرق بني

غريه على مذهب من قال به ومن قال أن الفعل ال يباين حمل القدرة فلم فعل اإلنسان شيئا يف نفسه وبني فعله يف .يفرق فيه بني الفعل واملفعول وال متمسك للخصم يف هذه املسئلة إال بأمر لغوي ولفظ اصطالحي

وقد ألزم عليه الفلسفي إلزاما ال حميص له عنه فقال كل ذات مل حيدث فيها معىن مث حدث فيها قبل احلدوث داد القبول وصالحيته وقوته مث إذا حدث فيها القبول تبدل االستعداد بالوجود والصالحية باحلصول والقوة استع

بالفعل ويلزم أن يكون يف ذاته معىن ما بالقوة مث معىن ما بالفعل وذلك بعينه هو اهليويل والصورة وقد أثبتوا هللا عدمية فإن االستعداد والصالحية عدم شيء من إثباته أن سبحانه وتعاىل قبل خلق العامل خصائص اهليويل وهي طبائع

.يكون شيئا وواجب الوجود لذاته منزه عن طبيعة اإلمكان والعدم اللذان مها منبع الشروأما طرق اإللزام عليهم فمنها أن قالوا قول اهللا سبحانه وتعاىل وإرادته من جنس قولنا وإرادتنا مث لقوله وإرادته

امل مبا فيه من السموات واألرض فيلزم أن حيصل بإرادتنا وقولنا مثل ذلك فإن قوله كن كاف مفعوالت مثل الع .ونون من جنس أقوالنا من غري فرق

فإن قيل إمنا حصل قوله مبباشرة قدرته وإرادته ومشيئته القدمية وقولنا مل حيصل هبما وقوله يف ذاته قول له ال لغريه .وقد قصد به التكوين ال بغريه

يل له إن كان هذا فرقا فلم يكن قوله إذا من جنس أقوالنا بل احلق أن القول إذا حدث بعد أن مل يكن فهو كقولنا قاحلادث بعد أن مل يكن ومل يكن إلضافته إىل القدرة أثر بعد احلدوث فإنه إمنا أثر يف حال االنفصال عن القدرة ال يف

صول ذاته فقط ال يف شيء آخر حيدث به وعن هذا لو أحدث قوال حال تعلق القدرة به وإمنا أثرت القدرة يف حلنفسه يف شجرة وقصد به التكوين مل حيصل به شيء فبطل قوهلم إمنا قصد به األحداث وبطل ما اعتذروا به وحصل ات أن قوله ال ينبغي أن يوجد كقولنا أو قولنا يوجد كقوله إذ ال فرق بني قول وقول يف احلدوث واحلروف واألصو

واالحتياج إىل احملل بل قولنا أو كد فإنه إذا قام مبحل اتصف احملل به وحتققت له النسبة إىل احملل وعندكم قول اهللا سبحانه قائم به من غري أن تتصف به الذات ومل تتحقق له نسبة إىل الذات إال جمرد اإلضافة وقد انقطع حكمه عن

.ال حال أن حيدث القدرة القدمية فإنه إمنا يوجد بعد أن حيدثومن اإللزامات أن قوله كن ال خيلو إما أن يسبق أحد احلرفني على الثاين أو يتالزمان يف الوجود إما يف حال الوجود

أو حال البقا فإن سبق أحدمها وتاله الثاين فأما أن يبقى األول أو مل يبق فإن بقي مقوال مسموعا مل يكن كن بل الثاين حىت يكون مترتبا متعاقبا وإال فالكاف املسموع مع النون دواما ال يتصور أصال األول ما مل ينعدم ال يوجد

وإن مل يبق فقد انعدم وعندكم ما حل يف ذاته تعاىل ال جيوز عليه العدم وإن كانا يتالزمان يف الوجود فقد أوجد أن يسبق حرفا يف القول والتكلم أحدمها مع الثاين فليس الكاف بالتقدمي أوىل من النون وكذلك كل حرف جيب

Page 40: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.حىت يكون بترتبه وتعاقبه كالما مسموعاومن اإللزامات إثبات أكوان حادثة مع الكون القدمي وإثبات علوم حادثة مع العلم القدمي كإثبات إرادة حادثة مع

.املشيئة القدمية وقد ذكر املتكلمون ذلك يف كتبهملباري سبحانه ما مل يسمع قبله ورأى ما مل ير قبله فيجب أن حيدث له تسمع أما شبهة الكرامية أن قالوا مسع ا

.وتبصرفقيل هلم أتقولون مل يكن الباري سبحانه سامعا لألصوات فصار سامعا هلا وال رائيا للمدركات فصار رائيا هلا ومل

ذي سبق وجوده فصار مريدا يف الوقت يكن قائال لألوامر والنواهي فصار قائال ومل يرد وجود العامل يف الوقت الالذي أوجده فيدل كل ذلك على جتدد وصف له وإن مل تقولوا أنه صار مسيعا بصريا مريدا فقد تناقض قولكم أنه

.مسع ما مل يسمع ورأى ما مل ير وأراد ما مل يرد

صار كذا فال النفي على أصلنا مث اجلواب احلقيقي قلنا قد مجعتم بني كلميت نفي وإثبات يف قولكم مل يكن كذا فمسلم وال اإلثبات على أصلكم مذهب لكم فأما النفي على أصلنا فغري مسلم أنه مل يكن مسيعا بصريا بل هو بصري مسيع أبدا وأزال كما هو عليم قدير أبدا وأزال وإمنا التجدد يرجع إىل املدرك كما يرجع التجدد إىل املعلوم واملقدور

مل يكن مستويا على العرش فصار مستويا ومل يكن جبهة فوق فصار جبهة فوق وباالتفاق مل حتدث له فهو كقولكم صفة مل تكن بل النفي إمنا يرجع إىل املدركات فنقول مل تكن املسموعات واملرئيات موجودة فيسمع ويرى فوجدت

تعلق شرط فيه الوجود واحلياة والعقل فتعلق هبا السمع والبصر فكان التعلق مشروطا بالوجود ال باملتعلق ورب .والبلوغ مث عدم الشرط مل يقتض عدم املتعلق

أما اإلثبات فعلى أصلكم مل يوصف الباري سبحانه باحلوادث يف ذاته فكيف يصح على مذهبكم أنه صار مسيعا التغيري والتغيري دليل بصريا وإن التزمتم االتصاف فقد سلمتم لنا املسئلة فإن االتصاف بصفة مل يكن قبل صريح

احلدوث وهذه احلوادث باقيات على مذهبكم واملتعلقات فانية وإثبات صفة من الصفات املتعلقة يتأخر تعلقها أو متعلقها غري مستحيل كالعلم والقدرة واملشيئة أما إثبات صفة باقية يتقدم تعلقها أو متعلقها فهو مستحيل فإنه إذا

دثة يف ذاته ووجد العامل وبقي وفين فهو مريد أبد الدهر وقائل كن أبد الدهر لشيء قد أراد وجود العامل بإرادة حا .تكون وفين وسامع لصوت وحرف قد مضى وانقضى وبصري جلسم ولون قد انقرض يف غاية االستحالة

ونقول هذه احلروف اليت أثبتموها هي حروف جمردة من غري أصوات أم هي حروف هي تقطيع أصوات فإن موها حروفا من غري أصوات فهي غري مسموعة وال هي معقولة فإن حقيقة احلرف تقطيع صوت والصوت أثبت

بالنسبة إىل احلروف كاجلنس بالنسبة إىل النوع والعرض بالنسبة إىل اللون فإن أثبتوا حروفا هي أصوات مقطعة فال نوع بالنسبة إىل احلركة والصوت بد هلا من اصطكاكات أجرام حىت يتحقق الصوت فإن اصطكاك األجرام كال

كالنوع بالنسبة إىل االصطكاك وال بد من حركة حىت يتحقق اصطكاك أو تفكيك وال بد من اصطكاك حىت يتحقق الصوت وال بد من صوت حىت يتحقق حرف وال بد من حرف حىت تتحقق كلمة وال بد من كلمة حىت يتحقق قول

فيلزم على ذلك أن يكون الباري جسما متحركا ذا اصطكاك يف تام وال بد من قول حىت تتحقق قصة وحكاية .أجزاء جسمية ويتعاىل الرب سبحانه عن ذلك علوا كبريا

وقد ختطى بعض الكرامية إىل إثبات اجلسمية فقال أعين هبا القيام بالنفس وذلك تلبيس على العقالء وإال فمذهب باألصوات مستويا على العرش استقرارا خمتصا جبهة فوق مكانا أستاذهم مع اعتقاد كونه حمال للحوادث قائال

واستعالء فليس ينجيه من هذه املخازي تزويرات ابن هيصم فليس يريد باجلسمية القائم بالنفس وال باجلهة الفوقية

Page 41: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ام واإلحكام عالء وال باالستواء استيالء وإمنا هو إصالح مذهب ال يقبل اإلصالح وإبرام معتقد ال يقبل اإلبر .وكيف استوى الظل والعود اعوج وكيف استوى املذهب وصاحب املقالة أهوج واهللا املوفق

القاعدة اخلامسة

يف إبطال مذهب التعطيل وبيان وجوه التعطيل

وقد قيل أن التعطيل ينصرف إىل وجوه شىت فمنها تعطيل الصنع عن الصانع ومنها تعطيل الصانع عن الصنع ومنها باري سبحانه عن الصفات األزلية الذاتية القائمة بذاته ومنها تعطيل الباري سبحانه عن الصفات واألمساء تعطيل ال

. أزال ومنها تعطيل ظواهر الكتاب والسنة عن املعاين اليت دلت عليها

ة إال ما نقل أما تعطيل العامل عن الصانع العامل القادر احلكيم فلست أراها مقالة ألحد وال أعرف عليه صاحب مقالعن شرذمة قليلة من الدهرية أهنم قالوا العامل كان يف األزل أجزاء مبثوثة تتحرك على غري استقامة واصطكت اتفاقا فحصل عنها العامل بشكله الذي تراه عليه ودارت األكوار وكرت األدوار وحدثت املركبات ولست أرى صاحب

لصانع لكنه حييل سبب وجود العامل على البحث واالتفاق احترازا عن هذه املقالة ممن ينكر الصانع بل هو معترف باالتعليل فما عددت هذه املسئلة من النظريات اليت يقام عليها برهان فإن الفطرة السليمة اإلنسانية شهدت بضرورة

من خلقكم أيف اهللا شك فاطر السموات واألرض ولئن سأهلم" فطرهتا وبديهة فكرهتا على صانع حكيم عامل قدير وإن هم غفلوا عن هذه الفطرة " ليقولن اهللا ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن خلقهن العزيز العليم

دعوا اهللا خملصني له الدين وإذا مسكم الضر يف البحر " يف حال السراء فال شك أهنم يلوذون إليه يف حال الضراء ليف مبعرفة وجود الصانع وإمنا ورد مبعرفة التوحيد ونفي الشريك أمرت وهلذا مل يرد التك" ضل من تدعون إال إياه

ذلك بأنه إذا " أن أقاتل الناس حىت يقولوا ال إله إال اهللا وهلذا جعل حمل النزاع بني الرسل وبني اخللق يف التوحيد لذين ال يؤمنون باآلخرة وإذا ذكر اهللا وحده امشأزت قلوب ا" اآلية " دعي اهللا وحده كفرمت وإن يشرك به تؤمنوا

وقد سلك املتكلمون طريقني يف إثبات الصانع تعاىل " وإذا ذكرت ربك يف القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا وهو االستدالل باحلوادث على حمدث صانع وسلك األوائل طريقا آخر وهو االستدالل بإمكان املمكنات على

.يف جهة االستدالل ضرورة وبديهة مرجح ألحد طريف اإلمكان ويدعى كل واحدوأنا أقول ما شهد به احلدوث أو دل عليه اإلمكان بعد تقدمي املقدمات دون ما شهدت به الفطرة اإلنسانية من

احتياج يف ذاته إىل مدبر هو منتهى احلاجات فريغب إليه وال يرغب عنه ويستغين به وال يستغين عنه ويتوجه إليه يه يف الشدائد واملهمات فإن احتياج نفسه أوضح له من احتياج املمكن اخلارج إىل الواجب وال يعرض عنه ويفزع إل

واحلادث إىل احملدث وعن هذا كانت تعريفاته اخللق سبحانه يف هذا التنزيل على هذا املنهاج أمن جييب املضطر إذا لق مث يعيده وعن هذا قال النيب دعاه أمن ينجيكم من ظلمات الرب أمن يرزقكم من السماء واألرض أمن يبدأ اخل

فتلك املعرفة هي ضرورة " خلق اهللا تعاىل اخللق على معرفته فاحتاهلم الشيطان عنها " صلى اهللا عليه وسلم االحتياج وذلك االحتيال من الشياطني هو تسويله االستغناء ونفي االحتياج والرسل مبعوثون لتذكري وضع الفطرة

فذكر إن " وقال " وما كان له عليهم من سلطان " ن فإهنم الباقون على أصل الفطرة وتطهريها عن تسويل الشيطاومن رحل إىل اهللا قربت " فقوال له قوال لينا لعله يتذكر أو خيشى " وقوله " نفعت الذكرى سيذكر من خيشى

حواله وأحنائه مث استبصر مسافته حيث رجع إىل نفسه أدىن رجوع فعرف احتياجه إليه يف تكوينه وبقائه وتقلبه يف أ

Page 42: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

أو مل يكف بربك أنه على كل " يف آيات اآلفاق إىل آيات األنفس مث استشهد به على امللكوت ال بامللكوت عليه عرفت األشياء بريب وما عرفت ريب باألشياء ومن غرق يف حبر املعرفة مل يطمع يف شط ومن تعاىل إىل " شيء شهيد

ت بالدالئل والشواهد أن العامل ال يتعطل عن الصانع احلكيم القادر العليم سبحانه ذروة احلقيقة مل خيف من حط فثب .وتقدس

وأما تعطيل الصانع عن الصنع فقد ذهب وهم الدهرية القائلني بقدم العامل إىل أن احلكم بقدم العامل يف األزل تعطيل اإلجياد وحيث ما مل يتصور مل يكن تعطيال الصانع عن الصنع وقد سبق الرد عليهم بأن اإلجياد قد حتقق حيث تصور

وكما أن التعطيل ممتنع كذلك التعليل ممتنع وأنتم عللتم وجود العامل بوجوده ومسيتم معبودكم علة ومبدا وموجبا وذلك يودي إىل أمرين حمالني أحدمها بثبوت املناسبة بني العلة واملعلول وقد سبق تقريره والثاين أن العلة توجب

ا لذاهتا والقصد األول وجود العامل من لوازم وجوده بالقصد األول فإن العايل ال يريد أمرا ألجل األسفل معلوهل .فبطل أيضا التعليل وهذا من اإللزامات املفحمة اليت ال جواب عنها

من الفالسفة أما تعطيل الباري سبحانه عن الصفات الذاتية واملعنوية وعن األمساء واألحكام فذلك مذهب اإلهليني فإهنم قالوا واجب الوجود لذاته واحد من كل وجه فال جيوز أن يكون لذاته مبادئ جتتمع فيتقدم واجب الوجود ال أجزاء كمية وال أجزاء حد سواء كانت كاملادة والصورة أو كانت على وجه آخر بأن يكون أجزاء لقول الشارح

لوجود غري اآلخر بذاته وذلك ألن ما هذا صفته فذات كل ملعىن امسه ويدل كل واحد منهما على شيء هو يف اواحد منه ليس ذات اآلخر وال ذات اجملتمع وإمنا تعينه واجب بالذات فليس يقتضي معىن آخر سوى وجوده وإن وصف بصفة فليس يقتضي ذلك معىن غري ذاته واعتبارا ووجها غري وجوده بل الصفات كلها إما إضافية كقولنا

وعلة العقل كما تقولون خالق ورازق وأما سلبية كقولنا واحد أي ليس مبتكثر وعقل أي جمرد عن املادة مبدأ العاملوقد يكون تركيبه من إضافة وسلب كقولنا حكيم مريد وسيأيت شرح ذلك يف كتاب الصفات فألزم عليهم

.مناقضاتمشوال وعموما على سبيل االشتراك مث منها أهنم أطلقوا لفظ الوجود على الواجب بذاته وعلى الواجب لغريه

خصصوا أحد الوجودين الوجوب والثاين باجلواز ومن املعلوم أن الوجوب مل يدخل يف معىن لوجود حىت يتصور الوجود فهذا إذا معىن آخر وراء الوجود واملعنيان أن احتدا يف اخلارج من الذهن فقد متايزا يف العقل مثل العرضية

ين عن هذا اإللزام قوهلم إطالق لفظ الوجوب على الواجب بذاته واجلائز لذاته بالتشكيك أي هو واللونية وليس يغيف أحدمها أوىل وأول ويف الثاين ال أوىل وال أول إذ األوىل واألول فصل آخر متيز به أحد الوجودين عن الثاين

.وذلك يؤكد اإللزام وال يدفعهومعقوال فإن اعتبار كونه واجب الوجود لذاته ال يفيد اعتبار كونه مبدأ ومن اإللزامات كونه مبدأ وعلة وعاقال

وعلة واعتبار كونه مبدأ وعلة ال يفيد اعتبار كونه عقال وعاقال ومعقوال فإن ساغ لكم احلكم بتكثري االعتبارات فات واألمساء ساغ للمتكلم إثبات الصفات وتعطيله عن الصفات تعطيل عن االعتبارات وأما الباري عن الص

واألحكام أزال وأبدا وما صار إليه صائر إال شرذمة من قدماء احلكماء قالوا إن املبدع األول آنية أزلية وهو قبل اإلبداع عدمي االسم فلسنا ندرك له امسا يف حنو ذاته وإمنا أمساؤه من حنو آثاره وأفاعيله وأبدع الذي أبدع وال

لم وال معلوم وإمنا العلم واملعلوم يف املعلول األول الذي هو العنصر فهم املعطلة صورة له عنده يف الذات أي ال عحقا ونقل عن بعض احلكماء أهنم قالوا هو هو وال نقول موجود وال معدوم وال عامل وال جاهل وال قادر وال عاجز

ملذهب إىل الغالية من وال مريد وال كاره وال متكلم وال ساكت وكذلك سائر األمساء والصفات وينسب هذا ا

Page 43: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الشيعة والباطنية وال شك أن من أثبت صانعا مل يكن له بد من عبارة عنه وذكر اسم له مث االشتراك يف األساسي ليس يوجب اشتراكا يف املعاين فهاؤالء احترزوا عن إطالق لفظ الوجود عليه وما أشبهه من األمساء ألحد أمرين

االسم يوجب اشتراكا يف املعىن فيتحقق له مثل ذلك الوجه والثاين العتقادهم أن أحدمها العتقادهم أن االشتراك يفكل اسم من األسامي اليت تطلق عليه يقابله اسم آخر تقابل التضاد مثل املوجود يقابله املعدوم والعامل يقابله اجلاهل

وجودي أو عدمي لكيال يقعوا يف والقادر يقابله العاجز فيتحقق له ضد من ذلك الوجه فاحترزوا عن إطالق لفظالتمثيل والتعطيل وحنن نعلم بأن األسامي املشتركة هي اليت ختتلف حقائقها من حيث املعاين فإن امسا الباري تبارك

وتعاىل إمنا تتلقى من السمع وقد ورد السمع أنه سبحانه عليم قدير حي قيوم مسيع بصري لطيف خبري وأمرنا أن وهللا األمساء احلسىن فادعوه هبا وذروا الذين يلحدون يف : " األمسني املتقابلني كما قال تعاىلندعوه عز وجل بأحسن

.ومل حيترز هذا االحتراز البارد وال تكلف هذا التكلف الشارد" أمسائه سيجزون ما كانوا يعملون

فات اليت يشترك فيها اخللق وقالت طائفة من الشيعة ال جيوز التعطيل من األمساء احلسىن وال جيوز التشبيه بالصفيطلق على الباري سبحانه الوجود وندعوه بأحسن األمساء وهو العليم القدير السميع البصري إىل غري ذلك مما ورد

يف التنزيل لكن ال مبعىن الوصف والصفة ألن عليا عليه السالم كان يقول يف توحيده ال يوصف بوصف وال حيد حبد ف الكيف ال يقال له كيف والذي أين األين ال يقال له أين لكنا نطلق األمساء مبعىن وال يقدر مبقدار الذي كي

اإلعطاء فهو موجود مبعىن أنه يعطي الوجود وقادر وعامل مبعىن أنه واهب العلم للعاملني والقدرة للقادرين حي مبعىن بصر وال نقول أنه عامل لذاته أو يعلم بل هو أنه حييي املوتى قيوم مبعىن أنه يقيم العامل مسيع بصري أي خالق السمع وال

إله العاملني بالذات والعاملني بالعلم وعلى هذا املنهاج يسلكون يف إطالق األسامي وكذلك الواحد والعليم والقدير وينسب إىل حممد بن علي الباقر أنه قال هل مسي عاملا إال أنه واهب العلم للعاملني وهل مسي قادرا إال ألنه واهب

القدرة للقادرين وليس هذا قوال بالتعطيل فإنه مل مينع من إطالق األسامي والصفات كمن امتنع وقال ليس مبعدوم وال موجود وال عامل وال جاهل وال قادر وال عاجز ولكنه استدل بالقدرة يف القادرين على أنه قادر وبالعلم يف

حي قيوم واقتصر على ذلك من غري خوض يف الصفات بأهنا لذاته العاملني على أنه عامل وباحلياة يف األحياء على أنهأو ملعاين قائمة بذاته كيال يكون متصرفا يف جالله بفكره العقلي وخياله الومهي وقد اجتمع السلف بل األمة على أن

هللا عليه ما دار يف الوهم أو خطر يف اخليال والفهم فاهللا سبحانه خالقه ومبدعه وال حممل لقول علي صلوات ا .وسالمه ال يوصف بوصف إال هذا الذي ذكرناه

القاعدة السادسة

يف األحوال

اعلم أن املتكلمني قد اختلفوا يف األحوال نفيا وإثباتا بعد أن أحدث أبو هاشم بن اجلباي رأيه فيها وما كانت ضي أبو بكر الباقالين رمحه اهللا بعد ترديد املسئلة مذكورة قبله أصال فأثبتها أبو هاشم ونفاها أبوه اجلباي وأثبتها القا

الرأي فيها على قاعدة غري ما ذهب إليه ونفاها صاحب مذهبه الشيخ أبو احلسن األشعري وأصحابه رضي اهللا عنهم وكان إمام احلرمني من املثبتني يف األول والنافني يف اآلخر واألحرى بنا أن نبني أوال ما احلال اليت توارد عليها

واإلثبات وما مذهب املثبتني فيها وما مذهب النافني مث نتكلم يف أدلة الفريقني ونشري إىل مصدر القولني النفي .وصواهبما من وجه وخطأيهما من وجه

Page 44: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

أما بيان احلال وما هو أعلم أنه ليس للحال حد حقيقي يذكر حىت نعرفها حبدها وحقيقتها على وجه يشمل مجيع ات احلال للحال بل هلا ضابط وحاصر بالقسمة وهي تنقسم إىل ما يعلل وإىل ما ال يعلل األحوال فإنه يودي إىل إثب

. وما يعلل فهي أحكام ملعان قائمة بذوات وما ال يعلل فهو صفات ليس أحكاما للمعاين

مريدا أما األول فكل حكم لعلة قامت بذات يشترط يف ثبوهتا احلياة عند أيب هاشم ككون احلي حيا عاملا قادرامسيعا بصريا ألن كونه حيا عاملا يعلل باحلياة والعلم يف الشاهد فتقوم احلياة مبحل وتوجب كون احملل حيا وكذلك

العلم والقدرة واإلرادة وكل ما يشترط يف ثبوته احلياة وتسمى هذه األحكام أحواال وهي صفات زائدة على املعاين كل صفة ملوجود ال تتصف بالوجود فهي حال سواء كان املعىن املوجب مما اليت أوجبتها وعند القاضي رمحه اهللا

يشترط يف ثبوته احلياة أو مل يشترط ككون احلي حيا وعاملا وقادرا وكون املتحرك متحركا والساكن ساكنا واألسود كلها وملا كانت البنية واألبيض إىل غري ذلك والبن اجلباي يف املتحرك اختالف رأي ورمبا يطرد ذلك يف األكوان

عنده شرطا يف املعاين اليت تشترط يف ثبوهتا احلياة وكانت البنية يف أجزائها يف حكم حمل واحد فتوصف باحلال وعند القاضي أيب بكر رمحه اهللا ال يوصف باحلال إال اجلزء الذي قام به املعىن فقط وأما القسم الثاين فهو كل صفة إثبات

ائدة على الذات كتحيز اجلوهر وكونه موجودا وكون العرض عرضا ولونا وسوادا والضابط لذات من غري علة زأن كل موجود له خاصية يتميز هبا عن غريه فإمنا يتميز خباصية هي حال وما تتماثل املتماثالت به وختتلف املختلفات

ني ليست موجودة وال معدومة وال هي فيه فهو حال وهي اليت تسمى صفات األجناس واألنواع واألحوال عند املثبتأشياء وال توصف بصفة ما وعند ابن اجلباي ليست هي معلومة على حياهلا وإمنا تعلم مع الذات وأما نفاة األحوال فعندهم األشياء ختتلف وتتماثل لذواهتا املعينة وأما أمساء األجناس واألنواع فريجع عمومها إىل األلفاظ الدالة عليها

خصوصها وقد يعلم الشيء من وجه وجيهل من وجه والوجوه اعتبارات ال ترجع إىل صفات هي فقط وكذلك .أحوال ختتص بالذوات وهذا تقرير مذهب الفريقني يف تعريف احلال

أما أدلة الفريقني فقال املثبتون العقل يقضي ضرورة أن السواد والبياض يشتركان يف قضية وهي اللونية والعرضية قضية وهي السوادية والبياضية فما به االشتراك غري ما به االفتراق أو غريه فاألول سفسطة والثاين ويفترقان يف .تسليم املسئلة

وقال النفاة السواد والبياض املعنيان قط ال يشتركان يف شيء هو كالصفة هلما بل يشتركان يف شيء هو اللفظ يس يرجع إىل صفة هي حال للسواد والبياض فإن حاليت الدال على اجلنسية والنوعية والعموم واالشتراك فيه ل

العرضني يشتركان يف احلالية وال يقتضي ذلك االشتراك ثوب حال للحال فإنه يؤدي إىل التسلسل فالعموم كالعموم .واخلصوص كاخلصوص

ه وحنن إمنا متسكنا قال املثبتون االشتراك واالفتراق قضية عقلية وراء اللفظ وإمنا صيغ اللفظ على وفق ذلك ومطابقتبالقضايا العقلية دون األلفاظ الوضعية ومن اعتقد أن العموم واخلصوص يرجعان إىل اللفظ اجملرد فقد أنكر احلدود

العقلية لألشياء واألدلة القطعية على املدلوالت واألشياء لو كانت تتمايز بذواهتا ووجودها بطل القول بالقضايا بشيء أوىل على شيء مكتسب متحصل وما مل يدرج يف األدلة العقلية عموما عقليا العقلية وحسم باب االستدالل

.مل يصل إىل العلم باملدلول قط وما مل يتحقق يف احلد مشوال جبميع احملدودات مل يصل إىل العلم احملدودم بالبديهة أن ال واسطة بني قال النافون الكالم على املذهب ردا وقبوال إمنا يصح بعد كون املذهب معقوال وحنن نعل

النفي واإلثبات وال بني العدم والوجود وأنتم اعتقدمت احلال ال موجودة وال معدومة وهو متناقض بالبديهة مث فرقتم بني الوجود والثبوت فأطلقتم لفظ الثبوت على احلال ومنعتم إطالق لفظ الوجود فنفس املذهب إذا مل يكن معقوال

Page 45: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.الم والدليل عليهفكيف يسوغ مساع الكومن العجائب أن ابن اجلباي قال ال توصف بكوهنا معلومة أو جمهولة وغاية االستدالل إثبات العلم بوجود الشيء

.فإذا مل يتصور له وجود وال تعلق العلم به بطل االستدالل عليه وتناقض الكالم فيه

عنيتم به أن الشيء الواحد يعلم من وجه وجيهل من مث قالوا ما املعىن بقولكم االفتراق واالشتراك قضية عقلية إنوجه فالوجوه العقلية اعتبارات ذهنية وتقديرية وال يقتضي ذلك صفات ثابتة لذوات وذلك كالنسب واإلضافات

مثل القرب والبعد يف اجلوهرين فإن عنيتم بذلك أن الشيء الواحد تتحقق له صفة يشارك فيها غريه وصفة ميايز هبا .نفس املتنازع فيه فإن الشيء الواحد املعني ال شركة فيه بوجه والشيء املشترك العام ال وجود له البتة غريه فهو

وقوهلم إن نفي احلال يؤدي إىل حسم باب احلد واحلقيقة والنظر واالستدالل بالعكس أويل فإن إثبات احلال اليت ال احلد واالستدالل فإن غاية الناظر أن يأيت يف توصف بالوجود والعدم وتوصف بالثبوت دون الوجود حسم باب

نظره بتقسيم دائر بني النفي واإلثبات فينفي أحدمها حىت يتعني الثاين ومثبت احلال قد أتى بواسطة بني الوجود والعدم فلم يفد التقسيم واإلبطال علما وال يتضمن النظر حصول معرفة أصال مث احلد واحلقيقة على أصل نفاة

بارتان عن معرب واحد فحد الشيء حقيقته وحقيقته ما اختص يف ذاته عن سائر األشياء ولكل شيء األحوال عخاصية هبا يتميز عن غريه وخاصيته تلزم ذاته وال تفارقه وال يشترك فيها بوجه وإال بطل االختصاص وأما العموم

بط شكال بشكل ونظريا بنظري والذات ال واخلصوص يف االستدالل فقد بينا أنه راجع إىل األقوال املوضوعة هلا لري .تشتمل على عموم وخصوص البتة بل وجود الشيء وأخص وصفه واحد

قال املثبتون حنن مل نثبت واسطة بني النفي واإلثبات فإن احلال ثابته عندنا ولوال ذلك ملا تكلمنا فيها بالنفي واإلثبات د فإن املوجود احملدث إما جوهر وإما عرض وهو ليس ومل نقل على اإلطالق أنه شيء ثابت على حياله موجو

أحدمها بل هو صفة معقولة هلما فإن اجلوهر قد يعلم جبوهريته وال يعلم حبيزه وكونه قابال للعرض والعرض يعلم أن بعرضيته وال خيطر بالبال كونه لونا أو كونا مث يعرف كونه لونا بعد ذلك وال يعرف كونه سوادا أو بياضا إال

يعرف واملعلومان إذا متايزا يف الشيء الواحد رجع التمايز إىل احلال وقد يعلم ضرورة من وجه ويعلم نظرا من وجه كمن يعلم كون املتحرك متحركا ضرورة مث يعلم بالنظر بعد ذلك كونه متحركا حبركة ولو كان املعنيان واحدا ملا

ق أحدمها إىل العقل وتأخر اآلخر ومن أنكر هذا فقد جحد الضرورة علم أحدمها بالضرورة والثاين بالنظر وملا سبونفاة األعراض أنكروا أن احلركة عرضا زائدا على املتحرك وما أنكروا كونه متحركا وأنتم معاشر النفاة وافقتمونا

توجب املعلول ال على أن احلركة علة لكون اجلوهر متحركا وكذلك القدرة والعلم ومجيع األعراض واملعاين والعلةحمالة فال خيلو إما أن توجب ذاهتا وإما شيئا آخر وراء ذاهتا ويستحيل أن يقال توجب ذاهتا فإن الشيء الواحد من

وجه واحد يستحيل أن يكون موجبا وموجبا لنفسه وإن أوجب أمرا آخرا فذلك األمر إما ذات على حياهلا أو صفة حياهلا فإنه يؤدي إىل أن تكون العلة بإجياهبا موجدة للذوات وتلك الذوات أيضا لذات ويستحيل أن تكون ذاتا على

علل وهو حمال فإنه يؤدي إىل التسلسل فيتعني أنه صفة لذات وذلك هو احلال اليت أثبتناها فالقسمة العقلية أجلأتنا حياهلا وقد يعلم الشيء مع غريه إىل إثباهتا والضرورة محلتنا على أن ال نسميها موجودة على حياهلا ومعلومة على

وال يعلم على حياله كالتأليف بني اجلوهرين واملماسة والقرب والبعد فإن اجلوهر الواحد ال يعلم فيه تأليف وال مماسة ما مل ينضم إليه جوهر آخر وهذا يف الصفات اليت هي ذوات وأعراض متصور فكيف يف الصفات اليت ليست

.بذوات بل هي أحكام الذواتوأما قولكم أنه راجع إىل وجوه واعتبارات عقلية فنقول هذه الوجوه واالعتبارات ليست مطلقة مرسلة بل هي

Page 46: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

خمتصة بذوات فالوجوه العقلية لذات واحدة هي بعينها األحوال فإن تلك الوجوه ليست ألفاظا جمردة قائمة باملتكلم وال معلومة بانفرادها بل هي صفات توصف هبا الذوات بل هي حقائق معلومة معقولة ال أهنا موجودة على حياهلا

فما عربمت عنه بالوجوه عربنا عنه باألحوال فإن املعلومني قد متايزا وإن كانت الذات متحدة ومتايز املعلومني يدل على تعدد الوجهني واحلالني وذلك معلومان حمققان تعلق هبما علمان متمايزان أحدمها ضروري والثاين مكتسب

.يس ذلك كالنسب واإلضافات فإهنا ترجع إىل ألفاظ جمردة ليس فيها علم حمقق متعلق مبعلوم حمققول

وقوهلم الشيء الواحد ال شركة فيه واملشترك ال وجود له باطل فإن الشيء املعني من حيث هو معني ال شركة فيه يص والتعيني ويقع فيها الشمول وهذه الصفات اليت أثبتناها ليست معينة خمصصة بل هي صفات يقع هبا التخص

والعموم وهو من القضايا الضرورية كالوجوه عندكم ومن رد التعميم والتخصيص إىل جمرد األلفاظ فقد أبطل الوجوه واالعتبارات العقلية أليست العبارات تتبدل لغة فلغة وحالة فحالة وهذه الوجوه العقلية ال تتبدل بل

عنها بلفظ عام وخاص على السواء ومن ردها إىل االعتبارات فقد ناقض وردها إىل الذوات ثابتة عليها قبل التعبري .العبارات فإن االعتبارات ال تتبدل وال تتغري بعقل وعقل والعبارات تتبدل بلسان ولسان وزمان وزمان

.ركة يف اخلواصوقوهلم حد الشيء وحقيقته وذاته عبارات عن معرب واحد واألشياء إمنا تتميز خبواص ذواهتا وال شقال املثبت هب أن األمر كذلك لكن خاصية كل شيء معني غري وخاصية كل نوع حمقق غري وأنتم ال حتدون

جوهرا بعينه على اخلصوص بل حتدون اجلوهر من حيث هو جوهر على اإلطالق فقد أثبتم معىن عاما يعم اجلواهر ا إىل حد على حياله وال جيوز أن جيري حكم جوهر يف جوهر وهو التحيز مثال وإال لكان كل جوهر على حالة حمتاج

من التحيز وقبول األعراض والقيام بالنفس فإذا مل جند بدا من أدراج أمر عام يف احلد وذلك يبطل قولكم أن األشياء إمنا تتمايز بذواهتا ويصح قولنا أن احلدود ال تستغين عن عمومات ألفاظ تدل على صفات عموم الذوات

.صفات خصوص وتلك أحوال هلا ووجوه واعتبارات عقلية أو ما شئت فسمها بعد االتفاق على املعاين واحلقائقوقال النافون غاية تقريركم يف إثبات احلال هو التمسك بعمومات وخصوصات ووجوه عقلية واعتبارات أما العموم

ال وحال هي صفة لشيء ختص ذلك واخلصوص فمنتقض عليكم بنفس احلال فإن لفظ احلال يشمل جنس األحوالشيء ال حمالة فال خيلو إما أن يرجع معناه إىل عبارة تعم وعبارة ختص فخذوا منا يف سائر العبارات العامة واخلاصة

كذلك وإما أن ترجع إىل معىن آخر وراء العبارة فيؤدي إىل إثبات احلال للحال وذلك حمال وال يغين عن هذا توصف فإنكم أول من أثبت للصفة صفة حيث جعلتم الوجود والعرضية واللونية اإللزام قولكم الصفة ال

والسوادية أحواال للسواد فإذا أثبتم للصفات صفات فهال أثبتم لألحوال أحواال وأما الوجوه واالعتبارات فقد وحال يوجب أحواال غري تتحقق يف األحوال أيضا فإن احلال العام غري واحلال اخلاص غري ومها اعتباران يف احلال

وحال هي موجبة احلال غري أليس قد أثبت أبو هاشم حاال للباري سبحانه توجب كونه عاملا قادرا والعاملية والقادرية حالتان فحال توجب وحال هي غري موجبة خمتلفتان يف االعتبار واختالف االعتبارين ال يوجب اختالف

.احلالني للحالفحمة ومن مجلتها أخرى وهي أن الوجود يف القدمي واحلادث واجلوهر والعرض عندهم حال ال هذا من اإللزامات امل

خيتلف البتة بل وجود اجلوهر يف حكم وجود العرض على السواء فيلزمهم على ذلك أمران منكران إهبام شيء د حمال أما أحدمها أن شيئا واحد يف شيئني خمتلفني أو شيئان خمتلفان يف شيء واحد وواحد يف اثنني واثنان يف واح

واحدا كيف يتصور يف شيئني فإن حال الوجود من حيث هو وجود واحد ومن بدايه العقول أن الشيء الواحد ال يكون يف شيئني مها بل يف مجيع املوجودات على السواء ويف ما مل يوجد بعد لكنه سيوجد على السواء وهو من أحمل

Page 47: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.احملالان الوجود حاال واحدا واجتمعت فيه أجناس وأنواع وأصناف فيلزم أن تتحد املتكثرات املختلفة واملنكر الثاين إذا ك

فيه ولزم تبدل األجناس من غري تبدل وتغري يف الوجود أصال وذلك كتبدل الصورة بعضها ببعض يف اهليويل عند ويل عندهم ال تعري عن الصورة إال أن من الفالسفة من غري تبدل يف اهليويل وذلك التمثيل أيضا غري سديد فإن اهلي

الصور ما هو الزم للهيويل كاألبعاد الثالثة ومنها ما يتبدل كاألشكال واملقادير املختلفة واألوضاع والكيفيات وباجلملة وجود جمرد مطلق عام غري خمتلف كيف يتصور وجوده وما حمله فإن كان اجلوهر حمال له فقد بطل عمومه

.تم العرض فقد بطل عمومه اجلوهر وإن مل يكن ذا حمل وهو من أحمل احملالالعرض فإن عني

وعن هذه املطالبة احلاقة يلوح احلق وال نبوح به ألنا بعد يف مدارج أقوال الفريقني فيقول النايف كيف يتصور وجود عرضا والعرض جوهرا على احلقيقة اليت ال تتبدل وال تتغري وإمنا تتغري أنواعه بعضها إىل بعض فيصري اجلوهر

والوجود ال خيتلف وذلك جتويز قلب األجناس فاألول سريان الوجود الواحد يف أجناس وأنواع خمتلفة والثاين احتاد .أنواع وأجناس خمتلفة يف وجود واحد

األجناس وقال املثبتون إلزام احلال علينا نقضا غري متوجه فإن العموم واخلصوص يف احلال كاجلنسية والنوعية يف واألنواع فإن اجلنسية يف األجناس ليس جنسا حىت يستدعي كل جنس جنسا ويودي إىل التسلسل وكذلك النوعية يف األنواع ليست نوعا حىت يستدعي كل نوع نوعا فكذلك احلالية لألحوال ال تستدعي حاال فيؤدي إىل التسلسل

ام وكذلك لو قال العرضية جنس فال يلزمه أن يقول وليس يلزم على من يقول الوجود عام أن يقول للعام عللجنس جنس وكذلك لو فرق فارق بني حقيقة اجلنس والنوع وفصل أحدمها عن الثاين بأخص وصف مل يلزمه أن يثبت اعتبارا عقليا يف اجلنس هو كاجلنس ووجها عقليا هو كالنوع فال يلزم احلال علينا بوجه ال من حيث العموم

ال من حيث االعتبار والوجه وأنتم معاشر النفاة ال ميكنكم أن تتكلموا بكلمة واحدة إال وإن تدرجوا واخلصوص وفيها عموما وخصوصا ألستم تنفون احلال ومل تعينوا حاال بعينها هي صفة خمصوصة مشار إليها بل أطلقتم القول

أشخاصا حىت استمر دليلكم ومن نفى احلال وعممتم النفي وأقمتم الدليل على جنس مشل أنواعا أ، على نوع عمال ميكنه إثبات التماثل يف املتماثالت وإجراء حكم واحد فيها مجيعا فلو كانت األشياء تتمايز بذواهتا املعينة بطل

.التماثل وبطل االختالف وذلك خروج عن قضايا العقول .لزم حصول شيء يف شيئني أو شيئني يف شيء وأما قولكم الوجود لو كان واحدا متشاهبا يف مجيع املوجودات

فنقول يلزمكم يف االعتبارات والوجوه العقلية ما لزمنا يف الوجود واحلال فإن الوجه كاحلال واحلال كالوجه وال ينكر منكر أن الوجود يعم اجلوهر والعرض ال لفظا جمردا بل معىن معقوال ومن قال كل موجود إمنا ميايز موجودا

جوده مل ميكنه أن جيري حكم موجود يف موجود آخر حىت أن من أثبت احلدوث جلوهر معني مل يتيسر له آخر بوإثبات احلدوث جلوهر آخر بذلك الدليل بعينه بل لزمه أن يفهم على كل جوهر دليال خاصا وعلى كل عرض دليال

ا يتحقق بعد االشتراك يف شيء واالشتراك إمنا خاصا وال ميكنه أن يقسم تقسيما يف املعقوالت أصال ألن التقسيم إمنيتصور بعد االختصاص بشيء ومن قال هذا جسم مؤلف فقد حكم على جسم معني بالتأليف مل يلزمه جريان هذا

احلكم يف كل جسم ما مل يقل كل جسم مؤلف ولو اقتصر على هذا أيضا مل يفض إىل العلم حبدوث كل جسم ما مل حيصل العلم بأن كل جسم حمدث فأخذ اجلسمية عامة والتأليف عاما واستدعا التأليف يقل وكل مؤلف حمدث حىت

للحدوث عاما حىت لزمه احلكم حبدوث كل جسم مؤلف عاما فمن قال األشياء تتمايز بذواهتا املعينة كيف ميكنه أن ونا إىل احملسوس ودعوناكم جيري حكما يف حمكوم خاص فألزمتمونا قلب األجناس وألزمناكم رفع األجناس ودعومت

Page 48: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

إىل املعقول وأفحتمونا بإثبات واحد يف اثنني واثنني يف واحد وأفحمناكم بنفي الواحد يف االثنني والدليل متعارض .والدست قائم فمن احلاكم

قال احلاكم املشرف على هناية إقدام الفريقني أنتم معاشر النفاة أخطأمت من وجهني من حيث رددمت العموم صوص إىل األلفاظ اجملردة وحكمتم بأن املوجودات املختلفة ختتلف بذواهتا ووجودها فكالمكم هذا ينقض واخل

بعضه بعضا ويدفع آخره أوله وهذا إنكار ألخص أوصاف العقل أليس هذا الرد حكما عاما على كل عام وخاص ع القضايا العقلية حىت البهائم اليت ال نطق هلا بأنه راجع إىل اللفظ اجملرد أليست األلفاظ لو رفعت من البني مل ترتف

وال عقل مل تعدم هذه اهلداية فإهنا تعلم بالفطرة ما ينفعها من العشب فتأكل مث إذا رأت عشبا آخر مياثل ذلك األول أكلت ما اعتراها ريب يف أنه مأكول كاألول فلوال أهنا ختيلت من الثاين عني حكم األول وهو كونه مأكوال وإال ملا

وتعرف جنسها فتألف به وتعرف ضدها فتهرب منه ولقد صدق املثبتون عليكم أنكم حسمتم على أنفسكم باب .احلد ومشوله للمحدودات وباب النظر وتضمنه للعلم

وأنا أقول ال بل حسمتم على العقول باب اإلدراك وعلى األلسن باب الكالم فإن العقل يدرك اإلنسانية كلية عامة ع اإلنسان مميزة عن الشخص املعني املشار إليه وكذلك العرضية كلية عامة جلميع أنواع األعراض من غري جلميع نو

أن خيطر بباله اللونية والسوادية وهذا السواد بعينه وهذا مدرك بضرورة العقل وهو مفهوم العبارة متصور يف العقل مدلول العبارة واملعرب عنه لو تبدلت العبارة عربية ال نفس العبارة إذ العبارة تدل على معىن يف الذهن حمقق هو

وعجمية وهندية ورومية مل يتبدل املعىن املدلول مث ما من كالم تام إال وخيتص معىن عاما فوق األعيان املشار إليها رمي هبذا وتلك املعاين العامة من أخص أوصاف النفوس اإلنسانية فمن أنكرها خرج عن حدود اإلنسانية ودخل يف ح

.البهيمة بل هم أضل سبيالوأما اخلطأ الثاين وهو رد التمييز بني األنواع إىل الذوات املعينة وذلك من أشنع املقاالت فإن الشيء إمنا يتميز عن

.غريه بأخص وصفهقيل له أخص وصف نوع الشيء غري وأخص وصف الذات املشار إليها غري فإن اجلوهر يتميز عن العرض بالتحيز

إطالقا نوعيا ال معينا تعيينا شخصيا واجلوهر املعني إمنا ميتاز عن جوهر معني بتحيز خمصوص ال بالتحيز املطلق مطلقاوقط ال ميتاز جوهر معني عن عرض معني بتحيز خمصوص إذ اجلنس ال مييز الوصف عن املوصوف والعرض عن

ا تتمايز بعضها عن بعض متايزا جنسيا نوعيا ال بأعم اجلوهر والعقل إمنا مييز مبطلق التحيز فعرف أن الذوات إمنصفاهتا كالوجود بل بأخص أوصافها بشرط أن تكون كلية عامة ولو أن اجلوهر مايز العرض بوجوده كما مايزه

بتحيزه حلكم على العرض بأنه متحيز وعلى اجلوهر بأنه حمتاج إىل التحيز ألن الوجود والتحيز واحد فما به يفترقان و بعينه ما فيه يشتركان وما به يتماثالن وهو بعينه ما فيه خيتلفان ويرتفع التماثل واالختالف والتضاد رأسا ويلزم ه

أن ال جيري حكم مثل يف مثل حىت لو قام الدليل على حدوث جوهر بعينه كان هو حمدثا وحيتاج إىل دليل آخر يف خالف عن خالف حىت لو حكم على اجلوهر بأنه قابل مثل ذلك اجلوهر ويلزم أن ال يسلب حكم ضد عن ضد و

للعرض مل يسلب هذا احلكم عن العرض إذ ال متاثل وال اختالف وال تضاد وارتفع العقل واملعقول وتعدد احلس .واحملسوس

وأما وجه خطأ املثبتني للحال فهو أهنم أثبتوا ملوجود معني مشار إليه صفات خمتصة به وصفات يشاركه فيها غريه من املوجودات وهو من أحمل احملال فإن املختص بالشيء املعني والذي يشاركه فيه غريه واحد بالنسبة إىل ذلك املعني

فوجود عرض معني وعرضيته ولونيته وسواديته عبارات عن ذلك املعني املشار إليه فإن الوجود إذا ختصص

Page 49: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

عينها لون وكذلك اللونية بالسوادية والسوادية هبذا بالعرضية فهو بعينه عرض والعرضية إذا ختصصت باللونية فهي بالسواد املشار إليه فليس من املعقول أن توجد صفة لشيء واحد معني وهي بعينها توجد لشيء آخر فتكون صفة معينة يف شيئني كسواد واحد يف حملني وجوهر واحد يف مكانني مث ال يكون ذلك يف احلقيقة عموما وخصوصا فإن

يس يقبل التخصيص إذ يكون خاصا يف كل حمل فال يكون البتة عاما وإذا مل يكن عاما مل يكن خاصا أيضا مثل هذا ل .فيتناقض املعىن

واخلطأ الثاين أهنم قالوا احلال ال يوصف بالوجود وال بالعدم والوجود عندهم حال فكيف يصح أن يقال الوجود ال واملعىن وما ال يوصف بالوجود والعدم كيف جيوز أن يعم أصنافا يوصف بالوجود وهل هو إال تناقض يف اللفظ

وأعيانا ألن العموم والشمول يستدعي أوال وجودا حمققا وثبوتا كامال حىت يشمل ويعم أو يعني وخيص وأيضا فهم فالعلمية عندهم حال أثبتوا العلة واملعلول مث قالوا العلة توجب املعلول وما ليس مبوجود كيف يصري موجبا وموجبا

والعاملية عندهم أيضا حال فاملوجب حال واملوجب حال واحلال ال يوجب احلال ألن ما ال يتصف بالوجود احلقيقي .ال يتصف بكونه موجبا

اخلطأ الثالث أنا نقول معاشر املثبتني كل ما أثبتموه يف الوجود هو حال عندكم فأرونا موجودا يف الشاهد والغائب يس حبال ال يوصف بالوجود والعدم فإن الوجود الذي هو األعم الشامل للقدمي واحلادث عندكم حال هو ل

واجلوهرية والتحيز وقبوله العرض كلها أحوال فليس على مقتضى مذهبكم شيء ما يف الوجود هو ليس حبال وإن ألعم عندكم حال فإذا ال أثبتم شيئا وقلتم هو ليس حبال فذلك الشيء يشتمل على عموم وخصوص واألخص وا

.شيء إال ال شيء وال وجود إال ال وجود وهذا من أحمل ما يتصورفاحلق يف املسئلة إذا أن اإلنسان جيد من نفسه تصور أشياء كلية عامة مطلقة دون مالحظة جانب األلفاظ وال

إىل األلفاظ احملددة وقد مالحظة جانب األعيان وجيد من نفسه اعتبارات عقلية لشيء واحد وهي إما أن ترجعأبطلناه وإما أن ترجع إىل األعيان املوجودة املشار إليها وقد زيفناه فلم يبق إال أن يقال هي معان موجودة حمققة يف

ذهن اإلنسان والعقل اإلنساين هو املدرك هلا ومن حيث هي كلية عامة ال وجود هلا يف األعيان فال موجود مطلقا يف مطلقا وال لون مطلقا بل هي األعيان حبيث يتصور العقل منها معىن كليا عاما فتصاغ له عبارة األعيان وال عرض

تطابقه وتنص عليه ويعترب العقل منها معىن ووجها فتصاغ له عبارة حىت لو طاحت العبارات أو تبدلت مل تبطل املعىن يث ردها إىل العبارات اجملردة وأصابوا حيث قالوا ما املقدر يف الذهن املتصور يف العقل فنفاة األحوال أخطئوا من ح

ثبت وجوده معينا ال عموم فيه وال اعتبار ومثبتو األحوال أخطئوا من حيث ردوها إىل صفات يف األعيان وأصابوا من حيث قالوا هي معان معقولة وراء العبارات وكان من حقهم أن يقولوا هي موجودة متصورة يف األذهان بدل

ال موجودة وال معدومة وهذه املعاين مما ال ينكرها عاقل من نفسه غري أن بعضهم يعرب عنها بالتصور يف قوهلم األذهان وبعضهم يعرب عنها بالتقدير يف العقل وبعضهم يعرب عنها باحلقائق واملعاين اليت هي مدلوالت العبارات

إذا الحت للعقول واتضحت فليعرب املعرب عنها مبا واأللفاظ وبعضهم يعرب عنها بصفات األجناس واألنواع واملعاين يتيسر له فاحلقائق واملعاين إذا ذات اعتبارات ثالث اعتبارها يف ذواهتا وأنفسها واعتبارها بالنسبة إىل األعيان

واعتبارها بالنسبة إىل األذهان وهي من حيث هي موجودة يف األعيان يعرض هلا أن تتعني وتتخصص وهي من حيث صورة يف األذهان يعرض هلا أن تعم وتشمل فهي باعتبار ذواهتا يف أنفسها حقائق حمضة ال عموم فيها وال هي مت

خصوص ومن عرف االعتبارات الثالث زال إشكاله يف مسئلة احلال ويبني له احلق يف مسئلة املعدوم هل هو شيء .أم ال واهللا املوفق

Page 50: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

القاعدة السابعة

يف املعدوم هل هو شيء أم ال

ويف اهليويل ويف الرد على من أثبت اهليويل بغري صورة الوجود والشيء أعرف من أن حيد حبد أو يرسم برسم ألنه ما من لفظ يدرجه يف حتديد الشيء إال وهو أخفى من الشيء والشيء أظهر منه وكذلك الوجود ولو أدرجت يف

يفه بشيء آخر حمال وألن الشيء املعرف به التحديد ما أو الذي أو هو فذلك عبارة عن الوجود والشيئية فتعرأخص من الشيئية والوجود ومها أعم من ذلك الشيء فكيف يعرف شيئا مبا هو أخص منه وأخفى منه ومن حد

الشيء أنه املوجود فقد أخطأ فإن الوجود والشيئية سيان يف اخلفا واجلال ومن حده ما يصح أن يعلم وخيرب عنه فقد ما يف احلدود ومعناه أنه الشيء الذي يعلم فقد عرفه بنفسه لعمري قد خيتلف االصطالح أخطأ فإنه أدرج لفظ

واملواضعة فاألشعرية ال يفرقون بني الوجود والثبوت والشيئية والذات والعني والشحام من املعتزلة أحدث القول ض باجلوهر وكونه عرضا ولونا بأن املعدوم شيء وذات وعني وأثبت له خصائص املتعلقات يف الوجود مثل قيام العر

وكونه سوادا وبياضا وتابعه على ذلك أكثر املعتزلة غري أهنم مل يثبتوا قيام العرض باجلوهر وال التحيز للجوهر وال قبوله للعرض وخالفه مجاعة فمنهم من مل يطلق إال اسم الشيئية ومنهم من امتنع من هذا اإلطالق أيضا مثل أيب

سني البصري ومنهم من قال الشيء هو القدمي وأما احلادث فيسمى شيئا باجملاز والتوسع وصار جهم اهلذيل وأيب احل . بن صفوان إىل أن الشيء هو احملدث والباري سبحانه مشى األشياء

ل قال نفاة الشيئية عن العدم قد تقرر يف أوائل العقول أن النفي واإلثبات يتقابالن واملنفي واملثبت يتقابالن تقابالتناقض حىت ا نفيت شيئا معينا يف حال خمصوص جبهة خمصوصة مل ميكنك إثباته على تلك احلال وتلك اجلهة

املخصوصة ومن أنكر هذه القضية فقد أنكر هذه احلقائق كلها وإذا كان املنفي ثابتا على أصل من قال أن املعدوم ال معلوم إال الثبوت فحسب وذلك خروج عن شيء فقد رفع هذه القضية أصال وكان كمن قال ال معقول و

.القضايا األولية وحتديد ذلك أن كل معدوم منفي وكل منفي ليس بثابت فكل معدوم ليس بثابتقال من أثبت املعدوم شيئا كما تقرر يف العقل تقابل النفي واإلثبات فقد تقرر أيضا تقابل الوجود والعدم فنحن

.قلنا أن الوجود والثبوت ال يترادفان على معىن واحد واملعدوم واملنفي كذلكوفرنا على كل تقسيم عقلي حظه وقالت النفاة اآلن صرحتم باحلق حيث ميزمت بني قسم وقسم فالثبوت عندكم أعم من الوجود فإن الثبوت يشمل

حاال أو وجها املوجود واملعدوم فهال قلتم يف املقابل كذلك وإن املنفي أعم من املعدوم حىت يكون صفة عمومة للمنفي ثابتا كما كان صفة خصوص املعدوم حاال للمعدوم أو وجها ثابتا فيتحقق أمر ثابت ويرتفع املقابل العقلي وإن مل يثبتوا فرقا بني املنفي واملعدوم مث قالوا كل معدوم شيء ثابت لزمهم أن يقولوا كل منفي شيء ثابت فرجع

.هو رفع التقابل بني النفي واإلثباتاإللزام عليهم رجوعا ظاهرا وقال املثبتون إذا حققتم الكالم يف النفي واإلثبات واملوجود واملعدوم وميزمت بني اخلصوص والعموم فيه عاد اإللزام

عليكم متوجها من وجهني أحدمها أنكم أثبتم يف املعدوم خصوصا وعموما أيضا حىت قلتم منه ما هو واجب ا هو جائز كاملمكن ومنه ما يستحيل لذاته كاجلمع بني املتضادين ومنه ما يستحيل لغريه كخالف كاملستحيل ومنه م

املعلوم فهذه التقسيمات قد وردت على املعدوم فأخذمت املعدومية عامة وخصصتم هبذه اخلصائص فلوال أن املعدوم .وقسمشيء ثابت وإال ملا حتقق فيه العموم واخلصوص وملا حتقق التميز بني قسم

Page 51: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

والوجه الثاين أنكم اعترفتم بأن املنفي واملعدوم معلوم وقد أخربمت عنه وتصرفتم بأفكاركم فيه فما متعلق العلم وما .معىن التعلق إذا مل يكن شيئا ثابتا أصال

لتقدير يف قالت النفاة حنن ال نثبت يف العدم خصوصا وعموما بل اخلصوص والعموم فيه راجع إىل اللفظ اجملرد وإىل االعقل بل العلم ال يتعلق باملعدوم من حيث هو معدوم إال على تقدير الوجود فالعدم املطلق يعلم ويعقل على تقدير

الوجود املطلق يف مقابلة العدم املخصوص أعين عدم شيء بعينه فأما أن يشار إىل موجود حمقق فيقال عدم هذا املقدر كالقيامة تقدر يف العقل مث تنفى يف احلال أو تثبت يف املآل الشيء وإما أن يقدر يف العقل فيقال عدم ذلك

فالعدم إذا ال خيص وال يعم وال يعلم من غري وجود أو تقدير وجود فكان العلم يتعلق باملوجود مث من ضرورته أن يئا يف ثاين احلال يصري عدم ذلك الشيء معلوما فيخرب عنه بأنه منفي ويعرب عنه أنه ليس بشيء يف احلال وإن كان ش

على أنا نلزمكم الوجود نفسه والصفات التابعة للوجود عندكم مثل التحيز للجوهر وقبوله للعرض وقيامه بالذات ومثل احتياج العرض إىل اجلوهر وقيامه به فنقول الوجود منفي من اجلواهر أم ثابت فإن كان ثابتا فهو تصريح بقدر

اختراع وال أثر لقادرية الباري سبحانه وتعاىل أصال وإن كان منفيا فكل منفي عندكم العامل وتقرير أن ال إبداع وال .معدوم وكل معدوم ثابت فعاد اإللزام عليكم جذعا

ونقول قد قام الدليل على أن الباري سبحانه أوجد العامل جبواهره وإعراضه فيقال أوجد عينها وذاهتا أم غري ذاهتا ها فالعني والذات ثابتة يف العدم عندكم ومها صفتان ذاتيتان ال تتعلق هبما القدرة والقادرية فإن قلتم أوجد ذاهتا وعين

.وال هي من آثارمها وإن قلتم أوجد غريها فالكالم يف ذلك الغري كالكالم فيما حنن فيه

بحانه بعدم العامل يف قال املثبتون أما قولكم يف العلم يتعلق بالوجود أو بتقدير الوجود فإنه ينتقض بعلم الباري ساألزل فإنه ال وجود للعامل يف األزل وال تقدير الوجود من وجهني أحدمها أن تقدير العامل يف األزل حمال والثاين أن

التقدير من الباري سبحانه حمال فإنه ترديد الفكر بوجود شيء وعدمه فإن قدر يف ذاته فهو حمال وإن فعل فعال مساه .األزل وال بد للعلم من متعلق وهو معلوم حمقق فوجب أن يكون شيئا ثابتا تقديرا فهو حمال يف

وقولكم العلم يتعلق بوجود الشيء يف وقت وجوده مث يلزم من ضرورته العلم بعدمه قبل وجوده يلزمكم حصر تلك اللوازم العلم يف معلومات هي موجودات واملوجودات متناهية فيجب تناهي املعلومات وأنتم ال تقولون به مث

.إن كانت معلومة فهي كاملوجودات على السواء يف تعلق العلم هبا وإن مل تكن معلومة فقد تناهى العلم واملعلوماتوأما قولكم أن الوجود منفي أم ثابت فعلى أصلنا الوجود منفي وليس بثابت وليس كل منفي ومعدوم عندنا ثابتا

اء ثابتة بل سر مذهبنا أن الصفات الذاتية للجواهر واألعراض هي هلا فإن احملاالت منفيات ومعدومات وليست أشيلذواهتا ال تتعلق بفعل الفاعل وقدرة القادر إذ أمكننا أن نتصور اجلوهر جوهرا أو عينا وذاتا والعرض عرضا وذاتا

اج إىل الفاعل من حيث وجوده وعينا وال خيطر ببالنا أنه أمر موجود خملوق بقدرة القادر واملخلوق واحملدث إمنا حيتإذا كان يف نفسه ممكن الوجود والعدم وإذا ترجح جانب الوجود احتاج إىل مرجح فال أثر للفاعل بقادريته أو

قدرته إال يف الوجود فحسب فقلنا ما هو له لذاته قد سبق الوجود وهو جوهريته وعرضيته فهو شيء وما هو له هو تابع لوجوده فهو حتيزه وقبوله للعرض وهذه قضايا عقلية ضرورية ال بقدرة القادر هو وجوده وحصوله وما

.ينكرها عاقلوعلى هذه القاعدة خيرج اجلواب عن أثر اإلجياد فإن تأثري القدرة يف الوجود فقط والقادر ال يعطيه إال الوجود

املمكن من حيث إمكانه أمر لذاته واملمكن يف ذاته ال حيتاج إىل القادر إال من جهة الوجود ألسنا نقول إن إمكان وهو من هذا الوجه غري حمتاج إىل الفاعل وليس للفاعل جعله ممكنا لكن من حيث ترجيح أحد طريف اإلمكان كان

Page 52: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

حمتاجا إىل الفاعل فعلم يقينا أن األمور الذاتية ال تنسب إىل الفاعل بل ما يعرض هلا من الوجود واحلصول ينسب إىل الفاعل إذا أراد إجياد جوهر فال بد أن يتميز اجلوهر حبقيقته عن العرض حىت يتحقق القصد إليه الفاعل ونقول أن

باإلجياد وإال فاجلوهر والعرض يف العدم إذا كان ال يتميز أحدمها عن الثاين بأمر ما وحقيقة ما وذلك األمر واحلقيقة إىل احلركة دون السكون والبياض دون السواد إىل غري مل يكن شيئا ثابتا مل يتجرد القصد إىل اجلوهر دون العرض و

ذلك والتخصيص بالوجود إمنا يتصور إذا كان املخصص معينا مميزا عند املخصص حىت ال يقع جوهر بدل عرض وال حركة بدل سكون وال بياض بدل سواد فعلم بذلك أن حقائق األجناس واألنواع ال تتعلق بفعل الفاعل وأهنا يف

.مل تكن أشياء منفصلة مل يتصور اإلجياد واالختراع ولكان حصول الكائنات على اختالفها اتفاقا وخبتا ذواهتا إن

قالت النفاة العلم األزيل يتعلق باملعلومات كلها كما هي فيتعلق بوجود العامل حىت يتحقق له الوجود ويتعلق قيقي هو الوجود وسائر املعلومات من ضرورة باستحالة وجوده أزال وجواز وجوده قبل وجوده لكن املتعلق احل

ذلك التعلق وال يستدعي ذلك التعلق يف حق الباري سبحانه تقديرا ومهيا وترديدا خياليا هذا كمن عرف وحدانية الباري سبحانه وتعاىل يف اإلهلية عرف إمنا سواه ليس بإاله وال يستدعي تعدد علوم بكل خملوق أنه ليس بإاله ومن

زيدا يف الدار عرف أنه ليس مبوضع آخر سواها وال يستدعي ذلك أن يتعدد علمه بأنه ليس يف دار عمر عرف أنوبكر وخالد بل يقع ذلك معلوما لزوما ضرورة ومثل هذه املعلومات ال تتناهى ويستحيل أن يقال هذه املعلومات

يز كذا أو عدم كل عرض يف حمل كذا إىل ما أشياء ثابتة حىت يكون عدم زيد يف مكان كذا أو عدم كل جوهر يف حال يتناهى أشياء ثابتة يف العدم فإن ذلك خروج عن قضايا العقل وتيه يف مفازة اجلهل وأما إلزام الوجود من حيث هو وجود والتحيز وقبول العرض ومجيع الصفات التابعة للحدوث فمتوجه واالعتذار بأنه منفي وليس بثابت وال

ذهبهم فإن كل معلوم أمكن اإلخبار عنه وتعلق العلم به فهو شيء ثابت عندهم ويا ليت شعري شيء نقض صريح ملإذا مل ميكن اإلخبار عن الوجود ومل ميكن تعلق العلم به فعن أي شيء خيرب وعن أي شيء يعلم وليس ذلك كاحملال

يلزم أن يكون عدم اإلهلية أشياء ما والعامل الذي متثلوا به على أن احملاالت مما يعلم وخيرب عنها فهال كانت أشياء حىت مبا فيه من اجلواهر واألعراض أشياء ثابتة يف األزل وكما ال تتناهى املعلومات ال تتناهى األشياء بأجناسها وأنواعها جود وأصنافها والعياذ باهللا من مذهب هذا مآله وأما كالمكم يف الصفات الذاتية أهنا ال حتصل بفعل الفاعل وإمنا الو

.من حيث هو وجود متعلق القدرة فشيء ما مسعوه ومل يفهموه وما أحسنوا إيراده ألهنم مل يتحققوا إصدارهوأجابت النفاة بأن قالوا وجود الشيء وعينه وذاته وجوهريته وعرضيته عندنا عبارات عن معرب واحد وما أوجده

ه وأثرت يف جوهريته كما أثرت يف حصوله املوجد فهو ذات الشيء والقدرة تعلقت بذاته كما تعلقت بوجودوحدوثه والتميز بني الوجود وبني الشيئية مما ال يؤل إىل معىن ومعىن بل إىل لفظ ولفظ وهم على اعتقاد أن األجناس

واألنواع والعموم واخلصوص فيها راجع إىل األلفاظ اجملردة أو الوجوه العقلية والتقديرات الومهية وألزموا عليهم التابعة للحدوث كالتحيز وقبول العرض وقيام العرض باحملل فإهنا ليست من آثار القدرة مث مل يثبتوها قبل الصفات

احلدوث فهال قالوا الصفات الذاتية كلها تتبع احلدوث أيضا ورمبا عكسوا عليهم األمر يف التابع واملتبوع وألزموهم .القول بأن التحيز يقع بالقدرة والوجود يتبعه

وا عن سؤال التخصيص والتمييز باملعارضة وهو أن اجلواهر واألعراض لو ثبتت يف العدم بغري هناية ملا حتقق وأجاب .القصد إىل بعضها بالتخصيص وليس يندفع اإلشكال هبذا اجلواب بل يزيده قوة ولزومائلتني على طريف نقيض فتارة واحلق أن هذه املسئلة مبنية على مسئلة احلال وقد دارت رؤوس املعتزلة يف هاتني املس

يعربون عن احلقائق الذاتية يف األجناس واألنواع باألحوال وهي صفات وأمساء ثابتة للموجودات ال توصف

Page 53: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

بالوجود وال بالعدم وتارة يعربون عنها باألشياء وهي أمساء وأحوال ثابتة للمعدومات ال ختص باألخص وال تعم لفالسفة وقروا شيئا من كتبهم وقبل الوصول إىل كنه حقيقته مزجوه بعلم باألعم وذلك أهنم مسعوا كالما من ا

الكالم غري نضيج وذلك أهنم أخذوا من أصحاب اهليويل مذهبهم فيها فكسوه مسئلة املعدوم وأصحاب اهليويل هم كالمهم على خطأ بني من إثبات اهليويل جمرد عن الصورة كما سنرد عليهم وأخذوا من أصحاب املنطق واإلهليني

يف حتقيق األجناس واألنواع والفرق بني املتصورات يف األذهان واملوجودات يف األعيان وهم على صواب ظاهر دون اخلناثى من املعتزلة ال رجال وال نساء ألهنم أثبتوا أحواال ال موجودة وال معدومة والصورة كاملتصور وينهدم

.بأدىن حملةبنياهنم بأوهى نفخة كما يتضح احلق ألوليائه فنقول إذا أشار مشري إىل جوهر بعينه فنسألكم هل كان هذا اجلوهر قبل وجوده شيئا ثابتا جوهرا جسميا من حيث

.هو هذا أم كان جوهرا مطلقا شيئا عاما غري متخصص هبذا

ذا ألن هذا ال يشاركه فإن قلتم كان بعينه جوهرا فيجب أن حتقق اإلشارة إليه هبذا ويكون ذلك املشار إليه هو هفيه غري هذا وإن كان قبل وجوده جوهرا مطلقا ال هذا فلم يكن ذلك هذا فلم يكن هذا شيئا واملطلق من حيث هو

مطلق ال هذا ومل يكن هذا ذاك وال ذاك هذا فما هو ثابت يف العدم مل يتحقق له وجود وما حتقق له وجود مل يكن .ثابتا

ذاتية ال تنسب إىل الفاعل بل الذي ينسب إىل الفاعل هو الوجود قيل ما ثبت للشيء وما ذكروه أن الصفات الالغري املعني من الصفات اليت هو هبا قد تعني غري وما ثبت للشيء املعني من الصفات اليت هو هبا وقد تفنن وتنوع

جوده وجوهريته وعينه وذاته غري واألول ال يسمى صفات ذاتية إال مبعىن أهنا عبارات عن ذاته املعينة فيكون وعبارات عن معرب واحد وكما حيتاج يف وجوده إىل املوجد حيتاج يف ذاته وعينه وجوهريته وجواز الوجود هو بعينه

جواز الثبوت وهو بعينه يف أن يكون عينا وجبوهريته يف أن يكون جوهرا ال يستغين عن املوجد وإال فيلزم أن تستغين جد من مجيع وجوهها وصفاهتا إال الوجود فحسب علي أنه حال ال يوصف بالوجود وأيضا فإن األشياء كلها عن املو

الوجود ليس يفتقر إىل املوجد وإال فيلزم وجود القدمي بل وجود خمصص هو بصفة اإلمكان يفتقر إىل املوجد مث ا ويتحقق له وجود فيثبت املوجد املمكن من حيث هو عام ال يتحقق له وجود بل وجود ممكن هو بصفة كذا أو كذ

أن املعني املشار إليه هو املفتقر إىل املوجد لكن ال يتحقق له وجود إال ويريده املوجد وليس يريده املوجد إال ويعلمه قبل إجياده فيتخصص وجوده وجودا عرضا جوهرا يف علم املوجد فاملعلوم يتخصص مرادا واملراد يتخصص وجودا

ه يف ذاته يكون شيئا فيخصصه الوجود بعد الشيء حىت تتخصص الشيئية اخلارجة جوهرا هو بعينه جوهر إال أنوتتخصص اجلوهرية العامة اخلارجة هبذا اجلوهر وأيضا فإن الوجود أعم صفات املوجودات وإجياد األعم ال يوجب

موجودا ال بياضا بل لو وجود األخص فلو كان البياض مثال منتسبا إىل املوجد من حيث وجوده فقط لكان يكونعكس األمر وقلب احلال فقبل أوجده سوادا أو بياضا وانتسبت البياضية إىل املوجد فقط ولكن من ضرورة وجود

األخص وجود األعم كان أمثل من حيث العقل ولذلك نقول إن البياض يضاد السواد ببياضيته فإذا انتفى السوادية عقل انتفاء السوادية وبقاء الوجود وعند القوم أن املعدوم عادم لوجوده كما أن انتفى الوجود إذ ليس من قضية ال

.املوجود واجد لوجوده فيلزم على ذلك أن ال يوجد بياض وال يعدم سواد وال يتحقق جوهر وال يتخصص عرض

نية أشياء ثابتة والعجب كل العجب من مثبيت األحوال أهنم جعلوا األنواع مثل اجلوهرية واجلسمية والعرضية واللويف العدم ألن العلم قد تعلق هبا واملعلوم جيب أن يكون شيا حىت يتوكأ عليه العلم مث هي بأعياهنا أعين اجلوهرية

Page 54: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

والعرضية واللونية والسوادية أحوال يف الوجود ليست معلومة على حياهلا وال موجودة بانفرادها فيا له من معلوم معلوم يف الوجود ولو أهنم اهتدوا إىل مناهج العقول يف تصورها األشياء بأجناسها يف العدم يتوكأ عليه العلم وغري

وأنواعها لعلموا أن تصورات العقول ماهيات األشياء بأجناسها وأنواعها ال تستدعي كوهنا موجودة حمققة أو كوهنا ن من املقومات الذاتية اليت تتحقق أشياء ثابتة خارجة عن العقول أو ما هلا حبسب ذواهتا وأجناسها وأنواعها يف الذه

ذواهتا هبا ال تتوقف على فعل الفاعل حىت ميكن أن تعرف هي والوجود ال خيطر بالبال فإن أسباب الوجود غري وأسباب املاهية غري ولعلموا أن إدراكات احلواس ذوات األشياء بأعياهنا وأعالمها تستدعي كوهنا موجودة حمققة

احلواس وما هلا حبسب ذواهتا من كوهنا أعيانا وأعالما يف احلس من املخصصات العرضية وأشياء ثابتة خارجة عن اليت حتقق ذواهتا املعينة هبا هي اليت تتوقف على فعل الفاعل حىت ال ميكن أن توجد هي عرية من تلك املخصصات

قا بني القسمني ظنوا أن املتصورات فإن أسباب املاهية غري وأسباب الوجود غري وملا مسعت املعتزلة من الفالسفة فريف األذهان هي أشياء ثابتة يف األعيان فقضوا بأن املعدوم شيء وظنوا بأن وجود األجناس واألنواع يف األذهان هي

أحوال ثابتة يف األعيان فقضوا بأن املعدوم شيء وأن احلال ثابت ساء مسعا وساء إجابة ولوال أين التزمت على نفسي تاب أن أبني مصادر املذاهب ومواردها واشتراك منتها إقدام العقول يف مسائل األصول وإال ملا أمهين يف هذا الك

.كشف األسرار وهتك األستاروأما أصحاب اهليويل فافترقت فيها على طريقني فرقتني أحدمها إثبات هيويل للعامل جمردة عن الصور وعدوها من

قالوا املبادئ هي العقل والنفس واهليويل وقالوا املبادئ هو الباري سبحانه املبادئ األول وهي ثالثها أو رابعها فوالعقل والنفس واهليويل وهي كانت جمردة عن الصور كلها فحدثت الصورة األوىل وهي األبعاد الثالثة فصارت

الصورة صارت جسما مركبا ذا طول وعرض وعمق ومل يكن هلا قبل الصورة إال استعداد جملرد القبول فإذا حدثتبالفعل موجودة وهي اهليويل الثانية مث إذا حلقها الكيفيات األربعة اليت هي احلرارة والربودة الفاعلتان والرطوبة

واليبوسة املنفعلتان صارت األركان اليت هي النار واملاء واهلواء واألرض وهي اهليويل الثالثة مث تتكون منها املركبات .الكون والفساد ويكون بعضها هيويل بعض اليت تلحقها األعراض وهي

الطريق الثاين هو أهنم أثبتوا اهليويل غري جمردة عن الصورة قالوا وهذا الترتيب الذي ذكرناه مقدر يف العقل والوهم خاصة دون الوجود وليس يف الوجود جوهر مطلق قابل لألبعاد مث يلحقه األبعاد وال جسم عار عن الكيفيات مث

.يفيات وإمنا هو عندما نظرنا يف ما هو أقدم بالطبع وأبسط يف الوهم والعقلعرضت له الكقال أصحاب اهليويل اجملردة أما إثبات اهليويل لكل جسم فأمر معقول حمقق بالربهان وذلك أن كل جسم قابل

وراء االتصال لالتصال واالنفصال والتصور والتشكل بالصورة واألشكال ومعلوم أن قابل االتصال واالنفصال أمر واالنفصال فإن القابل يبقى بطريان أحدمها واالتصال ال يبقى بعد طريان االنفصال وبالعكس فظاهر أن ها هنا

جوهر غري الصورة اجلسمية يعرض له االتصال واالنفصال معا مث قالوا ما من انفصال واتصال معني إال وميكن زواله ض لذلك اجلوهر فيمكن أن يتعرى عن مجيع الصور كما أمكن أن وما من شكل وصورة وحيز وجهة إال وهو عار

يتعرى عن كل صورة بل جيب أن يكون مبدأ األجسام املركبة جوهر غري مركب فإن كل مركب لو كان عن مركب لتسلسل إىل غري النهاية فتركب القميص من الغزل والغزل من القطن والقطن من األركان واألركان من

ويل القابلة للصور والكيفيات فإذا احنلت التركيبات فهي البسائط وإذا احنلت البسائط فهي اهليويل العناصر وهي اهلي .اجملردة عن كل صورة القابلة لكل صورة

Page 55: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

قال أصحاب اهليويل مع الصورة أما إثبات اهليويل جوهرا معقوال فمسلم للعقل وأما جواز تعريها عن الصور أو وما أوردمتوه من املقدمات حتكمات فلم قلتم أنه إذا أمكن تعريها عن اتصال وجوب ذلك فهو املختلف فيه

وانفصال معني أمكن تعريها عن كل اتصال وانفصال ألن الذي يتبدل ويتغري من االتصال واالنفصال عرض من ا هو باب الكم واالتصال الذي هو األبعاد الثالثة جوهر هو صورة جسمية فما هو عرض جيوز عليه التبدل وم

جوهر مل يتبدل قط وليس العرض من قبيل اجلوهر حىت حيكم عليه حبكم الثاين وكذلك كون اجلسم يف حيز خمصوص من قبيل األعراض من باب األين وكونه متحيزا صورة جسمية هو من قبيل اجلواهر فلم جيز أن يقال إذا

.ن هذا جواب احلكيم للحكيمجاز عليه تبدل املكان املخصوص جاز عليه أن ال يكون له حيز ومكا .أما جواب املتكلم فيقول مل إذا جاز خلو اجلوهر عن عرض جاز خلوه عن كل عرض

قال ألن اجلوهر هو القائم بذاته املستغين عن احملل فلو مل جيز خلوه عن األعراض لبطل قيامه بذاته ولكن يف وجوده اجلوهر وحينئذ يلتبس حد اجلوهر حبد العرض وخيتلط حمتاجا إىل العرض كما كان العرض يف وجوده حمتاجا إىل

.أحدمها باآلخر وذلك خروج عن املعقولفيقول املتكلم اجلوهر يف قيامه بذاته يستغين عن حمل حيل فيه حبيث يوصف احملل به والعرض يف احتياجه من حيث

وهر عن كل األعراض ال ألنه حيتاج إليها ذاته حيتاج إىل حمل حيل فيه حبيث يوصف احملل به لكن ال جيوز أن خيلو اجل .يف قيامه بذاته جوهرا لكن يف وجوده ال يتصور أن يكون خاليا عن كون يف مكان خمصوص

وقال أصحاب الصور لو قدرنا اهليويل جوهرا قائما بذاته عريا عن الصور كلها حىت ال يكون له وضع وحيز وبعد ناه حصل فيه املقدار مثال فإما أن يصادفه املقدار دفعة أو على تدريج فإن واتصال ومقدار يقبل االنقسام مث قدر

صادفه دفعة حىت حصل ذا مقدار فيكون قد صادفه حبيث حىت انضاف إليه فيكون له حيث وحيز فيدب أن يكون ن ينبسط ذا حيز أوال حىت يصادفه حيث هو فيكون ذا صورة وإن صادفه على تدريج أو انبساط فكل ما من شأنه أ

فله جهات وكل ما له جهة فهو ذو وضع وعلى الوجهني مجيعا ال يصادفه االتصال واملقدار إال أن يكون له حيث .وحيز ووضع وقد فرض غري متحيز وذا وضع فهو خلف

قال أصحاب اهليويل كل حادث يف زمان فيجب أن يسبقه إمكان الوجود وذلك اإلمكان إما أن يكون يف نفس ا أن يكون يف شيء وبطل أن يكون يف نفس املقدر فإن املقدر لو قدر عدمه مل ينعدم اإلمكان فيتعني أنه يف املقدر وإم

شيء ما خارج عن الذهن وال خيلو إما أن يكون موجودا أو معدوما وحمال أن يكون معدوما فإن املعدوم قبل موجودا فإما أن يكون قائما يف موضوع وإما واملعدوم مع شيء واحد وليس اإلمكان قبل هو اإلمكان مع وإن كان

أن يكون قائما ال يف موضوع فكل ما هو قائم ال يف موضوع فله وجود خاص ال جيب أن يكون به مضافا وإمكان الوجود مبا هو إمكان أمر مضاف ملا هو إمكان له فهو إذا أمر يف موضوع عارض ملوضوع وحنن نسميه قوة الوجود

وجود الشيء واملوضوع واملادة واهليويل قالوا واإلمكان قد يعري عن الوجود ألنه لو حتقق وجود والذي فيه قوةكل ممكن حلصلت موجودات بغري هناية فالعامل قد سبقه إمكان الوجود وقد سبقه اهليويل اليت فيها اإلمكان واإلمكان

ث حتقق اهليويل وحتقق اهليويل حيث حتقق اإلمكان مل يكن يف األزل فاهليويل مل تكن يف األزل فتصور وجود العامل حي .واإلمكان والوجوب ال جيتمعان

وهذا دليل افالطن أال هي يف حدوث العامل بصورته وهيواله قال وكما تصور وجود موجودات كلية يف العقل .ويةتصور وجود موجودات كلية يف اخلارج عن العقل وهي حقائق خمتلفة ختتلف باخلواص كالعقول السما

وقال أصحاب الصور هذا الربهان صحيح يف املوجودات الزمانية لكن كما ال يتحقق إمكان إال يف مادة ال تتصور

Page 56: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

مادة إال متصورة بصورة فإهنا إن كانت عرية عن الصور كلها كان ال يتحقق حنوها قصد الفاعل حىت يفيض عليها ليس شيئا متقوما إال باهليويل واهليويل ليس شيئا متقوما الصور إذ ال حيث هلا وال وضع وال أين وكما أن اإلمكان

.إال بالصورة فيقوم اهليويل بالصورة وتقوم الصورة بواهب الصورة وليس تنفك إحدامها عن الثانية حبال أصال

ثنني برهان آخر لو قدرنا اهليويل موجودة متقومة فأما أن يقال هي واحدة أو كثرية فإن كانت واحدة مث صارت اأفبانضمام آخر إليه أم بتكثري ذلك الواحد يف نفسه من غري انضمام من خارج فإن قدر األول فهما جوهران انضم أحدمها إىل الثاين ويكون اهليويل اثنني وما حتقق فيه االثنينية قبل القسمة إما باالنفصال إذا كانا متصلني وإما بالعدد

ر الواحد يف نفسه من غري انضمام من خارج كان حني كان واحدا مل إذا كان مقدارين وكل ذلك صورة وإن تكثيقبل القسمة مث صار قابال للقسمة فتكون له صورة الوحدة تارة وصورة التكثر تارة فيكون ذا صورتني ويلزم أن

لك لو يكون بني احلالتني مادة مشتركة هبا يقبل الوحدة تارة والكثرة أخرى فيكون للمادة مادة ويتسلسل وكذفرضنا اثنني جوهرين مث خلعنا صورة االثنينية فصار شيئا واحدا فال خيلو إما أن يتحدا وكل واحد منهما موجود أو أحدمها موجود واآلخر معدوم أو كالمها معدومان وحصل ثالث باإلجياد فإن كان فهما إذا اثنان ال واحد وإن احتدا

ف يتحد باملوجود وإن عدما باإلجياد حصل ثالث فهما غري متحدين بل واحدمها معدوم واآلخر موجود فاملعدوم كيال بد من معدومني ويلزم أيضا يف خلع صورة االثنينية مادة مشتركة كما لزم يف لباس صورهتا مادة مشتركة فيتحقق

من حيث ذاهتا ال هبذه الرباهني أن اهليويل قط ال تعري عن الصورة بل قوامها بالفعل يكون بالصورة وقوام الصورة يكون هبا بل بواهب الصورة فكانت اهليويل حافظة هلا قبوال وكانت الصورة مقومة هلا وجودا فالصورة ال حتدث إال

يف اهليويل واهليويل ال تعري عن الصورة وكل واحد منهما جوهر ألن اجلسم مركب منهما واجلسم جوهر متصور والفصل بينهما فصل بالعقل ويف املسئلة بقايا من املباحثات والبسيطان جوهران والتمييز بينهما بالفعل غري

بني الفريقني وذلك حظ احلكمة الفلسفية ال حظ احلقائق الكالمية وقد عرفت من هذه املباحثة أن مذهب املعتزلة يف .املعدوم شيء هو بعينه مذهب بعض الفالسفة يف أن اهليويل موجودة قبل وجود الصورة واهللا املوفق

القاعدة الثامنة

يف إثبات العلم بأحكام الصفات العلى

قد شرع املتكلمون يف إثبات العلم بأحكام الصفات قبل الشروع يف إثبات العلم بالصفات ألن األحكام إىل .اإلذهان أسبق واملخالفون من املعتزلة يف إثبات الصفات يوافقون يف أحكام الصفات

ستدالل والثاين الضرورة والبديهة مث منهم من يرى االبتدا بإثبات كونه قادرا وسلكوا طريقني أحدمها النظر واال .أوىل ومنهم من يثبت كونه عاملا أوال مث يثبت كونه قادرا مريدا ومنهم من يبتدي باإلرادة مث يثبت كونه قادرا عاملا

ن الصنع اجلائز ثبوته واجلائز عدمه إذا وجد قال أصحاب النظر يف إثبات كونه قادرا أوال أن الدليل قد قام على أاحتاج إىل صانع يرجح جانب الوجود فيجب أن يكون الصانع قادرا ألن من األحياء من يتعذر عليه الفعل ومنهم من يتيسر فسربنا مجلة صفات احلي روما للعثور على املعىن الذي ألجله ارتفع التعذر وحتقق التأيت والتيسر فلم جند

القدرة أو كونه قادرا فكان الذي صحح الفعل من احلي كونه قادرا هو علة لصحة الفعل والعلة ال ختتلف صفة إالحكمها شاهدا وغائبا وكذلك صادفنا أحكاما وإتقانا يف األفعال وسربنا ما ألجله يصح األحكام واإلتقان من

اجلائزات دون البعض مع تساوي الكل يف اجلواز الفاعل فلم جند إال كونه عاملا وكذلك رأينا االختصاص ببعض

Page 57: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وسربنا ما ألجله يصح االختصاص فلم جند إال كونه مريدا مث مل يتصور وجود هذه الصفات إال وأن يكون املوصوف هبا حيا ألن اجلماد ال يتصور منه أن يكون قادرا أو عاملا فقلنا القادر حي وأيضا فإنا لو مل نصفه هبذه

زمنا وصفه بأضدادها من العجز واجلهل واملوت وتلك نقائص مانعة من صحة الفعل احملكم ويتعاىل الصفات ل .الصانع عن كل نقص

وخلصومهم من املعطلة هذه الطريقة أسولة منها ما هو على األشعرية سؤاالن ومنها على املعتزلة آخران ومنها سؤال م إذا نفيتم احلال وقلتم األشياء يف حقائقها تتمايز بذواهتا ووحدها على مجيع املتكلمني أما السؤال األول فقالوا أنت

فكيف يستمر لكم اجلمع بني الشاهد والغائب الثاين إنكم ما أثبتم يف الشاهد فاعال موجدا على احلقيقة وإن أثبتم االكتساب فاعال مكتسبا فكيف يستمر لكم اجلمع بني ما مل يتصور منه اإلجياد وبني ما مل يتصور منه

أجاب األصحاب عن السؤال األول بأنا وإن نفينا احلال صفة ثابتة لعني مشار إليها مل تنف الوجوه واالعتبارات العقلية مجعا بني الشاهد والغائب بالعلة واملعلول والدليل واملدلول وغري ذلك فإن العقل إذا وقف على املعىن الذي

.حكم على كل فاعل كذلك ألجله صح الفعل من الفاعل يف الشاهدوأما الثاين فإنا وإن مل نثبت إجيادا وإبداعا يف الشاهد إال أنا حنس يف أنفسنا تيسرا وتأتيا ومتكنا من الفعل وبذلك الوجه امتازت حركة املرتعش عن حركة املختار وهذا أمر ضروري مث وجه تأثري القدرة يف املقدور أهو إجياد أم

.ن هبذا الوجه مجعنا ال بذلك الوجه الذي فرقتماكتساب نظر ثان وحنأما السؤال على املعتزلة قالوا من أثبت احلال منكم مل يثبت للفعل أثرا من الفاعل إال حاال ال توصف بالوجود

.والعدم والقادرية أيضا عندكم حال فكيف أوجدت حالة حالةاد وما أثبتم للقدرة يف الغائب إال حاال فما أنكرمت أن املصحح لإلجياد والثاين أنكم أثبتم تأثريا للقدرة احلادثة يف اإلجي

هو كونه قدرة ال كونه قادرا فما حصل يف الشاهد مل يوجد يف الغائب وما ثبت يف الغائب مل يثبت يف الشاهد مث د احلدوث فقولوا فإن أثبتم تأثريا يف إجياد حركات دون األلوان واألجسام فإن مجعتم بني الشاهد والغائب مبجر

القدرة احلادثة تصلح إلجياد كل موجود وإن تقاصرت القدرة يف الشاهد حىت مل جيمع بني حمدث وحمدث يف الشاهد .فكيف يصح اجلمع بني حمدث يف الشاهد وحمدث يف الغائب

نكم وجدمت يف بعض وأما السؤال على الفريقني قالوا هذا متسك باستقراء احلال وهو فاسد من وجوه كثرية منها أالفاعلني أن البناء يدل على الباين وقلتم سربنا صفات الباين وعثرنا على كونه قادرا فما أنكرمت أن بانيا يصدر عنه

البناء ويكون حكمه على خالف هذا الباين حىت ال يستدعي كونه قادرا كما أنكم ما رأيتم بانيا إال بآلة وأدات فلو ة وأداة كان احلكم فاسدا كذلك يف كونه قادرا أو ذا قدرة أليست املعتزلة ختالفكم يف حكمتم على كل بان بآل

القدرة والعلم واإلرادة وأنتم تقولن البناء يدل على كون الباين ذا قدرة وعلم وإرادة مث مل تطردوا هذا احلكم غائبا هذا اجلمع فأنتم معاشر املعتزلة يلزمكم فإذا يلزمكم دليل مستأنف يف حق الغائب وال يغنيكم دعوى الضرورة يف

يف استقرائكم الشاهد كون الصانع ذا قدرة وعلم وإرادة وأنتم معاشر األشاعرة يلزمكم يف استقرائكم الشاهد كون الصانع ذا بنية وآلة وأداة وباجلملة األستقراء ليس يوجب علما وإن ادعيتم الضرورة فما بالكم شرعتم يف

.الدليلاضي أبو بكر رمحه اهللا إذا كنا نعود يف آخر االستدالل بعد السرب والتقصري والترديد والتحومي إىل دعوى قال الق

.الضرورة فما بالنا مل ندع البديهة والضرورة يف االبتداءفنقول إذا أحاط املرء علما ببدائع الصنع وعجائب اخللق من سري املتحركات على نظام وترتيب وثبات الساكنات

Page 58: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ى قوام وتسديد وحصول الكائنات بني املتحركات والساكنات فمن مجاد ونبات ومن حيوان ومن إنسان وكل علبإحكام وإتقان عرف يقينا أن الصانع عامل حكيم قادر مريد ومن استراب عن ذلك كان عن العقل خارجا ويف تيه

ذلك يف الغائب بل الغائب شاهد والعقل رائد اجلهل واجلا ولسنا حنتاج يف ذلك إىل إثبات فعل يف الشاهد مث طرد .والبصر ناقد ومن حاول االستدالل يف مناهج الضروريات عمي من حيث يبصر وجهل من حيث يستبصر

وأجاب إمام احلرمني عن سؤال االستقراء بأن قال حنن مل نستقر احلال يف الشاهد وال حنكم على الغائب حبكم ى حدوث العامل واحتياجه من حيث إمكانه إىل مرجح ألحد طريف اإلمكان واملرجح الشاهد لكنا نقول قام الدليل عل

إما أن يرجح بذاته ولذاته أو بذاته على صفة أو بصفة وراء الذات واستحال الترجيح والتخصيص بالوجود بالذات نسبته إىل املثل من حيث هو ذات بأن املوجب بالذات ال خيصص مثال عن مثل فإن نسبة الذات إىل هذا املثل ك

الثاين فيجب أن يكون بصفة وراء الذات أو بذات على صفة وقد ورد التنزيل والشرع بتسمية تلك الصفة اليت يتأتى هبا التخصيص إرادة مث اإلرادة ختصص وال توقع فالصفة اليت يتأتى هبا اإليقاع واإلجياد هي القدرة والفعل إذا

ة كون الصانع عاملا واإلرادة أيضا ال تتعلق بشيء إال بعد أن يكون املريد اشتمل على إتقان وإحكام وجب بالضرورعاملا وهذه الصفات تستدعي يف ثبوهتا احلياة فوجب أن يكون الصانع حيا وقد نازعوه يف متاثل األشكال وتشابه

رداة والقدرة عندكم األمثال وذلك عنادا وجدال لكن اخلصم يقول نسبة الصنع عندنا إىل الذات كنسبته إىل اإلفإن اإلرادة عندكم واحدة وهي يف ذاهتا صفة صاحلة يتأتى هبا التخصيص مطلقا ونسبتها إىل هذا املثل كنسبتها إىل مثل آخر وكذلك القدرة وألهنما ال يتعلقان باملرادات واملقدورات قبل اإلجياد فما املوجب لتخصيص حال الوجود

رة إىل هذه احلال كنسبتها إىل حال أخرى فجوابكم عن تعلق الصفات باملتعلقات باإليقاع ونسبة اإلرادة والقدإجيادا هو جوابنا عنا نسبة إىل املوجبات إجيابا والسؤال مشكل وقد أشرنا إىل حل اإلشكال يف حدث العامل ورمبا

علم ورد الكعيب كونه مريدا يقول اخلصم ألستم رددمت معىن كونه حكيما إىل كونه مريدا أو فاعال على مقتضى الإىل كونه قادرا عاملا ورد أبو احلسني البصري مجلة الصفات إىل كونه قادرا عاملا على رأي وإىل كونه قادرا على رأي

وإىل كونه عاملا على رأي فنحن رددنا مجلة الصفات إىل كونه ذاتا واجبة الوجود على جالل وكمال تصدر منه سن نظام وأتقن أحكام مث يشتق له اسم من حنو آثاره لذاته أو اسم لذاته أو اسم من حيث املوجودات على أح

تقدسه عن مسات خملوقاته ويسمى األول أمساء إضافية كالعلة واملبدأ والصانع ويسمى الثاين أمساء سلبية كالواحد .اف واالنتصافوالعقل والعاقل والواجب وأشتهي أن جتري يف هذه األسامي مباحثة عقلية لإلنص

فأقول العلة واملبدأ عندكم يقال على كل ما استمر له وجود يف ذاته مث حصل منه وجود شيء آخر ويقوم به وقد يكون الشيء علة للشيء بالذات وقد يكون بالعرض وقد تكون علة قريبة وقد تكون علة بعيدة وواجب الوجود

هو علة له بالذات أم بالعرض فإن كان علة له بالذات ال لذاته تام الوجود يف ذاته وحصل منه العقل األول أبالعرض فهو مبدأ له بالقصد األول ال بالقصد الثاين ومل يكن واجب الوجود غنيا مطلقا بل فقريا حمتاجا إىل كسب

ن املعلول األول ومل يكن كامال مطلقا بذاته لوال معلولة بل كامال بغريه ناقصا باعتبار ذاته كيف وهم يأبون أن يكووسائر املوجودات إال من لوازم تعقله بذاته فال يكون توجيه واجب الوجود األزيل إال إىل ذاته على سبيل االستغناء

املطلق عن الكل ووجوه سائر املوجودات إليه على سبيل احتياج الكل إليه وإن قالوا هو علة بالعرض ال بالذات ول قلنا فما مل تكن العلة علة لشيء بالذات ال تكون علة لشيء آخر بالعرض وما مبدأ بالقصد الثاين ال بالقصد األ

مل يكن مبدأ الشيء بالقصد األول ال يكون مبدأ الشيء بالقصد الثاين فيلزم ما لزم يف األول فيبطل إطالق لفظ .العلة واملبدأ عليه

Page 59: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فإن مفهوم أنه علة أمر إضايف ومفهوم أنه واجب ونقول أيضا كونه مبدأ وعلة مل يدخل يف مفهوم كونه واجبا بذاتهبذاته أمر سليب وقد متايز األمران واملفهومان ويدل كل واحد منهما على غري ما دل عليه الثاين فمن أين يصح لكم

رد املعاين إىل أمر واحد وهو الذات فتمايز املفهومات واالعتبارات عندكم ومتايز األحوال عند أيب هاشم ومتايز صفات عند أيب احلسن على وترية واحدة وكلكم يشري إىل مدلوالت خمتلفة اخلواص واحلقائق واعتذاركم أن كثرة ال

اللوازم والسلوب واإلضافات ال تقتضي كثرة يف صفات الذات واستشهادكم بالقرب والبعد ال يغين عن هذا إذ من املعلوم كونه علة ومبدأ للمعلول األول اإللزام فإنا نلزمكم متايز الوجوه واالعتبارات بني اإلضايف والسليب

أمر أو حال سليب وليس يوجب املعلول من حيث أنه انتفا عنه الكثرة وليس كونه مسلوب الكثرة عنه موجبا للمعلول وال يلزم وجوده شيء من حيث يسلب عنه شيء وال يسلب عنه شيء من حيث يلزم وجوده شيء

البعد باإلضافة إىل شيء دون شيء فإن قرب اجلوهر من جوهر قد يكون من باب وخيالف ما حنن فيه حال القرب واإلضافة وقد يكون من باب الوضع وقد يكون من باب األين لكن لفظ القرب والبعد يطلق على كل جوهرين

ات وهي ال تقاربا أو تباعدا مبقدار ما واملقادير بينهما ال تنحصر يف حد فقيل فعند ذلك ختتلف بالنسب واإلضافتنحصر فلو قلنا أهنما أمران زائدان على وجودمها أدى ذلك إىل إثبات أعراض ال تتناهى جلوهرين متناهيني لكن ما فيه القرب والبعد متناهيني أعين األين والوضع واإلضافة فهي أمور زائدة على ذايت اجلوهرين فعرف أن املثال الذي

.متثلوا به الزم عليهملستم أثبتم اإلضافة معىن وعرضا زائدا على اجلوهر فأفيدونا فرقا معقوال بني إضافة األب إىل االبن على أنا نقول أ

وبني إضافة العلة إىل املعلول فإن اإلضافة هو املعىن الذي وجوده بالقياس إىل شيء آخر وليس له وجود غريه مثل انية وكونه مصدرا ومبدأ هو املعىن الذي وجوده بالقياس األبوة بالقياس إىل النبوة ال كاألب فإن له وجودا كاإلنس

إىل املعلول وليس له وجود غريه وكذلك كل علة ومعلول سوى العلة األوىل فتعرض له هذا املعىن وهو هذا املعىن بعينه مث حكمتم بأن األبوة معىن هو عرض زائد فهال حكمتم بأن العلية معىن هو عرض زائد حىت يلزم أن يكون

.جياب بالذات نوع والدةاإلوكثريا ما دار يف خيايل وخاطري أن الذي اعتقدوه النصارى من األب واالبن هو بعينه ما قدره الفالسفة من

تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق األرض وختر اجلبال هدا أن دعوا للرمحن " املوجب واملوجب والعلة واملعلول فهو تعاىل مل يوجب ومل يوجب ومل يلد ومل يولد وإمنا نسبة الكل إليه نسبة " لدا ولدا وما ينبغي للرمحن أن يتخذ و

وهو رب كل شيء ومبدعه وإله كل " إن كل من يف السموات واألرض إال آيت الرمحن عبدا " العبودية إىل الربوبية .موجود وفاطره جل جالله وتقدست أمساؤه وال إله غريه

القاعدة التاسعة

العلم بالصفات األزلية يف إثبات

صارت املعتزلة إىل أن الباري تعاىل حي عامل قادر لذاته ال يعلم وقدرة وحياة واختلفوا يف كونه مسيعا بصريا مريدا متكلما على طرق خمتلفة كما سنوردها مسائل أرفاد إن شاء اهللا تعاىل وأبو اهلذيل العالف انتهج مناهج الفالسفة

.عامل بعلم هو نفسه ولكن ال يقال نفسه علم كما قالت الفالسفة عاقل وعقل ومعقول فقال الباري تعاىلمث اختلفت املعتزلة يف أن أحكام الذات هل هي أحوال الذات أم وجوه واعتبارات فقال أكثرهم هي أمساء وأحكام

Page 60: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.للحدوث للذات وليست أحوال وصفات كما يف الشاهد من الصفات الذاتية للجوهر والصفات التابعة .وقال أبو هاشم هي أحوال ثابتة للذات وأثبت حالة أخرى توجب هذه األحوال

وقالت الصفاتية من األشعرية والسلف إن الباري تعاىل عامل بعلم قادر بقدرة حي حبياة مسيع بسمع بصري ببصر مريد وجودة أزلية ومعان قائمة بإرادة متكلم بكالم باق ببقاء وهذه الصفات زائدة على ذاته سبحانه وهي صفات م

.بذاتهوحقيقة اإلهلية هي أن تكون ذات أزلية موصوفة بتلك الصفات وزاد بعض السلف قدمي بقدم كرمي بكرم جواد . جبود إىل أن عد عبد اهللا بن سعيد الكاليب مخسة عشر صفة على غري فرق بني صفات الذات وصفات األفعال

يتصور إال واحدا من كل وجه فال صفة وال حال وال اعتبار وال حيث وال قالت الفالسفة واجب الوجود بذاته لنوجه لذات واجب الوجود حبيث يكون أحد الوجهني واالعتبارين غري اآلخر أو يدل لفظ على شيء هو غري اآلخر

ة كانت أو بذاته وال جيوز أن يكون نوع واجب الوجود لغري ذاته ألن وجود نوعه له لعينه وال يشاركه شيء ما صفموصوفا يف وجوب الوجود واألزلية وال ينقسم هو وال يتكثر ال بالكم وال باملبادئ املقومة وال بأجزاء احلقيقة واحلد

تعم له صفات سلبية مثل تقدسه عن الكثرة من كل وجه فيسمى لذلك واحدا حقا أحدا صمدا ومثل تنزهه عن يسمى لذلك عقال وواجبا وله صفات إضافية مثل كونه صانعا مبدعا املادة وجترده عن طبيعة اإلمكان والعدم و

حكيما قديرا جوادا كرميا وصفات مركبة من سلب وإضافة مثل كونه مريدا أي هو مع عقليته ووجوبه بذاته مبدأ إعراضا لذاته لنظام اخلري كله من غري كراهية ملا يصدر عنه وجوادا أي هو هبذه الصفة وزيادة سلب أي ال ينحو

وأوال أي هو مسلوب عنه احلدوث مع إضافة وجود الكل إليه وصفاته عندهم إما سلبية حمضة وإما إضافية حمضة .وإما مؤلفة من سلب وإضافة والسلوب واإلضافات ال توجب كثرة يف الذات

حثة فتظهر مزلة اإلقدام ومضلة وحنن نسلك منهاجا يف إهناء كالم كل صاحب مذهب هنايته على سبيل املناظرة واملبا .األوهام ويلوح احلق من وراء ستر رقيق على أوضح حتقيق وتدقيق

قالت الصفاتية وحنن نعترب الغائب بالشاهد جبوامع أربعة وهي العلة والشرط والدليل واحلد أما العلة فنقول قد ثبت ا يتالزمان وال جيوز تقدير واحد منهما دون اآلخر فلو كون العامل عاملا شاهدا معلل بالعلم والعلة العقلية مع معلوهل

جاز تقدير العامل عاملا دون العلم جلاز تقدير العلم من غري أن يتصف حمله بكونه عاملا فاقتضى الوصف الصفة كاقتضاء الصفة الوصف فمن ثبت له هذه الصفات وجب وصفه هبا كذلك إذا وجب وصفه هبا وجب إثبات

وا كالمهم باإلرادة والكالم فإنه ملا ثبت له اإلرادة والكالم كان مريدا متكلما فلما ثبت كونه الصفة له مث عضدمريدا متكلما وجب له اإلرادة والكالم فإن العلم رمسان ال خيتلفان يف العلية واملعلولية وإن كانا خيتلفان عندهم يف

.القدم واحلدوثع احتياج إىل العلل وذلك ال يتحقق إال إذا كان احلكم جائز الوجود وجائز قالت املعتزلة تعليل األحكام بالعلل نو

العدم فيعلل احلكم جبوازه يف الشاهد وكون الباري تعاىل عاملا واجب وهو مقدس عن االحتياج إىل التعليل فال يعلل وقبوله للعرض ومثل احلكم لوجوبه يف الغائب أليس كل حكم واجب يف الشاهد غري معلل أصال مثل حتيز اجلوهر

قيام العرض باجلواهر واحتياجه إىل احملل إىل غري ذلك وخرجوا عن هذه القاعدة كونه مريدا فإنه ملا مل يكن واجبا كان معلال وهذا كله ألن الواجب يستقل بوجوبه عن االفتقار إىل العلة وإمنا اجلائز ملا مل يستقل بنفسه أعين أحد

لة إما اختيار خمتار وإما إجياب علة فوجود العلم يف العامل شاهدا ملا كان جائزا احتاج إىل طريف جوازه احتاج إىل عاختيار خمتار يوجده وثبوت حكم العلة يف الشاهد ملا كان جائزا احتاج إىل علة توجبه وهي العلم أليس وجود القدمي

Page 61: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.ملا كان واجبا مل يعلل ووجود احلادث ملا كان جائزا عللالصفاتية مب تنكرون على من يعلل األحكام اجلائزة بالعلل اجلائزة واألحكام الواجبة بالعلل الواجبة فال قالت

االحتياج واالفتقار غري موجب للتعليل وال االستقالل وال االستغناء مانع من التعليل ألنا لسنا نعين بالتعليل اإلجياد الوجوب واالستغناء لكنا نعين بالتعليل االقتضاء العقلي والتالزم واإلبداع حىت يستدعيه اجلواز واالحتياج ومينعه

احلقيقي بشرط أن يكون أحدمها ملتزما واآلخر ملتزما والوجوب واجلواز ال أثر هلما يف منع االقتضاء والتالزم فال .ميتنع عقال تعليل الواجب بالواجب وتعليل اجلائز باجلائز وزادوا على ذلك حتقيقا

حنن ال حنكم على األحكام من حيث أهنا أحكام بأهنا جائزة فإهنا على مذهب مثبيت األحوال صفات ال فقالوا توصف بالوجود والعدم وال ذات هلا على االنفراد حىت يقال هي جائزة أو واجبة وعلى مذهب النفاة عبارات عن

ال يطلق عليها اجلواز والوجوب من حيث اختصاصات املعاين باحملال حبيث يعرب عنها باألسامي وهي على املذهبينيهي أحكام بل الوجوب إليها أقرب فإهنا بالنسبة إىل عللها واجبة سواء قدرت قدمية أو حادثة فكون العامل عاملا بعد

قيام العلم باحملل ليس جبائز بل واجب ألنه من حيث هو حكم العلم ال ذات له فال يتطرق إليه اجلواز واإلمكان و ذو العلم يتطرق إىل ذي العلم اجلواز إذ جيوز أن يكون ذا علم وجيوز أن ال يكون واجلواز من هذا ومن حيث ه

الوجه ال يعلل البتة بل ينسب إىل الفاعل حىت خيصص بأحد طريف اجلواز فهو إذا من حيث أنه جائز ال يعلل بعلة ىل ما ال هناية له ولست أقول ال ينسب إىل ولو وجب تعليل كل جائز بعلة وتلك العلة أيضا تعلل بعلة فيؤدي إ

فاعل وأن نسبة اجلائز يف أن يوجد إىل فاعل ليس كنسبة العاملية يف أن توجب إىل علم فليفرق الفارق بني تعليل األحكام بالعلل وبني تعلق املقدور بالقدرة فإن بينهما بونا عظيما وأمدا بعيدا فال جيوز أن يقتبس حكم أحدمها من

خر وال أن يطرد حكم أحدمها يف الثاين إال أن مينع مانع أصل التعليل ويرفع العلة واملعلول وال نقول هبما يف اآلالشاهد والغائب وذلك كالم آخر ومن نفا احلال وكوهنا صفة ثابتة يف األعيان مل يصح إثبات العلة واملعلول على

و وجه اعتبار عقلي فال معىن لكون العامل عاملا على أصله إال أنه شيء أصله حتقيقا فإنه مل يبق إال عبارة أعيانا حمضة أما له علم وليس العلم يوجب حكما زائدا على نفسه فيقال أي شيء يعين بكونه فاعله أهي مقتضية شيئا أم غري

هو مقتضية وإن اقتضت أهي تقتضي نفسها أم غريها فإن اقتضت نفسها فذلك سفسطة وإن اقتضت غريها أفموجود أو حال أو جهة ال توصف بالوجود والعدم والكالم على األمرين ظاهر فقد تكلمنا على ذلك يف مسئلة احلال مبا فيه مقنع ونقول ها هنا إن سلم مسلم كون العلم علة العاملية يف الشاهد وألزم الطرد والعكس حىت إذا

.ا لزم وجود العلمثبت العلم وجب كون احملل عاملا وإذا ثبت كون احملل عاملأجاب بأن الطرد والعكس شاهدا وغائبا إمنا يلزم بعد متاثل احلكمني من كل وجه ال من وجه دون وجه واخلصم

ليس يسلم متاثل احلكمني أعين عاملية الباري تعاىل وعاملية العبد بل ال متاثل بينهما إال يف اسم جمرد وذلك أن العلمني مبعلوم واحد والعامليتان كذلك ومن املعلوم الذي ال مرية فيه أن عاملية الغائب وعاملية الشاهد إمنا يتماثالن إذا تعلقا

ال يتماثالن من كل وجه بل مها خمتلفان من كل وجه فكيف يلزم الطرد والعكس واإلحلاق واجلمع أليس لو ألزم رية يف الغائب من صالحية اإلجياد والتعلق طرد حكم للعاملية يف الغائب من تعلقها مبعلومات ال تتناهى وحكم القاد

باملقدورات اليت ال تتناهى إىل غاية حىت حيكم على ما يف الشاهد بذلك مل يلزم فلذلك احتياج العاملية يف الشاهد إىل علة ال يستدعي طرده يف الغائب فإذا ال تعويل على اجلمع بني الشاهد والغائب بطريق العلة واملعلول بل إن قام

.يل يف الغائب على أنه عامل يعلم قادر بقدرة فذلك الدليل مستقل بنفسه غري حمتاج إىل مالحظة جانب الشاهددل

Page 62: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ومن اجلمع بني الشاهد والغائب الشرط واملشروط قالت الصفاتية ألستم وافقتمونا على أن الشرط وجب طرده يا يف الشاهد وجب طرده يف الغائب حىت إذا ثبت كونه شاهدا وغائبا فإن كون العامل عاملا ملا كان مشروطا بكونه ح

حيا هبذا الطريق كذلك يف العلم وأنتم ما فرقتم يف الشرط بني اجلائز والواجب لذلك يلزمكم يف العلم أن ال تفرقوا ىل حيا بدون يف العلة بني اجلائز والواجب وهذا الزم على املعتزلة غري أن هلم ولغريهم طريقا آخر يف إثبات كونه تعا

الشرط فإن احلياة مبجردها مل تكن شرطا يف الشاهد ما مل ينضم إليها شرط آخر فإن البنية على أصلهم شرط يف الشاهد مث مل جيب طرده يف الغائب وانتفاء األضداد شرط حىت يتحقق العلم وجيوز أن يكون املعىن الواحد شرطا

ىن واحد وهبذا يتحقق التمايز بني الشرط والعلة فال يلزم الشرط على ملعان كثرية وجيوز أن تكون شروط كثرية ملعالقوم ولكن يلزم على كل من قال بالعلة واملعلول والشرط واملشروط سؤال التقدم والتأخر بالذات وإن كانا

صار مقتضيا متالزمني يف الوجود فإن العلة إمنا صارت مقتضية للحكم الستحقاقها التقدم عليه بذاته واملعلول إمناللعلة الستحقاقه التأخر عنها بذاته وهبذا أمكنك أن تقول إمنا صار العامل عاملا لقيام العلم به وال ميكنك أن تقول إمنا قام العلم به لكونه عاملا ولو كان حكمهما يف الذات حكما واحدا مل يثبت هذا الفرق ومبثل هذا نفرق بني القدرة

االستطاعة وإن كانت مع الفعل وجودا إال أهنا قبل الفعل ذاتا واستحقاق وجود وهلذا أمكنك احلادثة واملقدور فإن أن تقول حصل الفعل باالستطاعة وال ميكنك أن تقول حصلت االستطاعة بالفعل وهذا قولنا يف الشرط واملشروط

تقول العلم والقدرة أوال حىت يكون فإن احملل جيب أن يكون حيا أوال حىت يقوم العلم به والقدرة وال ميكنك أن .حيا وإال فريتفع التميز بني الشرط واملشروط

وال تظنن أن هذا الفرق راجع إىل جمرد اللفظ فإن التفرقة املذكورة قضية عقلية وراء اللفظ وال تظنن أيضا أنه جود أحدمها بالثاين فإن كل راجع إىل تقديرنا الومهي حيث يقدر استحقاق وجود ألحدمها دون الثاين وافتقار و

تقدير ومهي إذا مل يكن معقوال أمكن تبديله بغريه من التقديرات وهذا ال ميكن تبديله بل هذه قضية معقولة فيلزم على ذلك أحد أمرين إما أن يترك القول بالعلة واملعلول والشرط واملشروط رأسا وال يطلق لفظ اإلجياب واالقتضاء

معىن كون الشيء عاملا قيام العلم به ومعىن قيام العلم به اتصاف حمله به من غري فرق لكن على املعاين بل يقاليشتق له اسم من العلم فيقال عامل كما يشتق له اسم من الفعل فيقال فاعل وهذا أمر راجع إىل اللغة فحسب فال

ق العلم على العاملية وأن يكون اقتضاء وال إجياب وال علة وال معلول وهذا أهون األمرين وإما أن يقضي بسبالوجود بالعلم أوال وأوىل منه بالعاملية مث حيكم بسبق الذات على الصفات وأن يكون الوجود بالذات أوال أوىل منه

بالصفات من حيث أن الذات قائمة بذاهتا والصفات قائمة هبا حىت يكون املوصوف من حيث الذات أسبق على اب واالقتضاء أسبق على املوصوف وهذا أشنع األمرين واالستخارة إىل اهللا سبحانه الصفة والصفة من حيث اإلجي

.وتعاىل وهو خري خمريومن اجلوامع بني الشاهد والغائب احلد واحلقيقة جرى رسم املتكلمني بذكر احلد واحلقيقة يف هذا املوضع وقد

.حد أم شيئاناختلفوا يف أن احلد عني احملدود أو غريه وأنه واحلقيقة شيء وا .قال نفاة األحوال حد الشيء وحقيقته وذاته وعينه عبارات عن معرب واحد

وقال مثبتو األحوال أن احلد قول احلاد املبني عن الصفة اليت تشترك فيها آحاد احملدود فإن احملدود عندهم يتميز عن احلال بلفظ شامل دال عليه جامع مانع غريه خباصية شاملة جلميع آحاد احملدود وتلك اخلاصية حال ويعرب عن تلك

جيمع ما له من اخلاصية ومينع ما ليس له من خواص غريه مث من األشياء ما حيد ومنها ما ال حيد على أصلهم وأكثر حدود املتكلمني راجع إىل تبديل لفظ بلفظ أعرف منه ورمبا يكون مثله يف اخلفا واجلال وإمنا أهل املنطق يبالغون يف

Page 63: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

احلد وحيققون يف استيفاء جوانبه لفظا ومعىن غري أهنم إذا شرعوا يف حتديد األشياء وحتقيق ماهياهتا يأتون ذكر شروط بأبعد ما يأيت به املتكلمون كمن يتقن علم العروض وال طبع له يف الشعر أو كمن يكون له طبع وال مادة له من

ألن الظفر بالذاتيات املشتركة والذاتيات اخلاصة النحو واألدب فيعود حسريا ويصبح أسريا ولعلهم معذورون .عسري جدا

فنقول يف حتديد احلد وشرائطه أن احلد ينقسم إىل ثالثة معان حد لفظي هو شرح االسم احملض كمن يقول حد الشيء هو املوجود واحلركة هي النقلة والعلم هو املعرفة وليس يفيد ذلك إال تبديل لفظ مبا هو أوضح منه عند

.سائل على شرط أن يكون مطابقا له طردا وعكساالوحد رمسي وهو تعريف الشيء بعوارضه ولوازمه كمن يقول حد اجلوهر القابل للعرض وحد اجلسم هو املتناهي يف

.اجلهات القابل للحركات وقد يفيد هذا القول نوع وقوف على احلقيقة من جهة اللوازم وقد ال يفيديقة الشيء وخاصيته اليت هبا هو ما هو وإمنا هو ما هو بذاتيات تعمه وغريه وبذاتيات وحد حقيقي هو تعريف حلق

ختصه واجلمع واملنع إن أريد هبما هذان املعنيان فهو صحيح فيما جيمعه من الذاتيات العامة واخلاصة وهو اجلنس .موالفصل وما مينع غريه فيقع من لوازم اجلمع والطرد والعكس يقع أيضا من اللواز

ومن شرائطه أنه جيب أن يكون أعرف من احملدود وال يكون مثله وال دونه يف اخلفاء واجلالء وأن ال يعرف الشيء .مبا ال يعرف إال به إىل غري ذلك فيما ذكر فإذا ثبت ما ذكرناه من حتديد احلد بعد التفصيل

الشاهد أنه ذو العلم والقادر ذو القدرة قال من حاول اجلمع بني الغائب والشاهد باحلد واحلقيقة حد العامل يف واملريد ذو اإلرادة فيجب طرد ذلك يف الغائب واحلقيقة ال ختتلف شاهدا أو غائبا قيل له هذا تعريف الشيء مبا هو دونه يف اخلفاء واجلالء فإن اإلنسان رمبا يعرف كون زيد متحركا ويشك يف احلركة حىت يربهن على ذلك وكذلك

وصاف فكيف اقتبست معرفة اإلجالء من اإلخفاء وأيضا فإن ذا الشيء قد يكون على سبيل الوصف يف مجيع األرفيع " والصفة وقد يكون على سبيل الفعل واملفعول وقد يكون على سبيل امللك واململوك أليس روي يف التنزيل

أن يكون معىن كونه ذا العلم مث العرش خلقه وملكه وليس صفة قائمة بذاته فما أنكرمت " الدرجات ذو العرش .والقدرة

.قال قد يقتبس إثبات العلم والقدرة من كونه عاملا وقادرا وقد يقتبس من كون الشيء معلوما ومقدورافبقول املتعلق باملعلوم علم واملتعلق باملقدور قدرة فإذا قام الدليل على كونه عاملا باملعلوم فيجب أن يكون عاملا

.بالعلمقه أن العلم إحاطة باملعلوم ويستحيل أن تكون الذات حميطا أو متعلقا فيجب أن يكون للذات صفة إحاطة هي وحيق

.احمليطة املتعلقة باملعلوماتقالت املعتزلة معلوم اهللا بكونه عاملا ال بالعلم وال بالذات وال معىن لكون املعلوم معلوما إال أنه غري خمفي على العامل

فليس مث تعلق حسي أو ومهي حىت حيال به على العلم أو على الذات وقولكم العلم إحاطة باملعلوم كما هو عليهتغيري عبارة وتبديل لفظ بلفظ وإال فالعلم واإلحاطة والتيقن عبارات عن معرب واحد ومعىن كون الذات عاملا أنه

إلحاطة لظنكم أن اإلحاطة لو حتققت للذات حميط وكذلك معىن كونه حميطا أنه عامل وإمنا وقعتم يف إلزام لفظ اوهو بكل شيء " كانت تلك اإلحاطة كإحاطة جسم جبسم وذلك االشتراك يف اللفظ وإال فمعىن اإلحاطة هو العلم

.حميط وبكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير" عليم ف ال وكونه معلوما أعم من قالت الصفاتية العقل الصريح يفرق بني كون الشيء معلوما وبني كونه مقدورا وكي

Page 64: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كونه مقدورا فإن املعلوم قد يكون قدميا وقد يكون حادثا وواجبا وجائزا ومستحيال وكونه مقدورا ينحصر يف كونه .ممكنا جائزا مث نسبة املعلوم إىل الذات من حيث هي ذات واحدة كنسبة املقدور من حيث هي ذات

ة واحدة عندكم أم ختتلف النسبة فإن كان نسبة الذات إليهما على قضية فنقول نسبة الذات إليهما على قضيواحدة فيلزم أن ال يكون أحدمها أعم والثاين أخص وجيب أن يكون كل معلوم مقدورا كما كان كل مقدور معلوما

ذلك مما وإن اختلف وجه النسبة باألعم واألخص علم أنه كل كان مضافا إىل الذات بل إىل صفة وراء الذات و .خيرب عنه التنزيل بالعلم والقدرة

قالت املعتزلة ختتلف وجوه االعتبارات يف شيء واحد وال يوجب ذلك تعدد الصفة كما يقال اجلوهر متحيز وقائم بالنفس وقابل للعرض ويقال للعرض لون وسواد وقائم باحملل فيوصف اجلوهر والعرض بصفات هي صفات األنفس

والعرض دوهنما مث هذه األوصاف ال تشعر بتعدد يف الذات وال بتعدد صفات هي ذوات قائمة اليت ال يعقل اجلوهر .بالذات وال بتعدد أحوال ثابتة يف الذات كذلك نقول يف كون الباري تعاىل عاملا قادرا

ز هبا قالت الصفاتية ليس يف وصف اجلوهر والعرض هبذه األوصاف أكثر من إثبات حقيقة واحدة هلا خاصية تتميعن غريها وهذه العبارات دالة على تلك اخلاصية وهي احلجمية يف اجلوهر والسوادية يف العرض مثال فأما حتيزه

وقبوله للعرض فذلك تعرض لنسبة اجلوهر إىل احليز ونسبته إىل العرض إما تقديرا أو حتقيقا ومبثل ذلك نقول يف حق ين أحد صمد غري متناهي الوجود والذات وكل هذه األوصاف ترجع الباري سبحانه أنه موجود قدمي قائم بنفسه غ

إىل حقيقة واحدة وأما وصفه بكونه حيا عاملا قادرا إمنا هو راجع إىل حقائق خمتلفة وخواص متباينة ختتص كل صفة خباصية وحقيقة ال تتعداها ولكل واحدة فائدة خاصة ختصها ودليل خاص يدل عليها ومتعلق خاص خيتص هبا

واحلقائق إذا اختلفت من هذه الوجوه فقد اختلفت يف ذواهتا وال يسد أحدمها مسد اآلخر والعقل إمنا مييز هذه املعاين هبذه الوجوه وإال فإعراض متعددة إذا قامت مبحل واحد مل حيكم العقل باختالفها وتعددها إال باختالف

تحيل يف العقل اجتماع خواص خمتلفة يف حقيقة واحدة فلو خواصها وآثارها وفوائدها ودالئلها ومتعلقاهتا ومن املسجاز إثبات ذات هلا حكم العلم والقدرة واإلرادة واحلياة جلاز إثبات حقيقة واحدة هلا حكم العرض واجلوهر وجلاز

إثبات علم له حكم القدرة وجلاز إثبات لون له حكم الكون ويلزم على ذلك اجتماع املتضادات وذلك من أحمل ما .يتصور

ومما يوضح ذلك وهو أقوى ما يتمسك به يف إثبات الصفات قولنا اهللا عامل قادر وقول املعطل مثال ليس بعامل وال قادر إثبات ونفى ال حمالة فال خيلو األمر فيه إما أن يرجع اإلثبات والنفي إىل الذات وإما أن يرجع إىل الصفات وإما

إىل الذات فإهنا معقولة دون االتصاف بالعاملية إذ ليس من ضرورة العلم أن يرجع إىل األحوال ومستحيل رجوعهماكونه ذاتا قائما بالنفس مستغنيا من كل وجه أن يعلم كونه عاملا ولذلك كان الدليل على كونه قائما بالنفس غري

ملعطلة نفوا كونه عاملا وقادرا مع الدليل على كونه عاملا قادرا وال من ضرورة نفي العاملية نفي الذات فإن مجاعة من اإقرارهم وعلمهم بثبوت الذات ويستحيل رجوعهما إىل احلال فإهنا ال تنفي على حياهلا وال تثبت وقد أبطلنا القول

.باحلال فلم يبق إال القسم األخري وهو الرجوع إىل الصفات

واحدة حيث قلتم الرب تعاىل عامل بعلم واحد قالت املعتزلة أنتم أول من أثبت حقائق خمتلفة وخواص متباينة لذاتيتعلق جبميع املعلومات ومن املعلوم أن العلم بالسواد مثال ليس مياثل العلم بالبياض بل خيالفه ألن املثلني عندكم ال ت ال جيتمعان وقد جيتمع العلمان املختلفان فعلمه سبحانه يف حكم علوم خمتلفة وكذلك القدرة األزلية تتعلق مبقدورا

Page 65: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تتعلق القدرة احلادثة هبا فهي يف حكم قدر خمتلفة وكذلك اإلرادة والسمع والبصر وأظهر من ذلك كله الكالم فإنه صفة واحدة أزلية وهي يف ذاهتا أمر وهني وخرب واستخبار ووعد ووعيد ومعلوم أن هذه حقائق خمتلفة قد ثبتت

االعتبارات فنحن نقول كذلك يف ذات الباري سبحانه وإن لكالم واحد فإن قلتم هذه احلقائق ترجع إىل الوجوه ورددمت ذلك إىل األحوال فمن مذهب أيب هاشم أهنا أحوال وعلى كل وجه قدرمتوه يلزمكم مثله يف الذات

والصفات وقولكم إن املعاين إمنا تتعرف بعددها من خواصها ومتعلقها وآثارها وأدلتها صحيح يف الشاهد غري مسلم بل بإمجاع منا يف مسائل وانفراد منكم يف مسائل خالفنا هذه القاعدة فإن القدم والوجوب بالذات يف الغائب

والوحدة والقيام بالذات والبقاء والدميومية وإنه أول وآخر وظاهر وباطن منزه عن املكان مقدس عن الزمان حقائق ه ومع ذلك ال يوجب تعددا يف الصفات خمتلفة لو اعتربناها شاهدا لكان لكل واحدة منها دليل خاص يدل علي

باالتفاق وعندكم األمر والنهي يف الشاهد يتباينان ويتضادان وما يدل على األمر غري ما يدل على النهي وكذلك اخلرب واالستخبار يتمايزان من حيث احلقيقة والدليل واملتعلق فإن متعلق األمر غري متعلق اخلرب واخلرب يتعلق بالقدمي

يتعلق به واختالفهما من حيث التعلق أوجب اختالفهما يف الشاهد مث مل نستدل باختالفهما يف الشاهد واألمر العلى اختالفهما يف الغائب بل كالمه أمر وهني مع أن األمر يتعلق باملأمورات دون املنهيات والنهي يتعلق باملنهيات

.وموجودا وواجبا وجائزا ومستحيال دون املأمورات واخلرب يتعلق بكل ما يتعلق به العلم معدوماوأما استداللكم بطريق النفي واإلثبات على أصل نفاة األحوال غري مستقيم فإن عندهم النفي واإلثبات يف كل شيء يرجعان إىل أمر خمصوص معني فال يتصور إثبات ذات على اإلطالق إال يف جمرد اللفظ أو يرجع إىل وجه

ع إىل العلم بذات على وجه واعتبار وعند مثبيت األحوال قولنا عامل يرجع إىل إثبات ذات واعتبار فقولنا عامل يرجعلى حال كونه عاملا هذا كمن يعرف بكونه موجودا وال يعرف بكونه واحدا وغنيا وقدميا أليس النفي واإلثبات يف

والوجوه كذلك نقول يف الصفات فبطل ذلك ال يرجع إىل الصفات الزائدة على الذات وإمنا يرجع إىل االعتبارات .استداللكم بالنفي واإلثبات

قالت الصفاتية العلم من حيث هو علم حقيقة واحدة وليس خاصية واحدة وإمنا ختتلف العلوم باعتبار متعلقاهتا ال جواز بقاء وتتماثل باحتاد املتعلق وليس خيرج ذلك االعتبار نفس العلم عن حقيقة العلمية حىت لو قدرنا تقديرا حمل

.العلم احلادث لتعلق العلم احلادث مبعلومني ومعلومات

والسر فيه أن العلم على كل حال يتبع املعلوم عدما ووجودا فال يكسب املعلوم صفة وال يكتسب عنه صفة ة ال يف حكم فالعلوم ختتلف يف الشاهد الستحالة البقاء وتقدير اختالف املتعلقات والعلم القدمي يف حكم علوم خمتلف

خواص متباينة وكذلك نقول يف الكالم فإن األمر والنهي واخلرب واالستخبار مشلتهما حقيقة الكالم فاجتمعت يف حقيقة واحدة واختلفت اعتبارات تلك احلقيقة بالنسبة إىل املتعلقات وهذا غري مستبعد وإمنا املستحيل كل

ية القدرة واإلرادة إىل غري ذلك من سائر الصفات حىت يلزم االستحالة إثبات ذات واحدة هلا خاصية العلم وخاصأن يقال يعلم من حيث يقدر ويقدر من حيث يعلم ويقدر بعاملية ويعلم بقادرية وجتتمع صفتان وخاصيتان لذات واحدة وذلك غري معقول وأما صفات الذات اليت ليست وراء الذات فإهنا راجعة إىل النفي ال إىل اإلثبات فمعىن

نه قدميا أنه ال أول له وال آخر ومعىن كونه واحدا أنه ال شريك له وال قسيم ومعىن كونه غنيا أنه ال حاجة له كووال فقر ومعىن كونه واجبا بذاته أن وجوده غري مستفاد من غريه ومعىن كونه قائما بنفسه أنه غري حمتاج إىل مكان

كان واحملل خبالف قولنا أنه عامل قادر فإن العامل ذو العلم حقيقة وزمان بل هو مستغن على اإلطالق عن املوجد واملوالقادر ذو القدرة حقيقة واإلحكام واإلتقان دليل العلم وأثره والوجود واحلصول دليل القدرة وأثرها فهما معنيان

Page 66: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الثاين وكذلك قلتم معقوالن حبقيقتهما فال يتحدان يف ذات كما ال يتحدان بذاهتما حىت يكون حقيقة أحدمها حقيقة .معاشر املعتزلة أن العاملية ليس بعينها معىن القادرية جلواز العلم بأحدمها مع اجلهل بالثاين

وقال أبو هاشم العاملية حال والقادرية حال ومفيدمها حال يوجب األحوال كلها فال فرق يف احلقيقة بني أصحاب لصفات إذ احلال ال يوصف بالوجود وال بالعدم والصفات األحوال وبني أصحاب الصفات إال أن احلال متناقض ل

موجودة ثابتة قائمة بالذات ويلزمهم مذهب النصارى يف قوهلم واحد باجلوهرية ثالثة باألقنومية وال يلزم ذلك .التناقض مذهب الصفاتية

صانع عاملا قادرا فال وأما االستدالل بالنفي واإلثبات فصحيح واعتراضكم فاسد فنقول قد قام الدليل على كون الخيلو احلال إما أن يكون االمسان عبارتني عن معرب واحد من غري تفاوت أصال فيلزمكم أن تفهم العاملية بفهم

القادرية ويلزمكم أن تنفى العاملية من نفي القادرية ويلزمكم أن يوجد العامل من حيث كونه عاملا فحسب وال حيتاج زم أن يدل على العاملية كما يدل على القادرية ومن املعلوم الذي ال مرية فيه أنه ليس إىل إثبات كونه قادرا فيل

إطالق لفظ العامل القادر كإطالق لفظ املوجد اخلالق فإنا ندرك ببدائه عقولنا فروقا ضرورية بني كونه عالما قادرا ني لكنا ال ندرك بعقولنا هذه التفرقة مث ليس وبني كونه موجدا خالقا فلو كان االمسان مترادفني ترادف هذين االمس

جيوز أن يقال أحد الوصفني وصف إثبات والثاين وصف نفي فإهنما يف حمل تصور الفهم متساويان وليس جيوز أن يقال أحدمها وصف إضافة والثاين وصف حال وصفة إذ اإلضافة من لوازمها لذاهتا بل مها حقيقتان تعرض هلما

قات واإلضافة معىن ال تعرض له اإلضافة وإذا بطلت هذه الوجوه تعني أهنما صفتان قائمتان اإلضافة إىل املتعل .بالذات عرب الشرع عن إحدامها بالعلم وعن الثانية بالقدرة

قالت املعتزلة حنن ال ننكر الوجوه واالعتبارات العقلية لذات واحدة وال نثبت الصفات إال من حيث تلك الوجوه هي ذوات موجودات أزلية قدمية قائمة بذاته هو املنكر عندنا فإهنا إذا كانت موجودات وذوات إما إثبات صفات

وراء الذات فإما أن تكون عني الذات وإما أن تكون غري الذات فإن كانت عني الذات فهو مذهبنا وبطل قولكم ادثة وإن كانت قدمية فقد هي وراء الذات وإن كانت غري الذات فهي حادثة أو قدمية وليس من مذهبكم أهنا ح

شاركت الذات يف القدم والوجوب بالذات ونفى األولية فهي آهلة أخرى فإن القدم أخص وصف القدمي واالشتراك .يف األخص يوجب االشتراك يف األعم

جود به ومن اإللزامات على قولكم أهنا قائمة بذاته أن القائم بالشيء حمتاج إىل ذلك الشيء حىت لواله ملا حتقق له وفيلزمكم إثبات خصائص األعراض يف الصفات فإن العرض هو احملتاج إىل حمل يقوم به ويلزمكم إثبات التقدم

.والتأخر الذايت العقلي يف الذات والصفات وهذا كله حمال

ب وساعدهم مجاعة من الفالسفة املعطلة يف إلزام هذه الكلمات وزادوا عليهم بأن قالوا قام الدليل على أن واجالوجود مستغن على اإلطالق من كل وجه فمن أثبت له صفة لذاته أزلية معىن وحقيقة قائمة بذاته فقد أبطل

االستغناء املطلق من الصفة واملوصوف مجيعا وأثبت االحتياج والفقر يف الصفة واملوصوف مجيعا أما الصفة فاحتاجت م بالباري واستحال أن تقول قام الذات بالعلم وأما يف وجودها إىل ذات تقوم هبا إذ يدب أن تقول قام العل

املوصوف فإمنا يتم كما له يف اإلهلية إذا قامت به هذه الصفات حىت لوالها ملا كان إالها مستغنيا على اإلطالق فإذا .املستغىن على اإلطالق ال يكون إال واحدا من كل وجه وال كثرة فيه من وجه

إثبات صفات أزلية أنكرنا عليكم إثبات موصوف بال صفة إنكارا بإنكار واستبعادا قالت الصفاتية كما أنكرمت باستبعاد وتقسيمكم أهنا عني الذات أم غري الذات إمنا يصح إذا كان التقسيم دائرا بني النفي واإلثبات فإن من قال

Page 67: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

به أهنما شيئان وجيوز وجود هذا عينه وهذا غريه قد يعين به أهنما شيئان فهذا شيء وذاك شيء آخر وقد يعينأحدمها مع عدم الثاين أو مع تقدير عدم الثاين وحنن ال نسلم أن الصفات أغيار وال نقول أهنا عني الذات ألن حد

الغريين عندنا هو املعىن الثاين ال املعىن األول مث إن جاز ملثبيت األحوال القول بأن احلال ال موجودة وال معدومة جاز ت القول بأن الصفات ال عني الذات وال غري الذات على أن كل حقيقة التأمت من أمرين حمققني يف ملثبيت الصفا

الشاهد مثل اإلنسانية فإهنا التأمت من حيوانية وناطقية عند القوم فإذا قيل الناطقية عني اإلنسانية أو غريها مل يصح ه مث هب أنا نسلم الغريية باملعىن األول فقولكم إن بأهنا ال عينها وال غريها وكذلك جزء كل شيء ال عينه وال غري

كانت قدمية أوجب أن تكون إالها دعوى جمردة بل هو حمل النزاع وقولكم القدم هو أخص وصف اإلله دعوى ال برهان عليها فإن معىن اإلهلية هو ذات موصوفة بصفات الكمال فكيف نسلم أن كل صفة أزلية إاله مث من قال

وصاف فيجب أن يبني أعم األوصاف فإن األخص إمنا يتصور بعد األعم فما األعم فإن كان الوجود القدم أخص األهو األعم والقدم هو األخص فقد التأمت حقيقة اإلهلية من أعم وأخص فاألخص عني األعم أو غريه ويلزم على

.مساق ذلك ما ألزمتموه على الصفاتالحتاجت إليها وكان حكمها حكم األعراض وكان وجود املوصوف وأما قولكم أن الصفات لو قامت بذاته تعاىل

.أسبق وأقدم بالذات على وجود الصفة فهذا مما يستحق أن جياب عنهفنقول معىن قولنا الصفات قامت به أنه سبحانه يوصف هبا فقط من غري شرط آخر والوصف من حيث هو وصف

تأخر فإن الوصف بكونه قدميا واجبا بذاته من حيث هو وصف ال ال يستدعي االحتياج واالستغناء وال التقدم وال اليستدعي كون القدم والوجوب حمتاجا إىل املوصوف وال كون املوصوف سابقا بالقدم والوجوب بل االحتياج إمنا

يتصور يف اجلواهر واألعراض حيث مل تكن فكانت فاحتاجت إىل موجد جلوازها وتطلق على األعراض خاصة حيث تعقل إال يف حمال واحتاجت إىل حمل وباجلملة االحتياج إمنا يتحقق فيما يتوقع حصوله فيترقب وجوده ولن يتصور مل

.االحتياج يف القدموأما اجلواب عن قول الفالسفة أنه تعاىل مستغن على اإلطالق قيل االستغناء من حيث الذات أنه ال حيتاج إىل مكان

أنه ال حيتاج إىل شريك يف القدرة والفعل ومعني يف العلم واإلرادة ووزير يف وحمل واالستغناء من حيث الصفات التصرف والتدبري فهو تعاىل مستغن على اإلطالق وإمنا يستغين بكمال صفاته وصفات جالله فكيف يقال أنه احتاج

تغىن عند ذلك كان حمتاجا إىل ما به استغىن أليس القول بأنه استغىن بوجوبه يف وجوده عن موجد وال يقال أنه ملا اسإليه كذلك نقول إنه استغىن بذاته وصفاته فال املوصوف حمتاج إىل الصفة وال الصفة احتاجت إىل املوصوف وإمنا

يتحقق االحتياج أن لو كانت الصفة على مثال اآللة واألداة والصفات األزلية يستحيل أن تكون آلة فبطل اإللزام .وزال اإليهام

ة القسمة الصحيحة العقلية أن املوجود ينقسم إىل واجب بذاته وإىل ممكن بذاته وواجب بغريه قالت الفالسففالواجب بذاته ليس يتصور إال واحدا من كل وجه ال كثرة فيه بوجه من الوجوه ال كثرة أجزاء عددية وال كثرة

بفصل خيصه فحينئذ تتركب معان عقلية وإال فيلزم أن يشترك يف وجوب الوجود وينفصل كل واحد عن صاحبه ذاته من جنس وفصل مث تكون األجزاء مقومات للجملة ال حمالة واملقوم أقدم من املقوم وما يقوم بالشيء ال يكون

واجبا بذاته بل باملقوم والواجب بذاته لن يتصور إال واحدا واملعاين اليت أثبتموها إما أن تكون واجبة بذاهتا فيلزم أن ا الوجود وذلك حمال كما قدمناه وإما أن ال تكون واجبة بذاهتا بل يكون قوامها بالذات فيلزم ما يكون اثنان واجب

.ذكرناه آنفا

Page 68: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

قيل هلم قسمة الوجود إىل واجب بذاته وإىل واجب بغريه دليل قاطع على نقص إلزامكم فإن الوجود من حيث هو الواجب فاشتركا يف األعم وافترقا يف وجود قد عم الواجب واجلائز والوجوب من حيث هو وجوب قد خص

األخص وما به عم غري ما به خص فتركبت الذات من وجود عام ووجوب خاص فهو كتركيب الذات من واجب .الذات قد مشلت الواجبني ويفصل كل واحدمها بفصل عن الواجب اآلخر

واألول ويف الثاين بال أوىل وال أول فلم قالت الفالسفة الوجود ليس يعم القسمني بالسوية بل هو يف أحدمها باألوىل .يكن جزا مقوما فلم يصلح أن يكون جنسيا فلم يلزم التركيب منه والتقوم به

قيل هذا بعينه يف الوجوب جوابنا فإن الوجوب ليس يعم القسمني بالسوية فلم يكن الوجوب جزا مقوما فلم يصلح .هأن يكون جنسا فلم يلزم التركيب منه والتقوم ب

.قالت الفالسفة الوجوب معىن سليب معناه أن وجوده غري مستفاد من غريه فلم يصلح أن يكون فصال للوجودقيل وإذا مل يصلح أن يكون فصال لكونه معىن سلبيا فال يصلح أن يكون جنسا لكونه معىن سلبيا وألزمتمونا كونه

واجبة لذاهتا أيضا مبعىن أن وجودها غري مستفاد من غريها فلم ال جنسا إذ قلنا ذاته تعاىل واجبة لذاهتا وصفاته تعاىل جيوز أن يكون اثنان كل واحد واجب الوجود لذاته فإن ألزمتمونا باالشتراك يف شيء واالفتراق يف شيء آخر

.لزمكم يف الوجوب والوجود كذلكلتواطؤ إذ معناه أنه وإن عم إال أن قالت الفالسفة الوجود يطلق على املوجودات بالتشكيك ال بالتشريك وال با

عمومه ليس بالتسوية فإنه يف الواجب لذاته وبذاته فهو أوىل وأول ويف اجلائز لغريه وبغريه فهو ال أوىل وال أول فلم يصلح أن يكون جنسا فلم يلزم منه التركيب من جنس وفصل خبالف موجودين واجبني كل واحد منهما وجوبه

منهما عن اآلخر بفصل ذايت كالعلمية فإهنا والذات تشتركان يف وجوب الوجود وينفصل بذاته وينفصل كل واحدأحدمها عن اآلخر بفصل ذايت وكذلك العلم والقدرة املشتركان يف كوهنما معنيني متباينني ثابتني أزليني وينفصل

وصفات خمتلفة قائمة بالذات أحدمها عن اآلخر بفصل ذايت فتكون اإلهلية حقيقة ما متركبة من ذات قائمة بنفسهافال يوجد فرق بني اإلنسانية املركبة من احليوانية والناطقية وبني اإلهلية املركبة من الذات والصفات وحينئذ ال فرق

.بني التأليف احملسوس والتأليف املعقول .قيل هلم أنتم وضعتم هذه االصطالحات حيث ضاق بكم التزام الوجود ومشوله

إذا حصل معىن مفهوم من لفظ متصور يف ذهن كان مشوله بالسوية لست أقول مشوله بالنسبة إىل فنقول العموم سائر املوجودات بل أقول مشوله بالنسبة إىل قسمية األخصني به وهو الوجوب واجلواز والقول بأنه يف الواجب أوىل

نا لفظ الواجب جانبا وقلنا الوجود وأول تفسري ملعىن الواجب أي هو ما يكون الوجود له أوىل وأول حىت لو تركينقسم إىل ما يكون الوجود له أوىل وأول وإىل ما يكون الوجود له ال أوىل وال أول كان التقسيم صحيحا مفيدا

لفائدة األوىل مث الوجوب ال يفهم إال وأن يفهم الوجود أوال حىت لو رفع الوجود يف الوهم ارتفع الوجوب بارتفاعه . فالوجود ذايت للواجب هبذا املعىن ومبعىن أنه أوىل به وأنه لذاته وبذاته وأنه لغريه على خالف ذلكوهو معىن ذايت

ومن العجب أهنم قالوا الوجوب معىن سليب حىت لزمهم أن يقولوا اجلواز الذي يف مقابلته معىن إجيايب وليت شعري جلواز إىل اإلجياب أليس الوجود أوىل بالواجب كيف يستجيز العاقل من عقله أن يرد معىن الوجوب إىل السلب وا

فكيف صار أوىل باجلائز أليس الوجوب تأكيدا للوجود فكيف تأكد الوجوب بالسلب وهل هذا كله إال حتري العقل .ودوار يف الرأس وتطرق الوسواس إىل صدور الناس

للقسمني إذ لوال مشوله وإال ملا صح مث نقول إن سلم لكم أن الوجود ليس جبنس فلم خيرج عن كونه عاما شامال

Page 69: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

التقسيم فإن التقسيم إمنا يرد على املعىن ال على جمرد اللفظة فاملعىن العام للواجب واجلائز غري املعىن اخلاص بأحد القسمني فإذا مل يكن التركيب تركبا من جنس وفصل كان تركبا من عام وخاص فيفيد أحدمها من التصور ما ال

.يلزم منه عني ما يلزم من الفصل واجلنسيفيده اآلخر ف .قالت الفالسفة التميز بينهما متيز يف الذهن باالعتبار العقلي ال يف الوجود

قيل هلم التميز بني العرضية واللونية متيز يف الذهن باالعتبار العقلي ال يف الوجود وكذلك اإلنسانية يف كوهنا مركبة م ووجوب خاص وبني عرض عام ولون خاص والتركيب كالتركيب إال أن من حياة ونطق فما الفرق بني وجود عا

أحد العامني واخلاصني من جنس وفصل على اصطالح املنطق فيصلح أن يركب منهما حد الشيء والثاين عام وخاص ال يصلح أن يركب منهما حد الشيء والفرق من هذا الوجه ليس يقدح يف غرضنا من اإللزام فإنا مل نلزم

اري تعاىل حمدودا بل ألزمنا كونه موصوفا واملوصوف بالصفة أعم من احملدود باحلد مث القول بأن تركبه كون الببالقياس إىل عقولنا وأذهاننا تسليم املسئلة وزيادة أمر على الصفاتية ويلزم عليه أن يقال له مادة وجنس وفصل

لنا ال بالقياس إىل ذاته مث هم معرفة املعلوم على وخاصية وعرض إىل غري ذلك من أنواع التركيب بالقياس إىل عقوخالف ما هو له فإنه يف ذاته غري مركب ويف التصور العقلي مركب مث الوجوب إن كان معىن إثباتيا يف الذهن غري

إثبايت يف اخلارج فذلك تغيري حقيقة الشيء الواحد بالنسبة إىل شيئني واحلقائق ال ختتلف بالنسبة أصال وإن كانالوجوب معىن سلبيا يف الذهن فقد استغىن بكونه نفيا عن إلزام التركيب الذهين وعندهم املعاين السلبية ال توجب التكثري سواء كانت يف الذهن أو يف اخلارج واملعاين اإلجيابية الغري إضافية ال ختلو من التكثر سواء كانت يف الذهن

ذاته ويعلم غريه فليس علمه بذاته علما بغريه من الوجه الذي كان علما أو يف خارج ومن املعلوم أنا إذا قلنا يعلمبذاته بل اعتبار علمه بذاته غري اعتبار علمه بغريه واعتبار إضافة العقل األول إليه عندكم غري اعتبار إضافة العقل

نسمي كل اعتبار صفة وما الثاين إليه وإذا اختلفت االعتبارات والوجوه العقلية لزمكم التكثري يف الذات فنحنمسيتموه باملعاين السلبية فعندنا القدم والوحدة مبثابتهما فإن معىن القدمي أنه ال أول لوجوده ومعىن الواحد أنه ال

انقسام لذاته وما مسيتموه من املعاين باملعاين اإلضافية فعندنا كونه خالقا رزاقا مبثابتهما فإن معىن اخلالقية يتصور من والرازقية من ارزق وبقي عندنا أنا أثبتنا معاين من كونه عاملا قادرا حيا فإن رده إىل السلبية غري ممكن حىت اخللق

يقال معىن كونه عاملا أنه غري جاهل فإن غري اجلاهل قد يتصور وال يكون عاملا فهو أعم وحىت يقال أن معىن كونه وال يكون قادرا فنفي األولية بالضرورة يقتضي القدم ونفي االنقسام قادرا أنه غري عاجز فإن غري العاجز قد يتصور

ال يقتضي العلم والقدرة فقد خيلو الشيء عن اجلهل والعلم كاجلماد فإذا معىن العاملية والقادرية ليس معىن سلبيا أوال حىت يسمى فاعال وليس هو أيضا معىن إضافيا فإن االسم اإلضايف من املضاف يتلقى مبعىن أنه حيصل الفعل

وليس كذلك كونه عاملا قادرا فإن وجود املعلوم واملقدور من العلم والقدرة حيصل فهو على خالف وضع األسامي اإلضافية خصوصا على أصلهم فإهنم قالوا علمه تعاىل فعلى ال انفعايل وعند املتكلمني العلم يتبع املعلوم وعندهم

ر يتبع القدرة وعن هذا قالوا إمنا يصدر عنه العقل األول لعلمه بذاته فإذا مل يكن العلم املعلوم يتبع العلم واملقدو .معىن سلبيا وال معىن إضافيا وال مركبا منهما فتعني أنه صفة للموصوف

علة قالت الفالسفة املبدأ األول يعقل ذاته ويعقل ما يلزم ذاته وعقله لذاته من حيث أنه جمرد عن املادة لذاته وهواملبدأ الثاين وهو املعلول األول فلزم وجوده من حيث أنه يعقل ذاته وسائر األشياء تكون معلولة على نسق الوجود

منه وجترده لذاته عن املادة أمر سليب حمض فلم تتكثر الذات بسلب شيء منه كما يقال اإلنسان ليس حبجر وال مدر لب وإن بلغ إىل غري النهاية ال يوجب تكثريا يف ذاته وإمنا قلنا أن وال جنم وال شجر وكذا إىل غري هناية فهذا الس

Page 70: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تعقله لذاته أمر سليب أن العقل هو اجملرد عن املادة وجتريده عن املادة سلب املادة عنه فلزم أن يكون عاملا لتجرده ر العقل مدركا عند ارتفاع عن املادة وعالئقها إذ املادة هي اليت كانت حجابا عن التعقالت فلما ارتفع احلجاب صا

احلجاب احملسوس أدراك احلس احملسوس وعند ارتفاع احلجاب املعقول إدراك العقل املعقول وليس خيتص ذلك بتعقل الباري تعاىل بل كل عقل ونفسي إذا جترد عن املادة عقل وأدرك مبقدار جترده مث ذات العقل األول ال حيتجب

بدا وكل عقل ونفس مفارق للمادة فحكمه كذلك إال أن من املواد ما يكون يف عن ذاته أبدا فهو عاقل بنفسه أألطف ما يكون كاألجسام السماوية فكان حجاهبا لعقوهلا ونفوسها أقل تأثريا إىل أن يصل يف الدرجة العليا إىل ما ال

ف ما يكون كاألجسام األرضية خيالط مادة البتة فيكون أكمل األشياء تعقال وإدراكا ومن املواد ما يكون يف أكثفكان حجاهبا إلدراكاهتا أكثر تأثريا إىل أن ينزل يف الدرجة السفلى إىل ما ال يفارق مادة البتة فيكون أكثر األشياء

مخودا ومجودا والعقل األول وإن فارق املادة من كل وجه إال أن ذاته باعتبار ذاته ممكن الوجود فلم خيرج عن اإلمكان عدمية مادية مل يصل تعقله إىل درجة العلة األوىل إذ هو أجل األشياء إدراكا ال أجل اإلمكان وطبيعة

.األشياء كماال إذ هو برئ عن طبيعة اإلمكان والعدمقالت الصفاتية الباري تعاىل يعلم ذاته ويعلم ما يلزم منه بعلمني أم بعلم واحد فإن قلتم املعلومان يستدعيان علمني

م مذهبكم وزريتم علينا وإن قلتم بعلم واحد فيعلم الذات من حيث يعلم الالزم ويعلم الالزم من حيث فقد ناقضتيعلم الذات فيجب أن تكون الذات الزما والالزم ذاتا ألنه إمنا يلزم منه ما يلزم لعلمه بذاته وهو من حيث ذاته

يوجد منه الالزم كما ال يوجد منه الذات وإن كان يعلم الالزم فيوجد منه الذات كما يوجد منه الالزم أو كان ال يعلم الذات ال من حيث يعلم الالزم فقد تعدد االعتبارات فتكثر الذات بتكثر الوجوه واالعتبارات على ما سنفرد مسئلة يف العلم األزيل خاصة وحتقيق تعلقه باملعلومات لكن الذي خيتص مبسئلتنا هذه إلزام الوجوه واالعتبارات يف

الصفات اليت أثبتموها وقولكم جترده عن املادة أمر سليب أي هو مفارق ليس يف مادة أصال ال لشيء جرده عن .املادة بل لذاته وبذاته وال يوجب تكثرا يف الذات

لفظا قلنا من املعلوم أن قولنا عامل يشعر بتبني املعلوم وقولنا ليس يف مادة يشعر بنفي املادة عنه واملفهومان متغايرانومعىن فكيف يقال أحدمها هو الثاين بعينه لعمري يصح أن يقال أحدمها سبب لوجود الثاين على معىن أن املادة إذا ارتفعت ارتفع احلجاب فأدرك الشيء وعقله كاملرآة املصدية إذا صقلت وارتفع الصدأ متثلت صورة احملسوس فيها

الذهن والعقل وإذا تبني املعقول ارتفعت احلجب كلها وكال كذلك إذا ارتفعت املادة يتبني الشيء املعقول يفالوجهني صحيح إما أن يكون أحدمها عني الثاين حىت يكون إطالق بالترادف فذلك خطأ ظاهر وما ذكرمتوه من

تفريع مذهبكم على هذه القاعدة نتكلم عليها بعد هذه املسئلة إن شاء اهللا تعاىل ونقول إذا كان الوجود من حيث و وجود يعم الواجب واملمكن فالذات القائم بالنفس من حيث أنه ذات قائم بالنفس يعم الواجب واملمكن فما ه

الذي خيص الواجب من أمر وراء ذاته حىت يتميز عن سائر الذوات فإن مل يكن له ما خيصه فليس له ما يعمه وإن وجوب وإن وقع التخصيص بأمر دون أمر كان التخصيص وقع بالذات فهال قلتم وقع التخصيص بالوجود دون ال

فذلك األمر الذي خصص وعني هو الصفة عندنا إال أنا حبكم الشرع أطلقنا اسم العلم والقدرة واإلرادة على ذلك وأنتم ما خالفتمونا يف العلم والقدرة بل قلتم هو تعاىل عامل لذاته وذاته علم وإن كان الذات من حيث هو ذات

والتخصيص إمنا يقع بأمر وصفة وباجلملة كل أمر عام وجودي إذا ختصص فإمنا يتخصص بأمر شامال مشول الوجود خاص وجودي فيلزم هناك أثنينية من املعىن عام وخاص وسواء كان العام جنسا واخلاص فصال وسواء مل يكن األمر

.كذلك

Page 71: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.فإن قيل قد يتخصص الشيء بالفصول السلبية والسلب ال يوجب االثنينية .هذا خطأ وقع للمنطقيني منكم حيث ظنوا أن السلب جيوز أن يكون فصال ذاتيا قيل

والربهان على استحالة ذلك أن الفصل ال يتحقق ما مل يتحقق يف املفصول اشتراك ما يف أعم وصف فيكون الفصل فه وسلب أعين ما به متيز عن غريه من املشتركات أخص وصف الشيء والشيء إمنا يتميز عن غريه بأخص وص

.صفة وشيء آخر عنه ومبا يطلقه على أخص وصفه ال أن يكون نفسه أخص وصفهفلما ضاق على بعض الفالسفة التعبري عن الفصول الذاتية بعبارات ناصة عليها أوردوا فصوال سلبية على أن تطلع

ني مث ارتكبوا على الطالب على نفس املطلوب ظن بعضهم أن السلوب تصلح أن تكون فصوال ذاتية وذلك خطأ بمقتضى ذلك أن جعلوا وجوب الوجود أمرا سلبيا وفصلوا به ذات واجب الوجود عن سائر الذوات ومل يفطنوا

إلمكان الوجود الذي يف مقابلة وجوب الوجود أنه يلزم أن يكون فصال إجيابيا ويا ليت شعري كيف يتأكد كون سلب الغري تأكيدا لذات الوجود الواجب وإجياب الوجوب بالسلب وكيف يضعف الوجود باإلجياب وكيف ي

الذات ال يكون تأكيدا وباجلملة كلما يتميز عن غريه فإمنا يتميز بأخص وصفه وأخص وصف الشيء املوجود ال .يكون إال أمرا وجوديا

حىت ال يلزم فإن قيل هذا خرب ما عندنا يف الوجود وعمومه وخصوصه وقد لزم عليه ما لزم فما خرب ما عندكم .احملال الذي لزم

قلنا وجه اخلالص من هذه اإللزامات املفحمة والتقسيمات امللزمة للتكثر أن جنعل الوجود من األمساء املشتركة احملضة اليت ال عموم هلا من حيث معناها وإمنا اللفظ اجملرد يشملها كلفظ العني فيطلق الوجود على الباري تعاىل ال

على سائر املوجودات وذلك كالوحدة والقدم والقيام بالذات وليس مث خصوص وعموم وال باملعىن الذي يطلقاشتراك وال افتراق كذلك يف كل صفة من صفاته يقع هذا االشتراك لكن إذا سلكتم أنتم هذه الطريقة أفسد

قسم إىل واجب عليكم باب التقسيم األول للوجود وبطل قول أستاذكم يف أنا ال نشك يف أصل الوجود وأنه ينلذاته واجب لغريه فإن املشتركات يف اللفظ اجملرد ال تقبل التقسيم املعنوي ولذلك مل جيز أن يقال أن عينا وأهنا تنقسم إىل احلاسة الباصرة وإىل الشمس وإىل منبع املاء إذ هي خمتلفة باحلقائق واملعاين واهللا املستجار سبحانه ما

.وهو حسبنا ونعم الوكيل يكون لنا أن نقول فيه بغري حق

القاعدة العاشرة

يف العلم األزيل خاصة

وأنه أزيل واحد متعلق جبميع املعلومات على التفصيل كلياهتا وجزئياهتا وذهب جهم بن صفوان وهشام بن احلكم امل مل يزل مبا إىل إثبات علوم حادثة للرب تعاىل بعدد املعلومات اليت جتددت وكلها ال يف حمل بعد االتفاق على أنه ع

.سيكون والعلم مبا سيكون غري والعلم بالكائن غريوذهبت قدماء الفالسفة إىل أنه عامل بذاته فقط مث من ضرورة علمه بذاته يلزم منه املوجودات وهي غري معلومة عنده

.أي ال صورة هلا عنده على التفصيل واإلمجالت وذهب قوم إىل أنه يعلم الكلي واجلزئي مجيعا على وجه ال وذهب قوم منهم إىل أنه يعلم الكليات دون اجلزئيا

.يتطرق إىل علمه تعاىل نقص وقصور

Page 72: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

أما الرد على اجلهمية هو أنا نقول لو أحدث الباري لنفسه علما فإما أن حيدثه يف ذاته أو يف حمل أو ال يف ذاته وال ف احملل به واحلدوث ال يف حمل يوجب نفي يف حمل واحلدوث يف ذاته يوجب التغيري واحلدوث يف حمل يوجب وص

.االختصاص بالباري تعاىل ومبثل هذا نرد على املعتزلة يف إثبات إرادات ال يف حملوبرهان آخر نقول لو قدر معىن من املعاين ال يف حمل كان قائما بذاته غري حمتاج إىل حمل يقوم به ففي احتياج العلم

ذات كونه علما فيجب أن يكون كل علم غري حمتاج إىل حمل وإما أن يكون إىل حمل إما أن يكون معىن يرجع إىلألمر زائد على ذات كونه علما فيجب أن يكون فعال لفاعل فوجب أن يكون فعل الفاعل يوجب نفي االحتياج يف

ايت بل كل عرض وكل معىن وليس األمر كذلك مث فعل الفاعل ال يوجب أن ينتسب إليه املفعول بأخص وصفه الذإمنا ينتسب إليه من حيث كونه فعال فقط حىت يسمى فاعال صانعا إما أن يصاف إليه حكم العلمية حىت يصري عاملا فمحال وأيضا فإن فعل الفاعل ال خيرج الشيء عن حقيقته فال جيوز أن يقلب اجلوهر عرضا والعرض جوهرا فإن

ستحيل فنفي االحتياج إىل حمل يف حق اجلوهر ال جيوز أن يثبت بالقدرة القدرة إمنا تتعلق مبا ميكن وجوده وهذا من املكما أن إثبات االحتياج إىل احملل يف حق العرض ال جيوز أن يثبت بالقدرة وما ليس ميكن ال يكون مقدورا وما ليس

.مبقدور يستحيل أن يوجدزل مبا سيكون من العامل فإذا وجد العامل هل بقي قال هشام فقد قام الدليل على أن الباري سبحانه وتعاىل عامل يف األ

علمه علما مبا سيكون أم ال فإن مل يكن علما مبا سيكون فإذا قد جتدد له حكم أو علم فال خيلو أن حيدث ذلك املتجدد يف ذاته كما سبق من استحالة كونه حمال للحوادث وال جيوز أن حيدثه يف حمل ألن املعىن إذا قام مبحل رجع

حكمه إليه فبقي أنه حيدثه ال يف حمل وإن كان علمه مبا سيكون باقيا على تعلقه األول فكان جهال ومل يكن علما وأيضا فإنه قد جتدد له حكم باالتفاق وهو كونه عاملا بوجود العامل وحصوله يف الوقت الذي حصل وجتدد احلكم

الصفة ألستم تلقيتم كونه ذا علم من كونه عاملا فلذلك يستدعي جتدد الصفة كما أن حتقق احلكم يستدعي حتقق نتلقى جتدد العلم من جتدد كونه عاملا حىت لو قيل كان عاملا يف األزل بكون العامل كان حماال وكان العلم جهال بل لو

بالكون يف مل يكن العامل معلوم الكون يف األزل فصار معلوم الكون يف الوقت الذي حصل فلم يكن الباري عاملا .األزل مث صار عامل الكون يف الوقت احملصل فدل ذلك على جتدد العلم

قال وال نشك بأن علمنا بأن سيقدم زيد غدا ليس علما بقدومه بل العلم بأن سيقدم غري والعلم بقدومه غري وجيد .القدوم ومل تكن قبل ذلكاإلنسان تفرقة ضرورية بني حاليت علميه وهذه التفرقة راجعة إىل جتدد علم يف حال

وأما قولكم أن العلم من مجلة املعاين وهي لذواهتا حمتاجة إىل حمل وأهنا يف ذواهتا خمتصة مبن له أحكامها فصحيح إال أنا بضرورة التقسيم التزمنا كونه ال يف حمل إذ ال حمل لنفي التفرقة بني احلالتني وال وجه لتجدد املعىن يف األزيل

اجلسم احلادث فبالضرورة قلنا هو معىن ال يف حمل له وال ينحا به حنو اجلوهر من كل وجه حىت يقال القدمي وال يفهو قائم بالنفس ومتحيز أو قابل للعرض وإمنا خيتص حكمه بالفاعل ألن الفاعل هو الذي أوجده علما لنفسه فصار

ما ال حمل له مبا ال حمل له أوىل من اختصاص مبا له علما به وألن الباري تعاىل ال يف حمل والعلم ال يف حمل فاختصاص .مكان وحمل

وللمتكلمني يف جواب شبهة هشام وجهم طرق وللفالسفة طرق أيضا قال الشيخ أبو احلسن األشعري رضي اهللا عنه على طريقته ال يتجدد هللا تعاىل حكم وال يتعاقب عليه حال وال تتجدد له صفة بل هو تعاىل متصف بعلم واحدقدمي متعلق مبا مل يزل وال يزال وهو حميط جبميع املعلومات على تفاصيلها من غري جتدد وجه العلم أو جتدد تعلق أو

جتدد حال له لقدمه والقدم ال يتغري وال يتجدد له حال وإضافة العلم األزيل إىل الكائنات فيما ال يزال كإضافة

Page 73: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ت املختلفة وكما ال تغري ذاته بتغري األزمنة ال يتغري علمه بتجدد الوجود األزيل إىل الكائنات احلاصلة يف األوقااملعلومات فإن العلم من حقيقته أن يتبع املعلوم على ما هو به من غري أن يكتسب منه صفة وال يكسبه صفة فها واملعلومات وإن اختلفت وتعددت فقد تشاركت يف كوهنا معلومة ومل يكن اختالفها لتعلق العلم هبا بل اختال

ألنفسها وكوهنا معلومة ليس إال تعلق العلم هبا وذلك ال خيتلف وكذلك تعلقات مجيع الصفات األزلية فال نقول يتجدد عليها حال بتجدد حال املتعلق فال نقول اهللا تعاىل يعلم العدم والوجود معا يف وقت واحد فإن ذلك حمال بل

الوجود والعلم بأن سيكون هو بعينه علم بالكون يف وقت الكون يعلم العدم يف وقت العدم ويعلم الوجود يف وقت .إال أن من ضرورة العلم بالوجود يف وقت الوجود العلم بالعدم قبل الوجود ويعرب عنه بأنه علم بأن سيكون

والذي يوضح احلق يف ذلك هو أنا لو علمنا قدوم زيد غدا خبرب صادق أو غريه وقدرنا بقاء هذا العلم على مذهبمن يعتقد جواز البقاء عليه مث قدم زيد ومل حيدث له علم بقدومه مل يفتقر إىل علم آخر بقدومه إذا سبق له العلم بقدومه يف الوقت املعني وقد حصل ما علم وعلم ما حصل إذ لو قدرنا أنه مل يتجدد له علم ومل تتجدد له غفلة

نجز ما كان متوقعا وحتقق ما كان مقدرا وحصل ما كان وجهل استحال أن يقال مل يعلم قدومه بل جيب أن يقال ت .معلوما

وقوهلم إن اإلنسان جيد تفرقة بني حالتيه قبل قدومه وحال قدومه فتلك التفرقة ترجع إىل جتدد العلم فليس ذلك ملقدر على اإلطالق بل يرجع يف حق املخلوقني إىل إحساس وإدراك مل يكن فكان ويف حق اخلالق ال تفرقة بني ا

واحملقق واملنجز واملتوقع بل املعلومات بالنسبة إىل علمه تعاىل على وترية واحدة وقال هذا العلم املتجدد حيصل عندكم قبل الوجود املتجدد بلحظة فإذا تقدمه بلحظة كان أيضا علما مبا سيكون ال علما بالكائن فهو والعلم األزيل

.مهمبا سيكون سواء وإذا جاز تقدمه جاز قدمث ألزم عليهم إلزام ال حميص هلم عنه وهو أن هذه العلوم املتجددة هل هي معلومة قبل كوهنا موجودة أم ليس يتعلق

العلم هبا فإن كانت معلومة أفبعلم األزيل وعامليته أم بعلوم أخر سبقتها قبل وجودها فإن كان األول فجوابنا عن م عن العلوم املتجددة وإن كان الثاين فكانت حمتاجة إىل علوم أخر الكائنات يف كوهنا معلومة بعلم األزل جوابك

والكالم يف تلك العلوم كالكالم يف هذه ويؤدي إىل التسلسل وقد ألزم أصحاب اإلرادات احلادثة ال يف حمل هذا وإن كانت ال اإللزام واعتذروا بأن قالوا اإلرادة ال تراد وهذا العذر ال يصح على قاعدة هشام وجهم فإن اإلرادة

تراد فهي خبالف العلم ألن العلم يعلم فيلزم القول بالتسلسل وهذا اإللزام قد أفحم الكرامية يف مسئلة حمل .احلوادث

وقالت املعتزلة على طريقتهم الباري تعاىل عامل لذاته أزال مبا سيكون ونسبة ذاته أو وجه عامليته إىل املعلوم الذي الكائن املوجود والعامل منا مبا سيكون عامل على تقدير الوجود ومبا هو كائن عامل على سيكون كنسبته إىل املعلوم

حتقيق الوجود فاملعلومات بعلم واحد جائز تقديرا أو حتقيقا وعندهم جيوز تقدير بقاء العلم وجيوز تعلق العلم الواحد ختالف يف احلالتني إىل التعلق ال إىل املتعلق مبعلومني وال استحالة فيه شاهدا وغائبا مث إن بعضهم يقول يرجع اال

خبالف ما قال األشعري أن االختالف يرجع إىل املتعلق ال املتعلق والتعلق وقال بعضهم يرجع االختالف يف احلالتني .إىل حالتني

الكائنات وقد مال أبو احلسني البصري إىل مذهب هشام بعض امليل حىت قضى بتجدد أحوال الباري تعاىل عند جتددمع أنه من نفاة األحوال غري أنه جعل وجوه التعلقات أحواال إضافية للذات العاملية وهو يف مجيع مقاالته ينهج

.مناهج الفالسفة ويرد على شيوخه من املعتزلة بتصفح أدلتهم ردا شنيعا

Page 74: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وإال فذاته إما متقومة مبا يعقل وقالت الفالسفة على طريقهم واجب الوجود ليس جيوز أن يعقل األشياء من األشياء أو عارض هلا أن يعقل وذلك حمال بل كما أنه مبدأ كل موجود فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له وهو مبدأ للموجودات

التامة بأعياهنا واملوجودات الكائنة الفاسدة بأنواعها وأشخاصها وال جيوز أن يكون عاقال هلذه التغريات مع تغريها يعقل منها أهنا موجودة غري معدومة وتارة يعلمها معدومة غري موجودة ولكل واحد من األمرين حىت يكون تارة

صورة عقلية على حدة وال واحد من الصورتني يبقى مع الثانية فيكون واجب الوجود متغري الذات بل هو إمنا يعقل عزب عنه مثقال ذرة يف كل شيء على حنو كلي فعلي ال انفعايل ومع ذلك ال يعزب عنه شيء شخصي وال ي

السموات وال يف األرض وأما كيفية ذلك فألنه إذا عقل ذاته وعقل أهنا مبدأ كل موجود عقل أوائل املوجودات وما يتولد منها وال شيء من األشياء يوجد إال وقد صار معلوما من جهة ما يكون واجبا بسببه فتكون األسباب

مور اجلزئية فاألول يعلم األسباب ومطابقاهتا فيعلم ما يتأدى إليه وما بينها من مبصادمات تتأدى إىل أن يوجد منها األاألزمنة وما هلا من العودات فيكون مدركا لألمور اجلزئية من حيث هي كلية أعين من حيث هلا صفات وأحوال

ونظام اخلري تستعد هبا ألن تكون كلية وإن ختصصت فباإلضافة إىل زمان ومكان وحال متشخصة فيعقل ذاته واملوجود يف الكل منه ونفس مدركة الكل سبب لوجود الكل منه ومبدأ له وإبداع وإجياب وإجياد فال يتبع علمه

معلوما بل يسبقه وال يكتسب عنه صفة بل يكسبه وال يتغري بتغري املعلوم بل يغريه وال يتعلق بأمر معني من حيث هو بوجوده وهذا كمن عرف أن القمر إذا اجتمع مع الذنب يف برج معني شخصي حىت لو زال الشخص زال العلم

كذا وكانت الشمس يف برج مقابل وقع مث الكسوف فعلمه هذا قبل وجود الكسوف وبعده ويف حال الكسوف على وجه ليس يتغري حبدوث الكسوف وكذا كل علم كلي مث اجلزئي مندرج حتت الكلي على سبيل التضمن

على هذا الطريق فمن قال منهم أنه ال يعقل إال ذاته أراد به أنه يعقل كونه مبدأ وعقله ذلك فيصري الكل معلوما له هو املوجب حلصول ما يصدر عنه ومن قال منهم أنه يعقل الكليات دون اجلزئيات أراد ما قررناه ومن قال منهم أنه

أن ذلك على وجه فهذا كالم القوم يعقل الكليات واجلزئيات أراد ما عقله مقصودا أي مبدأ وما يصدر عنه إال .وحنن نتكلم على ذلك باالعتراض وبتصفح على كل مسئلة منها باالستعراض

فنقول أوال إطالق لفظ العقل والعاقل غري مصطلح عليه عندنا فنغري لفظ العقل إىل العلم ونطلق لفظ العامل بدل بكونه عاقال فنطالبكم بالدليل على كون الباري تعاىل عاملا العاقل إذ ورد السمع بكون الباري تعاىل عاملا ومل يرد

فبما عرفتم ذلك والدليل ما أرشدكم إليه والربهان مل يقم عليه فإن املتكلم يستدل حبصول اإلحكام واإلتقان يف ندكم مل األفعال على كون الصانع عاملا وأنتم ما سلكتم هذه الطريقة وال استقام ذلك على قاعدتكم فإن العلم ع

يتعلق باجلزئيات أو تعلق على وجه كلي فهو إذا متعلق بالكليات واألحكام إمنا يثبت يف اجلزئيات احملسوسة أما الكليات املعقولة فهي مقدرة يف الذهن فما فيه اإلحكام ليس مبعلوم على الوجه الذي يقتضيه اإلحكام وما هو

.هذا الطريقمعلوم فلم يشاهد إحكام فيه فبطل االستدالل من قالوا طريقنا يف ذلك إمنا هو برئ من املادة وعالئقها فغري حمتجب عن ذاته ألن احلجاب هو املادة واملقدس عن املادة

.هو عامل لنفسه بنفسه إذ ال حجابقيل هذه مصادرة على املطلوب األول فإن معىن قولكم غري حمتجب عن ذاته أي هو عامل بذاته والكالم فيه كالكالم

يف األول وتقريره إمنا هو برئ من املادة فهو عامل فلم قلتم إمنا هو برئ عن املادة عامل ونفي املادة كيف يناسب العاملية والعلم هذا كمن نفى التناهي واالنقسام واألين والكيف عنه مل جيب من ذلك أن يكون عاملا فنفى اجلسمية

Page 75: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

جند لعامتكم برهانا على ثبوت كونه عاملا باملعلومات سواء التجرد واهليوالنية عنه ليس يقتضي أن يكون عاملا ومل .عن املادة وعالئقها وليس ذلك حدا أوسط يف برهان أن وال يف برهان مل

قال أبو علي بن سينا الربهان على أن كل جمرد عن املادة فهو عقل بذاته هو بدليل أن كل ماهية جمردة عن املادة ذاهتا عن مقارنة ماهية أخرى جمردة فيمكن أن تكون معقولة أي مرتسمة يف ماهية أخرى فال مانع هلا من حيث

جمردة وارتسامها هو مقارنتها وال معىن للعقل إال أنه مقارنة ماهية جمردة ملاهية جمردة ولذلك إذا ارتسمت يف القوة كها هلا وذلك هو العقل والتعقل إذ لو العاقلة منا ماهية جمردة كان نفس االرتسام فيها هو نفس شعورها هبا وإدرا

كان حيتاج إىل هيئة وصورة غري الصورة املرتسمة لكان الكالم يف تلك الصورة كالكالم يف هذه الصورة ويتسلسل .وإذا كان نفس تلك املقارنة هو العقل فيلزم منه أن كل ماهية جمردة فال مانع هلا من ذاهتا أن تعقل

أنك جعلت املقارنة حدا أوسط ولسنا نشك أنك ما عنيت هبذه املقارنة مقارنة اجلسم قلت ما زدت يف البيان إال وال مقارنة اجلوهر العرض وال مقارنة الصورة املادة بل عنيت به كما فسرت التمثيل واالرتسام وعنيت بالتمثيل

لى كونه عاملا أنه ال ميتنع واالرتسام التعقل فقد صادرت على املطلوب األول أقبح املصادرة فكأنك قلت الدليل ععلى آنيته وذاته أن يكون مرتسما بصورة أي عاملا فبان أنك أدرجت لفظ املقارنة حىت أخفيت احلال مث فسرت

.املقارنة حىت أبديت احلال زالت املصادرة عنك كل الزوالل يعقل بذاته ذاته وإن عقل أفبعقل وأما استشهادك بالقوة العاقلة منا فإمنا ينفعك مع من ال ينازعك يف أن العقل ه

.غري ذاته أم بعقل هو ذاته أما من نازعك يف إثبات كونه عقال وعاقال أي علما وعاملا فال ينفعه هذا االستشهادوأما اقتباس كونه عاقال من كونه معقوال فهو من أحمل املطلوبات وهو كمن قال ال ميتنع عليه أن يعلم فال ميتنع عليه

علم والعرض يف ذاته ممتنع أن يعقل ويعلم عند القوم فكيف يصح القياس وهب أنه يعلم فلم ينبغي أن يعلم مث أن يأخذ ما حيب مما ال ميتنع من أبعد القياسات وأحمل احملاالت فإن سلمنا لكم كونه تعاىل عاملا بذاته وعلمه بذاته نفس

لعلم فعلمه مبعلوماته هو علمه بذاته ما هو مبدأ وهو مبدأ كل علمه بعلمه فلم قلتم أن علمه بذاته الذي هو نفس اموجود أفيتعلق علمه بذاته مث يتعلق نفس ذلك العلم مبعلوماته على النسق الذي حصل أم يتعلق علمه بذاته ويتعلق

لعقله إال تعقله علم آخر مبعلوماته ويلزم على األول أن يقال ال يعلم إال ذاته إذ ال صورة عنده غري ذاته وال ارتسامفإن العقل عندكم مقارنة ماهية ملاهية واملقارنة هو ارتسام ماهية مباهية فعلى هذا التفسري مل يقترن بوجوده غري وجوده وال ارتسم يف عقليته غري عقليته وسائر اللوازم كما هي مفارقة لذاته جيب أن يكون معقوليتها مفارقة

اين التكثر الصريح فإن عقله لذاته وعقله للعقل األول إن كانا شيئا واحدا من ملعقولية ذاته ويلزم على القسم الثوجه واحد فيلزم أن تكون ذاته هو العقل األول والعقل األول ذاته وإن مل يكن ذلك على وجه واحد فقد تعدد

.وتكثر وجوه الذاتنه ما يلزم لعلمه بذاته فيجب أن يكون كل معلوم مث نقول إذا كان عقله وعلمه علما فعليا ال انفعاليا وإمنا يلزم م .مفعوال له وهو معلوم لعلمه فانظروا أي شيء يلزم من ذلك

.قال ابن سينا أنه تعاىل عامل باألشياء ال من األشياء بل األشياء منه ومن علمه قلت العقل رسم ماهية يف ماهية قيل له فإذا بطل تقريرك الثاين أن العقل ال معىن له إال االرتسام ماهية مباهية فهال

أو هال قسمت األمر فقلت من العقول ما يرتسم ومن العقول ما يرسم ومنها ما ال يرسم وال يرتسم فعقله للعقل األول رسم وليس بارتسام وعقله لذاته ليس برسم وال ارتسام وعقل العقل والنفس له ارتسام وليس برسم فعقولنا

Page 76: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

رنات تصويرات وتصورات وعقل الباري تعاىل لذاته ليس بتصور وال تصوير وعقله مثال تصورات وعقول املقا .للعقل األول تصوير ال تصور

قال ابن سينا الرب تعاىل عامل باملوجودات ولكن علمه هبا علم لزومي عن علمه بذاته غري مفصل للصور فإنه يعلم كلها بأسرها فيدخل علمه باملوجودات حتت علمه بذاته ذاته وإمنا يعلم ذاته كما هو عليه وهو أنه مبدأ للموجودات

من غري أن تترتب للموجودات صورة يف ذاته حىت يلزم منه كثرة فإن العلم بلوازم الشيء إذا مل يكن متجها حنو فترتبه تلك اللوازم قصدا بل حاصال من العلم بلزومها فال يكون زائدا على نفس العلم بامللزوم وال فيه كثرة مترتبة

حسب ترتيب تلك اللوازم وحنن جند من أنفسنا مثل هذا العلم باألشياء الكثرية من غري أن يتمايز هلا صورة يف ذاهتا وهو أنا إذا سئلنا عن مسئلة نكون قد علمناها وأتقناها لكنا يف تلك احلالة معرضون عنها فمع السؤال عنها جند من

نا حبصول ذلك العلم املشتمل على مجيع اجلواب من غري أن يكون يف ذلك العلم أنفسنا التفاتا إىل جواهبا ويقينا لتفصيل لصور األشياء اليت تنتقش يف نفوسنا حني أخذنا يف اجلواب مث يأيت التفصيل مع األخذ يف اجلواب مرتبا

ا يتيقن املعلوم ال اجملهول وأما وليس ذلك استعدادا حبتا ويقينا باالستعداد بل يقينا حبصول العلم ال باالستعداد وإمنعلم العقل األول بالباري تعاىل فال يكون الزما لعلمه بذاته فإن مبدأه قبل ذاته ال الزما عنه فال يكون العلم مبا هو

قبل ذاته الزما من نفس علمه بذاته فيكون علما آخر على حدة واملعلوم ليس نفس العامل وال الزما منه فيكون زائدا .ال حمالة على نفس العامل فتحصل فيه كثرة بسبب هذا العلم

قلت فرقت فرقا بني علمه بذاته وبني علمه باألشياء حىت مسيت األول ذاتيا والثاين علما لزوميا أفتعين بالعلوم بذاته فما اللزومية معلومات له بعلم واحد على طريق اللزوم فذلك صحيح أو تعين بذلك علوما أخر لزومية لعلمه

املتصور بتلك العلوم وما حملها وكيف تتعلق هي باملعلومات وما معىن أهنا غري مفصلة للصور والعلم ال يكون قط إال مفصال فإنه معىن يتعلق باملعلوم على ما هو به فهو مفصل بالنسبة إىل معلومه وقولك أنه يعلم ذاته كما هو عليه

الق الذات والعلم بالذات واملبدأ للموجودات فإن كانت هذه الثالثة وهو مبدأ للموجودات فيا عجبا من إطاالعتبارات عبارة عن معرب واحد حىت يقال ذاته علمه وعلمه هو مبدإيته وكونه مبدأ أمر إضايف فكونه ذاتا وعلما

ن حيث أنه علم سلبيا جيب أن يكون أمرا إضافيا وإن كان مث اعتبار واعتبار حىت يكون من حيث أنه مبدأ إضافيا ومومن حيث أنه ذات ال سلبيا وال إضافيا فقد تعددت اعتبارات ثالثة فذاته ثالث ثالثة ونقول ما املانع من تعلق العلم األزيل باملعلومات على نسق واحد حىت ال يكون منه ما هو بالقصد األول وهو العلم بامللزوم وال منه ما هو بالقصد

لالزم إن كان العلم والذات ال يتأثر وال يتكثر باللوازم والسلوب حىت يقال معىن كونه عاملا أنه الثاين وهو العلم باال خيفى عليه شيء يف األرض وال يف السماء من غري أن ينسب إليه بعض املعلومات بالذات والبعض بالعرض من

أما التمييز يف عقولنا إمنا هو حبسب إمكان اجلهل غري أن تتغري ذات العامل باملعلوم كما مل تتكثر ذاته بتكثر اللوازم ووالغفلة والنسيان وإال فلو قدرنا علما مل يطر عليه ضده البتة مل خيف عليه شيء البتة ولعلمنا مباد وكماالت ري فمبادئها النظر واالستدالل والتفكري والتدبري وكماله أنه ال خيفى علينا املنظور فيه وإمنا يطلق العلم على البا

تعاىل حبسب الكمال ال حبسب املبدأ كما أن مبدأ أفعالنا املعاجلة واملزاولة واالكتساب واجملاهدة وكماهلا بأن ال يتعذر علينا شيء وتطلق القدرة على الباري تعاىل حبسب الكمال ال حبسب املبدأ وكما أن العفو والعطف منا

وحبسب الكمال هو اإلنعام واملالحظة واإلكرام واملالطفة حبسب املبدأ هو احنصار القلب على حال املعطوف عليهفإذا كان هذا معىن الصفات فال فرق يف تلك النسبة وهو أن ال خيفى عليه شيء من الكلي واجلزئي والذايت

Page 77: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

والعرضي وإذا فرقتم بني قسم وقسم فقد حكمتم بتعدد االعتبار وتكثر اجلهات واآلثار ومن قال أن علم املعلول باألول وال يكون الزما لعلمه بذاته ألن مبدأ املعلول األول قبل ذاته فال يكون العلم مبا هو قبل ذاته الزما األول

لعلمه بذاته فيكون علما آخر على حدة يتوجه على مساق كالمه إن كل من علم شيئا من حاجته وافتقاره ال يلزمه قبل حاجة ذاته بل إمنا يعلمه بعلم آخر وليس األمر كذلك بل العلم العلم باحملتاج إليه ألن احملتاج إليه قبل ذاته و

رمبا يلزم من العلم وال يستدعي لزوم العلم من العلم أو بالعلم لزوم املعلول من املعلوم وإمنا وقع له هذا الغلط من م من علم العلة األوىل غلط آخر وهو انه اعتقد أن املعلول األول لزم وجوده من علم العلة األوىل به وعلمه به لزو

بذاهتا فظن أن كل شيء علم وأنه بذاته لزم من علمه بذاته علم بغريه ولزم من علمه بغريه وجوده وهذا حمال على أنه أثبت للمعلول األول علمني علم بذاته وعلم آخر بعلته فيكون قد صدر من العلة األوىل شيء هو جوهر قائم

قان ليس يلزم من أحدمها الثاين فقد خالف بذلك أصله املمهد أن الواحد ال يصدر بنفسه قام به معنيان خمتلفان حمقعنه إال واحد وال يغنيه عذره وأن أحد الشيئني له لذاته والثاين من علته فإن علم املعلول بذاته غري وعلمه بالعلة

الثاين فقد تكثرت الذات بعلوم زائدة غري وليس أحد العلمني له لذاته والثاين من علته مث هو يعلم ذاته ويعلم معلولهعلى الذات على أنه عقل فعال وإمنا عقليته ألنه صورة واهبة للصور فلم تتكثر ذاته بتكثر معلوماته من الصور وال

.تتغري بتغري لوازمه من املوجودات فهال كان األمر يف واجب الوجود كذلك

يتطرق إليه التغري فنقول كل موجود شخصي يف هذا العامل وأما من قال منهم أنه يعلم األمور على وجه كلي اليستدعي كليا خاصا بذلك الشخص فإن كلية الشخص اإلنساين وهو كونه إنسانا ليس بكون كلية شخص حيوان آخر بل الكليات تتكثر حبسب تكثر الشخصيات فإذا كان ال يعلم الشخصي إال من حنو كليته حىت ال يتغري العلم

ويتغري العلم باجلزية فيلزم أن يتكثر العلم بكليته كما يتكثر بشخصيته وإن اجتمعت الكليات كلها يف كل بالكلية واحد فيلزم أن ال يكون املعلوم إال ذلك الكلي الواحد مث ذلك الكلي الواحد الزم له يف وجوده فيكون العلم به

علم إال ذاته فما زاد هذا القائل على مذهبه إال إطالق الزما للعلم بذاته فهو رجوع إىل حمض مذهب من قال أنه ال يلفظ الكلية وهي معلومة لزوما كما كانت اجلزئيات معلومة لزوما فلم يستفد من هذه الزيادة شيئا ومن عرف

مبادئ املوجودات عرف ما يتأدى منها وما حيصل هبا نظرا من العلة إىل املعلول ومن عرف أخص أوصاف .ف األعم نظرا من امللزوم إىل الالزم وبني البابني بون عظيم بعيداملوجودات عر

وما متثل به ابن سينا من حديث خسوف القمر فهو دليل عليه فإن من علم مثل ذلك العلم أعين إذا كان كذا فهو يكون كذا فيكون علمه مشروطا وهي قضية شرطية فال يكون علمه علما حمققا حىت يقول إن كان األمر كذا

كذا فصار األمر جزئا بعد ما كان كليا ويتعاىل علم الباري تعاىل عن القضايا الشرطية بل عمله أعلى من أن يكون كليا أو جزئيا أو متغريا بتغري الزمان أو متكثرا بتكثر املعلومات انظروا كيف عاد تنزيه القوم تشبيها وكيف صار

.حتقيق القوم متويهاإن اإلشكال يف هذه املسئلة على مجيع املذاهب من جهة أهنم تصوروا تعلق العلم باملعلوم على وجه قالت الصفاتية

يتطرق إليه الزمان املاضي واملستقبل واحلال حىت يقال علم ويعلم وهو عامل وسيعلم فظنوا أن العلم زماين يتغري بتغري بل هو يف نفسه تبني وانكشاف وذلك إذا كان احلوادث ومن حتقق أن العلم من حيث هو علم ال يستدعي زمانا

صفة للحادث وإحاطة وإدراكا إذا كان صفة للقدمي فهو مع وحدته حميط بكل األشياء ومع إحاطته واحد ومن .حتقق كونه واحدا سهل عليه اإلشكال

كلها واملعلومات من فالربهان على أن علمه شيء واحد أنه لو كان كثريا مل خيل إما أن يتعدد بتعدد املعلومات

Page 78: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

حيث أن هلا صالحية املعلومية من الواجب واجلائز واملستحيل ال تتناهى على التقدير فيلزم أن تكون العلوم املتعلقة هبا ال تتناهى على التحقيق وقد قام الدليل على أن أعدادا يف الوجود احملقق بالفعل ال تتناهى مستحيل وإمنا حصره

رورة وإما أن يتعدد بعدد خمصوص فيستدعي خمصصا خاصا والقدمي ال خمصص فإذا علمه الوجود فهو متناه بالضتعاىل واحد فهو متعلق جبميع املعلومات واملعلومات ال تتناهى فعلمه متعلق مبا ال يتناهى وال يفرض اختصاصه مبعلوم

إال مبخصص والدليل على معني كالعلم احلادث فإن االختصاص واالحنصار نقص وقصور من حيث أنه ال خيتص ذلك أن ما من علم يفرض إال ويصح تعلق علم واحد منا به مث ال يثبت لنا العلم باملعلوم إال ضروريا أو كسبيا

وعلى أي الوجهني فرض ثبوته فاهللا تعاىل موجده ومبدعه فإذا وجد كان عاملا به وإذا وجب كونه عاملا بالعلم فهو أن يعلم العلم وال يعلم املعلوم فلزم أن يكون العلم القدمي متعلقا بكل معلوم وإمنا اقتصر عامل باملعلوم إذ يستحيل

العلم احلادث على بعض املعلومات جلواز طريان الضد عليه وإال فالعلم من حيث هو علم مل ميتنع عليه التعلق بكل ية بأن معلومات اهللا تعاىل يف كل معلوم ال معلوم وكذلك كل صفة قدمية فإن متعلقاهتا ال تتناهى فقد أطلقت األشعر

تتناهى وأشاروا بذلك إىل التقديرات اجلائزة يف حق كل معلوم إذ ما من وقت من األوقات وحني من األحيان إال .وجيوز وقوع احلادثة فيه على البدل وكذلك ما من عرض إال وجيوز اختصاصه بكل جوهر على البدل

لم األزيل من استحالة علوم غري متناهية حيصرها الوجود ومن أن االختصاص بعدد قال املعترض تلقيتم وحدة العخمصوص مث ارتكبتم مثله يف العلم الواحد حيث قلتم أنه واحد متعلق مبعلومات ال تتناهى فقد أثبتم له تعلقات

لتم أهنا على التقدير حقيقية أو تقديرية ال تتناهى وما حصره الوجود كيف يشتمل على تعلقات غري متناهية فإن قاملفروض ال تتناهى فالتقدير فكيف يتصور يف حق القدمي سبحانه وإن قلتم أهنا على التحقيق املوجود فالتحقيق

للمتعلق كالتحقيق للمتعلق فلم ال جيوز علوم غري متناهية مث التناهي بعدد خمصوص كالتناهي بالواحد فإن أوجب اختصاص الوحدة خمصصا وهو كما أن كثرة نوع اإلنسان يف الوجود اختصاص العدد خمصصا كذلك يستدعي

استدعى مكثرا ووحدة نوع الشمس يف الوجود استدعت موحدا مث معلومات اهللا تعاىل جمملة أم مفصلة فإن قلتم و علم أهنا جمملة على معىن أنه يعلم ما ال يتناهى من حيث أهنا ال تتناهى من غري أن ينفصل معلوم عن معلوم فه

واحد تعلق مبعلوم واحد وما ينفصل به بقي جمهوال وإن قلتم أهنا مفصلة على معىن أهنا تتميز يف علمه خبصائص .صفاهتا فاجلمع بني التفصيل ونفي النهاية مستحيل فما اجلواب عن هذه املشكالتناهي عن املعلومات أعدادا من قالت الصفاتية لسنا نعين بالتعلقات عالئق حسية وال حبائل خيالية وال ينفي الت

املعلومات غري متناهية حاصرة يف الوجود بل نعين بالتعلق واملتعلق أن الصفة األزلية صاحلة لدرك ما يعرض عليها على وجه ال يستحيل فيعرب عن تلك الصالحية حنو الدرك بالتعلق ويعرب عن جهة العرض عليه حىت يدركه باملتعلق

التقدير غري متناهية فاملتعلقات غري متناهية فالتعلقات غري متناهية فالعلم القدمي صفة متهيئة مث وجوه اجلائزات على لدرك ما يعرض عليها على وجه اجلواز دون االستحالة والقدرة األزلية صفة متهيئة إلجياد ما يعرض عليها على

على البدل واملعىن باملعروض عليه جهة وجه اجلواز دون االستحالة فاملعىن بالعرض جهة اإلمكان وتعيني اآلحاد الصالحية إما حنو اإلدراك وإما حنو اإلجياد وهذا كما أن الصور املتعاقبة على اهليويل عند القوم ال تتناهى على البدل وإهنا فائضة على اهليويل من واهب الصور وذات واهب الصور واحدة إال أهنا على صفة هلا صالحية الفيض حىت ما

هليوىل لقبول الصورة فتعرض اإلمكان على القدرة كتهي اهليويل لقبول الصور وصالحية الصفة له حنو يتهيأ ااإلدراك واإلجياد كصالحية الواهب لفيض الصورة مث الواهب واحد ومع وحدته على كمال يفيض منه صور ال

تتناهى ولكنها يف حكم الواحد مث تتناهى على البدل فذات الواهب واحدة ولكنه يف حكم ما ال يتناهى والصورة ال

Page 79: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ما حصره الوجود فهو متناه وما قدره املقدر غري متناه فإن التقدير تعبري عن الصالحتني أو نبا عن االستعدادين واستعمال لفظ الصالحية يف جانب القدمي توسع ويف جانب احلادث حقيقة فإن القدمي باإلعطاء أجدر واحلادث

مكان ال تتناهى وهي تشترك كلها يف جهة اإلمكان احملتاج إىل من خيرجه من وجه اإلمكان بالقبول أوىل مث جهات اإلإىل عني الوجود فوجوه املمكنات كلها إىل القدمي سبحانه وهو تعاىل من حيث العلم حييط هبا ويدركها بوجه واحد

و اإلجياد وختصصها مبثل دون مثل وهو صالحية العلم حنو اإلدراك ويوجدها وخيترعها بوجه وهو صالحية القدرة حنبوجه وهو صالحية اإلرادة حنو التخصيص ويتصرف فيها بتكليف وتعريف بوجه وهو صالحية الكالم حنو األمر

والنهي مث هل تشترك هذه احلقائق واخلصائص يف صفة واحدة أم يف ذات واحدة فتلك الطامة الكربى على ين رضي اهللا عنه منها إىل السمع وقد استعاذ مبعاذ والتجاء إىل مالذ واهللا املتكلمني حىت فر القاضي أبو بكر الباقال

.املوفق

القاعدة احلادية عشر

يف اإلرادة

وهي تتشعب إىل ثالث مسائل أحدها يف كون الباري تعاىل مريدا على احلقيقة الثانية يف أن إرادته قدمية ال حادثة .ع الكائناتوالثالثة أن اإلرادة األزلية متعلقة جبمي

أما األوىل فالكالم فيها مع النظام والكعيب واجلاحظ والنجار فذهب النظام والكعيب إىل أن الباري تعاىل غري موصوف هبا على احلقيقة وإن ورد الشرع بذلك فاملراد بكونه تعاىل مريدا ألفعاله أنه خالقها ومنشئها وإن وصف

. أنه أمر هبا وإن وصف بكونه مريدا يف األزل فاملراد بذلك أنه عامل فقط بكونه مريدا ألفعال العباد فاملراد بذلك

.وذهب النجار إىل أن معىن كونه مريدا أنه غري مغلوب وال مستكرهوذهب اجلاحظ إىل إنكار أصل اإلرادة شاهدا وغائبا وقال مهما انتفى السهو عن الفاعل وكان عاملا مبا يفعله فهو

فسه إىل فعل الغري مسي ذلك امليالن إرادة وإال فليست هي جنسا من األعراض وهو األوىل مريد وإذا مالت ن .باالبتداء وهو األهم بالرد عليه

فيقال له إثبات املعاين واألعراض مث التمييز بني حقيقة كل واحد منها إمنا يبتين على إحساس اإلنسان من نفسه درته عليه حيس من نفسه قصده إليه وعزمه عليه مث قد يفعله على وكما حيس اإلنسان من نفسه علمه بالشيء وق

موجب إرادته وقد ال يفعله على موجب إرادته ورمبا يريد فعل الغري من غري ميل النفس والتوقان إليه وكذلك يريد ىل فعل نفسه من غري ميل وشهوة كمن يريد شرب الدواء على كراهية من نفسه وباجلملة اإلحساس حاصل ورده إالعلم بالفعل باطل فإن العلم تبني وإحاطة فقط وهو يطابق املعلوم على ما به من غري تأثري يف املعلوم وال تأثري منه

وكذلك يتعلق بالقدمي واحلادث والقصد واإلرادة يقتضي وخيصص فيؤثر ويتأثر ولذلك ال يتعلق إال باملتجدد .واحلادث فبطل مذهب اجلاحظ

والنظام بعد اعترافهما بكون اإلرادة جنسا من األعراض يف الشاهد أن نقول قام الدليل على وأما الرد على الكعيبأن االختصاص ببعض اجلائزات دون البعض يف أفعال العباد دليل على اإلرادة والقصد والدليل يطرد شاهدا وغائبا

.الدليل العقلي ال ينتقض وال يقتصرفإن األحكام واإلتقان ملا دل على علم الفاعل شاهدا دل عليه غائبا وقال الكعيب إمنا دل على االختصاص على اإلرادة يف الشاهد ألن الفاعل ال حييط علما بكل الوجوه يف الفعل وال

Page 80: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

باملغيب عنه وال بالوقت واملقدار فاحتاج إىل قصد وعزم إىل ختصيص وقت دون وقت ومقدار دون مقدار والباري طلع على سرائرها وأحكامها فكان علمه هبا مع القدرة عليها كافيا عن اإلرادة والقصد إىل تعاىل عامل بالغيوب م

التخصيص وأنه ملا علم أنه خيتص كل حادث بوقت وشكل وقدرة فال يكون إال ما علم فأي حاجة به إىل القصد ع الفعل فإن كانت سابقة فهي واإلرادة وأيضا فإن اإلرادة لو حتققت فإما أن تكون سابقة على الفعل أو حادثة م

عزمية والعزم ال يتصور إال يف حق من يتردد يف شيء مث أزمع عليه أو انتهى عن شيء مث أقبل إليه وإن كانت مقارنة فهي إما أن حتدث يف ذاته أو يف حمل أوال يف ذاته وال يف حمل واألقسام الثالثة باطلة مبا سبق بطالهنا فتعني أن اإلرادة

.حانه ال معىن هلا إال كونه عاملا قادرا فاعالللقدمي سبقيل له قد سلمت يف األفعال وجوها من اجلواز يف ختصيصها ببعض اجلائزات دون البعض فينظر بعد ذلك أهو من

.دالئل العلم أو من دالئل اإلرادةع الوجوه يف الفعل وقتا ومقدارا فنقول قد بينا بأن العلم يتبع املعلوم على ما هو به سواء كان العلم حميطا جبمي

وشكال أو مل يكن فالعلم من حيث هو علم ال خيتلف وإن قدر اختالف يف العلم حىت يكون أحد العلمني خمصصا دون الثاين فلنقدر مثل ذلك فيه حىت يكون أحدمها موجدا والثاين غري موجد ويقع االجتزاء بالعلم عن القدرة كما

يعود الكالم إىل مذهب الفالسفة أن علمه تعاىل علم فعلي فيوجد من حيث يعلم وخيتار وقع به عن اإلرادة فاألفضل من حيث يعلم وإن وجب أن تعطى كل صفة حظها من احلقيقة فالعلم ما حيصل به اإلحكام واإلتقان

.ذا غري متحدةواإلرادة ما حيصل هبا التخصيص والقدرة ما حيصل هبا اإلجياد والقضايا خمتلفة فاملقتضيات إوأما قوله إثبات اإلرادة يف الشاهد المتناع اإلحاطة باملراد من كل وجه فباطل ألنا لو فرضنا اإلحاطة بالفعل من كل وجه بإخبار صادق أو غريه من الطرق كان جيب أن يستغىن عن اإلرادة وليس األمر كذلك وتقسيمه القول

.بأن اإلرادة إما سابقة وإما مقارنة

ه قد عرفت على هذا مذهب الصفاتية أن اإلرادة أزلية فهي سابقة على املراد ذاتا ووجودا ومقارنة احلال قيل لالتجدد تعلقا وختصيصا والعلم يتبع الواقع وال يوقع والقدرة توقع املقدور وال ختصص واإلرادة ختصص الواقع على

تأخر وليس يلزم على ذلك أن يسمى عزما فإن العزم حسب ما علم مبا علم والصفة أزلية سابقة واملراد حادث متوطني النفس بعد تردد ولو كان املريد للشيء متمنيا أو مشتهيا أو مائال لوجب أن يقال العامل بالشي معتقد ساكن ه النفس مترو ومتفكر فبطل االستدالل من هذا الوجه وليس كل من علم شيئا إرادة وال كل من أراد شيئا قدر علي

بل كل من فعل شيئا فقد قدر عليه ومن قدر على فعل شيء إرادة ومن أراده علمه فاإلرادة تتبع العلم حىت يتصور .أن يكون عاملا وال يكون مريدا وال يتصور أن يكون مريدا وال يكون عاملا

سرت حكما ثابتا بنفي كمن أما الرد على النجار حيث قال أنه مريد مبعىن أنه غري مغلوب وال مستكره فيقال له فيفسر كونه قادرا بأنه غري عاجز وكونه عاملا بأنه غري جاهل وذلك مذهب املعطلة الفالسفة مث جترد نفي العجز

والكراهية ال يقتضي كون الذات مريدا فإن كثريا من األجسام ينفي عنها العجز والكراهية وال يكون مريدا وكثري شرب الدواء على كراهية من طبعه وهو مريد له فالكراهية تضاد الطوع وأما القصد فقد من املريدين كاره كمن

.جيامع الكراهيةمث نقول كونه غري مغلوب وال مستكره أمر جممع عليه وإمنا الكالم يف أنا رأينا يف األفعال ما يدل على كون الصانع

ل هذه القضية غري ممكن فما مدلول هذا الدليل فإن مريدا وهو اختصاص األفعال ببعض اجلائزات دون البعض وإمها .قلتم مدلوله أنه غري مغلوب وال مستكره

Page 81: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فيقال إمنا استفدنا العلم بذلك من كونه قادرا على الكمال واالختصاص مل يدل على القدرة بل الوقوع دل عليها ا ثبتت هذه املسئلة أخذنا يف املسئلة فلم يكن لالختصاص مدلول وحنن إمنا أثبتنا العلم بالصفات من الدالئل وإذ

.الثانية وهو كون الرب تعاىل مريدا بإرادة قدميةفنقول قد قام الدليل على أن معىن املريد هو ذو اإلرادة كما قام الدليل على أن معىن العامل هو ذو العلم فنقول أما

إرادة فإما أن تكون اإلرادة قدمية وإما أن تكون أن يكون الرب سبحانه مريدا لنفسه أو بإرادة وإذا حتقق أنه مريد بحادثة فإن كانت حادثة فال خيلو إما أن تكون حادثة يف ذاته أو يف حمل أو ال يف ذاته وال يف حمل وقد سبق الرد على

مبحل من قال حبدوث اإلرادة يف ذاته ويستحيل كون اإلرادة يف حمل ويكون الرب تعاىل مريدا هبا فإن املعىن إذا قاموصف احملل به إذ من احملال وصف الشيئني مبعىن واحد قام بأحدمها دون الثاين ويستحيل كون اإلرادة ال يف حمل فإن اإلرادة من مجلة املعاين واإلعراض واحتياج األعراض إىل احملل صفة ذاتية هلا ومن احملال ثبوهتا دون الوصف

والقائم بالذات قابل للمعىن فحينئذ تكون اإلرادة قابلة للمعىن وال الذايت ولو مل حتل يف حمل لكانت قائمة بذاهتايكون فرق بني حقيقة اجلوهر وبني حقيقة العرض حىت لو جوز استغناء العرض عن احملل يف وقت من األوقات جاز

م يف كل وقت ولو جوز جلنس من األجناس أو لنوع من األنواع جلاز لكل نوع وجنس ولو جوز ذلك أيضا للزجتويز قيام جوهر مبحل فإنه كما يستثىن اإلرادة والغناء والتعظيم عن جنس من املعاين حىت ال يفتقر إىل حمل جاز أن

.يستثىن جنس من اجلوهر حىت حيتاج إىل حمل وكل ذلك حمالبتها إىل القدمي مث نقول هب أنا ارتكبنا هذه االستحالة وتصورنا إرادة ال يف حمل فمن املريد هبا ومن املعلوم أن نس

.واحلادث على وترية واحدة .فإن قيل يوصف هبا القدمي ألن القدمي ال يف حمل واإلرادة ال يف حمل فهي به أوىل

قيل ولو قيل يوصف هبا احلادث ألن اإلرادة حادثة واجلوهر حادث واحلادث باحلادث أوىل واملناسبات بني احلوادث بوجه ما مث أخذمت قولكم ال يف حمل باالشتراك فإن معىن قولنا القدمي ال يف حمل تتحقق وال مناسبة بني القدمي واحلادث

أي ال يف مكان ومعىن قولنا اإلرادة ال يف حمل أي ال يف متمكن وفرق بني املكان واحملل فلم توجد املناسبة شاملة يف حمل واإلرادة ال يف حمل فوصف للطرفني مبعىن متفق عليه مشترك فيه فال مناسبة أصال هذا كمن يقول اجلوهر ال

اجلوهر هبا أوىل ونقول قد قام الدليل على أن كل حادث اختص بالوجود دون العدم وبوقت وقدر دون وقت وقدر كان احملدث مرادا واإلرادة شاركت مجيع احلوادث يف هذه القضية فإهنا اختصت بوقت ومقدار من العدد دون

.والكالم فيها كالكالم يف هذه فيجب أن يتسلسل والقول بالتسلسل باطلوقت ومقدار فيستدعي إرادة أخرى قالت املعتزلة نعم إثبات إرادات ال يف حمل على خالف وضع األعراض واملعاين لكن الضرورة أجلأت إىل التزام

.ذلكيهة باألفعال الطبيعية قيل أنه ال وجه إلنكار اإلرادة كما قال الكعيب ألنه يوجب أن تكون األفعال غري اختيارية شب

عند أهل الطبائع وال وجه إلثبات كونه مريدا لذاته ألن الصفات الذاتية وجب تعميمها فهي عامة التعلق وحينئذ وجب تعلق كونه مريدا بالفواحش والقبائح وذلك باطل كما سيأيت وال وجه إلثبات إرادة قدمية ألنه يؤدي إىل

االشتراك يف القدم يوجب االشتراك يف اإلهلية وال وجه إلثبات كوهنا حادثة قائمة إثبات إالهني قدميني كما سبق أن بذات الباري وال إلثبات كوهنا قائمة بذات أخرى ملا سبق من املعىن فتعني أهنا ال يف حمل فالضرورة العقلية أجلأت

فة عقوال مفارقة لألجسام قائمة إىل تعيني هذا القسم من األقسام وحنن مل نبعد النجعة يف ذلك مع إثبات الفالسبذواهتا وهي مبادئ املوجودات ومع إثبات جهم وهشام علوما حادثة ال يف حمل ومع إثبات األشعرية تكليما ال يف

Page 82: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

حمل ألن ذلك الكالم الذي يف ذات الباري تعاىل مل ينتقل إىل مسع موسى عليه السالم والذي مسعه موسى مل يكن يف رحوا بتكليم ال يف حمل كما صرحنا بتعظيم ال يف حمل غري أهنم أثبتوا كالما مسموعا والصفة حمل فهم وإن مل يص

.األزلية مل تنتقل ومسع موسى قد امتلى بالتكليم حىت يقال أنه مسع كجر السلسلةا لو وأما قولكم إن حدثت إرادة فبإرادة أخرى حتدث وبتسلسل فغري مقبول ألن اإلرادة ال تراد أليست إرادتن

.كانت مرادة بإرادة أخرى أدت إىل التسلسل فلم تستدع اإلرادة جنسهاقالت األشعرية الضرورة اليت ادعيتم ليست الضرورة العقلية اليت يضطر العقل إىل التزامها من إبطال قسم وتعيني

هذا احملال دون مذهب قسم فإنكم قدرمت من حمال حىت ارتكبتم حماال واألقسام كلها بزعمكم حماالت فلم التزمتم الكعيب يف رده اإلرادة إىل العاملية والقادرية كما رددمت كونه مسيعا بصريا إىل كونه عليما خبريا على قول وهال

التزمتم مذهب النجار يف رد اإلرادة إىل صفة النفي كمن قال منكم إنه مسيع بصري مبعىن أنه حي ال آفة به وهال قلتم قال النجار على رأي وال تلتزموا عموم التعلق إال فيما يصح أن يكون قادرا على ما يصح أن هو مريد لنفسه كما

يكون مقدورا له وهال التزمتم مذهب الكرامية يف إثبات إرادات يف ذاته ألن احملذور من ذلك االلتزام هو التغيري مريدا فصار مريدا عندكم فإذا مل يدل باحلوادث والتغيري حاصل يف األحكام حسب حصوله يف املعاين إذا مل يكن

تغيري األحكام على احلدوث مل يدل تغيري املعاين أيضا على احلدوث أو هل قلتم هو مريد بإرادات يف حمل كما قلتم هو متكلم بكالم خيلقه يف حمل وما الفرق بني البابني فإن اإلرادة إن أوجبت حكما ملن قامت به فليوجب الكالم

كان املتكلم من فعل الكالم على أصلكم فاصطلحوا على أن املريد من فعل اإلرادة مث يرجع احلكم إىل كذلك وإن .الفاعل كما يرجع يف كونه عدال خيلق العدل فكيف التزمتم أبعد األقسام قبوال عن كونه معقوال

ثل دون مثل فهو مراد وإن مث قولكم اإلرادة ال تراد حتكم باطل فإن اإلرادة من احلوادث وكل حادث اختص مباستغىن حادث عن اإلرادة استغىن كل حادث وال يؤدي إىل التسلسل يف اإلرادة فإن اإلرادة األخرية تستند إىل خلق الباري فهي ضرورية الوجود مرادة بإرادة الباري تعاىل وإرادته قدمية ال تراد أي ال تتخصص بوقت دون

.وقت

على رأي الفالسفة غري سديد فإهنم أثبتوا جواهر قائمة بذواهتا قابلة للمعاين غري أهنم مل وأما التمثل بالعقول املفارقةحيكموا بتحيزها وأنتم أثبتم إرادات من جنس إرادات احلوادث وهي أعراض ال يف حمل فقد أخرجتموها عن أخص

.أوصاف العرضية وما أجريتم فيها حكم اجلوهريةن وهشام فمثل حال والرد عليه كالرد عليكم والتمثل مبذهب األشعري يف وأما التمثل مبذهب جهم بن صفوا

تكليم البشر غري مستقيم على أصله فإن عنده كالم اهللا مسموع بسمع البشر كما أنه مرئي برؤية البشر ومل جيب .من ذلك انتقال وال تغري وزوال فطفتم على أبواب املذاهب وفزمت بأخس املطالب

لثة من شعب املسئلة الكربى هو القول يف تعلق إرادة الباري بالكائنات كلها واملدار يف هذه املسئلة وأما املسئلة الثا .على تعني اجلهة اليت هي متعلق اإلرادة فريتفع النزاع والتشنيع بذلك فنذكر املذاهب أوال مث نشرع يف الدليل

ألفعاله اخلاصة مبعىن أنه قاصد إىل خلقها على ما علم قالت املعتزلة القائلون بإرادات حادثة أن الباري تعاىل مريد وتتقدم إرادته على املفعول بلحظة واحدة ومريد ألفعال املكلفني ما كان منها خريا ليكون وما كان منها شرا ألن ال

هها وجيوز يكون وما مل يكن خريا وال شرا وال واجبا وال حمظورا وهي املباحات فالرب تعاىل ال يريدها وال يكر .تقدمي إرادته وكراهيته على أفعال العباد بأوقات وأزمان ومل جيعلوا له حدا أو مردا

مث القدماء منهم قالوا إن اإلرادة احلادثة توجب املراد وخصصوا اإلجياب بالقصد إىل إنشاء الفعل لنفسه أما العزم يف

Page 83: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

د إجياب العلة املعلول وال إجياب التولد واإلرادة عندهم ال حقنا وإرادة فعل الغري فإهنا ال توجب ومل يريدوا باإلجياتولد فإن القدرة عندهم توجب املقدور بواسطة السبب فلو كانت اإلرادة مولدة بواسطة السبب استند املراد إىل

.سببني ولزم حصول مقدورين قادرينذ ال اختصاص للقدمي بشيء فلو كانت اإلرادة قالت املعتزلة الصفة القدمية إذا تعلقت مبتعلقاهتا وجب عموم تعلقها إ

قدمية لتعلقت بكل مراد من أفعال نفسه ومن أفعال العباد أن يريد زيد حركة ويريد عمرو سكونا فوجب أن يكون .القدمي مريدا إلرادتيهما ومراديهما وما هو مراد جيب وقوعه فيؤدي إىل اجتماع الضدين يف حالة واحدة

ة القدمية جيب تعلقها بكل متعلق على اإلطالق أم جيب عموم تعلقها مبا يصح أن يكون متعلقا قالت األشعرية الصفهبا فإن كان األول فهو غري مستمر يف الصفات فإن العلم يتعلق بالواجب واجلائز واملستحيل والقدرة ال تتعلق إال

علم أعم تعلقا والقدرة أخص من العلم واإلرادة باملمكن من األقسام واإلرادة ال تتعلق إال باملتجدد من املمكنات والأخص من القدرة والعموم ال ينقص وال يزيد وفيما ال يتناهى من املعلومات واملقدورات واملرادات فكل قسم ال يتناهى فيعم تعلق الصفة مبا ال يتناهى مما يليق بكل قسم وخيتص بكل صفة ولو كان اإلجياب بالقدرة على نعت

د كل ما تعلقت به القدرة فيوجد ما ال يتناهى وذلك حمال بل اإلرادة هي املخصصة بالوجود املتعلقة اإلجياد لوج .وأما تعلق إرادة القدمي بالضدين يف حالة واحدة. حبال متجدد

ريد قالوا لسنا نسلم أوال أن ههنا إرادتني للضدين بل هو ما وقع يف معلوم الرب تعاىل أن يقع فهو املراد وصاحبه امل .وما علم أنه ال يقع فليس مرادا وصاحبه املتمين وجيوز تعلق اإلرادة القدمية مبعنيني أحدمها متن وشهوة والثاين إرادةمث قالوا مل قلتم أن إرادة اإلرادتني تقتضي إرادة املرادين حىت يلزم اجلمع بني الضدين فإنه تعاىل إمنا أراد إرادتيهما

ال من حيث مراديهما وهو كإرادته للقدرة ال تكون إرادة للمقدور وقدرته على من حيث وجودمها وجتددمها اإلرادة ال تكون قدرة على املراد على أصلكم كعلمه بعلم زيد وظن عمرو وشك خالد وجهل بكر ال يكون

.اعتقادا ملعتقداهتم حىت يوصف مبتعلقات صفاهتم

جه واحد وهو املتجدد من حيث هو حادث متجدد متخصص والسر يف ذلك أن اإلرادة القدمية مل تتعلق إال بوبالوجود دون العدم ووقت دون وقت واإلرادتان تشتركان يف التجدد فتنتسبان إليها من جهة التجدد والتخصص

ومها من هذا الوجه ليسا ضدين فلم تتعلق اإلرادة بالضدين ولو قيل تتعلق اإلرادة باإلرادتني مجيعا من حيث جدد وبأحد املرادين وهو الواقع منهما يف املعلوم وتتعلق بعدم وقوع اآلخر فهي إرادة لوقوع أحدمها الوقوع والت

أي خالف " يريد اهللا بكم اليسر وال يريد بكم العسر : " وكراهة لوقوع اآلخر كان ذلك أيضا صوابا قال اهللا تعاىل .الفه حىت ال يكون النفي داخال يف اإلطالقاتأي مبا يعلم خ" أتنبئون اهللا مبا ال يعلم " العسر كما قال

قالت املعتزلة قد تقرر يف العقول أن مريد اخلري خري ومريد الشر شر ومريد العدل عادل ومريد الظلم ظامل فلو كانت اإلرادة األزلية تتعلق بالكائنات كلها لكان اخلري والشر مرادا فيكون املريد موصوفا باخلريية والشرية والعدل

قالت األشعرية هذه املقدمة " وما اهللا يريد ظلما للعباد : " والظلم وذلك قبيح يف حق القدمي سبحانه قال اهللا تعاىلاليت ذكرمتوها من املشهورات يف عادات الناس ال من األوليات يف قضايا العقول وإمنا خيتص إطرادها يف بعض

اجلهل جاهل ومريد العلم عامل ومريد الطاعة مطيع وال يقال الصور دون البعض إذ ال يقال يف سياق ذلك أن مريدمريد احلركة متحرك ومريد الصالة مصل مث يقال يف الشاهد مريد العبادة عابد وال يقال يف الغائب مريد العبادة

.عابدريية مث السر يف ذلك أن اإلرادة احلادثة قد تكون ضرورية وقد تكون كسبية والضرورية منها ال توصف باخل

Page 84: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

والشرية والتكليفية إذ ال تكليف إال على املكتسب وقد توصف باخلريية والشرية اجلربية كما يقال امللك يريد اخلري طبعا وجربا والشيطان يريد الشر طبعا وجربا وأما اإلرادات الكسبية فتتوجه على املريد فيها وهبا التكليف فيوصف

املعصية كما وصف سائر احلركات مث مل يلزم من ذلك طردها يف الغائب فلم الظلم والعدل واخلري والشر والطاعة و .يصح االستدالل

والسر يف ذلك أن اإلرادة األزلية مل تتعلق باملراد من أفعال العباد من حيث هو مكلف به إما طاعة وإما معصية وإما الذي ينسب إليه فإن إرادة فعل الغري من خريا وإما شرا بل ال يتعلق به من حيث هو فعل العبد وكسبه على الوجه

حيث هو فعله متن وشهوة وإمنا يتعلق به من حيث هو متجدد متخصص بالوجود دون العدم متقدر بقدر دون قدر وهو من هذا الوجه غري موصوف باخلري والشر وإن أطلق لفظ اخلري على الوجود من حيث هو وجود فذلك إطالق

ه فالباري تعاىل مريد الوجود من حيث هو وجود الوجود من حيث هو وجود خري فهو مبعىن خيالف ما تنازعنا فيمريد اخلري وبيده اخلري وأما الوجه الذي ينسب إىل العبد هو صفة لفعله بالنسبة إىل قدرته واستطاعته وزمانه ومكانه

نا بالرباهني السابقة أنه تعاىل خالق وتكليفه وهو من هذا الوجه غري مراد للباري تعاىل وغري مقدور له وملا تقرر عندأعمال العباد كما هو خالق الكون كله وإمنا هو خالق باالختيار واإلرادة ال بالطبع والذات فكان مريدا خمتارا

لتجدد الوجود وحدوث املوجود مث الوجود خري كله من حيث هو وجود فكان مريد اخلري وأما الشر فمن حيث ري فهو من ذلك الوجه خري ومراد وعلى هذا ال يتحقق يف الوجود شر حمض فهو تعاىل هو موجود فقد شارك اخل

مريد الوجود ومريد اخلري والعبد يريد اخلري والشر وعن هذا قال احلكماء الشر داخل يف القضاء واإلرادة بالعرض مال الوجود وإمنا الداخل يف ال بالذات وبالقصد الثاين ال بالقصد األول فإن الشر عندهم إما عدم وجود أو عدم ك

القضاء واإلرادة بالقصد األول هو الوجود وكمال الوجود مث قد يكون الوجود على كمال أول ومتوجه إىل كمال ثان وقد يكون على كمال مطلق كالعقول املفارقة اليت هي تامة كاملة بأعياهنا يف اخلري احملض الذي ال شر فيه وما

لقوة على كمال إىل أن يصري بالفعل على كمال ثان فيقع من مصادمات أحوال هو على كمال أول أي هو باالسلوك من املبدأ إىل الكمال أحوال هي شرور ومضار كما تقع أحوال هي سرور ومنافع واإلرادة األزلية والعناية

والعرضية ويسمى ذلك الربانية تتعلق باألمرين والقسمني مجيعا ولكن أحد املتعلقني على سبيل التضمن واالستتباعمرادا ومقصودا بالقصد الثاين واملتعلق الثاين على سبيل الوضع واألصالة والذاتية فيسمى ذلك مرادا ومقصودا

بالقصد األول هذا كما يعلم أن املقصود الكلي من إنزال املطر من السماء نظام العامل وانتظام الوجود وذلك هو بيت عجوز قد أشرف على االهندام أو ماتت العجوز وقد بلغت إىل شرف املوت اخلري مطلقا مث إن خرب بذلك

كان ذلك شرا باإلضافة ال باألصالة وبالقصد الثاين ال بالقصد األول ووجود خري كلي مع شر جزئي أقرب إىل ثر شرا وأشد احلكمة من ال وجود له ال يقع الشر اجلزئي فإن عدمه مما يورث الفساد يف نظام املوجودات فهو أك

.ضراقالت املعتزلة كل آمر بالشيء فهو مريد له والرب تعاىل آمر عباده بالطاعة فهو مريد هلا إذ من املستحيل أن يأمر

عبده بالطاعة مث ال يريدها واجلمع بني اقتضاء الطاعة وطلبها باألمر هبا وبني كراهية وقوعها مجع بني نقيضني وذلك نهي عنه يف حالة واحدة إذ ال فرق بني قول القائل آمرك بكذا وأكره منك فعله وبني قوله مبثابة األمر بالشيء وال

آمرك بكذا وأهناك عنه وإذا وقع االتفاق بأن اهللا تعاىل آمر عباده بالطاعة وجب أن يكون مريدا هلا كارها لضدها .ا لهمن املعصية وإذا كان اآلمر بالشيء مريدا له كان الناهي عن الشيء كاره

والذي خيص ذلك أن اآلمر بالشيء يقتضي من املأمور حصول املأمور به واإلرادة تقتضي ختصيص املأمور به

Page 85: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

بالوجود ومن احملال اقتضا احلصول لشيء واقتضا ضد ذلك منه فلو قلنا أن الباري تعاىل آمرا أبا جهل باإلميان اآلمر واقتضاء الكفر منه حبكم اإلرادة وهو حمال وخيرج وأراد منه الكفر أدى ذلك إىل اقتضاء اإلميان منه حبكم

على هذه القاعدة استرواحكم إىل العلم فإنه جيوز أن يأمر خبالف املعلوم ألن العلم ليس فيه اقتضاء وطلب وإمنا هو .ف اإلرادة يتعلق باملعلوم على ما هو به خبالف اإلرادة فإهنا مقتضية فريد األمر على خالف العلم وال يرد على خال

قالت األشعرية لسنا نسلم أن كل آمر بالشيء مريد حصوله بل كل آمر بالشيء عامل حبصوله مريد له حصوال وكل آمر يعلم حصول ضده ال يكون مريدا حلصوله فإن اإلرادة على خالف العلم تعطيل حلكم اإلرادة وتغيري ألخص

ا يتعلق باملتجدد من املقدورات واملتخصص من املقدورات وصفها وقد بينا أن أخص وصفها التخصيص وحكمها إمنفإذا علم اآلمر أن املأمور به ال حيصل قط وال يتجدد وال يتخصص قط فيستحيل أن يريده فإهنا توجد وال متعلق هلا

ن تتعلق يتعلق وال أثر لتعلقها وذلك حمال ولو كانت اإلرادة خاصيتها أن تتعلق باملمكن فقط كالقدرة لكان جائزا أ .خبالف املعلوم

ومن العجب أن متعلق القدرة أعم من متعلق اإلرادة فإن اجلائز املمكن من حيث هو ممكن متعلق القدرة واملتجدد .من مجلة املمكنات هو متعلق اإلرادة واملتجدد أخص من املمكن

يكون مرادا وهو أخص مث نقول مث قال بعض املخالفني أن خالف املعلوم غري مقدور وهو أعم فخالف املعلوم كيف من رأيي اآلمر بالشيء ال يكون مريدا ملأمور به من حيث أنه مأمور به قط سواء كان املأمور به طاعة أو غريه وقد

علم اآلمر حصوهلا وسواء كان اآلمر خبالف ذلك فإن جهة املأمور به هو كسب املأمور وقد بينا أن ذلك أخص بدا مطيعا مصليا وصائما مزكيا حاجا غازيا جماهدا والفعل من هذا الوجه ال ينسب إىل وصف للفعل مسي به املرء عا

الباري تعاىل فال يكون مريدا له من هذا الوجه بل ينسب إليه من حيث التجدد والتخصيص وما مل يكن الفعل فعال ووقع على وفق العلم واألمر كان مرادا للمريد ال يكون مرادا له فما كان من جهة العبد من الذي مسيناه كسبا

ومرضيا أعين مرادا بالتجدد والتخصيص مرضيا بالثناء والثواب واجلزاء وما وقع على وفق العلم وخالف األمر كان مرادا غري مرضي أعين مرادا بالتجدد غري مرضي بالذم والعقاب وهذا هو سر هذه املسئلة ومن اطلع عليه

القدرية ومتويهات اجلربية فعلى هذا مل يكن الباري تعاىل مريدا للشرور واملعاصي والقبائح من استهان بتهويالتحيث أهنا شرور ومعاصي وقبائح وال هو مريد للخريات والطاعات واحملاسن من حيث أهنا كذلك بل هو مريد لكل

بأقدار دون أقدار ومتأقتة بأوقات ما جتدد وحدث يف العامل من حيث أهنا متخصصة بالوجود دون العدم ومتقدرة دون أوقات مث ذلك املوجود قد يقع منتسبا إىل استطاعة العبد كسبا على وفق األمر فسمي طاعة مرضية أي مقبولة بالثناء ناجزا والثواب آجال وقد يقع على خالف األمر فيسمى معصية غري مرضية أي مردود بالذم ناجزا وبالعقاب

ة العبد يف الشيء لكان الفعل فعال متجددا خمتصا مبا خصصته اإلرادة من غري أن يقال هو خري أو آجال ولوال قدرشر إميان أو كفر فاألفعال كلها من حيث جتددها واختصاصها مرداة للباري تعاىل وهي متوجهة إىل نظام يف الوجود

ها من اخلري وكان بيده اخلري وكلما ورد يف وصالح العامل وذلك هو اخلري احملض وكانت وجوهها إىل اخلري وظهورالقرآن من إرادة اخلري املخصوص بأفعال العباد مثل قوله يريد اهللا بكم اليسر وال يريد بكم العسر ولكن يريد

ليظهركم إىل غري ذلك فهو حممول على أحد معنيني إما ثناء ومدح يف احلال وإما على ثواب ونعمة يف املال وإال زلية ال تتعلق إال مبا هو متجدد من حيث أنه متجدد فال متجدد إال وهو فعل للباري تعاىل من حيث أنه فاإلرادة األ

متجدد وذلك ال ينسب إىل العبد كما بينا يف خلق األعمال فاختصت اإلرادة بأفعال اهللا سبحانه على احلقيقة دون دون الوجوه اليت تنسب إىل احلق تعاىل فلم جيب الوجوه اليت تنسب إىل العبد واختص اآلمر بأفعال العباد حقيقة

Page 86: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تالزم اآلمر واإلرادة وقد يرد اآلمر مبعىن اإلرادة واإلرادة مبعىن اآلمر فيكون اإلطالق باشتراك يف اللفظ فكان وقال الذين أشركوا لو شاء اهللا ما أشركنا وال آباؤنا وال" املشركون متسكوا هبذا اللفظ حيث أخرب التنزيل عنهم

أرادوا بذلك املشيئة مبعىن األمر وعن هذا طالبهم بإخراج العلم بذلك وإظهار احلجة عليهم من " حرمنا من شيء إذ مل يرد بذلك أمر وال وجدوا يف كتبهم بذلك تكليفا " إن يتبعون إال الظن وإن هم إال خيرصون " كتبهم وقال

قل فلله احلجة البالغة فلو شاء " تصريف لألمور فقال تعاىل فرد عليهم بإثبات املشيئة مبعىن التخصيص بالوجود وال "هلداكم أمجعني

وقد متهل أبو احلسن وأصحابه أمثلة يف جواز تعلق اإلرادة على خالف األمر منها أن نبيا لو علم من أحد األمة أنه مل يقصر فيأمره بالعشرين لو أمر بعشر خصال من اخلري تواىن فيها ولو أمر بعشرين خصلة مث حط عشرة منها عنه

على إرادة امتثال العشرة فهو مأمور خبالف املراد ومراد خبالف املأمور ومثل هذا قد وقع ليلة املعراج حيث أمر النيب خبمسني صالة مث ردت إىل اخلمس ومنها أن رجال لو اشتكى عند السلطان من عبيده بعصياهنم عليه وقلة

رهم املالك بشيء فهو يريد خمالفتهم إياه تصديقا ملقاله فذلك أمر على خالف مباالهتم فيستحضرهم امللك فيأم .اإلرادة ومنها أن الرب تعاىل أمر خليله إبراهيم بذبح الولد وهو يريد أن ال حيصل إذ لو أراد حلصل

قيقة مل يطمع وللخصوم عن هذه األمثلة اعتذارات ولنا عنها غنية ومبا سبق من التحقيق كفاية ومن غرق يف حبر احل .يف شط ومن تعاىل إىل ذروة الكمال مل خيف من حط

واهللا يريد أن " وقوله " وال يرضى لعباده الكفر " وقد متسكت املعتزلة بكلمات من ظواهر الكتاب منها قوله تعاىل ر وال يريد بكم يريد اهللا بكم اليس" وقوله " يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات امن متيلوا ميال عظيما

ال حيب اهللا " وقوله " وما اهللا يريد ظلما للعباد " وقوله " تريدون عرض الدنيا واهللا يريد اآلخرة " وقوله " العسر وما خلقت اجلن واإلنس إال " وقوله " سيقول الذين أشركوا " وقوله " اجلهر بالسوء من القول إال من ظلم

.ت وختصيصاتوأجابت األشعرية بتأويال" ليعبدون وأحسن األجوبة أن نقول إرادة اهللا ومشيئته أو رضاه وحمبته ال تتعلق باملعاصي قط من حيث أهنا معاص كما ال

تتعلق قدرته تعاىل بأفعال العباد من حيث هي أكساهبم فريتفع النزاع ويندفع التشنيع وخرج ما قدرناه من التحقيق .للفظ ويدل عليه الفحوىوإن شئت محلت كل آية على معىن يشعر به ا

أي ال يرضى هلم دينا وشرعا فإنه وخيم العاقبة كثري املضرة كمن يشتري " وال يرضى لعباده الكفر " قوله تعاىل أماعبدا معيبا فيقول له ال أرضى هذا لك عبدا ومما يتقوى به هذا املعىن أن الرضى والسخط يتقابالن تقابل التضاد مث

وعقاب يف املال كذلك الرضى حممول على الثناء يف احلال وثواب يف السخط مل يكن حمموال إال على ذم يف احلال .املال

وأما قوله تعاىل واهللا يريد أن يتوب عليكم وسائر اآليات يف اإلرادة حممولة على كلمة ذكرها الصادق جعفر بن وما أراده منا طواه عنا فما بالنا حممد رضي اهللا عنه أن اهللا تعاىل أراد بنا شيئا وأراد منا شيئا فما أراده بنا أظهره لنا

نشتغل مبا أراده منا عما أراده بنا ومعىن ذلك أنه أراد بنا ما أمرنا به وأراد منا ما علمه فكانت اإلرادة واحدة خيتلف حكمها باختالف وجه تعلقها باملراد وهي إذا تعلقت بثواب مسيت رضى وحمبة وإذا تعلقت بعقاب مسيت

إذا تعلقت باملراد على وجه تعلق العلم به قيل أراد منه ما علم وإذا تعلقت باملراد على وجه سخطا وغضبا وكذلك تعلق األمر قيل أراد به ما أمر وإذا تعلقت بالصنع مطلقا بالتخصيص والتعيني من غري التفات إىل كسب العبد حىت

ها وأراد هبا بل أرادها على ما هي عليه من يكون أراد منه وأراده به قيل أراد الكائنات بأسرها ومل يقل أراد من

Page 87: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

التجدد والتخصيص بالوجود دون العدم فإذا أفعال العباد من حيث أهنا أفعاهلم إما أن يقال تتعلق اإلرادة هبا ال على هبا الوجه الذي ينسب إىل العباد بل على الوجه الذي انتسب إىل اخللق إجيادا وختصيصا وإما أن يقال تعلقت اإلرادة على الوجهني املذكورين أنه أراد بنا وأراد منا أراد بنا ما أمر دينا وشرعا واعتقادا ومذهبا وأراد منا ما علم سابقة

ولو شئنا آلتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مين " وعاقبة وفاحتة وخامتة ودل على صحة هذا املعىن قوله .ملا مل يشأ اهلداية حلق القول على مقتضى العلم السابق أي" ألمألن جهنم من اجلنة والناس أمجعني

" أي ألمرهم بالعبادة وقيل ليخضعوا ويستسلموا كما قال " وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون " وقوله تعاىل "وله أسلم من يف السموات واألرض طوعا وكرها

ري ألنه صادر عن أصل اخلري واخلري ما يتشوق كل شيء قالت الفالسفة النظام يف الوجود أو يف العامل متوجه إىل اخلإليه ويتميز به وجود كل شيء واألول ملا علم نظام اخلري على الوجه األبلغ يف اإلمكان فاض منه ما عقله نظاما

داخال يف وخريا على الوجه األبلغ فيضا تاما على أمت تأدية وذلك هو العناية األزلية واإلرادة السرمدية فكان اخلريالقضاء اإلهلي دخوال بالذات ال بالعرض مث الشر على وجوه فيقال شر ملثل النقص الذي هو اجلهل والعجز

والتشويه يف اخللقة ويقال شر ملثل الوجع واألمل واملرض ويقال شر ملثل الظلم والزنا والسرقة وباجلملة الشر بالذات يء من الكماالت الثابتة النوعية والطبيعية والشر املطلق ال وجود هو العدم وال كل عدم بل عدم منقص طباع الش

له وكذلك الشر بالذات ليس بأمر حاصل إال أن خيرب عن لفظه ولو كان له حصول لكان شرا مطلقا عاما ذاتيا أن موجودا وإذا حتقق له وجود فقد حصلت فيه خريية من جهة وجوده إذ الوجود من حيث هو وجود خري فتحقق

الشر املطلق ال وجود له إال يف اللفظ والذهن والوجود على كماله األقصى أن يكون بالفعل وليس فيه أمر ما بالقوة أصال فال يلحقه شر وأما الشر بالعرض فله وجود ما وإمنا يلحق ما يف طباعه أمر ما بالقوة وذلك ألجل املادة

يئة من اهليئات املانعة الستعدادها اخلاص للكمال الذي توجهت فيلحقها األمر يعرض هلا يف نفسها وأول وجودها هإليه فجعلها أردى مزاجا وأعصى جوهرا لقبول التخطيط والتشكيل والتقومي فتشوهت اخللقة وانتقصت البنية ال

ا تستويل ألن الفاعل قد حرم بل ألن املنفعل مل يقبل فرمبا يؤدي ذلك إىل أن يصدر من تلك البنية أخالق رديئة ورمبنفس حيوانية على نفس إنسانية فيصدر عن الشخص أفعال قبيحة واعتقادات فاسدة وأما األمر الطارئ على

الشخص من خارج فأحد شيئني أما ما يقع للمكمل وأما ما يصادم حق الكمال ومثال ذلك يف النوع اإلنساين دات الفاسدة اليت يتعلم الصيب من املعلمني واألبوين العادات القبيحة اليت يترىب عليه الصيب من أول نشؤه واالعتقا

وإال فأصل الفطرة كان على استعداد صاحل لوال املانع وعليه دلت اإلشارات النبوية كل مولود يولد على الفطرة ازي فأبواه يهودانه وينصرانه وميجسانه فالشر إذا داخل يف القضاء اإلهلي بالعرض ال بالذات إذا وقع فباحلري أن جي

جمازاة اهلالك والفساد على وجود العلة العارضة فالباري تعاىل مريد للخري إرادة بالذات إذ هو مصدر للخريات ومريد للشر إرادة بالعرض وليس مصدر الشرور وانقسمت األمور إذا تومهت موجودة إىل خري مطلق وإىل شر

والشر أو يغلب أحدمها أما اخلري املطلق الذي ال شر مطلق وإىل خري ممزوج بشر واألخري إما أن يتساوى فيه اخلري فيه فقد وجد يف الطباع ويف اخللقة وأما الشر املطلق الذي ال خري فيه والغالب أو املساوي فال وجود له أصال فبقي ما الغالب يف وجوده اخلري وليس خيلو عن شر فاألحرى به أن يوجد فإن ال يكون أعظم شرا من كونه فواجب أن

يقتضي وجوده من حيث يقتضي منه الوجود لئال يفوت اخلري الكلي بوجود الشر اجلزي وأيضا لو امتنع وجود ذلك القدر من الشر امتنع وجود أسبابه اليت تؤدي إليه بالعرض فكان منه أعظم حاال يف نظام اخلري الكلي كمثل

ا إال على وجه حترق وتسخن ومل يكن بد من النار فإن الكون إمنا يتم بأن تكون فيه نار ولن يتصور وجوده

Page 88: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

املصادفات احلادثة أن تصادف النار ثوب فقري ناسك فتحرقه فاألمر الدائم واألكثر حصول اخلري من النار أما الدائم فألن أنواعا كثرية ال تستحفظ على الدوام إال بالنار وأما األكثر فإن أكثر أنواع األشخاص يف كنف السالمة عن

اق فما كان حيسن أن يترك املنافع األكثرية ألعراض شرية أقلية فإرادات الباري تعاىل اخلريات الكائنة على االحترمثال هذه األشياء إرادة أولية على الوجه الذي يصلح أن يقال أرادها بالذات وبالقصد األول وأراد الشرور الكائنة

بالعرض وبالقصد الثاين فاخلري مقتضى بالذات والشر غري أولية على الوجه الذي يصلح أن يقال أرادها إرادةمقتضى بالعرض وكل يقدر ولو مل يقرر األمر على ما قررناه للزم أن يكون مصدر اخلري غري مصدر الشر وذاك

.مذهب الثنوية

يف العامل قال املتكلمون ال ننازعكم يف اصطالحكم على أن اخلري احملض ما هو أوان اخلري احملض ممن هو وإن النظاممتوجه إىل كمال يف الوجود وإمنا النزاع بيننا يف اخلريات اليت تتعلق بأفعال العباد وإكساهبم مثل االعتقادات

الفاسدة واجلهاالت الباطلة واألخالق الردية واألفعال القبيحة أهي حاصلة بإرادتنا دون إرادة الباري أم هي مرادة بيحة واحليوانات املؤذية واآلفات السماوية والعاهات األرضية وما يتبعها له عز وجل وما سوى ذلك من الصور الق

من اهلموم والغموم واآلالم واألوجاع فال نزاع فيها أهي خريات أم شرور وال نقول هي خريات ومصاحل وحتت كل سم من منها شر ومع كل بالء وحمنة لطف ويف كل فتنة وآفة صالح ولكل حيوان يؤذي خاصية ومودع يف كل ج

األجسام منفعة ومضرة وكل مضرة فبالنسبة إىل شيء آخر منفعة لكنا نلزمكم أمرا كليا فإن عندكم الوجود كله مبا فيه من الروحاين واجلسماين صادر عن األول على الترتيب املذكور صدور اللوازم عن الشيء وما كان على سبيل

ل فما الفرق بني الشرور الواقعة يف الكائنات وكوهنا مقتضية اللوازم فهو بالقصد الثاين أشبه منه بالقصد األوبالعرض وبني أصل الكون والكائنات وحصوهلا على سبيل اللزوم فليس إذا يف الوجود شيء هو مقتضى بالذات

حىت يكون شيء آخر هو مقتضى بالعرض وما ذكرمتوه من حد اخلري أنه يتشوقه الكل فهو اخلري احملض وهو املراد املريد وما سواه فليس خبري وال مراد إذ ال يتشوقه الباري تعاىل فلم يرده ويرجع الكالم إىل شبه الطامات وقولكم ال

أنه إذا علم النظام وأبدعه فقد أراده فجعلتم اإلرادة مركبة من سلب وإضافة أما السلب فمن جهة أنه عامل أي غري مبدأ النظام اخلري والنظام يف الوجود تابع والزم لكونه عاملا والشر حمتجب عن ذاته بذاته وأما اإلضافة فمن جهة أنه

يف الوجود الزم وتبع للنظام فما الفرق بني الزم والزم وعندكم اجلزئيات معلومة تتبع الكليات والكليات معلومة اج كوهنا معلومة تبعا لعلمه وهي معلومة على منهاج كوهنا معلومة فالشر والقبائح جيب أن تكون مرادة على منه

.وقولكم الشر احملض ليس مبوجود أصال فإن الوجود اشتمل على اخلري أو هو خري كلهفنقول أثبتم ترتيبا يف الوجود حىت قضيتم بأن الوجود يف بعض املوجودات أول وأوىل ويف بعضها ال أول وال أوىل

وجودات خري كله ويف بعضها شر كله وقد مسعتم من فهال أثبتم فيه تضادا أيضا حىت حتكموا بأن الوجود يف بعض املأصحاب الشرائع إثبات املالئكة الروحانيني وذلك خري كله وإثبات الشياطني وهذا شر كله وأصحاب األصلني النور والظلمة يقرون عليكم السالم لإللزام وأصحاب الكالم يلزمونكم إثبات موجودات العامل غري مستندة إىل

قعت اتفاقا ال قصدا أو حدثت فلتة ال إرادة واختيارا فإن كانت ال مستند هلا فهي خملوقة ال خالق هلا املوجد كأهنا ووإن كان مستندها خريا حمضا فكيف يصدر الشر من اخلري وإن كان مستندها شرا حمضا فالشر احملض ال وجود له

.عندكم فما اجلواب وكيف اخلروج عن عهدة اخلطاب

Page 89: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

لعامل اجلسماين مملوءا بالباليا واحملن والزرايا والفنت ومشحونا باآلفات والعاهات والطوارق واحلسرات ونقول نرى اومتموجا باجلهاالت وفاسد االعتقادات وأكثر اخللق على األخالق الذميمة واخلصال اللئيمة واستيالء القوة

رون إال واحدا يقول باحلكمة اإلهلية اليت هي التشبه الشهوية والغضبية على العقلية حىت ال تكاد جتد يف قرن من القصم بكم " باإلله عندكم أو فرقة يسرية ترتسم باملراسيم الشرعية اليت هي امتثال األوامر اإلهلية عندنا بل أكثرهم

" وقليل من عبادي الشكور " " وما وجدنا ألكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقني " " عمي فهم ال يعقلون فكيف يستمر لكم معاشر الفالسفة أن البشر يف العامل مبطلقه ال يوجد وبأكثره ال يتحقق وقد صادفتم الوجود على

خالف ما قررمت فاعتربوا النفوس اإلنسانية والغالب على أحواهلا من العلم واجلهل وعلى أخالقها من احلسن الشر واخلري تعلمون أن الشر يف العامل اجلسماين أغلب والقبيح وعلى أقواهلا من الصدق والكذب وعلى أفعاهلا من

وأكثر خصوصا يف النفوس اإلنسانية وباجلملة فحيث ما وجدنا الفطرة والتقدير اإلهلي غالبا على االختيار واالكتساب البشري كان الغالب هو اخلري والصالح وحيث ما وجدنا االختيار واالكتساب غالبني كان الغالب هو

لفساد فعاد األمر إىل أن ال شر يف األفعال اإلهلية فإن وجد فيها شر فباإلضافة إىل شيء دون شيء وإمنا الشر وايدخل الشر يف األفعال اإلنسانية االختيارية وهي أيضا من حيث أهنا تستند إىل إرادة الباري سبحانه خري ومن حيث

رائع قد وردت بإثبات الشياطني وإثبات رأسهم إبليس أهنا تستند إىل اكتساب العبد تكتسب اسم الشر غري أن الشاللعني وليس ميكن إنكار ذلك بعد ثبوت الصدق يف أقواهلم وأخبارهم بالبينات الواضحة واملعجزات الباهرة وقد اعترف بوجودها قدماء احلكماء قالوا ما من شيء جزى يف العامل إال ويتحقق له يف عامل آخر آمر كلي فباحلرارة

ة استدل على نار كلية وبالعقل اجلزي يستدل على عقل كلي وكذلك سائر األمور فبالشر اجلزي يف العامل اجلزييستدل على شر كلي وكذلك أثبت اجملوس وأصحاب االثنني للعامل أصلني مها منبع اخلري والشر والنفع والضرر

املوسوم بامللل والنحل وباجلملة الفالسفة ومها النور والظلمة كما سبق ذكر مذاهبهم وقد استوفيناها يف كتابنا منازعون يف ثالثة أحوال أوهلا نفي حمض موجود هو أصل الشر بالذات ال بالعرض والثاين كون اخلري يف النوع

اإلنساين أكثر وأغلب والثالث إثبات موجودات ال مستند هلا على طريق اإلجياد بالذات بالقصد األول وما مل تثبت .يتم هلم ما ذكروه واهللا أعلم وأحكم هذه األصول مل

القول يف الكالم حصرناه يف ثلث قواعد أحديها إثبات كون الباري تعاىل متكلما بكالم أزيل والثانية يف أن كالمه .واحد والثالثة يف حقيقة الكالم شاهدا ويف أحكامه

القاعدة الثانية عشرة

يف كون الباري متكلما بكالم أزيليف امللة اإلسالمية من خيالفنا يف كون الباري تعاىل متكلما بكالم قدمنا هذه املسئلة وإن جرت العادة وملا مل جند

.بتقدمي املسئلة األخرية ومل خيالفنا يف ذلك إال الفالسفة والصابية ومنكرو النبوات وطرق متكلمي اإلسالم ختتلف حيا واحلي يصح منه أن يتكلم ويأمر وينهي كما يصح فطريق األشعرية أن قالوا دل العقل على كون الباري تعاىل

منه أن يعلم ويقدر ويريد ويسمع ويبصر فلو مل يتصف بالكالم أدى إىل أن يكون متصفا بضده وهو اخلرس والعي .واحلصر وهي نفائس ويتعاىل عنها

أن يكون منه أمر وهني كما والذي حيقق هذه الطريقة قوهلم قد ثبت بدليل العقل أنه ملك مطاع ومن حكم امللك دل تردد اخللق يف صنوف التغايري واحلوادث واجلائزات على كون الباري تعاىل قادرا عاملا دل تردد اخللق يف

Page 90: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

صنوف األمر والنهي على أمر الباري وهنيه وكما جرى يف ملكه تقديره جرى على عباده تكليفه وكما تصرف يف . صرف يف املوجودات االختيارية تكليفا وتعريفااملوجودات اجلربية جربا وقهرا ت

وقد سلك األستاذ أبو إسحاق االسفرائيين رمحه اهللا منهاجا آخر فقال دلت األفعال بإتقاهنا وإحكامها على أنه تعاىل من ال عامل ويستحيل أن يعلم شيئا وال خيرب عنه فإن اخلرب والعلم يتالزمان فال يتصور وجود أحدمها دون الثاين و

خرب عنده عن معلومه ال ميكنه أن خيرب غريه عنه ومن املعلوم أن الباري يصح منه التكليف والتعريف واإلخبار والتنبيه واإلرشاد والتعليم فوجب أن يكون له كالم وقول يكلف ويعرف وخيرب وينبه بذلك فإذا ثبتت هذه الدالئل

.كونه متكلماه أو متكلم بكالم مث إن كان متكلما بكالم فإما أن يكون كالمه قدميا أو حادثا فنقول إما أن يقال هو متكلم لنفس

وإن كان حادثا فإما أن حيدث يف ذاته أو يف حمل أو ال يف حمل وال قائل بكونه متكلما لنفسه من املعتزلة وغريهم إذ في احملل نفي االختصاص وفيه إبطال التفرقة لو كان يعم تعقله أزال وأبدا وال قائل بكالم خيلقه ال يف حمل ألن يف ن

بني ما يقوم بنفسه وبني ما ال يقوم بنفسه ومن قال هو متكلم بكالم حيدثه يف ذاته كما صارت إليه الكرامية فقد سبق الرد عليهم ومن قال هو متكلم بكالم خيلقه يف حمل كما صار إليه املعتزلة فقد خالف قضية العقل فإن الكالم

مبحل لكان احملل متصفا به دون غريه من الفاعل وغريه كما لو حترك متحرك حبركة خيلقها اهللا مل يرجع أخص لو قام .وصفها إىل الفاعل وكذلك سائر األعراض فبقي أنه متكلم بكالم قدمي أزيل خيتص به قياما ووصفا وذلك ما أثبتناه

الكالم ألنه لو مل يتصف به التصف بضده وكثريا يطردون قالت الفالسفة والصائية قوهلم احلي يصح منه االتصاف بهذا الدليل يف سائر الصفات وهي دعوى جمردة ال برهان عليها إال االسترواح إىل الشاهد وحنن نورد عليكم نقضا

هلذه القاعدة حىت يتبني أن اعتذاركم عن النقض اعتذارنا عن هذه الدعوى وذلك أن احلي يصح منه االتصاف اس اخلمس مث الثلث منها كالشم والذوق واللمس يصح يف الشاهد ويصح وصفه هبا واالتصاف هبا كما يصح باحلو

منه االتصاف بالسمع والبصر والكالم مث مل جيز طرد ذلك كله يف الغائب وال يقال أنه لو مل يتصف هبا كان موصوفا نا يف السمع والبصر والكالم واعتذاركم أن بضدها بل جيب أن يقال يتعاىل احلق عنها وعن أضدادها كذلك قول

اتصال األجرام بتلك احلواس شرط يف الشاهد كذلك اعتذارنا أن البنية واتصال األجرام واصطكاكها شرط يف الشاهد فال جيوز أن يوصف احلي هبا وال بضدها مجيعا وكثريا ما يكون من الصفات كماال يف الشاهد ونقصانا يف

جة األوىل عرية عن الربهان وأما قولكم أن الرب تعاىل ملك مطاع ذو أمر وهني فمسلم لكنكم الغائب فبقيت احلمعاشر املتكلمني أنتم منازعون يف إثبات الكالم له هو أمر وهني على وجه يتصف به إما قياما بذاته وإما قياما بغريه

ريق فعلي وهو تعريف املأمور خربا أن الفعل فإنا نقول هو ملك مطاع وله أمر وهني ال على طريق قويل بل على طاملأمور به واجب اإلقدام عليه بأن خيلق له معرفة ضرورية أن األمر كذلك إما أن يتكلم بكالم خيلقه يف حمل أو يتكلم أزال وأبدا بكالم يسمع يف حال وال يسمع يف حال فهو من أحمل احملال وهذا ألن تصريفه تعاىل جواهر

" فعل على وجه ينقاد له طوعا وكرها ملا خلقه له وقدره فيه نازال منزلة القول ألستم تقرون يف كتابكم اخلالئق بالمث ذلك ليس خطابا قوليا " مث استوى إىل السماء وهي دخان فقال هلا ولألرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعني

من التصريف واالنقياد كان ذلك أمرا باإلتيان وجوابا بالطاعة ال بل تصريفا وتسخريا حبيث لو عرب عن تلك احلالة" بالعصيان وعلى ذلك املنهاج سرية العباد يف البالد وتيسريه السري فيها حالة لو عرب عنها بالقول لكان خطابا هلم

دة وال آلة حبيث لو عرب عن وكذلك كل موجود أبدعه الباري تعاىل بال زمان وبال ما" سريوا فيها ليايل وأياما آمنني

Page 91: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وإال " إمنا قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " حال اإلجياد واإلبداع كان ذلك أمرا بالتكون كما قال فاخلطاب القويل مستحيل أن يتوجه إىل العدم وهذا يف املبدأ كذلك نقول يف حال الكمال أعين كمال حال اإلنسان

كمال حال املالئكة من الروح والواسطة فهو يصلون إىل حال يف النفوس الشريفة واملناسبات من النبوة والرسالة أواللطيفة بني األرواح اجملسدة املشخصة وبني الروحانيات البسيطة اجملردة حبيث لو عرب عن تلك احلالة كان ذلك

لو قدر للباري تعاىل كالم فلم خيل من أحد األمرين وحيا وتنزيال وخطابا وسؤاال وجوابا وتقريبا وإجيابا وقالوا أيضا إما أن كان من جنس كالم البشر أو مل يكن فإن كان مل خيل أيضا من أحد األمرين إما أن كان من جنس الكالم

اللساين أو من جنس النطق النفساين ويستحيل أن يكون كالمه مثل الكالم يف اللسان فإن هذا مركب من حروف روف تقطيع أصوات واألصوات اصطكاك أجرام والباري سبحانه تعاىل عن أن يكون جرما أو مركبا منظومة واحل

من جرم وجسم وإن قدر كالمه خيلقه يف حمل مل يكن ذلك الكالم قوال له بل فعال وحنن نوافقكم يف التعريفات ى خمارج احلروف أو ال يشتمل فإن الفعلية على أن هذا التقدير يستحيل أيضا فإن ذلك احملل إما أن يشتمل عل

اشتمل وجب أن يتحقق فيه حياة فيكون ذا بنية وهيئة إنسانية فيكون إنسانا فيكون الباري تعاىل متكلما بلسان بشر فيكون قد تصور بصورة البشر فيلزم أن يقال أنه يسمع بسمعه ويبصر ببصره كما نطق بلسانه ويأخذ بيده

ل الذي ذهب إليه أصحابه وإن مل يشتمل على خمارج احلروف كانت أصواتا جمردة ال وميشي برجله وهذا هو احللوحروفا منظومة فال يكون كالمه من جنس كالمنا بل األصوات احلادثة من حفيف الشجر ودوي املاء وصوت

هو باطل أيضا الرعد يكون كالما له وذلك خالف الكالم املتعارف فإن قيل أن كالمه من جنس النطق النفساين ففإن النطق النفسي على وجهني أحدمها ما هو مأخوذ يف اللسان عربيا وعجميا وغري ذلك إىل ما يعلم من املعلمني

فيكون

ذلك تقديرات حروف يف اخليال وتصويرات كلمات يف الوهم ويستحيل أن يكون كالمه تعاىل من جنس ن التمييز والتفكري حبيث يعرب عنه باللسان فيكون هو مأخوذ املأخوذات والثاين ما هو مركوز يف طبيعة النفس م

اللسان وذلك أيضا مستحيل ألن ذلك يقتضي ترديد اخلواطر وتقليب األفكار واالبتداء من مبدأ واالنتهاء إىل منتهى وذلك كله حمال فثبت أنه ال جيوز أن يكون من جنس كالم البشر وما كان خارجا عن كالم البشر ال جيوز

أن يثبت باالستدالل على كالم البشر ألن غري اجلنس ال يدل على اجلنس فيخرج على هذا قولكم أن كل عامل جيد من نفسه خربا عن معلومه فإن هذا وإن سلم يف الشاهد فكيف يستمر لكم طرده يف الغائب مع تسليمكم أن

طاع جيب أن يكون صاحب أمر بالتكليف فإنه اخلربين ال يتماثالن إال يف اسم اخلربية وكذلك قولكم أن كل ملك ممسلم يف الشاهد على ما ذكرنا غري مطرد يف الغائب على املنهج الذي هو معتاد يف الشاهد وهذا اإللزام ليس

خيتص مبسئلة الكالم بل متوجه على من جيميع بني الشاهد والغائب يف معىن ال يشتركان فيه جنسا ومماثلة ويكون ع بني قرص الشمس ومنبع املاء ال يف معىن يشتركان كان فيه جنسا وماثلة بل مبجرد اسم العني حكمه حكم من جيم

ذلك تقديرات حروف يف اخليال وتصويرات كلمات يف الوهم ويستحيل أن يكون كالمه .املطلق عليهما باالشتراكلتفكري حبيث يعرب عنه باللسان فيكون تعاىل من جنس املأخوذات والثاين ما هو مركوز يف طبيعة النفس من التمييز وا

هو مأخوذ اللسان وذلك أيضا مستحيل ألن ذلك يقتضي ترديد اخلواطر وتقليب األفكار واالبتداء من مبدأ واالنتهاء إىل منتهى وذلك كله حمال فثبت أنه ال جيوز أن يكون من جنس كالم البشر وما كان خارجا عن كالم

ستدالل على كالم البشر ألن غري اجلنس ال يدل على اجلنس فيخرج على هذا قولكم البشر ال جيوز أن يثبت باالأن كل عامل جيد من نفسه خربا عن معلومه فإن هذا وإن سلم يف الشاهد فكيف يستمر لكم طرده يف الغائب مع

Page 92: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كون صاحب أمر تسليمكم أن اخلربين ال يتماثالن إال يف اسم اخلربية وكذلك قولكم أن كل ملك مطاع جيب أن يبالتكليف فإنه مسلم يف الشاهد على ما ذكرنا غري مطرد يف الغائب على املنهج الذي هو معتاد يف الشاهد وهذا اإللزام ليس خيتص مبسئلة الكالم بل متوجه على من جيميع بني الشاهد والغائب يف معىن ال يشتركان فيه جنسا

شمس ومنبع املاء ال يف معىن يشتركان كان فيه جنسا وماثلة بل ومماثلة ويكون حكمه حكم من جيمع بني قرص ال .مبجرد اسم العني املطلق عليهما باالشتراك

قال املتكلمون الطريقة املختارة عندنا يف إثبات الصفات االستدالل بالدالئل اليت جندها يف الشاهد فإنا باألحكام ختصاص ببعض اجلائزات على اإلرادة كذلك نستدل استدللنا على العلم وبوقوع األفعال على القدرة واال

بالتكاليف على العباد ذوي العقول واالستطاعة على أن الباري تعاىل آمر ناه وله األمر والنهي والوعد على إتيان املأمور به والوعيد على فعل املنهي عنه وهذا ال يتصور من جنس الفعل وإمنا يتحقق من جنس القول فيستدل

أال " يت يف الصنائع واألفعال على انه تعاىل خالق وبالوجوه اليت يف الشرائع واألحكام على أنه تعاىل آمر بالوجوه الووجه االستدالل من الشرائع واألحكام أن التكليف اقتضاء وطلب املأمور " له ااخللق واألمر تبارك اهللا رب العاملني

رادة أما وجه املباينة بينها وبني العلم أن العلم يتعلق باملعلوم على به واالقتضاء قضية معقولة وراء العلم والقدرة واإلما هو به وليس يف تعلقه اقتضاء املعلوم بل هو تبيني وانكشاف ومن خاصيته أن يتعلق بالواجب واجلائز واملستحيل

إلجياد فقط وإمنا تتعلق واالقتضاء واألمر ال يتعلق بالواجب واملستحيل وأما وجه مباينته للقدرة أن القدرة صاحلة لباملمكن ويستوي يف تعلقه كل ممكن يف ذاته واالقتضاء واألمر والنهي ال يتعلق بكل ممكن ليحصل وجوده وأما وجه مباينته اإلرادة أن اإلرادة صاحلة للتخصيص ببعض اجلائزات فقط وإمنا تتعلق باملتجدد من مجلة املمكن ويستوي يف

قتضاء والطلب خيتلف من جهة حتدده وقد بينا أن من األشياء ما يراد وال يؤمر به تعلقه كل متجدد متخصص واالومنها ما يؤمر به وال يراد بل اإلرادة من حيث احلقيقة ال تتعلق إال بفعل املريد واألمر واالقتضاء ال يتعلق من حيث

من حيث احلدود واألحكام قضية احلقيقة إال بفعل الغري فكيف تتحدان حقيقة وخاصية فثبت أن مدلول التكاليف وراء العلم والقدرة واإلرادة وذلك ما عربنا عنه بالقول والكالم وعرب التنزيل عنه باألمر واخلطاب ومن وجه آخر

نقول احلركات االختيارية اليت اختصت بتصرفات اإلنسان ثلث حركة فكرية وهي من تصرفات عقله وفكره لسانه وحركة فعلية وهي من تصرفات بدنه والقوى البدنية وما من حركة وحركة قولية وهي من تصرفات نفسه و

من هذه احلركات إال واهللا فيها حكم باألمر والنهي فإن الفكرية تشتمل على حجة وشبهة وصواب وخطأ وحق وباطل والقولية تشتمل على صدق وكذب وإقرار وإنكار وحكمة وسفه والفعلية تشتمل على خري وشر وطاعة

ة وصالح وفساد وقد قام الدليل على أن الباري تعاىل حكم عدل وله حكم وقضية يف كل حركة من هذه ومعصياحلركات وذلك احلكم إما أن يكون فعال من األفعال وإما أن يكون قوال من األقوال واستحال أن يكون فعال يفعله

دلول فعله وكما أن احلركات فإن كل فعل فهو مسبوق حبكمه بل ذلك الفعل دليل على حكمه وحكمه مالضرورية دلت باختصاصها ببعض اجلائزات دون البعض على علمه وإرادته وقدرته كذلك احلركات االختيارية

دلت باختصاصها ببعض األحكام دون البعض على حكمه وأمره وقضيته وقولكم أن التصريف بالفعل نازل منزلة غري اختيارية لإلنسان لكن األفعال االختيارية ملا استدعت ممن له اخللق التكليف بالقول مسلم فيما يرجع إىل أفعال

واألمر حكما واقتضاء وطلبا فكل فعل وتصريف من اخلالق يدل على حكمه واقتضائه وذلك بعينه هو غرضنا .ومرادنا

ختصاصه دل فنقول ذلك الفعل من وجه إحكامه دل على علم الفاعل ومن وجه وقوعه دل على قدرته ومن وجه ا

Page 93: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

على إرادته ومن وجه تردده بني اجلواز واحلظر واإلباحة دل على أن للباري تعاىل فيها حكما وقضية مث ذلك احلكم .قد يكون أمرا وقد يكون هنيا وقد يكون إباحة فقد سلمتم املسئلة من حيث منعتموها

ن من أحال كونه متكلما يلزمه أن ينكر كونه فنقول إثبات الكالم واألمر والنهي يبىن على جواز انبعاث الرسل فإمرسال رسوال ومن جوز على اهللا تعاىل أن يبعث رسوال فذلك الرسول يبلغ رساالت اهللا ال حمالة ورساالته أوامره

ونواهيه ومحلها على فعل يفعله يف حمل حبيث يفهم من ذلك الفعل أنه يريد من املكلف فعال ويكره فعال تسليم ة فإن تلك اإلرادة اليت تتعلق بفعل الغري حىت يفعله إرادة تضمنت اقتضاء وحكما وإال كانت متنيا وتشهيا املسئل

وذلك الذي يسمى أمرا وهنيا ومسيتموه إرادة وكراهية فإذا مدلول ذلك الفعل الذي أشاروا إليه هو الذي نسميه ية إذا انتهى اإلبداع واخللق إىل غاية هتيأت األمزجة املعتدلة الشرع كالما وأمرا وهنيا وعلى منهاج احلكم الفلسف

لقبول النفس الناطقة اليت تفكر بالروية وتتصرف باالختيار وكان من املختارين هبذه النفس على روية احلق ه والصواب باالختيار األفضل واالجتناب عن األرذل ومنهم من يتواىن ويكسل حىت يبطل ذلك االستعداد ويستعمليف جانب الباطل واخلطأ واختيار األرذل واالجتناب عن األفضل وجب أن يكون من عند احلكيم حكم على هذه

النفس الناطقة وهي ملتبسة يف هذا البدن اجلسماين وحكم عليها وهي مفارقة له فذلك احلكم األول هو الذي نعين د ووعيد ومن نفى هذا احلكم فقد نفى كونه ملكا مالكا به بأنه أمر وهني وهذا احلكم الثاين هو الذي نعين به أنه وع

مللكه فيكون له خلق وال يكون له أمر ويكون يف جانب املخلوق كله جربا وال يكون اختيارا مث يلزم أن تكون ن النفوس الناطقة كائنة فاسدة ال معاد هلا وال كمال وال جزاء على أفعاهلا وال ثواب وذلك يبطل قضية احلكمة وحن

نرى من النفوس احليوانية ما ال يتفاهم بعضها من بعض إال بإحدى من احلواس األربع وهي اللمس والذوق والشم والبصر ومنها ما يتفاهم هبا وبالسمع أيضا مث منها ما يكون له جمرد الصوت من غري حلن ومنها ما يكون له مع

املقطعة ومنها ما ال يكون إىل أن يبلغ األمر واحلال صوته حلن مث من أصحاب األحلان ما يكون من ذوات احلروف إىل ترصيع الكلمات من احلروف وترتيب احلروف يف الكلمات فيكون ذلك داللة على ما يف النفوس الناطقة وليس

كل مرتبة من هذه املراتب من جنس املرتبة اليت قبلها لكنها كماالت النفوس بعد كماالت إىل أن تبلغ إىل النفس طقة اإلنسانية فيحدس منها أن مرتبتها ملا كانت فوق مرتبة سائر النفوس دل ذلك على أن مرتبة النفوس النا

الروحانية واألرواح امللكية فوق مرتبة هذه النفوس يف التفاهم وكما ال تكون املرتبة اليت للناطقة من جنس املرتبة الروحانية من جنس املرتبة اليت لنا بل تكون أشرف اليت للطري والبهائم كذلك ال تكون املرتبة اليت للمالئكة

وألطف غري أنا هبذا اجلنس استدللنا على ذلك النوع كما استدللنا بنوع من احلدس يف األمور الغائبة على نوع من احلدس يف أمور الغيب إىل أن يصل الكمال إىل حد من اخلليقة فيقف الترتيب يف املراتب فيستدل بذلك على أن أمر

ن له اخللق واألمر فوق األوامر النطقية اإلنسانية والفكر العقلية وأنه بوحدته فكر يف معىن كل كالم ونطق وخرب مواستخبار وأمر وهني ووعد ووعيد وإن مسعا يسمع كالمه فوق كل مسع هو مفطور للحرف والصوت كما أن مسعا

ا مل نستدل جبنس على جنس بل جبنس على يسمع احلروف والصوت فوق مسع هو جمبول مبجرد الصوت فنحن إذ .ما هو فوق اجلنس فبطل استرواحهم إىل التقسيم الذي ذكروه

مث نقول آنفا ألستم تقولون أن واجب الوجود من حيث يعطي العقل يف املعقول عاقل ومن حيث يعطي البدء يف أنه من حيث يعطي النطق الروحاين املبدأ قادر ومن حيث يعطي النظام على أمت وجوه الكمال مريد فهال قلتم

للمفارقات والنطق النفساين لذوات القوالب آمر متكلم مث هال محلتم كالمه وأمره على ما محلتم علمه وقدرته

Page 94: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وإرادته فيصري التنازع واحدا بيننا ويرجع األمر إىل مسئلة الصفات فما الذي عدا مما بدا وكيف اشتملت مسئلة .مل عليه مسئلة العلم والقدرة عندكمالكالم على حمال مل تشت

قالت املعتزلة حنن نوافقكم على أن الباري تعاىل متكلم لكن حقيقة املتكلم من فعل الكالم فهو فاعل الكالم يف حمل حبيث يسمع ويعلم أنه كالمه ضرورة ألنه لو كان املتكلم من قام به الكالم كما ذهبتم إليه وجب أن يكون كالمه

إما حادثا وإن كان قدميا ففيه إثبات القدميني ويرجع القول إىل مسئلة الصفات ومما خيتص هبذه املسئلة من إما قدميا واالستحالة أنه لو كان قدميا وهو أمر وهني لزم أن يكون كالما مع نفسه من غري مأمور وال منهي ومن احملال الذي ال

وال نوح وال قومه إخبار عما ليس كما هو فهو مع استحالته كذب يتمارى فيه أن القول بأنا أرسلنا نوحا إىل قومهومع كذبه حمال وقوله اخلع نعليك ملوسى وال موسى وال طور وال الوادي املقدس طوى خطاب املعدوم واملعدوم

كيف خياطب وكذلك مجيع ما يف القرآن من األوامر والنواهي واألخبار فوجب أن يكون الكالم حيدث عند حدوث خاطب يف الوقت الذي يصل اخلطاب إليه فيكون الكالم حادثا مث إما أن حيدث يف ذاته كما صارت إليه الكرامية امل

فيكون حمال للحوادث وذلك باطل وإما أن حيدث ال يف حمل أو يف حمل وال بد من حمل فإنه حرف واحلرف تقطيع .صوت والصوت يف اجلسم متصور فتعني أنه يف جسم

ية بنيتم مذهبكم على قاعدتني أحديهما تسليمكم كون الباري تعاىل متكلما والثانية أن حد املتكلم قالت األشعروحقيقته من فعل الكالم فأما األوىل فلو نازعكم الصايب والفيلسوف يف كونه متكلما فما دليلكم يف ذلك عليهما

م الكالم إال أنه فاعل صانع فما الدليل على أنه وعندكم الكالم فعل الباري تعاىل كسائر األفعال وال يرجع إليه حكمتكلم أعين يوصف مبعىن يقوم مبحل آخر فما الفرق بني مذهبكم وبني مذهب من قال أنه خيلق فعال يفهم عند

ذلك أنه تعاىل يريد من العبد فعال أو يكرهه وإن أضيف إليه الكالم كان جمازا كما قال تعاىل خطابا للسماء تيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعني فلم جيز من حيث احلقيقة كالم هو اقتضاء وأمر وإجياب من اهللا تعاىل واألرض ائ

.وال تسلم وائتمار واستيجاب من السماء واألرض من حيث القولقون قالوا طريقنا يف إثبات كونه متكلما هو املعجزات الدالة على صدق قول األنبياء عليهم السالم وهم الصاد

.املخربون عن اهللا تعاىل أنه قال كذا وأمر بكذا وهنى عن كذاقيل هلم قد سددمت على أنفسكم هذه الطريقة بوجوه أحدها أنكم زعمتم أنه لو مل يبعث اهللا رسوال كان على العاقل

فبم كنتم تثبتون البالغ يف عقله وجوب معرفة اهللا تعاىل وعلى الباري تعاىل وجوب ثوابه فلو مل يبعث اهللا رسوالكونه متكلما والثاين مصريكم إىل أن الكالم فعل من األفعال فما دليلكم على أنه فعل ذلك الفعل اخلاص إذ ليس كل مقدور فهو واقع بفعل اهللا تعاىل والثالث زعمتم يف اإلرادة أهنا خملوقة ال يف حمل ويف الكالم أنه خملوق يف حمل

.كم األخص إىل الباري تعاىل فما الفرق بني البابنيويف األمرين مجيعا يرجع احلمث نقول ليس يشك العاقل أن الكالم معىن من املعاين سواء كان ذلك املعىن عبارة منظومة من حروف منظومة

وأصوات مقطعة أو كان صفة نفسية ونطقا عقلية من غري حرف وصوت وكل معىن قائم مبحل وصف احملل به ال من حيث هو خملوق مفعول ينسب إىل الفاعل ومن حيث هو معىن قام مبحل فينسب إىل احملل حمالة وذلك املعىن

فمحل املعىن موصوف به ال حمالة فالذي وصف الفاعل به هو وجه حدوثه منتسبا إىل ذاته القابلة له املوصوفة به معىن كونه فاعال هو معىن كونه وهذان وجهان معقوالن ليس يتمارى فيهما عاقل فجعلهما وجها واحدا حىت يكون

موصوفا به خروج عن املعقول ومكابرة العقل وال يرتفع املعىن املعقول باالصطالح على أن معىن املتكلم هو الفاعل .للكالم

Page 95: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ومما يدل على ذلك داللة واضحة أن الكالم عند اخلصم عبارة عن حروف منظومة وأصوات مقطعة ومن املعلوم أن الصوت أعم من الكالم فإن كل كالم عنده صوت وليس كل صوت كالما مث الصوت إذا قام الذي ال مراء فيه

به مسي احملل مصوتا وال يرجع حكم الصوت إىل فاعل الصوت حىت يقال الباري تعاىل إذا خلق أصواتا يف حمل هو يف حمل بل يرجع حكم مصوت والكالم الذي هو أخص كيف يرجع حكمه إليه حىت يقال هو متكلم بكالم خيلقه

الصوت من حيث هو معىن من املعاين إىل احملل ويرجع حكم الفعل من حيث هو فعل من األفعال إىل الفاعل كذلك الكالم الذي هو أخص منه فيا عجبا بأن صار أخص صار حكمه أعم أو ليست احلركة إذا قامت مبحل مسي هبا

مث إذا خصصت احلركة بأن كانت أصواتا تسمع أو حروفا تفهم متحركا سواء كانت احلركة ضرورية أو اختياريةأو كلمات تعقل انقطع حكمها عن احملال وعاد ما جيب اختصاصه باحملل إىل الفاعل الذي ال ينسب إليه إال األعم من فعرف من هذه الوجوه أن اختصاص الكالم باحملل الذي قام به مل يبطل ومن الدليل على ذلك أن من مسع كالما

الغري علم على القطع والبتات أنه املتكلم به وال يقف معرفة ذلك على معرفة كونه فاعال بل رمبا ال خيطر بباله كونه فاعال أصال وعن هذا انتسب إليه القول فيقال قال ويقول وهو قائل وخبطاب األمر والنهي خياطب قل وال تقل

م قل وبني قوهلم افعل فإن مساق قوهلم قل هو بعينه مساق قوهلم حترك ويفرق الفارق ضرورة فرقا معقوال بني قوهلواسكن وقم واقعد وإن كان املعىن يف املوضعني خملوقا متكسبا بالوجهني كما عرفت مث رجع أخص وصف احلركة

طع ال إىل احملل الذي قامت به احلركة كذلك القول ينبغي أن يرجع أخص وصفه إىل احملل الذي قام به وهذا قا .جواب عنه وحنرر هذا املعىن

ونقول العرضية أعم من الكونية والكونية أعم من احلركية واحلركة أعم من الصوت والصوت أعم من احلروف واحلروف أعم من الكالم مث جيب وصف احملل بكونه موصوفا يعرض وذلك العرض بعينه كون والكون بعينه حركة

احلرف كالم فيجب أن يوصف احملل بكونه ذا كالم ومتكلما كما وجب واحلركة بعينها صوت والصوت حرف ووصفه بكونه ذا حركة ومتحركا ومن جعل املعنيني معىن واحدا ومسى النسبتني نسبة واحدة كان عن املعقول

.خارجارورين أن قال ومما يتمسك به يف دفع قوهلم املتكلم من فعل الكالم أن اهللا تعاىل لو خلق يف املربسم وبعض املم

بلسانه قمت وقعدت مل خيل احلال من أحد أمرين إما أن يقال يكون املتكلم هبذه احلروف املنظومة واألصوات املقطعة هو خالقها وفاعلها فيلزم أن يكون الباري قائال قمت وقعدت وإما أن يقال املتكلم هبذه الكلمات هو

.لم ليس من قام به الكالم بل من فعل الكالم دون غريهصاحب الربسام دون غريه فقد بطل قوهلم أن املتكمث إنا نلزمهم عليه عجائب أخر نشرحها ها هنا فإنه قد وقع االتفاق على أن املعجزات من فعل اهللا تعاىل غري

مكتسبة جلنس احليوان والبشر مث من املعجزات ما هو نطق وقول خيلقه اهللا يف مجاد أو حيوان مثل تكليم الشاة سمومة ال تأكل مين فإين مسمومة ومثل تسبيح احلصى يف يد الرسول عليه السالم وشهادته برسالته ومثل مكاملته امل

إىل غري ذلك مما قد استفاضت األخبار " يا جبال أويب معه والطري " الضب ومثل منطق الطري وتأويب اجلبال الكالم فيجب أن يكون الباري تعاىل متكلما هبا إذ الصحيحة هبا فكل ذلك فعل اهللا تعاىل فاملتكلم عندهم من فعل

كان فاعال هلا وهو حمال مث إن النجارية وافقت األشعرية على أن الباري خالق أعمال العباد فيلزمهم أن يقولوا هو .قائل بقوهلم متكلم بكالمهم إذ كان فاعال هلا

دين والكالم معىن له أضداد فإذا قالوا املتكلم من فعل ومما نلزمهم أن القادر على احلقيقة من يكون قادرا على الضالكالم يلزمهم أن يقولوا الساكت من فعل السكوت حىت لو خلق سكوتا يف حمل كان ساكتا ولو خلق أمرا يف حمل

Page 96: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

يكون كان آمرا ولو خلق خربا يف حمل كان خمربا مث من األوامر ما يكون خريا ومنه ما يكون شرا ومن األخبار ماصدقا ومنه ما يكون كذبا فيلزمهم إضافة الكل إىل اهللا تعاىل وهو حمال وأما ما أورده على قدم الكالم واحتاده فنفرد

.هلذين اإلشكالني مسئلتني ونتكلم عليهما مبا فيه مقنع إن شاء اهللا تعاىل لكنا نعارضهم ها هنا مبا التزموه مذهبا

فيه أن النطق اللساين مركب من حروف واحلروف مقطعات من أصوات وما من فنقول من املعلوم الذي ال مرية حرف يتفوه به اإلنسان وينطق به اللسان أال ويفىن عقيب ما وجد وينعدم كما يتجدد ويعقبه حرف آخر إىل أن

على يصري جمموع احلرفني والثالث وأكثر كلمة ويصري جمموع الكلمتني والثالث وأكثر كالما مفهوما مشتمالمعىن من املعاين معلوم لوال ذلك املعىن مل يسم احلروف والكلمات كالما فإذا كل احلروف والكلمات حماهلا اللسان

وكل املعاين واملفهومات حماهلا اجلنان ومبجموع األمرين مسي اإلنسان ناطقا ومتكلما حىت لو وجدت احلروف ا ال متكلما إال باجملاز ولو وجدت املعاين اجلنانية منه دون األلفاظ اللسانية اللسانية منه دون املعاين اجلنانية مسي جمنون

مسي مفكرا ال متكلما إال باجملاز وإن كان بني املوضعني فرق وهو كالفرق بني املؤمن بلسانه دون قلبه وبني املؤمن .كل قسم حقه بقلبه دون لسانه غري أنا نساحمهم ها هنا حىت يتضح احلق من السقيم مث نعطي

فنقول لوال مطابقة األلفاظ اللسانية معانيها النفسانية مل يكن كالما أصال بل لوال سبق تلك املعاين يف النفس على العبارات يف اللسان مل ميكن أن يعرب عنها وال أن يدل عليها ويوصل إليها وهذا يف حقنا ظاهر فما قولكم يف حق

لمات يف حمل وال داللة هلا على معان وحقائق أم هلا داللة فإن كان األول فهو من الباري سبحانه أفيخلق حروفا وكأحمل احملال وإن كان الثاين حقا فما مدلول تلك العبارات وأين ذلك املدلول وال جائز أن يقال مدلوهلا علم الباري

ء وطلبا والعلم يتعلق باملعلوم على ما هو تعاىل وعامليته فإن العلم ال اقتضاء فيه واملدلول ها هنا جيب أن يكون اقتضابه وخالف املعلوم ال يقتضيه العلم وقد يكون من القول ما يقتضي خالف املعلوم والعلم من حيث هو علم يتعلق بالواجب واجلائز واملستحيل واالقتضاء والطلب ال يتعلق بالواجب واملستحيل وكذلك اإلرادة ال تصلح أن تكون

اإلرادة وإن ختيل فيها اقتضاء وطلب فال يتخيل فيها خرب واستخبار ووعد ووعيد وقد حتقق يف مدلولة هلا فإنالعبارات هذا املعىن وكذلك القدرة ال تصلح أن تكون مدلولة هلا فإهنا خباصيتها بعيدة عن االقتضاء والطلب أعين

بارات عن املعاين وطاحت يف إدراج األماين طلب الفعل من الغري فال بد إذا من مدلول قطعا ويقينا وإال خلت العكسري السواين وذلك املدلول جيب أن خيتص بالقائل اختصاص وصف وصفة حىت تستقيم الداللة وتتضح اإلمارة مث

ذلك املدلول أهو واحد وحدة املوصوف أو كثري كثرة العبارات أو هو قدمي قدم املوصوف أو حمدث حدوث .يف املوضعني وجمال النظر يف الطرفني وملتطم األمواج عند التقاء البحرين العبارات فذلك حمل االشتباه

القاعدة الثالثة عشر

يف أن كالم الباري واحد

ذهبت األشعرية إىل أن كالم الباري تعاىل واحد وهو مع وحدته أمر وهني وخرب واستخبار ووعد ووعيد وذهبت معىن واحد ومبعىن القول معان كثرية قائمة بذات الباري تعاىل وهي الكرامية إىل أن الكالم مبعىن القدرة على القول

أقوال مسموعة وكلمات حمفوظة حتدث يف ذاته عند قوله وتكلمه وال جيوز عليها الفناء وال العدم عندهم وذهبت لوقة قائمة املعتزلة إىل أن الكالم حروف منظومة وأصوات مقطعة شاهدا وغائبا ال حقيقة للكالم سوى ذلك وهي خم

Page 97: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

مبحل حادث إذا أوجدها الباري تعاىل مسعت من احملل وكما وجدت فنيت وشرط أبو علي اجلبائي البنية املخصوصة . اليت يتأتى منها خمارج احلروف شاهدا وغائبا ومل يشترط ذلك ابنه أبو هاشم يف الغائب

اري تعاىل وكل معىن أو صفة له فهي واحدة وكل قالت األشعرية إذا قام الدليل على أن الكالم معىن قائم بذات البما دل على أن علمه وقدرته وإرادته واحدة فذلك يدل على أن كالمه واحد وذلك أنه لو كان كثريا مل خيل إما أن يكون أعدادا ال تتناهى وإما أن يكون أعدادا متناهية فإن كان أعدادا ال تتناهى فهو حمال ألن ما حصره الوجود من

لعدد فهو متناه وإن اقتصر على عدد دون عدد فاختصاصه بالبعض دون البعض يستدعي خمصصا والقدمي ال ااختصاص له والصفة األزلية إذا كانت متعلقة وجب عموم تعلقها جبميع املتعلقات ألن نسبتها إىل الكل وإىل كل

ة ختلفت عن الكل وخصومنا لو وافقونا واحد نسبة واحدة فلئن تعلقت بواحدة تعلقت بالكل وإن ختلفت عن واحدعلى أن الكالم يف الشاهد معىن يف النفس سوى العبارات القائمة باللسان وأن الكالم يف الغائب معىن قائم بذات

الباري تعاىل سوى العبارات اليت نقرؤها باللسان ونكتبها يف املصاحف لوافقونا على احتاد املعىن لكن ملا كان الكالم تركا يف اإلطالق مل يتوارد على حمل واحد فإن ما يثبته اخلصم كالما فاألشعرية تثبته وتوافقه على أنه كثري لفظا مش

وأنه حمدث خملوق وما يثبته األشعري كالما فاخلصم ينكره أصال فكيف يصح منه كالمه يف وحدته وكونه أزليا .بيل اإللزام وإيراد اإلشكالقدميا ولكن ليس يتكلم اخلصم يف هذه املسئلة إال على س

قالت املعتزلة لو كان كالمه تعاىل واحدا الستحال أن يكون مع وحدته أمرا وهنيا وخربا واستخبار ووعدا ووعيدا فإن هذه حقائق خمتلفة وخصائص متباينة ومن احملال اشتمال شيء واحد له حقيقة واحدة على خواص خمتلفة نعم

د يشمل معاين خمتلفة كاجلنس والنوع فإن احليوانية معىن واحد يشمل معاين خمتلفة وكذلك جيوز أن يكون معىن واحاإلنسانية تشمل أشخاصا خمتلفة لكن ال يتصور وجود املعىن اجلنسي إال يف الذهن ويستحيل أن يتحقق يف الوجود

يقة واحدة علما وقدرة وإرادة شيء واحد هو أشياء خمتلفة وحقيقة واحدة هي بعينها حقائق خمتلفة حىت تكون حقوسوادا وحركة فإن ذلك يرفع احلقائق ويؤدي إىل السفسطة فنسبة األمر والنهي واخلرب واالستخبار والوعد

والوعيد وهي حقائق خمتلفة إىل الكالم كنسبة العلم والقدرة واإلرادة والسواد واحلركة وهي حقائق خمتلفة إىل شيء لكل واحد من أقسام الكالم حقيقة خاصة فليكن لكل واحد منهما صفة خاصة وإن واحد وذلك حمال وإذا كان

قلتم أن الكالم اسم جنس يشمل أنواعا صحيح غري أن اجلنس ال يتحقق له وجود ما مل يتنوع بفصل مييز نوعا عن ن حيث هو نوع والنوع ال يتحقق له وجود ما مل يتشخص بعارض مييز شخصا عن شخص وذلك كالعرض املطلق م

عرض ال يتحقق له وجود ما مل يتنوع بكونه لونا واللون ال يتحقق له وجود ما مل يتعني بكونه سوادا معينا وإال فالعرض ليس له ذات على انفراده قائم جبوهر مث يكون هو بعينه علما وقدرة ولونا وسوادا وطعما وأنتم أثبتم

.ذا املنهاج أنه حقيقة واحدة هي بعينها أمر وهني وخرب واستخبار وذلك حمالالكالم قائما بذات الباري تعاىل على ه

قالت األشعرية حكي عن بعض متقدمي أصحابنا أنه أثبت هللا مخس كلمات هي مخس صفات اخلرب واالستخبار احلسن واألمر والنهي والنداء فإن سلكنا هذا املسلك اندفع السؤال وارتفع اإلشكال لكن املشهور من مذهب أيب

أن الكالم صفة واحدة هلا خاصية واحدة وخلصوص وصفها حد خاص وكونه أمرا وهنيا وخربا واستخبارا خصائص أو لوازم تلك الصفة كما أن علمه تعاىل صفة واحدة ختتلف معلوماهتا وعي هي خمتلفة يف أنفسها فيكون علما

ا ال جيب تعدد العلم بعدد املعلومات كذلك ال جيب تعدد بالقدمي واحلادث والوجود والعدم وأجناس احملدثات وكمالكالم بعدد املتعلقات وكون الكالم أمرا وهنيا أوصاف الكالم ال أقسام الكالم كما أن كون اجلوهر قائما بذاته

Page 98: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ا قابال للعرض متحيزا ذا مساحة وحجم أوصاف نفسية للجوهر وإن كانت معانيها خمتلفة كذلك كون الكالم أمروهنيا وخربا واستخبارا أوصاف نفسية للكالم وأن كانت معانيها خمتلفة وليس اشتمال معىن الكالم على هذه املعاين

كانقسام العرض إىل أصنافه املختلفة وانقسام احليوان إىل أنواعه املتمايزة فأقسام الشيء غري وأوصاف الشيء غري الغائب للكالم أوصاف والذي حيقق ذلك أن املعىن قد يكون واحدا وكل ما يف الشاهد للكالم من األقسام فهو يف

يف ذاته ويكون له أوصاف هي اعتبارات عقلية مث االعتبارات العقلية قد تكون من جهة النسب واإلضافات وقد قد تكون من جهة املوانع واللواحق أليست اإلرادة قد تسمى رضى إذا كان فعل الغري واقعا على هنج الصواب و

تسمى هي بعينها سخطا إذا كان الفعل على غري الصواب كذلك يسمى أمرا إذا تعلق باملأمور به ويسمى هنيا إذا تعلق باملنهي عنه وهو يف ذاته واحد وختتلف أساميه من جهة متعلقاته حىت قيل أن الكالم حبقيقته خرب عن املعلوم

ن تعلق بالشيء الذي وجب فعله مسي أمرا وإذا تعلق بالشيء وكل عامل جيد من نفسه خربا عن معلومه ضرورة فإالذي حرم فعله مسي هنيا وإن تعلق بشيء ليس فيه اقتضاء وطلب مسي خربا واستخبارا فهذه أسامي الكالم من جهة

.متعلقاته كأسامي الرب تعاىل من جهة أفعالهلى مذهب من قال بوحدة الكالم وإال فمن أنكر أصل مث نقول ليس بيد اخلصم يف هذه املسئلة إال جمرد اإللزام ع

الكالم النفسي كيف يسمع منه القول يف الوحدة ولكن العجب من هذا امللزم أنه التزم ما هو أحمل احملال يف وحدة احلال اليت هي مصححة األحوال فإنه قال عاملية الباري سبحانه وقادريته حال وله حال توجب كونه عاملا قادرا فقدأثبت حاال هلا خصوصية العلم والقدرة وهي واحدة يف نفسها وراء الذات فكيف يستبعد ممن يثبت كالما هو أمر وهني وخرب وهو يف نفسه واحد خمتلف االعتبار والفالسفة الذين هم أشد إنكارا للكالم األزيل ووحدته أثبتوا عقال

تلفة رمبا ختتلف أساميه باختالف الصور والفيض عندهم واحدا يف ذاته ووجوده وتفيض منه صور ال تتناهى خم .كالتعلق عند املتكلم والعقل األول كالكالم يف وحدته واختالف الكالم باألمر والنهي كاختالف الفيض بالصوروأوضح من ذلك مذهبهم يف املبدأ األول ال يتكثر بتكثر املوجودات الالزمة والصفات واألمساء إما إضافة وإما

وإما مركبة من إضافة وسلب فهال قالوا يف الكالم كذلك وهال أثبتوا كالما أزليا على منهاج إثباهتم له عناية سلبأزلية حىت يكون هو املبدأ وإليه الرجعى تكليفا على أفعال عباده فيكون له اخللق يف األول واألمر يف الثاين ويرجع

" .يرجع األمر كله هللا األمر من قبل ومن بعد وإليه" الكل إليه

قالت املعتزلة إثبات صفات نفسية لذات واحدة غري مستحيل لكن إثبات خواص خمتلفة وصفات متضادة لشيء واحد هو املستحيل ومن املعلوم أن األمر والنهي يتضادان وهلما خاصيتان خمتلفتان فإثبات ذلك لكالم واحد حمال

ختالف الوجوه واالعتبارات لكنا ننكر اختالف اخلواص املتباينة وحنن ال ننكر اختالف األسامي لشيء واحد اللشي واحد وال نشك أن كون الكالم أمرا وهنيا ليس من مجلة النسب واإلضافات فإن الصفات اإلضافية تتحقق

يتحقق عند عند اإلضافة وال يتحقق عند رفع اإلضافة ويتطرق إليها التبدل والتغري وليس كون الكالم أمرا وهنيا مما اإلضافة بل مها من أخص أوصاف الكالم سواء الحظنا جانب املتعلق أو مل نالحظ وكذلك لو رفعنا املتعلق عن

الوهم مل خيرج الكالم عن كونه أمرا وهنيا وخربا واستخبارا والعلم بالقدمي واحلادث علم بالشيء على ما هو به وهو قدميا أو حادثا وجودا أو عدما والذي يوازيه يف تعلقه تعلق األمر صفة صاحلة لدرك ما يعرض عليه سواء كان

مبأمور معني وتعلقه مبأمور آخر فاختالف املأمورين كاختالف املعلومني مث اختالف املعلومني ال يستدعي اختالف أمر وهو يف العلمني كذلك اختالف املأمورين ال يستدعي وال يستدعي اختالف األمرين لكن كالما هو يف نفسه

نفسه هني اختالف وصفني متضادين لشيء واحد وهو حمال ونظريه العرض يف مشوله أقسام األعراض املختلفة

Page 99: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

اخلواص إذ يستحيل أن يكون للعرض ذات حمققة على حياهلا وهي يف ذواهتا علم وقدرة وحياة ولون وكون ل األمر والنهي واخلرب واالستخبار أقسام وقولكم أن الكالم خمتلف األوصاف ال خمتلف األقسام غري صحيح ب

الكالم والكالم منقسم إىل ذلك إذ كل قسم ممتاز خباصيته وحقيقته عن القسم اآلخر واسم الكالم كاجلنس هلا ال كاملوصوف هبا ومن أحمل ما ذكرمتوه قولكم ما هو أقسام يف الشاهد فهو أوصاف يف الغائب واحلقائق كيف تتبدل

.تتفاوت وهل ذلك إال رفع احلقائق وحسم الطرائقواملعقوالت كيف وأما إلزام احلال فاجلواب عنه أن املصحح للمختلفات املتضادات لشيء واحد غري وثبوت املختلفات املتضادات

لشيء واحد غري فإن احلياة مصححة للعلم واجلهل والقدرة والعجز واإلرادة والكراهة إىل غري ذلك من املعاين اليت ثبوهتا احلياة وال يلزم ذلك ثبوت املختلفات املتضادات حلي واحد وحنن إذا أثبتنا حاال فهي مصححة أو يشترط يف

.يف حكم املصحح ومل نثبت خمتلفات متضادة لشيء واحد فهذا هو الفرقض العقل ورمبا جييب املتفلسف عن إلزام الفيض املختلف عن العقل الواحد فيقول أنا أقول كما أن العقل واحد ففي

أيضا واحد لكن القوابل واحلوامل ختتلف فيختلف الفيض باختالف املفيض كالشمس إذا أشرقت على زجاجات خمتلفة األلوان أعطت كل زجاجة لونا خاصا الئقا بلوهنا القابل فتعدد الصور واختالفها إمنا حصل من جانب املفيض

و يف نفسه أمر وهني وخرب واستخبار فتعدد اخلواص واختالفها فيه ال من جانب الفائض وأنتم أثبتم كالما واحدا وه .إمنا حصل من جانب املتعلق ال من جانب املتعلق فلم تستقم التسوية بني البابني بالتعلق والفيض

وأما كالمنا يف املبدأ ووجوب الصفات له فأبعد يف باب التنزيه عن الكثرة وأعلى يف منهاج التقديس عن اختالف واص له والصفات كلها راجعة إىل ذات واحدة هي واجبة الوجود بذاهتا ووجودها مستند املوجودات كلها من اخل

غري أن يثبت له منها كمال أو حيدث له صفة وهو تعاىل بكمال جالله عدمي االسم والصفة من حيث ذاته وإمنا يقال معا بل على ترتيب األول والثاين من غري أن له اسم وصفة من حيث آثاره فقط وآثاره فاعليته الصادرة عنه ال

.حيدث كمال يف ذاته مل يكن أو يستكمل من حادث كماال كان جل جالله بذاته وتقدست أمساؤه لصفاته

قالت األشعرية حنن ال نثبت احلقائق املختلفة واخلواص املتباينة لكالم واحد إمنا يلزمنا التضاد بني أمرين يتقابالن من تضادان فأما إذا مل يتقابال بل اختلفت املتعلقات واختلفت الوجوه فال يبعد اجتماعهما يف حقيقة واحدة كل وجه في

وحنن لو قلنا األمر بالشيء والنهي عن ضده أو األمر بالشيء والنهي عن شيء آخر أو أمر شخص واحد بشيء ن والوجه واالعتبار مل حيصل وهني شخص آخر عن ذلك الشيء ال يستحيل وكذلك إذا اختلف الزمان واملكا

التضاد فلم يلزم االستحالة وهذا إن ألزم علينا التضاد وإن ألزم علينا االختالف بني احلقيقتني دون التضاد فاجلواب عنه أن اجتماع مثل ذلك يف شيء واحد من وجوه خمتلفة غري مستحيل فإن اجلوهر يوصف بأنه متحيز وقابل

ية وهي صفات وأحوال ووجوه واعتبارات خمتلفة وما استحال اجتماعها يف لألعراض وذو حجم ومساحة وهناحقيقة اجلوهرية وقد قدمنا الفرق بني األقسام وبني األوصاف وقوهلم أن كون الكالم أمرا وهنيا وخربا أقسام الكالم

ل صحيح يف الكالم إذ يقال الكالم ينقسم إىل كذا أو إىل كذا وكل قسم إمنا يتميز عن قسم بأخص وصفه يف قوشاهدا فإن الكالم القويل يف اللسان أو النطق النفساين يف الذهن من مجلة األعراض اليت يستحيل بقاؤها وال تتحد ذاته وتتعدد جهاته فتعدد الكالم بتعدد املتعلقات فصارت تلك اجلهات أقساما وانفصل كل قسم عن قسم بأخص

ية كالعلوم املختلفة إذا تعلقت مبعلومات خمتلفة كانت أقساما خمتلفة وامتاز وصف له بعد االشتراك يف حقيقة الكالمكل علم عن قسمه بأخص وصفه بعد االشتراك يف حقيقة العلمية مث إذا خصص الكالم بعلم قدمي أو عاملية أزلية مل

لكل من غري أن تتكثر ذاته أو يلزم احتاد اخلصائص يف ذات واحدة بل العلم األزيل يف معىن علوم خمتلفة نائبا مناب ا

Page 100: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ختتلف خواصه وكذلك الكالم األزيل يف حكم األمر والنهي واخلرب واالستخبار نائبا مناب الكل من غري أن تتكثر ذاته أو ختتلف خواصه وهذا معىن قولنا األقسام يف الكالم الشاهد كاألوصاف يف الكالم الغائب مث مب تنكرون على

احد حقيقته اخلرب عن املعلوم مث التعبري عن ذلك املعىن إذا كان املعلوم حمكوما فعله باألمر أو من يقول الكالم معىن وحمكوما تركه بالنهي وإن كان يف وقت قد وجد املعلوم وانقضى كان التعبري عنه عما كان وإن كان يف وقت مل

رة ترجع إىل التعبريات حبسب الوجوه يوجد املعلوم بعد وسيوجد كان التعبري عنه عما سيكون فاألقسام املذكوواالعتبارات وإال فالكالم األزيل واحد ال كثرة فيه فاختالف اخلواص وتضاد املعاين فكان قبل خلق آدم التعبري عن

وبعد إرسال نوح وانقراض عصره كان التعبري عن " إين جاعل يف األرض خليفة " معلوم اخلالفة يف ثاين احلال ولو عرب عن حال موسى قبل وجوده بالواد املقدس كان " إنا أرسلنا نوحا إىل قومه " ماضي احلال معلوم الرسالة يف

" اخلع نعليك " على صيغة اخلرب عما سيكون وإذا عرب عن حاله وهو بالواد املقدس كان على صيغة األمر قدرنا ألنفسنا نطقا عقليا سابقا فاالختالفات كلها راجعة إىل التعبريات عن الكالم الذي هو وفق املعلوم حىت لو

على وجود املخاطب باقيا على ممر الدهور كان املعرب عنه على حقيقة واحدة ال يتبدل والتعبريات عنه على أقسام خمتلفة ال تتماثل ولو قدرنا لنفوسنا نطقا عقليا مطابقا إلدراك عقلي عاليا على الدهر والزمان حبيث نسبتهما إىل

واحلاضر واملستقبل نسبة واحدة مل يشك أن االختالف مل يرجع إىل كثرة معان يف ذاته بل يرجع إىل ما املاضي خيتلف باألزمان أمل تسمع قوله تعاىل وتقدس خيرب يف كتابه الذي ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه عن حال

وإذ قال اهللا يا عيسى ابن مرمي أأنت قلت للناس "عيسى عليه السالم عما سيكون يف القيامة بقوله عز من قائل أو ليس عرب يف املستقبل باملاضي وبعد مل تقم القيامة ومل حيشر الناس ومل حيضر " اختذوين وأمي إهلني من دون اهللا

عيسى عليه السالم ولكن ملا كان القول احلق متعاليا عن الزمان كان ما سيوجد كأن قد وجد وكان نسبة اخلطاب ليه وهو يف ذلك الوقت كنسبته إليه وهو يف هذا الوقت ومن أمكنه أن يرفع الزمان من صميم قلبه هان عليه إ

إدراك املعاين العقلية وسهل عليه معرفة تعلق العلم األزيل باملعلومات واألمر األزيل باملأمورات وعلم أن االختالف ات احلقائق على لسان الفريقني وإن كانا مبعزل عن دقائقراجع إىل العبارات والتعبريات انظر كيف نشري إىل حمل

فأرسلنا إليها روحنا " الطريقني وأىن هلم تصور نزول الروحانيات وتشخصها باجلسمانيات كما أخرب التنزيل عنه وكيف يستقيم على مذهب املتكلم متثل الروح بالشخص البشري أبان تعدم الروح ويوجد " فتمثل هلا بشرا سويا

لشخص وليس ذلك من التمثل يف شيء أو بان يستعمل الروح شخصا موجودا بشريا ومل يكن ذلك متثال أيضا بل اتناسخا وإذا مل ميكنه تقرير التمثل والتشكل أعين متثل الروحاين باجلسماين كيف ميكنه تصور األمر األزيل يتمثل

أن يقال كالم اهللا كما جيب أن يقال هذا جربيل جاءكم اللسان العريب تارة واللسان السرياين طورا حىت جيب ليعلمكم دينكم مث لباس جربيل يتبدل وال تتبدل حقيقته اليت هو هبا جربيل ولباس الكالم األزيل يتبدل وال تتبدل حقيقته اليت هو هبا كالم وأمر وهني واحد أزيل وإن أحد من املشركني استجارك فأجره حىت يسمع كالم اهللا حق يف

صدق يف حق الكليم املستنري فبني " ويا موسى إين اصطفيتك على الناس برسااليت وبكالمي " حق املشرك املستجري الكالمني فرق ما بني القدم والفرق وبني السمعني صرف ما بني الوالية والصرف ولو كان الكالم يف املوضعني

صل التساوي واستماع الناس واخلناس ولكن حكم حروفا منظومة أصواتا مقطعة بطل االصطفاء على الناس وحالكليم يف خطابه يا موسى حكم الطريد يف طرده يا فرعون ولكان الذي ال يسمع من موسى أسعد حاال من موسى

طريقني وأىن هلم تصور نزول الروحانيات .إذ مسع من الشجرة اليت هي مجاد ويف املوضعني الكالم حروف وأصواتوكيف يستقيم على " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل هلا بشرا سويا " ات كما أخرب التنزيل عنه وتشخصها باجلسماني

Page 101: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

مذهب املتكلم متثل الروح بالشخص البشري أبان تعدم الروح ويوجد الشخص وليس ذلك من التمثل يف شيء أو إذا مل ميكنه تقرير التمثل والتشكل بان يستعمل الروح شخصا موجودا بشريا ومل يكن ذلك متثال أيضا بل تناسخا و

أعين متثل الروحاين باجلسماين كيف ميكنه تصور األمر األزيل يتمثل اللسان العريب تارة واللسان السرياين طورا حىت جيب أن يقال كالم اهللا كما جيب أن يقال هذا جربيل جاءكم ليعلمكم دينكم مث لباس جربيل يتبدل وال تتبدل

هبا جربيل ولباس الكالم األزيل يتبدل وال تتبدل حقيقته اليت هو هبا كالم وأمر وهني واحد أزيل وإن حقيقته اليت هو ويا موسى إين اصطفيتك " أحد من املشركني استجارك فأجره حىت يسمع كالم اهللا حق يف حق املشرك املستجري

مني فرق ما بني القدم والفرق وبني صدق يف حق الكليم املستنري فبني الكال" على الناس برسااليت وبكالمي السمعني صرف ما بني الوالية والصرف ولو كان الكالم يف املوضعني حروفا منظومة أصواتا مقطعة بطل االصطفاء

على الناس وحصل التساوي واستماع الناس واخلناس ولكن حكم الكليم يف خطابه يا موسى حكم الطريد يف سمع من موسى أسعد حاال من موسى إذ مسع من الشجرة اليت هي مجاد ويف طرده يا فرعون ولكان الذي ال ي .املوضعني الكالم حروف وأصوات

قالت املعتزلة إذا أثبتم كالما أزليا فإما أن حتكموا بأن كالم اهللا أمر وهني وخرب واستخبار يف األزل وإما أن ال حكم األمر أن يصادف مأمورا ومل يكن يف األزل حتكموا به فإن حكمتم به فقد أحلتم من وجوه أحدها أن من

.خماطب متعرض ألن حيث على أمر ويزجر عن آخر ويستحيل كون املعدوم مأموراوالوجه الثاين أن الكالم مع نفسه من غري خماطب سفه يف الشاهد والنداء لشخص ال وجود له من أحمل ما ينسب

.إىل احلكيمالسالم غري اخلطاب مع النيب صلى اهللا عليه وسلم ومناهج الكالمني مع والثالث أن اخلطاب مع موسى عليه

الرسولني خمتلفة ويستحيل أن يكون معىن واحد هو يف نفسه كالم مع شخص على معان ومناهج وكالم مع شخص .آخر على معان ومناهج أخر مث يكون الكالمان شيئا واحدا ومعىن واحدا

األمتني خمتلف الختالف حال األمتني وكيف يتصور أن تكون حالتان خمتلفتان فيخرب والرابع أن اخلربين عن أحوال عنهما خبرب واحد وكيف يكون اخلرب أمرا وهنيا وكيف يكون أمر وهني خربا واستخبارا ووعدا ووعيدا وأنكم إن

أمرا وهنيا وإما خربا واستخبارا حكمتم بأن الكالم واحد فقد رفعتم أقسام الكالم وال يعقل كالم إال وأن يكون إما وردكم أقسام الكالم إىل أوصاف واعتبارات تارة وإىل تعبريات وعبارات أخرى غري سديد أما االعتبارات العقلية فباطلة ألن املعقول من أقسام الكالم ذوات خمتلفة وحقائق متباينة فإن القصة اليت جرت ليوسف وإخوته صلوات

ري القصة اليت جرت آلدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى فاخلرب عما جرى يف حق شخص كيف اهللا عليهم أمجعني غيكون عني اخلرب الذي جرى يف حق شخص آخر واألوامر والنواهي اليت توجهت على قوم أخر يف دور نيب

ا على خمصوص غري األوامر اليت توجهت على قوم أخر يف دور آخر فكيف ميكنكم القول باحتاد األخبار كلهاختالفها يف خرب واحد والقول باحتاد األوامر على تفاوهتا يف أمر واحد مث كيف ميكنكم اجلمع بني معىن اخلرب

وحقيقته أنه خرب عما كان أو سيكون من غري اقتضاء وطلب وبني معىن األمر وحقيقته أنه اقتضاء وطلب ألمر مل ألمر خرب وإنباء وبني النوعني فرق ظاهر فكيف ميكن يكن حىت يكون فليس يف اخلرب حكم واقتضاء وليس يف ا

القول باحتادمها نعم مها يتحدان يف حقيقة الكالمية لكنهما خيتلفان بالنوعية كاحليوانية واإلنسانية والعرضية واللونية ألمر فقد فمن رد الكالم بأنواعه وأقسامه إىل اخلرب فقد أبطل االقتضاء وعطل احلكم والطلب ومن رد الكالم إىل ا

أبطل معىن اخلرب وعطل القصص ومن املعلوم أن النوعني موجودان يف جنس الكالم ومذكوران يف الكتب اإلهلية

Page 102: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وأما من رد االختالف والكثرة فيهما إىل العبارات فقد أبعد النجعة فإن العبارات إن طابقت املعاين خربا ملخرب وأمرا ين تعدد العبارات وإن مل تطابق فليست هي تعبريات عنها وإمنا هي عبارات ال ملأمور وهنيا عن منهي فقد تعددت املعا

معىن هلا وذلك كالم اجملانني وإما أستر وأحكم إىل متثل الروحاين باجلسماين وتشكل امللك بالبشر وظهور املعىن التبني حققوا لنا ذلك بالعبارات فذلك يف أمساعنا شبه كلمات وكلمات فارغة فما التمثل والتشكل وكيف الظهور و

إن كانت العبارة مشتملة على حقيقة وإال فاملعلومات ال حتتمل أمثال هذه اجملازفات والذي عندنا أن جربيل شخص لطيف يتكاثف فيتراءى للبصر كاهلوى اللطيف الذي ال يرا فيتكاثف فريا سحابا أو نقول بإعدام وإجياد ال يتمثل

يصري جواهر إال بانضمام جواهر إليه وحنن ال نعقل من اجلواهر إال املتحيز ويتشخص وباجلملة جوهر واحد ال .واملتحيزان ال يتداخالن فال معىن ملا متسكتم به

قالت األشعرية ذهب شيخنا الكاليب عبد اهللا بن سعيد إىل أن كالم الباري يف األزل ال يتصف بكونه أمرا وهنيا اطبني واستجماعهم شرائط التكليف فإذا أبدع اهللا العباد وأفهمهم كالمه على وخربا واستخبارا إال عند وجود املخ

قضية أمر وموجب زجر أو مقتضى خرب اتصف عند ذلك هبذه األحكام فهي عنده من صفات األفعال مبثابة اتصاف وتكليم ال لنفسه الباري تعاىل فيما ال يزال بكونه خالقا ورازقا فهو يف نفسه كالم لنفسه أمر وهني وخرب وخطاب

بل بالنسبة إىل املخاطب وحال تعلقه وإمنا يقول كالمه يف األزل يتصف بكونه خربا ألنا لو مل نصفه بذلك خرج الكالم عن أقسامه وألن اخلرب ال يستدعي خماطبا فإن الرب تعاىل خمرب مل يزل عن ذاته وصفاته وعما سيكون من

.لنواهيأفعاله وعما سيكلف عباده باألوامر واوعند أيب احلسن األشعري كالم الباري تعاىل مل يزل متصفا بكونه أمرا وهنيا وخربا واملعدوم على أصله مأمور باألمر

األزيل على تقدير الوجود مث قال يف دفع السؤال إذا مل يبعد أن يكون املأمور به معدوما مل يبعد أن يكون املأمور نا مأمورون بأمر اهللا تعاىل الذي توجه على املأمورين يف زمن النيب صلى اهللا عليه معدوما وعضد ذلك بأنا يف وقت

.وسلم فإذا مل يبعد أن يتأخر وجود املأمور عن األمر بسنة مل يبعد أن يتأخر عنه بأكثر ومل يزل

أهنا كيف تتعلق واحلق أن هذا اإلشكال ال خيتص مبسئلة األمر بل هو جار يف كل صفة أزلية تتعلق مبتعلقها أزالباملعدوم أليس اهللا تعاىل عاملا قادرا والعامل معدوم وكيف يتعلق العلم والقدرة بنفي حمض وعدم صرف لفعلي تقدير

الوجود فكيف يتصور التقدير يف حق الباري والتقدير ترديد الفكر وتصريف اخلواطر وذلك من عمل اخليال حمصور متناه وحنن نعتقد أن معلوماته ومقدوراته ال تتناهى وإمنا يتصور والوهم أم يتعلق بالوجود حقيقة والوجود

ذلك فيما مل يوجد وميكن أن يوجد أم تقرر أن العلم صفة صاحلة لدرك كل ما يعرض عليه من غري قصور والقدرة ذا املعىن صاحلة إلجياد كل ما يصح وجوده من غري تقاصر مث ما يصح أن يعلم وجيوز أن يوجد ال يتناهى فعلى ه

نقول املعلومات واملقدورات ال تتناهى واملتعلق من حيث املتعلق راجع إىل صالحية الصفة للكل ومن حيث املتعلق راجع إىل صحة املعلوم واملقدور وكذلك قولنا يف السمع والبصر وكونه مسيعا بصريا بل اجلمع بني املسئلتني ها هنا

ذلك البصر فال يكون املعدوم مسموعا ومبصرا بل إمنا يصري مدركا هبما أظهر فإن السمع ال يتعلق باملعدوم وكحيث يصح اإلدراك وهو حال الوجود فقط ال قبله حتقيقا كان أو تقديرا كذلك األمر األزيل يتعلق باملأمور به حىت

عل كسائر الصفات على السواء يصح التعلق وهو حال الوجود املتهيأ لقبوله من كونه حيا عاقال بالغا متمكنا من الف .فليس خيتص السؤال مبسئلة الكالم ووجه احلال ما قد سبق التقرير به

.قوهلم أن كالما ال تتحقق له أقسام الكالم غري معقولقلنا وما أقسام الكالم فإن املتكلمني حصروها يف ستة وسائر الناس زادوا أقساما مثل النداء والدعاء وزادوا يف كل

Page 103: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ن األمر والنهي أقساما مثل أمر الندب وأمر اإلجياب وهني التنزيه وهني التحرمي ويف كل قسم من اخلرب قسم مواالستخبار أقساما مثل اخلرب عن املاضي واملستقبل واملواجهة واملغايبة وغري ذلك ومن تصدى لريدها إىل ستة فقد

ىل قسمني اخلرب واألمر أما االستخبار فال يتصور يف قضى بتداخل أقسام منها يف أقسام ولغريه أن يتصدى لردها إألست بربكم قالوا : " حقه تعاىل على موجب حقيقة االستفهام بل حيث ورد فمعناه التقرير واإلخبار كقوله تعاىل

من غري اهللا إاله مع اهللا ومعىن الكل راجع إىل تقرير اخلطاب للمخاطب أن األمر ال يتصور إال كذلك وأما " بلى لوعد والوعيد فظاهر أهنما خربان يتعلق أحدمها بثواب فسمي وعدا وتعلق الثاين بعقاب فسمي وعيدا كما أمكن ا

.أن يرد النداء إىل اخلرب يا زيد يا عمرو أي ادعو زيدامر ومل وأما القسم الثاين وهو األمر فهو والنهي ال جيتمعان لكن كالم اهللا تعاىل إذا تعلق مبتعلق خاص على صيغة األ

يتصل بتركه زجرا كان ندبا وإن اتصل به زجرا مسي ذلك إجيابا وكذلك النهي إذا مل يرد على فعله وعيد مسي تكريها وإن ورد مسي حترميا مث مها يشتركان يف كوهنما أمرا وهنيا وإن رد األمر والنهي إىل معىن واحد وهو األمر

أن ال تفعل فرجع أقسام الكالم كلها إىل خرب وأمر مث كما أمكن رد أقسام كان ذلك أيضا له وجه فإن النهي أمر بالكالم إىل قسمني من غري نقصان يف حقيقة الكالم كذلك أمكن رد القسمني إىل قسم واحد حىت يكون كالمه على

" ا أمرنا إال واحدة وم" ما قررناه واحدا وقد ورد التنزيل بتسميته أمرا حبيث يتضمن مجيع األقسام يف قوله تعاىل فاخللق واألمر يتقابالن كالفعل والقول وعن هذا أمكن االستدالل هبذه اآلية حىت يقال أن " أال له اخللق " ويف قوله

أمر الباري غري خملوق فإنه لو كان خملوقا لكان تقدير قوله أال له اخللق وهذا من فاسد الكالم وقد ورد أيضا يف إمنا " األمر سابق على اخللق وذلك السبق لن يتصور إال أن يكون أزليا وذلك قوله سبحانه القرآن ما يدل على أن

واملتكون متأخر واألمر متقدم والتقدم على احلادث املطلق ال يكون " قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ا فهو خالف اخللق ومقابله وإن مسيته خربا فهو إال باألزلية فتحقق من هذه اجلملة أن كالمه تعاىل واحد إن مسيته أمر

وفق العلم سواء وأنه إذا تعلق باملأمور فيكون تعلقه مشروطا بشرائط كما كان تعلق سائر الصفات مشروطا .بشرائط وقد عرفت الفرق بني تعلق الصالحية والصحة وبني تعلق الفعل واحلقيقة واندفع اإللزام هبذا الفرق

ختالف والكثرة يف األخبار واألوامر ال يرجع إىل العبارات فقط إذ العبارات ال بد وأن تطابق املعىن وقوهلم إن االصحيح لكن تلك املعاين املختلفة كاملعلومات املختلفة اليت حييط هبا علم واحد وأن تلك املعلومات املختلفة إن

ذلك اإلخبار املختلفة واألوامر املختلفة وإن فرضت يف الشاهد استدعت علوما خمتلفة وإن مشلها اسم العلمية كاستدعت يف الشاهد كلمات ومعاين خمتلفة فقد أحاط هبا معىن واحد هو القول احلق األزيل واختالف الزمان

باملاضي واملستقبل واحلاضر ال يؤثر يف نفس القول ما يبدل القول لدي كاختالف احلال يف املعلومات اليت وجدت يف نفس العلم وهذا املعىن عسري اإلدراك جدا لتكرر عهدنا خبالف ذلك يف الشاهد ولو الحظنا وستوجد ال يؤثر

جانب العقل وإدراكه املعقول وجردناه عن املواد اجلسمانية واألمثلة اخليالية وصادفنا إدراكا كليا عقليا ال خيتلف ن نوم يقظتنا هذه مبنام وطلعت نفوسنا على مشرق باختالف األزمنة وال يتغري بتغاير احلوادث وكذا لو استيقظنا م

املعاين واحلقائق رأت عاملا من املعقوالت وأشخاصا من الروحانيات حتدثه بأخبار وتكلمه بأحاديث لو عرب املعرب عنها ل ذلك بعبارات لسانه ملا وسعه يوم واحد لشرحها وبياهنا ولو كتبها بقلمه مل تسعه جملدة واحدة لنظمها وبياهنا وك

قد يراه يف منامه يف أقل من حلظة واحدة ويعلم يقينا أنه رآه حني رآه ومسع ما مسع كأنه شيء واحد ومعىن واحد لكن التعبري عنه استدعى أوراقا وصحائف طباقا وكيف ال واملرء جيد من نفسه وجدانا ضروريا أنه إذا سئل عن

ل من حلظة مث يأيت يف شرح ذلك بلسانه بعبارات حىت ميتلئ أذان إشكال يف مسئلة اعتراه جوابه وحله مجلة يف أق

Page 104: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وأمساع كثرية إن مسعها ووعاها أو يستثبته بقلمه حىت يسود بياضا كثريا إن سطرها وزبرها واملعىن يف األصل كان بلة مائة كمثل حبة أنبتت سبع سنابل يف كل سن" واحدا والشرح منبسطا واحلب يكون واحدا والسنبلة متكثرة

ومن وجد مبشام صدقه مشائم الروحانيات ووقع يف أطراف رياض املعقوالت وإن كان " حبة واهللا يضاعف ملن يشاء حموما عليها غري واغل يف مخيلتها علم قطعا أن العقل أحدي اإلدراك والنفس وحداين القول وإمنا التكثر يف عامل

قق وإذا كانت عقولنا ونفوسنا على هذا النمط من التوحيد فكيف احلس يتصور واالختالف يف عامل العبارات يتح .الظن بقدي اإلحاطة األزلية ووحدانية الكلمة السرمدية

قالت املعتزلة أمجع املسلمون قبل ظهور هذا اخلالف على أن القرآن كالم اهللا واتفقوا على أنه سور وآيات التحقيق وهلا مفتتح وخمتتم وأنه معجزة رسول اهللا وحروف منتظمة وكلمات جمموعة وهي مقروءة مسموعة على

صلى اهللا عليه وسلم دالة على صدقه وال تكون املعجزات إال فعال خارقا للعادة وكان السلف يقولون يا رب القرآن العظيم يا رب طه يا رب يس وإمنا مسي القرآن قرآنا للجمع من قوهلم قرأت الناقة لبنها يف ضرعها واجلمع

يتحقق يف املفترق والكالم األزيل ال يوصف مبثل هذه األوصاف ومما أمجعت عليه األمة أن كالم اهللا تعاىل بني إمناوإن أحد من املشركني " أظهرنا نقرأه بألسنتنا ومنسه بأيدينا ونبصره بأعيننا ونسمعه بآذاننا وعليه دلت النصوص

.والصفة األزلية كيف توصف مبا وصفنا" طهرون استجارك فأجره حىت يسمع كالم اهللا ال ميسه إال امل

قالت األشعرية أنتم أول من خالف هذا اإلمجاع فإن عندكم كالم اهللا تبارك وتعاىل حروف وكلمات أحدثها يف حمل وكما وجدت فنيت والذي كتبناه بأيدينا فعلنا والذي قرأناه بألسنتنا كسبنا وكذلك نثاب على فعل ذلك ونعاقب

يس الكالم الذي بني أظهرنا كالم اهللا وما كان كالما هللا فليس بني أظهرنا وال كان دليال ومعجزة وال على تركه فلقرأناه وال مسعناه بل الذي نقرأه مثل ذلك أو حكاية عن ذلك كمن يروي شعر امرئ القيس بعد موته وعن هذه

كل قارئ وعند كتابة كل كاتب وقد جحد الشنعة صار أبو علي اجلبائي إىل أنه حيدث كالما لنفسه عند قراءةالضرورة وكابر العقل فإن العاقل ال يشك أن الذي يسمعه من القارئ حروف وكلمات خترج عن خمارجها على اختياره وليس يقارنه أمثاهلا حىت يكون كل حرف حرفني وكل كلمة كلمتني وكل آية آيتني وإن كان فما حملها

من احملال اجتماع حرفني وكلمتني يف حمل واحد يف حالة واحدة واحلروف ال وجود وقد اشتغلت املخارج حبروفها وهلا إال على التعاقب واجتماع حرفني وكلمتني يف حمل واحد غري معقول وال مسموع وال حمسوس من جهة القارئ

.فهو حمالوأعشار وسور ويسمى الكل مث نقول القول احلق أنا ال ننكر وجود الكلمات اليت هلا مفتتح وخمتتم وهي آيات

قرآنا وما له مبتدأ ومنتهى ال يكون أزليا وهو من هذا الوجه معجزة الرسول صلى اهللا عليه وسلم ويسمى ما يقرأ باللسان قرآنا وما يكتب باليد مصحفا لكن كالمنا يف مدلول هذه الكلمات ومقرئ هذه القراءة أهي صفة أزلية ال

هي هذه فقط وال مدلول هلا وال مقرؤ وال مكتوب وباالتفاق بيننا وبني اخلصم كالم اهللا حادثة وواحدة ال كثرية أمتعاىل غري ما حل يف اللسان من حتريك الشفتني واللسان واحللق بل هو معىن آخر وراء ذلك فنحن نعتقد أن ذلك

يعرفه أهل اإلمجاع وكما أن كالمه املعىن واحد أزيل وأنتم تعتقدون أنه مثل هذا كثري حادث فانقطع االستدالل مبا أزيل واحد عندنا وليس ذلك بني أظهرنا كذلك هو كالم آخر يف حمل آخر وليس ذلك بني أظهرنا عند اخلصم

فصار االتفاق باملقدمات املشهورة املعهودة ال اليقينية املقبولة املشهودة وتبني أن إطالق لفظ القرآن على القراءة وال " وقد يسمى الدليل باسم املدلول ويطلق لفظ العلم على املعلوم كقوله تبارك وتعاىل واملقرؤ باشتراك اللفظ

.أي مبعلومه وقال إن قرآن الفجر كان مشهودا عين به الصالة والقراءة فيها" حييطون بشيء من علمه إال مبا شاء

Page 105: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

سول صلى اهللا عليه وسلم كالم اهللا كما أن واجلواب احلق أن اآليات اليت جاء هبا جربيل عليه السالم منزال على الرالشخص الذي متثل به جربيل وتراي وظهر له مسي جربيل حىت يقول هذا كالم اهللا وهذا جربيل ألن ما أشري إليه

هباذا وهاذا هو مظهره وأنت تقول كالمك هذا صحيح وغري صحيح وال تشري إىل جمرد العبارة دون املعىن بل تشري أهنا مظهر املعىن وإال فالصحة والفساد إمنا يدخالن على املعىن دون اللفظ والصواب واخلطأ يرد إىل العبارة على

على اللفظ دون املعىن وقد تكون العبارة سديدة لغة وحموا ويكون املعىن غري سديد وبالعكس من ذلك مث يشار إىل يتلونه حق " ني أظهرنا وال ميسه إال املطهرون وقوله العبارة ويراد به املعىن كذلك قولنا هذا كالم اهللا وكالم اهللا ب

إنه لقرآن كرمي يف كتاب " راجع إىل املعىن " مث إن علينا بيانه " راجع إىل العبارة " إن علينا مجعه وقرآنه " " تالوته هرة فيها ولو كان الكتاب من حيث هو كتاب هو القرآن ملا قال يف كتاب ويف آية أخرى يتلونه صحفا مط" مكنون

كتب قيمة فتارة كان القرآن يف كتاب وتارة كان الكتاب يف القرآن ومن أدرك الطرفني على حقيقتهما سهل عليه .التمييز بني املعنيني مث احترام الكتاب ألجل املكتوب كاحترام البيت ألجل صاحب البيت

اهللا وأن ما نقرأه ونسمعه ونكتبه عني كالم اهللا قالت السلف واحلنابلة قد تقرر االتفاق على أن ما بني الدفتني كالم فيجب أن يكون الكلمات واحلروف هي بعينها كالم اهللا وملا تقرر االتفاق على أن كالم اهللا غري خملوق فيجب أن

تكون الكلمات أزلية غري خملوقة ولقد كان األمر يف أول الزمان على قولني أحدمها القدم والثاين احلدوث والقوالن صوران على الكلمات املكتوبة واآليات املقروءة باأللسن فصار اآلن إىل قول ثالث وهو حدوث احلروف مق

والكلمات وقدم الكالم واألمر الذي تدل عليه العبارات وقد حسن قول ليس منهما على خالف القولني فكانت ا وكانت املعتزلة على إثبات السلف على إثبات القدم واألزلية هلذه الكلمات دون التعرض لصفة أخرى ورأه

احلدوث واخللقية هلذه احلروف واألصوات دون التعرض ألمر ورأها فأبدع األشعري قوال ثابتا وقضى حبدوث احلروف وهو خرق اإلمجاع وحكم بأن ما نقرأه كالم اهللا جمازا ال حقيقة وهو عني االبتداع فهال قال ورد السمع

تعاىل دون أن يتعرض لكيفيته وحقيقته كما ورد السمع بإثبات كثري من الصفات من بأن ما نقرأه ونكتبه كالم اهللا .الوجه واليدين إىل غري ذلك من الصفات اخلربية

قالت السلف ال يظن الظان أنا نثبت القدم للحروف واألصوات اليت قامت بألسنتنا وصارت صفات لنا فإنا على كسابنا وأفعالنا وقد بذلت السلف أرواحهم وصربوا على أنواع الباليا قطع نعلم افتتاحها واختتامها وتعلقها بأ

واحملن من معتزلة الزمان دون أن يقولوا القرآن خملوق ومل يكن ذلك على حروف وأصوات هي أفعالنا وأكسابنا بل " كما ورد ذلك ويف قوله هم عرفوا يقينا أن هللا تعاىل قوال وكالما وأمرا وإن أمره غري خلقه بل هو أزيل قدمي بقدمه

إمنا قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له " ويف قوله سبحانه " هللا األمر من قبل ومن بعد " وقوله " أال له اخللق واألمر فالكائنات كلها إمنا تتكون بقوله وأمره وقوله إمنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وقوله وإذ " كن فيكون ذ قلنا قال اهللا هذا كله قول قد ورد يف السمع مضافا إىل اهللا تعاىل أخص إضافة من اخللق فإن املخلوق قال ربك وإ

ال ينسب إىل اهللا تعاىل إال من جهة واحدة وهو اخللق واإلبداع واألمر بنسب إليه ال على تلك النسبة وإال فريتفع .الفرق بني األمر واخللق واخللقيات واألمريات

جهة املعقول العاقل جيد من نفسه فرقا ضروريا بني قال وفعل وبني أمر وخلق ولو كان القول فعال كسائر قالوا من األفعال بطل الفرق الضروري فثبت أن القول غري الفعل وهو قبل الفعل وقبليته قلية أزلية إذ لو كان له أول لكان

هذا القرآن هو كالم اهللا تعاىل مل يرد مناهج إمجاعهم فعال سبقه قول آخر ويتسلسل مث ملا أمجعت السلف على أن ومل يبحث أهنم أرادوا القراءة أو املقروء والكتابة أو املكتوب كما أهنم إذا وصلوا إىل تربة الرسول صلى اهللا عليه

Page 106: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

إليه وسلم قالوا هذا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وحيوا وصلوا وسلموا تسليما من غري تصرف يف أن املشار .شخصه أم روحه

وحققوا زيادة حتقيق فقالوا قد ورد يف التنزيل أظهر مما ذكرناه من األمر وهو التعرض إلثبات كلمات اهللا تعاىل ولوال كلمة سبقت من ربك " مث قال " ومتت كلمات ربك صدقا وعدال ال مبدل لكلماته " حيث قال عز من قائل

وقال ولو أن ما يف األرض من شجرة أقالم والبحر ميده من بعده " لمات ريب قل لو كان البحر مدادا لك" وقال " فتارة " ولكن حق القول مين ألمألن جهنم وكذلك حقت كلمة العذاب " وقال " سبعة أحبر ما نفدت كلمات اهللا

وتارة " مح بالبصر وما أمرنا إال واحدة كل" جيي الكالم بلفظ األمر وتثبت له الوحدة اخلالصية اليت ال كثرة فيها فله إذا أمر " ما نفدت كلمات اهللا " جيي بلفظ الكلمات وتثبت هلا الكثرة البالغة اليت ال وحدة فيها وال هناية هلا

واحد وكلمات كثرية وال يتصور إال حبروف فعن هذا قلنا أمره قدمي وكلماته كثرية أزلية والكلمات مظاهر األمر كلمات واألجسام مظاهر الروحانيات واإلبداع واخللق إمنا يبتدئ من األرواح لألمر والروحانيات مظاهر ال

واألجسام أما الكلمات واحلروف فأزلية قدمية فكما أن أمره ال يشبه أمرنا وكلماته وحروفه ال تشبه كلماتنا وهي ات مدبرات حروف قدسية وعلوية وكما أن احلروف بسائط الكلمات والكلمات أسباب الروحانيات والروحاني

اجلسمانيات وكل الكون قائم بكلمة اهللا حمفوظ بأمر اهللا تعاىل وال يغفل عاقل عن مذهب السلف وظهور القول يف حدوث احلروف فإن له شأنا وهم يسلمون الفرق بني القراءة واملقروء والكتابة واملكتوب وحيكمون بأن القراءة

هو صفة لنا وال فعلنا غري أن املقروء بالقراءة قصص وأخبار وأحكام اليت هي صفتنا وفعلنا غري املقروء والذي ليس وأوامر وليس املقروء من قصة آدم وإبليس هو بعينه املقروء من قصة موسى وفرعون وليس أحكام الشرائع املاضية

وف تتركب هي بعينها أحكام الشرائع اخلامتة فال بد إذا من كلمات تصدر من كلمة وترد على كلمة وال بد من حرمنها الكلمات وتلك احلروف ال تشبه حروفنا وتلك الكلمات ال تشبه كالمنا كما ورد يف حق موسى عليه السالم

مسع كالم اهللا كجر السالسل وكما قال املصطفى صلوات اهللا عليه يف الوحي أحيانا يأتيين كصلصلة اجلرس وهو .أشد علي مث يفصم عين وقد وعيت ما قال واهللا أعلم

القاعدة الرابعة عشرة

يف حقيقة الكالم اإلنساين والنطق النفساين

ذهب النظام إىل أن الكالم جسم لطيف منبعث من املتكلم ويقرع أجزاء اهلوى فيتموج اهلوى حبركته ويتشكل بشكله مث يقرع العصب املفروش يف األذن فيتشكل العصب بشكله مث يصل إىل اخليال فيعرض على الفكر العقلي

يفهم ورمبا يقول الكالم حركة يف جسم لطيف على شكل خمصوص مث حتري يف أن الشكل إذا حدث يف اهلوى أهو فشكل واحد يسمعه السامعون أم أشكال كثرية وإمنا أخذ مذهبه يف هذه املسئلة وغريها من املسائل من مذهب

. الفالسفة غري أنه مل يفهم من كالمهم إال ضجيجا ومل يورده نضيجا

وأما الفالسفة فالنطق عندهم يطلق على نطق اللسان وهو حروف منظومة بأصوات مقطعة يف خمارج خمصوصة نظما يعرب عن املعىن الذي يف النفس حبكم االصطالح واملواضعة أو حبكم التوقيف واملصادرة ويطلق النطق على التمييز

هن اإلنسان خمتلفة االعتبار فإن اعتربت مبجرد العقل كان العقلي والتفكري النفساين والتصوير اخليايل وهو معان يف ذ

Page 107: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

متييزا صحيحا بني احلق والباطل ويلزمه أن يكون معاين كلية جمردة متحدة متفقة فإن اعتربت مبجرد النفس كان ها أن تفكريا وترديدا بني احلق والباطل حىت يظفر باحلد األوسط فيطلع على الدليل املرشد والعلة والسبب ويلزم

تكون ذاتية كلية أو جزئية بسيطة أو مركبة ويلزمها أن تكون ذاتية أو عرضية موجبة أو سالبة موجهة أو مطلقة يقينية أو غري يقينية منتجة أو غري منتجة وإن اعتربت مبجرد اخليال كانت تقديرا أو تصويرا فتارة تصوير احملسوس

يلزمها أن تكون من جانب احملسوس عربيا أو عجميا أو هنديا أو روميا باملعقول وتارة تقدير املعقول يف احملسوس وأو سريانيا أو عربانيا ومن جانب املعقول أن يكون بسيطا يف صورة مركبة ومركبا على نعت بسيط وذاتيا مع ديدة عرضي ويقينا مع وهم وأول ما يرد على السمع حرف وصوت حيصل يف اهلوى بسبب متوج يقع حبركة ش

حتدث من قرع بعنف أو قلع حبدة فإن كان من قرع اصطك اجلسمان وانضغط اهلوى بشدة وحدث الصوت وإن كان من قلع انقطع اجلسمان وانفلت اهلوى بشدة وحدث الصوت ووصل املوج إىل اهلوى الراكد الذي يف

جللد على الطبل فيحصل فيه طنني الصماخ وانفعل به وهو جماور للعصبة املفروشة يف أقصى الصماخ املمدودة مد افتشعر به القوة املودعة يف تلك العصبة فيصل إىل القوة اخليالية فيتصرف اخليال فيه تقديرا فيصل إىل القوة النفسانية فتتصرف النفس فيه تفكريا فيصل إىل القوة العقلية فيتصرف العقل فيه متييزا وللمعىن صعود من احملسوس املسموع

ول املعلوم صعودا من الكثرة إىل الوحدة ونزول من املعقول املعلوم إىل احملسوس املسموع نزوال من الوحدة إىل املعقإىل الكثرة والعرفان مبتدئ من تفريق ونفض وترك ورفض ممعن يف مجع هو مجع صفات احلق للذات املريدة للصدق

مبتدئ من توحيد وتفكري ومتييز وتصوير ممعن يف مث انتهى إىل الوحدة مث وقوف وهذا من حيث الصعود والعرفان .معرفة هي معرفة صفات اخللق مث انتهى إىل الكثرة مث وقوف وهذا من حيث النزول

وصار أبو اهلذيل والشحام وأبو علي اجلبائي إىل أن الكالم حروف مفيدة مسموعة من األصوات غري مسموعة مع الكالم حروف منتظمة ضربا من االنتظام واحلروف أصوات مقطعة ضربا الكتابة وصار الباقون من املعتزلة إىل أن

.من التقطيع وهل جيوز وجود حروف من غري أصوات كما جاز وجود أصوات من غري حروف فيه خالف بينهموصار أبو احلسن األشعري إىل أن الكالم معىن قائم بالنفس اإلنسانية وبذات املتكلم وليس حبروف وال أصوات

ا هو القول الذي جيده العاقل من نفسه وجييله يف خلده ويف تسمية احلروف اليت يف اللسان كالما حقيقيا تردد وإمنأهو على سبيل احلقيقة أم على طريق اجملاز وإن كان على طريق احلقيقة فإطالق اسم الكالم عليه وعلى النطق

.النفسي باالشتراك

طالع ذهنه وجد من هيئة وجودها أو مسعها من مبتدأها إىل منتهاها على وفق قالت األشعرية العاقل إذا راجع نفسه وثبوهتا وتارة حديثا مع نفسه بأمر وهني ووعد ووعيد ألشخاص على تقدير وجودهم ومشاهدهتم مث يعرب عن تلك

فكر أنه هل جيوز أن األحاديث وقت املشاهدة وتارة نطقا عقليا إما جيزم القول أن احلق والصدق كذا وإما بترديد اليكون الشيء كذا أو يستحيل أو جيب إىل غري ذلك من األفكار حىت أن كل صانع حيدث مع نفسه أوال بالغرض الذي توجهت إليه صنعته مث تنطق نفسه يف حال الفعل حمادثة مع اآلالت واألدوات واملواد والعناصر ومن أنكر

لعقل وأنكر األوائل اليت يف ذهن اإلنسان وسبيله سبيل السوفسطائية أمثال هذه املعاين فقد جحد الضرورة وباهت اكيف وإنكاره ذلك مما مل يدر يف قلبه وال جال يف ذهنه مث مل يعرب عنه باإلنكار وال أشار إليه باإلقرار فوجد أن املعىن

تصوير والتدبري والتمييز بينه معلوم بالضرورة وإمنا الشك يف أنه هو العلم بنفسه أو اإلرادة والتقدير والتفكري والوبني العلم هني إذ العلم تبني حمض تابع للمعلوم على ما هو به وليس فيه إخبار وال اقتضاء وطلب وال استفهام وال دعاء وال نداء وعي أقسام معلومة وقضايا معقولة وراء التبيني والتمييز بينه وبني اإلرادة أسهل وأهون فإن اإلرادة

Page 108: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الفعل ببعض اجلائزات وال قصد يف هذه القضايا وال ختصيص وأما التقدير والتفكري والتدبري فكل قصد إىل ختصيصذلك عبارات عن حديث النفس وهو الذي يعىن به من النطق النفساين ومن العجب أن اإلنسان جيوز أن خيلو ذهنه

احلقيقة يرى يف منامه أشياء وحتدث عن كل معىن وال جيد نفسه قط خاليا عن حديث النفس حىت يف النوم فإنه يف .نفسه باألشياء ولرمبا يطاوعه لسانه وهو يف منامه حىت يتكلم وينطق متابعة لنفسه فيما حيدث وينطق

ومن مذاهب املعتزلة أن املفكر قبل ورود السمع جيد من نفسه خاطرين أحدمها يدعوه إىل معرفة الصانع وشكر ات والثاين يدعوه إىل خالف ذلك مث خيتار ما فيه النجاة وجيتنب عما فيه اهلالك املنعم وسلوك سبيل احملاسن واخلري

وذلك اخلاطران الداعيان احملدثان املخربان عن كالم النفس وحديثها فكيف يسوغ هلم إنكار ذلك وأيضا فإن فيتعني له الثاين فتقسيمه اإلنسان يف مراتب نظره واستدالله يضع قوال ويرفع قوال ويقسم كليا ويبطل أحد القسمني

هو بعينه حديث النفس وتعيينه أحد القسمني هو بعينه حكم العقل ورمبا أخذ القلم وكتب جملدة من حديث فكره .وشحن ديوانا من حديث نفسه ولسانه ساكت ال ينطق

:وصدق من قال جعل اللسان على الفؤاد دليال... إن الكالم لفي الفؤاد وإمنا

إلشارة والكتابة داللة بقرائنها تدل على أن هلا مدلوال خاصا متميزا عن العلم واإلرادة ولكل عبارة فالعبارة واخاصة مدلول خاص متميز عن سائر املدلوالت وهذا أوضح ما تقرر فإن دالالت العبارات على النطق داللة

داللة العقل فال خيتلف ذلك باألمم املواضعة والتوقيف وخيتلف باألمم واألمصار وداللة األحكام على العلم واألمصار ومدلول العبارات مع اختالفها مدلول واحد فإن املعىن الذي يفهم من قولك اهللا هو بعينه املعىن الذي يفهم من خذ أي وتنكري وسرنا وند إىل غري ذلك من األلفاظ فعلم من ذلك أن الكالم الذي يف نفس اإلنسان

خص وصف لنفس اإلنسان حىت متيز به عن سائر احليوانات ومن أنكره فقد خرج عن قول حمقق ونطق موجود هو أ .حد اإلنسانية ودخل يف حرمي البهيمة وكفر أخص نعم اهللا تعاىل على نوع اإلنسان

قالت املعتزلة حنن ال ننكر اخلواطر اليت تطرأ على قلب اإلنسان ورمبا نسميها أحاديث النفس إما جمازا وإما حقيقة أهنا تقديرات للعبارات اليت يف اللسان أال ترى أن من ال يعرف كلمة بالعربية ال خيطر بباله كالم العرب ومن ال غري

يعرف العجمية ال يطرأ عليه كالم العجم ومن عرف اللسانني تارة حتدث نفسه بلسان العرب وتارة بلسان العجم ات اليت تعلمها اإلنسان يف أول نشوه والعبارات هي أصول هلا فعلم على احلقيقة أهنا تقديرات وأحاديث تابعة للعبار

منها تصدر وعليها ترد حىت لو قدرنا إنسانا خاليا عن العبارات كلها أبكم ال يقدر على نطق مل نشك أن نفسه ال حتدثه بعربية وال عجمية وال لسان من األلسن وعقله يعقل كل معقول وإن كان يعرى عن كل مسموع ومنقول

فعلم أن الكالم احلقيقي هو احلروف املنظومة اليت يف اللسان واملتعارف من أهل اللغة والعقالء أن الذي يف اللسان هو الكالم ومن قدر عليه فهو املتكلم ومن مل يقدر عليه فهو األعجم األبكم فعلم من ذلك أن الكالم ليس جنسا

هو خمتلف باملواضعة واالصطالح والتواطؤ حىت لو تواطأ قوم على ونوعا يف نفسه ذا حقيقة عقلية كسائر املعاين بل .نقرات وإشارات ورمزات حلصل التفاهم هبا كما حصل التفاهم بالعبارات

ومن الدليل على ذلك أن اهللا تعاىل مسى تغريد الطري وأصوات احلكل ودبيب النمل كالما وقوال حىت قال سليمان ومثل ذلك جيري جمازا " منطق الطري وقالت منلة وقال اهلدهد أحطت مبا مل حتط به علمنا" بن داود عليهما السالم

ويعرب عن أحوال " يسبح الرعد حبمده " " يا جبال أويب معه والطري " " قالتا أتينا طائعني " يف اجلمادات أيضا بالطوع والرغبة قوال وذلك دالالهتم على وجود الصانع بالتسبيح والتأويب وعن استعدادهم لقبول فعله وصنعه

Page 109: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كله يدل على أن الكالم ليس نوعا من األعراض ذا حقيقة عقلية كسائر األعراض بل نطلقه على النطق الذي يف اللسان حبكم املواضعة واملواطأة واإلنسان قد خيلو عنه وعن ضده وتبقى حقيقته إنسانيته فإنه إمنا يتميز عن

أو عقله ونطقه وقوله وأنتم يا معشر األشاعرة انتهجتم مناهج الفالسفة حيث احليوانات بصورته وشكله ال بنفسهحددمت الكالم بالنطق النفسي كما حدوا اإلنسان بقوهلم احليوان الناطق وجعلوا النطق أخص وصف اإلنسان متيز به

ي اإلنسان من عن سائر احليوانات وجعلوه الفصل الذايت ويلزمكم على مساق ذلك أن تكون النفس الناطقة هحيث احلقيقة والبدن يكون آلة وقالبا هلا مث يلزم منه أن يكون اخلطاب والتكليف على النفس والروح دون البدن

واجلسد وأن يكون املعاد لألرواح والنفوس والثواب والعقاب هلا وعليها وذلك طي ملسالك الشريعة وغي يف .مهالك الطبيعة

س اإلنسان معان خمتلفة احلقائق وراء التمييز العقلي والتصوير اخليايل فإن التمييز قالت األشعرية الذي يشعر به نفالعقلي حكم جزم بأن األمر كذا وأن احلق يف القضية كذا والتصوير اخليايل تقدير ما مسعه من العبارة من العربية

لذي ال يعدمه كل ذي عقل ونفس والعجمية كما ذكرمت وليس فيه حكم ونفي األمر األوسط وهو التدبري النفساين ا .من اإلنسان سواء عدم النطق اللساين أو مل يعدم

ومن الربهان على ذلك سوى اإلحساس الذي ال ينكره إال معاند جاحد أن كل عاقل مكلف بالنظر واالستدالل ات اإلمكان وتدبري حىت حيصل لنفسه املعرفة بوحدانية الصانع ولن يتأتى الفكر والنظر إال بترديد اخلاطرين يف جه

األوائل اليت هي بدائه العقل بالثواين والثوالث يف ترتيب املقدمات القياسية والتمييز فيها بني اليقيين واجلديل واخلطايب والشعري مث التدرج من ذلك الترتيب املخصوص والشكل املوصوف املعني إىل النتيجة اليت هي املطلوبة

ل عقلية ونطق نفساين يكون اللسان معربا عنها تارة بالعربية وتارة بالعجمية إن كان وهذا التردد لن يتأتى إال بأقوامنطقيا وباإلشارة واإلمياء إن كان أيكم فعلم من ذلك أن الذي حصل يف اخليال غري والذي حصل يف النفس غري

ر النطق النفساين والقول بأن وأن الذي حصل يف العقل غري ومن أمكنه التمييز بني هذه االعتبارات سهل عليه تقديذلك املعىن جنس ونوع من املعاين له حقيقة ال ختتلف والذي يف اخليال واللسان ليس جنسا ونوعا حقيقيا ثابتا بل

خيتلف ذلك حبسب االصطالح واملواضعة وعلى إمكان التعبري من حال إىل حال ومن شخص إىل شخص ومكان إىل ا وال نوعا متنوعا ويتبعه الذي يف اخليال من الصور واألشكال عن احلروف مكان وذلك ليس كالما حقيقي

والكلمات اليت يف السمع وعن املبصرات واملدركات اليت يف البصر لكن املعاين اليت يف النفس حقائق موجودة تتردد .ثه وحسهفيها النفس بنطقها الذايت ومتييزها العقلي وهذا ال ينكره إال من أنكر نفسه وعدم حدي

.وقوهلم جيوز أن حيصل التفاهم بالنقرات والرمزات كما حيصل بالعباراتقلنا وهذا من الدليل القاطع على أن الذي يف اللسان كالم جمازي فإن التفاهم حاصل بغريه والفهم نطق نفساين

فهم غري والعلم غري وذلك دون العلم العقلي فإن اإلنسان جيوز أن يفهم باطال وينكره بعقله فالفهم غري ذلك فالالفهم مدلول كالم القائل فقط وهو نطق جمرد نفساين وحماورة فكرية إذ يديره يف خلده فيجيب عنه تسليما له واعتراضا عليه ورمبا يكون معىن يف الذهن يبسط ويشرح يف العبارة ورمبا يكون معاين كثرية تقبض وختتصر يف

واإلشارات نطق نفساين خبالف مدلوالت أصوات البهائم وتغريد الطري فإهنا وإن اللفظ وباجلملة مدلوالت العبارات حصل هبا التفاهم اخليايل فلم حيصل هبا الفهم النفساين حىت تتصرف فيما مسعته بالكلية واجلزئية واملوجبة والسالبة

ضا ما هو من خواص والذاتية والعرضية فقد عدمت تلك النفوس ما هو من خواص النفس اإلنسانية وعدمت أيالعقل اإلنساين من االعتبارات الكلية اليت له واألحكام اجلزئية اليت إليه وباجلملة فهي عادمة الكليات واجدة

Page 110: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

اجلزئيات فلم تكن أصواهتم وأحلاهنم قوال ونطقا وما ورد يف التنزيل من نسبة الكالم إىل أمثاهلم فهو حممول على عقال وأنطقهم حقيقة حبرف وصوت وجعل ذلك معجزة لذلك النيب الذي هو يف أحد وجهني أحدمها أنه أعطاهم

زمانه والثاين أنه أجرى على لساهنم وهم ال يعرفون كالما ففهمه نيب ذلك الزمان من غري أن يشعر به املتكلم من .الوحش والطري كما أجرى على ذراع الشاة ال تأكل مين فإين مسمومة

قالة إىل الفالسفة والتشنيع عليه بأنه يودي إىل كون النفس جوهرا روحانيا غري جسم وإن وأما نسبة صاحب هذه املاخلطاب يتوجه عليه وإن الثواب والعقاب له فهو سؤال ال يستحق اجلواب واملعاين العقلية إذا الحت حسية

الفالسفة النفس اإلنساين كالشمس وجب اعتقادها ولزم اعتقاهلا من غري التفات إىل مذهب دون مذهب وقد قالت عندنا باملعىن الذي يشترك فيه اإلنسان واحليوان والنبات أنه كمال أول جلسم طبيعي متحرك آيل ذي حياة بالقوة وباملعىن الذي يشترك فيه اإلنسان وامللك أنه جوهر غري جسم هو كمال أول جلسم طبيعي حمرك له باالختيار عن

فالذي بالفعل هو خاصة النفس امللكية والذي بالقوة هو فصل النفس اإلنساين مبدأ نطقي عقلي بالفعل وبالقوةفالنطق فصل ذايت على كل حال سواء كان بالقوة واالستعداد أو كان بالفعل والوجود ومن عدم املعنيني كان فصله

.الذايت عجمة إما صاهل أو ناطق أو هادر أو فصل آخر

جوهريته أوال حىت يصح إثبات النطق العقلي له ثانيا واألشعري إن وافق قالوا وال بد من إثبات النفس وإثباتاملعتزلة على أن نفي الروح والنفس جوهرا بال عرض ال يبقى زمانيني وهو احلياة فقط فهو كاملعتزيل إذا وافق

الفساد وعرض تابع الطبيعي منا على أن النفس ليس جوهرا روحانيا ال يقبل االستحالة بل هو جسم قابل للكون و .للمزاج وال فرق بني قوهلم مستحيل أي متغري حاال فحاال وبني قوهلم ال يبقى زمانني أي موجود حاال فحاال

وأما الفالسفة اإلهليون فقد دلوا على وجود النفس من جهة إدراكها ومن جهة أحواهلا أما األفعال فأخص أفعاهلا عال التردد بني القضايا العقلية طلبا للدليل على املدلول وعثورا على العلة بعد خروجها عن حد االستعداد واالنف

املقتضية للوجود أعين وجود املطلوب أو االعتقاد بالوجود حىت يرد الثواين إىل األوائل والثوالث إىل الثواين ن أخص أفعال ويستدل بأمر خاص يف ذهنه على أمر مستحضر ويتوصل مبعىن حاصل إىل معىن مستحصل وذلك م

النفس اإلنسانية ليس لغريها فيه نصيب وشركة ومن خواص أفعاهلا أهنا إذا خرجت من القوة إىل الفعل عقال وعلما أو خلقا وعمال أخرجت غريه من النفوس اإلنسانية من القوة إىل الفعل حىت تصري صورهتا مشاهبة لصورة املخرج

االستعداد إىل فعل القراءة حىت يصري قارئا مثله وكاملعلم للحكمة خيرج كاملعلم للقراءة خيرج نفس الصيب من قوةنفس املتعلم من قوة الصالحية إىل فعل احلكمة حىت يصري حكيما مثله وكاملعلم للصناعات البشرية اخلاصة بنوع

أيضا لنوع من اإلنسان خيرج نفوس املتعلمني من القوة إىل الفعل حىت يصري صانعا مثله وليست هذه اخلاصيةاحليوانات ألن ما هلا بالطبع والفطرة فهي ملواليدها كذلك فهذا املعىن فضيلة النفس اإلنسانية وانفصلت وإليه

اآلية وكان له قوة القبول وقوة األداء يف طريف العلم والعمل ومن " وعلم آدم األمساء كلها " اإلشارة بقوله تعاىل فعاهلا ازدادت قوة وكماال وغريها من النفوس واألجسام وقواها اجلسمانية حيثما خواص أفعاهلا أهنا حيثما كثرت أ

.كثرت أفعاهلا ازدادت ضعفا وكالالومن خواص قواها وأفعاهلا أن كل قوة جسمانية فهي متناهية األثر إىل حد معلوم والقوة على ما ال يتناهى ال يتصور

إهنا تقوى على ما ال يتناهى إذ ما ميكن أن تدركه النفس الناطقة من يف اجلسم خبالف القوة العقلية النفسانية ف .احملسوسات واملعقوالت ليست حمصورة فيستحيل أن يكون ذاهتا ذاتا جسمانيا وقواها قوى جسمانية

ل عن وأما خواصها من جهة إدراكها فأخص إدراكاهتا أهنا تدرك ذاهتا بذاهتا وأن ذاهتا ال تعزب عن ذاهتا وتراها تغف

Page 111: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كل شيء تقديرا سوى ذاهتا حىت النائم والسكران يغفل عن كل شيء سوى ذاته مث املدرك من ذاته ليس بآلة جسمانية أو نفسانية ألنا فرضناها غافلة عن كل شيء سوى ذاهتا واملدرك ليس جسما أو جزءا من جسم فإنا يف

مدركة وعاقلة ومعقولة ال حيجبها عن ذاهتا شيء الفرض املذكور أغفلناها عن كل شيء سوى ذاهتا فهي مدركة والبتة ونفس إدراكها نفسها ال كاحلواس فإهنا ال تدرك ذاهتا بذاهتا وال كاملدرك باآلالت إذا أصابت اآللة آفة بطل إدراكه أو ضعف وال كاملدرك بآلة إذا أدرك شيئا قويا مل ميكنه إدراك الضعيف بل هي تدرك الضعيف بعد القوي

خلفي بعد اجللي وال كما يضعف بامتداد الزمان ويبليه ممر الدهور واحلدثان فإنه رمبا يقوى يف الكبري ويضعف يف واالصغري فهذه كلها من خواص النفس اإلنسانية حنس من أنفسنا ضرورة أن األمر كذلك من غري احتياج إىل برهان

.برهان عليها ازدادت خفاء وانتقصت جالء يقام عليه واملعاين الضرورية إذا احتال املرء فيها لطلبمث الربهان القاطع على أن النفس ليس جبسم وال قوة يف جسم أن العلم اجملرد الكلي ال جيوز أن حيل يف جسم وكل

.ما ال جيوز أن حيل يف جسم فإذا حل حل يف غري جسم فالعلم اجملرد الكلي إذا حل حل يف غري جسم

ء على أن كل جسم منقسم وما حل يف منقسم جيب أن يكون منقسما ونثبتها بناء على أن كل أما املقدمة فنثبتها بناجسم فمركب من مادة وصورة واملعىن الوحداين الكلي بالذات ال حيل يف مركب ونثبتها بناء على أن كل جسم

ووضع واملعىن فهو ذو وضع وقدر وشكل وحيز وكل ما حل يف ذي قدر ووضع فيكون له نسبة وقدر وهيئة املعقول اجملرد يف نفس اإلنسان جمرد عن القدر والوضع فتجرده إما أن يكون باعتبار حمله أو باعتبار ما منه حصل وباطل أن يكون جترده مبا منه حصل فإن اإلنسان يتلقى حد اإلنسان وحقيقته من إنسان شخصي له قدر خمصوص

ادة ال تدخل يف احلس بل التماثل الذي يطابقه يرتسم فيه واخليال لكن احلس جترده نوع جتريد عن املادة فإن املجيرده جتريدا أشد فإن احلس يناله وهو حاضر واخليال يناله وهو غائب والفكر جيرده جتريدا أشد فإن اخليال يناله

الوضع والقدر جمردا مع غبوبيته شخصيا جزئيا والفكر العقلي يتصوره جمردا فيتصوره العقل كليا واحدا مربأ من عن املادة والشكل فتجرده مبا هو جمرد وتفرده عن العالئق املادية مبا هو مفرد فدل إدراكه املعقول على هذا الوجه

املذكور على أن ذات النفس الناطقة العاقلة ال تنقسم إىل جزء وجزء وال تتركب من مادة وصورة وال توصف .نا بيانهبوضع ومقدار وشكل وحيز وذلك ما أرد

وأما امتياز النفس اإلنسانية عن األجسام وقواها وسائر النفوس املزاجية من جهة حاالهتا فإحدى حاالهتا وهي على مراتب فمنها حركاهتا من قوة االستعداد العلمي والعملي إىل الكمال وملا مل تكن هيوىل عقلها اهليوالين على مثل

القوة إىل الفعل على مثل تلك احلركات بل أوىل صورة لبستها اهليوىل هيوىل سائر األجسام مل تكن حركاهتا مناجلسمانية هي األبعاد الثالثة من الطول والعرض والعمق وأوىل صورة لبستها اهليوىل النفسانية هي األحوال الثالثة

يتصور ذلك الترتيب إذا من العقل املستفاد والعقل بامللكة والعقل بالفعل على ترتيب األول والثاين والثالث وإمناكان مث حترك من مبدأ إىل كمال وإمنا تتصور احلركة حيث يتحقق مث زمان وهاهنا للنفس حالة أخرى غري زمانية

وراء األحوال الثالثة وهي حالة املنام فإنك ال تشك يف نفسك أنك ترى يف املنام الصادق أحواال كثرية من ار وتقلبك بني أشجار وجنات وأهنار ومكاملتك كالما كثريا من سؤال حضورك يف قصورك وترددك بني رباع ودي

وجواب وخرب واستخبار وقصة طويلة لو عربت عنها يف اليقظة لوسعتها أوراق وضاق عن بسطها بيان وبنان وكل ن أن ذلك يف حلظة واحدة كأهنا طرفة عني وكما غفوت رأيت مجلة من ذلك مث يعرب عنها بعبارات كثرية ورمبا يظ

مثاله مثال انطباع صورة يف املرآة يف حلظة وهذا إن صدق مثاال يف الصورة املبصرة فكيف يصدق يف الكالم الكثري

Page 112: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

من السؤال واجلواب فإهنا ال تنطبع معا يف املرآة إذ ال بد من تعاقب حروف وال بد للتعاقب من أزمنة متتالية حىت نه ختم القرآن ويذكر انتقاالت ذهنه من سورة إىل سورة ومن آية إىل آية تدركها النفس وقد يرى الرائي يف املنام أ

كل ذلك خطرة وحلظة فيعلم من ذلك ضرورة أن املدرك لذلك لو كان جسما أو قوة يف جسم الستدعى حمال هلذه وأوقاتا وتقدما اإلدراكات تتعاقب عليه املعاين والصور وتتتاىل عليه اآليات والسور ويستدعي ذلك التعاقب زمانا

وتأخرا فاطلع من ذلك على أن النفس ليست من جنس األجسام واألجرام فإن إدراكاهتا اليت هلا بالذات ليست من جنس اإلدراكات احلسية باآلالت اجلسمانية وأهنا فوق املكان والزمان جوهرا وإدراكا وليست هذه احلالة خمصوصة

ثة أحوال أحدها أن يرتسم فيها صورة املعلومات مفصلة مسئلة مسئلة والثانية أن باملنام بل ويف حالة اليقظة هلا ثالترتسم فيها مجلة غري مفصلة لكن حيصل هلا قوة وهيئة تقوى هبا على تلك املسائل والثالثة أن حيصل هلا من العقل

خاطره جواب ذلك يف أوحى ما بالفعل وامللكة يف الفعل أنه إذا مسع كالما يف املناظرة مشتمال على شبهة وقع يفيقدر وأسرع ما ينتظر كأنه معىن واحد مث يعرب عنه بعبارات كثرية ويبسطه بسطا واسعا يشمل أوراقا وميأل أمساعا فتحدس من ذلك أن النفس اإلنسانية لو كانت من مجلة األجسام ملا كان حاهلا كما وصفنا ولو كانت من عداد

زاجية ملا كان إدراكها إدراكا غري زماين وحال اليقظة فيما ذكرنا حبال األنبياء أشبه وحال سائر النفوس احليوانية املاملنام حبال األولياء أقرب فقد تبني مما ذكرنا أن النفس اإلنسانية ليست من شبح األجسام اليت تتناهى باحلدود

خيتلف باألمصار واألمم وأهنا هي األصل يف وتنقسم بالقسم وإن النطق الذي هلا ليس من مجلة النطق اللساين الذي .اإلنسانية واملخاطبة باألحكام التكليفية

اعترض عليهم معترض من وجوه ثالثة أحدها اعتراض على احلدود والرسم الذي ذكروه والثاين اعتراض على .خواص أفعاهلا والثالث اعتراض على إدراكاهتا وأحواهلا وردها إىل مدرك آخر

وهلم حد النفس باملعىن الذي يشاركه النفس احليوانية والنباتية أنه كمال جسم طبيعي آيل ذي حياة أما األول فقبالقوة قيل أوال ما املعىن بالكمال الذي ذكرمتوه أهو جزء من جسم أم عرض يف جسم أم أمر آخر وراء اجلسم

اء اجلسم والكمال الذي وضعتموه موضع فإنكم ذكرمت أهنا باملعىن الذي يشترك فيه اإلنسان وامللك وهو جوهر وراجلنس لفظ مشترك قد أطلق تارة مبعىن جزء وقوة أو عرض وأطلق تارة مبعىن آخر هو وراء اجلسم فمن الوجه

الذي يشاركه احليوان والنبات مل يشاركه امللك ومن الوجه الذي يشاركه امللك مل يشاركه احليوان ولفظ الكمال نس ال بالتواطؤ بل باالشتراك على أن الكمال من وجه آخر لفظ مشترك فإنه يطلق على واحد وقد أطلق إطالق اجل

املعىن الذي يقابله القوة ويعىن به الفعل والوجود ويطلق على املعىن الذي يقابله املبدأ ويعىن به الغاية والتمام ويطلق شتركة ال تصلح وال تستعمل يف احلدود على املعىن الذي يقابله النقص والعيب ويعىن به السالمة واأللفاظ امل

والرسوم مث قلتم كمال جسم فقد أضفتموه إىل اجلسم أما إضافة على سبيل الالم وأما إضافة على سبيل من وكمال الشيء ينبغي أن ال ينفصل عن الشيء فإنه إن انفصل عنه جبوهر مل يكن كماال له فالنفس إذا مكمل اجلسم الطبيعي

لنفوس جبواهرها تنقسم على رأي إىل خرية بالذات واجلوهر وإىل شريرة بالذات واجلوهر فاليت هي ال كمال له مث اخرية كماالت ومكمالت لألجسام الطبيعية اآللية حىت تستعملها يف جهات اخلري فكيف يسوغ لنا أن حنكم بأن

ر فإن األمر يتناقض فيه وإطالق الشريرة كماالت ومكمالت لألجسام الطبيعية اآللية حىت تستعملها يف جهات الش .لفظ الكمال هاهنا مسج

وأما االعتراض الثاين على خواص األفعال اليت ذكروها هو أنا نسلم كلما قرروه ولكنا نقول مب تنكرون على من رد ذلك كله إىل كمالية التركيب يف املزاج وخاصية التأليف الواقع بني األمشاج إذ عرف من خواص اجلوهر

Page 113: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فعال وعجائب أحوال ال يرتقي إليها الوهم وال يرمتي حنوها العقل والفهم من تسكني وحتريك وحل وعقد غرائب أوتنمية وأذبال وجذب وإرسال وتشخري وتدبري وحب وبغض وتصحيح وإمراض وإحياء وإماتة ما يقضي منه

مصاحلها ما ال يقصر يف العجب أال ترى من خواص األحجار وخواص النبات واألشجار وهدايات احليوانات إىل الدرجة عن خواص النفس اإلنسانية أال تعترب من تأليفات األعداد اجملردة عن املادة مثل أعداد الوفق وغريها كيف

يؤثر يف األجسام حىت قيل أن النفس اإلنسانية عدد تأليفي كل ذلك من كمالية التأليف والتركيب وكما أن واص كذلك املركبات بتأليفها ذوات خواص فبتأليف أكمل ترتقي املعادن األجرام البسيطة مبا هيأهتا ذوات خ

والنبات على العناصر وبتأليف أفضل يرتقي احليوان واإلنسان على املعادن والنبات فما دليلكم أن هاهنا سوى الية التأليف األفضل والتركيب األكمل نفسا روحانية فإن مجيع اخلواص اليت عددمتوها ميكن محلها على كم

التركيب فقط سوى شيء واحد وهو إدراكه للكليات واألمور اليت هلا وحدانية بالذات حيث يلزم انقسامها .بانقسام احملل وذلك هو احملال

االعتراض الثالث فنقول أوال أنتم مطالبون بأن كل عرض حل يف حمل انقسم بانقسام احملل ضرورة فإن هذه القضية توهم يف األلوان واألشكال أهنا تنقسم بانقسام احملل أجري حكم ذلك يف الكل فمن عندنا ليست ضرورية بل ملا

األعراض ما ينعدم بانقسام احملال كاملماسة والتأليف ومنها ما ال ينعدم فيقوم جبزء منه قيامه بالكل وعند املتكلم م احملل يوجب انقسام العرض فاحتاد العلم الواحد ال يقوم إال جبزء واحد وانعكس األمر عليكم فنقول إن كان انقسا

العرض يستدعي احتاد احملل وأنتم إذا سلمتم معىن وحداين الذات ال ينقسم بوجه فيلزمكم أن تثبتوا حمال له وحداين الذات ال ينقسم أليست النقطة عرض وهو شيء ما ال ينقسم بوجوه فيلزمكم أن تثبتوا حمال له وحداين الذات ال

وحملها من اجلسم وجب أن ال ينقسم على أنا نلزمهم أمرا ال جواب هلم عنه وهو أن هذا املعىن ينقسم من اجلسم الكلي الواحد الذي يدركه العقل أيبقى مع العقل حمفوظا مذكورا بالفعل أبد الدهر أو جيوز أن يغفل عنه العقل وال

حملصلة فيبقى متحفظا يف خزانة احلفظ وهي حاصل للقسم األول فإن اإلنسان جيد من نفسه غفلته عن املعقوالت اقوى جسمانية إن جاز أن حيفظها كلية فلم ال جيوز أن يكون قوة جسمانية حيصلها كلية فإن حفظ املرتسم يف

النفس كنفس االرتسام أم تبقى حمفوظة يف غري خزانة احلفظ وهو العقل املفارق الفياض عليه كما قيل أنه يصري له ة مىت طالعه أشرف عليه ثانيا وأفاده الصورة األولة بعينها فيذكره ما قد نسي ويذكر ثانيا ما قد كاخلزانة احلافظ

أغفل فيلزم على مقتضى ذلك إشكاالن أحدمها أن الصورة املفصلة كيف ترتسخ يف ذات واهب الصور مفصلة متمايزا بعضها عن بعض بالكم حىت تكون لزيد عنده صورة ولعمرو صورة وهو حيفظ الكل مفصال منقسما متعددا

والكيف وهو أحدي الذات واسع اإلفاضة عام اإلضافة وهذا من أحمل احملال واإلشكال الثاين أن الذي تصورمت يف جانب احلفظ فيتصور يف جانب اإلدراك األول حىت حتكموا بأن املدرك للكليات هو العقل الفعال كما أن احلافظ

ية إال تركيب القضايا وتأليف املقدمات ورفع احلجب مث يكون العقل مدركا كما كان هو وليس إىل النفس اإلنسانحافظا واإلنسان يكون مدركا بإدراك يف ذات العقل الفعال كما كان حافظا حبفظ يف ذات العقل الفعال فيكون

زئية إليه يف العرض عليه نسبة العقل االنفعايل حاصال له كما كان العقل الفعلي حاصال منه وتكون نسبة العقول اجلاحلواس الباطنة إىل العقل اإلنساين يف العرض عليه وهذا موضع إشكال وشك عظيم ورمبا يستويف شرحه يف

.املباحثات اليت بيننا وبني الفالسفة إن شاء اهللا

القاعدة اخلامسة عشر

Page 114: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

يف العلم بكون الباري تعاىل مسيعا بصريامن تابعه من البغداديني إىل أن معىن كونه مسيعا بصريا أنه عامل باملسموعات واملبصرات ال ذهب أبو القاسم الكعيب و

زائد على كونه عاملا باملعلومات ووافقه مجاعة من النجارية ومن قال من املعتزلة أنه مسيع بصري لذاته فمذهبه مذهب حي ال آفة به فمذهبه خبالف مذهب الكعيب وهو الكعيب ال غري ومن قال منهم أن املعىن بكونه مسيعا بصريا أنه

الذي صار إليه اجلبائي وابنه ومنهم من صار إىل أن معىن كونه مسيعا بصريا أنه مدرك للمسموعات واملبصرات .وذلك زائد على كونه عاملا

بذاته زائدتان على وذهب أبو احلسن األشعري رمحه اهللا إىل أنه تعاىل مسيع بسمع بصري ببصر ومها صفتان قائمتان .كونه عاملا

ودليله يف ذلك أن احلي إذا قبل معىن وله ضد وال واسطة بني الضدين مل خيل عنه أو عن ضده فلو مل يتصف بكونه مسيعا بصريا التصف بضدمها وذلك آفة ونقص وهذه املقدمات حتتاج إىل إثبات فال بد من الربهان على كل واحدة

.منهماألوىل فالدليل عليها أن املصحح لقبول السمع والبصر شاهدا هو كون اإلنسان حيا إنا عرفنا ذلك أما املقدمة ا

بطريق السرب إذ لو كان املصحح وجوده أو حدوثه أو قيامه بالنفس أو غري ذلك من األوصاف كان منتقضا على مع والبصر لتعاليه عن قبول اآلفات الفور فبقي كونه حيا والباري تعاىل حي فلزم القضاء بكونه موصوفا بالس

والنقائص وليس منكر صحة قبول السمع والبصر أسعد حاال ممن يزعم أن الباري تعاىل ال يتصف بالعلم وضده .مصريا إىل استحالة اتصافه حبكميهما

. فإن قيل ما الدليل على أنه إذا مل يتصف بالسمع والبصر جيب أن يتصف بضدمها

.استحالة عرو اجلوهر عن املتضادات فهو دليل على ذلك وقد سبق القول فيهقيل كل ما دل على .فإن قيل ما الدليل على أن االتصاف بضد السمع والبصر من النقائص

قيل ملا علم أن السمع والبصر من صفات املدح فذلك دليل على أن االتصاف بأضداد ذلك نقائص وآفات وجيب نفسه بالسمع والبصر على وجه التمدح كما وصف نفسه عاملا قادرا حيا على تعاليه عنها وقد وصف الرب تعاىل

وجه التمدح فلوال أهنما صفتا مدح ملا متدح هبما فيلزم أن يكون ضدمها صفتا ذم ونقص والنقص دليل احلدوث إال ممكنا حمتاجا ولو قدرنا اإلدراك صفة زائدة على العلم أو قلنا أنه العلم ففي نفيه نقص وقصور فلن يتحقق نقص

إىل مكمل لتعود الذات إىل الكمال وذات الباري تعاىل وصفاته منزهة عن شوائب اإلمكان وال نقص يف ذاته .وصفاته

قال الكعيب إمنا يصح لكم إثبات اإلدراك غائبا بعد إثباته شاهدا وحنن ال نساعدكم أن السمع والبصر إدراكان .زائدان على العلم

فقد قال الذي جيده اإلنسان من نفسه إدراكه للمسموع واملبصر بقلبه وعقله وال حيس بصره باملبصر بل أما الكعيبحيس املبصر ويسمع السامع ال األذان وذلك هو العلم حقيقة ولكن ملا مل حيصل له ذلك العلم إال بوسائط بصره

.لمهمسي البصر حاسة وإال فاملدرك هو العامل وإدراكه ليس زائدا على عوالدليل على ذلك أن من علم شيئا باخلرب مث رآه بالبصر وجد تفرقة بني احلالتني إال أن تلك التفرقة ليست تفرقة جنس وجنس ونوع ونوع بل تفرقة مجلة وتفصيل وعموم وخصوص وإطالق وتعيني وإال فشعور النفس هبما يف

.احلالتني واحد

Page 115: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ن حيضر عند احلاسة السليمة قينة تلعب وإنعام تسرح وطبول تضرب قال ولو كان املدرك مدركا بإدراك للزم أوصور تنفخ فيه وهو ال يراها وال يسمعها إذ مل خيلق له إدراك ذلك وكذلك جيوز أن يرى الشخص البعيد وال يرى

.القريب ألنه خلق له إدراك البعيد دون القريب وقد علمنا ضرورة أن األمر على خالف ذلك .ن احلي إذا سلمت نفسه عن اآلفة مسي مسيعا بصريا وال معىن لإلدراك شاهدا وغائبا إال ذلكوقال اجلبائي أ

والدليل عليه أن الذات إذا سلمت أدركت كل معروض عليها من املتماثالت واملختلفات وإدراكها السواد يقابل املدرك فكان جيوز أن كإدراكها البياض ولو كان مدركا بإدراك جلاز أن يدرك بعض األشياء دون بعض مما

يدرك بياضا وال يدرك سوادا ومها متقابالن للحاسة يف حالة أو حالتني متعاقبتني كما أن العامل منا جاز أن يعلم شيئا .دون شيء

قالوا وإن سلمنا ثبوت اإلدراك يف الشاهد فلم نسلم أن املصحح جمرد كون احليوان حيا فقط وهاهنا شرط آخر البنية وشرط للشرط وهو توسط اهلوى املضيء بني املبصر واملبصر واهلوى الصايف بني السمع وهو حصول

واملسموع كما شرطنا يف الشم واللمس والذوق اتصال األجرام ومماستها باالتفاق وإذا استدعت الثالث من الباقيتان استدعتا شرائط أخر احلواس شرطا حىت يتحقق اإلدراك وألجل ذلك امتنع إثباته غائبا كذلك احلاستان

سوى كونه حيا حىت يتحقق اإلدراك فأنتم مدفوعون إىل إقامة الدليل على حصر الشرائط يف كونه حيا فقط وإال فارفعوا كون احلياة شرطا كما رفعتم كون البنية وتوسط اهلوى شرطا واجعلوا وجود احلياة شرطا من حيث العادة

.علتم البنية شرطا من حيث العادة وهذا املوضع من مشكالت مسائل اإلدراكاتال من حيث الضرورة كما ج

قال األشعري اإلدراكات من قبيل العلوم على قول ورأي وهو جنس آخر على قول فمن قال بالقول األول فيقول لم ال يستدعي هو مماثل للعلوم وال يفترقان إال يف أن أحد العلمني يستدعي تعيني املدرك والعلم من حيث هو ع

تعيني املدرك فال جرم بقول العلم يتعلق باملعدوم واإلدراك ال يتعلق به إذ املعدوم ال يتعني وال تظنن أن هذا الرأي هو مذهب الكعيب فإنه مل يثبت إلدراك معىن أصال واألشعري أثبت له معىن وقال هو من جنس العلوم فعلى هذا

مها علمان خمصوصان وراء كونه عاملا هو مدلول األحكام واإلتقان ومن قال القول الرب تعاىل مسيع بصري بإدراكنيبالقول الثاين استدل بأن العلم بالشي إذا أضيف على علم آخر به واحتد املتعلق واستوى العلمان يف صفات النفس

بني املعلوم خربا وبني املرئي مل يتصور اختالفهما فلما وجدنا يف أنفسنا اختالفا بني العلم واإلدراك وأحسسنا تفرقة عيان مع احتاد املتعلق واستواء األمر يف احلدوث علمنا أن اجلنسني خمتلفان وأيضا فإن األكمه لو أحاط علما مبا

أحاط به البصري حصل له كل علم سوى اإلدراك فدل أنه زائد على العلم على أن هذا يشكل بقاعدة من مل جيعل أن خيلق اهللا تبارك وتعاىل الروية يف القلب والعلم يف البصر فحينئذ يلتبس العلم باإلدراك البنية شرطا فإنه جوز

ويلزم أن يسمع السامع بالبصر ويبصر بالسمع ويشم حباسة الذوق ويذوق حباسة الشم ويلزم أن تكون حاسة ه وكذلك جيوز أن تكون واحدة هي سامعة مبصرة شامة ذائقة المسة وإمنا اختص كل إدراك حباسة خاصة يف خلق

أمور حاضرة ال حنسها وأمور غائبة نبصرها ولكن العادة اجلارية أمنتنا من ذلك أليست املالئكة كانت حتضر جملس النبوة والقوم حضور واألعني سليمة وهم ال يبصرون أليست الشياطني واجلن يطوفون يف البالد ويسرحون يف

.يث ال نراه فبطلت تلك التهويالت والتشنيعات اليت ألزمها اخلصماألرض وإن إبليس هو يرانا وقبيله من حوأما جواب اجلبائي عن القاعدة اليت صار إليها من حد السميع والبصري أنه احلي الذي ال آفة به قيل أطلقت القول

وأن خيص نفي بنفي اآلفة وذلك باالتفاق ليس بشرط فإن السميع والبصري قد يكون ذا آفة وذا آفات كثرية فال بد اآلفة مبحل اإلدراك مث تلك اآلفة جيب أن تكون مانعة من اإلدراك فقد أثبت اإلدراك من حيث نفاه مث الذي حيسه

Page 116: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.اإلنسان من نفسه معىن موجود ال نفي حمضوقوهلم ال آفة به نفي حمض فال يتصور اإلحساس به ويستحيل أن ترجع التفرقة بني حاليت اإلدراك وعدم اإلدراك

.ىل عدم حمض فحينئذ تنعدم التفرقة فإن التفرقة بالعدم وعدم التفرقة سويإمث نقول حنن جند تفرقة ضرورية بني كون اإلنسان مسيعا وبني كونه بصريا ومها متفقان يف أن معىن كل واحد منهما

ال آفة به حىت يكون بأحدمها أنه حي ال آفة به فهذه التفرقة ترجع إىل ماذا فال بد من أمرين زائدين على كونه حيا مسيعا وبالثاين بصريا وإال فتبطل التفرقة الضرورية فالذي انفصل به السمع عن البصر وهو وراء كونه حيا ال آفة به

فكذلك الذي انفصل به السمع والبصر عن العلم وسائر الصفات وراء كونه حيا ال آفة به ولئن ألزم اجلبائي بأن ملا قادرا أنه حي ال آفة به حىت يرد الصفات كلها إىل كونه حيا ال آفة به مل جيد عن هذا اإللزام يقال معىن كونه عا

.خملصاوقد قال بعض العقالء وقرر أن مجيع صفات الكمال جتتمع يف كونه حيا وتنتفي صفات النقص بقولنا ال آفة به وأما

دراك الواحد ال يقوم إال جبزء واحد من اجلملة وإذا قام به اشتراطهم البنية حسب اشتراط احلياة غري صحيح فإن اإلأفاد حكما له وال أثر للجواهر احمليطة فإن كل جوهر خمتص حبيزه موصوف بأعراضه وكما ال يؤثر جوهر يف جوهر ع ال يؤثر حكم جوهر يف جوهر آخر وال خيتلف حكم جوهر بعينه يف تفرده وانضمامه وإذا جاز قيام اإلدراك به م

اتصاله باجلواهر جاز قيامه به مع تفرده فإنه ال يتحول عن صفته تفرد أو انضم إىل غريه خصوصا إذا كان اإلدراك يف صفة نفسه ال يقتضي مجعا وإضافة ونسبة ومل يكن من األعراض اإلضافية خبالف االجتماع واالفتراق واملماسة مث

طرده يف الغائب حىت يكون الباري تعاىل يف علمه وقدرته ذا بنية لو كانت البنية شركا كاشتراط كونه حيا لوجب .كما كان حيا ألن الشروط جيب طردها شاهدا وغائبا

ومن العجب أهنم كما شرطوا البنية شرطوا يف الروية اتصال األشعة وهي أجسام مضيئة تنبعث عن البصر عند فتح فإذا اتصل الشعاع املنبعث من الناظر بالقاعدة على حد األجفان وهي أجسام تتشكل وتتحرك وتتعوج وتستقيم

معلوم مع االستقامة ومل يكن مث بعد مفرط وال قرب مفرط أدركه الرائي فلذلك ال يرى الشيء البعيد على غاية البعد وال يرى باطن األجفان وإن كانت القاعدة صقيلة ارتدت األشعة إىل الرائي فرأي عند ذلك نفسه ورمبا يظن

.ينفصل عن املتلون صورة وميتد إىل العني فينطبع وكال املذهبني باطل أنهأما القول باألشعة اليت تنبعث من العني فبطالنه بأنا نعلم قطعا أن العني على صغرها ال تتسع ألجسام تنبسط على

ا مثل نصف نصف كرة العامل فإن تلك األجسام إن كانت موجودة بالفعل حمسوسة باجلفن فوجب أن يكون قدرهقدر كرة السماء وهذا حمال وإن حدثت يف ساعة املالحظة فما السبب حلدوثها ومن املعلوم أن القدرة احلادثة ال

تصلح حلدوث األجسام والقول بتولد األجسام أحمل ويلزم من ذلك أيضا أن مجاعة من ذوي األبصار اجتمعوا على معهم فإن شعاعه إن قل ما يف نفسه فقد تكثر بأشعتهم وإن روية شيء وجب أن يقوى إدراك الضعيف البصر الذي

.ضعف عن حالة القوى فقد يقوى باشتراك أشعتهم فينبغي أن يستعني الضعيف كما يستعني بقوة ضوء السراج مث الشعاع إن كان عرضا فيستحيل عليه االنتقال وإن كان جوهرا فال خيلوا إما أن يبقى متصال وإما أن ال يبقى فإنبقي فيلزم أن يتفرق ويدرك الشيء متفرقا وينبغي أن يكون مثل خط مستقيم يتحرك بتحريك الريح وينقطع بقطع

املاء وإن مل يبق متصال فلم يدرك العني مبا اتصل به بل مبا انفصل عنه فما اتصل باملرئي مل يتصل بالعني وما اتصل .اك أصالبالعني مل يتصل باملرئي فيلزم أن ال يتحقق له إدر

والقول بانتقال صورة من املرئي إىل البصر باطل أيضا فإن الصورة لو انتقلت الحترقت العني برؤية النار وهي إن

Page 117: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كانت عرضا فهي ال تنتقل وإن كانت جوهرا فلينقص املرئي بانفصال شيء منه وال ينفصل شيء منه إال بسبب وال يف حاسة املدرك مث يبقى هاهنا مباحثة أخرى وهي أن اإلدراك هل سبب هاهنا فهو باطل فتحقق أن اإلدراك معىن

هو إدراك لصورة يف حاسة املدرك تطابق الصورة اخلارجة أم هو إدراك ما يف اخلارج من غري توسط صورة يف احلاسة وشيء آخر وهو أن حمل اإلدراك هو احلاسة الظاهرة من العني واألنف والفم واألذن أم هي آالت وأدوات للحاسة املشتركة بينهما فيكون احلس احلقيقي فيها حىت جتتمع املختلفات فيها ويكون اإلدراك إدراكا واحدا فيظن

بعض العقالء أنه هو العلم إذ هو يف الباطن ويظن بعضهم أنه إدراك أخص من العلم إذ مدركه يف الظاهر أم االختالف راجع إىل املدركات واإلحساس هبا واإلدراكات اخلمس خمتلفة احلقائق حىت يكون اختالفها بالنوع

.مبعىن واحد وهذا اخلالف بني املتكلمني والفالسفةقال املتكلمون احلواس اخلمس مشتملة على إدراكات مخس ختتلف أنواعها وحقائقها واإلنسان جيد من نفسه أنه

ذن حمل السمع كالقلب هو حمل العلم يرى ببصره ويسمع بأذنه كما جيد أنه يعلم بقلبه فالبصر حمل الرؤية واألوكما جيد التفرقة بني العلم واإلدراك جيد التفرقة بني حمل العلم وحمل اإلدراك وألن الذي يدرك ببصره من املرئي هو األلوان واألشكال فيستدعي ذلك مقابلة ومواجهة فالذي يدرك بسمعه من املسموع هو األصوات واحلروف

وكذلك املشموم واملذوق وامللموس يستدعي اتصال األجسام وال يستدعيه السمع وال يستدعي ذلك مقابلة والبصر فلذلك جيوز أن يوصف الباري تعاىل بأنه مسيع بصري وال جيوز أن يوصف بأنه شام ذائق المس وكذلك ال

ق واحملال جيوز أن يسمع الشيء من حيث يبصر ويبصر من حيث يسمع فدل ذلك على أن اإلدراكات خمتلفة احلقائ .مجيعا وهذا كله على رأي من يفرق بني اإلدراك والعلم فأما من قضى بأن اإلدراك علم قضى باحتاد احملل واحلقيقة

سوى أيب احلسن األشعري فإنه يقول كل إدراك علم على قول وال يقول كل علم إدراك بل اإلدراك علم خمصوص والوجود هو املصحح خبالف العلم املطلق فإنه ال يستدعي تعيني فإنه يستدعي تعيني املدرك ويتعلق باملوجود فقط

املدرك وال يتعلق باملوجود من حيث هو موجود بل يتعلق باملعدوم واملوجود والواجب واجلائز واملستحيل لكن من اإلدراكات ما هو علم خمصوص كالسمع والبصر وتردد رأيه يف سائر اإلدراكات أهي علوم خمصوصة أم إدراكاتورأي بعض أصحابه أهنا إدراكات أخر وليس الوجود مبجرده مصححا هلا فقط بل االتصال فيها شرط فال يتصور شم إال باتصال أجزاء من املتروح أو من اهلوى إىل املشام وكذلك الذوق واللمس ال يتصور وجودمها إال باتصال

.جرم جبرمة تفيض عليها من واهب الصور عند استعدادات حتصل وقالت الفالسفة يرتسم يف احلواس الظاهرة بصور صور

فيها مبقابلة احلاس واحملسوس مث قد تكون تلك الصورة نفس اإلدراك وقد يكون اإلدراك شيء آخر دون تلك الصورة كمقابلة املرئي من األلوان واألشكال يف الرطوبة اجلليدية من العني اليت تشبه الربد واجلمد فإهنا مثل مرآة

ابلها متلون انطبع مثل صورته فيها كما ينطبع مثل صورة اإلنسان يف املرآة بتوسط جسم شفاف بينهما ال بأن فإذا قينفصل من املتلون شيء وميتد إىل العني وال بأن يتصل شعاع فيمتد إىل املتلون فإذا حصلت الصورة يف اجلليدية

قدم الدماغ ومها عصبتان جموفتان على شكل صليب أفضت إىل القوة الباصرة املودعة يف ملتقى األنبوبتني يف مفتدركه النفس هبما فتكون الصورة يف اجلليدية من العني واإلدراك يف احلس املشترك وملا كانت اجلليدية كرية

ومقابلة الكرة يكون باملركز وفرضنا سطحا مستديرا مثال كالترس كان يقابله على خطوط مستقيمة حميط بالترس فل متضايق األعلى ينتهي إىل اجلليدية على دائرة صغرية وحيثما ازداد الترس بعدا ضاقت الزاوية فصغر متسع األس

يف العني فريى الكبري من البعد صغريا فلو كان اإلدراك معىن يف العني وتعلق باملدرك على ما هو به كان املرئي مرئيا

Page 118: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

بعد وأيضا فإن النقطة من النار إذا أديرت بسرعة أشبهت على مقدار شكله وصورته ومل يتفاوت األمر بالقرب والدائرة يدركها البصر وهي يف نفسها نقطة والقطر النازل يرى خطا مستقيما وهو مستدير فتحقق أن احلس احلقيقي ما يف الباطن دون الصورة الظاهرة وأما السمع فإن الصوت والكالم املركب من احلروف إذا صادف اهلوى الراكد

لذي يف الصماخ اجملاور للعصبة املفروشة يف أقصى الصماخ املمدودة مد اجللد على الطبل والوتر على الصنج احصل منه طنني فيها فتشعر به القوة املودعة يف تلك العصبة على رأي أو أدركه احلس املشترك على رأي فحصل

لنسبة إىل الصوت والكالم نازل منزلة اجلليدية يف السماع مث الفهم مث التمييز مث احلكم مث القبول فتلك العصبة باالعني غري أن الصورة يف املرآة حتصل دفعة تامة والصورة يف العصبة حتصل متعاقبة يف حلظة وحيصل اإلدراك به

وينتقش اخليال منه انتقاش اللوح من القلم فيحصل فيه الكالم مكتوبا معاينا فيقرأ كما يقرأ من الصحيفة وهاتان استان ممتازتان عن سائر احلواس بأن إدراكهما غري ما ارتسم يف احلاستني وأما الشم فإنه بقوة يف زائديت الدماغ احل

املشبهتني حبلميت الثدي وإمنا يدرك بواسطة جسم ينفعل من الروائح وذلك بانفعال اهلوى من ذي الرائحة ال بانتقال احللمتني فتدركه القوة املركوزة فيها والذوق هو قوة مودعة يف أجزاء تنفصل منها أو رائحة تنتقل عنها فيصل إىل

العصبة املفروشة على ظاهر اللسان بواسطة الرطوبة العذبة اليت ال طعم هلا املنبسطة على ظاهر اللسان فإهنا تأخذ لبشرة طعم ذي الطعم وتستحيل إليه وتتصل بتلك العصبة فتدركها العصبة واللمس هو قوة مبثوثة يف مجيع ا

واللحم املتصل هبا يدرك هبا احلرارة والربودة والرطوبة واليبوسة والصالبة واللني واخلشونة واملالسة واخلفة والثقل والذي حيمل هذه القوة جسم لطيف جيري يف شباك العصب ويستمد من القلب والدماغ وإمنا يدرك إذا استحال

الكيفية وهذه القوى كلها معدات لقبول الفيض من واهب كيفية البشرة إىل شبه املدرك بشرط أن يتفاوتا يف .الصور وإال فاحلاسة ال حتدث إدراكا

واألشعري فصل بني السمع والبصر وبني الثالثة الباقية حيث شرط هاهنا اتصاال جسمانيا وأثبت إحساسا جسمانيا طن ردد قوله يف أن اإلدراك علم خمصوص أو معىن ومل يثبتها يف صفات الباري تعاىل وملا علم أن هلما اختصاصا بالبا

آخر يف احلاسة املشتركة وال يستبعد من مذهبه قيام اإلدراك السمعي بالبصر والبصر بالسمع فإن القوم حكموا باحتادمها عند احلاسة املشتركة حىت يصري املرئي مقروءا واملقروء مرئيا فإهنما يف حقيقة اإلدراك ال خيتلفان وحملهما

.حمل واحد فيتحدان وكالم املعتزلة يف اإلدراكات خمتلط ال ثبات له واهللا أعلم

القاعدة السادسة عشر

يف جواز رؤية الباري تعاىل عقال ووجوهبا مسعامل يصر صائر من أهل القبلة إىل جتويز اتصال أشعة من البصر بذاته تعاىل أو انطباع شبح يتمثل يف احلاسة منه

ن الرائي واملرئي واتصاله هبما لكن أهل األصول اختلفوا يف أن الرؤية إدراك وراء العلم أم علم وانفصال شيء مخمصوص ومن زعم أنه إدراك وراء العلم اختلف يف اشتراط البنية واتصال الشعاع ونفي القرب املفرط والبعد

بصار نفي االستحالة واألشعري أثبتها املفرط وتوسط اهلوى املشف فشرطها املعتزلة ونفوا رؤية الباري تعاىل باألإثبات اجلواز على اإلطالق والوجوب حبكم الوعد مث ردد قوله إنه علم خمصوص أي ال يتعلق إال باملوجود أم هو

إدراك حكمه حكم العلم يف التعلق أي ال يتأثر من املرئي وال يؤثر فيه وحنن نورد كالم الفريقني على الرسم .املعهود

Page 119: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ية املوجودات اشتركت يف قضايا واختلفت يف قضايا والرؤية قد تعلقت باملختلفات منها واملتفقات وال قالت األشعرجيوز أن يكون املصحح للرؤية ما خيتلف فيه فإنه يوجب أن يكون حلكم واحد علتان خمتلفتان وهذا غري جائز يف

ما يتفق فيه اجلوهر والعرض إما الوجود املعقوالت أو يلزم أن يكون حلكم عام علة خاصة هي أخص من معلوهلا وأو احلدوث هو وجود مسبوق بعدم والعدم ال تأثري له يف احلكم فبقي الوجود مصححا بالضرورة وهذا تقسيم

حاصر فإن الرؤية باالتفاق تعلقت باجلوهر والعرض ومها قد اختلفا من كل وجه سوى الوجود واحلدوث وقد بطل لزم على هذه الطريقة انتشار األقسام كما لزم على طريق األصحاب غري استبعاد حمض احلدوث فتعني الوجود وال ي

للمعتزلة يف قوهلم لو كان كل موجود مرئيا لكان العلم والقدرة والطعم والرائحة وما سوى اللون واملتلون مرئيا يع املوجودات على اإلطالق ولكان نفس الرؤية مرئية بالرؤية وهذا حمال ويلتزم أبو احلسن جواز الرؤية يف مج

خصوصا إذا قال الرؤية علم خمصوص فالعلم كما يتعلق هبذه املوجودات كذلك الرؤية وال فرق إال أن العلم املطلق يتعلق بالواجب واجلائز واملستحيل وهذا العلم ال يتعلق إال باملوجود فقط فإنه يقتضي تعيني املرئي والتعيني ال يتحقق

كنا طريقة العلم فهو أسهل فإن العلم من حيث هو علم نوع واحد وحقيقة واحدة وإذا جوز تعلق يف العدم وإن سل .العلم به فقد جوز تعلق الرؤية به

وقد سلك األستاذ أبو إسحاق طريقة قريبة من هذه فقال الرؤية معىن ال تؤثر يف املرئي وال تتأثر منه فإن حكمه ؤثر وتتأثر وإمنا يلزم االستحالة فيه أن لو تأثرت الرؤية من املرئي أو تأثر حكم العلم خبالف سائر احلواس فإهنا ت

املرئي من الرؤية وكل ما هذا سبيله فهو جائز التعلق بالقدمي واحلادث وكل مؤثر ومتأثر فهو مستحيل عندنا كما ر وقد أثبتنا من قبل أن هو مستحيل عندكم وال كلفة يف هذه الطريقة إال إثبات معىن يف البصر ال يؤثر وال يتأث

اإلدراك البصري ال يستدعي اتصال شعاع باملرئي وال انفصال شيء من الرائي وإذا بطل الوجهان انتفى التأثري والتأثر وصار املعىن كالعلم أو هو من جنس العلم وقد تقرر االتفاق على جواز تعلق العلم به وهذا هناية ما قيل يف

.إثبات اجلواز من جهة العقل

قالت املعتزلة قد طلبتم للرؤية علة مصححة وتعني لكم الوجود فما أنكرمت أن جواز الرؤية من األحكام اليت ال تعلل فإن من األحكام ما يعلل كالعاملية والقادرية ومنها ما ال يعلل كالتحيز وقبول العرض ومجيع الصفات النفسية

تعلق بالواجب واجلائز واملستحيل ومل توجد قضية هي أعم من أليس تعلق العلم باملعلومات ال يستدعي مصححا إذاألقسام الثالثة حىت تكون تلك القضية هي املصححة لتعلق العلم هبا وكوهنا معلومة هي نفس تعلق العلم هبا فتكون

ا للعلم فلم العلة واملعلول واحدا وإذا قررمت أن الرؤية إما علم خمصوص أو معىن يف حكم العلم مث مل تطلبوا مصحح .طلبتم مصححا للرؤية فقولوا تعلقت الرؤية مبا تعلق به العلم أو ال علة وال مصحح

واعتراض ثان أن تقسيم احلال إىل قضية االشتراك واالفتراق إمنا يصح على مذهب مثبيت احلال وأنتم معاشر راك إىل حمض العبارات فكيف صرمت إىل األشعرية قد نفيتم احلال ورددمت قضايا اخلصوص والعموم واالفتراق واالشت

إلزام أحكام احلال حىت أبطلتم قضية االفتراق وعينتم قضية االشتراك مث حصرمت ذلك يف قضية واحدة وهو الوجود على أن املوجودات إمنا ختتلف بوجودها عندكم والوجود يف اجلوهر هو نفس اجلوهر وكما يتمايز اجلوهر والعرض

متايزا يف الوجود وكما متايز القدمي واحلادث يف القدم واحلدوث متايزا يف الوجود فإن الوجود باجلوهرية والعرضية .العام الذي مشل املوجودات حىت يصح أن يكون مصححا وحىت يصح اجلمع بني الشاهد والغائب بذلك اجلامع

أما اجلوهر اجملرد واجلسم اجملرد فغري واعتراض ثالث قد أمجلتم القول إمجاال يف أن الرؤية تعلقت باجلوهر والعرض مسلم تعلق الرؤية به إذ قد استحال جترده عن اللون فلم تتعلق الرؤية به جمردا وأما العرض فليس كل عرض قد

Page 120: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تعلقت الرؤية به وإمنا يستقيم دليلكم هذا أن لو تعلقت الرؤية باجلوهر والعرض على اإلطالق والتعمبم حىت يصح جبامع بينهما وإذا تعلقت ببعض األعراض دون البعض فلم يكن احلكم معلقا بالعرض من حيث منكم ربط احلكم

أنه عرض وال باجلوهر من حيث أنه جوهر وال يكون معلقا مبا جيمع بينهما وهو الوجود أو احلدوث فال بد إذا من .فيهإثبات التعلق وحصره يف شيء دون شيء أو تعميمه بكل شيء وذلك نفس املتنازع

واعتراض رابع مل قلتم أن احلدوث ال يكون مصححا وقد عرفتم أن من األحكام العقلية ما يتعلق باحلدوث دون الوجود وليس لقائل أن يقول أن كونه مسبوقا بعدم ليس مبؤثر فإن معناه أنه وجود على صفة واعتبار وكما أن

الوجود كذلك نقول تتعلق بالوجود على صفة احلدوث املرئي أخص من املعلوم والرؤية تتعلق باملعلوم على صفةوباحلادث على صفة املقابلة أو التكون أو غري ذلك من الصفات واالعتبارات وهذا السر وهو أن املنقسم رمبا يورد

أقساما وينفي بعض األقسام مفردا ورمبا يكون احلكم معلقا مبركب من القسمني ال مبفرد بينهما فكما جيب نفي فراد من حيث هي أفراد فكذلك جيب نفي املركب من حيث هو مركب وهذا مما أغفله املتكلم كثريا يف جماري األ

.تقسيماته وهو واجب الرعاية جداواعتراض خامس قد حتقق أن الرؤية من مجلة احلواس اخلمس أفتقولون أهنا كلها تتعلق بالوجود واملصحح هلا

ل موجود فإن عممتم احلكم فقد افتتحتم أمرا وهو التزام كونه تعاىل مسموعا الوجود أم الرؤية خاصة تتعلق بكمشموما مطعوما ملموسا وذلك شرك عظيم وإن خصصتم احلكم بالرؤية وجب عليكم إظهار دليل التخصيص فإن

أو يف حكم العلم إال أنه قلتم الدليل أنه ال يؤثر يف املرئي وال يتأثر منه فقيل هو نفس املتنازع فيه وإن قلتم هو علم يقتضي تعيني املدرك فيقال لكم التعيني قد يكون تعيني العقل وال شك أن احلس ال يستدعي ذلك التعيني فإن تعيني العقل كتخصيص العام وتفصيل اجململ وتقييد املطلق وحتديد الشيء وال ختتص أمثال هذه التعيينات بالرؤية واحلس

.س فهو يستدعي قبول اإلشارة إليه وذلك يقتضي حيزا ومكانا وجهة ومقابلة وهو حمالوإن قلتم التعيني تعيني احل

قالت األشعرية اجلواب عن االعتراض األول أن طلب املصحح مل خيتص بنا فإنكم جعلتم اللون واملتلون مصححا واهر فصح كون اجلوهر وذلك أن الرؤية ملا تعلقت ببعض املوجودات وذلك نوعان نوع من األعراض ونوع من اجل

والعرض مرئيا فقلنا ما املصحح هلذه الصحة أهو كون اجلوهر جوهرا فلزم أن ال يكون العرض مرئيا أو كون العرض عرضا فلزم أن ال يكون اجلوهر مرئيا فال بد إذا من قضية واحدة جامعة بينهما شاملة هلما حىت تتكون

ية واحدة فال يكون مصححها علتان خمتلفتان فإن اختالف العلتني يوجب الصحة معللة هلا إذ الصحة حكم هو قضاختالف احلكمني يف العقليات وملا تعلقت الرؤية مبختلفات وجب علينا طلب العلة اليت ألجلها صح تعلقها هبا وال

نس واجلنس بد أن يكون السبب املصحح قضية جتمعهما ال كاللون واملتلون فإهنما قضيتان خمتلفتان اختالف اجلوالنوع والنوع ومن احملال ربط حكم واحد بعلتني خمتلفتني فإن العلة العقلية ال بد أن تستقل بإفادة احلكم فإن

استقل أحد املختلفني استغىن احلكم عن الثاين فطلبنا العلة ألن الرؤية تعلقت مبختلفني وجعلنا العلة قضية واحدة .لطلب وحصل املطلوبتشملها الحتاد احلكم وهو الصحة فصح ا

وأما اجلواب عن االعتراض الثاين وهو إلزام احلال على مذهب أيب احلسن وإبطال االشتراك واالفتراق على نفي .احلال

.قال القاضي أبو بكر الذي ذكرته دليلي وأنا قائل باحلال فسقط االعتراضكر ولسنا ممن ال جيمع بني خمتلفني وال يفرق بني وقال أبو احلسن القضايا العقلية والوجوه االعتبارية ال ينكرها من

جمتمعني وال يقول بوجه ووجه وحيث وحيث واعتبار واعتبار فإن احلركة إذا قامت مبحل وصف احملل بكونه

Page 121: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

متحركا فهي من حيث أهنا حركة وباعتبار أهنا حركة أوجبت كون احملل متحركا وهي باعتبار أهنا كون هلا حكم ا عرض هلا حكم آخر ولو رفعنا هذه االعتبارات احنسم باب النظر واحنصر نظر العقل على آخر وباعتبار أهن

موجودات معينة وبطلت االعتبارات بأسرها وملا قطعنا بأن الرؤية تعلقت جبنسي العرض واجلوهر عرفنا أن الصحة صحتها على نعت واحد وإمنا على قضية واحدة وإمنا نعين بالصحة صالحية كل جنس لتعلق الرؤية فتلك الصالحية

العلة املقتضية لتلك الصالحية جيب أن تكون على نعت واحد والوجود وإن اختلف بالنسبة إىل املختلفات غري أنه يف العقل والتصور معىن واحد يشمل القسمني فصح أن يكون مناطا للحكم وهذا كما قررناه يف اجلمع بني الشاهد

.لة واملعلول والدليل واملدلول واحلقيقة واحملققوالغائب بالشرط واملشروط والعوأما اجلواب عن االعتراض الثالث وهو إمجال القول يف تعلق الرؤية باجلوهر والعرض قلنا اإلنسان يدرك من نفسه

إدراك احلجمية اجلوهر وحتيزه وشكله من تدوير وتثليث وتربيع وختميس إىل غري ذلك من اإلشكال وهلذا يبصر بعد فيدري شخصيته ويشك يف لونه وصغره وكربه كما ذكرنا أسباب ذلك مث يدرك بعد شكله ولونه شخصا من

فعرف أن اإلشكال واأللوان غري واجلسم من حيث هو جسم غري يف البصر وقد أدركهما البصر مجيعا فال بد من كون علة ألنه تركيب يف العلة مصحح جامع بينهما وذلك ما عيناه ولذلك قلنا أن اللون واملتلون لن يصلح أن ي

ومع كونه تركيبا هو تشكيل فإهنم يقولون املصحح هو اللون أو املتلون فال العلة املركبة صاحلة وال التشكيل يف .العلة مستعمل فبطل ما نصبوه علة وصح ما نصبناه

.وقوهلم مل تتعلق الرؤية جبميع األعراضا حنتاج إىل طلب العلة كما مل حنتج إىل طلب العلة لتعلق العلم باملعلوم قلنا ولو تعلقت حسا جبميع األعراض ما كن

إذ تعلق بكل ما يصح أن يعلم معدوما أو موجودا حماال أو ممكنا لكنا نطلب العلة ألهنا تعلقت بالبعض وكما تعلقت األعراض كما صاروا إليه ببعض األعراض تعلقت جبميع األجرام فطلبنا جامعا ومل نظفر جبامع بني اجلواهر وبعض

من اللون واملتلون فإن الرؤية تعلقت باللون كما تعلقت باالجتماع واالفتراق واملماسة واحملاذاة وهي أعراض وراء اللون فلم يكن بد من تعميم احلكم يف كل عرض لعموم اجلامع بني اجلنسني وال إشكال يف هذه املسئلة سوى هذه

.يتحرز فيها حترز املاشي يف الوحولاملنزلة وهي ورطة العقول فل

وأما اجلواب عن االعتراض الرابع نقول احلدوث ليس يصلح أن يكون مصححا على املذهبني أما على مذهبكم فألن بعض األعراض يستحيل رؤيته فلو كان احلدوث مصححا لصح تعلق الرؤية بكل حمدث وأما على مذهب أيب

.م والعدم ال تأثري له فبقي الوجود مصححااحلسن فألن احلدوث وجود مسبوق بعدوقوهلم معىن قولنا مسبوق بعدم أنه وجود خمصوص ال وجود عام مطلق والوجود املخصوص باعتبار احلدوث علة

.مصححةقيل اخلصوص يف الوجود جيب أن يكون بصفة وجودية راجعة إىل الوجود حىت يصح مؤثرا يف إثبات احلكم وسبق

ن يكون مؤثرا يف إثبات الصالحية والصحة للرؤية فبقي الوجود املطلق ونعين بالصفة الوجودية أن العدم ال يصلح أخيصص الوجود مثال بأنه جوهر أو عرض والعرض بأنه كون أو لون فهذه االعتبارات مما تؤثر فأما العدم السابق فال

احتياجا إىل موجد وهو باعتبار هذا ال يصلح أن تأثري له والوجود باعتبار عدم سابق ال يكتسب اعتبارا ووجها إال .يكون مصححا للرؤية واإلدراك

وأما اجلواب عن االعتراض اخلامس نقول الرؤية من مجلة احلواس اخلمس لكن احلواس خمتلفة احلقائق واإلدراكات على وترية واحدة بل ولكل حاسة خاصية ال يشركها فيها غريها وليس منها حاسة تتعلق جبنسي اجلوهر والعرض

Page 122: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كلها تتعلق بأعراض ومن شرط تعلقها اتصال جسم جبسم حىت حيصل ذلك اإلدراك عن السمع فإنه ال يستدعي .اتصال جسم جبسم ضرورة بل هو إدراك حمض كالرؤية

مث اختلف رأي العقالء يف أن املصحح للسمع ما هو فمنهم من قال هو الوجود كاملصحح للرؤية ومنهم من قال ملصحح كونه موجودا باعتبار كون املسموع كالما والكالم قد يكون عبارة لفظية وقد يكون نطقا نفسيا وكالمها ا

مسموعان وحنن كما أثبتنا كالما يف النفس ليس حبرف وال صوت كذلك نثبت مساعا يف النفس ليس حبرف وال ما كان لبشر أن يكلمه اهللا " طة وحجاب صوت مث ذلك السماع قد يكون بواسطة وحجاب وقد يكون بغري واس

فأوحى إىل " فالوحي ما يكون بغري واسطة وحجاب كما قال تعاىل " إال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسوال وكما قال النيب صلى اهللا عليه وسلم نفث يف روعي وقد يكون من وراء حجاب كما كان ملوسى " عبده ما أوحى

وباجلملة حنن نعقل " أو يرسل رسوال " وقد يكون بواسطة رسول وحجاب كما قال تعاىل عليه السالم وكلمه ربهيف الشاهد كالما يف النفس وجنده من أنفسنا كما أثبتناه مث يعرب اللسان عنه بالعبارة الدالة عليه مث يسمع السامع

و قدرنا ارتفاع هذه الوسائط كلها من فيصل بعد االستماع إىل النفس فقد وصل الكالم إىل النفس هبذه الوسائط فلالبني حىت تدرك النفس كما كانت النفس الناطقة املتكلمة مشتملة عليه فتحقق كالم يف جانب املتكلم ومساع يف جانب املستمع وال حرف وال صوت وال لسان وال صماخ فإذا تصور مثل ذلك يف الشاهد محل استماع موسى

فالرساالت بواسطة الرسل " إين اصطفيتك على الناس برساليت وبكالمي " كالم اهللا على ذلك وعن هذا قالوالكالم من غري واسطة لكنه من وراء حجاب وأما يف حقنا فكالم اهللا تعاىل مسموع بأمساعنا مقروء بألسنتنا حمفوظ

.يف صدورنا وقد تبني الفرق بني القراءة واملقروء يف مسئلة الكالم

وجواب " رب أرين أنظر إليك " جواز رؤية الباري جل جالله سؤال موسى عليه السالم ومما متسك به األشعري يفووجه االستدالل أن موسى عليه السالم هل كان عاملا جبواز الرؤية أم كان جاهال بذلك " لن تراين " الرب تعاىل

بوة وإن كان عاملا باجلواز فقد فإن كان جاهال فهو غري عارف باهللا تعاىل حق معرفته وليس يليق ذلك جبناب النعلمه على ما هو به والسؤال باجلائز يكون ال باملستحيل وجواب الرب تعاىل لن تراين يدل على اجلواز أيضا فإنه ما

ولكن انظر إىل اجلبل فإن استقر " قال لست مبرئي لكنه أثبت العجز أو عدم الرؤية من جهة الرائي وعن هذا قال إذ اجلبل ملا مل يكن مطيقا للتجلي مع شدته وصالبته فيكف يكون البصر مطيقا فربط املنع " مكانه فسوف تراين

بأمر جائز ومع جوازه أحال املنع على ضعف اآللة ال على منع االستحالة أليس لو كان السؤال أرين أنظر إىل ورة ووجه ومقابلة فدل وجهك أو إىل شخصك وصورتك مل يكن اجلواب بقوله لن تراين بل لست بذي شخص وص

أن السؤال كان بأمر جائز فتحقق اجلواز وإن قيل لن للتأييد فهو حمال من وجهني أحدمها أن لن للتأكيد ال للتأييد أليس قال إنك لن تستطيع معي صربا وهو جائز غري حمال والثاين أنه وإن كان للتأييد فليس يدل على منع اجلواز

.وإمنا استدللنا باآلية إلثبات اجلواز وتأييد لن ال ينافيه بل يدل على منع وقوع اجلائز .فإن قيل سأل الرؤية لقومه ال لنفسه وإمنا سأهلا إلزاما عليهم بقول اهللا سبحانه لن تراين حيث قالوا أرنا اهللا جهرة

مه وقرينة املقال تدل على قيل هذا ما خيالف الظاهر من كل وجه ومع خمالفته ال جيوز أن يسأل النيب سؤاال حماال لقوأن السؤال كان مقصورا عليه من كل وجه إذ قال ولكن انظر إىل اجلبل فإن استقر مكانه فسوف تراين إىل آخر اآلية ومنع موسى ال ينتهض إلزاما على القوم بل تقرير احلجة القاطعة على أن اهللا تعاىل ال جيوز أن يكون مرئيا

ى من السؤال بلن تراين ولكن انظر إىل اجلبل ومل ينج قومه من السؤال يف قوهلم أرنا اهللا يكون إلزاما فكيف جنا موسجهرة إال بالصاعقة املهلكة والعذاب األليم وملا قال قومه اجعل لنا إهلا كما هلم آهلة مل يلزمهم بالسؤال عن اهللا تعاىل

Page 123: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فكذلك الرؤية لو كانت مستحيلة ألجاهبم يف احلال بل أجاهبم يف احلال إنكم قوم جتهلون إذ كان السؤال حماال ورفع شبههم باملقال ومثل هذه احلالة لو قدرت املعتزلة ما استجازوا تأخري البيان عن وقت احلاجة ولعدوا سؤال

.املسؤول من مسؤول آخر اهتاما آخر على شبهة قد حتققت هلموالنظر إذا تعرى عن الصالت كان مبعىن االنتظار " ناظرة وجوه يومئذ ناضرة إىل رهبا" ومما متسك به قوله تعاىل

وإذا وصل بالم كان مبعىن اإلنعام وإذا وصل بفي كان مبعىن التفكر واالستدالل وإذا وصل بإىل تعني للرؤية وال رؤية جيوز محله على الثواب فإن نفس رؤية الثواب ال يكون إنعاما وقد أورد النظر يف معرض اإلنعام واللفظ نص يف

.البصر بعد ما نفيت عنه التأويالت الفاسدةواعلم أن هذه املسئلة مسعية أما وجوب الرؤية فال شك يف كوهنا مسعية وأما جواز الرؤية فاملسلك العقلي ما ذكرناه وقد وردت عليه تلك اإلشكاالت ومل تسكن النفس يف جواهبا كل السكون وال حتركت األفكار العقلية إىل التفصي

نها كل احلركة فاألوىل بنا أن جنعل اجلواز أيضا مسئلة مسعية وأقوى األدلة السمعية فيها قصة موسى عليه السالم ع .وذلك مما يعتمد كل االعتماد عليه

القاعدة السابعة عشر

يف التحسني والتقبيح وبيان أن ال جيب على اهللا تعاىل شيء من قبيل العقل

رود الشرع وال جيب على العباد شيء قبل و

مذهب أهل احلق أن العقل ال يدل على حسن الشيء وقبحه يف حكم التكليف من اهللا شرعا على معىن أن أفعال العباد ليست على صفات نفسية حسنا وقبحا حبيث لو أقدم عليها مقدم أو أحجم عنها حمجم استوجب على اهللا

ملساوي له يف مجيع الصفات النفسية فمعىن احلسن ما ورد ثوابا أو عقابا وقد حيسن الشيء شرعا ويقبح مثله االشرع بالثناء على فاعله ومعىن القبيح ما ورد الشرع بذم فاعله وإذا ورد الشرع حبسن وقبح مل يقتض قوله صفة للفعل وليس الفعل على صفة خيرب الشرع عنه حبسن وقبح وال إذا حكم به ألبسه صفة فيوصف به حقيقة وكما أن

م ال يكسب املعلوم صفة وال يكتسب عنه صفة كذلك القول الشرعي واألمر احلكمي ال يكسبه صفة وال العل .يكتسب عنه صفة وليس ملتعلق القول من القول صفة كما ليس ملتعلق العلم من العلم صفةالعقل يستدل به حسن وخالفنا يف ذلك الثنوية والتناسخية والربامهة واخلوارج والكرامية واملعتزلة فصاروا إىل أن

األفعال وقبحها على معىن أنه جيب على اهللا الثواب والثناء على الفعل احلسن وجيب عليه املالم والعقاب على الفعل القبيح واألفعال على صفة نفسية من احلسن والقبيح وإذا ورد الشرع هبا كان خمربا عنها ال مثبتا هلا مث من احلسن

رورة كالصدق املفيد والكذب الذي ال يفيد فائدة ومنها ما يدرك نظرا بأن يعترب احلسن والقبح ما يدرك عندهم ضوالقبح يف الضروريات مث يرد إليها ما يشاركها يف مقتضياهتا مث يرتبون على ما ذكرناه قوهلم يف الصالح واألصلح

.واللطف والثواب والعقابتعاىل بالعقل وبني وجوهبا به فقال املعارف كلها إمنا حتصل وقد فرق أبو احلسن األشعري بني حصول معرفة اهللا

بالعقل لكنها جتب بالسمع وإمنا دليله يف هذه املسئلة لنفي الوجوب التكليفي بالعقل ال لنفي حصول العقلي عن .العقل

ق قوم وال قال أهل احلق لو قدرنا إنسانا قد خلق تام الفطرة كامل العقل دفعة واحدة من غري أن يتخلق بأخال

Page 124: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

تأدب بآداب األبوين وال تزيا بزي الشرع وال تعلم من معلم مث عرض عليه أمران أحدمها أن االثنني أكثر من الواحد والثاين أن الكذب قبيح مبعىن أنه يستحق من اهللا تعاىل لوما عليه مل يشك أنه ال يتوقف يف األول ويتوقف يف

ة إىل عقله خرج عن قضايا العقول وعاند عناد الفضول أو مل يتقرر عنده الثاين ومن حكم بأن األمرين سيان بالنسبأن اهللا تعاىل ال يتضرر بكذب وال ينتفع بصدق فإن القولني يف حكم التكليف على وترية واحدة ومل ميكنه أن يرجح

.أحدمها على الثاين مبجرد عقلهما إال بأن كان تلك احلقيقة مثال كما يقال أن والذي يوضحه أن الصدق والكذب على حقيقة ذاتية ال تتحقق ذاهت

الصدق أخبار عن أمر على ما هو به والكذب إخبار عن أمر على خالف ما هو به وحنن نعلم أن من أدرك هذه احلقيقة عرف التحقق ومل خيطر بباله كونه حسنا أو قبيحا فلم يدخل احلسن والقبيح إذا يف صفاهتما الذاتية اليت

يقتهما وال لزمتهما يف الوهم بالبديهة كما بينا وال لزمها يف الوجود ضرورة فإن من األخبار الصادقة مال حتققت حقيالم عليها كالداللة على نيب هرب من ظامل ومن األخبار اليت هي كاذبة ما يثاب عليها مثل إنكار الداللة عليه فلم

م وال لزمه يف الوجود فال جيوز أن يعد من الصفات يدخل كون الكذب قبيحا يف حد الكذب وال لزمه يف الوهالذاتية اليت تلزم النفس وجودا وعدما عندهم وال جيوز أن يعد من الصفات التابعة للحدوث فال يعقل بالبديهة وال

رواح بالنظر فإن النظري ال بد وأن يرد إىل الضروري البديهي وإذا ال بديهي فال مرد له أصال فلم يبق هلم إال استإىل عادات الناس من تسمية ما يضرهم قبحا وما ينفعهم حسنا وحنن ال ننكر أمثال تلك األسامي على أهنا ختتلف

بعادة قوم دون قوم وزمان وزمان ومكان ومكان وإضافة وإضافة وما خيتلف بتلك النسب واإلضافات ال حقيقة هلا بحه قوم ورمبا يكون بالنسبة إىل قوم وزمان ومكان حسنا يف الذات فرمبا يستحسن قوم ذبح احليوان ورمبا يستق

ورمبا يكون قبيحا لكنا وضعنا الكالم يف حكم التكليف حبيث جيب احلسن فيه وجوبا يثاب عليه قطعا وال يتطرق .إليه لوم أصال ومثل هذا ال ميتنع إدراكه عقال هذه هي طريقة أهل احلق على أحسن ما تقرر وأوضح ما حترر

وقالت الطوائف املخالفات حنن نعارض األمرين اللذين عرضا على العقل الصريح بأمرين آخرين نعرضهما عليه فنقول العاقل إذا سنحت له حاجة وأمكن قضاؤها بالصدق كما أمكن قضاؤها بالكذب حبيث تساويا يف حصول

ال أن الكذب عنده على صفة جيب الغرض منهما كل التساوي كان اختياره الصدق أوىل من اختياره الكذب فلو .االحتراز عنه وإال ملا رجح الصدق عليه

قالوا وهذا الفرض يف حق من مل تبلغه الدعوة أو يف حق من أنكر الشرائع حىت ال يلزم كون الترجيح بالتكليف .وعن هذا صادفنا العقالء يستحسنون إنقاذ الغرقى وختليص اهللكى ويستقبحون الظلم والعدوان

ح من هذا كله أنا نفرض الكالم يف عاقلني قبل ورود الشرع يتنازعان يف مسئلة تنازع النفي واإلثبات فال وأوضشك أهنما يقسمان الصدق والكذب مث ينكر أحدمها على صاحبه قوله إنكار استقباح ويقرر كالمه تقرير استحسان

نسب كل واحد منهما صاحبه إىل اجلهل ويوجب حىت يفضي األمر بينهما من اإلنكار قوال إىل املخاصمة فعال ويعليه االحتراز عنه ويدعوه إىل مقالته ويوجب عليه التسليم فلو كان احلسن والقبيح مرفوضا من كل جهة الرتفع

.التنازع وامتنع اإلقرار واإلنكار .وقولكم مثل هذا يف العادة جائز جاز ولكنه يف حكم التكليف ممتنع

لعادة بل هو العقل الصريح القاضي على كل خمتلفني يف مسئلة بالنفي واإلثبات وما حسن يف قلنا ليس ذلك جمرد االعقل حسن يف احلكمة اإلهلية وما حسن يف احلكمة وجب وجوب احلكمة ال وجوب التكليف فال جيب على اهللا

.تعاىل شيء تكليفا ولكن جيب له من حيث احلكمة تقريرا أو تدبريا

Page 125: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

احلسن والقبح من األفعال اإلنسانية ورددنامها إىل األقوال الشرعية بطلت املعاين العقلية اليت قالوا لو رفعنانستنبطها من األصول الشرعية حىت ال ميكن أن يقاس فعل على فعل وقول على قول وال ميكن أن يقال مل وألنه إذ

خمتلف فيه ويقاس عليها أمر متنازع فيه ال تعليل للذوات وال صفات لألفعال اليت هي عليها حىت يربط هبا حكم .وذلك رفع للشرائع بالكلية من حيث إثباهتا ورد األحكام الدينية من حيث قبوهلا

وزادت الفالسفة على املعتزلة حجة وتقريرا قالوا قد اشتمل الوجود على خري مطلق وشر مطلق وخري وشر ممتزجني لق مرفوض العقل لذاته واملمتزج فمن وجه ومن وجه وال يشك العاقل فاخلري املطلق مطلوب العقل لذاته والشر املط

يف أن العلم جبنسه ونوعه خري حممود ومطلوب واجلهل جلنسه ونوعه شر مذموم غري مطلوب وكل ما هو مطلوب العقل فهو مستحسن عند العقالء وكل ما هو مهروب العقل فهو مستقبح عند اجلمهور والفطرة السليمة داعية إىل

حتصيل املستحسن ورفض املستقبح سوى محله عليه شارع أو مل حيمله مث األخالق احلميدة واخلصال الرشيدة من العفة واجلود والشجاعة والنجدة مستحسنات فعلية وأضدادها مستقبحات علمية وكمال حال اإلنسان أن

حانيات العلوية حبسب الطاقة والشرائع إمنا تستكمل النفس قويت العلم احلق والعمل اخلري تشبيها باإلله تعاىل والروترد بتمهيد ما تقرر يف العقول ال بتغيريها لكن العقول اجلزئية ملا كانت قاصرة عن اكتساب املعقوالت بأسرها

عاجزة عن االهتداء إىل املصاحل الكلية الشاملة لنوع اإلنسان وجب من حيث احلكمة أن يكون بني اإلنسان شرع ملهم على اإلميان بالغيب مجلة ويهديهم إىل مصاحل معاشهم ومعادهم تفصيال فيكون قد مجع هلم بني يفرضه شارع حي

خصليت العلم والعمل على مقتضى العقل ومحلهم على التوجه إىل اخلري احملض واإلعراض عن الشر احملض استبقاء مميزا بآيات تدل على أهنا من عند ربه راجحا لنوعهم واستدامة لنظام العامل مث ذلك الشارع جيب أن يكون من بينهم

عليهم بعقله الرزين ورأيه املتني ولفظه املبني وحدسه النافذ ولصره الناقد وخلقه احلسن ومسته األرصن يلني هلم يف " القول ويشاورهم يف األمر ويكلمهم على مقادير عقوهلم ويكلفهم حبسب طاقتهم ووسعهم كما ورد يف الكتاب

" .سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة وجادهلم باليت هي أحسن ادع إىلقالوا وقد أخطأت املعتزلة حيث ردوا القبح واحلسن إىل الصفات الذاتية لألفعال وكان من حقهم تقرير ذلك يف ال العلم واجلهل إذ األفعال ختتلف باألشخاص واألزمان وسائر اإلضافات وليست هي على صفات نفسية الزمة هلا

.تفارقها البتة

وأخطأت األشعرية حيث رفعتهما عن العلم الذي ليس يف نوعه ذميم وعن اجلهل الذي ليس يف نوعه محيد إذ السعادة والشقاوة األبدية خمصوصتان هبما مقصورتان عليهما واألفعال معينات أو مانعات بالعرض ال بالذات

.وختتلف بالنسبة إىل شخص وشخص وزمان وزمانادت الصابئة على الفالسفة بأن قالوا كما كانت املوجودات يف العامل السفلي مرتبة على تأثري الكواكب مث ز

والروحانيات اليت هي مدبرات للكواكب ويف اتصاالهتا نظر حنس وسعد وجب أن يكون يف أثرها حسن وقبح يف ل عقل سليم وطبع قومي وال تتوقف اخللق واألخالق والعقول اإلنسانية متساوية يف النوع فوجب أن يدركها ك

فنحن ال " ما هذا إال بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم " معرفة املعقوالت على من هو مثل ذلك العاقل يف النوع حنتاج إىل من يعرفنا حسن األشياء وقبحها وخريها وشرها ونفعها وضرها وكما كنا نستخرج بالعقول من طبائع

كذلك نستنبط من أفعال نوع اإلنسان حسنها وقبحها فنالبس ما هو حسن منها حبسب األشياء منافعها ومضارها أبشر " االستطاعة وجنتنب ما قبح منها حبسب الطاقة فال حنتاج إىل شارع متحكم على عقولنا مبا يهتدى وال يهتدي

ح ذكرناه يف كتابنا املوسوم فهذه مقالة القوم وهلا شر" ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا خلاسرون " " يهدوننا

Page 126: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.بامللل والنحلوزادت التناسخية على الصابئة بأن قالت نوع اإلنسان ملا كان موصوفا بنوع اختيار يف أفعاله خمصوصا بنطق وعقل يف علومه وأحواله ارتفع عن الدرجة احليوانية استسخارا هلا فإن كانت أعماله على مناهج الدرجة اإلنسانية ارتفعت

امللكية أو إىل النبوة وإن كانت على مناهج الدرجة احليوانية اخنفضت إىل احليوانية أو إىل أسفل وهو أبدا يف أحد إىلأمرين إما فعل اجلزاء أو جزاء على فعل كما يقولون كرد وباداشت فما بالنا نقول حمتاج يف أفعاله وأحواله إىل

الشرع لكن حسن أفعاله جزاء على حسن أفعال غريه وقبح شخص مثله يقبح وحيسن فال العقل حيسن ويقبح والأفعاله كذلك ورمبا يصري حسنها وقبحها صورا حيوانية ورمبا يصري احلسن والقبح يف احليوانية أفعاال إنسانية وليس

.بعد هذا العامل عامل جزا حيكم فيه وحياسب ويثاب ويعاقبال حنتاج إىل شريعة وشارع أصال فإن ما يأمر به النيب ال خيلو إما أن وزادت الربامهة على التناسخية بأن قالوا حنن

.يكون معقوال أو ال يكون معقوال فإن كان معقوال فقد استغىن بالعقل عن النيب وإن مل يكن معقوال مل يكن مقبواله من الفرق بني العلم بأن أجاب أهل احلق عن مقالة كل فرقة فقالوا للمعتزلة املعارضة غري صحيحة فإن ما ذكرنا

االثنني أكثر من الواحد واحلكم بأن الكذب قبيح ظاهر ال مراء فيه وما ذكرمتوه غري مسلم فإنه يستوي عند صاحب احلاجة طرفا الصدق والكذب وإن اختار الصدق مل يكن اختياره أمرا ضروريا وال يقارنه العلم بوجوب

ع أو اعتياد أو غرض حيمله على ذلك ومن استوى عنده الصدق والكذب اختياره ضرورة ولو استروح إليه فلدا .يف املالم يف احلال والعقاب يف ثاين احلال مل يرجح أحدمها على الثاين ألمر يف ذاته

وأما استحسان العقالء إنقاذ الغرقى واستقباحهم للعدوان فلطلب ثناء يتوقع منهم على ذلك الفعل وذم على الفعل هذا قد سلمناه ولكنا فرضنا القول يف حكم التكليف هل يستحق على اهللا ثواب وعقاب بعد أن علم الثاين ومثل

.أنه ال يلحقه ضرر وال نفع من فعلهوأما املتنازعان بالنفي واإلثبات يف أمر معقول قبل ورود الشرع وإنكار كل واحد منهما على صاحبه فمسلم لكن

ب عليه أن ميدح ويذم ويثيب ويعاقب على ذلك الفعل وذلك غيب عنا فبم الكالم وقع يف حق اهللا تعاىل هل جييعرف أنه يرضى عن أحدمها ويثيبه على فعله ويسخط على الثاين ويعاقبه على فعله ومل خيرب عنه خمرب صادق وال دل

باد فإنا نرى على رضاه وسخطه فعل وال أخرب عن حمكومه ومعلومه خمرب وال أمكن أن تقاس أفعاله على أفعال العكثريا من األفعال تقبح منا وال تقبح منه كإيالم الربئ وإهالك احلرث والنسل إىل غري ذلك وعليه خيرج إنقاذ الغرقى واهللكى فإن نفس اإلغراق واإلهالك حيسن منه تعاىل وال يقبح وذلك منا قبيح واإلنقاذ إن كان حسنا

ن إهالكه سر مل نطلع عليه أو غرض مل نوصله إليه إال به فليقدر يف فاإلغراق جيب أن يكون قبيحا فإن قدر يف ضم .إهالكنا كذلك والفعل من حيث الصفات النفسية واحد فلم قبح من فاعل وحسن من فاعل

وأما ما قدروه من تنازع املتنازعني يف مسئلة عقلية فذلك لعمري من مستحسنات العقول من حيث أن أحدمها علم ن حيث أن أحدمها مكتسب له مستوجب على كسبه ثوابا على اهللا تعاىل ألهنما وإن اقتسما صدقا والثاين جهل ال م

وكذبا وعلما وجهال مل يستوجبا بشروعهما يف النظر وخماصمتهما على جتاذب الكالم على اهللا تعاىل ثوابا وعقابا ومل ائزا أو حمرما بل يتعارض األمر بني اجلواز والتحرمي يعرف مبجرد املناظرة أن حكم اهللا يف حقهما إذا كان الشروع ج

فوجه اجلواز فيه أنه اشتغال بالنظر والنظر متضمن للعلم والعلم حممود لنفسه وجنسه والطريق احملمود حممود ووجه أ فرمبا التحرمي فيه أنه تصرف يف ملك الغري بغري إذنه واشتغال بالنظر وهو خماطرة ورمبا خيطي ورمبا يصيب وإن أخط

حيصل له اجلهل واجلهل مذموم جلنسه ونفسه فمن هذا الوجه أوجب العقل التوقف ومن ذلك الوجه أوجب الشرع

Page 127: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.واألمر فيه متعارض وما يستقبح أحدمها من الثاين ليس استقباحا يتنازع فيه .وقوهلم ما حيسن من العقل حيسن من حيث احلكمة فيجب على اهللا حكمة ال تكليفا

ا املعىن بقولكم جيب على اهللا تعاىل من حيث احلكمة وما معىن احلكيم واحلكمة فإن عندنا وقوع الفعل على قلنا محسب العلم حكمة سواء كان فيه مصلحة وغرض أو مل يكن بل ال حامل للمبدع األول على ما يفعله فلو كان

ظام املوجودات بأسرها من غري أن يكون له فاحلامل فوقه والداعي أعلى منه بل فعله وصنعه على هيئة حيصل منها نحامل من خارج وغرض وداع من الغري واحلكيم من فعل فعال على مقتضى علمه واحلسن واألحكام يف الفعل من آثار العلم وأما الغري إذا فعل فعال مستحسنا عنده من غري إذن املالك فليس من احلكمة وجوب اجملازاة على ذلك

الك مل ينتفع بذلك املستحسن وال اكتسب زينة ومجاال واحلال عنده إن فعل وإن مل يفعل على الفعل خصوصا وامل .وترية واحدة

وبقي أن يقال إذا مل يرجع إىل املالك نفع وال ضرر فرمبا يرجع إىل الفاعل فيعارض بأن يقال ذلك الفعل يف احلال ب وكتاب مع جواز أن يثاب على الصواب فأي عقل مشقة وكلفة مع جواز أن خيطئ فيعاقب يف ثاين احلال حسا

خياطر هذه املخاطرة ويقتحم هذا االقتحام وإن رجعوا إىل عادات الناس يف شكر املنعم والثناء على احملسن والتعبد .للمالك والعباد للملوك أهنا من مستحسنات العقول

يلزم احلكم به ضرورة بل العادات متعارضة واجلواب عنه من وجهني أحدمها أن العادة ال تكون دليال عقليا والشكر والكفر سيان يف حق من ال ينتفع بشكر وال يتضرر بكفر والثاين أن الشكر على النعمة ال يستوجب بسببه نعمة أخرى بل هو قضاء لواجب ثبت عليه إذا أدى ما وجب عليه مل يستوجب بذلك زيادة نعمة فال جيب على اهللا

كر النعمة وهلذا نقول من أنفق مجيع عمره يف شكر سالمة عضو واحد كان يعد مقصرا فإذا تعاىل ثواب بسبب شقابل قليل شكره بكثري نعم اهللا تعاىل كيف يكون يعد موفرا وكيف يستحق على املنعم زيادة نعمه وكذلك حكم

.مجيع العبادات يف مقابلة النعم السابغة قليل يف كثري وال يستوجب بسببها ثواب

نقول الواجب يف حق اهللا تعاىل غري معقول على اإلطالق واالستحقاق للرب على العبد غري مستحيل محله فإنه ما مثمن وقت من األوقات إال ويتقلب العبد يف نعم كثرية من نعم اهللا تعاىل ابتداء بأجزل املواهب وأفضل العطايا من

وإمتام األدلة وتعديل القناة نعم وما متعه به من أرواح احلياة حسن الصورة وكمال اخللقة وقوام البنية وإعداد اآللة" وفضله به من حياة األرواح وما كرمه به من قبول العلم وآدابه وهدايته إىل معرفته اليت هي أسىن جوائزه وحبايه

يسري كان الثواب فال ابتداء اإلنعام واجب عليه فعال وال إذا قابل نعمة بشكر" وإن تعدوا نعمة اهللا ال حتصوها واجبا عليه ألنه يعد مقصرا يف أداء شكر ما أنعم عليه فكيف يستحق نعمة أخرى فمن هذا الوجه ال يثبت قط استحقاق العبد وال يتحقق قط وجوبه على الرب مث إن سلم تسليم جدل أنه يستحسن من حيث العادة الشكر

العوضان ويتماثل األمران قدرا وزمانا وال يتصور أن يقع على النعم فكذلك يستحسن من حيث العادة أن يتقابل التقابل والتماثل بني أكثر كثري النعم وبني أقل قليلها وال يتحقق التعاوض بني سرمدي الوجود دواما وبني ما ال يثبت له وجود إال حلظة أو خطرة أو لفظة كما يقتضي العقل إجياب شيء يف مقابلة شيء مكافأة وجزاء كذلك

يقتضي اعتبار قدر الشيء يف مقابلة قدر وباالتفاق مل يعترب القدر فيجب أن ال يعترب األصل فإن كنا نستفيد الوجوب من العقل ونعترب العقل بالعادة فهذا هو قضية العقل والعادة صدقا فكيف يثبت مثله استحقاق العبد وجوبا على اهللا

.تعاىلهللا تعاىل فليس من قضايا العقل والعادة أيضا فإنه إذا مل يتضرر مبعصية وال وأما الوجوب على العبد واالستحقاق

Page 128: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ينتفع بطاعة ومل تتوقف قدرته يف اإلجياد على فعل واحد وحال يصدر من الغري فيستعني به بل كما أنعم ابتداء قدر احلال أليس لو رمي إليه زمام على اإلنعام دواما كيف يوجب على العبد عبادة شاقة يف احلال الرتقاب ثواب يف ثاين

االختيار حىت يفعل ما يشاء جريا على نسق طبيعته املائلة إىل لذيذ الشهوات مث أجزل يف العطاء من غري حساب .كان ذلك أروح للعبد وما كان قبيحا عند العقالء

هار وجه احلسن يف مث نقول من راس مواجب العقول يف أصل التكليف متعارضة األصول فإنا نطالب اخلصم بإظأصل التكليف واإلجياب عقال أو شرعا وقد علم أن ال يرجع إىل املكلف خري وشر ونفع وضر وزين وشني ومحد وذم ومجال ونكال وإن كانت ترجع هذه املعاين إىل املكلف لكن واملكلف قادر على إسباغ النعم عليهم من غري

م فيأمرهم وينهاهم حىت يطاع ويعصى مث يثيب ويعاقب على سبق التكليف فتعارض األمران أحدمها أن يكلفهفعلهم والثاين أن ال يكلفهم بأمر وهني إذ ال يتزين منهم بطاعة وال يتشني منهم مبعصية وال يثيب ثوابا على فعل وال

وال يهتدي إىل يعاقب عقابا على فعل بل ينعم دواما كما أنعم ابتداء أليس العقل الصريح يتحري يف هذين املتعارضنياختيار أحدمها حقا وقطعا فكيف يعرفنا وجوبا على نفسه باملعرفة وعلى قالبه بالطاعة أم كيف يعرفنا وجوبا على

الفاطر الباري تعاىل بالثواب والعقاب خصوصا على أصل املعتزلة فإن التكليف واألمر واإلجياب من اهللا تعاىل جماز ه صفة يكون هبا آمرا مكلفا بل هو عامل قادر فاعل لألمر كما هو فاعل اخللق والعقل يف العقل إذ ال يرجع إىل ذات

إمنا يعرفه على هذه الصفة ويستحيل أن يعرفه أنه يقتضي ويطلب منه شيئا ويأمر وينهي بشيء فغاية العقل أن يعرفه طاعة يستحق عليها ثوابا وال يريد على صفة يستحيل عليه االتصاف باألمر والنهي فكيف يعرفه على صفة يريد منه

منه معصية يستحق عليها عقابا وال طاعة وال معصية إذ ال أمر وال هني إذ مل يبعث بعد نبيا فيخلق ألجله كالما يف شجرة فيسمعه ولو خلق لنفسه كالما فهو مسموع كل احلد وال له يف ذاته كالم ميكن أن يستدل عليه كسائر

وهنيه من صفات فعله بشرط أن ال يدل أمره املفعول املصنوع على صفة يف ذاته فهو مدلول صفات ذاته بل أمره أمره وهنيه إذ خلق يف شجرة افعل ال تفعل ال يدل ذلك على صفة غري كونه عاملا قادرا فليعرف من ذلك أن من

فعال العباد من حسن أو قبح ويؤدي نفى األمر األزيل مل ميكنه إثبات التكليف على العبد وال أمكنه إثبات حكم يف أذلك إىل نفي األحكام الشرعية املستندة إىل قول من ثبت صدقه باملعجزة فضال عن العقلية املتعارضة املستندة إىل

عادات الناس املختلفة باإلضافة والنسب وكثريا ما نقول من نفى قول اهللا فقد نفى الفعل فصار من أوحش اجلربية على اهللا تعاىل وجربا على العبد من نفى إكساب العباد فقد نفى قول اهللا صار من أوحش القدرية أعين أثبت جربا

أعين قدرا على اهللا وقدرا على العبد والقدرية جربية من حيث نفي الكالم والقول واألمر واجلربية قدرية من حيث .نفي الفعل والكسب واملأمور به فلينتبه هلذه الدقيقة

ذكروه من جواز التنازع بني خمتلفني يف مسئلة عقلية وإنكار أحدمها على صاحبه واستقباح مذهبه مسلم وأما ما ولكن النزاع يف أمر وراءه وهو أنه هل جيب على املتنازعني الشروع يف تلك املسئلة وجوبا يستحق به ثوابا وإذا

صري به مستحقا لعقاب األبد فما دليلكم حصل على علم فهل يستحق به ثواب األبد وإذا حصل على جهل فهل يعلى نفس املتنازع وقد عرفتم أن األمر فيه غيب واإلذن فيه من املالك غري موجود ويف التصرف خطر ومن املعلوم أن من خاض جلة البحر ليطلب درة وهو غري حاذق الصنعة كان على خطر اهلالك ورمبا يصري ملوما من جهة مالكه

مغرما من جهة صاحب املال إن كان شريكا مث االستقباح واالستحسان واإلنكار واإلقرار إن كان عبدا أومتعارضان عند اخلصمني فإن كل واحد منهما يستحسن ما يستقبحه صاحبه يناء على إنكاره وقل ما يتفق ارتفاع

يتحاكمان إليه وذلك هو النزاع بينهما إال بقاض يكون حكمه يف األمر وراء حكمهما وعقله أرجح من عقلهما

Page 129: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.الذي ينفي احلسن والقبح من حيث العادة ويثبت احلسن والقبح من حيث التكليفوأما ما ذكروه من رفع املعاين املعقولة يف جماري احلركات التكليفية واألحكام الشرعية فذلك لعمري مشكل يف

.املسئلةط من فعل وقول لربط حكم إال ومن حيث العقل واجلواب عنه من وجهني أحدمها أن نقول ما من معىن يستنب

يعارضه معىن آخر يساويه يف الدرجة أو يفضل عليه يف املرتبة فيتحري العقل يف االختيار إىل أن يرد شرع خيتار .أحدمها اعتبارا فحينئذ جيب على العاقل اعتباره واختياره

عقل الصريح هاهنا آراء خمتلفة كلها متعارضة أحدها ونضرب له مثال فنقول إذا قتل إنسان إنسانا مثله فيعرض للأن يقتل به قصاصا ردعا للعايت من كل جمترئ وفيه استبقاء نوع اإلنسان وتشف للغيظ من كل قريب وفيه استطابة نفس اإلنسان ويعارضه معىن آخر وهو أنه إتالف يف مقابلة إتالف وعدوان بإزاء عدوان وال حييا األول بقتل الثاينوإن كان يف الردع إبقاء بالتوقع والتوهم ففي القصاص إهالك الشخص بناجز احلال والتحقيق ورمبا يعارضه معىن

ثالث وراءمها فيفكر العقل أيراعي شرائط أخرى سوى جمرد اإلنسانية من العقل والبلوغ والعلم واجلهل أم من فال بد إذا من شارع يقرر من املعاين ما وجب على الدين والطاعة أم من النسب واجلوهر فيتحري العقل كل التحري

العبد وحيا وتنزيال وإهنا ملها رجعت إىل استنباط عقلك ووضع ذهنك من غري إن كان الفعل مشتمال عليها فإهنا لو كانت صفات نفسية الشتملت حركة واحدة على صفات متناقضة وأحوال متنافرة وليس معىن قولنا أن العقل

ها أهنا كانت موجودة يف الشيء يستخرجها العقل بل العقل تردد بني إضافات األحوال بعضها إىل بعض يستنبط منونسب األشخاص واحلركات نوعا إىل نوع وشخصا إىل شخص فطري مثله من تلك املعاين ما حكيناه وأحصيناه

ىل جمرد اخلواطر الطارئة على العقل وهي ورمبا يبلغ إىل ما ال حيصى فعرف بذلك أن املعاين مل ترجع إىل الذوات بل إ .متعارضة

واجلواب الثاين أن نقول لو كان احلسن والقبح واحلالل واحلرام والوجوب والندب واإلباحة واحلظر والكراهة والطهارة والنجاسة راجعة إىل صفات نفسية لألعيان أو األفعال ملا تصور أن يرد الشرع بتحسني شيء وآخر

صور نسخ الشرائع حىت يتبدل حظر بإباحة وحرام حبالل وختري بوجوب وملا كان اختلفت احلركات بتقبيحه وملا تبالنسبة إىل األوقات حترميا وحتليال أليس احلكم يف نكاح األخت لألب واألم يف شرع أبينا آدم عليه السالم خبالف

عليه وسلم كيف حل ذلك على احتاد اللحمة احلكم يف اجلمع بني األختني املتباعدتني يف شرع نبينا حممد صلى اهللاوحرم هذا على تباعد اللحمة وحنن فرمبا نتجوز فنضيف احلرام واحلالل إىل األعيان فنقول اخلمر حرام والكلب

جنس واملاء طاهر وهذا حيرم لعينه وهذا حيرم لغريه وهذا جنس العني وهذا جنس بعارض وكل ذلك جيوز يف العبارة أحكام شرعية نزلت منزلة صفات عقلية وأضيفت إىل األعيان واألفعال إضافة حكمية واحلسن وإال فهي كلها

.والقبح يف الصدق والكذب كاحلالل واحلرام يف الزنا والنكاح وكاجلواز واحلظر يف البيع والرباالتوقف مثاله وقد متسك األستاذ أبو إسحاق بطريق ال بأس به فقال صحة كون الضدين مرادا على البدل يوجب

.من خاف التلف من شيئني على البدل ومل يكن له دليل يدل على أحدمها بالتعيني يوجب التوقف يف األمرينوقال أيضا العقل يقضي بأن من له اإلجياب واإلجياب حقه فصاحب احلق له أن يطلب وله أن ال يطلب سيما إذا

لرسالة ال سبيل إىل معرفة مطالبته للعبد حبقه فإنه رمبا يطالب كان مستغنيا عن املطالبة به وعن حتصيله له وقيل اورمبا يتفضل باإلسقاط فيتوقف العقل يف ذلك وهذا كله من قبيل تعارض األدلة يف العقل لكن اخلصم يعتذر عن

به حبقه فإذا هذا ويقول أحد الطريقني أمن على احلقيقة والثاين خموف واألخذ باألمن أوىل فإنه إن أخذ بأنه رمبا يطال

Page 130: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

أدا حقه أمن من املعاقبة وإن أخذ بأنه رمبا يتفضل خاف ألنه رمبا ال يتفضل فإمنا يستقيم إن لو كان التعارض .متساوي الطرفني من كل وجه فيتوقف العقل ضرورة

.وقال األستاذ الشكر يتعب الشاكر وال ينتفع املشكور فال فائدة يف فعله الستواء فعله وتركه .الشكر ينفع الشاكر وال يضر املشكور فوجب فعله لترجيح نفعه على ضره قال اخلصم

قال األستاذ رمبا يضر الشاكر ألنه قابل كثري نعم اهللا تعاىل بقليل شكره وال شك أن من أنعم على إنسان بكثري من رغيف النعم خطريه وحقريه فأخذ احلقري يشكر عليه عد من السفه ووجب اللوم عليه وضرب له حديث ال

.املعروفقال اخلصم ليس الشاكر من يقتصر على بعض النعم أو على احلقري منها بل الشاكر من يستوعب بشكره مجيع

.النعم مث رمبا خيص بعضها بالذكر تنبيها على الباقي

ليت ال حتصى قال األستاذ التعرض ملقابلة النعم بالشكر كفر فإنه رأى املقابلة جزاء وكفاء وقط وال يكافئ نعم اهللا ابالشكر فإنه إن أوقع شكره يف مقابلة نعمه على أنه يكافيه ليال يكون حتت منه فهو كفران حمض وإن كان على أنه

ينفعه كما انتفع به فهو كفران صريح فال النعمة تقبل املقابلة وال املعاوضة وال املنعم يقبل النفع والضر وكيف إن لو حصل على رضى املشكور وإذنه فإذا مل يعرف رضاه وإذنه إال حيسن الشكر والشكر إمنا ينتفع الشاكر

بالسمع فال حيسن الشكر إىل بالشرع ولكن ملا ترىب اإلنسان على مناهج الشرع ورأى أهل الدين يستحسنون .الشكر وقرأ آيات حتسني الشكر ظن أن جمرد العقل يقتضي بذلك

د قد اشتمل على خري حمض وشر حمض وخري وشر ممتزجني فهو كالم أما اجلواب عن مقالة الفالسفة قوهلم أن الوجومن مل يتحقق اخلري والشر ما هو فما املعىن باخلري أوال فإن اخلري يطلق على كل موجود عندكم وعلى هذا الشر

يطلق على كل معدوم وعلى هذا مل يستمر قولكم الوجود يشتمل على خري مطلق فكأنكم قلتم اشتمل الوجود على الوجود وهو تكرار غري مفيد ومل يستتب قولكم وعلى شر مطلق فإن الشر املطلق هو املعدوم والوجود كيف

يشتمل على العدم فلم يصح التقسيم رأسا على أنا إمنا فرضنا املسئلة يف احلركات اليت ورد عليها التكليف فإن أن حكمها يف األفعال غري معلوم بالضرورة وال اخلري والشر فيها هو املقصود باحلسن والقبح وقد ساعدمتونا على

العقل يهتدي إليه بالنظر ألن ذلك خيتلف باإلضافات واألزمان فبقي قولكم العلم من حيث هو علم حممود وكل حممود مطلوب لذاته واجلهل بالعكس من ذلك فهو مسلم ولكن الطالب إذا حصل له املطلوب فهل يستوجب على

ن مل حيصل بل حصل ضده هل يستوجب عقابا أم ال ألن التنازع إمنا وقع من حيث التكليف ال من اهللا ثوابا أم ال وإ .حيث ذات الشيء وصورته

قالوا معىن اجلزاء عندنا ترتب سعادة وشقاوة أبدية على نفس عاملة أو جاهلة كترتب صحة وسالمة يف البدن على يف البدن على شرب سم وذلك حاصل له بالضرورة شرب دواء وذلك حاصل له بالضرورة وكترتب مرض وأمل

.أيضاقيل إذا كان سعادة النفس مترتبة على حصول قوى العلم والعمل وخروجهما من القوة إىل الفعل حيتاج إىل معاناة أمور شديدة ومقاساة أحوال عسرية من حتصيل املقدمات والوقوف على كيفية تأديها بالطلب أو املطلوب ومل تكن

ة اإلنسانية مبجردها كافية يف التحصيل وتعارض األمر عند العقل يوقف العاقل لئال يقع يف طريق يفضي به إىل الفطراجلهالة املوجبة للشقاوة فإن التوقف أوىل من اقتحام اخلطر يف املهالك وأيضا فإن عندكم خمرج العقل من القوة إىل

ال خيرج العقل بالقوة فإنه بعد حمتاج إىل خمرج وليس هذا بذاته الفعل جيب أن يكون عقال بالفعل فإن العقل بالقوة

Page 131: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

خيرج ذاته من القوة إىل الفعل وكما أن املمكن بذاته ال يترجح أحد طريف إمكانه على الثاين إال مبرجح كذلك ما ه اإلمكان كذلك هو بالقوة فال خيرج من القوة إىل الفعل إال مبخرج وكما أن املرجح على احلقيقة ما انتفى عنه وجو

املخرج على احلقيقة ما انتفى عنه وجوه القوة كاملرجح جلانب الوجود على العدم يف املمكنات هو واجب الوجود بذاته واملخرج من القوى إىل الفعل هو العقل الفعال فقد اعترفتم بأن ال خالق إال اهللا وال هادي إىل املعارف وال

هو بتوسط العقل األول الفعال والعقول اجلزئية حبكم مناسبتها العقل األول موجب للتكاليف املستدعية للجزاء إالرمبا تشتمل منها صور املعارف فيعرف األوائل فطرة وبديهة مث يرد إليها الثواين والثوالث نظرا وتفكرا حىت خيرج

رف إجيابه وتكليفه على إىل الفعل وهذا على طريق اجلواز واإلمكان ال على طريق الوجوب والضرورة لكن ال يعالعموم إذ ليس لكل واحد من نوع اإلنسان استعداد االستمداد منه من كل وجه بل واحد بعد واحد فذلك هو

النيب عندنا فال تعرف املعارف إال بالعقل وال جتب املعارف إال بالسمع فلزمكم من حكم قاعدتكم هذه ما أثبتنا وهو .الزم ضرورة

الصائبة نقول أنتم منازعون يف إثبات تأثريات الكواكب يف األجسام السفلية كل املنازعة وأما اجلواب عن مقالةولنسلم لكم ذلك تسليم املساهلة فالسعد والنحس مل يؤثر إال يف احلسن والقبح من حيث اخللقة وذلك غري متنازع

حكم يف أفعال العباد بافعل وال تفعل فيه وإمنا النزاع بيننا يف احلسن والقبح من حيث األمر وال شك أن اهللا تعاىل .وعلى ذلك احلكم جزى يف الدار اآلخرة

فنقول ذلك احلكم غري معلوم ضرورة وال استدالال من حيث العقل فوجب التوقف إىل أن يرد به مسع وما قالوه من ار يف األشياء وكوهنا معلومة نفي النبوة يف الصورة البشرية فتقرر احلجة عليه يف إثبات النبوات وأما املنافع واملض

بالعقل فغري مسلم على اإلطالق فإن طريقتها عند القوم وعند الطبيعيني واألطباء هو التجربة والتجربة ما مل تتكرر مل تفد العلم والتكرار فيه غري ممكن الختالف طبائع األشياء بالنسبة إىل مزاج ومزاج وهواء وهواء وتربة وتربة وقط

بة يف شيء واحد باعتبار واحد وأيضا فإن اخلواص اليت هي وراء كيفيات األشياء وطبائعها رمبا ال حتصل التجرختالف ما حيصل بالتجربة من الطبائع واخلواص عندهم من فيض النفس الكلية على ماهيات األشياء ورمبا حتصل

جمرد أمزجة تتركب من عناصر آثار كبرية من جمرد عدد يتركب من أعداد خمصوصة ورمبا حتصل آثار خمتلفة منخمصوصة واملطلع على املاهيات غري الباحث عن الكيفيات والكميات فال بد إذا من إثبات شخص له اطالع على الكواكب وعلى ما وراء الكواكب حىت يكون الكل عنده كصورة واحدة فتقرر خلاصية منافع األشياء ومضارها

.يم ذلك مجلة وسيأيت تقرير ذلكمن جهة اخلواص وحيمل العامة على التسلوأما اجلواب عن مقالة التناسخية فطريق الرد عليهم أن نبطل مذهبهم يف أصل التناسخ وإنكار البعث يف اآلخرة

فنقول أثبتم جزاء على كل فعل تنتهي األفعال عندكم إىل جزاء حمض وهل تبتدي األجزية من فعل حمض فإن قضيتم نه إن مل يكن فعل إال جزاء وال جزاء إال على فعل فلم يكن فعل وجزاء أصال فإنه بالتسلسل فذلك دور حمض فإ

يتوقف كون اجلزاء جزاء على سبق فعل ويتوقف كون الفعل فعال على سبق جزاء فيكون كل واحد منهما متوقفا فال بد من ابتداء على صاحبه فيكون حكمه حكم توقف املعلول على العلة وتوقف العلة على املعلول وذلك حمال

.بفعل أويل ليس جبزاء واالنتهاء إىل جزاء آخر ليس بفعل وذلك تسليم املسئلةمث نقول ما الدرجة العليا يف اخلري وما الدرجة السفلى يف الشر عندكم قالوا الدرجة العليا يف اخلري هي امللكية

.والنوبة والدرجة السفلى هي الشيطانية واجلنيةنيب حية فما ثوابه وال درجة يف الثواب فوق النبوة ولو قتل جين نبيا فما عقابه وال درجة يف فقيل هلم لو قتل

Page 132: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.العقاب حتت اجلنية فيجب أن يعرى أشرف الطاعات عن الثواب وأكرب الكبائر عن العقابليه الصورة ومما يبطل التناسخ رأسا إن كان مزاج استعد لقبول الصورة يالئمها من واهب الصور فإذا فاضت ع

.قارنتها صورة النفس املستحسنة لزم أن يكون لبدن واحد نفسان وذلك حمالوأما اجلواب عن مقالة الربامهة سيأيت على استيفاء يف مسئلة إثبات النبوات والرد عليهم فيما يليق بسؤاهلم أن الذي

.يأيت به النيب معقول أو غري معقوله أي جنسه معقول وميكن أن يدركه العقل وليس كل ما هو معقول اجلنس نقول ما يأيت به النيب معقول يف نفس

جيب أن يعقله اإلنسان فإن العلم خبواص األشياء وماهيات املوجودات مما هو معقول اجلنس وليس كل إنسان .يدركه يف احلال فبطل التلبيس الذي تعلقوا به

القاعدة الثامنة عشر

تعاىل وإبطال القول بالصالح واألصلحيف إبطال الغرض والعلة يف أفعال اهللا

.واللطف ومعىن التوفيق اخلذالن والشرح واحلتم والطبع ومعىن النعمة والشكر ومعىن األجل والرزقمذهب أهل احلق أن اهللا تعاىل خلق العامل مبا فيه من اجلواهر واألعراض وأصناف اخللق واألنواع ال لعلة حاملة له

ك العلة نافعة له أو غري نافعة إذ ليس يقبل النفع والضر أو قدرت تلك العلة نافعة على الفعل سواء قدرت تل . للخلق إذ ليس يبعثه على الفعل باعث فال غرض له يف أفعاله وال حامل بل علة كل شيء صنعه وال علة لصنعه

احلكيم من يفعل أحد وقالت املعتزلة احلكيم ال يفعل فعال إال حلكمة وغرض والفعل من غري غرض سفه وعبث وأمرين إما أن ينتفع أو ينفع غريه وملا تقدس الرب تعاىل عن االنتفاع تعني أنه إمنا يفعل لينتفع غريه فال خيلو فعل من أفعاله من صالح مث األصلح هل جتب رعايته قال بعضهم جتب كرعاية الصالح وقال بعضهم ال جتب إذ األصلح ال

.ما هو أصلح منه وهلم كالم يف اللطف وتردد يف وجوب ذلك هناية له فال أصلح إال وفوقهوقد قالت الفالسفة واجب الوجود ال جيوز أن يفعل فعال لعلة ال ليحمد ويتزين باحلمد والشكر وال لينتفع أو يدفع

ملبادئ الضرر وال ألمر داع يدعوه وحيمله على الفعل والعايل ال يريد أمرا ألجل السافل بل األفعال صدرت عن ااألول وهي استندت إىل العقل الفعال وإمنا أبدع العقل بلوازمه وأبدع بتوسطه سائر األشياء على وجه اللزوم عنه

.ضرورة إذ ليس يتصور وجود واجب الوجود إال كذلك ما هو قالوا إفادة اخلري والصالح من املنعم تنقسم إىل ما يكون لفائدة وغرض يرجع إىل املفيد والفائدة تنقسم إىل

مثل املبذول كمقابلة املال باملال وإىل ما ليس مثال كمن يبذل املال رجاء للثواب واحملمدة أو اكتساب صفة الفضيلة وطلب الكمال به وهذه أيضا معاوضة وليس جبود كما أن األول معاملة وليس بإنعام بل اجلود واإلنعام هو إفادة ما

اد اجلود على املوجودات كلها كما ينبغي على ما ينبغي من غري ادخار ينبغي من غري عوض وغرض فاألول قد أفممكن من ضرورة أو حاجة أو رقبة حبيث لو قدر غريه من املمكنات الومهية كان نقصا يف ذلك املوضوع ال كماال

غرضه به فكل ذلك بال عوض وال فائدة وغريه يتصور أمرا مث يعرض له احتياج إىل وجوده فيحتال لوجوده ليتمكمن يريد يبين دارا تصورها أوال مث احتاج إليها لالستكنان والسكىن احتال لوجودها آالهتا ليتم غرضه هبا أو من

يهب ماال أو يعطي عطاء ابتداء أو عقيب سؤال يتصور يف نفسه أوال اكتساب محد وجزاء ومحله على ذلك ضعف كان احلامل له على النوال نفع يلحقه أو ضرر يدفعه وتعاىل اخلالق حال الفقري فرق له رقة اجلنسية فأنعم عليه

Page 133: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

األول عن ذلك ومل يكن تصوره وعلمه من املتصور املعلوم حىت يكون هو احلامل بل التصور من العلم واملقدور من .القدرة هذا كالم القوم وهو حسن لوال تشبيههم بأمور ال نرتضيها والتزامهم أمورا ال نستقصيها

ال أهل احلق الدليل على أن الباري تعاىل غين عن اإلطالق إذ لو كان حمتاجا من وجه كان من ذلك الوجه مفتقرا فقإىل من يزيل حاجته فهو منتهى مطلب احلاجات ومن عنده نيل الطلبات وال يبيع نعمه باألمثان وال يكدر عطاياه

اعية تدعوه إليه أو لكمال يكسبه أو محد وأجر حيصله مل يكن باالمتنان فلو خلق شيئا ما لعلة حتمله على ذاك أو لد .غنيا محيدا مطلقا وال برا جوادا مطلقا بل كان فقريا حمتاجا إىل كسب

والذي يقرره أن كل صالح نقدره بالعقل بالنسبة إىل شخص عارضه صالح فوق ذلك أو فساد مثل ذلك بالنسبة ضي وجوده بالنسبة إىل ذلك الشخص فالفساد يقتضي عدمه بالنسبة إىل إىل شخص آخر فلئن كان الصالح يقت

شخص آخر فالسم يف أصحاب السموم صالح ويف غريهم من احليوانات فساد فلو كان الصالح اقتضى وجوده فالفساد اقتضى عدمه وكما خيتلف ذلك باألشخاص خيتلف الصالح والفساد باجلزئي والكلي وحنن ال ننكر أن

تعاىل اشتملت على خري وتوجهت إىل صالح وأنه مل خيلق اخللق ألجل الفساد ولكن الكالم إمنا وقع يف أن أفعال اهللااحلامل له على الفعل ما كان صالحا يرتقبه وخريا يتوقعه بل ال حامل له وفرق بني لزوم اخلري والصالح ألوضاع

فرقا ضروريا بني الكمال الذي يلزم وجود الشيء األفعال وبني محل اخلري والصالح على وضع األفعال كما يفرق .وبني الكمال الذي يستدعي وجود الشيء فإن األول فضيلة هي كالصفة الالزمة والثاين فضيلة كالعلة احلاملة

قالت املعتزلة قد قام الدليل على أن الرب تعاىل حكيم واحلكيم من تكون أفعاله على إحكام وإتقان فال يفعل فعال ا فإن وقع خريا فخري وإن وقع شرا فشر بل ال بد وأن ينجو غرضا ويقصد صالحا ويريد خريا مث إن النفع جزاف

ينقسم إىل ما يرجع إىل الفاعل إن كان حمتاجا إليه أو إىل غريه وإن كان الفاعل غنيا غري حمتاج كإنقاذ الغرقى مكتسبا نفعا ومتوقعا محدا أو أجرا وعن ذلك ورد يف وختليص اهللكى مستحسن يف العقل ورمبا ال يكون املنقذ

.بعض الكتب ما خلقت اخللق ال ربح عليهم بل خلقتهم لريحبوا علي .والذي يقرره أن احلكمة يف خلق العامل ظاهرة ملن تأملها بالعقل منصوصة ملن طلبها يف السمع

يستدل هبا على وحدانيته ويتوصل هبا إىل معرفته فيعرف أما العقل فقد شهد بأن احلكمة يف خلق العامل إظهار آيات ل .ويعبد ويستوجب به ثواب األبد

" وخلق اهللا السموات واألرض ولتجزى كل نفس مبا كسبت " وأما السمع فآيات القرآن كثرية منها قوله تعاىل كرا ألن خلق شيء من غري من وهلذا صار كثري من العقالء إىل أن أول ما خيلقه الرب تعاىل جيب أن يكون عاقال مف

.ينظر فيه باعتبار ويتوسل إىل معرفة الباري تعاىل باستبصار عبث وسفهقالوا وما ذكرناه ال ينايف الغىن بل هو كمال الغىن عن خلقه فإن كمال الغىن ال يعرف إال باحتياج كل العامل إليه

عاىل بغناه وهللا تعاىل يف كل صنع من صنائعه حكمة ظاهرة واحتياج العامل إمنا يعرفه العامل فيستدل به على انفراده ت .وآية تدل على وحدانيته باهرة ال تنكرها العقول السليمة وال ينبو عنها إال األوهام السقيمة

قال أهل احلق مسلم أن احلكيم من كانت أفعاله حمكمة متقنة وإمنا تكون حمكمة إذا وقعت على حسب علمه وإذا .ه مل تكن جزافا وال وقعت باالتفاقحصلت على حسب علم

وقولكم ال بد وأن ينحو غرضا ويريد صالحا فما املعىن بالغرض وما املعىن بالصالح وال يشك أنكم تفسرون الغرض باجتالب نفع أو دفع ضرر إذ القادر احلق على كل شيء والغين املطلق عن كل شيء متقدس عن الضرر

عن أن يكون حمال للحوادث قابال لالستحالة والتغريات وإن فسرمتوه بنفع الغري والنفع واألمل واللذة ويتعاىل

Page 134: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.وصالحه فما النفع املطلق وما الصالح املطلق يف خلق العامل بأسره إن قلتم يستدل بوجود دالئله على وحدانيتهيتخلف غرضه من قيل لكم واحلكيم إذا فعل فعال لغرض معني وجب أن حيصل له ذلك الغرض من كل وجه وال

وجه وإال فينسب إىل اجلهل والعجز ومن املعلوم أن الغرض الذي عينتموه مل حيصل إذا قدرمت خلق العامل يف األقل من العقالء وإن مل يقرر ذلك مل حيصل يف األكثر والغرض إذا كان معلقا على اختيار الغري مل يصف عن شوائب

هم ومل يكلفهم ال عقال وال مسعا وفوض األمر إليهم ليفعلوا ما أرادوا اخلالف فال حيصل على اإلطالق مث لو خلقيتضرر بذلك أم يلحقه نقص أو يثلم جالله فعل أو ليست الطيور يف اهلوى والسوائم يف الفال تغدو وتروح من غري

.تكليف فما السر يف ختصيص بين آدم بالتكليف ومل ينتفع به وال يتضرر بضدهلف مبا أمر به فيثيبه عليه ويعوضه عما فات عليه ويكون التذاذ املكلف بالثواب والعوض املرتبني على قالوا ليأيت املك

.فعله أكثر من التذاذه بنفس التفضل والكرم

قيل يا هللا العجب من حكمة ما أشرفها ومن سر ما أدقه تعبت عقولكم من شدة التعمق يف استخراج املعاين فقد عاد خلق السموات واألرض مبا فيها إىل أن يكون التذاذ املكلف بثواب يناله على عمله أكثر من حكمة اهللا تعاىل يف

التذاذه بتفضل يناله من غري عمل إنا إذا فحصنا عن األغراض كان الغرض من خلق العامل هو االستدالل وكان ن الغرض من الثواب الغرض من االستدالل حصول املعرفة وكان الغرض من حصول املعرفة وجوب الثواب وكا

حصول التفرقة بني لذيت املقابلة والعطية فغرض األغراض من خلق العامل مبا فيه من اجلواهر واألعراض ما ال جيوز أن يكون غرضا لعاقل وال يقدر اخلالق على أن خيلق لذة يف التفضل أكثر مما خيلقها يف الثواب واللذات كلها خملوقة هللا

لف يا رب مغفرتك أوسع من ذنويب ورمحتك أرجى عندي من عملي يا من ال تنفعه املغفرة وال تعاىل أوال ينادي املكتضره املعصية اغفر يل ما ال يضرك وأعطين ما ال ينفعك حىت يكون ابتهاجي برمحتك ومغفرتك ألطف من التذاذي

إىل ملك كبري سجيته البذل مبعرفيت وطاعيت أو ال يعد من غاية اللؤم وركاكة اهلمة أن يهدي فقري هدية حقريةوالعطايا من غري سؤال وعرض هدية لنيل ثواب مث يوجب عليه العوض ويقول التذاذي مبا يقابل هدييت أكثر من

عطاياك اليت ال حتصى انظر كيف عادت احلكمة اإلهلية يف خلق العامل بأسره عند القوم إىل أخس الدرجات يف اهلمة ال يرتضيه عاقل إلرمام بيته الكثيف فكيف يرتضيه الفاطر ألحكام صنعه اللطيف وأمس احلاجات إىل املرمة حبيث

.فتعاىل وتقدسفهي الم املآل وصريورة األمر وصريورة العاقبة ال " ولتجزى كل نفس مبا كسبت " وأما اآليات يف مثل قوله تعاىل

جعل لكم الليل لتسكنوا فيه " وقوله " ا فالتقطه آل فرعون ليكون هلم عدوا وحزن" الم التعليل كما قال تعاىل واعلم أنه كما ال تتطرق مل إىل ذات الباري تعاىل وصفاته مل تتطرق إىل صنائعه " والنهار مبصرا ولتبتغوا من فضله

وأفعاله حىت ال يلزم أن جياب ألنه كذى أو لكونه كذي فال يقال مل وجد ومل كان العامل وال يقال مل أوجد العامل ومل " .ال يسأل عما يفعل وهم يسألون " خلق العباد ومل كلف العقالء ومل أمر وهنى ومل قدر وقضى

قالت املعتزلة حنن على طريقني يف وجوب رعاية الصالح واألصلح فشيوخنا من بغداذ حكموا بأن الواجب يف در من إكمال العقل واألقدار احلكمة خللق العامل وخلق من يكون قابال للتكليف مث استصالح حاله بأقصى ما يق

على النظر والفعل وإظهار اآليات وإزاحة العلل وكل ما ينال العبد يف احلال واملال من البأساء والضراء والفقر والغىن واملرض والصحة واحلياة واملوت والثواب والعقاب فهو صالح له حىت ختليد أهل النار يف النار صالح هلم

نها لعادوا ملا هنوا عنه وصاروا إىل شر من األول وشيوخنا من البصرة صاروا إىل أن وأصلح فإهنم لو أخرجوا م

Page 135: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ابتداء اخللق تفضل وإنعام من اهللا تعاىل من غري إجياب عليه لكنه إذا خلق العقالء وكلفهم وجب عليه إزاحة عللهم .من كل وجه ورعاية الصالح واألصلح يف حقهم بأمت وجه وأبلغ غاية

يل على املذهبني أن الصانع حكيم واحلكيم ال يفعل فعال يتوجه عليه سؤال ويلزم حجة بل يزيح العلل قالوا والدلكلها فال يكلف نفسا إال وسعها وال يتحقق الوسع إال بإكمال العقل واإلقدار على الفعل وال يتم الغرض من الفعل

والتكليف صالح واجلزاء صالح وأبلغ ما ميكن فأصل التخليق " ولتجزى كل نفس مبا كسبت " إال بإثبات اجلزاء يف كل صالح هو األصلح وزيادات الدواعي والصوارف والبواعث والزواجر يف الشرع وتقدير ألطاف بعضها

خفي وبعضها جلي فأفعال اهللا تعاىل اليوم ال ختلو من صالح وأصلح ولطف وأفعال اهللا تعاىل غدا على سبيل اجلزاء تفضل فالصالح ضد الفساد وكل ما عري عن الفساد يسمى صالحا وهو الفعل املتوجه إىل إما ثواب أو عوض أو

اخلري من قوام العامل وبقاء النوع عاجال واملؤدي إىل السعادة السرمدية أجال واألصلح هو إذا صالحان وخريان ري وهو الفعل الذي علم الرب فكان أحدمها أقرب إىل اخلري املطلق فهو األصلح واللطف هو وجه التيسري إىل اخل

تعاىل أن العبد يطيع عنده وليس يف مقدور اهللا تعاىل لطف وفعل لو فعله آلمن الكفار مث الثواب هو اجلزاء على األعمال احلسنة والعوض هو البدل عن الفائت كالسالمة اليت هي بدل األمل والنعيم الذي هو يف مقابلة الباليا

هو اتصال منفعة خاصة إىل الغري من غري استحقاق يستحق بذلك محدا وثناء ومدحا والرزايا والفنت والتفضل وتعظيما ووصف بأنه حمسن جممل وإن مل يفعله مل يستوجب بذلك مالما وذما وليس للمعتزلة فيما ذكروه مستند

ر الغائب بالشاهد وهم يف عقلي وال مستروح شرعي إال جمرد اعتبار العادة يف الشاهد وتشنيعا معقوال مث اعتبا .احلقيقة مشبهة يف األفعال

فألزمت األشعرية عليه التزامات منها قوهلم إذا أوجبتم على اهللا تعاىل رعاية الصالح واألصلح يف أفعاله فيجب أن التفاق توجبوا علينا رعاية الصالح واألصلح يف أفعالنا حىت يصح اعتبار الغائب بالشاهد ومل جيب علينا رعايتهما با

.إال بقدر ما والتعرض للنصب والتعب والنصب لو كان فاصال بني الشاهد والغائب لكان فاصال يف أصل الصالح .ومنها أن القربات من النوافل صالح فليجب وجوب الفرائض

هنوا عنه ال يغين ومنها القضاء بأن خلود أهل النار يف النار جيب أن يكون صالحا هلم وقوهلم بأهنم لو ردوا لعادوا ملا فإن اهللا تعاىل لو أماهتم أو سلب عقوهلم وقطع عقاهبم كان أصلح هلم ولو غفر هلم ورمحهم وأخرجهم من النار إذ مل

.يتضرر بكفرهم وعصياهنم كان أصلح هلميف فعله ومنها أن كل ما فعله الرب تعاىل من الصالح لو كان حتما عليه ملا استوجب بفعل ما شكرا أو محدا فإنه

قضى ما وجب عليه وما استوجب عبد بطاعته ثوابا وتفضيال فإنه يف طاعته قضى ما وجب عليه ومن قضى دينه مل .يستوجب شيئا آخر

ومنها قوهلم حنن فرضنا الكالم يف إنظار إبليس وإمهاله أكان صالحا له وللخلق أم كان فسادا ويف إماتة النيب صلى صالحا له وللخلق أم فسادا فإن كان تبقية إبليس صالحا مع إضالله اخللق فهال كان تبقية اهللا عليه وسلم هل كان

.النيب صلى اهللا عليه وسلم صالحا مع هدايته للخلق وكيف صار األمر بالضد من ذلكبل البلوغ ومنها قولكم أنكم حسبتم التكليف لتعريض املكلف للثواب الدائم وإذا علم الرب أنه لو اخترم العبد ق

وكمال العقل لكان ناجيا ولو أمهله وسهل له النظر لعند وكفر وجحد فكيف يستقيم أن يقال أراد به الصالح واألصلح ومن املعلوم أن املقصود من التكليف عند القوم الصالح والتعريض ال معىن الدرجات اليت ال تنال إال

ه وأكمل عقله وكلفه مع العلم بأنه يهلك وخيسر ولزم من باألعمال فيجب أن يكون الرب مسيئا للنظر ملن خلق

Page 136: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

حيث احلكمة أن يكون علمه مانعا له عن إرادته والتعريض ملن هذه حاله بالنفع والثواب ويف العادة كل من عرف من حال ولده أنه لو سافر واجتر يف مال يعطيه هللك وخسر ال حيسن من حيث العقل أن يبعثه ألجل التجارة ويعطيهاملال ألجل اخلسارة ولو علم من ولده أنه لو أعطاه سيفا وسالحا ليقاتل عدوا من أعدائه لقتل نفسه ويبقى السالح

.لعدوه مل يكن من احلكمة أن يعطيه السالح ويبعثه للقاء عدوه البتة بل لو فعل ذلك كان ساعيا يف هالك ولده

سوال إىل خلقه وكلفه األداء عنه مع علمه بأنه ال يؤدي فإن ومن مذهبهم أن الرب تعاىل لو علم أنه لو أرسل رعلمه به يصرفه عن إرادته األداء عنه فكذلك لو علم أنه يكفر ويهلك وجب أن يصرفه عن إرادته اخلري والصالح

د به له وهذا مبثابة من أدىل حبال إىل غريق ليخلص به نفسه مع العلم بأنه خينق نفسه فقد أساء النظر له بل قص .هالكه

ومن مذهبهم أن الرب إذا علم أن يف تكليفه عبدا من العباد فساد اجلماعة فإنه يقبح تكليفه ألنه استفساد ملن يعلم .أنه يكفر عند تكليفه

ومن اإللزامات أن القوم قضوا بأن الرب تعاىل قادر على التفضل مبثل الثواب فأي غرض يف تعريض العباد للبلوى .واملشاق

ا الغرض فيه أن استيفاء املستحق أهنأ وألذ من قبول التفضل وهذا كالم من مل يعرف اهللا حق معرفته وكيف قالويستنكف العبد وهو خملوق مربوب من قبول فضل اهللا تعاىل فلو خلق اخللق وأسكنهم اجلنة كان حسنا منه ولو

أليس لو خلقهم " لق واألمر تبارك اهللا رب العاملني أال له اخل" خلقهم يف الدنيا مث أماهتم من غري تكليف كان حسنا وكلفهم وقطع عنهم األلطاف كانوا أبلغ يف االجتهاد وأمحل للمشاق فكان الثواب هلم أكثر وااللتذاذ مبا يستحقونه

.من العوض أشد فهال قطع عنهم األلطاف بأسرها لتكون اللذة يف الثواب أوفردمها اخترمه قبل البلوغ لعلمه بأنه لو بلغ لكفر فصار الصالح يف حقه االخترام مث نلزمهم فرض الكالم يف طفلني أح

حىت ال يستوجب عقاب النار واآلخر أوصله إىل البلوغ والتكليف فكفر فيقول يا رب هال اخترمتين قبل البلوغ البلوغ وهو كما اخترمت أخي حىت ال يتوجه على تكليف يوجب عقاب األبد وطفلني آخرين اخترم أحدمها قبل

ابن كافر وقد علم أنه لو بلغ ألمن وأصلح واآلخر أوصله إىل البلوغ وهو ابن مسلم فكفر وأفسد فيقول هال اخترمتين حىت ال أستوجب عقاب األبد وباجلملة من أوجب رعاية الصالح واألصلح يوجب اخترام األطفال الذين

كافر يف العامل وإبقاء األطفال الذين علم اهللا تعاىل منهم اإلميان علم اهللا تعاىل منهم الكفر بعد البلوغ حىت ال يوجد حىت ال يتحقق إال اإلميان واملؤمن يف العامل والصالح يدور على املعلوم كيف كان مث ما من أصلح إال وفوقه أصلح

.العقل رعايته واالقتصار على مرتبة واحدة كاالقتصار على الصالح فال معىن لألصلح وال هناية له وال ميكن يفمث للمعتزلة يف اآلالم وأحكامها كالم وهو على مذهب األشعري ال تقع مقدورة لغري اهللا وإذا وقعت كان حكمها احلسن سواء وقعت ابتداء أو وقعت جزاء من غري تقدير سبق استحقاق عليها وال تقدير جلب نفع وال دفع ضرر

سواء كان اململوك بريا أو مل يكن بريا ومن صار من الثنوية إىل أن أعظم منها بل املالك متصرف يف ملكه كما شاء اآلالم واألوجاع والغموم منسوبة إىل الظلمة من دون النور فقد سبق الرد عليهم ومن نسبها إىل أعمال سبقت لغري

بحون اآلالم هذا الشخص فهو مذهب التناسخية فقد سبق الرد عليهم بقي استرواح العقالء إىل أهل العادة يستقمن غري سبق جناية واآلالم مما يأباه العقل وإذا اضطر إليه رام اخلالص منه فدل ذلك على قبحه وحنن ال ننازعهم يف

أن اآلالم ضرر وتأباه النفوس وتنفر منه الطباع ولكن كثريا من اآلالم مما ترضاه النفوس وترغب إليه الطباع إذا لرعاية مثل احلجامة والصرب على شرب الدواء رجاء للشفاء ونرى كثريا إيالم كان ترجو فيها صالحا هو أوىل با

Page 137: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الصبيان واجملانني وشرط العوض فيه يزيد يف قبحه واملالك قادر على التفضل حبسن العوض عامل بأن الصالح يف .يداإليالم وباجلملة هو املتصرف يف ملكه له التصرف مطلقا كما شاء يفعل ما يشاء وحيكم ما ير

وللفريقني يف التوفيق واخلذالن والشرح والطبع وأمثاهلا كالم على طريف الغلو والتقصري واحلق بينهما دون اجلائز .منهما

قالت املعتزلة التوفيق من اهللا تعاىل إظهار اآليات يف خلقه الدالة على وحدانيته وإبداع العقل والسمع والبصر يف ب لطفا منه تعاىل وتنبيها للعقالء من غفلتهم وتقريبا للطرق إىل معرفته وبيانا اإلنسان وإرسال الرسل وإنزال الكت

لألحكام متييزا بني احلالل واحلرام وإذ فعل ذلك فقد وفق وهدى وأوضح السبيل وبني احملجة وألزم احلجة وليس لى الفعل واخلذالن ال يتصور حيتاج يف كل فعل ومعرفة إىل توفيق جمرد وتسديد منجز بل التوفيق عام وهو سابق ع

مضافا إىل اهللا تعاىل مبعىن اإلضالل واإلغواء والصد عن الباب وإرسال احلجاب على األلباب إذ يبطل التكليف به .ويكون العقاب ظلما

ق قالت األشعرية التوفيق واخلذالن ينتسبان إىل اهللا تعاىل نسبة واحدة على جهة واحدة فالتوفيق من اهللا تعاىل خلالقدرة اخلاصة على الطاعة واالستطاعة إذا كانت عنده مع الفعل وهي تتجدد ساعة فساعة فلكل فعل قدرة خاصة

والقدرة على الطاعة صاحلة هلا دون ضدها من املعصية فالتوفيق خلق تلك القدرة املتفقة مع الفعل واخلذالن خلق كنسبتها إىل املخذول والقدرة الصاحلة للضدين أعين اخلري قدرة املعصية وأما اآليات يف اخللق فنسبتها إىل املوفق

.والشر إن كانت توفيقا باإلضافة إىل اخلري فهي خذالن باإلضافة إىل الشر

والقصد بني الطريقتني أن يقسم التوفيق قسمة عموم وخصوص على عموم اخللق وخصوصهم فعموم اخللق يف األدلة واألقدار واالستدالل وإرسال الرسل وتسهيل الطرق لئال توفيق اهللا تعاىل الشامل جلميعهم وذلك نصب

يكون للناس على اهللا حجة بعد الرسل وخصوص اخللق يف توفيق اهللا اخلاص ملن علم منه اهلداية وإرادته االستقامة نا وذلك أصناف ال حتصى وألطاف ال تستقصى تبتدئ من كمال االعتدال يف املزاج أحدمها من جهة الطبيعة طي

والثاين من جهة الشريعة خالال وهذا يف النطفة احلاصلة من األبوين وعلتها النقش األول من السعادة والشقاوة كما قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم السعيد من سعد يف بطن أمه والشقي من شقي يف بطن أمه مث التربية من األبوين

لد وذي القرابة واخللطة معونة أخرى قوية حىت رمبا يغري االعتدال من أو من األستاذ أو من املعلم أو من أهل البالنقص إىل الكمال وعن الكمال إىل النقص وعلة النقش الثاين من الفطرة واالحتيال كما قال عليه السالم فطر اهللا

وينصرانه وميجسانه مث العباد على معرفته فاحتالتهم الشياطني عنها وقال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانهاالستقالل حبالة البلوغ وكمال العقل حيتاج إىل قوي استمداد من التوفيق وذلك مزلة األقدام وجمرة األقالم فالتوفيق فيها من اهللا أن ال يكله إىل نفسه مما هي عليها من االستقالل واالستبداد واخلذالن أن خيذله ويكله إىل نفسه وحوله

ن التربي من احلول والقوة بقوهلم ال حول وال قوة إال باهللا واجبا يف كل حال وذلك مطردة وقوته وعن هذا كاالشياطني إذ يدخل احتيال الشيطان تغريره حبوله وقوته والفطرة هي االحتياج إىل اهللا تعاىل والتسليم هللا والتوكل

احلالة أعين حالة البلوغ واالستقالل هي مثار على اهللا إذ ال حول وال قوة إال باهللا وذلك كنز من كنوز اجلنة وهذهالقوى احليوانية منها الغضبية والشهوية قال الصديق األول يوسف عليه السالم وما أبرئ نفسي إن النفس ألمارة بالسوء إال ما رحم ريب وذلك عند مثار القوى الشهوية ووكز الكليم عليه السالم ذلك القبطي فقضى عليه فقال

الشيطان وذلك عند مثار القوة الغضبية وتربأ الرسول عليه السالم من القوتني مجيعا فقال يف كل حال هذا من عمل

Page 138: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

اللهم واقية كواقية الوليد رب ال تكلين إىل نفسي طرفة عني وعلى هذه احلالة النفس الثالثة وهي متتد إىل آخر واقع التقدير تنبيها وحتذيرا فإن انفتح مسعه ملواعظ الشرع العمر فال تزيده مواعظ الشرع ترغيبا وترهيبا وال جتانبه م

وبصره جملاري التقدير انشرح صدره لإلسالم فهو على نور من ربه وإن جعل إصبعه يف أذنيه فلم يسمع اآليات إال اهللا مرية وأسبل جفنه على عينيه فلم يبصر اآليات اخللقية صار على ظلمة من طبعه وذلك الطبع واخلتم بل طبع

عليها بكفرهم ختم اهللا على قلوهبم وعلى مسعهم وعلى أبصارهم غشاوة ورمبا يكون اخلتم والطبع من قساوة يف جوهر جبلية اكتسبها من أصل فطرته فالتقدير مصدر والتكليف مظهر والكل مقدر واملقدر ميسر ملا خلق له

توكل على حول اهللا وقوته يف توفيق اهللا تعاىل فعلى رأي فاحلاصل أن املوكول إىل حوله وقوته يف خذالن اهللا تعاىل والالقدرية العبد أبدا يف اخلذالن إذ هو موكول إىل حوله وقوته ومل يستعن باهللا ومل يتوكل على اهللا فعلى رأي اجلربية

. تعاىلالعبد أبدا يف اخلذالن إذ هو خاذل نفسه عن امتثال أمر اهللا تعاىل مل يعبد اهللا ومل حيفظ حدود اهللاواحلق الذي ال غبار عليه إياك نعبد حمافظة على العبودية وإياك نستعني استعانة بالربوبية والتوفق واخلذالن والشرح

وهللا " والطبع والفتح واخلتم واهلداية والضالل ينتسب إىل اهللا تعاىل بشرط أن يكون أحق االمسني به أحسن االمسني بيدك اخلري إنك " وىل الفعلني حبكمه وتقديره أوىل الفعلني وجودا وأجدرمها حصوال وأ" األمساء احلسىن فادعوه هبا

اللهم من أحسن فبفضلك يفوز ومن أساء فبخطيته يهلك ال احملسن استغىن عن رفدك " على كل شيء قدير حممد وعلى ومعونتك وال املسيء عليك وال استبد بأمر خرج به عن قدرتك فيا من هكذا ال هكذا غريك صل على

.آله افعل يب ما أنت أهله إنك أهل لكل مجيل

والقول يف النعمة والرزق قريب مما ذكرناه فمن راعى فيهما عموما قال النعمة كل ما ينعم به اإلنسان يف احلال إلنسان وإذا أنعمنا على ا" واملال والرزق كل ما يتغذى به من احلالل واحلرام وقد مساها اهللا تعاىل بامسها فقال

وما من دابة يف األرض إال على اهللا رزقها ومن راعى فيهما خصوصا قال النعمة يف احلقيقة ما " أعرض ونأى جبانبه أحيسبون أمنا مندهم به من مال وبنني نسارع هلم " يكون حممود العاقبة وهو مقصور على الدين قال اهللا تعاىل فيهم

واحلرام " أنفقوا مما رزقناكم " حلقيقة ما يكون مباحا شرعا قال اهللا تعاىل والرزق يف ا" يف اخلريات بل ال يشعرون ال جيوز اإلنفاق منه وكال القولني صحيح إذا اعترب فيهما اخلصوص والعموم وال مشاحه يف املواضعات والشكر

ا يف املعاصي فعال على النعم واألرزاق واجب وهو أن تراها بقلبك من املنعم فضال فتحمده قوال وال تستعملهواألرزاق مقدرة على اآلجال واآلجال مقدورة عليها ولكل حادث هناية ليس ختتص النهايات حبياة احليوانات وما

علم اهللا إن شاء ينتهي عند أجل معلوم كان األمر كما علم وحكم فال يزيد يف األرزاق زائد وال ينقص منها ناقص يستقدمون وقد قيل أن املكتوب يف اللوح احملفوظ حكمان حكم مطلق فإذا جاء أجلهم ال يتأخرون ساعة وال

باألجل والرزق وحكم مقيد بشرط إن فعل كذا يزاد يف رزقه وأجله وإن فعل كذا نقص منهما كذا وعليه محل ما " كتاب وما يعمر من معمر وال ينقص من عمره إال يف" ورد يف اخلرب من صلة الرحم يزيد يف العمر وقد قال تعاىل

" .ميحو اهللا ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقوله

القاعدة التاسعة عشر

يف إثبات النبوات

Page 139: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وحتقيق املعجزات ووجوب عصمة األنبياء عليهم السالم صارت الربامهة والصابئة إىل القول باستحالة النبوات عقال لنبوات عقال من جهة اللطف وصارت األشعرية وصارت املعتزلة ومجاعة من الشيعة إىل القول بوجوب وجود ا

ومجاعة من أهل السنة إىل القول جبواز وجود النبوات عقال ووقوعها يف الوجود عيانا وتنتفي استحالتها بتحقيق .وجودها كما ثبت تصورها بنفي استحالتها

علم أن اخلرب حمتمل للصدق فقالوا مب يعرف صدق املدعي وقد شاركناه يف النوعية والصورة أبنفس دعواه وقد والكذب أم بدليل آخر يقترن به وذلك الدليل إن كان مقدورا له فهو أيضا مقدورنا وإن مل يكن مقدورا له ولكنه مقدور بقدرة اهللا تعاىل فال خيلو إما أن يكون فعال معتادا وال خيتص ذلك هبذا املدعي فال يكون دليال وإن كان فعال

وجه يدل على صدقه والفعل من حيث هو فعل ال يدل على االختصاص بشخص معني سوى اقترانه خارقا فمن أيبنفس دعواه ولالقتران أسباب أخر حمتملة كما خلرق العادات أحوال خمتلفة وإذا احتملت الوجوه عقال مل تتعني

بعض األحوال إذ الفعل فعل اهللا جهة الداللة فاحنسم باب الدليل من كل وجه أما نفس اإلقتران فرمبا ال يتفق يفتعاىل وهو منوط مبشيئته فكيف يوجب املعدي على اهللا فعال يفعله يف تلك احلال وليس يدعي النيب على أصلكم

قل إمنا اآليات عند اهللا " هذه الدعوى اليت قدرمتوها فإنه حييل خلق اآليات على مشيئة اهللا تعاىل كما أخرب كتابكم وكم من نيب سئل إظهار اآلية فلم يظهر يف احلال على يده فلئن كان ظهور " إذا جاءت ال يؤمنون وما يشعركم أهنا

اآلية يف بعض األوقات دليال على صدقه فعدم ظهورها يف بعض األوقات جيب أن يكون أيضا دليال على كذبه ند الكل إين رسول اهللا إليكم وليس األمر كذلك على أصلكم فإذا قال واحد من عرض الناس وهو جمهول احلال ع

فطولب باآلية وجب عليه التضرع إىل اهللا يف استدعاء اآلية اخلارقة للعادة على مقتضى الدعوى ووجب على اهللا إجابته يف احلال إىل ذلك كان اإلجياب أوىل على اهللا ورسوله من اخللق وهو عكس ما رمتم إثباته مث مسئلة النظر

إفحام األنبياء فإنه إذا ادعى الرسالة فقال املدعو العلم بالرسول يترتب على العلم واالستمهال فيه يفضي إىلباملرسل والعلم به ليس يقع بديهة وضرورة فال بد من نظر واستدالل يف أفعاله استدالال بتغريها على حدوثها

صفاته الواجبة له واجلائزة عليه وما وحبدوثها على ثبوت حمدثها مث النظر يف قدمه مث النظر يف وحدانيته مث النظر يف . يستحيل يف صفته وبعد ذلك ينظر يف جواز انبعاث الرسل مث يف معجزة هذا املدعي بعينه

فيقول أمهلين حىت أنظر يف هذه األبواب وأقطع هذه املراتب فهل جيب على النيب إمهاله أم ال فإن مل ميهل فقد ظلمه إذا مل حيصل إال بالنظر والنظر يستدعي مهلة وزمانا ومل ميهله فقد ظلمه وأمره إذ كلفه ما ال يطيق وذلك أن العلم

مبجرد التقليد والتقليد إما كفر وإما قبيح وإذا أمهله فيلزمه أن ال يعود إليه حىت ينتهي النظر هنايته وال يتقرر ذلك النظر وأيضا فمن استمهل ووجب بزمان معني بل خيتلف احلال باختالف األشخاص وأذهاهنم وكياستهم يف مدارج

إمهاله يعطل النيب عن الدعوة فإن عاد إليهم قالوا حنن بعد يف مهلة النظر فليس لك علينا حكم بعد اإلمهال ومل يثبت عندنا صدقك فنتبعك مث إذا كان النيب مبلغا عن اهللا تعاىل فال بد وأن يسمع أمره وكالمه أوال مث يبلغ عنه أو

نه فبم عرف النيب بأن املتكلم هو اهللا أو مب عرف أن املتوسط ملك يوحي إليه ومب عرف ذلك امللك يسمع من مسع م .أن الرب هو اآلمر املتكلم فما اجلواب عن هذه املسئلة هذا كالمنا على نفس الدعوى

ء املوتى وفلق أما الكالم على بينة الدعوى فنحن أوال ننكر ما حكيتموه عن األنبياء من قلب العصا حية وإحياالبحر وخروج الناقة من الصخرة الصماء وتسبيح احلصا وانشقاق القمر فإن جنس ذلك مستحيل الوجود فنحن أوال مننع حصوهلا فماذا دليلكم على وقوع ذلك مث مب تنكرون على من يرد اخلوارق إىل خواص األشياء فإنا جند

كاألمطار اليت حتصل من اصطكاك األحجار وكالرياح اليت حصول أمثال ذلك من اجلمادات على يد من ال دين له

Page 140: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

هتب من حتريك ما خمصوص مث التعزمي والتنجيم والتبخري وعلم الطلسمات واستسخار الروحانيات واستخدام الكواكب العلوية علوم معروفة والعمل هبا من العجائب املعجزة والغرائب املفحمة فما أنكرمت أن ما أتى به هذا

من جنس ذلك مث الواجب عليكم أن تثبتوا وجه داللة املعجزة على الصدق فإنه من حيث هو فعل دل على املدعي قدرة الفاعل فقط من هذا الوجه مل يدل على صدق قول املدعي من حيث اقترانه بدعواه مل يدل أيضا ألن اقترانه

تران على حق أو باطل فكيف دل هاهنا بدعواه كاقترانه حبدوث حادث آخر من قول أو عمل مث مل يدل نفس االقوأيضا فإن عندكم جيوز خرق العادات على يدي مدعي اإلالهية ومل يدل ذلك على صدق دعواه فكيف يدل على

.صدق دعوى النبوةقال أهل احلق قام الدليل على أن الرب تعاىل خالق اخللق ومالكهم ومن له األمر واخللق وامللك له أن يتصرف يف

األمر والنهي وله أن خيتار منهم واحدا لتعريف أمره وهنيه فيبلغ عنه إليهم فإن من له اخللق واإلبداع له عباده بفال استحالة يف هذه املراتب وال استحالة يف نفس الدعوى وال " وربك خيلق ما يشاء وخيتار " االختيار واالصطفاء

زات العقلية فله الواجبات احلكمية فبقي كون اخلرب يضاهي استحالته استحالة دعوى اإلالهية بل هو من اجلائ .والدعوى على احتمال الصدق والكذب وإمنا ترجح الصدق على الكذب بدليل

وللمتكلمني طرق يف إثبات املرجح أحدها أن اقتران املعجزة بدعوى النيب نازل منزلة التصديق بالقول وذلك أنه را خارقا للعادة على يدي من يدعي الرسالة عند وقت التحدي مىت عرف من سنة اهللا تعاىل أنه ال يظهر أم

واالستدعاء إال لتصديقه فيما جيري به واجتماع هذه األركان انتهض قرينة قطعية دالة على صدق املدعي فكان املعجزة بالفعل كالتصديق شفاها بالقول وحنن نعلم قطعا يف صورة من يدعي الرسالة من ملك حاضر حمتجب بستر واجلماعة على كثرهتا حضور مث إن رجال من عرض الناس إذا قام بني يدي ذلك اجلمع الكثري من اخللق وقال أيها الناس إين رسول هذا امللك إليكم وآية صدقي يف دعواي أنه حيرك هذا الستر إذا استدعيت منه مث قال أيها امللك

حرك يف احلال علم قطعا ويقينا بقرينة احلال أنه أراد إن كنت صادقا يف دعواي الرسالة عنك فحرك هذا الستر فبذلك الفعل تصديق املدعي ونزل التحريك منه على خالف العادة منزلة التصديق بالقول ومل يشك واحد من أهل

اجلمع أن األمر على ما جيري به املدعي فكذلك يف صورة مسئلتنا هذه فإذا املرجح للصدق هي القرائن احلاصلة من جتماع أمور كثرية منها اخلارق للعادة ومنها كونه مقرونا بالدعوى ومنها سالمته عن املعارضة فانتهضت هذه ا

القرائن مبجموعها دالة على صدق املدعي نازلة منزلة التصديق بالقول وذلك مثل العلم احلاصل من سائر القرائن .أعين قرائن احلال وقرائن املقال

للعادة كما دلت بوقوعها على قدرة الفاعل وباختصاصها على إرادته وبأحكامها على ووجه آخر اآلية اخلارقةعلمه كذلك دلت بوقوعها مستجابة لدعاء الداعي ال لدعوى املدعي على أن له عند اهللا حالة صدق ومقالة حق

هو حقيقة النبوة وذلك ومن كانت دعوته مستجابة عند اهللا يستحيل أن يكون يف دعواه كاذبا على اهللا تعاىل وهذا أن استجابته يف أمور ال يقدر اخللق على ذلك دليل على صدق هذا الداعي ولو قدر الداعي كاذبا يف نفسه على اهللا

أقبح كذب وهو الرسالة عنه مبا مل يرسل انقلب دليل الصدق دليال على الكذب وهو متناقض وحنن ال ننكر أن ة مث ينقلب حاله إىل حالة األشقياء كما ال ننكر أن يظهر خارق للعادة يكون شخص من األشخاص مستجاب الدعو

على يد ساحر لكن الشرط يف األمرين واحد وهو أن يكون املدعي يف حال ما يدعي مستجاب الدعوة باآلية حىت لصدق داللة تكون اآلية دالة على صدق حالته ودرجته عند اهللا تعاىل وإذا قدر كونه كاذبا انقلبت الداللة على ا

على الكذب وهو حمال لتناقضه وكما أن الوقوع إذا دل على القدرة مل يدل على العجز واإلحكام ملا دل على العلم

Page 141: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.مل يدل على اجلهل كذلك دليل الصدق ال جيوز أن يكون دليال على الكذب وهذه الطريقة أحسن من األوىلالصادق عن اهللا تعاىل وذلك أن املعجزة تنقسم إىل منع ووجه آخر نقول إن قرينة الصدق مالزمة لتحدي النيب

املعتاد وإىل إثبات غري املعتاد أما املنع فكاجلنس من احلركات االختيارية مع سالمة البنية وإحساس التيسري والثاين يف كالم املعتاد جمرى العادة ومثال ذلك تيه بين إسرائيل يف قطع الطريق ومنع السحرة من التخييل وحصر زكريا من ال

وجيوز أن يقدر صرف الدواعي عن املعارضة مبثل ما جاء به النيب عليه السالم من جنس املعجزات وإن كان ذلك من قبيل مقدوراهتم وهلذا عد بعضهم إعجاز القرآن من هذا القبيل وهو مذهب مهجور وجيوز أن يقدر منع الناس

ات فال يقدر أحد على املعارضة بالدعوى فضال عن معارضته عن التحدي مبثل ما حتدى به النيب من جنس املعجزباخلارق للعادة ويكون هلذه املعجزة قرينة متصلة بنفس الدعوى حىت ال ختلو قط دعوى نيب من األنبياء عن قرينة الصدق وال تتأخر الداللة عن نفس التحدي وهذا أبلغ يف باب اإلعجاز فإن املتصدي للمعارضة حيس من نفسه

ا مع استمرار عادته مبثل ذلك التحدي فيقول النيب إين رسول اهللا إليكم وآية صدقي أن ال يعارضين معارض يف عجزنفس دعواي هذه والنفوس متطلعة واأللسن سليمة والدواعي باعثة فتتحري العقول وتنحصر األلسن وتتراجع

ضه معارض مبثل التحدي والدعوى فيقول الدواعي وتنمحق الدعاوي لست أقول ال ينكره منكر بل أقول ال يعارال بل إين رسول اهللا إليكم وهلذا مل جند يف قصص األنبياء من عارضهم مبثل دعواهم يف حال التحدي وال استمرت هذه الدعوى ألحد من بعدهم وال يلتفت إىل ما حيكى عن مسيلمة الكذاب أنه ادعى الرسالة عن اهللا تعاىل فإن من

أما بعد فإن األرض بيين وبينك نصفني مل يكن معارضا له يف نفس دعواه بل مسلما له من وجه كتب إىل نيب اهللا ومتحكما من وجه ومن ادعى الرمحانية يف احلالة الثانية مل يكن ثابت القدم على الدعوى األولة وكان من حقه لو

ية وشريك رسوله يف األرض فاعرف هذه الدقيقة كان متنازعا له أن يقول إين عبد اهللا ونبيه ال شريك اهللا يف الرمحان .فإن فيها سرا وغورا

مث اجلواب عن شبهات املنكرين أن نقول قولكم أن اقتران املعجزة بدعوى املدعي ال ينتهض دليال على صدقه فإن .نفس االقتران باإلضافة إىل دعواه أو إىل غريها من األفعال أو األقوال مبثابة واحدة

ل تعريف اهللا تعاىل عباده صدق الرسل باآليات اخلارقة للعادة كسبيل تعريفه إياهم إالهيته باآليات الدالة فنقول سبيعليها والتعريف قد يكون بالقول تارة وقد يكون بالفعل أخرى والتعريف بالقول قد يكون إخبارا عن صدقه كقوله

بيها على صدقه بتعجيز اخللق عن معارضته كما علم وقد يكون تن" إين جاعل يف األرض خليفة " تعاىل للمالئكة فكما عجزت " فأتوا بسورة من مثله " آدم األمساء كلها مث عرضهم على املالئكة وكما علم املصطفى القرآن وقال

املالئكة عن معارضة آدم باألمساء عجزت العرب والعجم عن معارضة املصطفى بآيات القرآن ودلت األمساء دق النيب األول والنيب اآلخر وملا ثبت صدق األول كان مبشرا مبن بعده إىل اآلخر وملا ثبت صدق واآليات على ص

اآلخر كان هو مصدقا ملن قبله إىل األول فكانت األقوال متواصلة والعلوم متواترة والكلمات متفقة والدعوات صطفاه اهللا عز وجل لرسالته من متحدة والكتب والصحف متصادقة والسيوف على رقاب املنكرين قائمة ومن ا

عباده واجتباه لدعوته كساه ثوب مجال يف ألفاظه وأخالقه وأحواله ما يعجز اخلالئق عن معارضته بشيء من ذلك فيصري مجيع حركاته معجزة للناس كما صارت حركات الناس معجزة ملن دوهنم من احليوانات ويكون مستتبعا مجيع

واهللا يصطفي من املالئكة رسال ومن الناس رسال " مستسخرا مجيع أنواع احليوان نوع اإلنسان كما صار اإلنسان .ونعيد ما أبديناه آنفا" مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على اهللا حجة بعد الرسل

ل قام الدليل فنقول أنتم معاشر الصابئة والربامهة املعولون على جمرد العقول وقضاياها وافقتمونا ومل حيتج باملوافقة ب

Page 142: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الواضح على أن هللا تعاىل تصرفا يف عباده بالتكليف واألمر وعلى حركاهتم باإلحكام واحلدود ومن القضايا العقلية أن نوع اإلنسان حيتاج إىل اجتماع على نظام وصالح وإن ذلك االجتماع لن يتحقق إال بتعاون ومتانع وإن ذلك

حكام وإن تلك احلدود واألحكام جتب أن تكون موافقة حلدود اهللا التعاون والتمانع لن يتصور إال حبدود وأوأحكامه وإن كل من دب ودرج ليس يتلقى من اهللا حدوده وأحكامه وال له أن يضع من عند نفسه حدودا

وأحكاما فلزم العقل ضرورة أن يكون بني الناس شرع يفرضه شارع يتلقى من اهللا وحيا وينزله تنزيال على عباده .ذه قضايا عقلية بيننا وبينكم وإمنا حقيقة القول إيل إىل تعيني الشارعوه

فنقول لن يتحتم على اهللا تعاىل تعريف صدق من اصطفاه لرسالته وتعيني شخص من اجتباه لشريعته فإنه يؤدي إىل ال طريق إىل التعجيز وإىل تكليف ما ال يطاق وهو كما لو كلف عباده مبعرفته مث يطمس عليهم وجوه أدلته وإذ

التصديق إال بالقول والفعل وال طريق إىل ذلك بالقول تعني الفعل ولرمبا يعرف املالئكة بالقول ويعرف الناس بالفعل ولرمبا يعرف النوعني هبما مجيعا أعين تعريفهما بفعل نازل منزلة القول أو بقول دال داللة الفعل وليس ذلك

ل وجوبا له حىت ال يؤدي إىل التعجيز يف نصب األدلة وحىت ال يفضي إىل التعريف إجيابا عليه تعاىل وتقدس بربنا لوال " التكذيب يف خرب االستخالف وحىت ال يكون على اهللا حجة بعد الرسل بتكليف ما ال يطاق فيقال

ه إىل معرفتك وإذا أرسلت فهال بنيت لنا طريقا ودليال يتوصل به إىل صدقه ويتوصل بتصديق" أرسلت إلينا رسوال .وطاعتك

وقولكم أن الرسول حييل نزول اآلية إىل مشيئة اهللا تعاىل قلنا تلك احلوالة من أدل األدلة على صدق املقالة إذ لو ادعى االستقالل بإظهار اآليات ما كان خمربا عن اهللا تعاىل بأمره وال داعيا إىل اهللا بإذنه فهو يف كل حال من

ويظهر العجز من نفسه وحييل احلول والقوة إىل مرسله وكان الفصل الذايت لنفس النيب األحوال يثبت حق موكله عليه السالم أن ال يكون موكوال لنفسه طرفة عني فال ينطق عن اهلوى وال يتحرك إال على منت اهلدى وذلك هو

فما ينطق عن اهلوى إن هو " نسان العصمة اإلهلية املقيمة لنفسه املقومة لذاته ولئن كان النطق فصال ذاتيا لنوع اإلفصل ذايت لنفس النيب عليه السالم أعرف اإلشارة وال تؤاخذين بالعبارة ونقول أنتم معاشر " إال وحي يوحى

الصابئة سلمتم بنبوة عاذميون وهرمس ومها شيث وإدريس عليهما السالم فبم عرفتم صدقهما أمبجرد الدعوى متوه دليال يف حق شخص واحد ثبتت به نبوته أو على اجلملة صدقه يف مجيع واخلرب أم بدليل ونظر وكل ما قدر

أقواله فهو دليل املخرب الثاين والثالث وإن أحلتم الرسالة يف الصورة البشرية فهما بشر مثلكم وأنتم خمربون عنهما .بشر مثلنا

تباعههما واحملافظة على حدودمها فإن قلتم أهنما كانا حكيمني عاملني ال نبيني مرسلني قيل ومب وجب عليكم اوإحكامهما وانتهاج مناهجهما يف الدعوات والصلوات والصيام والزكوات وقد تساوت أقدامكم يف العقول

.واألنفس وتشاهبت صوركم يف البشرية واإلنسانيةعىن هلا إال اخلرب ومن عجب ما يلزم منكري النبوة أن من أنكر النبوة فقد أقر هبا من حيث أنكرها فإن النبوة ال م

عن اهللا تعاىل بأنه أرسل رسوال ومن أنكر فقد ادعى أنه خمرب عن اهللا أنه مل يرسل رسوال فقد ادعى الرسالة لنفسه فكان إنكاره إقرارا وعاد إنكاره تسليما ومن سلم أن هللا على عباده تكليفا وأمرا فقد سلم أنه يرسل رسوال وإمنا

وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم اهلدى إال أن قالوا " سالة هل تتصور يف الصورة البشرية النزاع وقع يف أن الروإذا بينا أن البشرية ال تنايف الرسالة فقد أثبتنا جواز انبعاث الرسل والصابئة سلموا الرسالة " أبعث اهللا بشرا رسوال

وعملوا األشخاص على صورة اهلياكل فتقربوا إليها للروحانيات وأوجبوا التوجه إىل هياكلها من الكواكب السبعة

Page 143: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وذلك عود إىل الصورة واألصنام واحلنفاء سلموا الرسالة للجسمانيات وأوجبوا التوجه إىل أشخاصهم ومل يتخذوا قل سبحان ريب هل كنت إال بشرا " أصناما آهلة وال اعتقدوا النبيني أربابا لكنهم قالوا هلم طرفان بشرية ورسالة

فبطرف البشرية يشاكل نوع اإلنسان ويشاركه فيأكل ويشرب وينام ويستيقظ وحيىي وميوت وبطرف " رسوال الرسالة يشاكل نوع املالئكة ويشاركه فيسبح ويقدس ويبيت عند ربه فيطعمه ويسقيه وتنام عيناه وال ينام قلبه

كانت قائمة وقد أظهرها اخلليل صلى اهللا عليه وميوت قالبه وال ميوت روحه واملناظرة بني الفريقني يف أول الزمانإين بريء مما تشركون إين وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا وما أنا من " وسلم حيث قال

وبذلك أمر خامت النبيني عليه السالم قال علي ملة أبيكم إبراهيم وقال إين أمرت أن أكون أول من " املشركني .جهي اآلية وغريها من اآليات وفيه فصول كثرية ذكرناها يف كتاب امللل والنحلأسلم وقال إين وجهت و

وأما اجلواب عن مسئلة إمهال النظر وإفحام األنبياء فإمنا يلزم اإلفحام على من قال باملهلة وجيب على النيب إمهال جييب بأين جئت ألرفع املهلة النظر وذلك مذهب املعتزلة وأما من قال بأنه ال ميهله وال جيب عليه أن ميهله بل

وأرشدك إىل معرفة املرسل بأن أخرب عنك مبا ال ميكنك إنكاره وهو احتياجك إىل صانع فاطر حكيم إذ كنت تعرف أيها الناس اعبدوا ربكم " ضرورة أنك مل تكن فكنت وما كنت بنفسك بل بكون غريك وهذه هي ابتداء الدعوة بيا

فكيف ميهله ويكله إىل نفسه وهو مأمور بدعوة الناس إىل التوحيد " علكم تتقون الذي خلقكم والذين من قبلكم لواملعرفة حالة فحالة وشخصا فشخصا واالستمهال إمنا يتوجه إذا خلت الدعوة عن احلجة امللزمة والداللة املفحمة

لى دعوته عن الداللة على فإن من حتققت رسالته عنه يف نفسها وتصدى لدعوة الناس إىل وحدانية اهللا تعاىل ال خيالتوحيد أوال مث يتحدى بالرسالة عنه ثانيا اعترب حال مجيع األنبياء عليهم السالم يف دعوهتم أما آدم أبو البشر فقد

فلم يكن يف أول زمانه من كان مشركا فيدعوه " إين جاعل يف األرض خليفة " ثبت صدقه بإخبار اهللا تعاىل مالئكته ني أمروا بالطاعة فمن صدق اهللا تعاىل يف خربه فسجد له بأمره ومن مل يسجد فكأنه مل يصدق إىل التوحيد وح

أن اعبدوا اهللا ما لكم من إله غريه " فاستحق اللعنة وهو أول من كفر وأما نوح عليه السالم فأول كالمه مع قومه وأما هود بعده " رجل منكم لينذركم أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على " فأثبت التوحيد مث النبوة فقال "

أثبت التوحيد مث النبوة أما " ولكين رسول من رب العاملني " مث قال " يا قوم اعبدوا اهللا ما لكم من إله غريه " فقال وأما لوط فإنه كان " قد جاءتكم بينة من ربكم " مث قال " يا قوم اعبدوا اهللا ما لكم من إله غريه " صاحل بعده قال

وقال " الناس بدعوة اخلليل وما جرى بينه وبني قومه من عبدة األوثان والكواكب من أظهر ما يتصور يدعوأتتخذ أصناما آهلة يا أبت مل تعبد ما ال يسمع وال " وقال ألبيه آزر " أتعبدون ما تنحتون واهللا خلقكم وما تعملون

ت إين قد جاءين من العلم ما مل يأتك فاتبعين أهدك صراطا يا أب" مث أثبت الرسالة فقال " يبصر وال يغين عنك شيئا وكانت الدعوة جارية على لسان أوالده إىل زمن موسى عليه السالم وكان من شأنه مع فرعون ما كان إذ " سويا

له قال له فرعون وما رب العاملني فمن ربكما يا موسى حىت حقق عليه التوحيد بتعريف وحدانيته استدالال من أفعاربنا الذي " عليه يف جواب وما رب العاملني قال رب السموات واألرض وما بينهما ويف جواب من ربكما قال

فمن كان منكرا للتوحيد " إين رسول من رب العاملني " مث قال بعد ما قرر التوحيد " أعطى كل شيء خلقه مث هدى اية معه بإثبات النبوة كحال عيسى مع بين إسرائيل إذ قال وجبت البداية معه بإثباته ومن كان مقرا به وجبت به البد

وملا كانت دعوة سيد البشر حممد صلى اهللا عليه وسلم أكمل ورسالته أرفع وأجل " قد جئتكم ببينة من ربكم " أثبت " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم " كان يبتدئ تارة مع عبدة األصنام بإثبات التوحيد مث بالنبوة

احتياجهم ضرورة إىل فاطر وشاركهم يف ذلك من قبلهم والذين من قبلكم كما قرر احتياجهم إىل اخلالق يف

Page 144: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

اآلية مث قرر بعد ذلك " الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء بناء " وجودهم قرر احتياجهم إىل رازق يف بقائهم اآلية مبعناها دالة على التوحيد وبظاهر لفظها " ن مثله وإن كنتم يف ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة م" نبوته

يا " البليغ ونظمها األنيق دالة على صدق دعواه وحتديه ولرمبا يبتدئ بدعوى الرسالة مث يضمنها حقائق التوحيد كانت اآلية حىت" أيها الناس إين رسول اهللا إليكم مجيعا الذي له ملك السموات واألرض ال إله إال هو حييي ومييت

اآلية بعذوبة ألفاظها ورطوبة عباراهتا اخلارجة عن نظم الشعراء ونثر الفصحاء اخلارقة لعاداهتم اجلارية وعباراهتم الفائقة أوضح داللة على رسالته وصدق هلجته وكانت معانيها احلقيقية وحقائقها املعنوية دالة على التوحيد واقترنت

االستمهال وليس ذلك أمرا بالتقليد فإن التقليد قبول قول الغري من غري حجة الداللتان اقترانا ال ميكن للمستمعوفيها تقرر حجتان مفحمتان وإمنا مل يلزم تكليف ما ال يطاق إذا مل يكن املستمع متمكنا من االستماع والنظر

لدعوة النبوية واحلجةوالتدبر يف كل ما يستمعه ويعقله حىت لو أنكره ظهر عناده وبطل استرشاده هذا هو طريق ا

العقلية ال كما زعمت املعتزلة أن املستمع إذا استمهل وجب على النيب إمهاله فيلزمهم أن ال تثبت لنيب ما رسالة وال يستمر لرسول ما دعوة فإن كل عاقل إذا استمهل وأمهل تعطلت النبوة يف احلال وصار منتظرا مدة اإلمهال

العود إليه وبعد مل تثبت عنده نبوته بل يعود جربيل عليه السالم ويقول قم فأنذر حىت يعود إليه الدعوة وإن يلزم فيقوم إىل املستجيب فيقول أنت أمهلتين وأنا بعد يف مهلة النظر والنظر طريق املعرفة فتريد تصدين عن الطريق فأنت

النيب قوال وفعال فيلزم قبل معرفيت من أنت مضل ضال قاطع للطريق فيتخاصمان ويقتتالن ويؤول اإللزام إىللعقلية ال كما .املعتزلة القول بأن أول واجب على العاقل قتال النيب عليه السالم وقتله وهذا مما ال حميص هلم عنه

زعمت املعتزلة أن املستمع إذا استمهل وجب على النيب إمهاله فيلزمهم أن ال تثبت لنيب ما رسالة وال يستمر اقل إذا استمهل وأمهل تعطلت النبوة يف احلال وصار منتظرا مدة اإلمهال حىت يعود إليه لرسول ما دعوة فإن كل ع

الدعوة وإن يلزم العود إليه وبعد مل تثبت عنده نبوته بل يعود جربيل عليه السالم ويقول قم فأنذر فيقوم إىل ريد تصدين عن الطريق فأنت قبل املستجيب فيقول أنت أمهلتين وأنا بعد يف مهلة النظر والنظر طريق املعرفة فت

معرفيت من أنت مضل ضال قاطع للطريق فيتخاصمان ويقتتالن ويؤول اإللزام إىل النيب قوال وفعال فيلزم املعتزلة .القول بأن أول واجب على العاقل قتال النيب عليه السالم وقتله وهذا مما ال حميص هلم عنه

ص والتنجيم وعلم السحر والطلسمات قلنا ال ينكر العاقل حصول وأما اجلواب عن ردهم اخلوارق إىل اخلواالعجائب من اخلواص والعزائم لكن أمثال هذه الغرائب ليست ختلو قط عن حيل كسبية تنضاف إليها من مباشرة فعل ومجع شيء إىل شيء واختيار وقت وتعزمي قول وإعداد آلة واستعداد مادة وباجلملة من مزاولة فعل وقول من

ة املدعي حبيث يتبني للناظر أن ذلك ليس فعال هللا تعاىل أنشأه يف احلال تصديقا لدعوته خبالف املعجزة فإن كل جهعاقل يعلم بالضرورة أن عظاما رفاتا رماما جتتمع فتحيا شخصا وتتشخص حيا من غري معاجلة من جهة املتحدي وال

ن اهللا تعاىل يظهر منه قصده إىل تصديق رسوله فإنا قد ذكرنا أن مزاولة أمر عنه ال يكون ذلك إال فعال وصنعا مالفعل بتخصيصه ببعض اجلائزات يدل على إرادة الفاعل فإذا فعله عقيب دعوته مقترنا بدعواه وهو صادق يف نفسه

ن دل على قصده إىل تصديقه وختصيصه لرسالته ولو قدر ظهور مثل تلك املعجزة على يد كاذب مل جيز أن تقتربدعواه النبوة بل يصرف عنه داعيه الدعوى ضرورة حىت ال ينقلب الدليل شبهة وال ينسحم الطريق على قدرة اهللا تعاىل يف إظهار التصديق باآليات وكما إذا اختص الفعل بوقت وقدر وشكل دل على إرادة خمصصة بذلك الوقت

بوقت حتدي املتحدي دل ذلك على أنه إمنا أراد والقدر والشكل ولن يقدر وقوعه اتفاقا كذلك إذا اختص الفعل ختصيصه بالصدق وكما مل خيتلف وجه الدليل على وجه تعلق اإلرادة بتخصيص التصديق فافهم هذه الدقيقة هذا

Page 145: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كمن علم أن له عند اهللا دعوة مستجابة فدعا واستجيب له علم ضرورة أن اجمليب أراد ختصيصه بتلك اإلجابة ليه ومل يقدح يف علمه ذلك جتويز اجملوز أن ذلك رمبا يقع اتفاقا أو بسبب آخر فإذا كان مثل كرامة له وإنعاما ع

ذلك معلوما يف اجلزيات لكل شخص شخص عرف مواقع نعم اهللا تعاىل على عبده وكان بصريا بزمانه مقبال على تبني أنه خيلق ما يشاء وخيتار ما كان هلم شأنه فما ظنك حبال من اصطفاه اهللا تعاىل من خليقته واجتباه من بريته وقد

.اخلرية من أمرهم قال املنكرون ولنا أسئلة أخرى وجب عليكم اجلواب عنها

منها أن اخلارق للعادة إذا تكرر وتواىل صار معتادا باالتفاق فما يؤمنكم يف احلالة األوىل أنه من املتكررات املعتادة ألحوال ألستم تشترطون أن يكون اخلارق يف زمن التكليف فإن يف آخر الزمان يف ثاين احلال وإن مل يوجد يف سابق ا

تنخرق العادات كلها فتتكور الشمس وتتكدر النجوم وتسري اجلبال وتنشق السماء وتزلزل األرض فلو ادعى مدع ل متحضت فعال أن هذه وأمثاهلا معجزايت وهي باالتفاق خوارق ال تندرج حتت قوة البشر وال يتوصل إليه باحليل ب

هللا تعاىل فال يكون ذلك دليال على دعوى هذا املدعي فالعاقل يف زمن التكليف رمبا يتوقع أن تتواىل اآليات فال .حيصل له العلم بكوهنا آية على صدقه ما مل يأمن التوايل والتعاقب بل يورثه ذلك توقفا وتربصا

احلال كذلك جيوزون وقوع أمثاله يف سالف األيام أو يف قطر ومنها أن العقالء كما جيوزون وقوع أمثاله يف ثاينآخر من األقطار أو ظهور ذلك بفعل فاعل آخر وإن كانوا عاجزين عن معارضته فرمبا ال يعجز غريهم فعجزهم ال

.يدل على صدقهتضى ومنها أن الشك يف صدقه لكل واحد من الناس فيجب أن يكون الرافع للشك لكل واحد واحد وعلى مق

ذلك يلزم أن خيصص كل واحد أو كل مجع غيب أو حضور مبعجزة خاصة وليس ذلك شرطا على أصلكم بل عندكم املعجزة الواحدة جلماعة من أهل اخلربة والبصرية كافية ويلزم التصديق على غريهم من أهل التقليد وال

قت باملعتاد فماذا يلزمنا تصديق جيب استمرار املعجزة يف كل زمن بل لو استمرت خرجت عن اإلعجاز والتحاألنبياء املاضني ومل جند يف زماننا ما يدل على صدقهم ومبا يلزم أهل األقطار يف زمانه ومل يشاهدوا ما ظهر على يده

.من اآليات وهذا مشكلعلى ومنها أنكم إذا جوزمت اإلضالل على اهللا تعاىل فما يشعركم أنه يظهر اآليات على يدي كاذب وال يظهرها

وفق صادق فال ذلك يضره يف اإلهلية وال هذا ينفعه يف الربوبية وكثري من األنبياء قد خلت دعوهتم من املعجزة فمضوا على أمر اهللا دعاة للخلق من غري التفات إىل طلب اآليات منهم ومن غري إكباب على طلب اآليات من اهللا

.لربطتعاىل فما بالكم ربطتم صدق الرسول باملعجزات هذا اومنها قوهلم هل للخلق طريق إىل معرفة صدق الرسل سوى املعجزات اخلارقة للعادات فإن منعتم ذلك فقد حصرمت

القول وحسمتم الطريق على اهللا تعاىل وذلك تعجيز وإن جوزمت ذلك فهال وجب ذلك وجوب املعجزة فما الذي .جعل املعجزة أوىل بالداللة من ذلك الدليل

م ال ختلون عن دعوى علم ضروري يف وجه داللة املعجزة فتارة تدعون الضروري من حيث القرينة ومنها قوهلم أنكاحلالية وهي اقتران التحدي باملعجزة وتارة تدعون ذلك من حيث داللتها على قصد املخصص إىل التخصيص وتارة

سالمتها عن املعارضة فهال تدعون ذلك من حيث أهنا نازلة منزلة التصديق بالقول وتارة تدعون ذلك من حيث .ادعيتم الضرورة يف أصل الدعوى أنه يعلم صدقه ضرورة

ولئن قلتم أن قوله خرب حيتمل الصدق والكذب فيقال لكم واالحتماالت تتوجه إىل هذه الوجوه أيضا فبطل

Page 146: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

" " سحر مستمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا" دعواكم الضرورة فيها خصوصا واملنازع فيها على رأس اإلنكار ما نسبتهم إىل العناد الصرف نسبوك إىل اجلور احملض " وما تأتيهم من آية من آيات رهبم إال كانوا عنها معرضني

.فما وجه اخلالص والت حني مناصقال أهل احلق أما اجلواب عن السؤال األول أن املعتاد إمنا مل يكن دليال ألنه ال اختصاص له بدعوى املدعي وغري

ملعتاد خيتص بدعواه اختصاص داللة أما من حيث القرينة كحمرة اخلجل وصفرة الوجل وأما من حيث أن ااختصاص الفعل بدعواه كاختصاصه بوقت معني مث اختصاصه بوقت معني دليل قصد املخصص بالوقت واختصاصه

اخلارق بعد ذلك مل ترتفع بدعواه دليل قصد املخصص إىل التصديق والوجهان حاصالن بنفس االقتران ولو تواىلهذه الداللة فإن اعتياده يف ثاين احلال مل يرفع القرينة األوىل وال أبطل االختصاص األول وقال بعضهم املعجزة كما سلمت عن املعارضة تسلم عن االعتياد يف ثاين احلال وهلذا مل يعهد من معجزات األنبياء ما كان خارقا يف األول مث

.لثاين احلال وإمنا هو إلزام جتويزي عقلي فيندفع مبا ذكرناه منعا لإللزامصار معتادا يف ا

وأما اجلواب عن السؤال الثاين فهو يقارب ما ذكرناه من حتقيق وجه داللة املعجزة وباجلملة التجويزات اخليالية عقلية وهو اختصاصها بتحدي والومهية مدفوعة بالدالئل العقلية والقرائن القطعية وقد قررنا أن املعجزة ذات داللة

املدعي واقتضاء االختصاص قصدا إىل التخصيص وجواز حصول مثل ذلك يف قطر من األقطار أو يف وقت من األوقات ال خترج الداللة عن كوهنا دالة ألنه مل يوجد اقتران يدل على االختصاص واختصاص يدل على قصد

رينة وجواز حصول مثله ال يرفع داللة القرينة كمن عرف قطعا التصديق واملعجزة أيضا ذات داللة من حيث القحبكم قرينة اطراد العادة أن ماء الفرات مل ينقلب دما عبيطا وهو جار جريانه يف األول مه أنه جيوز عقال أو ومها من

العلم الضروري وكذلك قضية قدرة اهللا تعاىل أنه قلبه دما جاريا أو يبس النهر عن اجلريان وهذا التجويز ال يدفعجيوز عقال أن تكون الصفرة يف الوجه غري دالة على الوجل لكن إذا اقترنت هبا حال وسبب للوجل علم ضرورة

.أهنا صفرة الوجل ال صفرة املرضونقول نعلم ضرورة أن الصعود إىل السماء واملشي على املاء وإحياء املوتى وقلب العصا حية تسعى وأمثال ذلك

عادة البشر فإذا اقترنت بتحدي الرسالة أو تصديق قول ما كانت آية وحجة على البشر وإن مل تكن نقضا نقض للعادة املالئكة واجلن واملعترب يف كون اآلية حجة أن يكون ذلك نقضا لعادة من كانت اآلية حجة عليه والعادة عادة

ألنه نقض لعادهتا وإن كان معتادا ألهل البصرة له وكذلك لو ادعى النيب مدا وجزرا يف جيحون كان ذلك حجة .وكذلك لو قال آية صدقي أن ينبت اهللا خنيال خبراسان كان ذلك آية معجزة له

وأما اجلواب عن السؤال الثالث أن نقول كل من عارضه شك يف صدق املتحدي وجب إراحته لكن املعجزة إذا غفري فأخرى أن ال يبقى شك ألهل الصناعات األخر وإن ظهرت ألهل اخلربة وحصل هلم العلم بذلك وهو جم

أشد الناس إنكارا من كان عنده خربة وبصرية خبواص األشياء وأحوال أهل املخرقة والتخيل وإذا ظهرت املعجزة ىل على خالف ما تومهوه فهو أوىل الناس بالقبول وأما العامة فالتخيالت واملخاريق إذا أورثت هلم شكا يف احلال فأوأن ال يعتريهم ريب يف مقال أصحاب املعجزات فيلزمهم اإلقرار بتصديقه ويلزم غريهم من العامة إذا مسعوا منهم

جلية األمر االعتراف به من غري توقف وال ريب وال جيب على النيب عليه السالم تتبع آحاد الناس وإفراد كل عنده كنسبته إىل غريه إما يف زمانه وهو يف قطر آخر واحد مبعجزة خاصة وإذا تقرر صدقه فنسبة قوله إىل من صح

.باستفاضة اخلرب إليه واملواترة عليه وإما يف غري زمانه بالنقل واالستفاضة والشيوع

Page 147: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وأما اجلواب عن السؤال الرابع نقول حنن جنوز اإلضالل على اهللا تعاىل ولكن بشرط أن ال يقع خالف املعلوم املدلول وال يلتبس الدليل والشبهة وبشرط أن ال يؤدي األمر إىل التعجيز وبشرط وبشرط أن ال يتناقض الدليل و

أن ال يؤدي إىل التكذيب يف القول ونذكر لكل واحد وجها ومثاال فنقول إذا علم الرب تعاىل أنه يرسل رسوال وقع األمر على خالف يهتدي به قوم فهو كما يعلم أنه ينصب دليال يستدل به قوم فلو أضلهم بعني ذلك الدليل

املعلوم وذلك حمال وكذلك إذا أخرب أنه يرسل رسوال يهتدي به مث أضل كل من بعث إليه تناقض اخلرب وانقلب الصدق كذبا وذلك حمال فإن الكذب ال جيوز على اهللا تعاىل وإمنا ال جيوز ذلك عليه ألن الكذب إخبار عن الشيء

هو به وكل من علم شيئا كان له خرب عن معلومه واخلرب عن املعلوم خرب على خالف ما هو به وهو يعلمه على ماعن ما هو به فال جيتمع يف العامل خربان متناقضان وإذا علم الرب تعاىل صدق النيب وأخرب عن صدقه فقد صدقه

تلف فإذا دل ومن صدقه فال جيوز أن يكذبه ومن وجه تناقض الدليل أن جهة الداللة يف القرينة ويف الفعل ال ختالشيء على شيء ال جيوز أن يدل على خالفه فإن ذلك غري مقدور كما أن جهة التخصيص إذا دلت على اإلرادة مل تدل على خالف ذلك فجهة التخصيص بالتصديق ال تدل على خالف قصد املخصص بالتصديق فإرسال رسول

لق وإظهار خارق للعادة على يدي كاذب يف وإخالؤه عن دليل الصدق وإظهار معجزة والقصد هبا إىل إضالل اخلمعارضة دعوى النيب كل ذلك حمال ملا ذكرناه أنه يؤدي إىل حمال كإخالء النظر الصحيح التام عن اإلفضاء إىل العلم فإنه إذا مت وجب وجود العلم ال حمالة وكنصب داللة التوحيد لتدل على الشرك واإلضالل على اإلطالق جيوز أن

تعاىل مبعىن أنه خيلق ضالال يف قلب شخص لكنه إذا أدى إىل حمال فهو حمال فال يفعله لتناقضه يضاف إىل اهللا .واستحالته وال لقبحه وبشاعته

وأما اجلواب عن السؤال اخلامس نقول ال ينحصر طريق التعريف يف املعجزات بل جيوز أن خيلق هلم علما ضروريا ب املعجزة ليعرف هبا صدقه أو ينصب هلم إمارات أخر غري خارقة للعادة لكن بصدق النيب فال حيتاج املذكر إىل طل

يتبني لواحد حبكم قرينة أورثت علما لشخص ومل تورث علما لغريه أو خيرب من استأهله لسماع كالمه فيعلم صدقه يم األمساء لزم تصديقه وإذا ثبت صدقه عندهم إما باخلرب أو بتعل" إين جاعل يف األرض خليفة " كما أخرب املالئكة

على كل من خلف بعدهم وإذا أخرب من ثبت صدقه بدليل ما عن صادق آخر خيلفه وجب تصديقه وكذلك اخلرب عن كل صادق بشارة ملن بعده وإعالما للخلق بآيات يف خلقه وصورته وقوله وفعله وجب على كل من مسع ذلك

ومبشرا برسول يأيت " هذه احلالة على لسان عيسى عليه السالم تصديقه بإخبار األول وهلذا أخرب التنزيل عن مثل النيب األمي الذي جيدونه مكتوبا عندهم يف التوراة واإلجنيل " وعلى لسان موسى عليه السالم " من بعدي امسه أمحد

اإلجنيل أكثر من أن اآلية وأماراته يف التوراة و" ربنا وابعث فيهم رسوال " اآلية وعلى لسان اخلليل عليه السالم " حتصى ولقد كان ملوسى عليه السالم بيت صور أعين صور األنبياء واألولياء عليه السالم يدخله فيطالع الصور كل

سبت فلو مل يظهر النيب معجزة قط كان ما مضى من الدالئل كافيا له فلهذا اقتصرت معجزاته على إظهار األمر اليهود والنصارى فإهنم كانوا حمجوبني مبا ثبت عندهم من األخبار عن لألميني من العرب دون أهل الكتاب من

.الصادقني

وأما اجلواب عن السؤال السادس نقول كل علم نظري ال بد وأن يستند إىل علم ضروري ولكن الضروري رمبا إليه يف أول املرتبة يكون بعيد املبدأ وإمنا يستند إليه النظري بعد نظريات كثرية ورمبا يكون قريب املبدأ فيستند

والعلم بصدق النبوات إن عددناه من جنس العلوم احلاصلة بقرائن األحوال فهو يف أول املرتبة يصل إليه فيقال هذا املتحدي إما أن يكون صادقا وإما أن يكون كاذبا وبطل أن يكون كاذبا حلصول اخلارق للعادة على يده وعلى وفق

Page 148: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ض واقتران هذه املعاين مما يستعقب علما ضروريا بصدقه فيدعي الضرورة ها هنا ال دعواه من غري أن يعارضه معاريف أول الدعوى وإن عددناه من جنس العلوم احلاصلة بوجه دليل التخصيص بالتصديق فالعلم احلاصل به كالعلم

ريد هذا املراد بعينه احلاصل بكونه مريدا فإن التخصيص يدل على أنه مريد وهذا التخصيص بعينه يدل على انه موكون املنازع على رأس اإلنكار ال يدفع الضرورة الواقعة يف العلم فإنه بعد ظهور اآلية معاند عنادا ظاهرا واعلم

أن النبوة والرسالة إمنا ميكن إثباهتا بعد إثبات كون الباري تعاىل آمرا ناهيا مكلفا واجب الطاعة ومن مل يثبت كونه ميكنه إثبات النبوة وأول أمر يتوجه منه تعاىل على عباده فإمنا يتوجه أوال على رسوله بالدعوة إىل آمرا ناهيا مل

التوحيد بأنه ال إله غريه أي ال خالق وال آمر غريه على عباده باستماع دعوته والنظر يف معجزته والنيب يصح أوال ال وأن تكون آية الصدق معه ألن حقيقة النبوة هو صدق صدقه يف مجيع أقواله مث يؤدي رسالته وال يتصور نيب قط إ

القول مع ثبوت اآلية فلو قدر نيب خاليا عن اآلية فكأنه ال نبوة له بعد لكن اآليات قد تكون آيات خمصوصة على كل مسئلة وقول يدعي ذلك وذلك مثل داللته على التوحيد بأن اإلله واحد يف خلقه وأمره ال شريك له وقد تكون

يات عامة تدل على صدق قوله يف مجيع أقواله وأحواله وتلك اآليات قد تكون من جنس األقوال كآيات اإلحياء اآلوقلب اجلماد حيوانا وباجلملة فداللة الصدق ال تنفك عن حالة ومقالة طرفة عني وذلك هو املعىن بالعصمة الواجبة

لة وتناقضت الدعوى خصوصا فيما أرسلوا به إليهم لألنبياء عليه السالم ألن العصمة لو ارتفعت بطلت الدالوكلف الناس تصديقه يف أقواله ومتابعته يف أفعاله واألصح أهنم معصومون عن الصغائر عصمتهم عن الكبائر فإن الصغائر إذا توالت صارت باالتفاق كبائر وما أسكر كثريه فقليله حرام لكن اجملوز عليهم عقال وشرعا مثل ترك

من األمرين املتقابلني جوازا وجوازا وحظرا وحظرا ولكن التشديد عليهم يف ذلك القدر يوازي التشديد على األوىل غريهم يف كبائر األمور وحسنات األبرار سيئات املقربني وحتت كل زلة جيري عليهم سر عظيم فال تلتفت إىل

.ظواهر األحوال وانظر إىل سرائر املآل

القاعدة العشرون

بات نبوة نبينا حممد صلى اهللا عليه وسلميف إث

وبيان معجزاته ووجه داللة الكتاب العزيز على صدقه ومجل من الكالم يف السمعيات من األمساء واألحكام وحقيقة اإلميان والكفر والقول يف التكفري والتضليل وبيان سؤال القرب واحلشر والبعث وامليزان واحلساب واحلوض

اجلنة والنار وإثبات اإلمامة وبيان كرامة األولياء من األمة وبيان جواز النسخ يف الشرائع وأن والشفاعة والصراط وهذه الشريعة ناسخة للشرائع كلها وأن حممدا املصطفى صلى اهللا عليه وسلم خامت األنبياء وبه ختم الكتاب وإذا

سالم ممن ورد امسه يف الكتاب ومن مل يرد حققنا القول يف النبوات وبيان صدقهم باملعجزات فاألنبياء عليهم الواجبو الطاعة وجيب على كل مكلف اإلميان باهللا ومالئكته وكتبه ورسله وإمنا ثبت صدق من تقدم على نبينا حممد

صلى اهللا عليه وسلم امسا فامسا وشخصا فشخصا مبا ظهر عليه من اآليات ومبا أخرب من ثبت صدقه عندنا وإمنا نبياء عندنا خبرب النيب الصادق عليه السالم ومبا أخرب القرآن أنه خامت النبيني ومن أنكر نبوته من أهل يتحقق ختم األ

. الكتاب وغريهم من املشركني فال متمسك هلم إال القول بإحالة النسخ والقدح يف وجه املعجزة

للناس وبينات من اهلدى والفرقان قال أهل احلق الدليل على صدق نبينا عليه السالم الكتاب الذي جاء به هدى ووجه داللته على صدقه من حيث لفظه البليغ ومعناه املبني فنقول كما متيز نوع اإلنسان عن أنواع احليوانات

Page 149: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

كذلك متيز لسان " ولقد كرمنا بين آدم " بالنطق املعرب عن الفكر وصار ذلك شرفا وكرامة له كما قال تعاىل لسن واللغات بأسلوب آخر من عذوبة اللسان ورطوبة اللفظ وسهولة املخارج والتعبري العرب ولغتهم من سائر األ

بلسان " عن منت املعىن الدائر يف الضمري بأوضح عبارة وأصح تفسري وصار ذلك شرفا وكرامة هلم كما قال تعاىل من الفصاحة املبينة وكذلك متيز لسان النيب صلى اهللا عليه وسلم من لسان العرب بأسلوب آخر" عريب مبني

والبالغة الفائقة والرباعة املطابقة ملا يف ضمريه من املعاين املبينة واحلقائق الرزينة كما ال خيفى على من أنصف واعترب وقال النيب صلى اهللا عليه " لتبني للناس ما نزل إليهم " واخترب كلماته واستبصر وصار ذلك شرفا وكرامة كما قال

وكذلك متيز القرآن عن سائر كلماته بأسلوب آخر خارج " العرب وأنا أفصح من نطق بالضاد أنا أفصح" وسلم عن جنس كالم العرب وعن كلماته أيضا وبنوع آخر من الفصاحة واجلزالة والنظم والبالغة ما مل تعهده العرب يف

آن كان التفاوت بينهما نظمهم ونثرهم وسجعهم وشعرهم حبيث لو قوبل أفصح كلماهتم بسورة واحدة من القرأكثر من التفاوت بني لسان العرب وبني سائر األلسن ولو خاير خماير بني كلمات النيب نفسه وبني ما نزل عليه من

الكتاب املهيمن على الكتب كلها كان الفرق بينهما فرق ما بني القدم والفرق والصرف بينهما صرف ما بني ن الذي جاء به وحي يوحى إليه وتنزيل ينزل عليه داللة له على صدقه الوالية والصرف فعلم ضرورة وقطعا أ

ومعجزة له على فصحاء العرب وبلغاء أهل اللسان وشعراء ذلك الزمان فتحدى بذلك حتدي التعجيز عن اإلتيان وملا " مثله فأتوا حبديث " مث ثىن ذلك فقال " قل فأتوا بكتاب من عند اهللا هو أهدى منهما " مبثله كتابا وقرآنا

ونزل " قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات " عجزوا عن اإلتيان مبثله نزل عن ذلك حني قال القوم إنه افتراه فقال وإن كنتم يف ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا " عن العشر إىل سورة مثله فقال تعاىل

ظهر عجزهم وبان خزيهم أنذرهم صاحب التنزيل وحذرهم املتحدي وملا" شهداءكم من دون اهللا إن كنتم صادقني وكيف ال يكون " فإن مل تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار اليت وقودها الناس واحلجارة أعدت للكافرين " بالدليل

القرآن قل لئن اجتمعت اإلنس واجلن على أن يأتوا مبثل هذا " التعجيز ظاهرا ظهور الشمس والكتاب يقرأ عليهم اآلية أفلم يكن بليغ من بلغاء العرب وفصيح من فصحائهم يتصدى ملعارضة هذه الدعوى العريضة الواسعة لنوعي "

اجلن واإلنس وقد خربوا بني معارضة القرآن واخلروج بالسيف والسنان فكيف اختاروا األشد على األضعف ق األوالد واستباحة األموال على أهون األمور وأيسر وآثروا ما فيه بذل املهج والنفوس واستحالل النساء واسترقا

ما يف املقدور وهو معارضة سورة واحدة أفال يكون ذلك عجزا ظاهرا ونكوال واضحا وإن استراب يف ذلك مستريب تشكيكا لنفسه يف مظان القطع واليقني وتسييعا للغزالة بالطني فالنقد حاضر مل يبدل ولسان القرآن على

حدي كما ورد يف اخلرب القرآن حي جيري كما جيري الليل والنهار ولسان املعارض عي عن املعارضة من رأس التمدة مخس مئة سنة وزيادة وبلغاء العرب قد اجتمعت هلم متانة الشعر يف العصر األول ولطافة الطبع من العصر

القرآن حق وأن قول من أتى به صدق األخري أو مل يفدنا عجز األولني واآلخرين داللة ظاهرة على أن مضمون كيف ولو اعتربت سورة بسورة اعتبار متأمل فيها منصف صادف كل سورة على حياهلا اشتملت على صنف من الفصاحة وضرب من البالغة واجلزالة ومل تشاركها يف ذلك سورة أخرى ورمبا تكون القصة واحدة والتعبري عنها

ون أسلوب النظم والبالغة نوعا آخر يباين األوىل واخترب هذا املعىن يف قصة مثناة خمتلف اختالفا ال خيل باملعاين ويكوباخلصوص يف قصة موسى عليه السالم يف سورة املص وقصته يف سورة طه فمن ذا الذي يقدر على مثل ذلك من

بديع النظم واجلزالة فيه قالوا البشر وكيف يصل إىل غايته القوة املنطقية اإلنسانية وهلذا ملا فطنت البلغاء من العرب ل .إن هذا إال سحر يؤثر هذا من حيث اللفظ

Page 150: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وأما من حيث املعىن فما اشتمل عليه القرآن من غرائب احلكم وبدائع املعاين اليت عجزت احلكماء واألوائل عن تابا ومل يدرس علما وال اإلتيان مبثلها نوع آخر من اإلعجاز خصوصا ممن نشأ يتيما بني األميني من العرب ومل يقرأ ك

تلقف من أستاذ وال تعلم من معلم فلوال أنه وحي حمض يوحى عليه وتنزيل نزل إليه وإال فمن أين لطبع جمرد جيود مبثله وأيضا فما يشتمل عليه القرآن من قصص األنبياء واملرسلني كيف جرت دعوهتم ومن أين أجاب كلمتهم ومن

فمن مل يسمع ذلك من أحد وال خط كتابا بيمينه وال طالع كتب األنبياء نكل عنهم إىل أي حال آل أمرهموالتواريخ واألخبار معجز ظاهر ودليل على أن احلق باهر وهذا يف قصة املاضني فما قولك يف األخبار عن الغيوب

كله وقد أظهر وأخرب أنه مما سيكون يف ثاين احلال مما رأيناه طابق احلال وصدق املقال إذا أخرب أنه يظهره على الدين غلبت الروم وقد حتقق وغري ذلك من األخبار وكذلك ما اشتمل عليه القرآن من أنواع العبادات واملعامالت من

أحكام احلالل واحلرام واحلدود والقصاص والديات وأحكام السياسات إعجاز ظاهر إذ مجع فيها بني إصالح املعاش ية جتمع مشل العامة وتناظر عقل اخلاصة ومن قرأ الكتب املنزلة من التوراة واإلجنيل وجناة املعاد وبناها على قوانني كل

والزبور تبني له الفرق الظاهر بينها وبني القرآن إذ كل ما اشتملت عليه من احلقائق العقلية واألحكام الشرعية على أن يتخطى عما أقررناه إىل بسطها اشتمل عليه القرآن بأوضح عبارة وأوضح إشارة على اختصاصه ومن أراد

مفردات احلروف وكيفيات تركيبها وما فيها من احلكم واملعاين قضى منها العجب وباجلملة القرآن بصورة ألفاظه .وعباراته معجز ومبعىن حقائقه وعجائبه معجب وهو دليل ظاهر على حقيقة ذاته وصدق املتحدي بآياته

كرمتوه من إعجاز القرآن سؤاالن أحدمها أن القرآن مبعىن املقروء قال أهل الزيغ والباطل لنا على مساق ما ذواملكتوب صفة قدمية عندكم والقدمي ال يكون معجزا ومبعىن القراءة هو فعل القارئ وتالوته وفعل العبد ال يكون

.معجزانه ومن املعلوم أن احلرف فإن قلتم أن الرب تعاىل خيلقه يف احلال من غري كسب النيب قيل ويف أي حمل خيلقه أيف لسا

والصوت القائم بلسانه وخمارج حروفه مقدورة له واملعجزة ال تكون مقدورة للعبد أم يف حمل آخر من شجرة أو لوح أو قلب ملك فاملعجزة ذلك املخلوق ال ما نطق به النيب فما هو معجزة مل نسمعه وما مسعناه ليس مبعجزة فما

.اجلواب عن هذا السؤالأنكم قلتم وجه إعجاز القرآن فصاحته وجزالته ونظمه وبالغته فما حدود هذه املعاين أوال حىت نبني حقائقها والثاين

فنتكلم عليها أهي بإفرادها معجزة أم مبجموعها وقد رأينا كم اختلفتم يف أن القرآن معجزة من جهة صرف ل بالقسم الثاين اختلف يف أن الفصاحة بديعة الدواعي أم من جهة ما اشتمل عليه من بديع النظم والفصاحة ومن قا

أم اجلزاالة أم النظم ومن املعلوم الذي ال مرية فيه أن املعجز جيب أن يكون ظاهرا لكل من هو يف حقه معجز ظهورا ال يستراب فيه البتة ومن قال منكم أنه معجز من حيث الفصاحة فقط جوز أن يكون يف كالم العرب مثله من

اجلزالة ومن قال بالثاين فقد جوز املماثلة يف األول فلم يظهر ظهور انقالب اجلماد حيوانا والبحر يبسا حيث النظم وواحلجر الصلد عينا نضاخة إىل غري ذلك من معجزات األنبياء عليهم السالم إذ ظهرت على قضية مل يبق للتردد

.فيها جمال

حيل أن يكون معجزة واملكتسب للعبد كذلك وللقرآن وجوه قال أهل احلق أما السؤال األول فنقول القدمي يستمن املعجزات ولكل وجه وجوه من التقديرات فيجوز أن يقال أن التالوة من حيث أهنا تالوة معجزة وتقدير

اإلعجاز فيها من وجهني أحدمها أن خيلق اهللا تعاىل هذه احلروف املركبة وتلك الكلمات املنظومة يف لسان التايل من أن يكون قادرا عليها وحمركا لسانه بقدرته واستطاعته فتمحض فعال هللا تعاىل ويظهر إعجازه يف نظمه غري

Page 151: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

املخصوص وجيوز أن خيلق اهللا يف نفس النيب كالما منظوما فيترجم عنه بلسانه ويكون حتريك اللسان مقدورا له لكن وال حترك به لسانك لتعجل به إن علينا " قال تعاىل الكالم املعجز ما اشتمل عليه الضمري ونعت يف الصدور كما

أي يف صدرك وقلبك فإذا قرأناه أي مجعناه فاتبع قرآنه وجيوز أن خيلق اهللا ذلك الكالم يف قلب امللك " مجعه وقرآنه أي تنزيال " إنه لقول رسول كرمي " أو يف لسانه فيلقيه وحيا إىل قلب النيب ويعرب عنه النيب بلسانه كما قال تعاىل

وجيوز أن يكون قد خلق اهللا هذه العبارات املنظومة بعينها يف اللوح " علمه شديد القوى " ووحيا وكما قال احملفوظ ليقرأ جربيل عليه السالم منه ويقرأها على النيب صلى اهللا عليه وسلم فيسمع النيب منه كما لو يسمع

ربيل مظهر والنيب مظهر كما أن واحدا منا يقرأه ويكون مظهرا الواحد منا ويكون املعجز هو الكالم املنظوم وجلكن إظهار جربيل إظهارنا ليدل على صدق النيب عليه السالم وهذا كما خلق اهللا تعاىل الناقة يف الصخرة مث أظهرها

كخلق املعجز منها عند دعوة صاحل عليه السالم فيكون إظهار املعجزة مقرونا بالدعوى والتحدي ال إظهار املعجز يف الداللة على الصدق وينبغي أن ننبه ها هنا على هذه الدقيقة وهي أنا إذا روينا شعر الشاعر فنحس من أنفسنا

قدرة على التلفظ بذلك الشعر وال حنس من أنفسنا قدرة على نظم ذلك بل رمبا يكون الراوي عدمي الطبع يف إنشاء ه وما غري املقدور فنقول إذا قرأنا شعرا من كتاب أو مسعناه من لسان الشعر فضال عن نظم خمصوص فما املقدور من

وحفظناه ارتسم اخليال يف القلب والنفس بذلك الشعر ومتكن منه مث عرب بلسانه عنه فيكون املسموع واحملفوظ من لو ألقى من ال حيث أنه مسعه وحفظه مقدورا له لكن النظم املرتب يف احملفوظ واملسموع غري مقدور له وهو كما

يعرف الكتابة أصال لوحا منقورا فيه سور منظومة على تراب ناعم حىت انتقش هبا نقشا مطابقا كان اإللقاء مقدورا له والنقش غري مقدور له إذ ليس يعرف الكتابة أصال فاالرتسام يف النفس واخليال كاالنتقاش يف التراب سواء

مانا أبد الدهر وكذلك ارتسام قلب النيب من إلقاء القرآن إليه وحيا وتنزيال فيبقى نظم الشعر نقشا بعد نقش زكانتقاش التراب الناعم بالنقش املنقور يف اللوح فيكون املرتسم قلبه واملعرب عنه لسانه والرسم غري مقدور له بل

.متحض ذلك ابتداعا من اهللا تعاىل فهذا هو طريق وجوده معجزاظهور كالم الباري تعاىل بالعبارات واحلروف واألصوات وإن كان يف نفسه واحدا أزليا وعلى طريقة أخرى

كظهور جربيل باألشخاص واألجسام واألعراض وإن كان يف نفسه ذا حقيقة أخرى متقدما على الشخص فإنه ال دمت حقيقة يقال انقلبت حقيقته إىل حقيقة اجلسمية يف شخص معني ألن قلب األشخاص حمال وإن قيل انع

ووجدت حقيقة أخرى فالثاين ليس جبربيل فال وجه إال أن يقال ظهر به ظهور املعىن بالعبارات أو ظهور روح ما بشخص ما فكما صارت العبارات شخص املعىن كذلك صارت صورة األعرايب شخص امللك وقد عرب القرآن عن

.جيب أن تفهم عبارات القرآنفكذلك " ولو جعلناه ملكا جلعلناه رجال " مثل هذا املعىن

اجلواب عن السؤال الثاين فنحقق أوال حقائق الفصاحة واجلزالة والنظم والبالغة ومنيز بني كل واحد منها مث نبني أن اإلعجاز يف كل واحد أو يف اجملموع فنقول أوال قوال على سبيل املباحثة والبسط ليتضح الغرض واملعىن به مث نقول

على سبيل التحديد والضبط املنحصر الغرض واملعىن فيه اللفظ قد يكون داال على املعىن داللة مطلقة إما قوال ثانيا وضعا وإما جمازا وقد يكون داال على املعىن بشرط أن يكون مفصحا عن كنه حقيقته معربا عن غرض املتكلم

ة اجلمادات والنبات واحليوان واإلنسان وإرادته والقسم األول مقل قولنا حترك اجلسم فإنه يطلق على حركوالسماء واألرض وكل ما هو قابل للحركة مث إذا وضع اللفظ ملوضوع خاص عرب عن تلك احلركة بعبارة أخص

فإن املور أخص داللة من السري ومها أخص من " يوم متور السماء مورا وتسري اجلبال سريا " كما ورد يف القرآن حركة لطيفة جلسم لطيف وذلك كالشعاع يذهب شعاعا خبالف السري فكان املور املضاف احلركة وذلك أن املور

Page 152: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

إىل السماء والسري املضاف إىل اجلبال مفصحا عن منت الغرض مبينا عن املعىن الالئق به وكان أفصح من حتركت خارج سهل التلفظ السماء وسارت وجاءت وذهبت مث هو مع فصاحته لفظ جزل ألنه متالقي التركيب متقارب امل

به مطابق املعىن وذلك هو معىن اجلزالة وقد توجد اجلزالة والفصاحة يف لفظ واحد وقد توجد يف ألفاظ كثرية ومجل .من الكالم غري يسرية وال بد من نظري تلك الكلمات

ما دوهنا درجة ما فالنظم يطلق على مطلق التركيب والترتيب لكنه ينقسم أقساما فقد يقع ركيكا وقد يقع رفيعا تتحقق يف احملاورة املعتادة وفوقها ما تتحقق يف املكاتبة واملراسلة وفوقها درجة ما تذكر يف اخلطابة واملواعظ وفوقها درجة ما ينتظم به الشعر وليس فوقها درجة للنظم عند العرب فهو على أقسام ال تنضبط ولذلك مسي الشعر نظما

ت الفصاحة واجلزالة والنظم أطلق عليها اسم البالغة من بلوغ الكالم درجة الكمال وما سواه نثرا قم إذا اجتمع .هذا قولنا على سبيل املباحثة والبسط

أما قولنا على سبيل التحديد والضبط فنقول الفصاحة عبارة عن داللة اللفظ على املعىن بشرط إيضاح وجه املعىن للفظ على املعىن بشرط قلة احلروف واختصارها وتناسب خمارجها وإيضاح الغرض فيه واجلزالة عبارة عن داللة ا

ورمبا جيتمع املعنيان فيكون اللفظ فصيحا جزال معا فتجتمع معان كثرية يف ألفاظ يسرية كما يقال نفل احلر ونصيب .ورمبا يتباينان" ولكم يف القصاص حياة " املفضل ومثاله يف القرآن

على بعض مث احلسن فيه يتقدر بقدر تناسب الكلمات يف أوزاهنا وتقارهبا يف الداللة والنظم ترتيب األقوال بعضها .على املعىن وذلك أنواع وأصناف

والبالغة عبارة عن اجتماع املعاين الثالثة أعين الفصاحة واجلزالة والنظم بشرط أن يكون املعىن مبينا صحيحا حسنا حاورهتا ومراسالهتا وخطبها وأشعارها فصاحة وجزالة ونظما حبيث ومن املعلوم أن القرآن فاق كالم العرب مب

عجزت عن معارضتها عجز من مل يقدر عليها أوال وآخرا ال عجز من قدر يف األول وعجز يف اآلخر وإال لكانوا ين الثالثة يعارضونه مبا متهد عندهم من الكالم األول فالقرآن معجز من حيث البالغة اليت هي عبارة عن جمموع املعا

والعرب قد أحست من أنفسها أن القرآن خارج عن جنس كالمهم مجلة وكذلك كل من كان له أدىن معرفة بالعربية يعرف إعجازه إال أن البلغاء يعرفون وجوه اإلعجاز فيه على قدر مراتبهم يف البالغة ومن كان أفصح وابلغ

سى كان علمه ومعرفته بإعجاز العصا أوفر ومن كان كانت معرفته أشد وأوضح كما أن من كان أسحر يف زمن موأحذق يف الطب يف زمن عيسى كانت معرفته بإعجاز إحياء املوتى وإبراء األكمه واألبرص أكثر ومن كان أعلم يف

علم الطبيعة يف زمن اخلليل كان نفسه بإعجاز السالمة عن النار أشد وأصدق واالختالف يف وجوه اإلعجاز ال عجاز وهلذا لو اجتمع عند العامل بوجوه اإلعجاز العلم بوجوه احلكم واملعاين الشريفة فيه كانت يوهن وجه اإل

معرفته أكثر ولو ضم إىل ذلك العلم بوجوه متهيد السياسات العامة والعبادات اخلاصة واألمر مبكارم األخالق اإلعجاز يف غاية االنتظام وهناية اإلبرام والنهي عن ذميمات األفعال واحلث على معايل الشيم واهلمم كانت معرفته ب

ومن ذا الذي يصل بفكره الضعيف وعقله املمري مبحاديات الوهم واخليال إىل احلكم احملققة يف تركيب احلروف وترتيب الكلمات اليت هي كاملواد والصور ومطابقتهما لعامل اخللق حىت ينطبق عامل األمر على عامل اخللق وذلك العلم

نبياء عليهم السالم وهنالك تضل األفهام وتكل األوهام وتعود العقول البشرية عند األسرار اإلهلية هباء األخص باألولو أن ما يف األرض من شجرة أقالم والبحر ميده " وتستحيل احلواس اإلنسانية عند خواص احلكم الربانية عفاء

جاز القرآن يف سورة طويلة وحصره يف آيات ولقد قصر من قصد إع" من بعده سبعة أحبر ما نفدت كلمات اهللا إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق " خمصوصة انظر إىل أول آية نزلت كيف اشتملت على وجوه من البالغة واحلكم

Page 153: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فمن أراد أن يعرب عن تقدير اخلالقية عموما جلميع اخللق يف العامل مث خصوصا لإلنسان املطابق " اإلنسان من علق عامل بأسره كيف يعرب عنه بلفظ أفصح منه بيانا وأوجز لفظا وأشرف نظما وأبلغ عبارة ومعىن مث انظر خلقته خبلقة ال

كيف خصص اسم الربوبية يف حال تربيبه وكيف عمم اخللق أوال مث خصص وكيف ابتدأ خلق اإلنسان من العلق نسان إىل أن انتهى إىل البالغ السابع حيث كانت مرتبته يف حال قبول صورة الوحي مرتبة العلق من قبول صورة اإل

من قبول مجيع القرآن الرمحن علم القرآن خلق اإلنسان كما ينتهي إىل املرتبة السابعة حىت يقبل علم البيان علمه فاحلكمة يف إقرأ وإقرأ أوال وثانيا " البيان وكيف قرن إقرأ وربك األكرم الذي علم بالقلم علم اإلنسان ما مل يعلم

األكرم أبلغ لفظا ومعىن من إقرأ باسم ربك مث عمم التعلم مث خصص اإلنسان كما عمم اخللق مث خصص وربكاإلنسان وكيف اجتمعت الفصاحة يف ألفاظ بأسفار وجوه املعاين وكيف اقترنت هبذه اجلزالة على قلة حروفها وخفة

اللفظ وأوضح ترتيب من حيث املعىن كلماهتا من غري إخالل يف الداللة وكيف انتظمت بأشرف تركيب من حيثوكيف الحت فيها البالغة برطوبة األلفاظ ومتانة املعاين حىت كأهنا مجعت علم األولني واآلخرين من تقرير العموم

فتبني من هذه القرائن أن " تبارك اهللا رب العاملني " واخلصوص وتقدم األمر على اخللق وإضافة اهلداية واخللق إليه لته معجز وذلك يف حق من ال يعرف دقائق البالغة وحقائق املعاين وبعشر سور منه معجز يف حق قوم القرآن جبم

وبسورة واحدة معجز يف حق قوم وبآية واحدة معجز يف حق قوم وتتقدر مقادير اإلعجاز على قدر الدراية .والتحقيق

على أن العاقل املفكر ال خيلو عن ومن العجب أن املعتزلة قالوا بوجوب النظر قبل ورود الشرع وبنوا ذلكخاطرين يطرآن على قلبه أحدمها يدعوه إىل النظر حىت يعرف الصانع فيشكر فيثاب على شكره والثاين مينعه عن

ذلك فيختار بعقله أحق الطريقني باألمن ويرفض أحقهما باخلوف فيقال هلم إذا حتدى النيب بالرسالة وأخرب أنه ال للصدق والكذب فهال طرأ اخلاطران يف تصديقه وتكذيبه مث حيصل اخلرب بالصدق أوىل رسول اهللا كان خربه حمتم

فإن فيه األمن إذ لو كان صادقا فكذبه خسر ولو كان كاذبا فصدقه مل خيسر فإنه إن يكن كاذبا فعليه كذبه ويف أن تظهر املعجزة فيصدقه يف طلب املعجزة منه خطر آخر وهو جعل اخلرب أوىل بالكذب فكأنه يكذبه يف احلال إىل

ثاين احلال وعند املعتزلة القرآن من جنس كالم العرب فإهنم يقدرون على مثله قدرهتم على كالمهم فلم يستمر هلم .التمسك بإعجاز القرآن

ن اهللا تعاىل قال أهل الزيغ إذا قال النيب إين رسول اهللا إليكم وأنه أنزل علي كتابا أقرأه عليكم فما املعين بالرسالة عوما معىن قوله إين نيب اهللا أفترجع الرسالة والنبوة إىل صفة قائمة بذاته هبا يستحق أن خياطب الناس باألوامر

والنواهي عن اهللا تعاىل أم ترجع إىل إخبار اهللا تعاىل أنه رسويل فإن كان األول فما حقيقة تلك الصفة وإن كان الثاين فإن الذي يسمعه البشر من الكالم حروف وأصوات وعندكم كالمه ليس حبرف فكيف يتصور أن يكلم اهللا بشرا

وال صوت وإن كان وحيا من اهللا تعاىل فما معىن الوحي وكيف يتصور أن ينزل ملك على صورة البشر فإن كان فكيف امللك شخصا جسمانيا فيجب أن يكون على صورة بشر حىت يكلمه بكالم البشر وإن كان جوهرا روحانيايتصور أن يتشخص ويظهر بشخص جسماين أليس نفس الدعوى إذا مل تكن معقولة يف نفسها مل جيز مطالبته

بالربهان عليها فال نزول امللك معقول وال نزول القرآن الذي هو كالمه معقول بل عما مستحيالن عند العقالء الكثيف يستحيل أن يصعد واألجرام العلوية ال بأسرهم وأيضا فإنه ادعى بعد ذلك صعوده إىل السماء واجلسماين

تقبل اخلرق وإذا اشتمل كالمه على ما يستحيل يف العقل حكم ببطالن أصل دعواه إىل غري ذلك مما ادعى أنه شاهد

Page 154: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

العوامل وأخرب عن حشر األجسام واألحياء يف القبور وامليزان والصراط واحلوض بعد ذلك فإن هذه غري معقولة بل .الوجه الذي يدعيه مستحيل قبوهلا على

قال أهل احلق النبوة ليست صفة راجعة إىل نفس النيب وال درجة يبلغ إليها أحد بعلمه وكسبه وال استعداد نفسه يستحق به اتصاال بالروحانيات بل رمحة من اهللا تعاىل ونعمة مين هبا على من يشاء من عباده وكما قال نوح عليه

إىل غريه من األنبياء وسيد البشر " دي خزائن اهللا وال أعلم الغيب وال أقول إين ملك وال أقول لكم عن" السالم قل سبحان ريب هل كنت إال بشرا رسوال قل ال أملك لنفسي نفعا وال " صلى اهللا عليه وسلم قال كما قال األول

إن أنا إال نذير وبشري لقوم يؤمنون ضرا إال ما شاء اهللا ولو كنت أعلم الغيب الستكثرت من اخلري وما مسين السوء لعمري ال تعدم نفس النيب ومزاجه كمالية يف الفطرة وحسنا يف األخالق وصدقا وأمانة يف األقوال واألفعال قبل "

فبما رمحة من اهللا " بعثه ألنه هبا استحق النبوة أو وصل بسببها إىل االتصال باملالئكة وقبول الوحي كما قال تعاىل لوال نزل هذا القرآن على رجل من " وكما قال القوم " ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك لنت هلم

فشخص النيب صلى اهللا عليه وسلم شخص الرمحة ورمحة " أهم يقسمون رمحة ربك " قال سبحانه " القريتني عظيم رمحة للعاملني يعرفون نعمة اهللا مث ينكروهنا وما أرسلناك إال " مشخصة ورسالته إىل اخللق رمحة ونعمة كما قال تعاىل

واألنبياء خرية اهللا يف خلقه وحجة اهللا على عباده والوسائل إليه وأبواب رمحته وأسباب نعمته " وأكثرهم الكافرون اآلية فكما يصطفيهم من اخللق قوال " إن اهللا اصطفى آدم ونوحا " " اهللا يصطفي من املالئكة رسال ومن الناس "

بالرسالة والنبوة يصطفيهم من اخللق فعال بكمال الفطرة ونقاء اجلوهر وصفاء العنصر وطيب األخالق وكرم األعراق فريقيهم مرتبة مرتبة حىت إذا بلغ أشده وبلغ أربعني سنة وكملت قوته النفسانية وهتيأت لقبول األسرار

لك يتجسد شخصا مبعىن أنه يتكاثف بعد ما كان جسما اإلهلية بعث إليهم ملكا وأنزل عليهم كتابا وال تظن أن امللطيفا تكاثف اهلواء اللطيف غيما كما ظنه قوم وال أنه تعدم حقيقته ويوجد شخص آخر وال أنه تنقلب حقيقته إىل

" حقيقة أخرى فإن كل ذلك حمال بل اجلواهر النورانية خصت بقوة الظهور بأي شخص أرادوا كما قال تعاىل وال جند له مثاال يف هذا " ولو جعلناه ملكا جلعلناه رجال " وكما قال " إليها روحنا فتمثل هلا بشرا سويا فأرسلنا

العامل إال متثل تعلق أرواحنا بأجسادنا غري أن التمثل يستدعي شخصا كامال يف احلال والتعلق يستدعي شخصا مثاال متثل املعىن الذي يف الذهن بالعبارات اليت يف اللسان يتكون مرتبة فمرتبة ساللة ونطفة وعلقة ومما نذكره

وبالكتابة اليت يف اللوح غري أن اللفظ دليل على املعىن وكل دليل مظهر املعىن من وجه وكل مظهر دال على املعىن ة من وجه من غري حلول األعراض يف اجلواهر وال نزول األجسام على األجسام وإن ختطيت منه إىل ظهور صور

.الشخص يف املرآة الصقيلة ووقوع الظل على املاء الصايف قارنت املعىن مثاال وإدراكاألستم تقولون معاشر الصابئة احمليلني نزول الروحاين على اجلسماين أن كل روحاين له هيكل يظهر به ويتصرف فيه

ويتصرف فيه ويستوي عليه غري ويستوي عليه وكل هيكل يف العامل العلوي له شخص يف العامل السفلي يظهر به .أنكم اختذمت بصنعتكم أصناما آهلة وهي مظاهر تلك اهلياكل اليت هي مظاهر تلك الروحانيات

وحنن معاشر احلنفاء أثبتنا أشخاصا ربانية مفطورة بوضع اخللقة على اصطفاء من اجلواهر واجتباء من العنصر مناسبة قل سبحان " للنور والظل للظل وللنيب عليه السالم طرفان بشرية ورسالية لتلك اجلواهر الروحانية مناسبة النور

فبطرف يقبل الوحي وبطرف يؤدي الرسالة والوحي هو إلقاء الشيء إىل الشيء " ريب هل كنت إال بشرا رسوال وقوع بسرعة فكل صورة علمية يقبلها بطرفه الروحانية عن املالئكة الذين هم رسل رهبم إليه دفعة واحدة ك

Page 155: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الصورة يف املرآة فهو وحي وأقرب مثال له إلينا املنام الصادق فإن الرائي يرى كأنه نزل بستانا واجتىن مثارا وخاض يف املاء وحتدث أحاديث كثرية من سؤال وجواب وأمر وهني حبيث لو أمالها مألت أوراقا وشحنت صفائح

الصور والفعلية القولية إذا كانت من عامل املعاين بواسطة صحائف وكل ذلك يف غفوة كأهنا حلظة وما ذاك إال ألن تلك املنام مل يستدع زمانا وال ترتيبا حبيث يستدعيها حال اليقظة بل وقعت دفعة واحدة يف نفس الرائي حىت ؤيا انتقشت فيه مث عرب عنه بعبارات كثرية وعرب املعرب عن صورها اخليالية إىل معانيها العقلية ولذلك صارت الر

الصادقة جزءا من أجزاء النبوة كما صارت التؤدة واألناة وحسن السمت جزءا من أجزاء النبوة فالنبوة إذا مجلة ذات أجزاء وتلك اجلملة مبجموعها ال تتحقق إال ملن اصطفاه اهللا تعاىل لرسالته وبعض أجزائها قد ثبت للصاحلني

هتم كما قال صلى اهللا عليه وسلم أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا من عباده فيبلغون إىل ذلك اجلزء بطاعتهم وعباد .إما جمموعها من حيث اجملموع فال يصل إليه أحد بكسبه واستطاعته

وأما نزول كالم الباري تعاىل فمعىن نزول امللك به فليس يستدعي النزول انتقاال فإنك تقول نزلت عن كالمي زول الرب تعاىل إىل السماء الدنيا وورد يف القرآن جميئه وإتيانه وذلك ال ونزل األمري عن حقه وقد ورد إيل اخلرب ن

يستدعي انتقاال كما حقق يف التأويالت مث الكالم الذي هو أمره األزيل ال يطلق عليه النزول إال مبعىن نزول اآليات األمر إمنا يظهر إذا توافقنا على أنه تعاىل الدالة عليه مث اإللزام على اخلصم إمنا يظهر إذا أثبتنا له أمرا وهنيا وإثبات

ملكا ومالكا وله أن يتصرف يف ملكه باألمر والنهي والتكليف على من ثبت له اختيار وإذا حصل وفاقنا على هذه املراتب وعلمنا أن كل واحد من آحاد الناس ال يتأهل لقبول أمر اهللا تعاىل وحبا له تعني بالضرورة واحدا اصطفاه

فدعواه نفسها ما اجلائزات العقلية وإذا كانت الدعوى " وربك خيلق ما يشاء وخيتار ما كان هلم اخلرية " باده من عمقرونة بدليل الصدق وجب التصديق ووجب أن ال يتراخى دليل الصدق عن نفس اخلرب فإن املخاطب مكلف

تمكن كاف كما بينا ولكن التمكن إمنا بالتصديق يف احلال وال يتراخى الوجوب عليه إال أن يعرف الصدق بل الحتقق من جانب املكلف بوجود العقل التام والعقل إمنا يدرك إذا وجد دليل الصدق فكما ال يتراخى الوجوب عن

وقت التكليف ال يتراخى أيضا دليل الصدق عن نفس الدعوى فليبحث ها هنا كل البحث أن الدليل املقرون باخلرب يلزم إفحام وال ينفع إحجام وأما سائر األخبار السمعية فإذا ثبت صدق النيب وجب اإلميان والدعوى ماذا حبيث ال

بذلك والسمع والطاعة له فإن عرفنا له وجها بالدليل العقلي فبصرية وخرية وإن مل تعرف له وجها فتسليم وتصديق صادق األمني ال يقرر املستحيل فيطلب وما يستحيل يف العقل وكان بني االستحالة يعرف وجه استحالته ونعلم أن ال

.لكالمه حممال صحيحا فإذا وجدناه فخرية وإال أمنا وصدقنا بالظاهر ووكلنا علم الباطن إىل اهللا تعاىل ورسوله

فمن ذلك حشر األجسام وبعث من يف القبور من األشخاص فاعلم أنه مل يرد يف شريعة ما من الدالئل أكثر مما ورد ر األجسام وكأن الزمان ملا كان مقرونا بالقيامة كانت اآلية أصرح هبا والبينات أدل عليها يف شرعنا من حش

ومفارقة األرواح لألجساد وبقاء األرواح قد اعترف هبا احلكماء اإلهليون وحشر األجساد ملا كان ممكنا يف ذاته وقد الرب تعاىل قادر على اإلعادة وقدرته ورد به الصادق وجب التصديق بذلك من غري أن يبحث عن كيفية ذلك إذ

على اإلنشاء واالبتداء فيحيي العظام وهي رميم كما أنشأها أول مرة وكما حييي األرض بعد موهتا كل ربيع كذلك حييي املوتى ودليل من رام إثباته على طريق احلكمة هو أن النفوس اجلزئية إذا فارقت األبدان ومل تستقر يف تصوراهتا

مانية احتاجت إىل األبدان ضرورة وإال كانت معذبة فإن سعادهتا يف تصوراهتا إمنا تكون بآالهتا عن آالت جسواآلالت إمنا تتحقق إذا عادت بسعيها كما كانت فمن قال حبشر األجسام وىف بقضية احلكمة إذ وفر على كل

لك قضى باحلشر على نفس أو نفس حظها من كماهلا الالئق هبا وإعطاءها جزاءها على مقدار سعيها ومن نفى ذ

Page 156: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

نفسني يف كل عصر قد جتردت عن املواد اجلسمانية وقضى بالتعذيب على كل نفس يف العامل وذلك يناقض احلكمة وأيضا فإن الترتيب بني كل نفس ونفس حاصل يف الدنيا وإذا فارقت النفس البدن فإما أن يزول الترتيب حىت

كثرية وبني من اشتمل على جهاالت كثرية وإما أن يثبت الترتيب وليس يستوي احلال بني من حصل لنفسه علومايف ذلك العامل جنة وال نار عندهم فيحصل هلم بذلك لذة أو أمل إذ ال نعمة مث معدة ألهل السعادة وال عذاب مدخر

تعدت له من ألهل الشقاوة وإمنا اللذة واألمل والنعمة والعذاب تنشأ من كل نفس أو الزم كل نفس حبسب ما اس .العلم واجلهل إىل تناقضات كثرية أوردنا لذكرها رسالة يف املعاد

وأما سؤال القرب وعذابه فقد ورد هبما اخلرب الصحيح يف كم موضع حىت بلغ االستفاضة وهو حق وأما وجه ذلك لزم عليه ما يناقض على الطريقة املرضية ليس ذلك للروح اجملرد خاصة وال للبدن على هذه اهليئة املشاهدة حىت ي

احلس ولو كان اخلطاب أعين خطاب امللكني خطابا باالعتقاد اجملرد لكان التزام االعتقاد على الروح اجملرد ولو كان اخلطاب باالعتقاد دون القول والعمل مجيعا لكان يشترط فيه حشر اجلسد على الصورة املخصوصة لكنه خطاب

ن ربك وما دينك ومن نبيك فلو كان الرجل حيا وتوجه عليه هذا اخلطاب يقتضي عقدا وجوابا من حيث القول ماستدعي منه فهما للخطاب وجوابا واألجزاء الفامهة من اإلنسان والناطقة أجزاء خمصوصة وتلك األجزاء مستقلة يي باجلواب وإن كان الشخص من حيث هو شخص غري مستشعر بذلك كالنائم مثال أو كالسكران فيجوز أن حي

اهللا تعاىل تلك األجزاء ويكون السؤال متوجها عليها من حيث أهنا فامهة وناطقة مث يكون احلشر بعده للشخص .بصورته إذ السؤال متوجه عليه حىت خيرج عن عهدة العقد والقول والعمل

وقد قيل أن املوزون به " ونضع املوازين القسط ليوم القيامة " وأما امليزان فقد ورد الكتاب العزيز به يف قوله تعاىل جسم أما كاغد مكتوب عليه خريات العباد وشروره مث خيلق اهللا فيه ثقال أو خفة فيترجح به امليزان واألحرى أن يقال أن لكل شيء يف العامل ميزان الئق بوجود ذلك الشيء فميزان ما يقبل الثقل واخلفة املعيار وامليزان املعهود

املذروعات الذرع واملسافات الفراسخ واألميال واملعدودات العدد وميزان األعمال وميزان املكيالت الكيل و .واألقوال ما يكون الئقا هبا واهللا أعلم مبا أراد

وأما احلوض والشفاعة فاحلوض جيري على ظاهره وهو كاألهنار اليت تكون يف اجلنة من شرب منه شربة يف القيامة مل .يظمأ بعدها أبدا

عة فقد قالت املعتزلة أهنا للمطيعني من املؤمنني بناء على مذهبهم أن الفاسق إذا خرج من الدنيا من غري وأما الشفاتوبة خلد يف النار ألنه قد استوجب النار بفسقه ومن دخل النار كان مغضوبا عليه ومن كان مغضوبا عليه ال يدخل

ن اإلميان عبارة عن خصال حممودة يستوجب املؤمن هبا اجلنة وأيضا فإنه يف حال الفسق ما استحق اسم اإلميان ألاملدح والثناء والفاسق ال يستوجب املدح وقد أخلى أركان إميانه خبروجه عن الطاعة واستدلوا على ذلك بآيات من

بلى من" وقوله تعاىل " ومن يعص اهللا ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها " الكتاب منها قوله تعاىل ومن يقتل مؤمنا متعمدا " وقوله تعاىل " كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون

وأيضا فإن الرب تعاىل ذكر حال األشقياء وحال السعداء وربط اخللود مبكاهنما ومل " فجزاؤه جهنم خالدا فيها ويف تفصيل الفريقني فريق يف اجلنة وفريق " أما الذين سعدوا فأما الذين شقوا و" يذكر يف القرآن قسما ثالثا فقال

.يف السعريوزادت اخلوارج عليهم بأن كفروا صاحب الكبرية واستدلوا عليه بقصة إبليس إذ كان عارفا باهللا مطيعا له غري أنه

.د يف النارارتكب كبرية وهو االمتناع من السجود آلدم عليه السالم فاستوجب اللعن والتكفري والتخلي

Page 157: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

وقصرت املرجئة يف مقابلتهم حيث قالوا اإلميان قول وعقد وإن عري عن العمل فال يضر مع اإلميان معصية كما ال .ينفع مع الكفر طاعة

وأشدهم تقصريا الكرامية الذين ينفر الطبع السليم عن نقل مقاالهتم وذكر مذاهبهم خلبثها وركاكتها قالت اإلميان قرار باللسان فحسب وإن كان املقر كاذبا منافقا فهو مؤمن وليتهم قالوا مؤمن عندنا بل قالوا قول جمرد وهو اإل

.مؤمن حقا عند اهللا تعاىل حىت يثبت يف حقه مشاركته املؤمنني يف أحكام اإلسالم .قالت األشعرية اإلميان عبارة عن التصديق يف وضع اللغة وقد قرره الشرع على معناه

يب احلسن رمحه اهللا يف معىن التصديق فقال مرة هو املعرفة بوجود الصانع وإالهيته وقدمه وصفاته واختلف جواب أوقال مرة التصديق قول يف النفس يتضمن املعرفة مث يعرب عن ذلك باللسان فيسمي اإلقرار باللسان أيضا تصديقا

احلال كما إن اإلقرار تصديق حبكم الداللة والعمل على األركان أيضا من باب التصديق حبكم الداللة أعين داللة .أعين داللة املقال فكان املعىن القائم بالقلب هو األصل املدلول واإلقرار والعمل دليالن

قال بعض أصحابه اإلميان هو العلم بأن اهللا ورسوله صادقان فيما أخربا به ويعزى هذا أيضا إىل أيب احلسن مث القدر منا وهو التكليف العام على عوام اخللق وخواصهم هو أن يشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال الذي يصري به املؤمن مؤ

شريك له يف ملكه وال نظري له يف مجيع صفات إالهيته وال قسيم له يف أفعاله وأن حممدا رسوله أرسله باهلدى ودين أنزل به فهو مؤمن فإن وافاه املوت على ذلك احلق ليظهره على الدين كله فإذا أتى بذلك مل ينكر شيئا مما جاء به و

كان مؤمنا عند اهللا وعند اخللق وإن طرئ عليه ما يضاد إميانه ذلك والعياذ باهللا حكم عليه بالكفر عند ذلك وإن اعتقد مذهبا يلزمه من حكم مذهبه مضادة ركن من هذه األركان مل حيكم بكفره مطلقا بل ينسب إىل الضاللة

.ن حكمه يف اآلخرة موكوال إىل اهللا تعاىل ختليدا يف النار أو تأقيتاوالبدعة ويكو

والدليل على ما ذكرناه أنا بالتواتر املفضي إىل اليقني علمنا أن النيب عليه السالم ملا أظهر الدعوة دعا الناس إىل ذه الشهادة مبجرد القول مع إضمار كلميت الشهادة ال إله إال اهللا حممد رسول اهللا ونعلم قطعا أنه مل يرض منهم يف ه

" خالفه يف القلب إذ قرر هلذا املعىن قوما مساهم منافقني ومساهم الكتاب بذلك مع نفي اإلميان عنهم كما قال تعاىل ونسبهم إىل الكذب ومساهم كاذبني يف غري آي من " ومن الناس من يقول آمنا باهللا واليوم اآلخر وما هم مبؤمنني

يشهد أن املنافقني لكاذبون والكرامي يشهد أن املنافقني لصادقون فقد علم من ذلك قطعا أن التصديق الكتاب واهللابالقلب ركن وهو الركن األعظم إذ اإلقرار باللسان يعرب عنه ونعلم قطعا أن النيب عليه السالم كما مل يرض منهم

هللا تعاىل كما هو ألن ذلك غري مقدور للخلق وأقرب مبجرد القول ما مل يقترن به عقد مل يكلف مجيع اخللق معرفة ادليل على ذلك أنه تعاىل يعلم مجيع معلوماته على التفصيل ويعلم أنه خيلق مجيع خملوقاته على التفصيل ويعلم مجيع تكون مراداته من اخللق وللخلق وليس يعلم العبد ذلك وال يقدر أن يعلم ومل يكلف إال أن يعرف أنه ال إله إال اهللا و

معرفته مستندة إىل دليل جلي كما ورد به التنزيل وإال فتكليف ذلك شطط ال يستطاع فثبت القول والعقد مصدرا ومظهرا وقد يكتفى باملصدر يف القلب إذا مل يقتدر على اإلتيان باإلقرار باللسان لكن يف حكم اهللا تعاىل اإلشارة يف

طق وقصة اخلرساء أعتقها فإهنا مؤمنة دليل على صحة ما ذكرناه يف أصل حق اآلخرين تنزل منزلة العبارة يف حق النا .اإلميان وقدره بقي كون العمل ركنا أو واجبا تابعا

.فتقول املرجئة بإرجاء العمل كله عن القول والعقد حىت قالت مل يضر العبد إن مل يأت بطاعة واحدةختلده الكبرية يف النار مع الكفار حىت قالت يسلب اسم اإلميان وتقول الوعيدية بكونه ركنا من األركان أن العبد

.عمن ترك طاعة واحدة وكال املذهبني مردود

Page 158: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

أما األول فريفع معظم التكاليف من األوامر والنواهي ويفتح باب اإلباحة ويفضي إىل اهلرج وإذ ورد يف الشرع ن مل تضره املعاصي مل تنفعه الطاعات وأنه إن مل بذلك كله وربط بكل حركة من حركات اإلنسان حكما حبكم أنه إ

.يكن مؤاخذا بترك ما أمر به مل يكن مثابا بامتثال ما أمر

وأما املذهب الثاين فريفع معظم اآليات من الكتاب واألخبار والسنة وتغلق باب الرمحة ويفضي إىل اليأس والقنوط ففرق بني لفظ اإلميان والعمل واعلم أن " وا الصاحلات إن الذين آمنوا وعمل" وإذ ورد يف الكتاب يف كم آية

اإلميان له حقيقة والعمل له حقيقة غري اإلميان وخاطب يف كم آية الفاسقني خبطاب املؤمنني يا أيها الذين آمنوا ال ان ملا ميز هبذا تفعلوا كذا علم بذلك قطعا أن اإلميان لو كان هو العمل بعينه أو كان العمل ركنا مقيما حبقيقة اإلمي

التمييز وأيضا فيلزم الوعيدية أن ال يوجد مؤمن يف العامل إال نيب معصوم إذ ال عصمة لغري األنبياء ويلزم أن ال يطلق اسم اإلميان على أحد حىت يستويف مجيع خصال اخلري عمال وفعال فيكون اسم اإلميان موقوفا على العمل يف

عن العمل وأولئك مرجئة العمل عن اإلميان فعلم قطعا أن العمل غري داخل يف املستأنف فهؤالء مرجئة اإلمياناإلميان ركنا مقوما له حىت يقال بعدمه يكفر وخيرج عن اإلميان يف احلال ويعذب وخيلد يف النار يف ثاين احلال وغري

احلال وال استوجب عقابا وجزاء يف خارج عن اإلميان تكليفا الزما له حىت يقال بعدمه ال يستحق لوما وزجرا يف املآل والقول بأن املعاصي حتبط الطاعات ليس بأوىل من القول بأن الطاعات ترفع املعاصي ومن قال صاحب الكبرية

خيلد يف النار بشرط ختفيف العذاب عليه بسبب تصديقه قوال وعقدا وطاعته احملبطة يعارضه قول املرجئ ختليد يف عن درجة املطيعني بسبب إميانه وسائر طاعاته والطاعات لو أحبطت كيف أثرت يف التخفيف اجلنة بشرط حطه

والتخفيف كيف يتصور مع التخليد والتخليد كيف جيوز يف العدل على عمل مقدر بوقت بل وختليد الكافر يف النار فمن غصب مائة دينار وأخذ منه مائيت مىت كان عدال عقليا وهو مل يكفر إال مائة سنة فهال تقدر التعذيب مبائة سنة أ

دينار كان عدال قال هو على اعتقاد أنه لو بقي أبد الدهر بقي على الكفر قيل واعتقاد أنه يعمل غري اعتقاد أن عمل أليس من غصب مائة دينار على اعتقاد أن لو ظفر مل يؤاخذ باأللف كذلك فيما حنن فيه فالعدل املعقول إذا ما

واحلكم املشروع ما دل العقل عليه وهو أن العبد إذا كان مصدقا بقلبه خمربا عن تصديقه بلسانه ورد الشرع به مطيعا هللا تعاىل يف بعض ما أمره به عاصيا له يف البعض استحق املدح بقدر ما أطاع واللوم بقدر ما قد عصى يف

يف املآل مث يبقى أن يتعارض أمران أحدمها أن احلال واستحق الثواب بقدر اإلميان والطاعة والعقاب بقدر العصيان يثاب أو ال مث يعاقب خملدا أو بالعكس وليس يف الفضل والعدل القسم األول فإن رمحة اهللا أوسع من ذنوب اخللق وفضله أرجى من العمل وال تنقصه املغفرة وال تضره الذنوب وألن اإلميان واملعرفة أحق بالتخليد عدال وعقال من

مؤقتة وألنه مل يؤثر أن أحدا خيرج من اجلنة إىل النار فيقي القسم الثاين وشفاعة النيب صلى اهللا عليه وسلم قد معصية .وردت مسعا حيث قال شفاعيت ألهل الكبائر من أميت

وما متسكوا به من اآليات فمخصوصات عموماهتا حممولة على االستحالل وظواهرها معارضة بآيات دلت على قل يا عبادي " ومنها قوله تعاىل " إن اهللا ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء " قوله تعاىل ذلك منها

وإن خص هذا العام بالتوبة من غري " الذين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من رمحة اهللا إن اهللا يغفر الذنوب مجيعا ومن " كل آية دليل على التخصيص وأما قوله تعاىل داللة التخصيص فخص تلك العمومات حبال االستحالل يف

وتعدي مجيع احلدود ال يتصور إال من " ويتعد حدوده " فمعناه يكفر به ورسوله ألنه قرنه بقوله " يعص اهللا ورسوله " الكافر وأما املؤمن املطيع هللا عز وجل سبعني سنة كيف يكون متعديا مجيع احلدود مبعصية واحدة وكذلك قوله

أي شركا بدليل قوله وأحاطت به خطيئته واإلحاطة من كل وجه ال يتصور يف حق املؤمن " لى من كسب سيئة ب

Page 159: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فمعناه مستحال قتله ألن العمدية " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ألنه بإميانه منع اإلحاطة من كل وجه وقوله تعاىل ية من التشديد يف العقاب والتغليظ بالغضب واللعن املطلقة من كل وجه ال تتصور إال من الكافر ودليله آخر اآل

وذلك باالتفاق غري مطلق على القاتل الذي ال يستحل الدم وهو خائف وجل وذكر حال األشقياء والسعداء والدليل عليه " فأولئك مآهلم إىل النار خالدين فيها وهؤالء مآهلم إىل اجلنة خالدين فيها " مقصور على مآل احلال

.ء يف آخر اآليةاالستثنا

القول يف اإلمامة اعلم أن اإلمامة ليست من أصول االعتقاد حبيث يفضي النظر فيها إىل قطع ويقني بالتعني ولكن اخلطر على من خيطي فيها يزيد على اخلطر على من جيهل أصلها والتعسف الصادر عن األهواء املضلة مانع من

.اإلنصاف فيهامن األشعرية والفقهاء ومجاعة الشيعة واملعتزلة وأكثر اخلوارج بوجوهبا فرضا من وقد قال مجهور أصحاب احلديث

اهللا تعاىل مث مجاعة أهل السنة قالوا هو فرض واجب على املسلمني إقامته واتباع املنصور فرض واجب عليهم إذ ال جيوشهم ويقسم غنائمهم بد لكافتهم من إمام ينفذ أحكامهم ويقيم حدودهم وحيفظ بيضتهم وحيرس حوزهتم ويعيب

وصدقاهتم ويتحاكموا إليه يف خصوماهتم ومناكحاهتم ويراعي فيه أمور اجلمع واألعياد وينصف املظلوم وينتصف من الظامل وينصب القضاة والوالة يف كل ناحية ويبعث القراءة والدعاة إىل كل طرف وأما العلم واملعرفة واهلداية فهي

قب وفكرهم الصائب ومن زاغ عن احلق وضل عن سواء السبيل فعلى اإلمام تنبيهه حاصلة للعقالء بنظرهم الثاعلى وجه اخلطأ وإرشاده إىل اهلدى فإن عاد وإال فينصب القتال ويطهر األرض عن البدعة والضالل بالسيف الذي

.هو بارق سطوة اهللا تعاىل وشهاب نقمته وعقبة عقابه وعذبة عذابهاإلمامة مسعا اتفاق األمة بأسرهم من الصدر األول إىل زماننا أن األرض ال جيوز أن والدليل الساطع على وجوب

.ختلو عن إمام قائم باألمرأما الصدر األول فقد قال أبو بكر رضي اهللا عنه يف خطبته قبل البيعة أيها الناس من كان يعبد حممدا فإن حممدا قد

مث قال وإن حممدا قد " وما حممد إال رسول قد خلت " هذه اآلية مات ومن كان يعبد اهللا فإنه حي ال ميوت وتالمضى بسبيله وال بد هلذا األمر من قائم يقوم به فانظروا وهاتوا آراءكم رمحكم اهللا فناداه الناس من كل جانب

من غري صدقت يا أبا بكر ولكنا نصبح وننظر يف هذا األمر وخنتار من يقوم به ومل يقل أحد أن هذا األمر يصلحقائم به مث كان من أمر األنصار من اختيار سعد بن عبادة وقوهلم منا أمري ومنكم أمري قام أبو بكر وعمر رضي اهللا عنهما مع مجاعة من املهاجرين يقصدون سقيفة بين ساعدة وقال عمر كنت أزور يف نفسي كالما يف الطريق حىت

وقال مه يا عمر وذكر مجيع ما كنت أزوره إال أنه كان ألني وكنت وافينا السقيفة مهمت أن أتكلم به فقام أبو بكرأخشن فبايعته وبايعه الناس القصة املشهورة وملا قرب وفاة أيب بكر رضي اهللا عنه فقال تشاوروا يف هذا األمر مث

ض عن إمام وصف عمر بصفاته وعهد إليه واستقر األمر عليه وما دار يف قلبه وال يف قلب أحد أن جيوز خلو األروملا قربت وفاة عمر رضي اهللا عنه جعل األمر شورى بني ستة وكان االتفاق على عثمان رضي اهللا عنه وبعد ذلك كان االتفاق على علي رضي اهللا عنه فدل ذلك كله على أن الصحابة رضوان اهللا عليهم وهم الصدر األول كانوا

ل على ذلك إمجاعهم على التوقف يف األحكام عند موت اإلمام على بكرة أبيهم متفقني على أنه ال بد من إمام ويدإىل أن يقوم إمام آخر ومن ذلك الزمان إىل زماننا كانت اإلمامة على املنهاج األول عصرا بعد عصر من إمام إىل

وجوب إمام إما بإمجاع من األمة أو بعهد ووصية وإما هبما مجيعا فذلك اإلمجاع على هذا الوجه دليل قاطع على .اإلمامة العامل كالمنا يف وجوب اإلمامة على اإلطالق

Page 160: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

أما القول يف تعيني اإلمام هل هو ثابت بالنص أم باإلمجاع فالقائلون اختلفوا يف أن النص ورد على شخص بعينه أم يكتفى ورد بذكر صفته فالقائلون باإلمجاع اختلفوا يف أن إمجاع األمة عن بكرة أبيهم شرط يف ثبوت اإلمامة أم

.جبماعة من أهل احلل والعقد وقد ذكرت مذاهبهم يف الكتبقال أهل السنة القائلون باإلمجاع الدليل على عدم النص على إمام بعينه هو أنه لو ورد نص على إمام بعينه لكانت

لكان كل مكلف جيد األمة بأسرهم مكلفني بطاعته وال سبيل هلم إىل العلم بعينه بأدلة العقول واخلرب لو كان تواترا .من نفسه العلم بوجوب الطاعة له وإال لزمه دينا كما لزمه الصلوات اخلمس دينا وملا جازوا إىل غريه بيعة وإمجاع

ومن احملال من حيث العادة أن يسمع اجلم الغفري كالما من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم مث ال ينقلونه يف مظنة فته والدواعي بالضرورة تتوفر على النقل خصوصا وهم يف نأنأة اإلسالم وطراوة الدين احلاجة وعصيان األمة مبخال

وألف بني قلوهبم " وصفوة القلوب وخلوص العقائد عن الضغائن واألحقاد والتآلف املذكور يف الكتاب العزيز ومل ينقل دل على أنه مل وإذا كانت الدواعي على النقل موجودة والصوارف عنه مفقودة" فأصبحتم بنعمته إخوانا

يكن يف الباب نص أصال وأيضا لو عني شخصا لكان جيب على ذلك الشخص املعني أن يتحدى باإلمامة وخياصم عليها وخيوض فيها حىت إذا دفع عن حقه سكت ولزم بيته فيظهر الظامل عليه ومل ينقل أن أحدا تصدى لإلمامة

.وادعاها نصا عليه وتسليما إليهت النجدات من اخلوارج ومجاعة من القدرية مثل أيب بكر األصم وهشام الفوطي أن اإلمامة غري واجبة يف قال

الشرع وجوبا لو امتنعت األمة عن ذلك استحقوا اللوم والعقاب بل هي مبنية على معامالت الناس فإن تعادلوا كليفه استغنوا عن اإلمام ومتابعته فإن كل وتعاونوا على الرب والتقوى واشتغل كل واحد من املكلفني بواجبه وت

واحد من اجملتهدين مثل صاحبه يف الدين واإلسالم والعلم واالجتهاد والناس كأسنان املشط والناس كابل ماية ال .جتد فيها راحلة فمن أين يلزم وجوب الطاعة ملن هو مثله

إما أن يثبت بنص من الرسول فقد دللتم على أنه وزادوا على ذلك تقريرا بأن قالوا وجوب الطاعة لواحد من األمة ال نص على أحد وإما أن يكون باختيار من اجملتهدين واالختيار من كل واحد من األمة إمجاعا حبيث ال يقدر فيه ني اختالف ال يتصور عقال وال وقوعا أما العقل فإن االختيار إذا كان مبنيا على االجتهاد واالجتهاد ينبين على ما تع

لكل واحد من العقالء من قضايا تردده يف الوجوه العقلية والسمعية وذلك إذا كان خمتلفا يف الطباع فبالضرورة أن يصري خمتلفا يف احلكم أليس أحق األحكام بوجود االتفاق فيه اخلالفة األوىل وأوىل األزمان يف الشرع هو الزمان

ة وأحق الصحابة باألمانة ونفي التهمة واخليانة املهاجرون األول وأوىل األشخاص بالصدق واإلخالص الصحابواألنصار وأقرب الناس إىل رسول اهللا أبو بكر وعمر فانظر كيف احناز األنصار إىل السقيفة وكيف قالوا منا أمري

بعد ومنكم أمري وكيف أمجعوا على سعد بن عبادة لوال أن تداركه عمر بأن بايع بنفسه حىت شايعه الناس مث قال ذلك أال إن بيعة أيب بكر كانت فلتة فوقى اهللا شرها فمن عاد إىل مثلها فأميا رجل بايع رجال من غري مشورة من

املسلمني فإهنا تغره أن يقتال يعين أين بايعت أبا بكر وما شاروت اجلماعة ووقى اهللا شرها فال تعودوا إىل مثلها ومل ملا بايعوه احنازت بنو أمية وبنو هاشم حىت قال أبو سفيان لعلي رضي اهللا يكن وقت البيعة اتفاق اجلماعة ويف الغد

عنه مل تدع هذا األمر حىت يكون يف شر قبيلة من قريش فأجابه علي فتنتنا وأنت كافر وتريد أن تفتننا وأنت مسلم اخلالفة يف ولدك وما وقال العباس قوال مثل ذلك وقد مسع النيب صلى اهللا عليه وسلم أنت أيب وأبو بقية األمة

اختلف الليل والنهار ومل خيرج علي رضي اهللا عنه إىل البيعة حىت قيل أنه كان له بيعة يف السر وبيعة يف العالنية وقد .خرج أسامة بن زيد وهو على جيشه أمري بتأمري النيب صلى اهللا عليه وسلم

Page 161: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

عتبار دل على أن اإلمجاع لن يتحقق قط وليس ذلك قالوا فإذا مل يتصور إمجاع األمة يف أهم األمور وأوالها باال .دليال يف الشرع

قالوا ونصب اإلمامة باالختيار متناقض من وجهني أحدمها أن صاحب االختيار موجب يف النصب على اإلمام حىت إمامته والثاين أن يصري إماما وجيب عليه طاعته إذا قام باإلمامة فهو إمنا صار إماما بإقامته فكيف صار واجب الطاعة ب

كل واحد من اجملتهدين الناصبني لإلمامة لو خالف اإلمام يف املسائل االجتهادية باجتهاده جاز له ذلك وما من مسئلة فرضتم وجوب الطاعة له فيها إال وجيوز املخالفة له فيها باجتهاده فكيف جنعله إماما واجب الطاعة بشرط أن

.تهادهخيالفه إذا أدى إىل املخالفة اج

قالوا فدل هذا كله على أن اإلمامة غري واجبة يف الشرع نعم لو احتاجوا إىل رئيس حيمي بيضة اإلسالم وجيمع مشل األنام وأدى اجتهادهم إىل نصبه مقدما عليهم جاز ذلك بشرط أن يبقى يف معامالته على النصفة والعدل حىت إذا

ه وهذا كما فعلوا بعثمان وعلي رضي اهللا عنهما فإنه ملا أحدث جار يف قضية على واحد وجب عليهم خلعه ومنابذت .عثمان تلك األحداث خلعوه فلما مل ينخلع قتلوه وملا رضي علي بالتحكيم وشك يف إمامته خلعوه وقاتلوه

.قالت الشيعة اإلمامة واجبة يف الدين عقال وشرعا كما أن النبوة واجبة يف الفطرة عقال ومسعامامة عقال أن احتياج الناس إىل إمام واجب الطاعة حيفظ أحكام الشرع عليهم وحيملهم على مراعاة أما وجوب اإل

حدود الدين كاحتياج الناس إىل نيب مرسل يشرع هلم األحكام ويبني هلم احلالل واحلرام واحتياج اخللق إىل استبقاء طفا من اهللا تعاىل وإما حكمة عقلية واجبة كان الشرع كاحتياجهم إىل متهيد الشرع وإذا كان األول واجبا إما ل

.الثاين واجبافإذا مل " أطيعوا اهللا والرسول وأويل األمر منكم " وأما السمع فإن اهللا تعاىل أمرنا مبتابعة أويل األمر وطاعتهم فقال

تقوا اهللا وكونوا مع يا أيها الذين آمنوا ا" يكن إمام واجب الطاعة كيف يلزمنا ذلك التكليف وقال اهللا تعاىل فلو مل يكن يف األمة صادقون واجبو الطاعة كيف وجب علينا أن نكون معهم ويستحيل أن يكلف " الصادقني

إنسان كن مع فالن وال فالن يف العامل وإذا كان العامل ال خيلو عن صادق مطلق فقد حتققت عصمته فإنا ال نعين .ن صادقا يف مجيع األقوال كان صاحلا يف مجيع األحوالبالعصمة إال الصدق يف مجيع األقوال ومن كا

وقرروا ذلك من وجه آخر وقالوا كما جيب حسن الظن بالصحابة إهنم ال يعدلون عن نص ظاهر إىل االختيار وهم الصفوة األوىل على طراوة القبول جيب حسن الظن أيضا بالرسول أنه إذا علم احتياج اخللق إىل من جيمع مشلهم

ع اخلالف بينهم وحيملهم على مناهج الشرع وينصف املظلوم وينتصف من الظامل وأهنم إىل من ينتهج مناهجه ويرفيف دعوة املخالفني باللسان والسيف أحوج منهم إىل مسائل االستنجاء واملسح على اخلفني والتيمم بالتراب وغري

ه من ذلك الباب كيف أمسك عن أهم األبواب ذلك فإذا مل يقصر يف إيراد حكم يف كل باب يستدل به على نظائركل اإلمساك فلم ينطق به نصا وال أشار إىل شخص تعيينا وال ذكره بوصف حىت بقيت األمة على اختالف يف

األصول والفروع فمن ضال ومن هاد يدعي كل واحد أنه على احلق وخصمه على الباطل وال حاكم بينهما ومن " منهما أنه العامل وخصمه اجلاهل وال هادي هلما فلئن كان يتوجه للعباد أن يقولوا جاهل ومن عامل يدعي كل واحد

مع أنه ال يتوجه على اهللا سؤال أفال يتوجه لألمة أن يقولوا أنبينا هال عينت لنا إماما " ربنا لوال أرسلت إلينا رسوال كون للناس على اهللا حجة بعد الرسل فهال بني نتبع قوله من قبل أن نذل وخنزى وأن اهللا تعاىل أرسل الرسل كيال ي

.الرسول اإلمامة وعني اإلمام كيال يكون للناس على النيب حجة بعد األئمةفلئن قلتم عرف احتياج اخللق ومل يعني فلم حتسنوا الظن به وإن قلتم عني وبني ومل يتبعوا قوله مل حتسنوا الظن

Page 162: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.نب عليهبالصحابة فما األخلص وما األوىل بتوريك الذوأنتم بني أمرين إما أن تقولوا جعل األمر بني األمة فوضى وفوض األمر إىل رأي اجملتهدين ليبني فضل اجملتهد الناظر

.وقصور القاصر عن رتبة االجتهاد وجعل العلماء جبملتهم محلة الشريعة ونقلة الدين

ناظرين واجتهاد اجملتهدين فال يرسل إليهم رسال قيل لكم وهال كان األمر فوضى بني العقالء وفوض األمر إىل نظر المبشرين ومنذرين ليتبني فضل اجملتهد الناظر وقصور املعطل القاصر وهال سلك الصحابة هذا املنهاج فيجعلون األمر ه فوضى بني األمة وال يرتبون أمر اإلمامة وال يشتغلون بتعيني اإلمام عن مواراة النيب صلى اهللا عليه وسلم يف صرحي

ليظهر فضل الفاضل وقصور القاصر وأما أن تقولوا مل جيعل األمر فوضى وال ترك احلال شورى فيلزمكم النص والتعيني مث ال نص إال يف حق من يدعي النص ومن ال يدعي النص كيف يتعني بالنص واعلم أنه ال شبه يف املسألة

رضي اهللا عنهم وافتراء األحاديث على الرسول فكل إال ما ذكرناه وما تذكره اإلمامية من سوء القول يف الصحابةذلك ترهات ال يصلح أن تشحن هبا الكتب أو جيرب هبا القلم وكذلك ما ذكره الزيدية من إمامة املفضول مع قيام الفاضل واستحقاق اإلمامة عندهم خبصال أربع العفة والعلم والشجاعة واخلروج بعد أن يكون فاطميا يلزمهم أن

كل صقع إمام واجب الطاعة فيكون يف األرض ألف ألف إمام نافذ األمر واجب الطاعة إذا استجمع كل يكون يف .واحد هذه اخلصال

أجاب أهل السنة عن مقالة النجدات يف نفي وجوب اإلمامة أصال عقال وشرعا أن الواجبات عندنا بالشرع ومدرك تعيني اإلمام من أذل الدليل على أن أصل اإلمامة واجب إذ هذا الواجب إمجاع األمة واالختالف الذي ذكرمتوه يف

.لو مل يكن واجبا ملا شرعوا يف التعيني وملا اشتغلوا به كل االشتغالبقي أن يقال إمجاع األمة هل هو دليل يف الشرع وإن اإلمجاع هل يتصور وقوعه صادرا عن االجتهاد حبيث ال

من اجلائزات العقلية موافقة شخصني على رأي واحد وإذا تصور يف شخصني يتصور فيه اخلالف وأما تصوره عقال ففما املانع من تصوره يف ثالثة وأربعة إىل أن يستوعب اجلميع وأما تقدير وقوعه يف الصدر األول فهو أيسر ما يف

إىل عدد ميكن املقدور فإن الصحابة كانوا حمصورين يف املهاجرين واألنصار وأهل الرأي واالجتهاد منهم أيكون .ضبطهم وحصرهم يف حمفل واحد ويتناظرون يف أمر ويتفقون على رأي واحد وال يبدو من أحدهم إنكار

وأما وجه كونه دليال أنا بالضرورة نعلم أن الصحابة إذا أمجعوا على أمر فال حيصل منهم ذلك االتفاق إال لنص ص على أن اإلمجاع حجة مث ذلك النص رمبا يكون عندهم خفي قد حتقق عندهم أما نص يف ذلك األمر بعينه وأما ن

تواترا وعندنا من أخبار اآلحاد فال بد من إضمار قطعا حىت يكون حجة لكن اإلمجاع قرينة دالة عليه قطعا وهو حابة كاألخبار املتواترة فإهنا أورثت العلم حبكم القرينة ال حبكم العدد ومن الدليل على أن اإلمجاع حجة تبكيت الص

ملن خالف اإلمجاع وإخراجهم إياه عن سنن اهلدى وقد جوزوا للمجمعني ترك التعرض ملستند اإلمجاع فإن املستند رمبا كان قرينة قولية أو فعلية أورثتهم العلم ومل ميكنهم التعبري عنها بلفظ ورمبا كان قوال صرحيا فإن صرحوا به كان

.صرحوا كفاهم اإلمجاعذلك دليال ثابتا يف املسئلة وإن مل يوأما قوهلم أن االتفاق على إمامة أيب بكر رضي اهللا عنه مل يكن صادرا عن مجلتهم ليس كذلك إذ مل يبق أحد من

الصحابة إال كانت له بيعة وعلي كرم اهللا وجهه كان مشغوال يف وقت البيعة مبواراة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم .رج إليهم حىت ملا رأى الناس دخلوا يف أمر دخل فيه ومل ينقل عنهم إنكارحمزونا على مفارقته مل خي

وقوهلم إن اإلمجاع يف نصب اإلمامة إجياب على اإلمام من جهة اجملمعني حىت يصري واجب الطاعة هلم وينعكس األمر .بعد ذلك حىت يصريوا واجيب الطاعة له وهو متناقض

Page 163: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

اإلمجاع مقصورا على من صدر منه اإلمجاع وليس األمر كذلك فإن نقول هذا لو كان الوجوب الذي يتلقى منالوجوب مستند إىل النص اخلفي واجللي من صاحب الشرع عليه السالم فهو املوجب واإلمجاع مظهر الوجوب

.وهو طريق قطعي يف معرفته ال أن قول من مل يثبت صدقه ضرورة يكون حجة

مامه يف مسئلة جاز قلنا نعم ألنه جمتهد كما أن اإلمام جمتهد وال جيوز وقوهلم لو خالف كل واحد من اجملتهدين إجملتهد تقليد اجملتهد وهو ال خيالفه يف اإلمجاع على أنه إمام بعد استناده إىل النص وإمنا خيالفه يف مسئلة أخرى وهو

م واغتنام أمواهلم وأدى اجتهاد جائز أليس أدى اجتهاد أيب بكر إىل قتال أهل الردة ومانعي الزكاة إليه وسيب ذراريهعمر رضي اهللا عنه إىل أن يرد إليهم سباياهم فردها وكم من مسئلة خالفه الصحابة يف مسائل الفرائض والديات

وإجياب الرجم فرجع إىل قوهلم وترك اجتهاده وهذا ألنه ال جيب العصمة لألئمة فيجوز عليهم اخلطأ والكبائر فضال .عن الزلل يف االجتهاد

وقوهلم إن الناس لو تناصفوا وعدلوا استغنوا عن إمام قلنا هذا جائز يف العقل جواز سداد الناظرين يف نظرهم قبل ورود الشرع ولكن العادة اجلارية والسنة املطردة أن الناس بأنفسهم ال يستقرون على مناهج العدل والشرع إال

ذلك إال بسياسة اإلمام والتخويف بالسيف والتشديد على حبامل حيملهم على ذلك بالتخويف والتشديد وال يتأتى .الظامل

وأما اجلواب عن قول الشيعة إما أن تلقى الواجبات من العقل فقد فرغنا منه وأما مستند الوجوب يف نصب اإلمامة .هو اإلمجاع الدال على النص الوارد من الشرع

ومتابعة الصادقني قلنا هذا مسلم يف وجوب طاعة اإلمام على وقوهلم إن اهللا تبارك وتعاىل أمرنا بطاعة أويل األمر اإلطالق لكن الكالم إمنا وقع يف التعيني أهو متعني بتعيني الشارع نصا أم يتعني بتعيني أهل اإلمجاع واألول مل يثبت

مام أليس إذ لو ثبت لنقل وملا تصور سكوت القوم أو سكوت واحد من القوم يف موضع اختالف الناس يف تعيني اإلملا كان عند أيب بكر رضي اهللا عنه نص يف ختصيص قريش باإلمامة روي ذلك يف حال دعوى األنصار فسكتوا عن

الدعوى وصارت اإلمامة خمصوصة بقريش نصا كذلك لو كان عند أحد نص يف ختصيص بين هاشم لنقل ذلك حىت .هاشم ومنازعة بين هاشم عليايرتفع النزاع فإن منازعة األنصار قريشا كمنازعة قريش بين

ومن العجب أن خرب التخصيص بقريش مل يكن متواترا إذ لو تواتر ملا ادعت األنصار شركة يف األمر وهم قد .انقادوا خلرب اآلحاد فكيف يظن هبم أهنم ال ينقادون للخرب املتواتر

قال لو كان سامل موىل حذيفة حيا ملا فإن قيل عمر رضي اهللا عنه كان جيوز اإلمامة لغري قريش بل للموايل حنيختاجلين فيه شك وأيضا فإنكم ادعيتم أن ال نص يف اإلمامة وقد ثبت نص يف ختصيص قريش بأن قال األئمة من

قريش فما جوابكم عمن يقول إذا ثبت نص يف ختصيص قريش عن كل املسلمني فيجوز أن يثبت نص يف ختصيص ادعيتم يف األول إحالة ثبوت النص وربطتم احلكم باإلمجاع مث قلتم إن اإلمجاع بين هاشم من قريش وأيضا فإنكم

يتضمن نصا حىت يكون دليال يف الشريعة فقد ربطتم اإلمامة بالنص فهال ادعيتم النص على أيب بكر ومل عقدمت بابا .يف إبطال النص وإثبات االختيار

الذي رواه ومل يظهر منه أنه كان جيوز اإلمامة لغري قريش وأما قيل أما األول فألن عمر سلم أليب بكر ذلك اخلربسامل فقد قيل أنه كان ينسب إىل قريش فلذلك قال ما ختاجلين فيه شك ملا شهد النيب صلى اهللا عليه وسلم حبسن

.سريته وأمانتهإال باإلمجاع واإلمجاع ال يثبت وأما النص اخلفي الذي يتضمنه اإلمجاع فهو لعمري الزم جدا فإن اإلمامة إذا مل تثبت

Page 164: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.إال بالنص فلم يثبت اإلمامة إال بالنصواجلواب أن النص الضمين يف اإلمجاع رمبا يكون نصا يف اإلمامة ورمبا يكون نصا يف أن اإلمجاع حجة فتردد األمرين

ظاهرا لكن قرينة احلال عند بني هذين احملتملني فلم ميكنا دعوى النص على أيب بكر وذلك النص رمبا ال يكون نصا القوم وهم شهود احلضرة رمبا أورثتهم قطعا فتنزل غري الظاهر عندهم كالظاهر وحصل هلم القطع بذلك واعلم أن

اإلمجاع إمنا كان حجة ألن اجملمعني جملموعهم معصومون عن اخلطأ والكفر والضاللة وإن كان ذلك جائزا يف صمة نازل منزلة شخص واحد يف العصمة وجيوز أن يثبت حكم جملموع من آحادهم فمجموع هذه األمة يف الع

حيث هو مجلة جمموعة وال يثبت لواحد منهم خبرب التواتر فإن العلم حيصل مبجموعه وإن مل حيصل بآحاده والسكر اتقوا اهللا يا أيها الذين آمنوا " احلاصل من األقداح والشبع احلاصل من اللقم وغري ذلك وعليه محل قوله تعاىل

" .ويتبع غري سبيل املؤمنني " وقوله تعاىل " وكونوا مع الصادقني

وأما اجلواب عن املعضلة اليت أوردوها نقول ال ميكن أن يقال أن النيب صلى اهللا عليه وسلم ما كان يعرف من ن الفنت والباليا وخروج جيلس لإلمامة بعده وينوب منابه فإن كان خيرب أصحابه مبا سيكون بعده إىل يوم القيامة م

الدجال ولقد قال صلى اهللا عليه وسلم زويت يل األرض فأريت مشارقها ومغارهبا وسيبلغ ملك أميت ما زوي يل منها وكان خيرب أصحابه العشرة مبا يفعله كل واحد وجيري عليه من القدر وأخرب عليا رضي اهللا عنه إنك تقاتل

ث ذي اخلويصرة حيث ناظر ونافق وأنه سيخرج من صيصى هذا الرجل وآيتهم الناكثني والقاسطني واملارقني وحديذو الثدية معروف وما قال له يف صلح احلديبية إنك ستبتلى مبثل ما بليت به وصح ذلك يوم التحكيم وما أطلعه اهللا

األعراب ستدعون قل للمخلفني من " وقوله " ليستخلفنهم يف األرض " تعاىل على أمور أمه من حال أمته كما قال وما روي أنه رأى يف املنام أن أبا بكر ينزع دلوا أو دلوين بضعف وأن عمر كان ينزع " إىل قوم أويل بأس شديد

بقوة وشدة فقال عليه السالم فلم أر عبقريا يفري فريه وقال اقتدوا بالذين من بعدي أيب بكر وعمر فيبعد كل البعد لس بعده لكن ال يبعد أن ال يظهره ألحد وال ينص على شخص ألنه مل يكن مأمورا أن ال يطلعه اهللا تعاىل على من جي

هو الذي أرسل " بذلك وإن قدر أنه مأمور لزم القطع بالنص واإلظهار فإن اهللا تعاىل بعثه هاديا مهديا وسراجا منريا .اآلية" رسوله باهلدى ودين احلق

ر الناس بالدوحات وخاطب الناس وأخذ بيد علي وقال من كنت فإن قيل قد أظهر ذلك يوم غدير خم حيث أممواله فعلي مواله اللهم وال من وااله وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر احلق معه حيث دار

وقد فهم" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن مل تفعل فما بلغت رسالته " وهذا حني نزل قوله تعاىل اجلماعة من قوله من كنت مواله فعلي مواله اخلالفة حيث هنأه عمر فقال بخ بخ يا علي أصبحت موىل كل مؤمن

ومؤمنة وقال عليه السالم أنت مين مبنزلة هارون من موسى إال أنه ال نيب بعدي وقد قال عليه السالم أنا مدينة .العلم وعلي باهبا إىل غري ذلك من األخبار

م مبثل هذه األخبار فخذوا منا يف حق أيب بكر كذلك حيث روى مسلم يف صحيحه أنه قال عليه قيل إن اقتنعتالسالم أيتوين بدواة وكتف أكتب أليب بكر كتابا ال خيتلف عليه اثنان وقال ليصل بالناس أبو بكر وقال إن

عمر جتدوه قويا يف نفسه قويا يف أمر اهللا وليتموها أبا بكر جتدوه ضعيفا يف نفسه قويا يف أمر اهللا تعاىل وإن وليتموهاوإن تولوها عثمان يسلك بكم مسلك السداد وإن تولوها عليا جتدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق املستقيم وقال ال يزال هذا األمر يف قريش ما بقي منهم اثنان وقال محلة احلديث ملا نزلت سورة الفتح جاء العباس إىل علي رضي

عنهما وقال إين أعرف املوت يف وجوه بين عبد املطلب وأىن برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وقد نعى إليه اهللا

Page 165: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

فانطلق بنا إليه نسأله ملن األمر بعده فإن كان فيكم فأنتم وذاك وإن كان يف غريكم أوصى بكم إىل الوايل فأىب عليه بة املعروفة إىل قوله إال من ويل هذا األمر فليقبل من علي ورجع العباس إىل النيب فقال له يف ذلك فخطب اخلط

حمسنهم وليتجاوز عن مسيئهم فقيل يا رسول اهللا أوص بقريش فقال الناس تبع لقريش مث قال أوصيكم بأهل بييت .وعتريت خريا فإهنم حلمي احفظوا منهم ما حيفظون فيما بينكم وهذا كله من األخبار دليل على االختيار

منا قلنا طريق العلم بتعيني اإلمام النص دون االختيار ألن اإلمام جيب أن يكون على صفات خمصوصة منها فإن قيل إالعصمة ومنها العلم والعقل ومنها الشجاعة ومنها العدل على الرعية وال جمال لالجتهاد وغلبات الظنون يف معرفتها

ندا إىل وحي من اهللا فإذا كنتم ختتارون األئمة ومعرفة مقاديرها بل ال يعلم ذلك إال بالنص من الرسول مستبظواهرهم وجتوزون أن يكونوا من الزنادقة يف الباطن وأن يكذبوا على اهللا ورسوله وأن يعطلوا احلدود ويبطلوا

احلقوق ويتأولوا متشاهبات القرآن على غري وجهها وينقلوا األخبار على غري طريقها افتراء على اهللا ورسوله أو مل هد من بين أمية التعرض ألهل البيت قتال وهتكا للحرمة واستحالال لألموال أو مل ينقل عنهم الظلم واجلور على يع

.الرعايا ومالبسة الفسق والفجور فما يؤمنكم أن متابعتكم أئمة اجلور تورثكم النار وبئس املصري

لى العلم والفضل وحسن األفعال تدل على قيل صفات اإلمامة جيوز أن يستدل عليها باإلمارات واألقوال تدل عالعفة واملهارة باحلرب تدل على السياسة والشجاعة فكما يستدل باألفعال على الشهادة والقضاء كذلك يستدل على الصفات اليت تشترط يف األئمة وإن ظهر بعد ذلك جهل أو جور أو ضالل أو كفر اخنلع منها أو خلعناه وما

.يح إال أنه ال ينايف اإلمامة عندهم وعند من جيوز ذلك على األئمةينقل عن األموية فهو صح .فإن قيل فما القدر الذي من صفات املدح يصري هبا مستحقا لإلمامة وما العدد من أمة يصح به عقد البيعة

ومن العلماء قيل القدر من الصفات أن يكون مسلما قرشيا جمتهدا يف العلم بصريا بسياسة الرعية ذا جندة وكفاية من نقص من العدد الذي ذكرناه ومنهم من زاد والعدد لعقد البيعة فقيل تتم البيعة برجل عدل وقيل برجلني وقيل

بأربعة وقيل جبماعة من أهل احلل والعقد واالجتهاد والبصرية باألمور ولو عقد واحد ومل يسمع من الباقني نكري منصب عظيم واملسائل املرتبة على ما ذكرناه من عقد البيعة كفى ذلك وجيب اإلشهاد به فإنه خطب جسيم و

لرجلني يف صقعني أو إقليمني فإنه إذا خلع نفسه أو أحدث أحداثا يستحق هبا اخللع أينخلع أم يستوجب ذلك كله من مظان االجتهاد ولرياجع الكتب املصنفة يف الكالم فإين مل أشترط على نفسي يف هذا الكتاب نقل ما ذكر يف

.الكالم وإمنا شرطت حل املشكالت من املعقوالت وبيان منتهى إقدام أهل األصول يف مراتب العقول دون املنقولوأما كرامات األولياء فجائز عقال ووارد مسعا ومن أعظم كرامات اهللا تعاىل على عباده تيسري أسباب اخلرب هلم

اخلري أقرب كانت الكرامة أوفر وما ينقل عن بعضهم وتعسري أسباب الشر عليهم وحيثما كان التيسري أشد وإىلمن خوارق العادات وصح النقل وجب التصديق وال جيوز اإلنكار عليه أليس قد ورد يف القرآن قصة عرش بلقيس

أو مل تكن " أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ريب " وقول ذلك الويل موسى ومرمي أم عيسى عليه السالم وما ظهر هلما من اخلوارق من إلقاء موسى يف اليم كرامة هلا ورزق قصة أم

الشتاء يف الصيف ورزق الصيف يف الشتاء وظهور النخلة يف الصحراء من أعظم الكرامات ملرمي عليها السالم وما نا علما بوقوعها فهي مبجموعها أفادتنا علما ينقل عن صاحلي هذه األمة أكثر من أن حيصى وهي بآحادها إن مل تفد

.قطعيا ويقينا صادقا بأن خوارق العادات قد ظهرت على أيدي أصحاب الكراماتواعلم أن كل كرامة تظهر على يد ويل فهي بعينها معجزة لنيب إذا كان الويل يف معامالته تابعا لذلك النيب وكل ما

اذه وصاحب شريعته فال تكون الكرامة قط قادحة يف املعجزات بل هي يظهر يف حقه فهو دليل على صدق أست

Page 166: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

مؤيدة هلا دالة عليها راجعة عنها وعائدة إليها وقد قال النيب كائن يف أميت ما كان يف الزمان األول حذو القذة إبراهيم اخلليل بالقذة والنعل بالنعل حىت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وقال عليه السالم إن يف أميت من مثله مثل

إشارة إىل هذا املعىن وملا كانت " وملا ضرب ابن مرمي مثال إذا قومك منه يصدون " ومن مثله مثل موسى ويف اآلية اليوم أكملت لكم دينكم وأمتمت عليكم نعميت " شريعته أكمل الشرائع ودينة أكمل األديان كما قال تعاىل

ملتحلي هبذا الدين والشريعة أشرف وأكرم ممن حتلى بشريعة أخرى إذ وجب أن يكون ا" ورضيت لكم اإلسالم دينا الشرائع واألديان جالبيب النفوس واألرواح وبقدر التحلي هبا والثبات فيها واإلقبال عليها ينال الشرف والكرامة

زيد على نيل وليت شعري أي كرامة ت" إن تتقول اهللا جيعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم " قال اهللا تعاىل الفرقان بني احلق والباطل وسبيل النجاة واهلالك ويف اخلرب ال يزال العبد يتقرب إيل بالنوافل حىت أحبه فإذا أحببته كنت له مسعا وبصرا ويدا ومؤيدا وأي كرامة أجل من حصول احملبة بثمراهتا املذكورة ويف اخلرب لو عرفتم اهللا حق

يس معه جهل ولو عرفتم اهللا حق معرفته لزالت اجلبال بدعائكم وما أويت أحد من اليقني معرفته لعلمتم العلم الذي ل .إال وما مل يؤت منه أكثر مما أويت

.قيل بلغنا أن عيسى عليه السالم كان ميشي على املاء قال صلى اهللا عليه وسلم لو ازداد يقينا ملشى على اهلواء

وأن هذه الشريعة ناسخة للشرائع كلها وهي أمتها وأكملها وأن حممدا ومما يتصل هبذا املوضع الكالم يف النسخ .املصطفى صلى اهللا عليه وسلم خامت األنبياء وبه خنتم الكتاب

قال بعض العلماء النسخ رفع احلكم بعد ثبوته وقال بعضهم النسخ تبيني انتهاء مدة احلكم وكأنه ختصيص بزمان النسخ يتبني أنه مل يشمل األوقات كلها وقالت اليهود النسخ رفع تكليف بعد وهو بظاهره كان شامال لكل زمان وب

توجهه على العباد وذلك ال جيوز يف حق الباري تعاىل فإنه يؤدي ذلك إىل البدا والندم على ما قال ولو أن واحدا ال دل ذلك على أنه بدا له منا أمر غالمه على كل حال أن يفعل فعال مث منعه من ذلك إما يف احلال أو يف ثاين احل

ذلك أي ظهر له أمر خبالف ما تصور يف األول أو ندم بالقلب على تكليفه األول وهاتان القضيتان مستحيلتان يف .حق من ال ختفى عليه ذرة يف األرض وال يف السماء ومن له امللك وامللك والتصرف يف عباده مبا يشاء

ينه كاجتماع السواد والبياض يف حمل واحد يف حالة واحدة وال شك أن يقال هلم املستحيل على نوعني مستحيل لعرفع التكليف وحكم التكليف بعد ثبوته ليس من ذلك القبيل ومستحيل ملا يفضي إىل احملال كخالف املعلوم وال

الشيء إذا ظهر حمال ها هنا يفضي إليه النسخ إال البدا والندم والبدا يطلق على معنيني أحدمها الظهور يقال بدا له وهذا ال جيوز على اهللا تعاىل فإن املعلومات كلها ظاهرة لديه مكشوفة " وبدا هلم من اهللا ما مل يكونوا حيتسبون "

عنده والنسخ ال يؤدي إىل ذلك ألنه كان عاملا بذلك التكليف عند توجهه على العبد وكان عاملا برفعه عند النسخ .وال رفع احلكم ألنه ظهر له شيء آخر فلم يظهر له أمر متجدد مل يعلمه

ويطلق البدا على الندم على ما كان والندم هو أن يقول قوال أو يفعل فعال لغرض مث يرى أن املصلحة يف غري ما صدر عنه قوال وفعال وهذا أيضا ال جيوز يف وصف الباري تعاىل فإنه ال يفعل فعال لغرض وإذا فعل خبالف ذلك مل

حة وغرض آخر بل أقواله وأفعاله ال تعلل كما بينا قبل فلم يتصور يف حقه الندم وال أفضى النسخ إىل يفعله ملصل .الندم فتعني القول بأن النسخ غري مستحيل عقال مث وقوعه شرعا من أدل الدليل على أنه غري مستحيل عقال

احل وإبراهيم وإمساعيل ويعقوب ومجاعة فنقول ال شك أن موسى عليه السالم تأخر وجودا عن آدم ونوح وهود وصمن األنبياء واألسباط عليهم السالم أهل كان مجيع ما ورد به موسى مشروعا هلم أو منها ما كان مشروعا ومنها ما

مل يكن مشروعا فإن كان كله مشروعا هلم فلم يرد موسى بشريعة أصال بل قرر الشرائع املاضية وإن ورد حبكم

Page 167: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

بت يف شرعهم فقد حتقق أن احلكم األول مرفوع بذلك احلكم أو قد انتهى مدة احلكم األول وجتدد واحد غري ما ثهذا احلكم فثبت النسخ وإن أنكروا ذلك فنكاح األخوات يف زمن آدم عليه السالم حىت قيل أنه استمر ذلك

ل بقتل أنفسهم كان حكما مل احلكم إىل زمن نوح مما جيب االعتراف به ليتحقق النسل والذرية وتوبة عبدة العجيكن قبل ذلك وصار مرفوعا عن غريهم يف التوراة واخلتان يف اليوم السابع من الوالدة حكم مل يكن لنوح وغريه بل ترك اخلتان كان مشروعا هلم وأمر بذلك إبراهيم عليه السالم على الكرب وأطلق له أن ال خيتنت إمساعيل يف طفوليته

وحظر على موسى ترك اخلتان فوق سبعة أيام والتمسك بالسبت ما كان واجبا على األنبياء قبل حىت يصري مراهقا موسى عليه السالم مث صار واجبا على موسى فما املستحيل أن يعود إىل ما كان مباحا وكذلك الصيد يف يوم

على موسى واملواعدة من أدل السبت ومجيع األفعال الدنياوية كان مباحا قبل موسى عليه السالم فصار حمظوراالدالئل على النسخ إذ واعده امليقات ثالثني ليلة مث أمتها بعشر فتم ميقات ربه أربعني ليلة وكذلك تلك التكاليف

.الشديدة على بين إسرائيل ما كانت واجبة على من قبلهم

فات هلا وال األفعال كانت على والسر يف ذلك كله أن احلظر والوجوب أحكام ال ترجع إىل األفعال حىت تكون صصفات من احلسن والقبح ورد الشرع بتقريرها وال قول الشارع أكسبها صفات ال تقبل الرفع والوضع بل

األحكام راجعة إىل أقوال الشارع وتوصف األفعال هبا قوال ال فعال شرعا ال عقال فيجوز أن يرتفع بعضها ببعض بالعقد الصحيح واحلل يف املنكوحة يرتفع بالطالق املبني وكأحكام املقيم ختالف وذلك كاحلرمة يف األجنبيات ترتفع

أحكام املسافر وأحكام الرجال يف بعض األحوال ختالف أحكام ربات احلجال وإذا كانت األحكام قابلة للرفع م يف زمن آخر مث يقابل والوضع والتغيري والتبديل فما املستحيل يف وضع أحكام على أقوام يف زمن مث رفعها عن أقوا

التكليف باألفعال وتقابل التغيريات العقلية من املوت واحلياة والصحة والسقم والراحة والشدة والنعمة والبلية وإنبات الزرع وإفساده وإنشاء احليوان وإهالكه وخلق اإلنسان وإفنائه تارة إىل مدة وتارة يف احلال من غري مهلة

كما يشأ ال يسأل عما يفعل بالتغيريات التكليفية من اإلباحة واحلظر واإلجياب تصريفه ال بد أهنم حيث يشأواإلطالق واملشي تارة إىل موضع والوقوف تارة يف موضع والقيام تارة والقعود أخرى تصريفا لعقوهلم ونفوسهم

لك وامللك كما يشأ حيث يشأ ال يسأل عما يفعل فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون له املواخللق واألمر والفعل والقول والتصريف والتكليف أليس اخللق األول يف مادة اإلنسان يتصرف يف تربيته من

ساللة إىل نطفة إىل علقة إىل مضغة إىل عظام إىل كسوة العظام حلما إىل خلق آخر فتبارك اهللا أحسن اخلالقني أنشأ مرتبة ناسخة للصورة األوىل البسة صورة أخرى مث خالفت تلك من طور إىل طور أبدا من كور إىل كور وكل

الصورة إىل أخرى كذلك األمر األول يف كسوة صورة لنوع اإلنسان يتصرف بتربيتها من شريعة إىل شريعة وكل شريعة ناسخة صورة والبسة أخرى حىت ينتهي إىل كمال الشرائع كلها وختتم خبامت النبيني كلهم وليس بعد الكمال

الستقامة إال املعاد والقيامة بعثت أنا والساعة كهاتني فيتم اخللق هنالك ويتم األمر ها هنا وختتم اخللقة بكمال وااليوم أكملت لكم دينكم " حال النطفة إنسانا تاما وختتم الشريعة بكمال حال الشرع األول دينا تاما كامال

رضينا باهللا ربا وباإلسالم دينا ومبحمد املصطفى صلى اهللا عليه " وأمتمت عليكم نعميت ورضيت لكم اإلسالم دينا .وسلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وباملؤمنني إخوانا

وقد جنز غرضنا من عشرين قاعدة يف بيان هنايات أقدام أهل الكالم وإن تنفس األجل وأمهل العمر شرعنا يف كماء اإلهليني وعند ذلك حيق لنا أن نقول وحقا وصدقا نقول متربكني عشرين أخرى يف بيان هنايات أوهام احل

بألفاظ الصاحلني وهي كلمات ملتقطة من دعوات زين العابدين رضوان اهللا عليه يا من ال يبلغ أدىن ما استأثرت به

Page 168: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

الواصفني من جاللك وعزتك أقصى نعت الناعتني يا من قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين وعجزت عن نعته أوهاميا من ال تراه العيون وال ختالطه الظنون وال يصفه الواصفون أنت كما وصفت به نفسك وأنت كما أثنيت على

نفسك ضلت فيك الصفات وتقسمت دونك النعوت وحارت يف كربياءك لطائف األوهام والعقول أنت األول يف ك أنت قائم ال حتول وأنت الظاهر فما أزليتك وعلى ذلك أنت دائم ال تزول وأنت اآلخر يف أبديتك وكذل

احتجبت عن شيء وأنت الباطن فما اختفيت يف شيء وال تغريك الدهور وال تبليك األمور وال يعتورك الزمان وال حيويك املكان وال يشغلك شأن عن شأن كذلك أنت اهللا الذي ال إله إال أنت لك األمساء احلسىن واملثل األعلى

الكتب باحلق وأرسلت الرسل بالصدق وختمتهم بآخرهم عصرا وأوهلم مأثرة وذكرا حممد والكلمة العليا أنزلت املصطفى صلى اهللا عليه وسلم اللهم اكتب يل هذه الشهادة عندك واجعلها عهدا توديه يل يوم القيامة وقد رضيت

عد إذ هديتنا وهب لنا م لدنك رمحة عين يا أرحم الرامحني ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ال تزغ قلوبنا ب .إنك أنت الوهاب

الذيل

مسئلة

يف إثبات اجلوهر الفرد

اجلسم ينتهي بالتجزئة إىل حد ال يقبل الوصف بالتجزي ويسميه املتكلمون جوهرا فردا وصارت الفالسفة إىل أنه ال . ينتهي إىل حد ال يقبل الوصف بالتجزي

د املتكلم هو املركب من أجزاء متناهية وما حتصره النهايات واألطراف ال يشتمل ومدار املسئلة على أن اجلسم عنعلى ما ال هناية له وعند الفيلسوف األجزاء إمنا حتدث بالفعل يف اجلسم إما رضا وكسرا وإما بانتشاره وإما

.باختالف عرضني وإما بالوهم والقوة واجلسم مركب من هيوىل وصورة ال من أجزاء متحيزةودليل املتكلم يف املسئلة أن املتناهي أطرافه وأضالعه يستحيل أن يشتمل على منقسمات بال هناية فإن احملصور

بالنهايات ال يكون حاصرا مبا ال هنايات له وأيضا فإن االتصال احملسوس يف اجلسم متناه باحلس واالنفصال يستدعي لنهاية فليكن فيه االتصال غري النهاية فإن كان االنفصال بالفعل سبق اتصال ال حمالة فلو كان اجلسم مما ينفصل عن ا

فيسبقه االتصال بالفعل وإن كان االنفصال بالقوة والوهم فليكن فيه االتصال بالقوة والوهم مث اتصاله متناه قوة ر فلو نصف وفعال فانفصاله جيب أن يكون كذلك وأيضا فإن املقدار الذي اشتمل عليه اجلسم متناه معدود مقدو

اجلسم نصفني وكان أحد املقدارين يقبل التجزي إىل غري النهاية حىت يصري ذا مقادير بغري هناية فيلزم أن يكون األقل وهو النصف مثل األكثر وهو اجلملة ويلزم أن يكون فيما ال يتناهي من املقادير تفاوت األقل واألكثر وكالمها

.حمالير أجزاء اجلسم بالفعل فإن اجلسم املتناهي ال يشتمل على أجزاء بالفعل غري فإن قيل ما ذكرمتوه صحيح يف تقد

متناهية لكنا نقول هو يشتمل على أجزاء بالقوة غري متناهية فاحملصور يف الفعل ال حيصر غري املتناهي بالفعل فلم ال العقل أن خيرج إىل الفعل فإن مل جيز جيوز أن حيصر غري املتناهي بالقوة وفيه النزاع قلنا ما قدرمتوه بالقوة أجيوز يف

ظهرت االستحالة وبقي الوهم اجملرد الذي دل على خالفه برهان العقل وإن جاز خروجه إىل الفعل وقدرنا خروجه

Page 169: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

إىل الفعل لزم احملال الذي ذكرنا هذا كما يقال ما من جسم إال وميكن أن يتصل به جسم آخر حبيث ال يقف الوهم يدل ذلك على أن جسما ال يتناهى متصور الوجود بل االتصال يف اجلسم جيوز إىل حد ال ينتهي إىل حد وهناية مث ال

إىل هذا احملال وهو تصور جسم ال يتناهى وإن بقي الوهم يف حال التقدير الومهي وذلك مما يتمثل يف الوهم من خال هي به وإال فيثبت خالء فارغا وذلك خالف العقل خارج العامل فإنه يتوهم حدا وهناية للعامل مث يقدر فضاء وخالء ينت

.وبرهانهويسلك إمام احلرمني يف إثبات اجلزء الفرد مسلكا آخر فقال نفرض الكالم يف كرة حقيقية وبسيط حقيقي ونضرب

وإن بالكرة على البسيط أفيالقيه أم ال فإن القاه أفيالقيه مبنقسم أم ال فإن القاه مبنقسم فليست كرة بل هو بسيطالقاه بغري منقسم فذلك اجلوهر الفرد وميكن أن يطرد هذا الربهان أيضا يف البسيط املتناهي حبده فإن احلد خط

واخلط طول ال عرض له فقد تناهى اجلسم فإن كان احلد الذي يتناهى به منقسما مل يكن خطا وإن مل ينقسم عرضا وذلك هو اجلزء الفرد عند املتكلم وعلى كل حال متناه فإمنا وانقسم طوال فينقسم إىل نقط وهو أمر ال ينقسم

.يتناهى بأمر ال ينقسم سطحا وخطا ونقطة وإال مل يكن هنايةفإن قيل السطح واخلط والنقطة أعراض عندنا فالنقطة عرض اخلط واخلط عرض يف السطح والسطح عرض يف

لفرد عندكم حجم له جثة ومساحة فلذلك لزمكم ما ال اجلسم وما كان عرضا ال يقبل الوصف بالتجزئة واجلوهر ايلزمنا يف إبعاده الثالثة قلنا هب أنه أعراض قائمة باجلسم أليست هي أعراضا تنقسم بانقسام اجلسم فإن النقطة على أصلكم شيء ما ال تنقسم واخلط ينقسم طوال وال ينقسم عرضا والسطح ينقسم طوال وعرضا وال ينقسم

سم ينقسم طوال وعرضا وعمقا وكما أن األعراض تنقسم بانقسام احملل وتتحد باحتاد احملل ويتحد احملل عمقا واجلباحتاده وكما أنكم مسيتم هذه األعراض هنايات اجلسم كذلك اجلوهر عندنا أطراف وهنايات وليست بذي أطراف

.كما سنبني

ما على مبينه بعني ما على يساره أم بغريه فإن قلتم بعينه فهو أما شبههم قالوا لو قدرنا جوهرا بني جوهرين أفيالقي سفسطة فإن قلتم بغريه فقد ثبت التجزي يف اجلوهر الفرد وكذلك القى أحدمها بكله أو ببعضه فإن القاه بكله ذلك وأسره مل يبق للثاين مالقاة فإن املشغول بكل وأسر كيف يصري مشغوال بغريه وإن القاه ببعضه فقد جتزى وك

صوروا جوهرا على متصل جوهرين فإنه القي اجلوهرين السفالوين وإمنا يالقي كل واحد منهما بطرف غري اآلخر وإن منع هذا التصوير فصوروا خطا مركبا من ستة أجزاء وخطا حياذيه من ستة أجزاء وعلى رأس أحد اخلطني

الة واحدة على تساوي احلركتني فال شك أنه جوهر وعلى ذنب اخلط اآلخر جوهر وقدرنا حترك اجلوهرين يف حميتاز أحدمها على الثاين ويتحاذيان ويتقابالن على نقطة وليسا متحاذيني إال على الثالث والرابع فيكون اجلوهر

املتحرك على متصل الثالث والرابع حماذيا للجوهر الثاين وكذلك ألزمونا جواهر حمفوفة جواهر فال شك أنه مياس ن اجلواهر بغري ما متاس البواقي فتنقسم بستة أجزاء وكذلك النقطة يف الدائرة تالقي أجزاء الدائرة كل واحد م

فلوال أن فيها بالقوة ما يف أجزاء الدائرة وإال ملا القتها وكذلك لو قدرنا جوهرا متحركا على حميط الدائرة وجوهرا مجيعا فإن حترك اجلوهر على احمليط حركة واحدة وقطع متحركا على مركز الدائرة وبني اجلوهرين خط متصل هبما

حيزا واحدا وحترك اخلط حبركته فيجب أن يتحرك اخلط الذي على املركز أقل من تلك املسافة وإمنا قلتها أو كثرهتا واحد ببعد طول اخلط وقصره وذلك هو بعد املسافة بني احمليط واملركز فيؤدي إىل أن ينقطع من املركز أقل من جزء

وذلك مثل قول بالتجزي ومثل حركة الشمس مع الظل فإن الشمس تتحرك عن فلكها أقداما كثرية حىت يظهر يف الظل قدم واحد فلو قدرنا حركتها مبقدار جزء واحد فيجب أن يتحرك الظل مبقدار ألف جزء من جزء فيتجزى

Page 170: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

.اجلزء املفروض .مات واملعارضات والثاين التحقيقاجلواب عن هذه الشبهات من وجهني أحدمها اإللزا

أما األول فنقول بنيتم هذه اإللزامات على قضية مذهبنا ال على مقتضى مذهبكم ألن على مقتضى مذهبكم ال يتصور جوهر فرد وليس هذا التقدير والفرض على مقتضى مذهبنا صحيحا فإن الذي أثبتناه معقول بالدليل غري

الربهان على أن جسما حمدودا متناهيا حمصورا ال يشتمل على ما ليس مبتناه حمسوس وال موهوم وذلك أنا أقمناوغري حمدود وال حمصور فال جيوز أن يتجزى أبدا فبقي التجزي مدلول دليلنا العقلي مث يلزم أن يبقى شيء ال ينقسم

ن وحققتم الفصل بني اجلوهرين وال يتجزى ونسميه جوهرا فردا هذا كما قررمتوه يف إثبات اهليوىل والصورة جوهريعقال ال حسا وأحلتم انفصال أحدمها عن الثاين على مقتضى مذهب وجوزمت على مقتضى مذهب فتوجه اإللزام

عليكم ونقول اهليوىل جوهر قابل للتحيز والتشكل والتحيز والتشكل صورة يف اهليوىل واجلسم مركب منهما وكل لوصف بالتجزي وجمموعهما قابل أفيقبل التجزي من حيث الصورة أم من حيث واحد منهما على االنفراد ال يقبل ا

.اهليوىلفإن قيل التجزي من حيث الصورة فهو باطل فإن الصورة اتصال واالتصال كيف يكون قابال لالنفصال بل قابل

.لالنفصال أمر آخر وهو اهليوىل

وهل فيها قوة هذا القبول فإن مل تقو فذلك املعين فنقول أو تقوى تلك اهليوىل على قبول انفصاالت بال هناية باجلوهر الفرد عندنا وإن قويت على ذلك فيفضي هذا التجزي إىل جواز وجود جسم بسيط ذاهب يف اجلهات بغري

هناية وقد قام الربهان على استحالته وكل ما ذكرناه يف اهليوىل وقبوهلا للصورة فهي األبعاد الثالثة الطول والعرض مق حتقق مثله يف اجلوهر الفرد وقبوله ذلك اتصال واحد واتصال من ست جهات أو ست اتصاالت إال أن والع

املتكلم يقول ذلك بانضمام أمثاهلا إليها والفيلسوف يقول ذلك بانضمام صورهتا إليها ونقول ما فرضتموه علينا من اجلوهر على ما قررمتوه وهي اجلواهر اليت نقول اجلواهر الثالثة إمنا هو إلزام على مذهبنا وليس الفرض صحيحا وال

فيها أهنا ال تتجزى فإن مدلول دليلنا أن كل ما حصره جسم متناه جيب أن يكون متناهيا وما ال يتناهى ال حيصره ما يتناهى مث إنا نسمي ما انتهى جزءا فردا اصطالحا وذلك معقول الدليل وليس مبحسوس وألن ما يقدره الوهم ودل

عليه الربهان هو ذلك اجلزء الذي انتهى به فإنا نقول اجلوهر الذي بني اجلوهرين يالقي أحدمها بطرف فنقول أن ذلك الطرف متحيز أو غري متحيز فإن كان متحيزا فهو اجلوهر الفرد وليس بطرف وقد فرضتم أنه طرف وإن مل

ما قدرمتوه فالطرفان جزءان فردان والوسط أيضا يكن متحيزا فذلك عرض قائم مبتحيز هو اجلزء الفرد عندنا ال فرد فقد اعترفتم باإللزام الذي متسكتم به أنه ذو هنايتني ووسط وذلك هو األجزاء الثلث عندنا وال يؤدي إىل

التجزي أبدا فإن الطرف ال ينقسم ولو انقسم ما كان طرفا وعلى هذا املساق كل ذي هناية من جسم وجوهر فإمنا د ال ينقسم واجلسم ينتهي ببسيطة وهو السطح وذلك ينقسم طوال وعرضا وال ينقسم عمقا والسطح ينتهي حب

ينتهي خبطه وذلك ينقسم طوال وال ينقسم عرضا واخلط ينتهي بنقطته وذلك ال طوال وال عرضا وال عمقا وهو ر الفرد موجود والنقطة واخلط والسطح املثال املوازن للجوهر الفرد إال أن النقطة عندكم موهومة وعندنا اجلوه

عرض عندكم وعندنا جوهر وال خيتلف ذلك بكونه جوهرا وعرضا فإن املقصود إثبات التناهي وقد حصل وكل ما .القى شيئا فإمنا يالقيه حبد وهناية وكل حد وهناية فهو غري منقسم وإال فال حتصل املالقاة واملماسة

Page 171: ﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ ﺔﻳﺎﻧﻬ ﺏﺎﺘﻛ ...islamicbook.ws/ageda/nhait-aliqdam-fi-alm-alklam.pdfﻡﻼﻜﻟﺍ ﻢﻠﻋ ﰲ ﻡﺍﺪﻗﻹﺍ

ذي أوردوه علينا أن الوسطاين يالقي ما على ميينه بعني ما القى ما على يساره ذاتا ونقول أيضا رفعا للتقسيم الوجوهرا وبغريه نسبة وإضافة وقد تتكثر نسب الشيء وإضافاته وال يوجب ذلك تكثر الذات مثل النقطة اليت يف

النسبة اليت تليها وحيثما وسط الدائرة فإهنا مع وحدهتا تنسب إىل كل جزء من أجزاء الدائرة فإهنا مع نسبة غريوسعنا الدائرة تكثرت نسبها وال يوجب ذلك تكثرا يف ذاهتا كذلك القول يف اجلزء الفرد ينسب إىل جزء على

اليمني وجزء على اليسار أو إىل ستة أجزاء حمفوفة به وال يوجب ذلك تكثرا يف الذات ونقول قد بينا أن اجلسم إمنا ورته فإن قابل االتصال واالنفصال جيب أن يكون غري االتصال يف االنفصال ألن يقبل التجزي هبيواله ال بص

االتصال يزول باالنفصال وال يزول القابل بوجود املقبول فنقول أفتقوى تلك اهليوىل على قبول صورة االتصال إىل ل وإن مل تقو على ذلك ما ال يتناهى فإن قويت حصل جسم ال يتناهى وبعد ال يتناهى واتصال ال يتناهى وذلك حما

بل قوهتا إىل حد ما تنتهي إليه هو اجلزء الفرد الذي ال يتجزى بقي ها هنا يف هذه الصورة وهو االنفصال يف جانب الوهم أنه ال يقف حىت يقدر عاملا متصال بعامل آخر إىل ما ال يتناهى فذلك عمل الوهم املخالف لربهان العقل فال

الوهم إمنا يصدق بشرط أن ال يؤدي إىل جسم غري متناه وذلك خالف العقل ونقول ها نقبل ذلك بل نقول مث إن هنا أن الوهم إمنا يصدق بشرط أن ال يؤدي إىل أجزاء غري متناهية وذلك خالف العقل وهذا آخر ما ينتهي إليه نظر

بالفعل يف اجلسم غري متصور الناظر يف هذه املسئلة فإن اخلصم رمبا يساعد على أن األجزاء اليت هي غري متناهيةوإمنا خيالف يف القوة والوهم وقد ثبت يف القوة أن هيوىل اجلسم بقوته ال تقوى على قبول انفصاالت بال هناية كما

ال تقوى على قبول اتصاالت بال هناية وقد بينا يف الوهم أن الوهم ال يقف إىل حد ال يتوهم زيادة على اجلسم ر وزيادة فضاء وخالء وراء العامل كذلك ال يقف إىل حد ال يتوهم نقصانا على اجلسم إىل احملدود كزيادة عامل آخ

نقصان آخر حىت يقدر مالقي اجلسم ال يتناهى وبعض الفالسفة يفطن فيما وراء العامل فلم يثبت خالء وفضاء بتناهي ء وال خارج من احمليط وال داخل يف األجسام وما يفطن فيما هو داخل العامل فأثبت مال وفيضا بال تناهي األجزا

.املركز واهللا أعلم

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي