282
1 روﻣﻴﺔ أهﻞ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﻤﺺ ﺗﺎدرس ﻣﻠﻄﻲ ﻳﻌﻘﻮب ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ روﻣﺎ آﻠﻤﺔ أن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺮى" روﻣﺎ" ﺗﻌﻨﻲ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ أﺻﻞ ﻣﻦ" ﻗﻮة" ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺗﺴﺘﺨﺪم وآﺎﻧﺖ، " ﻣﻊ اﻟﺴﻼﻣﺔ" ﺗﻌﻨﻲ إذ، " ﻗﻮﻳﺔ ﺻﺤﺔ ﻟﻚ ﻟﻴﻜﻦ[1] " ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ وﻳﺮى ؛" ﻣﺮﺗﻔﻊ." ورﺑﻤﺎ ﻟﺴﺒﺒﻴﻦ هﻜﺬاﻋﻴﺖ د: ﻷن أوﻟ ﻋﺎم أﺳﺴﻬﺎ روﻣﻠﻴﻮس753 ق. م. ﻷﻧﻬﺎ وأﻳﻀ اﺳﻤﻪ، ﻓﺤﻤﻠﺖ هﻨﺎك اﻟﺴﺒﻊ اﻵآﺎم ﻣﻦ أآﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻣﻜﺎن ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺖ. آﻞ ﻓﺘﺸﻐﻞ ﻟﺘﻤﺘﺪ اﺗﺴﻌﺖ وﻗﺪ اﻵآﺎم. ق اﻟﺴﺎدس اﻟﻘﺮن ﻣﻨﺘﺼﻒ وﻓﻲ. ﺿﺨﺎﻣﺘﻬﺎ، ﻣﻊ آﻠﻬﺎ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﻀﻢ ﺑﺴﻮر أﺣﻴﻄﺖ م ﺑﻪ أﻣﻴﺎل، ﺧﻤﺴﺔ ﺣﻮاﻟﻲ ﻣﺤﻴﻄﺔ19 ﺑﺎﺑ. وﻧﻔﻮ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ اﺗﺴﻊ ﺣﻮض ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻮﻟﺖ اﻟﺘﻲ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺻﺎرت ﺣﺘﻰ ذهﺎ اﻟﺴﻮر ﺧﺎرج اﻟﻤﻨﺎزل أﻗﻴﻤﺖ ﺣﺘﻰا ﺟﺪ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻋﺪد ﻓﺘﺰاﻳﺪ آﻠﻪ، اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﺒﺤﺮ أﻳﻀ. واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، واﻵداب ﻟﻠﻌﻠﻮما وﻣﺮآﺰ وﻗﺎدﺗﻪ، اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﺎﺳﺔ ﻣﻠﺘﻘﻰ روﻣﺎ ﺻﺎرت اﻟﺬي اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺨﺼﻮص وﺟﻪ ﻋﻠﻰ اﺷﺘﻬﺮت ﺟﺎﻣﻌﺎت أﻏﻠﺐ ﻓﻲس ﺪر ﻳﺰال اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻣﻦ ﻗﺎدﻣﺔ وﻗﺒﺎﺋﺤﻬﺎ، اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ واﻟﺮﺟﺎﺳﺎت ﺑﺎﻟﺨﺰﻋﺒﻼت روﻣﺎ اﻣﺘﻸت ﻣﻔﺘﻮح وآﺒﻠﺪ ﻓﻲ ﺟﺎء ﻣﻤﺎ ﺑﻮﺿﻮح ذﻟﻚ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ، آﻞ اﻷول اﻷﺻﺤﺎح اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ هﺬﻩ ﻣﻦ. ﺑﺤﻮاﻟﻲ اﻷول اﻟﻘﺮن ﻓﻲ روﻣﺎ ﺳﻜﺎنﻘﺪر 2 ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ هﺬا آﺎن وإن ﻣﻠﻴﻮن، ﻓﻴﻪ[2] اﻟﺮﻗﻴﻖ ﻣﻦ آﺎﻧﻮا ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺛﻠﺚ، . ﻣﺘﻌﺪدة ﺟﻨﺴﻴﺎت ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺿﻢ وﻗﺪ. ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وآﺎن ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻮﻟﻰ ﺣﻴﻨﻤﺎ أﺳﺮى اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺑﻮﻣﺒﺎي ﻗﺎدهﻢ اﻟﺬﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ آﺒﻴﺮ ﻋﺪد ﺳﻮرﻳﺎ ﺳﻨﺔ63 ق. اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﻗﺴﻤ وأﺳﻜﻨﻬﻢ م. أﺻﺒﺤﻮا ﺣﺘﻰ وﺗﻜﺎﺛﺮوا اﻟﻴﻬﻮد، هﺆﻻء ﺗﺤﺮر ﺛﻢ ﺣﻮاﻟﻲ16 ﻧﺴ أﻟﻒ ﺑﻮﻟﺲ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻬﺪ ﻓﻲ ﻤﺔ. ﻣﻌﻈﻢ وراﺣﺔ ﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻴﻬﻮد هﺆﻻء وآﺎن ﺳﻨﺔ ﻃﻴﺒﺎرﻳﻮس ﻋﻬﺪ ﻓﻲ إﻻ روﻣﺎ، ﻓﻲ وﻗﺘﻬﻢ19 ﻋﻬﺪ وﻓﻲ م، ﻗﻴﺼﺮ آﻠﻮدﻳﻮس ﺳﻨﺔ49 م روﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻌ ﺑﻄﺮدهﻢ أﻣﺮ اﻟﺬي) أع18 : 2 .( ﻟﻤﺎ أﻧﻪ اﻟﻴﻬﻮد هﺆﻻء آﺜﺮة ﻋﻠﻰ ﻳﺪل وﻣﻤﺎ

ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

  • Upload
    others

  • View
    5

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

1  

تفسير الرسالة إلى أهل رومية

يعقوب ملطي تادرسالقمص  

الرسالة مقدمة في

روما

مع "، وآانت تستخدم بمعنى "قوة"من أصل يوناني تعني " روما"يرى البعض أن آلمة وربما ". مرتفع"؛ ويرى البعض أنها تعني "[1]ليكن لك صحة قوية"، إذ تعني "السالمة

فحملت اسمه، وأيضا ألنها . م.ق 753رومليوس أسسها عام أولا ألن : دعيت هكذا لسببينوقد اتسعت لتمتد فتشغل آل . بنيت على مكان مرتفع على أآمة من اآلآام السبع هناك

م أحيطت بسور يضم المدينة آلها مع ضخامتها، .وفي منتصف القرن السادس ق. اآلآام .بابا 19محيطة حوالي خمسة أميال، به

ذها حتى صارت عاصمة الدولة الرومانية التي استولت على حوض اتسع نطاقها ونفوالبحر األبيض المتوسط آله، فتزايد عدد سكانها جدا حتى أقيمت المنازل خارج السور

صارت روما ملتقى ساسة العالم وقادته، ومرآزا للعلوم واآلداب والفلسفة، . أيضا يزال يدرس في أغلب جامعات اشتهرت على وجه الخصوص بالقانون الروماني الذي ال

وآبلد مفتوح امتألت روما بالخزعبالت والرجاسات الوثنية وقبائحها، قادمة من . العالم .من هذه الرسالة األصحاح األولآل العالم، يظهر ذلك بوضوح مما جاء في

مليون، وإن آان هذا التقدير يعتبر مبالغ 2يقدر سكان روما في القرن األول بحوالي وآان بالمدينة . وقد ضم سكانها جنسيات متعددة. ، ثلث سكانها آانوا من الرقيق[2]فيه

سورياعدد آبير من اليهود الذين قادهم بومباي القائد الروماني أسرى حينما استولى على ثم تحرر هؤالء اليهود، وتكاثروا حتى أصبحوا . م وأسكنهم قسما من المدينة.ق 63سنة

وآان هؤالء اليهود في سالم وراحة معظم . مة في عهد الرسول بولسألف نس 16حوالي م 49سنة آلوديوس قيصرم، وفي عهد 19وقتهم في روما، إال في عهد طيباريوس سنة

ومما يدل على آثرة هؤالء اليهود أنه لما ). 2: 18أع (الذي أمر بطردهم جميعا من روما

Page 2: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

2  

روما لتستعطف أوغسطس قيصر، مات هيرودس الكبير جاءت لجنة من اليهود إلىفخرج الستقبالها حوالي ثمانية آالف رجل من أعيان اليهود بالمدينة، وآان لليهود في

.[3]مجمعا، وآانوا طائفة تميل إلى إحداث الفتن والثورات 13روما أآثر من

بروما نشأة المسيحية

يعرف من الذي قدم الشعلة لم يذآر العهد الجديد شيئا عن تأسيس هذه الكنيسة، آما ال :األولى لإليمان هناك، لكننا نالحظ في نشأة المسيحية بروما اآلتي

جاء في سفر أعمال الرسل أنه في يوم الخمسين حضر يهود أتقياء من آل أمة، من . 1، هؤالء قبلوا اإليمان بالسيد )10: 2أع ( "رومانيون مستوطنون يهود ودخالء"بينهم

لهذا يرى غالبية . ن أورشليم إلى روما يكرزون بين إخوتهم اليهودالمسيح وعادوا مالدارسين أن آنيسة روما في بدء انطالقها آان معظمها من أصل يهودي حتى وقت بعث

لهذا نجد الرسالة موجهة باألآثر إلى اليهود المتنصرين أآثر . رسالة القديس بولس إليهملوضع انطباعا في ذهن قادة الرومان أن من األمم المتنصرين، هذا وقد أعطى هذا ا .المسيحيين ليسوا إال طائفة يهودية منشقة عنهم

إذ تميزت الدولة الرومانية بالحرية وسهولة االنتقال فيما بينها، خاصة بين البلدان . 2المختلفة والعاصمة، وآانت روما ملتقى آبار القادة والمعلمين والتجار، فقد دخلها بال شك

المعلمين والتجار المؤمنين سواء من أصل يهودي أو أممي، جاءوا يحملون جماعة منمن بين هؤالء أناس سمعوا . في قلوبهم شعلة اإليمان المتقد، يكرزون ويشهدون للرب

في بالد اليونان وفي مدن آسيا مكدونيةتعاليم القديس بولس في بعض مدن آخائية وك سالم القديس بولس على آثيرين ذآرهم ويؤآد ذل. الصغرى وآمنوا بهذه التعاليم

، مما يدل على أنهم آانوا من تالميذه ومعارفه، األصحاح األخير من الرسالةبأسمائهم في .مع أنه لم يكن قد ذهب إلى روما قبل آتابة الرسالة

إلى مدن أخرى ثم آلوديوسإذ طرد آثير من اليهود إن لم يكن جميعهم من روما بأمر . 3ها مرة أخرى، آان بعضهم قد آمن بالسيد المسيح، مثال ذلك أآيال وبريسكال عادوا إلي

وآمنا على يديه، وآان ). 2-1: 18أع (اللذان التقيا مع الرسول بولس في آورنثوس هذان وغيرهما قد اشترآوا في تأسيس الكنيسة هناك ... يشترك معهما في صناعة الخيام

).5: 16رو (

Page 3: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

3  

حدا من الرسل لم يكن قد أنشأ هذه الكنيسة حتى آتابة هذه واضح من الرسالة أن أ. 4آنت محترصا أن أبشر هكذا، ليس حيث سمي المسيح، لئال ": الرسالة، فقد آان مبدأهوإذ يكتب في نفس الرسالة معلنا شوقه الشديد ،)20: 15رو ( "أبني على أساس آخر

هذا ) 24، 22: 15؛ 10-9: 1رو (للتوجه إليهم وأنه منع مرارا، وأخيرا قرر زيارتها .يؤآد أن أحدا من الرسل لم يكن قد زار روما من قبل

، لذا أحس بالمسئولية تجاه )11، 7: 2غل (آان الرسول بولس يشعر أنه رسول األمم . 5لذا أرادها مرآزا من مراآز خدمته، . المدينة آعاصمة العالم األممي في ذلك الحينهذه

).14-13: 1(وأنه مدين لهم بالكرازة

يرى غالبية الدارسين في الغرب والشرق أن القول بأن القديس بطرس الرسول قد . 6هة آان ، فمن ج[4]عاما ال يمكن قبوله 25أسس هذه الكنيسة وبقي على آرسيها حوالي

أع (م تقريبا 50القديس بطرس حاضرا في أورشليم حتى المجمع الرسولي المنعقد عام ، وآان )11: 2غل (م حيث اجتمع بالقديس بولس هناك 55، وآان في أنطاآية عام )15

هذا ولو أن القديس ). 13: 5بط 1(م 60في بابل حين آتب رسالته األولى حوالي عام م آما ظن البعض لما آتب الرسول هذه الرسالة، 41ناك عام بطرس قد أسس الكنيسة ه

، )20: 15(وإن آتبها لما قال أنه ال يبشر حيث سمي المسيح لئال يبني على أساس آلخر .ولكان ذآر اسمه في الرسالة أو سلم عليه

آتابتها زمان ومكان

آتب الرسول هذه الرسالة وهو يتوقع زيارته لروما، وقد قرر ذلك في طريقه إلى أسبانيا مكدونية، وذلك بعد ذهابه إلى أورشليم حاملا معه عطايا مسيحيي )24-23: 15رو (

). 4-1: 8آو 2؛ 16-1: 16آو 1؛ 26-25: 15رو (وآخائية إلى إخوتهم فقراء أورشليم بهذا يكون قد آتبها أثناء رحلته التبشيرية الثالثة من آورنثوس في بيت رجل اسمه

، وهو أحد )23: 16رو ( "مضيفي ومضيف الكنيسة آلها"أنه : غايس، وصفه الرسول ).14: 1و آ 1(اثنين قام الرسول بتعميدهما

، وقد حملتها إلى روما الشماسة فيبي، )22: 16رو ( [5]أمالها الرسول على ترتيوس .ميناء شرقي آورنثوس) 1: 15( [6]خادمة آنيسة آنخريا

م، لذا يرى غالبية الدارسين أنها 58إذ ذهب الرسول بولس إلى أورشليم في ربيع عام .م 58، 57آتبت ما بين عامي

Page 4: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

4  

]7[ألولىأعضاء الكنيسة ا

ال يمكننا أن نفهم غاية هذه الرسالة وندرك عمق معانيها ما لم نتعرف على نوعية أعضائها، هل آانوا من اليهود المتنصرين؟ أو من األمم المتنصرين؟ أو آانوا خليطا من

االثنين؟

W. Mansonو T. Zahnو E. Renanو Tubingenلمدرسة توبنجن: الرأي األولأن الغالبية العظمى لألعضاء من اليهود المتنصرين، وحجتهم في ذلك F. Leenhardtو

الرئيسية هي استخدام الرسول مقتطفات آثيرة من العهد القديم خاصة قصة إبراهيم داعيا . ، ويشعر القارئ أن الرسول في أغلب حديثه يتكلم مع من هم من أصل يهودي"أبانا"إياه

.ما في القرن األول آان آبيراهذا بجانب أن تعداد اليهود في رو

C. K. Barrettو O. Michelو S. Lyonnetو J. Munckنادى به: الرأي الثانيبأن الغالبية العظمى هم من أصل أممي، معتمدين على أن الرسول يحدثهم آرسول لألمم

: 1(؛ وأنه يقارنهم بغيرهم من سائر األمم )16: 15، 13 -11: 11؛ 12-14، 5-7: 1(يناسب من ) 19: 6" (قدمتم أعضائكم عبيدا للنجاسة واإلثم": وحديثه لهم قائلا. )12-14

).13: 11" (أقول لكم أيها األمم"آانوا من أصل أممي ال يهودي، آما يخاطبهم

...Doddو Sandayو Headlamإنها آانت خليطا من الصنفين، نادى به: الرأي الثالث

ت تضم الصنفين، غير أن العنصر اليهودي آان غالبا هذا ويمكننا القول بأن الكنيسة آان .إلى حد آبير

Page 5: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

5  

وغايتها أهمية الرسالة

أنه يوحنا ذهبي الفم القديسآان لهذه الرسالة أهميتها في الكنيسة األولى، فقد جاء عن .آان يقرأها مرتين أسبوعيا

داخلها من سبب آتابتها نستطيع أن نتفهم أهمية هذه الرسالة ونتفهم ما حوته في . 1فقد آمن عدد ليس بقليل من يهود روما بالسيد المسيح، . والظروف التي آانت تحيط بها

سواء آانوا يهودا من أصل عبراني أو دخالء من األمم، آما آمن بعض األمميين الوثنيين آأعضاء المثقفين بفكر يوناني بربنا يسوع، وآان يلزم أن يلتقي الجميع بوحدانية الروح

في جسد واحد،، لكن اليهود بتربيتهم المتزمتة، وتعصبهم الشديد لجنسهم وثقافتهم وفكرهم الديني، لم يقدروا أن ينزعوا أنفسهم بسهولة عن شعورهم باالمتياز عن غيرهم حتى بعد

:قبولهم اإليمان المسيحي، فكانوا يستخفون باألمميين المتنصرين تحت دعوى

.راهيم، أصحاب الوعد آنسل إبراهيمأنهم أبناء إب. 1

.أنهم مستلمو الناموس الموسوي دون سواهم. 2

.أنهم شعب اهللا المختار وحدهم. 3

خالل هذا الفكر الذي عاشوه في ماضيهم اليهودي تأصل فيهم الكبرياء عن عدم فهم للبنوة بعد قبول اإليمان فظنوا أنهم حتى. إلبراهيم وال غاية الناموس وال معنى اختيار اهللا لشعبه .بالمسيا المخلص يبقون في مرتبة أسمى من غيرهم

هذا، ومن جانب آخر فإن بعض األمميين المتنصرين أخذوا موقفا مضادا آرد فعل للفكر اليهودي، فنظروا لليهود آشعب جاحد وأن الباب قد أغلق بالنسبة لليهود لينفتح لهم على

.أيضا للكبرياء مصراعيه، األمر الذي يعرضهم هم

خالل هذه الظروف جاءت الرسالة موجهة إلى الطرفين لتعالج قضايا إيمانية حية وسلوك عمومية روحي إيماني يمس حياة الكنيسة عبر األجيال آلها، فحدثنا الرسول عن

وأن الباب قد انفتح لألمم جميعا خالل اإليمان الحي العامل بالمحبة، فقدم لنا . الخالصل بوحي الروح القدس مفهوم اإليمان وارتباطه بالخالص، آما آشف لنا عن قلبه الرسو

وفي . الرسولي المتفجر بالحب نحو المسيا ونحو البشرية آلها التي مات المسيح عنهانفس الوقت عالج مشكلة الكبرياء سواء في حياة اليهود أو األمم، والتقديس، والحياة

Page 6: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

6  

ات العامة والعالقة بالنفوس الضعيفة، وعالقة المؤمن اإليمانية العملية خالل العالق، تدخل بالمؤمن "آاتدرائية اإليمان المسيحي"لقد قيل عن هذه الرسالة أنها . بالمجتمع الخ

إلى مقدسات اهللا الفائقة، وترفعه خالل مذبح اإليمان الحي العملي إلى االلتقاء باآلب .مل الروح القدسالسماوي في االبن الوحيد المبذول، وذلك بع

التي تدفع "حرآة التهود"رأى البعض في الرسالة أنها جاءت لتقف في وجه أنصار بالمؤمنين إلى العودة ألعمال الناموس الحرفية آالختان والتطهيرات والغساالت الموسوية والتزام األمميين بالتهود قبل تنصرهم؛ أو جاءت هذه الرسالة بهدف المصالحة

لكن في الحقيقية لم يقدم . ن من اليهود المتنصرين واألمميين المتنصرينبين الفريقيالرسول هذه الرسالة بطريقة دفاعية، وال لمجرد عمل مصالحة، إنما قدمها آمقال يمس

إنجيل: "إيمان الكنيسة ويعبر عن الحياة اإلنجيلية بدقة بالغة، حتى دعيت هذه الرسالة ".بولس

. الة إعالنه عن زيارته لروما بعد اشتياقات ومحاوالت آثيرةهذه الرس من أهداف. 2جاءت هذه الرسالة تمهد لمجيئه بعرضه إنجيل ربنا يسوع الذي قبلته الكنيسة األولى من

مهد الطريق حتى متى . خالل نظرة معينة هي انفتاح باب الخالص لكل الشعوب واألممولعله قد آتب هذه الرسالة بعد أن . قجاء ال يحتك بطالبي التهود، أصحاب الفكر الضي

بلغته أخبار الكنيسة في روما من تالميذه ومعارفه هناك، فأراد معالجة األمور آتابة قبل .مجيئه

عشر مشكلة األصحاح السادس

مشكلة بالنسبة لبعض الدارسين، إذ يحسبونه غير منسجم األصحاح السادس عشريمثل مع بقية الرسالة، وأنه قد أضيف إلى الرسالة مأخوذا ربما عن رسالة آتبها الرسول إلى

:[8]أفسس، مقدمين الحجج التالية

لم يكن قد زار الرسول بعد روما، فبعث تحيات لعدد آبير من الناس في الكنيسة : أولايرد على ذلك بعض . باألآثر مدينة أفسس التي خدمها الرسول وليس مدينة رومايناسب

الدارسين بأنه ليس من سياسة القديس بولس أن يذآر تحياته ألشخاص معينين في آنائس قد خدم فيها، إذ يحسب آل مخدوميه أحباء له بال محاباة أو تمييز، وأنه يليق باألآثر أن

نيسة التي في روما لعدم معرفته لبقية األعضاء بصفة يذآر هذه القائمة بخصوص الك .شخصية، ولكي يشجع المعروفين لديه على الخدمة

Page 7: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

7  

التي آتبت 19: 16آو 1أشير إلى بريسكال وأآيال وإلى الكنيسة التي في بيتهما في : ثانيافهم في فترة قصيرة قبل الرسالة إلى أهل روما، وأنهما آانا مقيمين في أفسس، وأيضا ي

أن بريسكال وأآيال آانا في أفسس أثناء آتابة الرسالة الثانية إلى 19: 4تى 2من يرد ) 3: 16رو (تيموثاوس بروما قبيل استشهاده، فكيف يذآرهما آمقيمين في روما؟

على ذلك بأن اليهود رجال أعمال، وأن بريسكال وأآيال آانا غنيين تقيين، لهما أعمال . ز، وقد جعال من بيتهما في روما وأيضا في أفسس آنيستينتجارية في أآثر من مرآ

ويفترض بعض الدارسين أنهما آانا مقيمين . وبهذا فال عجب أن تنقال بين أفسس ورومام بطرد جميع اليهود أوآال عملهما لمن له 49سنة آلوديوسبروما، ولما صدر أمر

إلى روما من جديد عندما استقر جنسية رومانية ولم يغلقا بيتهما وال عملهما حتى عادا .األمر

، هذا اللقب يقدمه الرسول )5: 16(بكونه باآورة أخائية بآسيا أبينتوسجاء ذآر : ثالثايرد على ذلك بأن الرسول . لمن هو في آنيسة أفسس بآسيا الصغرى ال لمن يقيم في روما

ا أن يرد الدين إذ يذآره أنه باآورة آرازته في آسيا، يطلب منه وقد رحل إلى رومللرسول بكرازته هو لآلخرين آما آرز له الرسول، فهو يشجعه على العمل بقوة وغيرة،

.مستغلا آونه باآورة عمله في أخائية

تليق باألآثر ) 2-1: 16(يفترض البعض بأن توصيته عن فيبي شماسة آنخريا : رابعا. عرف أعضاءها بصفة شخصيةتقديمها لكنيسة معروفة لديه سبق فخدمها، ال لكنيسة ال ي

ويرد على ذلك أن الرسول بولس يدرك أن مثل هذا العمل يفرح قلب المؤمنين حتى وإن لم يعرفوه شخصيا، إذ يشعرون أنه يتكلم معهم بدالة الحب األبوي، هذا وبال شك أن الكثيرين سمعوا عنه الرسول بولس وعن خدمته وغيرته األمر الذي يعطيه دالة لمثل هذا

.الطلب

ال تنسجم مع نغمة بقية ) 19-17: 16(األصحاح نغمة التحذير الواردة في هذا : خامساالرسالة، إذ لم يسبق الحديث عن مثيري انقسامات وواضعي عثرات خالفا للتعليم الذي

ويرد على ذلك بأن الرسالة عالجت مشكلة مثيري حرآة التهود، وإن آان . تسلموهة موضوعية إيجابية، فلم يستخدم طريقة الدفاع وال الهجوم، إنما الرسول قد عالج بطريق

العرض اإليجابي للفكر اإليماني السليم، وآان الئقا أن يعرض لهؤالء المثيرين .لالنشقاقات بسرعة عاجلة حتى ال ينفر اليهود المتنصرين منه

Page 8: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

8  

الرسالة قد بذآصولوجية أو خاتمة يظهر منها أن األصحاح الخامس عشريختتم : سادساويرد على ذلك أنه ربما ). 33: 15( "إله السالم معكم أجمعين، آمين": انتهت، إذ يقول

أراد أن يختم الجانب التعليمي والعملي العام، ليقدم أمورا خاصة بكنيسة روما آما لو .آانت ملحقا لكنها جزء ال يتجزأ من الرسالة

مفقودة مرسلة إلى أفسس مجرد هذا وإن افتراض هذا األصحاح جزءا من رسالة .افتراض ال يدعمه أي دليل تاريخي

الرئيسية في الرسالة المواضيع

المجاني اإليمان والخالص. 1

عاش القديس بولس قبل اإليمان بالسيد المسيح في صراع داخلي مر، ففي الخارج يظهر المختار، وفريسيا وحافظا إنسانا معتدا بجنسه وبره، بكونه عبرانيا أصيلا من شعب اهللا

للناموس، يمارس الطقوس في جدية ويحفظ الوصايا، لكنه في أعماق نفسه الدفينة متى صارح نفسه يجد أنه ضعيف للغاية أمام الخطية، وعاجز عن التمتع بالحياة المقدسة

.الداخلية، محتاج ال إلى وصايا وتعاليم بل بالحري إلى تجديد طبيعته

لس في اإليمان وحده بربنا يسوع، ال بأعمال الناموس الحرفية من ختان وجد الرسول بوخليقة جديدة، "وغساالت وتطهيرات، يدفن مع المسيح ويقوم في مياه المعمودية ليصير

).17: 5آو 2( "األشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل صار جديدا

وال اعتناقا لتعاليم جديدة، إنما اختبر الحياة الجديدة في المسيح يسوع ال آتغيير مظهري، تمتع بقوة اإليمان الحي، وتغيير شامل في حياته الجديدة فيه تقديس للقلب : ما هو أعظم

. واألحاسيس والعواطف والفكر وآل طاقات النفس والجسد بالروح القدس الذي يسكن فيه خالل ناموس هذا التغيير يتحقق خالل تغيير مرآز اإلنسان من حالة العداوة مع اهللا

الخطية إلى حالة البنوة هللا في المسيح يسوع االبن الوحيد، األمر الذي لن يمكن للناموس .الموسوي أن يحققه، وال ألعمال الناموس الحرفية الكثيرة

حينما يتحدث الرسول هنا عن اإليمان وحده دون األعمال، ال يتحدث عن الجهاد الروحي عن األعمال الناموسية في حرفيتها، فقد آان الخالف بين النابع عن اإليمان الحق، إنما

عنصري الكنيسة األولى من يهود متنصرين وأمميين متنصرين ال في أمر الجهاد ، إذ طالب البعض من الفريق األول التزام األمميين أن "أعمال الناموس"الروحي وإنما

Page 9: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

9  

. يقبلوا في اإليمان المسيحييتهودوا أولا بالختان وممارسة الغساالت والتطهيرات حتى .دعى هذا األمر بحرآة التهود

يهاجم الرسول بطريق غير مباشر هذه الحرآة التي ترد اإلنسان إلى حرفية الناموس ويقصد به اإليمان الحي العامل بالمحبة، . ومظهرية إتمام أعماله، لذا رآز على اإليمان؛ 16: 12آو 1(، ويتألم معه )5: 6رو (عه والذي به يرتبط المؤمن بربنا يسوع ويتحد م

: 2أف (، ويقوم معه )11: 2تي 2(، ويموت معه )6: 6رو (، ويصلب معه )17: 8رو ، ويملك )17: 8رو (، ويتمجد معه )6: 2أف (، ويجلس معه )8: 6رو (، ويحيا معه )6

).17: 8رو (، ويرث معه )12: 2تي 2(معه

الخالص عمومية. 2

فبعدما آان يعتنق أن . إيمان الرسول بولس بالسيد المسيح زعزع أساسات فكره المتعصبالعالم آله قد خلق من أجل الرجل اليهودي لخدمته، أدرك حب اهللا الشامل لكل البشر بغض النظر عن جنسيته أو جنسه أو إمكانياته أو سلوآه؛ جاء لليهودي آما لألممي،

جاء ألجل الجميع، . للشيخ، يطلب الخطاة والفجار ليقدسهم لهللرجل آما للمرأة، للطفل و .مرة في هذه الرسالة 70أو ما يماثلها حوالي " جميع"لذا تكررت آلمة

هو الخط الرئيسي في آل الرسالة، يرآز عليه " عمومية الخالص"يعتبر موضوع ي المتعصب، الرسول بكل قوته، مفندا الحجج اليهودية المتقوقعة حول الفكر اليهود

.بطريقة روحية ال تثير اليهود حتى يكسبهم هم أيضا مع آافة األمم

فند حجتهم أنهم أبناء إبراهيم أب اآلباء، فطالبهم بالبنوة الروحية له بحمل إيمانه، ورفعهم وفند حجتهم أنهم مستلمو الناموس، معلنا أنه فضح . إلى البنوة هللا واهبة الحرية الداخلية

وأخيرا فند . وأعلن الحكم عليهم بالموت ليقودهم إلى المخلص واهب الحياة خطاياهمحجتهم أنهم شعب اهللا المختار، ليعلن بسط اهللا ذراعيه للعالم آله ليضم له شعبا لم يكن يعرفه، ويجعل من األمم التي آانت غير محبوبة محبوبة له بإيمانها به بعد جحود طال

.والمهتم بخالص الجميع فاهللا خالق الكل،. زمانه

والتقديس النعمة والتبرير

ويالحظ . النعمة، البر، القداسة الخ: تكررت في هذه الرسالة هذه المصطلحات ومشتقاتهافي الرسول بولس أنه ال يهتم بتقديم مفاهيم فكرية مجردة وتعاريف لمثل هذه

Page 10: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

10  

قدس إلى التمتع بهذه المصطلحات، إنما تشعر وآأنه يود أن يدخل بكل مؤمن بالروح الالنعم والعطايا اإللهية، على عكس الدارسين المحدثين إذ يهتمون باألآثر بتقديم تعاريف

.ويدخلون في أبحاث فكرية فلسفية معقدة أآثر من الخبرة الحية

Charisma النعمة: أولا

يكثر الحديث عن النعمة آمقابل " عمومية الخالص"إذ يعالج الرسول بولس موضوع ألعمال الناموس الحرفية، فقد أراد اليهود أن يتبرروا بأعمال الناموس، لكن جاء السيد

اهللا الذي هو غني في الرحمة، من ". المسيح ليهب النعمة المجانية لكل البشر للتبريرنا بها، ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم أجل محبته آثيرة التي أحب

ليظهر في الدهور اآلتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح ... مخلصونيسوع، ألنكم بالنعمة مخلصون باإليمان وذلك ليس منكم، هو عطية اهللا، ليس من

).9-4: 2أف ( "أعمال آيال يفتخر أحد

العالمة أن يستنبط من آتابات Benjamin Breweryن بريوريحاول بنيامي :تعريفا للنعمة اإللهية والتي استقاها العالمة أيضا من آتابات الرسول، فقال أوريجينوس

النعمة هي قوة اهللا المودعة في يدي اإلنسان مجانا،[

لكنها ال تعطى بدون شرط،

الخالص للتمتع بالحياة األبدية الجديدة النهائية،وهي تهييء اإلنسان بالروح القدس، ليقدم

المعلنة والمدبرة في الكتاب المقدس،

.][9]بواسطة يسوع المسيح، والمقدمة للعالم آله

النعمة هي عطية اهللا اآلب التي يقدمها لنا في ابنه يسوع المسيح، الذي حملنا فيه بالصليب ة الذي يرفعنا آما بجناحي الروح إلى لننعم بما له، ووهبنا روحه القدوس روح الشرآ

.األحضان األبوية آأبناء مقدسين في الحق

، فالخطية أجرتها موت opsonis" أجرة"مقابل Charisma" نعمة"وقد جاءت آلمة فما نناله من اهللا ليس أجرة عن عمل ). 15: 5؛ 23: 6(يقابلها النعمة هبتها الحياة األبدية

. ية قدمها اهللا خالل ذبيحة الصليب، نابعة عن فيض حبه اإللهينمارسه، إنما هو هبة مجان

Page 11: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

11  

في ذهن الرسول بولس بعمل اهللا الخالصي المجاني، غايتها " النعمة"بهذا ارتبطت آلمة ، نعيشها )2: 5" (حالة النعمة"أن ترفعنا من حالة ما تحت الناموس أي تحت حكمه إلى

.بمرآز جديد

انية للعالم آله بال مقابل، وبال قيود من جانب اهللا، لكن ال تقدم هذه النعمة اإللهية المجمن هنا نفهم الجهاد . ينتفع بها المقاومون والعنيدون، إذ ال تنزع النعمة حرية اإلرادة

الروحي، إننا ال نقدمه آثمن للنعمة، وإنما آإعالن عن جدية قبولنا وتجاوبنا مع نعمة اهللا دونه خسر آثيرون نعمة اهللا المجانية؛ لكننا ال نحسب المجانية؛ إنه ضروري لخالصنا وب

. إذن لنقبل نعمة اهللا ومبادرته بالحب. هذا الجهاد أو األعمال الصالحة برا ذاتيا من جانبناهذه النعمة تعمل فينا لتقديس مشيئتنا وأعمالنا، وبجديتنا في تقديس المشيئة والعمل ينفتح

هكذا نرتفع من مجد إلى مجد، ونمارس الحياة المقدسة القلب أآثر لقبول العمل اإللهي، و .بجهاد وتعب خالل النعمة المجانية

هي حالة يتمتع بها المؤمن الحي، الذي يقبل اإليمان " النعمة"هذا ويرى القديس بولس أن ن هذه هي النعمة العامة المقدمة للجميع، لك. بالمسيح بطريقة حية، أي إيمانا عاملا بالمحبة

.للكرازة بين األمم) 15: 15رو (هناك نعم أخرى مجانية آنعمة الرسولية التي وهبت له

تعبير عسكري، يستخدم عندما يتولى اإلمبراطور العرش، أو Charisma" نعمة"آلمة . يحتفل بعيد ميالده، حيث يهب جنوده عطايا مجانية خالل آرم اإلمبراطور وسخائه

لكل " نعمة"على عرش الصليب وملك على النفوس قدم وآأن السيد المسيح إذ ارتفعبشر، هي عمله الخالصي الذي يترآز في حلوله في النفس لتثبيت اإلنسان فيه بروحه

تمتع اإلنسان بالثالوث القدوس في : هذه هي عطيته. القدوس، فينعم باألحضان األبوية .سماوية فائقة استحقاقات الدم الثمين، ليحمل الصورة اإللهية، وينعم بسمات

أن هذه النعمة اإللهية التي تجلت في آمال قوتها القديس البابا أثناسيوس الرسولييرى بالصليب ليست باألمر الجديد، فعند الخلقة بالنعمة أقام اهللا الخليقة من العدم إلى الوجود، وميز اإلنسان بنعمة خاصة دون سائر الخليقة، هي نعمة خلقته على صورة اهللا ومثاله،

م ذلك نعمة الوصية التي وهبت له آنعمة، يدع .لكي يستطيع أن يبقى في الفردوس أبدياحتى إذا ما بقي أمينا في حفظه للوصية، أي تمتعه بالنعمة يحيا في الفردوس بال حزن وال

فيه آانت "أما سر عدم الفساد فهو التمتع بالشرآة في الكلمة الذي . [10]ألم وال قلقبالعصيان، جاء الكلمة متجسدا ليرد أما وقد فقد اإلنسان النعمة اإللهية ). 4: 1يو ( "الحياة

.[11]اإلنسان إلى الخليقة األولى بتجديد طبيعته بنعمة أعظم

Page 12: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

12  

Dikaisone التبرير: ثانيا

شغل ". التبرير"يرى الكثير من الدارسين أن هذه الرسالة في جوهرها أشبه بمقال عن ليس : "أمام اهللا، إذ قيلموضوع التبرير اإلنسان منذ سقوطه، فقد أحس بفشله في التبرر

فكيف يتبرر : "خالل الناموس الطبيعي صرخ أيوب التقي). 10: 3رو " (بار وال واحدمن هو اإلنسان حتى يزآو أو : "وقال اليفاز التيماني). 2: 9أي " (اإلنسان عند اهللا؟

مولود المرأة حتى يتبرر؟ هوذا قديسوه ال يأتمنهم والسماوات غير طاهرة بعينيه؟ ويقول بلدد ). 16-14: 15أي " (لحري مكروه وفاسد اإلنسان الشارب اإلثم آالماءفبا

فكيف يتبرر اإلنسان عند اهللا؟ وآيف يزآو مولود المرأة؟ هوذا نفس القمر ال : "الشوحيأي " (يضيء، والكواآب غير نقية في عينيه، فكم بالحري اإلنسان الرمة وابن آدم الدود

مز " (ألنه لن يتبرر قدامك حي: "وس الموسوي يقول المرتلوفي عهد النام). 6، 4: 25 :وقد جاء عالج هذا األمر في اإلنجيل، خاصة في هذا السفر). 2: 134

متبررين مجانا بنعمته، بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه اهللا آفارة باإليمان ": 3رو " (إليمان بيسوعإلظهار بره في الزمان الحاضر، ليكون بارا، ويبرر من هو من ا

24-25.(

).9: 5رو " (فباألولى آثيرا ونحن متبررون اآلن بدمه، نخلص به من الغضب"

).16: 2غل " (إذ نعلم أن اإلنسان ال يتبرر بأعمال الناموس، بل بإيمان يسوع المسيح"

يين وإنني إذ ال أود الدخول في مباحثات فلسفية نظرية جافة فقد انشغل آثير من الالهوتفي الغرب بهذا الموضوع أقدم مفهوما مبسطا للتبرير أو التمتع ببر اهللا في المسيح يسوع

.بربنا

، لهذا "عادل"من الجانب اللغوي في األصل اليوناني تقترب جدا من آلمة " بار"آلمة يرى البعض في البار آائنا وقورا، لكنه ليس بالضرورة جذابا، إذ هو عادل، لكنه ليس

فإنه ": ، وربما استخدم الرسول هذا المعنى عندما قال[12]بالضرورة لطيفا وحانيا، )7: 5رو " (بالجهد يموت أحد ألجل بار، ربما ألجل الصالح يجسر أحد أيضا أن يموت

غير أنه جاء التعبير في آتابات الرسول نفسه آما في بقية الكتاب المقدس يحمل معنى .أوسع

Page 13: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

13  

بارا في العهد القديم خالل عالقته بنا بتقديمه أعماله الخالصية لإلنسان، بالنسبة هللا دعي ؛ )5: 51إش " (قريب بري"، )13: 46إش )" (بالنصر(أنا قد أنهضته بالبر : "إذ يقول

ألن فيه : "وفي العهد الجديد يتجلى بره في أعماله الخالصية لحسابنا في المسيح يسوعومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة "، )16: 1رو " (معلن بر اهللا بإيمان إليمان ).30: 1آو 1" (من اهللا وبرا وقداسة وفداء

بمعنى أن اهللا بار في وعده، أمين في مواعيده، إذ " بر اهللا"لعل الرسول بولس قد فهم ليكن ! اشافماذا إن آان قوم لم يكونوا أمناء؟ أفلعل عدم أمانتهم يبطل أمانة اهللا؟ ح: "يقول

لكي تتبرر في آالمك، وتغلب متى : اهللا صادقا وآل إنسان آاذبا، آما هو مكتوبوآأن الرسول يود أن يقول إن اهللا بار في وعده لإلنسان بالرغم ). 4-3: 3رو " (حوآمت

من انتزاع البر من البشرية بعدم تجاوبها مع عمله الخالصي، وعدم قبولها وعوده عمليا ، 3-1: 14؛ مز 10: 3رو " (ليس بار وال واحد"بهذا نفهم أيضا العبارة أنه .بالطاعة له

53 :1.(

اهللا بار في وعوده اإللهية نحو اإلنسان الذي لم يستطع أن يكون بارا ال بالطبيعة وال تحت الناموس الموسوي، فإنه إذ يكسر وصية واحدة ولو بالفكر أو النية يحسب آاسرا للناموس

معلنا أن ) 3-2-1(هذا ما أوضحه الرسول في األصحاحات الثالثة األولى . رفال يتبراإلنسان، يهوديا آان أم أمميا، صار في عوز إلى بر اهللا، فماذا فعل اليهود؟ لقد حاولوا أن يتبرروا في أعين أنفسهم، حاسبين أن البر يكمن في انتسابهم إلبراهيم أبيهم جسديا أو

وآانت . اموس حرفيا أو انتمائهم لشعب اهللا المختار أيا آانت حياتهمحفظهم ألعمال الن، )22: 10رو (الذي يقوم على حفظه شكليا " بر الناموس"النتيجة أنهم سعوا وراء

وهنا يميز الرسول بين بر الناموس الذي طلبه اليهود خالل . رافضين بر اإليمانهذا . دمه اهللا في ابنه يسوع المسيح للعالم آلهالشكليات في آبرياء، وبر اإليمان الذي ق

في الكتبة والفريسيينالتمييز سبق فأعلنه السيد المسيح لليهود، موضحا أنهم يطلبون بر ).3: 21، 33: 6، 20: 5مت (رياء، ويرفضون بر اهللا الذي وجده العشارون والخطاة

تي عوض البر باإليمان الحي عاش آباؤنا بروح التمييز، يخشون طلب اإلنسان بره الذافقد جاء ربنا يسوع المسيح يهبنا بنعمته المجانية الدخول إلى بره والثبوت . العامل بالمحبة

فالبر . فيه، لكن ليس في رخاوة أو في إيمان لفظي بحت، إنما خالل اإليمان الحي العاملإرادتنا وحياتنا هو ثمرة نعمته، ال عن استحقاق بشري ذاتي، نطلبه مجاهدين ليقدس

من عمق إلى عمق، " بر المسيح"العملية، مجاهدين بروحه القدوس، لكي ننطلق إلى .لتكون لنا خبرات متجددة بروحه في بر المسيح

Page 14: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

14  

البر على أنه ملكية يمنحها اهللا لإلنسان؛ فالبر في نظره ليس القديس أغسطينوسيفهم بمعنى آخر البر . آبر له" بر المسيح"غفرانا للخطايا مجردا وامتناعا عنها، وإنما قبول

هذا أيضا ما . في سلبيته توقف عن الشر، وفي إيجابيته حمل سمات المسيح عاملة فيهندما تحدث عن الحياة الفاضلة بكونها تحمل الجانبين ع يوحنا ذهبي الفم القديسأعلنه

.رفض الشر وعمل الصالح: السلبي واإليجابي

أخيرا، ما نود تأآيده أن البر ليس عملا ذاتيا أو فضيلة بشرية، إنما في إيماننا هو تجلي هذا ما سنلمسه في. سمات المسيح في حياة المؤمنين المجاهدين بالروح والسالكين بالحق

يربطه بالسلوك الروحي " البر في المسيح"دراستنا لهذا السفر، فإنه إذ يتحدث عن اهتمام "، ورفض "بالسلوك بالروح القدس"أي " اهتمام الروح"العملي، تحت عنوان

هذا ويختم السفر . أي الخنوع للشهوات الجسدية التي قد تسيطر حتى على النفس" الجسدملية، مترجمة في عبادته وسلوآه الشخصي وعالقته بحديث طويل عن حياة البار الع

وآأن الرسول يود تأآيد أن البر باإليمان هو . بالمجتمع خاصة صغار النفوس والضعفاء .خبرة عملية حية تتجلى في آل جوانب حياة اإلنسان

Agiacmos التقديس: ثالثا

، 26: 20، 45-44: 11ال ( "القدوس"القداسة سمة خاصة باهللا نفسه الذي يدعو نفسه ، يسكب هذه السمة على خليقته المحبوبة لديه فيحسبهم قديسين، )16: 1بط 1؛ 2: 22

، ويسمى شعبه سواء في العهد )24: 9دا " (قدوس القديسين"ناسبا نفسه إليهم بدعوته ).9: 2بط 1؛ 6: 19خر " (أمة مقدسة"القديم أو العهد الجديد

تعطى لمؤمنيه، أو نعمة مجانية تقدم ألوالد اهللا المجاهدين لكي القداسة هي هبة إلهية ، أو آما )3: 4تس 1( "هذه هي إرادة اهللا قداستكم"يصيروا على شبه أبيهم القدوس، إذ

).10: 12عب ( "لكي نشترك في قداسته": يقول الرسول

سة بروحه القدوس ، فإن اهللا يهبنا الحياة المقد"روح القداسة"إن آان الروح القدس يسمى الذي يدخل بنا إلى الثبوت في المسيح القدوس، فنحمل سماته فينا، ويتحقق فينا القول أن

).16: 1بط 1؛ 44: 11ال (نكون قديسين آما أنه قدوس

هذه الهبة المجانية تعطى للمجاهدين بالرب، ال ثمنا لجهادهم، وإنما من أجل تجاوبهم مع أف (وا في القداسة لعلهم يبلغون إلى قياس قامة ملء المسيح فيض نعمته المجانيه، ليسلك

أن الرسول يدعو المؤمنين المجاهدين العالمة أوريجينوسلذلك يقول ). 13: 4

Page 15: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

15  

ليس ألنهم بلغوا الحياة المقدسة في آمالها وإنما ألنهم ) 7: 1( "مدعوين قديسين" .يسيرون فيها مشتاقين البلوغ إلى آمالها

اإلرادة االختيار وحرية

من هذه الرسالة، إذ يفسرونه مستقلا دراستهم لألصحاح التاسعيتعثر بعض البسطاء عند عن ظروف آتابته ويبترونه عن بقية الرسالة فيحسبون أن اهللا عنده محاباة يختار من

:يشاء ويرفض من يشاء، بناء على العبارات

؛]16" [ليس لمن يشاء وال لمن يسعى، بل هللا الذي يرحم"

؛]18" [يرحم من يشاء، ويقسي من يشاء"

أن يصنع من آتلة واحدة إناء للكرامة وآخر الطينأم ليس للخزاف سلطان على " ]21!" [للهوان

، لكن ما نود دراستنا لهذا األصحاحوإن آنا سنعالج هذه النقطة بشيء من التفصيل عند :تأآيده هنا هو اآلتي

مشكلة حرية اإلرادة، بل حق اهللا في اختيار هذا األصحاحال يعالج الرسول في . 1األمم آما سبق فاختار اليهود؛ لقد رحم اآلخيرين دون فضل من جانبهم سوى رحمة اهللا،

.هذه المراحم لها حق العمل في غيرهم أيضا

يؤآد الرسول في صلب الرسالة عينها حرية اإلرادة اإلنسانية وتقديس اهللا لها، . 2 .ص له إرادة حرة، هي هبة من عند اهللامكرما اإلنسان آشخ

يرحم اهللا المؤمن ليس آأجرة أو آثمن لمشيئته وسعيه، لكنه في نفس الوقت . 3 .يسألنا أن نشاء وأن نسعى بنعمته فننال رحمته المجانية

للخزاف سلطان لكنه يود أن يكون الكل آنية للكرامة، فإن رفض اإلناء الكرامة . 4 .هو إناء للهوان، آما تمجد في فرعون خالل قسوة قلبهتمجد اهللا فيه حتى و

Page 16: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

16  

أقسامها 1 حاجة الكل للخالص: الباب األول

1 مقدمة الرسالة. 1

11-2 الجانب التعليمي: الباب الثاني

2 حاجة اليهودي للخالص. 2

3 حاجة الكل للخالص. 3

10-4 اليهودي وبر اهللا

6-5-4 االتكال على أبوة إبراهيم. 1

8-7 االتكال على استالم الناموس. 2

10-9االتكال على أنهم شعب اهللا المختار. 3

11 األممي وبر اهللا

15-12 الجانب العملي: الباب الثالث

12 المؤمن والحياة المقدسة. 1

13 المؤمن والمجتمع. 2

15-14 المؤمن وضعاف النفوس. 3

16 الختام

Page 17: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

17  

1 روميةالرسالة إلى أهل

الرسالة مقدمة، فيها يكشف الرسول عن جوهر الرسالة آلها، إذ ال للرسالةيمثل هذا األصحاح مقدمة

شكلية تحمل مجاملة لطيفة ألهل رومية، وإنما يكتب بحكمة ليكشف في  يقدم افتتاحيةآما يعلن خاللها عن مرآز . ، وفاعليته في حياة المؤمنين"إنجيل اهللا"آلمات قليلة عن

ولما آان الرسول يود أن . الرسول في الرب وفكره وحكمته ورسالته واشتياقاته الروحيةيقاوم حرآة التهود، ال في هجوم سلبي، وإنما بفتح آل قلب إيجابيا لحب خالص آل

أي للمطالبين (األمم يبدأ بإبراز أخطاء األمم أولا ليعطي فرصة ألصحاب حرآة التهود أال يشعروا أنه إنسان متحيز لألمم على ) ناموس الموسوي الحرفيةبالعودة إلى أعمال ال

.حسابهم، إنما هو محب للكل

الرسولية البرآة. 1

آأآلشيه يختم به مقدمة الرسالة، وإنما قدم " البرآة الرسولية"لم يقدم الرسول بولس البرآة في المسيح يسوع بما يليق ببنيان من يتحدث معهم وموضوع حديثه لهم، إذ

:نالحظ فيها اآلتي

بولس عبد ليسوع المسيح، المدعو : "يبدأ الرسالة بدعوة نفسه بثالثة ألقاب، قائلا: أولا .]1" [رسولا، المفرز إلنجيل اهللا

، ولعله ابتدأ بهذا اللقب ألنه يكتب إلى أناس يثيرون "doulasعبد "اللقب األول هو ين المتنصرين، فإن آان هو عبدا ليسوع تفرقة عنصرية بين اليهود المتنصرين واألممي

المسيح، ففي هذا يتساوى جميع المؤمنين، إذ الكل عبيد للسيد المسيح، أيا آان أصلهم أو .ديانتهم السابقة

Page 18: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

18  

؛16: 31؛ 9: 27مز " (عبيد يهوه"آان أتقياء العهد القديم يعتزون بهذا اللقب بكونهم

سوع يتمتعون ببره وتقواه، يتأهلون لهذا ، واآلن إذ صار الكل في المسيح ي)50: 89، ويفخرون به دون سواه، األمر الذي يشترك آل األعضاء "عبيد ليسوع المسيح"اللقب .فيه

هذا وقد آان هذا اللقب ينسب باألآثر لمن قاموا بدور في تاريخ الخالص خالل خدمتهم ). 42: 105مز (، وإبراهيم )8: 2قض (، ويشوع )12: 18مل 2(ليهوه، مثل موسى

وآأن بولس آرسول وهو مفرز إلنجيل اهللا يقوم بدور في تاريخ الخالص، هو امتداد للدور الذي قام به آباء وأنبياء العهد القديم، لذا يليق باليهود المتنصرين أن يسمعوا

.ويتقبلوا رسالته بال غضاضة

، ألن "المدعو رسولا"بل " رسول"لم يقل "... المدعو رسولا: "أما اللقب الثاني فهوآما سبق فدعي اليهود قديما لإليمان؛ " دعوة األمم لإليمان"موضوع هذه الرسالة هو

فإن آان القديس بولس يشعر بالفضل هللا الذي دعاه للرسولية، فإنه حتى في إيمانه القديم ا آما آأن ال فضل لنا في إيمانن"... مدعوا"آان مدعوا، وفي قبوله الصليب يحسب نفسه

.أيا آان مرآزنا الكنسي، إنما يرجع الفضل للذي دعانا في شهادتنا للرب،

" برسي"في األرامية " المفرز"هذا اللقب ". المفرز إلنجيل اهللا": اللقب الثالث، وآأن فريسيته األولى قد مهدت لفريسية من نوع "منفصل"، وتعني "فريسي"أو

فريسية "على االعتداد بالذات والكبرياء، إنما جديد، ال فريسية الحرف القاتل القائمة .تقوم على التكريس والفرز للتفرغ للكرازة لحساب إنجيل الخالص للعالم آله" روحية

، حياته هي امتداد لحياة عبيد "عبد"بهذه األلقاب الثالثة يعلن القديس بولس أنه بالعمل الرسولي بدعوة إلهية اهللا العاملين في العهد القديم خالل تاريخ الخالص، يقوم

!وليس من عندياته، ال عمل له وال هدف سوى تقديم إنجيل اهللا لكل أحد إن أمكن

:على هذه األلقاب الثالثة، قائلا القديس يوحنا الذهبي الفميعلق

إنه يدعو نفسه عبدا للمسيح، ليس بطريقة ... "بولس عبد ليسوع المسيح"[ .عبوديةواحدة، إذ توجد أنواع من ال

Page 19: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

19  

، )91: 119مز ( "ألن الكل عبيدك": توجد عبودية أساسها الخلقة، آما قيل

.، ألن المخلوق عبد لخالقه أو صانعه)9: 25إر ( "نبوخذراصر عبدي": وأيضا

فشكرا هللا أنكم آنتم ": توجد أيضا عبودية من نوع آخر تنبع عن اإليمان، إذ قيلصورة التعليم التي تسلمتموها، وإذ أعتقتم من عبيدا للخطية ولكنكم أطعتم من القلب

).18-17: 6رو ( "الخطية صرتم عبيدا للبر

يش ( "موسى عبدي قد مات" :نوع آخر يقوم على الخضوع للعمل، آما قيلحقا آان آل اإلسرائيليين عبيدا، لكن موسى آان عبدا بطريقة خاصة يتألأل ). 2: 1

.ببهاء شديد في الجماعة

من العبودية العجيبة، وقد ) الثالثة(آان بولس عبدا بكل هذه األشكال هكذا، معطيا "المدعو رسولا... ""بولس عبد ليسوع المسيح": وضعها آلقب مكرم، قائلا

، مظهرا إخالصه، وأنه قد وجد ليس "المدعو: "لنفسه هذا الطابع في آل رسائله .خالل سعيه الذاتي، إنما دعي فجأة وأطاع

ولكن ". مدعوون قديسين"هكذا أيضا يعطي نفس الطابع للمؤمنين بقوله أنهم بينما هم مدعوون ليصيروا مؤمنين نال هو بجانب هذا أمرا مختلفا يسمى

؛ هذا األمر مشحون بالتطويبات غير المحصية، أعظم وأسمى من آل "الرسولية"إذا نسعى ": لرسولي، قائلاإذ يتحدث بولس بصوت عال، ويمجد العمل ا... العطايا

، بمعنى أننا نحمل دور المسيح )20: 5آو 2( "آسفراء عن المسيح، آأن اهللا يعظ بنا، آما في البيت يقوم آل واحد بعمل مغاير، هكذا "المفرز إلنجيل اهللا"). سفراء عنه(

م لهذا وهنا يبدو لي أنه يلمح إلى أنه لم يق. في الكنيسة، توجد خدمات متنوعة توزعالعمل باختيار الجماعة فحسب، وإنما عين منذ القديم لهذا العمل، األمر الذي يتحدث

قبلما خرجت من الرحم قدستك، جعلتك نبيا : "عنه إرميا قائلا بأن اهللا قال عنهفإذ يكتب الرسول إلى مدينة تتسم بالمجد الباطل، آل واحد فيها ). 5: 1إر " (للشعوب

آان من قبل اهللا؛ ) للرسولية(لذلك يكتب بكل وسيلة ليظهر أن اختياره يفتخر متعاليا، ].[13]اهللا هو الذي دعاه وهو الذي أفرزه

Page 20: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

20  

: ، قائلا"المفرز إلنجيل اهللا": على قوله القديس يوحنا الذهبي الفميعلق : ثانيابشارة ألن آلمة إنجيل تعني (لكي يفرح السامعين منذ البداية "إنجيل اهللا"إنه يقول [

، فقد جاءهم بأخبار ال تحزن مالمحهم آما سبق ففعل األنبياء خالل التوبيخات )مفرحة، الحاوي للكنوز غير "إنجيل اهللا"واالتهامات واالنتهار، إنما بأخبار سارة، أي

.][14]المحصية ذات البرآات الثابتة غير المتغيرة

: 13آو 2(هذه العبارة مع عبارات أخرى القديس أمبروسيوسيستخدم : ثالثا

للرد على األريوسيين الذين نادوا بأن اآلب أعظم من االبن مدللين على ذلك بأن ) 14عبد ": اآلب يذآر أولا في الترتيب، وههنا الرسول يذآر االبن قبل اآلب، إذ يقول

.[15]الالهوت ، هذا عالمة على وحدة"المفرز إلنجيل اهللا"أولا ثم "ليسوع المسيح

وفي نفس المقال يقول بأن الرسول بولس الذي يمنعني من التعبد للخليقة أجده ، مظهرا "عبد ليسوع المسيح"هنا يحثني على التعبد للسيد المسيح، إذ يدعو نفسه

.[16]أنه الخالق وليس مخلوقا

سط إن آان الرسول يلتزم بصد حرآة التهود المعطلة إلنجيل اهللا و: رابعااألمم، فقد أراد أن يؤآد لليهود المتنصرين أنه ال يحمل أفكارا غنوصية آتلك التي حملها البعض والتي ظهرت باألآثر في مرقيون فيما بعد في القرن الثاني، حيث

لقد أراد الرسول أن يبرىء نفسه من هذه األفكار . تجاهل العهد القديم، بل واستخف بهالذي أفرز له ليس إال تحقيقا لخطة اهللا الخالصية "اهللا إنجيل"الخاطئة، فأعلن أن

الذي سبق فوعد به بأنبيائه في ": القديمة التي يمثل العهد القديم جزءا منها، إذ يقول؛ فما يكرز به إنما هو شهوة رجال وأنبياء العهد القديم وتحقيق ]2" [الكتب المقدسة .لنبواتهم المقدسة

، فإن هذا القدوس هو أيضا مرآز "المسيح ابن اهللا" إن آان محور إنجيله هوالعهد (خدمة رجال العهد القديم، عنه تنبأ األنبياء، وبه جاءنا الوعد في الكتب المقدسة

أو ربما أراد أن يؤآد لهم أنه لن ينسى أن منهم جاء األنبياء، ولهم قد سلمت ). القديم .مسيا المخلصالشريعة والكتب المقدسة التي هيأت الطريق لل

Page 21: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

21  

إذ يريدا أن يصنع أعمالا عظيمة : [هكذا القديس يوحنا الذهبي الفميعلق يقول . عالنية يسبق فيعلن عنها زمانا طويلا ليهييء مسامع البشر لقبولها عندما تتحقق

، ألن األنبياء لم يتكلموا فقط وإنما آتبوا ما نطقوا به، بل وقدموا "في الكتب المقدسة"لها خالل األعمال مثل إبراهيم الذي رفع اسحق، وموسى الذي رفع الحية، ظاللا

.][17]وبسط يديه ضد عماليق، وقدم خروف الفصح

، لذلك عرفه "إنجيل اهللا"لما آانت الرسالة في مجملها هي إعالن عن : خامساعن ابنه، الذي صار من نسل داود من جهة الجسد، وتعين : "هنا في المقدمة بقوله

. "ابن اهللا بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من األموات، يسوع المسيح ربنا، "ابن اهللا"، الذي يكرر الرسول مؤآدا أنه "ربنا يسوع المسيح"إنجيلنا إذن هو قبول

هو االبن الذي باتحادنا فيه ننتقل من مرآز العبيد إلى . إذ خالله ننال البنوة هللاحسب موضع رضا اآلب وسروره، وهذا هو مرآز الرسالة بالمعمودية، لن" األبناء"

.آلها

هذا أآد نسب المسيح لداود من جهة الجسد، أولا لكي يشجع اليهود على متابعة حديثه، إذ ال يتجاهل أن مخلص العالم آله جاء متجسدا منهم، ومن جهة أخرى ليؤآد

ى آرسي أبيه خالل أن فيه تحققت النبوات خاصة بكونه ابن داود الملك ليجلس علوآما يقول ).8: 2تى 2؛ 32: 1؛ لو 13: 12؛ يو 9: 21مت ( ملكوت روحي سماوي

: تقبل إذن المولود من ذرية داود وأطع النبوة القائلة: [القديس آيرلس األورشليمي: 11إش (" ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب، إياه تطلب األمم"

10( [18][.

أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك ": هذا هو نسل داود الذي قيل عنه: 8صم 2( "بيتا السمي وأنا أثبت آرسي مملكته إلى األبد وأثبت مملكته، هو يبني

إن نسل داود الذي بنى البيت اإللهي : [القديس أغسطينوسوآما يقول ). 12-13كل اهللا غير المصنوع من خشب وحجارة، بل ليس سليمان بل السيد المسيح، إذ أقام هي

أما تعلمون أنكم هيكل اهللا ": من البشر، أي من المؤمنين الذين قال عنهم الرسول، ألن السيد المسيح ال سليمان هو الذي تثبت )16: 3آو 1(" وروح اهللا ساآن فيكم؟

.][19] )13: 8صم 2(مملكته إلى األبد حسب هذا الوعد اإللهي

Page 22: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

22  

وغيره من اآلباء القديس يوحنا ذهبي الفم، فكما يرى "تعين"أما آلمة فالكنيسة األولى آانت ترى أنه لم يكن ممكنا أن ". أظهر"أو " أعلن"الشرقيين، فتعني

). 45: 15آو 1؛ 10: 3؛ في 36-34: 2أع (يعلن عنه آمسيا ورب إال بعد قيامته ، إذ آان السيد نفسه يخفي مرقس دراستنا لإلنجيل بحسبهذا ما رأيناه بوضوح في

قيامته هي الدليل القاطع على . الهوته ويؤآد لتالميذه إال يعلنوا عن شخصه حتى يقومعنه؟ لقد " أعلن"بماذا إذا : [القديس يوحنا الذهبي الفموآما يقول . بنوته الطبيعية هللا

األنبياء، أظهر وأعلن عنه واعترف به خالل مشاعر الكل وشهادتهم، وذلك بواسطة وخالل ميالده حسب الجسد بطريقة عجيبة، وبقوة العجائب، وبالروح الذي به يهب

.][20]التقديس، وبالقيامة التي بها وضع نهاية لطغيان الموت

إن الرسول إذ ذآر أنه مفرز إلنجيل القديس يوحنا ذهبي الفم: يقول: سادساقبله، فيرتفع بنا إلى أسراره اهللا، تحدث عن تجسد ابن اهللا خالل نسل داود حتى ن

: بدون التجسد اإللهي والتواضع ال نقدر أن نرتفع معه إلى سمواته، إذ يقول. السماويةوهكذا آان من يريد أن يقود البشر بيده إلى السماء، يلزم أن يرتفع بهم من أسفل،[

. أنه اهللافقد نظروه أولا إنسانا على األرض وعندئذ أدرآوا ). اإللهي(عمل التدبير تعاليمه هكذا استخدم تلميذه ذات الطريق ليقودنا إلى ) السيد(بنفس االتجاه إذ شكل

.][21]هناك

من جهة الجسد صار من نسل داود، لكنه هو اهللا : [القديس أمبروسيوسيقول .][22]قبل العوالم) اآلب(المولود من اهللا

من نسل داود؛ ربما بهذا لقد دعي : [القديس غريغوريوس النزينزييقول أيضا ، لكنه ولد من عذراء، )ألنه جاء رجلا ومنتسبا إلى رجل(نظن إن الرجل قد آرم

.][23]وبهذا تكرم المرأة من جانبها

بعد أن سجل اسم الراسل وألقابه خالل دعوته للرسولية وعمله : سابعال اسم المرسل إليهم اإلنجيلي، آاشفا عن مفهوم اإلنجيل اإللهي الذي أفرز له، سج

الذي به ألجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة : "ومرآزهم من هذه الرسالة اإللهية، قائلا

Page 23: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

23  

إلطاعة اإليمان في جميع األمم، الذين بينهم أنتم أيضا مدعوو يسوع المسيح، إلى ].7-5" [جميع الموجودين في رومية أحباء اهللا مدعوين قديسين

صوص النزاع القائم بين اليهود المتنصرين قبل أن يدخل معهم في حوار بخواألمم المتنصرين أخذ يشجع الكل، معلنا للجميع أن ما ناله القديس بولس إنما هو من قبيل نعمة اهللا المجانية آهبة مقدمة، ال لفضل فيه وال فيهم آيهود أو أمم، وإنما ألجل

.)"رسولية(ألجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة ": اسمه، إذ يقول

إن آانت هذه الرسالة تكرر الحديث عن نعمة اهللا، سواء في حياة الرسول، إذ وإنما من مضطهد إلى آارز ورسول، Kنقلته ال من عدم اإليمان إلى اإليمان فحسب

، "النعمة"أو في حياة المخدومين من يهود وأمم، فإن الرسول لم يقدم لنا تعريفا عن وآأن الرسول . يتها في حياة الكنيسة وآل عضو فيهاإنما حديثا عن قوة النعمة وفاعل

لم يرد أن يشغلنا بتعاريف نظرية وفلسفات فكرية، إنما أراد لنا معرفة التالمس هذا هو أيضا منهج الكنيسة الشرقية آما سبق . الحقيقي والتمتع الواقعي بهذه األمور

.[24]العالمة أوريجينوسعند " للنعمة"فرأينا عند عرضنا

هي هذه النعمة إال عطية اهللا المجانية، عطية اآلب الذي في محبته قدم ابنه ما نعمة االبن الوحيد الذي ). 32: 8؛ رو 16: 3يو (الحبيب مبذولا عن خالص العالم

آما أرسل لنا روحه المعزي من عند اآلب يشهد له في . أحبني، وأسلم ذاته ألجلي، آما )26: 14يو (يذآرنا بكل ما قاله لنا ، يعلمنا آل شيء و)26: 15يو (حياتنا

ارتبطت النعمة بالروح القدس، فإن آان الروح هو واهب العطايا، لكنه في نفس الوقت هو عطية، إذ صار ساآنا فينا، حالا في داخلنا بكوننا هياآل اهللا وروح اهللا

.ساآن فينا

ت النعمة خالل يعلن اآلب عن نعمته خالل تدبير الخالص، واالبن يعلن عن ذاحمله الصليب عنا، والروح القدس يقدم ذات النعمة بسكناه فينا لنقبل عمل المسيح

.الخالصي في حياتنا

هذه هي النعمة اإللهية المجانية التي تعمل في الكنيسة، لتهب الكل العضوية في الجسد الواحد، لكن لكل عضو تمايزه دون انفصال عن الرأس أو بقية األعضاء،

Page 24: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

24  

عضو بالنعمة خدمته ومواهبه، فقد ميز الروح القديس بولس بالرسولية ألجل ولكلدفعته أن يكتب لهم آما لغيرهم بسلطان " الرسولية"هذه العطية . الكرازة والرعاية

.لكي يحقق عمل النعمة اإللهية فيه وفيهم

في إن آان الروح القدس قد ميز القديس بالرسولية، فبنعمته صار يعمل : ثامنا: سامعيه ال للدخول في مناقشات ومجادالت، وإنما لقبول اإليمان في طاعة وخضوع

هذا هو عمل النعمة اإللهية أو عمل الروح ]. 5" [إلطاعة اإليمان في جميع األمم"انظروا صراحة العبد، : [القديس يوحنا ذهبي الفم: يقول. القدس نفسه في المخدومين

لذلك . سه بل لسيده، فإن الروح بالحق هو الذي يهب هذافإنه ال يود أن ينسب شيئا لنفإن لي أمورا آثيرة أيضا ألقول لكم، ولكن ال تستطيعون أن تحتملوا ": يقول السيد

)... 12: 16يو (" وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدآم إلى جميع الحق. اآلنوح آالم حكمة، وآلخر فإنه لواحد يعطى بالر": وجاء في الرسالة إلى أهل آورنثوس

" الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده آما يشاء"، )8: 12آو 1( "آالم علم

.][25] )11: 12آو 1(

هي التي تعمل لطاعة " الرسولية"إذن نعمة اهللا التي قدمت للقديس بولس ".في جميع األمم"اإليمان ال في اليهود وحدهم، وإنما

يكشف أن " في جميع األمم"أن قوله الذهبي الفم القديس يوحناهذا ويرى الرسول إذ يتكلم عن عمل النعمة فيه آرسول يضم معه بقية الرسل، إذ تعمل النعمة في الكل ألجل جميع األمم، أو ربما يقصد أنه وإن آان ال يعمل هنا في جميع األمم

أن الذهبي الفموربما يقصد . فإنه حتى بعد موته ال يكف عن العمل في جميع األممالرسول يبقى في الفردوس خادما بحبه لخالص العالم وبصلواته غير المنقطعة من

.أجل الكل

. مجانا لنعمته" دعانا"فالفضل لمن ،"مدعوي يسوع المسيح"دعاهم : تاسعافإن آان شعب إسرائيل قد دعي قديما بالجماعة . "مدعوين قديسين"آما دعاهم

: 11ال (بكونهم الشعب المفرز هللا القدوس ) 44، 2: 23؛ ال 16: 12حز (المقدسة

، فإن هذا الشعب قد فشل في تحقيق القداسة إال من خالل الرموز )2: 19، 24

Page 25: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

25  

والنبوات، أما اآلن فقد جاء مسيحنا القدوس يدعونا للدخول فيه والثبات فيه، فنحسب .به أبرارا وقديسين

يوضح نظرته لهم، أنه يحترمهم ويقدرهم، أراد الرسول في أبوته الحانية أن، ]7[ "مدعوون قديسين"، ]7" [أحباء اهللا"، ]6" [المسيح مدعوو يسوع"ألنهم

!آأنه يفتخر أن يكون خادما لهم

أن هذه الدعوة للقداسة هي آرامة فائقة القديس يوحنا الذهبي الفميحسب الكرامات األخرى تعطى لزمان [: ترافق المؤمنين حتى بعد عبورهم الحياة، إذ يقول

أما الكرامات التي يهبها ... ثم تنتهي مع الحياة الحاضرة، هذه يمكن أن تقتنى بمالإنها تجعل البشر . اهللا، أي عطية التقديس والتبني، فال يقدر حتى الموت أن يحطمها

.][26]مشهورين هنا، آما ترافقنا في رحلتنا إلى الحياة العتيدة

هي " نعمة"فقد آانت آلمة ]... 5[" النعمة والسالم"ديسنا هو قبول هذا وسر تق

هي تحية العبرانيين؛ أما وقد صار الكل " شلوم"أو " سالم"، و[27]تحية اليونانيينمن بعضهم البعض، إنما تمتعوا بهما آعطية " النعمة والسالم"جسدا واحدا فلم يقبلوا

تقبلوا نعمة اهللا الفائقة، أي . واليهود معا إلهية للجسد الواحد الذي يضم اليونانيينعطاياه المجانية والتي تتجلى في سكنى اهللا نفسه في داخلهم ليعلن ملكوته فيهم باستحقاقات دم الصليب، وسالمه السماوي الذي يوحد اإلنسان مع خالقه والجسد مع

!الروح واإلنسان مع أخيه، أيا آان جنسه

أن الرسول بحكمة يبدأ بالنعمة ثم بالسالم، إذ الفم القديس يوحنا الذهبييرى ال نستطيع أن ننعم بالسالم الداخلي، بعد أن دخلنا خالل عصياننا في حرب روحية شرسة ما لم تعمل نعمة اهللا فينا لتهبنا بالمسيح يسوع روح الغلبة والنصرة؛ فنعيش في

، ونعمته التي تسندنا في هذا هذه هي عطية اهللا لنا. سالم حقيقي، آأبناء ألب سماوي :يقول القديس. الزمان الحاضر وترافقنا حتى تدخل بنا إلى الحضن األبوي أبديا

.إنها تحية تقدم لنا برآات بال حصر[

هو ما أمر به المسيح الرسل أن يستخدموه آأول آلمة ينطقون بها ) السالم(هذا فقد آانت توجد . ول بالنعمة والسالملهذا يبدأ الرس). 5: 10لو (عندما يدخلون البيوت

Page 26: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

26  

حرب ليست بهينة، وضع المسيح لها نهاية؛ آانت بالحقيقة حربا متنوعة من آل .صنف استمرت زمنا طويلا، وقد انتهت خالل نعمة المسيح وليس بمجهوداتنا الذاتية

النعمة(الحب جلب النعمة، والنعمة جلبت السالم، لذلك جاء ترتيب التحية الئقا ، طالبا لهم أن يعيشوا في سالم دائم غير متزعزع، حتى ال يشتعل لهيب )والسالم

نعمة لكم وسالم من : "حرب أخرى، سائلا اهللا أن يحفظ لهم هذه األمور ثابتة، قائلا ].7[ "اهللا أبينا والرب يسوع المسيح

قديسين يا لقدرة حب اهللا، نحن الذين آنا قبلا أعداء ومطروحين صرنا ! عجبايظهرهم أبناء له، وعندما يدعوهم أبناء يكشف عن " أبانا"فإنه إذ يدعو اهللا ! وأبناء

.][28]آنز البرآات آلها

السالم هو عطية اهللا التي يلزم أن نطلبها بالصالة، فيهبها لنا إن صارت لنا ذا يلزمنا أن نقتني السالم بالصالة، ه: [القديس جيروماإلرادة المقدسة، وآما يقول

في ) اهللا(ألن مسكنه "... الذي يوجد ليس بين الجميع، بل بين من لهم اإلرادة الصالحة ) .]10: 76مز ( "السالم

أن النعمة والسالم قد نسبا لآلب آما للسيد المسيح، القديس أمبروسيوسالحظ ها أنتم ترون إننا نقول بأن نعمة اآلب واالبن واحدة، وسالم اآلب واالبن : [إذ يقول

: واحد، لكن هذه النعمة وهذا السالم هما ثمر الروح آما يعلمنا الرسول نفسه، قائلا .][29] )22: 5غل (" وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سالم، طول أناة"

تشجيعية افتتاحية. 2

تكشف افتتاحية هذه الرسالة آما في باقي الرسائل عن جانب هام من منهج الرسول بولس في خدمته ومعامالته، فإنه بروح الحكمة يشجع ويسند، حتى إن أراد أن يحاور أو يوبخ، فإن آان يكتب في جوهر الرسالة عن مشكلة حرآة التهود التي

متاعب آثيرة للكنيسة، لكن بروح الحب يكسب من يوجه إليهم رسالته، إذ يعلن سببت :في االفتتاحية اآلتي

Page 27: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

27  

أولا أشكر إلهي بيسوع المسيح من جهة جميعكم، أن : "تزآيته إليمانهم :أولايبدأ بالجانب اإليجابي ال السلبي، فال يتحدث مثلا ]. 8[ "إيمانكم ينادى به في آل العالم

حرآة التهود وال عن ضعفات هذا الشعب، إنما يعلن تزآيته إليمانهم عن خطورةهذا المنهج . الذي صار علة آرازة في آل العالم، مقدما الشكر هللا بابنه يسوع المسيح

أن نشجع أولا ونسند، مبرزين الجوانب الحية والناجحة . أساسي في الالهوت الرعوي .ية والخاطئةفي حياة المخدومين قبل الجوانب السلب

. يقدم الشكر لآلب إلهه آعبادة حية، يقدمه في يسوع المسيح، لكي يكون مقبولاإذ ال نقدر أن نلتقي مع اآلب، وال أن نقدم له ذبيحة حب وشكر، إال خالل رأسنا

.يسوع المسيح موضع سروره

:في تسبحة الشكر هذه أمران القديس يوحنا الذهبي الفموقد استلفت نظر

الرسول بولس يقدم باآورة أعماله وآلماته تسبحة شكر هللا، فيبدأ رسائله أن. أبالشكر، والعجيب أنه ال يشكر اهللا على عطاياه له فحسب، وإنما على عطاياه

لذا يشكر اهللا هنا من أجل إيمانهم . لآلخرين، حاسبا ما يتمتع به اآلخرون يتمتع هو بههذا هو : [تفسيره للرسالة إلى أهل رومية فيآاتب قيصر يقول ابن . وآأنه مكسب لهآان الشكر لمقدم النعم واجبا، وآان هو أآثر منهم معرفة بقدر هذه . أول الرسالة

النعمة التي وهبت لهم، خاصة أنه يجد في إيمانهم نجاحا لسعيه، إذ لم يسع إال .]نا وأفعالنا بالشكرليؤمنوا، لذلك قدم الشكر عنهم بسبب إيمانهم، ليعلمنا أن نفتتح أقوال

بأية مشاعر يقدم : [القديس يوحنا ذهبي الفمينسب اهللا إلى نفسه، إذ يقول . ب، األمر الذي يفعله األنبياء أيضا، حاسبين ما هو "إلهي"بل " اهللا: "الشكر، إذ ال يقول

وأي عجب إن فعل األنبياء هكذا؟ فإن اهللا نفسه يفعل هذا . عام للكل آأنه خاص بهم، آما لو يعقوبو إسحقو إبراهيما وبوضوح، فينسب نفسه لعبيده، قائلا أنه إله دائم

.][30]آان خاصا بهم

بجانب آشفه عن جوانب نجاحهم يعلن حبه نحوهم بالصالة من أجلهم، : ثانيافإن اهللا الذي أعبده بروحي في إنجيل ": مشهدا اهللا نفسه على أعماقه المتسعة نحوهم

].9[" ابنه، شاهد لي آيف بال انقطاع أذآرآم

Page 28: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

28  

لم يكن ممكنا أن يذآر المخدومين، حتى وإن آان لم ينظرهم بعد حسب الجسد، غير المنقطعة لو لم يكن قلبه وفكره وآل طاقاته قد تكرست وأفرزت بالصالة الدائمة

، أي أضع نفسي بكل طاقاتي الروحية والنفسية "بروحي أعبده"هللا، هذا ما عناه بقوله .والجسدية للعبادة هللا والتمتع بإنجيله

:على هذه العبارة موضحا نقطتين، هما القديس يوحنا الذهبي الفميعلق

ألن طريق خدمتنا : [الرسول وهو يكرز باإلنجيل يعبد اهللا بالروح والحق. أاهللا :": ، وإنما بنفس روحية، آقول المسيحليس بخراف وتيوس وال بدخان وشحوم

.][31])24: 4يو (" روح والذين يسجدون هللا فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا

قال قبلا أنه إنجيل اآلب، أما : [يخدم إنجيل االبن الذي هو بعينه إنجيل اآلب. بهنا فيقول إنجيل االبن، فال اختالف بين القولين، إذ تعلم الرسول من الصوت

ما هو لي فهو لك، ": الطوباوي أن ما لآلب هو لالبن، وما لالبن هو اآلب، إذ قيل .][32])10: 17يو (" وما هو لك فهو لي

حبه مترجم عمليا ليس فقط بذآرهم المستمر بال انقطاع في صلواته، : ثالثاهي إنجيل المسيح، الذي يثبتهم " هبة روحية"وإنما بشوقه الحقيقي لرؤيتهم ليهبهم

ويعزيهم آما يعزيه هو أيضا، اإلنجيل الذي يفرح قلب السامعين والكارزين معا، إذ يتيسر لي مرة بمشيئة اهللا أن آتي اآلن أن اتي عسى متضرعا دائما في صلو: "يقول

لنتعزى بينكم أي إليكم، ألني مشتاق أن أراآم، لكي أمنحكم هبة روحية لثباتكم، .]12-10[ "الذي فينا جميعا، إيمانكم وإيماني باإليمان

بالحق هم موضوع حبه، يشغلون فكره وخطته وصلواته، وأيضا تصرفاته من وقد حقق اهللا للرسول ! تمتعتم بالهبة الروحية اإللهية، إنجيل اهللا: أجل غاية واحدة

شوقه الروحي المقدس، لكن بخطة إلهية فائقة، إذ ذهب إليها آأسير من أجل اإلنجيل ليقف أمام آرسي ). 43: 27أع (بعد أن تعرض لضيقات آثيرة آانكسار السفينة به

).24: 27أع (قيصر

على آلمات الرسول هذه ألهل رومية مبرزا فمالقديس يوحنا الذهبي اليعلق حب الرسول الشديد للكرازة، خاصة بين األمم، لكن في حكمة الروح يلح في الطلب

Page 29: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

29  

: بال انقطاع، مسلما األمر بين يدي اهللا العارف ما هو لبنيان الكنيسة، إذ يقوللكنه . متضرعه الدائم دون توقف بسبب عدم نواله طلبه يكشف عن حبه الشديد له[

تضرعت إلى ": في موضع آخر يقول... وهو يحب مستمر في خضوعه لمشيئة اهللا، وليس فقط لم ينل طلبته، إنما قبل عدم نواله )8: 12آو 2" (الرب ثالثة مرات

هنا نال الرسول، لكنه لم ينل . الطلبة بشكر شديد، ففي آل األمور آان ينظر إلى اهللاأشير إلى هذه لكي ال نتبرم . مع هذا لم يكن متضايقاعندما طلب بل في وقت متأخر، و

نحن عندما ال يستجاب لنا، أو عندما تأتي االستجابة ببطء، فإننا لسنا أفضل من بولس الذي آان يشكر في األمرين، مسلما نفسه في يد مدبر الكل، خاضعا له تماما، آالطين

.][33]في يد الخزاف، يسير حيثما يقوده اهللا

آان الرسول ليس فقط خاضعا لمشيئة اهللا التي سمحت له بتأجيل ذهابه : رابعاهبة "إلى روما بالرغم من حبه الشديد الفتقادها، ال بهدف أرضي وإنما بتقديم

لنتعزى بينكم باإليمان ": ، وإنما أعلن الرسول تواضعه بقوله"إنجيل اهللا"هي " روحية ].12[ "الذي فينا جميعا، إيمانكم وإيماني

في تواضع صادق بال تزييف يشعر الرسول أنه محتاج إلى مخدوميه، فهو هم . يفتقدهم ليس فقط لكي يرشد ويعلم ويوصي، وإنما أيضا ليتعزى بإيمانهم

.محتاجون إلى نعمة اهللا العاملة فيه، وهو محتاج إلى إيمانهم وتعزيتهم

لقد أظهر نفسه أنه في ! رهيا لعظم تواضع فك: [القديس يوحنا الذهبي الفميقول يضع التالميذ موضع المعلمين، غير حاسبا . حاجة إليهم وليس هم فقط المحتاجين إليه

نفسه أعلى منهم، بل مقدما آمال مساواتهم له، ألن النفع مشترك، يقصد أنه يتعزى وذلك. "باإليمان الذي فينا جميعا، إيمانكم وإيماني"آيف يتحقق ذلك؟ . بهم وهم به

آما في حالة النار، فإن أضاف إنسان مشاعل إلى بعضها البعض يشتعل باألآثر : آما يقول أيضا.] [34]اللهيب ويتقد الكل؛ هذا أيضا يحدث بين المؤمنين طبيعيا

يقول هذا ال آمن هو في حاجة إلى أي عون منهم، وإنما لكي ال تكون لغته ثقيلة [ربما يقول أحد أن تعزيته . ه في حاجة إلى تعزياتهمعليهم وتوبيخه عنيفا، لهذا يقول أن

تكمن في فرحه بنمو إيمانهم، هذا هو ما يحتاج إليه بولس، هذا المعنى ليس .][35]بخاطيء

Page 30: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

30  

أن آلمة التعزية هنا تعنى الفرح والسرور، هو يتعزى ابن آاتب قيصريقول ح، وهم يفرحون إذ ألنه آان مضطهدا وصار رسولا مبشرا دعي لهذا الرجاء الصال

آانوا قبلا في ضاللة عبادة الشياطين وصاروا أوالد اهللا، عابدين له، مترجين ملكوته .األبدي

في حديث الرسول هنا التعزية القديس إآليمنضس السكندرييرى : خامساالتي ينالها آما ينالونها هم خالل اإليمان المشترك، إنما يعني أن اإليمان يحمل حرآة

، إذ يرى أن هناك إيمانا مشترآا يكون أساسا خفيا في حياة جميع [36]تمرنمو مسالمؤمنين، هذا اإليمان ال يحمل جمودا، بل حرآة نمو مستمرة، لذا طلب التالميذ من

بمعنى آخر يمكننا أن نقول بأن اإليمان حرآة حياة . "زد إيماننا": السيد المسيحؤمن آل يوم منطلقا من خبرة معرفة عملية وتالق ديناميكية غير جامدة، يعيشها الم

مع المسيح إلى خبرة أعمق، ومن قوة إلى قوة، ومن مجد داخلي إلى مجد، مشتاقا آل .يوم أن يبلغ إلى قياس قامة ملء المسيح آقول الرسول بولس

إذ يعلن حبه عمليا بشوقه لزيارتهم بل ومحاوالته العملية وقد منع حتى : سادساليكون لي ثمر فيكم أيضا آما في سائر ": ات الكتابة، يكشف عن رسالته، بقولهلحظإني مديون لليونانيين والبرابرة، للحكماء والجهالء، فهكذا ما هو لي مستعد . األمم

لتبشيرآم أنتم الذين في رومية أيضا، ألني لست استحي بإنجيل المسيح، ألنه قوة ي أولا ثم لليوناني، ألن فيه معلن بر اهللا بإيمان اهللا للخالص، لكل من يؤمن لليهود

].17-13" [أما البار فباإليمان يحيا: إليمان آما هو مكتوب

إن آان الرسول قد صار له ثمر متكاثر في أمم آثيرة، لكنه مترقب الثمر . أأيضا في روما بكونها عاصمة العالم الروماني األممي، حاسبا الكرازة بينهم وثمرهم

.تحقيق ونجاح لمهمته الرسولية؛ مستعد للعمل مهما بلغ الثمن بال خجل هو

إن آانت روما بكونها عاصمة للدولة الرومانية فيها تصب آل الشعوب أوثانها ورجاساتها وما يحملونه من انحطاط، فقد آانت مرآة للعالم الوثني بكل شروره

المدينة هي بعينها مرآزا وبؤسه، موضع غضب اهللا، لذا أراد الرسول أن تكون هذهبمعنى آخر يود الرسول أن يخدم . للخدمة، مقدما لها مفهوم إنجيل اهللا في آمال قوته

حيث يزداد باألآثر الشر، إذ ال يريد الطريق السهل المتسع، بل الضيق الكرب لكي

Page 31: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

31  

هذا ما . تعلن قوة اإلنجيل باألآثر، ويظهر عمل النعمة اإللهية وفاعليتها بأآثر وضوح، بمعنى أنه مستعد الحتمال آل "ما هو لي مستعد لتبشيرآم": نستنبطه من قوله

ضيق وألم من أجل تقديم آلمة اإلنجيل، إذ آان الرسول يدرك أن الكرازة بينهم ! يا لها من نفس نبيلة: [القديس يوحنا الذهبي الفملذلك يقول . تستوجب أتعابا آثيرة

ه أن يقوم بعمل ذي مخاطر عظيمة، إذ يقوم برحلة عبر لقد وضع الرسول على عاتقومع توقعه الحتمال هذه األتعاب العظيمة لم يقلل ... البحر تعترضها تجارب ومكايد

.][37]هذا األمر من همته بل آان يسرع مجاهدا، مستعدا بذهنه الحتمالها

جد، آان القديس بولس يخجل من الصليب قبل أن يلتقي بالمصلوب المم. بحاسبا الصليب عارا ال يليق بالمسيا ملك اليهود، أما اآلن فقد أدرك أنه قوة اهللا

.للخالص، يلزم أن يكرز به للجميع

:على آلمات الرسول قائلا القديس يوحنا الذهبي الفميعلق

غل ( "حاشا لي أن أفتخر إال بصليب ربنا يسوع المسيح": يقول ألهل غالطية[ن الرومانيون شديدي التعلق بالزمنيات بسبب غناهم وإمبراطوريتهم آا). 14: 6

وآرامتهم، فكانوا يحسبون ملوآهم في مصاف اآللهة، حتى أقاموا لهم المعابد، وقدموا أما بولس فكان يود أن يكرز لهم بيسوع الذي ظنوا . لهم القرابين، وهم يتشامخون بهذاي بيت امرأة فقيرة ال يحيط بها الخدم والحشم ثم مات أنه ابن نجار نشأ في اليهودية، ف

ميتة اللصوص والمجرمين، متحملا أصناف السخرية واإلهانات، األمور التي حاول االختباء منها قبل إدراآهم عظمة هذه األمور غير ) بعض الرومانيون الذين تنصروا(

لمهم هم أيضا أال يستحوا لهذا يقول الرسول أنه ال يستحي، إذ آان يع: المنطوق بهامن هذه الرسالة المجيدة، حتى إذا ما بدأ هكذا بعدم االستحاء ينتهي بهم إلى االفتخار

أتعبدون المصلوب؟ ال تستحوا، وال تنظروا إلى األرض بل : فإن سألكم أحد. أيضاحبة الصليب بالنسبة لنا هو عمل الم...! أجيبوا باعتزاز، نعم نعبده... ارفعوا رؤوسكم

.][38]الالنهائية نحو البشر، وعالمة عناية اهللا غير المنطوق بها

، "قوة اهللا الخالص"أدرك الرسول أن اإلنجيل أو الكرازة بالصليب هو . جاختبر هذه القوة في حياته فأراد أن يقدمها للجميع، آارزا لليونانيين أي أصحاب الفكر

Page 32: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

32  

الحكماء أصحاب : ود أن يتمتع الكل بعمل الصليبي. الهيليني، وللبرابرة أي بقية األمم .الفلسفات، والبسطاء الذين يحسبون آجهالء

إن آان الصليب قد أنقذه، فإنه مدين للعالم آله، حاسبا الوثنيين دائنين له، يلتزم !أن يرد لهم الدين بالكرازة لهم ليتمتعوا بما تمتع هو به

، إذ هو ليس رسالة نظرية أو فلسفة فكرية "صقوة اهللا للخال"يدعو اإلنجيل . دفي حياة اإلنسان، حرآة حب إلهي ال تتوقف تبلغ " عمل إلهي ديناميكي"تعليمية إنما

.به إلى شرآة األمجاد اإللهية

إنجيل المسيح مقدم لليهودي أولا ثم اليوناني، هنا األولوية ال تقوم على . هفإن آانوا . وإنما أولوية االلتزام بالمسئولية والعملمحاباة اهللا لجنس على حساب آخر،

قد ائتمنوا على الناموس المكتوب، وتقبلوا إعالنات ونبوات، ومنهم خرج رجال اهللا، فقد الق بهم أن يتلقفوا عمل السيد المسيح الخالصي، ويحتضنوا الصليب حتى

.يخرجوا إلى األمم، حاملين نير البشارة بالخالص

ليست إال تعبيرا عن الناحية " أولا"آلمة : [س يوحنا الذهبي الفمالقدييقول الزمنية فقط، إذ ال يوجد امتياز في مقدار البر الذي يحصل عليه، ولكن آمن ينزل في جرن المعمودية أولا ثم يليه اآلخر نعمة أعظم من التالي له، إنما ينعم الكل بنعمة

.][39]ني في مواهب النعمة متى قبلوا اإلنجيلهكذا يتساوى اليهودي واليونا .واحدة

العالمة و [40]العالمة ترتليانيرى "إيمان إليمان؟": ماذا يعني بقوله. وأن بر اهللا بإيمان الناموس حين نقل المؤمنين إلى ابن آاتب قيصرو أوريجينوس

الذي اإليمان باإلنجيل، وآأن الثمر الذي يشتهيه الرسول لكل عالم هو ذات الثمرترجاه رجال اإليمان في العهد القديم، وقد حل الوقت المعين لينعم العالم به خالل

يعلمنا أن خالصا : [القديس إآليمنضس السكندرييقول . اإليمان باإلنجيل اإللهيالقديس ويري .] [41]واحدا من األنبياء إلى اإلنجيل يحققه الرب الواحد عينه

يعلن خالل أمانة اهللا في مواعيده، فتنتقل أمانته إلى إيمان أن بر اهللا أمبروسيوس .اإلنسان الذي ينعم ببر اهللا

Page 33: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

33  

"فباإليمان يحيا أما البار": يقدم لنا الرسول مفتاح آل عطية صالحة إلهيةفاإلنسان الذي يرتبط باهللا يحمل بر المسيح فيه، لكنه ال يعني هذا أنه يصير . ]17[

آما يظن البعض، إنما يتمتع بالنمو المستمر في بر المسيح بال معصوما من الخطأمن فهم هذه العبارة بمعنى أننا نصير بال القديس أغسطينوسوقد حذرنا . توقف .[42]خطية

:على هذه العبارة بالقول القديس يوحنا الذهبي الفمويعلق

.نحتاج إلى اإليمان مادامت عطية اهللا تفوق اإلدراك تماما فمن المنطق أننا[

ألن عدم . أما ترون أن عدم اإليمان هو هوة سحيقة، أما اإليمان فحصن حصيناإليمان أهلك اآلالف بينما اإليمان لم يؤد إلى خالص الزانية وحدها بل جعلها أيضا

.أما لكثيرين

إننا نستضيف برقة أم آل البرآات، وهو اإليمان، لكي نكون آمن هم يسيرون ي ميناء هادئ مستقر تماما، محافظين على إيماننا األرثوذآسي، فنقود سفينتنا ف

.][43]باستقامة ونحظى بالبرآات بالنعمة ومحبة البشر التي لربنا يسوع المسيح

األمم شرور. 3

إذ يواجه القديس بولس حرآة التهود ليعلن عن عمومية الخالص لليوناني آما لليهودي، لم يبدأ بضعفات اليهود وشرورهم، بل بالعكس يتحدث بصراحة ووضوح عن شرور األمم، لكي يكون ذلك مدخلا لنقد اليهود أيضا، في صراحة وتفنيد آل حججهم دون

إنك تعلم جميع اليهود الذين بين األمم ": ه هذا االتهامفقد وجه إلي. اتهامه بالمحاباة: 21أع ( "االرتداد عن موسى، قائلا أن ال يختنوا أوالدهم، وال يسلكوا حسب العوائد

هذا ما دفع الرسول إلى البدء بإعالن شرور األمم ومسئوليتهم عنها، ليس تشهيرا ). 21المتنصرين لقبولهم معهم في العضوية في بهم وال تحقيرا، وإنما آمدخل الجتذاب اليهود

الجسد الواحد على قدم المساواة، إذ يعلن أن األممي آاسر للناموس الطبيعي واليهودي آاسر للناموس الموسوي، لذلك صار الكل في حاجة إلى تدخل إلهي آي يتبرروا ال

وع مخلص بالناموس الطبيعي وال بالناموس الموسوي، وإنما باإليمان بالمسيح يس .الجميع

Page 34: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

34  

:في حديثه عن شرور األمم أصحاب الناموس الطبيعي يبرز الرسول اآلتي

إن آان اهللا قد أعطى اليهود الناموس الموسوي، فإنه لم يهمل األمم وال ترآهم بال : أولاإذ معرفة اهللا ": شاهد لنفسه بينهم، فقد أعلن نفسه خالل الطبيعة المنظورة، إذ يقول

ن اهللا أظهرها لهم، ألن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم ظاهرة فيهم، أل ].20[" والهوته، حتى أنهم بال عذر السرمديةمدرآة بالمصنوعات، قدرته

مز ( "اهللا لم يترك نفسه بال شاهد فإن السماء تحدث بمجد اهللا، والفلك يخبر بعمل يديه" أعمال الخليقة الفائقة، التي أقامها بكلمته، والهوته خالل السرمديةيعلن قدرته ). 1: 19

فحب اهللا الفائق غير المنظور . ال الستعراض إمكانياته، وإنما من أجل أعماق محبته لنا .نلمسه خالل رعايته العجيبة، إذ قدم لنا هذه المصنوعات لراحتنا

ن يتفنن في ، وآأن اإلنسا]18[بينما يتهم الرسول بولس البشر أنهم يحجزون الحق باإلثم لنا " الحب"فال يعلن، إذ باهللا يعلن " الحق"اختراع الطرق األثيمة المتنوعة ليحجز

اإلنسان يستميت في . بطرق متنوعة خالل المصنوعات المبارآة التي هي من عمل يديه !السرمديحجز الحق، واهللا يبذل إلعالن الحب

يقدم لنا العالم آعطية نستخدمها في هذا القول الرسولي أن اهللا القديس أغسطينوس يرىو ليس نتلذذ بها، فنرى خاللها أموره غير المنظور، نمسك بالروحيات والسماويات

.[44]خالل الماديات والزمنيات

إن آان المسيح هو : [، قائلا"السرمديةقدرته "على التعبير القديس أمبروسيوسيعلق .][45]سرمدي، فالمسيح إذن السرمديةقدرة اهللا

، أما من يرجع إليه ]18[هذا وإذ يحجز اإلنسان الحق باإلثم يسقط تحت الغضب اإللهي هلم يا شعبي أدخل مخادعك وأغلق أبوابك خلفك، ": بالتوبة فيسمع الصوت اإللهي

اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب، ألنه هوذا الرب يخرج من مكانه، ليعاقب إثم - 20: 26إش " (دماءها وال تغطي قتالها فيما بعد سكان األرض فيهم، فتكشف األرض

ما هي المخادع التي تدخل فيها إال الحياة السرية في المسيح يسوع حيث فيه ). 21

Page 35: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

35  

هوذا الرب يخرج من "وأما قوله ! نختبئ من الغضب، ونصير موضع سرور اآلبمته، لكن إصرار إنما يعني أنه يود أن يبقى في مكانه يعلن حبه ورح..." مكانه ليعاقب

!سكان األرض على اإلثم تلزمه أنه يعاقب

لم يستطع األممي خالل هذه المعرفة المعلنة بالناموس الطبيعي، والمسجلة خالل : ثانيا :المنظورات أن يخلص، بل على العكس أخذ موقف المقاومة التي تظهر في اآلتي

آإله، بل حمقوا في أفكارهم، واظلم ألنهم لما عرفوا اهللا، لم يمجدوه أو يشكروه . "أقلبهم الغبي، وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهالء، وأبدلوا مجد اهللا الذي ال

.]23-21[" يفنى بشبه صورة اإلنسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات

ن األمر لم أخطر من االتهام السابق، فإ القديس يوحنا الذهبي الفمهذا االتهام آما يقول يقف عند رفض اهللا الذي أعلن عن محبته وقدرته خالل مصنوعات يديه، وإنما لما

وآما قال . عرفوا اهللا لم يمجدوه أو يشكروه، بل استبدلوا عبادة اهللا الحي بالعبادة الوثنيةأنا ينبوع المياه الحية لينقروا ترآوني: ألن شعبي عمل شرين": اهللا على لسان إرميا

أما علة انحرافهم فهو اتكالهم ). 13: 2إر ( "سهم أبارا أبارا مشققة ال تضبط ماءألنفوبينما هو يزعمون أنهم حكماء صاروا "على الفكر البشري المجرد دون عون اهللا،

آمن يبحرون في مياه مجهولة، فتتحطم سفينتهم الذهبي الفم، فصاروا آما يقول "جهالءوا بلوغ السماء بعدما أطفأوا النور المضيء في داخلهم، على صخور صلدة، إذ حاول .متكلين على ظلمة أفكارهم

: أن سر هالآهم هو جحودهم وعدم شكرهم، إذ يقول القديس أغسطينوسيرى ينزعه عن غير ) أي الحكمة(بجحودهم صاروا أغبياء، فما يهبه اهللا مجانا [

جب أن يذهبوا، لكنهم بجحودهم نسبوا لقد رأوا إلى أين ي: [آما يقول.] [46]الشاآرينهذه الرؤية التي وهبهم اهللا إياها ألنفسهم، وإذ سقطوا في الكبرياء فقدوا ما قد رأوه، وارتدوا إلى عبادة األوثان والتماثيل والشياطين، يعبدون المخلوق ويحتقرون

.][47]الخالق

Page 36: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

36  

الحكمة فسقطوا في أن هؤالء الذين نسبوا ألنفسهم القديس أغسطينوسهذا ويرى العبادات الرذيلة هم الرومان واليونان والمصريون الذين مجدوا أنفسهم تحت اسم

.[48]الحكمة

إذ ترآوا اهللا الذي يعلن ذاته لهم خالل الطبيعة تخلى هو أيضا عنهم آشهوة قلوبهم، . بهم إلى لذلك أسلمهم اهللا أيضا في شهوات قلوب: "هذا هو ما عناه الرسول بقوله

ترآوه بإرادتهم، وإذ هو يقدر الحرية ].24" [النجاسة، إلهانة أجسادهم بين ذواتهماإلنسانية ويكرمها، أعطاهم سؤل قلبهم وهو ترآهم، فمارسوا شهوات قلوبهم الشريرة،

]27-26[حيث ارتكب الرجال والنساء قبائح ال تليق حتى بالطبيعة

اإلنسان إذ يسقط في الكبرياء حتى وإن آان أن [49]القديس يوحنا آاسيان ويرىطاهرا جسديا، يسمح اهللا بالتخلي عنه لكي إذ يسقط في شهوات جسدية ظاهرة أمام

.عينيه يقدر أن يدرك الكبرياء الخفي الذي ال يراه

لهذا السبب نجد آثير من الشباب يسقطون في الرجاسات الجسدية بالرغم من مواظبتهم الص، من دراسة في الكتاب وتقديم صلوات، وربما اعتراف وتناول، على وسائل الخ

بالكبرياء يفقد اإلنسان نعمة اهللا التي . لكن العلة الرئيسية لسقوطهم هو آبرياء قلوبهم .تهبه القداسة، فينهار تحت ثقل شهوات جسده وفساده

أننا نحن السبب في عن سماح اهللا لنا بهذا االنحراف، معلنا القديس بفنوتيوسويحدثنا علينا أن نعرف أن آل شيء يحدث، : [هذا الفساد، إما بسبب آبريائنا أو إهمالنا، إذ يقول

إما بإرادته أو بسماح منه، فكل ما هو خير يحدث بإرادة اهللا وعنايته، وآل ما هو ضد بنا أو ذلك يحدث بسماح منه، متى نزعت حماية اهللا عنا بسبب خطايانا أو قسوة قلو

سماحنا للشيطان، أو لألهواء الجسدية المخجلة أن تتسلط علينا، ويعلمنا الرسول بذلك، آما لم يستحسنوا أن : "، وأيضا)25: 1رو " (لذلك أسلمهم اهللا إلى أهواء الهوان: "مؤآدا

). 28: 1رو " (يبقوا اهللا في معرفتهم، أسلمهم اهللا إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما ال يليقفلم يسمع شعبي لصوتي، وإسرائيل لم يرض بي، فسلمتهم إلى قساوة : "قول اهللا بالنبيوي

.][50])12-11: 81مز " (قلوبهم، ليسلكوا في مؤامرات أنفسهم

Page 37: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

37  

من عدل الحكم اإللهي أن تعطى المواهب الصالحة : [األب يوحنا آاسيانيقول قول عنهم الرسول أنهم مستحقون للمتواضعين، وتمنع عن المتكبرين المرفوضين الذين ي

.][51])28: 1رو ( أن يسلموا إلى ذهن مرفوض

" مبارك إلى األبد، آمين"إذا اختار اإلنسان في شره الفساد، حل الفساد به، أما اهللا فهو القديس يوحنا الذهبي وآما يقول . وآأن ما يرتكبه اإلنسان إنما يحل به ال باهللا] 25[

الفيلسوف ال يتأثر بإهانة الجهالء له، فكم بالحري اهللا األزلي غير إن آان : [الفم .][52]المستحيل، ال تبلغ وقاحة الناس إلى طبيعته المجيدة التي ال يعتريها ظل دوران

هنا قليلا ليسألنا أن نتشبه باهللا الذي يحتمل األشرار وال يتأثر القديس الذهبي الفميقف مى من أن تتأثر بهم، هكذا إذ نتشبه به نحتمل نحن أيضا شرور بشرهم، فإن طبيعته أس

يليق بنا أال نحاول الهروب من اإلهانات بل باألحرى نحتملها، ألن : [األشرار، إذ يقوللماذا؟ ألنه في قدرتك أنت أن تحتمل، أما تصليح . مثل هذا االحتمال هو الشرف بعينه

الضربات التي تسقط على الماس؟ قد تقول أتسمع صدى. اآلخرين فهو من عمل الغير. حسنا، وأنت في مقدورك أن تتدرب على ما هو للماس بالطبيعة. هذه هي طبيعة الماس

ألم تسمع آيف لم تؤذ النار الثالثة فتية؟ وآيف ظل دانيال في الجب سالما؟ فما حدث ستعدة لتمزيق من لهؤالء ممكن بالنسبة لنا، إذ يوجد حولنا أسود الشهوة والغضب م

إذن آن آدانيال واثبت، فال تجعل االنفعاالت تنشب بأظفارها في . يسقط تحت قدميهاحقا، لكن النعمة تنساب خالل تدريب اإلرادة، فمتى . هذا من فعل النعمة: تقول. نفسك

آنا مستعدين لتدريب أنفسنا على نمط هؤالء الرجال، تنساب النعمة في داخلنا، عندئذ فإن آانت الوحوش قد تراجعت أمام . ع الوحوش في مذلة قدامنا بالرغم من جوعهاتقب

.][53] )!أمامنا(عبد، أفال تتراجع باألحرى أمام أعضاء جسد المسيح

ربما يعتذر البعض بأن ما يرتكبوه من شرور هو ثمرة ضعف الطبيعة البشرية . جول أن اإلنسان في شره صار يمارس وجريها وراء اللذات بال ضابط، لذا أوضح الرس

: حتى ما هو مخالف للطبيعة، يسيء للطبيعة عنه لتحول حياتهم إلى جحيم، إذ يقولبالذي على خالف الطبيعة، وآذلك الذآور أيضا ألن إناثهم استبدلن االستعمال الطبيعي"

Page 38: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

38  

فحشاء تارآين استعمال األنثى الطبيعي، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض، فاعلين ال ].27-26" [ذآورا بذآور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضاللهم المحق

هنا إذ يتحدث عن العالم يضع أمامهم اللذة الطبيعية : [القديس يوحنا الذهبي الفميقول التي آان في مقدورهم االستمتاع بها في طمأنينة وفرح قلبي، متحاشين األعمال

جلبوا عارا على الطبيعة، وداسوا ... ا الطبيعة عينهاإذ أهانو... المخزية، لكنهم لم يريدوا .][54]على القوانين اإلنسانية في نفس الوقت

أن اإلنسان قد حول حياته إلى حرب داخلية وجحيم ال القديس يوحنا الذهبي الفميرى يطاق، فإن آان اهللا قد وهب بالطبيعة أن يتزوج الرجل بامرأة، ويصير االثنان جسدا

ا في انسجام الحب واأللفة، أهان االثنان نفسيهما ودخل آالهما في حرب داخلية، واحدفجرت النساء وراء بعضهن البعض وأيضا الذآور، فتحولت الحياة اإلنسانية إلى انشقاقات وحروب داخلية ال تنقطع، تقوم ليس فقط بين الرجل وامرأته، وإنما بين النساء

عضهم البعض، فنالوا في أنفسهم جزاء ضاللهم المحق وبعضهن البعض، والذآور وبهذا ما أآده آثير من اآلباء وهو أن الخطية تحمل فسادها فيها، فتسكب من هذا ]. 27[

الفساد على مرتكبها ليحمل عقوبته، ليس فقط آأمر يصدر ضده من الخارج، وإنما .خالل ممارسته الشر عينه

قدم صورة بشعة لإلنسان في شره، إذ صار ال يطلب اللذة الطبيعية فحسب، وإنما . دفبدلا من أن يرتفع بالروح، ليسمو بغرائزه . صار مفسدا للطبيعة عوض السمو بها

الحيوانية، ليصير جسده بغرائزه مقدسا للرب، صار في بشاعته مفسدا للطبيعة، يفعل ما ل العالقات الجسدية الشاذة، سواء بين اإلناث وبعضهن البعض أو ال يرتكبه الحيوان خال

اآلن يقدم لنا قائمة مرة بما ترتكبه البشرية المنحرفة، وقد . الذآور وبعضهم البعض: أن الرسول يذآر في قائمته هذه التعبيرات القديس يوحنا الذهبي الفمالحظ

م تعد أمرا عارضا في حياة اإلنسان، وآأن اآلثام ل". مشحونين"، "من آل"، "مملوءين" "!آل إثم"لكنها تمأل آيانه الداخلي، وتشحنه تماما ليرتكب ال إثما أو إثمين وإنما

Page 39: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

39  

العجيب أن الخطايا واآلثام تحطم سالم اإلنسان وتفقده فرحه الداخلي، لكنها في نفس . ه: ائمة تصفهم هكذاالوقت تدفع مرتكبها نحو العجرفة والكبرياء، لذلك جاءت الق

: القديس يوحنا الذهبي الفميقول ]. 30[..." مفترين، مبغضين هللا، ثالبين، متعظمين"

إن آان الذي يعمل صالحا يفقد تعبه إن انتفخ، فكم …التشامخ مع الخطية طامة آبرى[يكون إثم الذي يضيف إلى خطاياه خطية التشامخ؟ ألن مثل هذا ال يقدر أن يمارس

.][55]التوبة

إن تأملنا هذه القائمة من اآلثام والشرور نشعر أن البشرية إذ سلمت نفسها بنفسها . وللعصيان ومقاومة اهللا مصدر حياتها وتقديسها، صارت ملهى للخطايا، آل خطية تلهو باإلنسان، لتلقي به في أيدي خطايا أخرى، وهكذا يصير أضحوآة آل اآلثام والشرور،

:شيء من االختصار أن نورد ترتيب هذه القائمة هكذاويمكننا هنا في

].29[يبدأ اإلنسان يلهو بلذة الجسد فيستسلم للزنا *

إذ يتقوقع اإلنسان حول لذته الجسدية، يطلب ما هو لذاته، حتى وإن بدا في الظاهر *ث لتحقيق غايته ، األمر الذي يدفعه أيضا إلى الخبيتملكه حب الطمعسخيا ومبذرا، لكن

].29[هذه

].29[أما الطمع فيسبب حسدا وخصاما ومكرا وربما يؤدى إلى القتل *

].30[هذا الحسد والمكر يدفع اإلنسان إلى االعتداد بذاته، فيصير متعاظما *

].30[حب العظمة ينحرف باإلنسان إلى االبتداع وترك الحق *

].30[نسان إلى تعدى الطبيعة، فيصير غير مطيعا للوالدين رفض الحق يدفع اإل *

، ويكسر آل عهد ]31[إذ يتعدى اإلنسان حتى أبسط نواميس الطبيعة يفقد الفهم *

: ، بهذا يسقط تحت تحذير الرب]31[طبيعي أو مكتوب، ويخسر طبيعة الحب والحنو

Page 40: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

40  

من الحيوانات المفترسة التي ، فيصير أبشع)12: 24مت " (لكثرة اإلثم تفتر المحبة" .تتحد معا آجماعات بحكم الغريزة، أما اإلنسان فيكره أخاه

في هذا االنحدار البشري إلى ما هو أدنى من الطبيعة تبلدت القلوب البشرية فلم . زالذين : "يستكينوا للشر فحسب، وإنما صاروا يفرحون بمن يسقط مثلهم، إذ يقول الرسول

هللا أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت، ال يفعلونها فقط، بل إذ عرفوا حكم ا ].32[ "أيضا يسرون بالذين يعملون

يالحظ في هذا السفر بوجه عام أنه إذ يتحدث عن األمم يعلن دور الناموس الطبيعي . طلوحي ناموس اهللا الذي يسود العالم منقوشا على ،[56]العالمة ترتليانبكونه، آما يقول

ألن األمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ": الطبيعة، لذلك يقول الرسولوفي هذا األصحاح يتحدث عن األمم في شر آكاسري ). 14: 2( "...ما هو في الناموس

االستعمال "، آأن تستبدل اإلناث )28: 1( "يفعلون ما ال يليق"ناموس الطبيعة الذين

وعندما يتحدث الرسول عن التزام ). 26: 1( "ى خالف الطبيعةالطبيعي بالذي عل

آو 1" (؟...أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم": المرأة بغطاء الرأس أثناء الصالة، يقول

11 :14.(

فالمسيحي إذن ملتزم بناموس الطبيعة، بل ويسمو ليبلغ ال إلى تكميل الناموس الموسوي،  .يةبل إلى الوصية اإلنجيلية العال

 

 

 

 

 

Page 41: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

41  

2 الرسالة إلى أهل رومية

التعليمي الجانب

العامل بالمحبة التبرير باإليمان

للخالص حاجة اليهودي

إن آان األممي قد سقط في شرور آثيرة ونجاسات، مقاوما الناموس الطبيعي، فإنه ال فبالناموس يليق باليهودي أن يدينه، ألن األول أخطأ بدون الناموس المكتوب، أما الثاني

، فصارت مسئوليته أعظم "تعدى"تعدى الوصية، وآأنه لم يخطئ فقط ولكنه أيضا وبهذا فإن الناموس ال يبرر من يسمعه بأذنيه، وإنما من يمارسه ويحفظه . وعقابه أشد

، وال الختان في اللحم ختانا، إنما ]28[ اليهودي ليس يهوديا في الظاهر]. 13[ويحياه .عاش بالحق رجل اهللا الروحي، وآأن قلبه ال جسده مختونا بالروحاليهودي من

هذا ما أوضحه الرسول في هذا األصحاح، وهو حديث نافع لنا نحن آمؤمنين، ألنه إن آان اليهودي الظاهر يدان على حرفيته القاتلة بدون روح، فباألولى المسيحي أن تمسك

.يهودي وأبشع، مستهينا بالدم الكريمبالشكل واالسم دون الحياة، يكون أشر من ال

هذا الحديث يمس باألآثر حياة الخدام والرعاة، إذ يقدم تحذيرا لهم لئال يسحبهم المجد .الزمني وتلهبهم الكرامات عن الحياة الداخلية الملتهبة بالروح والحق

اآلخرين الناموس وإدانة. 1

سه ألنه مستلم الناموس دون سواه من يعالج الرسول بولس موضوع اعتداد اليهودي بنفلألسف . بقية األمم، ولم يدرك أن الناموس هو مرآة تفضح الخطية وتكشف عن الضعف

بدلا من أن يستخدمه اليهودي الآتشاف ضعفاته، فيصرخ إلى اهللا بالتوبة، طالبا عمل ن أن يدخل به هكذا بدلا م. المخلص، تقسى قلبه مستخدما الناموس لفضح خطايا اآلخرين

الناموس إلى التوبة اغتصب مرآز الديان، وأقام نفسه لمحاآمة اآلخرين، تحت دعوى .استخدم الناموس لطلب المتكآت األولى، ليقيم نفسه ديانا للغير. معرفة إرادة اهللا ومشيئته

Page 42: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

42  

إدانة اآلخرين هي في ذاتها إعالن عن التعب الداخلي، آما فعل اليهود عندما أمسكوا بالزانية فأرادوا أن يتشفوا فيها برجمها، أما الديان فستر عليه بحبه، لكنه لم يترآها في

".وال أنا أدينك، اذهبي وال تخطيء أيضا": خطيتها، إنما خالل محبته الحازمة أوصاهابين تصرف اإلنسان الذي يدين أخاه مع أنه مشترك معه في الضعفات، وبين هكذا شتان

.حكم اهللا الذي يطيل أناته علينا، لعلنا نتوب فنفلت من الديونة

هكذا يربط الرسول بولس بين إدانتنا نحن لآلخرين وإدانة اهللا الديان لنا، مبرزا النقاط :التالية

وة ونحن مشترآون معهم في الضعف، نحكم على أنفسنا إذ نقيم أنفسنا ديانين لإلخ :أولالذلك أنت بال عذر أيها اإلنسان آل من يدين، : "بأنفسنا خالل حكمنا على الغير، إذ يقول

... ألنك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك، ألنك أنت الذي تدين تفعل تلك األمور بعينهامثل هذه وأنت تفعلها أنك تنجو من أفتظن هذا أيها اإلنسان الذي تدين الذين يفعلون

].3-1" [دينونة اهللا؟

يا من تدين الزاني وأنت نفسك : آأن منطقه يعلن: [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول ؟ أن آنت تعاقب ...ترتكب ذات الخطية، ألست تدين نفسك بنفسك، حتى وإن لم يدنك أحد

بجريرتك ويدينك بقسوة، خاصة وأنك إنسانا يرتكب ذنبا أقل منك، فكيف ال يأخذك اهللا ]؟[57]تحكم على نفسك بنفسك

بحكمك على أخيك ليس فقط تحكم على نفسك بذات تصرفك، وإنما غالبا ما تخطئ : ثانياأنت في الحكم، ألنك تحكم حسب الظاهر وال تعرف أعماق اآلخرين ودوافعهم، أما اهللا

نى آخر حتى أن حسبت نفسك أبر من بمع. فيحكم عليك بحق، ألنه عالم بكل أسراركأخيك فتحكم عليه وتدينه، فغالبا ما يكون هذا الحكم ظالما، أما اهللا فهو وحده يدين البشر

على الذين ونحن نعلم أن دينونة اهللا هي حسب الحق: "عن حق، إذ يقول الرسول ].2" [يفعلون مثل هذه

ي تختلف تماما عن إدانتنا نحن هذا وقد أبرز الرسول بولس سمات دينونة اهللا الت :لآلخرين، أال وهي

.عينه" الحق"، ألنه هو ]2" [حسب الحق"أنها . أ

Page 43: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

43  

يقتادك إلى "أنه ال يود العقوبة، إنما في غنى لطفه وإمهاله وطول أناته يود أن . ب ].4" [التوبة

].5[عادلة إنها . ج

].6" [سيجازي آل واحد حسب أعماله. "د

].11[محاباةبدون . ه

].13[ويحياه ما يعملهليست حسب ما يعلمه اإلنسان بل حسب . د

].16-15[سرائر الناس أييدين األعماق الداخلية للضمير والفكر، . ز

].29-17[آمتدين أو آمعلمسال مظهره حسب حقيقة اإلنسان الداخلي، . ط

ا بتحويل الناموس ال إلى أول الكتبة والفريسيينأخطأ اليهود، خاصة قادتهم من :ثالثامجال للحياة والعمل الروحي، وإنما لنقد الناس وإدانتهم بروح العجرفة والكبرياء، وثانيا

بمعنى آخر بينما هم . بكونهم إذ أدرآوا لطف اهللا وطول أناته أساءوا استخدام هذه المعرفة: إذ يقول الرسوليقسون على اآلخرين ويدينونهم إذا بهم يستهينون بحب اهللا وصالحه،

أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف اهللا إنما يقتادك إلى "علينا بالرغم من تسرعنا نحن في الحكم على اآلخرين ال طول أناة اهللالكن . ]4"[التوبة

ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير "يعني إعفائنا من العقاب، إنما حفظه للوقت المعين لتائب، تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب، واستعالن دينونة اهللا العادلة، الذي ا

].6-5[ "سيجازي آل واحد حسب أعماله

اهللا يطيل أناته لعلنا نتوب، فإن تمسكنا بالشر زاد العقاب حيث يمتلئ آأس شرنا، لهذا نا، إنما يحمل يرتعب اآلباء من عدم التأديب في هذا العالم، حاسبين أن عدم تأديبنا ه

غضب اهللا في يوم الدينونة، عوض العالج الخفيف والسريع في هذا العالم بالتأديبات .[58]الزمنية

) حلو(الرب صالح "، فإن )عدله(ليت الذين يحبون حنوه يهابون أيضا حقه * ).8: 25مز( )"حق(ومستقيم

...، فلتخشه بكونه الحق)حلو(إنك تحب فيه أنه صالح

Page 44: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

44  

.الرب لطيف، طويل األناة، حنان، وهو أيضا البار والحق

هل آنت . منحك فرصة لإلصالح، لكنك تحت تأجيل الدينونة أآثر من إصالحك طرقك [59]!باألمس شريرا، فلتكن اليوم صالحا

أغسطينوس القديس

هواآم، وإال آثيرا ما أحدثكم عن صالح اهللا، ال لتستهينوا به وتفعلون ما هو على * .صار صالحه هذا مؤذ لخالصنا، وإنما لكي ال نيأس من خطايانا بل نتوب

صالح اهللا يقودك للتوبة ال لصنع شر أعظم، فإن فسدت بسبب صالحه تهين اهللا أمام .الناس

.[60]طول األناة تقدم لنا منافع فإن لم نستفد منها نسقط تحت دينونة أشد *

الفميوحنا الذهبي القديس

:]يستخدم اهللا أحيانا التأديب وتارة الرحمة لحساب الصالحين[ *

.طول أناة اهللا تدعو األشرار للتوبة، آما أن تأديب اهللا يدرب الصالحين على االحتمال

تحتضن أيضا رحمة اهللا الصالحين لتثقيفهم آما أن حزم اهللا يصد األشرار بسقوطهم تحت .][61]العقوبة

أغسطينوس القديس

بمعنى آخر إن آان اإلنسان يميل بطبعه إلى القسوة على أخيه، حتى أن قدم اهللا له آل حب وطول أناة فيدين الغير ويعنفه، فإن اهللا على النقيض يود خالص الجميع ويطيل أناته لعل

.الكل يرجع إليه بالتوبة

فليس ذلك عالمة رضاه عنهم، لعله أيضا أراد أن يؤآد أن اللهإن آان يطيل أناته عليهم .وإنما عالمة صالحه ينتظر توبتهم

إذ يريد اهللا ... "نذخر ألنفسنا غضبا"إن آان اهللا هو الديان، لكننا نحن الذين : رابعايقول . الرحمة مقدما آل وسيلة لعلنا نقتنيها، أما اإلنسان غير التائب فيحفظ لنفسه الغضب

، موضحا أن "تذخر لنفسك غضبا": الحظوا دقة التعبير: [يوحنا الذهبي الفم القديس

Page 45: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

45  

" يذخر اهللا لك"الدينونة ال تصدر عن الديان إنما هي نتيجة لعمل الخاطئ، إذ ال يقول أنه يحاول اجتذابك بكل وسيلة، فإن ظللت على عنادك تذخر ... "تذخر لنفسك"وإنما

ولكن ال يتبادر إلى ذهنك أن . العادلة لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعالن دينونة اهللا، حيث ينال آل إنسان ما "استعالن"غضبه انفعال عنيف إنما هو العدالة، هو

.][62]يستحقه

إذ يتحدث عن دينونة اهللا للبشر يبدأ أولا بالحديث عن الصالحين الذين يكافئون : خامساوأما الذين ": الغضب، إذ يقولبالحياة األبدية، وبعد ذلك يتحدث عن الذين يسقطون تحت

بصبر في العمل الصالح يطلبون المجد والكرامة والبقاء فبالحياة األبدية، وأما الذين هم من أهل التحزب وال يطاوعون للحق بل يطاوعون لآلثم فسخط وغضب، شدة وضيق

من مجد وآرامة وسالم لكل. على آل نفس إنسان يفعل الشر، اليهودي أولا ثم اليوناني ].10-7" [يفعل الصالح، اليهودي أولا ثم اليوناني

آأن اهللا يود أن يتمتع الكل بنوال الحياة األبدية خالل صبرهم في العمل الصالح، فينالون مجدا وآرامة وخلودا مع سالم أبدي، لذلك بدأ بهذه الفئة، أما الفئة الثانية التي تسقط تحت

ة والضيق فهي تحكم على نفسها بهذا خالل إطاعتها السخط والغضب التي تئن من الشدفي هذا يختلف حكم اهللا عن حكم الناس، اهللا . لإلثم، األمر الذي يود اهللا أال يسقط أحد تحته

يتطلع أولا إلى الصالحين واألمور الصالحة، أما اإلنسان فينظر الشر أولا ويحكم سريعا .بهمعلى اآلخرين متطلعا باألآثر إلى عيو

أن الرسول بولس قد رآز على حرية اإلرادة اإلنسانية في هذه القديس إيريناؤسالحظ ، لذلك يعطى اهللا خيرات للذين يعملون الصالح، آما يقول )7، 5-4: 2 رو(الرسالة

الرسول، فينالون المجد والكرامة ألنهم يمارسون العمل الصالح مع أنه آان في سلطانهم .[63]طون تحت حكم اهللا العادلأال يفعلوه فيسق

، فإن ]11" [ألن ليس عند اهللا محاباة": يؤآد الرسول أن اهللا في حكمه ال يحابى:سادساآان يكافئ اليهودي أولا سواء في الخير أو الشر، فألن اهللا يدين باألآثر من نال معرفة

من العدل : [الذهبي الفميوحنا القديسوآما يقول . أوفر أو احتمل مرآز القيادة والخدمة. أن من يستمتع بنصيب أوفر من المعرفة ينال نصيبا أشد من العقاب أن تعدى الناموس

إن آنت غنيا يطلب منك . ومن ثمة، يكون عقابنا أشد آلما ازددنا في الحكمة والسلطانالعطاء أآثر من الفقراء، وإن آنت صاحب حكمة أوفر تلتزم بالطاعة أآثر من غيرك،

.][64]وإن نلت سلطانا يلزمك تقديم أعمال أآثر بهاء

Page 46: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

46  

المحاباة هي من سمات البشر، الذين ينحرفون عن الحق في الحكم مراعاة لحسب اإلنسان " يحابون بالوجوه من أجل المنفعة": أو نسبه أو غناه أو طلبا لمنفعة ما، إذ يقول الرسول

يحذرنا الرسول ). 17: 10؛ تث 15: 19ال(، وقد آان ذلك محظورا على القضاة )16يه (: 2يع" (ال يكن لكم إيمان ربنا يسوع المسيح رب المجد في المحاباة: "يعقوب منها، قائلا

وقد ظهر عدم محاباة اهللا ). 25: 3؛ آو9: 6أف (، أما اهللا فيستحيل أن يحابى أحدا )1ابنه الوحيد لكي ال يهلك حتى بذل ) بال محاباة(هكذا أحب اهللا العالم "على الصليب، إذ

الذي لم : "، آما يقول الرسول)16: 3يو ( "آل من يؤمن به بل تكون له الحياة األبدية ).32: 8رو" (يشفق على ابنه بل بذله ألجلنا أجمعين

والحياة العملية الناموس. 2

لخطاياهم تحول الناموس في حياة اليهود عن غايته اإللهية، فعوض أن يكون علة إدراآهم وشعورهم بالحاجة إلى عمل اهللا الخالصي، تحول إلى تشامخ وآبرياء بأنهم عارفو الحق

إذن فالناموس ليس . ومعلموه، فصاروا ديانين لألمم، األمر الذي أسقطهم تحت دينونة اهللاغاية في ذاته، إنما يليق أن نحتضنه ونحفظه ال خالل المعرفة الفكرية النظرية، وإنما

معرفة الحياة العملية والخبرة المعاشة يوميا، فيصير علة تكليلنا، لهذا يقول خالل :الرسول

ألن آل من أخطأ بدون الناموس فبدون الناموس يهلك، وآل من أخطأ في : "أولا .]12["الناموس فبالناموس يدان

الناموس ليس مجالا لالفتخار بل للعمل، فإن آان الناموس يهب معرفة لوصية اهللا وإرادته، يلتزم أصحاب الناموس أن يمارسوا الوصية، وإال سقطوا بالناموس تحت الدينونة، فيصيروا ليس آاألمميين الذين يخطئون بدون الناموس يهلكون وإنما أشر منهم

هنا : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . الناموس ألنهم يخطئون بمعرفة وهم تحتال يظهر المساواة بين اليهودي واألممي فحسب، وإنما يوضح آيف أثقل الناموس آاهل

تعبير عن تخفيف " بدون الناموس"ألن األممي يدان بدون الناموس؛ هنا . اليهوديزاءه بناء على منطق الطبيعة إنما ينال ج... للعقوبة، إذ ال يقف الناموس شاهدا عليه

أما اليهودي فيدان بالناموس، أي تكون محاآمته بالطبيعة والمنطق وبجانبهما . والعقلتأملوا إلى أي مدى يجعل اليهودي . الناموس، ألن ما ناله من عناية يزيد من مسئوليته

الناموس بال ألنهم أن احتجوا بأنهم يكتفون ب. يسرع بالضرورة نحو النعمة يستنجد بها

Page 47: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

47  

حاجة إلى النعمة، يظهر لهم أنهم في حاجة إلى النعمة أآثر من األمميين، ألنه بالناموس .][65]يكون عقابهم أشد

يدانون بطريقة غير ) آلمة اإلنجيل(الذين لم يسمعوا الكلمة : [القديس أغسطينوسيقول .][66]التي يدان بها الذين يسمعونها ويستخفون بها

أن الذين هم بال ناموس يهلكون، األمر الذي له صداه المرهب، أما الذين [67]يقول أيضاتحت الناموس، فيدانون بمعنى أنهم بال عذر، وتكون دينونتهم هي الهالك، بهذا فدينونتهم

.أصعب

ال تكون العقوبات واحدة في آل الخطايا بل هي : [يوحنا الذهبي الفم القديسويقول فإن ارتكب ... األوقات واألشخاص ورتبهم وفهمهم وظروفهم متعددة ومتنوعة حسب

.][68]آاهن زنا تكون عقوبته مضاعفة جدا بسبب الكرامة التي نالها

ولعل الرسول قصد بذلك سقوط الكل تحت الدينونة، األمم واليهود، ليعلن حاجة الكل إلى .الخالص

الناموس أو المعرفة تشهد عليه في من يخطي في الناموس تكون عقوبته أشد، ألن : ثانيايوم الدين، لذلك فالناموس ال يبرر اإلنسان لمجرد سماعه أو حفظه، وإنما بتنفيذه آله،

ألن ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار "األمر الذي يحسب مستحيلا على البشر، ].13" [عند اهللا، بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون

، فإن آثيرين يسمعون "هم أبرار عند اهللا: "حديث الرسول بولس، إذ يقولالحظ دقة الناموس ويتلونه على لسانهم فيتبررون أمام الناس آمتدينين، لكن اهللا ال يدين اإلنسان

فبسماعنا للوصية يمكننا أن نخدع إخوتنا . حسب مظهره، إنما حسب بر قلبه الداخلي نتبرر أمام اهللا؟وربما أنفسنا، لكن هل نقدر أن

، وهو أمر مستحيل إذ ال يوجد )5: 18؛ ال1: 4تث (لقد طالبت الشريعة بالطاعة الكاملة .إذن فالحاجة ماسة إلى الذي يبرر... إنسان بال خطية

في الوقت أظهر فيه الناموس آثقل على اليهودي، إذ يكون شاهدا عليه يوم الدين، :ثالثاباألذن دون القلب والعمل لن يبرره أمام اهللا، رفع من شأن األممي معلنا أن االستماع له

: الذي لم ينل الناموس المكتوب، وإنما خالل الطبيعة جاهد ليمارس ما جاء فيه، إذ يقول

Page 48: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

48  

ألن األمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس، فهؤالء "هم، الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبا في إذ ليس لهم الناموس هم ناموس ألنفس

قلوبهم، شاهدا أيضا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة، في اليوم الذي ].16-14" [فيه يدين اهللا سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح

:، قائلايوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

مظهرا أنهم أفضل ... ني بسببه أبرر األمميينأنا ال أرفض الناموس، لكن: آأنه يقول[منهم، بل يمتازون عنهم بعملهم الصالح، مع أنهم لم يأخذوا الناموس الذي يتشامخ به

في هذا آان األممييون جديرين باإلعجاب، ألنهم تمموا صالح الناموس بأعمالهم . اليهودهادما غرورهم، مظهرا أن انظروا إذن آيف يلوم اليهود هكذا... ال بكلمات سمعوها

األمميين الذين سعوا باجتهادإلتمام الناموس، مع أنهم بدون الناموس، هم أولى بالكرامة هنا تزداد عجبا بحكمة الرسول الذي أظهر تفوق األممي على اليهودي دون أن . منهم

.][69]ينطق بذلك صراحة

يدين اهللا سرائر ": بل يقول "اسخطايا الن": ولكي يزيد من مخاوفهم ال يكتفي بالقول[ألن الناس يقيمون القضاء ... ، آي ال تظن أنه في مقدورك الهروب من دينونة اهللا"الناس

إذن ليدخل آل إنسان إلى أعماق )... أما اهللا فيدين السرائر(لمحاآمة األعمال العلنية ، ألن تلك )32: 11آو 1( "العالم لكي ال ندان مع"ضميره ويحاسب نفسه بكل تدقيق،

"ال يفدي األخ"المحاآمة رهيبة، وذلك الكرسي مخوف، والحساب يكون مرعبا، ألن ماذا يكون شعورنا حينما نقف أمام العالم بأسره وتعلن آل سرائرنا في ... ،)8: 49مز(

][70]مسرح مضاء فسيح يضم من نعرفهم ومن ال نعرفهم؟

أنه يقصد باألمم الذين ارتفعوا، بحياتهم مع اهللا، فوق اليهود هم ابن آاتب قيصرويرى قبل استالم الناموس الموسوي على يدي موسى مثل إبراهيم وأيوب "اآلباء السابقون"

ويوسف، آمن إبراهيم باهللا وقدم ابنه ذبيحة محرقة، وقرب أيوب عن بنيه ذبائح، خشية أن ، ويوسف )5: 1أي(أضمر في داخله ما يغضب اهللا يكون أحدهم قد نطق بكلمة باطلة، أو

هؤالء )... [5: 39تك(مارس حياة الطهارة ممتنعا عن الشر لئال يخطيء قدام الرب عملوا بالطبيعة ما بالناموس ولم يحتاجوا إلى ناموس مكتوب، إذ لم يدعوا نياتهم تبكتهم

لقبائح، وهم في هذا ليسوا مثلنا بل عملوا بما توجبه من الصالح، وترآوا ما تنكره من ا .]نحن الذين تبكتنا نياتنا وآتبنا

Page 49: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

49  

]. 15[على العبارات السابقة موضحا أن أفكارهم مشتكية ابن آاتب قيصريعلق أيضا .بمعنى أنها توبخهم أن فعلوا أمرا غير حسن، إذ آانت تقوم مقام الناموس

لسلطان اإلنسان على فكره، وإال ما آانت في هذه العبارة تأآيدا األب سيرينوسويرى إذا ما جاهدنا آبشر ضد االضطرابات : [أفكارنا وضمائرنا تشتكي علينا، إذ يقول

والخطايا، تصير هذه تحت سلطاننا وفق إرادتنا، فنحارب أهواء الجسد ونهلكها، ونأسر وة التي حشد خطايانا تحت سلطاننا، ونطرد من صدورنا الضيوف المرعبين، وذلك بالق

.][71]روحيا) 9: 8مت (لنا بصليب ربنا، فنتمتع بالنصرة التي نراها في مثال قائد المئة

أن نية اإلنسان هي التي تجعله يكافأ أو [في هذه العبارة إعالنا عن األب يوسف ويرى .][72]يعاقب

ن ليس لدينا اآل: [، قائلا]16[" حسب إنجيلي": على التعبير العالمة أوريجينوسويعلق عمل آتابي لبولس يدعى إنجيلا، وإنما آل ما آرز به وما قاله هو اإلنجيل، وما آرز به

وإن آان ما آتبه بولس . وما قاله آان أيضا في حكم المكتوب؛ وما آتبه آان اإلنجيلإنجيلا، فإن ما آتبه بطرس أيضا هو إنجيل؛ وفي آلمة آل ما قيل أو آتب ليخلد معرفة

لول المسيح على األرض، ويهيء لمجيئه الثاني أو ليقدم ذلك آحقيقة قائمة في تلك ح .][73]النفوس التي تريد أن تتقبل آلمة اهللا الواقف على الباب يقرع ويطلب أن يدخل فيها

والتعليم الناموس. 3

شرور األمم مؤآدا حاجتهم لنعمة اهللا األصحاح السابقعرض الرسول بولس في أما في هذا األصحاح فإذ يوجه الحديث . المجانية لكي تسندهم وتدخل بهم إلى خالص اهللا

فإن . لليهود يكشف لهم أنهم أآثر احتياجا إلى النعمة اإللهية من األمم، إن صح هذا التعبيراآلخرين ال في توبتهم، وعوض الناموس الذي وهب لهم لمعاونتهم استخدموه في إدانة

العمل به اآتفوا باالستماع إليه، األمر الذي جعل بعض األمميين المجاهدين داخليا في ممارسة الحياة النقية يسبقونهم، إذ فعلوا خالل الطبيعة والمنطق بما هو في الناموس،

الناموس فظهر الناموس مكتوبا في قلوبهم وضميرهم وأفكارهم، بينما بقي أصحاب واآلن لكي يوضح الرسول بشاعة . يسمعون له بآذانهم دون قلوبهم أو سرائرهم الداخلية

ما بلغ إليه اليهود، يعلن أنهم عوض أن يكرزوا بالناموس حيا في حياتهم، صاروا معلمين بين حسبوا أنفسهم قادة الفكر الروحي، ونورا للعالم، ومهذ. به بالكالم ومقاومين له بالعمل

Page 50: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

50  

لألغبياء، ومعلمين لألطفال، لهم صورة العلم والحق في الناموس، بينما تقدم حياتهم .وسلوآهم خالف هذا تماما

:ويالحظ في هذا الحديث اآلتي

أن الرسول بولس يستخدم أسلوبا يناسبهم آأناس يوحنا الذهبي الفم القديسيرى :أولايدعون العلم والمعرفة، ويقيمون أنفسهم آمعلمين للعالم، يتهكمون بالكل ويسخرون بهم،

:إذ يقول

" وتفتخر باهللا"، "هوذا أنت تسمى يهوديا"، إنما "هوذا أنت يهودي: "إنه ال يقول[يخيل إلي أنه هنا يسخر . ق جميع الناس، أي تظن أنك محبوب لدى اهللا، ومكرم فو]17[

برفق بقلة منطقهم، وجنون شهوتهم وراء المجد، إذ أساءوا استخدام هذه العطية، فعوض آما .. . استخدامها آوسيلة لخالصهم جعلوها علة للتشامخ على اآلخرين واالزدراء بهم

" تثق أنك قائد"بل " أنت قائد: "، وهنا أيضا ال يقول"تثق أنك قائد للعميان": يقوليستخدم معهم ذات الكلمات . بمعنى أنك تنتفخ، وهذا ألن آبرياء اليهود آان متشامخا جدا

في ": اسمعوا ما يقولونه في اإلنجيل. المتداولة بينهم، والتي آانوا يرددونها في زهوهمبهذا االستخفاف المتعالي آانوا ). 34: 9يو" (الخطية ولدت أنت بجملتك وأنت تعلمنا

.][74]يتطلعون إلى جميع الناس

قائد للعميان، ونور للذين في الظلمة، ومهذب ": يستخدم الرسول ذات آلماتهم[. ، األلفاظ التي آان اليهود يطلقونها على من يتتلمذون لهم"لألغبياء، ومعلم لألطفال

يدرآوا أن ما زعموه ميزة يفتخرون به هو علة دينونتهم تكراره هنا للعبارات هدفه أن .][75]باألآثر

إن آان يليق بالمعلم الروحي أن يكون بالحق قائدا للعميان، ونورا للذين في الظلمة، : ثانياومهذبا لألغنياء، ومعلما لألطفال، لكنه ال يمارس هذا بذاته، بل باهللا نفسه الذي يعمل في

إلى قلوب المخدومين فيقودها بنفسه ويضيء في داخلها ويهذبها ويدربها خدامه، إذ يدخلوقد جاء السيد المسيح متجسدا ليقوم بهذا الدور التربوي الروحي، ال . آأطفال صغار

.خالل تقديم وصايا فحسب، وإنما بتغيير القلب وتجديده على الدوام

.[76]لكي يهب حكمة لألغنياءمعلم األطفال الكامل صار طفلا بين األطفال *

آيرلس األورشليمي القديس

Page 51: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

51  

ال يقف الرسول عند استخدام تعبيراتهم ذاتها لتوبيخهم، ألنهم احتلوا مرآز المعلمين : ثالثاللعالم الوثني وهم ال يمارسون شيئا مما يعلمون به، وإنما انتقل بهم إلى اتهامهم أنهم

فأنت إذن الذي تعلم ": إذ يقول. يهينون اهللا نفسه الذي يظنون أنهم يعلمون اآلخرين عنهست تعلم نفسك؟ الذي تكرز أال يسرق، أتسرق؟ الذي تقول أن ال يزنى، أتزني؟ غيرك، أل

الذي تستكره األوثان، أتسرق الهياآل؟ الذي تفتخر بالناموس، أبتعدي الناموس تهين ].23-21[" اهللا؟

اهتم معلمو اليهود بالوعظ دون الحياة، ففقدت الكلمة قوتها، لهذا يحث الرسول بولس آن قدوة للمؤمنين في الكالم، في التصرف، في المحبة، في ": اوس األسقفتلميذه تيموث

... الروح، في اإليمان، في الطهارة، إلى أن أجيء أعكف على القراءة والوعظ والتعليمالحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك، ألنك إذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك

).16، 13-12: 4تي 1"(أيضا

.من يقوم بدور قيادي يلزم أن يكون أآثر بهاء من أي آوآب منير *

يوحنا الذهبي الفم القديس

ال يقف األمر عند إهانتهم هللا خالل تعليمهم بشيء وسلوآهم بآخر، وإنما يستند : رابعاألن اسم اهللا يجدف عليه بسببكم بين ": الرسول إلى األنبياء ليكيل لهم اتهاما جديدا

).24: 12صم 2؛ 23، 20: 36؛ حز5: 52إش( ]24[ "األمم

اليهود ال يتوقحون على اهللا فحسب، بل يدفعون : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول .][77]يدفعونهم إلى التجديف..اآلخرين على ذلك

ليتقدس ": ولكي ال نسقط نحن في ذات هذا الخطأ علمنا ربنا يسوع أن نصلي قائلين .ال يوجد حل وسط إما أن يتقدس اسم اهللا فينا، أو يجدف عليه بسببنا، فإنه "اسمك

لذلك نصلي ... اسم اهللا قدوس بطبيعته، قلنا أو لم نقل، لكنه أحيانا يتدنس بين الخطاة *أن يتقدس اسم اهللا، ال بأن يصير مقدسا آما لو آان غير مقدس، وإنما أن يتقدس فينا

.[78]ونعمل ما يليق بالقداسةعندما نتقدس نحن

آيرلس األورشليمي القديس

Page 52: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

52  

ما هي غاية اليهودي في تعليمه األممي؟ أن ينزعه من الغرلة لينقله إلى أهل : خامساهذا الهدف يحققه اليهودي لكن . الختان، ومن إنسان بال ناموس إلى إنسان تحت الناموس

بولس آاشفا عن نوعين من الختان، ونوعين هذا ما أعلنه الرسول . في شكلية بال روحفاليهودي يهتم بنزع غرلة الجسد ال الروح، . من الغرلة، وأيضا نوعين من الناموس

هكذا . وممارسة ختان الجسد ال الروح واالستماع للناموس والفخر به دون الحياة به عملياروح، وأيضا بالنسبة للختان، يميز الرسول بين الغرلة حسب الجسد، والغرلة حسب ال

فاليهودي يهتم بالجسد والمظهر الخارجي في حياته . وبين االستماع للناموس وممارسته :وأيضا في تعليمه لألممي، لذلك يقول

فإن الختان ينفع أن عملت بالناموس،"

.ولكن أن آنت متعديا الناموس فقد صار ختانك غرلة

ام الناموس، أفما تحسب غرلته ختانا؟إذا إن آان األغرل يحفظ أحك

وتكون الغرلة التي من الطبيعة وهي تكمل الناموس

تدينك أنت الذي في الكتاب والختان تتعدى الناموس؟

ألن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا، وال الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا،

بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي،

قلب بالروح ال بالكتاب هو الختان،وختان ال

].29-25" [الذي مدحه ليس من الناس بل من اهللا

:ويالحظ في هذا النص الرسولي اآلتي

أن الرسول يشبه قاضيا يريد أن يصدر حكما [79]يوحنا الذهبي الفم القديسيري . أعلى أشخاص ذوي رتب، فكان يليق به أولا أن يجردهم من رتبهم، وعندئذ يحكم عليهم، هكذا جرد الرسول اليهود من ميزاتهم إذ آشف عن حقيقة أمرهم أنهم غير مختونين

ة رغم ختانهم بالروح، وال متمتعين بالناموس روحيا، إنما يعيشون في غرلة روحي .بالجسد، هكذا جردهم لكي يعلن دينونتهم

Page 53: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

53  

بهذا لم يقلل الرسول من شأن الختان، وال أعطى للغرلة فوزا على الختان، إنما أوضح أن مختون الجسد قد يكون في غرلة من جهة الروح، وأيضا من في غرلة الجسد قد يكون

!ح الختان غرلة، والغرلة ختانامختونا في الداخل روحيا، وهكذا قد يصب

ليته ال يكون هكذا، ) الرسول(آيف يصير اإلنسان في غرلة بعد أن يختتن؟ يقول *ليته ال يعيش آما لو آان أغلف، أي آما لو آان قد اآتسى مرة أخرى باللحم الذي قطع

.[80]منه، فلم يعد يهوديا

أغسطينوس القديس

).18: 7آو 1( "دعي أحد وهو مختون فال يصر أغلف": يتفق هذا مع قوله *

لقد آان يهوديا ودعي مختونا، فليته ال يشاء أن يصير أغلف، أي ال يعيش آمن هو ليس .[81]مختونا

أغسطينوس القديس

ب عندما يخطئ اليهودي يصير ختانه غرلة، وعندما يعمل األممي باستقامة تحس *فاألمور التي يظن أنها طاهرة تحسب دنسة بالنسبة لمن ال يستخدمها . غرلته ختانا

.[82]بلياقة

أوريجينوس العالمة

لقد سبق فتحدث إرميا النبي بوضوح عن ختان القلب واألذن،األمر الذي نرجو أن نعود .إليه في تفسيرنا لسفر إرميا إن شاء الرب

في تعليقاته على إنجيل متى أن هذا النص الرسولي يود أن العالمة أوريجينوسيرى . بيوضح أن اليهودي الحقيقي، ليس حسب الجنس، وإنما بالروح آرجل اهللا، هو ذاك الذي

جاءت منتسبة ليهوذا بن يعقوب، لكنها " يهود"ينتسب للسيد المسيح، إذ يقول أن آلمة هذا هو اليهودي في . ط يهوذاسباآلن بالروح تخص من ينتسب لذاك الذي تجسد من

.الخفاء الذي له ختان القلب بالروح

ما هو إسرائيل اليوم؟ يجيب : اآلن أسأل: [)الكبير(البابا غريغوريوس بنفس المعني يقول الذين يسلكون بالروح ال بالحرف، يسلكون في ناموس المسيح، هم إسرائيل : الرسول

.] [83]اهللا

Page 54: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

54  

الذي مدحه ليس من الناس بل من ": أما سمة اليهودي الروحي أو إسرائيل الجديد فهيلست أمنعك من شهوة المجد، إنما : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول ].29[" اهللا

لنكن أنقياء في الخفاء، ال أن نتثقل باالستعراضات ... أريك المجد الحقيقي النابع عن اهللالنخلع باألحرى ثياب الحمالن، ولنكن بالحقيقة حمالن، ليس شيء أتفه . اءوالمظاهر والري

أن رأيت أطفالا صغارا رضع، فهل تشتهي مجدا منهم؟ هذا هو . من المجد البشري ".][84]المجد الباطل"الحادث بالنسبة لكل البشر بخصوص المجد، لهذا دعي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 55: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

55  

3 الرسالة إلى أهل رومية

للخالص حاجة الكلإلى هذا األصحاح ليعلن أنه وإن اختلفت اانتهىبعد عرض الرسول لعالقة البشرية باهللا

خطايا البشر عن بعضهم البعض، لكن النتيجة واحدة، وهي سقوط الكل تحت نير بمعنى آخر جاء هذا . الخطية، أي إعالن أن الكل غير بار ويحتاج إلى تبرير حقيقي فعال

.إلى من يبررهااألصحاح أشبه بحكم عام على البشرية آلها أنها بال بر حقيقي، في عوز

عدم أمانتنا مع أمانة اهللا: االتهام. 1

إنها بال بر، أي بال أمانة في قبول وعد اهللا لها، بالرغم من : االتهام الموجه للبشرية آلهاهذا االتهام قد . بر اهللا في وعده لها؛ في هذا يشترك اليهودي مع األممي، ويتساوى الكل

تهينا بما نالوه من امتيازات، لذلك جاء االتهام مفصلا يسيء اليهود فهمه فيحسبونه مس :بطريقة الئقة ال تجرح مشاعرهم، يمكن تلخيصه في النقاط التالية

، واليهودي آسر الناموس )1ص (أن آان األممي قد آسر الناموس الطبيعي فهلك :أولاالمكتوب واستهان بالختان الروحي فسقط في دينونة أآثر مرارة من التي يسقط تحتها األممي، فما الحاجة إذن الختيار اهللا لشعبه؟ وتقديمه عهد الختان والناموس المكتوب؟ هذا

رسول بولس في نهاية حديثه عن ما بلغ إليه األممي هو التساؤل الذي وضعه الواليهودي، ولئال يظن القارئ أن بولس الرسول يستهين بنعم اهللا وعطاياه في العهد القديم،

:لذلك يقول الرسول

إذا ما هو فضل اليهودي؟ أو ما هو نفع الختان؟"

.آثير على آل وجه، أما أولا فألنهم أستؤمنوا على أقوال اهللا

فماذا إن آان قوم لم يكونوا أمناء؟ أفلعل عدم أمانتهم يبطل أمانة اهللا؟

حاشا، بل ليكن اهللا صادقا وآل إنسان آاذبا،

لكي تتبرر في آالمك،: آما هو مكتوب

Page 56: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

56  

.]4-1["وتغلب متى حوآمت

خشي الرسول أن يساء فهم حديثه السابق، فيظنه البعض أنه يقلل من شأن معامالت اهللا شعبه، خاصة تقديمه ناموسه آعطية يؤتمنوا عليها، أو اختيارهم آشعب مقدس له، أو مع

لذلك أسرع ليؤآد أن العيب ال في العطية .دخوله في عهد معهم مقدما الختان عالمة عهدبمعني آخر، إنه ينتقد تصرف اليهود . وال في العاطي، وإنما في عدم أمانة من تسلمها

عم اهللا في ذاتها، فإن اهللا في أمانته قدم عطايا إلهية ونعم مجانية مقدسة، نحو نعم اهللا ال ن .لكن اإلنسان في غير أمانة أساء استخدامها، وأفسد عملها في حياته

:على عبارات الرسول هذه، قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

عي الشعب؟ ولماذا أقيم عهد إن آان المقصود هو أن آل هذه األشياء بال قيمة، فلماذا د[ الختان؟

ماذا يفعل الرسول هنا؟ وآيف يحل هذه المشكلة؟

يحلها بنفس الطريقة التي سبق فاتبعها، إذ تغني بهبات اهللا ال بفضل اليهود، فبكونهم يهودا عرفوا إرادة اهللا، وأدرآوا األمور األسمى، ذلك ليس بفضل عملهم الذاتي، إنما هو عمل

لم يصنع هكذا بإحدى األمم وأحكامه لم ": وآما قال المرتل في المزمور. نعمة اهللاهل جرى مثل هذا األمر العظيم؟ أو هل سمع ": وآما أعلن موسى بسؤاله". يعرفوها

: 4تث (" نظيره؟ هل سمع شعب صوت اهللا يتكلم من وسط النار آما سمعت أنت وعاش؟ذات الوسيلة إذ قال بأن الختان ذو نفع إن أقترن هذا ما يفعله بولس هنا، إذ اتبع). 32-33

إن آنت متعديا : ولم يقل أن الختان بال نفع، لذلك تساءل) 25: 2رو (بفعل الصالح يا من أختتنت صار ختانك : آأنه يقول). 25: 2رو (الناموس فقد صار ختانك غرلة

لهذا يطيح باألشخاص ويؤيد .يا من اختتنت ختانك بال نفع على اإلطالق: غرلة، ولم يقلما هو فضل اليهودي؟ لم يجب بالنفي، بل أآد : الناموس؛ هذا ما يفعله هنا إذ بعدما تساءل

.فضله ليعود فيدحضهم موضحا عقوبتهم خالل الميزات التي نالوها

؟أو ما هو نفع الختان: أردف السؤال بسؤال، قائلا

آل وجه، أما أولا فألنهم أستؤمنوا على أقوال آثير على: "ويجيب على السؤالين، قائلا ".اهللا

Page 57: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

57  

.ترون إذن أنه في آل مناسبة يعدد نعم اهللا ال أفضال اليهود

؟ معناها أن الناموس قد وضع بين أيديهم، ألن اهللا جعل لهم قيمة "استؤمنوا: "ما معنيهم، إذ يهدف إلى بقوله هذا يقيم شكوى ضد. فأقامهم أمناء على أقواله التي نزلت من فوق

.إظهار نكرانهم للفضل بالرغم من المزايا التي وهبت لهم

فماذا إن آان قوم لم يكونوا أمناء، أفلعل عدم أمانتهم تبطل أمانة اهللا؟ : "يستطرد فيقول .]4-3[" حاشا

ما : رب معترض يتساءل: الحظوا هنا آيف يبرز االتهام في شكل اعتراض، وآأنه يقولإذا ما داموا قد أساءوا استخدامه؟ وهو ال يقف هنا موقف المشتكي العنيف، نفع الختان

إنما موقف من يلتزم بتبرير اهللا من الشكاوى الثائرة ضده، فيحولها من ضد اهللا إلى ضد لماذا تتذمرون من أن البعض لم يؤمنوا؟ آيف يؤثر هذا في اهللا من جهة : يقول لهم. اليهود

خدميها يغير من طبيعتها؟ أو يجعل من األمر المكرم هوانا؟ هذا عطاياه، فهل نكران مست: ، وآأنه يقول"حاشا: "يجيبهم "أفلعل عدم أمانتهم يبطل أمانة اهللا؟": هو معنى تساؤله

لقد أآرمت فالنا، فلم يقبل إآرامي، فهل يحسب عدم قبوله اإلآرام علة شكوى ضدي؟ أو ؟...يقلل هذا من إآرامي

إذن آيف وضعهم الرسول في قفص االتهام خالل ذات األمور التي ينتفخون تأملوالقد عمل اهللا ما في وسعه، أما هم فلم يعرفوا أن ينتفعوا بأعماله معهم، إذ يردد قول ...! بها

".][85]لكي تتبرر في آالمك وتغلب متى حوآمت": المرتل في المزمور

]3[" إن آان قوم": الكل بعدم األمانة، بل قال انظروا إلى خطة بولس فإنه لم يتهم[هؤالء آانوا غير أمناء، وهكذا يبدو الرسول غير قاس في اتهاماته حتى ال يظهر

.][86]آعدو

هكذا لم يحقر الرسول من العطايا اإللهية سواء بالنسبة للختان آعالمة للعهد اإللهي إن إنما يهاجم عدم أمانة اإلنسان، األمر الذي ال فهم روحيا وأيضا لعطية األقوال اإللهية،

.يبطل أمانة اهللا

لم يتجاهل رجال العهد الجديد عطايا اهللا لرجال العهد القديم، خاصة أقوال اهللا، ففي الذي قبل أقوالا حية ": خطاب الشماس استفانوس جاء حديثه عن موسى النبي هكذا

).38: 7أع (" ليعطينا إياها

Page 58: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

58  

اهللا أقوالا حية تحمل المواعيد اإللهية، لكن قابل اإلنسان الحب بالجمود، في حب قدم فعصى أقوال اهللا، وتجاهل حفظها روحيا وعمليا بالرغم من افتخاره بها، وتمسكه بحفظها

.ومع هذا يبقي اهللا أمينا في تحقيق ما وعد به. في حرفيتها

لواردة في أقواله خاصة ما جاء برفضه وعود اهللا ا" الحق"رفض اإلنسان اليهودي .بالنسبة للمسيا المخلص، فحسب آاذبا، أما اهللا فيبقي صادقا يحقق ما وعد به

" ليكن اهللا صادقا وآل إنسان آاذبا: "تفسيرا روحيا لعبارة القديس جيرومهذا ويقدم لنا الذاتية، إنما يعيش بالكذب، ، معلنا أنه ما دام اإلنسان يسلك بفكره وإمكانياته البشرية ]4[

وحمل سماته ويحسب ابنا هللا، ينعم بالحق فيه، فيكون باهللا " الحق"لكنه متى التقى باهللا يصير اإلنسان بالقداسة إلها، بهذا يكف عن أن يكون إنسانا ينطق : [صادقا، إذ يقول

.][87]بالكذب

نا أن نيأس حين نرى البعض خالل ذات العبارة أنه ال يليق ب القديس آبريانوسويرى ينحرف عن اإليمان أن ينكره، إنما آرجال اهللا نتشدد ونسلك بالحق، حتى وإن سلك

:آثيرون بالكذب، فمن آلماته

إن آان آل إنسان آاذبا واهللا وحده صادق يليق بنا نحن خدام اهللا، خاصة الكهنة، ماذا [ر في حق اهللا، ونحفظ وصايا نفعل سوى أن ننسى األخطاء البشرية والكذب، ونستم

]![88]الرب

اختار الرب يهوذا من بين الرسل، وقد خان يهوذا الرب، فهل ضعف إيمان الرسل أو [وهن ثباتهم ألن يهوذا الخائن قد فشل في تبعيتهم؟ هكذا فإن قداسة الشهداء وآرامتهم ال

.][89]تنقصان ألن إيمان البعض قد تحطم

نضطرب حين يهلك األشرار خارج الكنيسة، وال يضعف إيماننا ينصحنا بولس أيضا أال[فمن جانبنا يلزمنا أن نجاهد أال يهلك أحد تارآا الكنيسة بسبب ... بمفارقة غير المؤمنين لنا

خطأ ارتكبناه، لكن أن هلك أحد بإرادته وخطيته وال يود العودة أو التوبة والرجوع إلى الدين، مادمنا آنا مهتمين بإصالحه، إنما يسقط هو وحده الكنيسة، فإننا ال نالم في يوم

.][90]تحت الدينونة لرفضه العالج بنصيحتنا الصالحة

بموريتانيا ذات الفكر قائلا أنه يلزم أال Bobba يوبا األب بوالس أسقفويقدم لنا .[91]الكنيسة نضطرب حين يرفض إنسان إيمان

Page 59: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

59  

أن الكذب هنا يعني الفراغ، والصدق أو الحق يعني الملء، إذ القديس أغسطينوسيرى : أن أراد أحد أن يمتلئ فليذهب إلى ذاك الذي هو الملء. اهللا الملء واإلنسان فارغ: [يقول

فإن آان اإلنسان آاذبا، فهو بهذا فارغ يطلب ). 5: 34راجع مز" (تعالوا إلى واستنيروا" .][92]الينبوع ليمتليءأن يمتلئ، فيجري بسرعة وغيرة نحو

: عندما يعيش إنسان حسب الحق يعيش ال حسب نفسه بل حسب اهللا القائل: [يقول أيضافبالتأآيد ،من يحيا حسب نفسه، أي حسب اإلنسان ال اهللا). 6: 14يو " (أنا هو الحق"

يعيش حسب الكذب، ليس ألن اإلنسان نفسه آذب إذ اهللا موجده وخالقه، وهو بالتأآيد ليس موجدا للكذب وال خالق له، إنما ألن اإلنسان الذي خلق مستقيما لكي يحيا حسب اهللا خالقه

به، ال حسب نفسه، أي يتمم إرادة اهللا ال إرادته الذاتية، صار يعيش بغير ما خلق ليعيش .][93]لذلك لم يقل أن آل خطية هي آذب باطلا... وهذا هو الكذب

ما نفع برآات اهللا ونعمه على اليهودي، إن : إذ عالج الرسول المشكلة األولي وهي: ثانياآان اليهودي قد أساء استخدامها، فصارت البرآات وهي مقدسة ومبارآة علة عقوبة

ر الرسول أن بعضا منهم آانوا غير أمناء، لكن يبقي أعظم لمن أساء استخدامها؟ إذ أظهاهللا أمينا بالرغم من عدم أمانتهم، وأنه ال يليق أن نشين آرامة واهب النعم، إن أساء الذين

اآلن يعالج الرسول مشكلة أخرى مشابهة لألولى ومكملة لها، وهي آما . قبلوها استخدامهاحيث " :نيين قد استهانوا بكلمات الرسول بولسأن الوث يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

فحسبوا أن النتيجة الطبيعية لذلك هي أننا نخطيء ... "آثرت الخطية ازدادت النعمة جدا .لكي تزداد النعمة، أو بمعنى آخر لنكن غير أمناء فتتجلي أمانة اهللا

هللا الذي يجلب ألعل ا: ولكن إن آان إثمنا يبين بر اهللا، فماذا نقول: "يقول الرسولحاشا، فكيف يدين اهللا العالم إذ ذاك؟ فإنه أن آان : الغضب ظالم؟ أتكلم بحسب اإلنسان

صدق اهللا قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أدان أنا بعد آخاطئ؟ أما آان يفتري علينا، وآما .]8-5[ " لنفعل السيئات لكي تأتي الخيرات، الذين دينونتهم عادلة: يزعم قوم أننا نقول

:نستخلص من هذا النص اآلتي

ال يتوقف عدو الخير عن محاربة خدمة السيد المسيح بكل طرق، فإن آان اليهود . أيهاجمون الكرازة بدعوى أن الرسول بولس يهين الناموس ويستخف بالختان، ويقاوم أمة

حاسبينه أنه ينادي اليهود، فإن األمم من جانبهم أيضا يقاومون هذا العمل بإساءة فهمه، بفعل السيئات لكي تأتي الخيرات، وآأن الشر هو علة الخير، وعدم أمانتنا هو مجد ألمانة

Page 60: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

60  

لذا إذ يعلن الرسول عن سقوط العالم آله في الشر، . اهللا، وهذا بال شك افتراء آاذبرا أن هذا ليتحدث عن حاجة الجميع إلى المخلص، يوضح أنه ال ينادي بما أتهم به، مظه

إما أن يكون اهللا غير عادل، ألنه يجازي اإلنسان على شره : القول يستلزم أحد أمرينوعدم أمانته، وهو علة نصرة اهللا ومجده، أو أنه إن لم يعاقبنا تقوم نصرته على رذائلنا،

.وآال األمران ممقوتان عند الرسول

شرنا بإعالن بره وحبه للخطاة ال يعفي يود الرسول تأآيد أن اهللا الذي يتمجد حتى في. بفقد اعتاد اإلنسان منذ بدء سقوطه أن يلقي باللوم . اإلنسان من مسئوليته عن ارتكابه لإلثم

، )12: 3تك(على غيره، آما فعل آدم الذي ألقى باللوم على المرأة التي جعلها اهللا معه .وآما فعلت حواء التي ألقت باللوم على الحية

وآأنه إذ يلتزم بتقديم هذا االعتراض الذي ]5["أتكلم بحسب اإلنسان": لرسوليقول ايخطر على فكر البعض، إنما يتكلم آإنسان متكابر على اهللا، إذ ينسب هللا الظلم في إدانته

". بر اهللا"لإلنسان األثيم ويفتح الباب لإلنسان أن يتمادى في ارتكاب اآلثام بحجة إعالن رسالة تؤآد أن بر اهللا وأمانته في مواعيده وفيض نعمته على الخطاة لهذا جاءت هذه ال

النعمة؟ حاشا، نحن الذين أنبقى في الخطية لكي تكثر": ليست فرصة للشر، إذ يقول ).2- 1: 6رو( "متنا عن الخطية آيف نعيش بعد فيها؟

بين أيدينا العبارات الرسولية التي على [94]القديس إآليمنضس السكندرييعلق . جموضحا أن اهللا يوقع العقوبة ليس عن انفعال، إنما لتحقيق العدالة، فيختار األثيم لنفسه أن

.يسقط تحت العقوبة بكامل حريته، هو الملوم ال اهللا

الكل بال بر :علة االتهام. 2

أهل اآلن بعد أن رد على اليهود الذين اتهموا الرسول أنه يستخف بعطايا اهللا لهم آيهودالختان وأصحاب الناموس، آما رد على األمميين الذين حسبوه ينادي بفعل الشر لكي يجلب الخير، بدأ يؤآد من جديد فساد البشرية آلها ليعلن حاجة الكل إلى طريق واحد

:للخالص، هو التمتع ببر المسيح خالل اإليمان بفدائه، إذ يقول

. تةفماذا إذا، أنحن أفضل؟ آال الب"

.ألننا قد شكونا أن اليهود واليونانيين أجمعين تحت الخطية

Page 61: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

61  

.أنه ليس بار وال واحد، ليس من يفهم، ليس من يطلب اهللا: آما هو مكتوب

.الجميع زاغوا وفسدوا معا، ليس من يعمل صالحا ليس وال واحد

.حنجرتهم قبر مفتوح، بألسنتهم قد مكروا

.مملوء لعنة ومرارة سم األصالل تحت شفاههم، وفمهم

.أرجلهم سريعة إلى سفك الدم، في طرقهم اغتصاب وسحق، وطريق السالم لم يعرفوه

.]18-9" [ليس خوف اهللا قدام عيونهم

اآلن إذ يعلن فساد البشرية آلها يلجأ إلى رجال العهد القديم ليقتطف آلماتهم التي تؤآد :ذلك

الترجمة 2: 14مز" (ليس من يفهم، ليس من يطلب اهللا": يلجأ إلى داود النبي القائلفإذ أخطأ الكل في !" هل من فاهم طالب اهللا": ، وقد جاءت الترجمة العبرية)السبعينية

حق اهللا، انطمست عيون أذهانهم، فلم تعد تستطيع أن تراه، وال أن تدرك أسراره اإللهية، اهللا، وأصبح هاربا من وجهه ال يقدر آآدم الذي أخطأ، فصار غير قادر على إدراك محبة

لكن هل ينطبق هذا على اليهود الذين صارت لهم معرفة اهللا بالناموس، . أن يطلبهليس من يفهم، ليس ": ويطلبونه خالل طقوسهم وعبادتهم غير المنقطعة؟ يجيب المرتل

ستطع ، غير مميز اليهودي عن األممي، ألن اليهودي في حرفيته لم ي"من يطلب اهللاإدراك أعماق الناموس وغايته اإللهية آما تحولت الطقوس إلى شكليات ال تمس القلب

.ليدرك اهللا ويعاينه

الجميع زاغوا وفسدوا معا، ليس من يعمل صالحا ليس وال : "ويقتطف من نفس المزمور بال تمييز بين يهودي أو أممي إذ لم" الجميع"مرة أخرى يؤآد أن ). 3: 14مز" (واحد

آلنا آغنم : " هذا أيضا ما يعلنه إشعياء النبي القائل. يفهموا، ولم يعد للصالح موضع فيهم ).6: 53إش" (إلى طريقه ضللنا ملنا آل واحد

بعد أن تحدث عن فساد الكل بوجه عام بدأ يعلن فساد اإلنسان في آليته، فتحولت الحنجرة تانة، وانشغل اللسان بالمكر، وتحولت تخرج رائحة موت ون) 9: 5مز (إلى قبر مفتوح

: 10مز (، وفمهم ينبوع لعنة ومرارة )3: 140مز(الشفاه إلى مخزن خفي لسم األصالل ال تعرف طريق السالم، بل ) 16: 1؛ أم7: 59إش (، وأرجلهم تسرع إلى سفك الدم )7

Page 62: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

62  

اهللا أمام طريق السحق والمشقة، أما أعماقهم ففقدت البصيرة الداخلية، فلم يعد خوفوآأن الفساد قد دب في حياة اإلنسان الداخلية، آما في أعضائه ). 1: 36مز(عيونهم .الظاهرة

إلى تبرير عام دينونة الكل، والحاجة: الحكم. 3

إن آان الذين بال ناموس مكتوب قد سقطوا تحت الهالك، والذين تحت الناموس قد يقدم لنا الرسول بولس العالج معلنا الحاجة صاروا تحت الدينونة، فكيف يمكن الخالص؟

ويالحظ في . إلى المخلص الذي يقدم حياته فدية عن العالم آله، واهبا البر اإللهي لمؤمنيه :هذا العالج اآلتي

وآما يقول . ]21[" وأما اآلن فقد ظهر بر اهللا بدون الناموس": يقول الرسول :أولامظهرا مدي " بر اهللا"، إنما يصفه "البر"يكتفي بقوله ال: [يوحنا الذهبي الفم القديس

.]النعمة وعظمة الوعد مادام اهللا هو مصدرهما

إن آان اإلنسان قد فشل في نوال البر خالل الناموس الطبيعي أو الناموس المكتوب، إذ ي بال خطية، ظهر آاسرا للناموس، فإن اهللا قدم بره لنا، باتحادنا مع اآلب في ابنه البار الذ

فالبرالذي صار لنا ليس وليد جهادنا .نحمله في داخلنا، ويحملنا هو فيه، فنحسب به أبراراالذاتي وال طاعتنا الذاتية، إنما هو ثمرة عمل روحه القدوس الذي يهبنا الشرآة مع اآلب

.في ابنه، فنحمل سمات االبن فينا، ويصير بره برا لنا

صارت الحاجة إلى بر اهللا، األمر الذي تحدث عنه اهللا " البر" بمعني آخر إذ فقد الكل :بلسان النبي إشعياء

اسمعوا لي يا أشداء القلوب البعيدين عن البر، قد قربت بري، ال يبعد، وخالصي ال " ).13-12: 46إش " (يتأخر

أما ... صأما خالصي فإلى األبد يكون، وبري ال ينتق... قريب بري، قد برز خالصي" ).5،8: 51إش" (بري فإلى األبد يكون، وخالصي إلى دور األدوار

).1: 56إش" (احفظوا الحق واجروا العدل، ألنه قريب مجيء خالصي واستعالن بري"

Page 63: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

63  

يعلن أن هذا البر اإللهي ليس جديدا، إنما " قدم بر اهللا"وليس ". ظهر بر اهللا: "بقوله: ثانيامشهودا له من ": د أن يقدمه لنا، إنما في الوقت المعين، لذا يقولهو في ذهن اهللا يوال : يود أن يقول لهم: [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . "الناموس واألنبياء

ألن الناموس واألنبياء أشاروا إليه منذ ... تضطربوا ألنكم لم تنالوا قبل اآلن، وال تفزعوا .] [95]القديم

ي أنبأ اهللا به على أفواه األنبياء، أعلنه في ابنه يسوع المسيح البار لحسابنا، إذ هذا البر الذ" بر اهللا باإليمان بيسوع المسيح، إلى آل وعلي الذين يؤمنون، ألنه ال فرق": يقول

أشار األنبياء على البر من بعيد، أما المسيح فهو وحده جاء نائبا عنا لكي إذ يحمل . ]22[هذا ما أعلنه السيد في صالته . فيهن ينعمون ببر اآلب الذي هو أيضا بر االبنالمؤمنين أنا مجدتك على األرض، العمل الذي أعطيتني ألعمل قد أآملته، واآلن مجدني : "الوداعية

هذا ). 5-4: 17يو ( "أنت أيها اآلب عند ذاتك بالمجد الذي آان لي عندك قبل آون العالمله، يحمله اآلن وهو في الجسد آبر إلهي، ليكون لنا برا نعيشه المجد األزلي الذي

).10: 51، 16: 33، 6: 23إر( "الرب برنا": ونمارسه، فنقول

، جاء حكما جامعا ]24[" إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد اهللا": جاء الحكم: ثالثا .وشاملا لليهود ولألمم

: 1تي 1( "أول الخطاة"بل ويحسب نفسه في موضع آخر يضم الرسول نفسه بين الخطاةفكيف ). 6: 3في" (من جهة البر الذي في الناموس بال لوم: "، بينما نجده أيضا يقول)15

يحسب نفسه أول الخطاة وفي نفس الوقت بال لوم من جهة البر الذي في الناموس؟ يجيب ين يتبررون في الناموس أنه بالنسبة لبر اهللا يحسب حتى الذ يوحنا الذهبي الفم القديسويشبه ذلك بإنسان جمع مالا وحسب نفسه غنيا لكنه متي قارن نفسه بالملوك ظهر . خطاة

بالمقارنة بالمالئكة يحسب حتى األبرار خطاة، فإن آان بولس . [فقيرا للغاية وأول الفقراءفسه الذي مارس البر الذي في الناموس هو أول الخطاة، فأي إنسان آخر يحسب ن

]؟[96]بارا

إذن ال يفتخر أحد . جاء المسيح للمرضي فوجد الكل هكذا: [القديس أغسطينوسيقول لقد وجد الجميع مرضى، لكنه وجد نوعين من ... بصحته لئال يتوقف الطبيب عن معالجته

القطيع المريض؛ نوع جاء إلى الطبيب، والتصق بالمسيح، وصار يسمعه ويكرمه ويتبعه ر ولم يدرك مرضه، هذا النوع قال أما النوع اآلخر فكان مفتتنا بمرض الش... فتغير

Page 64: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

64  

وقد أجابهم ذاك ). 11: 9مت( "لماذا يأآل معلمكم مع العشارين والخطاة؟": لتالميذه .]"[97]ال يحتاج األصحاء إلى طبيب بل المرضي": العارف لهم ولحالهم

، )7: 2يع" (من عثر في واحدة فقد صار مجرما في الكل": إن آان الرسول يعقوب يقولا لم يعثر في واحدة؟ إذن الكل يحتاج إلى الطبيب، إذ صاروا فاقدين للمجد فمن من ."أعوزهم مجد اهللا": الحقيقي

، لكن لألسف أرادوا أن يشبعوا "المجد "صارت البشرية آلها في حالة عوز وجوع إلى ). 43: 12يو (بمجد الناس ال اهللا

جرح اليهودي فاقدا المجد اإللهي ألن يبلغ الرسول إلى غاية حديثه، أال وهو وإن : رابعاالناموس صار فاضحا لخطاياه عوض أن يكون مبررا له وممجدا، لكنه يتمتع مع الكل بعمل المسيح الفدائي خالل الدم بخطة إلهية سبق فأعدها لتظهر في ملء األزمنة، إذ

قدمه اهللا آفارة متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي": يقول .]24[" باإليمان بدمه إلظهار بره

الحقيقي وسقطوا في الفساد " المجد"إن آان الحكم جماعيا بأن الكل بال استثناء قد فقدوا ، ال ألنه عالج رخيص، وإنما ألن "مجانا"الداخلي والخارجي، لكن الطبيب يقدم العالج

االبن، الذي بنعمته قدم حياته آفارة عنا إلظهار ثمنه ال يقدر، ال يستطيع أن يدفعه سوى : 22رؤ" (من يرد فليأخذ ماء الحياة مجانا": لذلك وقف السيد المسيح ينادي. بره فينا

.، أي ماء نعمته المجانية)17

عنا، وهو مبدأ سبق فهيأ له في العهد القديم، فقد هيأ اهللا "آفارة"لقد جاء السيد المسيح وقد أمر اهللا . ، أو آفارة عنه)13: 22تك(براهيم يصعده محرقة عوضا عن ابنه آبشا إل

، أما في العهد الجديد فيقول )11: 30خر (موسي أن يقدم آل واحد فدية نفسه للرب :الرسل

).2: 2يو 1" (هو آفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا آل العالم أيضا"

).10: 4يو 1" (ابنه آفارة لخطايانا هو أحبنا وأرسل"

).14: 1؛ آو7: 1أف" (بدمه غفران الخطايا) الكفارة(الذي لنا فيه الفداء "

Page 65: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

65  

بل بدم آريم آما من حمل بال عيب وال دنس دم ... عالمين أنكم افتديتم ال بأشياء تفنى" ).19: 1بط 1" (المسيح

يعلن أن بره ،]26[" يمان بيسوع المسيحليكون بارا، ويبرر من هو باإل: "بقوله: خامسامشجعا آل مؤمن ليتمتع يوحنا الذهبي الفم القديسلذلك يقول . سهل المنال، يمنح للجميع

وال تبتعد عن بر اهللا ألنه برآة سهلة المنال وممنوحة ... ال تتشكك إذن[ببر المسيح؛ ال تخجل وال تخزي، ألنه أن آان اهللا يعلن استعداده أن يفعل هذا لك، . للجميع بال استثناء

تمجد به بل ويفرح بذلك ويعتز، فكيف تغتم أنت وتخزى وتخفي وجهك خجلا مما ي ] [98]سيدك؟

هذا هو عمل اهللا القدوس وشهوة قلبه، أنه آقدوس يود أن يقدس الكل، وقادر على ذلك اهللا قدوس ويقدس، اهللا بار : [القديس أغسطينوسيقول . لكن ليس بدون إرادتنا

.] [99]ويبرر

بأعمال الناموس ينتهز الرسول هذه الفرصة ليعود فيؤآد أن بر المسيح ال يتحقق : سادسابأي ناموس؟ أبناموس األعمال؟ آال، بل . فأين االفتخار؟ قد انتفى: "بل باإليمان، قائلالو آان للناموس فاعلية : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . ]27[" بناموس اإليمان

إذ ، أما اآلن وقد جاء الفادي فإنه ال يطلب غير اإليمان، )الفادي(لظهرت قبل مجيء ومادام الكل قد سقطوا فقد جاء ليفتديهم بنعمته، وقد جاء . زالت الحاجة إلى عمل الناموس

فلو أنه جاء قبل ذلك ظنوا بأنه من الممكن أن يخلصوا بجهادهم الذاتي . اآلن لهذا السببآأنهم أشبه بإنسان صدر عليه الحكم باإلعدام، وبينما هو ...وصالحهم طوعا للناموس

لمشنقة صدر العفو الملكي لكنه توقح هذا اإلنسان مدعيا أنه خلص نفسه مساق إلى اآان األولي به أن ينطق بهذا وهو في الطريق إلى : بنفسه، أفال يسخر به اآلخرون، قائلين

هذا هو حال . المشنقة قبل صدور العفو، أما وقد شمله العفو الملكي فال مجال له لالفتخارألن . مع أنفسهم، وجاء المسيح يفديهم، نازعا عنهم سبيل االفتخاراليهود، إذ خانوا العهد

ذاك الذي وصف نفسه أنه معلم األطفال ومهذب األغبياء وله صورة العلم والحق في الناموس، وجد نفسه في حاجة إلى معلم ومخلص، تماما آالذين يدعي أنه يعلمهم، فكيف

][100]يفتخر بعد؟

آان الرسول يؤآد من وقت إلى آخر أنه ال خالص بأعمال الناموس الحرفية إن : سابعافإنه . لننعم ببر المسيح ]27[" بناموس اإليمان"آالختان والغساالت والتطهيرات، إنما

، بمعنى أن لإليمان شريعة أو قانون يلتزم به المؤمن، "ناموس"يؤآد أن لإليمان أيضا

Page 66: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

66  

فإن آنا باإليمان بالمسيح قد تحررنا من . ويش أو االستهتاروليس اإليمان حالة من التش، سالكين بروح الئق بالحياة "الحرية في المسيح"عبودية حرف الناموس، إنما لنعيش

لهذا . اإليمانية الخاضعة لقانون الحب أو ناموس السماء أو تدبير الروح الجاد المدققإذا نحسب اإلنسان يتبرر ": لسعلى حديث الرسول بو القديس أغسطينوسيعلق

توجد أعمال تبدو أنها صالحة، لكنها إذ : [، قائلا]28[ "باإليمان بدون أعمال الناموسهي خارج اإليمان بالمسيح فهي غير صالحة، ألنها ال تحقق غاية األعمال الصالحة،

دنا اهللا أن لهذا ال يري). 4: 10رو(" ألن غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن"نميز اإليمان عن األعمال، إنما نعلن اإليمان نفسه بكونه عملا، إذ اإليمان ذاته عامل

.][101] )6: 5غل (بالمحبة

إذ أوضح الرسول أن الخالص يتحقق خالل اإليمان بالمسيح يسوع دون أعمال : ثامناب اليهود أن يدخل الناموس الحرفية ليفتح الباب على مصراعيه لجميع األمم، استصع

وآما . ]29[؟ أم اهللا لليهود فقط: "األمم معهم على قدم المساواة، لذلك تساءل الرسولعلى أي أساس يبدو لكم تخطئة مبدأ خالص الجميع؟ : آأنما يقول لهم[ :الذهبي الفميعلق

ألنهم ال ألعل اهللا يحابي؟ وهكذا يوضح لهم أنهم باحتقارهم األمم إنما يهينون مجد اهللا، فإن آان إله الكل فإنه يعتني بالكل وبالتالي يخلص الكل بذات . يريدونه إله الجميع

.] [102]الطريق، أي طريق اإليمان

هو الذي سيبرر الختان باإليمان، "هكذا يجيب الرسول على اعتراضهم مظهرا أن اهللا القديس أنه يمطر محبته على الجميع ليبرر الكل، وآما يقول ... ]30[" والغرلة باإليمان

)45: 5مت (إنه يمطر نعمته اإللهية على األبرار والظالمين : [إآليمنضس السكندري[103] [.

أوضح الرسول أنه إذ يعلن فتح باب الخالص للجميع ال يستخف بالناموس، وإن : تاسعاأفنبطل الناموس ": جز عن تحقيق الخالص، إذ يقولآان الناموس بأعماله الحرفية يع

إنه يثبت الناموس، ال لكي يلزم األمم . ]30[ "باإليمان؟ حاشا، بل نثبت الناموسأنه هبة اهللا ليفضح شرنا، فنكشف حاجتنا . بأعمال الناموس، وإنما يثبته بتحقيق غايته

.آمالهاللخالص والمخلص، وقد جاء اإليمان يحقق هذه الغاية في

 

 

 

Page 67: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

67  

4 الرسالة إلى أهل رومية

اهللا اليهودي وبر 10-4األصحاحات

باإليمان العامل بالمحبة التبرير

سبق فأعلن الرسول أن األمم بال عذر ألن اهللا وهبهم الناموس الطبيعي، فإذا بهم يكسرونه فصاروا مقاومين للحق، عاملين ما هو. ال عن ضعف فحسب وإنما عن عمد وفي جسارة

اآلن يبدأ . ضد الطبيعة، مفسدين حتى أجسادهم، فرحين ومتهللين بالنفوس الساقطة معهميفند أيضا حجج اليهود ليؤآد أن البشرية آلها خاطئة وتستحق عقاب الموت، فصار الكل

إن آان اليهودي واألممي قد سقط آالهما تحت الموت، . متساويا في حاجته إلى من يبررهدهما على اآلخر أو يتمايز الواحد عن الثاني ألن األول لم يتبرر بناموس فهل يفتخر أح

موسى والثاني لم يتبرر بالناموس الطبيعي؟

:ترآزت حجج اليهود في ثالثة أمور هي

.اتكالهم على بنوتهم إلبراهيم أب اآلباء. 1

.اتكالهم على تسلمهم الشريعة أو الناموس الموسوي. 2

.تكالهم على أنهم شعب اهللا المختار دون سواهما. 3

وقد فند الرسول هذه الحجج ليعلن أن هذه األمور جميعها ال تقدر أن تبرر أحدا، وإنما في يهودا ويونانيين، أبناء إلبراهيم ال حسب الجسد، ،المسيح يسوع يصير جميع المؤمنين

وإنما خالل التمتع بإيمانه العملي، وينعم الكل ال بالناموس الموسوي في حرفيته، وإنما في التمتع بغايته أي االلتقاء مع المسيا مرآز الناموس وغايته، وأخيرا يدرك الكل أنهم

.مختارون في الرب أبناء اآلب

سول من حواره مع الفكر اليهودي إلى نتيجة هامة، أن البشرية آلها هكذا يخرج الرموضع اهتمام اهللا وحبه، حتى وإن اختلفت الوسائل التي قدمها لهم، وإنها قد سقطت

Page 68: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

68  

لكي يجده الكل في المسيح، يجده اليهودي المتنصر آما األممي بال " البر"بكاملها عن .تمييز أو محاباة

رلةالغ إبراهيم دعي في

أظهر الرسول بولس فساد آل البشرية، يستوي ) 3-2-1(في األصحاحات الثالثة السابقة في ذلك اليهود آما األمم، وصار الكل في حاجة إلى من يخلص ويبرر، واآلن يقدم الرسول مثلين لرجلين بارين من رجال العهد القديم، أحدهما إبراهيم بكونه أب اآلباء وقد

والثاني . انه وهو بعد في الغرلة قبل ممارسة أعمال الناموس خاصة الختانتبرر خالل إيمهو داود الذي نال الوعد أن من صلبه يأتي المسيا الملك، وهو من أهل الختان لكنه يقدم

.التطويب لمن يتبرر ال بأعمال الناموس بل باإليمان

آانوا يشعرون أنهم أحرار ألن اليهود" إبراهيم"رآز الرسول باألآثر على شخصية هذه العقيدة دفعتهم إلى العجرفة والكبرياء عوض أن تدفعهم . لمجرد انتسابهم له بالجسد

للحياة بفكر إبراهيم وإيمانه واالمتثال به في سلوآه، فجاء الرسول يفند هذه العقيدة، غرلة، آما عاش مظهرا أن سر قوة إبراهيم تكمن في إيمانه الحي الذي عاشه وهو في ال

.وهو في الختان، لذا فهو أب ألهل الغرلة آما ألهل الختان

واإليمان إبراهيم. 1

إذ آان الرسول يعلن عجز أعمال الناموس عن تقديم بر اهللا، ليفتح الباب للبشرية آلها عهد فتنعم بهذا البر خالل اإليمان، انتقل إلى الحديث عن إبراهيم بكونه أول من نال

وإنما باإليمان، إذ ) أعمال الناموس(الختان ليوضح أن إبراهيم أيضا لم يتبرر بالختان فماذا نقول أن أبانا إبراهيم قد وجد حسب الجسد، ألنه إن آان إبراهيم قد تبرر : "يقول

.]2-1["باألعمال فله فخر، ولكن ليس لدي اهللا

:طه باإليمان اآلتيويالحظ في حديث الرسول عن إبراهيم وارتبا

آأن الرسول بولس . ]1["؟أن أبانا إبراهيم قد وجد حسب الجسد: فماذا نقول": أولا، األمر الذي يضعف "حسب الجسد"يحدد العالقة التي تربطهم بإبراهيم آأب إنما هي

:يوحنا الذهبي الفم القديسصلتهم به ماداموا ال ينعمون بأبوته خالل إيمانه، وآما يقول أنه بهذا يفسح المجال أمام األمميين ليدخلوا هم أيضا في قرابة مع إبراهيم خالل االمتثال [

.][104]بإيمانه

Page 69: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

69  

"أنه بار"لماذا اختار الرسول بولس إبراهيم مع أنه قد سبقه هابيل الذي قيل عنه : ثانيا ؟)9: 6تك ( "رجلا بارا آاملا في أجياله"ونوح الذي قيل أنه آان ،)4: 11عب(

:يرد على ذلك أن الرسول اختار إبراهيم لعدة أسباب رئيسية منها

أن اليهود آانوا يفخرون بنسبهم إلبراهيم آأب للمؤمنين، فحينما حدثهم السيد المسيح . أأننا ذرية إبراهيم ولم نستعبد ألحد قط، آيف تقول أنت أنكم : أجابوه"عن الحرية،

.فقد أراد الرسول أن يفند هذه الحجة). 33: 8يو " (تصيرون أحرارا؟

ألني أجعلك أبا : "لم يدع هابيل وال نوح أبا للمؤمنين، أما إبراهيم فقد جاء عنه. ب ).4: 17تك( "لجمهور من األمم

ألن إبراهيم يعتبر حلقة الوصل بين أهل الغرلة وأهل الختان، عاش متبررا باإليمان . جوإذ نال الوعد اإللهي وتمتع بالختان آعالقة للعهد عاش أيضا متبررا وهو في الغرلة،

بهذا ضم المؤمنين من أهل الغرلة وأهل الختان في شخصه، . باإليمان وهو في الختان .خالل اإليمان

ال ينكر الرسول بولس أن إلبراهيم أن يفتخر من جهة األعمال، لكن ليس لدي اهللا، : ثالثاه من أعمال الناموس آالختان ال فضل له فيه إنما هو عطية اهللا له خالل ألن ما مارس

العهد الذي أقامه اهللا معه، وله أيضا أن يفتخر من جهة اإليمان، بهذا له أن يفتخر ال متعاليا على اهللا، وإنما يفتخر أنه ارتمى في حضن اهللا، ليغتصب باإليمان مواعيد اهللا

ألنه أن آان إبراهيم قد تبرر باألعمال : "يقول الرسول. عينيهوعهوده، ويحسب بارا في " فآمن إبراهيم باهللا فحسب له برا: فله فخر، ولكن ليس لدى اهللا، ألنه ماذا يقول الكتاب

]2-3[.

إن قورن إبراهيم بمعاصريه من البشر فله فخر بأعماله أمام البشر، سواء بكونه أول من أما أمام اهللا . ين اهللا أو أعظم معاصريه في األعمال الصالحةاختتن آعالمة عهد بينه وب

ففخره الحقيقي أنه اغتصب بر اهللا بإيمانه الحي العملي، المعلن خالل طاعته له سواء ، أو عدم )12تك(بالعبادة له وسط جو وثني أو بالخروج من أرضه وعشيرته وبيت أبيه

، أو حبه إلضافة الغرباء )13تك (ابن أخيه محبته للنصيب األآبر في معاملته مع لوط . الخ) 28تك (، أو تقديم ابنه ذبيحة )18تك (، أو شفاعته عن إخوته في البشرية )18تك (

هذه التصرفات جميعها وغيرها إنما آانت نابعة عن إيمانه باهللا وملتحمة به، فجاءت تمجد .اهللا

Page 70: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

70  

ناموس في ذاتها، إنما بإيمانه الحي العملي بمعنى آخر لم يكن إلبراهيم أن يفتخر بأعمال ال .الذي به حسب بارا في عيني اهللا فاحص القلوب

: بهذا نوفق بين ما يقوله الرسول بولس هنا وبين ما ورد في رسالة معلمنا يعقوب الرسول يتبرر إبراهيم أبونا باألعمال، إذ قدم اسحق ابنه على المذبح؟ فترى أن اإليمان عمل ألم "

آمن إبراهيم باهللا فحسب له برا، : "من أعماله، وباألعمال أآمل اإليمان، وتم الكتاب القائل ).23-21: 2يع(" ودعي خليل اهللا

يعلن الرسول بولس أن إبراهيم لم يتبرر أمام اهللا خالل أعمال الناموس، آالختان والتطهيرات والغساالت، إنما تبرر خالل اإليمان الحي، ومعلمنا يعقوب يعلن أن إبراهيم لم يتبرر خالل إيمان شفهي نظري جامد إنما خالل اإليمان المترجم عمليا آذبيحة اسحق،

! ال التي يذآرها القديس يعقوب إنما هي أعمال اإليمان وليست خارج اإليمانوآأن األعميحذر الرسول بولس من االتكال على حرفية أعمال الناموس ويحذر الرسول يعقوب من االتكال على اإليمان الخالي من األعمال، أو اإليمان النظري غير الحي، هذه األعمال

ألننا نحن عمله، ": نمارسها بالمسيح يسوع ربنا، إذ يقول التي يسألنا الرسول بولس أن: 2أف( "مخلوقين في المسيح يسوع ألعمال صالحة قد سبق اهللا فأعدها لكي نسلك فيها

10.(

آمن أبونا إبراهيم وأيضا مارس أعمال الناموس، إذ قبل الختان في جسده آما ختن : رابعاأما الذي يعمل ": وأعمال الناموس، إذ يقول الرسولذآور بيته، لكن شتان بين اإليمان

.]4[" فال تحسب له أجرة على سبيل نعمة بل على سبيل دين

األجرة التي ينالها اإلنسان مقابل أعمال الناموس، أم النعمة التي ينالها مقابل : أيهما أعظمامنا، ليهبنا بره اإليمان؟ بال شك البر أعظم من األجرة، ألن البر يعني عفو اهللا عن آث

طوبى لمن : "وقد اقتبس الرسول من المرتل داود العبارة. عاملا فينا فننال مجدا أبدياال يقدم بولس هذه العبارة اعتباطا، : [يقول القديس ذهبي الفموآما . ]7[ "غفرت آثامهم

ر يتأهل باألآثر لكنه يود القول بأن من غفرت آثامه بالنعمة نال التطويب، فمن آمن وتبر .][105]للبرآة، التي خاللها ينزع الخزي ليحل المجد

يكشف عن بهجة قلب المرتل بنوال بر مجاني "طوبى لمن غفرت آثامهم"القول النبوي القديس يقول . ال أجرة عن عمل ناموسي، هذا البر هي عطية إلهية يهبها اهللا لمؤمنيه

هذه الطوباوية تحل على الذين اختارهم اهللا خالل يسوع المسيح [: إآليمنضس السكندري

Page 71: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

71  

هؤالء قد اغتسلوا بواسطة ذاك ). 8: 4بط 1" (المحبة تستر آثرة من الخطايا"ربنا، ألن .][106])11: 33حز(الذي يريد توبة الخاطي ال موته

ما هو هذا اإليمان الذي يبررنا؟ :خامسا

يمان به يعني حبنا له، وتقديرنا لسموه، والذهاب إليه، ماذا يعني نؤمن به؟ اإل * .واإلتحاد بأعضائه

اإليمان بالمسيح هو أن نؤمن به أنه يبرر الخاطي؛ نؤمن بالشفيع الذي بدون *وساطته ال يمكن أن نتصالح مع اهللا؛ نؤمن بالمخلص الذي جاء يطلب ويخلص ما قد هلك

).5: 15يو" (بدوني ال تقدرون أن تفعلوا شيئا" :؛ نؤمن بذاك القائل)10: 19لو(

اسمع . إيماننا نفسه بالمسيح هو عمل المسيح، إذ هو يعمل فينا، بالتأآيد ليس بدوننا *األعمال التي : يقول ".من يؤمن بي فاألعمال التي أعملها أنا يعملها هو": اآلن وافهم

ما هي هذه . أفعلها لكي يفعلونها هم أيضاأفعلها أنا أولا، ثم يفعلها هو بعد ذلك، فأنا األعمال إال إقامة اإلنسان البار من الشرير؟

فإنها إذ تترآه ... تتبرر النفس بارتفاعها نحو اهللا، والتصاقها بذاك الذي يبررها *أال يظهر لك أنه متي وجد شيء ما بارد واقترب من . تصير شريرة، وإذ تعود إليه تتبرر

لو أن شيئا ما آان مظلما واقترب من ! يصير دافئا؟ وعندما ينزع من النار يبرد النارالنور، أما يصير بهيا؟ وإن نزع عن النور يصير مظلما؟ هكذا هي النفس، أما اهللا فليس

[107]!هكذا

أغسطينوس القديس

بالذي يبرر الفاجر، وأما الذي ال يعمل، ولكن يؤمن : "ماذا يعني الرسول بقوله: سادسا؟ هل يحثنا الرسول على تجاهل األعمال لنتبرر باإليمان ]5[" فإيمانه يحسب له برا

وحده؟

نجيب على ذلك بأن الرسول آان يحدث اليهود الذين تشامخوا على األمم بأعمال الناموس روحية، تدفعهم بطريقة حرفية قاتلة، فإن هذه ال تبرر اإلنسان، إنما لو حفظت بطريقة

هذا من جانب ومن جانب آخر، . إلدراك الخالص والتبرير بالمسيا، الذي آانوا يتظرونه" برا ذاتيا"فإننا آمسيحيين ال نتبرر بأعمالنا الصالحة آأعمال من عندياتنا، وإال حسبت

ألن " :تعطل خالصنا، إنما نمارسها بكونها ثمرة عمل اهللا فينا، وآما يقول الرسول بولس

Page 72: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

72  

لهذا يؤآد ). 9: 3آو 1( "نحن عامالن مع اهللا"، )13: 2في" (اهللا هو العامل فيكمألنه آما أن الجسد بدون روح ميت هكذا اإليمان أيضا بدون أعمال "الرسول يعقوب

).26: 2يع( "ميت

لجميع المؤمنين إبراهيم أب. 2

نا إبراهيم ليعلن سمو اإليمان، إذ قارن الرسول بين أعمال الناموس واإليمان في حياة أبيالذي به يتبرر، دون تجاهل ألعمال الناموس التي مارسها إبراهيم وإن آانت عاجزة عن التبرير، اآلن يؤآد الربط بين اإليمان وأعمال الناموس في حياة هذا األب دون تعارض،

فالختان هو عالمة . ]8[" الغرلةأخذ عالمة الختان ختما لبر اإليمان الذي آان في : "قائلاجسدية جاءت ال معارضة لإليمان، بل خاتمة على إيمانه ومؤآدة له، حتى آل من يحملها

هذا من جانب ومن جانب آخر فإن العالمة جاءت . إنما يلزم أن يلتزم أيضا باإليمانا أيضا وهو في الحقة لإليمان، إذ آمن إبراهيم حين آان أولا في الغرلة، وبقي مؤمن

الختان، بهذا أعلن أبوته ألهل الغرلة أن يقبلوا االمتثال به في إيمانه، وأيضا ألهل الختان .أن يفعلوا ذات األمر

على هذه العبارة الرسولية مظهرا أن اليهود لم يأتوا إال يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق إليهم، أي جاءوا إلى بيت اإليمان مضافين آضيوف الحقين ألهل الغرلة، وأنهم أضيفوا

ألنه إن آان إبراهيم قد : [إلى إبراهيم الذي قبل اإليمان وهو في الغرلة قبل الختان، قائلاإذا إبراهيم هو أب األمميين أولا . تبرر وآلل وهو بعد في الغرلة، فقد جاء اليهود بعد ذلك

لهذا يستكمل ... ا أنه أب اليهود ثانيا، أي أب الجنسينالذين ينتسبون إليه باإليمان، آمليكون أبا لجميع الذين يؤمنون وهم في الغرلة آي يحسب لهم البر : "بولس حديثه، قائلاهذا وينتسب األمميون إلبراهيم ال بسبب غرلتهم، وإنما . ]12-11[" أيضا وأبا للختان

فعون ببنوتهم له ال لكونهم مختونين، وإنما ألنهم لم إلقتدائهم بإيمانه، آذلك اليهود ال ينتإذن لك الحق في أبوة إبراهيم إن سرت في خطوات ذلك اإليمان، دون تنازع ... يؤمنوا

.][108]وال مشايعة لمناصرتك للناموس

أن الختان مجرد عالمة حملها إبراهيم من أجل ضعف اليهود، إذ الذهبي الفمهذا ويري ال بمعنى أن يحملوا العالمة جسديا فيصيرون أبناء ،"ليكون أبا للختان"يقول الرسول

. ألن هذه العالمة ليست إال ختما لإليمان.له، وإنما يحملون ما وراء العالمة أال وهو إيمانهفإن لم يسع اليهود إلى اإليمان مكتفين بالعالمة التي للجسد، تصير هذه نفاية ال ضرورة

Page 73: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

73  

ال يليق بهم إذ نالوا الختان أن يحتقروا أهل الغرلة، بل أن يكونوا سندا هكذا أيضا. لها .لهم، ليكون الكل معا في ذات اإليمان الواحد

لقد ظن اليهود أنهم ورثة إبراهيم في نواله المواعيد اإللهية لمجرد تمتعهم بهذه العالمة، فاء بأبيهم في إيمانه، لهذا يقول أي ممارستهم ألعمال الناموس، متجاهلين التزامهم باالقت

"ألنه إن آان الذين من الناموس هم ورثة، فقد تعطل اإليمان وبطل الوعد": الرسولبمعنى آخر إن تمسك اليهود بأعمال الناموس آعالمة لميراثهم ما إلبراهيم، مكتفين . ]14[

د اإللهي الذي بهذه األعمال عند حرفيتها يسلبون اإليمان عمله، ويفقدون نوالهم الوععلى العكس إن آان أهل الغرلة لم يمارسوا . أعطي إلبراهيم، أن بنسله تتبارك األمم

أعمال الناموس في حرفيتها، لكنهم باإليمان صاروا ورثة إبراهيم وحسبوا أصحاب .الوعد آأبناء له

هيم، ويحرمه االتكال على أعمال الناموس ليس فقط يفقد اإلنسان عمل اإليمان الذي إلبراالتمتع بالوعد اإللهي، وإنما يدخل به إلى غضب اهللا، ألنه وهو يمارس األعمال الظاهرة

، ولو وصية واحدة فيحسب آالوصايا العشرآالختان والغساالت يكسر شرائعه السلوآية، ألن الناموس ينشيء غضبا، إذ حيث ليس ناموس ليس : "لذلك يقول الرسول. متعديافبدون الناموس يخطئ اإلنسان، لكن الغضب ينشأ باألآثر حيث يوجد . ]15[ "تعد

ملعون آل من ": الناموس، آاشفا للخطايا التي يرتكبها اإلنسان متعديا الوصية، وآما قيل ).10: 3غل( "ال يثبت في جميع ما هو مكتوب في آتاب الناموس ليعمل به

قبل الناموس آان يمكن أن يدعى : [عبارة، قائلاتفسيرا لهذه ال القديس أغسطينوسيقدم لنا أما وقد أخطأ بعد استالمه الناموس فلم يعد . اإلنسان خاطئا ولم يكن ممكنا أن يدعي متعديا

فكثرت الخطية " الخطية"إلى " التعدي"وهكذا أضيف . خاطئا فحسب وإنما متعديا أيضا .][109]جدا

ألعمال الناموس فقدوا تمتعهم بالوعد ودخلوا إلى الغضب، إن آان اليهود بفهمهم الحرفي ال آخطاة فحسب وإنما آمتعدين، فإنه من الجانب اآلخر اإليمان يفتح لهم آما ألهل الغرلة

.التمتع بالبنوة إلبراهيم المؤمن

لهذا هو من اإليمان آي يكون على سبيل النعمة،"

ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل،

Page 74: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

74  

من الناموس فقط،ليس هو

.]16[" بل أيضا لمن هو من إيمان إبراهيم الذي هو أب لجميعنا

أنه بدون اإليمان ال يخلص أحد، ألن الناموس بالنسبة ألهل الذهبي الفموآما يقول الختان ال يبررهم بل ينشئ غضبا، إذ سقط الكل تحت التعدي، لذا جاء اإليمان يرفعهم من

آما هو . "ما يرفع أيضا أهل الغرلة، فيحسب الكل أبناء إلبراهيمالخطر وليس آالناموسكفكما أن اهللا هو إله الجميع وليس خاصا بأمة . ]17[" مكتوب إني قد جعلتك أبا ألمم آثيرة

).5: 17تك(معينة، هكذا باإليمان حسب إبراهيم أبا للجميع حسب الوعد المعطي له

وإيماننا إيمان إبراهيم. 3

ن آان اإليمان قد فتح الباب على مصراعيه ليدخل آل األمم إلى النسب إلبراهيم آأبناء إ له، فما هي مادة هذا اإليمان؟

آما هو مكتوب إني قد جعلتك أبا ألمم آثيرة،"

أمام اهللا الذي آمن به،

الذي يحي الموتى،

.]17[ "ويدعو األشياء الغير موجودة آأنها موجودة

؛ )الترجمة السبعينية 5: 17تك( "قد جعلتك أبا ألمم آثيرة: "الوعد اقتبس الرسول هذا .هذا ال يتحقق حسب الطبيعة، إذ هو ليس أبا لألمم حسب الجسد، إنما حسب اإليمان

. "يحيي الموتى، ويدعوا األشياء الغير موجودة آأنها موجودة"مادة إيمانه هي أن اهللا ي األشياء الغير موجودة التي يدعوها آأنها من هم الموتى الذين يحييهم؟ أو ما ه

موجودة؟

مستودع سارة أو أحشاؤها أشبه بالميت الذي ال يحمل حياة، وقد وهبه اهللا اسحق :أولاوإذ لم يكن ضعيفا في اإليمان : "حيا خالل هذه األحشاء الميتة، وآما يقول الرسول نفسه

ابن نحو مائة سنة وال مماتية مستودع لم يعتبره جسده، وهو قد صار مماتا، إذ آان ، إذ لم ينظر قط إنسانا "على خالف الرجاء"ما ناله إبراهيم من وعد آان . ]19[ "سارة

Page 75: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

75  

هو ترجى اهللا الذي يقيم من . قبله نال ابنابهذه الطريقة، وإنما صار هو مثلا لمن جاء بعدهالعدم، فاتحا باب الرجاء لمن جاء الموت ويهب حياة، فآمن باهللا أنه يعطيه نسلا آما من .بعده ممن أنجبوا في شيخوختهم خالل زوجات عاقرات

آمن إبراهيم بتمتعه باألبوة، ليس فقط إلسحق الذي وهبه اهللا إياه في فترة شيخوخته، : ثانياوخالل مستودع سارة الذي آان في حكم الموت، وإنما أيضا ألمم آثيرة، هي بحسب

تحمل بنوة إلبراهيم حسب الجسد، لكن اهللا يقيمها من هذا الموت ويقدمها الطبيعة ميتة ال .إلبراهيم أبناء له

فهو على خالف الرجاء آمن على الرجاء، لكي يصير أبا : "هذا ما أوضحه الرسول بقولهأنه يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . ]18[ "ألمم آثيرة، آما قيل هكذا يكون نسلك

فكان اإليمان هو . آان على خالف رجاء البشر في رجاء من جهة اهللا آمن بالوعد ونالسنده، لم يعطه اهللا برهانا، وال عالمة، إنما مجرد آلمات وعد ومع هذا لم يتردد، وال شك

وال بعدم إيمان ارتاب في وعد اهللا، بل تقوى باإليمان ": مرتابا مع أن العائق آان عظيما .]20[ "طيا مجدا للهمع

بمعنى آخر ليتنا نتعلم أن اهللا يتمم مواعيده معنا مهما آانت العوائق أو المعطالت، إذ .]22-21[ "تيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا، لذلك أيضا حسب له برا"

ألمم آثيرة، ال نال إبراهيم الوعد، آما قلت، ال بميالد اسحق آما من العدم، وإنما بأبوتههذا من جانب، ومن جانب آخر فإن هذه األمم أيضا . خالل الجسد وإنما خالل اإليمان

تحسب تحت حكم الموت وعدم الوجود بسبب وثنيتها، إذ تقبل اإليمان تنال قيامة من أرحم ": األموات، يصيرونها شعب اهللا الحي وآنيسة العهد الجديد المقدسة، لذلك قيل

).23: 2هو " (أنت شعبي) ليست شعبي(وأقول للوعمى ) ليست مرحومة(ة لورحام

إن آانت الخطية قد أفقدت اإلنسان حياته وجعلته آمن هو غير موجود، فباإليمان :ثالثاينعم اإلنسان ببر المسيح آمن قد أقيم من الموت، أو صار موجودا بعد فقدانه، آقول األب

). 32: 15لو" (خاك هذا آان ميتا فعاش، وآان ضاال فوجدألن أ": عن ابنه الراجع إليهفي تعليقه على هذا األصحاح سالحا روحيا نلتزم يوحنا الذهبي الفم القديسلذلك يقدم لنا

:باستخدامه، هو اإليمان باسم ربنا يسوع المسيح وقوة الصليب، قائلا

) 5: 28أع(ا يلقيها في النار هذا السالح ال يخرج الحية من جحرها فحسب، وإنما أيض[ .وتشفي الجراحات

Page 76: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

76  

. إن نطق أحد بهذا االسم ولم يشف، فبسبب عدم إيمانه وليس عن ضعف في القول ذاتهولم ينتفعوا منه، أما ) 45-44: 8لو(ألن البعض التفوا حول يسوع وآانوا يضغطون عليه

أوقفت ينبوع دمها هدب ثوبهالمرأة نازفة الدم فحتى بدون لمس جسده، وإنما بمجرد لمس .الذي طال أمده

...ليتنا نجد فيه سرورا فنتقوى به. هذا االسم مخيف للشياطين وللسموم واألمراض

، بينما )15: 5أع(وثيابهم أقاموا موتى ) الرسل(أي عذر لنا أن نقدمه، إن آان ظل بولس هي آطبيعتنا، ولد ؟ فإن طبيعة ...صلواتنا ال تنزع عنا الشهوات؟ ما هو علة هذا

ونشأ مثلنا، سكن على األرض واستنشق هواءها مثلنا، لكنه من جانب آخر آان أعظم إذن لنقتد به، ولنسمح للمسيح أن يتكلم . وأفضل منا من جهة الغيرة واإليمان والحب

نفع أو لقد أعد هذا التعليم ويريد أال يكون ذلك بال . خاللنا، فإنه يرغب في هذا أآثر منا ...معطلا إنما يود أن يستخدمنا

إن تحدث المسيح فينا وأشرق الروح القدس بنوره فينا نكون أفضل من السماء، إذ ال تظهر الشمس والقمر في جسدنا بل يظهر رب الشمس والقمر والمالئكة ساآنا فينا

.وعاملا

معجزة أعظم من هذا آله لست أنطق بهذا لكي نقيم الموتى ونطهر البرص، إنما لنحقق ... ألنه حيث توجد هذه الممجدة يسكن االبن مع اآلب والروح القدس. هو إعالن المحبة

يتحقق ). 20: 18مت" (ثالثة باسمي أآون أنا في وسطهم إن اجتمع اثنان أو: "فقد قيلهذا من أجل الحنو الشديد ورباط الصداقات القوية، أي من أجل من لهم حب بعضهم

....]لبعض

إذن ليكن لنا آإبراهيم أبينا اإليمان بالوعد اإللهي، فننال ال القدرة على عمل المعجزات، الحقيقي في الرب، فننعم بسكنى الثالوث القدوس فينا آسر " الحب"إنما ما هو أعظم ننال

!هذه هي القيامة األولى التي لنفوسنا .حياتنا وفرحنا ومجدنا أبديا

يدعو األشياء الغير موجودة آأنها "على العبارة طينوسالقديس أغسويعلق لقد آنت غير موجود فخلقك اهللا ووهبك الوجود، أفال يهتم بك اآلن وقد : [، قائلا"موجودة

][110]صرت أنت هكذا، هذا الذي يدعو األشياء غير موجودة آأنها موجودة؟

Page 77: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

77  

إيمانه بالقيامة من األموات، إذ ، أآد الرسول بولس أن ما آتب عن إبراهيم من جهة أخيراآمن باهللا الذي يهبه إسحق من مستودع سارة الممات، وآمن أن يقيمه أبا على شعوب

فإن هذا . ليست من نسله حسب الجسد، آما آمن أن اهللا يهب البر آحياة لمن مات بالخطيةويهبنا بره آحياة آله قد آتب من أجلنا من جهة إيماننا بالمسيح الذي يقيمنا من الموت،

ولكن لم يكتب من أجله وحده أنه حسب له، بل : "جديدة مقامة نمارسها عمليا، إذ يقولمن أجلنا نحن أيضا الذين سيحسب لنا، الذين نؤمن بمن أقام يسوع ربنا من األموات،

.]25-24[" الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم ألجل تبريرنا

:التاليةهنا يبرز النقاط

. غاية الحديث اإللهي عن إيمان إبراهيم هو إعالن طريق البر الحقيقي خالل اإليمان. أوآما . فقد تبرر إبراهيم باإليمان لكي نتبرر نحن أيضا معه آأبناء له نحمل ذات إيمانه

، لئال يقول المستمع، ما لنا نحن بهذا؟ لذلك ربطنا نحنيوحنا الذهبي الفم القديسيقول بأبينا إبراهيم، فنتبرر مثله، ألننا نؤمن بنفس اإلله الذي آمن به إبراهيم، ونثق في ذات

.األمور التي وثق فيها، فما حدث إلبراهيم ليس خاصا به وحده، وإنما يحدث مع الكل

إن آان إبراهيم قد نال وعدا بخصوص نسله، يتحقق هذا الوعد فينا بصلب السيد . بإبراهيم آمن بنيل برآة مستقبلة . الذي هو من نسل إبراهيم حسب الجسد المسيح وقيامته

: 8يو" (أبوآم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح: "خالل نسله، إذ يقول السيد .، أما نحن فقد تمتعنا بهذا الوعد بصلب السيد المسيح وقيامته)56

، البكر االبن )2: 9أم(ذبحت ذبحها ها أنتم ترون حكمة اهللا آيف : [العالمة ترتليانيقول أقول أن حكمة اهللا هو المسيح الذي بذل ذاته ألجل . الوحيد يحيا ويرد اآلخرين للحياة

.][111]خطايانا

إذ يحدثنا الرسول بولس عن إيمان إبراهيم، يقدم لنا ملخصا إليماننا، غالبا ما آان نصا . ج" أسلم من أجل خطايانا، وأقيم ألجل تبريرنا": آنسيا تسلمه الرسل وسلموه، أال وهو

]25[.

: 5؛ أف20: 2غل(آما بإرادته هو ) 3: 1؛ غل32: 8رو (لقد أسلم للصليب بإرادة اآلب ؛ )24-21: 2بط 1؛ 28: 9؛ عب6-5: 53؛ إش25: 3(ليكفر عن خطايانا ) 14: 2؛ تي2

.وأقيم ليهبنا بره عاملا فينا، إذ نحمل الحياة الجديدة المقامة

Page 78: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

78  

5 الرسالة إلى أهل رومية

الواحد بنوتنا آلدمإذ يعالج الرسول بولس موضوع انتساب اليهود ألبينا إبراهيم حسب الجسد أبرز أن

إبراهيم قد تبرر وهو في الغرلة آما وهو في الختان خالل إيمانه، ليحمل أبوة صادقة واآلن يود الرسول بطريقة غير جارحة أن يظهر رجل اإليمان . روحية لكل مؤمن حقيقيبن آدم، أحد هؤالء الذين سقطوا تحت مملكة الموت بسبب عصيان األعظم إبراهيم، أنه ا

والرموز تبرر إبراهيم نفسه الظالمبمعنى آخر خالل . آدم، فكان محتاجا إلى من يبررهقبل : [القديس جيرومببر المسيح، إذ بدون إيمان لم يكن ممكنا أن يتبرر، وآما قال

سفلية بينما بعد مجيئه صار اللص في مجيء المسيح آان إبراهيم في المواضع ال .][112]الفردوس

آأن الرسول يود أن يوجه أنظار الكل، اليهود واألمم، إلى بر المسيح الذي اشتهاه إبراهيم .عوض االفتخار باالنتساب إلبراهيم حسب الجسد) 56: 8يو (نفسه

آأبناء آلدم، من بيننا إبراهيم بدأ األصحاح بالكشف عن ثمر بر المسيح، ليحدثنا عن حالنا .نفسه، ثم عن حالنا خالل آدم الثاني أو الجديد

المسيح ثمار بر.1

آعادة الرسول بولس قبل أن يبرز الجانب السلبي وهو خضوع آدم وبنيه تحت حكم الموت بسبب العصيان، بما فيهم رجل اإليمان إبراهيم، أبرز في إيجابية ثمار بر المسيح

:تع بها آل أبناء إبراهيم الروحيين، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التاليةالتي يتم

].1[التمتع بالسالم مع اهللا. أ

].2[نعمة حاضرة ورجاء لمجد أبدي. ب

].4-3[ارتفاع فوق الضيقات. ج

].5[عطية الروح القدس واهب الحب. د

Page 79: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

79  

].11-6[اختبار محبة اهللا بالصليب. ه

:الثمار الفائقة اآلتيويالحظ في هذه

سالم مع اهللا اآلب، انسكاب الحب : (ننعم بلقاء الثالوث القدوس، ونختبر حبه وعمله فينا. أ ).بالروح القدس الساآن فينا، اختبار للحب اإللهي بصليب ربنا يسوع المسيح

لكننا ننال العربون . ثمار على مستوي أبدي، إذ ننعم بمصالحة أبدية ومجد أبدي. ب ]2[" هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون: "حاضرا اآلن في حياتنا

:اآلن في أآثر تفصيل نتحدث عن هذه الثمار

بالسالم مع اهللا التمتع: أولا

.]1" [فإذا قد تبررنا باإليمان، لنا سالم مع اهللا بربنا يسوع المسيح "

سالم اهللا " أو) 7: 1رو(هنا يحمل معنى غير السالم من اهللا "السالم مع اهللا"يبدو لي أن سالمنا "، فإن السالم اإللهي الذي ننعم به إنما هو )7: 4في ( "الذي يفوق آل عقل

الذي يهبه اهللا آعطية روحية، يعطي لإلنسان انسجاما في الغاية والسلوك، " الداخلياب الملكوت، آما يهبه سالما مع اآلخرين فيعمل اإلنسان بنفسه آما بجسده بسالم اهللا لحس

فيعني تغيير "السالم مع اهللا"مشتاقا أن يبذل آل حياته لحسابهم في المسيح يسوع؛ أما أو تعني . شامل لمرآزنا من حالة العداوة التي آنا فيها إلى حالة بنوة وحب وصداقة

ياننا، لندخل خالل الدم إلى انطالقنا من حالة االنحدار التي بلغناها بسبب خطايانا وعصحالة مصالحة مع اآلب، فنحسب بالمسيح يسوع االبن الوحيد أبناء له، موضع سروره

، إننا نختفي فيه لنحسب أبرارا فيه، ومصالحين، "بر المسيح"هذا هو أول ثمر . ورضاهإن ف": بذات الفكر يقول معلمنا بطرس الرسول. نحيا آأبناء في سالم حقيقي مع اآلب

"المسيح أيضا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل اآلثمة، لكي يقربنا إلى اهللا ).18: 3بط 1(

أال نكون على : ؟ يقول البعض"لنا سالم"ماذا يعني : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول خالف بارتكاب معاصي ضد الناموس، أما بالنسبة لي، فأظن أن ما جاء هنا يخص مناقشتنا، ألنه بعدما تحدث آثيرا عن موضوع اإليمان، وقد وضعه قبل البر باألعمال،

، بمعنى "ليكن لنا سالم": لفلئال يظن أحد أن ما قاله يحسب أساسا للتهاون، لذلك قا

Page 80: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

80  

، إذ يسبب هذا حربا مع "ليتنا ال نعود مرة أخري إلى حالنا القديم"، "ليتنا ال نخطيء بعد"آيف يمكن تحقيق هذا؟ إن آنا ونحن نحتمل خطايا آثيرة هكذا نتحرر منها جميعا . اهللا

ن ثمة فارق بين تقبلنا فإ. بالمسيح، فإننا باألآثر نستطيع أن نبقى على هذا الحال بالمسيحالسالم حيث لم يكن موجودا، وبين احتفاظنا به حين يكون لدينا، ألن نواله أصعب من

لذلك يلزمنا أن . االحتفاظ به بالتأآيد، ومع هذا فإن ما هو أصعب صار ميسورا وتحققإن آان قد ... نسعى وراء ما هو أسهل بالتصاقنا بالمسيح الذي وهبنا ما هو أصعب

حنا في الوقت الذي آنا فيه في حرب مع اهللا، فمن المعقول أن نبقى في حالة صال ...][113]المصالحة

بمعنى آخر نحن الذين آنا في حالة عداوة مع اآلب صرنا في سالم معه بربنا يسوع، فكم . باألآثر وقد تصالحنا معه أن نبقى هكذا، لكن ليس بجهادنا الذاتي وإنما بربنا يسوع نفسه

يقول ! آعطية إلهية، وفي نفس الوقت دخول في عالقة قربى معه" سالم"قى في لنبإن آان قد أحضرنا إليه لنكون قريبين منه عندما آنا بعيدين، : [يوحنا الذهبي الفم القديس

]؟[114]آم باألآثر يحفظنا اآلن ونحن قريبون

حاضرة ورجاء لمجد أبدي نعمة: ثانيا

لنا الدخول باإليمانالذي به أيضا قد صار "

فيها مقيمون، إلى هذه النعمة التي نحن

.]2[" ونفتخر على رجاء مجد اهللا

لم يعد الزمن يمثل رعبا بالنسبة لنا، فالماضي بالنسبة للكثيرين مفقود والحاضر مؤلم ، صار الماضي برآة لنا، إذ "بر المسيح"والمستقبل مجهول، أما وقد دخلنا باإليمان إلى

أحداث الفداء التي عبرت آتاريخ ال تزال حية وفعالة في أعماقنا وتصرفاتنا، وصار نرى متمتعين بالسالم مع اهللا، أما " بالنعمة اإللهية"الحاضر بالنسبة لنا مفرحا إذ نسلك

هكذا لم يعد الزمن بالنسبة لنا مرعبا . "رجاء مجد اهللا"المستقبل فمكشوف إذ نعيش على ، الماضي حاضر بالنسبة لنا، والحاضر عربون المستقبل، والمستقبل حال وال مفقودا

.خالل عربون الحاضر

، نعمة البنوة التي نلناها "النعمة التي نحن فيها مقيمون"اإليمان بالمصلوب فتح لنا بال ، خاللها نختبر أحداث الصلب والقيامة آحياة واقعية )5: 3يو (في مياه المعمودية بالروح

Page 81: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

81  

: 8رو( "ورثة اهللا، ووارثون مع المسيح"رة ونعتز بالتمتع بمجد اهللا األبدي، بكوننا حاض17.(

:على هذه العبارة الرسولية قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

جانب اهللا : اسمحوا لي أن أسألكم أن تتأملوا آيف يؤآد الرسول في آل موضع نقطتين[آيفما آان، توجد أمور آثيرة، عديدة ومتنوعة، إذ مات من أجلنا وجانبنا، فمن جانب اهللا،

فقط، ) حيا(أما نحن فمن جانبنا نقدم إيمانا . وصالحنا وجبلنا إليه ووهبنا نعمة ال ينطق بهاأية نعمة هذه؟ أنك حسبت أهلا لمعرفة : اخبرني ".باإليمان إلى هذه النعمة" :لذلك يقول

خطأ وتعرفت على الحق ونلت آل برآات المعمودية؟ ألن غاية اهللا، وانتزعت عن الفإننا لم ننل غفران الخطايا فحسب لنكون مصالحين، . إحضارنا إليه هو تقبل هذه العطايا .وإنما لننال برآات ال حصر لها

لم يقف عند هذا الحد إنما وعدنا ببرآات أخرى، برآات ال ينطق بها، تفوق اإلدراك ونفتخر : "فبإشارته للنعمة أوضح ما نلناه حاليا، وبقوله. لهذا لم يحدثنا عنها واللغة،

.يكشف عن آل األمور العتيدة. ]2" [على رجاء مجد اهللا )نبتهج(

، ألن هذه هي طبيعة نعمة اهللا، أنها بال نهاية ]2[" التي نحن فيها مقيمون": حسنا قالبأمور أعظم، على خالف ما يحدث في األمور وال تعرف الحدود، بل على الدوام ننعم

إن نال إنسان سيادة ومجدا وسلطانا ال يقيم في هذه : أعطيك مثلا لما أقصده. البشريةفإن لم يسحبها منه إنسان آخر يأتيه . األمور على الدوام، إنما سرعان ما تسحب منه

من هذا النوع إذ ال يستطيع إنسان أما عطايا اهللا فليست . الموت الذي يسحبها منه بالتأآيدوال ظروف وال آوارث وال حتى الشيطان أو الموت أن يسلبها، بل بالعكس عندما يحل

: لهذا يقول... الموت تتأآد باألآثر ملكيتنا لها وثبوتنا فيها ويزداد تمتعنا بها أآثر فأآثر. بالمؤمن أن تكون لهلكي تتعلم ما هي النفس التي يليق ،"نبتهج على رجاء مجد اهللا"

ليس فقط نعرف ما هي العطايا التي تقدم وإنما لمن تقدم، فنمتلئ ثقة أنها قدمت فعلا، إذ ؛ إذ هي شرآة في مجد "مجدا"وقد دعاها ... يبتهج اإلنسان بكونه قد نالها فعلا

.][115]اهللا

عالمة استمرارية "مقيمون فيها" على تعبير يوحنا الذهبي الفم القديسهكذا يرآز عمل نعمة اهللا في حياتنا متى خضعنا لها وقبلناها متجاوبين معها، وال يقف األمر عن

Page 82: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

82  

االستمرارية، وإنما تزداد قوة فينا وبهاء مع الزمن حتى متى بلغنا الخروج من هذا العالم .ننعم بالشرآة في المجد اإللهي

فوق الضيقات االرتفاع: ثالثا

إن آان اإليمان بالمسيح يدخل بنا إليه لنحمل بره فينا فننعم بالسالم : البعضربما يتساءل مع اهللا، وإذ نقيم في هذه النعمة ينفتح قلبنا على رجاء المجد اإللهي، فما هو عمل هذا البر

في حياتنا وسط الضيقات التي ال تنقطع؟

لذي يهبه لنا ال ينزع عنا يجيب الرسول على هذا التساؤل معلنا أن السيد المسيح ببرهاالضيقات، بل يرفعنا فوق الضيقات، فنجتازها أو تعبر هي بنا، ونحن في اعتزاز نراها سر تزآيتنا أآثر فأآثر، فال يتحطم رجاؤها باليأس، بل بالعكس يلتهب رجاؤنا في المجد،

ي أيضا ف) نتمجد(وليس ذلك فقط بل نفتخر : "خالص صبرنا في الضيقات، إذ يقول .]4[ "عالمين أن الضيق ينشيء صبرا، والصبر تزآية، والتزآية رجاء الضيقات،

آأن عمل المسيح ال يمس المجد األبدي فحسب وإنما يمس حياتنا اليومية ال بتغيير الظروف المحيطة بنا لننعم بسالم زمني، وإنما بتغيير القلب الداخلي والفكر، فنسمو فوق

. لشرآة مع المسيح المتألم، وسبيل التمتع بالتزآية خالل الصبراآلالم، إذ نراها طريق الكي تكون تزآية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه ": وآما يقول القديس بطرس

طوبى " :، ومعلمنا يعقوب)7: 1بط1( "يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد ).12: 1يع ( "نال إآليل الحياةللرجل الذي يحتمل التجربة، ألنه إذا تزآي ي

:يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

القدرة على تأللؤ مالمحنا، وتجعلنا ) نعمة اهللا(فإنه حتى في الضيقات الحاضرة تعطينا [ ...باألآثر مستحقين لمكافأتنا

. اآلن، لنتأمل عظمة األمور المقبلة، فإنه حتى بالنسبة لألمور المسببة الحزن نفرحعظيمة هي عطية اهللا، ليس فيها شيء آريه، ألنه في الخيرات الخارجية يسبب الجهاد

أما هنا . من أجلها تعبا وألما وضيقا آمرافق لها، لكن األآاليل والمكافآت ترد البهجة معهاففي هذه . ختلف، ألن نكهة الضيقات فيها بالنسبة لنا ال تقل عن نكهة المكافآتفالحال م

األيام توجد تجارب ثانوية، لكن يوجد رجاء في الملكوت؛ يحل الرعب اآلن لكن يوجد نتمجد "أنه يعطي جزاء هنا قبل نوال األآاليل بالقول أنه يجب أن ... توقع للخيرات

Page 83: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

83  

يتمجدون فيها ليس فقط من أجل ... سه مثلا لهم لتشجيعهممقدما نف... "بالضيقات) نفتخر(األمور المقبلة، وإنما أيضا من أجل الحاضر، فإن الضيقات صالحة في ذاتها، آيف هذا؟

، لذلك بعد قوله أننا نتمجد بالضيقات قدم السبب "الصبر"ألن الضيقات تعطينا مسحة "...عالمين أن الضيق ينشئ صبرا: "هكذا

بعيدة عن الرجاء ) بالطبيعة(فالضيقات التي هي . "بر تزآية، والتزآية رجاءوالص"فإنه قبل نوال األمور المقبلة ينشئ الضيق ثمرا عظيما . تصير تزآية للرجاء ومؤآدة له

، فيجعل من اإلنسان المجرب صاحب خبرة؛ وفي نفس الوقت يساهم "الصبر"جدا هو إذ يهب رجاء ملتهبا فينا، فإنه ليس شيء يجعل اإلنسان إلى درجة ما في األمور المقبلة،

نعم يهب رجاء، لكنه ليس رجاء ... يميل إلى الرجاء في البرآات مثل الضمير الصالحال، فإن نصيبنا ليس هكذا، إنما رجاؤنا أآيد ... بشريا غالبا ما يزول، ويخزى من يتوقعهحن الذين نتمتع به، وإن آنا نموت لكننا سنقوم وثابت، ألن مقدم الوعد حي إلى األبد، ون

.][116]ثانيا، فال يخزى رجاؤنا

يشعر القديسون ببرآة الضيق في هذا العالم، إذ يمجدهم داخليا في عيني اهللا، لكي يتجلى ال يطلب القديس الراحة : [القديس جيروميقول هذا المجد باألآثر في الحياة العتيدة، لذلك

.] [117]بل الضيق

نالحظ نظرته اإلنجيلية العجيبة لتعبير يوحنا الذهبي الفم القديسإن رجعنا إلى آلمات ، فإنه ال يتطلع إليه آجهاد بشري مجرد أو قدرة إنسانية على احتمال الضيق، "الصبر"

هو سمة تمس حياة السيد المسيح، " الصبر"آيف يكون هذا؟ ألن "... مكافأة"وإنما يراه في الذي احتمل من الخطاة فتفكروا... احتمل الصليب مستهينا بالخزي": الذي قيل عنه

مرة أخرى ). 3-2: 12عب( "مقاومة لنفسه مثل هذه، لئال تكلوا وتخوروا في نفوسكمإذا ). 5: 3تس 2( "الرب يهدي قلوبكم إلى محبة اهللا وإلي صبر المسيح" :يقول الرسول

تعطي عذوبة للنفس وسط " صبر المسيح"فالصبر هو عطية إلهية، أو هو شرآة في : هذا ما أآده القديس يوحنا الحبيب بقوله. م، أو قل مجدا خفيا وسط الضيقاتاآلال

).9: 1رؤ( "شريككم في الضيقة وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره"

!إذن الضيق ينشئ صبرا، هو شرآة في صبر المسيح

Page 84: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

84  

الروح واهب الحب عطية: رابعا

داخليا فوق اآلالم وجعلها مصدر مجد حتى في إن آان السيد المسيح يعلن بره فينا برفعنا هذا الزمان الحاضر، لنحتمل الضيقات بصبر المسيح على رجاء المجد األبدي، فإنه من

منسكبة في قلوبنا لكي تسندنا فال يخزى " محبة اهللا"جانب آخر يهبنا بروحه القدوس د قوة عزيمتنا أو بمعنى آخر صبرنا في التجارب واحتمالنا لأللم ال يقف عن. رجاؤنا

إمكانياتنا البشرية، إنما على عمل اهللا فينا، إذ يسكب حبه بفيض على المجاهدين روحيا .ألجل اسمه وبقوة نعمته

والرجاء ال يخزى ألن محبة اهللا قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس: "يقول الرسولرجاء في قلوبنا عطية الروح القدس سر القوة في الضيق، وانفتاح ال]. 5[ "المعطى لنا

وآأنها تعطى بال " انسكبت": الساآن فينا، إذ يهبنا محبة اهللا غير المتغيرة بفيض، قائلا .حساب آمن تنسكب من السماء لتمأل القلب

.ليظهر فيضها "انسكبت في قلوبنا": بل قال" قد أعطيت"لم يقل الرسول *

لم يهبنا السماء وال األرض وال البحر، إنما ما هو أثمن من هذه العطية هي العظمى، فإنهلكن ما هي هذه . هذه آله، جعلنا نحن البشر مالئكة، نعم بل أبناء اهللا وإخوة المسيح

!العطية؟ الروح القدس

لو لم يكن يريد أن يقدم لنا أآاليل عظيمة على جهادنا لما وهبنا مثل هذه العطايا القادرة أن هنا يعلن دفء محبته التي يكرمنا بها ال تدريجيا وال شيئا فشيئا، وإنما . جهادناتسندنا في

.يسكبها بفيض بكونها ينبوع برآاته، وذلك قبل صراعنا

هكذا وإن آنت لست مستحقا بالمرة، لكنه لم يزدر بك، بل وهبك حب ديانك آمعين قدير ناسبا آل شيء لمحبة اهللا وليس ،"والرجاء ال يخزي": يسندك، لهذا يقول الرسول

.ألعمالنا الذاتية الصالحة

.[118]بعدما أشار إلى عطية الروح القدس عاد ليتحدث ثانية عن الصليب

يوحنا الذهبي الفم القديس

...آأنه يقول أن محبة اهللا قد انسكب في قلوبنا بالروح القدس الساآن فينا *

Page 85: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

85  

سامية هي فضيلة الحب المبجلة، إذ يعلن الرسول الطوباوي يوحنا أنها ليست فقط تنسب )16: 4يو1( "اهللا محبة، ومن يثبت في المحبة يثبت في اهللا واهللا فيه": هللا بل هي اهللا

[119].

يوسف األب

وينبوع نفهم أن الروح القدس ليس عملا وإنما هو المدبر ) القول الرسولي(بهذا * .[120]الحب اإللهي الفائض

أمبروسيوس القديس

آما أن جسدك إن صار بال روح، أي بدون نفسك يكون ميتا، هكذا نفسك بدون * .الروح القدس، أي بدون المحبة، تحسب ميتة

إن آان حب اهللا المنسكب في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا يجعل النفوس الكثيرة *واحدة، والقلوب الكثيرة قلبا واحدا، فكم باألحرى يكون اآلب واالبن والروح القدس نفسا

اهللا الواحد، النور الواحد، والبدء الواحد؟

إذ نكون أعضاء تربطنا الوحدة معا؛ ما الذي يقيم هذه الوحدة إال الحب الذي يربطنا * معا؟

إنما . ليكن لك حب فيكون لك الكل؛ وبدونه آل ما يمكن أن يكون لك ال ينفعك شيئا *اسمع ما يقوله . ما يجب أن تعرفه هو أن الحب الذي نتكلم عنه يشير إلى الروح القدس

.[121]"محبة اهللا قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا": الرسول

أغسطينوس القديس

.]الروح القدس في قلوب الشهداء بسكب حب اهللا فيهمعن عمل [ *

لقد جعلهم شهداءه بالروح القدس الفعال فيهم، إذ يجعلهم يحتملون أتعاب االضطهادات من .[122]آل نوع، ويصيرون متأللئين بالنار اإللهية، فال يفقدون دفء محبتهم للكرازة

أغسطينوس القديس

Page 86: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

86  

؛ ولكي ال يظن أحد أن محبة اهللا هي من "في قلوبكم كبةالمنسمحبة اهللا ": إنه يقول *لذلك لكي تحب اهللا دع اهللا يسكن فيك، . "بالروح القدس المعطى لنا": عندياته يضيف

.ذاته فيك، بمعنى أن محبته تحرآك وتلهبك وتنيرك" الحب"فيكون

التي نتحد بها ال تتقبل المالئكة وال البشر الحكمة إال بالشرآة في هذه الحكمة * .[123]بالروح القدس الذي يسكب الحب في قلوبنا

أغسطينوس القديس

الحب اإللهي المنسكب في قلوبنا بالروح القدس يهبنا ال قدرة على تحقيق الوصايا [ * :]الناموسية فحسب وإنما لذة في تحقيق الوصايا اإلنجيلية التي تبدو صعبة ومستحيلة

).5: 5رو( "انسكبت في قلوبنا بالروح القدس ألن محبة اهللا قد"

في صنع ما هو ممنوع منه، ) المؤمن(بهذا ينزع عنا آل اهتمام بأي أمر آخر، وال يرغب لكن إذ يكمل آل هدفه وآل اشتياقه في الحب اإللهي على الدوام، . أو يهمل فيما قد أمر به

.األمور المسموح له بها ال يقع في التلذذ باألمور التافهة، بل وال يطلب حتى

فتحت الناموس يسمح بالزوجات الشرعيات، وهذا فيه قمع للذةوالخالعة مكتفيا اإلنسان بامرأة واحدة، لكنه ال يبطل بهذا وخزات الشهوة الجسدانية، ويصعب إطفاء النار المتقدة

نعمة المخلص أما الذين تضرمهم ... والتي تمون بوقود دائم، حتى ال تخرج إلى الخارج ...بحب الطهارة المقدس، فإنهم يهلكون آل أشواك الشهوات الجسدية بنار الحب اإللهي

بالتأآيد يخطئ في طريقة التوزيع أو ...آذلك من يقنع عند حد دفع العشور والبكورأما الذين لم يزدروا بنصيحة الرب بل ترآوا آل ممتلكاتهم للفقراء، وحملوا ... آميته

بعوا مانح النعمة ال يكون للخطية سلطان عليهم، إذ ال يساورهم القلق من جهة صليبهم، وتيستحيل عليه أن يتخلص من ... فالشخص الذي يدفع العشور والبكور... طعامهم اليومي

.[124]سلطان الخطية، وأما الذي تبع نعمة المخلص، فإنه يتخلص من حب االمتالك

األب ثيوناس

اهللا بالصليبمحبة اختيار: خامسا

يربط عمل األقنوم الثاني أي آلمة اهللا المتجسد "بر المسيح"إذ يتحدث الرسول عن بعمل األقنومين األول والثالث، فخالل بر المسيح يعمل األب إذ يهبنا ) السيد المسيح(

Page 87: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

87  

بمعنى آخر . ساآنا فينا، يسكب الحب اإللهي في أعماقنا) األقنوم الثالث(روحه القدوس هو موضوع لذةاهللا الواحد المثلث األقانيم، يعمل فيه بال انقطاع ليبلغ به إلى " نساناإل"

.أمجاده آابن وحبيب وصديق نحيا معه أبديا

هكذا يعمل الثالوث القدوس فينا فيسكب حب اهللا في قلوبنا، الذي تجلى في آمال أعماقه :خالل عمل المسيح الخالصي، إذ يقول الرسول

.إذ آنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين ألجل الفجار ألن المسيح"

فإنه بالجهد يموت أحد ألجل بار،

ربما ألجل الصالح يجسر أحد أيضا أن يموت،

.فباألولى آثيرا ونحن متبررون اآلن بدمه نخلص به من الغضب

ألنه إن آنا ونحن أعداء قد صولحنا مع اهللا بموت ابنه،

.حن مصالحون نخلص بحياتهفباألولي آثيرا ون

وليس ذلك فقط بل نفتخر أيضا باهللا بربنا يسوع المسيح

.]11-6[ "الذي نلنا به المصالحة

محبة اهللا الفائقة لمصالحتنا خالل الصليب؛ ويالحظ : هذا هو ما يعلنه الروح القدس فينا :في هذا اإلعالن اآلتي

يوجد فارق بين المعرفة . "ي قلوبناسكب محبة اهللا ف"يسمى الرسول هذا اإلعالن . أالفكرية للصليب التي يمكن أن نتمتع بها خالل دراسة الكتاب المقدس، خاصة خالل شهادة الناموس والنبوات التي مهدت أفكارنا إلدراك سر الفداء، أو سر محبة اهللا

نطلق بالنفس بالصليب، وبين معرفة الخبرة التي يهبها الروح ألعماقنا في الداخل، حيث يإلى الصليب لتلتقي بعريسها المصلوب، وتدرك حبه لها شخصيا، فتلتهب بنيران المحبة

.الحقيقية، وتشتهي أن ترد الحب بالحب

هذه المحبة التي يسكبها الروح فينا ليست بجديدة بالنسبة هللا، فهي في تدبيره األزلي، . ب ،"ملء الزمان"، أو في "في الوقت المعين"لكنه حققها في الوقت المناسب لخالصنا، أو

Page 88: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

88  

ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل اهللا ابنه مولودا من امرأة، مولودا تحت " :إذ قيل ).5-4: 4غل( "الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني

ضعفاء ، فمن جهة آنا "الفجار"، "ضعفاء"قدم اهللا هذا الحب من أجلنا، وقد دعانا . جإذ لم " فجارا"وفي نفس الوقت دعانا .مغلوبين بالخطية ساقطين تحت سلطان عبوديتها

نستسلم لها عن ضعف فحسب وإنما التهبت فينا، فصرنا نمارسها بعنف بكمال حريتنا، .عن معرفة أيضا وفي تهور

قوة عوض آخطاة نشعر أننا ضعفاء في حاجة إلى طبيب يعالج ضعفنا، واهبا إيانا الالضعف؛ وفجار نحتاج إلى القدوس يهبنا االتحاد معه لينزع فسادنا وتجبرنا ممارسين

.قداسته فينا

أراد إظهار عظمة محبة اهللا لنا، إذ قدم السيد المسيح حياته لنا ونحن ضعفاء وفجار، . دما يجسر أحد فبحسب المنطق البشري بالجهد أو بالكاد يمكن ألحد أن يموت عن بار، ورب

!مستحيلا أحد عن فاجر شرير، فهذا يبدو ويخاطر بحياته من أجل صالح، أما أن يموت

ما الفارق بين البار والصالح؟ جاء في آتب ربانيي اليهود أن البار هو من يقول لجاره آل ما هو لي فهو لي وآل ما هو لك فهو لك، وأن الصالح يقول لجاره آل ما هو لك فهو لك

بمعنى آخر البار يسلك بالعدل، فيعطي آل إنسان حقه، . [125]ل ما هو لي فهو لكوآأما في . متمسكا بحقه هو أيضا، أما الصالح فيسلك بالحب يود أن يعطي ماله لآلخرين

مفهومنا المسيحي فالبار هو من يحمل بر المسيح فيه، والصالح هو من يحمل صالح .الصالح في حياتنا هما تجلي سمتا المسيح في حياتناالمسيح فيه؛ وآأن البر و

لم يمت السيد المسيح من أجل صالحين وأبرار، وإنما من أجل الخطاة المقاومين له، الذي .حملوا له العداوة

إن آان من أجل إنسان فاضل ال يسرع أحد بالموت عنه، فتأمل محبة سيدك إذ * .[126]من أجل خطاة وأعداء صلب ال من أجل أناس فضالء، بل

يوحنا الذهبي الفم القديس

يا ": أحبنا ونحن نمارس العداوة ضده، ونرتكب اإلثم، ومع ذلك فبحق آامل قيل *بهذا فإنه ألمر عجيب وإلهي أنه حتى حيث ). 5: 5مز( "رب أبغضت جميع فاعلي اإلثم

Page 89: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

89  

يبغض ما لم يصنعه فينا، ويحب ما ... يبغضنا يحبنا، إذ هو يبغض فينا ما لم يخلقنا عليه ).[127]يبغض الشر ويحب النفس مشتاقا إلى خالصها(خلقه فينا

أغسطينوس القديس

الذي تعلن مكافأته بكمالها في الحياة العتيدة " بر المسيح " إذ يحدثنا الرسول عن . هأن الرسول أراد في هذا األصحاح تأآيد [128] يوحنا الذهبي الفم القديساألبدية، يرى

:التمتع بالوعود اإللهية الخاصة بالمجد األبدي، وذلك بالبراهين التالية

].1[ باهللا الذي وعد، أنه قادر أن يحقق وعده اإليمان *

].2[ التي وهبت لنا ونحن مقيمون فيها فعلا النعمة *

].4 -3[التي تقدم لنا رجاء الضيقات *

].5[القدس الذي نلناه، يسكب حبا في قلوبنا الروح عطية *

مات من أجل الخطاة ال المسيح بطريقة مملوءة حبا، فقد مات، وموت أخيرا *األبرار، مات ليصالحنا ويخلصنا ويبررنا فيجعلنا خالدين وأبناء وورثة، دون حاجة إلي

.أن يموت مرة أخري

هكذا ينتقل بنا الرسول من برهان إلي آخر، تارة خالل إيماننا باهللا الذي وهبنا سالما معه يم فيها فتفتح بصيرتنا للرجاء في فصرنا قريبين إليه، وأخري خالل نعمته العملية التي نق

السماويات، وثالثة خالل عمله معنا وسط الضيق، فيحوله إلي مجد نتذوق عربونه، ورابعا خالل روحه القدوس الساآن فينا يعلن حب اهللا بال حدود، وأخيرا خالل التأمل في

عيده اإللهية هذه البراهين آلها تدفعنا نحو الثقة الكاملة في موا! جراحات الرب وصلبه .للتمتع بشرآة أمجاده

وليس ذلك فقط بل : ال يقف األمر عند اليقين بنوال األمجاد األبدية، إنما يقول الرسول. وماذا ،]11" [أيضا باهللا بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به اآلن المصالحة) نفرح(نفتخر

يعنى هذا؟

ببرآات الخالص هنا ونترجى األمجاد أننا ليس فقط ننعم يوحنا الذهبي الفم القديسيري تعامل معنا آصديق مع أصدقائه، . األبدية إنما يصير اهللا نفسه مجدنا وفخرنا وفرحنا

Page 90: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

90  

، نريد )لو أن الملكوت أمر غير اهللا(وحبيب مع محبوبيه، فنفرح به أآثر من الملكوت ظم أننا صرنا بمعنى آخر نلنا المصالحة ال لننعم بشيء إنما ما هو أع. شخص اهللا ذاته

أحباء اهللا، ليس فقط نقف بجوار مجده آالقوات السمائية المحبة له، إنما نحمله ساآنا فينا !جالسا علي العرش

في محبة اهللا هذه آما وردت في هذه العبارات الرسولية، القديس آبريانوسإذ يتأمل . زإذ نتأمل محبته ورحمته يليق بنا أال نكون قساة وال عنيفين وال صارمين في : [يقول

تبكيت األخوة بل نحزن مع الحزانى، ونبكي مع الباآين، ونرفعهم قدر ما نستطيع خالل معهم نصدهم في توبتهم آما ال عون وتعزية حبنا لهم، فال نكون قساة جدا ومتشبسين .][129]نكون متراخين جدا ومتساهلين بتهور في قبول الشرآة

الموت آدم وبنوه تحت.2

حديث الرسول بولس عن البنوة الجسدية إلبراهيم نقلنا إلي حاجة إبراهيم نفسه إلي بر الرسول واآلن يوضح. المسيح خالل اإليمان، موضحا ثمر بر المسيح في حياة المؤمن

خضوع آل بنى آدم، بما فيهم إبراهيم طبعا، للموت، لكي يعلن حاجة الكل إلي نعمة :المسيح وبره، إذ يقول

من أجل ذلك آأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم،"

وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس

.إذ أخطأ الجميع

العالم، فإنه حتى الناموس آانت الخطية في

.على أن الخطية ال تحسب، إذ لم يكن ناموس

لكن قد ملك الموت من آدم إلي موسى،

].14-12" [الذي هو مثال اآلتي وذلك علي الذين لم يخطئوا علي شبه تعدي آدم

:في هذا الحديث أوضح الرسول اآلتي

Page 91: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

91  

فضح علة دخول الموت إلي البشرية وسلطانه عليها لكي يبرز بعد ذلك قوة تبريرنا : أولاآما يبذل أفضل األطباء : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول . بالسيد المسيح غالب الموت

آل الجهد الآتشاف مصدر األمراض ويبلغون أصل الداء عينه هكذا فعل الطوباوي ، والروح )إبراهيم(د تبررنا، مؤآدا ذلك خالل البطريرك بولس أيضا، فعندما قال أننا ق

، أخذ بعد ذلك يؤآد ما سبق أن )ألنه ما آان ليموت إال ليبرر(، وموت المسيح )القدس(أوضحه بإسهاب خالل مصادر أخرى، محققا هدفه ببرهان آخر مضاد، أي الموت

.][130]والخطية

من أجل ذلك آأنما بإنسان : "، فيجيبمتى دخل الموت؟ وآيف غلب؟: آأن الرسول يسألدخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس، واحد

لقد أظهر أن الخطية بدأت باإلنسان األول، وتملك الموت غالبا ]. 12" [إذ أخطأ الجميعلخطية منتشرة صارت ا.إياه، وقد صار الكل مخطئين وإن لم يسقطوا في ذات المعصية

في الطبيعة البشرية لكنها غير مكتشفة حتى جاء الناموس، فظهرت بعصيان اإلنسان فإنه حتى الناموس آانت الخطية في العالم على أن الخطية ال تحسب إن : "لوصايا معينة .]13[" لم يكن ناموس

للناموس بل ثمرة دبت بذار الموت مع الخطية منذ آدم، لكن الموت لم يكن ثمرة عصيان ملك الموت علي الذين لم يخطئوا بعصيان الناموس إنما خالل شبه تعدي .عصيان أبينا آدم

].14[ آدم الذي هو مثال اآلتي

في آدم سقطت أنا، وفيه طردت من الفردوس، وفيه مت، فكيف يردني الرب إال بأن * .[131]ح أتبرر أنايجدني في آدم مذنبا، إذ آنت هكذا، أما اآلن ففي المسي

أمبروسيوس القديس

).33: 16يو " (افرحوا، أنا قد غلبت العالم: "لذلك يقول *

) الذي التحف به(هذا قاله آمصارع الئق ليس بكونه اهللا فحسب، وإنما بإظهار جسدنا .آغالب لأللم والموت والفساد

علي جميع الناس، لكن دينت لقد دخلت الخطية إلي العالم بالجسد، وملك الموت بالخطية ، فقد غلبت الخطية، وطرد الموت من )شبه جسد الخطية(الخطية بذات الجسد في شبه

Page 92: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

92  

سلطانه، ونزع الفساد بدفن الجسد وظهور بكر القيامة، وبدأ أساس البر في العالم .[132]باإليمان، والكرازة بملكوت السموات بين البشر، وقيام الصداقة بين اهللا والناس

صانع العجائب غريغوريوسالقديس

حتى األطفال الذين ال يخطئون في حياتهم الشخصية إنما حسب الجنس البشري * .[133]العالم يكسرون عهد اهللا، إذ أخطأ الكل في واحد

أغسطينوس القديس

" ملك الموت من آدم إلي موسى"أنه بالخطية [134]القديس إيريناؤس يري: ثانياأما وقد جاء الناموس في العصر الموسوي، انفضحت الخطية، وظهرت أنها ،]14[

خاطئة، وأعلن أن الموت ليس ملكا حقيقيا إنما هو مغتصب ومجرم يمثل ثقلا علي .اإلنسان

يوحنا الذهبي القديس؟ يجيب ]14[ "آدم الذي هو مثال اآلتي"ماذا يقصد بعبارة :ثالثاآما سقط . أنه آما بواحد صار الحكم علي الكل بواحد أيضا صار البر لكل المؤمنين الفم

الكل تحت الموت مع أنهم لم يأآلوا مع آدم من الشجرة، هكذا قدم الخالص للعالم دون .فضل من جانبهم، إنما يرجع الفضل لبر المسيح الذي يهبه خالل شجرة الصليب

ه ال يفهم من هذا أن الخطية والنعمة متساويان، وال الموت أن القديس الذهبي الفميؤآد .والحياة عديالن، ألن الشيطان واهللا ليسا متساويين

إن آان الموت قد ملك علي البشرية بسبب آدم، فقد جاء آلمة اهللا متجسدا آآدم :رابعا :الثاني لينزع عن اإلنسان هذا السلطان القاتل

لم ). 10: 1تي 2(موت، لكن حضور الكلمة حطم الموت من آدم إلي موسى ملك ال * .[135]، إنما صرنا في المسيح نحيا جميعنا)22: 15آو 1(يعد بعد في آدم يموت جميعنا

البابا أثناسيوس القديس

: ، أما اآلن فالصوت اإللهي يقول"تسلط الموت من آدم إلي موسى": منذ القديم *: إذ يشعر القديس بهذه النعمة يقول). 43: 23لو ( "اليوم تكون معي في الفردوس" .[136] )17: 94مز ("لوال أن الرب آان معي لهلكت نفسي في الهاوية"

Page 93: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

93  

أثناسيوس القديس البابا

إذ أخطأ اإلنسان وسقط صار آل شيء في ارتباك بسقوطه، وتسلط الموت من آدم *إلي موسى، ولعنت األرض، وانفتح الجحيم، وأغلق الفردوس، وتكدرت السماء، وأخيرا

لذلك فإن اهللا في حبه . بينما تعظم الشيطان ضدنا) 12: 49مز (فسد اإلنسان وتوحش من أرسل؟ ومن يذهب : "لي صورته أن يهلك، فقالالحاني لم يرد لإلنسان الذي خلق ع

: ، عندئذ قيل له"هأنذا أرسلنى": وإذ صمت الكل قال االبن). 8: 6إش " (من أجلنا؟وسلم إليه اإلنسان، حتى إذ صار الكلمة جسدا، فبأخذه الجسد أصلح اإلنسان " اذهب"

الحية، فيهبه الحياة، ويقيمه لقد أسلم إليه اإلنسان آما إلي طبيب ليشفيه من لدغة. بكليتهورد آل …إذ صار جسدا جدد الطبيعة العاقلة. من الموت، ويضئ عليه، وينير الظلمة

.[137]األشياء إلي الصالح والكمال

أثناسيوس الباباالقديس

والنعمة آدم الثاني. 3

حتى على إذ عرض آلثار الخطية األولى التي ارتكبها آدم األول، فملك الموت علي الكل،الذين هم بال ناموس مكتوب حيث ال يوجد عصيان ضد وصية معينة معلنة، يعود فيعرض آلثار النعمة اإللهية التي يقدمها آدم الثاني ليخلص العالم من موت الخطية ويهب

.المؤمنين الحياة األبدية، مظهرا الفارق بين فاعلية الخطية وفاعلية النعمة

أيضا الهبة،ولكن ليس آالخطية هكذا "

ألنه إن آان بخطية واحد مات الكثيرون،

فباألولي آثيرا نعمة اهللا،

والعطية بالنعمة التي باإلنسان الواحد يسوع المسيح

].15" [قد ازدادت للكثيرين

إن آان للخطية آثارها البعيدة المدى : ما يقوله هو هكذا: [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول واحد، فكم باألولى تكون النعمة، نعمة اهللا، التي هي نعمة اآلب هكذا وهي خطية إنسان

Page 94: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

94  

ربما معاقبة إنسان من أجل خطأ ارتكبه آخر يبدو غير …واالبن أيضا يكون لها فيض؟ .][138]مقبول، لكن ما هو أآثر قبولا ومنطقيا أن يخلص إنسان بسبب آخر

وليس آما بواحد قد أخطأ هكذا العطية، "

واحد للدينونة، ألن الحكم من

].16" [وأما الهبة فمن جري خطايا للتبرير

:يوحنا الذهبي الفم القديس يقول

للخطية قوتها إذ تجلب الموت والدينونة، وأما النعمة فال تبرر خطية واحدة فحسب إنما [تساوى البرآات مع " هكذا"، "آما"ولئال يفهم من الكلمتين . الخطايا التي تبعتها أيضا

تظن أن الخطية التي ارتكبها آدم هي وحدها التي " آدم"الشرور، ولئال عند سماعك فقد تحقق التبرير بعد ارتكاب خطايا …من جري خطايا آثيرة للتبرير: تغفر، لذلك يقول

.بال حصر بعد الخطية التي أرتكبت في الفردوس

رآات بال حصر، وذلك آما حيث يوجد البر تتبعه بالضرورة الحياة بكل وسيلة، ويرافقه ب …البر هو أآثر من الحياة، وهو أصل الحياة. أنه حيث توجد الخطية يحدث الموت

سبق فقال أنه إن آان بخطية واحد مات الكل فباألولي نعمة الواحد لها سلطان أن فالمسيح لم . عاد فأوضح أن النعمة ليست فقط تنزع الخطايا وإنما تهب البر …تخلص

.][139]بقدر ما جلب آدم من أضرار، وإنما أآثر جدا بما ال يقاس يقدم خيرا

إن آنا قد ورثنا عن آدم عصيانه، إنما حملنا هذه الطبيعة فينا، لذا جاء السيد المسيح لنحياها، فنحمل طاعة المسيح فينا، ال آفضيلة خارجية وإنما " طاعته"بنعمته يقدم لنا

ألنه آما بمعصية اإلنسان الواحد جعل الكثيرون : "الرسولآطبيعة تمس آياننا، إذ يقول هذه الطبيعة المتبررة . ]19[ "أبرارا خطاة هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون

الجديدة، طبيعة الطاعة لآلب بابنه، تحمل انعكاسا علي آل تصرفاتنا فنشتهي الطاعة لو إذ آان هو مطيعا، ليتهم يقبلون تدبير [ :القديس أمبروسيوسأمكن للجميع، وآما يقول

: الطاعة، األمر الذي نلتصق به، قائلين للذين يثيرون الشر ضدنا من جهة اإلمبراطورنقدم الجزية لقيصر وال ننكرها، وننتمي ". نحن نعطي ما لقيصر لقيصر، وما هللا هللا"

.][140]قيصرللكنيسة التي ال تخص قيصر، فإن هيكل اهللا ال يمكن أن يكون من حق

Page 95: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

95  

عاد ليؤآد مرة أخري أنه ال وجه للمقارنة بين الضرر الذي أصابنا من الخطية مهما بلغ ألنه إن آان بخطية : "بالنسبة للخير الذي ننعم به خالل بر المسيح ونعمته، إذ يقول

الواحد قد ملك الموت بالواحد، فباألولي آثيرا الذين ينالون فيض النعمة، وعطية البر ].17" [لكون في الحياة بالواحد يسوع المسيحسيم

بل " النعمة"هذه العبارة موضحا أن الرسول لم يقل هنا يوحنا الذهبي الفم القديسيشرح :، ألننا لم ننل بنعمته زوال الخطية فحسب وإنما نلنا ما هو أآثر"فيض النعمة"

.نلنا التحرر من العقاب. أ

.التحرر من الشر. ب

).3: 3يو (الجديد من فوق الميالد. ج

.القيامة أو الحياة المقامة. د

وهبنا الخالص والتبني والتقديس، فصرنا إخوة لالبن الوحيد الجنس، وشرآاءه في .الميراث، وحسبنا جسدا له وهو الرأس، وهكذا اتحدنا به

مجرد مظهرا إن ما نلناه ليس " فيض النعمة" :هذا آله دعي الرسول بولس أن يقولدواء لتضميد الجراحات وإنما للتمتع بالصحة والسالمة والكمال والكرامة والمجد،

آل عطية من هذه آفيلة أن تنزع عنا الموت، أما آونه يهبنا . األمور التي تفوق طبيعتنا .هذا آله، فهذا يعنى أنه لم يعد للموت أدنى أثر أو ظل

سانا مدينا بعشر وزنات وإذ لم يكن له ما أننا في هذا نشبه إن القديس الذهبي الفميقول يوفي الدين سجن هو وزوجته وأوالده، فجاء آخر ال ليسدد الدين فحسب، وإنما ليهبه عشرة آالف وزنة ذهبية، ويقوده من السجن إلي العرش، ويهبه سلطانا عظيما، ويجعله

هكذا . وضوع الدينشريكا معه في األمجاد العلوية وآل عظمة، حتى لم يعد بعد يذآر م .يدفع لنا السيد أآثر مما علينا، نعم قدر ما يتسع محيط بال حدود مقارنا بحفرة صغيرة

فصار يشغلنا عظم فيض نعمته ،لقد غطت هبات اهللا علي موضوع الخطية والموت .الخاصة بالحياة األبدية

Page 96: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

96  

ي يهدم موت علي برآات فيض نعمة المسيح أو عمل إنجيله الذ القديس جيروميحدثنا أما تحت المسيح أي تحت إنجيله ففتح لنا باب الفردوس وصار الموت : [الخطية، قائلا

.][141]مصحوبا بالفرح ال بالغم

قدم لنا الرسول مقارنة بين أثر الخطية وأثر النعمة اإللهية لنجد أنفسنا وقد قدم لنا السيد الموت آأثر لها، بل ننشغل المسيح فيض نعمته فال نعود نخاف الخطية، وال نرهب

وأما : "عاد ليقارن بين الناموس والنعمة، قائلا. باألمجاد التي أعدتها لنا نعمته الفائقةالناموس فدخل لكي تكثر الخطية، ولكن حيث آثرت الخطية إزدادت النعمة جدا، حتى

" المسيح ربناآما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة بالبر للحياة األبدية بيسوع ]20- 21.[

بأن الناموس قد أعطى بحق لكي ينقص العصيان ويتدمر يوحنا الذهبي الفم القديس يقولجاء . لكن النتيجة جاءت عكسية، ال بسبب طبيعة الناموس وإنما بسبب إهمال الذين قبلوه

لكننا ال نخاف، ألن الناموس لم . يكشف المعصية ويدين العصاة متهما إياهم باألآثرالتي ازدادت جدا، إذ لم تقدم لنا إعفاء يوضع لكي تزداد عقوبتنا، وإنما لكي نتقبل النعمة

صرنا أشبه بإنسان آان محموما فلم يشف من . من العقاب فحسب وإنما وهبتنا الحياةمرضه فحسب، وإنما نال جمالا وقوة وآرامة، آما نشبه إنسانا جائعا لم ينل غذاء ليقوته

.فحسب، وإنما تمتع بغنى عظيم وسلطان

يف آثرت الخطية بالناموس؟ ألنه قدم وصايا آثيرة بال حصر آ: ربما يتساءل البعض .وقد عصيت، فازداد العصيان

آشف الناموس أيضا أصل الموت والحياة، إذ أظهر أن الخطية تسلحت بالموت لتبيد .البر، لكن النعمة حطمت سالح الموت، ووهبتنا البر علي مستوي الحياة األبدية الخالدة

:تفسيرا الزدياد الخطية بالناموس، إذ يقول طينوسالقديس أغسيقدم لنا

: 7رو (جاء الناموس لكي تكثر المعصية، ألن المنع جعل الشهوة تزداد، وصيرها عنيفة [حتى قبل (وهكذا صارت المعصية التي لم تكن بدون الناموس رغم وجود الخطية ). 7

كذا زادت قوة وه). 20: 5رو " (إذ حيث ليس ناموس ليس أيضا تعد") الناموسالخطية، وذلك بالناموس، مع عدم مساعدة النعمة، والمنع من الخطية، لذلك يقول الرسول

).56: 15آو 1" (وقوة الخطية هي الناموس"

Page 97: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

97  

إذن ال عجب إن آان ضعف اإلنسان يجعل من الناموس الصالح ما يزيد من الشر، مع .أنه قد عهد إليه به لينفذ الناموس

الذي يهبه للضعفاء، ويريدون أن يقيموا برهم ) 3: 10رو (ببر اهللا حقا إذ هم جاهلون. الذاتي، األمر الذي يتجنبه الضعفاء، صاروا غير خاضعين لبر اهللا وفاسدين ومتكبرين

ألن بهم "الطبيب"لكن الناموس آمعلم يقود الذين صاروا مجرمين إلي النعمة، طالبين في عمل الخير عوض لذة الشهوة المهلكة، حتى جراحات خطيرة، فيعطيهم الرب عذوبة

الذي منه يقتات ) 12: 135مز (تكون لهم بالعفة بهجة أعظم، وتعطى أرضهم ثمرها .][142]الذي يهزم الخطية بمساعدة الرب) الروح(الجندي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 98: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

98  

6 الرسالة إلى أهل رومية

هللا بنوة المؤمنينجهة بنوتهم إلبراهيم الحر جسديا، موضحا أن إبراهيم فند الرسول بولس حجة اليهود من

قد تبرر وهو في الغرلة باإليمان، آما تبرر بذات اإليمان وهو في الختان، لذا فهو أب فإن أردنا البنوة إلبراهيم نلتزم أن . أهل الغرلة آما هو أب أهل الختان، هو أب الجميع

ا الرسول من البنوة إلبراهيم إلى البنوة هللا نفسه في مياه اآلن يرفعن. نتبرر معه باإليمانالمعمودية التي يتمتع بها األممي المتنصر آما اليهودي المتنصر، ليعيش الكل آأبناء اهللا في جدة الحياة، يمارسون حياة المسيح المقامة، مقدمين أجسادهم آالت بر هللا، بعد أن

ليس االنتساب جسديا إلبراهيم، : مفهوم الحرية الجديدهذا هو . آانت آالت إثم للخطية .وإنما ممارسة الحياة المقدسة بالنعمة اإللهية بروح البنوة

الجديدة بالمعمودية الحياة. 1

عن فيض نعمة اهللا المجانية التي ال تقف عند غسلنا األصحاح السابقسبق أن تحدث في إذ . نما تفيض فينا بغنى عطايا إلهية بال حصرمن الخطية ومحو آثارها، أي الموت، إ

بهذا أآد . تهبنا بر اهللا، وتقدم لنا الحياة أبديا بشرآة أمجاد إلهية وميراث سماوي فائقالرسول ليس فقط تفوق آثار النعمة على أثر الخطية، وإنما أآد التزامنا ونحن نتمسك

هذا ما عاد ليؤآده بأآثر وضوح . في الرب بالنعمة أن نحيا آما يليق بمن نالها، مقدسين :في هذا األصحاح مبرزا بنوتنا هللا التي ننالها خالل نعمة المعمودية، إذ يقول

!فماذا نقول؟ أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة؟ حاشا"

نحن الذين متنا عن الخطية، آيف نعيش بعد فيها؟

اعتمدنا لموته؟ أم تجهلون أننا آل من اعتمد ليسوع المسيح

فدفنا معه بالمعمودية للموت،

حتى آما أقيم المسيح من األموات بمجد اآلب،

Page 99: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

99  

.]4- 1" [هكذا نسلك نحن أيضا بجدة الحياة

إن آان اهللا بكثرة رحمته أفاض بنعمته علينا لينزع عنا آل أثر للخطية، فتمجد فينا نحن لتهاون في الجهاد ضدها، إنما يليق بنا أن الخطاة، هذا ال يدفعنا لالستهتار بالخطية أو ا

هكذا يضع الرسول بولس . نترآها سالكين آما يليق بنا آأوالد هللا، نلنا بنعمته البنوة له .أمامنا لندرك مرآزنا الجديد خالل النعمة فنحيا في جدة الحياة آأوالد هللا" المعمودية"

ها، تأآيد نعمة اهللا المجانية آباعث هذا هو عمل الكنيسة تجاه المؤمنين، آأم نحو أوالدحقيقي للجهاد بال انقطاع، وتذآير الكل بمرآزهم الجديد خالل مياه المعمودية، ليعيشوا

.آل زمان غربتهم سالكين بقوة القيامة آأوالد هللا، في جهاد غير منقطع

فينا، ولكي تظل أن المعمودية قد أماتت الخطية [143]يوحنا الذهبي الفم القديس يقولالخطية ميتة يليق بنا أن نجاهد بال انقطاع، فال نطيع الخطية بالمرة، بل نقف أمامها

.جامدين آالموتى

فالمعمودية هي . يقصد موتنا نحن آما مات هو؟ "اعتمدنا لموته"ماذا يعني *سبة لنا، ولو أن الصليب، وما آان الصليب والدفن بالنسبة للمسيح تكون المعمودية بالن

) الموت والدفن(ألنه هو مات ودفن بالجسد، أما نحن فنمارس االثنين . التطابق ليس تماما .بالنسبة للخطية

، فإن هذا وذاك هما موت، لكن ]5[ "بشبه موته"وإنما قال " متحدين معه بموته"لم يقل طية التي من موضوع الموت مختلف، المسيح مات بالجسد، أما نحن فنموت عن الخ

.[144]عندياتنا

يوحنا الذهبي الفم القديس

واضح أن من يعتمد يصلب فيه ابن اهللا، فإن جسدنا ال يقدر أن يطرد الخطية ما لم * .[145]يصلب مع يسوع المسيح

أمبروسيوس القديس

!لندفن مع المسيح بالمعمودية لنقوم معه *

!لننزل معه لكي نرتفع أيضا معه

Page 100: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

100  

[146]!لنصعد معه، فنتمجد أيضا معه

غريغوريوس النزينزي القديس

برمحاآلن إن آنا نتمثل بموته، فالخطية التي فينا تكون بالتأآيد جثمانا ميتا، تجرح * ).15-6: 25عد( [147]المعمودية آما ضرب فينحاس الغيور الزاني بالرمح

غريغوريوس أسقف نيصص القديس

:حديثه عن تمتعنا بالحياة الجديدة في مياه المعمودية اآلتيويالحظ في

يربط الرسول بين الصلب والدفن والقيامة، أو بين الموت مع السيد المسيح والحياة :أولافإن آانت المعمودية هي دفن، فهي في نفس الوقت قيامة، بهذا نفهم . معه بقوة قيامته

وقت طريق مبهج، ألنه طريق األلم مع المسيح طريق المسيح آطريق آرب، وفي نفس الهذا من جانب، ومن جانب آخر فإن تمتعنا بقيامته ليس أمرا مستقبليا . والقيامة معه

.فحسب، إنما هي حياة حاضرة نعيشها في حياتنا اليومية

إذ يلمح هنا عن التزامنا بالسلوك المدقق يشير إلى : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول أتؤمن أن المسيح مات وقام؟ آمن بهذا من : فإنه يقصد بكلماته هكذا... ضوع القيامةمو

إن آنت تشترك في الموت والدفن . جهة نفسك، فالقيامة آالصلب والدفن هي خاصة بكإن آانت الخطية، األمر األصعب، قد أزيلت فبال . فباألولي أن تشترك في القيامة والحياة

إذ يقدم لنا القيامة فإنه يسألنا أمرا آخر . اآلن) فتنال القيامة(األقل شك ينزع الموت األمر فعندما يصير الزاني عفيفا). بكونها قيامة عاملة فينا(عاداتنا هنا ) تجديد(هو تغيير

. والطماع رحيما والعنيف مطيعا، بهذا تكون القيامة عاملة هنا آعربون للقيامة األخرىألن الخطية تموت والبر يقوم، اإلنسان القديم ينتهي، والجديد قيامة؟ آيف يحسب هذا .][148]المالئكي يعيش

حديثه عن الموت مع المسيح والقيامة معه في جرن يوحنا الذهبي الفم القديسيكمل فإن آان السيد المسيح يهبنا أن نموت ". اإلماتة"المعمودية، مبرزا دورنا اإليجابي في

معه في المعمودية، إنما ليقدم لنا إمكانية السلوك والجهاد آل أيام غربتنا بال توقف، حتى يقول . ي حتى ال نفقد تمتعنا بالموت مع المسيحال نفقد نعمة المعمودية أو ثمرها فينا، أ

:القديس الذهبي الفم

Page 101: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

101  

في ) فينا(يتحدث الرسول عن نوعين من اإلماتة والموت، األولي هي عمل المسيح [المعمودية، والثاني نمارسه بشغف بعد المعمودية؛ فدفن خطايانا السابقة هو هبة منه، لكن

المعمودية، فيلزم أن يكون موضع شغفنا لنجد اهللا نفسه أن نبقى أمواتا عن الخطية بعد فإن سلطان المعمودية ال يقف عند محو معاصينا السالفة، إنما تهبنا أمانا من . معينا لنا

بالنسبة للخطايا السابقة نساهم نحن باإليمان لكي تمحى، وهكذا . جهة المعاصي الالحقةهذا . ظهار تغيير نيتك مؤآدا أنك ال تدنس نفسك بعدأيضا بالنسبة للخطايا الالحقة يلزمك إمعه في شبه موته ) زرعنا(آنا قد اتحدنا إن": هو ما يشير به عليك الرسول بقوله

أال تالحظ آيف يستثير سامعه ليقوده إلى سيده محتملا آالما . ]5[ "نصير أيضا بقيامتهلئال تعارضه بل " معه في موته) زرعنا(اتحدنا : "آثيرة ليصير على شبهه؟ لهذا لم يقل

هو الذي " الشر"أي " إنسان الخطية"ألن جوهرنا ال يموت بل . "في شبه موته": قال .يموت

فبإشارته للزرع هنا يلمح إلى الثمر الذي ينتج عنه، فكما أن ؛"إن آنا قد زرعنا معه"هكذا نحن أيضا إذ ندفن في بدفنه في األرض قدم لنا ثمر الخالص للعالم،) المسيح(جسد

المعمودية نحمل ثمر البر والتقديس والتبني وبرآات بال حصر، آما نحمل بعد ذلك عطية .القيامة

نحن دفنا عن الخطية، أما هو فمن جهة الجسد، . نحن دفنا في المياه، أما هو ففي األرضنصير أيضا : "لكنه لم يقل... "في شبه موته"وإنما " زرعنا معه في موته: "لذلك لم يقل

.][149]ذاتها" بقيامته"بل " في شبه قيامته

غاية المعمودية إننا إذ نصلب مع السيد المسيح ننعم بالحياة المقامة الجديدة، فنعيش :ثانيا .هنا بفكر سماوي متمتعين بعربون الميراث األبدي

يضع غايته الرئيسية في الحياة لن) صاحب المعرفة الروحية الحقيقية(الغنوسي * .[150]إنما يبقي على الدوام سعيدا ومطوبا وصديقا ملوآيا هللا) الزمنية(

السكندري إآليمنضسالقديس

يتقبل المعمدون الميراث، هؤالء الذين يعتمدون بموت المسيح ويدفنون معه ليقوموا *، ورثة اهللا ألن نعمة المسيح )17: 8رو(لذا فهم ورثة اهللا ووارثون مع المسيح . معه

توهب لهم؛ وورثة مع المسيح، ألنهم يتجددون بحياته، وهم أيضا ورثة المسيح إذ وهبهم [151]الميراث بموته، آما لو آانوا ورثة للموصي

Page 102: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

102  

أمبروسيوس القديس

" بقيامته"بل " نصير أيضا بشبه قيامته"إذ أراد الرسول تأآيد حقيقة القيامة لم يقل : ثالثاعالمين هذا أن ": عينها، قدم لنا عربون هذه القيامة المقبلة خالل حياتنا الزمنية، قائلا

إنساننا العتيق قد صلب معه، ليبطل جسد الخطية، آي ال نعود نستعبد أيضا للخطية، ألن "ي مات قد تبرأ من الخطية، فإن آنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضا معهالذهذه هي القيامة األولى التي يدعوها الرسول . لنمت هنا عن الخطية فنحيا للبر. ]6-8[ .، عربون القيامة األخيرة]4[ "جدة الحياة"

. عاشت فيه فمات روحيا الذي يبطل هو شرور اإلنسان وآثامه التي ":جسد الخطية"، ليمارس قوة القيامة آحياة "اآلثام"بالمعمودية يموت اإلنسان القديم بهذا الجسد، أي

.جديدة، بفكر جديد وتسبحة جديدة

إذ نخلع اإلنسان ) 3: 14رؤ(حتى التسبحة التي نتغنى بها جديدة : [القديس جيروميقول أنه ال )... 6: 7رو(لحرف بل في جدة الروح ، فال نسير في عتق ا)22: 4أف(القديم

يسعفني الوقت ألحاول تقديم آل عبارات الكتب المقدسة الخاصة بفاعلية المعمودية شارحا لك التعاليم السرية الخاصة بهذا الميالد الجديد الذي هو ميالد ثان لكنه يحسب

.] [152]األول في المسيح

جسد "إنما " الجسد"ي يموت في المعمودية ليس حاول آثير من اآلباء تأآيد أن الذآعنصر ) الجسم(، مظهرين خطأ بعض األفكار الغنوسية التي تنظر إلى الجسد "الخطية

فإننا نؤمن بأن اهللا لم يخلق فينا عنصر ظلمة، وال . ظلمة يجب الخالص منه ومقاومتهإنما نحن أفسدناه . الحشرا، وأن الجسد بأحاسيسه وعواطفه وقدراته هو من صنع اهللا الص

وآما . بانحراف األحاسيس والعواطف عن غايتها وانحراف الحب إلى الشهوة والدنسالجسد ليس مضادا للخالص بل ": [قيامة الجسد"في مقاله عن العالمة ترتليانيقول

عندما تنزع عنه هذه األعمال المسببة للموت يظهر الجسد في ). المنحرفة(أعمال الجسد مؤآدا أن الذي [154]ويكمل حديثه بإفاضة.] [153]آمان ويتحرر من آل علة الموت

أو الطبيعة (تي، إنما سلوآه األخالقي يصلب مع المسيح ليس هيكل الجسد وال آيانه الذاآي ال : "وأحاسيس الخطية التي طرأت عليه، مدلال على ذلك بأن الرسول لم يقل) الفاسدة

احسبوا أنفسكم : "وأيضا لم يقل. ]6" [للخطية": بل قال" نعود نستعبد أيضا للجسدالجة هذا الموضوع وقد سبق لي مع. ]11" [عن الخطية" :وإنما قال" أمواتا عن الجسد .الذي سبق لي ترجمته ونشره للقديس أغسطينوس" العفة"في مقدمة آتاب

Page 103: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

103  

فإن آنا قد "فما هي المكافأة؟ " موت عن الخطية"إن آنا نقبل أن نبقي في حالة : رابعايوحنا الذهبي القديسوآما يقول . ]8" [نؤمن أننا سنحيا أيضا معه متنا مع المسيح

أنه إذ يطلب الرسول منا أن نقوم بهذا الدور البطولي أن نموت عن الخطية، فنصير الفمبالنسبة لها آمن هو ملقي جامدا بال حراك، فال نشوه عطية اهللا التي وهبت لنا في

حقا حتى . ["سنحيا أيضا معه" ، قائلا"الحياة مع المسيح: "المعمودية يقدم لنا األآاليل .][155]اإلآليل، فإن الشرآة مع سيدنا هي في ذاتها أعظم إآليل قبل نوالنا

خاصة وأنه يطالبنا به ،"الموت مع المسيح": لئال يستثقل المؤمن هذا الطريق :خامسااألول أن : آل أيام غربتنا بعد تمتعنا بالدفن معه في المعمودية، أوضح الرسول جانبين

الطريق بكونه الحياة والقيامة، فال يستطيع الموت ، يرافقنا"مع المسيح"هذا الموت هو أن يحطمنا، والثاني أن المسيح مات مرة واحدة عن خطايانا وقام، فال يعود يموت ثانية،

بهذا ال يكون موتنا عن الخطية حرمانا أو . هكذا يهبنا قوة القيامة والغلبة على الخطيةهذا هو . ي لنا بالمسيح غالب الخطية والموتخسارة، بل ممارسة لقوة الغلبة والنصرة الت

عالمين أن المسيح بعدما أقيم من األموات ال يموت أيضا، ال : "ما قصده الرسول بقولهيسود عليه الموت بعد، ألن الموت الذي ماته قد ماته للخطية مرة واحدة، والحياة التي

تا عن الخطية، ولكن أحياء هللا يحياها فيحياها هللا، آذلك أنتم أيضا احسبوا أنفسكم أموا .]11-9[ "بالمسيح يسوع ربنا

، لكي يحطم "للخطية"أآد الرسول أن السيد المسيح لم يمت عن ضعف خاص به، إنما حقا الخطية . خطايانا ويبدد قوتها، لهذا لم يعد لها سلطان علينا مادمنا في اتحاد معه

ا مرة واحدة، لكنه بموته هدم سلطانها، فال خاطئة جدا وعنيفة، بسببها مات المسيح عن .نخاف من السير معه في هذا الطريق

لقد مات المسيح مرة واحدة بال تكرار، ألنه لم يمت عن ضعف بل عن قوة الحب الباذل، لكي إذ ال يموت مرة أخرى يهبنا أن نشترك معه في موته وأن نشارآه قيامته التي ال

.يغلبها الموت

نعمة اهللا، وهذه هي طرق اهللا في إصالح بني البشر، فإنه تألم ليحرر الذين هذه هي * يتألمون فيه،

نزل لكي يرفعنا،

،)بإنسان مولود عادي(قبل أن يولد حتى نحب ذلك الذي هو ليس

Page 104: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

104  

ليهبنا عدم الموت،) الموت(نزل إلى حيث

...صار ضعيفا ألجلنا حتى ننال قوة

أخيرا صار إنسانا حتى نقوم مرة أخرى نحن الذين نموت آبشر، وال يعود يملك الموت ، 9راجع" [[156]ال يسود علينا الموت بعد": علينا، إذ تعلن الكلمات الرسولية قائلة

14[.

أثناسيوس الرسولي الباباالقديس

اإلفخارستيا نقبل لقد أآد الرسول أن المسيح مات مرة واحدة عن الخطية، لهذا ففي سرالسيد المسيح الذي مات مرة على الصليب، فنقبل ذات عمل الصليب الذي ال يتكرر، إنما هو ممتد في حياة الكنيسة آسر غلبتها على الخطية والموت، ويبقى سر تسبيحها الذي ال

.ينقطع حتى في األبدية

الحب باسمنا، هذه التي يشتهي أن مات السيد المسيح مرة واحدة عن الخطية، مقدما ذبيحة قصة لقاء السيد [157]القديس أمبروسيوسيروي لنا . يقدمها في حياة شعبه وخدامه

المسيح مع القديس بطرس عند أبواب روما وهو خارج تحت ضغط المؤمنين ليهرب من االستشهاد، فرأى السيد حاملا صليبه، فعرف أنه يريد أن يصلب في شخص خادمه، لهذا

.عاد إلى روما، وقدم نفسه للموت من أجل المسيح، وتمجد ربنا يسوع بصلبه

آي ال يكون لها سلطان علينا، فإنه ال يليق بنا " للخطية"إن آان المسيح قد مات :سادسالنمت عن الخطية، فال تملك . إال أن نسلم القلب عرشا له، بعد أن ملكت عليه الخطية زمانا

ولنحيا هللا بالمسيح يسوع ربنا الذي يملك فينا، ويقيم مملكته داخل قلوبنا، . علينا بعدمقدمين آل أعضاء جسدنا وطاقاتنا وعواطفنا لحساب ملكوته، آآالت بر هللا بعد أن آانت

.خاضعة للشهوات آآالت إثم للخطية

الخطية آذلك أنتم أيضا احسبوا أنفسكم أمواتا عن": هذا ما عناه الرسول بولس بقولهإذن ال تملكن الخطية في جسدآم المائت لكي . ولكن أحياء هللا بالمسيح يسوع ربنا

تطيعوها في شهواته، وال تقدموا أعضائكم آالت إثم للخطية، بل قدموا ذواتكم هللا آأحياء من األموات، وأعضاءآم آالت بر هللا، فإن الخطية لن تسودآم، ألنكم لستم تحت

.]14-11[ "النعمة الناموس بل تحت

Page 105: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

105  

يوضح الرسول أن المسيح يسوع ربنا هو الذي يهبنا الموت عن الخطية والحياة لآلب آأبناء له؛ وهو الذي يحطم الشهوة الشريرة ال الجسد ذاته، محولا أعضاء الجسد من آالت

.إثم للخطية إلى آالت بر هللا، لهذا وجب أن يملك هو فينا ال الخطية

إعالنا عن استعباد "ال تملكن الخطية" في قول الرسول يوحنا الذهبي الفم القديسيرى لذا من يعود إليها بعدما تمتع بنعمة . الخطية إلنسان، إذ تود أن تحكمه بالقوة والقهر

المسيح يكون آمن قذف بالتاج من على رأسه ليحني رقبته لعبودية امرأة مجنونة مهلهلة إنما لكي يوضح الرسول أن الجهاد مؤقت "في جسدآم المائت"وله أما ق. الثياب وعنيفة

.وله نهاية مادام مرتبط بجسدنا الزمني

:فيما يلي بعض مقتطفات لآلباء بخصوص ملكية المسيح فينا وملكية الخطية علينا

إال ذلك الذي ال تملك الخطية في ) 1: 5مز(" ملكي وإلهي": ال يجسر أحد أن يقول * ...المائتجسده

!أنت تملك في، أما الخطية فال تملك، ألنك أنت إلهي

!أنت هو إلهي، ألن بطني ليست إلها لي، وال الذهب وال الشهوة

!أنت هو الفضيلة، أود أن أقتنيك

[158]!أنت هو إلهي، أنت هو فضيلتي

جيروم القديس

.[159]للرب ال للخطيةإنها آرامة عظيمة وشرف آبير أن يكون اإلنسان عبدا *

) من الخطية(لنكن ملوآا فنحكم جسدنا ). 1: 21 أم( "قلب الملك في يد الرب" * .[160]ونخضعه، فيكون قلبنا في يد اهللا

جيروم القديس

هذا هو عملنا الحالي مادامت حياتنا مستترة، أال نملك الخطية أو شهوة الخطية في * .آنا نطيع شهوتها تملك عليناجسدنا المائت،فإننا إن

Page 106: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

106  

ورغبتها موجودة، لكن يلزم أال . شهوة الخطية فينا، لكننا ال نسمح لها أن تملك علينافإذ ال نسمح للشهوة أن تغتصب أعضاءنا بل للعفة أن . نطيعها حتى ال تسيطر علينا

بهذا ال تسودنا . تطلبها آحق لها، بهذا تكون أعضاؤنا آالت بر هللا وليست آالت إثم للخطيةالخطية، ألننا لسنا تحت الناموس الذي يأمر بما هو للخير دون أن يهبه، بل تحت النعمة

).اإلرادة(التي تحببنا بما يأمر به الناموس، وهي قادرة على السيطرة على

مادامت الخطية بالضرورة موجودة في أعضائك فال تجعل لها سلطان عليك لتملك، * .ألقل اطردها وال تطع متطلباتهاوإنما على ا

هل يثور فيك الغضب؟ ال تخضع له لسانك بالنطق بكلمة شريرة، وال تخضع له يدك أو ما آان يمكن للغضب غير المتعقل أن يثور فيك لو لم توجد . قدمك آأن تضرب بهما

عندئذ الخطية في أعضائك، ولكن اطرد قوتها الحاآمة، فال يكون لها أسلحة لمحاربتك، ...ةتتعلم هي أال تثور فيك إذ تجد نفسها بال أسلح

هكذا يليق بكل أحد أن يجاهد إذ يبغي الكمال، حتى إذ تجد الشهوة نفسها بال استجابة من .[161]األعضاء تقل يوما فيوما خالل رحلتها

أغسطينوس القديس

" ال تدعها توجد هناك": لم يقل]...12" [إذن ال تملكن الخطية في جسدآم المائت" * .ألنها هي موجودة فعلا

أي ... ما دمت تحمل جسدا قابلا للموت تحاربك الخطية؛ لكن ليتك ال تجعلها تملك * .فإن بدأت تطيعها تملك عليك. اقطع رغباتها

.[162]؟ تخضع أعضاؤك آآالت إثم للخطية"تطيع"ماذا يعني

أغسطينوس القديس

مرة أخرى يؤآد الرسول أن الدعوة للموت مع المسيح ال تعني تحطيم آيان الجسد : سابعاإنما ]6[بل تقديسه، فقد رأينا في الحديث عن المعمودية أن اإلنسان العتيق الذي يصلب

يبطل جسد الخطية ال أعضاء الجسد في ذاتها، واآلن إذ يتحدث عن الجهاد بعد المعمودية فينا يؤآد أن الدعوة للموت مع المسيح " عمل النعمة"المعمودية أو خالل خالل إمكانيات

فالموت هنا هو ربح، إذ .ليست دعوة سلبية للخسارة والتبديد، وإنما دعوة إيجابية للربح

Page 107: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

107  

فيه تمتع بالمعية مع المسيح المصلوب القائم من األموات، القادر ال على تحطيم أعضاء .ة وإنما باألحرى يقيمها آالت بر هللا، واهبا إياها تقديسا من عندهالجسم آآالت إثم للخطي

وال تقدموا أعضاءآم آالت إثم للخطية، بل قدموا ذواتكم لله آأحياء من : "يقول الرسول ].13[" األموات وأعضاءآم آالت بر هللا

ذواتنا هللا آأحياء من "والعجيب قبل أن يطالبنا بتقديم أعضاءنا آالت بر هللا يطالبنا بتقديم ، بمعنى أنه لن تتقدس أعضاؤنا الجسدية ما لم يتقدس آياننا آكل، ونقبل القيامة "األموات

...عاملة في نفوسنا آما في فكرنا وجسدنا الخ

األعضاء عينها التي اعتدنا أن نخدم بها الخطية ونجلب بها ثمرة الموت يريدنا اهللا * .[163]للبر فنثمر للحياةأن نستخدمها للطاعة

إيريناؤس القديس

أنه إذ يتقدس اإلنسان في آليته، خاصة القديس غريغوريوس أسقف نيصصيرى فتكون النفس . النفس، تتحول األعضاء الجسدية من آالت إثم إلى آالت بر لمجد اهللا

، فدعت جيرانها ليفرحوا معها ويشارآونها )15لو (آالمرأة التي وجدت الدرهم المفقود فرحنا بخالص الرب هكذا أعضاؤنا أشبه بالجيران، ندعوها لتمارس . بهجتها بالدرهم

!عمليا

: يختم الرسول بولس حديثه عن عمل المعمودية الملتحم بالجهاد الروحي، قائلا: ثامنا، مؤآدا ]14[ "تسودآم، ألنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة فإن الخطية لن"

المعمودية آما اإلمكانيات الجديدة التي صارت لنا خالل النعمة، التي تعمل فينا في مياه .في جهادنا اليومي، اإلمكانيات الواهبة للغلبة والنصرة

المسيح يسوع الحرية في. 2

إذ رآز الرسول بولس أنظارنا نحو المعمودية آأبناء هللا، نمارس هذه البنوة خالل موتنا ن مع المسيح وحياتنا معه آل أيام غربتنا، أراد أن يصحح مفهوما خاطئا استقر في ذه

اليهود، أال وهو أنهم أحرار لمجرد انتسابهم إلبراهيم جسديا، األمر الذي وضح في أنكم إن ثبتم في آالمي، فبالحقيقة تكونون ": حوارهم مع السيد المسيح حين أعلن لهمإننا ذرية إبراهيم : أجابوه"، )32-31: 8يو( "تالميذي، وتعرفون الحق، والحق يحررآم

Page 108: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

108  

الحق الحق : ط، آيف تقول أنت أنكم تصيرون أحرارا؟ أجابهم يسوعولم نستعبد ألحد قأقول لكم أن آل من يعمل الخطية هو عبد للخطية، والعبد ال يبقى في البيت إلى األبد، أما

).36-33: 8يو ( "االبن فيبقى إلى األبد، فإن حررآم االبن، فبالحقيقة تكونون أحرارا

:ا عن الحرية التي صارت لنا في المسيح يسوع اآلتييالحظ في حديث الرسول بولس هن

فشكرا لله أنكم آنتم عبيدا للخطية، : "يستخدم الرسول أسلوب التشجيع، إذ يقول :أولاالقلب صورة التعليم التي تسلمتموها، وإذ أعتقتم من الخطية صرتم ولكنكم أطعتم من

أنه يعود فيدخل الثقة في يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . ]18- 17" [عبيدا للبرنفوسهم بعد أن أزعجهم بالخزي وأرعبهم بالعقاب، مظهرا لهم أنهم بالفعل نالوا الحرية . من شرور آثيرة بفضل النعمة اإللهية، لذا وجب عليهم تقديم الشكر هللا على هذه العطية

نا لحياة نمارسها بالنعمة، يجب أن بمعني آخر، إن آان الرسول يدعونا للحرية، فإنه يدعو .تزداد وتلتهب فينا

يشير إلى أن الحرية التي نمارسها ال تتحقق عن " أطعتم من القلب"بقوله :ثانيافالحرية في المسيح هي . بكمال إرادتنا" من القلب"اضطرار، إنما تمارس خالل الحب

س عبودية العنف اإللزامي؛ عبودية لكنها عبودية الحب االختياري ولي ]18[ عبودية للبر !النضوج وااللتزام بال استهتار أو تسيب

ال يقل المسيحي أنني حر، أفعل ما يحلو لي، ليس ألحد أن يكبح إرادتي مادمت * .إن آنت بهذه الحرية ترتكب خطية فأنت عبد للخطية. حرا

فإنكم إنما ". م ارتكاب الخطيةال تفسد حريتك بالتحرر للخطية، إنما الستخدامها في عددعيتم للحرية أيها اإلخوة، غير أنه ال تصيروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا

.[164] )12: 5غل(" بعضكم بعضا

أغسطينوس القديس

إذ أعتقتم من الخطية "ما هي صورة التعليم التي تسلمناها لنطيعها من القلب؟ :ثالثاأي خروج بالنعمة من حالة العبودية القاسية التي أذلتنا بها الخطية ... "للبر صرتم عبيدا

.إلى حالة عبودية للبر يبتهج بها قلبنا بالحب الداخلي

القديسوآما يقول . ]19" [أتكلم إنسانيا من أجل ضعف جسدآم": يقول الرسول: رابعا أن الرسول يتكلم معهم بكونه إنسانا، يشارآهم ذات العمل، فهو ال يوحنا الذهبي الفم

Page 109: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

109  

يتحدث متعاليا عن أمر عسير صارم، إنما يوصيهم آإنسان يحمل معهم ذات طبيعتهم، وله خبرة عملية أنه آان قبلا يستخدم أعضاءه لخدمة اإلثم وقد تحررت، فصارت

.أعضاؤه متعبدة للبر

ين العبودية لإلثم والعبودية للبر، فيرى األولي قاسية ومخزية، يقارن الرسول ب :خامسا، أما الثانية فعلى العكس تهب ]21[ونهايتها الموت ]21" [منها تستحون"إذ يقول

فإن آانت األولي تثمر عارا وموتا، فالثانية تثمر قداسة . ]21[تقديسا ونهايتها حياة أبدية الهدف النهائي وهو : أن الثمر الثاني يحمل مستويين األب موسىويرى . وحياة أبدية

والتي بدونها لن " نقاوة القلب"التي هي " القداسة"الحياة األبدية، وأما الهدف الحالي فهو وآأن العبودية للبر تسندنا في زماننا الحاضر بثمرها الذي . [165]ننعم بالحياة األبدية

معاينة اهللا، وتدخل بنا إلى العالم األبدي، إذ تهبنا للبر حيث تهب القلب نقاوة، فيقدر على ".الحياة األبدية"

آعطية مجانية للنعمة، ]24["الحياة األبدية"إذ يتحدث الرسول بولس هنا عن :سادساجزاء ألعمال صالحة " الحياة األبدية"آيف يمكن أن تكون :القديس أغسطينوسيتساءل

وفي نفس الوقت عطية مجانية للنعمة؟ وقد جاءت إجابته بإسهاب في ) 27: 16مت ( :، نقتطف منها اآلتي"[166]النعمة واإلرادة الحرة"آتابه عن

لصالحة التي يبدو لي أن هذا السؤال ال يمكن حله مطلقا ما لم نفهم أنه حتى األعمال ا[: نجازى عنها بالحياة األبدية هي من عمل نعمة اهللا، ألنه عن ماذا قال الرب يسوع

)5: 15يو ( ؟"بدوني ال تقدرون أن تفعلوا شيئا"

ألنكم بالنعمة مخلصون باإليمان، وذلك ليس منكم، هو عطية ": والرسول نفسه بعدما قالرأي بالطبع أن البشر يمكنهم أن ) 10-8 :2أف(" اهللا، ليس من أعمال آيال يفتخر أحد

يفهموا من هذه العبارة أن األعمال الصالحة ليست هامة للمؤمنين، إنما يكفيهم اإليمان وحده، وفي نفس الوقت يرى أولئك المفتخرون بأعمالهم آما لو أنهم قادرون وحدهم على

ننا نحن عمله مخلوقين في أل": مكملا... تنفيذها، لهذا وفق بين هذه اآلراء بعضها البعض "...المسيح يسوع ألعمال صالحة، قد سبق اهللا فأعدها لكي نسلك فيه

قيلت عن األعمال التي تظن أن مصدرها "ليس من أعمال": اسمع اآلن وافهم إن عبارةنحن عمله، ": عن هذه يقول. لكن لتفتكر في األعمال التي يشكلها اهللا فيك. هو أنت وحدك

"...ألعمال صالحة قد سبق فأعدها اهللا لكي تسلك فيها" "المسيح يسوعمخلوقين في

Page 110: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

110  

علي أي األحوال تعطى الحياة األبدية هكذا، آجزاء ألعمال صالحة، ألن اهللا يعمل أعمالا اهللا هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من " :صالحة في أناس صالحين، قيل عنهم

"الذي يكللك بالرحمة والرأفة: "مطروح أمامنا يقول، حتى أن المزمور ال"أجل مسرته .]، إذ من خالل رحمته تنفذ األعمال الصالحة التي بها تنال األآاليل)4: 103مز(

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 111: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

111  

7 الرسالة إلى أهل رومية

الخطية الناموس فاضحرافعا إياهم إلى البنوة بعد تفنيده للحجة األولي لليهود الخاصة ببنوتهم إلبراهيم الحر

للتمتع بالحرية الحقيقية، أخذ يفند الحجة الثانية الخاصة باستالمهم الناموس الموسوي دون سواهم، معلنا أن الناموس يفضح الخطية وال يعالجها، لذا فهو ال يبرر الخطاة، إنما

.يقودهم إلى المسيح لينعموا ببره

الناموسإلى التحرر من الحاجة. 1

! الناموس الذي يفتخرون به يمثل رجلا يحكم على امرأته الخاطئة بالموت؛ إنه يدينهافالحاجة اآلن إلى التحرر من حكمه هذا بدخول آخر آرجل لها بعد أن يموت حكم األول

بمعنى آخر، يلزم أن يتحرر اإلنسان من حكم حرفية الناموس ليتقبل . فتتحرر من سلطانه .خر ربنا يسوعالعريس اآل

أم تجهلون أيها اإلخوة، ألني أآلم العارفين بالناموس، "

.أن الناموس يسود على اإلنسان ما دام حيا

فإن المرأة التي تحت رجل هي مرتبطة بالناموس بالرجل الحي،

ولكن إن مات الرجل فقد تحررت من ناموس الرجل،

آخر، فإذا مادام الرجل حيا تدعي زانية أن صارت لرجل

ولكن إن مات الرجل فهي حرة من الناموس،

.حتى أنها ليست زانية إن صارت لرجل آخر

إذا يا إخوتي أنتم أيضا قد متم للناموس بجسد المسيح،

.]4-1"[لكي تصيروا آلخر للذي قد أقيم من األموات لنثمر هللا

Page 112: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

112  

:يالحظ في هذا النص الرسولي

إذ آان الرسول بولس يعالج موضوع افتخار اليهود على األمم بكونهم مستلمي :أولاالناموس، أراد وهو يحطم آبرياءهم هذا أال يهاجم الناموس ذاته، ألنه ناموس اهللا

يظهر ذلك في دقة العبارات التي استخدمها الرسول هنا . المقدس، إنما يهاجم مستخدميه :ه يكتب بحساسية شديدةوهو يتحدث عن الناموس، إذ نرا

: وهو يقدم مثل المرأة المرتبطة برجل آمثال لألمة اليهودية المرتبطة بالناموس، يقول. أآأنه في نفس المثال يتحدث ناموسيا، عن أمور ... ]1" [ألني أآلم العارفين بالناموس"

الناموس واضحة يحكم فيها الناموس نفسه، أو بمعنى آخر يعلن الرسول أنه يقبل حكم .ذاته في هذا األمر، أو يلتجئ إلى حكم الناموس ألنه عادل ومقدس

في مثل المرأة المرتبطة برجل اآتفى بذآر موت الرجل لتحرر المرأة من سلطانه، . بفالمرأة هنا تشير إلى الكنيسة، سواء على مستوى . فال تحسب زانية إن تزوجت آخر

ال يقدر أن يرتبط بحرف الناموس وأعماله الرمزية فالمؤمن . الجماعة أو آل عضو فيها .مع أعمال النعمة اإللهية، وإال حسب آامرأة اقترنت بعريسين

هذا ويالحظ دقة تعبير الرسول بولس، فإذ يتحدث عن اقتران اإلنسان بالناموس لم متم قد": يتعرض لموت الناموس نفسه آي يتحرر اإلنسان منه، بل في دقة بالغة يقول

قال هذا حتى ال يظن . وآأن الذي يموت هو اإلنسان للناموس ليحيا للمسيح... "للناموسأحد أن الرسول يقاوم الناموس نفسه ويطلب الخالص منه، إنما الحرية من حكمه، ومن

.حرفيته القاتلة

، لكن إن مات ]1[" الناموس يسود على اإلنسان مادام حيا أن: "مرة أخري يقول .ن فال يخضع لشرائع الناموس الحرفية وأعمالهاإلنسا

في المثال الذي بين أيدينا يقدم لنا الرسول امرأة ورجلين، فإن المرأة تبقى تحت : ثانياناموس الرجل األول مادام حيا، فإن مات تحررت من سلطانه لترتبط باآلخر، وال تحسب

لمؤمنين، والرجل األول هو الناموس، فإن آانت المرأة تمثل جماعة ا. هذه األرملة زانيةوالثاني هو السيد المسيح، فإن المؤمنين إذ يرتبطون بالناموس يخضعون ألعماله،

لذا صارت الحاجة أن يتحرر المؤمنون من هذا . ويسقطون تحت الحكم الصادر منهأي السلطان، أي حرفية أعماله، وإيفاء الحكم الصادر منه بموتنا، آي نرتبط بالثاني،

وقد تحقق هذا الموت للناموس والتحرر منه خالل موت . السيد المسيح القائم من األموات

Page 113: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

113  

بهذا لم يكسر المسيح الناموس بل أآمله، ! المسيح عنا، إيفاء للحكم الصادر ناموسيا ضدناوحقق غايته، بدخوله آعريس للجماعة المقدسة خالل موته بالصليب، لتعيش معه عروسا

.حدة معه أبديا بال انفصال عنهمت

إذن موتنا للناموس لحساب اتحادنا مع السيد المسيح ال يعني انهيارا للناموس، إنما يعني أآد الرسول التزامنا . تحقيق غايته بتقديمنا للرجل اآلخر الذي أقيم من األموات لنقوم معه

:بالزواج الثاني، قائلا

).19: 6آو 1" (إنكم لستم ألنفسكم"

).23: 7آو 1" (قد أشتريتم بثمن، فال تصيروا عبيدا للناس"

وهو مات ألجل الجميع، آي يعيش األحياء فيما بعد ال ألنفسهم، بل للذي مات ألجلهم " ).15: 5آو 2" (وقام

، على عكس الزواج ]4[" لنثمر هللا: "أنجب هذا الزواج ثمرا لحساب اهللا، إذ يقول: ثانيان المؤمنون تحت سلطان الرجل األول، أي تحت الناموس الموسوي، السابق حين آا

فإنهم لم يستطيعوا أن يثمروا هللا ال لسبب خاص بالناموس ذاته، وإنما بسبب طبيعة ".حكم الناموس علينا بالموت": العصيان التي آانت لهم، لذا جاء الثمر هو

المعلن حكمه علينا بسبب شر ثمر االتحاد بالرجل األول : يقارن الرسول بين الثمرين: طبيعتنا وثمر االتحاد بالثاني الذي يحررنا من الحكم الناموسي، مقدما لنا إمكانيات جديدة

لنثمر هللا، ألنه لما آنا في الجسد آانت أهواء الخطايا التي بالناموس تعمل في أعضائنا "لذي آنا ممسكين فيه، لكي نثمر للموت، وأما اآلن فقد تحررنا من الناموس إذ مات ا

.]6-4[ "حتى نعبد بجدة الروح ال بعتق الحرف

: إنه لم يقل! ها أنتم ترون ما قد نلناه من الزوج السابق: [يوحنا ذهبي الفم القديسيقول باحتقار (، إذ في آل عبارة يحجم عن أن يعطي فرصة للهراطقة "لما آنا في الناموس"

، أي آنا في األفعال الشريرة، في الحياة "الجسد لما آنا في"، بل يقول )الناموسما يقوله ال يعني أنهم آانوا قبلا في الجسد وأنهم اآلن بدون أجسام، إنما يقصد . الجسدانية

بقوله هذا أنه ليس الناموس هو سبب الخطايا، وفي نفس الوقت ال يحرر من خزيها، إذ أن الذين يرتبطون به أآثر ال يفكرون في قام بدور المتهم القاسي بفضح خطاياهم، حيث

: هذا ما جعله ال يقول. الطاعة نهائيا، األمر الذي يكشف نهاية عصيانهم بصورة أقوى

Page 114: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

114  

آانت أهواء الخطايا التي بالناموس "بل قال " آانت أهواء الخطايا التي أنتجها الناموس"ك لم يتهم الجسد ذاته، آذل. بمعنى أنه خالل الناموس صارت ظاهرة ومعلنة... )"خالله(

، ليظهر أن "تعمل في أعضائنا"، وإنما التي "األهواء التي ارتكبتها األعضاء: "إذ لم يقلأصل الضرر جاء من موضع آخر، وهي األفكار التي تعمل فينا، وليست األعضاء التي

لزمه فإن النفس تقوم بدور الالعب على القيثارة التي هي الجسد، فت. تعمل األهواء فيهاأآثر من ) النفس(بل لألول ) القيثارة(فالنغم غير المنسجم ال ينسب لألخير . بذلك

.][167]األخير

هكذا وإن أعلن الرسول بولس الحاجة إلى التحرر من الناموس، الرجل األول، لكنه ال يلقي باللوم على الناموس وال أعضاء الجسم، إنما العيب هو في النفس التي تقود األهواء

وإن آان األخير ملتزم بالمسئولية مع النفس لكنه ليس المسئول ..فينا أآثر مما للجسد .األول

، وقد ]6[ "وأما اآلن فقد تحررنا من الناموس: "إذ تحقق الزواج الثاني يقول الرسول ".لم يعد هناك أثر أو فاعلية"جاءت الكلمة اليونانية للتحرير هنا بمعني أنه

:على هذه العبارة بالقول حنا الذهبي الفميو القديسيعلق

انظر آيف يستعبد هنا الناموس والجسد، إذ لم يقل أن الناموس صار بال فاعلية، وال [آيف خلصنا؟ بموت اإلنسان ). أي خلصنا(الجسد بال فاعلية، وإنما نحن صرنا بال فاعلية

الذي آنا إذ مات": قولهالقديم ودفنه، هذا الذي آان ممسكا بالخطية، هذا ما يعنيه ب، حتى أن )مات(آأنه يقول بأن القيد الذي آنا ممسكين به قد انكسر وتبدد ". ممسكين فيه

لكن ال ترجعوا إلى الوراء أو تهملوا، فقد . الخطية التي آنا ممسكين بها ال تعود تمسك بنابجدة الروح، ال بعتق "تحررتم لتصيروا عبيدا لكن ليس بذات الطريقة السابقة وإنما

".الحرف

عندما أخطأ آدم وسقط جسمه تحت الموت واآلالم تقبل خسائر جسدية آثيرة، وصار ولكن إذ جاء المسيح جعله أآثر رشاقة بالنسبة . أقل حيوية وأقل طاعة) الجسم(الحصان

ات الخاصة بهذا لم تعد العالم). القدس(لنا خالل المعمودية، رافعا إياه بجناح الروح ألن الحصان صار (بسباق الجري هي بعينها القديمة، إذ لم يكن السباق سهلا آما هو اآلن

لهذا السبب لم يطلب منهم أن يترآوا القتل فقط، آما في القديم وإنما حتى ). أآثر رشاقةالغضب؛ ال يترآوا الزنا فحسب، وإنما يتخلوا حتى عن النظرة غير الطاهرة؛ يمتنعوا ال

Page 115: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

115  

أما من جهة ). 33، 27، 21: 5مت(ن القسم الباطل فقط، وإنما حتى عن القسم الصادق عفي آل األمور أعطانا أرضا أوسع للجري . األصدقاء فيأمرهم أن يحبوا حتى أعداءهم

عليها فإن لم نطع يهدد بجهنم، مظهرا أن هذه األمور نصارع من أجلها إلزاميا مثل الكتبة إن لم يزد برآم على: "لذلك يقول... أن نتممها العزوبية والفقر، يأمرنا

ومن ال يدخل الملكوت ). 20: 5مت" (لن تدخلوا ملكوت السماوات والفريسيينفإن الخطية لن تسودآم ألنكم لستم ": لذلك يقول بولس أيضا. بالضرورة يلقى في جهنم

حتى نعبد بجدة الروح " :وهنا أيضا يقول). 14: 6رو" (تحت الناموس بل تحت النعمةفإنه لم يعد الحرف الذي يدين، أي الناموس القديم، وإنما الروح ،]6" [ال بعتق الحرف

لهذا السبب أن وجد بين القدماء إنسان بتول آان هذا األمر غريبا تماما، أما . الذي يعينكاد آانوا يحتقرون قديما قليلون بال. اآلن فقد صار هذا األمر منتشرا في آل أنحاء العالم

فيوجد في القرى والمدن طغمات من ) في عهد القديس ذهبي الفم(الموت، أما اآلن .][168]الشهداء بال حصر، ال من الرجال فحسب وإنما أيضا من النساء

اآلن اعتقنا من الحرف، وتمتعنا بجدية الروح، وآأننا بملخس عبد رئيس الكهنة الذي ليمسك الرب بنفسه أذنه ويشفيه، وآما يقول ) 10: 18يو (بالسيف قطعت أذنه اليمنى آماآانت رمزا لتجديد السمع، ينزع الفكر الحرفي القديم والتمتع [169]القديس أغسطينوس .بالفكر الروحي الجديد

الخطية الناموس يفضح. 2

من وأما اآلن فقد تحررنا : "خشي الرسول بولس لئال يسيء القارئ فهم عبارته: ، لئال يظن أن الرسول يهاجم الناموس أو يقلل من قدسيته، لذلك قدم سؤالا]6[" الناموس

..".حاشا": ، وجاءت اإلجابة واضحة وصريحة]7[ "؟هل الناموس خطية"فماذا نقول؟ إذن، فلماذا يفرح بتحريره من الناموس؟

لى الخطية التي ارتكبها، وربما عرفني ع. ألن الناموس يفضح الخطية وال يعالجها :أولا ].7[لم أآن أدرآها

، فربما ]11-8[ألن الناموس إذ قدم لي الوصية آشف عن طبيعة العصيان التي في :ثانيالو لم توجد وصية معينة تمنعني من شيء ال أهتم بعمله، إنما وجود الوصية يثير في

في الوصية التي أثارتني، وإنما في هنا العيب ال ). آل شيء ممنوع مرغوب(طبيعتي .طبيعة العصيان الخفية في داخلي والتي لم يكن لها أن تظهر ما لم توجد وصية

Page 116: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

116  

وقد علق ] 13-7[أبرز الرسول بولس هاتين النقطتين بكل وضوح في هذا األصحاح :، قائلايوحنا الذهبي الفم القديسعليهما

فإن "؛ )5: 7( "بالناموس تعمل في أعضائناآانت أهواء الخطايا التي ": سبق فقال[حيث ليس "؛ )14: 6(" الخطية لن تسودآم، ألنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة

: 5( "وأما الناموس فقد دخل لكي تكثر الخطية"؛ )15: 4( "ناموس ليس أيضا تعدولكي ، فلئال يسيء هذا آله للناموس،)15: 4( "ألن الناموس ينشيء غضبا"؛ )20

فماذا نقول؟ هل الناموس : "يصحح الشك الذي ينشأ عن هذه األقوال قدم اعتراضا، قائلالكي يسترضي " حاشا"قبل أن يقدم البرهان استخدم هذا القسم . ]7[" خطية؟ حاشا

...السامع، مالطفا من اضطرب للسؤال

داولة وحكم، حيث اجتمعوا آأنه أمامهم م" فماذا نقول؟"، إنما "فماذا أقول: "ال يقول هنافإنه ال ينكر . معا، وجاء االعتراض ال منه، وإنما خالل المناقشة بسبب ظروف الحال

. ، إذ هذا واضح تماما، وال يقبل المناقشة)6: 3آو2(أحد أن الحرف يقتل والروح يحي ! فإن آان هذا حقيقة معترف بها، فماذا نقول عن الناموس؟ هل الناموس خطية؟ حاشا

.!..وضح لنا إذن هذا األمر الصعب

فإنني لم أعرف "... "بل لم أعرف الخطية إال بالناموس"يقول إن الناموس ليس خطية، أال تالحظ آيف أنه لم يظهر الناموس آديان . ]7"[لو لم يقل الناموس ال تشته الشهوة

وإنما من (و للخطية، وإنما أيضا إلى حد ما آمصدر لها، لكن ال عن خطأ من جانبه ههذا جاء عن ضعفنا ال عن عيب في الناموس، ألنه عندما )... جانب ضعفنا وعصياننا

هذا ال ينبع عن الناموس، ألنه يمنعنا ليحفظنا . نشته شيئا ونمنع منه تلتهب الشهوة باألآثرالعيب . منها، وإنما الخطية هي من إهمالك وسوء تصرفك، مستخدما ما هو صالح للضد

ي الطبيب بل في المريض الذي ال يسيء استخدام الدواء، فإن الناموس لم يعط ليس ففاللوم ينسب إلينا ال إلى . إلشعال الشهوة بل إلطفائها، وإن آان ما قد حدث هو العكس

.فإن عمل الطبيب يقف عند المنع لكن على المريض أن يضبط نفسه..الناموس

صة بالوصية؟ بالتأآيد يوجد أشرار آثيرون ولكن ماذا إن آانت الخطية قد اتخذت فرهذا هو الطريق الذي به أهلك الشيطان . اتخذوا من الوصايا الصالحة فرصة ليزدادوا شرا

فما حدث لم يكن بسبب الثقة . وجعله يسرق ما هو للفقراء محبة الطمعيهوذا بإغراقه في وأيضا حواء بإحضارها ما . التي أعطيت له بتسليمه الصندوق، وإنما بسبب شر روحه

Page 117: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

117  

يأآله آدم طرد من الفردوس، لكن لم تكن الشجرة هي السبب، وإن آان ما حدث قد اتخذ ...الشجرة فرصة لتحقيقه

لو آان الناموس ملوما ألن الخطية وجدت فرصة به، النطبق هذا أيضا على العهد ...أهميةالجديد، ففي العهد الجديد نجد آالف القوانين أآثر

، وجدت )22: 15يو" (لو لم أآن قد جئت وآلمتهم لم تكن لهم خطية": عندما قال الربوأيضا . الخطية مجالا في مجيء الرب وحديثه معهم، ومع ذلك فقد صار عقابهم أشد

فكم عقابا أشر تظنون أنه يحسب مستحقا " :عندما تحدث بولس الرسول عن النعمة قال .][170])29: 10عب ( "؟من داس ابن اهللا

بهذا تترك آبريائك . لقد استلمت الناموس، وأنت تود أن تحتفظ به لكنك ال تقدر *. لتشتاق إلى المسيح ولتعترف به. إذن اجر إلى الطبيب، واغسل وجهك. وتدرك ضعفك

.تخلص) السابق(آمن متكلا عليه، فإذ تتمتع بالروح بعد الحرف

ى الناموس، فإن لم توجد نعمة إنما نصغي للعقاب الذي يحل إننا نصغي إل * .[171]بنا

أغسطينوس القديس

إن آان اإلنسان لم يعرف الشهوة : حديثه السابق، متسائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيكمل قبل الناموس، فلماذا صار الطوفان؟ ولماذا آان حرق سدوم؟ ويجيب على هذا التساؤل،

، لكن جاء الناموس يحدد الشهوة )بالناموس الطبيعي(بأن اإلنسان يعرف الخطية جنبا إلى جنب مع الناموس ويكشفها، مقدما لإلنسان معرفة دقيقة، فصار الناموس

أنا فكنت أما: "الطبيعي يضيف على اإلنسان اتهاما أشد، هذا ما دعا الرسول أن يقول، إذ لم تكن هناك معرفة دقيقة ومحددة، وال اتهام صريح ]9[ "بدون ناموس عائشا قبلا

انة تعني أنني لم أآن تحت إد" آنت عاشا قبلا"فبقوله . ضدي يحكم علي بالموت .الناموس الدقيقة والصارمة التي تستوجب موتي

لم يعط الناموس للخطية وجودها، إذ آانت موجودة [ :يوحنا الذهبي الفم القديسيقول هذا يعتبر مدحا للناموس، إذ آان . من قبل، لكنه أشار إلى تلك التي هربت من مالحظتنا

فإنهم وإن لم ينتفعوا منه بشيء ولما جاء الناموس. الناس يخطئون قبله وهم ال يدرآونهذا ليس باألمر الهين لتحريرهم من . إال أنه عرفهم عليها بدقة، مظهرا أنهم يخطئون

Page 118: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

118  

فإن آانوا لم يتحرروا، فاألمر ال يخص الناموس الذي حدد آل شيء بهذا الهدف، . الشر ...وإنما يسقط باالتهام آله على أرواحهم

جاءت "لم يقل . ]10"[ة التي للحياة هي نفسها لي للموتفوجدت الوصي: "لذلك يقولآأنه يقول إن أردت أن "... فوجدت: "بل قال" صارت للموت"أو " الوصية للموت

فإن وجدت للموت، إنما الخطأ . تعرف غايتها فهي تقود إلى الحياة وأعطيت بهذه الغاية .ةفيمن استلم الوصية، وليس في الوصية التي تقود للحيا

ألن الخطية وهي متخذة فرصة : "سلط الرسول على هذه النقطة ضوءا جديدا، بقولهالحظ أنه في آل موضع يبرر الناموس من . ]11[ "خدعتني بها وقتلتني بالوصية

.االتهام ويحفظه من الخطية

ألنه وإن آان اليهود ... ]12[ "إذا الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة"غير طاهرين خالل الناموس، وإن آانوا ظالمين وطامعين، فإن هذا ال يفسد صالح

.][172]الناموس، تماما آما أن عدم أمانتهم ال يبطل أمانة اهللا

لقد أظهر قدسية الناموس وصالحه وعدله، مادحا إياه، ألنه وإن آانت الخطية وجدت بهذا يقودنا ... ت فظهر شرها بقتليالفرصة في الوصية لتقتلني، لكنها باألآثر انفضح

بل ! فهل صار لي الصالح موتا؟ حاشا: "الناموس إلى ضرورة الخالص منها، إذ يقولموتا لكي تصير الخطية خاطئة جدا الخطية، لكي تظهر خطية، منشئة لي بالصالح

الخاطئة هكذا حول الرسول االتهام من الناموس الصالح إلى الخطية . ]13[ "بالوصيةفبشرنا يتحول حتى ما هو . جدا، أو بمعني آخر رآز أنظارنا على أنفسنا في الداخل

النقطة موضوع االهتمام ليس ما : [القديس أغسطينوسوآما يقول . صالح إلى ضررنافإنه حتى األمور الصالحة تكون ضارة، ...نتسلمه بل الشخص الذي يتسلم الشيء

ها أنت ترى الشر قد جاء خالل الصالح . ية من يتقبلهاوالضارة تكون مفيدة حسب شخص .][173]مادام الذي يتقبله إنما يتقبله بطريقة خاطئة) الناموس(

وناموس الخطية ناموس اهللا. 3

إذ أظهر في بداية هذا األصحاح الحاجة إلى التحرر من الناموس الذي فضح خطاياي العيب ليس في الناموس، وإنما في الخطية وأصدر حكمه على بالموت، عاد ليؤآد أن

Page 119: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

119  

العاملة في، واآلن يمدح الرسول الناموس اإللهي، ويعلن عن ناموس الخطية الكائن في .أعضائي، لكي إذ اآتشفه ألجأ إلى المخلص القادر وحده أن ينقذني منه

آما يقول و. ]14" [فإننا نعلم أن الناموس روحي وأما أنا فجسدي، مبيع تحت الخطية"أن الرسول بقوله هذا يعلن أنه ال حاجة للتدليل على أن [174]يوحنا الذهبي الفم القديس

فهو بعيد آل البعد عن آونه مصدرا للخطية، أو علة للشرور . "الناموس روحي"، معلم للفضيلة ومضاد للرذيلة؛ يقودنا بعيدا عن آل أنواع الخطايا "روحي"أنه . الحادثة

إذن من أين جاءت الخطية مادام . بالتهديد والنصح والتأديب واإلصالح وبمدحه للفضيلةلقد تقبلت . "وأما أنا فجسدي، مبيع تحت الخطية": الناموس معلما هكذا؟ إنها منا نحن

لخطية، صرت غارقا في أعماقها، ساقطا تحت ناموسها، الشهوات الجسدية واستعبدت ل .فحسبت جسديا

جعلتنا جسدانيين، وحكم علينا ) بسقوط أبوينا في العصيان(لعنة اهللا األصلية *باألشواك والحسك؛ وقد باعنا أبونا بذلك التعاقد التعيس حتى أننا صرنا عاجزين عن فعل

قطع أحيانا عن تذآر اهللا العظيم السمو، مضطرين إلى إذ صرنا نن. الصالح الذي نريدهوبينما نشتهي الطهارة ننزعج غالبا بغير إرادتنا . االنشغال بما يخص الضعف البشري

بالشهوات الطبيعية التي ال نريد حتى أن نعرفها، لذلك نحن نعلم أنه ليس ساآن في م األبدي الدائم الذي لهذا ، أي ليس ساآن فيه السال)18: 7رو (أجسادنا شيء صالح

.[175]التأمل المذآور

ثيوناس األب

بكوني إنسانا جسدانيا : "هذا يعني. ]14" [أما أنا فجسدي، مبيع تحت الخطية" *هاأنذا أجعل "فإنه . موضوع بين الخير والشر آوآيل حر، لي سلطان أن اختار ما أريد

، بمعنى أن )15: 30؛ تث8: 15؛ جا8: 21إر( "أمامكم طريق الحياة وطريق الموتالموت يأتي ثمرة لعصيان الناموس الروحي أو الوصية والطاعة للناموس الجسدي أي

هكذا أمسك الشر . فبمثل هذا اختيار أنا مبيع للشيطان، ساقط تحت الخطية. مشورة الحية .[176]موسبي، والتصق بي، وسكن في، وسلمني العدل للشرير بانتهاآي للنا

ميثودوساألب

Page 120: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

120  

فعل ناموس الخطية في؟ واآلن ماذا

ألني لست أعرف ما أنا أفعله، إذ لست أفعل ما " :إذ يقول الرسولشوه معرفتي، : أولا .]15[" أريده، بل ما أبغضه فإياه أفعل

ماذا يقصد الرسول بهذا؟

للخطية غير دقيقة، لذا يقول أفقدت الخطية نقاوة البصيرة الداخلية، فصارت معرفتنا . أال بمعنى أن اإلنسان يجهل الخطية، وإال لما دين عنها، ..".لست أعرف ما أنا أفعله"

فإنني لم : "وإنما قبل الناموس لم يكن قادرا على معرفتها بدقة، وذلك آما سبق فقال بي الفميوحنا ذه القديسوآما يقول ].7[ "لو لم يقل الناموس ال تشته أعرف الشهوة

آان اإلنسان قبل الناموس ال يعرف الخطية بحق ودقة، لذلك أيضا آان العقاب أقل قسوة .من الذين يخطئون وهم تحت الناموس عارفون الخطية

ال معرفة الفكر النظري، فإنه بناموس الطبيعة " لست أعرف"ربما يقصد هنا بقوله . باإلنسان القادر عن اإلحجام عنها ومقاومتها يعرف اإلنسان الخطية، لكنه يقصد معرفة

إذ لست أفعل ما أريده، بل ما : "ليعمل البر عوض الشر، لهذا يكمل الرسول حديثهوذلك . صرت آمن بال معرفة ألنني أمارس ما أبغضه: وآأنه يقول". أبغضه فإياه أفعل

عله آمن يجهل آمن يشرب الخمور وهو يعرف إنها مؤذية لصحته، لكن استعباده لها ج .آثارها عليه

إذ لم يقف األمر عند تشويه المعرفة، سواء ،أفقدتني اإلرادة الصالحة العاملة: ثانياالتمتع بالمعرفة المقدسة خالل الخبرة، وإنما أيضا بإفساد البصيرة الداخلية أو بالعجز عن

آمن يعمل بال إمكانية العمل الصالح في حياتي، وأحسب تسيطر على إرادتي، فتفسد .عبدا لها إرادة، إذ سلمت نفسي بنفسي

أال نفهم العبارات الواردة هنا حرفيا، ،يوحنا الذهبي الفم القديسيقول يليق بنا، آما . فنظن أن اإلنسان مصير، يمارس الشر إلزاما، وإال آان سقوطه تحت الدينونة غير عادل

ال ينكر الرسول حرية اإلرادة اإلنسانية آمن ]15[ "لست أفعل ما أريده": حينما يقولبل ما أجبر عليه والزم به : "يخطئ قسرا وجبرا، وإال آان الرسول قد أآمل الحديث هكذا

، فإنه ال ينكر ما للخطية من سلطان "بل ما أبغضه فإياه أفعل": ، إنما قال"فإياه أفعل .جبرا بغير إرادتهأفقده قوة اإلرادة لكن في نفس الوقت ال يتصرف

Page 121: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

121  

الخطية مخادعة تجتذبه وتجعله يلتزم بممارستها، وإن آان في نفس الوقت يبغضها فإن : "لهذا يكمل قائلا. بحسب الناموس الطبيعي العامل فيه آما بحسب الناموس المكتوب

آأنه يقول إن آنت . ]16[ "لست أريده، فإني أصادق الناموس أنه حسن آنت أفعل ماالطبيعي أآره الخطية التي أمارسها فإن الناموس المكتوب أو الموسوي يصادق بالناموس

.على الناموس الطبيعي الذي يبغض الخطية لذا فالناموس حسن

إن آان اإلنسان قبل التمتع بالنعمة يستطيع تحت ظل الناموس : ربما يتساءل البعض، وأفقدتني اإلرادة الصالحة المكتوب أو الموسوي أن يقول بأن الخطية شوهت معرفتي

، فهل ينطبق هذا القول الرسولي ]15[ والعاملة، حتى آنت ال أفعل ما أريده بل ما أبغضهعلينا ونحن في عهد النعمة؟ أو بمعنى آخر هل هذا القول يناسب الخطاة الذين لم يتمتعوا

بعد بعمل اهللا فيهم أم يئن منه الجميع؟

،[177]القديس يوحنا آاسيان يل في مناظراتفي حديث طو األب ثيوناسيجيب :موضحا اآلتي

أن الرسول ينطق بهذه الكلمات عن نفسه حتى بعد تحوله إلى األب ثيوناسيرى . أاإليمان، ليس ألن الوضع لم يتغير، إنما ألنه وإن آان قد تمتع بفيض من الفضائل أشبه . بالجواهر وبالبرآات اإللهية، لكنه إذ يتطلع إلى ما سيناله أبديا يحسب ما لديه تافها وقليلا

سة في الرب يبغي أن يبلغ رؤية اهللا وجها لوجه، وال يشغله شيئا فمع ممارسته للحياة المقد .حتى وإن آان أمرا صالحا لضروريات الحياة

ليس أحد صالحا إال "إذ يقارن الرسول بولس صالحه بصالح اهللا الفائق يرى أنه . ب .، فيحسب الرسول نفسه تحت الضعف)19: 18لو (" واحد وهو اهللا

ان بالنمو الروحي ازداد نقاوة داخلية، وفي نفس الوقت ازداد حساسية آلما تمتع اإلنس. جآلما ارتفع اإلنسان روحيا يخشى باألآثر من السقوط، . ألتفه الخطايا، إن صح هذا التعبير

.ال عن يأس أو خوف، وإنما عن حذر لئال تكون سقطته مرة

خاص بالكنيسة الجامعة، وحده، وإنما باألب ثيوناسهذا الرأي ال يمثل فكرا خاصا أنه وإن آان ينطبق )25-14: 7(فإنها تنظر إلى ما ورد في هذا الجزء من األصحاح

على اإلنسان وهو تحت الناموس، لكنه ينطبق بطريقة ما على آل عضو في الكنيسة ال فتحت الناموس تعرف اإلنسان على . يزال في الجسد، لكن الفارق في الحالتين آبير

وقف موقف العاجز عن ممارسته، أما في عهد النعمة فقد صارت له معرفة الصالح و

Page 122: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

122  

أعظم وإمكانيات على مستوى فائق، وقدرة على التحرك بالنعمة اإللهية وعمل الروح القدس فيه، لكنه ليس معصوما من الخطأ، إنما يبقى يرتفع آما بجناحي الروح منطلقا

ة ملء المسيح، وفي هذا مع شعوره بعمل اهللا من مجد إلى مجد، لعله يبلغ قياس قامالعظيم فيه يدرك أنه لم يبلغ بعد تمام اشتياقه في الرب، فيئن في الداخل مقدما التوبة

.بال انقطاع، شاعرا مع الرسول بولس أنه أول الخطاة في غير يأس

.جزئيا نحن في حرية، وجزئيا في عبودية *

. نقية بالتمام، ألننا لم ندخل بعد األبديةليست الحرية آاملة بعد وال

ما قد ارتكبناه من خطايا قد . نحن ال نزال في الضعف جزئيا، لكننا نلنا الحرية جزئيا [178]غسل في المعمودية سابقا، لكن هل قد محي آل الشر وبقينا بال ضعف؟

أغسطينوس القديس

.موافقتنا لها ال نعيش أشراراتوجد فينا شهوة شريرة، ولكن بعدم *

توجد فينا شهوة الخطية، وبعدم طاعتنا لها ال نكمل الشر، لكن وجودها يعني أننا لم نكمل :الخير بعد؛ وقد أظهر الرسول األمرين

.إننا لن نكمل الخير مادمنا نشتهي الشر. أ

.ولم نكمل الشر مادمنا ال نطيع مثل هذه الشهوة. ب

ألن اإلرادة حاضرة عندي، وأما أن أفعل الحسنى فلست : "األول بقوله وقد أظهر األمرغل (" اسلكوا بالروح، فال تكملوا شهوة الجسد: "، وأظهر األمر الثاني بقوله]18[" أجد

أن (غير موجودة إنما لم يكملها ) الخير(ففي النص األول لم يقل أن الحسنى ). 16: 5 ."فال تكملوا"أن شهوة الجسد غير موجودة بل قال ، وفي الثاني لم يقل )أفعل لست أجد

لهذا تجد الشهوات الشريرة لها موضعا فينا حيث توجد اللذات غير المشروعة، ولكننا ال .نكمل هذه الشهوات عندما نقاومها بالذهن، خادمين ناموس اهللا

مكانا، وذلك بغلبة اللذة آذلك فإن الخير يجد له موضعا فينا حينما ال تكون للذة الخاطئة خادم ناموس -ولكن تكميل الخير ال يتحقق تماما طالما هذا الجسد .الصالحة عليها

Page 123: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

123  

فمع أننا نقاومها لكنها تتحرك، إن مقاومتنا لها عالمة . يستميل الشهوة الشريرة -الخطية .تحرآها فينا

.ويبيد الثاني لهذا يكون آمال الخير بهالك الشر تماما، فيعلو الواحد

فإن ظننا أن هذا يتم في هذه الحياة نكون مخدوعين، إنما يتحقق بصورته الكاملة حينما ال يكون بعد موت، بل حياة أبدية فهناك في الملكوت سيكون الخير في أعلى درجاته، وال

.، وفي ذلك الموضع ال يكون بعد جهاد للعفة وضبط النفس...يكون شر قط في ذلك الوقت

إذن، الجسد ليس شرا متى تجنب الشر أي الخطأ الذي به يصير اإلنسان مخطئا، إنما هو ألن آل من جانبي اإلنسان، الجسد والنفس، خلقهما اهللا الصالح صالحين، أما . أوجده

.[179]اإلنسان فصنع الشر وبذلك صار شريرا

أغسطينوس القديس

" أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعلألني لست أعرف ما أنا أفعله، إذ لست " *]15.[

ال يفهم هذا التعبير عن فعل الشر، وإنما عن التفكير فيه، فإنه ليس في سلطاننا أن نفكر . في األمور غير الالئقة أو ال نفكر، إنما سلطاننا أن ننفذ ما بفكرنا أو نمتنع عن التنفيذ

الخارج إلى ذهننا، لكننا قادرون أن نمتنع عن نحن ال نقدر أن نمنع الفكر عن أن يأتينا من .طاعته أو ممارسته

في سلطاننا أن نريد بأال نفكر في هذه األمور لكننا ال نقدر أن نطردها بحيث ال ترجع إلينا لهذا آما قلت ليس في سلطاننا أن نفكر أو ال نفكر فيها؛ هذا هو معنى . في ذهننا ثانية

لكن .... فإنني ال أريد أن أفكر فيما يضرني. "ذي أريدهلست أفعل الصالح ال: "العبارةفأنا ال أريد أن ". لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل"

.ومع هذا أفكر بما ال أريده) بالشر( أفكر

تأمل أليس عن هذه األمور عينها يتوسل داود هللا في حزن، إذ هو يفكر فيما ال يريده، من الخطايا المستترة يا رب طهرني، من الغرباء احفظ عبدك حتى ال يتسلطوا : "فيقول

آما يقول ). 13-12: 19مز " (وأتنقى من خطية عظيمة علي، فحينئذ أآون بال عيبهادمين ظنونا وآل علو يرتفع ضد معرفة اهللا ومستأسرين آل : "الرسول في موضع آخر .[180] )5: 10آو 2" (فكر إلى طاعة المسيح

Page 124: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

124  

ميثوديوس األب

لم يقف عمل ناموس الخطية عند تشويه المعرفة الروحية وتحطيم قوة :أفسد جسدي: ثالثااإلرادة الصالحة، وإنما بسكنى الخطية في داخلي صار ناموسها عامال في أعضائي،

هذا ما يصرخ منه الرسول طالبا الخالص من هذا الفساد . فصارت آالت إثم تعمل لحسابههذا . بتحطيم أعضاء جسده، بل بتقديسها لحساب اهللا، بعدما عملت لحساب الخطيةال

األمر ال يستطيع الناموس الطبيعي وال الموسوي أن يهبه، إنما هي نعمة اهللا التي تقدس .الجسد مع النفس

فاآلن، لست بعد أفعل ذلك أنا، بل الخطية الساآنة في، فإني : "يشكو الرسول حاله، قائالم أنه ليس ساآن في، أي في جسدي، شيء صالح، ألن اإلرادة حاضرة عندي، وأما أعل

].18-17[" أن أفعل الحسنى فلست أجد

لم يقل الرسول أن جسده هو الذي يفعل هذا بل : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول إذ دخلت ، ألن اهللا خلق الجسد صالحا، ليس شرا في ذاته، لكن "الخطية الساآنة في"

.]الخطية لم يعد يسكن فيه شيء صالح

يؤآد نفس القديس أن الجسد وإن آان ليس فيه عظمة النفس، لكنه ليس مضادا للنفس، وال هو في ذاته شر، بل يسند النفس، وآأنه بالقيثارة التي في يدي العازف، والسفينة التي بين

.نفس متحمالن المسئولية معايدي الربان، ال يضاد من يستخدمه، وآأن الجسد مع ال

مرة أخرى يود الرسول أن يؤآد أن الجسد ليس في ذاته شرا وال النفس أيضا، وإنما اإلنسان في آليته إذ قبل الشر في حياته بإرادته، أفسد حياته، وحطم قوة اإلرادة الصالحة،

:لتعمل الخطية فيه، وتقوده حسب هواها، إذ يقول

الذي أريده، ألني لست أفعل الصالح"

بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل،

فإن آنت ما لست أريده إياه أفعل،

].20-19" [فلست بعد أفعله أنا بل الخطية الساآنة في

Page 125: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

125  

. فالمشكلة ليست في الجسد، وإنما في الخطية التي سكنت في، فأفسدت النفس والجسد معاطية التي سكنت في، ويسكن هو في لذلك إذ جاء السيد المسيح حملني معه ليصلب الخ

: أقول" لست بعد أفعله أنا، بل الخطية الساآنة في": فعوض األنين والصراخ. داخليفإن آنا قد سبق فسلمنا أعماقنا للخطية ). 20: 2غل " (فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا في"

نكم قد متم أل: "لنمت مع غالب الخطية، يملك هو فينا ونستتر نحن فيه، آقول الرسولوحياتكم مستترة مع المسيح في اهللا، متى أظهر المسيح حياتنا، فحينئذ تظهرون أنتم أيضا

).4-3: 3آو " (في المجد

هذا وقد أآد آباء الكنيسة أن اإلنسان مادام في زمان الجهاد لن يعصم من الخطأ، إنما يبقى إلى اهللا بال انقطاع ليعينه من بنعمة اهللا مجاهدا لينطلق من نصرة إلى نصرة، صارخا

آيف تسند نعمة اهللا األب بينوفيوسويحدثنا . ضعفه، حتى يكمل أيام غربته بسالمالمؤمنين المجاهدين فيتخلصون من خطاياهم السابقة، بل ويليق بهم أال يذآروها، لكن يبقى المؤمنون تحت الضعف في بعض األمور آالتي يدعوها النبي بالسهوات والخطايا

أم ( "الصديق يسقط في اليوم سبع مرات ويقوم: "، لذا يقول الحكيم)12: 19مز (المستترة ألنه سواء عن جهل أو نسيان أو بالتفكير أو الكالم أم . [فالتوبة عنها ال تنتهي ،)16: 14

هذه األمور ... بمجرد االشتياق أو عن ضرورة أو عن ضعف الجسد أو نجاسة في حلم .][181]غالبا ما نسقط فيها آل يوم بغير إرادتنا أو بإرادتنا

ضا ضد طبيعة جسده، ويجعل من أخيرا، إذ يستبعد الرسول آل اتهام ضد الناموس وأيالخطية التي سيطرت عليه وغلبته وسكنت فيه مقاوما للناموس، أعلن تهلله بالناموس بالرغم من هزيمته بناموس الخطية، مقدما الشكر للسيد المسيح الذي يهبه النصرة على

:ناموس الخطية، إذ يقول

فإني أسر بناموس اهللا بحسب اإلنسان الباطن،"

.أرى ناموسا آخر في أعضائيولكني

ويحي أنا اإلنسان الشقي،

.من ينقذني من جسد هذا الموت

.أشكر اهللا بيسوع المسيح ربنا

Page 126: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

126  

إذا أنا نفسي بذهني أخدم ناموس اهللا،

.]25-22" [ولكن بالجسد ناموس الخطية

اإللهية ماذا يعني أنا نفسي بذهني أخدم ناموس اهللا ولكن بالجسد ناموس الخطية؟ بالنعمة التي صارت لي في المسيح يسوع تقدست حياتي، وإن آانت الخطية ال تكف عن

هذا هو مفهوم النصرة بالنعمة اإللهية، النصرة ... محاربتي مادمت بعد في الجسد .لكنه جهاد بالرب الساآن فينا. المرتبطة بجهاد ال ينقطع مادمنا في الجسد

جسد فهل نحن في آمان؟يخاف إغراءات ال) الرسول(إن آان *

آلنا نلتزم بالمصارعة ... أتريد أن تعرف أن لنا أجسادا هي بعينها آأجساد القديسين * .ليتقبل آل مكافأته حسب جهاده

جيروم القديس [182]

حتى الرسول آان يقمع جسده ويضبطه لئال بعدما آرز لآلخرين يصير هو نفسه *وإذ يشعر بعنف األهواء الحسية يتحدث باسم الجنس البشري، ،)27: 9آو 1( مرفوضا

"ويحي أنا اإلنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت؟: "قائال

بسبب وخزات ) 15: 1غل (إن آان الرسول اإلناء المختار، المفرز إلنجيل المسيح *لآلخرين يصير هو نفسه الجسد وإغراءاته للرذيلة يقمع جسده ويضبطه لئال بعدما آرز

مرفوضا، ومع هذا نجده يرى ناموسا آخر يعمل في أعضائه ضد ناموس ذهنه، ويسبيه ، وإن آان وهو في عري وصوم وجوع وسجن وجلدات ]23[ في ناموس الخطية

أنا اإلنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا : وعذابات آثيرة يعود إلى نفسه ليصرخ [183]بك أن تترك حذرك؟ الموت؟ فهل تظن أنه يليق

جيروم القديس

.آلنا نشعر بهذا، لكن ليس آلنا نخلص *

! ....يا لي من إنسان شقي ما لم أطلب الدواء

لنكن غرباء عن . دواؤنا هو نعمة اهللا، وجسد الموت هو جسدنا. لنا طبيب، فلنطلب الدواءإنما نطلب عطايا ... أمور الجسدفإننا حتى وإن آنا في الجسد لكننا ليتنا ال نتبع . المسيح

Page 127: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

127  

أن أنطلق وأآون مع المسيح ذاك أفضل جدا، ولكن أبقى في الجسد ألزم من : "النعمة [184] )24-23: 1في (" أجلكم

أمبروسيوس القديس

واحد (، إذ ال يوجد اثنان من طبيعتين مختلفتين ]25[ "أنا نفسي"يقول الرسول * .إذ لم يأتيا عن مصدرين مختلفين ،)بطبعه صالح وآخر بطبعه شرير

، مادمت أآون ]25[ "بذهني أخدم ناموس اهللا ولكن بالجسد ناموس الخطية": يقول .[185]الخالص) ناموس الخطية(مسترخيا إذ يحارب

أغسطينوس القديس

عندما يشعر القديسون أن ثقل األفكار األرضية يضايقهم، وإنهم يرتدون بعيدا عن *أذهانهم منقادين بغير إرادتهم أو بالحري الشعوريا إلى ناموس الخطية والموت، سمو

وتعوقهم األعمال األرضية التي هي نافعة وصالحة عن معاينة اهللا، فإنهم يئنون إلى اهللا وبينما هم بغير انقطاع . باستمرار، معترفين بانسحاق قلب ال بالكالم بل بقلوبهم أنهم خطاة

اهللا الصفح عما يقترفونه يوما فيوما بسبب الضعف الجسدي، يزرفون يلتمسون من رحمة ...دموعا حقيقية للتوبة بغيرانقطاع

آذلك يدرآون بالخبرة أنه بسبب ثقل الجسد يعجزون بقوتهم البشرية أن يبلغوا النهاية المطلوبة، وأن يكونوا متحدين، حسب اشتياق قلوبهم، بذلك الصالح الرئيسي األسمى،

الذي "ذ ينقادون بعيدا عن رؤيته مأسورين باألمور العالمية يتوجهون إلى مراحم اهللا وإويحي أنا اإلنسان الشقي من ينقذني : "، ويصرخون مع الرسول)5: 4رو " (يبرر الفاجر

ألنهم يشعرون ). 25-24: 7رو ( " من جسد هذا الموت؟ اشكر اهللا بيسوع المسيح ربناطيعون أن يكملوا الصالح الذي يريدونه، وإنما يسقطون في الشر بأنهم على الدوام ال يست

.الذي يكرهونه، أي األفكار الزائفة واالهتمام باألمور الجسدية

إنهم بالحقيقة يسرون بناموس اهللا بحسب اإلنسان الباطن الذي يسمو فوق آل المنظورات، اموسا آخر في يرون ن"ويسعون على الدوام ليكونوا متحدين باهللا وحده، لكنهم

- 22: 7رو (" يحارب ناموس ذهنهم"، أي منغرس في طبيعتهم البشرية "أعضائهم، أي يأسر أفكارهم إلى ناموس الخطية العنيف، ويلزمهم أن يتخلوا عن ذلك الصالح )23

األعظم ويرضخوا لألفكار األرضية التي وإن ظهرت هامة ومفيدة ونحتاج إليها في

Page 128: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

128  

عائقا عن التأمل في ذلك الصالح الذي يسحر أنظار القديسين، إال أنها تقف... العبادة ...فيرونها شريرة ويحاولون تجنبها

إنني أقول أن هذا الناموس المنغرس في أعضاء البشر جميعا الذي يحارب ناموس أذهاننا .[186]ويعوقها عن رؤية اهللا

ثيوناس األب

قال هذا عن المقدسين والكاملين ومن أخيرا يعبر الرسول الطوباوي بوضوح أنه *، أي ]25[" إذا أنا نفسي: "آان على شاآلته، فيشير بإصبعه إلى نفسه، ويتدرج في الحال

اعتاد الرسول . أسراري الخاصة مكشوفة، ال سريرة شخص آخر أنا الذي أقول هذا أقدم، 1: 10آو 2( أن يستعمل هذا األسلوب بغير آلفة آلما أراد أن يشير باألخص إلى نفسه

).2: 9؛ رو 2: 5؛ غل 16، 13: 12

أنا الذي تعرفونه بأنه رسول المسيح، الذي تبجلونه : تحمل بالتأآيد "أنا نفسي"إذا بأعظم احترام، والذي تعتقدون بأنه من أسمى الشخصيات وأروعها آشخص يتكلم فيه

د أخدم ناموس الخطية، المسيح، مع أني أخدم ناموس اهللا بالذهن أعترف بأنني بالجسبمعنى أن حالتي البشرية تجذبني أحيانا من األشياء السماوية األرضية، وينحدر سمو

وبناموس الخطية هذا أجد بأنني في آل لحظة أخذ هكذا . ذهني إلى االهتمام بأمور تافهةوسيلة مأسورا بالرغم من مثابرتي باشتياق راسخ نحو ناموس اهللا، ولكنني ال أستطيع بأية

.أن أنجو من سلطان هذا األسر ما لم أهرب دائما إلى رحمة المخلص

وبينما هم . لذلك يحزن جميع القديسين بتنهدات يومية من أجل ضعف طبيعتهم هذا: يستقصون أفكارهم المتنقلة ومكنونات ضمائرهم وخلواتهم العميقة يصرخون متضرعين

)....2: 143مز " (برر قدامك حيال تدخل في المحاآمة مع عبدك، فإنه لن يت"

ها أنت ترى إذن آيف يعترف جميع القديسين بصدق أن جميع الناس آما هم أيضا خطاة، ...ومع ذلك ال ييأسون أبدا من خالصهم، بل يبحثون عن تطهير آامل بنعمة اهللا ورحمته

ا تعليم المخلص وقد أخبرنا أيض. ال يوجد أحد، مهما آان مقدسا، في هذه الحياة بال خطيةوأغفر لنا ذنوبنا، آما نغفر نحن : "، إذ يقول...الذي منح تالميذه نموذج الصالة الكاملة

).12 :6مت ( "أيضا للمذنبين إلينا

Page 129: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

129  

إذن إذ قدم هذه آصالة حقيقية يمارسها قديسون، آما يجب أن نعتقد دون أدنى شك، ممن .[187]الشيطان، فيظن أنه بال خطيةيمكنه أن يبقى عنيدا ووقحا ومنتفخا بكبرياء

ثيوناس األب

مفهوم الجسد هنا

هنا ال بمعنى اإلنسان أو المادة الملموسة، إنما يقصد " الجسد"يلزمنا أن نأخذ آلمة * .[188]اإلرادة الشهوانية أو الرغبة الشهوانية

دانيالاألب

في أي في جسدي، شيء فاني أعلم أنه ليس ساآن: "لننصت إلى الرسول القائل *الذي يوجد في " خطأ الجسد"فان ما يقصده الرسول هنا بالتأآيد هو ].18" [صالح

فان زال هذا الخطأ من الجسد، ال يكون الجسد فاسدا وال ". الجسد"الشيء الصالح .مخطئا

، إذ يقول في )أي آياننا آله(طبيعتنا ) أي الجسد(وقد آشف المعلم نفسه انه يقصد بهذا ، وهكذا يسمي "أي في جسدي"بـ" في"ثم يوضح "فاني أعلم أنه ليس في"البداية

.، وال يمكن أن يكون اإلنسان عدو نفسه himselfجسده أنه هو

فإنه لم "منا أن نعتني به آقول الرسول فعندما يقمع الخطأ، يصير جسدنا محبوبا، إذ يلز ).29: 5أف " (يبغض أحد جسده

إذا أنا نفسي بذهني أخدم ناموس اهللا، ولكن بالجسد ناموس "وفي موضع آخر ... أنا بالذهن، وأنا بالجسد "إذا أنا نفسي"ليسمع من لهم آذان، إذ يقول . ]25" [الخطية

بل ألن ! حاشا! قبوله شهوة الجسد وتكميلهاولكن آيف يخدم بالجسد ناموس الخطية؟ هل بحرآات الشهوة التي ال يريدها هي آائنة فيه، وإذ هو ال يوافقها فإنه بذهنه يخدم ناموس

.[189]اهللا وال يسلمه أعضاءه لتكون آالت إثم للخطية

أغسطينوس القديس

البهجة بناموس اهللا

Page 130: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

130  

من ناموس الخطية، فان هذا الناموس إن آنا بالنعمة نجاهد بال انقطاع لكي يكمل تحررنا ال يقدر أن يحطم بهجة خالصنا وسرورنا بناموس اهللا العامل في داخلنا، إذ يقول

هكذا ال يفقد اإلنسان . ]22" [فاني أسر بناموس اهللا بحسب اإلنسان الباطن: "الرسول .بهجته وسالمه وسط الجهاد ضد ناموس الخطية

بحسب اإلنسان الداخلي نملك نوعا من السالم، لكنه ليس مادمنا نسر بناموس اهللا * .[190]سالما آاملا، ألننا نرى ناموسا آخر في أعضائنا يحارب ناموس ذهننا

أغسطينوس القديس

....إذ نكون أحرارا نسر بناموس اهللا، ألن الحرية فرح *

.لتكن بهجتك في اهللا ولتكن حرا

.البرال تخف العقوبة بل حب

.[191]أال تقدر أن تحب البر، خف إذن من العقوبة لعلك تبلغ حب البر

له موضعا ) الخطية(لقد وجد ناموس . بسبب حسن نقول إن عذوبة اهللا مخفية فيك *لهذا فإن العذوبة التي بالنسبة لك مخفية يشرب . في أعضائك يقاوم ناموس ذهنك ويسبيك

.[192]ما ال تقدر أنت تتذوقها بسبب السبيمنها المالئكة القديسون بين

أغسطينوس القديس

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 131: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

131  

8 الرسالة إلى أهل رومية

المسيح ناموس الروح وبردور الناموس آفاضح للخطية دون معالجة لها، ثم األصحاح السابقأبرز الرسول في

قدم لنا صورة قاتمة للغاية من جهة ناموس الخطية آمفسد لحياتنا آلها، ومثير لشهوات واآلن إذ ينتقل بنا إلى السيد المسيح الغالب وحده لهذا . الجسد ضد آل اشتياق روحي

لهذا إن آان بعض . ل في حياة المؤمنالناموس، يشرق علينا باإلمكانيات اإللهية التي تعم، فيرى "آاتدرائية اإليمان المسيحي"الدارسين يحسبون هذه الرسالة في آليتها هي

، عليه يقدم المؤمن الحقيقي المذبح الروحيأو " قدس األقداس"البعض في هذا األصحاح .ذبيحة الحب والفرح والشكر وسط صراعه ضد الشر وضيقاته الزمنية

م لنا هذا السفر بقوة إمكانيات الحياة المقدسة في الرب، أو تمتعنا ببر المسيح قدغالب ناموس الخطية، فاتحا باب الرجاء في المجد األبدي، ملهبا القلب بمحبة المسيح

.الفائقة

الروح المسيح وناموس. 1

سيطرت الخطية على اإلنسان؛ سكنت فيه، وأخضعته لناموسها، فصار اإلنسان جسديا فجاء . ، يسلك بنفسه آما بجسده تحت مذلة شهوات الجسد وحسب مبيعا للخطية)14: 7(

ناموس روح "السيد المسيح، ال لينتزع ناموس الخطية من أعماقنا فحسب، وإنما ليقيم السلوك ليس حسب الجسد، بل حسب "مؤمن إمكانية ، الذي يعطي لل]2" [الحياة .فيحسب اإلنسان في آليته، بجسده ونفسه، إنسانا روحانيا أو روحيا". الروح

أزال السيد المسيح ناموس الخطية المستعبد لإلنسان، ليقيم فيه ناموس روح الحياة واهب للنفس والجسد معا، حياة بر يهب حياة ] 11[أعطانا روحه القدوس ساآنا فينا ! الحرية

حقا أعطانا إمكانية الحياة ! عوض موت الخطية، حياة البنوة هللا عوض العبودية للخطية .وسط اآلالم لكي ننعم بالروح على الميراث مع مسيحنا

، واآلن، لنتبع آلماته "المسيح وناموس الروح"هذا هو موجز حديث الرسول بولس عن :الرسولية

Page 132: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

132  

:الدينونة االنعتاق من: أولا

إذا ال شيء من الدينونة، اآلن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب " ].1" [الجسد بل حسب الروح

إن آان ناموس الخطية يحطم نفسيتنا ويرعبنا، فإن نعمة المسيح ترفعنا لندرك أننا ألن بر المسيح ال يعمل .بالمسيح يسوع مبررون، إن سلكنا حسب الروح ال حسب الجسد

.في المتهاونين، الذين يستسلمون مرة أخري للحياة الجسدانية

نعمة المسيح تحرر جميع القديسين يوما : [معلقا علي هذه العبارة األب ثيوناسيقول فيوما من ناموس الخطية والموت، هذا الذي يخضعون له قسرا، بالرغم من توسلهم الدائم

.][193]إلى أن يصفح اهللا عن تعدياتهم

هو ناموس موسى، و: بين ثالثة أنواع من النواميس يوحنا الذهبي الفم القديسيميز العامل في جسدنا وهو يدخل بنا روحي لكنه ال يهب الروح وال يبرر؛ وناموس الخطية

إلى الموت األبدي؛ وناموس المسيح أو ناموس الروح وهو يهب الروح ويقدم لنا الحياة .األبدية ببر المسيح، وبه ال نسلك فيتراخ حسب الجسد، بل في قوة الروح

الخطية حتى بعد المعمودية مما يسبب صعوبة في آحقيقة واقعة، يسقط آثيرون في [فحسب، " في المسيح يسوع"األمر، لذلك أسرع الرسول ليواجه هذا األمر، ال بقوله

.، مظهرا أن هؤالء يترآون تراخينا"السالكين ليس حسب الجسد"وإنما يضيف

وها هو يقدم . ، بعد أن آان هذا عملا صعبا"ليس حسب الجسد"اآلن لنا القوة للسلوك " ألن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني" :برهانه على آالمه هذا، بقوله

".ناموس الروح"، ها هو يدعو الروح "ناموس الخطية"فكما دعا الخطية . ]2[

فما هو الفرق بينهما؟ الفرق عظيم وبال ) 14: 7(لقد وصف ناموس موسى بأنه روحي ما هو التمييز بينهما؟ األول مجرد . أما هذا فناموس الروح حدود، فإن ذاك روحي،

لذلك دعاه . أعطي بواسطة الروح، أما هذا فيهب الذين يتقبلونه الروح بغير حدودفعندما يقول أنه أعتقني من . مقابل ناموس الخطية ال ناموس موسى" ناموس الحياة"

...ناموس الخطية والموت ال يقصد ناموس موسى

Page 133: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

133  

مة الروح القدس توقف الحرب الخطيرة بذبح الخطية، فيصير المقاوم لنا سهلا بالنسبة نع .][194]لنا، وتتوجنا منذ البداية عينها، وتسحبنا للصراع بعد أن تمدنا بعون عظيم

إذا ناموس المسيح، الذي هو ناموس الروح، هو تمتع بعطية الروح، الذي يحطم فينا !يسندنا في صراعنا ضدها، واهبا إيانا روح الغلبة والنصرة، فنكللعنف الخطية و

أن الرسول هو يتحدث عن السيد المسيح واهب ناموس يوحنا الذهبي الفم القديسالحظ الروح يوضح أنهذا العمل هو عطية الثالوث القدوس محب البشر، اآلب أرسل ابنه مبذولا

يدين خطايانا في جسده، والروح القدس يسكن فينا ليعمل ألجلنا، واالبن قدم نفسه فدية لألنه ما آان : "هذا هو عمل الثالوث القدوس الذي أعلنه الرسول في العبارة. بناموسه فينا

الناموس عاجزا عنه في ما آان ضعيفا بالجسد، فاهللا إذ أرسل ابنه في شبه جسد .]3" [الخطية، وألجل الخطية دان الخطية في الجسد

:يالحظ هذا في النص اآلتي

ألنه ما آان " أن الرسول لم يستخف بالناموس بقوله يوحنا ذهبي الفم القديسيرى . أ، فإنه لم يقل أن الناموس شر، وإنما وهو متفق مع السيد المسيح "الناموس عاجزا عنه

على هذا العجز ال يقوم على عيب فيه، وإنما. يود صالحنا، لكنه يعجز عن التحقيق، هنا ال يقصد "آان ضعيفا بالجسد" :فسادنا نحن الذين صرنا جسدانيين، إذ يقول

.إنما الحياة الجسدانية" الجسم اإلنساني"

: أن سر العجز في الناموس هو عدم قدرتنا على تنفيذه، إذ يقول القديس جيرومويرى ما جئت ألنقض ": ائلفقد عجز الناموس، ألنه لم يستطع أحد أن يتممه سوى الرب الق[ .] [195] )17: 5مت( "بل ألآمل) الناموس(

وفتح ) المسيح(آان الناموس يعمل ليجعل الناس أبرارا، لكنه لم يستطع، فجاء *طريق البر باإليمان، وبهذا حقق ما اشتهاه الناموس؛ ما لم يستطيع الناموس أن يحققه

[196]ما جئت ألنقض الناموس: يقوللهذا السبب . بالحرف حققه هو باإليمان

يوحنا الذهبي الفم القديس

، فصار الجسم مقدسا مع النفس، "دان الخطية": ، وإنما قال"دان الجسد"لم يقل . ب .يحمل بر المسيح وقوة الروح، قادرا على الغلبة ضد الخطية

Page 134: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

134  

يوحنا القديس، وآما يقول "أرسل ابنه في شبه جسد الخطية": يقول الرسول. ج .ليس ألنه لم يأخذ جسدا مثلنا، وإنما ألنه أخذ جسدنا بدون الخطية الذهبي الفم

جاء في الجسد، أي في جسد شبه الخطية، لكن ليس في جسد خاطئ، إذ لم يخطئ * .قط، لذلك صار ذبيحة حقيقية عن الخطية إذ هو بال خطية

شبه جسد الخطية، وأرسل االبن هؤالء أرسل اهللا ابنه ال في جسد خاطيء بل في * .[197]الذين ولدوا بجسد خاطيء لكنهم تقدسوا به من دنس الخطية

أغسطينوس القديس

، إذ أخذ المسيح جسدا حقيقيا، وليس شبه جسد، وال قال "في شبه الجسد"لم يقل * ...شبه جسد الخطية جاء في. ألنه لم يخطيء، إنما صار خطية ألجلنا ".في شبه الخطية"

). الترجمة السبعينية 9: 17إر( "يعرفه؟ من هو إنسان": ألنه مكتوب "في شبه"قيل حسب الناسوت إنسان، في الجسد، حتى يمكن أن يعرف، لكنه في القوة هو فوق اإلنسان

.[198]أخذ جسدنا لكنه ليس له سقطات الجسد. ال يمكن أن يدرك

أمبروسيوس القديس

من هذا الجسد، لكنه ليس آسائر البشر، ألن العذراء لم تحبل به بالشهوة وإنما جاء * باإليمان

.جاء في العذراء هذا الذي هو قبل العذراء

.اختارها الذي أوجدها، خلقها ذاك الذي سبق فاختارها

.[199]وهبها اإلثمار ولم ينزع عنها طهارتها التي لم تمس

أغسطينوس القديس

شبه "وغيره من اآلباء تأآيد علة قبوله القديس أثناسيوس الرسولي قاتجاء في تعلي. د، أال وهو اتحاده بطبيعتنا لننعم باالتحاد معه، ونتمتع بعمله فينا بكوننا "جسد الخطية .أعضاء جسده

.صار إنسانا ليؤلهنا فيه *

Page 135: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

135  

شرآاء في الطبيعة ولد من امرأة، من عذراء، ليغير جيلنا الخاطي، فيصير جنسا مقدسا، ).4: 1بط 2(اإللهية، آما آتب الطوباوي بطرس

بسبب حسن مسح الرب الذي بطبيعته غير المتغيرة هو محب للبر ومبغض لإلثم، *وأرسل دون أن يتغير حاملا الجسد المتغير ليدين فيه الخطية، ويؤآد له الحرية والقدرة،

لسنا في الجسد بل في الروح، إن آان روح : يمكننا أن نقولمحققا بر الناموس فيه، بهذا .[200])9: 8رو (اهللا ساآنا فينا

الرسولي أثناسيوسالبابا

بالبر التمتع: ثانيا

لم يقف األمر عند حدود العتق من الدينونة، وإنما نحمل البر الذي يشتاق الناموس أن .نتمتع به لكنه يعجز عن تقديمه

لكي يتم بر الناموس فينا، نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب ": يقول الرسول .]4[ "الروح

هنا ال " البر"أن يوحنا الذهبي الفم القديسماذا يعني أن يتحقق بر الناموس فينا؟ يري ، وأن ][201]البر بالنسبة لنا هو التمتع بالنصرة[يعني مجرد عدم وجود خطية، وإنما

البر ال يعني مجرد االمتناع عن الخطية، وإنما التزين بالصالح أيضا، فال يقف عند .السلبيات، إنما يجب ممارسة اإليجابيات

حياة ديناميكية مستمرة، وعمل " البر"أن يوحنا الذهبي الفم القديسمرة أخرى يؤآد لمعمودية ال تكفي في هذه العبارة يظهر بولس أن ا: [روحي غير متوقف، لذا يقول

.] [202]لخالصنا ما لم نمارس حياة الئقة بهذه العطية بعد نوالها

الروح ال باهتمام الجسد االنشغال باهتمام: ثالثا

فإن الذين هم حسب الجسد فيما للجسد يهتمون،"

ولكن الذين حسب الروح فيما للروح،

Page 136: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

136  

ألن اهتمام الجسد هو موت،

حياة وسالم،ولكن اهتمام الروح هو

ألن اهتمام الجسد هو عداوة اهللا،

إذ ليس هو خاضعا لناموس اهللا،

ألنه أيضا ال يستطيع،

فالذين هم في الجسد ال يستطيعون أن يرضوا اهللا،

وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح،

.]9-5" [...أن آان روح اهللا ساآنا فيكم

:الروح واهتمام الجسد اآلتييالحظ في حديث الرسول بولس عن اهتمام

ال يقارن الرسول هنا بين جوهر الجسد أي الجسم بأعضائه وبين الروح، وإنما بين . أاهتمام الجسد واهتمام الروح، فيقصد باهتمام الجسد شهوات الجسد واهتماماته واشتياقاته

.الجسدانية، ويقصد باهتمام الروح اشتياقات الروح واهتماماتها الروحية

رة أخرى نؤآد أن اإلنسان بجسده وروحه يمثل وحدة واحدة، إن ترك لجسده العنان ميتلذذ بشهوات جسدانية، يتعدى الجسد حدوده فيحسب جسدانيا، إذ يسلك اإلنسان آكل

وعلي العكس إن . بفكره ونفسه وجسده، بطريقة جسدانية، وآأنه قد صار جسدا بال روحالروح القدس تتقدس روحه اإلنسانية، ويتقدس جسده بكل سلم حياته آلها تحت قيادة

أحاسيسه وعواطفه، فيسلك اإلنسان آكل، آما لو آان روحا بال جسد، إذ يتصرف حتى .الجسد بطريقة روحية

خالل هذه النظرة يمكننا أن نعرف اهتمام الجسد، بمعنى ترك اإلنسان الجسد على هواه لتحقيق هوى الجسد، أما اهتمام الروح فيعني خضوع ليتعدى حدوده، فتخضع حتى النفس

األول يثمر موتا للنفس . اإلنسان لروح اهللا، فيسلك آإنسان روحي، يحقق هوى الروحاألول يخلق عداوة هللا ]. 6[ والجسد على مستوى أبدي، والثاني يهب حياة وسالما أبديا

Page 137: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

137  

، أما الثاني فيجد رضا في عيني إذ يطلب اإلنسان ملذاته على حساب صداقته مع اهللا] 7[ .اهللا

فالذين هم في الجسد ال يستطيعون : "لعبارةا يوحنا ذهبي الفم القديسبهذا الفهم يفسر هل نقطع جسدنا إربا حتى نرضي اهللا، هاربين من طبيعتنا : ، قائلا]8[ "اهللا أن يرضوا

اإلنساني وال جوهره، إنما البشرية؟ هذا التفسير الحرفي غير الئق، فهو ال يقصد الجسميعني الحياة الحيوانية العالمية المستهترة التي تجعل اإلنسان جسدانيا، حتى النفس تصير

.جسدانية، فتتغير طبيعتها ويتشوه نبلها

، ال نفهم بهذا أننا خلعنا "فلستم في الجسد بل في الروحأنتم أما: "وأيضا حين نسمعونحن في هذا الجسم قد ترآنا تيار الشهوات الجسدانية، فصرنا الجسم اإلنساني، لكننا

استخدم السيد المسيح نفسه هذا التعبير حين قال . آمن هم بال جسد من جهة الشهوات، بمعنى أنهم ال يحملون فكر العالم األرضي "أنتم لستم من هذا العالم" :لتالميذه

.وشهواته الزمنية بالرغم من وجودهم في العالم

بهذه الكلمات ال يجحد مادة الجسم، وإنما يظهر : [القديس إيريناؤسبنفس المعنى يقول فهو بهذا ال يمنعهم من الحياة وهم حاملون . ضرورة أن يكون الروح القدس منسكبا فيه

الجسد، إذ آان الرسول نفسه في الجسد حين آتب لهم هذا، إنما آان يقطع شهوات الجسد ال يتحقق هذا بطرد الجسد وإنما بشرآة : [آما يقول.] [203]نسانالتي تجلب الموت لإل

أبا " :الروح، ألن من يكتب إليهم ليسوا بدون جسد، إنما تقبلوا روح اهللا الذي به نصرخ .] [204])15: 8( "اآلب

" ليسوا في الجسد"و" في الروح"أن التعبيرين القديس إآليمنضس السكندريويرى : الغنوسيين أي أصحاب المعرفة الروحية الحقة يرتفعوا فوق أهواء الجسدإنما يعني أن

الغنوسيون أعظم من . إنهم أسمى من اللذة، يرتفعون فوق األهواء، يعرفون ماذا يفعلون[ .][205]العالم

إن اهتمام الروح ليس من عندياتنا، إنما هو ثمر سكنى السيد المسيح فينا، الذي بسكناه . بالحياة الجسدانية الطائشة، فيحيا اإلنسان بكليته، جسما ونفسا، في انسجام آعضو يميت

وإن آان المسيح فيكم، فالجسد ميت بسبب الخطية، : "في جسد المسيح، إذ يقول الرسول ]10[ وأما الروح فحياة بسبب البر

Page 138: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

138  

وإن آان ": الرسول السالك بالروح القدس إنما ينعم بالمسيح أيضا ساآنا فيه، إذ يقولبهذا ال ليؤآد ) الرسول(ينطق [ :يوحنا الذهبي الفم القديسيقول وآما ..."المسيح فيكم

أن الروح هو نفسه المسيح، حاشا، وإنما ليظهر أن من له روح المسيح، يكون له المسيح فإنه ال يمكن إال حيث يوجد الروح يوجد المسيح أيضا، ألنه حيث يوجد أحد األقانيم . نفسه

ذاته، بل له وحدة فائقة الثالثة يكون الثالوث القدوس حالا، ألن الثالوث غير منقسم على بكونه روح المسيح، يكون : اآلن تأمل عظمة البرآات التي ننعم بها بنوالنا الروح... للغاية

لنا المسيح نفسه، ونصير مناظرين للمالئكة، وننعم بالحياة الخالدة، ونتمسك بعربون .][206]القيامة، ونرآض بسهولة في سباق الفضيلة

تعليقه على العبارة الرسولية مظهرا أن الجسد الذي لم يكن مالقديس الذهبي الفيكمل خاملا فحسب بسبب الخطية بل آان ميتا، ها هو بالمسيح الساآن فينا صار رشيقا يرآض

الجسد بذاته ميت بالخطية لكن باهللا الروح تمتع ... بسهولة في ميدان الفضيلة لينال الجعالة .له بر المسيحبالحياة التي ال تنحل، وصار

الذي ال يقف عند إماتة " بر المسيح"هكذا إذ يتحدث عن سكنى المسيح فينا يعلن عن القديسيقول ... ]10[ الحياة الشهوانية الجسدانية وإنما ينعم بتجلي الحياة بحسب الروح

نه أن الرسول بولس يشجع السامع معلنا عن البر آمصدر للحياة، أل يوحنا الذهبي الفم .حيث ال توجد خطية ال يوجد الموت، وحيث ال موت تكون الحياة غير قابلة لالنحالل

بالقيامة التمتع: رابعا

إن آان ناموس الخطية قانونه الموت األبدي، فإن ناموس الروح الذي يهبه لنا المسيح القدوس ساآنا يهبنا السيد المسيح روحه . قانونه القيامة من األموات، على مستوى أبدي

فينا، الروح الذي أقام السيد المسيح من األموات، إذ هو قادر أن يقيم طبيعتنا الساقطة، فينزع عنها ناموس الخطية أو الحياة الجسدانية الشهوانية ليهبنا الطبيعة الجديدة، الطبيعة

: رسول بقولههذا ما أعلنه ال. المقامة في المسيح يسوع، يسودها ناموس القيامة والحياةوإن آان روح الذي أقام يسوع من األموات ساآنا فيكم، فالذي أقام المسيح من "

.]11" [األموات، سيحيي أجسادآم المائتة أيضا بروحه الساآن فيكم

: يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

Page 139: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

139  

السامع، نقطة القيامة بكونها أآثر األمور تبعث الرجاء في ) الرسول(مرة أخرى يمس [ليكن لك . وتهبه ضمانا لما يحدث له في المسيح، فال تخف إذن ألنك مثقل بجسد مائت

...الروح فستقوم ثانية ال محالة

يو (حقا سيقوم الكل، لكن ال يقوم الكل للحياة، إنما يقوم البعض للعقاب واآلخرون للحياة 5 :29...(

ويدخل بك إلى حجال ... ف العقابأنه ال يعاقبك إن رأى روحه يشرق فيك، بل يوق ).12: 25تك(العرس لتكون هناك مع العذارى

أن يعيش في هذا العالم، لكي يعيش جسدك ) الحياة الجسدانية(ليتك إذن ال تسمح لجسدك .هناك

.فإن احتفظت به هنا حيا ال يعيش، وإن مات يحيا! ليمت آي ال يموت

.أن يموت أولا ويدفن، عندئذ يصير خالداإذ يجب . هذا هو حال القيامة بوجه عام

هذا . ولكن هذا يحدث في جرن المعمودية، حيث يتحقق الصلب والدفن وعندئذ القيامةليحدث هذا أيضا بالنسبة لنا، . أيضا ما حدث بالنسبة لجسد الرب، إذ صلب ودفن وقام

هر اإلنسان، فإن هذا بعيد ال أقصد موت جو. فتكون لنا اإلماتة المستمدة عن أعمال الجسدعن قصدي، إنما موت ميوله نحو األمور الشريرة، فإن هذا هو الحياة أيضا، بل ما هو

.][207]هذا إال حياة

سيحي أجسادآم المائته : "في هذه العبارة الرسولية [208]القديس أمبروسيوسيرى تأآيدا لوحدة العمل بين الثالوث القدوس، فإن اآلب ،]11" [الساآن فيكم أيضا بروحه

هلم : "وقد جاء في حزقيال. ، آذلك الروح القدس)21: 5يو(يحيي من يشاء، وأيضا االبن فدخل فيهم الروح فحيوا ... يا روح من الرياح األربع وهب على هؤالء القتلى ليحيوا

).10-9: 37حز(" وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جدا جدا

بالدين للروح الشعور: خامسا

فإذن أيها اإلخوة نحن مدينون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد، "

ألنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون،

Page 140: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

140  

.]13-12" [ولكن إن آنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون

:على هذه العبارة هكذا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

بعد أن أظهر عظم مكافأة الحياة الروحية إذ تجعل المسيح ساآنا فينا، وتحيي أجسادنا [المائتة، وتهبها أجنحة لتطير بها إلى السماوات، وتجعل طريق الفضيلة سهلا، بلياقة،

، وإنما قال هذا بطريقة "يلزمنا أال نعيش حسب الجسد: "لم يقل. يحثنا لتحقيق هذا الهدفنحن مدينون ليس ". هذا ما عناه بقوله ".نحن مدينون للروح": وقوة هكذاأآثر إثارة

."للجسد

). مجانية(في آل موضع يؤآد أن ما يقدمه اهللا لنا ليس على سبيل الدين وإنما مجرد نعمة مقابل معامالت (ولكن بعد هذا يوضح أن ما نفعله نحن ليس بتقدمة اختيارية، إنما هو دين

: ، آما يكتب)23: 7آو 1" (قد اشتريتم بثمن فال تصيروا عبيدا للناس: "ذ يقول، إ)اهللا لنا: ، وفي موضع آخر يثير ذات الفكر في أذهانهم بقوله)19: 6آو 1" (إنكم لستم ألنفسكم"لقد أراد ). 15: 5آو 2" (وهو مات ألجل الجمع آي يعيش األحياء فيما بعد ال ألنفسهم"

، ولئال تظن أنه "نحن مدينون ليس للجسد": بقوله"...ن مدينوننح: "أن يثبت هذا بقوله "...إن عشتم حسب الجسد" :يتحدث عن طبيعة الجسد قال

وهو أنه يلزمنا أال نعيش حسب الجسد، بمعنى أال نجعله سيد حياتنا، ... يقدم لنا هنا تعليمااتنا، بل ناموس الروح هو الذي إنما ليكن الجسد هو التابع ال القائد، ليس هو الذي يدبر حي

بإبرازه هذه النقطة، وتأآيده أننا مدينون بالروح، وإظهاره منافع هذا الدين الذي . يدبرهافإن نفع الروح ال ... علينا للروح، ال يتحدث عن األمور الماضية بل عن األمور المقبلةنة ضد خطايانا المقبلة، يقف عند هذا فقط، إنه حررنا من خطايانا السابقة، بل يهبنا حصا

).][209]ستحيون(ويحسبنا أهلا للحياة الخالدة

.[210]وهبك المخلص الروح الذي به تميت أعمال الجسد *

أغسطينوس القديس

بروح البنوة التمتع: سادسا

،"ناموس الروح، وبر المسيح"رآز الرسول بولس في هذا األصحاح وهو يتحدث عن عن شعورنا أننا مدينون للروح القدس الذي يعتقنا من الدينونة مادمنا نسلك حسب الروح، ويهبنا روح الغلبة والنصرة فنواجه حرب الخطايا بقوة، ونرآض في ميدان الفضيلة،

Page 141: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

141  

أخيرا، يكشف لنا الرسول عن عمل هذا الروح . منطلقين نحو السماء آما بأجنحة الروحيم إمكانيات إلهية إلينا فحسب، وإنما بتجديد مرآزنا بالنسبة هللا، فيعتقنا اإللهي فينا، ال بتقد

،"يا أبا اآلب": من العبودية لنحتل مرآز البنوة الفائق الذي به نصرخ نحو اآلب قائلين .نحسب بالحق أوالد اهللا، لنا حق الميراث مع المسيح

، ألن آل الذين ينقادون بروح اهللا فأولئك هم أبناء اهللا"

إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف،

بل أخذتم روح التبني

الذي به نصرخ يا أبا اآلب؛

.]16-14" [الروح نفسه يشهد ألرواحنا أننا أوالد اهللا

:على هذه العطية بقوله يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

ن آثيرين يعيشون بروح أل"ولهذا لم يقل . اآلن فإن هذه أيضا أعظم آرامة من األولى[، مظهرا أنه يستخدم سلطانا على "ألن آثيرون ينقادون بروح اهللا"، إنما يقول "اهللا

آربان يقود سفينة، أو سائق مرآبة على زوج من الفرس، فهو ال يقود ) يقتادهم(حياتهم جرن وألنه يخشى بسبب الثقة في عطية ... الجسد فقط وإنما النفس أيضا، يملك عليهما

المعمودية يهملون في رجوعهم بعد نوالهم العماد، لذا يود أن يقول لهم أنكم وإن نلتم .][211]المعمودية وال تنقادون للروح فإنكم تفقدون الكرامة التي نلتموها وسمو بنوتكم

يشير إلى العهد القديم " لم تأخذوا روح العبودية: "يرى ذات القديس أن قول الرسولنل اليهود روح البنوة، إنما بنوالهم الناموس مجردا عاشوا تحت تهديدات حيث لم ي

العقوبة في خوف آعبيد، أما في العهد الجديد فلم تعد مكافأة الوصية أمورا زمنية وال عقابها زمنيا، إنما قدمت الوصية للبنين، ليكون اهللا نفسه هو مكافأتنا، ننعم به أبا أبديا،

.، وهي آلمة أرامية توجه لمناداة األب"اأب"نناديه

يوجد : [، قائلا"روح العبودية أيضا للخوف: "على القول القديس أغسطينوسيعلق هكذا يوجد نوعان من الخدمة يقدمان . نوعان من الخوف ينتجان صنفين من الخائفين

آما يوجد نوع ، )18: 4يو 1(يوجد خوف يطرده الحب الكامل خارجا . نوعين من الخداميشير الرسول هنا إلى الخوف ). 9: 19مز (آخر من الخوف هو طاهر ويبقى إلى األبد

Page 142: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

142  

ال تستكبر، ": آما يشير في موضع آخر إلى الخوف الطاهر، بقوله ...الذي ليس للمحبة .][212])20: 11رو( "بل خف

لروح القدس الساآن بهذا الروح نحمل لغة البنين في حديثنا مع اهللا آأب لنا، فنصرخ باالقديس هذا الصوت الذي نصرخ به آما يقول ". أبا"يا : فينا، واهب البنوة، لنقول

مالك تصرخ ": ال يخرج من الشفاه بل من القلب، ففي الحقيقة يقول اهللا لموسى: [جيروم .][213]، وبالتأآيد لم ينطق موسى بكلمة)15: 14خر " (إلي؟

هموا أنهم إن آانوا أبناء اهللا، فبروح اهللا ينقادون ليفعلوا ما بالحري يجدر بهم أن يف *وهذا ال يعني أنهم لم ... وعندما يفعلون هذا يقدمون الشكر هللا الذي به فعلوا. ينبغي فعله ).أي ال يحرمون من نسبة هذه األعمال إليهم(يفعلوا شيئا

مجدوا اهللا، اشكروه، ] 13[إنه يعني عندما تميتون بالروح أعمال الجسد فتحيون *قدموا له التشكرات، ذاك الذي تنقادون بروحه، لكي تقدروا على السير في هذه األمور

.[214]لتظهروا آأبناء اهللا

أغسطينوس القديس

إن آنا أوالدا هللا، إن آنا بالفعل : [عن التزاماتنا آأوالد اهللا، قائلا القديس آبريانوسيحدثنا . قد بدأنا أن نكون هياآله، إن آنا نقبل روحه القدوس، يلزمنا أن نحيا بالقداسة والروحانية

) اآلب(إن آنا نرفع أعيننا عن األرض نحو السماء، إن آنا نرفع قلوبنا، ونمتلئ باهللا ويات واإللهيات، فليتنا ال نفعل إال ما يليق باهللا والمسيح، آما يحثنا الرسول، والمسيح بالعل

فإن آنتم قد قمتم مع المسيح، فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين اهللا، " :قائلااهتموا بما فوق ال بما على األرض، ألنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في اهللا،

ليتنا .)4-1: 3آو(" ح حياتنا، فحينئذ تظهرون أنتم أيضا معه في المجدمتى أظهر المسينحن الذين في المعمودية متنا ودفنا عن الخطايا الجسدية التي لإلنسان القديم وقمنا مع

.][215]المسيح في التجديد السماوي نفكر في أمور المسيح ونمارسها

إن عطية البنوة التي ننالها [216]القديس غريغوريوس أسقف نيصصهذا ويروي بالروح القدس هي عطية السيد المسيح نفسه، هذا الذي حمل مالنا ليهبنا ما له، فحمل موتنا ولعنتنا وخطايانا وعبوديتنا لينزع هذا آله عنا، فال نحسب بعد عبيدا بل أبناء

.وأحباء

Page 143: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

143  

تقابل في " أبا"ا أن آلمة قائل ،"أبا اآلب"على تعبير [217]القديس أغسطينوسويعلق ، وآأن الكنيسة تكرر الكلمة، إذ تصرخ بلغة "اآلب"وهي تعني أيضا Paterالالتينية، فهي آنيسة واحدة تضم أعضاء من اليهود واألمم يشعر "اآلب"وبلغة األمم " أبا"اليهود

.الكل بأبوة اهللا لهم بال تمييز

، إذ يقول "آرامة البنوة"يسكن فينا واهبا إيانا يشهد بهذه البنوة الروح القدس نفسه الذي .]16[ "الروح نفسه أيضا يشهد ألرواحنا أننا أوالد اهللا: "الرسول

بالميراث التمتع: سابعا

فإن ": إذ ننال روح البنوة، نحسب أبناء اهللا لنا حق الميراث األبدي، وآما يقول الرسول .]17" [هللا، ووارثون مع المسيحآنا أوالدا فإننا ورثة أيضا، ورثة ا

ظن اليهود أنهم آأصحاب للناموس هم ورثة المواعيد دون سواهم، لكن الرسول بلطف يكشف لهم أن األمم إذ نالوا روح البنوة بالمعمودية صاروا ورثة اهللا، وآما قال السيد

مت ( "آرامين آخرينأولئك األردياء يهلكهم هالآا رديا ويسلم الكرم إلى ": المسيح نفسهوأقول لكم أن آثيرون سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع ": ، آما قال)41: 21

إبراهيم واسحق في ملكوت السماوات، وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة ).12-11: 8مت( "الخارجية

". وارثون مع المسيح"أضاف إلي قوله إننا ورثة اهللا : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول فحيث أنه ليس آل األبناء ورثة أظهر . الحظ طموحه، فإنه يريد أن يقترب بنا إلي السيد

ولما آان ليس آل الورثة ينالون ميراثا عظيما أبرز هذه النقطة . أننا أبناء وورثة أيضان الوحيد مرة أخرى إذ يمكن أن نكون ورثة هللا ولكن ليس ورثة مع االب. بكوننا ورثة اهللا

.] [218]أظهر أن لنا هذا أيضا

الشرآة مع المسيح المتألم والممجد :ثامنا

فإن هذا الميراث …إن آان الروح القدس يهبنا الميراث آأبناء هللا، نرث اهللا مع المسيحهو عطية مجانية ال فضل لنا فيها، لكنها ال تقدم للخاملين بل للجادين في الشرآة مع

إن آنا نتألم معه لكي " المخلص، الذين لهم شرآة في آالمه يتمتعون بشرآة أمجاده ].17" [نتمجد أيضا معه

Page 144: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

144  

وعمل الروح تجديد الخليقة. 2

مبرزا عمل اهللا فينا، أنه يعتقنا من الدينونة إن سلكنا " ناموس الروح"سبق فحدثنا عن بالروح القدس وليس حسب شهوات جسدنا، ويهبنا اهتمام الروح الذي هو الحياة والسالم، وننعم بسكنى السيد المسيح فينا فيهبنا بره، وننعم بعربون القيامة عاملا فينا، ونشعر بالدين

اآلن يحدثنا عن عمل . الميراث مع المسيح والشرآة معهنحو الروح الذي يهبنا البنوة هللا والروح فينا وأثره حتى على الخليقة غير العاقلة، مبرزا ترقب العالم المخلوق من أجلنا لعودتنا إلي األحضان اإللهية آأبناء هللا بعد أن ترآناه زمانا فسببنا لألرض اللعنة وللخليقة

ذ نعود اآلن لنختبر عربون الروح بقيامة نفوسنا هذا من جانب، ومن جانب آخر إ. فسادامن موت الخطية تتمتع أيضا أجسادنا بهذه القيامة مترقبة يوم الرب العظيم بصبر ليعيش

ولئال يستصعب المؤمن هذا أآد .اإلنسان بكليته، نفسا وجسدا، في آمال قوة القيامة أبديا .ذا العمل فينادور الروح القدس نفسه، واهتمامه بنا، لتحقيق ه

فإني أحسب أن اآلم الزمان الحاضر ال تقاس بالمجد : "بدأ الرسول حديثه بالقول: أولا ].18" [العتيد أن يستعلن فينا

وضع هذه العبارة آخاتمة للحديث السابق وافتتاحية للحديث الجديد، فإنه إذ آان يتحدث ل الروح فينا، خاصة البنوة هللا وارتباطه بناموس الروح، آاشفا عن عم" بر المسيح"عن

والتمتع بالميراث أراد أن يوضح أن حياتنا مع اهللا ليست هروبا من الضيق واأللم . الحاضر، وإنما هي ارتفاع على اآلالم الحاضرة خالل انفتاح القلب علي المجد األبدي

وسط آالم هذا وآأن الرسول بعد أن عرفنا علي عطايا اهللا غير المدرآة إذا به يقودنا بثقةالزمان وأخطاره، معلنا أن اتحادنا مع اهللا بروحه القدوس في ابنه ال يغير الظروف المحيطة بنا بل يهبنا اتساعا في القلب والفكر وقوة للنفس لتجتاز آل الظروف بنبل من

.أجل األمجاد األبدية

الحظ آيف يهدئ روح : [علي هذه العبارة قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق المصارعين ويرفعها في نفس الوقت، فإنه بعد ما أظهر أن المكافآت أعظم من األتعاب، يحثهم الحتمال متاعب أآثر دون أن يستكبروا، إذ ال يزالوا يغلبون لنوال األآاليل آمكافأة

شئ لنا أآثر فأآثر ثقل مجد ألن خفة ضيقتنا الوقتية تن": في موضع آخر يقول. لهمهنا لم يقل إن اآلالم خفيفة، لكنه يربط اآلالم بالراحة خالل إعالن ).17: 4آو 2"(أبديا

فإني أحسب أن اآلالم الزمان الحاضر ال تقاس بالمجد . "المكافأة بالصالحات العتيدة، "يستعلن فينا"وإنما " المجد الذي سيكون لنا"لم يقل ]...18" [العتيد أن يستعلن فينا

Page 145: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

145  

: هذا أوضحه أآثر في موضع آخر...آما لو آان المجد فينا فعلا لكنه لم يستعلن بعدهذه اآلالم أيا آانت مرتبطة بحياتنا )... 3: 3آو " (حياتنا مستترة مع المسيح في اهللا"

.] [219]الحاضرة، أما البرآات القادمة فتبلغ عصورا بال حدود

المجد األبدي الذي يستعلن فينا خالل اآلالم الزمنية المؤقتة هذا الحديث الرسولي عنألهب قلب المؤمنين لالنطالق بالحب اإللهي على مستوى سماوي يرفع نفوسهم فوق آل

:ألم وضيق أو طلب خير زمني أو برآة مؤقتة

من تأمل ما احتمله يعقوب . المحبة ال تجد شيئا ثقيلا؛ الغيور ال يعرف عمال صعبا *فخدم يعقوب براحيل سبع : "أجل راحيل المرأة التي وعد بها، إذ يقول الكتاب المقدس

لقد أخبرنا بنفسه بعد ). 20: 29تك ("سنين، وآانت في عينيه آأيام قليلة بسبب محبته لهاهكذا يليق ). 40: 31تك "(آنت في النهار يأآلني الحر في الليل الجليد: "ذلك عما احتمله

المسيح ونطلب على الدوام قبالته، وعندئذ يبدو آل صعب سهلا لنا، وما هو بنا أن نحب .طويل يصير قصيرا

الويل لي فإن غربتي قد طالت ": فنقول في آل لحظة) 5: 120مز (لنضرب بسهام حبه ).5: 120مز " (علي

.الميراثإن تطلعت أن ترث خيرات العالم ال تقدر أن تكون شريكا مع المسيح في *

إنك طماع للغاية يا أخي، إذ تود أن تبتهج بالعالم هنا وتملك مع المسيح * .[220]هناك

جيروم القديس

:]إلى المقدمين لالستشهاد في المناجم[ *

.إنكم تنتظرون آل يوم بفرح يوم رحيلكم المنقذ

هاد، نحو المنازل اإللهية، ها أنتم قد ترآتم العالم بالفعل، وتسرعون نحو مكافاءات االستش لكي تروا

.[221]بعد ظلمة العالم هذه النور الالئق، وتتقبلون مجدا أعظم من آل اآلالم واألحزان

آبريانوس الشهيد

Page 146: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

146  

" فإني أحسب أن آالم الزمان الحاضر ال تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" *فإنه وإن آان عسيرا علي ). 29: 11مت (أنظر فإن النير هين والحمل خفيف . ]18[

علي حسب ": يقول المرتل. القليلين الذين اختاروه، لكنه سهل بالنسبة للذين يحبونه [222])4: 26مز " (آالمك شفتيك لزمت طرقا وعرة

أغسطينوس القديس

المؤمن اآلالم والضيقات إنما يهبه مجدا إذ يعلن الرسول أن الروح ال ينزع عن : ثانياخفيا في الداخل وسط اآلالم الخارجية، يستعلن هذا المجد في يوم الرب العظيم، ينتقل من

ألن انتظار الخليقة يتوقع استعالن أبناء ":حياة المؤمن الداخلية إلي الخليقة عينها، قائال ].19" [اهللا

هللا؟ وق إعالن بنوتناماذا يقصد بالخليقة التي تترقب في ش

أن الرسول يقصد بالخليقة هنا العالم آله بما فيه من يوحنا الذهبي الفم القديسيرى فإن آان اهللا قد خلق العالم آله من أجل اإلنسان ليحيا سيدا فيه يحمل صورته . جمادات

اإللهية ومثاله، فإن فساد اإلنسان انعكست آثاره حتى علي الخليقة، فعندما سقط آدم جاء ها آل أيام حياتك، وشوآا وحسكا تنبت ملعونة األرض بسببك، بالتعب تأآل من: "الحكمقاوم اإلنسان إلهه، فأثمرت مقاومته مقاومة الخليقة له، لكنها حتى ). 18- 17: 3تك " (لك

في هذه المقاومة آأنها تترجى عودته إلى حضن اهللا آابن له فتعود هي متهللة من أجل .اإلنسان الذي خلقت ألجله

غير . ويتمخض معا يترجى صالح الحياة آلها صور الرسول بولس الخليقة آشخص يئنأن هذا ال يفهم بصورة حرفية مادية وإال توقعنا أن تعود البشرية آما مع آدم في الفردوس األول األرضي المادي ويبقى الفردوس خالدا، األمر الذي يتنافى مع فكر المسيح وروح

لمسيح في حياة اإلنسان، حتى تكاد اإلنجيل، إنما أراد الرسول أن يبرز فاعلية عمل السيد االخليقة غير العاقلة أن تنطق متهللة من أجل المصالحة مع اهللا وعودته إلى األحضان

.األبوية

في أوضاع استثنائية سمح اهللا للطبيعة العنيفة أن تخضع للمؤمن، آمالطفة الحيوانات السم علي بعضهم، المفترسة الجائعة للشهداء في الساحات الرومانية، وعدم فاعلية

وسكنى بعض المتوحدين والسواح مع الحيوانات البرية، وإعالة البعض في الصحراء

Page 147: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

147  

هذا آله لم يكن قاعدة عامة إنما تحققت بفيض خاصة في عصور . بواسطة غربان الخالضيق الشديد لمساندة اإليمان بطريقة ملموسة، ولتأآيد العطايا اإللهية الداخلية غير

.مجاد السماوية المترقبةالمنظورة واأل

:يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

من العالم آله أشبه بشخص، آما سبق ففعل األنبياء عندما قدموا ) الرسول بولس(يجعل [، والتالل تقفز، والجبال تتحرك، ال لنتخيل هذه )8: 98مز (األنهار تصفق باأليادي

العقل، وإنما لكي ندرك عظمة البرآات الكائنات الجامدة أشخاصا حية، فننسب لها قوة يستخدمون ذات األسلوب أيضا في الظروف . وآأنها قد أثارت الخليقة غير الحسية أيضا

المؤلمة حيث يصورون الكرمة تنتحب والخمر يبكي والجبال وعوارض الهيكل تصرخ، شبه بكائن هكذا امتثل الرسول باألنبياء فجعل من الخليقة هنا أ. لندرك مدي بشاعة الشر

…حي يئن ويتمخض، لتظهر عظمة األمور المقبلة

لماذا صارت فاسدة؟ وما هو السبب؟ بسببك ؟ ]20[الخليقة أخضعت للباطل ما معنى أن أنت أيها اإلنسان، فإنك إذ حملت جسدا ميتا قابال لآلالم تقبلت األرض لعنة وأنبتت شوآا

.وحسكا

من ": إلي حالة أفضل، اسمع ما ينطق به النبيحتى السماء إذ تبلى مع األرض ستتحول قدم أسست األرض، والسماوات هي عمل يديك؛ هي تبيد وأنت تبقى، وآلها آثوب تبلى،

ارفعوا ": ويعلن إشعياء ذات األمر، بقوله). 2526: 102مز " (آرداء تغيرهن فتتغيرخان يضمحل، إلى السماوات عيونكم وانظروا إلى األرض من تحت، فإن السماوات آالد

).6: 51إش )" (مثلها(واألرض آالثوب تبلى، وسكانها يموتون

ها أنت ترى بأي معنى سقطت الخليقة في عبودية الباطل، وآيف تتحرر من حالة ...الفساد؟

لم ترتكب خطأ من جانبها، ) الخليقة(لقد حاصرها الشر ألجلك وصار مفسدا، مع أن .]20[ "علي الرجاء"ا هو معنى هذ. وألجلك أيضا سيحدث عدم الفساد

ال ليظهر أن ما قد حدث لها وإنما لكي نتعلم " ليس طوعا"عندما يقول أنها أخضعت .] [223]عناية المسيح للكل، فإن إصالح الخليقة ال يكون من ذاتها

Page 148: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

148  

اآلن، ما هو رجاء الخليقة؟

].21" [أوالد اهللاألن الخليقة نفسها أيضا ستعتق من عبودية الفساد إلي حرية مجد "

: يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

اآلن، ما هي هذه الخليقة؟ إنها ال تعنيك أنت وحدك، وإنما معك أيضا الخليقة األدنى، [ .التي ال تشترك معك في العقل أو الحس، هذه تشارآك برآاتك

تمشى جنبا بمعنى أنها ال تعود تصير فاسدة، وإنما ت ،"ستعتق من عبودية الفساد" يقولفكما أنه عندما صار جسدك فاسدا فسدت هي . إلي جنب مع الجمال الذي يوهب لجسدك

وإذ يعلن الرسول هذا يبلغ . أيضا، هكذا اآلن إذ صار جسدك غير فاسد تتبعه هي أيضا .فتتحقق حريتها، "إلى حرية مجد أوالد اهللا": إلي النتيجة

نال االبن سلطان أبيه تتمتع هي معه بالخيرات، إنه يشبه مربية تربي ابن ملك، عندما ي .هكذا أيضا بالنسبة للخليقة معنا

.ها أنت ترى في آل األمور أن اإلنسان يحتل مرآز القيادة، فمن أجله خلقت آل األشياء

المصارع، مظهرا محبة اهللا غير المنطوق بها من نحو ) الرسول(انظر آيف يلطف لماذا أنت مرتبك عند تجاربك؟ فإن آنت تتألم من أجل نفسك : اإلنسان، إذ يود أن يقول

وليس فقط يلطف، وإنما يظهر أيضا أن ما ينطق به أمر ذو . فإنه حتى الخليقة تتألم بسببكفكم باألولى "علي رجاء" ألنه إن آانت الخليقة التي أوجدت بكاملها ألجلك هي. أهمية

خاللك ستتمتع الخليقة بتلك الخيرات؟ يليق بك أنت أن تكون علي رجاء، يا من من

آما أن اآلباء إذ يرون األبناء في طريقهم لنوال آرامة يلبسون الخدم ثيابا بهية من أجل .][224]مجد االبن، هكذا يلبس اهللا الخليقة عدم الفساد من أجل مجد حرية األبناء

علي رجاء هي أن الخليقة التي تئن [225]القديس غريغوريوس أسقف نيصصويرى جماعة السمائيين الذين آمن هم يئنون من أجل اإلنسان ليفرحوا بتمتعه بالبنوة، وآما قال

).15لو (السيد المسيح إن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب

من العدل أنه في : "[، إذ يقول"الجسد"هنا تعني " الخليقة"أن القديس إيريناؤسويرى تألموا متزآين بكل طرق االحتمال أن يتقبلوا مكافأة أتعابهم، ذات الخليقة التي فيها تعبوا و

Page 149: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

149  

. وأنه في الخليقة التي فيها ذبحوا من أجل محبتهم هللا، فيها ذاتها ينتعشون مرة أخرى. فإن اهللا غنى في آل شيء، وآل شيء هو له. الخليقة التي احتملوا فيها العبودية يملكون

حالتها األولى فتصير بال مقاومة تحت سلطان البر يليق إذن أن تعاد الخليقة عينها إلي .][226]آما أوضح الرسول في الرسالة إلى أهل رومية

إن آانت الخليقة التي تتمتع بالخيرات من أجلنا :الخليقة توبخنا برجائها آما بأنينها: ثالثافي هذا إذ سقطت تحت الفساد بسببنا تترجى مجدنا آأوالد هللا لتلبس عدم الفساد، فإنها

فإننا نعلم أن آل : "، إذ يقول الرسول"جديدا"االنتظار آمن في حالة والدة مستمرة تنتظر هذا هو حال الخليقة التي أوجدت من أجلنا . ]22" [وتتمخض معا إلى اآلن الخليقة تئن

فكم بالحري يليق بنا أن نئن نحن أيضا ونتمخض باآلالم من أجل تمتعنا بكمال مجد البنوة ؟ هللا

إن آانت الخليقة التي لم تنل شيئا قد امتألت رجاء وصارت آما في حالة والدة تئن : رابعاوتتمخض، فكم بالحري يليق بنا نحن الذين تمتعنا فعلا بعمل الروح القدس في نفوسنا، فنلنا باآورة المجد في داخلنا لنترجى آمال عمله حين تخلص أجسادنا أيضا بقيامتها في

وليس هكذا فقط بل : "لعظيم، فتنعم مع النفوس بذات المجد، إذ يقول الرسوليوم الرب انحن الذين لنا باآورة الروح، نحن أنفسنا نئن في أنفسنا، متوقعين التبني فداء

؟ ]23" [أجسادنا

أن باآورة الروح الذي نلناه يدفعنا لهذا األنين الداخلي يوحنا الذهبي الفم القديسيقول هذه الباآورة عظيمة للغاية ال تقف عند غفران الروح لخطايانا، وإنما . المملوء رجاء

أيضا تهبنا البر والتقديس، وقد ظهرت هذه الباآورة في عصر الرسول بإخراج الرسل هذه هي ). 12: 19أع (ثيابهم و) 15: 5أع (للشياطين وإقامة الموتى خالل ظلهم

الباآورة، فماذا يكون آمال الروح؟

آيف يكون هذا ونحن قد نلنا البنوة هللا فعلا؟ إننا نتوقع . إذن لنتوقع التبني آقول الرسولالذي سيغير شكل جسد ": آمال مجد البنوة بقيامة الجسد من األموات، آقول الرسول

ب عمل استطاعته، أن يخضع لنفسه آل جسد مجده بحس تواضعنا، ليكون علي صورةعدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم ألن هذا الفاسد البد أن يلبس"، )21: 3في " (شيء ).53: 15آو 1" (موت

Page 150: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

150  

إذا ما نلناه آباآورة الروح إنما يفتح باب الرجاء لإلنسان ليجاهد بالصبر حتى يبلغ آمال دا، علي مستوى أبدي، لذلك يكمل الرسول الروح الذي يمجد اإلنسان بكليته نفسا وجس :حديثه عن الرجاء لنوال آمال الروح قائلا

ألننا بالرجاء خلصنا، "

ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء،

ألن ما ينظره أحد آيف يرجوه أيضا؟

].2425" [وإن آنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر

: يوحنا الذهبي الفم القديسول ؟ يق"بالرجاء خلصنا": ماذا يعنى. أ

هذا يعنى أننا ال نطلب آل شيء لنا في هذه الحياة، وأن يكون لنا رجاء أيضا،مؤمنين أن [ ...ما وعدنا به اهللا يحققه لنا، بهذا نحن خلصنا؛ فإن فقدنا الرجاء نفقد آل ما نلناه

ن يائسا؟ ألم تكن أتساءل، ألم تكن أنت خاضعا لخطايا بال حصر؟ ألم تك: يود أن يقول؟ ما الذي خلصك إذن؟ الرجاء في اهللا وحده، وثقتك من جهة مواعيده ...تحت الحكم

إن آان هذا هو الذي خلصك، فلنتمسك به . وعطاياه، فإنه ليس لك شيء آخر تقدمه لهلقد . فمن قدم لك برآات عظيمة هكذا ال يمكن أن يخدعك في البرآات المقبلة. اآلن أيضاتا ومحطما وسجينا وعدوا، فجعلك صديقا وابنا وحرا وبارا ووارثا معه، مقدما وجدك مي

هل بعد التمتع بمثل هذه العطايا بسخاء وحب . لك أمورا عظيمة هكذا لم يكن يتوقعها أحد ؟...يخونك في األمور المقبلة

. حده إلى العريسخلصك من البداية؛ إنه العربون الذي أحضرته و) الرجاء(هذا الطريق فلنتمسك به ولنحتفظ به، فإنك إن طلبت شيئا في هذا العالم تفقد صالحك الذي به صرت

ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء، ألن ما ينظره أحد : "قائال: بهيا، لهذا يكمل الرسول "]؟[227]آيف يرجوه أيضا

في المستقبل نتسلم وإذ ننتظر خلود الجسد وخالص نفوسنا : [القديس أغسطينوسيقول .][228]العربون فيقال إننا قد خلصنا

Page 151: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

151  

التي تحمل في داخلها حياة تقدمها خالل ضةبالبيهذا الرجاء القديس أغسطينوسيشبه إنها مغلفة بقشرة، ). آتكوت(إنها بيضة، وليس بعد : [دفء الضيقات واآلالم، إذ يقول

اضغط . ا في دفء فستقدم حياةلكن ال تنظر إليها هكذا بل انتظر في صبر، ولتجعله .][229]عليها

إن آانت باآورة الروح تدفعنا للتمسك بالرجاء لنوال آمال المجد الذي يهبه الروح . بلألبناء، فإن هذا الرجاء ليس بالعمل السلبي، بمعنى آخر يلتزم المؤمن أن يمارس دورا

ي غير المنظورات، إذ يقول إيجابيا باحتماله األتعاب الكثيرة واآلالم من أجل رجائه فإبراز عمل النعمة : هذا ما يؤآده الرسول علي الدوام]. 25" [نتوقعه بالصبر"الرسول

!اإللهية المجانية، لكن دون سلبية من جهة المؤمن

إن آان المؤمن في رجائه بالتمتع بكمال عمل الروح ليعلن مجد أبناء اهللا أبديا وذلك . جصبر عينه هو عطية إلهية نقتنيها باهللا نفسه، إذ يسندنا الروح خالل الصبر، فإن هذا ال

: القدس نفسه في جهادنا، حتى في األمور البسيطة والضعفات، وآما يقول الرسول .]26[" وآذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا"

لكي تعرف أنه ليس بأتعابك وحدها والمخاطر التي : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول إنما تقف النعمة بجانبك، حتى في األمور التي تبدو هينة للغاية، إذ يعمل معك، تواجهها

.] [230]وفي آل األحوال يقوم بدوره في االتحاد

إذ يتعرض الرسول بولس لعون الروح القدس لنا في جهادنا حتى في الضعفات . دقدس في حياتنا، البسيطة آي نلتهب بالرجاء ونثابر بالصبر، يبرز عملا رئيسيا للروح ال

ألننا لسنا نعلم ما نصلي ألجله آما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات ال : "بقولهينطق بها، ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح، ألنه بحسب مشيئة اهللا

].2627" [يشفع في القديسين

ي يشفع فينا إنما يعنى القلوب هنا الذ" الروح"أن [231]يوحنا الذهبي الفم القديسيرى ، إذ يعطى الروح القدس للبعض موهبة "موهبة الصالة "الملتهبة بالروح القدس خالل

فالروح يقترح علي النفوس المقدسة ما تصلي به من أجل إخوتها، ... الصالة عن اآلخرينوصلى ألنها ال تعلم ما تصلي ألجله آما ينبغي، فقد صلى بولس طالبا أن يرى روما،

وتشفع ) 1: 15إر (، وطلب إرميا عن اليهود )26: 3تث (موسى مشتهيا رؤية فلسطين ، ومع ما لهذه الصلوات من قيمة آبرى تكشف عن )23: 18تك (إبراهيم عن أهل سدوم

Page 152: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

152  

لم يكن هؤالء يوحنا الذهبي الفم القديسقلوب مقدسة محبة لآلخرين، لكنها في رأي ينبغي،فاإلنسان مهما بلغت قداسته يحتاج إلى عون الروح يعرفون ما يصلون ألجله آما

.ليرشده حتى في الصالة عن اآلخرين

الروح يسند ليس فقط في الصالة عن اآلخرين وإنما حتى من أجل اإلنسان نفسه، ألنه آما أحيانا نسأل أمورا تضاد خالصنا، : [تلميذ القديس أنبا أنطونيوس األب إسحقيقول

اإللهية يرفض طلباتنا، ألنه يرى ما هو لصالحنا بحق أعظم مما نستطيع وبواسطة عنايتهوهذا ما حدث مع معلم األمم عندما صلى أن ينزع منه مالك الشيطان الذي سمح به . نحن

: من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثالث مرات أن يفارقني، فقال لي. "الرب ألجل نفعه .][232] )9-8: 12آو 2" (تكفيك نعمتي ألن قوتي في الضعف تكمل

ال يئن الروح القدس في : [علي أنات الروح القدس فينا، قائلا القديس أغسطينوسيعلق فإنه . إنما يئن فينا، أي يجعلنا نئن...ذاته مع نفسه في الثالوث القدوس، في جوهره األبدي

ليس باألمر الهين أن الروح القدس يجعلنا نئن، إذ يهبنا أن ندرك أننا غرباء نسلك في .] [233]وطننا، فنئن بشوق شديد أرض غربتنا، ويعلمنا أن ننظر نحو

المبرر المسيح. 3

لمحبيه إدراك تدبير اهللا

أبرز الرسول بولس حاجة المؤمن إلدراك خطة اهللا الخالصية في حياته هو شخصيا، إذ ونحن نعلم أن آل األشياء تعمل معا للخير للذين يحبون اهللا، الذين هم مدعوون : "يقول

].28" [حسب قصده

بالنسبة لنا فائقة، فهو ال يغير مجرى األحداث والظروف حسب أهوائنا خطة اهللا الشخصية، إنما يحول آل األمور بال استثناء لبنيان نفس المؤمن الحقيقي، فتعمل حتى

.الظروف المضادة لمجده

علي هذه العبارة، قائلا بأنه يليق بالمؤمنين أال يختاروا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق ألنفسهم الحياة حسب فكرهم حاسبين أن هذا نافع لهم، إنما يقبلون ما يقترحه الروح

آمثال قد يظن . القدس، ألن أمورا آثيرة تبدو لإلنسان نافعة تسبب له مضارا آثيرةمتاعب نافعة له، لذلك طلب الرسول ثالث اإلنسان أن الحياة الهادئة التي بال مخاطر وال

تكفيك نعمتي ألن قوتي في الضعف ": مرات أن يرفع اهللا عنه التجربة، فجاءته اإلجابة

Page 153: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

153  

بمعنى آخر لنترك آل األمور في يدي الروح ليحولها لبنيان ). 9-8: 12آو 2" (تكمل .نفوسنا

ي تبدو مؤلمة تعمل لخير إن آل األمور الت يوحنا الذهبي الفم القديسمرة أخرى يؤآد الذين يحبون اهللا، أما الذين ال يحبونه فحتى األمور التي تبدو صالحة ومقدسة تعمل

ضرب أمثلة منها لم ينتفع اليهود بالناموس الصالح بل . ضدهم إن لم يرجعوا إليه بالحب .وتعثروا حتى في السيد المسيح

ت أو الميتات أو أي شيء آخر يحل بنا حتى الضيقات أو الفقر أو السجن أو المجاعا * .يستطيع اهللا أن يحول آل األمور إلي نقيضها

آما أن األمور تبدو ضارة تكون نافعة للذين يحبون اهللا، فإنه حتى األمور النافعة * .[234]تصير ضارة للذين ال يحبونه

يوحنا الذهبي الفم القديس

، أما "آل األشياء تعمل للخير للذين يحبون اهللا": بالنسبة للكاملين والحكماء يقال *، فال ينتفع )7: 14أم (بالنسبة للضعفاء األغبياء فقد قيل أن آل شيء ضد الشخص الغبي

إذ ينهزم اإلنسان بأآثر سهولة بالنجاح أآثر …من النجاح وال ينصلح شأنه من المصائبل يجعل اإلنسان أحيانا يقف ضد إرادته، وينال تواضعا، خالل حزنه من الفشل، ألن الفش

المفيد يقلل من خطيته وينصلح شأنه، أما النجاح فقد يدفع باإلنسان إلي الكبرياء العقلي .[235]والعظمة الكاذبة

تادرساألب

فإنه بالحق إال تلك اآلالم المرعبة القاسية التي تحل بنا؟ " آل األشياء"ماذا يعنى ب * .[236]يصير حمل المسيح الثقيل خفيفا بالرغم من ضعف محبتنا

أغسطينوس القديس

أيوب مثلا حيا لمن تتحول األضرار بالنسبة إلى [237]القديس جيروميقدم لنا *خيره، فلم يترك العدو شيئا في أيوب غير مضروب سوى لسانه لعله يجدف به على اهللا،

إلى خيره، فقد جاء إليه اهللا وتحدث معه علي مستوى الصديق مع لكن هذه آلها آلت .صديقه

Page 154: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

154  

الذين هم مدعوون حسب : "يعلق آثير من اآلباء على تسمية الذين يحبون اهللا هكذا : نقتطف اآلتي، ]28" [قصده

ليست الدعوة وحدها تحقق ...لو أن الدعوة وحدها آانت آافية فلماذا لم يخلص الكل؟ *فالدعوة ليست ملزمة لهم وال هي قهرية، إذ الكل مدعوون . وإنما نية المدعوينالخالص،

.[238]لكن ال يطيع الكل الدعوة

يوحنا الذهبي الفم القديس

).31: 8يو " (إن ثبتم في آالمي فبالحقيقة تكونون تالميذي:"يقول المخلص نفسه *

المه؟هل يحسب يهوذا من بين تالميذه مادام لم يثبت في آ

فعلم يسوع إن تالميذه يتذمرون علي هذا، فقال ": هل يحسب من تالميذه الذين قيل عنهم ؟)66-59: 6يو " (…أهذا يعثرآم؟: لهم

؟ ومع هذا لم يكونوا تالميذ حقيقيين، ألنهم لم يثبتوا في آلمته، "تالميذ"ألم يلقبهم اإلنجيل فإذ ليس لهم المثابرة ). 31: 8يو " (تالميذيإن ثبتم في آالمي فبالحقيقة تكونون ": آقوله

.بكونهم ليسوا تالميذ حقيقيين، ليسوا أبناء حقيقيين حتى وإن ظهروا هكذا أو دعوا هكذا

إذن نحن ندعو الناس مختارين وتالميذ المسيح وأوالد اهللا، ألنهم هكذا يدعون إذ يتجددون يصير حقيقة إن ثبتوا فيما دعوا ونراهم يعيشون بالتقوى، ولكن هذا ) بالمعمودية( .[239]فيه

أغسطينوس القديس

بمجدنا اهتمام اهللا

إن آان الروح اإللهي يحول حتى األمور التي تبدو لضررنا لخيرنا، ألنا مدعوون حسب قصده، فما هو هذا القصد اإللهي؟ قصد اهللا من جهة اإلنسان أن يرفعه إلى المجد؛

هذا هو . أو خدمته إنما يحبه آابن، يوده شريكا في المجدفاهللا ليس في حاجة إلى تعبده ليكونوا "األمر الذي في ذهن اهللا من جهة مختاريه الذين سبق فعرفهم لذلك عينهم،

].29"[مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين إخوة آثيرين

.ةفما هو لالبن الوحيد بالطبيعة ينالونه بالنعم! انظر سمو هذه الكرامة *

Page 155: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

155  

ليكونوا بكرا ": إنه لم يكتف بهذه الدعوة أن يكونوا مشابهين له، بل يضيف نقطة أخرى [240]هكذا يستخدم آل وسيلة ليقيم العالقة بوضوح شديد.. ].29[" بين إخوة آثيرين

يوحنا الذهبي الفم القديس

بكر آل "مرة يدعوه : في أربع مناسبات" بكرا"استخدم الرسول الملهم هذا التعبير *بكر من "، وأيضا )29: 8رو" (بكرا بين إخوة آثيرين": ، وأخرى)15: 1آو " (خليقة

وفي مناسبة أخرى يستخدم التعبير بطريقة مطلقة دون ربطه ). 18: 1آو" (األموات" ولتسجد له آل مالئكة اهللا: أدخل البكر إلى العالم يقول وأيضا متى": بكلمة أخرى، قائلا

فبأي معنى صار بكرا بين إخوة آثيرين؟ بالتأآيد هذا واضح أنه من أجلنا ) 6: 1عب (لكي ،)14: 2عب( نحن الذين بالميالد جسد ودم ولد بيننا واشترك هو أيضا في اللحم والدم

لقد قاد بنفسه . يغيرنا من الفساد إلى عدم الفساد بميالدنا نحن من فوق بالماء والروحطريق هذا الميالد منزلا الروح القدس على المياه بعماده، حتى يصير في آل شيء بكرا

للذين يشترآون معه في الميالد ويتشبهون به " إخوة"للذين يولدون روحيا معطيا اسم .[241]الماء والروحبعمادهم ب

غريغوريوس أسقف نيصص القديس

عن اإلنسان الداخلي، لذلك يقول ] 29" [مشابهين صورة ابنه"لنفهم هذه الكلمات *رو " (وال تشاآلوا هذا الدهر، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم": في موضع آخر

.هللاقدر ما نتغير عن شكل هذا الدهر نتشكل آأبناء ). 2: 12

يمكننا أيضا أن نفهم هذه الكلمات هكذا، أنه آما تشكل بنا فظهر آمن هو مائت هكذا .[242]نتشكل نحن به بعدم الموت، وهذه الحقيقة ترتبط بقيامة الجسد

أغسطينوس القديس

أنا هو : إلى ملكوت السماوات وإلى أبيه، قائلا) بكرنا(في الجسد يصير الرب قائدنا * [243])9: 10، 6: 14يو(والباب، ومن خاللي ينبغي أن يدخل الكل الطريق،

البابا أثناسيوس الرسولي

يعالج الرسول بولس موضوع اختيار اهللا لنا أو تعيينه لمختاريه، مؤآدا أنه ال يوجد قهر وال إجبار في قبول نعمة اهللا، إنما يعين اهللا الذين يعرف أنهم يقبلون نعمته في آمال

والذين سبق فعينهم فهؤالء ... فعرفهم سبق فعينهم الذين سبق": إذ يقول حريتهم،

Page 156: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

156  

- 29" [دعاهم، والذين دعاهم فهؤالء بررهم أيضا، والذين بررهم فهؤالء مجدهم أيضا30.[

، فاختياره وتعيينه لهم، ال على "سبق فعرف الذين له". ويالحظ في هذا النص أن اهللاساس معرفته السابقة لهم، ال بمعنى أن لهم الفضل في شيء إال أساس محاباة، وإنما على أ

اهللا هو الذي يدعو وهو الذي يبرر . قبولهم لدعوته وتجاوبهم لعمله فيهم بالمثابرة والجهاد !وهو الذي يمجد، لكن ليس في سلبية من جهتنا

لقد بررهم بتجديد : [على تبرير اهللا وتمجيده لنا بالقول يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق .][244]جرن المعمودية، والذين بررهم مجدهم بالعطية أي بالتبني

، ومن يبقى إلى النهاية )بالمعمودية خالل اإليمان(آثيرون دعوا فعلا وتبرروا * .، وهذا لم يتم بعد"أيضا مجدهم"فهؤالء

هذين األمرين، أي دعاهم وبررهم، لم يتحققا بعد في آل من قيل عنهم، إال بالرغم من أن وقد استخدم صيغة . أنه اليزال يوجد آثيرون إلى نهاية العالم سيدعون وسيتبررون

آما لو آان اهللا قد سبق فأعدها منذ -حتى بالنسبة لألمور المستقبلة-الماضي .[245]األزل

أغسطينوس القديس

في الجهاد الروحي اهللا لنامرافقة

إذ تحدث عن عطية اهللا لنا أنه عيننا عن معرفته السابقة لنا بأننا نقبل عمله فينا، ودعانا، وبررنا بالمعمودية، ومجدنا بالبنوة لنصير مشابهين صورة ابنه، يقف معنا آل أيام

.]31" [فمن علينا؟إن آان اهللا معنا : فماذا نقول لهذا: "جهادنا، لنقول مع الرسول

:، قائلايوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

... فحتى األمور التي تبدو ضده تتحول لحسابه) للمؤمن(إن آان اهللا نفسه قد صار [ !المؤمن الذي يهتم بنواميس اهللا ال يقف أمامه إنسان وال شيطان وال شيء ما

.فإن سلبته ماله تصير باألآثر صرافا لمكافأته

.وإن تحدثت ضده بشر يحسب هذا الشر مصدر بهاء جديد في عيني اهللا

Page 157: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

157  

.يتمجد باألآثر وتعظم مكافأته الطعامإن حرمته حتى من

.إن قدمته للموت، الذي هو أقسى ما يقع على الكل، فإنك تربطه بإآليل االستشهاد

أن الذين حتى أي طريق حياة مثل هذا؟ هذا الذي ال يقدر شيء ما أن يقف ضد هذهإن آان اهللا ": لهذا يقول! يدبرون مكائد له يكونون بالنسبة له ليس أقل من الذين يخدمونه

]؟"[246]معنا فمن علينا

!عطية الفداء، أعظم

بال شك أن حب اهللا الفائق الذي خالله بذل ابنه الوحيد عنا يسحب آل المشاعر ويمتص الذي لم يشفق : "يطلب بعد؟ يقول الرسولآل األحاسيس ليقف اإلنسان في عجز، ماذا

]32" [على ابنه بل بذل ألجلنا أجمعين، آيف ال يهبنا أيضا معه آل شيء؟

قدم ابنه مبذولا ونحن بعد أعداء لمصالحتنا، فماذا يحجبه عنا بعد المصالحة؟ أو آما يقول يهب األمور األقل الذي وهب األمور العظيمة ألعدائه، أفال: [يوحنا الذهبي الفم القديس ]؟[247]ألصدقائه

وآأن األب هو . ]32" [الذي لم يشفق على ابنه بل بذله ألجلنا أجمعين": يقول الرسول: الذي قدم الكأس لالبن، لكن االبن أيضا بحبه أراد أن يشرب الكأس، فالبذل مشترك

واضع هذا : [سالقديس أغسطينو، وآما يقول "اآلب بذل ابنه الحبيب، واالبن بذل ذاته"أحبنا المسيح أيضا، وأسلم نفسه ألجلنا ": الكأس واحد مع شاربه، إذ يقول الرسول نفسه

: القديس أمبروسيوسآما يقول .] [248])2: 5أف ( "قربانا وذبيحة هللا رائحة طيبةيظهر اإلناء المختار بوضوح وحده الحب اإللهي، فإن آلا من اآلب واالبن قد بذال، اآلب [ "أسلم ذاته ألجلي"، واالبن بذل إذ )32: 8رو (ل إذ لم يشفق على ابنه ألجلنا أجمعين بذ .][249])20: 2غل (

على أي األحوال إن التطلع إلى الصليب يسحب قلب المؤمن بالحب، إذ يرى في اهللا ، فيخجل أن يطلب بعد شيئا، إال أن يرتفع بالصليب إلى الحضن األبوي "الحب الباذل"

.القدس ليبقى فيه أبديا ينعم بأبوته اإللهية الفائقة بالروح

Page 158: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

158  

حقا إن التطلع إلى الصليب يسحب القلب ليبقى في حالة شكر وتسبيح بال انقطاع، األمر الذي يزداد قوة وبهاء عندما نرتفع إلى السماوات لندرك باألآثر فاعلية هذا الحب، حين

.الصليب تسبحتنا السماوية غير المنقطعةهناك يبقى ! نوجد مع اهللا أبناء له وأحباء

النهاية رعاية حتى

إن آان الفداء اإللهي هو قمة ما قدمه اهللا لإلنسان، معلنا آمال حبه ال بالكالم والعواطف، وإنما بالبذل حتى الصليب، يبقى الصليب حدثا فوق الزمن، ويبقى المصلوب حتى بعد

رعايته دائمة . مشتاقا أن يسحبهم إلى مجده األبدي صعوده إلى السماء يرعى البشرية،هذا العمل اإللهي يعطي . وهو في السماوات ال تنقطع حتى يدخل بنا إلى حيث هو قائم

:الرسول الجرأة ليقول

.من سيشتكي على مختاري اهللا؟ اهللا هو الذي يبرر"

من هو الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات،

بل بالحري قام أيضا،

الذي هو أيضا عن يمين اهللا،

.]34-33[" الذي أيضا يشفع فينا

.إنه ال يترك رعايته لنا، بل ال يزال يشفع فينا محتفظا بذات الحب لنا *

، والمسيح مات ويشفع فينا، ]26[إن آان الروح نفسه يشفع فينا بأنات ال ينطق بها * [250]اختارك وبررك، فلماذا تخاف بعد؟واآلب لم يشفق على ابنه من أجلك وقد

يوحنا الذهبي الفم القديس

إنه يشفع فينا آل يوم غاسلا أقدامنا، ونحن أيضا نحتاج إلى غسل أقدامنا يوميا *واغفر لنا ذنوبنا آما : "بسلوآنا بالحق بخطوات روحية، فنعرف الصالة الربانية، قائلين

.[251] )12: 6مت ( "نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا

.[252]ليصل آل واحد منا عن اآلخر آما يشفع المسيح عنا *

أغسطينوس القديس

Page 159: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

159  

في هذه العبارات الرسولية باب اهللا مفتوح لكل [253]القديس أمبروسيوسهذا وقد وجد نفس ترجع إليه، فاستخدمها في الرد على أتباع نوفاتيانوس الذين أغلقوا الباب على الراجعين بالتوبة هللا، بعد إنكارهم للسيد المسيح أو سقوطهم في خطايا بشعة، مثقلين النير

.عليهم باليأس

المبرر محبتنا للمسيح. 4

إلى ) 7ص (إذ انتقل الرسول بولس من الناموس الموسوي فاضح الخطية دون معالج لها القدس فينا خالل عمل ناموس روح الحياة في المسيح يسوع آاشفا عن عمل الروح

المسيح الفدائي، إذ يرفعنا من اهتمام الجسد إلى اهتمام الروح، وعوض العبودية يهبنا رح البنوة هللا مقدسا نفوسنا وأجسادنا، واهبا إيانا القيامة الداخلية ورجاء قيامة األجساد أيضا،

رنا ليحقق غايته فينا، أال يسندنا في آل جهادنا حتى في الضعفات، محولا آل األمور لخيأمام هذا العمل اإللهي العجيب الذي جاء ثمرة مجيء المسيح "... مجدنا السماوي"وهو

وبذل حياته عنا، لم يعرف الرسول إال أن يرد الحب بالحب إذ ينشد لحن محبته للسيد :المسيح، قائلا

من سيفصلنا عن محبة المسيح؟"

ع أم عري أم خطر أم سيف؟أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جو

.إننا من أجلك نمات آل النهار، قد حسبنا مثل غنم للذبح: آما هو مكتوب

.ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا

فإني متيقن أنه ال موت وال حياة، وال مالئكة وال رؤساء وال قوات،

يقة أخرى،وال أمور حاضرة وال مستقبلة، وال علو وال عمق، وال خل

.]39-35" [تقدر أن تفصلنا عن محبة اهللا التي في المسيح يسوع ربنا

سحبت هذه التسبحة قلب الكنيسة ليشتهي أبناؤها األلم آل يوم من أجل المحبوب، ليقدموا .حياتهم ذبيحة حب لذاك الذبيح الذي سبق فبادر بالحب مقدما حياته مبذولة عنا

Page 160: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

160  

طم النفس، بل علة الدخول إلى موآب الغلبة والنصرة تحت لم تعد اآلالم والضيقات تح .قيادة المسيح يسوع المتألم والمصلوب

أآاليل آثيرة إذ من الواضح أننا سنرحل ومعنا... "من أجلك نمات آل النهار" *إذ يمكن أن نموت في يوم نعيش أياما آثيرة، أو بالحرى ننال أآاليل أآثر من األيام بكثير،

لهذا يبقى ينال مكافأة آاملة ألنه من آان مستعدا. ال مرة وال مرتين بل مرات آثيرة واحد .على الدوام

أيضا أن أجسادنا قد صارت ذبيحة، فيليق بنا أال نرتبك وال ) الرسول(لقد أظهر * .نضطرب عندما يأمر اهللا بتقديمها

وإنما غالبون بذات األمور التي ألنه بالحقيقة ألمر عجيب، ليس فقط أننا غالبون *، إذ نمارس الغلبة "أآثر من غالبين"نحن لسنا غالبين فحسب وإنما . وضعت آمكائد لنا

بسهولة بال تعب وال مشقة، ألن اهللا يصارع بجوارنا، فال تشك، فإننا وإن ضربنا نحسب الذين (حياء أفضل من الضاربين، وإن طردنا نغلب الذين يضطهدوننا، وإن متنا يبقى األ

[254]!أنهم ال يحاربون البشر بل يقاومون القدير الذي ال يغلب... في صراع) يقتلوننا

يوحنا الذهبي الفم القديس

تعبر عن الشهداء في آل مدينة حيث يذبحون ) 2: 9أم ( "ذبحت ذبحها"العبارة *إننا من أجلك ": يوميا من أجل الحق بواسطة غير المؤمنين، صارخين بصوت عال

.[255]"نمات آل النهار، قد حسبنا مثل غنم للذبح

هيبوليتس القديس

المؤمنين أو ينزع الملتصقين بجسده يفصلليس شيء من هذه األمور يقدر أن *اهللا يسمح به لنا لكي نمحص ونتزآى، إذ . هو اختبار للقلب وفحص له االضطهاد... ودمه

وام، لكن معونته ال تقصر عن مساعدة المؤمنين في آل وقت يود أن يزآي شعبه على الد .[256]وسط التجارب

آبريانوس الشهيد

يعني آل الزمان الذي فيه تحتمل اضطهادات ونذبح فيه " آل النهار"هنا تعبير *هذا النهار ال يعني نهارا يحتوي على اثنتي عشر ساعة إنما آل الزمان الذي فيه . آغنم .[257]المؤمنون في المسيح يموتون ألجلهيتألم

Page 161: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

161  

إبريناؤسالقديس

هل يمكن للمالئكة أو القوات أن تفصلنا عن محبة اهللا التي في المسيح : ربما نتساءل يسوع؟

إنما أراد أن ! لم يقل هذا آما لو آانت المالئكة تحاول هذا أو القوات األخرى، حاشا *ال يحب المسيح من أجل األشياء الخاصة بالمسيح فإنه. يظهر عظم الحب نحو المسيح

فيتطلع إليه وحده، . ، وإنما من أجل المسيح يحب األشياء التي له)ولو آانت السمائيين(هذا األمر في ذاته أآثر رعبا من . ويخاف أمرا واحدا هو السقوط عن محبته للمسيح .[258]تجهنم، أما التمتع بالحب فيشتاق إليه أآثر من الملكو

يوحنا الذهبي الفم القديس

هذا الحديث الرسولي، أن الرسول ال في [259]القديس أمبروسيوسهذا وقد الحظ ، عالمة وحدة الالهوت، مقدمين آل ]39، 35[يميز بين محبتنا لآلب ومحبتنا للمسيح

.شيء فداء حبنا هللا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 162: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

162  

9 الرسالة إلى أهل رومية

شعبه اختيار اهللاقلنا أن اليهود بوجه عام آانوا يشعرون بامتياز خاص بهم دون سائر األمم من

أنهم أبناء إبراهيم صاحب الوعود اإللهية، وأصحاب الناموس : ثالث جوانب رئيسية .الموسوي، وشعب اهللا المختار

ية إن الروح بالنسبة لبنوتهم إلبراهيم رفعهم الرسول بولس من البنوة الجسدية إلى البنوة حملوا إيمانه فيهم، وانتقل بهم إلى بنوتهم هللا نفسه، األمر الذي يشترك فيه األمم

فأوضح أن الحاجة ال ) 8-7ص (أما بالنسبة للناموس ). 6-5-4ص (المتنصرون معهم المسيح يسوع، إذ يعجز الناموس عن التبرير من : إلى الناموس في ذاته بل إلى غايته

واآلن في األصحاحين . عند آشفها، أما اإليمان فهو سر تبرير الكلالخطية، إنما يقف يتحدث عن امتيازهم آشعب مختار، وهو أمر غاية في الدقة ويصعب النقاش فيه ) 9-10(

مع اليهود، إذ ال يقبلون التفاهم أو التحرك عنه قيد أنمله، لذا آان الرسول يتحدث معهم يكسبهم لكن ليس على حساب الحق، أو على حساب وآأنه يسير على أشواك، يود أن

انفتاح الباب لسائر األمم، فجاء حديثه مزيجا بين حبه الشديد لبني جنسه وانفتاح قلبه للحديث مع األممي المتنصر أال يستكبر على األصحاح الحادي عشرلألمم، آما آرس

طة اهللا الخالصية من نحو أخيه اليهودي المتنصر، بسبب انفتاح باب اإليمان له، ألن خشعبه البد أن تتحقق في أواخر الدهور، حين يقبل اليهود اإليمان بالمسيح بعد جحودهم له

من غصنإنه يطالب األممي المتنصر أن يسلك بروح التواضع لئال وهو . آل هذا الزمان .مغروسة في شجرة الزيتون األصلية يقطع بسبب آبرياء قلبه شجرة برية

:الحظ أن الرسول وهو يستعرض هذا الموضوع أبرز ثالث نقطي

محبة اهللا المعلنة خالل مواعيده، واختياره لشعبه، لكن ليس آل اإلسرائيليين حسب .1 .الجسد، إنما لمن يقبل البنوة له باإليمان

قسوة اإلنسان الذي يقابل حب اهللا بالعصيان والجحود، وقد آان الثمر هو رفض .2 .إسرائيل الجاحد

البرآة الشاملة، فإن الرفض يبقى جزئيا إذ يشتاق اهللا أن يضم الكل له خالل .3 .اإليمان العام لكل األمم والشعوب بما فيهم اليهود حين يقبلون ذاك الذي جحدوه

Page 163: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

163  

أيضا اختيار األمم

لذلك ترك المشكلة الرئيسية في حياة اليهود هي شعورهم بأنهم شعب اهللا المختار، .معالجتها بعد تفنيد الحجتين السابقتين الخاصتين بانتسابهم إلبراهيم واستالمهم للناموس

عالج الرسول هذه الحجة بحكمة عجيبة، إذ لم ينكر اختيارهم آشعب اهللا، إنما أآد أنه ال يرحم من "يقوم على امتياز فيهم أو عن استحقاق خاص بهم، إنما عن محبة اهللا الذي

.خالل هذا الفهم أعلن اهللا أيضا حبه لألمم فاختارهم هم أيضا". يشاء

تقدير الرسول لليهود. 1

إذ ختم الرسول حديثه السابق مؤآدا أنه ال يمكن حتى للمالئكة أو خليقة ما أن تفصله عن يتخلى محبة المسيح، ولئال يظن اليهود المتنصرون أنه تحدث بهذا ليعلن أنه مستعد أن

عن شعبه بني جنسه من أجل إيمانه بالسيد المسيح، أراد أن يوضح بقوة أن إيمانه بالسيد المسيح يلهب باألآثر قلبه بالحب نحو بني جنسه، ويتسع قلبه الحتوائهم في اإليمان حتى

:لهذا يفتتح الرسول حديثه هنا بقوله! ولو آان قبولهم يلتزم حرمانه هو

مسيح، ال أآذب وضميري شاهد لي بالروح القدس،أقول الصدق في ال"

أن لي حزنا عظيما ووجعا في قلبي ال ينقطع،

فإني آنت أود لو أآون أنا نفسي محروما من المسيح

.]3-1[" ألجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد

حبه لخالص شعبه يؤآد باألآثر محبته للسيد المسيح، وشوقه لخالصهم يثبت باألآثر ه به، أما حديثه هنا فمن قبيل تأآيد مدى محبته لهم في الرب واهتمامه بهم، ومدى عالقت

.بذله لنفسه لحسابهم

آان الرسول بولس أشبه بإبراهيم أب اآلباء الذي رفع ابنه، الذي أخذ فيه المواعيد على ا ويحقق مذبح المحبة، حاملا السكين آصليب ليذبحه، مؤمنا أن اهللا قادر أن يقيمه له حي

هكذا يرفع الرسول بولس نفسه آما إسحق على مذبح الحب من أجل أنسبائه . مواعيده فيهحسب الجسد ممسكا بالصليب، مؤمنا أن محبته لبني جنسه لن تحرمه من المسيح وال

Page 164: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

164  

تفقده خالصه، بل بالعكس تزيد نفسه بهاء ومجدا في عيني اهللا، ألنه إنما يمارس حب فإن أعلن الرسول أنه مستعد أن يخدم شعبه حتى النهاية، . مل روحه فيهالمسيح ويقبل ع

حتى لو آان على حساب نفسه، فإن هذه المشاعر الصادقة ال تكون إال لحساب نفسه أآثر .فأآثر

لعل الرسول بولس وهو يكتب هذه الكلمات يتمثل بموسى حين أعلن محبته لشعب اهللا، إذ ). 32: 32خر " (وإال فامحني من آتابك الذي آتبته واآلن إن غفرت خطيتهم": يصرخ

أن هذه الصالة آانت أثمن ما قدمه موسى النبي إذ يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول هكذا . يظهر خاللها أآثر بهاء منه وهو يتمم المعجزات، ألن الحب أعظم من عمل اآليات

بهذا قد ": ال يلوم أحد الرسول بولس في آلماته هذه، إذ يراه يحقق الوصية اإلنجيلية "بغي لنا أن نضع نفوسنا ألجل اإلخوةعرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه ألجلنا، فنحن ين

).16: 3يو 1(

: 25؛ 22: 22؛ 33: 21أع (لقد أتهم الرسول بولس بخيانته لشعبه وعوائدهم وناموسهم ، لهذا يؤآد الرسول محبته العميقة لهم مهما بدت الخسارة، معلنا ومؤآدا أنه صادق )24

بسبب اتحاده بالمسيح، مشهدا " كذبال"ال " بالحق"في آلماته، إذ هو ملتزم أن ينطق !الروح القدس الساآن فيه على ضميره الذي ال يدرآه إنسان

أخيرا إذ امتأل اإلناء المختار بهذه : [تلميذ القديس أنبا أنطونيوس األب إسحقيقول المشاعر رغب لو أمكن أن يكون محروما من المسيح من أجل نمو الشعب المنتمي إليه

برفضهم الفكر التعصبي وقبول اإليمان المسيحي ( ...ة إسرائيل لمجد أبيهوخالص آل أم 2( "ألننا نفرح حينما نكون ضعفاء وأنتم تكونون أقوياء": ويقول أيضا)... بدل الجحود

.][260] )9: 13آو

اآلن إذ يعلن محبته الشديدة لخالصهم قبل أن يعالج موضوع اختيارهم آشعب اهللا :جانبينأراد أن يبرز

أنسبائي حسب "أنه ال يتحدث آغريب عنهم، أو عدو يقاومهم، إنما يدعوهم هكذا :أولاأي إخوتي خالل رابطة الدم، إذ صار له إخوة أيضا جدد خالل رابطة ،]3[" الجسد

.اإليمان الجديد والروح، فهو يحدث إخوته المحبوبين إليه

الذين هم إسرائيليون، ولهم التبني والمجد : "يقولإنه ال يتجاهل امتيازاتهم، إذ : ثانياوالعهود واالشتراع والعبادة والمواعيد، ولهم اآلباء، ومنهم المسيح حسب الجسد،

Page 165: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

165  

وآأنه يقول أنا أعلم أنكم إخوتي ].5-4" [الكائن على الكل إلها مبارآا إلى األبد آمينأوضح لنا أن هذه الميزات آلها تكمل شعب اهللا الذي ميزآم اهللا بميزات دون سواآم، وقد

:في شعب اهللا الجديد، إذ يقول

جاهد مع اهللا "إسرائيل بأمر إلهي، ألنه فقد نال يعقوب هذا اللقب :هم إسرائيليون. أ، فإن "[261]يملك آاهللا"تعني " إسرائيل"فإن آان آلمة ). 8: 32تك (" والناس وغلب

ين، أما إسرائيل الجديد قيقدم ملوآا حقيقيين ال إسرائيل، وإن آان قد ملك ولكن إلى حيملكون على الزمنيات، إنما ينعمون بشرآة المجد اإللهي مع ملك الملوك ورب األرباب،

).6: 1رؤ ( "جعلنا ملوآا وآهنة هللا أبيه" :يترنمون قائلين

ه وخاصته؛ فعندما بمعنى أن اهللا اشتاق أن يتبناهم له ليكونوا آأهل بيت: ولهم التبني. بهكذا يقول الرب، إسرائيل : فتقول لفرعون" :دعا اهللا موسى للعمل وسط شعبه قال له

: 4خر (" ابني البكر، فقلت لك أطلق ابني ليعبدني فأبيت أن تطلقه، ها أنا أقتل ابنك البكرأوالد أنتم ": وعندما قدم اهللا لشعبه وصايا تميزهم عن الوثنيين آان قول الرب). 22-23

ألني ": ، وحين أعلن اهللا خالصه لهم عند رجوعهم إليه، قال)1: 14تث ( "الرب إلهكملكن إسرائيل لم يستطع أن يمارس ). 9: 31إر (" صرت إلسرائيل أبا وافرايم هو بكري

لذا )...6: 1مال (غير مقدم له آرامة األبوة ) 2: 1إش (البنوة هللا بل مارس العصيان شامل لقلبه وطبيعته بسكنى روح التبني فيه، فيمارس بنوته هللا، ويحق له احتاج إلى تغيير

).17-14: 8رو (التمتع بالميراث مع المسيح االبن وحيد الجنس

، وآان عالمته ظهور عمود السحاب والنار في البرية وأيضا في ]4[لهم المجد .ج" ومأل بهاء الرب المسكنثم غطت السحابة خيمة االجتماع : "الخيمة والهيكل، إذ قيل

وآان وجود تابوت العهد عالمة وجود المجد اإللهي، لذلك عندما سمعت ). 34: 40خر (زال المجد من إسرائيل، ألن التابوت قد "قالت : امرأة فينحاس باستيالء الفلسطينيين عليه

ه، نفسه هو مجد" المسيح"أما بالنسبة إلسرائيل الجديد فصار ). 21: 4صم 1( "أخذ .يسكن وسط شعبه ويحل في قلوبهم، ويمألهم بروحه القدوس

، إذ أراد اهللا أن يرفع مؤمنيه دخل معهم في عهود مستمرة ليقيم منهم ]4[لهم العهود . د: 17حز (ونقضها ) 1: 8هو (شعبا له، لكن هذا الشعب لم يلتزم بالعهود بل تجاوزها

لذا صار المؤمنون في حاجة إلى االلتقاء مع اهللا على .وحسب حانثا للعهد وخائنا له) 18مستوى عهد جديد، ال لينقش على حجارة آما في العهد القديم، وإنما داخل القلب بالروح

).24: 12عب (القدس، يعلن حب اهللا الباذل خالل دم ابن اهللا المبذول على الصليب

Page 166: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

166  

لكنهم لم يحفظوها في حياتهم العملية، ، إذ امتازوا بنوال الشريعة، ]4[لهم االشتراع . ه .بل حسبوا آاسرين لها

وقد جاءت الشريعة تقدم الكثير من الطقوس الخاصة بالعبادة، آانت ،]4[لهم العبادة . و .في الحقيقة ظلا للعبادة الروحية

بياء خاصة المواعيد التي تتنبأ عن مجيء المسيا، هذه التي اهتم األن، ]4[لهم المواعيد . ز .بإعالنها

.يعقوبو إسحقو إبراهيمإذ جاءوا من نسل اآلباء البطارآة ،]5[ولهم اآلباء . ح

يكفيهم فخرا أن السيد المسيح، آلمة اهللا، الكائن .]5[ومنهم المسيح حسب الجسد .ط .على الكل إلها مبارآا إلى األبد قد جاء متجسدا منهم

:على هذه الحديث الرسولي بقوله يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

ما يقوله الرسول ال يتحدث به على المكشوف، فإنه إذ آان الكل يتكلمون متهمين اهللا أنه [، والستالم الشريعة، ولمعرفتهم له أآثر من آل البشر، "األبناء"بعد أن حسبهم أهلا السم

تقبل المواعيد، ومنهم اآلباء والتمتع بمجد عظيم آهذا، وخدمتهم له أآثر من آل العالم، وآأصدقاء له، وما هو أعظم من الكل أن من نسلهم جاء السيد المسيح، اآلن قد صاروا

.مطرودين ومرذولين وحل محلهم أناس لم يعرفوه من قبل قط، هم من األمم

إذ نطقوا بهذا آله وجدفوا على اهللا، سمع بولس ذلك، فانعصر قلبه وغار على مجد اهللا ، فال يظهر اهللا آمخادع التجديفواشتهى لو أمكن أن يحرم هو ليخلصوا هم، وينقطع هذا

ولكي تنظروا أنه لألسف وعد اهللا الذي قدمه . لنسل أولئك الذين سبق فوعدهم بالنعمولكن ليس هكذا أن آلمة اهللا قد : "قال... ال ليسقط "األرض ولنسلكأعطيك "إلبراهيم .] [262]]6[ "سقطت

هكذا جاء الحديث في بقية األصحاح أشبه بدفاع للرسول عن عدم سقوط آلمة اهللا أو مواعيده لآلباء، إنما تتحقق ليس حسب المفهوم الحرفي الضيق الذي التزم به اليهود إنما

.عميقبالمفهوم الروحي ال

هذا وإذ أعلن لهم امتيازهم لم يداهنهم على حساب الحق، مؤآدا أن الذي تجسد منهم هو هذه [ :القديس هيبوليتسيقول وآما ].5" [الكائن على الكل إلها مبارآا إلى األبد"

Page 167: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

167  

: الكلمة تعلن سر الحق باستقامة ووضوح، فإنه ذاك الكائن على الكل هو اهللا، القائل بدالةالكائن على الكل هو اهللا المبارك وقد ولد ). 27: 11مت " (ء قد دفع إلى من أبيآل شي"

الكائن والذي آان ": في هذا يقول يوحنا أيضا. إذ صار إنسانا، لكنه هو اهللا إلى األبدحسنا دعي المسيح بالقادر، إذ بهذا ينطق ). 8: 1رؤ ( "والذي يأتي، القادر على آل شيء

.][263]بما شهد به المسيح عن نفسه

اختيار اهللا لآلباء. 2

حسب اليهود أنفسهم أنهم نالوا خالل آبائهم وعدا إلهيا أنهم شعب اهللا، هذا الوعد أو هذه يدرك أنها لن والرسول بولس آمؤمن بكلمة اهللا. الكلمة اإللهية لن تسقط عبر األزمنة

إنما يقدم " إسرائيل"تسقط أيضا، إنما الخطأ ينصب في فهمهم لكلمة اهللا، فإن اهللا إذ وعد ، ال لجنس معين بذاته مهما آانت تصرفاته، وإذ يعد "إلسرائيل الروحي الحقيقي"وعده

أوالد إبراهيم بالنسل خالل إسحق، يطلب النسل الروحي الذي له إيمان إبراهيم وإسحق الثم أن اهللا الذي اختار إسرائيل شعبا له من حقه أن يبسط ذراعيه لسائر األمم ليقبل .الجسد

.الكل شعبه، خاصة إن سقط إسرائيل الجسدي في الجحود وعدم اإليمان

ولكن ليس هكذا حتى أن آلمة اهللا قد سقطت، "

].6" [ألن ليس جميع الذين من إسرائيل هم إسرائيليون

يؤآد الرسول بولس إيمانه بكلمة اهللا أنها لن تسقط، ومواعيده إلبراهيم أب اآلباء باقية، لكن ما يرفضه الرسول هو تفسيرهم لالنتساب إلسرائيل، فإنه ليس آل إنسان من شعب

ألن ": إسرائيل إسرائيليا بحق، أي ليس الكل أعضاء في شعب اهللا، وآما سبق فقال ).28: 2رو ( "هو يهوديا وال الختان في الظاهر في اللحم ختانا اليهودي في الظاهر ليس

: يعطى الرسول تفسيرا آتابيا لنسل إبراهيم الذي فيه تتحقق المواعيد اإللهية، إذ يقولوال ألنهم من نسل إبراهيم هم جيمعا أوالد، بل بإسحق يدعى لك نسل، أي ليس أوالد "

أنا آتي : ألن آلمة الموعد هي هذه. الموعد يحسبون نسلاالجسد هم أوالد اهللا، بل أوالد نحو هذا الوقت ويكون لسارة ابن، وليس ذلك فقط، بل رفقة أيضا وهي حبلى من واحد وهو إسحق أبونا، ألنه وهما لم يولدا بعد وال فعال خيرا أو شرا، لكي يثبت قصد اهللا

قيل لها أن الكبير يستعبد للصغير، حسب االختيار ليس من األعمال بل من الذي يدعو، .]13-7" [أحببت يعقوب وأبغضت عيسو: وآما هو مكتوب

Page 168: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

168  

:يالحظ في هذا النص الرسولي

يوحنا الذهبي القديسحكمة الرسول بولس وتمييزه في الحديث معهم، فكما يقول :أولاا إلبراهيم حقيقيا لكنه مثلا للبنوة إلبراهيم، فإنه وإن آان ابن" إسحق"أن الرسول قدم الفم

لم يولد حسب قوة الجسد أو حسب ناموس الطبيعة، إذ آان األب شيخا واألم عاقرا، وإنما إذا فنسل إبراهيم هم الذين ينعمون بالوالدة ال حسب . مولودا حسب قوة الوعد اإللهي

.الجسد، وإنما حسب اإليمان والتمسك بوعود اهللا روحيا

اليهود بكونهم نسلا إلبراهيم، إنما هاجم فهمهم لشعب اهللا بطريقة حرفية لم يهاجم الرسول لنكن آإسحق فنصير أصحاب الوعد اإللهي . جامدة تقف عند االنتساب الجسدي إلبراهيم

وأوالد "، "هم أوالد اهللا": حاملين البنوة ال إلبراهيم فحسب بل آما يقول الرسول ".الموعد

:ي الفميوحنا الذهب القديسيقول

فماذا إن آان الرحم هو األداة . هذا الوعد إذن وآلمة اهللا هما اللذان شكال إسحق وولداه[ وأحشاء المرأة هي الوسيلة؟ لكن ليس قوة األحشاء هي التي ولدت الطفل بل قوة الوعد

لقد . ففي جرن المعمودية آلمة اهللا تلدنا وتشكلنا. هكذا نحن أيضا نولد بواسطة آلمة اهللاهذا الميالد ليس بقوة الطبيعة بل . ولدنا من جديد بالعماد باسم اآلب واالبن والروح القدس

).21: 3بط 1؛ 18: 1؛ يع 26: 5؛ أف 3: 3يو (بقوة وعد اهللا

فإنه آما سبق فأنبأ عن ميالد إسحق ثم حقق الوعد، هكذا بالنسبة لنا أيضا قد سبق فأعلن أنتم تعرفون آيف قدم الوعد . لة بواسطة األنبياء ثم حقق الوعدعن ميالدنا منذ أجيال طوي

).الخ 1: 2هو (أنه سيتحقق آأمر عظيم، وقد تممه بسهولة شديدة

تفهم بأن آل من يولد من إسحق " بإسحق يدعى لك نسل: "لكن إن قال اليهود إن الكلماتهو أيضا ) آدوم(اهم عيسو بالضرورة يحسب نسله، بهذا يكون بنو آدوم أبناؤه، ألن أب

هكذا ترون أنه ليس آل أوالد الجسد هم أوالد اهللا، هكذا سبق فأخبر بطريقة ما عن ... ابنهإذ يرى القديس بأن الوعد بنسل إسحق . (تجديد الميالد الذي من فوق بواسطة المعمودية

.)الجسد يشير إلى الوعد للمولودين في المعمودية ميالدا ليس حسب الطبيعة أو

Page 169: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

169  

أقول أنها تتم هنا بالمعمودية، إذ تتم بالروح ) من سارة(إن قلتم أن الوالدة تتحقق بالرحم .وشيخوختها) سارة(فالرحم أآثر جمودا من الماء بسبب عقر . آما تحققت هناك بالوعد

ا إذن لنتيقن من معرفة دقيقة عن سمونا، ولتكن حياتنا الئقة بهذا السمو، فإنه ليس سمو .جسديا أو أرضيا، وليتنا ال نسمح أن يكون فينا شيء من هذا

وال خالل جنون ) 13: 1يو (خالل النوم وال بمشيئة جسد ) آأبناء له(لم يصنعنا اهللا ).5: 3تي (بل خالل الحب اإللهي نحو اإلنسان ... الشهوة

ا في حالتنا نحن بعد وآما أنه في تلك الحالة تحقق الميالد بعد أن نزع الزمن الرجاء، هكذأن غلبتنا شيخوخة الخطية ولد إسحق فجأة صغيرا وصرنا نحن أوالد اهللا ونسل إبراهيم

.] [264])31: 60إش (

إذن وعد اهللا قائم وآلمته لم تسقط بل قائمة وفعالة، وإسحق ال يزال يولد حتى اليوم آما وعد اإللهي، إذ ال يزال شعب اهللا يقوم من سارة التي ال تحمل قوة الوالدة بالطبيعة إنما بال

خالل رحم الكنيسة الذي هو المعمودية، حيث يولد إسحق على الدوام ال خالل الجسد، وال .بهوى إنسان وإنما بالروح القدس بقوة الكلمة

أن هذا الوعد لنسل إبراهيم من إسحق المولود من سارة قد القديس أغسطينوسيرى د المسيح، وأعلن ملكه على هذا النسل، إذ جاء في علته التي سجلت تحقق عندما علق السي

"... نسل إسحق"، فقد ملك الرب بالصليب على اليهود من "ملك اليهود"على الصليب المسيح ملك اليهود : [لكنه لم يملك على النسل حسب الجسد بل هو حسب الروح، إذ يقول

الروح ال بالحرف، الذين مدحهم من اهللا ، لكن اليهود مختوني القلب ب)حسب عنوان علته(ال من الناس، الذين ينتمون ألورشليم الحرة، أمنا األبدية في السماء، سارة الروحية التي

فما آتبه بيالطس قد آتب، ألنه ما قاله الرب . تطرد الجارية وأوالدها من بيت الحرية .][265]قاله

وعد نسل إبراهيم يلزم أن يدعو في لكي يكونوا أبناء ال: [القديس أغسطينوسيقول .][266]إسحق، وذلك بتجميعهم معا في المسيح خالل دعوة النعمة

أن أبناء الجسد الذين يولدون من قطورة هم رمز [267]القديس أغسطينوسويرى هذا .الهراطقة الذين جاءوا آما من زوجة ثانية من السراري

Page 170: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

170  

لم يقف الرسول بولس عند تقديم مثل واحد لتحقيق وعد اهللا بطريقة روحية ال :ثانياحرفية جامدة، وإنما قدم مثلا آخر خالل اختيار اهللا ليعقوب دون عيسو، وهما في أحشاء

ففي مثل إسحق ربما يقال أن الوعد يتحقق في إسحق ونسله دون إخوته، ألن . رفقةإسحق هو ابن الحرة أآبر سنا من إخوته الذين من قطورة، إسماعيل ابن الجارية، وألن

وهما من أب " يعقوب وعيسو"فهو الوارث للمواعيد اإللهية دون سواه، لذلك قدم الرسول . واحد وأم واحدة، بل وآانا توأمين في بطن واحدة، ومع ذلك لم يكن لهما نصيب واحد

. بل يمتاز عيسو بأنه البكر جسديافمن جهة الجسد ال يختلف يعقوب عن عيسو في شيء ".الكبير يستعبد للصغير"ومع ذلك

إذ سبقوا األمم في معرفة اهللا، لكنهم إذ " الكبير"بمعنى آخر إن آان اليهود يمثلون .يجحدونه بينما يقبل األمم اإليمان، يتحرر من العبودية ويسقط اليهود فيها

انظر آيف حدث : [على اختيار يعقوب دون عيسو، هكذا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق هذا ليس فقط في حالة إبراهيم وحده بل وفي حالة ابنه أيضا، أن اإليمان والفضيلة في آل

هنا نتعلم أنه ليس خالل الميالد ). للبنوة(األحوال هما المهمان ويعطيان العالقة الحقيقة فلو أن البنوة تقوم على . يحسبون أبناء له وحده بل خالل تأهل األشخاص لفضيلة أبيهم

إنه يظهر بأن شرف ...الستحق عيسو أن ينعم بما ناله يعقوب) وحده(الميالد الجسدي الميالد الجسدي ليس بذي قيمة، إنما يلزمنا أن نطلب فضيلة النفس التي يعرفها اهللا قبل أن

ومن هو [268]يعلم من هو صالحاالختيار تم بناء على سبق معرفة اهللا، إذ ...تمارس .]ليس بصالح

ألنه وهما لم يولدا بعد وال فعال خيرا أو شرا، : "لماذا قيل: ربما يتساءل البعض: ثالثالكي يثبت قصد اهللا حسب االختيار ليس من األعمال، بل من الذي يدعو، قيل لها أن

ب يعقوب ويبغض عيسو؟ألعل عند اهللا محاباة؟ لماذا يح" الكبير يستعبد الصغير؟

بمعنى آخر هل ألن اهللا اختار يعقوب قبل أن يعمل خيرا أو شرا خرج صالحا بينما خرج عيسو شريرا؟ ولماذا يحاسب عيسو إذن على شره ويكافأ يعقوب على صالحه؟

:تأتي اإلجابة على ذلك هكذا

ألن ليس : "بكل صراحةأوضح الرسول نفسه في ذات الرسالة عدم محاباة اهللا، قائلا . أوقد سبق فأوضح الرسول أن اختيار اهللا يقوم على سبق معرفته . ]11[" عند اهللا محاباة

"ألن الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم، فهؤالء دعاهم أيضا": غير المحدودة، إذ يقول

Page 171: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

171  

دعوة فإن آان قد أحب يعقوب وعينه ودعاه إنما ألنه سبق فعرفه أنه يقبل ال). 30: 8رو (ويتجاوب مع محبة اهللا، حتى وإن آان في قبوله للدعوة يتعرض للضعفات والسقطات، فاهللا يحبه من أجل نيته الصادقة والجادة عمليا، أما رفضه لعيسو فيقوم على رفض عيسو

.هللا وإصراره على المقاومة ضد اهللا

أراد أن يؤآد الرسول أن "ألنه وهما لم يولدا بعد، وال فعال خيرا وال شرا": بقوله. بيعقوب لم يتبرر بسبب أعمال الناموس، وال أعماله الصالحة الذاتية، فسر محبة اهللا له إنما

بمعنى آخر لو انتظر اهللا . تقوم على نعمة اهللا المجانية، لكن دون سلبية من جهة يعقوبيعقوب للكبرياء، حتى ينمو يعقوب ويكبر ويظهر آرجل صالح، وعندئذ يدعوه لتعرض

وحسب أن اهللا دعاه عن استحقاق ذاتي، وأنه هو الذي سبق فسلك بالصالح، فتأهل بذاته للدعوة، لكن اهللا أعلن حبه ليعقوب وهو بعد في األحشاء ليبرز اهللا آمبادر بالحب نحو

ة يحبهم، إذ يعلم أنهم يقبلون دعوته المجاني. مؤمنيه، حتى قبل ممارستهم لعمل صالح .وعمله اإللهي فيهم

لعل الرسول بولس أراد أن يوضح لليهود أنهم وإن آانوا يعجزون عن تقديم مبرر . ج، فكيف يدرآون خطة اهللا نحو العالم آله؟ اهللا الذي "إسرائيل"الختيار اهللا ألبيهم يعقوب

هم، حتى سبق فأحب يعقوب وهو في األحشاء ال يدرك شيئا، له أيضا أن يختار األمم ويحببمعنى آخر يعجز الشعب ! ولو لم يدرك اليهود واألمم سر هذا االختيار والحب لألمم

اليهودي ويعقوب نفسه عن تقديم تفسير لقبوله، وهكذا يعجز الكل عن إدراك سر انفتاح .باب اإليمان لألمم أيضا

خالص اإلنسان حديث الرسول هنا ال يقلل من دور اإليمان في الجهاد، لكنه يؤآد أن. دال يتحقق بالعمل الصالح خارج دائرة اإليمان، وأنه ما آان يمكن قبول يعقوب لو لم يبادر

مت (لهذا ال نعجب إن سمعنا أن اهللا سيجازي آل إنسان حسب أعماله . اهللا بالحب أولا16 :27.(

وأبغضت أحببت يعقوب ": تعليلا للقول اإللهي [269]القديس إيريناؤسيقدم لنا . ه، وهو أن اهللا استخدم حتى األجناء في بطن أمهاتهم آنبوة، فأعلن هنا عن ظهور "عيسو

فإن آان . أمتين، واحدة مستعبدة واألخرى حرة، لكن لالثنين أب واحد، هو ربنا الواحد .إسحق هو أب يعقوب آما أب عيسو هكذا اهللا هو أب اليهود آما األمم

Page 172: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

172  

ن في هذا نبوة لما يحدث في آنيسة المسيح، التي آانت أ القديس أغسطينوسيرى . وصارعا في رحم األم، وحين صارعا : [آرفقة تحمل في داخلها أبرارا وأشرارا، إذ يقول

رجالن، شعبان، شعب صالح وآخر شرير، يتصارعان ، "في بطنك أمتان": قيل لرفقةاحدا يحملهم حتى يعزلوا في فإن رحما و! آم من أشرار في الكنيسة. معا في رحم واحد

الصالحون يصرخون ضد األشرار، واألشرار ضد الصالحين، وآالهما يصارع . النهاية .][270]أحدهما اآلخر في أحشاء أم واحدة

دراستنا لسفر هذا وقد سبق لنا اقتطاف بعض تعليقات اآلباء في هذا الشأن عند .[271]التكوين

: القديس أغسطينوسدون عيسو دون محاباة بقول نختتم حديثنا عن اختيار يعقوب بالنسبة للخطية األصلية آان االثنان متشابهين، أما بالنسبة للخطية الفعلية فكانا [

األآبر يستعبد لألصغر، يفهمها آتابنا أن اليهود يخدمون الشعب األصغر أي ... مختلفين .][272])بتقديم النبوات والرموز لهم(المسيحيين

اختيار األمم أيضا. 3

إذ أعلن الرسول حبه الشديد لخالص بني جنسه وحزنه عليهم ألنهم رفضوا مواعيد اهللا الصادقة، مؤآدا أن آلمة اهللا لن تسقط، وإنما تتحقق الوعود في إسرائيل الروحي الجديد،

ى تدابير بدأ يحدثنا عن اختيار اهللا لألمم آشعب له، وليس من حق اإلنسان االعتراض عل .اهللا وقضائه، مؤآدا أن هذا االختيار ليس باألمر الجديد، إذ سبق فأعلن اهللا عنه باألنبياء

.]14" [فماذا نقول؟ ألعل عند اهللا ظلما؟ حاشا"

آأن اعتراضا قد أثير بقوله أن اهللا أحب يعقوب وأبغض عيسو وهما بعد في البطن لم عند اهللا ظلما؟ وتأتي اإلجابة قاطعة ال تحتاج إلى ألعل: يعمال خيرا أو شرا، أال وهو

ألننا ال نقدر أن ندرك آل أسرار حكم اهللا وتدبيراته من آل الجوانب، ! حاشا: تدليلهنا يود الرسول أن يؤآد مبدأ هاما أن اهللا ال . فحكمنا البشري مختلف تماما عن حكم اهللابهذا . نا حسب الفكر البشري ذلك في أمر مايحابي أحدا وال يظلم أحدا، حتى وإن بدا ل

يمهد الرسول الطريق آي ال يحكموا على خطة اهللا الخالصية من جهة قبول األمم، ال .لسبب إال إدراآنا أن اهللا ليس بظالم وإن بدا تصرفه غير مدرك بالنسبة لنا

:ألنه يقول لموسى"

Page 173: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

173  

.]15" [إني أرحم من أرحم، وأتراءف على من أتراءف

19: 33خر (تحقق هذا الحديث اإللهي مع موسى حين اشتاق أن يتمتع بالمجد اإللهي ، وقد جاء هذا القول ليعلن لموسى أنه مع آل تقدير اهللا له ولجهاده )الترجمة السبعينية

ولكن ما يناله من عطية سماوية أال وهو التمتع برؤية المجد اإللهي فهي نعمة مجانية لكنها أيضا ال توهب للمتراخين .وليس ثمنا لجهاده، وال عن أعمال ذاتية إلهية تعطى له،

.أو الخاملين؛ هي نعمة مجانية للمجاهدين بروح اإليمان الحي

أن حديث اهللا هذا مع موسى يعني أن موسى مع ما بلغه يوحنا الذهبي الفم القديسويرى : من تقدير في عيني اهللا ال يقدر أن يدرك أعماق حكمة اهللا وأحكامه، وآأن اهللا يقول له

فإن . يا موسى، ليس لك أن تعرف من هو مستحق لحبي نحو اإلنسان، إنما اترك هذا لي[ ][273]سبة لنا؟آان ليس من حق موسى أن يعرف فكم يكون األمر بالن

أرحم من أرحم ": ، بل قال"أرحم من أرحم، وأهلك من أهلك: "هذا ويالحظ أن اهللا لم يقل، مظهرا سلطانه اإللهي في الحب والرحمة والرأفة "وأتراءف على من أتراءف

باإلنسان، إذ ال يود هالك الخاطئ مثل أن يرجع ويتوب، أنه بادر بحب يعقوب من جانبه سو فجاءت ثمرا طبيعيا لجحود عيسو نفسه وإصراره وعناده على عدم أما بغضة عي .اهللا حب، لكنه ال يلزم الغير بقبوله. قبول مراحم اهللا

].16" [فإذا ليس لمن يشاء وال لمن يسعى، بل هللا الذي يرحم"

وما ) 12: 2في ( "تمموا خالصكم بخوف ورعدة": هل يتنافى هذا مع الوصية الرسوليةشابهها؟ إن آانت رحمة اهللا ليست لمن يشاء وال لمن يسعى، فلماذا يقدم لنا اهللا وصاياه، ويطلب منا أن نقبله بإرادتنا الحرة ومشيئتنا االختيارية؟ ولماذا يحثنا في العهدين القديم

مت ( "خلصالذي يصبر إلى المنتهي فهذا ي": والجديد على الجهاد حتى النهاية، قائلاآن أمينا إلى الموت ": ؟ وفي سفر الرؤيا يؤآد الرب)13: 13؛ مر 13: 24، 22: 10

أنا ": ، بل ويقول لمالك الكنيسة التي في ثياتيرا)10: 2رؤ " (فسأعطيك إآليل الحياة ؟)19: 2رؤ ( "...عارف أعمالك ومحبتك وخدمتك وإيمانك وصبرك

ال يستطيع أحد ممن يقرأ الكتاب المقدس بفهم روحي أن يتجاهل دور اإلنسان اإليجابي في تمتعه بالخالص المجاني، وإن اهللا يريد إرادتنا الحرة أو مشيئتنا االختيارية مع سعينا

يده إنما ما نود تأآ. الجاد، ألنه يقدر الحرية اإلنسانية آل التقدير وال يتجاهل دورنا العمليالمقدس ال يفهم آأجزاء منفصلة مستقلة عن بعضها البعض، إنما يمثل الكتابهنا أن

Page 174: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

174  

لذا يليق بالقارئ أن ينعم بروح .وحدة واحدة متكاملة، يعالج أمورا آثيرة ومتباينةالحكمة والتمييز حتى ال يستخدم عبارة في غير موضعها، إنما فيما يناسبها وبروح

.الكتاب آكل

بولس هنا ال يعالج مشكلة حرية اإلرادة اإلنسانية أو االختيار والجبر، وإال فالرسول ألعلن بوضوح آما في نفس هذه الرسالة وفي رسائله األخرى تقدير اهللا لإلرادة البشرية،

إنما يعالج هنا مشكلة ال . واإلجبار على قبول الرحمة اإللهية أو عمل النعمة المجانيوإنما تخص قبول األمم، لذلك فهو ال يتحدث عن إرادة اإلنسان هل تخص األفراد آأفراد

إن اهللا الذي سبق فاختار . هي حرة أم ال، إنما عن خطة اهللا نحو خالص العالم آلهإسرائيل شعبا له آخميرة لتقديس العالم بمجيء المخلص حسب الجسد منهم، من حقه أن

باب الرجاء لكل الشعوب، دون أن تقف يرحم من يرحم ويتراءف على من يتراءف، بفتح .الجبلة الضعيفة لتحاآمه

من جانبنا نحن نقبل حرية اإلرادة هذه بسرور، لكننا لن ننسى أن : [القديس جيروميقول ... نشكر العاطي، مدرآين أننا نصير بال قوة ما لم يحفظ اهللا عطاياه فينا على الدوام

انبنا، لكن بدون معونة اهللا المستمرة ال تكون لنا المشيئة هي منا، والسعي أيضا من ج: 5يو ( "أبي يعمل حتى اآلن وأنا أعمل": يقول المخلص في اإلنجيل. مشيئة وال سعي

لم يكتف بأن يهب النعمة مرة واحدة، إنما يقدمها . أنه دائم العطاء، مانح باستمرار). 17أطلب ثانية، إذ أنا طامع في غنى اهللا إنني أطلب لكي أنال، وإذ أنال أعود ف. على الدوام

آلما شربت عطشت، إذ اسمع تسبحة . وهو ال يمتنع عن العطاء، وأنا ال أآف عن األخذآل صالح نناله هو تذوق ). 8: 34مز (" ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب": المرتل .][274]للرب

هي عطية مجانية من حيث توجد النعمة فإنها ال توهب عن أعمال، بل : [آما يقول أيضاومع ذلك فلنا أن نشاء أو ال نشاء، إنما الحرية عينها التي لنا هي مقدمة لنا ... العاطي

.][275]برحمة اهللا

هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد أراد الرسول أن يربكهم بذات فكرهم، وآما يقول أنهم آانوا يقبلون رحمة اهللا لهم وسقوط فرعون تحت قسوته يوحنا الذهبي الفم القديس

دون اعتراض من جانبهم، فلماذا يعترضون عندما يفتح باب رحمته لغيرهم؟ هذا ما دفع ألنه يقول الكتاب لفرعون إني لهذا بعينه أقمتك لكي أظهر فيك : "الرسول أن يكمل هكذا

. يرحم من يشاء ويقسي من يشاء قوتي، ولكي ينادي باسمي في آل األرض، فإذا هو

Page 175: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

175  

بل من أنت أيها اإلنسان الذي ! لماذا يلوم بعد؟ ألن من يقاوم مشيئته: فستقول ليلماذا صنعتني هكذا؟ أم ليس للخراف سلطان : تجاوب اهللا؟ ألعل الجبلة تقول لجابلها

وهو أن يصنع من آتلة واحدة إناء للكرامة وآخر للهوان؟ فماذا إن آان اهللا الطينعلى يريد أن يظهر غضبه ويبين قوته احتمل بأناة آثيرة آنية غضب مهيأة للهالك؟ ولكي يبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد التي أيضا دعانا نحن إياها ليس

].24-17" [من اليهود فقط، بل من األمم أيضا

:ويالحظ في هذا النص اآلتي

تجاهل حرية اإلنسان، األمر الذي ليس موضع حديث غاية هذا الحديث ليس: أولاالرسول هنا، إنما تأآيد دور اهللا في خالصنا؛ إنه يعمل فينا ال عن استحقاق من جانبنا،

.وإنما عن حبه وفيض رحمته آنعمة مجانية

بهذا يتكشف بجالء أن نعمة اهللا ورحمته تعمالن دوما ألجل خيرنا، فإذا ترآتنا نعمة *ال تنفع آل الجهود العاملة شيئا؛ مهما جاهد اإلنسان بكل نشاط ال يقدر أن يصل إلى اهللا

.[276]حالته األولى بغير معونة اهللا

دانيالاألب

ال أنا بل نعمة اهللا التي ": في آل فضيلة إذ نشعر بتقدم فيها ننطق بكلمات الرسول *أن تريدوا وأن ) فيكم(اهللا هو العامل فينا "، )10: 15آو 1" (معي، بنعمة اهللا أنا ما أناالذي يثبت في وأنا ": إذ يقول مقدم خالصنا نفسه). 13: 2في ( "تعملوا من أجل مسرته

: آما قيل). 5: 15يو " (فيه هذا يأتي بثمر آبير، ألنكم بدوني ال تقدرون أن تفعلوا شيئايحرس الرب المدينة فباطلا يتعب إن لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون، وإن لم "

.[277])2-1: 126مز ( "الحراس

يوحنا آاسيان القديس

لنتحقق ماذا يعني هذا؟ إن األمر ليس بخصوص من يشاء أو من يسعى، وإنما *فمن جانبنا . فإن آنا ال نشاء وال نسعى، فاهللا ال يأتي ليعيننا. بخصوص اهللا الذي يرحم

.[278]نسعى فيتراءف علينا، لكن إن نام المصارع يفقد النصرةيلزمنا أن نشاء وأن

جيروم القديس

Page 176: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

176  

أن هذا الحديث الرسولي آان خطوة تمهيدية للسامع لكي يوحنا الذهبي الفم القديسيرى يلين روحه المتعجرفة التي تنتقد خطة اهللا نحو خالص األمم، فقبل أن يكشف سر خطة اهللا أراد أن يؤآد للسامع أنه ليس من حقه أن يقف هكذا موقف الناقد أو الديان هللا، وآأن

ال أن نكون متطفلين محبين لالستطالع عملنا هو أن نخضع لما يفعله اهللا: [الرسول يقول) ضد(من أنت الذي تجاوب ": لذلك قال. حتى وإن آنا ال نعرف حكمة تصرفاته

…اهللا؟ هل تجلس لتدين! ؟ بل)38أي (من أنت؟ هل أنت شريكه في سلطانه …؟"اهللا آيف يرعبهم أنظر ".تجاوب ضد اهللا" بل" من أنت الذي تجاوب اهللا؟: "لم يقل إنه

هذا ما يفعله المعلم الممتاز الذي ال. ويخيفهم فيجعلهم في رعدة عوض تساؤلهم وتطفلهم يجري وراء تخيالت تالميذه الباطلة أيا آانت، إنما يقودهم إلى فكره بانتزاع األشواك

.][279]عنهم وغرس البذار، فال يجيب في آل الحاالت على األسئلة التي تقدم له

موقف الناقد لكل تصرف إلهي، أما اإلنسان التقي فيقول مع يقف غير المؤمن من اهللالماذا تنجح : أبر أنت يا رب من أن أخاصمك، لكن أآلمك من جهة أحكامك" :إرميا النبي

).1: 12إر " (طريق األشرار؟

يفرح اهللا ويسر بأوالده مشتاقا أن يدخلوا معه في حوار، لكنه على أساس إيماني تقوي، الذي يتكئ على صدر أبيه لينهل منه أسرار أحكامه، ويتمتع بحكمته العلوية حديث االبن

أما إن أخذ موقف الناقد العنيد، آما فعل بعض الفعلة . حتى وإن عاتبه أو خالفه أو حاججه: ، إذ قال للمتذمرين)16-1: 20مت (مع صاحب الكرم حين أظهر األخير آرمه ومحبته

ك واذهب، فإني أريد أن أعطي هذا األخير مثلك، أو فخذ الذي ل …يا صاحب ما ظلمتك"يوجه الرب نفسه هذا التوبيخ لليهود الذين يرفضون " ما يحل لي أن أفعل ما أريد بمالي؟

.رحمة اهللا على األمم متذمرين على إحساناته بإخوتهم في البشرية

ن يمأله حكمة يليق باإلنسان عوض أن يقف آناقد لتصرفات اهللا الفائقة يطلب أ: ثانياومعرفة ليكتشف أمورا عجيبة؛ ففي العهد القديم الذي يؤمن به اليهود ويفتخرون به جاء

إني لهذا أقمتك لكي أظهر فيك قوتي، ولكي ينادى باسمي في آل ": قول اهللا لفرعون، فاهللا الذي رحم موسى سمح فأقام )الترجمة السبعينية 16: 9خر ( ]17" [األرض

بقاه حيا لكي يستخدم قسوة قلبه إلعالن مجد اهللا، وبسبب عنفه مع شعب فرعون ملكا، وأيسمع الشعب ": اهللا ينادي باسم الرب في آل األرض، إذ جاء في تسبحة موسى

فيرتعدون، تأخذ الرعدة سكان فلسطين، حينئذ يندهش أمراء أدوم، أقوياء موآب تأخذهم تار اهللا موسى دون فرعون، وآما اخ). 15-14: 15خر ( "الرجفة، يذوب سكان آنعان

: ليس لنا أن نتساءل].18" [فإذا هو يرحم من يشاء، ويقسي من يشاء": قال الرسول

Page 177: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

177  

لماذا رحم موسى وقسى قلب فرعون؟ ألن حكمة اهللا تفوق حكمتنا، إنما ما يمكننا أن ما بالنسبة نعرفه إن اهللا يعلم قلب موسى واشتياقه فسنده بنعمته ليتمجد فيه خالل الرحمة، أ

، وإنما ما فعله اهللا أنه لم )6: 10؛ 34: 9؛ 32، 15: 8خر (لفرعون فكان قلبه قاسيا ينزع هذه القسوة عنه قسرا، إنما رفع يده عنه فبقى فرعون في قسوة قلبه، أو بمعنى آخر

اهللا الذي . سمح له أن يمارس عنفه ضد شعب اهللا ليتمجد اهللا حتى في هذا العنف الشريرموسى بالرحمة لم يمنع فرعون عما يكنه قلبه الشرير، فيكمل موسى آأس مجده سند

.ويكمل فرعون آأس شره، واهللا يتمجد بهذا وذاك

إر (اقتبس الرسول بولس من العهد القديم أيضا الذي يقدسه اليهود مثال الفخاري :ثالثاالخزاف، وآالجبلة في في يد آالطينليؤآد به أن اإلنسان في عالقته باهللا ) 1-10: 18

يدي جابلها، ليس له أن يعترض على تصرفات اهللا وحكمته، فمن حق الخزاف أن يصنع .من آتلة واحدة إناء للكرامة وآخر للهوان، وهو يتمجد في اإلناءين

:علي هذا المثال قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

إلى أي مدى يجب أن نطيع اهللا، فإذ يدعى لم يقل هذا لينزع حرية اإلرادة وإنما ليظهر [اهللا خزافا نكون نحن بالنسبة له آقليل طين مهيأ قدامه، فيليق بنا أن نكف ال عن المجادلة

هذه هي النقطة الوحيدة ... والتساؤالت فحسب، وإنما حتى عن النطق أو التفكير بالكليةإذ يفسره الهراطقة أن (نظام الحياة التي يطبقها الرسول في التشبيه، إذ ال يقصد به إعالن

...إنما يقصد فقط الطاعة التامة وااللتزام بالصمت) اهللا يخلق طبيعتين صالحة وشريرة

هذا ما يجب مراعاته في آل األحوال عند استخدام التشبيهات، فال نطبقها في آل ...ك الباقيالنواحي، إنما نختار ما هو مناسب فيها، والذي ألجله قدم التشبيه، ونتر

أن يصنع من آتلة واحدة إناء للكرامة الطينأم ليس للخراف سلطان على : "عندما يقولال تظن أن الرسول قال هذا بخصوص الخليقة أنها مجبرة بال ،]21" [للهوان؟ وآخر

فإن فسرناه بغير هذا ... حرية إرادة، إنما لمجرد إظهار السلطان وتدابير اهللا المتنوعةخطاء متنوعة، فلو أنه آان يتحدث هنا عن اإلرادة، وأنه هو خالق اإلرادة ندخل في أ

الصالحة واإلرادة الشريرة ألعفى اإلنسان من المسئولية، ويظهر بولس نفسه متناقضا مع .][280]نفسه، إذا يقدم على الدوام تقديرا عظيما لحرية اإلرادة

Page 178: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

178  

أن الرسول يود أن يقدم جانبا واحدا من المثل وهو القديس الذهبي الفمبمعنى آخر، يؤآد لكنه ال ينزع عنا حرية إرادتنا، فإن أردنا . أن اهللا يعمل بنا وال نقدر نحن إال أن نطيع

.الحياة معه يقوم هو بتغييرنا لمجد اسمه، بطريقة تفوق إدراآنا

مر عند القدرة مجردة، هذا ويمكننا أن نقول إنه آخزافي قادر أن يشكلنا، لكن ال يقف األإنما وهو القدير هو األب والحكمة عينها، يعمل بحكمته وخالل أبوته مشتاقا أن يشكل آل

إلى أوان للكرامة، لكنه يكرم حرية إرادتنا، وإذ نرفض عمله نبقى بال آرامة ونفقد الطين .عمل يديه المقدستين للنفس والروح والجسد

الذي يريد أن جميع الناس ": ويشتهي خالص الكل، آما قيلإنه خزاف يتبنى آنيته ويحبها ؛ ) 18: 8مي ( "اهللا يسر بالرأفة"؛ ) 4: 2تي 1( "يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون

ال يسر بموت الشرير، بل أن يرجع "؛ ) 37: 6يو " (من يقبل إلى ال أخرجه خارجا" ).11: 33حز " (الشرير عن طريقه ويحيا

إن آان اهللا يتمجد في آنية الكرامة بإعالن عمل نعمته المجانية في حياة مؤمنيه :رابعاالمجاهدين، مشتاقا أن يكون جميع البشر آنية آرامة، لكن إذ أصر البعض إال أن يصيروا آنية للهوان، فحتى في هذا يتمجد اهللا، إذ يبرز غضبه وسخطه على الخطية، فيدين الخطاة

، ومن جانب آخر ]22[ال يقبل أن يشارآه األشرار مجده المقدس بكونه القدوس الذي ، فإن اهللا يحتمل األشرار زمانا وال يعاقبهم فورا ]22[يتمجد بطول أناته على اإلنسان

فماذا إن آان اهللا وهو ": هذا ما قصده بقوله. بالرغم من تجديفاتهم ومقاومتهم لعمل اهللا ].22" [بأناة آثيرة آنية غضب مهيأة للهالك يريد أن يظهر غضبه ويبين قوة احتمل

:على ذلك بقوله يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

آان فرعون آنية غضب، أي آان إنسانا قد ألهب غضب اهللا بقسوة : ما يعنيه هو هذا[بقي بدون إصالح، لهذا لم يدعه ) من جهة اهللا نحوه(فبعدما تمتع بطول أناة آثيرة . قلبه

بمعنى أنه هيأ نفسه بنفسه ". مهيأة للهالك: "فحسب وإنما أيضا" ية غضبآن: "الرسولاهللا لم يترآه محتاجا إلى األمور التي تشفيه آما لم ينزع عنه األمور التي . للهالك التام

فلو لم يود . إذ يعرف اهللا ذلك، احتمله بأناة آثيرة ليرده للتوبة.تهلكه، لذا فهو بال عذرناة آثيرة، أما آونه لم ينتفع باألناة الكثيرة للتوبة بل هيأ نفسه باألآثر توبته لما احتمله بأ

للهالك، استخدمه اهللا وسيلة إلصالح الغير بمعاقبته فيصلحون هم من حالهم؛ بهذا بين اهللا .قوته

Page 179: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

179  

إن آان . لكن ليست رغبة اهللا إظهار قوته، إنما يود أن يظهر حنوه بكل طرق ممكنةليس لكي نظهر نحن مزآين، بل ": ر قوته بهذه الطريقة، إذ يقولبولس ال يود أن يظه

فكم باألآثر يكون اهللا نفسه؟ لكن إذ يطيل اهللا ) 7: 13آو 2( "لكي تصنعوا أنتم حسناأناته آثيرا ليقوده إلى التوبة ولم يتب اإلنسان يحتمله اهللا زمانا طويلا لكي يظهر أولا

طول أناة اهللاان لم يضع في ذهنه أن ينتفع شيئا من صالحه وقوته حتى وإن آان اإلنسعندئذ يظهر اهللا قوته بعقاب هذا اإلنسان الذي ال يقبل الشفاء، وذلك آما يبين . العظيمة

بل " يبين حبه: "ال يقال. حبه لإلنسان خالل رحمته نحو الذين ارتكبوا خطايا آثيرة وتابوااهللا على وجه الخصوص، األمر الذي يغير ، ليظهر أن هذا الحب هو مجد]23[ "مجده"

.اهللا أآثر من آل شيء

ال يعني أن آل شيء هو عمل اهللا وحده، ألنه لو ،]23" [قد سبق فأعدها للمجد"بقوله فإن آان فرعون قد صار آنية …آان األمر آذلك لما وجد ما يمنع من خالص آل البشر

. قد صاروا آنية رحمة باستعدادهم للطاعة) اليهود(غضب بسبب انحطاطه، فإن هؤالء وإن آان الجانب األعظم للعمل هو من قبل اهللا، لكنهم ساهموا بالقليل، ومع ذلك لم يقل

.][281]ليظهر أن اهللا هو الكل "آنية رحمة" بل …"آنية العمل الصالح: "أنها

إذ أبرز الرسول أنه ليس من حقهم نقد خطة اهللا بسبب عجزهم عن إدراك حكمته :مساخااإللهية آما ينبغي، مظهرا حق اهللا في اختيار األمم آما سبق فاختار اليهود، ال يغلق الباب عن آل يهودي إنما عن الشعب اليهودي آكل، آما ال يعني انفتاح الباب لألمم خالص آل

" دعانا نحن إياها ليس من اليهود فقط بل من األمم أيضا التي أيضا": إذ يقول …أممي]24.[

هكذا توصل الرسول ال إلى دعوة األمم دون هياج اليهود عليه فحسب، وإنما إلى فتح باب .محبة اهللا لكل إنسان، يهوديا آان أمميا، حتى وإن جحد اليهود آأمة السيد المسيح

تعثر إسرائيل. 4

فقدم الرسول ردودا على انتقاد اليهود لفتح باب الدعوة لألمم دون أن يجرح إذ سبق مشاعر اليهود ختم حديثه بتقديم الدالئل من األنبياء أنفسهم، فاختار بعض العبارات التي تعلن تعثر اليهود في اإليمان وقبول األمم له؛ هنا يتحدث بال تحرج ألنه يقتبس عبارات

:يقولنبوية يؤمنون بها، إذ

آما يقول في هوشع أيضا سأدعو الذي ليس شعبي شعبي،"

Page 180: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

180  

والتي ليست محبوبة محبوبة،

ويكون في الموضع الذي قيل لهم فيه لستم شعبي

].26- 25" [أنه هناك يدعون أبناء اهللا الحي

، مقدما النبي )الترجمة السبعينية) (10: 1؛ 23: 2هو (اقتبس الرسول هذه العبارات عن هدا ألقواله إن األمم الذين آانوا ليسوا شعب اهللا وال محبوبين لديه خارج هوشع شا

!المقدسات صاروا شعب اهللا والمحبوبين لديه وأبناءه

آأن ما يتم في العصر الرسولي ليس باألمر الغريب، إذ سبق فأعلنه اهللا ألنبيائه ليمهدوا .لتحقيق خطته اإللهية من جهة خالص األمم والشعوب

، ولوعمي "ليس لهم رحمة"لورحامة دعا النبي أسماء أوالده: [لقديس إيريناؤسايقول سأدعو الذي ليس شعبي شعبي، "حتى أنه آما يقول الرسول …)1هو " (ليس شعبي"

محبوبة، ويكون في الموضع الذي قيل فيه لستم ) بال رحمة(والتي ليست محبوبة حدث آرمز خالل أعمال النبي يؤآد فما . "شعبي أنه هناك يدعون أبناء اهللا الحي …هكذا أيضا اتخذ موسى أثيوبية زوجة له. الرسول أنه يتم حقا بالمسيح في الكنيسة. الزيتونة األصلية وتشترك معها في ثمارها مظهرا أن الزيتونة البرية قد طعمت فيبها الكنيسة من بين األمم، والذين يستخفون فبزواجه من األثيوبية أعلن عن ظهوروال يكونوا أطهارا، ويستبعدون من خيمة البر ويتهمونها ويستهزئون بها يمتلئون برصا،

الزانية، التي تدين نفسها بكونها من األمم مملوءة هكذا أيضا بالنسبة لراحاب). 12عد (الجواسيس الذين آانوا يتجسسون األرض وخبأتهم في بيتها، من آل الشرور، لكنها تقبلت

التي آانت تعيش فيها عند سماع األبواق السبعة حفظت تحطمت آل المدينة وعندما، وآما أعلن الرب )22: 6يش (باإليمان بعالمة القرمز راحاب الزانية مع آل بيتهاالعشارون والخطاة يسبقونكم إلى ملكوت " :مجيئه، إذ قال للفريسيين عن الذين يقبلون

.][282])31 :21مت ( "السماوات

:يكتف الرسول بهذا بل قدم إشعياء النبي الذي جاء في نبوته متناغما معه، إذ يقوللم

وإشعياء يصرخ من جهة إسرائيل،"

وإن آان عدد بني إسرائيل آرمل البحر فالبقية ستخلص،

Page 181: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

181  

ألنه متمم أمر وقاض بالبر،

.]28-27" [ألن الرب يصنع أمرا مقضيا به على األرض

وآان يحمل نبوة عن ) الترجمة السبعينية 23-22: 10(إشعياء جاء هذا القول في وقد سمح اهللا …المسبيين، إذ آانوا آثيرين جدا بالنسبة للقلة القليلة التي تنجو من األسر

طبق الرسول هذه النبوة بصورة أشمل على . بذلك بل وقضى بهذا التأديب ألجل البرالعصر المسياني حيث يؤسر عدد آبير جدا من اليهود تحت الجحود رافضين اإليمان المسياني، وقليلون هم الذين يخلصون بقبولهم المسيا المخلص، وقد سمح اهللا بذلك ألجل

.ح الباب لألممالبر، ليفت

:على هذا القول الرسولي، هكذا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

وإنما أخلص ) اليهود(، وال أتأثر بالجنس )بالعدد الضخم(أنا ال أهتم بالجمع : إنه يعني[إنما يذآرهم . بال سبب "آرمل البحر"أنه لم يذآر . من يتقدمون آمستحقين للخالص

.الذي جعلوا أنفسهم غير أهل له) 12: 32 ؛17: 22تك (بالوعد القديم

إذ أظهر آل األنبياء أنه ليس الجميع ) للكل(لماذا ترتبكون إذن إن آان الوعد ال يتحقق ألنه متمم أمر وقاض ... "يخلصون؟ عندئذ يظهر الرسول أيضا طريق الخالص

...]28" [على األرض) سريعا(بالبر، ألن الرب يصنع أمرا مقضيا به ) بسرعة(

ألنك إن اعترفت بفمك ": هذا األمر هو اإليمان الذي يحمل خالصا في آلمات قليلةها أنتم ). 9: 10رو ( "بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن اهللا أقامه من األموات خلصت

ترون أن الرب متمم آلمة قليلة على األرض، والعجيب أن هذه الكلمة القليلة ال تحمل .][283]اخالصا فحسب بل وبر

بمعنى آخر إن آان إسرائيل قد صار ذا باع طويل في أعمال الناموس الحرفية وشكليات العبادة لكن الرب في ملء الزمان صنع أمرا مقضيا به أو أمرا عاجلا، مرآزا حول

هذه القلة تنبأ عنها . اإليمان بالمخلص، الذي ينقذ المؤمنين به وإن آانوا قلة من اليهودلوال أن رب الجنود أبقى لنا نسال لصرنا مثل سدوم وشابهنا "): 9: 1إش (إشعياء أيضا

].29" [عمورة

Page 182: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

182  

آأن ما حدث في العصر الرسولي سبق فحدث في عصر إشعياء، إذ قليلون هم الذين عاشوا في اإليمان فخلصوا من الهالك، بدونهم تعرض إسرائيل آله لإلبادة بالنار آما

).19تك (حدث لسدوم وعمورة

:يرا يخرج الرسول بهذه النتيجةأخ

فماذا نقول؟ إن األمم الذين لم يسعوا في إثر البر، أدرآوا البر، "

البر الذي باإليمان،

.ولكن إسرائيل وهو يسعى في أثر ناموس البر لم يدرك ناموس البر

لماذا؟ ألنه فعل ذلك ليس باإليمان، بل آأنه بأعمال الناموس،

الصدمة، فإنهم اصطدموا بحجر

ها أنا أضع في صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة: آما هو مكتوب

].33-30" [وآل من يؤمن به ال يخزى

هذه هي النتيجة النهائية أن األمم الذين لم ينالوا المواعيد، وال استلموا الشريعة ولم تكن م الكرازة لهم معرفة إلهية قبل الكرازة باإلنجيل لم يسعوا في إثر البر، ولكن إذ جاءته

أدرآوا البر الذي حسب اإليمان بالمسيح يسوع، أما إسرائيل الذي له ميزات آثيرة فإذ سعى في إثر ناموس البر لكن خالل حرفية أعمال الناموس دون روحها، فقدوا اإليمان،

ويكون مقدسا ": وتحقق فيهم القول النبوي ،"حجر الصدمة"واصطدموا بالسيد المسيح : 8إش ( "وصخرة عثرة لبيتي إسرائيل، وفخا وشرآا لسكان أورشليموحجر الصدمة

هاأنذا أؤسس في صهيون حجرا، حجر ": آما تحقق في األمم القابلين لإليمان …)14 ).16: 28إش ( "امتحان، حجر زاوية آريما، أساسا مؤسسا، من آمن ال يهرب

Page 183: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

183  

10 الرسالة إلى أهل رومية

الجحود سرالتي أساء اليهود استخدامها، فعوض " اختيار شعب اهللا"الرسول بولس مشكلة إذ يعالج

شعورهم بحب اهللا الفائق لهم، والتزامهم بمسئولية الكرازة بين األمم، تحجرت قلوبهم ، الذي صار لهم حجر صدمة "حجر الزاوية"بالجحود، وتعثروا في السيد المسيح

1؛ 22: 118مز (مؤمنون حجرا آريما مختارا بينما قبله ال). 23-22: 9(وصخرة عثرة حتى ال نسقط نحن أيضا فيما سقطوا فيه " سر جحودهم"اآلن يكتب لنا عن ). 7-6: 2بط

.بطريق أو آخر

معرفة غيرة اليهود بال. 1

إذ يعالج الرسول موضوعا شائكا للغاية، يمكن خالله أن يتهم بالخيانة ألمته، يعلن من ن مدى حبه إلخوته حسب الجسد، وعن عدم تجاهله لما نالوه من امتياز دون حين إلى حي

سائر األمم في عصري اآلباء واألنبياء، وأيضا عن غيرتهم الدينية، وإن آانت بال إدراك :روحي حقيقي، إذ يقول

أيها اإلخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى اهللا ألجل إسرائيل هي للخالص،"

غيرة هللا،ألني أشهد أن لهم

].2-1["ولكن ليس حسب المعرفة

على هذه العبارة الرسولية موضحا أن الرسول وهو يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق ال تلتفتوا إلى األلفاظ، وال إلى االتهامات، : يستعد لتوبيخهم بأآثر صرامة يود أن يقول لهم

.هو موضوع سرور قلبي وصالتي هللا" خالصكم"آأني اتهمكم بروح عدائي، فإن

مرة له لم تجرح مشاعر يا له من روح إنجيلي ملتهب بالحب، فمقاومة اليهود المستهم في قلبه، . محبته، إذ ال يجد ما يسر قلبه مثل خالص اآلخرين حتى المقاومين له

هذه األبوة الحانية نجدها في خدام اهللا . يشتهي خالصهم، وال يكف عن الطلبة من أجلهم وأما أنا فحاشا لي أن": الحقيقيين، الذين من األعماق يصرخون مع صموئيل النبي

Page 184: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

184  

( "أخطىء إلى الرب، فأآف عن الصالة من أجلكم، بل أعلمكم الطريق الصالح المستقيم ).23: 12صم 1

عالمة الحب الصراحة والوضوح، إذ يشهد لغيرتهم هللا، لكنها غيرة ليست حسب "ينفث تهددا وقتلا على تالميذ الرب"المعرفة، سقط فيها هو من قبل، إذ آان في غيرته

آانوا يظنون أنهم يقدمون خدمة هللا بذبحهم : [القديس أغسطينوسل يقو). 1: 9أع (يا له من خطأ مريع، عندما تود أن تسر اهللا بضربك محبوبيه حتى األرض، وهدم ! خدامه

هذا هو ! مذبح اهللا الحي لتأتي به أرضا آي ال يهجر الهيكل الحجري، يا له من عمى لعيناألمم، أقول أنه حدث جزئيا وليس للكل، فلم تقطع آل ما حدث مع إسرائيل من أجل ملىء

)17، 25: 11رو (األغصان، وإنما بعضها، لكي تتطعم أغصان الزيتونة البرية [284][.

لهم غيرة هللا ولكن "ما سقط فيه اليهود يمكن أن يسقط فيه بعض المسيحيين، إذ تكون دون إدراك روحي لإليمان ، آأن يسلك اإلنسان بفكر متعصب "ليس حسب المعرفة

المستقيم أو اتساع قلب لمحبة الغير؛ أو آأن يجاهد في طريق الفضيلة غير متكىء على .صدر اهللا بل على ذراعه البشري وقدراته الخاصة ومعرفته الزمنية

يقوم األول على جهلهم . غاية الناموس: بر اهللا، ثانيا: سر جحود اليهود جهلهم أمرين؛ أولااهللا في حياة المؤمن، فطلبوا بر أنفسهم، ال بر اهللا، فصار ذلك عائقا عن خالصهم، عمل

.والثاني جهلهم غاية الناموس وأحكامه فتمسكوا بالحرف القاتل دون الروح الذي يحيي

اهللا جهلهم بر: أولا

ألنهم إن آانوا يجهلون بر اهللا،"

ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم،

.]3" [بر اهللالم يخضعوا ل

، لكنه يحول العذر إلى اتهام ضدهم يقوم على "جهلهم بر اهللا: "يحاول أن يعطيهم عذراجهلهم ال يقوم على ظروف خارجية قهرية، ". أنفسهم بر: "آبريائهم واعتداءهم بالذات

.وإنما على فساد داخلي يدب في النفس

Page 185: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

185  

تمأل القلب، فال تطيق آخر في داخله، حتى إذ تدينت تعمل " egoاألنا "حينما تتضخم عوض اتساعها بالحب لتقبل نعمة اهللا " بر نفسها"لحساب ذاتها المغلقة، فتطلب تثبيت

قد صرنا آلنا ": يحدثنا إشعياء النبي عن هذا البر الذاتي، قائلا. واهبة البر باإليمان: 64إش ( "د ذبلنا آورقة وآثامنا آريح تحملناآجنس، وآثوب عدة آل أعمال برنا، وق

6.(

؛ وبالتالي من يجوع )30: 1آو 1(يقول الرسول بولس أن المسيح بالنسبة لنا بر *إلى هذا الخبز إنما يجوع إلى البر النازل من السماء، الذي يهبه اهللا، وليس الذي يصنعه

إذ آانوا ": برا لما قال الرسول نفسه لليهودفلو أن اإلنسان ال يصنع لنفسه . اإلنسان لنفسهبر اهللا ال ... ]3[ "يجهلون بر اهللا، ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم، لم يخضعوا لبر اهللا

مرة أخرى، ما . يعني أن اهللا بار، وإنما يعني البر الذي يهبه اهللا لإلنسان فيجعله بارا باهللاو من عمل قوتهم والذي افترضوه، فحسبوا أنفسهم آما هو بر هؤالء اليهود؟ البر الذي ه

.[285]لو آانوا مكملين للناموس بفضائلهم الذاتية

أغسطينوس القديس

.اهللا وحده هو البار والذي يبرر، يهب اإلنسان البر *

إنهم يطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم، بمعنى أنهم يظنون بأن الصالح هو من عندهم ال عطية ألنهم متكبرون ويحسبون أنهم قادرون على إرضاء ،"لم يخضعوا لبر اهللا"بهذا . إلهية

.[286]اهللا بذواتهم ال بما هللا

أغسطينوس القديس

بذواتهم احتقروا النعمة، ولم يؤمنوا بالمسيح قال هذا عن اليهود الذين في اعتداءهم *أنه يقول بأنهم أرادوا أن يقيموا برهم، هذا البر الذي من الناموس، ال أنهم ينفذون الناموس، بل يقيمون برهم في الناموس، عندما يحسبون في أنفسهم أنهم قادرون على

بل البر الذي يمنحه اهللا تنفيذ الناموس بقوتهم، جاهلين بر اهللا، ال البر الذي هللا .[287]لإلنسان

أغسطينوس القديس

Page 186: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

186  

الناموس جهلهم غاية: ثانيا

قد حجبت عنهم االلتقاء مع اهللا بعمله فيهم، فصار برهم الذاتي المزعوم " األنا"إن آانت عائقا عن تمتعهم ببر اهللا، فإن تمسكهم بحرفية الناموس وشكلياته أفقدهم المتعة بغاية

ألن غاية الناموس هي : "يقول الرسول. الناموس الحقيقية، أال وهو االلتقاء بالمخلصالمسيح للبر، لكل من يؤمن، ألن موسى يكتب في البر الذي بالناموس، أن اإلنسان

].5-4[" الذي يفعلها سيحيا بها

ا تحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعله": اقتبس الرسول بولس من موسى العبارةأن اإلنسان ال [288]يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول ). 5: 18ال ( "إنسان يحيا بها

يمكن أن يحيا وال أن يتبرر ما لم يتمم آل الفرائض وأحكام الناموس، األمر الذي يعتبر لهذا فإذ أراد اليهود أن يتبرروا بالناموس فالناموس عينه يعلن عن العجز التام . مستحيلا

بهذا يدفعنا إلى اإليمان بربنا يسوع المسيح الذي وحده ... لكل إنسان أن يحقق البر والحياةبهذا لم يترك الرسول بولس لليهود . غير آاسر للناموس، بل وقادر على تبرير مؤمنيه

عذرا يلتمسونه، فإن الناموس نفسه يعلن عن المسيح بكونه وحده يترآز فيه البر؛ من ينعم ر الذي قصده الناموس، ومن يرفضه إنما يرفض البر حتى وإن ظن في نفسه أنه بالب

.بالناموس يتبرر

.[289]المسيح هو غاية الناموس للبر، الذي أنبأنا عنه بالناموس لكل من يؤمن *

السكندري إآليمنضسالقديس

اإليمان رفضهم بساطة. 2

عجزوا عن تحقيق البر بالناموس بتنفيذ وصاياه، إن آان اليهود قد : ربما يتساءل البعضفماذا يكون حالنا أمام الوصايا اإلنجيلية وهي أصعب من وصايا الناموس؟ لذلك أسرع الرسول ليوضح اإلمكانيات الجديدة التي صارت لنا خالل السيد المسيح والتي يمكن

:ترآيزها في نقطتين جوهريتين

].8-6[ريب منا للغاية أن اإليمان بالمسيح بسيط وق. أ

].11-9[أن األب أقام المسيح، ليهبنا قوة القيامة عاملة فينا . ب

Page 187: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

187  

بهذا لم يحطم الرسول األعذار اليهودية فحسب، وإنما فتح لنا باب اإليمان لنعيشه .بكونه سهل المنال، خالل الحياة المقامة لنا في المسيح ربنا

باإليمان البسيط القري رفضهم: أولا

:وأما البر الذي باإليمان فيقول هكذا"

ال تقل في قلبك من يصعد إلى السماء أي ليحدر المسيح،

أو من يهبط إلى الهاوية أي ليصعد المسيح من األموات،

ولكن ماذا يقول؟

الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك،

.]8-6" [أي آلمة اإليمان التي نكرز بها

اقتبس الرسول عبارات لموسى النبي بعد أن أعطاها مسحة إنجيلية، إذ جاء في سفر أن هذه الوصية أوصيك بها اليوم ليست عسرة عليك، وال بعيدة منك، ليست هي ": التثنية

في السماء حتى تقول من يصعد ألجلنا إلى السماء ويأخذها لنا ويسمعنا إياها لنعمل بها؟ من يعبر ألجلنا البحر ويأخذها لنا ويسمعنا إياها لنعمل : البحر حتى تقولوال هي في عبر

).14-11: 30تث ( "بها؟ بل الكلمة قريبة منك جدا في فمك وفي قلبك لتعمل بها

آان موسى يحدث شعبه عن الشريعة أو الوصية اإللهية أو الكلمة اإللهية، آيف صارت بالشريعة المرتفعة في السماء يصعب بلوغها بين أيديهم ليست ببعيدة عنهم، ليست

إنما صارت في . والتعرف عليها، وال هي في األعماق ليس من ينزل إليها ليجلبهاإن آان هذا ينطبق على آلمة اهللا المعلنة . وسطهم تبكتهم وتحثهم على الرجوع إلى اهللا

سط الشعب، خالل الحروف والمسلمة بين يدي موسى النبي لتوضع في الهيكل وفلم يعد . فباألحرى تنطبق على آلمة اهللا المتجسد، الذي صار إنسانا وحل بيننا آواحد منا

يسكن فينا ويحل بروحه في داخلنا، .غريبا عنا وال ببعيد عن حياتنا، بل هو قريب إلينا .لنحيا به في آلماتنا وتصرفاتنا وآل مشاعرنا وأحاسيسنا

يعتزون بأنهم شعب اهللا الذي تسلم الشريعة اإللهية بواسطة موسى في القديم آان اليهود، أما اآلن فقد جاءنا الكلمة نفسه متجسدا، يهبنا ذاته، ويجعلنا فيه )2: 2عب (بيد مالئكة

Page 188: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

188  

أرسل الناموس : [القديس أغسطينوسيقول . أبناء اآلب في مياه المعمودية بالروح القدس .][290]ء بنفسه من أجلهابواسطة خادم، أما النعمة فجا

إن آان بر الناموس صعبا بل ومستحيلا، فقد جاء السيد المسيح ال ليقدم وصايا سهلة، وال ليتهاون مع مؤمنيه، وإنما قدم ذاته قريبا من مؤمنيه، بل ساآنا فيهم، ال ليتمموا أعمال

إن لم يزد برآم على الكتبة ": ، آقولهالكتبة والفريسيينالناموس إنما به يزيد برهم عن ).20: 5مت ( "والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات

عن طريق لقائه مع اهللا قائلا بأنه في غباوة آان يبحث عن اهللا القديس أغسطينوسحدثنا في الطبيعة وآتب الفالسفة، خرج خارجا عن نفسه يطلبه، بينما آان اهللا في داخله عميقا

إذن لنطلبه في داخلنا، فنجده يملك على القلب، . أعمق من نفسه وعاليا أعلى من علوه !ويقيم عرسه فيه

ع بقيامة المسيح فيناالتمت :ثانيا

ألنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع،"

وآمنت بقلبك أن اهللا أقامه من األموات خلصت،

ألن القلب يؤمن به للبر،

والفم يعترف به للخالص،

]11-9" [آل من يؤمن به ال يخزى: ألن الكتاب يقول

[291]الذهبي الفميوحنا القديسإن آان اإليمان ليس باألمر الصعب، لكنه آما يقول فكما سبق فقال الرسول أن . يطلب نفسا متيقظة ساهرة تقبل المسيح الذي قام من األموات

، هكذا المسيحي يقبل على )18: 4رو ( "على خالف الرجاء آمن على الرجاء"إبراهيم !هذا هو مرآز إيماننا. خالف الرجاء الطبيعي الحياة المقامة في المسيح

:عبارة الرسولية اآلتييالحظ في هذه ال

... اعترفت بالرب يسوع، وآمنت بقلبك إن": اشتراك الفم مع القلب في اإليمان. أفإن آان القلب هنا يشير إلى اإلنسان الداخلي، فإن الفم يشير إلى الحياة . ]9" [خلصت

Page 189: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

189  

كل الظاهرة؛ إيماننا في جوهره لقاء النفس الداخلية مع عريسها لكن دون تجاهل للجسد ببدون القلب يصير . بمعنى آخر إيماننا يمس أعماقنا الداخلية وتصرفاتنا الظاهرة! أعضائه

اعترافنا الظاهري لغوا وتعصبا وشكليات، وبدون الحياة العاملة واالعتراف الظاهر ال آل من يعترف بي قدام الناس اعترف أنا أيضا به قدام أبي الذي في ": ننعم بهذه المكافأة

).32: 10مت " (واتالسما

لكنك ال ) بالمسيح(أحيانا تسمع إنسانا يعترف . ينبع هذا االعتراف عن جذور القلب *أن آان غير ) بالمسيح(تدرك إن آان مؤمنا أو غير مؤمن يجب أال تدعو أحدا أنه يعترف

.[292]، ألن من يعترف هكذا إنما ينطق بغير ما في قلبه)بقلبه(مؤمن

أغسطينوس القديس

ليتنا نؤمن بربنا يسوع بكل قلبنا، فيملك آرب، ويخلص أعماقنا من آل ظلمة، متجاوبين .مع مخلصنا بحياتنا المقدسة فيه، فنعترف به بشفاهنا

االعتراف بالفم يمثل إحدى القبالت التي يقدمها المؤمن [293]القديس أمبروسيوسيرى ليقبلني بقبالت فمه، ألن حبك أطيب من ": العريسه السيد المسيح حين يناجيه، قائل

فإن آان عريسنا ال يكف عن أن يقبلنا بقبالت الحب العملي الباذل، ). 2: 1نش ( "الخمر .يليق بنا أن نرد القبالت بالقبالت، والحب بالحب، لنوجد فيه محبوبين ومقدسين

أيضا في االعتراف بالفم واإليمان بالقلب أشبه بالبوقين القديس أمبروسيوسويرى بهذين البوقين يبلغ اإلنسان األرض المقدسة، أي نعمة ): [2: 10عد (الذين من الفضة

دعهما يصوتان لك آي تسمع صوت اهللا، فتحثك منطوقات األنبياء والمالئكة على . القيامة ].[294]الدوام وتسرع بك إلى العلويات

االعتراف بالفم بربنا يسوع المسيح ال يعني مجرد شهادة الشفتين له، وإنما تعني . ب: إبراز الحياة المقدسة ال لمجد اإلنسان، وإنما لمجد اهللا نفسه، إذ يقول السيد المسيح

فليضيء نورآم قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباآم الذي في "الذين يرغبون في إظهار : [القديس أغسطينوسآما يقول و). 16: 5مت (" السماوات

أعمالهم الحسنة للناس ليمجدوا ذاك الذي أخذوا منه هذه األعمال الظاهرة فيهم فيتمثلون ... بهم باإليمان، بالحق يضيء نورهم أمام الناس، ألن منهم تنبعث أشعة نور المحبة

آو 1( "أرضي الجميع في آل شيءآما أنا أيضا ": الحظوا الرسول أيضا عندما يقول، فإنه لم يقف عند هذا آما لو آان إرضاءه للناس هو هدفه النهائي، وإال فباطلا )33: 10

Page 190: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

190  

، بل أردف في )10: 1غل ( "لو آنت بعد أرضى الناس لم أآن عبدا للمسيح": يقولرين لكي غير طالب ما يوافق نفسي بل الكثي": الحال مظهرا سبب إرضائه الناس، قائلا

فهو ال يرضي الناس لنفعه الخاص وإال فال يكون عبدا ). 33: 10آو 1(" يخلصوا ][295]للمسيح، بل يرضي الناس ألجل خالصهم حتى يكون رسولا أمينا للمسيح

اقتطف الرسول بولس ذلك عن . ]11" [ألن الكتاب يقول آل من يؤمن به ال يخزى". ج، ليؤآد أمرين، األول أنه بأعمال الناموس يمكن )عينيةالترجمة السب 16: 28(سفر إشعياء

األمر الثاني . لإلنسان أن يخزى، إذ يعجز عن التمتع بالبر، أما باإليمان الحي فلن يخزى، مؤآدا عمومية الخالص بال تمييز بين "آل من يؤمن به": أنه لم يحدد فئة معينة بل قال

.يهودي وأممي

الشامل رفضهم حب اهللا. 3

رفضهم اإليمان البسيط القريب، جاء : إذ سبق أن آشف الرسول عن سر جحود اليهودمن يؤمن به ال " آل"نعلن أن ) 16: 28(بعبارة نبوية مقتبسة من إشعياء النبي

- 28: 2يوئيل ( "آل من يدعو باسم الرب يخلص"آما يقتبس من يوئيل العبارة .يخزى ).21: 2أع (ول بطرس في عظة يوم الخمسين العبارة التي اقتبسها الرس). 29

ألن اهللا، هو "هكذا ال يتوقف الرسول بولس عن تأآيد انفتاح باب اإليمان لجميع األمم، .آما قال القديس بطرس في بيت آرنيليوس) 36: 10أع(" رب الكل

ألنه ال فرق بين اليهودي واليوناني،"

ألن ربا واحدا للجميع،

يدعون به،غنيا لجميع الذين

].13-12["ألن آل من يدعو باسم الرب يخلص

بالكرازة رفضهم االلتزام. 4

يدخل القديس بولس الرسول بهم إلى اتهام جديد، أال وهو تجاهلهم الدور الرئيسي الذي الكرازة بالمسيا الذي شهد له العهد القديم : آان يجب أن يقوموا به آشعب اهللا المختار

بمعنى آخر آان يليق بهم عوض الدخول في مناقشات غبية بتشامخ . برموزه ونبواته

Page 191: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

191  

: هذا ما قصده الرسول بقوله. أن يكونوا هم الكارزين لهم باإليمان وآبرياء ضد األممفكيف يدعون بمن ال يؤمنوا به؟ وآيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟ وآيف يسمعون "

بال آارز؟ وآيف يكرزون أن لم يرسلوا؟ آما هو مكتوب ما أجمل أقدام المبشرين ].15-14[..." بالسالم المبشرين بالخيرات

بأن [296]تحليلا رائعا لهذا النص الرسولي، إذ يقول يوحنا الذهبي الفم القديسيقدم لنا الرسول يجردهم من آل عذر، فبعدما قال أن لهم غيرة هللا لكن ليس حسب المعرفة، بدأ عن طريق األسئلة يوضح أنه آان يحب أن يكونوا أول المؤمنين بالسيد المسيح، ألنه قد

.نبياء آكارزين لهم به خالل النبوات، لكنهم سدوا آذانهم ورفضوا اإليمانأرسل لهم األآل من يدعو باسم الرب ": فإن آان الخالص يتطلب الدعوة باسمه آقول يوئيل النبي

، فالدعوة باسمه تستلزم اإليمان به، واإليمان )29-28: 2؛ يوئيل 13: 10رو ( "يخلصق إال بالكارزين، والكارزون ال يبشروا ما لم يتطلب السماع عنه، والسماع ال يتحق

وقد أرسل لهم الكارزون فعلا وآرزوا قبل مجيئه بأجيال آثيرة آقول إشعياء الذي .يرسلواومع هذا فقد رفض اليهود ،)7: 52إش (أعلن عن رسالة الكارزين المبشرين بالسالم

.اإليمان، فهم بال عذر

األمم في قبول اإليمان بالمسيا المخلص ليقوموا بدور آان يليق باليهود أن يسبقوا هكذا يظهر الرسول أن . الكارزين، مكملين رسالة أنبيائهم، عوض مقاومتهم لإليمان

.دينونتهم مضاعفة

لكن ليس : "على أي األحوال حتى هذا الرفض لإليمان تنبأ عنه إشعياء، إذ يقول الرسوليا رب من صدق خبرنا؟ إذا اإليمان : شعياء يقولالجميع قد أطاعوا اإلنجيل، ألن إ

ألعلهم لم يسمعوا؟ بلى إلى جميع األرض خرج : بالخبر، والخبر بكلمة اهللا، لكنني أقول .]18-16" [صوتهم، وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم

لقد سبق فأنبأ إشعياء أنه ليس الجميع يطيعون اإلنجيل، إذ يرفض آثير من اليهود خبر هو قدم الخبر ليؤمنوا باإلنجيل، لكنهم ). 1: 53إش (شير الذي سبق فأعلنه النبي نفسه التب

لم يسمعوا، مع أن األمم الذين في أقاصي المسكونة سمعوا وآمنوا، وهكذا صاروا شهودا .على اليهود

السماوات تحدث بمجد اهللا، ": حيث ينشد المرتل 19اقتبس الرسول جزءا من المزمور لك يخبر بعمل يديه، يوم إلى يوم يذيع آالما، وليل إلى ليل يبدي علما، ال قول وال والف

Page 192: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

192  

. "آالم ال يسمع صوتهم، في آل األرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة آلماتهميعلن المرتل في هذا المزمور أن الشهادة عن اهللا عامة والكرازة بأعماله مقدمة لكل

وخالل آرازة الكارزين التي تبلغ أقصى ) السماوات والفلك(ينها البشرية خالل الطبيعة عالمسكونة، وآأن المرتل قد شاهد بروح النبوة خدمة الرسل التي اتسعت لتضم الشعوب

.واألمم من مشارق الشمس إلى مغاربها

عن جحودهم شهادة األنبياء. 5

غاية الناموس، ورفضهم أعلن الرسول عن سر جحود اليهود بر اهللا وعدم إدراآهم اإليمان البسيط القريب إليهم، وضيق قلبهم الذي ال يقبل حب اهللا الجامع لكل البشرية،

اآلن يقدم لهم الرسول شهادة أعظم . ونسيانهم رسالتهم آكارزين بالمسيا المخلص للعالم :تبين جحودهم، هما موسى وإشعياء

ألعل إسرائيل لم يعلم؟: لكني أقول"

موسى يقول أنا أغيرآم بما ليس أمة،: اأول

؛)21: 32تث (بأمة غبية أغيظكم

وجدت من الذين لم يطلبوني،: "ثم إشعياء يتجاسر ويقول

؛)1: 65إش ( وصرت ظاهرا للذين لم يسألوا عني

:أما من جهة إسرائيل فيقول

].21-19[ )2: 65إش ( "طول النهار بسطت يدي إلى شعب معاند ومقاوم"

:يالحظ في هذه العبارات الرسولية والمقتبسة من أقوال موسى وإشعياء النبيين اآلتي

يوحنا القديسوآما يقول " ؟ألعل إسرائيل لم يسمع: "يتساءل الرسول بولس :أولاهل سمع إسرائيل ولم يفهم؟ إن آان األمم الوثنيون سمعوا وأدرآوا : أنه يقصد الذهبي الفم

أعطاهم اهللا منذ القدم آل العالمات التي [اإليمان، فكم باألحرى آان يليق باليهود الذين .] [297]تستهدف نحو إزالة الغشاوة عن عيونهم

Page 193: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

193  

أغاروني بما ليس إلها، هم "): 21: 32تث (اقتبس الرسول العبارة الموسوية :ثانياوآأن اهللا قبل ". أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعبا، بأمة غبية أغيظهم

األمم الوثنية آشعب له خالل اإليمان ليثير أيضا مشاعر اليهود لعلهم يرجعون عن .جحودهم ويتوبون إلى اهللا، وهكذا لم يغلق الرب الباب في وجه أحد

طول النهار بسطت يدي إلى شعب " في العبارة يوحنا الذهبي الفم القديسرى ي :ثالثاإشارة إلى العهد القديم بأآمله حيث بسط الرب يديه خالل نداء األنبياء " معاند ومقاوم

إنه أب يبسط يديه نحو شعبه، . المستمر، وإعالنه عن حبه لهم رغم عنادهم ومقاومتهمالقديس ويرى . فض أحضان أبيه المتسعة له بالحبآما نحو طفله الصغير الذي ير

إشارة إلى الصليب حيث بسط الرب يديه عند ) 2: 65إش (في هذا القول النبوي يوستين .[298]موته ليحتضن الكل

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 194: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

194  

11 الرسالة إلى أهل رومية

أيضا اختيار األمماليهود، ال ليحط من إن آان الرسول بولس آيهودي حقيقي فند بروح الحب حجج

امتيازاتهم في العهد القديم، إنما ليرفعهم فوق روح التعصب وضيق األفق، فيتمتعوا مع سائر األمم ببر المسيح، بل ويشعروا بالتزامهم بالكرازة به أآثر من غيرهم، اآلن

ح خالل آرسول لألمم يحذر بذات روح الحب أيضا األمم المتنصرين لئال يفقدوا بر المسي .آبريائهم أو استخفافهم بإخوتهم اليهود، موضحا خطة اهللا الفائقة نحو الكل

ال يرفض اهللا شعبه. 1

خاص األصحاحات السابقةمرة أخرى أود أن أؤآد أن حديث الرسول هنا آما في هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن آانت األصحاحات السابقة . بالشعوب آكل ال باألفراد

موجهة إلى الشعب اليهودي آي ال يستكبر بسبب انتسابه الجسدي ) 4-5-6-7-8-9-10(إلبراهيم، واستالمه الناموس الموسوي، واختياره آشعب اهللا، فإنه في هذه األصحاح يتحدث مع األمم فيحذرهم من إساءة فهم الحديث السابق لئال يستكبروا ويستخفوا باليهود،

السيد المسيح في أواخر الدهور، ويتراجعوا عن الجحود الذي معلنا أنهم البد أن يقبلوابمعنى آخر حين يحدث اليهود يوبخهم ليفتحوا قلوبهم بالحب لألمم، وحين . يمارسونه اآلن

يحدث األمم يوبخهم ليفتحوا قلوبهم لليهود الراجعين باإليمان هللا، يود أن يرى البشرية .حب والتواضع لئال يهلك أحد بسبب التشامخ والعجرفةآلها تسند بعضها البعض بروح ال

في هذا األصحاح يعطي الرسول رجاء لليهود ليتخلوا عن جحودهم للمسيا وتعصبهم .البغيض، آما يقدم تواضعا لألمم الذين دخلوا إلى اإليمان بالتطعيم في الشجرة األصيلة

:يليها شرح تفصيليبدأ الرسول حديثه بسؤال مع إجابة سريعة قاطعة

.ألعل اهللا رفض شعبه؟ حاشا: فأقول"

.بنيامين سبطألني أنا أيضا إسرائيلي من نسل إبراهيم من

.لم يرفض اهللا شعبه الذي سبق فعرفه

Page 195: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

195  

أم لستم تعملون ماذا يقول الكتاب في إيليا؟

:آيف يتوسل إلى اهللا ضد إسرائيل قائلا

ك،يا رب قتلوا أنبياءك، وهدموا مذابح

وبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي؟

لكن ماذا يقول له الوحي؟

.أبقيت لنفسي سبعة آالف رجل لم يحنوا رآبة لبعل

.]5- 1" [فكذلك في الزمان الحاضر أيضا قد حصلت بقية حسب اختيار النعمة

: أما من جهة إسرائيل، فيقول": خشى الرسول لئال يساء فهم اقتباسه من إشعياء النبي، فيحسبون )2: 65؛ إش 21: 10رو ( "ول النهار بسطت يدي إلى شعب معاند ومقاومط

ألعل اهللا رفض شعبه؟ : أنه يغلق الباب على إسرائيل مزدريا به، لذلك أسرع بهذا السؤال !حاشا: وجاء بإجابة حاسمة

:جاءت اإلجابة بعد ذلك بدقة بالغة وبدالئل، إذ يالحظ فيها اآلتي

" شعبه"أن الرسول عند إجابته لم يقل [299]يوحنا الذهبي الفم القديسيقول :أولافإن الذين قبلوا اإليمان من اليهود هم ].2" [شعبه الذي سبق فعرفه": فحسب بل قالآأن وعد اهللا قائم وقد تحقق حتى في ! لدى اهللا، هذا هو شعبه" معروفون"قليلون لكنهم

ال يشغل اهللا ضخامة العدد، لكنه يطلب أبناء أمناء وإن . قليلوناليهود وأن الذين تمتعوا به .آانوا قلة

شعب اهللا معروف لديه، يعرف عددهم، ويناديهم بأسمائهم، وإن آانوا قلة مخفية آما في أيام إيليا حيث انحرف الشعب إلى العبادة الوثنية وقتلوا األنبياء وهدموا مذبح اهللا، لكن

لم يحن رآبة لبعل بل هو أمين في ) رجل 7000(محصيا لديه الشعب الحقيقي آانعبادته، لم يعرفه حتى إيليا نفسه الذي ظن أن الشعب آله قد هلك، فطلب لنفسه الموت،

).14، 4: 19مل 1( "بقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها": قائلا

Page 196: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

196  

السبعة آالف رجل الذين ال يحنون رآبهم ،"شعبه الذي سبق فعرفه"في آل جيل يوجد يشير إلى الكمال، ألن 7، فألن رقم 7000أما آونهم . لبعل، المعروفون هللا بأسمائهم

اإلنسان أآمل خليقة اهللا على األرض يحمل نفسا على صورة الثالوث، وجسدا من هذا 1000وأما رقم . 7برقم ) 4+3(، فيرمز لإلنسان بكليته )أربعة أرآان العالم(العالم

آأن رقم ). 10: 84مز (فيشير للحياة السماوية أو الروحية ألن يوما عند الرب آألف يشير إلى جماعة الكاملين روحيا، الذين تقدست نفوسهم وأجسادهم بالروح القدس 7000

أما آونهم رجالا فال يعني تمايز الجنس، . ليعيشوا بفكر روحي وعلى مستوى سماويما يعني أنهم يحملون الحياة الناضجة البعيدة عن لهو األطفال وعجزهم وعن تدليل وإن

).13: 16آو 1( "آونوا رجالا": لذا جاءت الوصية الرسولية. النساء وترفههم

:يقدم الرسول بولس ثالثة أدلة على عدم رفض اهللا لشعبه :ثانيا

سبطألني أنا أيضا إسرائيلي من نسل إبراهيم من ": يقدم نفسه دليلا على ذلك، إذ يقول. أيعني به غيره من اليهود المؤمنين بالسيد المسيح سواء في " أيضا"بقوله .]1[ "بنيامين

آنيسة رومية أو غيرها، فقد أوضح أن اهللا ال يزال يحقق مواعيده لشعبه، وأنه هو من نسل إبراهيم وليس دخيلا، وقد نال الوعد بل وصار بنيامين سبطإسرائيلي حقا من

لو أن اهللا ... يقول أنا المعلم والكارز[: يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . آارزا بهرفضهم لما اختير هو نفسه الذي من هذا الجنس ليقوم بالكرازة واالهتمام بشئون العالم

.][300]وآل األسرار والتدبير الشامل

عن إيليا النبي الذي ظن ) 19ص (ما الدليل الثاني فهو ما ورد في سفر ملوك األول أ. بيا رب قتلوا أنبياءك وهدموا : "في نفسه أنه لم يعد يوجد بعد شعب مختار هللا إذ يقول

لقد اختفت الكنيسة حتى عن عيني ]. 3[" وهم يطلبون نفسي مذابحك، وبقيت أنا وحديوآان هذا نبوة ورمزا للشعب اليهودي . لكنها لن تختفي عن عيني اهللاإيليا النبي الغيور،

الذي قاوم السيد المسيح وقتلوا تالميذه وأرادوا تحطيم مذابحه الحية، وظهر الكل آهالكين، لكن من بينهم آان التالميذ الذين من أصل يهودي وقد قبلوا الرب وشهدوا له،

.إن قورنوا بالجاحدين يحسبون قلة وأيضا وجد آثيرون آمنوا وإن آانوا

إن آنتم ال تعرفونهم فهذا ليس باألمر العجيب، فإن : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول النبي الذي آان رجلا عظيما وصالحا لم يعرفهم، لكن اهللا دبر آل األمور لنفسه حتى

"أنبياءك وهدموا مذابحكقتلوا ": اآلن يقرأ لهم الرسول العبارة... عندما لم يعرف النبيليظهر لهم في ألم أن ما فعلوه بالمسيح والرسل ليس باألمر الغريب، إذ اعتادوا على

Page 197: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

197  

الحظ آيف يوجه إليهم اتهاما قويا ال خالل بولس وال بطرس وال يعقوب ... ممارسة ذلكر عليهم وال يوحنا بل خالل من له أعظم تقدير عندهم، رئيس األنبياء، وصديق اهللا، الغيو

...حتى سلم نفسه للجوع من أجلهم، والذي ال يزال حيا حتى اليوم) 14: 19مل 1(جدا ألنكم " :بعبارة أخرى حين آتب إلى أهل تسالونيكى بهذا المعنى أيضا يقول الرسول

عشيرتكم تلك اآلالم عينها آما هم أيضا من اليهود، الذين قتلوا تألمتم أنتم أيضا من أهلوأنبياءهم واضطهدونا نحن، وهم غير مرضيين هللا، وأضداد لجميع )يسوع( الرب .] [301])15-14: 2 تس 1" (الناس

األصحاح الدليل الثالث على تتمة وعود اهللا لشعبه الذي سبق فعرفه فقد أورده في . جغبية أنا أغيرآم بما ليس أمة، بأمة ": ، إذ أعلن آلمات الرب على فم موسى النبيالسابق، موضحا ]36-11[، األمر الذي يشرحه بإسهاب في هذا األصحاح )19: 10( "أغيظكم

أن ما حدث من جحود بالنسبة ألغلبية اليهود يفتح باب مراحم اهللا أمام األمم حتى متى يتم ملء األمم، في آخر األزمنة، يرجع اليهود عن آبريائهم وجحودهم ليقبلوا اإليمان بالسيد

.المسيح

إذ أوضح الرسول بالدليل القاطع، خالل نفسه آمثال وخالل شهادة األنبياء، خاصة :ثالثاموسى وإيليا أن وعد اهللا قائم، وإن آان الذين تحقق فيهم الوعد قلة، فإن سر جحودهم هو

وعجزها عن معاينة اهللا ) القلب(أو بمعنى آخر فساد العين الداخلية " قساوة القلب" :هذا ما أعلنه الرسول بقوله. على أعماله الخالصيةوالتعرف

. فكذلك في الزمان الحاضر أيضا قد حصلت بقية حسب اختيار النعمة"

فإن آان بالنعمة فليس بعد باألعمال،

وإال فليست النعمة بعد نعمة،

وإن آان باألعمال فليس بعد نعمة،

.وإال فالعمل ال يكون بعد عملا

رائيل ذلك لم ينله،فماذا؟ ما يطلبه إس

.ولكن المختارون نالوه، وأما الباقون فتقسوا

Page 198: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

198  

أعطاهم اهللا روح سبات وعيونا حتى ال يبصروا،: آما هو مكتوب

.وآذانا حتى ال يسمعوا إلى هذا اليوم

.لتصر مائدتهم فخا وقنصا وعثرة ومجازاة لهم: وداود يقول

لتظلم أعينهم آي ال يبصروا،

.]11-5" [آل حين ولتحن ظهورهم في

هكذا يقدم لنا الرسول صورة واقعية لحال إسرائيل، إذ رفض غالبيتهم اإليمان، وقبل القلة أن يتمتعوا بالوعد آشعب اهللا الحقيقي، مقدما تفسيرا لسر جحود الغالبية، مدعما ذلك

.بشهادة العهد القديم نفسه عنهم

:يالحظ في هذه العبارات الرسولية اآلتي

البقية التي تتمتع بالخالص، تتمتع به خالل نعمة اهللا المجانية، وليس خالل حرفية . أأعمال الحرف القاتل : هذه األعمال تضاد النعمة. أعمال الناموس وال أعمال البر الذاتي

التي بال روح، واألعمال النابعة عن الذات، أما األعمال الروحية التي هي من صنيع .دس فينا فليست مضادة للنعمة بل تتجاوب معهاالروح الق

هنا مرة أخرى يثبت الرسول النعمة ويظهر قوتها، : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول لنقدم التشكرات أننا ننتسب للذين . هذه التي بها يخلص اإلنسان على الدوام وبدونها يهلك

بأعمالهم الذاتية بل بعطية يخلصون، وليس للذين يحسبون أنهم قادرون على الخالص ألن هذه التشكرات . ونحن بتقديمنا نقدم التشكرات ال بالكالم بل بالعمل والتصرفات. اهللا

أصيلة، إذ نمارس األمور التي يتمجد اهللا بها بالتأآد، ونهرب من األعمال التي تحررنا .][302]منها

ارتباط النعمة بالعمل الروحي الذي بإفاضة عن يوحنا الذهبي الفم القديسهكذا يحدثنا فإن الشكر الذي نقدمه هللا على عطية النعمة .يضاد أعمال البر الذاتي وأعمال الحرف

المجانية إنما يقدم خالل األعمال الروحية المقدسة بالرب والهروب من الشر الذي ة الفاضلة بالروح وآأن العمل الذي نمارسه سواء إيجابيا بممارسة الحيا. تحررنا منه

القدس أو سلبيا برفض الشرور التي حررتنا منها النعمة اإللهية، هذا العمل ال يضاد .النعمة اإللهية بل يمجد اهللا فينا

Page 199: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

199  

إن آانت النعمة اإللهية تجعل من اإلنسان الترابي األرضي آائنا سماويا، فالمرتل يعلن هذا هو . بالكالم بل بالحياة العاملة المجيدة، ال)1: 19مز ( "السماوات تحدث بمجد اهللا"

ما فعلته النعمة في نفس بولس الرسول التي صارت متأللئة بالمجد اإللهي خالل الحياة :الذهبي الفموآما يقول . العاملة بالرب، تجتذب الكثيرين إليها لمجد اهللا

نفوسنا ال تعادل . شرآان لبولس نفسا ال تقل عن السماء، قادرة أن تجتذب إليها آل الب[يتخطى سمو نفسه السماوات آلها لتتدخل ...!األرض، إنما آانت نفسه تعادل السماوات

!جمالها فائق يعلن عنه اهللا نفسه! في حديث مع المسيح نفسه

، أما بالنسبة له فاهللا يعجب به، إذ )7: 38أي (دهشت المالئكة عندما خلقت الكواآب ).15: 9أع ( "مختار ألن هذا لي إناء": يقول

وحتى وسط ! السماء تظللها السحب عدة مرات، أما نفس بولس فلم تظللها تجربة قطالعواصف آانت نفسه أآثر صفاء من السماء وقت الظهيرة، تضيء على الدوام قبل أن

الذي يشرق في بولس يبعث بأشعته التي تفوق غيم التجارب " الشمس"فإن . تلحقها غيوم: 12آو 2( "تكفيك نعمتي ألن قوتي في الضعف تكمل": لذلك يقول. أآثر بهاءلتضيء

9.(

إذن لنجاهد متمثلين به، وعندئذ تصير هذه السماء آال شيء، بل إن أردنا حتى الشمس .][303]والقمر أيضا، فإن هذه قد خلقت ألجلنا، ولسنا نحن ألجلها

نفوسنا سماء للرب، هذه التي تعمل في النفوس ليتنا نقبل عمل النعمة المجانية لتصير المتجاوبة معها بالحب العملي والجهاد الروحي القانوني، في غير اعتداد بالذات وال

.حرفية قاتلة

إذ أبرز الرسول قوة النعمة الفائقة أظهر سر جحود غالبية شعب إسرائيل، أال وهو . بي تغير القلب لتفتح بصيرته، وتدرك عمل اهللا طلبهم البر الذاتي، فلم ينالوا النعمة الت

.الخالصي

، ألنه طلب أن يتبرر بأعمال ]7" [فماذا؟ ما يطلبه إسرائيل ذلك لم ينله: "يقول الرسول .الناموس الحرفية وسعي ببره الذاتي فحرم من عطية البر

Page 200: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

200  

ونالت النعمة اإللهية هذه القلة التي قبلت اإليمان بالمسيح . ]7" [ولكن المختارون نالوه"ما ذنبنا نحن مادمنا غير : "ولئال تعترض األآثرية، قائلة. تمتعت بالخالص آفئة مختارة

إن ]. 7" [الباقون فتقسوا وأما: "مختارين؟ لذلك آشف الرسول عن دورهم في الجحود .آانت النعمة هي عطية اهللا المجانية فإن قسوة القلب هي من عندنا

حق، ولم يتجاوبوا من نعمة اهللا المجانية، لذلك ترآوا لفساد قلبهم القاسي، لقد قاوموا الاألمر الذي سبق فأنبأ عنه . فانطمست بصيرتهم الداخلية وعجزوا عن االستماع لصوته

أعطاهم اهللا روح سبات، وعيونا : آما هو مكتوب: "األنبياء، وقد لخصه الرسول بقوله: إذ جاء في العهد القديم ،]8["ال يسمعوا إلى هذا اليوم حتى ال يبصروا، وآذانا حتى

ولكن لم يعطكم "، )9: 6إش " (اسمعوا سمعا وال تفهموا، وأبصروا إبصارا وال تعرفوا"اآلن ). "4: 29تث " (الرب قلبا لتفهموا، وأعينا لتبصروا، وآذانا لتسمعوا، إلى هذا اليوم

).10: 29إش " (الرب قد سكب عليكم روح سبات وأغمض عيونكم

لهم الرسول أنهم إذ رفضوا عمله فيهم صاروا إلى حال رديء، إذ صارت هكذا يوضحالذي " روح السبات"نفوسهم ال ترى الحق وال تسمع له، بل صارت نائمة وخاملة تحمل

أما ثمر هذا فقد أعلنه داود النبي . يعني عدم التغيير، أو االستكانة لما هي عليه من شربمعنى أنهم ). 22: 69مز ( ]9[" عثرة ومجازاة لهملتصر مائدتهم فخا وقنصا و: "هكذا

وهم مطمئنون ومستكينون للشر تحل بهم النكبات وسط والئمهم، فيتحول فرحهم إلى غم، هنا إلى رموز العهد القديم ونبواته، فإنها مائدة " مائدتهم"تشير . وسالمهم إلى ضيق

، أما وقد "لسيد المسيح نفسهشخص ا"مشبعة إن قدمت بطريقة روحية، إذ تقدم لنا تمسكت هذه األغلبية بالحرف القاتل فصار ما هو للبنيان علة هدم لهم، بل وفخا وعثرة

باألآثر إلى ذبيحة الفصح التي غايتها الشرآة مع " مائدتهم"وربما تشير . ومجازاة لهمؤالء الجاحدين، بدور اهللا خالل المصالحة بالدم الكريم، ففي الفصح قام يهوذا، ممثلا له

.الخيانة العامة عوض قبول المصالحة

لكن ": ، إذ أبقوا على برقع الحرف ورفضوا إبطاله، آقول الرسول"لتظلم عيونهم"حتى اليوم حين يقرأ موسى البرقع موضوع على قلبهم، ولكن عندما يرجع إلى الرب

حرية، ونحن جميعا يرفع البرقع، وأما الرب فهو الروح، وحيث روح الرب هناكناظرين مجد الرب بوجه مكشوف آما في مرآة يتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد

).18-15: 3آو 2( "إلى مجد آما من الرب الروح

Page 201: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

201  

عالمة الضعف والعجز الروحي والعبودية، فإن الخطية ثقيلة ومرهقة " لتنحن ظهورهم" .النعمةللنفس، والناموس يعجز عن أن يرفعها خارج

لم يستطيعوا أن يؤمنوا : [عن سر جحود إسرائيل، قائلا القديس أغسطينوسيحدثنا . جإن سألت لماذا لم . ألن إشعياء النبي تنبأ عن ذلك، وقد تنبأ ألن اهللا سبق فعرف ما سيحدث

ألنهم لم يريدوا، ألنه بالتأآيد آان اهللا يرى مسبقا إرادتهم : يستطيعوا؟ أجيب في الحال .][304]لتي فسدت، وقد سبق فأخبر بها النبي ألنه ليس شيء مخفيا عن اهللا

قبولهم خالل توبتهم. 2

سبق فتحدث الرسول عن رجوع اليهود عن جحودهم متى قبلوا ذاك الذي صلبوه وآمنوا أن شمشون اليهودي الذي قتل األسد، آان رمزا [305]القديس أمبروسيوسيقول . به

، وقد عاد شمشون ليجد في سبط يهوذالليهود الذين صلبوا السيد المسيح األسد الخارج من وآأنه يمثل اليهود الراجعين إلى ،)8: 14قض ( أحشاء هذا األسد مخزنا لعسل الحكمة

.السيد المسيح بالتوبة ليجدوا فيه آل لذة الحكمة وشبعها

يرى القديس بولس أن اهللا سمح بقسوة قلب اليهود لينفتح الباب لألمم، فإن عاد هؤالء :بالتوبة واإليمان إلى اهللا آم يكون حال الكل؟ إذ يقول

. اشاألعلهم عثروا لكي يسقطوا؟ ح: فأقول"

.بل بزلتهم صار الخالص لألمم إلغارتهم

!فإن آانت زلتهم غنى للعالم، ونقصانهم غنى لألمم، لكم باألحرى ملؤهم

.فإني أقول لكم أيها األمم إني أنا رسول لألمم أمجد خدمتي

لعلى أغير أنسبائى وأخلص أناسا منهم؟

لهم إال حياة من الموت؟ألنه أن آان رفضهم هو مصالحة العالم، فماذا يكون اقتبا

!وإن آانت الباآورة مقدسة فكذلك العجين

.]16-11!" [وإن آان األصل مقدسا فكذلك األغصان

Page 202: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

202  

:ويالحظ في هذه العبارات الرسولية اآلتي

األصحاحات أن الرسول بولس إذ آان في [306]يوحنا الذهبي الفم القديسالحظ : أولايوجه لليهود اتهامات متتالية لذا آان يستعين بشهادات األنبياء مرارا وتكرارا، السابقة

مثل إشعياء وإيليا وموسى وهوشع، أما اآلن إذ يستخدم أسلوب المالطفة معهم فال يجد .حاجة لالستعانة بشهادات نبوية

، ويستخدم عجيب هو اهللا في حبه وحكمته، يستخدم عثرة اليهود لخالص األمم :ثانياإنه صانع خيرات، يحول الشر آما . خالص األمم إلغارة اليهود ليرجعوا إليه بالتوبة

.الخير لبنيان البشرية فيه

ألعلهم عثروا لكي : فأقول: "على العبارة [307]يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق :ثالثا، قائلا بأن الرسول أراد ]11" [بل بزلتهم صار الخالص لألمم إلغارتهم! حاشا يسقطوا؟

أن ينزع عنهم روح اليأس ويهيئهم لقبول النعمة، مظهرا أن عثرتهم آانت بسماح إلهي آان يمكن للرسول أن يقول بأنهم تعثروا أو سقطوا عن اإليمان بسبب .لخالص األمم

غباوتهم، بينما تحقق خالص األمم بقبول األمم لإليمان، لكن الرسول أراد أن يرفع من .نفسيتهم حتى يقوموا من العثرة التي سقطوا فيها، معلنا أنها سبب خالص لألمم

مثال في األناجيل تقدم ذات المعنى، ففي مثل هذه ليست لغة الرسول وحده وإنما جاءت األ، )9: 22مت (العرس إذ رفض المدعوون الحضور دعي الذين في الشوارع والطرقات

: 21مت (وفي مثل الكرم إذ قتل الكرامون الوارث جاء صاحب الكرم بكرامين آخرين آان يجب أن تكلموا ": وإذ قاوم اليهود بولس مناقضين ومجدفين جاهر قائلا لهم). 38

أنتم أولا بكلمة اهللا، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة األبدية، من هذا يتضح أنه آان يجب أن تبدأ الكرازة بهم ). 46: 13أع (" هوذا نتوجه إلى األمم

لين، جاءهم ثم تتحول إلى األمم، لكنهم إذ رفضوا اإليمان تغير األمر ليصير األمم أويسوع فلم يقبلوه وال اهتموا بأعماله وآياته، بل صلبوه، فاجتذب األمم إليه، وصار

.اآلخرون أولين، حتى إذ يقبلوا اإليمان وينالوا المواعيد يغير اليهود فيؤمنوا

فإن آانت زلتهم ": على القول الرسولي يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق أيضا :رابعاهنا يتكلم : [، قائلا]12!" [ونقصانهم غنى لألمم، فكم بالحري ملؤهم؟ لم،غنى للعاألنه إن آان بتعثرهم تمتع آثيرون بالخالص، وبرفضهم صار آثيرون ... ليعظمهم

]؟[308]مدعوين، ماذا يكون الحال برجوعهم

Page 203: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

203  

فند حججهم ويالحظ في هذه العبارة الرسولية إذ يكتب برقة يرفع من نفسية اليهود بعد أن تحمل التعثر " زلة"فكلمة ". نقصانهم"، "زلتهم"معلنا جحودهم تحت اسمين آخرين

ربما يعني أن البعض آمن " والنقصان"الذي يمكن أن يصحبه قيام أو اشتياق للقيام، حتى يكمل الكل أو الغالبية بقبولهم " نقص"واآلخر لم يؤمن بعد لهذا فهم في حالة

جانب ومن جانب آخر، إذ يوجه هذا األصحاح لألمم يهبهم طمأنينة، إن هذا من. لإليمانرفض اليهود قد فتح لهم الطريق وعودتهم لإليمان ال يعني غلقه، بل بالحري اتساعه

.يفيض من البرآات السماوية

يوحنا الذهبي الفم القديسفكما يقول " تغيرهم"، "رجوعهم"، وليس "ملؤهم"أما قوله ر إلى رجوع الغالبية العظمى منهم في أواخر األيام لينضموا للذين سبقوا أن إنما يشي .قبلوه

:يقدم لنا الرسول سببين رئيسيين في خدمته لألمم :خامسا

التزامه بالعمل آرسول مفرز لخدمة األمم، يشعر بثقل المسئولية الملقاة على آتفيه من . أفإني أقول لكم أيها : "وآرسه لهذا العمل، لذا يقولقبل اهللا نفسه الذي أفرز من بطن أمه

لم يكن هذا الشعور يفارقه، مشتاقا أن . ]13" [خدمتي األمم بما أني رسول لألمم أمجديحتضن العالم األممي آله بين ذراعيه ليحملهم بالحب إلى الصليب، ويتمتعوا بعمل اهللا

.الخالصي

ته لألمم ما يثير غيرة اليهود، مشتاقا أن يقبلوا أما السبب الثاني، فهو يري في خدم. بأنسبائي وأخلص ) أجعلهم في غيرة(لعلي أغير : "النعمة التي قدمت لهم ورفضوها

في حرفيتها " أنسبائي"وقد جاءت الكلمة اليونانية التي ترجمة ،]14" [أناسا منهم !، إذ يدعو اليهود جسده"جسدي"

ودة اليهود الجاحدين إلى اإليمان بالسيد المسيح، فحسب هذا أراد أن يبرز قوة ع: سادساألنه إن آان رفضهم هو مصالحة العالم، : "العمل أشبه بالقيامة من األموات، إذ يقول

، آأن اهللا سيتمجد فيهم وتبتهج الكنيسة ]15" [األموات؟ فماذا يكون اقتبالهم إال حياة من .الكل ليراهم آمن هم قيام من األمواتفي العالم آله برجوع الجاحدين، ويتهلل

ال يتجاهل الرسول بولس الباآورة األولى، أي رجال العهد القديم من اليهود :سابعاواألنبياء، هؤالء الذين يشبههم الرسول بالباآورة المقدسة أو يعقوبو إسحقو آإبراهيم

العجين، وإن آان األصل وإن آانت الباآورة مقدسة فكذلك : "األصل المقدس، إذ يقول

Page 204: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

204  

آأنهم سيرجعون في أواخر الدهور ليحملوا ذات التقديس . ]16" [مقدسا فكذلك األغصان .الذي آان آلبائهم

قد أخذ هنا بالتفسير الحرفي للعبارة، قائلا بأن آباء يوحنا الذهبي الفم القديسإن آان بد أن يتقدس خاللها العجين آله، فإن وأنبياء العهد القديم يمثلون الباآورة المقدسة التي ال

يرى في الباآورة إشارة إلى آلمة اهللا الذي اتخذ لنفسه جسدا، [309]القديس إيريناؤسنفس القديس غريغوريوس أسقف نيصصويقدم لنا . أي حملنا نحن العجين فيه لتقديسنا

: المعنى إذ يقول

.وأبيها إذ صرت بكرا أقدم في آل البشرية إللهها[

جعل البكر اهللا الحقيقي إلها للبشرية، واآلب الصالح أبا لها، وصارت الطوباوية مؤآدة . للطبع البشري آكل

إن آانت الباآورة ": بواسطة البكر صار اهللا الحقيقي اآلب أبا وإلها لكل البشرية، ألنه "مقدسة فكذلك العجين

].[310]م للمسيححيث يكون المسيح البكر يكون أيضا من ه

].[311]يقدس العجين آله بواسطة بكره في نفسه[

ذاك الذي صار ألجلنا شريكا لنا في الدم واللحم يشفينا ويردنا إلى الموضع الذي شردنا [ .] [312] )14: 2عب (منه، وصرنا مجرد لحم ودم بالخطية

أي آمال بشريتنا، فتتحول لنقبل مسيحنا الباآورة القادر أن يقدس عجين حياتنا آلها، نفوسنا وأجسادنا وأفكارنا وقلوبنا إلى مقدس للرب، ويعلن ملكوت اهللا فينا لنقبله أيضا

.بكونه األصل الحامل لألغصان، مقدسا إياها

بمعنى آخر، السيد المسيح هو سر تقديسنا، نحمله فينا آباآورة، ويحملنا فيه بكونه األصل اثبتوا في وأنا فيكم، " :فينا لتقديسنا، ونحمل به إلثمارنا، إذ يقوليختفي . حامل األغصان

ال يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة، آذلك أنتم أيضا إن الغصنآما أن أنا الكرمة وأنتم األغصان، الذي يثبت في، وأنا فيه، هذا يأتي بثمر آثير، . لم تثبتوا في

).5-4: 15يو ( "ن أن تفعلوا شيئاألنكم بدوني ال تقدرو

Page 205: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

205  

األمم زيتونة برية. 3

يقدم الرسول بولس لألمم المتنصرين تحذيرا لئال بعد ما طعموا في شجرة الزيتون األصلية وحسبوا أبناء إلبراهيم بسبب قبولهم اإليمان يسقطون في الكبرياء فينتزعون عن

:إذ يقول. هذه العطية

عض األغصان،فإن آان قد قطع ب"

وأنت زيتونة برية طعمت فيها فصرت شريكا في أصل الزيتونة ودسمها،

.فال تفتخر على األغصان

.]18-17" [وإن افتخرت، فأنت لست تحمل األصل، بل األصل إياك يحمل

:يالحظ في هذا التحذير اآلتي

، مع أن "قطع بعض األغصان" :أن الرسول قال يوحنا الذهبي الفم القديسيقول : أولاالغالبية قد قطعت عن األصل، وحرموا من انتسابهم إلبراهيم برفضهم اإليمان، وذلك

.ألنه يكتب بلطف لتعزيتهم حتى ال يسقطوا في اليأس

يشبه الرسول آنيسة العهد القديم بالزيتونة، ذات األصل المقدس ولها دسمها الروحي، جاءت غير مقدسة تستحق القطع، بينما يشبه األمميين بزيتونة وإن آانت بعض األغصان

برية ليس فيها ثمر وال دسم، باإليمان تمتعت بعض أغصانها أن تطعم في األصل المقدس .فحسب األمم أبناء إلبراهيم

" ال تستكبر بل خف ...ال تفتخر على األغصان: "يسأل الرسول األمم المتنصرين: ثانيا]18-20[.

، يتحدث ]20" [حسنا، من أجل عدم اإليمان قطعت: "ينما يوبخ اليهود على عدم إيمانهمبيطالبهم أال يتكبروا ". مخافة الرب"بحزم مع األمم أن يثبتوا في اإليمان الذي قبلوه خالل

لئال تنتزع النعمة اإللهية عنهم بل يخافون، ال الخوف النابع عن عدم اإليمان الذي تطرده أجعل مخافتي في ": ، وإنما مخافة الرب المقدسة، إذ قيل)18: 4يو 1(حبة خارجا الم

تمموا خالصكم بخوف ورعدة، ألن اهللا هو "، )40: 32إر ( "قلوبهم، فال يحيدون عني ).13-12: 2أف ( "العامل فيكم

Page 206: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

206  

بل نخف يلزمنا أال نستكبر وال نقسو على رجال العهد القديم، : [القديس إيريناؤسيقول لئال بعدما صرنا في معرفة المسيح إذ نرتكب ما يغضب اهللا ال ننال غفران الخطايا بل

).]23: 3رو( [313]نحرم من ملكوته

إن آان عدو الخير غلب الكثيرين من اليهود برفض اإليمان تماما، فإنه ال يلقي بسالحه ة اهللا يسندنا في الجهاد لكنه نوالنا نعم .أمام الذين يؤمنون، إذ يحاول تحطيمهم بالكبرياء

.يثير العدو علينا أآثر فأآثر، لذا يليق بنا أن نحذر مجاهدين بالنعمة عينها التي ننالها

أودك أن تخرجي من نذر البتولية ال : [إلى أوستوخيوم القديس جيرومبهذا الروح آتب )الكبرياء(لص إنك تسيرين حاملة ذهبا، تحفظي من طريق ال. بالكبرياء بل بالمخافة

[314][.

. لقد وهبنا اهللا نعمته الغنية لتعمل فينا إن تجاوبنا معها، فنحمل الثمار الروحية في حياتنافإن آان بالحق قد قطع األغصان . آرامنا يطلب الثمار: [القديس جيروموآما يقول

على هذا فإن الثمر عالوة . األولى ألنها آانت عقيمة فسيعاملنا بذات الحكم إن آنا بال ثمرال يخص الجسد وحده بل والنفس أيضا، فإنه بالتأآيد إذ يخدم الجسد الرب تخدمه النفس

].[315]أيضا مع الجسد

إن آان اهللا يطلب الثمر فإن الرسول يؤآد أن هذا الثمر يتحقق بالثبوت في لطف اهللا : ثالثابثبوتنا في هذا اإليمان المعلن خالل تجاوبنا ، فإن آنا باإليمان تمتعنا بنعمته الغنية، ف]22[

بمعنى آخر اهللا هو األول . مع نعمة اهللا بالحياة العاملة، ندخل باألآثر في دائرة لطف اهللافي طريق حياتنا، وهو الذي يكمل الطريق معنا، وهو النهاية أو الغاية، لكن دون سلبية

" اللطف، وإال فأنت أيضا ستقطع وأما اللطف فلك أن ثبت في": إذ يقول. من جانبنا]22[.

، إنما "هوذا أعمالك الحسنة، تأمل أتعابك: "لم يقل هنا: [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول نحو اإلنسان، مظهرا أن ما تتمتع به، ينبع بكليته عن النعمة التي " هوذا لطف اهللا: "يقول

خف، ألن البرآات ال تقطن فيك بثبات إن صرت متراخيا، وأيضا ... من فوق فترتعب .]"إن لم تستمر في اإليمان فستقطع": الشرور ال تثبت فيك إن تغيرت، لهذا يقول

توا في اإليمان بتمسكهم بنعمة اهللا وتجاوبهم في الوقت الذي فيه يحذر المؤمنين لكي يثبمعها عمليا حتى ال يقطعوا، يطلب من الجاحدين أال يثبتوا في الجحود، بل يتغيروا

Page 207: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

207  

وهم إن لم يثبتوا في عدم اإليمان سيطعمون، ألن اهللا قادر أن : "بقبولهم اإليمان، إذ يقول .]23" [يطعمهم أيضا

اإلنسانية، إذ يستطيع اإلنسان أن يثبت في اإليمان أو يترآه، هنا أيضا يؤآد حرية اإلرادةوأن يقبل الجحود أو يرفضه، ليس ألن اإلنسان قادر على ذلك بذاته، وإنما ألن اهللا فاتح

، دون تجاهل )13: 2أف (أحضانه باستمرار ليسند الكل، حتى في اإلرادة الصالحة ها أنت ترى عظم حرية : [ا الذهبي الفميوحن القديسوآما يقول . لحريته اإلنسانية

ها أنت . اختيار اإلنسان وعظمة فاعلية ذهنه، فإنه ليس شيء ثابتا ال الصالح وال الشرترى آيف يرفع من نفسية اإلنسان المحطم، ويحط من اآلخر الواثق في ذاته، فال تخور

].[316]عند سماعك عن صرامة اهللا، وال تنتفخ عند سماعك عن لطفه

ربما يستصعب الكثيرون عودة اليهود لقبول السيد المسيح الذي صلبوه وقاوموه : رابعاحتى بعد صعوده؛ هل يمكن لليهودي أن يقبل اإليمان المسيحي ويتخلى عن تعصبه؟ يجيب الرسول أنه إن آان اإليمان عمل فائق للطبيعة، إذ طعم أغصان الزيتون البرية في

ر، وحسب األمم الذين ورثوا الرجاسات الوثنية أبناء إلبراهيم روحيا، األصل الدسم المثمألنه إن آنت أنت قد قطعت من فهل يصعب عليه أن يرد األغصان الطبيعية إلى أصلها؟

الزيتونة البرية حسب الطبيعة وطعمت بخالف الطبيعة في زيتونة جيدة، فكم بالحري .]24" [عة في زيتونتهم الخاصة؟يطعم هؤالء الذين هم حسب الطبي

انتظار توبة اليهود. 4

؛ يقصد بالسر أمرا إلهيا بقي ]25[يكشفه " سرا"يعتبر الرسول بولس نفسه أنه يقدم مخفيا، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنه عمل يصعب على اإلنسان قبوله بحكمته

:البشرية، بنود هذا السر هي

ال آلي، إذ قبل بعض اليهود اإليمان بالسيد المسيح آالرسل جحود إسرائيل جزئي . أ ].25[ وغيرهم

].25[ينتظر اهللا ملء األمم . ب

.ببلوغ ملء األمم يعود إسرائيل، فيقبل اإليمان بالمسيح؛ هذا ال يعني جميع األفراد. ج

:على هذا الفصل بالعبارات التالية يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

Page 208: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

208  

أمرا غير معروف وغير منطوق به، ومدهش للغاية وال يتوقعه ] 25[يقصد بالسر هنا [: 15آو 1( "هوذا سر أقوله لكم، ال نرقد آلنا ولكننا نتغير": في موضع آخر يقول. أحد51.(

ما هو السر إذن؟

آمن يحط هنا يلقي بصفعة على اليهود، بينما يبدو ". العمى قد حصل جزئيا إلسرائيل أن". من شأن األمم، إذ عنى الرسول تقريبا بأن عدم اإليمان لم يكن جامعا وإنما آان جزئيا

سيخرج من صهيون المنقذ، ويرد الفجور : "ولقد قدم إشعياء شاهدا، هذا الذي صرخ قائلاإش (" هوذا هو العهد من قبلي لهم متى نزعت خطاياهم) "20: 59إش " (عن يعقوب

متى نزعت خطاياهم وليس عندما يقدمون ذبائح وال عندما : يقول). 31:31؛ إر 9: 27هذا الوعد لم يتحقق فيهم ألنهم لم ينالوا غفران . يمارسون أعمال الناموس األخرى

" من جهة اإلنجيل هم أعداء من أجلكم" .الخطايا بالمعمودية، لذلك فسينتهي هذه الوضعهم مسبيين، ومع ذلك فإن اهللا ال يريد أن يقطع دعوتكم ، ألنه عندما دعيتم أنتم آانوا ]28[

.بل ينتظر حتى يؤمن آل األمم وعندئذ يأتي هؤالء لإليمان

.][317]لم يبلغ الرسول النهاية عند رفضهم إنما ستعلن لهم الرحمة ثانية

خطة اهللا الفائقة. 5

من جهة أحكامه يختم الرسول بولس هذا األصحاح بذآصولوجية يعلن فيها مجد اهللا هذه الذآصولوجية تنبع عن قلب يتطلع إلى . الفائقة اإلدراك ومحبته الشديدة لكل البشرية

:نعمة اهللا وصالحه، برجاء عجيب في خالص العالم، إذ يقول مترنما

!يا لعمق غنى اهللا وحكمته وعلمه"

!ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن االستقصاء

ن صار له مشيرا؟ألن من عرف الرب؟ أو م

أو من سبق فأعطاه فيكافئ؟

.]36-33" [ألن منه وبه وله آل األشياء، له المجد إلى األبد؛ آمين

Page 209: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

209  

يتهلل الرسول بهذه التسبحة، مدرآا أن خطة اهللا تفوق إدراك الخليقة، ومحبته !عجيبة إذ به خلق العالم وألجله، يتمجد في خليقته أبديا

معلقا على هذه الذآصولوجية بأن الرسول وقد استعرض الذهبي الفميوحنا القديسيقول األزمنة السابقة وتأمل تدبير اهللا القديم الذي به يقوم العالم الحاضر، يدرك عناية اهللا

وفي رهبته الشديدة أمام . فيصاب برهبة، ويصرخ لكي يثق سامعوه أن ما قيل سيتحقق .هللا أعمال اهللا يقدم تشكرات وتمجيدات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 210: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

210  

12 الرسالة إلى أهل رومية

العملي الجانب 15 -12األصحاحات

الجانب العملي

الجوانب اإليمانية التي تمس خالص الكل، األصحاحات السابقةعالج الرسول بولس في مبرزا أهمية اإليمان الحي العامل بالمحبة على مستوى العمومية لكل األمم والشعوب بال

الحياة الجديدة "محاباة؛ قدمها ال بطريقة فلسفية جافة، إنما ممتزجة بالحياة العملية لتعلن آعادته إذ يكرس الرسول األصحاحات واآلن . آحياة إيمانية عملية" في المسيح يسوع

األخيرة من الرسالة للوصايا العملية، فإنه ال يقدمها في عزلة عن الجانب اإليماني، .بمعنى أنه ال يقدمها آوصايا أخالقية أو سلوآية بحتة، إنما من الزاوية اإليمانية

، "يل بولسإنج"بمعنى آخر إن آانت الرسالة إلى أهل رومية آما يدعوها البعض هي .فإن هذا السفر يقدم اإليمان عمليا، والوصايا إيمانية؛ يقدم الحياة آوحدة واحدة

األصحاح الثاني عشر

اليومية المؤمن والحياة

تكشف عن إمكانيات النعمة في حياة المؤمن، ففي هذا األصحاحات السابقةإن آانت األصحاح وما يليه يحدثنا الرسول عن ترجمة النعمة في حياتنا العملية، حتى ال نحرم من

ومن مأله نحن ": الثبوت في السيد المسيح والتمتع بنعم إلهية بال توقف، آقول اإلنجيل ).16: 1يو " (جميعا أخذنا نعمة فوق نعمة

:هذا األصحاح يحدثنا عنفي

Page 211: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

211  

تقديم الحياة آلها هللا. 1

يفتتح الرسول بولس هذا الفصل العملي ال بتقديم وصايا تفصيلية محددة، وإنما بتقديم رد الحب بالحب، وتسليم الحياة : الحياة آلها ذبيحة حب اهللا، معلنا لنا عن غاية الوصية

فأطلب إليكم أيها االخوة برأفة اهللا أن ": بكاملها لله، في أعماقها ومن جذورها، إذ يقول ].1" [موا أجسادآم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند اهللا عبادتكم العقليةتقد

إن آان آلمة اهللا المتجسد قد قدم لنا حبه عمليا بتقديم جسده ذبيحة حب على الصليب، هكذا يليق بنا خالل اتحادنا معه أن نحمل ذات فكره، فنقدم حبنا لله عمليا، بتقديم أجسادنا

من أجل اهللا، وآما " اإلماتة"ه، ال بذبح الجسد بطريقة مادية، وإنما بقبول ذبيحة حب لل ).36: 8رو ( "من أجلك نمات آل النهار، قد حسبنا مثل غنم للذبح": يقول الرسول

:يالحظ في هذه العبارة الرسولية اآلتي

ما يوصي آمقدمة لاللتماس الذي يرجوه، معلنا أن " ف"يبدأ حديثه بحرف العطف :أولابه هنا هو امتداد لحديثه السابق، فال انفصال بين حديثه اإليماني وحديثه السلوآي، إن صح هذان التعبيران، فال سلوك حي خارج اإليمان، وال حياة لإليمان الصادق بدون

.سلوك عملي

سادهم أو رأفته غير المحدودة، حتى يقدموا أج" مراحم اهللا"يسألهم أن يتطلعوا إلى :ثانيا ".ذبيحة حية": ولئال يظنوا أنه يسألهم ذبيحة مادية قال .ذبيحة

:يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

: ، فلكي يمنع آل أحد عن التفكير بأنه يطالبهم بقتل أنفسهم، أضاف"ذبيحة"إذ قال [تكم مقدسة، مقبولة لدى اهللا، عباد" :ولكي يميزها عن الذبيحة اليهودية، قال". حية"

من طلب هذا من " :يقول اهللا. وليست مقبولة تماما ألن ذبيحتهم آانت مادية، "العقليةذابح : "وبعبارات متنوعة استبعدها تماما وبوضوح، إذ يقول). 12: 1إش " (أيديكم؟

أسبح اسم اهللا بتسبيح، وأعظمه بحمد، فيستطاب عند "، )23: 50مز ( "الحمد يمجدنيوفي موضع آخر ). 31-30: 69مز " (الرب أآثر من ثور بقر ذي قرون وأظالف

هكذا ). 14: 50مز (؟ "هل آآل لحم الثيران؟ أو أشرب دم التيوس: "يزدري بها، قائلا ".ذبيحة حية"يأمرنا بولس أيضا أن نقدم أجسادنا

Page 212: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

212  

ف يصير الجسد ذبيحة؟آي: ربما يقال

!دع العين ال تنظر الشر، فتصير ذبيحة

!ال ينطق لسانك بدنس، فيصير ذبيحة

!ال تمارس يدك عملا محرما، فتصير محرقة آاملة

لكن هذا ال يكفي، إنما يجب ممارسة األعمال الصالحة، فتقدم اليد الصدقات، ويبارك الفم ألن الذبيحة ال تسمح بأمر دنس . فصول الكتاب المقدسمن يقاومه، وليجد السمع لذته في

.بل هي بكر األعمال

فمثل هذه الذبيحة مرضية، أما ! إذن لنقدم لله الباآورة بأيدينا وأرجلنا وفمنا وآل أعضائناال تكن ). 4: 9هو " (إنها لهم آخبز الحزن: "ذبائح اليهود فكانت غير طاهرة لذا قيل

.!..ذبائحنا هكذا

نارها ال تحتاج إلى خشب يوضع . يعة هذه الذبيحة جديدة ونارها من نوع عجيبشرهذه هي الذبيحة التي . تحتها، بل نارها حية فيها، ال تحرق الذبيحة بل باألحرى تحييها

؛ )17: 51مز ( "ذبيحة اهللا روح منسحق": لذلك يقول النبي. آان اهللا يطلبها منذ القديمفي ذلك الوقت ال يوجد رئيس وال نبي وال قائد وال : "دما قدموهاآما قال الثالثة فتية عن

محرقة أو موضع لنقدم فيه ذبيحة أمامك فنجد رحمة، لكننا نقدم قلبا منسحقا وروحا "...متواضعا فاقبلنا إليك

بهذا ال نحتاج إلى سكين أو مذبح أو نار، بالحري نحتاج إلى هذه آلها، لكنها ليست نحتاج إلى نار علوية، وسكين؛ هكذا مذبحنا هو . يدي، إنما تأتينا من فوقمصنوعة باأل !اتساع السماء

إن آان إيليا إذ قدم ذبيحة منظورة نزلت نار من فوقالتهمت آل الماء والخشب والحجارة، !][318]فكم باألآثر يحدث هذا بالنسبة لك

احضر تقدماتك؛ أي نوع : [لله، قائلاعن هذه الذبيحة التي نقدمها القديس جيروميحدثنا فالبتولية هي ذبيحة محرقة للمسيح، وآل طهارة سواء في ! من التقدمات؟ تقدمات نفسك

.][319]هي تقدمة ذبيحة للمسيح) الزوجية(الحياة البتولية أو الترمل أو العفة

Page 213: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

213  

راد الرسول أن يقدم ؟ بال شك أ"حياتكم"؟ ولم يقل "قدموا أجسادآم: "لماذا يقول: ثالثاالمؤمن آل حياته ذبيحة حب هللا، لكنه رآز هنا على الجسد، ألنه األداة التي تعبر عمليا

هذا من جانب ومن جانب آخر أراد أن . عما في القلب والفكر دون انفصال عن النفسذبيحة اهللا يقبل الجسد. ينزع األفكار الدخيلة من جهة احتقار الجسد واعتباره عنصر ظلمة

الجسد الذي يقدم ذبيحة حية مقبولة لدى اهللا، بال شك يستحق . حية، إذ يراه مقدسا له .بالنعمة أن يشارك النفس في المكافأة األبدية، فيقوم معها ليحيا أبديا في السماء

تقوم ، أي العبادة التي "العبادة العقلية"إن آان الجسد يقدم ذبيحة حية، إنما خالل :رابعا .وهي عبادة عقلية، إذ يتفهم المؤمن بالروح أسرارا إلهية. على فكر روحي أصيل

تجديد الخارج والداخل. 2

وال تشارآوا هذا الدهر،"

بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم،

.]2" [لتخبروا ما هي إرادة اهللا الصالحة المرضية الكاملة

نقدمها مقدسة للرب، فال تكون حياتنا على شاآلة أهل لكن نقدم حياتنا ذبيحة حب، يلزم أنالعالم الحاضر الذي يعيشون لحساب الجسد، ويطلبون الكرامات الزمنية، وإنما يلزم . تجديد الذهن الداخلي لنحمل ال إرادتنا الذاتية، بل إرادة اهللا الصالحة المرضية الكاملة

إرادته عاملة فينا، فتكون تصرفاتنا تجديد القلب والنفس على صورة خالقنا يهبنا .الخارجية أو سلوآنا الظاهر يمثل النقاوة الداخلية

آيف تقدرون أن تطيعوا بولس الذي يحثكم : [القديس غريغوريوس أسقف نيصصيقول على تقديم أعضائكم ذبيحة حية مقدسة مرضية إن آنتم تمتثلون بهذا العالم وال تتشكلون

، عندما ال تسلكون في جدة الحياة بل تبقون سالكين في روتين اإلنسان بتجديد أذهانكم ]؟[320]العتيق

"الروح القدس بين الميالد الجديد والتجديد المستمر:"آتابفي - في دراستنا للتجديد ميزنا بين التجديد الذي نناله في مياه المعمودية حيث يصلب اإلنسان العتيق وننعم باإلنسان الجديد الذي على صورة خالقنا يحمل قوة القيامة فيه، وبين التجديد الذهني المستمر خالل نمونا الدائم بنعمة اهللا الدائمة الحرآة فينا، ترفعنا من قوة إلى قوة، ومن

Page 214: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

214  

خالل هذا التجديد المستمر بعمل النعمة الدائم نمارس الحياة المقدسة . مجد مجد إلىإنكم تقدمون هذه الذبيحة لله، : [آبريانوس الشهيدلذا يقول . آذبيحة حب هللا ال تتوقف

وتحتفلون بها بغير توقف، نهارا وليلا، إذ صرتم ذبائح اهللا، مظهرين أنفسكم آتقدمات .][321]مقدسة بال عيب

بين الذين يشاآلون هذا العالم أو يحملون هيئته أو يوحنا الذهبي الفم القديسيقارن وبين الذين يتغيرون داخليا بتجديد أذهانهم، فيرى في األولين أنهم يحملون شكل " شكله"

العالم الزائل خالل األمور الظاهرة الوقتية، بينما اآلخيرون يحملون الحق األبدي في :يقول داخلهم، إذ

هذا العالم حقير وزهيد ووقتي، ليس فيه سمو وال استمرارية وال استقامة، ) هيئة(شكل [فإن أردت السلوك باستقامة ال تشكل نفسك حسب شاآلة هذه الحياة . إنما هو فاسد تماما

وفي )" هذا الدهر(شاآلة "لهذا يقول . الحاضرة، إذ ال يوجد فيها شيء باق أو مستقر )...31: 7آو 1(" هذا العالم تزول) أو شكل(ألن هيئة ": يقولموضع آخر

إن تحدثت عن الغني أو المجد أو جمال إنسان أو ترف أو ما يشبه ذلك من األمور إنها مجرد عرض وقناع . وليست حقيقة" شكلا مجردا"العظيمة التي تريدها تجدها

.وليست آيانا دائما

" بتغيير شكله"، لم يقل "يروا عن شكلكم بتجديد أذهانكمال تشاآلوا هذا الدهر، بل تغ"أما طريق الفضيلة فليس شكلا بل آيان " شكل"مظهرا أن طرق العالم هي " تغيروا"بل

...حقيقي يحمل جمالا طبيعيا خاصا به ال يحتاج إلى خداعات أو أشكال خارجية تزول

هل تخطيء آل يوم؟ هل ... مثلهاليس شيء أضعف من الرذيلة، وال ما يشيخ سريعا تجعل نفسك تشيخ؟ ال تيأس وال تخر، بل تجدد بالتوبة والدموع مع االعتراف وعمل

!][322]الصالح

أن من يحمل شكل العالم الحاضر يحمل طبيعته يوحنا الذهبي الفم القديسهكذا يرى ي، عوض الظالل الفانية، الفانية الزائلة، أما من يتجدد آل يوم بالتوبة فيلتقي بالحق األبد

بمعنى آخر من يرتبط بالخطية إنما تشيخ نفسه وتهلك، ومن يرتبط بالتوبة يتجدد مثل .، فيحمل فيه إرادة اهللا الصالحة المرضية الكاملة)5: 103مز (النسر شبابه الداخلي

Page 215: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

215  

التعقل في الجهاد. 3

اإلمكانيات الجديدة التي صارت لنا يطالبنا الرسول بولس بالحياة المقدسة في الرب خالل بتجديد أذهاننا يسألنا أال يرتئي أحد فوق ما ينبغي، لئال يظن في نفسه أنه أفضل من غيره، فإن آان الروح يعمل فيه بطريقة فائقة، لكن لكل واحد موهبته وقياس لقامته

ناله من نعم الروحية، فيسلك في جهاده الروحي بروح التواضعوالحكمة، بما يناسب ما ي .إلهية وعطايا

فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم، "

أال يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي،

].3" [بل يرتئي إلى التعقل آما قسم اهللا لكل واحد مقدارا من اإليمان

ألنه ليس بكيل يعطى اهللا ": حين قال يوحنا المعمدان: [القديس أغسطينوسيقول آان يتحدث بنوع خاص عن ابن اهللا الذي لم يتقبل الروح بكيل، ألن ،)34: 3يو ( "الروح

بكونه االبن الوحيد المساوي لآلب )... 9: 2آو (الروح يسكنه في آمال الالهوت أما بالنسبة لآلخرين، فيعطى الروح بكيل فائض حتى يبلغ آل واحد ... بالطبيعة ال بالنعمة

الذي يقسم إنما المواهب التي يمنحها الروح، إذ توجد مواهب آمال ملئه ليس الروح هو .][323] )4: 12آو 1(متنوعة ولكن الروح واحد

بهذا الملء الروحي نشتاق . إذن نحن ننعم بعطايا الروح، آل له موهبته وقامته لكي يمتلئنبلغ قياس أآثر لعمل الروح وعطاياه لنطلب أآثر فيهب، ونبقى في حالة نمو دائم، لعلنا

لكن شتان بين عالقتنا نحن بالروح وعالقة المسيح به، فنحن ننعم . ملء قامة المسيحبالروح آهبة مجانية وعطية ونعمة، أما المسيح فهو واحد مع اآلب والروح القدس في

.الالهوت

:على العبارة التي بين أيدينا، قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

". أقول بالنعمة: "، يعود هنا فيقول]1" [اهللا) مراحم(فأطلب إليكم برأفة : "قبلاإذ قال [إنه يريد أن يقول بأنه ليس أهلا أن ! فكر المعلم وروحه الخاضعة تماما الحظ تواضع

، ليقدم نصيحة أو مشورة، لذا يحمل معه تارة )من ذاته(يكون موضع ثقة بأي حال

Page 216: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

216  

إذ أتكلم ال أنطق بكلماتي بل : يود أن يقول. "النعمة"أخرى و )"الرأفة(مراحم اهللا " .بكلمة من عند اهللا

، وإنما "فإني أقول بالناموس المعطى من اهللا"، وال "فإني أقول بحكمة اهللا: "ال يقول، ليذآرآم على الدوام بالهبات التي قدمت لهم ليجعلهم أآثر خضوعا، "بالنعمة: "يقول

.لهذا السبب ملتزمون بطاعة ما يقال هناوليظهر لهم إنهم

ال أقول لهذا الشخص وحده أو ذاك، وإنما الحاآم والمحكوم، ،]3" [لكل من هو بينكم"للعبد والحر، لألمي والحكيم، للمرأة والرجل، للصغير والشيخ؛ ألن الشريعة عامة للكل،

....دروسه للجميع بهذا يجعل لغته ال تقبل المعارضة مقدما .إذ هي شريعة الرب

أي تواضع هنا يقدم لنا أم آل األعمال الصالحة، . "ال يرتئي فوق ما ينبغي": ألسمعفعندما صعد على الجبل وأخذ يقدم نسيجا من الوصايا السلوآية، قدم . ، ممتثلا بسيدهالفكر

أيضا بولس ، هكذا )3: 5مت " (طوبى للمساآين بالروح": في المقدمة هذا الينبوع، قائلاإذ يعبر من الجوانب التعليمية إلى الجوانب العملية يحدثنا عن الفضيلة بطريقة عامة، سائلا إيانا أن نقدم ذبيحة عجيبة، وإذ يود أن يقدم صورة خاصة بها بدأ بتواضع الفكر آما

]3" [ال يرتئي فوق ما ينبغي، بل يرتئي إلى التعقل: "من الرأس، مخبرا إيانا

وهو . لقد تسلمنا حكمة، ال لنستخدمها لكبريائنا، وإنما لنكون متعقلي الفكر: نه يعني القولإال يقول هذا لنكون منحطين في الفكر بل نكون متعقلين، قاصدا بالتعقل هنا الفضيلة

.الكلمة اليونانية للتعقل تعني فقط حفظ التعقل سليما... العاقلة والصحية في الذهن

ن لكي يظهر أن الذي ال يكون متواضعا هكذا ال يمكن أن يكون متعقلا، أي ال يكون ذا إذ ...يدعو إلى تواضع الفكر تعقلا... عقل رزين صحي

انظر آيف يستعرض بوضوح علة المرض لينزعه تدريجيا؛ فبعد ما قال أنه يجب أن ، ليقصد هنا العطية ]3" [اإليمان آما قسم اهللا لكل واحد مقدارا من: "نتعقل أردف قائلا

يالطف من له عطية أقل، ويجعل من له نسيب أآبر متواضعا، " قسم"بقوله . باإليمان؟ إن آان اإليمان الذي به ...ألنه إن آان اهللا يقسمها وهي ليست بجهادك الذاتي فلماذاتتكبر

][324]تتم المعجزات هو ذاته من اهللا فعلى أي أساس تنتفخ؟

Page 217: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

217  

تنوع المواهب. 4

، فيكون لنا الفكر المتعقل، مدرآين ]2[اآلن إذ سألنا أن نحمل تجديدا حقيقيا في الداخل بروح التواضع أن ما نحمله حتى من إيمان هو عطية إلهية، ليس لنا أن نفتخر بها آما لو

اد، معلنا أن آانت من عندنا أو باستحقاقنا، فعلى هذا األساس المتين يطالبنا بالعمل والجهبمعنى آخر إن تجديدنا الداخلي وتواضع فكرنا . يضرم آل واحد موهبته حسبما وهبه اهللا

يلهب قلبنا للعمل ليس حسب هوانا بل حسب عطية اهللا لنا التي تتكامل مع عطاياه إلخوتنا، وتتناغم معها بروح واحدة آل يعمل في مجاله بفرح وبهجة قلب، فال يحسد من

فإن المواهب متنوعة ... فضل منه في الموهبة وال ينتفخ على من يظنه أقل منه فيهايظنه أفإنه آما ": ؛ هي عطية النعمة اإللهية، إذ يقول الرسول)4: 12آو1(ولكن الروح واحد

في جسد واحد لنا أعضاء آثيرة، ولكن ليس جميع األعضاء لها عمل واحد، هكذا نحن سيح وأعضاء بعضا لبعض، آل واحد لآلخر، ولكن لنا الكثيرين جسد واحد في الم

.]6-4" [مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا

: 12آو 1(التشبيه الذي استخدمه الرسول هنا يرد أيضا في رسالته إلى أهل آورنثوس حيث يبرز الرسول جمال الكنيسة في وحدتها وتكامل أعضائها معا بكونهم ) الخ 12

!هذا المفهوم هو عالج لكل نفس متشامخة على إخوتها... متنوع المواهب جسدا واحدا

:يوحنا الذهبي الفم القديسيقول

. عظيمة هي قوة هذا الدواء، وعظيمة هي قدرة هذا التشبيه، في عالج مرض الكبرياء[ والصغير؟لماذا تنتفخ؟ أو لماذا يحتقر آخر نفسه؟ أليس جميعنا جسدا واحدا، العظيم منا

إن آنا في مجموعنا واحدا، وأعضاء لبعضنا البعض، فلماذا تعزل نفسك بالتشامخ؟ لماذا .تهين أخاك؟ فكما هو عضو لك أنت عضو له

األول إننا أعضاء بعضنا لبعض، ليس : أمرين يكسران الروح المتكبر) الرسول(لقد قرر بل توجد . والثاني إننا جسد واحدفقط الصغير عضو للكبير وإنما الكبير أيضا للصغير،

...نقطة ثالثة، وهي أن العطية من قبل النعمة، لذلك ال تستكبر، ألنها معطاة لك من اهللا

أيضا إذ يمس موضوع المواهب ال يقل أن أحدا أآبر وآخر أصغر بل ماذا؟ المواهب .]"[325]مختلفة"ليست أقل وأعظم بل " لنا مواهب"آلماته هكذا !مختلفة

Page 218: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

218  

:اآلن يقدم لنا الرسول عينات من المواهب

].6" [اإليمان أنبوة فبالنسبة إلى: "أولا

ماذا يعني بالنبوة؟ ال يعني مجرد الكشف عن أحداث مقبلة في هذا العالم، إنما غاية النبي الحقيقية هي إعالن أسرار اهللا نحو اإلنسان، لبنيان الكنيسة، وتمتع البشرية باألمجاد

".المجد األبدي"المقبلة، أي الكشف ال عن أحداث زمنية، وإنما عن

في العهد القديم آان عمل األنبياء الرئيسي هو االنطالق بشعب اهللا إلى ترجي مجيء المسيا المخلص خالل الرموز والظالل والنبوات بطريقة أو أخرى، أما وقد جاء السيد

خول بالنفوس إلى مجيئه األخير لتنعم بشرآة المسيح صارت النبوة في جوهرها هي الد .الميراث معه

هذا العمل ليس بشريا، إنما هو عطية اهللا للناطق والمستمع، لذا تحتاج إلى اإليمان في .حياة االثنين لينعما بهذه البرآة اإللهية

قف وإن آانت عطية لكنها ال تسكب جزافا، إنما يتو: [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول .][326]قياسها حسب مستقبليها، إنها تفيض متى وجدت أوان لإليمان قدر ما تتسع

].7[ "أم خدمة ففي الخدمة: "ثانيا

حقا . حتى الرسولية تدعى خدمة، وآل عمل روحي هو خدمة: [القديس الذهبي الفميقول يستخدم الكلمة ، لكنه هنا )أي الدياآونية(هي اسم خاص بوظيفة معينة " الخدمة"أن

.][327]بمعنى شامل

ليعمل فيما أوآل إليه، أي في الخدمة، عوض -أيا آانت رتبته -يقصد الرسول آل خادم !ليكون أمينا في خدمته أيا آانت هذه الخدمة. االنشغال بأعمال اآلخرين

].7[ "أم المعلم ففي التعليم: "ثالثا

وضع اهللا أناسا في الكنيسة، أولا رسلا، " :لمعلمينيميز الرسول بين الرسل واألنبياء واربما يختلف المعلمون عن األنبياء في ). 28: 12آو 1( "ثانيا أنبياء، ثالثا معلمين

.تخصصهم للعمل التعليمي البحت آدراسات روحية بناءة

Page 219: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

219  

، ثم األعظم "األنبياء"أن الرسول بدأ بمن هم أقل يوحنا الذهبي الفم القديسيرى حتى ينزع آل فكر للكبرياء بسبب نوعية " المعلمين"، ثم عاد إلى األقل "الرسل"

.الموهبة

].8[ "أما الوعظ ففي الوعظ : "رابعا

يقوم التمييز بين الواعظ والمعلم على أساس أن األول عمله الحث على التوبة، خاصة بين وإن آان غاية الكل هو التقاء آل . أما الثاني فيهتم بالفكر الدراسي الروحي. اهيرالجم

ربما عني بالوعظ الحديث التأملي العاطفي، أما التعليم فيقوم . نفس بالثالوث القدوس .باألآثر على دراسة موضوع معين

].8" [المعطي فبسخاء:"خامسا

الكرازة والتعليم والوعظ والعمل الرعوي بعد أن استعرض المواهب الروحية الخاصة بصار يتحدث عن العمل السلوآي آجزء ال يتجزأ من المواهب الروحية، فحين يحث

يعطي بحب آما . المعطي أن يقدم بسخاء، إنما يود أن يعلن له أن يكون أمينا في عطائه "العطاء أآثر من األخذمغبوط هو ": وآما يقول السيد. بغير آيل، يعطي بقلبه المتسع

، بمعنى إنه يعطي بفرح وتهليل، وال ينتظر أجرة؛ يشعر بلذة وبهجة )25: 20أع ( .روحية في عطائه أآثر مما في أخذه

.، ألن اإلنسان البسيط يهب بسخاء"المعطي فببساطة: "جاءت الترجمة اليونانية الحرفية

].8[ "المدبر فباجتهاد: "سادسا

.ألمور الكنسية عاملا باجتهاد روحي وغيرة مقدسةليكن المدبر ل

ال يفصل الرسول بين المواهب الكرازية والتعليمية والرعوية وبين الخدمات الحية فالكنيسة وإن ضمت أعضاء لهم مواهب متنوعة لكنها ما دامت تقدم . أو التدبير) العطاء(

.بروح اإلنجيل فهي متكاملة

].9" [فبسرورالراحم : "سابعا

Page 220: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

220  

ال يكفي أن نظهر رحمة، وإنما يليق بنا أن نقدمها [: يوحنا الذهبي الفم القديسيقول وقد رآز على ... باتساع، بروح سمحة، وليس فقط بروح سمحة بل بروح فرحة مبتهجة

من ": نفس النقطة بقوة عندما آتب إلى أهل آورنثوس ليحثهم على االتساع، إذ يقولآو 2( "فبالشح أيضا يحصد، ومن يزرع بالبرآات فبالبرآات أيضا يحصد يزرع بالشح

)... 7: 9آو 2( "ليس عن حزن أو اضطرار": ولكي يصحح مزاجهم يقول). 6: 9إن آنت حزينا آيف تقدر أن تسند . فإنك إن حزنت وأنت تصنع رحمة فأنت قاس وعنيف

، ألنه آيف يكون حزين "حم فبسرورالرا"؟ هذا هو السبب في قوله ...الذين هم في حزنمن يبقى آئيب النظرة وهو ينال غفران خطاياه؟ إذن ال ! المالمح من يتقبل الملكوت؟

فإن آان . بل في الفيض الذي تناله خالل اإلنفاق) عمل الرحمة(تفكر في إنفاقك المال من يفلح ، آم باألآثر الحصادالذي يبذر يفرح مع أنه يبذر وهو غير متأآد من جهة

بالفلسين حسبت األرملة أنها فاقت من ... السماوات؟ فإنك تعطي إنما القليل لتنال الكثير .][328]قدم وزنات آثيرة وذلك بسبب روحها المتسع

المحبة األخوية. 5

إذ حثنا الرسول على العمل، آل حسب موهبته، بروح متواضع، يسألنا أن نسلك بالحب عمليا بحب الخير لآلخرين وآره الشر، وتقديم اآلخرين في الكرامة، إذ األخوي مترجما

:يقول

.المحبة فلتكن بال رياء"

.آونوا آارهين الشر، ملتصقين بالخير

.وادين بعضكم بعضا بالمحبة

.]10-9" [مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة

حب هو الفكر السائد الذي إن آان التواضع هو الخط الواضح في إضرام المواهب، فإن اليربط الكنيسة معا في الرب آأعضاء حية متكاملة، تعيش معا بروح الكمال، منسجمة

.معا، تشارك بعضها البعض

Page 221: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

221  

يليق بالمسيحي أن يكون هادئا في صوته، ال يجيب [ :باسيليوس الكبير القديسيوصينا ) 5: 4في (ء يسلك بحلم أحدا أو يتصرف مع أحد بخشونة أو باستخفاف بل في آل شي

.][329]مكرما آل أحد

، مبرزا قوتها وفاعليتها بل وأبديتها، )13آو 1(حدثنا الرسول بولس بفيض عن المحبة ، ويرى )8: 4بط 1( "لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة": ويوصينا الرسول بطرس

نحن نعلم أننا قد انتقلنا من ": القديس يوحنا أن ممارسة الحب أشبه بتمتع بالقيامة، إذ يقول ).14: 3يو 1( "الموت إلى الحياة ألننا نحب اإلخوة

المحبة ليست عاطفة مجردة إنما هي تمتع والتصاق بالخير خالل اتحادنا بربنا يسوع بهذا تنبع المحبة من أعماق داخلية وشرآة مع اهللا، إذ ... الشرونفورنا من " المحبة"

- 7: 4يو 1( "ألن اهللا محبة ...آل من يحب فقد ولد من اهللا، ويعرف اهللا": يقول الرسول .]9" [المحبة فلتكن بال رياء: "هذا ما يعنيه الرسول بقوله). 8

، فإنك ال تبالي بالخسارة )المحبة(إن آان لك هذه : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول المادية وال بتعبك الشخصي، وال بجهادك في الكالم، ومشقاتك وخدمتك بل تحتمل هذا

.]هذا هو الحب، إن اقتناه أحد يقتني آل شيء بعد ذلك... لكي تساعد أخاك... آله بشجاعة

ارس الوصايا من له الحب الذي بال رياء يم نإ يوحنا الذهبي الفم القديسهكذا يرى السابق ذآرها، وأيضا يبغض الشر من أعماقه، إذ يصير غريبا عن األعمال الشريرة فحسب، وإنما يكون غريبا عن مجرد الميل إلى الشر؛ يدخل في عداوة وبغضة وحرب

.وال يقف األمر عند الجانب السلبي أي بغض الشر، وإنما يلتصق بالخير. ضد الرذيلة

ويكونا جسدا واحدا، هكذا يوصينا ) 24: 2تك (اإلنسان أن يلتصق بامرأته لقد أوصي اهللا .الرسول أن نلتصق بالخير، وآأنه زوجة نتحد معها ونصير واحدا معها

المودة األخوية وتقديم اآلخرين في الكرامة : يترجم الرسول هذه المحبة عمليا من جانبين، ويوصينا )7: 1بط 2(لنابعة عن الحياة التقوية ويوصينا القديس بطرس بالمودة ا]. 10[

).2: 3في ( "حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم: "القديس بولس بتكريم اآلخرين

، يعني آونوا "وادين بعضكم بعضا"حينما يقول : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول ال تنتظر أن يحبك الغير، بل اقفز نحوه بنفسك ولتكن أنت . أصدقاء وحارين أيضا

أظهر السبب لماذا يلزمنا أن نحب بعضنا بعضا . بهذا تحصد أجرة محبته أيضا. المبتدئ

Page 222: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

222  

مقدمين بعضكم بعضا : واخبرنا عن الطريق الذي فيه تلتهب المودة الثابتة، إذ أردف قائلاهذا هو الطريق الذي ينتج المودة، والذي فيه تسكن مودة بعد . ]10" [الكرامة في

.]ليس شيء يخلق أصدقاء مثل السعي بغيرة لتكريم اإلنسان قريبه. إنتاجها

حرارة الروح. 6

غير متكاسلين في االجتهاد،"

حارين في الروح،

].11" [عابدين الرب

لى عطايا اهللا الفائقة ونعمته العاملة فينا، لنضرم إن آان الرسول بولس قد رآز أنظارنا ع. مواهبه فينا بروح التواضع، ونسلك معا بروح الحب، فإن الحياة المسيحية جهاد ال ينقطع .هي انتهاز لكل فرصة للعمل بروح اهللا باجتهاد لنحيا ملتهبين بالروح، عابدين الرب بقوة

: وآما يقول الحكيم سليمان. ]11" [في االجتهادغير متكاسلين : "يحثنا على الجهاد، قائلا. اذهب إلي النملة أيها الكسالن"، )10: 9جا " (آل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك"

وأنتم باذلون ": ويوصينا القديس بطرس الرسول). 6: 6أم ( "تأمل طرقها وآن حكيمايها اإلخوة أن تجعلوا لذلك باألآثر اجتهدوا أ …آل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة

).10 -5: 1بط 2" (دعوتكم واختيارآم ثابتين، ألنكم إذ فعلتم ذلك لن تزلوا أبدا

:القديس يوحنا الذهبي الفميقول

؟ أي نكون ..."حارين في الروح، )في الغيرة( غير متكاسلين في االجتهاد"آيف نصير [لتحقيق تلك األهداف، ويصير إن سكن الروح فيك يجعلك صالحا ..... حارين ومتيقظين

.آل شيء سهلا بالروح والحب، وتتألأل أنت من آل جانب

إن آان روح اهللا نارا متقدة، فإننا إذ نتجاوب معه يلهب أعماقنا، ويحولنا إلى لهيب متقد، هذا اللهيب الروحي يعلمنا آيف نعبد الرب بالروح . ال تستطيع مياه آثيرة أن تطفئه

]].11" [عابدين الرب: "مل الرسول حديثه قائلاوالحق، لذا يك

:، قائلا"حارين في الروح": عن الوصية الرسولية القديس جيروميحدثنا

Page 223: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

223  

.][330]حارين في الروح، إنما يعني آونوا صادقين في الحكمة: عندما يقول الرسول[

خطية إال بعد أن ، فإننا ال نرتكب )12: 24مت (ليهبنا اهللا أال يزحف البرود إلى قلبنا [، فإن آان اهللا نارا إنما لكي ينزع برودة )24: 4تث " ( إلهنا نار آآلة" ...تبرد المحبة .][331]الشيطان

يلهبنا هذا الروح الناري، فنعبد الرب بالروح فوق حدود الزمن واألحداث، لنعيش بالروح :ناسيوس الرسوليالقديس البابا أثفي حالة نصرة دائمة وأعظم من نصرة، وآما يقول

يليق بك أن تظهر غيرة نحو . إن آنت تخش األزمنة وتعمل بجبن فذهنك ليس ناضجا[في هذه جميعها ": المسيح، وتواجه الظروف بشجاعة، مستخدما لغة الطوباوي بولس

]. [332]األآثر هنا هو أننا نعبد الرب ال الزمن). 37: 8رو " (نحن أآثر من غالبينفي النفوس الضعيفة غير الحارة إنها عبدة الزمن ال الرب، أثناسيوس الباباهكذا يرى

.تسلك في العبادة حسب الظروف واألحداث بروح الضعف ال الغلبة

الفرح في الرجاء. 7

إذ يلهبنا الروح القدس فنعبد الرب فوق حدود الزمن نمتلئ رجاء باألمور غير المنظورة ، إذ يقول بالصالة الدائمةفتفرح قلوبنا ويتسع قلبنا الحتمال الضيق، ملتجئين إلى اهللا

].12" [فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصالة: "الرسول

نصغ ولنبتهج في الرجاء حتى وإن آان الحاضر حياة ال ل: [القديس أغسطينوسيقول .][333]تحب وإنما تحتمل، إذ تكون لك القوة على احتمال آل تجاربها

أن الرسول في وصاياه هذه يقدم سلسلة من اإلمكانيات القديس يوحنا الذهبي الفمويرى :تعين المؤمن في جهاده، إذ يعلق على هذه العبارة الرسولية، قائلا

واحتمال التعب ] 8[فعندما طلب إنفاق المال . هذه األمور آلها هي وقود لهذه النار[وغير ذلك من األعمال يمد المصارع بالحب والروح ] 7[والتعليم ] 8[والتدبير باجتهاد

.خالل الرجاء

Page 224: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

224  

وقبل نوالنا األمور ! ليس شيء يجعل النفس شجاعة هكذا ومحبة للمخاطرة مثل الرجاءقبل نوالنا األمور المقبلة تتمتع ". صابرين في التجارب": جاها يقدم لنا مكافأة هيالتي نتر

.في الحياة الحاضرة بصالح عظيم خالل التجارب إذ تصير إنسانا صبورا ومجربا

"مواظبين على الصالة": يقدم لنا أيضا عونا آخر

رب تصقلك فتجعلك الحب يجعل األمور سهلة، والروح يعين، والرجاء ينير، والتجا .مجربا قادرا على احتمال آل شيء بشهامة، يرافق هذا آله سالح عظيم جدا هو الصالة

ها أنت تراه يقدم للمصارعة بكل طريقة قدما ثابتة، مظهرا أن الوصايا تمارس بطريقة ].[334]سهلة

الشرآة في احتياجات القديسين. 8

ذه الوصايا الرسولية، فأحد مالمح هذا الخط هو الخط الواضح في آل ه" الحب"إن آان . ]13" [مشترآين في احتياجات القديسين، عاآفين على إضافة الغرباء: "العملي هو

. هذا هو ثمر طبيعي للعضوية في الجسد الواحد، إذ يشارك العضو أخاه في احتياجاتهرح ال نرى ذلك واضحا في مساهمة أهل فيلبى في احتياجات القديس بولس الذي ف

أرسلتم إلي مرة ". بالعطية في ذاتها وإنما بثمر الحب المتكاثر، إذ آتب إليهم هكذافيمأل إلهي …ومرتين لحاجتي، ليس أني أطلب العطية، بل أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم

).19-16: 4في " (آل احتياجاتهم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع

:الفمالقديس يوحنا الذهبي يقول

مظهرا أنهم ينالون أآثر " مشترآين في احتياجات القديسين: "بل قال" معطين: "لم يقل[ ".شرآة"مما يهبون، فإن األمر هو تجارة، إذ هي

.هل قدمت لهم مالا ؟ هم يقدمونك شهما أمام اهللا

ا عليها، ليعلمن" عاآفين"بل " مضيفين للغرباء"لم يقل ". عاآفين على إضافة الغرباء"هكذا فعل . أال ننتظر أن يسألوننا، ال يأتون هم بل نحن نجري إليهم لنعكف حتى نجدهم

فقد قضى إبراهيم آل يومه منتظرا ضحية صالحة، وإذ رآها أسرع . لوط، وأيضا إبراهيميا سيد إن آنت قد وجدت ": إليها وجرى لاللتقاء بهم وسجد أمامهم إلى األرض، وقال

Page 225: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

225  

ليس آما نفعل نحن عندما نرى غريبا ). 3: 18تك " (جاوز عبدكنعمة في عينيك فال تتوبعد آالف التوسالت نلين فنأمر الخادم . أو فقيرا نقطب جبيننا وال نود حتى الحديث معه

].[335]أن يعطيه شيئا تافها، ظانين أننا قمنا بواجبنا

سمحوا له أن ألنهم Numidiaيشكر أساقفة نوميديا [336]القديس آبريانوسأرسل تشترك آنيسته من إخوة وأخوات وزمالء في المساهمة بدفع مبلغ إليهم لتحرير اإلخوة

هكذا آانت عادة الكنيسة األولى إنها تشعر بفرح شديد حين يسمح . الذين أسرهم البرارة .لها بمثل هذه الشرآة في خدمة القديسين

مبارآة المضطهدين. 9

يضطهدونكم،بارآوا على الذين "

].14" [بارآوا وال تلعنوا

فإننا إذ ). 28: 6؛ لو 44: 5مت (جاء الوصية اإللهية تأمرنا أن نبارك الذين يضطهدوننا آنا نستحق اللعنة، حملها السيد المسيح عنا على الصليب، ليهبنا برآته عاملة فينا، يليق

... يضطهدوننا، مبارآين إياهم بنا أن نرد له هذا العمل في خليقته التي يحبها فنحب الذينلقد صارت حياتنا بالمسيح تحمل برآته، فكيف نستطيع أن نلعن أحدا ؟ لذلك يقول معلمنا

من الفم الواحد تخرج برآة ولعنة؛ ألعل ينبوعا ينبع من نفس عين ": يعقوب الرسول ).11 -10: 3يع " (واحدة العذب والمر؟

ال تكن شتاما وال منتقما، وإنما سألنا ما هو : م يقلل: [القديس يوحنا الذهبي الفميقول فإن إنسانا يعمل بحكمة هكذا ، يمارس "..... بارآوا على الذين يضطهدونكم: "أفضل

الذين . لئال نمارس االثنين معا "ال تلعنوا"قال " بارآوا"بعد قوله . عمل المالئكةا فلتضف إلى المكافأة مكافأة أخرى فإن آنت متعقل. يضطهدوننا يمدوننا بمكافأة لحسابنا

هو يهبك االضطهاد، هب لنفسك مبارآتك لآلخرين، بهذا تقتني عالمة . تقدمها لنفسكفمن يلعن مضطهده يظهر أنه ال يسر باحتمال اآلالم من أجل . عظيمة جدا لمحبة المسيح

.][337]المسيح، هكذا من يبارك يظهر عظمة حبه للمسيح

الشرآة العملية. 10

].15" [فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباآين"

Page 226: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

226  

ال تقوم هذه الشرآة على فكر اجتماعي بحت أو مجامالت ظاهرية، وإنما عن شرآة .األعضاء التي تشعر ببعضها البعض

ربما يسهل على اإلنسان أن يحزن مع الحزين ويئن مع أناته، لكن يصعب جدا أن يفرح مية، فال يحسد أخاه على نجاحه، بل يفرح معه، حاسبا مع فرح أخيه، هذا يتطلب نفسا سافإن آان عضو واحد يتألم فجميع ": يقول الرسول. آل نجاح ألخيه هو نجاح لنفسه

األعضاء تتألم معه، وإن آان عضو يكرم فجميع األعضاء تفرح معه، وأما أنتم فجسد ).27-26: 12آو 1" (المسيح وأعضاؤه أفرادا

ليس شيء يثبت الحب بقوة مثل المشارآة في الفرح : [الذهبي الفم القديس يوحنايقول فعندما يتعب . ليس ألنك بعيد عن المتاعب تنعزل عن مشارآة اآلخرين أيضا. واأللم

شارآه دموعه لكي تسند روحه المنسحقة، وشارآه . قريبك احسب الضيق خاصا بكبهذا تخدم نفسك أآثر من خدمتك فرحه ليصير الفرح فيه عميقا متأصلا؛ ثبت المحبة إذ

إن آنت ... فبدموعك تصير أنت رحوما، وبمشاعر البهجة تنقي نفسك من الحسد والغم. لهال تستطيع أن تنزع عنه الشرور شارآه بدموعك، فتزيل عنه نصف الشر؛ وإن آنت ال

.][338]تستطيع أن تزيد خيراته فشارآه فرحه فتضيف إليه أمرا عظيما

اضعالتو. 11

مهتمين بعضكم لبعض اهتماما واحدا،"

غير مهتمين باألمور العالية،

بل منقادين إلى المتضعين؛

].16["ال تكونوا حكماء عند أنفسكم

) 4: 2في (، بل ما هو للغير ) 5: 13آو 1" (ال تطلب ما لنفسها"يحثنا على المحبة التي قريبه آنفسه، مهتما اهتماما واحدا، غير هذا هو الحب الذي به يحب اإلنسان . آأنه لنفسها

.مميز بين ما هو لنفسه وما هو لغيره

بهذا الروح ال يهتم المؤمن باألمور العالية، أي بغنى هذا العالم وأمجاده وآرامته، وال بمعاشرة األغنياء والعظماء ألجل غناهم وآرامتهم، بل ينقاد إلى النفوس المتواضعة وإلى

Page 227: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

227  

فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ": فكر المسيح، آقول الرسولالفقراء، حاملا أيضا الذي إذ آان في صورة اهللا لم يحسب خلسة أن يكون معادلا هللا، لكنه أخلى نفسه

وقد عاش السيد المسيح منقادا إلى المتواضعين، إذ ). 7 -5: 2في ( "آخذا صورة عبد ).5: 2يع " (العالم أغنياء في اإليمان ورثة الملكوت؟أما اختار اهللا فقراء هذا ": قيل

ال تكونوا حكماء عند ": لنقبل فكر المسيح هذا وال نسلك بالحكمة البشرية المتعجرفةأرأيت رجلا حكيما في عيني نفسه؟ الرجاء ": وآما جاء في سفر األمثال ،]16" [أنفسكم

جاهل قد يدرك جهله فيقبل المشورة، ، ألن ال) 12: 26أم ( "بالجاهل أآثر من الرجاء به .أما الحكيم في عيني نفسه فيعيش متصلفا ال يقبل مشورة اهللا وال نصح الكنيسة

:على هذه الوصايا الرسولية، قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق

مرة أخرى يرآز على تواضع الفكر، األمر الذي سبق فحث به، إذ آانت االحتماالت [أو ألسباب أخري ) آعاصمة الدول الرومانية(يمتلئوا تشامخا إما بسبب مدينتهم قائمة ألن .الباطل) المجد(ليس شيء يسبب انشقاقات في الكنائس مثل …متنوعة

؟ هل دخل فقير إلى ]16" [مهتمين لبعضكم البعض اهتماما واحدا: "ماذا يعني بقولهليس غني وال فقير في . مباهاة بغناكبيتك؟ تشبه به في سلوآك؛ ال تضع أشياء فاخرة لل

إن . ال تخجل من الفقير بسبب مالبسه الخارجية بل اقبله من أجل إيمانه الداخلي. المسيح... رأيته في حزن فال تمتنع عن مواساته، وإن رأيته فرحا فال تخزه بل شارآه فرحه

آمثال ". ا واحدامهتمين بعضكم لبعض اهتمام: "احمل في ذهنك ماله آما لك أنت، إذ قيل ...إن آنت تحسب نفسك إنسانا عظيما فاحسبه هو أيضا آذلك

، بمعنى انزل إلى ]16"[غير مهتمين باألمور العالية بل منقادين إلى المتضعين"تواضعهم وشارآهم، سر معهم؛ ال تتواضع فقط من جهة الفكر، وإنما آن معينا وابسط

هم شخصك أنت، آما يهتم األب بطفله، والرأس يدك إليهم، ليس آمن هم آخرون بل آأن )...3: 13عب(" آأنكم مقيدون معهم": وآما يقول في موضع آخر. بالجسد

تستطيعون العمل بذواتكم يقول ال تظنوا أنكم. ]16" [ال تكونوا حكماء عند أنفسكم": 5إش (" أنفسهم، والفهماء عند ذواتهم ويل للحكماء في أعين" :الكتاب في موضع آخر

يحسبون أنفسهم مختلفين عن غيرهم من البشر ليس شيء ينفخ البشر ويجعلهم)... 21لذلك وضعنا اهللا في مكان فيه يحتاج آل .مثل ظنهم أنهم قادرون أن يعملوا بذواتهم

أما إن حسبت نفسك في غير احتياج إلى لآلخر؛ فإن آنت حكيما تشعر أنك محتاج لآلخر،

Page 228: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

228  

نفسك أنك تنحط باحتياجك للغير، بل هذا ال تحسب... باء وضعفاالغير فأنت أآثر الناس غ .][339]وفي آمان أعظم باألآثر يمجدك، ويجعلك أقوى، وأآثر بهاء،

مسالمة الجميع. 12

.ال تجازوا أحدا عن شر بشر، معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس"

.إن آان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس

.تنتقموا ألنفسكم أيها األحباء بل أعطوا مكانا للغضبال

.لي النقمة أنا أجازي يقول الرب: ألنه مكتوب

فإن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه،

.ألنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه

]21-17"[ال يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير

، لذا أآتفي هنا )5ص (إلنجيل بحسب متى دراستنا لسبق لنا الحديث عن هذه الوصايا في :بإبراز النقاط التالية

يعتني اإلنسان المسيحي بأمور حسنة قدام جميع الناس، يهتم بالشهادة هللا محب :أولاال يتالئم هذا مع غايته وال مع طبيعته ... البشر، فال يجد مجالا لرد شر اآلخرين بالشر

.الجديدة التي تمتع بها

، إذ يليق بنا بذل آل "إن آان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس"ل يقو: ثانياالجهد لنكسب آل نفس بالحب والسالم، لكن هناك أوضاع يستحيل فيها ذلك مثل مقاومة الهراطقة لإليمان، إذ يستحيل أحيانا مسالمتهم ألنهم يخدعون البسطاء إلى الجحود أو

).15: 7آو 1(نيسة، أو إنكار أحد الزوجين اإليمان اإليمان المنحرف إن تسللوا إلى الك

ليتنا نبذل آل الجهد أن نسالم إن أمكن آل البشرية فننعم بسالم أورشليم السماوية فينا، من آان ليس في سالم مع أخيه فهو خارج تخوم :[القديس جيروموآما يقول

.][340]أورشليم

Page 229: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

229  

" أيها األحباء، بل أعطوا مكانا للغضبال تنتقموا ألنفسكم : "ماذا يعني بقوله :ثالثاإن آان يقصد به غضب اإلنسان، فيعني أن نحتمل غضبه بالصبر، ونقابل ثورته ؟]19[

تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك األيمن فحول له ال": بالحب آقول السيد المسيح ).39: 5مت ( "اآلخر أيضا

، بمعنى أال ينتقم اإلنسان لنفسه "اهللا غضب"إنه يقصد يوحنا الذهبي الفم القديس يرى .]اترآه هللا، ولتهتم أنت بأخطائك: [تارآا األمر هللا نفسه مدافعا عنه، إذ يقول

أبانا يعقوب آمثل حي للهروب من وجه أخيه عند غضبه، القديس أمبروسيوسيقدم لنا :إذ يقول

يدا من هي هذه األم؟ إنها جعلته يهرب بع) رفقة(الذي بمشورة األم ) إسحق(تمثل باألب [ "....الصبر"التي هي " رفقة"

فأشارت عليه (لقد أحبت األم ابنها لكنها فضلت أن يحرم منها عن أن يحرم من اهللا ).][341]بالهروب من الغضب

تعلم مشورة الصبر، مفضلا أن يهرب ليعيش في أرض غريبة عن أن يثير غضب أخيه، [ .][342]بهذا وجد نعمة عظيمة لدى اهللا. قد هدأولم يرجع حتى شعر أن أخاه

للعدو الجائع والماء الطعام؟ هل نقدم "تجمع جمر نار على رأسه"ماذا يعني :رابعا للظمآن بقصد إغاظته؟

أن الوصية بعيدة آل البعد عن هذا المفهوم، إنما ) 44: 5(دراستنا إلنجيل متى رأينا في .لعدو بالتوبة حتى يدرك حبك مقابل عداوتهتعني جمر نار روح اهللا الذي ينقي ا

.إنها تعني أنك تنقي عدوك من الخطية، ألن صبرك يغلب مشورته *

.بمعنى آخر، إنك تشفيه من رذائله بحرق حقده لترده بالتوبة *

حتى الناموس يعلمنا أن نحب العدو، فإن سقط حيوان العدو يلزمنا أن نرفعه، *فإن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه، ألنك إن فعلت هذا :" ويخبرنا الرسول

، ال بطريق اللعنة واإلدانة آما يظن غالبية الناس وإنما "تجمع جمر نار على رأسه .[343]بتهذيبه وجذبه إلى التوبة، فيغلبه الحنو، ويذوب بدفء الحب، فال يصير بعد عدوا

Page 230: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

230  

القديس جيروم

، فإن آان الشر ]21"[لبنك الشر، بل اغلب الشر بالخيرال يغ": يوصينا الرسول :خامسايجعل اإلنسان ضعيفا فال تقابل الضعيف بالضعف، إنما قابله باتساع القلب في نضوج

اإلنسان الضعيف ال يقدر أن .... بلطفنا نقهر غضبهم: [األب يوسفوآما يقول . الحبأما من آان غير خاضع . ثلهيعين الضعيف، وال من يعاني أمرا يقدر أن يشفي عليلا م

.][344]للضعف، فهذا يستطيع أن يقدم عالجا للضعيف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 231: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

231  

13 الرسالة إلى أهل رومية

والوطن المؤمنمظهرا آيف يليق به أن ) 12ص(سبق فتحدث الرسول عن المسيحي والحياة اليومية

تقديس جسده بالروح القدس، أو يترجم إيمانه عمليا في آل حياته، سواء في عبادته هللا أوفي عالقته بالمؤمنين آأعضاء معه في الجسد الواحد ثم مع جميع الناس حتى مضطهديه،

اآلن يحدثنا الرسول عن مرآزه آمواطن . مقدما بنعمة اهللا شهادة حية لمسيحه محب البشرن يدرك أن قلبه فإن آان المؤم. حي يشعر بالتزاماته نحو وطنه بروح التواضع واالحترام

قد انطلق نحو السماء ليجد له فيها موطنا أبديا، فهذا يزيده التزاما بالخضوع والحب ليشهد .للوطن السماوي خالل سلوآه العملي

للسالطين الخضوع. 1

لتخضع آل نفس للسالطين الفائقة،"

ألنه ليس سلطان إال من اهللا،

والسالطين الكائنة هي مرتبة من اهللا،

أن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب اهللا،حتى

].2-1" [والمقاومون سيأخذون ألنفسهم دينونة

بال شك آانت عالقة اليهود بالحكام غير اإلسرائيليين تمثل مشكلة، إذ تمسكوا بحرفية إنك تجعل عليك ملكا الذي يختاره الرب إلهك، من وسط إخوتك ": الوصية الموسوية

لقد ). 15: 17تث ( "يحل لك أن تجعل رجلا أجنبيا ليس هو أخاكتجعل عليك ملكا، ال أساء اليهود فهم هذه العبارة فكانوا يقاومون السلطات أينما وجدوا، وآانوا مثيري شغب

) 2: 18أع (إلى طردهم من روما آلوديوس قيصرفي روما حتى اضطر اإلمبراطور .م49حوالي عام

Page 232: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

232  

هن اليهودي بالسياسة، فحسبوا أن المسيا المخلص قادم لقد ارتبطت العقيدة الدينية في ذإلنقاذهم من السلطة الرومانية وبسط نفوذهم على مستوى العالم، األمر الذي دفعهم إلى

أما المسيحي فكمؤمن حقيقي يدرك . صلب ربنا يسوع المسيح إذ لم يجدوا فيه سؤل قلبهمفإن آنتم قد قمتم مع المسيح، ": لأن السماء هي دائرة اهتمامه الداخلي، آقول الرسو

"فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين اهللا، اهتموا بما فوق ال بما على األرضهكذا ينسحب قلبه إلى السماويات، مدرآا أن حياته آلها في يدي اهللا ). 2-1: 3آو (

بالسياسة، إذ وال يطمع المسيحي آمؤمن في مراآز زمنية، وال يرتبط إيمانه. ضابط الكل، ال تدخل في السياسة، وإنما "حياة سماوية"يرى في آنيسته ليست مؤسسة زمنية وإنما

.تقبل الكل بروح التواضع والخضوع والحب في اهللا

لتخضع آل نفس للسالطين، ألنه ليس سلطان إال من اهللا، : "آتب الرسول بولسلوقت الذي آان فيه نيرون ، ذلك في ا]1" [الكائنة هي مرتبة من اهللا والسالطين

إذ آان يؤمن إن نيرون أيضا بالرغم من شره قد أقيم بسماح . يضطهد الكنيسة بكل عنفإلهي لخير الكنيسة، وليس عمل الكنيسة أن تقاومه ال في الظاهر وال بالقلب، إنما ترد

.مقاومته بالحب والخضوع في األمور الزمنية مادامت ال تمس إيمانها باهللا

بي تملك الملوك، وتقضي العظماء عدلا، بي تترأس الرؤساء ": في سفر األمثال جاءقلب الملك في يد الرب آجداول مياه "، )16-15: 8أم (" والشرفاء، آل قضاة األرض

، لهذا ال تكف الكنيسة عن أن تصلي من أجل الرئيس أو )1: 21أم ( "حيثما شاء أن يميله .م الرب سالما وحكمةالملك ومشيريه ورجاله لكي يعطيه

إن آان يليق بنا أن : [عن خضوع الكنيسة للحكام، قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيحدثنا ؟ لقد ...نجازي الذين يضروننا بالخير فكم باألحرى يليق بنا أن نطيع من هم نافعون لنا

أن هذه التعليمات تشمل الكل آالكهنة والرهبان وليس فقط الذين ) الرسول(أظهر فإن آنت . ]1" [للسالطين الفائقة نفس لتخضع آل": إذ يقول... يمارسون أعمالا عالمية

.][345]رسولا أو إنجيليا أو نبيا، أو أيا آنت فلتعلم أن هذا ليس مدمرا للدين

هذه العبارة موضحاإننا نلتزم بالخضوع للرؤساء يوحنا الذهبي الفم القديسيفسر لنا يم من عند اهللا، وإنما والحكام، ألن هذا التدبير هو من اهللا، ال بمعنى آل ملك أو مسئول أق

لست أقول : ماذا تقول؟ هل آل حاآم اختاره اهللا؟ نجيب: [التدبير ذاته هو من اهللا، إذ يقولهذا، فإنني ال أتحدث عن أفراد وإنما عن المرآز نفسه، إذ يجب أن يوجد حكام ومحكومين، حتى ال تسير آل األمور في ارتباك، فيصير الناس آاألمواج يتخبطون من

Page 233: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

233  

" ألنه ليس حاآم إال من اهللا: "لذلك لم يقل. وهناك، هذا ما أقول عنه إنه حكمة اهللا هنازواج الرجل بامرأة ": وذلك آما يقول الحكيم". من اهللا ليس سلطان إال": وإنما يقول

، بمعنى أن اهللا أوجد الزواج لكن هذا ال )الترجمة السبعينية 14: 19أم " (من عند الربفإننا نرى آثيرين يتزوجون للشر تحت . يأتي بكل رجل يتزوج بامرأةيعني أنه هو الذي

.]شريعة الزواج، هذا ال ننسبه هللا

مظهرا أن الخضوع هنا ليس ألجل منفعة زمنية، وإنما يوحنا الذهبي الفم القديسيكمل ، لذا يليق بالمؤمن "طاعة في الرب"فالخضوع هنا ال يعني ضعفا بل . من أجل اهللا نفسه

فإن الحكام ليس خوفا لألعمال ": ي خضوعه أن يخاف ال من الناس وإنما من الشرفأفتريد أن ال تخاف السلطان؟ افعل الصالح فيكون لك مدح منه، . الصالحة بل الشريرة

ألنه خادم اهللا للصالح، ولكن إن فعلت الشر فخف، ألنه ال يحمل السيف عبثا إذ هو خادم لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط . لذي يفعل الشراهللا منتقم للغضب من ا .]5-3" [بل أيضا بسبب الضمير

هكذا يرفعنا الرسول من الخضوع عن خوف أو للتملق إلى الخضوع عن ضمير داخلي حق، فيكون خضوعنا للسالطين نابعا عن أعماقنا الداخلية، ممارسين الخير والصالح

هكذا يلتقي خضوعنا للسلطان بتقديسنا . جل الضمير الداخليوممتنعين عن الشر من أ .الداخلي

انظروا آيف يجعل : [على العبارة الرسولية السابقة، قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق ليس الحاآم ... منهم أصدقاء للحاآم، مظهرا أنه يمتدحهم من عرشه، فال مجال للغضب

!]اهو السبب في الخوف، وإنما شرن

الوطن أمانته نحو. 2

هذا . في خضوعنا للسلطان نمارس وصية إنجيلية آجزء ال يتجزأ من حياتنا الروحيةالخضوع ال يكون بالفم أو اللسان، وإنما بالعمل الجاد، بإيفاء الوطن حقه علينا، فبسرور

هم خدام اهللا فإنكم ألجل هذا توفون الجزية أيضا، إذ: "نقدم االلتزامات، إذ يقول الرسولمواظبون على ذلك بعينه؛ فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن

].7-6" [له الجباية، الخوف لمن له الخوف، واإلآرام لمن له اإلآرام

أن الرسول قد حول ما يراه الكثيرون ثقلا إلى راحة، فإن يوحنا الذهبي الفم القديسيرى هم خدام اهللا مواظبون "آان الشخص ملتزم بدفع الجزية إنما هذا لصالحه، ألن الحكام

Page 234: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

234  

، يسهرون مجاهدين من أجل سالم البلد من األعداء ومن أجل مقاومة "على ذلك بعينهبينما تدفع أنت الجزية لتعيش . وسهر فحياتهم مملوءة أتعابا. األشرار آاللصوص والقتلة

هذا ما دفع الرسول بولس أن يوصينا ال بالخضوع . في سالم يحرم منه الحكام أنفسهم ).2-1: 2تي 1(للحكام فحسب وإنما بالصالة من أجلهم لكي نقضي حياة هادئة مطمئنة

من جزية أو ، فما نقدمه "ردوا"هنا في األصل اليوناني تعني " أعطوا"هذا وإن آلمة تكريم للحكام ليس هبة منا، وإنما هو إيفاء لدين علينا، هم يسهرون ويجاهدون ليستريح

.الكل في طمأنينة

في " أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما هللا هللا": سبق لنا الحديث بإفاضة عن الوصية اإللهية ).17، 13: 2بط 1؛ 21: 22مت (تفسيرنا

أخذه الحاآم على النفوس والعقارات، أما الجباية فيأخذها هذا والجزية هنا يقصد بها ما ي .على التجارة

القريب التزامه بحب. 3

التزامنا نحو الوطن ال يقف عند الخضوع للسالطين ودفع التزاماتنا المادية آالضرائب وإنما يحب ال تكونوا مديونين ألحد بشيء إال بأن : "يمتد أيضا لحب آل إنسان، إذ يقول الرسول

].8" [بعضكم بعضا، ألن من أحب غيره فقد أآمل الناموس

ال يستريح المؤمن مادام عليه دين، فيبذل آل الجهد أن يفي دين اآلخرين عليه، ولعله يقصد هنا أنه يليق بالشعب أن يفوا الحكام الدين، ألن اآلخرين يبذلون آل الجهد

.ألجل سالم الشعب

في آل إنسان دينه، إنما نبقى نشعر بدين الحب نحو الكل على أي األحوال يليق بنا أن ن القديسوآما يقول . من أجل اهللا الذي أحبنا، فنعيش آل حياتنا نرد حب اهللا لنا بحبنا للناس

يريدنا أن نبقي على الدوام نفي الدين، وال [عن إيفاء دين الحب يوحنا الذهبي الفمأن نطلب من اهللا الحب حتى نقدر أن نفي القديس أغسطينوس يسألنا.] ينتهي [346]الدين

ألن من أحب غيره فقد "وحده، إنما نكمل الناموس آله، " الحب"بهذا الفكر ال نمارس مرة أخرى نناقش األعمال : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول . ]8" [الناموس أآمل

Page 235: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

235  

ألننا أعضاء لبعضنا البعض؛ إنك مدين ألخيك بالحب،... الصالحة، المنتجة لكل فضيلةإذن فلتحب أخاك، فإن آنت بصداقتك له تقتني . فإن ترآنا الحب تمزق الجسد إلى أشالء

.]إتمام الناموس آله فأنت مدين له بالحب بكونك تنتفع به

ألن ال تزن، ال تقتل، ال تشهد بالزور، ال تشته، وإن آان ": يوضح الرسول ذلك بقوله .]9" [أن تحب قريبك آنفسك: عة في هذه الكلمةوصية أخرى هي مجمو

إذ يمتليء القلب حبا حقيقيا، إنما يمتلئ باهللا نفسه الذي يشبع القلب والنفس والعواطف واألحاسيس، فال يحتاج اإلنسان إلى ملذات العالم وإغراءاته وال شهوات الجسد وال

!، ومبهج للحياةالحب مشبع للكيان اإلنساني. خداعات الخطية لتمأل حياته

بالحب أيضا نلتقي مع السيد المسيح محب البشر، فتصير الوصايا اإلنجيلية هي ناموس .حياتنا الداخلية، عندئذ يكمل فينا الناموس بكونه وصايا سهلة وهينة

المحبة ال تصنع شرا للقريب، فالمحبة هي تكميل : "يكمل الرسول حديثه، قائلا .]10" [الناموس

المحبة وهي أم آل فضيلة، ترفع اإلنسان في أعماقه فوق آل شر، ليحيا بالروح مكملا .الناموس

؟ وحيث ال يوجد الحب فأي شيء يمكن أن يكون ...حيث يوجد الحب ماذا نحتاج بعد *لكنه ال يحب، لكن ليس أحد يحب ما لم ) 19: 2يع (نافعا؟ فإن الشيطان يؤمن

.[347]يؤمن

غسطينوسأ القديس

بالحب تكمل )... الذي أآمل الناموس(المحبة هي تكميل الناموس، مثل المسيح * .[348]ال تزن، ال تشته امرأة قريبك، تلك الخطايا التي منعت قبال بالخوف: الوصايا

السكندري إآليمنضسالقديس

إن آان الحب . وقمتهاالحب هو بداية الفضيلة ونهايتها، الحب هو جذورها وأساسها * [349]هو البداية والتكميل، فماذا يعادله؟

يوحنا الذهبي الفم القديس

Page 236: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

236  

السماوي استعدادنا للوطن. 4

إن آان يليق بنا أن نكون أمناء بالنسبة لوطننا األرضي فنخضع للسالطين، ونقدم لهم اإللتزام ينبع عن الكرامة عمليا بالحياة الفاضلة، ونحب جميع إخوتنا آأنفسنا، فإن هذا

.أعماقنا الملتهبة بحب الوطن السماوي، وشوقنا الدائم لالستعداد لالنطالق إليه

هذا وإنكم عارفون إنها اآلن ساعة لنستيقظ من النوم،

.]11" [فإن خالصنا اآلن أقرب مما آان حين آمنا

، وآأنها "ساعة"لنكن أمناء ومحبين للكل ألن أيامنا على األرض مقصرة، هي مجرد .ساعة نوم نستيقظ لنجد أنفسنا مع اهللا وجها لوجه في ملكوته السماوي أبديا

يشعر الرسول أن آل يوم ينقضي إنما يدخل به إلى األبدية مقتربا من نهاية حياته الزمنية هذه ! آأنه يترقب خروجه من العالم يوما وراء يوم، وساعة بعد ساعة .لينعم بشهوة قلبه

؛ )29: 7آو 1( "الوقت منذ اآلن مقصر": احساسات الكنيسة األولى، إذ نسمعهي ).18: 2يو 1" (هي الساعة األخيرة"؛ )7: 4بط 1( "نهاية آل شيء قد اقتربت"

لذلك . لقد اقتربت القيامة، اقتربت الدينونة الرهيبة، اقترب اليوم الذي يحرق آأتون *أنظر آيف يضع القيامة قريبة جدا منهم، فاأليام تتقدم ...ناوجب علينا أن نتحرر من تغافل

فإنه ال يليق أن يكونوا في بداية ... لينتهي زمان حياتنا الحاضرة، والحياة العتيدة تقتربسعيهم غير ملتهبين غيرة وقد بلغ شوقهم آمال شدته، ليفتروا في غيرتهم مع مرور

يتراخوا بعامل الزمن، وإنما أن يزدادوا قوة أآثر إنما يجب أن يحدث العكس أال ... الزمنفكلما اقترب مجيء الملك يلزم باألآثر أن يستعدوا؛ آلما اقتربت المكافأة باألآثر . فأآثر

يصحون في صراعهم آما يحدث في المباريات حيث يزداد حماس المتسابقين آلمااقتربت .[350]نهاية المباراة

يوحنا الذهبي الفم القديس

قد تناهي الليل وتقارب النهار،"

فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور،

لنسلك بلياقة آما في النهار،

Page 237: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

237  

ال بالبطر والسكر، ال بالمضاجع والعهر،

وال بالخصام والحسد،

بل البسوا الرب يسوع،

.]14-12" [وال تصنعوا تدبيرا للجسد ألجل الشهوات

الحاضرة يتناهى، لكي يقترب نهار األبدية التي بال ليل، يرى القديس بولس أن ليل الحياة ، نلبسه فيحطم فينا "شمس البر"لذاالق بنا أن نتهيأ لهذا النهار فنحمل فينا السيد المسيح

.آل أعمال الظلمة، مشرقا علينا بأعماله المقدسة آأسلحة نور

الذي يعطي صوتا جميلا الرسول بولس هنا بالديك )الكبير(البابا غريغوريوس يشبه .[351]لنستيقظ عند انتهاء الظلمة، وحلول النهار في الفجر

لنمارس حياتنا هنا اآلن بنفس الطريقة التي سنحياها في النهار، أي في العالم * .[352]العتيد

جيروم القديس

إن آانت الظلمة قد رحلت عن صدرك، إن آان الليل قد تبدد من هناك، إن آان *قد طرد، إن آان بهاء النهار قد أنار حواسك، إن آنت قد بدأت أن تكون إنسان الظالم

.[353]النور، فلتمارس أعمال المسيح، ألن المسيح هو النور والنهار

آبريانوس القديس

األعمال نفسها تصرخ عاليا، إذ تجعلنا نسير في النهار، إذ تضيء يليق بنا أن نترك * .[354] )6: 5مت (أعمالك

السكندري إآليمنضسالقديس

].14" [بل البسوا الرب يسوع المسيح" *

Page 238: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

238  

نلبسه عندما نحب الفضيلة ونبغض الشر؛ عندما ندرب أنفسنا على العفة ونميت شهوتنا؛ اإلثم؛ عندما نكرم القناعة ويكون العقل راسخا؛ عندما ال ننسى الفقير عندما نحب البر ال

.[355]بل نفتح أبوابنا لجميع البشر، عندما نقبلتواضع الفكر وننبذ الكبرياء

البابا أثناسيوس الرسولي القديس

]12[" قد تناهي الليل وتقارب النهار" *

اليوم األخير يلزمنا أن نمارس األعمال التي على النهاية واقترب ) الليل(إذ أوشك هذا ...تخص األخير ال األول

لقد حل النهار، فنمارس أعمال : إذ يرحل الليل تماما يسرع آل منا نحو اآلخر، قائلاهكذا فلنخلع عنا ... نلبس، تارآين أحالمنا ونومنا ليجدنا النهار مستعدين النهار، آأن

الحياة الحاضرة، ولننزع عنا النوم العميق ونلتحف بثياب تخيالتنا، ولنترك أحالم هذه ...الفضيلة

نعم ألن النهار يدعونا أن . ]12" [فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور: "يقولال تخف عند سماعك األسلحة، ألن العدة المنظورة ). روحيا(نلبس األسلحة ونحارب

فمرغوب فيها، يستحق أن نصلي لنواله، ألنها ثقيلة وارتداءها مضني، أما األسلحة هناإنها تجعلك أآثر بهاء من أشعة الشمس وتهبك بريقا عظيما، وتقدم لك ! أسلحة من نور

!إنها أسلحة النور... أمانا

ليجعل حثه بعيدا " لنسلك"، بل قال "اسلكوا: "لم يقل... ]13" [لنسلك بلياقة آما في النهار" ...!لطيفا عن التعقيد وتوبيخه

ال يحدثهم عن أعمال معينة وإنما يثير فيهم .. ].14" [بل البسوا الرب يسوع المسيح"أمورا أعظم، ألنه حينما تحدث عن الرذيلة أشار إلى أعمالها، أما وهو يتحدث عن الفضيلة فال يشير إلى أعمالها بل إلى أسلحتها ليظهر أن الفضيلة تجعل صاحبها في آمان

أنه يقدم الرب نفسه آثوب، الملك نفسه، من يلتحف به تكون له ... وبهاء عظيمآامل .[356]الفضيلة مطلقا

يوحنا الذهبي الفم القديس

Page 239: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

239  

14 الرسالة إلى أهل رومية

واإلخوة المؤمنالكنيسة مستشفى لعالج آل مريض وليست محكمة إلدانة الناس، لذا يليق بالمسيحي أن

في اإليمان ليسنده بروح الحب ال اإلدانة، حتى يسير الكل في يترفق بأخيه الضعيف .طريق الخالص، وينعم الكل بالشرآة مع اهللا

ازدراء قبول الضعيف بال. 1

.نود قبل استعراض حديث الرسول بولس أن نفهم ماذا يقصد باألخ الضعيف

قامت بين إن الرسول بولس يعالج هنا مشكلة[357]يوحنا الذهبي الفم القديس يرى. أإذ خشي البعض لئال في أآلهم اللحوم يأآلون لحم . اليهود المتنصرين وبعضهم البعض

خنزير وهم ال يدرون فيكونوا آاسرين للناموس، وإذ آان ضميرهم متشككا تظاهروا بالصوم والتقشف فامتنعوا عن أآل اللحوم بالكلية، بينما آخرون أدرآوا إنهم في المسيح

لحرية من هذه الطقوس الحرفية، فصاروا يأآلون اللحوم أياآانت، ودخلوا يسوع نالوا افي صراع فكري ومناقشات مع إخوتهم المتظاهرين بالصوم، وهم في الحقيقة ضعيفو

في حكمة لم يرد الرسول أن يدخل في هذا الصراع وإنما حسب أن أمر األآل . اإليمانصار مقاوما ال لفكر هؤالء وال أولئك وإنما أتفه من أن يشغل فكر المسيحيين ووقتهم، ف

.يقاوم الصراع ذاته القائم بين الفريقين

بحكمة أيضا ظهر الرسول آمن ينتهر األقوياء الذين ال تتشكك ضمائرهم من جهة أنواع اللحوم، الزدرائهم بإخوتهم الضعفاء الذين يتشككون من أجل أحكام الشريعة الموسوية

لكنه . سلطانها زمانا قبل اإليمان المسيحي ويصعب عليهم التخلص منهاالتي عاشوا تحت في انتهاره هذا لم يعرج عن الحق، إذ آشف بلطف عن ضعف الضعفاء وتشككهم، مقدما

مظهرا أنهم فاقدو الصحة " ضعفاء"لهم العالج بطريقة غير مباشرة، بدعوتهم .اءومحتاجون أن يستندوا على الروح ليصيروا أقوي

يرى البعض إنهم مجموعة من المتنصرين من الفرقة اليهودية التي تسمى باألسينية، . ب-16: 2وآانوا يميلون إلى قهر الجسد بنسك شديد، وقد أشار إليهم الرسول بولس في آو

Page 240: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

240  

هذا ويقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس في حديثه عن يهود روما، أن بعضهمامتنع . 23 .ما خشية أن يتدنسوا بما هو نجس منهعن أآل اللحوم تما

يرى البعض إن هؤالء اإلخوة هم الذين حرموا أآل اللحم وشرب الخمر اللذين قدما . ج ).13-4: 9آو (في الهياآل الوثنية أولا ثم عرضا في السوق

على أي األحوال فإن ما ورد في هذا األصحاح هو دستور حي للمعامالت بين اإلخوة في لكنيسة المتفاوتي القامة الروحية، يكشف عن التزام الكل بترك المناقشات الغبية في ا

.الصغائر، واالهتمام بما هو لبنيان الكل بروح الحب الخالي من آل ازدراء أو إدانة

ومن هو ضعيف في اإليمان فاقبلوه ال لمحاآمة األفكار؛

لا،واحد يؤمن أن يأآل آل شيء وأما الضعيف فيأآل بقو

ال يزدر من يأآل بمن ال يأآل،

].3-1" [وال يدن من ال يأآل من يأآل، ألن اهللا قبله

:اآلتي] 9-1[يالحظ في هذا النص الرسولي وما يليه في هذا الشأن

إن آان أحد في ضعف إيمانه متشككا من جهة أآل اللحوم التي يحسبها الناموس : أولاتقبله الكنيسة دون أن . مقبول لدى اهللا، فال يليق رفضهنجاسة، فهو وإن آان ضعيفا لكنه

.تحطمه بمناقشات تحطم حياته

قد يوجهه أو يحثه على ما هو أفضل، . القوي بالضعيف" ال يزدر"يقول الرسول :ثانياوالعجيب إن الرسول بولس . لكن دون تشكيكه في أمر خالصه، ودون االستخفاف به

ي اإليمان من جهة عدم تشككه، ساميا فوق األعمال الناموسية وهو يمثل اإلنسان القوالحرفية، خضع لهذه األعمال ليس من أجل ضميره هو وإنما من أجل ضعفاء اإليمان

فإني إذ آنت حرا من الجميع، استعبدت نفسي للجميع ": إذ يقول. حتى ال يعثروا بسببههود، وللذين تحت الناموس آأني تحت ألربح األآثرين، فصرت لليهود آيهودي ألربح الي

صرت للضعفاء آضعيف ألربح الضعفاء، صرت ... الناموس ألربح الذين تحت الناموس ).22-19: 9آو 1( "للكل آل شيء ألخلص على آل حال قوما

Page 241: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

241  

بالتأآيد لم يكن مفيدا أن يختتن تيموثاوس، وال : [في نفس األمر، قائلا األب يوسفيحدثنا رأسه، وال أن يتبع التطهيرات اليهودية، وال أن يسير عاري القدمين، ) لرسولا(أن يحلق

وال أن يدفع النذور حسب الشريعة، إنما فعل هذا ألنه يطلب ال ما لنفسه بل ما هو .] [358]للكثيرين

، فإن الضعفاء في اإليمان الذين "ال يدن من ال يأآل من يأآل: "يقول الرسول :ثالثاهة األطعمة المحرمة ناموسيا صاروا يدينون اليهود المتنصرين، الذين لم تشككوا من ج

هكذا صار الضعيف ديانا . يعودوا يخضعون لهذه التشريعات حرفيا، وحسبوا أنهم نهمون .للقوي عوض مراجعته لنفسه فيما يتصرف

أن المؤمن الذي يحيا ال في بتولية الجسد بل [359]القديس أمبروسيوسيرى : رابعا يتزوج يكون آمن

يأآل بقولا؛ فال يليق بالبتول أن يزدري بالمتزوج، وال المتزوج أن يدن البتول، ألن اهللا .يقبل هذا وذاك إن سلكا بروح اإليمان المملوء حبا

إنه يليق بنا أال في حياة المؤمن مظهرا الطعامعن القديس إآليمنضس السكندرييتحدث . الطعام الحق هو تقديم الشكر: [نهتم باألطعمة الشهية حتى في إضافتنا للغرباء، إذ يقول

إن أردنا أن نحث أحد ضيوفنا على الفضيلة . فمن يقدم التشكرات ال يشغل وقته بالملذاتله في فلنحجم عن تقديم األطباق الشهية، فنظهر مثلا بهيا للفضيلة، إذ نعلن حبنا

.][360]المسيح

هو لمواله يثبت أو ! من أنت الذي تدين عبد غيرك؟": يكمل الرسول حديثه :خامساهنا يوجه الحديث للشخص . ]4" [ألن اهللا قادر أن يثبته يسقط، ولكنه سيثبت

الضعيفالذي يدين أخاه ألنه يأآل متهما إياه بالنهم، حاسبا في تصرفاته أنه إنسان ساقط، .نفسه موضع مواله ليحكم على اآلخرين، بينما يهتم المولى نفسه ليثبت المؤمنين فيضع

يعنيإن ثبوت اإلنسان في اإليمان يحسبه المولي مكسبا " هو لمواله يثبت أو يسقط"بقوله له، وسقوطه يحسبه خسارة، فاألمر خاص باهللا نفسه الذي هو سيد الكل، الذي يشتاق أن

.يربح لنفسه آل إنسان

هو المهتم . ليتنا ندرك هذا فندرك مدى شوق اهللا لثبوتنا فيه، وثبوت إخوتنا العبيد معنا فيه !األول عن خالص الكل، إن صح هذا التعبير

Page 242: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

242  

" واحد يعتبر يوما دون يوم وآخر يعتبر آل يوم، فليتيقن آل واحد في عقله: "سادسا]5[.

يرى البعض إنه يطبق ذات المبدأ الخاص باألطعمة ماذا يقصد الرسول باليوم هنا؟المحللة واألطعمة المحرمة حسب الشريعة اليهودية على األعياد اليهودية والمواسم حسب

القديسالشريعة، هل يحفظها اليهود آأيام مقدسة أم يرون آل األيام مقدسة؟ هذا ويرى على أي األحوال نجده هنا يطالب آل . ديةإنه يلمح على األصوام اليهو يوحنا الذهبي الفم

.، بمعنى أن يحكم عقله وضميره في هذا األمر"يتيقن آل واحد في عقله أن"مؤمن

عن السبب لماذا يتحدث الرسول مع أهل رومية بهذا يوحنا الذهبي الفم القديسيتساءل يشدد جدا في إيضاح األسلوب، فيعطي لكل واحد الحرية في الحكم في هذا األمر، مع أنه

: الحق في رسائل أخرى مؤآدا عدم االلتزام باألعياد والمواسم اليهودية، إذ يقولانظروا أن ال يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل، حسب تقليد الناس، حسب "

فال يحكم عليكم أحد في أآل أو شرب أو من جهة عيد ... أرآان العالم وليس حسب المسيح؟ ويجيب بأن آنيسة روما قد وصلتها رسالة اإليمان )16، 8: 2آو ( "الل أو سبتأو ه

مؤخرا ولم يكن المؤمنون هناك قادرون على البت في هذه األمور، فأراد الرسول أال . يحدث إنشقاقات بسبب حفظ األعياد اليهودية والشرائع الموسوية أو االمتناع عنها

أراد أن ينتظروا حتى مجيئه ليكشف لهم أسرار اإليمان ويمكننا أن نضيف بأن الرسول المسيحي، فيرتفع بالكل فوق هذه الشرائع الموسوية، ال آأمر رسولي يلزم طاعته بال

.فهم، وإنما آفكر إنجيلي رسولي يتذوقونه ويدرآوه خالل حديثه معهم فما لفم

أهل آولوسي، أن الرسول هنا هذا ولعل الفارق بين حديثه هنا وحديثه في الرسالة إلى يكتب بخصوص الشعب البسيط الذي قد بدأ طريق اإليمان، أما في حديثه إلى أهل آولوسي فهو يحذر من المعلمين المنشقين الذين يبثون فكر التهود عن عمد وبقوة،

يوجد فارق بين مؤمن يتشكك ضميره ألنه عاش. فيسببون بلبلة فكرية على نطاق واسعزمانه القديم يمارس أعمال الناموس الحرفية وبين معلم يتحدث عن عمد ويكرز بالعودة

.إلى الحياة الناموسية في حرفيتها آفكر تلتزم به الكنيسة

هذا ونحن ال نريد الدخول هنا في الحديث عن التدبير الكنسي من جهة األعياد الكنسية األمر الذي أترآه . ا عن الفكر الناموسي الحرفيواألصوام بفكر إنجيلي، واختالفه تمام

.للحديث عنه في تفسير الرسالة إلى أهل آولوسي إن شاء الرب وعشنا

Page 243: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

243  

نعود إلى حديث الرسول بولس هنا لنراه يود أن يرفع المؤمنين في هذه الكنيسة الناشئة مور وإنما بالشكر عن الصراع في أمر األعمال الناموسية الحرفية، ليهتم الكل، ال بهذه األ

الذي يهتم باليوم للرب يهتم، والذي ال يهتم باليوم فللرب ال يهتم، : "يقول الرسول. هللا. ]6"[فللرب ال يأآل ويشكر اهللا ال يأآل والذي يأآل فللرب يأآل ألنه يشكر اهللا، والذي

مه هكذا يظهر الرسول صدق نية الكل سواء الذي في ضعف ال يقدر أن يتخلى عن التزابأعمال الناموس، آحفظ األعياد واألصوام اليهودية أو الذي تحرر عن هذا الحرف، لذا

.الق بالكل أن يشكر اهللا عوض الدخول في مجادالت

تكشف هذه العبارة أيضا عن عادة المسيحيين منذ العصر الرسولي، وهو تقديم صالة .شكر هللا عند تناولهم الطعام

سحب الرسول الطرفين من النقاش في هذا األمر ليكشف لهما أن في حكمة عجيبة :سابعاأمور الكل تشغل اهللا نفسه الذي اقتنانا بالدم الكريم، فيحسبنا خاصته، فإن عشنا له باإليمان

ألن ليس : "يقول الرسول. حسب ذلك ربحا إلهيا، وإن متنا بفقدان اإليمان حسب خسارةيموت لذاته، ألننا إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب أحد منا يعيش لذاته، وال أحد

وعاش، لكي يسود ألنه لهذا مات المسيح وقام. فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن. نموت ].9-7" [على األحياء واألموات

آيف يمكن لمن يعيش . بهذا جعل األمر أآثر وضوحا: [يوحنا الذهبي الفم القديس: يقول؟ إننا لسنا أحرارا بل لنا سيد يريدنا ...أن يعيش للمسيح) مستعبدا لحرفيته(ألجل الناموس

بقوله هذا يظهر أن اهللا . أن نحيا وال يشاء لنا الموت، فإن هذه األمور تخصه هو أآثر منانحن ال . مهتم بنا أآثر من اهتمامنا نحن بأنفسنا، فيحسب حياتنا ربحا له وموتنا خسارة

على أي األحوال هذا يكفي . هنا يقصد الموت عن اإليمان. وحدنا بل لسيدنا نموت ألنفسنا: لم يكتف الرسول بذلك وإنما يردف، قائلا. إلقناعنا أنه مهتم بنا، أننا نعيش له ونموت له

مقدما إشارة عظيمة ... عابرا بنا إلى الموت الجسدي "فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن" .][361]عن اهتمامه بنا

ال يحتقر عبيده، . تعليقه قائلا بأن اهللا آسيد مهتم بخالصنا يوحنا ذهبي الفم القديسيكمل قدم دمه فدية آثمن . مقدما حبه لهم ال بالمال وإنما بحياته، إذ صار هو نفسه خالصنا

فكيف نترآه بعد هذا آله لنرتد إلى أعمال ... عظيم، مظهرا قوته غير المنطوق بها ناموس الحرفية؟ال

Page 244: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

244  

لقد مات وقام لكي يهبنا الحياة، فنحسب أنفسنا مدينين له بحياتنا، سواء في وجودنا هنا في وهو مات ألجل الجميع، آي يعيش " :يقول الرسول. هذا الزمان الحاضر أو انتقالنا منه

).15: 5آو 2(" األحياء فيما بعد ال ألنفسهم، بل للذي مات ألجلهم وقام

اإلخوة إدانةعدم . 2

إن آان الرب قد قدم دمه الثمين سر خالصنا، به نحيا ونتشدد في جهادنا، فقد صرنا بهذا المفهوم ال يليق بنا إال أن نسلم آل أحاسيسنا ومشاعرنا لذاك الذي . بكليتنا في ملكيته

ذاك الذي افتدانا عوض االنشغال بإدانة اآلخرين، الذين هم أيضا ليسوا ملك أنفسهم، بل .فدى الكل

فمن جهة تفسد أعماقنا، إذ . إدانتنا إلخوتنا تفسد حياتنا وتسيء إلى إلهنا آما إلى إخوتناتحمل ازدراء باإلخوة عوض اتساع القلب لهم، وتسيء إلى اهللا بكونه هو الديان الذي

رسول هذا ما أعلنه ال. يخضع الكل له، مقدما حسابا عن نفسه وأخيرا تعثر اآلخرين :بقوله

وأما أنت، فلماذا تدين أخاك؟"

أو أنت أيضا لماذا تزدري بأخيك؟

ألننا جميعا سنقف أمام آرسي المسيح،

.أنا حي يقول الرب إنه لي ستجثو آل رآبة وآل لسان سيحمد اهللا: ألنه مكتوب

.فإذا آل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا هللا

فال نحاآم أيضا بعضنا بعضا،

.]13-10" [بل بالحري أحكموا بهذا أن ال يوضع لألخ مصدمة أو معثرة

إنه يسأل األخ الضعيف الذي يتشكك ضميره بخصوص الطقوس اليهودية الحرفية أال . يدين أخاه القوي الذي ارتفع فوق حرفية الناموس، آما سأل األخير أال يستخف باألول

بل يتطلع الكل إلى ذاك الذي يدين الجميع، فال ينحصر آل منهما في تصرفات اآلخر، ).23: 45إش (والذي يخضع له آل حي

Page 245: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

245  

لينسبه للسيد المسيح بكونه اهللا ) 23: 45(هنا يقتبس الرسول ما ورد في إشعياء عن اهللا .الكلمة الديان

وعثرة الضعفاء ملكوت اهللا. 3

فاف باإلخوة إلى الوقوف أمام ينقلنا الرسول بولس من االنشغال بإدانة اآلخرين أو االستخآرسي اهللا، ال لنشعر بمهابة ذلك اليوم فحسب، وإنما لكي ترتفع أفكارنا على الدوام إلى

خالل هذا الملكوت نهتم بأمر واحد هو شرآتنا . الذي يلزم أن ننعم به جميعا" ملكوت اهللا" .جميعا مع اهللا في المسيح يسوع بروحه القدوس

عالم ومتيقن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسا بذاته، إال من إني : "يقول الرسولهنا يقدم الرسول تصريحا واضحا من قبل ربنا . ]14" [فله هو نجس يحسب شيئا نجسا

خليقة اهللا طاهرة، إن . يسوع إن آل شيء هو طاهر للطاهرين، ويصير نجسا للنجسينا بسبب الناموس الذي ميز بين أطعمة أآلناها بدون تشكك تحسب طاهرة، لكن إن تشككن

محللة وأخري نجسة آرموز وقتية تحققت في األصل وتالشت عندئذ تصير األطعمة نجسة، وأيضا إن تشككنا إنها قدمت لألوثان آذبائح تصير نجسة ال لسبب إال لتشكك

س آل آل األشياء تحل لي، لكن لي: "هذا ما أآده الرسول ألهل آورنثوس. ضميرناآل ما يباع في الملحمة آلوه غير فاحصين عن شيء من أجل الضمير، ... األشياء توافق

ألن للرب األرض وملؤها؛ وإن آان أحد من غير المؤمنين يدعوآم وتريدون أن تذهبوا فكل ما يقدم لكم آلوا منه غير فاحصين من أجل الضمير، ولكن إن قال لكم أحد هذا

أقول الضمير، ليس ... من أجل ذاك الذي أعلمكم والضمير مذبوح لوثن فال تأآلوا ).29-23: 10آو 1" (ضميرك أنت بل ضمير اآلخر

إذن ليس شيء في خليقة اهللا نجسا، لهذا فإن الكنيسة في أصوامها تؤآد أنها ال تمتنع عن ، إنما )4- 3: 4تي 1(األطعمة بكونها نجسة وإال حسب ذلك بدعة وانحراف عن الحق

.[362]الصوم ألجل قمع الجسد وتدبيره حسنا تحت قيادة الروح القدس يكون

حقا إن آل شيء طاهر،لكن الذي يفسده هو روح اإلنسان الذي يتشكك في استخدام أما القوي وإن آان ال . األشياء الصالحة بطبيعتها آأشياء دنسة، فتصير بالنسبة له هكذا

بة، حتى ال يهلك أخوه الذي مات المسيح عنه يتشكك بضميره القوي لكنه من أجل المحأخوك بسبب طعامك يحزن، فإن آان": يمتنع عن هذه األطعمة، آما يوصينا الرسول

]. 15" [فلست تسلك بعد حسب المحبة؛ ال تهلك بطعامك ذلك الذي مات المسيح ألجله

Page 246: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

246  

ا ال نزيد، وإن لم الطعام ال يقدمنا إلى اهللا، ألننا إن أآلن: "في موضع آخر يقول الرسولإن آان طعام يعثر . نأآل ال ننقص، ولكن انظروا لئال يصير سلطانكم هذا معثرة للضعفاء

).13-8: 8آو 1(" أخي فلن آآل لحما إلى األبد لئال أعثر أخي

ليس ) دون تشكك(احتفاظ اإلنسان بالطعام : [يوحنا الذهبي الفم القديسوآما يقول على المحبة، ذلك ألنه يعلم أن ) الرسول(انظر آيف يرآز . أخيكباألمر األهم من حزن أما تقدر أخاك، فتقتني خالصه بامتناعك عن األطعمة؟ فإن ... المحبة تفعل آل شيء

المسيح لم يمتنع عن أن يصير عبدا، بل وأن يموت من أجله، أما أنت فال تستخف بالطعام عيف فقط وإنما من أجل العدو أيضا، أفال إنه لم يمت من أجل الض... من أجل خالصه

][363]تمتنع عن الطعام من أجل الضعيف؟ قدم المسيح ما هو أعظم أال تقدم ما هو أقل؟

فال يفتر على خالصكم،"

ألن ليس ملكوت اهللا أآلا وشربا،

].17" [بل هو بر وسالم وفرح في الروح القدس

ال تنشغل بأمر األطعمة، بل من أجله أترك إن آان أمر خالص أخيك يشغل آل آيانك عدم (الطعام الذي يعثره حتى ال تعطى فرصة أيضا للغير أن يفتروا على صالح فكرك

بمعنى آخر حتى وإن آنت من جهة الصالح ال تتشكك في األطعمة، )... التعثر باألطعمة .ك أو عدمهلكن بعثرتك للضعيف يتعثر اآلخرون فيك، ألن نفس أخيك أثمن من طعام

بأنه عندما يصارع المؤمن ويتماحك بسبب األطعمة، يوحنا الذهبي الفم القديسيقول فبهذا النزاع يسبب انشقاقا في الكنيسة بانتهار اإلخوة الممتنعين عن األطعمة، فينطق الذين في الخارج بالشر على الكنيسة وعلى صالحك، الذي هو المحبة والوحدة بين

.م واللطف الخاإلخوة والسال

إذن لنشهد ملكوت اهللا ال بانقسامنا في أمور ثانوية، آالطعام وإنما باتحادنا برباط الحب .الحقيقي وتجلي ثمار الروح فينا الذي هو البر والسالم والفرح

بمجتمع المحبة المقدسة، الكنيسة السماوية؛ فإن .. . أفضل شيء أن نقتني ملكوت اهللا * .[364]ي أمر نقي يؤهل هللا، عملها الشرآةالمحبة ه

السكندري إآليمنضسالقديس

Page 247: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

247  

، فإن )17: 14رو(، وهو بر وسالم وفرح )21: 17لو(إن آان ملكوت اهللا داخلنا *العكس من يعيش في الشر والنزاع والحزن وعلى. من يتمم هذه يكون في ملكوت اهللا

بهذا يتميز ملكوت اهللا عن . الجحيم والموت الذي للموت يكون في ملكوت الشيطان وفي .ملكوت الشيطان

في الروح "بل يوضح مؤآدا نوعه أنه ... ال يتحدث الرسول عن الفرح بغير تمييز * "العالم يفرح" :عنه ، إذ يعرف تماما الفرح الممقوت الذي نسمع)7: 14رو" (القدس

.[365])25: 6لو (" ستحزنون وتبكونألنكم ويل لكم أيها الضاحكون"، )20: 16يو(

موسىاألب

هو ملكوت اهللا الذي يتحدث عنه الرسول هنا؟ ما

:يليق بنا بالحق أن ننظر إلى ملكوت السماوات من جوانب ثالثة *

فليكن لك سلطان على ": إما أنه ما سيملكه القديسون حين تخضع لهم األمور، آما قيل: وما قيل للتالميذ). 19، 17: 19لو" (ولكن أنت على خمس مدن... عشر مدن

مت ( "اإلثنى عشر أسباط إسرائيلوتجلسون أنتم أيضا على إثني عشر آرسيا تدينون "19 :28.(

، ويكون اهللا "تخضع له"آل األشياء : أو يعني أن السماوات يملكها السيد المسيح، حيث ).28: 15آو 1( "في الكل الكل"

.[366]أو أن القديسين سيملكون مع اهللا في السماوات

موسى األب

فوق آإلاعتبار، لكي بهذا نحسب - أي يملك فينا، أو نملك نحن به -لنهتم بملكوت اهللا البر والسالم والفرح (ألن من خدم المسيح في هذه " مرضيين عند اهللا، مزآين عند الناس

.]18" [فهو مرضي عند اهللا ومزآى عند الناس) الروح القدسفي

:أخيرا يختم حديثه مطالبا بالعمل اإليجابي البناء لكل نفس، قائلا

.فلنعكف إذا على ما هو للسالم، وما هو للبنيان بعضنا لبعض"

Page 248: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

248  

.ال تنقض ألجل الطعام عمل اهللا

.بعثرة آل األشياء طاهرة، لكنه شر لإلنسان الذي يأآل

حسن أن ال تأآل لحما وال تشرب خمرا

.وال شيئا يصطدم به أخوك أو يعثر أو يضعف

.ألك إيمان؟ فليكن لك بنفسك أمام اهللا

.طوبى لمن ال يدين نفسه فيما يستحسنه

وأما الذي يرتاب فإن أآل يدان، ألن ذلك ليس من اإليمان،

.]23-19" [وآل ما ليس من اإليمان فهو خطية

فإنه ليس بنيان . إذن لتكن غايتنا هو حفظ سالم الكنيسة ووحدتها بعيدا عن االنشقاقات .للكنيسة وتثبيت لعمل اهللا بدون السالم والمحبة األخوية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 249: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

249  

15 الرسالة إلى أهل رومية

والضعفاء المؤمنلتتمتع جميع عند الرسول بولس هو انفتاح باب اإليمان للعالم آله، " سر المسيح"

وقد جاءت هذه الرسالة في مجملها تعلن هذا السر، . الشعوب بخالص المسيح المجانيواآلن يقدم لنا الرسول هذا األصحاح العملي متناغما مع . فتتحدث عن عمومية الخالص

فكر الرسالة آلها، أال وهو التزام الكنيسة آكل وآل عضو فيها بانفتاح القلب نحو خالص ع، محتملين الضعفاء، مهتمين باألمم أيا آان ماضيهم، يسندون الرسول بصلواتهم الجمي

ليحقق في حياته وآرازته إعالن هذا السر، بالرغم من مقاومة بعض اليهود المتعصبين :له

الضعفاء احتمال. 1

فيجب علينا نحن األقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء"

وال نرضي أنفسنا،

واحد منا قريبه للخير ألجل البنيان،فليرض آل

ألن المسيح أيضا لم يرضي نفسه،

.]3-1" [بل آما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علي

أن آلمة اهللا أعلن قوته بنزوله إلينا يحمل ضعفنا لكي يرفعنا إلى " سر المسيح"هذا هو أو فكره إنما يدرك القوة " المسيحسر "آمال قوته وبهائه ومجده؛ فالمؤمن إذ يحمل فيه

الحقيقية باحتماله بالحب ضعفات الضعفاء، مهتما بخير قريبه ألجل بنيانه، وال يطلب ما هذا العمل ليس من عنده، إنما هو عمل المسيح الساآن فيه، والذي يشتاق إلى . هو لذاته

.خالص الكل

:ويالحظ في هذه الوصية الرسولية تجاه الضعفاء اآلتي

Page 250: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

250  

انظر آيف يثير اهتمامهم بمديحه لهم ال بدعوتهم :[يوحنا الذهبي الفم القديس يقول:أولا ][367]"فيجب علينا نحن األقوياء..."أقوياء فحسب وإنما بضمهم إليه آأقوياء

هذا هو منهج الرسول بولس في آل آرازته وفي آل رسائله، قبل أن يوصي ويشجع، ألمور الصالحة والفاضلة فيهم؛ فعوض أن يوبخهم هنا وقبل أن يكشف الجراحات يعلن ا

ألنهم يحتقرون الضعفاء ويستخفون باألمم، يعلن لهم أنهم بالمسيح أقوياء فيلزمهم أن !يمارسوا عمل المسيح، الفاتح أحضانه لكل ضعيف وآل أممي بالحب ال باإلدانة

أقوياء وأيضا ضعفاء، وآما هذا وحديث الرسول يعلن أن في الكنيسة يوجد على الدوام إذ يحتمل األقوياء ]. [368]ال توجد الكنيسة بدونهما[:القديس أغسطينوسيقول

الضعفاء، فيتزآون على عظيم محبتهم، ويمتثل الضعفاء باألقوياء دون حسد فينمون على .الدوام

تعييرات معيريك وقعت : ألن المسيح لم يرض نفسه، بل آما هو مكتوب"بقوله : ثانيايعلن لهم بطريقة غير مباشرة،إنهم إن آانوا أقوياء، إنما ألن السيد المسيح يود أن" علي

. حمل ضعفهم، فتعييراتهم وقعت عليه، إذ حمل عار خطاياهم ليقيمهم أقوياء بعد الضعفهل أنتم أقوياء؟ ردوا هذا هللا الذي جعلكم هكذا، [: هبي الفميوحنا الذ القديسوآما يقول

. فإننا نحن آنا ضعفاء أيضا، وبالنعمة صرنا أقوياء. وذلك إن رأيتم ضعف المرضى بحق ).][369]أي نسندهم بالنعمة(لنعمل أيضا بالنسبة بالضعفاء

ليق بنا ترجمة هذه القوة عمليا، إن آنا بالنعمة اإللهية نلنا القوة في المسيح يسوع، ي :ثالثافي هذا يقول . ]2" [فليرض آل واحد منا قريبه للخير ألجل البنيان: "وآما يقول الرسول

ليأت وليعرف قوتك، . هل أنت قوي؟ ليختبر الضعيف قوتك: [يوحنا الذهبي الفم القديسمجردة، " لخيره"فقط ، وليس "لخيره" هكذا بطريقة مجردة وإنما" إرضه"لم يقل . إرضه

ألجل: "إنما يضيف الرسول! انظر ها أنا أسحبه لخيره: لئال يقول الشخص المتقدم .][370]"آل واحد"هذا التصرف يلزم أن يفعله "... البنيان

الحقيقية في المسيح يسوع، أن ننزل إلى الضعيف مع مسيحنا لنحمله " القوة"هذه هي نحيا معا سالكين الحياة الصالحة لبنيان نفوسنا ونفوسهم، على منكبي الحب، ونرتفع معه لبهذا نرضي اآلخرين للخير للبنيان، مقدمين ال أموالنا . أو لبنيان العالم آله في الرب

وطاقاتنا لخدمتهم، وإنما أيضا نقدم قلوبنا ومشاعرنا وأحاسيسنا، نشارآهم آالمهم وأتعابهم .وضيقاتهم

Page 251: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

251  

ول بولس السيد المسيح مثلا نقتدي به، إذ لم يرض نفسه بل من أجلنا يقدم لنا الرس: رابعاهذه هي عادة الرسول أنه يقدم لنا السيد . حمل تعييراتنا التي آنا نستحقها ليهبنا بره

.المسيح في آل شيء مثلا

يتحدث عن الصدقة، قدم لنا المسيح ) الرسول(إذ آان : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول : 8آو 2( "فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غني"): مثال(وعندما ). 25: 5أف( "آما أحبنا المسيح": وإذ آان يحث على المحبة حثنا به قائلا). 9

من أجل السرور الموضوع أمامه ": أ لنانصحنا علىاحتمال الخزي والمخاطر قدمه ملجيفعل ) 3: 15رو (هكذا في هذه العبارة ). 2: 12عب ( "احتمل الصليب مستهينا بالخزي

تعييرات معيريك : "ذات الشيء، موضحا أن النبي سبق فأعلن عن ذلك قديما، بقولهلم يرد أن يشر ؟ ألنه )7: 2في " (أخلى نفسه: "لماذا لم يقل). 9: 69مز ( "وقعت علي

فقط إلى تأنسه، وإنما أيضا إلى إساءة معاملته واتهامه بواسطة آثيرين، والنظر إليه : ، وأيضا)40: 27مت " (إن آنت ابن اهللا فانزل عن الصليب": فقد قيل. آضعيف

وهنا أيضا يظهر إن )... 40: 27مت ( "خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها"فما . "تعييرات معيريك وقعت علي"يعير وحده وإنما اآلب أيضا، إذ يقول المسيح لم

ما يحدث اآلن ليس باألمر الجديد أو الغريب، فإنهم في العهد القديم : يقوله تقريبا هو هذالكن هذه األمور آتبت لكي . ، وهاهم اآلن ثائرون على ابنه)اآلب(اعتادوا أن يعيروا

].[371]نتمثل بهما

أن التعييرات قد سقطت على األب ) 9: 69مز(إن آان ما قد آتب في العهد القديم : خامساواإلبن، إنما ألجل نفعنا، لكي يبعثنا ذلك على احتمال الضعفات والتعييرات حتى بالصبر

هذا ما أعلنه الرسول . مع التعزية يكون لنا رجاء إننا نتمثل باهللا نفسه محتمل الضعفاءألن آل ما سبق فكتب، آتب ألجل تعليمنا، حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب : "بقوله

.]4" [يكون لنا رجاء

غاية الكتاب المقدس أن يحثنا على االحتمال بصبر، ليهبنا تعزية في وسط اآلالم، األمر طلق ألننا إن آنا نتعزى وسط آالمنا، فماذا يكون حالنا حين نن. الذي يفتح لنا باب الرجاء

من العالم بآالمه؟

إذ يحثنا الرسول بولس على احتمال ضعفات الضعفاء لخيرهم لبنيانهم، وهو يقدم :سادسالنا السيد المسيح مثلا حيا في هذا العمل، بل وعاملا فينا لتحقيق ذلك، يرفع الرسول صالة

:هللا آي يسندنا، قائلا

Page 252: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

252  

اما واحدا فيما بينكموليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتم"

بحسب المسيح يسوع،

.]6-5" [تمجدوا اهللا أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد لكي

هذا ما يود الحب أن يفعله أن يهتم اإلنسان باآلخرين : [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول . "بحسب المسيح يسوع": آما بنفسه، ولكي يظهر أن ما يطلبه ليس حبا مجردا يضيفإن لم (فإنه أي نفع لالتفاق معا . هذا ما يفعله في آل موضع، إذ يوجد نوع آخر من الحب

]؟)[372]يكن بحسب المسيح يسوع

هذا الحب في المسيح يسوع يمجد اهللا اآلب ال خالل وحدة الفم فقط أي بالكالم، وإنما )...نفس واحدة(وحدة اإلرادة أيضا

لذلك اقبلوا بعضكم : "المسيح يسوع واهب الوحدة هو طريق تنفيذ الوصية هذا الحب في ].7" [بعضا آما أن المسيح أيضا قبلنا لمجد اهللا

لألمم اتساع القلب. 2

اآلن إذ يوصينا باحتمال الضعفاء خالل الحب الحقيقي، واهب الوحدة في المسيح يسوع، المسيح آما في حياتنا نحن أيضا، فبالحب ضم السيد يقدم لنا تطبيقا عمليا في حياة السيد

المسيح أهل الختان واألمم معا فيه، حاملا ضعفات الكل، وبذات الحب يليق باليهود المتنصرين أن يفتحوا قلبهم إلخوتهم الراجعين من األمم هللا، لتتحقق فيهم إرادة اهللا التي

.مم لإليمان باهللاسبق فأعلنها في العهد القديم من جهة قبول األ

وأقول أن يسوع المسيح قد صار خادم الختان،

من أجل صدق اهللا،

حتى يثبت مواعيد اآلباء،

وأما األمم فمجدوا اهللا من أجل الرحمة،

.]9-8" [من أجل ذلك سأحمدك في األمم وأرتل السمك: آما هو مكتوب

Page 253: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

253  

أن إبراهيم نال وعدا أن بنسله [ يوحنا الذهبي الفم القديسماذا يقصد الرسول بهذا؟ يقول وما حدث أن نسل إبراهيم وإن آان قد مارس ). 18: 22، 7: 12تك (تتبارك جميع األمم

الختان لكنه آسر الناموس وحسب متعديا فسقط بالناموس تحت اللعنة، لهذا جاء السيد الصليب ينزع المسيح خادما للختان، إذ أآمل الناموس ولم يكسره، حتى متى ارتفع على

تألم لكي ال يسقط الوعد المعطى إلبراهيم، حاملا الغضب . لعنة الناموس التي للعصيانبهذا رفعهم السيد المسيح عن ... عن الساقطين فيتحرروا عن العداوة والتغرب عن اهللا

هذا . اللعنة، وأقامهم من سلطان الناموس، ليتحقق فيهم الوعد اإللهي الذي أعطي آلبائهممن جانب أهل الختان، أما من جانب األمم فقد انفتح لهم أيضا باب المراحم اإللهية لينعموا

-اليهودي واألممي - مع أهل الختان بالعمل الخالصي جنبا إلى جنب، فيشترك االثنان ا لذلك أحمدك ي: "خالل نعمة اهللا في تقديم الحمد هللا والتسبيح السمه، آما سبق فأنبأ المرتل

تهللوا أيها األمم ": ، وما أعلنه موسى النبي)49: 18مز " (رب في األمم وأرنم لك، وأيضا )1: 117مز " (سبحوا الرب يا آل األمم: "، وداود النبي)43: 32تث " (شعبه

ويكون في ذلك ... ينبت غصن من أصولهويخرج قضيب من جزع يسى و: "إشعياء النبي ).]10، 1: 11إش ( "راية للشعوب إياه تطلب األمماليوم أن أصل يسى القائم

آل هذه المقتطفات قدمت لكي يظهر أنه يجب أن نتحد ونمجد اهللا، ولكي يتواضع [اليهودي وال ينتفخ على هذه الشعوب، وفي نفس الوقت يحث األممي على التواضع إذ

.][373]يظهر له أنه قد نال نعمة عظمى

ط لخالص آل الشعوب واألمم حتى أنبأ بذلك رجال العهد إن آان اهللا منذ القدم قد خطالقديم، فكيف يمكن لليهودي أن يغلق قلبه عن قبول أخيه األممي معه في اإليمان،

والتهليل والتسبيح هللا؟

ليفتح اليهودي قلبه بالحب ليضم إلى صدره األممي، وليفتح األممي قلبه شاآرا اهللا الذي !فوف المؤمنينرفعه عن ضعفه ليدخل بين ص

لهذا يقدم الرسول أشبه بصالة أو شفاعة لدي اهللا . إذ فتح أبواب الرجاء لليهود آما لألممليزيدهم في هذا الرجاء بدخولهم إلى اإليمان بقوة الروح القدس مملوئين سرورا وسالما،

ء، بقوة وليمألآم إله الرجاء آل سرور وسالم في اإليمان، لتزدادوا في الرجا": إذ يقول ]. 13" [الروح القدس

Page 254: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

254  

األمم مساندة في خدمة. 3

إذ تحدث عن التزامهم آأقوياء أن يحتملوا ضعفات الضعفاء، وآيهود متنصرين أن يقبلوا األمم في اإليمان بفرح وسرور، أراد أن يلطف الحديث معهم، فال يجعل من وصيته أمرا

مظهرا أن ما يطلبه منهم ليس بالكثير بالنسبة لقامتهم ثقيلا على نفوسهم، لهذا بادر يمدحهم وأنا نفسي متيقن من جهتكم يا إخوتي أنكم أنتم : "الروحية وإدراآهم، إذ يقول

.]14" [مشحونون صالحا، ومملؤون آل علم، قادرون أن ينذر بعضكم بعضا

:ويالحظ هنا رقته في الحديث من جهة اآلتي

ليس محتاجا إلى . ن صالحهم، وإنما هو بنفسه متيقن من صالحهملم يقل أنه سمع ع :أولاوآأنه يقول إن آنت أوصيكم أو أقسو عليكم باالنتهار لكنني . آخرين يشهدون لهم أمامه

!متيقن من جهتكم إنكم مشحونون صالحا

، "أنكم أنتم مشحونون صالحا: "على تعبيره يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق : ثانياليس ألنكم قساة أو مبغضون إلخوتكم لذلك أنصحكم أن تقبلوا عمل : آأنه يقول: [بالقول

اهللا وال تهملوه أو تحطموه، فإني أعرف أنكم مشحونون صالحا؛ وإنما يبدو لي هنا أن .][374]أدعوآم لكمال فضيلتكم

ال ينقصهم ملء في رقة يحثهم آما علىاتساع القلب أآثر فأآثر بحب اآلخرين حيث: ثالثامن جهة القلب هم صالحون لطفاء محبون؛ من جهة الفكر لهم . الصالح والمعرفة والقدرة

هذا آله أعطاه الجسارة ليطالبهم أآثر . ملء العلم والمعرفة، ومن جهة اإلمكانية قادرون !غاية في الحكمة والتشجيع! فأآثر

واضعة، األخوة التي أعطته دالة يكتب القديس بولس إليهم بروح األخوة المت: رابعاليتجاسر فيكتب إليهم ال آمن يوصيهم بأمر غريب عن حياتهم، وإنما يذآرهم لينموا

ولكن بأآثر جسارة آتبت إليكم جزئيا أيها اإلخوة، : "باألآثر فيما يمارسونه فعلا، إذ يقول .]15" [آمذآر لكم بسبب النعمة التي وهبت لي

أنه ينزل من ... الحظ تواضع فكر بولس، الحظ حكمته: [الذهبي الفميوحنا القديسيقول .][375]آرسي السيادة هنا وهناك ليتحدث إليهم آإخوة وأصدقاء في نفس الدرجة

Page 255: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

255  

يعلن الرسول أنه ملتزم بالكتابة لهم ألنه يمارس خدمته الرسولية التي أفرز لها :خامسااألممي في ذلك الحين فهو يشعرأنها يجب آرسول لألمم، فإن آانت روما عاصمة العالم

هذه هي النعمة التي وهبت له من اهللا، خدمة األمم، التي ال يتوقف . أن تكون مرآز عمله .عن التمتع بها قط

سبط الوييحسب الرسول نفسه آاهنا يقدم ذبيحة الحب خالل الكرازة، فإن آان ليس من لكنه آاهن اهللا آرسول للسيد المسيح يقدم قربان األمم مقبولا ومقدسا بفعل الروح القدس،

حتى أآون خادما ليسوع المسيح ألجل األمم، مباشرا إلنجيل اهللا آكاهن، ": إذ يقول ].16[ "ليكون قربان األمم مقبولا، مقدسا بالروح القدس

:لعبارة هكذاهذه ا يوحنا الذهبي الفم القديسيفسر

ال يخطئ أحد من . هذه ذبيحة أقدمها. بالنسبة لي هذا آهنوت، الذي هو الكرازة واإلعالن[ .الكهنة عندما يكون غيورا على تقديم ذبيحة بال عيب

. يقول هذا لكي يرفع أفكارهم، ويظهر لهم أنهم ذبيحة، معتذرا عن دوره في هذا العملأقوم بهذا ال ألتمجد وال ألشتهر، . ي إنجيلي، آلمة الكرازةالسكين التي لي ه: آأنه يقول

بمعنى أن نفوس الذين أعلمهم . وإنما لكي تكون ذبيحة األمم مقبولة ومقدسة بالروح القدسفإنه إذ قادني اهللا إلى هذا السمو فليس في هذا تكريمي أنا قدر ما هو . تصير مقبولة .يخصكم أنتم

.الروح القدسآيف يصيرون مقبولين؟ ب

فالحاجة ليس فقط إلى اإليمان، وإنما إلى طريق الحياة الروحية لكي نتمسك بالروح الذي فإنه ال حاجة إلى حطب أو نار أو مذبح أو سكين بل للروح الذي فينا . أعطى مرة للكل

.بالتمام

يقف ليلهب آما أن الكاهن... لهذا أبذل آل وسيلة ألمنع النار من أن تنطفئ، إذ أسر بها .][376]النار هكذا أفعل أنا إذ أثير تذآرتكم

، لكن الذي "آاهنا"و" خادما"هذا ويوضح الرسول دوره في الخدمة بدقة إذ يلقب نفسه ". ليكون قربان األمم مقبولا مقدسا بالروح القدس": يقدس روح اهللا نفسه، إذ يقول

:عن دور الروح القدس، قائلا باسيليوس الكبير القديسيحدثنا

Page 256: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

256  

؛)2: 8رو(المخلوق عبد، والروح هو الذي يحرر [

؛)63: 6يو(المخلوق محتاج إلى حياة، والروح هو واهب الحياة

).26: 14يو(المخلوق يطلب التعلم، والروح هو الذي يعلم

؛)26: 15رو(المخلوق يتقدس، والروح هو الذي يقدس

هؤالء يتقبلون التقديس خالل الروح، أما ... قوات سمائية من تدعوهم مالئكة، رؤساء،الروح نفسه فهو قدوس بطبيعته، ال يتقبل صالحا من خارجه بل الصالح من جوهره،

][377]).3: 6إش " (قدوس: "لهذا فيميز باالسم

إن آان الرسول بطريق غير مباشر يقدم نفسه مثلا، يشعر خالل الحب الرسولي :سادسااهن يقدم حياتهم اإليمانية تقدمة حب مقبولة لدى اهللا ومقدسة، يقدمها ال لحساب نفسه أنه آ

بل لحسابهم، ليتمجد اهللا فيهم بقبولهم، حتى يردوا الحب بالحب، فيسندوه في خدمته لألمم : ربما يتساءلون. بإتساع قلبهم واحتمالهم ضعفاتهم والصالة عنهم والشهادة هللا أمامهم

فلي افتخار في المسيح يسوع : "تفع أنت بهذا العمل الكرازي؟ لذا يجيب، قائلاوماذا تنمن جهة ما هللا، ألني ال أجسر أن أتكلم عن شيء مما لم يفعله المسيح بواسطتي ألجل

.]18-17" [إطاعة األمم بالقول والفعل

الكارز أو إن آانت الخدمة لحساب اآلخرين لبنيانهم روحيا في الرب فهي أيضا لحساب الخادم فيتمجد ال بذاته وإنما بنعمة اهللا العاملة فيه آكارز وفيهم آمخدومين، إذ يعمل اهللا

على لسان القديس يوحنا الذهبي الفم القديس وآما يقول. بروحه القدوس فيه وفيهم انظر آيف يحاول... إنه يعني أنني أتمجد ال بذاتي وال بغيرتي وإنما بنعمة اهللا: [بولس

فما أنطق به أو أفعله أو أمارسه من . بكل قوة أن يظهر العمل آله هللا وال ينسب شيئا لنفسه ][378].معجزات اهللا هو العامل هذا آله، الروح القدس صانع الكل

إذ يحثهم الرسول بولس على مساندته في خدمة األمم بالصالة آما بعمل المحبة : سابعالهم نفسه مثلا في خدمته،إنه منطلق للخدمة في غيرة بال حدود لكي يتمجد اهللا فيهم يقدم

للكرازة ال في البالد الخاضعة لروما فحسب وإنما بين البرابرة أيضا، لكن هذه الغيرة تلتحم بروح التواضع؛ فإن آان ينطلق من أورشليم ليخدم في آل موضع باإلنجيل حتى

حيث انطلق رسول آخر فيدخل على تعبه ، لكنه وهو يخدم ال ينطلق إلى[379]الليريكون

Page 257: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

257  

وينسب الناس النجاح إليه، بل يذهب إلى حيث لم يكرز الرسل حيث الطريق غير ممهد .والجهاد أصعب

آيات وعجائب بقوة روح اهللا، بقوة"

حتى إني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أآملت التبشير بإنجيل المسيح،

أبشر هكذا،ولكن آنت محترصا أن

.]20-19" [ليس حيث سمي المسيح، لئال أبني على أساس آخر

قال هذا ليظهر نفسه إنه متغرب عن المجد : [، قائلايوحنا الذهبي الفم القديسيعلق الباطل، وليعلمهم إنه يكتب إليهم ال حبا في المجد أو في تكريمهم له، وإنما إلتمام خدمته،

ها أنت تراه يجري إلى حيث العمل ... وتي آمحب لخالصهموتحقيق آمال عمله الكهن .][380]األآثر والتعب األقسى

انظر بولس الذي آان مضطهدا في اليهودية، ها هو يكرز بين : [القديس جيروميقول لقد قهر العالم آله من المحيط حتى . إنه يحمل صليب المسيح آغالب يأسر الكل. األمم

][381].البحر األحمر

روما شوقه لخدمتهم في. 4

آما أبرز الرسوإلنه لم يكتب إليهم حبا في مجده الذاتي بل في خالصهم، ليبعث فيهم ذات الروح من جهة الشوق لخالص اآلخرين خاصة الضعفاء واألمميين، اآلن يؤآد لهم أيضا

لذلك : "سوليقول الر .أنه منذ سنوات يشتاق إليهم لزيارتهم بدافع الحب ال المجد الزمنيآنت أعاق المرار الكثيرة عن المجيء إليكم، وأما اآلن فإذ ليس لي مكان بعد في هذه األقاليم، وال اشتياق إلى المجيء إليكم، منذ سنين آثيرة فعندما أذهب إلى أسبانيا آتي إليكم، ألني أرجو أن أراآم في مروري، وتشيعوني إلى هناك أن تمألت أولا منكم

.]24-22" [جزئيا

:ويالحظ في آلمات الرسول هذه

إن الرسول أبرز محبته الشديدة لهم بشوقه يوحنا الذهبي الفم القديسيرى :أولالزيارتهم منذ سنوات، وفي نفس الوقت لم يعطهم مجالا للكبرياء، إذ أوضح إنه يلتقي بهم

Page 258: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

258  

فهم موضع حبه بحق، وغيرهم آأهل أسبانيا أيضا . عابرا بهم أثناء رحلته إلى أسبانياطريقه، لكن ليس حبه موضع هذا الحب عينه، حتى أن زيارته لهم ستأتي عارضا في

هذه هي لغة " يمتلئ بصحبتهم"لقد أثار مشاعر محبتهم بفيض محبته، بقوله أنه . عارضاإنه آأب ملتهب أنجب بحق ابنا؛ هكذا آان ... [الوالدين اللذين يجتذبان أوالدهما إليهما

.][382]يحب المؤمنين

األمم فهمه لعطاء. 5

أعلن الرسول عن شوقه الشديد لزيارتهم، وقدم عذرا لتأجيله الزيارة إذ هو مضطر أن يذهب أولا إلى أورشليم حاملا معه عطاء األمم لقديسي أورشليم الذين تعرضوا لمجاعة،

وآخائية الذين هم من أصل أممي أن يحسبوا أهلا لرد حب اليهود مكدونيةفقد سر مؤمنو .ي أورشليم بخدمتهم روحيا بالحب بتقديم عطاء ماديا وقت عوزهمالمتنصرين ف

وآخائية مكدونيةألن أهل "

استحسنوا أن يصنعوا توزيعا للفقراء القديسين الذين في أورشليم،

استحسنوا ذلك وإنهم لهم مدينون،

ألنه إن آان األمم قد اشترآوا في روحانياتهم

.]27-26" [الجسديات أيضايجب عليهم أن يخدموهم في

أن حديث الرسول هنا لم يكن بقصد إثارة آنيسة يوحنا الذهبي الفم القديسيرى :أولاروما للمساهمة في احتياجات القديسين في أورشليم الذين تعرضوا للمجاعة، وإال آان قد

أعضائها إنما استغل هذا العطاء من جانب الكنائس التي معظم . زارهم للجمع للقديسينمن أصل أممي للكنيسة التي معظم أو آل أعضائها من أصل يهودي، ليعلن دخول

بهذا يثير الرسول آنيسة روما ال للعطاء المادي لكنيسة . الكنيسة آكل في شرآة حب .أورشليم، وإنما النفتاح القلب لخدمة األمم

" ألخدم"لعطاء، بل أذهب ألحمل ا: لم يقل: [يوحنا الذهبي الفم القديسيقول :ثانيافإن آان الرسول العظيم ال يتطلع إلى العطاء إال آعمل روحي ).] [383]دياآونس(

Page 259: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

259  

وخدمة وليس عملا اجتماعيا مجردا، فكم باألآثر تكون بهجته ليس حين يحمل عطاء ماديا بل إنجيل الحق ألهل روما؟

فحمل الرسول ال ، عالمة حب داخلي ووحدة، "شرآة"لقد حسبت الكنائس عطاءهم أموالهم وال تقدماتهم المادية فحسب، إنما ما هو أعظم، حمل قلوبهم المملوء حبا وروح

ولهذا السبب حسب الرسول أنه يحمل آنزا ملوآيا . الوحدة الذي فيهم مع بقية األعضاء .محفوظا بختم ملكي ال يستطيع أن يسلبه لص أو تحيق به مخاطر

ال ] 28" [ثمرا"يدعو الرسول ما يحمله [[384]نا الذهبي الفميوح القديس يقول:ثالثا .][385]ألن ما يحمله إنما هو لنفع مقدميه، وثمرهم الروحي" عطاء"

بالصلوات جهادهم معه. 6

آان الرسول يبدو متهللا من أجل ثمر الروح المعلن في آنائس األمم التي قدمت ال عطاء اآلن يثير آنيسة روما . عالمة حب إلخوتهم في أورشليم ماديا مجردا بل ثمرا متكاثرا،

لتساهم هي أيضا في الخدمة ال بتقديم مال الحتياجات القديسين وإنما لتقديم صلوات بجهاد .عظيم لدى اهللا من أجله لكي يتمم اهللا رسالته فيه بالرغم من مقاومة البعض له

محتاج إلى جهادهم معه في خدمة والعجيب إنه قبل أن يسألهم هذا الطلب آمن هو : الكرازة لألمم خالل الصلوات خشي لئال يحسبوا أنفسهم ليسوا أهلا لهذا العمل، لذا يقول

وآأنه يقول . ]29" [سأجيء في ملء برآة إنجيل المسيح وأنا أعلم إني إذا جئت إليكم"فيض أعمالكم عندما أجيء إليكم أجدآم أهلا للمدح بال حدود خالل اإلنجيل، من أجل

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن ما يقدمونه من جهاد . المقدسة المستحقة آل تطويبفي الصالة عنه ألجل الخدمة يأتي متناغما مع عمل السيد المسيح الخالصي ومحبة

فأطلب إليكم أيها اإلخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح، : "الروح القدس، إذ يقوللذا فصلواتهم حتما تكون . ]30" [معي في الصلوات من أجلي إلى اهللاأن تجاهدوا

.مقبولة وفعالة، ألنها حسب إرادة اهللا الصالحة ومحبته الفائقة

المؤمنين له مقاومة غير. 7

ال تقف خدمتهم النابعة عن اتساع قلوبهم بالحب نحو إخوتهم الذين من األمم عند احتمال الخالصي أمامهم، وإنما أيضا تمتد إلى الصالة من أجل ضعفاتهم والشهادة لعمل اهللا

ويحسب الرسول نفسه أآثرهم . الكارزين حتى يخلصهم الرب من مقاومة المعاندين

Page 260: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

260  

لكي أنقذ من الذين ": احتياجا للصالة عنه من أجل شدة المقاومة التي يجابهها، إذ يقولأورشليم مقبولة عند هم غير مؤمنين في اليهودية، ولكي تكون خدمتي ألجل

.]31" [القديسين

خاتمة. 8

إذ يتحدث عن المقاومة التي تصيبه من األشرار، والتزام الكنائس أن تصلي من أجله، إله السالم معكم : "يصلي هو أيضا من أجل الكل ليسندهم اهللا في جهادهم، إذ يقول

.]33" [آمين. أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 261: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

261  

16 روميةالرسالة إلى أهل

ختامي أصحاحخاتمة الفصل العملي من الرسالة وهو فصل متكامل ومتناغم مع األصحاح السابقيعتبر

الفصل السابق له، الفصل اإليماني، حيث يصعب فصل إيمان الكنيسة عن حياتها أما هذا األصحاح األخير والذي يمثل ختام الرسالة يقدم لنا في غالبيته عددا . السلوآية

؛ لكنه في الواقع يمثل صورة حية آبيرا من األسماء التي ال نعرف عن بعضها شيئاومبهجة وفعالة عن الحياة المسيحية في العصر الرسولي، فيها يكشف الروح القدس عن التهاب الكنيسة بروح الحب الذي يقدس المشاعر والعواطف المتبادلة في الرب لبنيان

، "في الربالعاملين معنا "أو " أنسباء"أو " أحباء"الكنيسة روحيا، فكثيرون يدعوهم لكل شخص ". التاعبة في الرب"وثالثة " المحبوبة"وتلك العجوز " أختنا"بينما يدعو هذه

.لقب خاص محفور بالروح في قلب الرسول بولس

فيبي توصيته بخصوص. 1

الكنيسة التي في آنخريا،) شماسة(أوصى إليكم بأختنا فيبي التي هي خادمة "

للقديسين،آي تقبلوها في الرب آما يحق

وتقدموا لها في أي شيء احتاجته منكم،

].2-1" [ألنها صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضا

يكتب الرسول إلى آنيسة لم يسبق له خدمتها بحضوره هناك، لكنه في دالة الحب يقدم لهم بهذا يشعرهم الرسول أنه ليس . فيبي شماسة بالكنيسة التي في آنخريا موصيا عنها

.عنهم، لكنه صاحب دالة لديهم، آما يهبهم حبا يطلب حبهم وخدمتهم بغريب

اسم أحد اآللهة " فيبس"مشتق من " فيبي"يرى البعض إنها من متنصري األمم ألن اسم التي تعني " فوس"مشتق من الكلمة اليونانية " فيبي"ويرى البعض أن هذا االسم . الوثنية

".[386]يضيء"أو " يشرق"

Page 262: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

262  

آانت غنية وذات مرآز اجتماعي مرموق، أقيمت آشماسة للكنيسة في آنخريا يبدو أنهاميناء آورنثوس، يبعد حوالي تسعة أميال شرقي آورنثوس، وآان لها خدمتها الفعالة في

."ألنها صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضا": الكنيسة، حتى قال الرسول عنها

انظروا آيف يكرمها بطرق آثيرة، فقد أشار إليها قبل [ :يوحنا الذهبي الفم القديسيقول وهذا ليس باألمر الهين أن تدعى أختا لبولس؛ آما ذآر رتبتها بكونها . الكل ودعاها أخته

يقبلوها من أجل الرب، وألنها هي نفسها : ليهتموا بها على أساسين)... خادمة" (شماسة" .][387]قديسة

شخصية تحيات. 2

شخصا أغلبهم ال نعرف عنهم شيئا، لكننا نشعر 26الرسالة تقدم لنا أسماء إن آانت هذهبأهمية هذا الجزء من الرسالة، إذ يقدم لنا صورة حية لقلب رسولنا بولس الذي يظهر

يمكننا أيضا أن نرى في . عاطفته الحانية واعتزازه وتقديره للمشاعر المقدسة في الربرة للصداقات العميقة والحب الطاهر السخي بين أعضاء الكنيسة هذه التحيات الحارة صو

.األولى

لقد قدم لنا الرسول آل صديق له يحمل لقبا خاصا يعتز به الرسول، هذا اللقب ال يقوم .على الشهرة أو الغنى أو العلم، وإنما على شرآة الحياة التقوية والجهاد في الخدمة

وأربعة أسماء التينية هي " مريم"واحدا عبرانيا هو اسما، أن اسما 26يالحظ في الـ .أمبلياس وأوربانوس وجوليا ونيريوس، وبقية األسماء يونانية

سلموا على بريسكال وأآيال العاملين معي في المسيح يسوع، "

اللذين وضعا عنقيهما من أجل حياتي،

اللذين لست وحدي أنا أشكرهما،

،بل أيضا جميع آنائس األمم

.]5-3" [وعلى الكنيسة التي في بيتهما

Page 263: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

263  

: 4تي 2؛ 19: 16آو 1؛ 26، 18، 2: 18أع (جاء ذآر أآيال وزوجته بريسكال في 49عام آلوديوس قيصر؛ وهما يهوديان يعمالن آصانعي خيام، ترآا روما آأمر )19

آانا تاجرين غنيين وتقيين، آانت الزوجة . الذي طرد جميع اليهود من روما، ليعودا ثانية؛ رو 19: 16آو 1أيضا في (أآثر غيرة على ما يظن، لذا ذآرها الرسول قبل زوجها

وبقي معهما حوالي ) 2: 18أع (التقى بهما الرسول ألول مرة في آورنثوس ). 2: 18أينما وجدا آان . ، ثم رجعا إلى روما)18: 18أع (ه إلى أفسس شهرا وذهبا مع 18

يرى . يفتحان بيتهما آكنيسة لخدمة المؤمنين الغرباء ويجتمع فيها المؤمنون للعبادةأن بيتهما آان يدعى آنيسة، إما ألنهما آسبا آل أهل [388]يوحنا الذهبي الفم القديس

.ؤمنين الغرباءبيتهما لإليمان أو لفتح بيتهما لخدمة الم

لقد عرض هذين المؤمنين حياتهما للخطر بسبب معلمنا بولس الرسول ربما أثناء الشغب لذلك يبقى ال )... 32-31: 19أع( أو في أفسس) 10-6: 18أع(الذي حدث في آورنثوس

.الرسول وحده بل وجميع آنائس األمم يقدمون الشكر لهما

.]5" [حبيبى الذي هو باآورة أخائية للمسيح أبينتوسسلموا على "

، وهو أول من قبل "[389]مستحق للمديح"من أصل يوناني تعني " أبينتوس"آلمة يدعوه الرسول حبيبه وباآورة عمله هناك، . اإليمان في آسيا الصغرى على يدي الرسول

ب اإليمان وآأنه يسأله أن يرد الحب بالحب، فال يكفعن يكف عن العمل في روما لحسا .الذي قبله قبل آثيرين

؛ ال نعرف عنها شيئا، إال أنها آانت ]6" [سلموا على مريم التي تعبت ألجلنا آثيرا"وآأنه يطالبها أيضا أال تكف عن التعب . نافعة للرسول في خدمته قبل ذهابها إلى روما

.من أجل الخدمة

ما هذا؟ لقد آرمت امرأة : [على هذه العبارة قائلا يوحنا الذهبي الفم القديسيعلق ؟ إننا نحسبه آرامة لنا أن توجد نساء بيننا ...أفال نخجل نحن آرجال! وحسبت متنصرة

يكمل حديثه قائال بأنه وإن آانت .] [390]آهذه، ولكننا نخجل إن آنا آرجال صرنا خلفهنلكنها ال تحرم من ) 35: 14آو 1؛12: 2تي 1(النساء ممنوعات من خدمة التعليم العامة

، وتهذب أوالدها )16: 7آو 1(النطق بكلمة التعليم إذ تستطيع الزوجة أن تربح رجلها التي تعبت : "آما يعلق على قول الرسول. ، بل ونجد بريسكال تعلم أبولس)15: 2تي 1(

من جهة المال قدمت خدمات أخرى آثيرة محتملة مخاطر،: [، بقوله"ألجلنا آثيرا

Page 264: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

264  

، ساهمن مع )في القوة(فإن نساء تلك األيام آن روحيات أآثر من األسود . واألسفار ][391].الرسل في التعب ألجل اإلنجيل

سلموا على أندرونكوس ويونياس نسيبي المأسورين معي اللذين هما مشهوران بين "االسم األول من أصل يوناني يعني ].7" [وقد آانا في المسيح قبلي الرسل

، والثاني من أصل التيني، وهما يهوديان يمتان بصلة قرابة للرسول، "[392]الغالبين"احتمال السجن معه في وقت غير معروف، يعتز بهما ألنهما قد عرفا السيد المسيح قبله،

.ولهما دورهما الهام في الخدمة حتى صارا مشهورين بين الرسل

أنهما لم يسقطا تحت األسر بالمعنى الحرفي [393]يوحنا الذهبي الفم يسالقد يرىوإنما احتمال ما هو أقسى من ذلك، إذ عاشا في الغربة محرومين من ) آأسرى حرب(

.أقربائهما واحتمال المجاعة والميتات المستمرة وسقطا تحت المتاعب بال حصر

ة التي تتقدس خالل اإليمان، آما ال على أي األحوال لم يتجاهل الرسول القرابة الجسدي ...يخجل من الكشف عن إيمانهما بالسيد المسيح قبله

].8" [سلموا على أمبلياس حبيبي في الرب"

".[394]مضخم"أو " مكبر"من أصل التيني تعني " أمبلياس"آلمة

تكشف عن حب الرسول الشديد له" حبيبي"أن دعوته يوحنا الذهبي الفم القديسيرى .بسبب حياته الفاضلة

سلموا على أوربانوس العامل معنا في المسيح"

وعلى أستاخيس حبيبي، سلموا على أبلس المزآى في المسيح،

سلموا على الذين هم من أهل أرستوبولوس،

سلموا على هيروديون نسيبي،

].11-9" [سلموا على الذين هم من أهل نرآسيس الكائنين في الرب

: آلمة يونانية تعنى" أستاخيس"، "[395]قاطن مدينة: "آلمة التينية تعني" أوربانوس"آلمة " أرستوبولس"، "[397]أبولو"ربما مشتقة من "أبلس"، "[396]سنبلة قمح"

Page 265: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

265  

من نسل " أي"هيرودس "ربما من " هيروديون"، "[398]ناصح حكيم: "يونانية تعني ...يوناني معناها غير أآيد من أصل آلمة التينية "نرآسيس"، Heroبطولي

يالحظ إن الرسول يمدح الجميع، فيدعو األول عامل معه في خدمة السيد المسيح، والثاني حبيبه، والثالث مزآى في المسيح ربما الجتيازه ضيقات آثيرة بصبره أو لجهاده في

ا االثنان وثنيين أما بالنسبة ألهل أرستوبولس وأهل نرآسيس فربما آان هذ. الخدمة الخ .وصار لهما عبيد أو أبناء مؤمنون معهما

إذ يقدم مدحا خاصا بكل أحد، ال يسمح بوجود حسد [: يوحنا الذهبي الفم القديسيقول فيما بينهم بمدحه ألحد واستخفافه بآخر، ولكي ال يوجد بينهم تهاون أو ارتباك، مقدما لكل

.][399] يستحق آرامة متساوية هكذا واحد آرامة متساوية، وإن آان ليس الكل

، وهما آما يقاإلنهما آانتا جاريتين قد تعبتا لتريفينا وتريفوسايهدي الرسول السالم أيضا االسمان التينيان مشتقان عن الكلمة اليونانية . في الرب واستحقتا مديح الرسول بولس

، "فارسي"مها يوناني معناه ، اسبرسيسآما يسلم على ". لطيفة"أو " رقيقة"التي تعني .من أجل آبر سنها" المحبوبة"لم يخجل من أن يدعوها

الذي يقال أنه ابن سمعان القيرواني الذي حمل مع السيد المسيح صليبه روفسيذآر أيضا " أما"إنها في محبتها للرسول وخدمتها له صارت ألم روفس، وقد شهد )21: 15مر ( .له

...الم إلخوة في الربوهكذا أخذ يعدد الس

العامة القبلة الروحية. 3

بعد أن قدم التحيات ألسماء معينة، من رجال ونساء، خدام للرب وشعب، سادة وعبيد وجواري، أعلن حبه للجميع، الذين ال يعرفهم باالسم، ليس حبه وحده وإنما حب الكنائس

. ]16" [آنائس المسيح تسلم عليكمبعضكم على بعض بقبلة مقدسة، سلموا": آلها لهمهكذا آانت الكنيسة في العالم تشعر إنها أسرة واحدة، وآان الرجال يقبلون الرجال،

وآانت ). 14: 5بط 1؛ 26: 5تس 1؛ 20: 16آو 1(والنساء يقبلن النساء بقبلة مقدسة رياء، وإلى يومنا القبلة الروحية تمثل جزءا ال يتجزأ من العبادة، عالمة الحب الذي بال

".قبلوا بعضكم بعضا بقبلة مقدسة: "هذا نسمع الشماس في القداس اإللهي، يعلن

Page 266: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

266  

يقول الراهب اإلنجيليكاني دآس أن القبلة الرسولية ال تزال بصورتها األولى عند األقباط .[400]واألثيوبيين فقط

ممارستها في ال تظن أن هذه القبلة آتلك التي اعتاد األصدقاء على *. هذه توحد النفس وتزيل آل حقد هي ليست من هذا الصنف، إنما )agio(االجتماعيات

.[401]هي عالمة اتحاد النفوس معا

آيرلس األورشليمي القديس

الخارج يوجد في القلوب في منهي عالمة السالم، فما تظهره الشفاه * .[402]الداخل

أغسطينوس القديس

المعلمين الكذبة تحذير من. 4

يحذرهم الرسول بولس من صانعي االنشقاقات والعثرات، هؤالء الذين هم جسدانيون .يخدمون بطونهم ال المسيح

هو سالح الشيطان يقلب آل شيء رأسا ) االنشقاق: [(يوحنا الذهبي الفم القديسيقول خلا، أما العثرة فتأتي مادام الجسد متحدا معا ال يقدر أن يجد الشيطان له مد. على عقب

ومن أين تأتي . من أين يأتي االنشقاق؟ من اآلراء المخالفة لتعاليم الرسل. خالل االنقسامهذا ما قاله عندما آتب إلى أهل ... هذه اآلراء؟ من عبودية الناس للبطن واألهواء األخرى

.][403])19: 3فى ("الذين إلههم بطنهم: "فيلبي

بالكالم الطيب واألقوال الحسنة يخدعون قلوب: "المعلمين الكذبة الذينيسألهم الحذر من . ، إذ هم مخادعون ينطقون بالكلمات المعسولة على خالف ما في باطنهم]18" [السلماء

].19[ لذا يليق بنا أن نكون حكماء للخير وبسطاء للشر

يطة في شباآه، فإن إن آان العدو يستخدم أساليب الخداع والمكر ليصطاد النفوس البسوإله السالم سيسحق الشيطان تحت أرجلكم، نعمة ربنا يسوع : "مسيحنا قادر أن يسحقه

، إنه يصلي ألجلكم لكي يهبهم اهللا النعمة اإللهية لخالصهم ]20" [معكم، آمين المسيح :آل تجربة من

Page 267: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

267  

إله "لى ما دام يتحدث عن صانعي االنشقاقات والعثرات بين الناس لذلك أشار إ * ...أيضا لكي يمألهم رجاء من جهة الخالص من هذه الشرور" السالم

إنها )...! إن اهللا يسحق الشيطان تحت أقدامنا سريعا(إنها صالة ونبوة في نفس الوقت ![404]أقوي سالح؛ حصن منيع وبرج ثابت

يوحنا الذهبي الفم القديس

إنه ينصب . يشتاق أن يقتنص نفوسنا للهالكها أنتم ترون الشيطان الصياد الذي *حالة نعمة تكون نفوسنا في سالم، لكن ما مادمنا في... شباآا آثيرة وخداعات من آل نوع

.[405]أن نلهو بالخطية حتى تصير نفوسنا في اضطراب آقارب تلطمه األمواج

جيروم القديس

االنشقاقات، وإنما ليحطم الشيطان هكذا يقدم الرسول صالة عن شعبه ال ليحطم أصحاب إنه ينهار سريعا ألن . نفسه الذي يعمل فيهم ليصير تحت أقدامهم ال حول له وال قوة

.الزمان مقصر وأيام خداعه قليلة

الرسول تحيات أصدقاء. 5

يظن البعض أن الرسول بولس قرأ رسالته في آورنثوس قبل إرسالها، وأن التحيات هنا .نيسة هناكجاءت آطلب الك

جاءت التحيات من القديس تيموثاوس االبن المحبوب للرسول بولس، ابنه في اإليمان، وأيضا من غايس مضيف الرسول بل.وشريكه في العمل، ورفيقه في آثير من الرحالت

، ربما ألنه حول بيته إلى مرآز للعبادة، وآان يضيف فيه "ومضيف الكنيسة آلها" .آورنثوسالمؤمنين الغرباء عن

"ختام" ذآصولوجية. 6

جاءت الذآصولوجية هنا تحمل صدى ما جاء في الرسالة آكل، إذ عبر فيها عن الحاجة وإن السر الذي أعلنه لنا في . إلى اهللا الذي ال يهب فقط اإليمان، وإنما يهبنا ثبوتنا فيه أيضاسر قبول جميع األمم إلطاعة : ملء الزمان هو السر األزلي الخفي، الذي تنبأ عنه األنبياء

والقادر أن يثبتكم حسب إنجيلي والكرازة بيسوع المسيح حسب : "اإليمان، إذ يقول

Page 268: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

268  

إعالن السر الذي آان مكتوما في األزمنة األزلية، ولكن ظهر اآلن وأعلم به جميع األمم بيسوع المسيح األزلي إلطاعة اإليمان، هللا الحكيم وحده بالكتب النبوية، حسب أمر اإلله

.]27-25" [له المجد إلى األبد، آمين

:فقد أبرز اآلتي

.اهللا هو الذي يثبتنا في اإلنجيل. أ

.أزلية) سره(خطة اهللا من نحونا . ب

.هذه الخطة سبق أن تنبأ عنها األنبياء في العهد القديم. ج

.خطة اهللا هي طاعة جميع األمم لإليمان. د

وأرسلت مع الشماسة فيبي إلى ] 22[أن الذي آتبها هو تريتوس أخيرا أوضح الرسول .أهل روما

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Page 269: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

269  

رسالة رومية مراجع شرح

[1] Strong: Greek Dictionary of the N.T., article 4517. [2] J. Hastings: Dictionary of the Bible, N.Y. 1963, p 862.

.مذآرات القس مينا إسكندر على الرسالة، باإلآليريكية اإلسكندرية [3]

[4] Donald Guthrie: N.T. Introduction, 1975, p 393-4. ".الثالث"اسم التيني معناه [5]

".آخريس" ، وتسمى حاليا"دخن"اسم يوناني معناه[6]

[7] Jerome Biblical Comm., p 292; Guthrie p 395. [8] Guthrie, P 400-404. [9] Origen & the Doctrine of Grace, London 1960, p. 48. [10] Incar. 3. [11] Against Arians 2: 67. [12] J. Hastings: Dictionary of the Apostolic Church, v., p 370-371. [13] In Rom, hom 1. [14] In Rom, hom 1. [15] Of the Christian Faith, 5: 9 (115). [16]Of the Christian Faith, 1: 16 (104). [17] In Rom. hom 1

[18] Cat. Lect., 12: 23. [19] City of God, 17: 8. [20] In Rom. hom 1. [21] In Rom. hom 1. [22] Of Christian Faith, 3: 5 (34). [23] Oration. 37: 7.

.آباء مدرسة إسكندرية األولون، العالمة أوريجينوس، النعمة: للمؤلف [24]

[25] In Rom. hom. 1. [26] In Rom. hom. 1. [27] Erdman: The Epistle to Romans, p 25.

Page 270: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

270  

[28] In Rom. hom., 1. [29] Of the Holy Spirit 1: 12 (126). [30] In Rom. hom 2. [31] In Rom. hom 2. [32] In Rom. hom 2. [33] In Rom. hom 2. [34] In Rom. hom 2. [35] In Rom. hom 2. [36] Strom. 5: 1. [37] In Rom. hom 2. [38]In Rom. hom 2. [39] In Rom. hom 2. [40] Adv. Marc. 5: 13. [41] Strom 2.6. [42] City of God 20: 26. [43] In Rom. hom 2. [44] On Christian Doctrine 1: 4. [45] OfChrist. Faith 1: 10 (62). [46] In Ioan. tr 14: 3. [47] In Ioan. Tr 2: 4. [48] City of God 8. 10. [49] Instit. 12: 21. [50] Conf. 3: 20. [51] Conf. 3: 20. [52] In Rom. hom 3. [53]In Rom. Hom. 4. [54]In Rom. Hom. 4. [55]In Rom. Hom. 5. [56] De Corona 6. [57] In Rom. hom 5. [58] Cassian: Conf. 7: 31.

Page 271: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

271  

[59] In Ioan.tr 33: 7. [60] In Eph. hom 4; In Matt. hom 75. [61] City of God 1: 8. [62] In Rom. hom 5. [63] Adv. Haer 4: 37: 1. [64] In Rom. hom 5. [65] In Rom. hom 5. [66] In Ioan tr 54: 6. [67] n Ioan tr 89: 3. [68] In Matt. hom 75. [69] In Matt. hom 5. [70] In Matt. hom. [71] Cassian: Conf. 7: 5. [72] Cassian: Conf 17: 14. [73] Comm. On John, book 1: 6. [74] In Matt. hom 6. [75] In Matt. hom 6. [76] Cat. Lect. 12: 1. [77]In Matt hom 6. [78] Cat. Lect.23: 13. [79]In Matt hom 6. [80] On lying 8. [81] Of the work of Monks 12. [82] Com. On Matt. book 11: 12. [83] On the Trinity 5: 28. [84] In Titus hom 2. [85] In Rom. hom 6. [86] In Rom. hom 6. [87] On Ps. hom 20. [88] Ep.67: 8. [89] Unity of the Church 22.

Page 272: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

272  

[90] Ep. 54: 6, 7. [91] Seventh Council of Carthage under Cyprian. [92] Ser.on N.T. Lessons 83: 6. [93] City of God 14: 4. [94]Paedagogus, 1: 8. [95]In Rom hom 7. [96]In 1 Tim. hom 4. [97] Ser. 0n N.T. lessons 30: 4. [98] In Rom. hom. 7. [99] City ofGod 17: 4. [100] In Rom. hom. 7. [101] In Ioan tr 25: 12. [102] In Rom. hom 7. [103] Strom 5: 3. [104] In Rom. hom 8. [105] In Rom. hom 8. [106] Strom 2: 15. [107] In Ioan. Tr. 29: 6; 53: 10; 72: 2; 19: 11. [108] In Rom. hom 8. [109] Ser.on N.T.lessons 75: 2. [110]Sermons On N.T. 19: 3. [111] Scorpiace 7. [112] Ep.60: 3. [113] In Rom. hom 9. [114] In Rom. hom 9. [115] In Rom. hom 9. [116] In Rom. hom 9. [117] On Ps. hom 39. [118] In Rom. hom 9. [119] Cassian: Conf 16: 13. [120] Of the Holy Spirit 1: 8(94).

Page 273: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

273  

[121] In Ioan. Tr 9: 8; 39: 5; 27: 9; 32: 8. [122] Ibid 94: 2. [123] Ser. On N.T. lessons 78: 4; Harm. Of the Gospel 1: 34. [124] Cassian: Conf 21: 33.

.72رومية، ص رسالة -الكنز الجليل في تفسير اإلنجيل [125]

[126] In Rom. hom 9. [127] In Ioan. Tr. 110: 6. [128] In Rom. hom 9. [129] Ep. 51: 19. [130] In Rom. hom 10. [131] On Belief of Resur. 2: 6. [132] 12 Topics of Faith 12. [133] City of God 16: 27. [134] Adv Haer 3: 18: 7. [135] Against Arians, Dise 1: 59. [136] Pasch. Ep. 5: 3. [137] On luke 10: 22. [138] In Rom. hom 10. [139] In Rom. hom 10. [140] Ser. Against Auxentius 36. [141] Ep. 39: 4. [142] On Continence. [143] In Rom. hom 10. [144] In Rom. hom 10. [145] Concerning Repentance, 2: 3(9). [146] Oration on Holy Baptism 9. [147] On Baptism of Christ. [148] In Rom. hom 10. [149] In Rom. hom 11. [150] Strom. 4: 7. [151] Ep; 63: 11.

Page 274: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

274  

[152] Ep. 69: 7. [153] On Resurrection of the Flesh 46. [154] On Resurrection of the Flesh, 47. [155] In Rom. hom 11. [156] Paschal Ep.,10: 8. [157] Sermon. Against Auxentius 13. [158] On Ps. hom 5. [159] On Ps. Hom, 40. [160] On Ps. Hom, 55. [161] On Continence 8; In Ioan.tr 41: 12. [162] Serm on N.T. 78: 8, 12. [163] Adv. Haer 5: 14: 4. [164] In Ioan tr. 41: 8. [165] Cassian: Conf 1: 5.

.42-38ص 1969النعمة واإلرادة الحرة، طبعة : للمؤلف [166]

[167] In Rom. hom 12. [168] In Rom. hom 12. [169] In Ioan tr., 112: 5. [170] In Rom. hom 12. [171] In Ioan tr 86: 5; Ser. On N. T. lessons 95: 3. [172] In Rom. hom 12. [173] In Ioan.tr 62: 1. [174] In Rom. hom 12. [175] Cassian: Conf 23: 13. [176] On Resurrection. [177] Cassian, Conf 23. [178] In Ioan. Tr., 41: 10. [179]OnContinence 20. [180] On Resurrection. [181] Cassian: Conf. 20:12. [182] On Ps. hom 41,51.

Page 275: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

275  

[183] Ep. 130: 9; 22:5. [184] On Belief in Resurrection, 41. [185] In Ioan. tr 41: 11. [186] Cassian: Conf., 23: 10, 11. [187] Cassian: Conf., 23: 16-18. [188] Cassian: Conf., 4: 11. [189] On Continence 19. [190] In Ioan. tr 77: 4. [191] In Ioan. Tr., 41: 10. [192] Ser. On N. T. lessons 95: 3. [193] Cassian: conf. 23: 13. [194] In Rom. hom 13. [195] On Ps. hom 7. [196] In Matt. hom 16. [197] In Ioan. tr 41: 6; 108: 4. [198] Conc. Repentance, 1: 3(12). [199] Sermons on N. T. 19: 4. [200] Ep.10 ad Adelphium; against Arians, discourse. 1: 51. [201] In Rom. hom 13. [202] In Rom. hom 13. [203] Adv. Haer.5: 10: 2. [204] Adv. Haer 5: 8: 1. [205] Stromata, 2: 22. [206] In Rom. hom 13. [207] In Rom. hom 13. [208] Of the Holy Spirit 3: 19(149). [209] In Rom. hom 14. [210] Ser. On N.T. 78: 9. [211]In Rom. hom 14. [212] In Ioan. Tract., 85: 3. [213] On Ps.hom 59.

Page 276: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

276  

[214] Reproach & Grace 4; Grace& Free- will 23. [215] On Jealousy & Envy 14. [216] Adv. Eunomius 10: 4. [217] Harmony. Of Gospels, 3: 4. [218] In Rom. hom 14. [219] In Rom. hom 14. [220] Ep 22: 40; 14: 16, 10. [221] Ep 76: 7. [222] Ser. On N.T. 20: 3. [223] In Rom. hom 14. [224] In Rom. hom 14. [225] Adv. Eunomius 4: 3. [226] Adv. Haer 5: 32: 1. [227] In Rom. hom 14. [228] In Ioan. Tr 86: 1. [229] Ser On N.T.55: 7. [230] In Rom. hom 14. [231] In Rom. hom 14. [232] Cassian: Conf. 9: 34. [233] In Ioan. Tr 6: 1. [234] In Rom. hom 15. [235] Cassian: Conf. 6: 8. [236] Grace& Free- will 33. [237] On Ps. hom 6. [238] In Rom. hom 15. [239] Reproach & Grece 22. [240] In Rom. hom 15. [241] Adv.Eunomius 2: 8. [242] City of God 22: 16. [243] Against Arians 2: 61. [244] In Rom. hom 15.

Page 277: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

277  

[245] Reproach &Grace 23. [246] In Rom. hom 15. [247] In Rom. hom 15. [248] In Ioan. tr 112: 5. [249] Of the Holy Spirit 1: 12 (129). [250] In Rom. hom 15. [251] In Ioan. tr 56: 4. [252] In Ioan. tr.58: 5. [253] Conc. Repent. 1: 3 (14). [254] In Rom. hom 15. [255] Fragments from Comm. on Prov 9: 1. [256] Ep. 7: 5. [257] Adv. Haer 2: 22: 2. [258] In Rom. hom 15. [259] Of the Christian faith 5: 16 (187). [260] Cassian:Conf. 9: 18. [261] Strong: Hebrew& Chaldee Dict., article 3478

[262] In Rom. hom 16. [263] Against heresy of Noetius 6. [264] In Rom. hom 16. [265] In Ioan. tr 117: 5. [266] City of God 16: 32. [267] City of God 16: 34. [268] In Rom. hom 16. [269] Adv. Haer 4: 21: 2. [270] In Ioan. tr 11: 10.

.243، 242ص ،1984طبعة [271]

[272] City of God 16: 35. [273] In Rom. hom 16. [274] Ep. 133: 6. [275] Ep. 130: 12.

Page 278: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

278  

[276] Cassian: Conf 4: 5. [277] Instit. 12: 9. [278] On Ps. hom 34. [279] In Rom. hom 16. [280] In Rom. hom 16

[281] In Rom. hom 16. [282] Adv. Haer. 4: 20, 21. [283] In Rom. hom 17. [284] In Ioan. tr. 93: 4. [285] In Ioan. tr 26: 1. [286] City of God 17: 4. [287] Grace & Freewill, 24. [288] In Rom. hom 17. [289] Strom 2: 9. [290] In Ioan. tr. 3: 2. [291] In Rom. hom 17. [292] In Ioan tr 26: 1. [293] Ep. 41: 15. [294] On Belief in Resurrection. 2: 112. [295] Ser. On N. T. 4: 4. [296]In Rom. hom 18. [297] In Rom. hom 18. [298] Dial. with Trypho 97. [299] In Rom. hom 18. [300] Rom. hom 18. [301] Rom. hom 18. [302] Rom. hom 18. [303] Rom. hom 18. [304] In Ioan. tr. 53: 6. [305] Of the Holy Spirit 2: Intr. (9). [306] In Rom. hom 19.

Page 279: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

279  

[307] In Rom. hom 19. [308] In Rom. hom 19. [309] Adv. Haer. 1: 8: 4. [310] Adv. Eunomius 2. 8. [311] Adv. Eunomius 4: 3. [312] Adv. Eunomius 12: 1. [313] Adv. Haer. 4: 24: 1. [314] Ep. 22: 3. [315] On Ps. hom 33. [316] In Rom. hom 19. [317] In Rom. hom 19. [318] In Rom. hom 20. [319] On Ps. hom 23. [320] On Virginity. [321]Ep. 76: 3. [322] In Rom. hom 20. [323]In Ioan. tr 74: 3. [324]In Rom. hom 20. [325] In Rom. hom. 21. [326] In Rom. hom. 21. [327] In Rom. hom. 21. [328] In Rom. hom. 21. [329] Ep. 22: 2. [330] Ep. 52: 4. [331] On Ps. hom 57. [332] Ep. 49 ad Dracontium. [333] In Ioan. tr 111: 1. [334] In Rom. hom 21. [335] In Rom. hom. 21. [336]Ep. 59. [337]In Rom. hom 22.

Page 280: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

280  

[338]In Rom. hom. 22. [339] In Rom. hom. 22. [340]On Ps. hom 57. [341]Ep. 63: 100. [342]Duties of Clergy 1: 21 (91). [343] On Ps. hom 22, 41; adv. pelag. 1: 30 (See st. Aug: On Christian Doctrine 3: 16). [344] Cassian: Conf. 16: 22, 23. [345] In Rom. hom 23. [346]In Ioan. tr 57: 1. [347]In Ioan. tr 83: 3. [348] Strom. 4: 19. [349] In Rom hom 23. [350] In Rom hom 24. [351] Pastoral Rule 3: 39. [352] On Ps. hom 46. [353] On Jealous y& Envy 10. [354] Strom.4: 26. [355] Pasch. Ep.4: 3. [356] In Rom. hom 24. [357] In Rom. hom 25. [358] Cassian: Conf. 17: 20. [359] Conc. Virgins 1: 6. [360] Paedagogus. 2: 1. [361] In Rom. hom 25. [362] Cassian: Conf. 21: 13. [363] In Rom. hom 26. [364]Paedagogus.2: 1;

[365] Cassian: Conf. 1: 13. [366] Cassian: Conf. 1: 13. [367] In Rom. hom 27.

Page 281: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

281  

[368]Ser. On N. T. 26: 4. [369]In Rom. hom 27. [370] In Rom. hom 27. [371] In Rom. hom 27. [372] In Rom. hom 27. [373] In Rom. hom 28. [374] In Rom. hom 29. [375] In Rom. hom 29. [376]In Rom. hom 29. [377] Ep. 159: 2. [378] In Rom. hom 29.

.مكدونيةالليريكون هي إحدى واليات المملكة الرومانية شمال غربي [379]

[380] In Rom. hom 29. [381] On Ps. hom 14. [382] In Rom. hom 29. [383] In Rom. hom 29. [384] In Rom. hom 29. [385] In Rom. hom 29. [386] Strong: Greek Dict. of the N. T., articles 5402; 5457. [387] In Rom. hom 30. [388] In Rom. hom 30. [389] New Westminster Dict. of the Bible, p 269. [390] In Rom. hom 31. [391] Ibid. [392] New Westminster Dict. p 43. [393] In Rom. hom 30. [394] New Westminster Dict. p 40. [395] Mckenzie: Dict. Of the Bible, p 909. [396] New Westminster Dict. p 904. [397] Mckenzie, 38. [398] New Westminster, p 62.

Page 282: ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ...1 ﺔﻴﻣور ﻞهأ ﻰﻟإ ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا ﺮﻴﺴﻔﺗ ﻲﻄﻠﻣ بﻮﻘﻌﻳ سردﺎﺗ ﺺﻤﻘﻟا ﺔﻟﺎﺳﺮﻟا

282  

[399] In Rom, hom 31. [400] Gregory Dix: The shape of Liturgy, p 110. .411، ص 1973اإلفخارستيا، المسيح في سر :للمؤلف [401]

[402] PL 38: 1101 A. [403] In Rom. hom 32. [404] Ibid. [405] On Ps. hom 20.