قبسات من نهج البلاغة · j ( ١) ﺔـﻴﻧﺎﻤﺣﺭ ﺕﺎـﻴﻠﺠﺗ ﻦـﻣ ﹰﺎ ﻀـﻌﺑ ﺔـﻤﻳﺮﻜﻟﺍ ﺕﺎـﻳﻵﺍ ﻩﺬﻫ ﺽﺮﻌﺘﺴﻧ

قبسات من نهج البالغة

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

http://www.pdffactory.com



j )١(

نستعرض هذه اآليـات الكريمـة بعـضا مـن تجليـات رحمانيـة متقـدم تعلـيم القـرآن، وهـو معجـزة عـالم التـدوين ، اهللا عز وجـل

وهو معجزة عالم التكوين، وتنـوه بعـد تعلـيم على خلق اإلنسان، القـــرآن بـــأعظم مـــا علمـــه اهللا لإلنـــسان، وهـــو تعليمـــه البيـــان؛ وهكــذا يــصطفي اهللا لقرآنــه، ســـيد مــن لطــف بلغــة القـــرآن،

أنا أفصح العرب بيد أني من «: القائل وقوله الصدقJمحمدا .)٢(»قريش

j طالـب ويختار األئمة من بعده، وعلى رأسهم علي بن أبـي بت عروقــه اء الكــالم وفينــا تنــشروإنــا ألمــ«: القائـل وقولــه حــق

ويـــأتي نهــج البالغــة الــذي اختـــاره ، )٣(»لت غــصونه ا تهــد نــ وعلي

.٣ -١: ـ الرحمن ١ .١٥٨: ١٧: ـ بحار األنوار ٢ .٢٤٥: ٣١: ـ بحار األنوار ٣



البالغة نهج في عامة نظرة

ــشريف الرضــي ــي ،وجمعــه ال ــدو ؛j مــن كــالم اإلمــام عل ليغالمنهـل العــذب لكــل عـشاق الحقيقــة، فــي أجمـل تعبيــر إنــساني

ر عقـولهم، وينـضر قلـوبهم، عنها، يردونه ويصدرون عنه بما ينـو ويهذب نفوسهم، ويرقى بذوقهم، وبيانهم ويعب د لهم الطريق الـى أعمق أسرار القرآن الكريم، وأبعـاد شخـصية الرسـول العظـيم

Jوإلى سعادة الدنيا واآلخرة ، . ولقــد شــمر ســماحة الــشيخ أيــوب الحــائري عــن ســاعد الجــد،

بعـض مـا استـضاء بـه، وحاول أن يظفر بقبـسات مـن الـنهج، هـي واستشفه من دروس كلمـات اإلمـام أميـر الكـالم، وجعلهـا فـي

ــه، ــام ونهجـ ــشاق اإلمـ ــة عـ ــوعية، خدمـ ــادا موضـ ــم أبعـ ــستقرئ لهـ تـوتستكشف لهم آفاقا معنوية، وتحفـزهم إلـى اإلقبـال بأنفـسهم علـى النهج، وأنواره وأسراره، فهنيئا له هذا الجهد ينضم إلـى جهـود سـبقت

الهادف النافع إنشاء اهللا تعالى، وإلى مزيد من النجـاح مـع في التأليف .الدعاء له بالتوفيق والقبول

نبيل الحلباوي. د




ــيدنا ــى س ــسالم عل ــصالة وال ــالمين وال ــد هللا رب الع الحممحمد وآله الطيبين الطاهرين، سيما بقية اهللا في األرضين

.اهللا تعالى فرجهصاحب العصر والزمان عجل ، حيــث أنــه مــن جملــة )نهــج البالغــة(ال يخفــى علــى أحــد أهميــة

على نظرية اإلسـالم اإلنسان أولى المصادر التي يتعرف من خاللها ــع، وعالقاتـــه ــع نفـــسه وكيفيـــة للفـــرد والمجتمـ بـــاهللا ومعاملتـــه مـ

ــاآلخرين ــه ارتباطــه ب ــه بأن ــل في ــا قي دون كــالم الخــالق (، وبحــق م، وبحق هـو زبـدة منهـاج القـرآن الكـريم، )وقينوفوق كالم المخل

والمعرف بمبادئه وأهدافـه، ومـن هنـا ال يمكـن لباحـث عـن مفـردة يـسلط أن هـذا الـسفر العظـيم من مفـردات اإلسـالم أن يتجاهلـه، إذ

الضوء التام، والنور الكامل على التوحيد والنبـوة والعدالـة والمعـاد المعـــارف العاليــــة وغيرهـــا مـــن األصـــول اإلســــالمية وفروعهـــا و

والمفـــاهيم األخالقيـــة بـــشكل بـــشكل عـــام اإلنـــسانية للمفـــاهيم .خاص




ومن هذا المنطلق فقد أخـذت الحـوزة العلميـة علـى عاتقهـا جعـل المعاهــد فــي الحــوزات العلميــة ومــن ضــمن المنـاهج ) نهـج البالغــة (

.اإلسالمية، ترويجا لفكر نهج البالغة وثقافته يحقـق أمنيـة الطلبـة، فحاولـت فبدأت أبحـث عـن كتـاب فيـه مـا

وتوسـلت جاهدا غير أني لم أجد ضالتي، فتوكلـت علـى اهللا تعـالى تـدوين سلـسلة بنت صاحب النهج لكـي أوفـق ل Bبالحوراء زينب

بحوث موضوعية تحقق ما أطمح إليه، فكانت هـذه القبـسات التـي ، بين يديك، آثرنا على طبعها تعميما للفائـدة وترويجـا لثقافـة الـنهج

:بعد أن عزم علينا بعض األعزة طباعته وقد اشتمل الكتاب على .مدخل في تعريف نهج البالغةال -١ .وثقافتهنهج البالغة خمسة قبسات من فكر -٢

.عالقة اإلنسان بربه: ى األولةالقبس .عالقة اإلنسان بنفسه: ة الثانيةالقبس .عالقة اإلنسان مع اآلخرين: ة الثالثةالقبس .وصفات المتقينالتقوى : ةرابع الةالقبس . الفكريةالمرأة وقضاياها: ة الخامسةالقبس




بـه أنتفـع بـه أخـوتي فـي اإليمـان، وأن ينتفـع أن نـسأل اهللا تعـالى يوم ال ينفع مال وال بنون إال مـن أتـى اهللا بقلـب سـليم، ومـا تـوفيقي

.إال باهللا العلي القدير مـا شـرعنا بـه مـن ونأمل من المولى العزيـز أن يوفقنـا إلكمـال

.سلسلة هذه األبحاث إنه ولي التوفيق ق.هـ١٤٢٥جمادى األولى

B السيدة زينب-دمشق أيوب الحائري




المدخل

نظرة عامة في نهج البالغة

كتاب نهج البالغة § مصادر نهج البالغة § السيد الرضي و نهج البالغة § قبل السيد الرضي؟jمن جمع كلمات أمير المؤمنين § مؤلفات لكالم أمير المؤمنين بعد كتاب نهج البالغةال § حفظ وشرح نهج البالغة وترجماته § نهج البالغة عند االدباء والعلماء § jمميزات كلمات اإلمام علي § أهم مواضيع ومباحث نهج البالغة §



المدخل

نظرة عامة في نهج البالغة :كتاب نهج البالغة: أوال

ج (لة اليت هي اآلن بني أيدينا باسم هذه اموعة النفيسة واجلميقد عجز الزمان عن أن يبليها، بل أصبح الزمان واألفكار واليت ) البالغة

انكشافا يف قيمتها واءها، هي جمموعة منتخبة من هااملستحدثة النرية يزيد موىل املتقني )كلمات قصار( و)رسائل( و )وصايا( و )وأدعية( و )خطب(

، مجعها السيد الشريف )عليه الصالة والسالم( طالب اإلمام علي بن أيب سنة أربعمائة للهجرة، أي قبل وفاته بست )١()رضوان اهللا عليه(الرضي

هو األديب الفقيه والعالم الجليل والسيد الشريف ذو الحسبين محمد بن أبي ) ١(

يصل نسبه إلى إبراهيم ابن اإلمام موسى ،أحمد المشهور بالشريف الرضي...b



١٠ @ البالغة نهج في عامة نظرة

:سنوات، ودوا وأعدها بطريقة فنية رائعة يف ثالثة أبواب على النحو التايل) ٢٣٩(، وهي يف j يضم اخلطب اليت ألقاها اإلمام : الباب األول*

.)١(خطبة إىل األصدقاء واألعداء، j الرسائل اليت بعثها اإلمام: الباب الثاين*

والقادة العسكريني، والوالة وسائر مسئويل الدولة، وتسمى الكتب أيضا، .رسالة) ٧٩(وجمموعها

الكلمات القصار، أو العبارات الرائعة املليئة على وحيوي : الباب الثالث* .حكمة) ٤٨٠(أيضا، وهي » حلكمقصار ا«باحلكم اليت اشتهرت باسم

وما ) أي احلكم( معظم هذه اخلطب والكلمات القصار j وقد ألقى

وهو من مفاخر ،هـ٤٠٦ وتوفي بها سنة ،٣٥٩د في بغداد سنة ول،j الكاظم نظم الشعر وبلغ ، وإمام من أئمة العلم والحديث واألدب والتفسير،العترة الطاهرةتولي نقابة ، وهو لم يبلغ من العمر عشر سنين، ونال مرتبته الشامخة،ذروته الرفيعةالية أمور الطالبين في جميع بو٤٠٣ثم عهد إليه في سنة ، هـ ٣٨٠الطالبين سنة

وأتيحت له الخالفة على الحرمين على عهد الخليفة ،)نقيب النقباء(فلقب البالد ،٣٢٩: ٦األعالم للزركلي : وللتفصيل راجع،القادر إلى مناصب وواليات متكثرة

وغيرها في كتب ،٢٥٧: ١ وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ،٢٦٧: ٤١عة يوأعيان الش .التراجم

أن خطب أمير ) ره(وذكر المسعودي الذي كان يعيش قبل السيد الرضي ) ١( .٤٣١: ٢ أربعمائة ونيف وثمانون خطبة راجع مروج الذهبj المؤمنين



قبسات من نهج البالغة? ١١

فترة توليه احلكم واخلالفة، وهي تتعلق بالشؤون يف بعث من الرسائل . املهمة للدولة اإلسالمية وغريهاالسياسية واالجتماعية والعسكرية

جمموع اخلطب والرسائل أمسى) رمحة اهللا عليه(ومع أن الشريف الرضي استعراضا فإن )ج البالغة( باسم j والكلمات احلكيمة القصار لإلمام

ميكن وصفه املصنف قصريا للمعارف السامية الكامنة فيه يدلنا على أن هذا ج السعادة، ج الشهادة، ج اخلطابة، ج : مة أخرى أيضا مثليبأمساء ق

.... وفالح، ج الكفاح، ج احلياةالسياسة، ج اخلالفة، ج الإن السيد الشريف الرضي، مباله من غرام باألدب عموما، وبكالم

من ناحية البالغة واألدب j خصوصا كان ينظر إىل كالمهj اإلمام إىل هذه اخلصوصية، أي أن j ولذلك كان ينظر يف اختياره من كالمه

القسم الذي ميتاز ببالغة هو ذلك j الذي كان جيلب انتباهه من كالمه .)ج البالغة(خاصة، ومن هنا مسى جمموعة منتخباته

وهلذا أيضا مل يول اهتماما بذكر مآخذ ومدارك وأسانيد اخلطب والرسائل، اللهم إال يف موارد حمدودة يذكر فيها مبناسبة خاصة اسم الكتاب

.الذي ذكرت فيه تلك اخلطبة أو الرسالة تعهد وسعى يف مجع أسانيده ومصادره رجال ومن حسن احلظ أن

.آخرون من املتأخرين، وسنعرض هنا تلك اجلهود واملساعي بنحو موجز

: مصادر نهج البالغة:ثانياإن أحد األسئلة املطروحة حول كتاب ج البالغة، أن الشريف الرضي



١٢ @ البالغة نهج في عامة نظرة

مل يتعرض إىل ذكر أسانيد اخلطب والرسائل، مما جيعل اعتبارها يف مهبإن ج البالغة كتاب مرسل، وال ميكن االعتماد : الشك والتردد، حىت قيل

)١(.عليه فقهياعلى أثر ذلك، بذل احملققون جهودا حثيثة ومشكورة بغية اإلجابة عن ج البالغة اليت دونت قبل الرضي هذا السؤال، وقاموا باستخراج مصادر

: اجلهودونكتفي هنا باإلشارة إىل مناذج من تلك. وبعده متياز علي خان العرشيالـ استناد نهج البالغة، ١

وهو أول من طرح كيفية مجع ج البالغة، وإسناد كلمات ج البالغة ما يف الكتاب ، وأجاب فيه عن الشبهات املثارة حول نسبة j إىل اإلمام

، ومن مث تعرض إىل مصادر ج البالغة اليت دوا j إىل أمري املؤمنني .الفريقني قبل السيد الرضيكال

لسيد عبد الزهراء الحسيني الخطيبلـ مصادر نهج البالغة وأسانيده، ٢طبع الكتاب يف أربعة أجزاء، وقسم املؤلف مصادر ج البالغة إىل أربعة

:أقسام .وهي متوفرة اليوم) هـ٤٠٠(املصادر املؤلفة قبل عام ) أ

.غة، وقد نقل عنها بالواسطةاملصادر املؤلفة قبل كتاب ج البال) ب

:، راجع الغديرتعرض العالمة األميني إلى هذا اإلشكال وتصدى لإلجابة عنه ) ١( ١٩٨-٤/١٩٣.



قبسات من نهج البالغة? ١٣

j املصادر املدونة بعد السيد الرضي، لكنها نقلت كالم اإلمام) ج .بأسانيد متصلة دون أن يقع يف طرقها السيد الرضي

مع j املصادر املدونة بعد السيد الرضي، ونقلت كالم اإلمام علي) د . مع ما جاء يف رواية الشريف لـ ج البالغة،بعض االختالف

حسن زاده اآلمليل اإلنسان الكامل في نهج البالغة، ـ٣ :بذل املؤلف جهودا كبرية يف هذا املضمار، ويقول يف مقدمة كتابه

لقد اطلعت على مصادر هائلة لنهج البالغة من اجلوامع الروائية، وكتب السري والغزوات، وجماميع حديثية، وسفن علمية وكان دأيب العثور على

دونت قبل السيد الرضي، حىت حالفين التوفيق يف الوصول إىل مصادر ومنابع .ثلثي تلك املصادر

ونقلت قسما منها يف ثنايا تكملة منهاج الرباعة يف شرح ج البالغة .املطبوع يف مخسة أجزاء

للعالمة المحقق الشيخ محمد ، ـ نهج السعادة في مستدرك نهج البالغة٤ باقر بن عبد اهللا المحمودي

وسوعة تبلغ مثاين جملدات، واملهم يف هذه املوسوعة اجلامعة وهو م . ، أن املؤلف قد ذكر مصادر ج البالغةj لكلمات أمري املؤمنني

:السيد الرضي و نهج البالغة: ثالثا املتمثل يف الوقت j إن هذا التراث األديب والعلمي اخلالد لإلمام علي



١٤ @ البالغة نهج في عامة نظرة

ه اموعة يف ج البالغة ويف احلاضر خبطبه ورسائله، والقصار من كلماتغريه من الكتب هلو أعظم تراث أديب وديين وأخالقي واجتماعي، وسياسي

.بعد القرآن الكرمي واألحاديث النبوية الشريفة من قبل الشريف الرضي؟ j والسؤال هنا، كيف مجعت كلمات اإلمام

فما السبب الذي دعاه إىل ذلك؟ضي يف مقدمته على كتاب ج جييب على هذا السؤال الشريف الر

، وغضاضة الغصن، بدأت بتأليف )١(وكنت يف عنفوان السن« :البالغة فيقول، يشتمل على حماسن أخبارهم وجواهر كالمهم b كتاب خصائص األئمة

مام الكالم، وفرغت من إحداين عليه غرض ذكرته يف صدر الكتاب وجعلته وعاقت عن إمتام بقية ، j اخلصائص اليت ختص أمري املؤمنني عليا

وكنت قد بوبت ما خرج من ،، ومماطالت األيام)٢(الكتاب حماجزات الزمان فجاء يف آخرها فصل يتضمن حماسن ما نقل ،ذلك أبوابا وفصلته فصوال

من الكالم القصري يف املواعظ واحلكم واألمثال واآلداب دون j عنه من األصدقاء واألخوان اخلطب الطويلة والكتب املبسوطة، فاستحسن مجاعة

. )٣(ما أشتمل عليه الفصل املقدم معجبني ببدائعه ومتعجبني من نواصعه

.»أولها« :عنفوان السن ) ١(

.ممانعاته، ومماطالت األيام، مدافعاتها: الزمانمحاجزات ) ٢(

.الخالصة: النواصع ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ١٥

وسألوين عند ذلك أن أبدأ بتأليف كتاب حيتوي على خمتار كالم موالنا أمري ، يف مجيع فنونه، ومتشعبات غصونه، من خطب وكتب j املؤمنني

غة، وغرائب الفصاحة ومواعظ، وآداب علما أن ذلك يتضمن عجائب البال الدينية والدنيوية ماال يوجد جمتمعا يف كالم )١(وجواهر العربية وثواقب الكلم

مشرع الفصاحة j وال جمموع األطراف يف كتاب، إذ كان أمري املؤمنني، ومنشأ البالغة ومولدها، فأمجعت بتوفيق اهللا تعاىل على االبتداء )٢(وموردها

اسن احلكم واألدب، مفردا لكل صنف من ذلك باختيار حماسن اخلطب، مث حمبابا ومفصال فيه أوراقا لتكون مقدمة الستدراك ما عساه يشذ عين عاجال

j وال أدعي مع ذلك أين أحيط بأقطار مجيع كالمه... آجالإيل ويقع حىت ال يشذ عين منه شاذ وال يند ناد، بل ال أبعد أن يكون القاصر عين

ورأيت من .... دون اخلارج من يدي)٣(واحلاصل يف ربقيتفوق الواقع إيل، .)٤(»...»ج البالغة« تسمية هذا الكتاب بـ،بعد

ومنه الشهاب الثاقب، ومن الكلم ما يضيء لسامعها طريق ،الثواقب المضيئة ) ١(

.الوصول إلى ما دلت عليه فيهتدي بها إليه

مورد الشاربة كالشريعة: المشرع تذكير المشرعية ) ٢(

بل يجعل فيها رأس البهيمةهي عروة الح: الربقة ) ٣(

، ونهج البالغة شرح الشيخ ١٧راجع نهج البالغة شرح الشيخ محمد عبدة ص ) ٤( وشرح النهج ،٤٢ ص - ١، وشرح النهج البن أبي الحديد ج٣٣صبحي الصالح ص

.٤٩ ص - ١للخوئي ج



١٦ @ البالغة نهج في عامة نظرة

قبل السيد الرضي؟j من جمع كلمات أمير المؤمنين: رابعا ، j إىل مجع كالم أمري املؤمننيالسباق مل يكن الشريف الرضي هو

بالغة، وحظي مبا مل حيظ به وال األول يف تدوينه، فقد عين الناس به عنايةكالم أحد من البلغاء على كثرم يف اجلاهلية واإلسالم، ودونوه يف عصره،

، ومن هؤالء زيد بن وهب اجلهين )١(حفظوه يف أيامه، وكتبوه ساعة إلقائه وشهد معه بعض مشاهده حيث مجع كتابا من j كان من أصحاب اإلمام

ن بعض خطب اإلمام ساعة إلقائها، الذي دو)٢(خطبه، واحلارث األعور روى للناس عهده j وهو من خاصة أمري املؤمنني)٣(واألصبغ بن نباتة

. واله مصر، ووصيته لولده حممد بن احلنفيةملالألشتر النخعي ، وكميل بن )٤(شريح القاضي: ورووهj ومن الذين حفظوا كالم اإلمام

.٤٨ص/ ١للسيد الخطيب ج. مصادر نهج البالغة وأسانيده ) ١(

وكان من المنقطعين إليه، والمجاهرين بحبه، روى عنه j من أصحاب اإلمام ) ٢( .هـ٦٥وأخذه من علومه، توفي سنة

أخذ عنه كثيرا، وعمر بعده حتى توفي أوائل القرن j من أصحاب اإلمام علي ) ٣( .الثاني

استعمله عمر على . k أدرك الجاهلية، ولكنه لم ير النبي: شريح ابن الحارث ) ٤( على القضاء j زل قاضيا ستين سنة إال ثالث، وأقره اإلمامقضاء الكوفة فلم ي

.ألمور معينة واشترط عليه أن ال يبرم حكما إال بعد عرضه عليه



قبسات من نهج البالغة? ١٧

. وغريهم)١(زياد النخعي. كانت مدونة حمفوظة مشهورةj طب اإلمام عليوذكر اجلاحظ أن خ

والذي حفظ «: فقالj وأحصى املسعودي ما كان حمفوظا من خطه .)٢(»الناس من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة ونيف وثمانون خطبة وفيهم ،من خالل هذه النصوص من األعالم على اختالف مذاهبهم

كانت j خطب اإلمام علياملتقدم على الرضي بزمان طويل يظهر بأن مدونة حمفوظة مشهورة بني الناس معروفة عندهم، وأا تنيف على أربعمائة ومثانني بينما املذكور منها يف الكتاب الذي مجعه الرضي ال يصل إىل هذا

.العددوذا يتضح ما ذكرناه من أن الشريف الرضي مل يكن هو أول من مجع

.ك من سبقه إىل هذا العمل ، بل كان هناj خطب اإلمام عليويتضح أيضا بأن ج البالغة ليس من صنع الشريف الرضي، وقد نسبه

. كما يدعيه البعضj إىل اإلمام عليمصادر ج البالغة (وقد ذكر العالمة السيد عبد الزهراء اخلطيب يف كتابه

وصاحب سره، عاش إلى أيام الحجاج فقتله j من خواص أصحاب اإلمام ) ١(

قبره و) النجف( ودفن بظهر الكوفة j هـ فكان كما أخبره أمير المؤمنين٨٣في سنة .مزار مشهور

.٤١٣: ٢مروج الذهب، ) ٢(



١٨ @ البالغة نهج في عامة نظرة

قبل j أمساء املصنفات والكتب اليت مجعت كالم اإلمام علي) وأسانيده :، وعددها اثنان وعشرون مؤلفا ومصنفا، منها)١(زمن الشريف الرضي

والظاهر أن هذا الكتاب ، لزيد بن وهب اجلهين . ، ألن مؤلفه أدرك اجلاهلية واإلسالمj أول كتاب مجع يف كالمه

jاملروية عن اإلمام الصادق j وقد ، روح فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة، وقد وصلت نسخة من رواه أبو

أا : وكتب عليها،هذا الكتاب إىل السيد علي بن طاووس عليه الرمحة .)٢(كتبت بعد املائتني من اهلجرة

اختارها أبو عثمان واختار الشريف ،j عمرو بن عثمان اجلاحظ يف كالم أمري املؤمنني

)٣(.الرضي مجلة منها، وأثبتها يف النهج j إلبراهيم بن حممد بن

)٤(.سعيد بن هالل بن عاصم بن مسعود الثقفي الكويف

، وقد ذكر هذه المؤلفات العالمة آقا بزرگ الطهراني ٥١: ١مصادر نهج البالغة، ) ١(

.، مادة خطب١٩١ :٧في كتابه القيم الذريعة، في

.١٩٠ :٧راجع الذريعة إلى تصانيف الشيعة، الطهراني، ) ٢(

.٦: ١مصادر نهج البالغة، ) ٣(

.نفس المصدر ) ٤(



قبسات من نهج البالغة? ١٩

المؤلفات لكالم أمير المؤمنين بعد كتاب نهج البالغة: خامسا j ع وألف يف كالم اإلمام عليكما أن الشريف الرضي مل يكن أول من مج

كذلك مل يكن آخر من قام بذلك، كما أنه مل تنحصر كلمات وحكم ومواعظ بالذي مجعه الرضي فحسب، كما صرح هو بذلك يف j أمري املؤمنني

ذو الطابع اخلاص متيز عن كالم j مقدمته على النهج، بل إن كالم اإلمامحاول كثري من العلماء واألدباء على مر غريه من اخلطباء والبلغاء، وهلذا فقد

العصور قبل عصر الرضي وبعده أن يفردوا لكالمه كتبا خاصة ودواوين مستقلة، بقي بعضها وذهب الكثري منها مع األيام يف مجلة ما ذهب من الكتب الشيعية واإلسالمية عموما، حيث تعرضت للنهب واإلحراق عند انقراض

.)١(ومة األيوبينيدولة الفاطميني ويف حكوعلى أي حال فإنه لو قدر ألحد أن حيظى بكل ما ألف حول كالم

. ، الجتمع له مكتبة برأسهاj اإلمام علي السيد األمني يف أعيان j وقد ذكر هذه املؤلفات يف كالم اإلمام

الشيعة، والسيد اخلطيب يف مصادر ج البالغة وأسانيده، حيث أحصى مثانية . باإلضافة إىل ما ذكره غريهم من العلماءj ؤلفا يف كالم اإلمامواربعني م

.٤١: ٣راجع التمدن اإلسالمي جرجي زيدان ) ١(



٢٠ @ البالغة نهج في عامة نظرة

:وأهم هذه المؤلفات، ومأثور مكارم الشيم من كالم أمري ـ دستور معامل احلكم١

وهو أليب عبد اهللا حممد بن سالمة بن جعفر الفقيه الشافعي، : j املؤمنني . هـ٤٤٥املتويف سنة ) الشهاب(املعروف بالقاضي القضاعي صاحب

أليب العباس يعقوب بن امحد : وخطبهj ـ كالم اإلمام علي٢يف احلديد وخطبه، ونقل عنه ابن أيب j الصيمري، مجعه من كالم علي

.٤١٠: يف الد الثالث) شرح ج البالغة( للشيخ اإلمام أمني اإلسالم أيب علي الفضل بن احلسن :ـ نثر الآللئ٣

.٥٤٨ملتويف سنة بن الفضل الطربسي، املفسر ا أليب الفتح ناصح الدين عبد الواحد بن :ـ غرر احلكم ودرر الكلم٤

.حممد بن عبد الواحد اآلمدي أليب الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممد البكري، :ـ منثور احلكم٥

.الشهري بابن اجلوزي من أفاضل علماء احلنابلةميد بن أيب احلديد وهي ألف كلمة ختم ا عبد احل:ـ احلكم املنثورة٦وحنن «: ، وقال قبل الشروع بذكرها ما هذا نصه)شرح ج البالغة(كتابه

اآلن ذاكرون ما مل يذكره الرضي مما نسبه قوم إليه، يعين إىل اإلمام )١(»اخل... ، وبعضه مشهور عنه، وبعضه ليس بذلك املشهورj علي

.٤٢٠ :٤: شرح ابن أبي الحديد ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٢١

حسني النوري، ألف للشيخ اجلليل املريزا:ـ الصحيفة العلوية الثانية٧من ) الصحيفة العلوية األوىل(هذا الكتاب الستدراك ما فات السماهيجي يف

.أدعية أمري املؤمنني ومناجاته مجعها بعض أهل الفضل من املسيحيني، :ـ حكم علي بن أيب طالب٨

وهو : قال) معجم املطبوعات(ذكر ذلك األستاذ يوسف إليان سركيس يف )١(.ليشتمل على أربع رسائ

للعالمة احملقق الشيخ حممد :ـ ج السعادة يف مستدرك ج البالغة٩واملهم يف هذه . باقر بن عبد اهللا احملمودي، وهو موسوعة تبلغ مثاين جملدات

أن املؤلف قد ذكر مصادر ج j أمري املؤمننيلكلمات املوسوعة اجلامعة .البالغة

مة البالغة هلذه الكتب ولكن على الرغم من القيمة العلمية واألهيبقي كتاب ج البالغة الذي مجعه الرضي رمحه اهللا، هو . واملؤلفات املذكورة

التراث اخلالد الذي ال يبليه الزمان مهما طال عمره، وكما قيل يف املقايسة :j بينه وبني سائر املؤلفات يف كالم اإلمام

، وأبعدها وشأوا، هو فإن أعظمها خطرا، وأعالها شأنا، وأحسنها أبوابا« )٢(.»)ج البالغة(جمموع ما اختاره الشريف الرضي يف كتابه

.١٨٢: ٣: ، نقال عن الكنى واأللقاب٨٣: ١مصادر نهج البالغة، ) ١(

.٦: ١شرح النهج البن أبي الحديد ) ٢(



٢٢ @ البالغة نهج في عامة نظرة

حفظ وشرح نهج البالغة وترجماته: سادسابلغ كتاب ج البالغة قمة العظمة والتقديس والتبجيل، ما مل يبلغه كتاب

.يمةبعد القرآن الكرمي والسنة النبوية، وذلك حملتوياته الثمينة، ومضامينه القومن هنا قام العديد من األعالم حبفظه، وحث الناس على األخذ به

مجال الدين بن احلسني بن حممد «وتعلمه، فكان ممن حفظته القاضي وهو من املعاصرين لزمن املؤلف املرحوم الرضي، ومن حفاظه يف » القاشاين

.هـ٥٦٤املتويف اخلطيب أبو عبد اهللا حممد : القرون املتقدمةا غريهم من الذين حفظوا النهج ممن ال يتسع اال لذكرهم، وهكذ

منذ عهد قريب من ) النهج(وهكذا أيضا توالت وتضافرت الشروح حول وأول من قام بشرحه هو الشريف الرضي ،عصر املؤلف إىل عصرنا احلاضر

اجلامع لنهج البالغة، ومن مث علماء آخرون ذكر أمسائهم وشروحهم على مة األميين يف كتابه القيم الغدير، والشيخ آقا بزرگ يف كتابه النهج العال

.الذريعة إىل تصانيف الشيعة :وأهم تلك الشروح هي كاآلتي

عبد احلميد بن حممد بن حممد بن أيب احلديد ل ـ شرح ج البالغة،١ ).هـ٦٥٦املتوىف (املعتزيل

حراين بن علي بن ميثم البميثم كمال الدين ل ـ شرح ج البالغة،٢، يعد املؤلف من فالسفة اإلمامية ومتكلميهم، ومن هنا جند )هـ٦٩٩املتوىف (

.أن شرحه مشحون مبوضوعات كالمية وفلسفية



قبسات من نهج البالغة? ٢٣

من علماء ) هـ١٣٢٣املتوىف ( للشيخ حممد عبده ـ شرح ج البالغة،٣ .اجلامع األزهر

،كما أنه ترجم وقد ذكر السيد األمني بعض هذه الشروح يف األعيان )١(. كتاب إىل لغات أخرىال

نهج البالغة عند االدباء والعلماء:سابعاعلى أثر صدور كتاب ج البالغة من قبل السيد الرضي، شاع يف الناس ذكره، ونال إعجاب العلماء واألدباء، فتدارسوه يف كل مكان وزمان، ملا

لكلم اشتمل عليه من عجائب األلفاظ، وما احتواه يف سحر البيان وجوامع ايف أسلوب قل نظريه إن مل يكن معدوما لوال ما يف القرآن الكرمي من الذروة

.والقمة يف البيان والبالغة واألدبونظرا ملا قاله الكثري من العلماء واألدباء يف حق ج البالغة نرى لزاما علينا أن ننقل ولو الشيء القليل من هذا املدح والثناء، لبيان مدى ما أحرزه

. من مرتلة لدى هؤالءj الم اإلمام عليكأن : فهذا الدكتور علي اجلندي رئيس كلية العلوم جبامعة القاهرة ينقل

)٢(»حفظ كالم األصلع«: أىن لك هذه البالغة فقال: عبد احلميد سئل

.٥٤٤: ١أعيان الشيعة، ) ١(

بد الحميد مع اعترافه بكالمه هذا من انحسر شعر مقدم رأسه، فع: األصلع ) ٢( . وكماله، يذكر اإلمام بنبز اللقب، وذلك بحكم انتمائه إلى بني أميةj بفضل اإلمام



٢٤ @ البالغة نهج في عامة نظرة

وكان اجلاحظ ـ وهو األديب العارف بالكالم وفنونه، والذي يعد نابغة يف أحد ) البيان والتبيني(لث اهلجري، ويعد كتابه األدب يف أوائل القرن الثا

ـ يكرر يف كتابه اإلعجاب والثناء على كالم )١(أركان األدب األربعة .j اإلمام

j مجلة معروفة يف وصف كالم اإلمام) ره(وللسيد الشريف الرضي :والثناء عليه، يقول

مشرع الفصاحة وموردها ومنشأ البالغة j كان أمري املؤمنني«لدها، ومنه ظهر مكنوا، وعنه أخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كل ومو

قائل خطيب، وبكالمه استعان كل واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا الذي عليه مسحة من العلم اإلهلي، وفيه j وقد تقدم وتأخروا، ألن كالمه

)٢(»عبقة من الكالم النبويلرضي شعر ميدح ويصف فيه وللسيد املرتضى علم اهلدى أخو الشريف ا

:ج البالغةنهج البالغة نهجة لذوي البالغة

واضح

وكالمه لكالم أرباب الفصاحة فاضح

أدب الكاتب البن قتيبة، والكامل للمبرد، والنوادر : واألركان الثالثة األخرى هي ) ١( .ألبي علي القالي ـ ابن خلدون ـ

.٤٥: ١ شرح النهج البن أبي الحديد ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ٢٥

العلم فيه زاخر والفضل فيه راجح

لك اليحجمعها وغوامض التوحيد فيه

ووعيده مع وعده للناس طرا ناصح

ة صالح أو طالحتحظى به هذي البري

ال كالعريب ومالها فالمال غاد رايح

هيهات ال يعلو على مرقى ذراه مادح

إن الرضي الموسوي لمائه هو مايح

القت به وبجمعه عدد القضاء مدائح

وكان ابن أيب احلديد من علماء املعتزلة يف القرن السابع اهلجري، أديبا مكررا إعجابه j وهو كما نعلم مغرم بكالم اإلمام. را بليغاماهرا وشاع : وقال يف مقدمته على كتابه شرح ج البالغة،به يف كتابه

: إمام الفصحاء وسيد البلغاء، وفي كالمه قيلj فهو: وأما الفصاحة«دون كالم الخالق وفوق كالم المخلوق، ومنه تعلم الناس الخطابة

.)١(»...والكتابة ، j ا سردنا بعض ما قاله االدباء والعلماء املتقدمني حول كالمهوكم

نعكس اآلن هنا قليال مما قاله فيه ذوو األنظار واألفكار يف عصرنا هذا .أيضا

.٢٤: ١ شرح النهج البن أبي الحديد ) ١(



٢٦ @ البالغة نهج في عامة نظرة

يقول الدكتور علي اجلندي رئيس كلية العلوم جبامعة القاهرة يف مقدمة قى موقعة يف هذا الكالم موسي«): علي بن أيب طالب، شعره وحكمه(كتاب

.»تأخذ القلب أخذا، وفيه من السجع املنتظم ما يصوغه شعراوينقل الدكتور طه حسني األديب والكاتب املصري الشهري يف كتابه

وطلحة j خرب الرجل الذي تردد يف يوم اجلمل يف أمر علي) علي وبنوه(كيف ميكن أن يكون مثل طلحة والزبري : والزبري وعائشة، يقول يف نفسه

أميكن : وسألهj ائشة على اخلطأ؟ وشكا شكه ذلك إىل اإلمام عليوع أن جيتمع الزبري وطلحة وعائشة على باطل؟

نه أمر ملبوس عليه إن دين اهللا ال يعرف بالرجال بل إ«: j فقال .)١(»بآية الحق فاعرف الحق تعرف أهله

ما أعرف «: يقولj وبعد أن ينقل األستاذ هذه الكلمات عن اإلمامبا أروع من هذا اجلواب الذي ال يعصم من اخلطأ أحدا مهما تكن جوا

مرتلته، وال حيتكر احلق ألحد مهما تكن مكانته، بعد أن سكت الوصي .وانقطع خرب السماء

وأمري البيان شكيب أرسالن، من كتاب العرب املعروفني يف هذا العصر، أحد احلاضرين املنصة، يتفق يف احلفل الذي أقيم تكرميا له يف مصر أن يرقى

: أمري البيان: رجالن يف التاريخ يستحقان أن يلقبا بلقب«: ويقول فيما يقول

.٤بشارة المصطفى، ص ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٢٧

!»أمري املؤمنني، علي بن أيب طالب، وشكيب أرسالنفيقوم شكيب ارسالن من جملسه غاضبا ويذهب إىل املنصة فيعتب على

أين أنا وأين «: ويقولj املقارنة بينه وبني اإلمامقام ذهصديقه الذي )١(!»j أنا ال أعد نفسي شسع نعل لعلي! علي بن أيب طالب

وكتب ميخائيل نعيمة الكاتب اللبناين املسيحي املعاصر يف مقدمة كتاب بطوالت اإلمام : جلورج جرداق، يقول) اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية(

أيه، وطهارة ما اقتصرت يوما على ميادين احلرب، فقد كان بطال يف صفاء روسحر بيانه، وعمق إنسانيته، وحرارة إميانه، ومسو دعته، ونصرته . وجدانه

.للمحروم واملظلوم من احلارم والظامل، وتعبده للحق أينما جتلى له احلق معترفا بفصاحته ومجال ـ وهو ألد أعدائه ـوكان معاوية بن ايب سفيان

:اسلوبه وأقبل على معاوية وقال له j مفقد أدبر حمقن بن أيب حمقن عن اإلما

جئتك من عند j وهو يريد أن يفرح قلبه الفائر باحلقد على اإلمام– !أعيا الناس

! وحيك: وكان هذا التملق من القبح مبكان مل يقبله حىت معاوية، فقال له

نقل هذا الخبر العالم المعاصر األستاذ الشيخ محمد جواد مغنية العاملي في ) ١(

قبل عدة أعوام ـ j الحفل الذي أقيم تكريما له في مدينة مشهد اإلمام الرضا .المؤلف



٢٨ @ البالغة نهج في عامة نظرة

!)١(فو اهللا ما سن الفصاحة لقريش غريه! كيف يكون أعيا الناسناء االدباء والعلماء من األصدقاء واألعداء وال نطيل أكثر من هذا بنقل ث

: ، وخنتمه بكلمة منه يف هذا املوضوعj على كالم اإلمامفقال ! ليتكلم، فتلجلج وأعىيj قام يوما أحد أصحاب اإلمام

:j اإلمامال وإن اللسان بضعة من اإلنسان فال يسعده القول إذا امتنع، وال ميهله «

الكالم وفينا تنشبت عروقه وعلينا دلت وإنا ألمراء. النطق إذا اتسع .»غصونه

)٢( j مميزات كلمات اإلمام علي: ثامنا منذ أقدم العصور مبيزتني تعرف j متتاز كلمات اإلمام أمري املؤمنني

.البالغة والشمول: ما ومهاويكفي كل واحدة من هاتني امليزتني فخرا لكالم اإلمام وشرفا، وهذا هو

من حد األعجاز، ومن هنا أيضا عد قريباj المهالذي جعل ك: يف األوسط فوق كالم املخلوق وحتت كالم اخلالق فقالوا فيهj كالمه

)٣(»هو فوق كالم املخلوق ودون كالم اخلالق«

.٢٤: ١د شرح نهج البالغة البن ابن الحدي ) ١( .في رحاب نهج البالغة للشهيد المطهري ) ٢(

.٢٤: ١شرح نهج البالغة الن أبي الحديد، ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ٢٩

: الفصاحة والجمال والنفوذ والتأثيرـ١ال حتتاج هذه امليزة يف ج البالغة إىل التوضيح ملن كان عارفا بفنون الكالم ومجال الكلمة فإن اجلمال يدرك وال يوصف إن لنهج البالغة اليوم، وبعد أربعة عشر قرنا من عهده نفس احلالوة واللطف الذي كان فيه للناس على عهده، ولسنا حنن اآلن يف مقام إثبات هذا الكالم ولكنا مبناسبة البحث

ه يف حتريك يف القلوب، وتأثريj نورد هنا كالما يف مدى نفوذ كالمهالعواطف واألحاسيس، واملستمر من لدن عهده إىل اليوم مع كل ما حدث

.من حتول وتغيري يف األفكار واألذواق ولنبدأ بعهده خصوصا من كان منهم عارفا بفنون الكالم j لقد كان أصحابهالبيان ( كما ذكر اجلاحظ يف –الذي كان ) ابن عباس(مغرمني بكالمه، منهم

)١( من اخلطباء االقوياء على الكالم– )والتبنيفإنه مل يكن يكتم عن غريه شوقه إىل استماع كالمه وإلتذاذه

حىت أنه حينما ألقى اإلمام خطبته املعروفة بالشقيقية كان j بكلماته رجل من أهل العراق وناوله كتابا، فقطع بذلك j حاضرا، فقام إىل اإلمام

لو اطردت خطبتك من ! يا أمري املؤمنني«: كالم اإلمام، فقال ابن عباس ومل يطرد »إنها شقشقة هدرت، ثم قرت! هيهات«: j فقال» حيث أفضيت

واهللا ما ندمت على شيء كما ندمت «: يف كالمه ذاك، فكان ابن عباس يقول

.٢٣٠: ١البيان والتبين ) ١(



٣٠ @ البالغة نهج في عامة نظرة

.»على قطعه هذا الكالمما انتفعت بكالم بعد «: j وكان يقول يف كتاب بعث به إليه اإلمام

.)١(» كانتفاعي ذا الكالمk اهللاكالم رسول كان الذين جيلسون إىل منربه فيستمعون إليه يتأثرون بكالمه كثريا، إذ

.كانت مواعظه ز القلوب وتسيل الدموعوهذا السيد الرضي ! واآلن أيضا من ذا يسمع وعظه أو يقرأه فال يهتز له؟

.)٢(يقول عند نقله اخلطبة املعروفة بالغراء) ره( ملا خطب ذه اخلطبة اقشعرت هلا اجللود وبكت j اخلرب أنهويف«

.العيون ورجفت القلوب من أولياء اهللا وأحبائه متيم القلب j أصحابهيف وكان مهام بن شريح بإصرار أن يرسم له صورة كاملة للمتقني، j بذكره، فطلب من اإلمام

تصر على مجل خياف عليه أن ال يتحمل مساع كلماته، فاقj وكان اإلماماتق اهللا يا همام وأحسن، فإن اهللا مع الذين اتقوا والذين «: خمتصرة إذ قال أوارا j ولكن مل يقنع ذا مهام، بل ازداد شوقه إىل كالمه»هم محسنون

وبينما يستمر ! وضراما، فأصر عليه أكثر من ذي قبل حىت اقسم عليهصرخة مهولة جلبت وفجأة قرعت أمساع احلاضرين بكالمه jاإلمام

.١٤٠: ١٥ البن أبي الحديدالبالغة شرح نهج ) ١(

.٨٢: ، الخطبة٢٧٦-٢٤١: ٦ شرح النهج البن أبي الحديد ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ٣١

أنظارهم إىل صوب مهام ومل يكن الصارخ سوى مهام فلما وقفوا عليه رأوا .أن روحه قد خرجت من جسمه إىل رمحة اهللا ورضوانه

هكذا تفعل : ثم قال. أما واهللا لقد كنت أخافها عليه«: j فقال اإلمام .»المواعظ البليغة بأهلها

. نفوس سامعيه يفj نعم هكذا كان أثر نفوذ كالم اإلمام الشمول واألبعاد المتعددة في كالم االمامـ٢

أنه ذو أبعاد متعددة وليس ذا بعد واحد وإن j من مميزات كالم اإلمام ليس مما j هذه اخلصيصة، خصيصة الشمول واالستيعاب يف كالم اإلمام

اكتشف حديثا، بل هو أمر كان يبعث على العجب منذ أكثر من ألف عام، الذي هو من علماء اإلمامية يف املائة ) ره(سيد الشريف الرضي فهذا ال

:الرابعة، أي قبل ألف سنة يلتفت إىل هذه النقطة فيعجب ا ويقولأن كالمه الوارد يف : ومن عجائبه اليت انفرد ا، وأمرنا املشاركة فيها«

ر، وخلع الزهد واملواعظ والتذكري والزواجر إذا تأمله املتأمل وفكر فيه املفكأنه كالم مثله ممن عظم قدره ونفذ أمره وأحاط بالرقاب ملكه، مل : من قلبه

يعترضه الشك يف أنه كالم من الحظ له يف غري الزهادة، وال شغل له بغري العبادة، قد قبع يف كسر بيت أو انقطع إىل سفح جبل، ال يسمع إال حسه وال

ينغمس يف احلرب مصلتا سيفه يرى إال نفسه، وال يكاد يوقن بأنه كالم منفيقط الرقاب وجيدل األبطال، ويعود به ينطف دما ويقطر مهجا، وهو مع تلك

وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه ! احلال زاهد الزهاد وبدل األبدال



٣٢ @ البالغة نهج في عامة نظرة

.)١(»اللطيفة اليت مجع ا بني األضداد :ذا الصددوقال صفي الدين احللي ـ املتويف يف القرن الثامن اهلجري ـ

جمعت في صفاتك األضداد

ولهذا عزت لك األنداد !حليم شجاع! زاهد حاكم

!فقير جواد! فاتك ناسك

شيم ما جمعن في بشر قط

وال حاز مثلهن العباد خلق يخجل النسيم من اللطـ

ـف وبأس يذوب منه الجهاد

جل معناك أن يحيط به الشـ

)٢(ـعر ويحصي صفاتك النقاد وقد أعجب الشيخ حممد عبده ذا أيضا، حيث إن القارئ يف ج

:البالغة يسري به يف عوامل عديدة، وقد أبدى إعجابه ذا يف مقدمته فقالفتصفحت بعض صفحاته، وتأملت مجال من عباراته، من مواضع ... «

خمتلفات، ومواضع متفرقات، فكان خييل يل يف كل مقام أن حروبا شبت وإن مدبر تلك الدولة ... غارات شنت، وأن للبالغة دولة وللفصاحة صولةو

وباسل تلك الصولة هو حامل لوائها الغالب أمري املؤمنني علي بن أيب )٣())طالب

.٤٩: ١شرح النهج البن أبي الحديد، ) ١(

.ديوان صفي الدين الحلي ـ حرف الدال ) ٢(

.١٠: مقدمة عبده ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ٣٣

أهم مواضيع ومباحث نهج البالغة:تاسعاإن املباحث املطروحة يف ج البالغة، واليت صبغت هذه الكلمات

فة يف كل فصل عن الفصل اآلخر، كثرية يستحق كل السماوية بصبغة خمتلواحد منها البحث والتحقيق، وأهم هذه املباحث حسب الترتيب الذي جاء به الشهيد املطهري يف كتابه القيم يف رحاب ج البالغة حيث قسم

:موضوعات ج البالغة إىل العناوين العامة التالية

مباحث التوحيد، وماوراء الطبيعةـ ١ . نظام العباداتـ٢ .ـ نظام احلكم واإلدارة٣ . واخلالفةb ـ أهل البيت٤ .ـ املواعظ واحلكم٥ .ـ الدنيا، والزهد فيها٦ .ـ احلرب واحلماسة٧ .ـ املالحم واملغيبات٨

.ـ األدعية واملناجاة٩ .ـ االنتقاد والشكوى من الناس١٠ــة يف ١١ ــد االجتماعيـ ــــ القواعـ .البالغة جلقـــرآن يف ــــ اإلســـالم، وا ١٢ .البالغة ج .ـ األخالق وذيب النفس١٣ .ـ الشخصيات يف ج البالغة١٤





...قبس

عالقة اإلنسان بربه )العرفان(

معرفة اهللا وفضلها: األولى طاعة اهللا سبحانه: الثانية وجلعبادة اهللا عز: الثالثة

العبادة في نهج البالغة عبادة اهللا بالدعاء





عالقة اإلنسان بربه ...قبسمن الواضح أن نظام اإلسالم هو نظام العالئق واالرتباطات واحلقوق،

روابط مع اهللا، وميكن أن نطلق : وهذه الروابط على أحناء ثالثة، فهي أوال، وثانيا عالقة )العرفان(أو ما يصطلح عليها بـ ) عالقة اإلنسان بربه(عليها

)اجلهاد األكرب(، أو )تزكية النفس(ح عليها بـاإلنسان بنفسه، وميكن أن يصطلعلى حد تعبري بعض الروايات، وثالثا عالقة اإلنسان مع اآلخرين، ويطلق

.)األخالق واآلداب االجتماعية(عليها ونظرا ألمهية هذه األحباث الثالثة، من حيث أا توقف اإلنسان على

سيسأل عنها سنبحثها من حقيقة احلقوق امللقاة على عاتقه، واملسؤولية اليتخالل كلمات أمري املؤمنني يف ج البالغة، ونبدأ باملوضوع األول وهو عالقة اإلنسان بربه، ألنه بال أدىن ترديد، إن عالقة اإلنسان بالناس وتعامله معهم، مرتبطة أشد االرتباط بعالقته باهللا سبحانه وتعاىل، وتعامله معه،



٣٨ @ بربه اإلنسان عالقة ...قبس

ه أن يعرف قدر ربه وعظمته، فيطعه، وخيلص الدين ومشروطة ا، فإن واجبله، ويوقن به وحيبه، وحيسن معاملته، وحيصل ارتباطه به، لكي تنعكس آثار

.ذلك على مجيع جزئيات حياته، ومنها تعامله مع بين نوعهمن أصلح ما بينه وبين اهللا، أصلح اهللا ما «: j يقول أمري املؤمنني

أمر آخرته، أصلح اهللا أمر دنياه، ومن كان بينه وبين الناس، ومن أصلح .)١(»له من نفسه واعظ، كان عليه من اهللا حافظ

وهناك طرق متعددة الرتباط العبد بربه، ولعله األفضل أن يبدأ هذا االرتباط مبعرفة اهللا بقدر امليسور، مث إطاعته فيما أمر وى مطلقا، مث عبادته

يث حول هذه الطرق واملراحل الثالثة يف كما يريد هو، وفيما يلي نركز احلد .االرتباط مع اهللا سبحانه وتعاىل

معرفة اهللا وفضلها: األولىإن معرفة اهللا أو ما يصطلح عليه العرفان، ينقسم إىل قسمني، العرفان النظري، وهو الذي يبحث يف وجود اهللا والعامل واالنسان، والعرفان العملي

ويبين ارتباط اإلنسان وعالقته بنفسه وهو عبارة عن ذلك الذي يوضح، ويف هذا القسم من العرفان »السري والسلوك«وبالعامل وباهللا، ويسمى بعلم

يتضح للسالك كيفية الوصول إىل مرحلة حبيث ال يرى فيها إال اهللا عز .وجل

.٨٩نهج البالغة، حكمة ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٣٩

وأئمة أهل k ويف كال القسمني من املعرفة جند كالما هاما للنيب حيث هو إمام العارفني j لإلمام أمري املؤمنني خصوصاb البيت

.والسالكني إىل اهللاويف احلقيقة إن العرفان اإلسالمي احلقيقي هو ما جاء به هؤالء األولياء املقربون هللا عز وجل، وفيما يلي ـ مبا يناسب موضوع املقال ـ نعرض بعض

ضلها وآثارها يف أمهية معرفة اهللا وفj النصوص الواردة عن اإلمام علي يف فضل معرفة j الدنيوية واألخروية، ونبدأ بقصار الكلمات حيث يقول

معرفة اهللا سبحانه أعلى «: j وقال)١(»من عرف اهللا كملت معرفته«: اهللا .)٢(»المعارف

، j عن اإلمام الصادقورد يف فضل معرفة اهللا حديثا جامعاوابلغ ما ما في فضل معرفة الله عز و جل ما مدوا لو يعلم الناس «: هوهو قول

أعينهم إلى ما متع الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا و نعيمها، و كانت لنع و ،لهمجبأر طئونها يمم مهأقل عند ماهنيد ز وع ل ورفة الله جعوا بمم

تلذذوا بها تلذذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء الله، إن معرفة الله عز و جل آنس من كل وحشة و صاحب من كل وحدة، و نور من كل

.)٣(»ظلمة، و قوة من كل ضعف، و شفاء من كل سقم

.٨١: غرر الحكم ) ١(

.٨١: غرر الحكم ) ٢(

.٢٤٧: ٨الكافي، ) ٣(



٤٠ @ بربه اإلنسان عالقة ...قبس

ثمرة المعرفة «: فيما خيتص بآثار معرفة اهللاj وقال اإلمام علي .)١(»العزوف عن دار الفناء

.)٢(»عجبت لمن عرف ربه كيف ال يسعى لدار البقاء«: j وقال .)٣(»لغنى عن خلق اهللامن سكن قلبه العلم باهللا سكنه ا«: j وقال .)٤(»من كان باهللا أعرف كان من اهللا أخوف«: j وقال .)٥(»البكاء من خيفة اهللا للبعد عن اهللا عبادة العارفين«: j وقال .)٦(»العارف وجهه مستبشر متبسم، و قلبه وجل محزون«: j وقال

وا اعرف«: فيما خيتص بكيفية معرفة اهللاj وقال اإلمام أمري املؤمنني ل ودالع وف ورعر بالمر بالأمأولي الأم الة وسول بالرسالر بالله و الله

.)٧(»الإحسانالله خلق األشخاص و األنوار و «: قال الكليين يف معىن اعرفوا اهللا باهللا

هو جل و عز ال اجلواهر و األعيان فاألعيان األبدان و اجلواهر األرواح و

.٦٣: غرر الحكم ) ١(

.١٤٥: غرر الحكم ) ٢(

.٨٢:غرر الحكم ) ٣(

.٣٩٣: ٦٧بحار األنوار ) ٤(

.١٩٢: غرر الحكم ) ٥(

.١٥٣: غرر الحكم ) ٦(

.٨٥: ١الكافي ) ٧(



قبسات من نهج البالغة? ٤١

يشبه جسما و ال روحا و ليس ألحد يف خلق الروح احلساس الدراك أمر و ال سبب هو املتفرد خبلق األرواح و األجسام فإذا نفى عنه الشبهني شبه األبدان و شبه األرواح فقد عرف الله بالله و إذا شبهه بالروح أو البدن أو

.)١(»للهالنور فلم يعرف الله باأنه عز وجل ال «وقال الصدوق رضوان اهللا عليه بعد ذكر أحاديث باب

عرفنا اهللا باهللا؛ ألنا : القول الصواب يف هذا الباب هو أن يقال: »يعرف إال بهإن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها، وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله

رسلهم ومتخذهم حججا، وإن عرفناه فهو عز وجل باعثهم ومb وحججه .)٢(»بأنفسنا فهو عز وجل حمدثها، فبه عرفناه

طاعة اهللا سبحانه: الثانيةتقوم عالقة اإلنسان باهللا تعاىل بعد معرفته على أساس طاعة املخلوق خلالقه مطلقا من دون قيد أو شرط، ألنه عز شأنه مبدأ كل خري ورمحة، وال

فالطاعة يف ،ن إال ما فيه نفعه يف احلياة الدنيا واآلخرةيريد هلذا اإلنسا .مصلحة اإلنسان، ألن اهللا تعاىل غين عن عباده

: وقال تعاىل

.٨٥: ١الكافي ) ١(

.٢٩٠: ١٠التوحيد ) ٢(



٤٢ @ بربه اإلنسان عالقة ...قبس

)١(. ز وجل فعليه أن فإذا أراد اإلنسان سلوك الطريق املستقيم مع خالقه ع

يؤدي حق الطاعة له، والزم ذلك أن يرفض رغبات النفس وأهوائها وحييد ويف هذا الصدد يقول أمري . عن خطوات الشيطان وما ميليه من وساوس

سارعوا إلى الطاعات، وسابقوا إلى فعل الصالحات، فإن « :j املؤمنني .)٢(»قصرتم فإياكم وأن تقصروا عن أداء الفرائض

.)٣(»طوبى لمن وفق بطاعته وبكى على خطيئته« :j لوقاعليك بطاعة اهللا سبحانه فإن طاعة اهللا فاضلة على كل « :j وقال

.)٤(»شيءثابروا على الطاعات، وسارعوا إلى فعل الخيرات، « :j وقال

وتجنبوا السيئات، وبادروا إلى فعل الحسنات وتجنبوا ارتكاب .)٥(»المحارم

وما كلفك الشيطان علمه، « :j اتباع الشيطان يقولويف النهي عن وأئمة الهدى k مما ليس في الكتاب عليك فرضه، وال في سنة النبي

.١٥: فاطر ) ١(

.١٨١: تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم لآلمدي ) ٢(

.نفس المصدر ) ٣(


.نفس المصدر ) ٥(



قبسات من نهج البالغة? ٤٣

.)١(»فإن ذلك منتهى حق اهللا عليك. أثره فكل علمه إلى اهللا سبحانه

عبادة اهللا عز وجل: الثالثةراسم وتقاليد باط باهللا تعاىل ليست جمرد سلسلة مواالرتإن العالقة

وعادات ال روح فيها، بل إن مجيع العبادات دف إىل إيصال املرء إىل حقيقة اخلضوع والخشوع هللا تعاىل، وبسط حكومته على أسراره وظواهره، وتبعية قراراته إلرادته، حبيث يصبح وجود العبد فانيا ومندكا يف وجود اهللا

املطلق إىل اهللا تعاىل، قد قال تعاىل، وهذا معىن الوصول إىل درجة االفتقار ويعين به ما ذكرناه، ويقول أمري )٢(»الفقر فخري«: k رسول اهللا

.)٣(»كفى بي فخرا أن أكون لك عبدا«: j املؤمننيوللعبادة مراتب ألن الناس ال يستوون يف فهم العبادة بل خيتلفون يف

ع فيها التساوم بني ذلك، فهي عند بعضهم نوع من املعاملة واملعاوضة اليت يقالعمل واألجر عليه، فيعبدوا اهللا إما طمعا يف جنته فيصبحوا كالتجار وإما

.خوفا من عقابه فيصبحوا كالعبيدوهذا هو نوع التصور اجلاهل للعبادة عند العوام وهو ناشئ عن عدم

.املعرفة باهللا

.١٨٨نهج البالغة، الخطبة ) ١(

.١٧٣: ١١مستدرك الوسائل ) ٢( .المناجاة الرجبية: مفاتيح الجنان ) ٣(



٤٤ @ بربه اإلنسان عالقة ...قبس

عند هؤالء والتصور اآلخر عن العبادة هو تصور العارفني باهللا، والعبادةقربان اإلنسان ومعراجه وتعاليه وصعوده إىل مشارق أنوار الوجود، وهي تربية روحية ورياضة للقوى اإلنسانية، وهي مظهر حب اإلنسان الكامل

.ومسريه الالائي العبادة في نهج البالغةعامل آخر مليء باللذة الروحية، لذة ال ) ج البالغة(إن عامل العبادة يف

.اللذة املاديةتقاس بإن صورة العبادة يف ج البالغة من نوع عبادة العارفني باهللا تعاىل، بل

إن منبع اإلهلام لتصور العارفني باهللا من العبادة يف اإلسالم ـ بعد : نقول .j ـ هو كالم أمري املؤمننيk القرآن الكرمي وسنة رسول اهللا

خذ يف ذكر مناذج من نأ) ج البالغة(ولتتضح لنا صورة العبادة يف يف اختالف تصورات j ، ونبدأ كالمنا هنا بكلمة منهj كلمات اإلمام

.الناس عن العبادةإن قوما عبدوا اهللا رغبة فتلك عبادة التجار، وإنj :» يقول اإلمام

قوما عبدوا اهللا رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا اهللا شكرا فتلك .)١(»عبادة األحرار

وقد جاء يف ج البالغة الكثري عن أهل العبادة، وصور كثرية عن مالمح

.من شرح ابن أبي الحديد ٦٨: ١٩ )٢٣٤الحكمة (الكلمات القصار، ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٤٥

عن خوفهم وخشيتهم، : عن سهر لياليهم، وأخرى: العبادة والعباد، فتارةعن : عن حرقتهم والتهام، وخامسة: عن شوقهم ولذم، ورابعة: وثالثة

ت اإلهلية عن تلك العنايا: آهام وأنام وزفرام وحسرام، وسادسةعن أثر : الغيبية اليت حيصلون عليها بالعبادة واملراقبة وجهاد النفس، وسابعة

عن اثر العبادة يف عالج األمراض : العبادة يف طرد الذنوب وآثارها، وثامنةعن لذم وجتهم اخلالصة غري احملسودة واليت ال : النفسية واخللقية، وتاسعة

...شائبة فيهافصافون أقدامهم : أما الليل« : وصف العباد واملتقني يفj يقول اإلمام

تالين ألجزاء القرآن يرتلونه ترتيال، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فهيا

ا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في تخويف أصغوأصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفهم

: وأما النهار. وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى اهللا تعالى فكاك رقابهم .»فحلماء علماء، أبرار أتقياء

واحهم في أجسادهم لوال األجل الذي كتب لهم لم تستقر أر«: مث يقول .)١ (»طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب

أن هناك طرق متعددة j من جمموعة كلمات أمري املؤمننينستخلص

.، من شرح النهج البن أبي الحديد١٣٢: ١، ١٨٦الخطبة ) ١(



٤٦ @ بربه اإلنسان عالقة ...قبس

االرتباط باهللا على : الرتباط العبد بربه، وميكن إجيازها بثالثة طرق وهي ...بيدة العد بعباj أساس اخلوف، وهذا النوع من االرتباط يسميه اإلمام

االرتباط باهللا على أساس الطمع وطلب اجلنة، فتلك : والطريق الثاين .العبادة عند اإلمام هي عبادة التجار

االرتباط باهللا ألجل اهللا وعلى أساس الشكر ألنعم اهللا، : والطريق الثالثعبادة األحرار، وهذه هي عبادة احملبة j فتلك العبادة يسميها اإلمام

ريى العابد أن ليس هناك إله غري اهللا مستحقا للعبادة والعشق اإلهلي، ففيعبده ألنه أهال للعبادة، فتلك عبادة العرفاء، وكان أمري املؤمنني إمام

إلهي «: عز وجلربه العارفني وعبادته عبادة العارفني باهللا، ولذا كان خياطب جدتك ما عبدتك حين عبدتك خوفا من نارك، وال طمعا في جنتك، بل و

.)١(»أهال للعبادة فعبدتك عبادة اهللا بالدعاء

إن من أمسى وأرقى العالئق اليت يبنيها اإلنسان مع خالقه الدعاء والتضرع، حيث يقف اإلنسان بني يدي ربه خماطبا إياه بلهجة العبد اخلائف

.املطيع املعتصم باهللا وحده دون ما سواه :j يقول اإلمام علي

.٢٩٠الكلمات القصار، الحكمية، ص ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٤٧

علم أ«: j وقال)٢(»سالح المؤمن الدعاء« و)١(»ولياءالدعاء سالح األ« .)٣(»الناس باهللا أكثرهم له مسألة

ذه املسائل اليت ذكرنا بعضها خنتصر عالقة اإلنسان خبالقه يف جممل ، وال ريب أن العابد هللا، واملنحين أمام عظمته، j كلمات أمري املؤمنني

ي والرذائل اليت ى عنها واخلاشع لقدرته، والرافض لكل أنواع املعاص ويف نظر اإلسالم منوذجا j سبحانه وتعاىل، يشكل يف نظر اإلمام علي

لإلنسان الكامل والفرد الصاحل الذي يريد من خالله أن يكون جمتمعا مثاليا .يتشكل من مثل هذا الفرد

وهذا ما مييز النظرية اإلسالمية عن غريها من النظريات يف رؤيتها وذلك عرب شعور اإلنسان بالرهبة واخلوف من اهللا يف . ن اتمع الصاحللتكوي

.كل حركة وفعل يقوم به

.٣٧٤٣، ح١٩٢: غرر الحكم ) ١(

.٤٦٨: ٢الكافي ) ٢(

.٣٧٣٤، ح١٩٢: غرر الحكم ) ٣(





...قبس

عالقة اإلنسان بنفسه )جهاد النفس(

جهاد النفس وإصالحها كيفية جهاد النفس

راقبة النفس ومحاسبتهام :أوال جاهدة النفسم :ثانيا لعبادةعويد النفس على الطاعة وات :ثالثا رويض النفس على التقوى وأعمال البرت :رابعا

طول األملترك اتباع الهوى و :خامسا اجتناب الدنيا والعزوف عنها:سادسا لتصعيب على النفسا :سابعا رك مخالطة أبناء الدنيات :ثامنا لقناعة واالقتصاد في المعيشةا :تاسعا ترويض الجوارح :عاشرا





اإلنسان بنفسهعالقة... قبسمن مبادئ اإلسالم، وأوليات الدين أن جعل حقوقا لإلنسان على نفسه، فقد أوىل هلذه النفس اهتماما بليغا، وذلك ألنها منطلق األعمال واملمارسات، فإذا صلحت صلحت حياة اإلنسان، ومىت ما طهر اإلنسان نفسه وهذا

استطاع أن يهيئ األرضية وجعلها حتت إمارة العقل والدين والتقوى، الصاحلة لعمله وتعامله مع الناس بشكل أحسن وناجح، فقد جعل اإلسالم

: معيار تغري اتمع ما حيقق تغري النفس، قال تعاىل )تمع من االحنطاط واالحنر)١اف ، فكان تغيري ا

معلوال لتغير نفوس أصحابه، كما أن العكس كذلك، فإن تغير اتمع من التكامل واإلميان والنعم إىل االحنطاط واالحنراف مقرون بتغري النفوس من

.١١: الرعد ) ١(



٥٢ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

: اإلميان إىل الضالل، قال تعاىل)١(.

وهذا يكشف عن أمهية النفس يف اإلسالم، فإن يف صالحها صالح اتمع، كما أن يف فسادها فساده، ومن هنا كان علينا أن نتعرف على حقيقة

.النفس وخواصها وكيف نصلحها وخنضعها للحق تبارك وتعاىل عن النفس اإلنسانية، وضرورة حماسبتها j وكالم اإلمام علي

ومراقبتها، وبالتايل تعويدها وتدريبها على اخلري، يهدف إىل بناء الشخصية املثالية اليت حتترم ذاا، وتعمل على إصالح سريرا وباطنها، وقد أراد

أن ينطلق من صالح الباطن الذي هو مبثابة وضع حجر األساس j اإلمام االجتماعي، فمن الباطن يبدأ اإلنسان رحلته لبناء يف عملية اإلصالح

العالقات االجتماعية النموذجية اليت هي انعكاس واضح لصالح النفس .اإلنسانية

ويف أول خطوة خيطوها اإلنسان يف جمال االرتباط بالنفس وإصالحها، هو معرفة النفس ومراتبها ألن معرفة النفس توجب معرفة الرب، بل توجب

من «: حيث يقولj خرين، كما جاء ذلك عن أمري املؤمننيمعرفة اآلمن عرف نفسه كان لغيره «: j ، وقال»عرف نفسه عرف ربه

.٥٣: األنفال ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٥٣

.، واملراد بالنفس هنا معرفة اإلنسان ذاته وقدراا)١(»أعرفوللنفس مراتب ودرجات وحاالت وتغيريات ذكرا اآليات والروايات

:وهي كالتايلمارة بالسوء والنفس اللوامة والنفس املطمئنة، النفس امللهمة والنفس األ

وينبغي لإلنسان أن جياهد نفسه حىت تستكمل وتصبح جوهرة مثينة، تقبل : احلق، وتتوجه إليه وتطمئن به، وحينئذ يأيت هلا اخلطاب بقوله تعاىل

)وال حيصل اإلنسان على هذه املرتبة العليا )٢ ،

.للنفس إال بعد مراقبة وحماسبة وجهاد مستمر

جهاد النفس وإصالحهااهتم اإلسالم كثريا يف جهاد هذه النفس، ونقلها من مرتبة األمر بالسوء

ياد للعقل والشرع، حىت أطلق على هذا اجلهاد إىل مرتبة االطمئنان واالنق، »اجلهاد األصغر«يف قبال اجلهاد مع أعداء الدين فقد مسي » اجلهاد األكرب«

أعدى «: j وسر ذلك أن النفس أعدى األعداء، كما يقول أمري املؤمنني

.١٤١: ٦ميزان الحكمة ) ١(

.٢٩-٢٧: الفجر ) ٢(



٥٤ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

أرسل k ، وهلذا يروى أن النيب)١(»أعداءك نفسك التي بين جنبيكمرحبا بقوم قضوا الجهاد األصغر وبقي عليهم «: بسرية فلما رجعت قال

، )٢(»جهاد النفس: يا رسول اهللا وما الجهاد األكبر؟ قال: الجهاد األكبر، قيل، وقال أمري )٣(»أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه«: k وقال

جاهد نفسك على طاعة اهللا مجاهدة العدو عدوه، وغالبها «: j املؤمنني، إىل غري ذلك )٤(»لضد ضده، فإن أقوى الناس من قوي على نفسهمغالبة ا

من الروايات الكثرية اليت حتث على جماهدة النفس واصالحها، وقد حددت هذه األخبار أيضا الغاية والثمرة اليت ألجلها أمرنا بااهدة، وهي قهر النفس

ثمرة « :j وانصياعها واطاعتها للحق تعاىل، فقد قال أمري املؤمنني

بالمجاهدة صالح «: k ، وقال رسول اهللا)٥(»المجاهدة قهر النفس

جاهد شهوتك وغالب غضبك، «: j ، وقال أمري املؤمنني)٦(»النفس

.١٢٢٧: غرار الحكم ) ١(

.١٨٢: ١٩بحار األنوار ) ٢(

.١٣٧: ١١مستدرك الوسائل ) ٣(

.٤٧٦١: غرر الحكم ) ٤(

.٤٧٦١: غرر الحكم ) ٥(

.٢٤٢: غرر الحكم ) ٦(



قبسات من نهج البالغة? ٥٥

.)١(»وخالف سوء عادتك تزك نفسك، ويكمل عقلك، وتستكمل ثواب ربك

كيفية جهاد النفسدة هناك عدة أمور البد أن يقوم ا كل من سعى وخاض غمار ااه

للوصول إىل غايتها وقد جاءت كلمات اإلمام أمري املؤمنني يف ج البالغة لكي حتدد النقاط اليت يسلكها اإلنسان للتغلب على هوى النفس وطغياا،

:وحينئذ تتحقق سعادته يف الدنيا واآلخرة، وهذه النقاط هي كالتايل مراقبة النفس ومحاسبتها: أوال

مبراقبة نفسه وحماسبتها بصورة دائمة، حبيث يف وذلك بأن يقوم اإلنسانيسائل فيه نفسه عما عملته من الطاعات واملعاصي، كل يوم مير عليه

.وكماكيفا واملوازنة فإن رجحت كفة الطاعات، شكر اهللا على توفيقه هلا، وفوزه بشرف

.طاعته ورضاهطاعة، وإن رجحت كفة املعاصي أدب نفسه والتأنيب على إغفال ال

.والرتوع لآلثاماجعل من نفسك على نفسك رقيبا، واجعل « :j يقول اإلمام علي

.٤٧٦٠: غرر الحكم ) ١(



٥٦ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

.)١(»آلخرتك من دنياك نصيبامن حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف «: j وقال

.٢)(»أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علمنوا، وحاسبوها من عباد اهللا زنوا أنفسكم من قبل أن توز«: j وقال

.)٣(»قبل أن تحاسبواما أحق اإلنسان أن تكون له ساعة ال يشغله عنها شاغل، «: j وقال

.)٤(»يحاسب فيها نفسه فينظر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارهاحاسبوا أنفسكم بأعمالها، طالبوها بأداء المفروض عليها، «: j وقال

٥(»دوا وتأهبوا قبل أن تبعثواواألخذ من فنائها لبقائها، وتزو(. .)٦(»من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر«: j وقال

مجاهدة النفس: ثانيايف داخل كل واحد منا، قوى متصارعة ومتضاربة، مكونة من العقل

.٢٣٥: تصنيف غرر الحكم ) ١(

.٩٧: ١٦وسائل الشيعة ) ٢( .٩٠نهج البالغة، الخطبة ) ٣(

.٢٣٦: تصنيف غرر الحكم ) ٤(

.٢٣٦: تصنيف غرر الحكم ) ٥(

.٢٠٨نهج البالغة، الحكمة ) ٦(



قبسات من نهج البالغة? ٥٧

.يزةغروالفطرة والنفس والوالذي حيدث داخل أعماق اإلنسان هو وقوف العقل والفطرة وجنودمها

لون جبهة اإلنسانية بكل أبعادها وأعماقها، ويف املقابل يقف وهم يشكالشيطان وقبيله، مع النفس وغرائزها، يف صف واحد لتشكيل جبهة احليوانية والصراع بينهما ألجل حكومة اإلنسان، فالشيطان يريد أن يفرض حكمه

كةعلى هذه اململكة، ويف املقابل العقل والفطرة يريدان أن حيكمان هذه اململمث يتفجر الصراع، حىت إذا تغلبت إحدى الطائفتني على األخرى، أخذت

.زمام الفرد، وساقته إىل حيث تشاءوهذا الصراع إنما حيدث من أجل أن يستكمل الواحد منا رحلته يف

ويف احلقيقة إن التكامل ال ينمو، إال يف ظل الصراع واملنافسة ... احلياة .رة بالسوء، وهذا ما نسميه مبجاهدة النفسوالتغلب على النفس األما

و اعلم إنك إن « : يف وصية له إىل شريح بن هانئj قال اإلمام عليلم تردع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروه، سمت بك األهواء إلى

، )١(كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعا رادعا، ولنزوتك عند الحفيظة .)٣(»قامعا )٢(واقما

.الغضب: الحفيظة ) ١(

.قاهرا: واقما ) ٢(

.٥٦نهج البالغة، الرسالة ) ٣(



٥٨ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، « ):املتقي( عن صفات j وقال .)١(»نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة... لم يعطها سؤلها فيما تحب

إن طاعة النفس ومتابعة أهويتها أسس كل محنة، ورأس «: j وقال .)٢(»كل غوايةإنك إن ملكت نفسك قيادك أفسدت معادك، وأوردتك بالء «: j وقال

.)٣(» ينتهي وشقاء ال ينقضيال .)٤(»خالف نفسك تستقم، وخالط العلماء تعلم«: j وقال

تعويد النفس على الطاعة والعبادة: ثالثاالنفس اإلنسانية أشبه شيء بالطفل املولود حديثا، فإن شخصيته يف ، املستقبل املنظور تتأثر بنوعية التربية اليت يتلقاها، واألدب الذي يترىب عليه

واألمور اليت يتعود عليها من أهله واحمليط الذي يعيش فيه، لذا فإن من .الضروري ترويضه وتدريبه وتعويده على كل صفات اخلري

وهكذا النفس فإن تكوينها يتأثر ويتفاعل مع القضايا اليت يعودها عليها فإن عودها على طاعة اهللا كانت نفسا طيبة طاهرة، وإال كانت. صاحبها

.١٩٣، الخطبة نهج البالغة ) ١(

.٢٣٧: تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم ) ٢(

.نفس المصدر ) ٣(




قبسات من نهج البالغة? ٥٩

.نفسا أمارة بالسوءعباد اهللا، إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم « :j يقول اإلمام علي

لربه، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربه؛ والمغبون من غبن نفسه، .)١(»والمغبوط من سلم له دينه

وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها وال تقهرها، وخذ «: j وقالمكتوبا عليك في الفريضة، فإنه البد من عفوها ونشاطها، إال ما كان .)٢(»قضائها، وتعاهدها عند محلها

ترويض النفس على التقوى وأعمال البر: رابعا .)٣(»أفضل األعمال ما أكرهت نفسك عليه«: j قال اإلمام علي

وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم «: j وقال .)٤(»الخوف األكبر

سهروا عيونكم، وأضمروا بطونكم، واستعملوا أقدامكم، أ«: j وقالوأنفقوا أموالكم، وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم، وال تبخلوا

.)٥(»بها عنها

.٨٦نهج البالغة، الخطبة ) ١(

.٦٩نهج البالغة، الرسالة ) ٢(

.٢٤٩نهج البالغة، الحكمة ) ٣(

.٤٥نهج البالغة، الرسالة ) ٤(

.١٨٣نهج البالغة، الخطبة ) ٥(



٦٠ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

ترك اتباع الهوى وطول األمل: خامسافعليه إذن . ينبغي أن يعلم بأن هناك أمورا بني اإلنسان وبني ذيب نفسه

راق الشهوات لعمله، وإماتة الدنيا لقلبه، واستعباد اختمن أن يكون حريصا النفس له، فأفضل طريق لإلنسان ألجل صالح نفسه أن ال يتبع اهلوى

.وطول األملاتباع الهوى، وطول األمل، فأما أتباع : إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان«

.)١(»الهوى فيصد عن الحق، وأما طول األمل فينسي اآلخرة هاالعزوف عنتناب الدنيا واج: سادسا

إن أهم ما ينبغي على ااهد القيام به اجتناب الدنيا والعزوف عنها، والنظر إليها على واقعيتها، فإن واقع الدنيا هو الفتنة واإلغواء، وما من بالء

: k يف هذه الدنيا إال سببه حب الدنيا وامليل إليها، كما ورد عن النيب، فأول مراحل ااهدة هو االبتعاد عن )٢(»ةحب الدنيا رأس كل خطيئ«

سبب صالح النفس «: j الدنيا وترك احلرص عليها، قال اإلمام علي .)٣(»العزوف عن الدنيا

.٤٢تاب الك: نهج البالغة ) ١(

.٤٠: ٤٥بحار األنوار ) ٢(

.٥٥٢٨: غرر الحكم ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ٦١

التصعيب على النفس: سابعاال ينبغي يف مقام ااهدة أن يعطي اإلنسان نفسه ما تريد وترغب، بل

: j ها سؤهلا، قال أمري املؤمننيالبد وأن يضيق عليها، وال يطيعها وال يعطي نفسك إذا صعبت عليك نفسك فأصعب لها تذل لك، وخادع نفسك عن «

.)٢(»أقبل على نفسك باإلدبار عنها«: j ، وقال)١(»تنقاد لك ترك مخالطة أبناء الدنيا: ثامنا

ينبغي لمن أراد صالح نفسه واحراز «: j فقد قال أمري املؤمنني .)٣(» أبناء الدنيادينه أن يتجنب مخالطة

القناعة واالقتصاد في المعيشة: تاسعاإن اإلسراف يف العيش والسعي للمزيد خيلق يف النفس امليل إىل امللذات، وقد تنجر من مباحاا إىل حمرماا، فكان حرماا من امللذات يسهل عليها

: j ننيترك احملرمات، واقناعها بالقليل يهد من شهواا، قال أمري املؤم، )٤(»إذا رغبت في إصالح نفسك فعليك باالقتصاد والقنوع والتقلل«

.٤١٠٧: غرر الحكم ) ١(

.٢٤٣٤: غرر الحكم ) ٢(

.٩١٠٣: غرر الحكم ) ٣(

.٤١٧٢: غرر الحكم ) ٤(



٦٢ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

كيف «: j ، وقال)١(»أعون شيء على صالح النفس القناعة«: j وقال .)٢(»يستطيع صالح نفسه من ال يقنع بالقليل

ترويض الجوارح: عاشرامن الواضح جدا أن أجهزة صدور األفعال يف اإلنسان جوارحه، فكل

البد وأن تكون صادرة عن اليد أو القدم أو اللسان أو العني أو األذن، معصية وكذا كل طاعة تربز وتظهر وخترج من مدافن اإلنسان إىل اخلارج عرب أحد هذه األعضاء، من هنا يلزم يف عملية ذيب النفس تأديب هذه اجلوارح

: ىلوتربيتها على التخلق بالفضائل، واجتناب الرذائل، قال اهللا تعا)٣(.

:ولنبحث هذه اجلوارح اليت ا يطاع اهللا وا يعصى ومن اجلوارح املؤثرة على النفس األذن، فإن

اد، السماع يؤثر على النفس إما تكامليا كسماع القرآن واملواعظ واإلرش، فعلى املؤمن أن .....وإما يؤثر تأثريا تسافليا كسماع الغناء والغيبة والنميمة

يروض أذنه على عدم مساع احملرمات كي يستكمل بذلك ذيب نفسه، وأخص بذلك الغناء، هذا املرض اخلطري املستشري، فإنه على الرغم من

.٣١٩٠: غرر الحكم ) ١(

.٣١٩٠: غرر الحكم ) ٢(

.٣٦: سورة اإلسراء ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ٦٣

د الناس منشدة إليه، كثرة اآليات والروايات الدالة على أنه من الكبائر، جن .وكأم أمروا بسماعه

،لعل العني من أكثر جوارح اإلنسان تأثريا على قلبه يف القلب خيلق إذ امللذات املرئية واملشاهدة كثرية جدا، فكل نظرة إليها

شهوة، وقد تدعوه بعد ذلك نفسه إىل حتقيقها وحتصيلها، فيقع يف احملرمات إذا العين بريد «: j الصنف احملرم، وهذا معىن قول اإلمام عليكانت من

، فإن كل ما يقع على النظر ينتقش يف القلب، وهلذا وجب احلذر )١(»القلب: كل احلذر من خطورة النظر، وقد أمرنا املوىل تبارك وتعاىل بغضه فقال

)٢( ، .وذا نفهم أن الطريق الوحيد لتطهري العني من النظر إىل احلرام هو الغض

إن أكثر ما يقع فيه ابن آدم من لسانه، ففي كل إتق اهللا فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت «: صباح تناديه األعضاء فتقول له

.)٣(»ن اعوججت اعوججنااستقمنا وإوما دام اللسان خطريا إىل هذا احلد الكبري، فعلى املؤمن أن خيتم عليه، ويكون قلبه حارسا على لسانه فال ينطق قبل أن يفكر مبا سيقول، وألجل

.٣٦٨نهج البالغة الحكمة ) ١(

.٣١-٣٠ :سورة النور ) ٢(

.٤٥٤: منتخب ميزان الحكمة ) ٣(



٦٤ @ بنفسه اإلنسان عالقة ...قبس

لسان العاقل «: j ذلك كان لسان األمحق يسبق قلبه، كما قال اإلمام علي .)١(»وراء قلبه، وقلب األحمق وراء لسانه

حقق اإلنسان هذه الطرق يكون جماهدا لنفسه، وينتصر إذا :النتيجةعليها فتزك وتعظم وتنقاد إىل العقل واحلق، وتصل إىل مرحلة االطمئنان فتنعم برضا اهللا ورضوانه، وتدخل جنة ريب اليت أعدها هلا، وأما إذا أمهل

ند اهللا أهون نفسه وخاا فتتسلط النفس حىت تدخله املهالك، وجتعله ع .هائن

فهذه األمور اليت ذكرناها حول جهاد النفس ومراقبتها وحماسبتها هلا فضائلها وآثارها اإلجيابية على السلوك يف الطريق إىل اهللا تعاىل، ألن ردع النفس عن كثري مما حتب يؤدي إىل عدم سيطرة األهواء والشهوات على

.صياإلنسان، وعدم وقوعه يف املهالك واملعا

.٤٠نهج البالغة، الحكمة ) ١(



...قبس

عالقة اإلنسان مع اآلخرين )األخالق واآلداب االجتماعية(

أخالقيات العالقات اإلنسانية

العالقات الخاصة: المرحلة األولى مع أرحامهاإلنسانعالقة

العالقة المتبادلة بين أفراد العائلة نصائح للرجل والمرأة

الحقوق المتبادلة بين الوالدين وأوالدهم ة والتأديب في الصغرالتربي

مالحظة هامة العالقات االجتماعية العامة: المرحلة الثانية

عالقة الجار بالجار: األولى االهتمام بأمور المسلمين: الثانية عالقة المسلم بغير المسلمين: الثالثة





عالقة اإلنسان مع اآلخرين... قبسوبرناجما تعليميا وتربويا من األمور املهمة اليت وضع هلا اإلسالم نظاما،

متكامال، ورسم هلا خطوطا توجيهية واسعة، هي عالقة اإلنسان بربه مث عالقته بنفسه مقدمة لعالقة اإلنسان باآلخرين، وقد يسأل السائل، وملاذا حنتاج إىل هذا الربنامج التعليمي والتربوي لتنظيم عالقة اإلنسان بربه

ك وارتباطه بعالقة اإلنسان مع اآلخرين؟وعالقته بنفسه؟ وما شأن ذلإن االرتباط باهللا واخلضوع ألوامره ونواهيه، ومن مث ذيب : واجلواب

اإلنسان نفسه وتربيتها تربية إهلية هلا انعكاسات إجيابية، مؤثرة على عالقة اإلنسان مع اآلخرين، بل يصبح هذا االرتباط املقدس مع اهللا سبحانه مرآة

. اإلنسان وأفراد اتمعللعالقة بنيومن هنا فقد أشار اإلمام أمري املؤمنني وسيد املتقني علي بن أيب

إىل مجلة من حقوق اهللا على اإلنسان، اليت من خالهلا تتحدد j طالب



٦٨ @ اآلخرين مع اإلنسان عالقة ...قبس

وظيفة اإلنسان جتاه ربه وخالقه وكيفية سلوكه معه، وكذلك يشري اإلمام إىل ن يسري عليها اإلنسان، للتغلب على مجلة من األمور، والنقاط اليت جيب أ

هوى النفس ومشكالا، وحينئذ تتحقق سعادته ورفاهيته يف احلياة الدنيا، .ويفوز يف احلياة األخرى، وقد سبق احلديث عن هذين املوضوعني

أخالقيات العالقات اإلنسانيةخلق اهللا اإلنسان مفطورا على حب االجتماع، فالطبع االجتماعي من

ليته الفطرية، فتجده يألف اآلخرين ومييل إىل لقائهم، وينفر من ضمن هيكالوحدة واالنفراد، وترجع هذه الرغبة إىل أسباب حياتية ونفسية وغريها، ال يهمنا التعرض هلا، إال أن املهم أن نتعرف على أن هلذا االجتماع والتآلف

عن الفساد حقوقا على كل فرد من أفراده، وأن صوا يوجب صون اتمع واالحنراف، كما أن التقصري يف حتصيلها يوجب تردي اتمع، وفساده واحنرافه، ومن هنا كان كل إنسان مكلفا من جهته بالقيام باألعمال اليت من

.شأا النهوض باتمع إىل أرقى، وأطور ما ميكن أن يصل إليه العالقات بني وأيضا لقد اهتم اإلسالم اهتماما بالغا بتوثيق، ومتتني

اإلنسان وأقربائه وأرحامه، ووضع هلذه العالقة حدودا وشروطا، وأحكاما على أساس احلب، والتعاون املتبادل، وذلك لسالمة وسعادة الفرد واألسرة

.واتمعوقد أكد اإلسالم على حسن العالقة واملعاشرة بدءا باألقرباء من الناس

دين، مث أفراد األسرة كالزوجة واألوالد من ذوي األرحام، خصوصا الوال



قبسات من نهج البالغة? ٦٩

وغريهم من األقرباء مث بعد ذلك االهتمام حبسن العالقة واملعاشرة مع مجيع .الناس حىت غري املسلمني

وقد نرى االهتمام والتأكيد على هذا اجلانب من دعوة اإلسالم يف كلمات ام ، حيث دعا اإلمام يف كلماته وأقواله إىل االهتمj اإلمام علي

بالعالقات االجتماعية البناءة ومعاشرة الناس بأحسن وجه، حيث عاشروا الناس بالمعروف معاشرة إن «: يف وصية ألبنائهj يقول

، مث هده املعاشرة احلسنة، )١(»عشتم حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكماألفضل أن تبدأ يف املرحلة األوىل باألقرباء يف ضمن عالقات اإلنسان

أرحامه وأفراد عائلته، مث يف املرحلة الثانية االرتباط واملعاشرة مع اخلاصة باآلخرين على أساس احملبة واملودة واالحترام يف ضمن العالقات االجتماعية

:العامة، وفيما يلي نبدأ احلديث حول املرحلة األوىل

الخاصةعالقات ال: المرحلة األولىألقرباء، ته باعالقإن أهم عالقات اإلنسان االجتماعية

عالقة : تتلخص وتتمحور في محورين أساسيين، وهما األولوعالقة اإلنسان : الثانية، واإلنسان مع أرحامه خصوصا الوالدين

يف كلماته وأقواله إىل j قد دعا اإلمام علي مع زوجته وأفراد عائلته

.٧٧: ٧٥بحار األنوار ) ١(



٧٠ @ اآلخرين مع اإلنسان عالقة ...قبس

االهتمام ذين األمرين اللذين يقعان يف ضمن عالقات اإلنسان اخلاصة من خالل بعض ما جاء من j فيما يلي نعرض وجهة نظر اإلمامو

.كلماته مع مراعاة االختصار يف البحث عالقة اإلنسان مع أرحامه

وميكن حتقق هذا الواجب ،إن من أوجب الواجبات عالقة الفرد بأرحامهبزيارم وتفقدهم، وقضاء حوائجهم، وهذا ما يعرب عنه يف الكتاب والسنة

، وقد أكد القرآن الكرمي وأحاديث املعصومني على ذلك، وحث بصلة األرحامعلى االهتمام ا، وحذر اإلنسان من تركها، وقد جاء هذا التأكيد واحلث

، وفيما يلي j واالهتمام بصلة األرحام يف كلمات، وأقوال أمري املؤمنني :نعرض باختصار البعض من تلك األقوال

جبات اإلسالم، وإن اهللا سبحانه إن صلة األرحام لمن مو«: j قالأمر بإكرامها، وإنه تعالى يصل من وصلها، ويقطع من قطعها، ويكرم من

.)١ (»أكرمها .)٢ (»صلة الرحم تدر النعم، وتدفع النقم«: j وقال .)٣ (»قطيعة الرحم تزيل النعم«: j وقال

.٣١نهج البالغة، الخطبة ) ١(

.٤٠٥: تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، مصطفى درايتي ) ٢(

.٢، أبواب الستة عشر، ح٥٠٥: الخصال للصدوق ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ٧١

.)١ (»في قطيعة الرحم حلول النقم«: j وقال .)٢ (»م تورث الفقرقطيعة الرح«: j وقالفمن آتاه اهللا ماال فليصل به القرابة، وليحسن منه «: j وقال

.)٣ (»الضيافة، وليفك به األسير والعاني، وليعط منه الفقير والغانم العالقة المتبادلة بين أفراد العائلة

إن عالقة اإلنسان بعائلته وبالعكس هي عالقة قائمة على الفطرة ملتبادل بني كل فرد وآخر فيها، فالزوج حيب زوجته، اإلنسانية، واحلب ا

.األوالد، واألوالد حيبون اآلباءحيبان وكالمها ولكي تكون هذه العالقة مأمنا وملجأ لإلنسان حيتمي ا، ويؤمن فيها

تنظيما هلذه j حاجته للسكون والستر واملودة، والرمحة وضع اإلمام عليض النصائح، اليت وجهها لكل من الرجل واملرأة، العالقة املقدسة من خالل بع

.واآلباء واألبناء وفيمايلي نشري إىل بعضها نصائح للرجل والمرأة

يف نصيحته إىل الرجل حول كيفية اختياره للزوجة j يشري اإلمام

.نفس المصدر ) ١(

.، الباب األول٤٠٥: م ودرر الكلمتصنيف غرر الحك ) ٢(

.١٠٨نهج البالغة، الخطبة ) ٣(



٧٢ @ اآلخرين مع اإلنسان عالقة ...قبس

عند إرادة التزويج، وهي أن ال ينظر فقط إىل مجال املرأة، وما هلا، بل البد . االختيار هو الدينأن جيعل املقياس يف

ال تنكحوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن « :j حيث يقوليرديهن، وال ألموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، وانكحوهن على الدين،

.)٢ (»ذات دين أفضل )١(وألمة سوداء خرماء .أن يكون من أهل املعروف معها

» معروفه عند أهلهمن سعادة المرء أن يضع«: j قال أمري املؤمنني، ألن أفراد العائلة هم أوىل الناس باملعروف، فمن اإلجحاف أن يقدم )٣(

اإلنسان معروفه إىل اآلخرين، وال يقدمه إىل أقاربه وأفراد عائلته، وتقول يف j ، ويقول اإلمام علي»األقربون أوىل باملعروف«: احلكمة الشهرية

.)٤(»شقى الخلق بكوال يكن أهلك أ«: j وصيته البنه احلسنعليك بلزوم الحالل، وحسن البر بالعيال، وذكر اهللا في «: j وقال .»كل حال .»الزوجة الموافقة إحدى الراحتين«: j وقال

.المثقوبة األنف أو األذن: الخرماء ) ١(

.١٣٦٠نهج البالغة، الحكمة ) ٢(

.٤٠٥: غرر الحكم ) ٣(

.٣١نهج البالغة، كتاب ) ٤(



قبسات من نهج البالغة? ٧٣

أنعم الناس عيشا من منحه اهللا سبحانه القناعة، وأصلح «: j وقال .»له زوجه .)١(»صيانة المرأة أنعم لحالها وأدوم لجمالها«: j وقال .)٢(»جهاد المرأة حسن التبعل«: j لوقا

الحقوق المتبادلة بين الوالدين وأوالدهم

.ـ بر الوالدين١ .)٣(»بر الوالدين أكبر فريضة«: j حيث يقول اإلمام علي

.)٤(»بروا آباءكم يبركم أبناؤكم«: j وقال .ـ الطاعة للوالدين إال يف معصية اهللا سبحانه٢إن للولد على الوالد حقا، وإن للوالد على الولد حقا، فحق الوالد على «

.)٥ ( »...الولد أن يطيعه في كل شيء، إال في معصية اهللا سبحانه .ـ أن ال يضيع حقهما وال يعقهما٣

. الباب األول٤٠٥: تصنيف غرر الحكم ) ١(

.١٣٦نهج البالغة، الحكمة ) ٢(

.٤٠٧: ر الحكمغر ) ٣(

.٤٠٧: غرر الحكم ) ٤(

.٣٩٩نهج البالغة، الحكمة ) ٥(



٧٤ @ اآلخرين مع اإلنسان عالقة ...قبس

.)١ (»من العقوق إضاعة الحقوق«: j قال .مـ االستفادة من جتارب الوالدين واالنتفاع من مواعظه٤

واألخذ بما مضى عليه األولون .. « :j لولده احلسنj ففي وصيتهمن آبائك، والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن نظروا ألنفسهم كما أنت ناظر، وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى األخذ بما

.»عرفوا، واإلمساك عما لم يكلفوا

حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، « :j يقول .)٢ (»ويعلمه القرآنوأن ابتدئك بتعليم كتاب ... « : يقولj لولده احلسنj ويف وصيته

اهللا عز وجل وتأويله، وشرائع اإلسالم وأحكامه، وحالله وحرامه، ال أجاوز .)٣ (»ذلك بك إلى غيرك

التربية والتأديب في الصغريف سن الطفولة دور كبري يف بناء للتربية امجع الباحثون واحملققون على أن

ح، شخصية اإلنسان، وتكوين صفاته، ألا كاألرض اخلالية بالنسبة إىل الفال .فعلى طبق ما يزرع تكون نتيجة احلصاد

.٤٠٧: تصنيف غرر الحكم ) ١(

.نفس المصدر ) ٢(

.٣٩٩نهج البالغة، الحكمة ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ٧٥

يشري اإلمام إىل مضمون هذا الكالم j لولده احلسنj ففي وصيتهإني بادرت بوصيتي إليك، وأوردت خصاال منها : نيأي ب... « :حيث يقول

قبل أن يسبقني إليك بعض غلبات الهوى، وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، وإنما قلب الحدث كاألرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء قبلته،

فما طاب سقيه، طاب .. فبادرتك باألدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك .)١ (»ه، وما خبث سقيه، خبث غرسه وأمرت ثمرتهغرسه وحلت ثمرت

... فبادرتك باألدب.. . « : أهم أهداف التربية والتعليم فيقولj مث يذكرلتستقبل بجد رأيك من األمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من عالج التجربة، فأتاك من ذاك

.)٢ (»يه، واستبان لك ما ربما أظلم علينا منهما قد كنا نأت .)٣ (»خير ما ورث اآلباء األبناء األدب« :j وقال

هي تنبيه الوالدين، ألن j فاملالحظة املهمة يف كلمات أمري املؤمننييعطيا اهتماما لتربية وتعليم أوالدمها منذ الصغر، ويتيحا هلما فرصة كافية

.اهللا تعاىل فيهملربوز املواهب اليت أودعها :مالحظة هامة

j رغم التأكيد واالهتمام البالغ الذي رأيناه يف كلمات اإلمام علي

.٣١نهج البالغة، الرسالة ) ١(

.٣١نهج البالغة، الرسالة ) ٢(

.٤٠٧: تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم ) ٣(



٧٦ @ اآلخرين مع اإلنسان عالقة ...قبس

على صلة الرحم، وعلى جعلها من املسائل املهمة يف حياة اإلنسان، لكن ذلك مرهون حبدود وشروط معينة، وهي أن ال جيعل اإلنسان من القرابة

علها اإلنسان شغله الشاغل، ومهه األكرب عامال لالبتعاد عن الدين، حبيث جيال تجعلن أكثر شغلك « :j الذي يصرفه عن أمور دينه، وهلذا يقول

بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك، وولدك أولياء اهللا، فإن اهللا ال يضيع .)١ (»أولياؤه، وإن يكونوا أعداء اهللا، فلما همك وشغلك بأعداء اهللا؟

دمها اإلنسان على القرابة والرحم، فهي ما لو وأما األمور اليت جيب أن يقاقتضى اإلسالم أن يقف اإلنسان موقف العداء من قرابته الذين هم يف خط أعداء اهللا، فحينئذ ال جيوز تقدمي القرابة على الدين الذي هو املقياس

.األساس يف خط اإلنسان عن الزمن األول الذي بعث فيه النيب j ويتحدث اإلمام علي

، وكيف أن اإلنسان املسلم كان يواجه بعقيدته كل الناس حىت k مدحملقد «: j أقرم إليه يف سبيل احلفاظ على اإلسالم ونشره، حيث يقول

نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ما يزيدنا j كنا مع رسول اهللا .)٢ (»ذلك إال إيمانا

.٣٥٢لحكمة نهج البالغة، ا ) ١(

.٥٦نهج البالغة، الخطبة ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ٧٧

امةالعالقات االجتماعية الع: المرحلة الثانيةكما نظم اإلسالم العالقات اخلاصة للمجتمع، كذلك نظم العالقات االجتماعية العامة، وقد صنفها إىل أصناف كثرية، فقد نظم عالقة اجلريان فيما بينهم، ونظم العالئق بني املعلم والتلميذ، والعامل واملستأجر، واملشري

ض هلا اإلمام زين واملستشري، واملؤمن مع أخيه، ومجيع هذه العالئق تعر، وحنن هنا سنقتصر على البعض »رسالة احلقوق«العابدين يف رسالته القيمة

.من تلك العالقات اهلامة عالقة الجار بالجار: األولى

والعالئق االجتماعية بعد األقرباء االهتمام حبسن ات أهم االرتباطمن إن ن الروايات احلث على املعاشرة والتعامل مع اجلريان، حيث جاء يف الكثري م

.تفقد اجلار، وكف األذى عنه، وحتمل األذى منه، ومراعاة مجيع حقوقهرسالة «وتعرض اإلمام زين العابدين إىل تلك احلقوق يف رسالته القيمة

أما حق جارك، فحفظه غائبا، وإكرامه شاهدا، «: واليت جاء فيها» احلقوق عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته ونصرته إذا كان مظلوما، وال تتبع له

عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، وال تسلمه .)١(»عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة

اهللا اهللا في جيرانكم، فإنهم وصية «: عند وفاتهj وقال اإلمام علي

.٥٦٩: ٢الخصال ) ١(



٧٨ @ اآلخرين مع اإلنسان عالقة ...قبس

.)١(»نا أنه سيورثهمنبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظنحريم المسجد أربعون ذراعا والجوار أربعون دارا من «: j وقال

.)٢(»أربعة جوانبها االهتمام بأمور المسلمين: الثانيةاعترب اإلسالم االهتمام بأمور املسلمني حقا هلم على كل مسلم، فحث

ق ذا اخللق عليه وجعله عدل اإلسالم واإلميان، وطلب من املؤمن أن يتخليودخل يف مجاعة املسلمني ويناصرهم ويعينهم، ويبذل هلم من نفسه وماله ما

واخلالصة أن يشاركهم يف ، حيتاجونه، تعبريا عن مودته ورمحته وحبه هلم .أفراحهم وأحزام

، من خطبه j وقد جاء هذا املعىن يف كثري من كلمات أمري املؤمننيالكتاب الذي بعثه إىل مالك االشتر حني وقصار مجله ورسائله، خصوصا

.واله مصر عالقة المسلم بغير المسلمين: الثالثة

إن أهل الذمة من خمتلف األديان قد احترمهم اإلسالم وصام وصان عرضهم وماهلم، يعيشون وحييون بني املسلمني ويف بالدهم لـهم ماهلم،

لـهم احلاكم من كل من وعليهم ما عليهم، وينعمون حبمى اإلسالم، وينتصف

.٤٧ نهج البالغة، الكتاب ) ١(

.٥٤٤: ٢الخصال ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ٧٩

ظلمهم، ومل مينع عنهم السالم، وال حرم على املسلمني االختالط م، وهذا ما أدب به النيب وأهل بيته الكرام املسلمني، من صون حقوقهم وعدم التعدي

صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك ...الناس«: j عليهم، فقال عليالذمة لوجود مناظرة خلقية، أي الذمي ، فنحن نعيش مع أهل ١»في الخلق

إنسان كما حنن، وكما أن اإلنسان املسلم حمترم لشخصه كذلك اإلنسان حيترم لشخصه، إال أن يسقطه مبا يضمره من سوء، كما يف الكافر احلريب، كذلك

.أهل الذمة حيترمون بشخصهم وإنسانيتهم وآدميتهملناس بأخالقهم ومجيل قد استوعبوا كل اbومن هنا كان أهل البيت يأيت إىل املدينة مع يهودي وملا يبلغ j صنيعهم، فأمري املؤمنني علي

أمل تقل أنك تريد : اليهوديل يف السري معه، فيقوj املدينة، يستمر علينعم، فقال اليهودي، فلماذا متشي معي يف طريق : j املدينة، فقال عليما هذه األخالق : أشايعك إىل أن خترج منها، فقالj اخلروج منها، فيقول .k هكذا علمنا اإلسالم ونبيه حممد: j اليت مل نعهدها، فقال

.) لما واله على مصر إلى مالك األشتر النخعي كتبه)ع(من كتاب لإلمام (،٥٣كتاب :نهج البالغة ١





...قبس

التقوى وصفات المتقين

التقوى لغة واصطالحا التقوى في نهج البالغة

آثار التقوى في الدنيا واآلخرة بالتقوى خروج من الضيق

بالتقوى تدر األرزاق بالتقوى تقبل األعمال

بالتقوى تنال كرامة اهللا تعالى بالتقوى تنال رحمة اهللا

نال الجنةتبالتقوى كالم أمير المؤمنين في صفات المتقين





التقوى وصفات المتقين... قبس التقوى لغة واصطالحا

هي احلذر، واالحتراز والبعد واالجتناب، وهلا والتقوى لغة الوقاية، .حبيث كلما كان احلذر واالجتناب أكثر كانت التقوى أكملمراتب

ويف االصطالح اإلسالمي هو اجتناب ما حرم اهللا وإتيان ما أوجبه على العبد وباختصار هو ترك ما ثبتت حرمته وفعل ما ثبت وجوبه، كما جاء هذا املعىن يف كثري من الروايات، وإذا ترك اإلنسان احملرمات واملكروهات وحىت

يف k ملشتبهات وعمل باملستحبات فهذا هو الورع الذي دعا إليه النيبا .خطبته الشعبانية، وعبر عنه بأفضل األعمال يف شهر رمضان املبارك



٨٤ @ المتقين وصفات التقوى ...قبس

)١(التقوى في نهج البالغةإن كلمة التقوى من أكثر كلمات ج البالغة استعماال، فليس هناك يف

من التقوى، كما أنه ليس هناك ج البالغة مفهوم أو معىن أعتين به أكثركتاب ـ بعد القرآن الكرمي ـ يركز فيه على التقوى أكثر من ج البالغة، غري

ال يطرح التقوى على أنه مفهوم يرادف احلذر j أن أمري املؤمننيواالجتناب، وفق ما يذكره أهل اللغة، بل التقوى يف ج البالغة عبارة عن

التمرين العملي الذي حيصل من احلذر املعقول قوة روحية تتولد لإلنسان منمن الذنوب، وعليه فاحلذر املعقول واملنطقي يكون مقدمة للحصول على هذه املرتبة الروحية العالية، وليست التقوى يف منظور ج البالغة عبارة عن احلذر واالجتناب الذي يؤدي باالنسان إىل اعتزال اتمع واحلياة العامة

الوقوع باملعصية، وفوات التقوى، بل التقوى يف مفهومه قوة خيلقها خوفا مناحلذر إىل أن تصل إىل درجة امللكة فال يضطر صاحبها إىل ترك اتمع واالعتزال، إذ هو حيفظ نفسه من دون أن خيرجها عن اتمع، فمن كانت

نزواء، كان تقواه مبعىن احلذر الذي مينعه من خمالطة جمتمعه، وحيدو به إىل االكمن يأوي إىل جبل ليعصمه من املرض املعدي، أما من كانت تقواه باملعىن الصحيح أعين الوصول إىل درجة امللكة والقوة املانعة عن الذنوب، كان كمن

رحاب نهج في(البيان والتوضيح من الشهيد مرتضى المطهري في كتابه ) ١(

).البالغة



قبسات من نهج البالغة? ٨٥

إىل أن خيرج j يقي نفسه من املرض املعدي بالتلقيح ضده، فال يضطرة املرضى كي ينقذهم من البلد أو إىل اجتناب الناس، بل يسعى إىل مساعد

.مما هم فيه من األمل املمرض : الشريازي واصفا التقوى باملعىن األولييقول سعد

رأيت يوما عابدا في الجبال

مقتنعا عن دهره بالرمال فقلت هل تنزل يوما لكي

ترى البالد والمنى والمنال

فقال لي ال إن فيها لمن

بنات حوا كل ذات جمال نما يكثر وحل الطريقوحي

يزلق فيه الفيل قبل الرجال

إذا فالتقوى يف منظومة ج البالغة، قوة معنوية وروحية حتصل على أثر التمرين واملمارسة، وهلا آثار ونتائج منها تيسري احلذر من الذنوب ال أا

.هي بنفسها احلذر : تؤكد هذا املعىنj وفيما يلي بعض النصوص لإلمام علي

إن تقوى اهللا حمت أولياء اهللا محارمه، وألزمت «: j قال اإلمام علي، )١(»...قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم

.»....إن تقوى اهللا دواء داء قلوبكم«: j وقال يف هذه املقطوعة أن احلذر من احلرام، واخلوف من اهللا j حيث أكد

.١١٢ طبةخ: نهج البالغة ) ١(



٨٦ @ المتقين وصفات التقوى ...قبس

.ال أن نفس احلذر واخلوف هو التقوىتعاىل من لوازم وآثار التقوى، وهناك الكثري الكثري يف ج البالغة ما يؤكد على أن التقوى عند أمري

عبارة عن قوة مقدسة روحية ينشأ منها أنواع من اإلقدام j املؤمننيواإلحجام، إقدام على القيم املعنوية، وإحجام عن الدنايا املادية، وهي آلة

: ومن ذلك قوله. يتسلط ا على نفسه وميتلكهاب لروح اإلنسان قدرة ، والفجور دار حصن ذليل ال يمنع أهله، وال عزيز إن التقوى دار حصن «

، وهذه مناذج من ج البالغة عن املعىن احلقيقي )١(»يحرز من لجأ إليه .للتقوى، وهناك الكثري من هذا القبيل

آثار التقوى في الدنيا واآلخرةظيمة جدا تعود فوائدها إىل الفرد املتقي، واتمع إن للتقوى آثار ع

:املتقي، وقد ذكر القرآن الكرمي آثارا كثرية ومجة وإليك بعضها اإلنسان يف هذه الدنيا غالبا ما يتطوق :ـ بالتقوى خروج من الضيق١

باملصائب واالبتالءات، وهذه االبتالءات على نوعني، فمنها ما يتمكن رفع مشاكله، وهي قليلة جدا، ومنها ما ال يتمكن من ، وحلهاإلنسان من

حله، ويقف عاجزا أمام هذا النمط منها، وليس لـه أدىن حول، إال أن يغيثه اهللا تبارك وتعاىل، وخيرجه من هذا الضيق، وبالتقوى خيرج املتقون من هذا

: الضيق، وحتل مصائبه ومشاكله بعدما كانت مربمة، يقول تعاىل

.١٠٠ طبةنهج البالغة خ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ٨٧

)أي من الضيق، ملصائبه وحمنه، ويقول تعاىل أيضا)١ ، :)وقال أمري املؤمنني)٢ ، j أليب ولو أن السماوات واألرض كانتا على عبد رتقا ثم اتقى اهللا لجعل ... «: ذر

.)٣(»...هما مخرجااهللا لـه من إن من أكثر ما يشغل بال الفرد يف اتمع :ـ بالتقوى تدر األرزاق٢

الرزق، وكم يسعى لتحصيله، وكم ينفق من عمره يف سبيل حتصيل قوته وقوت عياله، وميكننا القول بأن حركة اتمعات البشرية يف معظم األوقات

حيقق قوميا سهالاطريقك تفرغ يف سبيل حتصيل الرزق والقوت، مع أن هنالإلنسان رزقه وما يكفيه، وهو التقوى، فبالتقوى تدر األرزاق، وبالتقوى

: حتصل األقوات، قال تعاىل)٤(.

به املؤمن أن يقبل ال شك أن أهم ما يهتم:ـ بالتقوى تقبل األعمال٣، ودائما خياف ...اهللا أعماله اليت يقوم ا من الصالة والصيام والزكاة واحلج

اإلنسان من أن ال تكون هذه اجلهود من عباداته موضع قبول اهللا تعاىل،

.٢: الطالق ) ١(

.٤: الطالق ) ٢(

.٣٠، ح٤١١: ٢٢بحار األنوار ) ٣(

.٣-٢: الطالق ) ٤(



٨٨ @ المتقين وصفات التقوى ...قبس

وأيضا هناك الكثري من الروايات اليت أكدت على أن املؤمن ينبغي أن يهتم لته أو كثرته، فال ينفع عمل مهما كثر إذا رده قبول العمل، بغض النظر عن قب

.اهللا تعاىل، كما أن العمل القليل قد يغين اإلنسان إذا كان حمققا للقبول: والطريق الذي رمسه اهللا تعاىل لقبول األعمال التقوى، قال تعاىل

)بل هي السبب باب القبول،، فالتقوى سبب من أس)١ على احلصر، وقد وردت هذه اآلية يف قصة هابيل » إنما«داللة لالوحيد

آدم، فأشار عليهما أن وقابيل ابنا آدم حيث اختلفا يف أمر فحكما فيه أبامها تقبل اهللا قربانه يكون هو الصائب، فقدم قابيل كبشا ىل اهللا فمن نا إيقدما قربا

يقدمه وغالئه يكون موضع رضى وقبول اهللا عظيما ظنا منه بأن عظمة ما القرباننيتعاىل، وقدم هابيل سنابل القمح، وكانت عالمة القبول، أن يضعا

على جبل فإذا نزلت النار وأكلت قربان أحدمها دل ذلك على قبول اهللا له، وفعال نزلت النار على قربان هابيل وأكلت سنابل القمح، فتعجب قابيل،

اهللا السنابل اليت ال تعدل شيئا أمام الكبش، فقال لـه واستغرب من قبول )٢(.: أخوه هابيل

فعظمة العمل وكثرته ال تعدو شيئا عند اهللا إال بالتقوى، ومن هنا قال

.٢٧: المائدة ) ١(

.٢٧: المائدة ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ٨٩

، ومما أوصى )١(»ال يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل ما يتقبل«: j علييا أباذر كن للعمل بالتقوى أشد اهتماما منك : أباذر، قالk اهللابه رسول

.)٢(»بالعمل لقد خلق اهللا تعاىل اإلنسان كرميا، :ـ بالتقوى تنال كرامة اهللا تعاىل٤

وإنما يذل ويهان باملعاصي والذنوب، : قال تعاىل متساوي، حبدلبشر على منط واحد، ووهذه الكرامة أعطاها ووهبها جلميع ا

غري أنه بامكان كل فرد من الطاقم البشري أن يصبح أكرم من سائر البشر، : وذلك بالتقوى، قال تعاىل

)٣(. ليس هناك أوسع من رمحة اهللا تعاىل، :ـ بالتقوى تنال رمحة اهللا٥

: وبالتقوى تنال وتستحصل، قال تعاىل )٤(.

: قال تعاىل:ـ بالتقوى ينال اإلنسان اجلنة٦

.٦٢ ح٣٨: ٦بحار األنوار ) ١(

.٤٨٤: نهج البالغة ) ٢(

.١٣، الحجرات ) ٣(

.١٥٦: األعراف ) ٤(



٩٠ @ المتقين وصفات التقوى ...قبس

)وقال عز من قائل)١ ، : )٢(.

.وهناك آثار أخرى عزفنا عن ذكرها مراعاة لالختصار :j عكسها خطبة املتقني ألمري املؤمننيولعل أعظم اآلثار للتقوى ت

)٣(كالم أمير المؤمنين في صفات المتقينمننيؤاحبا لأمري المأن ص وير jاممقال لـه هابدا )٤( يلا عجكان ر

ر إليهم فقال لـه يا أمري المؤمنني صف لي المتقني حتى كأني أنظيا همام، اتق الله وأحسن فإن الله مع الذين : عن جوابه ثم قالj فتثاقل

.٤٥: الحجر ) ١(

.٣١: النحل ) ٢(

.١٩٣ خطبة ،٤٣٦: نهج البالغة ) ٣(

همام بن عبادة صاحب أمير المؤمنين، ومن خواص شيعته، وكان عابدا ناسكا ) ٤(مجتهدا، ومما يدل على عظمته وجاللة شأنه وزهده وتقواه، أنه صعق ووقع صريعا

اله هذه الخطبة، شوقا إلى الثواب والرضوان، وخوفا من بمجرد ما سمع من مو .العقاب والنار

أي ذا همة عالية، ولهذا نرى بأنه لم يقنع من مواله : وهمام اسم على المسمىالجواب الموجز، وأصر عليه بالتفصيل، واإلمام كان يخاف على همام، لذا قال في

.ليهأما واهللا لقد كنت أخوفها ع: آخر الخطبة



قبسات من نهج البالغة? ٩١

فلم يقنع همام بهذا القول حتى عزم عليه، فحمد . اتقوا والذين هم محسنونوأثن اللهبيلى النلى عه، وصليى ع kقال ثم j

نا عغني ملقهخ حني لقالخ لقالى خعوت هانحبس فإن الله دعا بأم هفعنولا ت اهصع نة مصيعم هرضلا ت هلأن تهمصيعم آمنا من تهمطاع نة مطاع

أطاعه، فقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم، فالمتقون فيها ،عاضوالت مهيشوم ،ادالاقتص مهسلبوم ،ابوالص مطقهنائل، مل الفضأه مه

مع مهارصوا أبغض ،مافع لهلى العلم النع مهاعمقفوا أسوو ،همليع الله مرا حنزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء، ولو لا الأجل الذي

هاحوأر قرتست لم همليع الله بقا إلى كتون شيفة عطر ادهمسفي أج مالثواب وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في قد نكم اروالن مون، وهمعنا مفيه ما فهآهر قد نة كمنوالج مفه ،نهميأع

قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، وأجسادهم )١(رآها فهم فيها معذبون،

استقبل رسول اهللا حارثة بن مالك بن النعمان : قالj عن أبي عبد اهللا ) ١(

كيف أنت يا حارثة بن مالك؟ فقال يا رسول اهللا مؤمن حقا، فقال : األنصاري فقال له عزفت نفس عن الدنيا k لكل شيء حقيقة، فما حقيقة قولك؟ فقال يا رسول اهللا

، وكأني أنظر إلى عرش ربي، وقد )لنهارنصف ا(فأسهرت ليلي، واظمأت هواجري وضع للحساب، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة، وكأني أسمع أهل

عبد نور اهللا قلبه، أبصرت فأثبت، فقال : k النار في النار، فقال لـه رسول اهللا...b



٩٢ @ المتقين وصفات التقوى ...قبس

مهتقبة، أعاما قصريوا أيربفيفة، صع مهفسفيفة، وأنخ مهاتاجحيفة، وحنرسة، يبحرة مارة طويلة، تجاحا، روهريدي ا فلمينالد مهتادأر ،مهبر ما لهه

وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها، أما الليل فصافون أقدامهم، تالني لأجزاء سوي ،مهفسون به أننزحتيلا، يرا تهلونترآن، يفإذا القر ،ائهماء دوون به دثريت

مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا امعسا مها إليوغأص ،ويفخا تة فيهوا بآيروإذا م ،نهميأع بصا نهأن ،قلوبهم

وظنوا أن زفري جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى

م، وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء، قد براهم الخوف، في فكاك رقابهبري القداح ينظر إليهم الناظر، فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض،

ظيمع رأم مالطهخ ولطوا ولقدخ قول لقدالقليل وي الهممأع ن منوضرلا ي ، كيفقون، إذا زشم الهممأع ون، ومنهمتم فسهملأن مفه ،ون الكثريكثرتسولا ي

ري ورغي فسي منبن لما أعقول أنقال لـه فيا يمم افخ مهمن دأح لمي أعببي مني بنفسي، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، فمن علامة أحدهم أنك ترى لـه قوة في دين،

رثة اللهم ارزق حا: k يا رسول اهللا أدع اهللا أن يرزقني الشهادة معك، فقال: الشاب حتى قتلفلم يلبث إال أياما حتى بعث رسول اهللا سرية فبعثه فيها فقاتل . الشهادة

.تسعة أو ثمانية ـ ثم قتل، وفي رواية أنه استشهد مع جعفر بن أبي طالب في مؤتة



قبسات من نهج البالغة? ٩٣

يقني، وحرصا في علم، وعلما في حلم، وقصدا وحزما في لني، وإميانا في في غنى، وخشوعا في عبادة، وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة، وطلبا في وة، وهالحال الصمل الأعمعع يطم نجا عرحى، وتداطا في هشلال، ونح

ى وجل يمسي، وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر، يبيت حذرا ويصبح علفرحا، حذرا لما حذر من الغفلة، وفرحا بما أصاب من الفضل والرحمة، إن

عي لم هكرا تفيم هفسه نليع تبعصتا لا اسنه فيمية عقر حبا تا فيملهؤا سطهيزول، وزهادته فيما لا يبقى، يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل، تراه قريبا،

كله سهلا، أمره حريزا، أمله قليلا، زلله خاشعا، قلبه قانعة، نفسه منزورا، أدينه ميتة شهوته، مكظوما غيظه، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، إن من بكتي لم وإن كان في الذاكرين ،في الذاكرين كتب افلنيكان في الغ

ني، يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيدا فحشه، الغافللينا قوله، غائبا منكره، حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شره، في الزلازل

الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، وقور، وفي المكاره صبور، وفيولا يأثم فيمن يحب، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ

شار، ولا يبالج ارضبالألقاب، ولا ي ابزنولا ي ا ذكرى مسنائب، ولا يصبالم تمولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق، إن صمت لم يغمه صمته، وإن ،له قمتنالذي ي وه كون اللهى يتح ربه صليع غيوإن ب ،هتول صعي لم حكض

في ع همن هفسن اسالن احته، وأرلآخر هفسن بعة، أتاحفي ر همن اساء، والننمن نفسه، بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لني ورحمة،



٩٤ @ المتقين وصفات التقوى ...قبس

هونة، ولا دظمر وعبكب هداعبت سة،ليديعكر وخبم مننيؤالم ا، فقال أمريفيه هفسن تقة كانعص اممه عققال فص j:

أما والله لقد كنت أخافها عليه، ثم قال أ هكذا تصنع المواعظ البالغة ويحك إن لكل j فما بالك يا أمري المؤمنني، فقال:بأهلها، فقال لـه قائل

أجل وقتا لا يعدوه وسببا لا يتجاوزه فمهلا لا تعد لمثلها فإنما نفث الشيطان انكلى لس١(.ع(

سيد املتقني وضياء املتهجدين ال غرو يف ذلك فإن املفرغ هلذا الكالم هو اتصف k ونور العارفني أمري املؤمنني، وهل يوجد شخصية بعد رسول اهللا

وأهل بيته، فكان ما قاله هلمام نابع من ذلك jذه األوصاف غري عليالقلب السليم، فأثر ما أفرغه منه يف الضمائر احلية والقلوب السالكة إىل اهللا

.تعاىل

:وهنا نكات البد منها ) ١(يخفى أن تأثير المواعظ تتقدر بمقدار حال المتعظ، وحيث كان همام من ال ـ ١

المتعظين، أثرت المواعظ، وأما عروض موته فإنه تقدير إلهي بحلول أجله في ذلك .الوقت

ـ إن ما أشار إليه اإلمام في هذه الخطبة من صفات المتقين يتجاوز عن السبعين، ٢ .ولعله أراد أن يتمها ولكن حل أجل همام فلم يتمكن من إتمامها

ت يمكن الوصول إليها في الجملة، والالزم ـ ثم إن هذه الصفات لها مراتب ودرجا٣ .بذل الجهد إلدراك أعلى مراتب األولياء واألبرار



...قبس

وقضاياهاالمرأة

تمهيد نقصان المرأة

عدم مشورة النساء عدم إطاعة المرأة

والشرالمرأة المحتوى العام للنصوص

ما معنى نقصان إيمان المرأة؟ لماذا حظ المرأة من اإلرث نصف حظ الرجل؟

ما معنى نقصان عقل المرأة؟ لماذا ورد النهي عن مشاورة النساء؟

ء؟لماذا ورد النهي عن إطاعة النسا بأن المرأة شر؟: ما معنى القول





المرأة وقضاياها... قبس )١(تمهيد

قد محل ج البالغة نصوصا تتعلق باملرأة وقضاياها البد من حماولة استعراض بعضها بالبحث والتحقيق، ولكن البد وأن يعلم مسبقا بأن

كنها التعبري عن التعليقات والتحليالت والقراءات املوجودة عند الباحثني ال ميعمق وكنه الرؤية اإلسالمية جتاه هذا املوضوع، وال متثل إدراك املوقف الشمويل له، وإمنا حناول قدر املستطاع إعطاء الوجهة التقريبة لذلك على

ألقاها سماحة الشيخ أيوب بما أن هذه البحوث سلسلة من الدروس التي ) ١(

وهكذا في معهد النسائية في دمشق، ) قدس سره( في حوزة االمام الخميني الحائريفي نهج لمرأة وقضاياها حول ا ابحثناسب أن يخصص ،)عليها السالم(السيدة رقية

)الناشر. (بغية اطالع الطالبات على شؤونهن الخاصةالبالغة



٩٨ @ وقضاياها المرأة ...قبس

ضوء اخللفيات الثقافية اليت تعطيها النصوص، واليت تعطي بدورها الرؤيا ككل، وفيما يلي عرض لبعض املوضوعية لنظرة اإلسالم جتاه اإلنسان

. مستهجا ملوضوع املرأة وفسلجتهاحاالنصوص اليت يظهر منها طر

نقصان المرأةلعل الرواية األكثر جدال حول نقصان املرأة هي الرواية اليت تضمنتها

من ج البالغة، وهي األكثر صراحة يف هذا املعىن، حيث اخلطبة الثمانونإن النساء نواقص اإليمان ونواقص الحظوظ معاشر الناس، «: جاء فيها

ونواقص العقول، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصالة والصيام في أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل

من مواريث األنصاف الواحد، وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على .)١ (»الرجال

ة عن النيبوقد روى علماء السن k يف مصادرهم احلديثة ـ مثل ، . ما هو قريب من هذا النص)٢(سنن ابن ماجة ـ

وأيضا ورد يف كتاب الكايف صرحيا يف وصف املرأة بالنقص يف العقل، ما رأيت ضعيفات الدين وناقصات العقول أسلب لذي «: والضعف يف الدين

.٢١٤: ٦: شرح النهج البن أبي الحديد و.٨٠الخطبة ، ٦٣: نهج البالغة ) ١(

.٤٠٠٣، ح١٩، الباب ٢ج: سنن ابن ماجة، كتاب الفتن ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ٩٩

.)١ (»لب منكنملرأة، ما يرويه السيد عن ومما يوهم داللته على نقصان عقل ا

يف صدد ذم رجال تقاعسوا عن واجب اجلهاد ) ٢٧( يف اخلطبة j اإلماميا أشباه الرجال وال رجال، حلوم األطفال وعقول ربات « :j قال

.)٢ (»الحجال

عدم مشورة النساءإياك «: القولj ينسب السيد الرضي يف ج البالغة إىل اإلمام

إلى أفن، وعزمهن إلى وهن، واكفف عليهن ومشاورة النساء، فإن رأيهن .)٣ ( »..بأبصارهن بحجابك إياهن، فإن شدة الحجاب أبقى عليهن

، )٤(»من ال حيضره الفقيه«كما أورد احلديث كل من الصدوق يف كتاب

: ٧: الشيخ الطوسي في تهذيب األحكام: نورواه كل م. ١، ح٣٢٢: الكافي ) ١(

. ١١٧١، ح٢٤٧: ٣: ، والشيخ الصدوق في كتاب من ال يحضره الفقيه٦١٢، ح٤٠٤وفي معنى هذا الحديث بل أكثر صراحة، ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب من ال

.يحضره الفقيه

.٢٧الخطبة ، ٣٣: نهج البالغة ) ٢(

).»رض«أن الكتاب هو إلى محمد بن الحنفية يبدو (٣١الكتاب : نهج البالغة ) ٣(

.٢٧٥: ٤كتاب من ال يحضره الفقيه ) ٤(



١٠٠ @ وقضاياها المرأة ...قبس

أيضا، » وسائل الشيعة«، رواه احلر العاملي يف )١(»حبار األنوار«والسي يف ف، إضافة إىل أن مضمون هذه الرواية جاء يف بعض مع بعض االختال )٢(.النصوص األخرى

وظاهرها على ما يبدو يف الوهلة األوىل وبالنظر البسيط التحذير من مشاورة النساء، ملا وصف به رأي املرأة وعزمها من أفن ووهن، واألفن هو

، وعليه فاملرأة على هذه الرواية ال تتسم بالكمال )٣(النقص والضعف .والتمامية يف رأيها ومشورا

ال تهيجوا «: أيضا قولهj ينتقل السيد الرضي يف النهج عن اإلمامامرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم، فإنهن ضعاف القوى

، وهذه الرواية تعطي طابعا آخر يف املرأة، ورؤية )٤ ( »..واألنفس والعقولذلك أا تصف املرأة بالضعف على أصعب مما تضمنته الرواية األوىل،

مستوى القوى والنفس والعقل، ولعل هذا املعىن يوضح بشكل أكثر السبب يف .ترك مشورة النساء الوارد يف الرواية السابقة

).باب أحوال الرجال والنساء (٢٥٣: ١٠٠ بحار األنوار ) ١(

، وكذلك النهج يحتوي على ما يحوي ١٨٢: ٢٠ ، الوسائل٨، ح٥١٧: ٥الكافي ) ٢( .١٠٢الحكمة الرقم : دعم المفهوم في مواطن أخرى مثل

.الناقص: واألفين يعني» أفن«مادة : لسان العرب ) ٣(

.١٤الكتاب : نهج البالغة ) ٤(



قبسات من نهج البالغة? ١٠١

عدم إطاعة المرأةإن من أغرب ما جاء حول املرأة، ما قد يفهم منه أمر صريح بترك

إليه، فال ينبغي أن تطاع حىت يف املعروف، لو كانت املرأة هي الداعية املعروف، والنص املعتمد هنا هو ما ينقله السيد الرضي أيضا عن اإلمام

اتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على «: يف ج البالغةj علي .)١ (»حذر، وال تطيعوهن في المعروف حتى ال يطمعن في المنكر

والشرالمرأة يف j عن اإلمامما ينقله السيد املرأة اليت توهم ذمومن النصوص

المرأة «: قولهj وأيضا ورد عنه)٢ (»المرأة عقرب حلوة اللسبة« النهجاتقوا شرار النساء «: j ، وقوله)٣(»شر كلها وشر ما فيها أنه البد منها

وهذا يكشف عن أن املرأة مركز الشر ،)٤(» على حذرهنوكونوا من خيار .)٥(. الرجل حباجة إليهار أن الشوعنصره، وأن أعظم

.٨٠الخطبة ، ٦٣: نهج البالغة ) ١(

.١٥٨: ١٤مستدرك الوسائل ) ٢(

.٦٩: ١٩شرح نهج البالغة ) ٣(

.٥١٧: ٥الكافي ) ٤(

.٦١الكلمات القصار، الرقم : نهج البالغة ) ٥(



١٠٢ @ وقضاياها المرأة ...قبس

المحتوى العام للنصوصكتاب ج يف jالواردة عن اإلمام عليحاديث األهذه مجلة من

، ونسعى يف التحليل اآليت، إىل تقدمي صورة ختفف من الكتبا وغريهالبالغة .ما ميكن أن يطرأ على اإلنسان من استغراب، عند قراءة مثل هذه الروايات

j ة األولية ملا أسلفناه هنا من الروايات الواردة عن اإلمام عليوالنظر، توحي أن املرأة يف شخصيتها، تتصف بأفن يف رأي، ووهن يف عزمية، ونقص يف عقل، وعجز يف نفس، مما يربر بشكل طبيعي جدا، أن تكتمل

الرجال بضرورة االبتعاد عن مشاورا واحلث على خمالفةالنظر الصورة الذي هو من أقدس ) املعروف(رأيها، وإن كان ذلك الرأي مما يصدق عليه

وأهم املفردات اإلسالمية، ذلك أن إنسانا موصوفا مبا قد مر من خصال سيئة، وقابلة لإلفساد والتدمري املعنوي، من الواضح جتنبه، والسعي لعدم

.إشراكه يف شيء من تقرير احلياة: ناس، بل العلماء مما دفع م إىل أحد أمرينهذا ما تركز لدى بعض ال

إما القول بدونية املرأة وأنها إنسان من الدرجة الثانية ودون الرجل يف اجلانب اجلوهري، وإما االعتقاد بأن مثل هذه الروايات ضعيفة، وغري قابلة لالحتجاج العلمي واإلسناد املعريف، فيجب رفضها كليا، والقول األخري هو

ثر رواجا واعترافا يف األوساط املعاصرة على أقل تقدير، وإن كان عدد األكال بأس به يعبر عن إضعاف هذه النصوص حبذر وحيطة، ولكنه ال يغري من

.واقع املوقف شيئا كثريا



قبسات من نهج البالغة? ١٠٣

وفيما يلي نعرض بعض مفردات هذه الروايات، وجنيب عن تلك : التايل من التمهيدالتساؤالت باختصار وقبل الدخول يف البحث البد

قد يكون الشيء مذموما حسب شرائط وعلل وأسباب خارجية، وليست طبيعة الشيء قابلة للذم، مبعىن أن الذم فيه ليس ذما ذاتيا، وتوضيح ذلك أنه ربما ميدح أو يذم زمان أو مكان أو أشخاصا إثر وقائع تارخيية وحسب

أن طبيعة ذلك الزمان أو شرائط وعلل وأسباب خاصة، وهذا ليس معناه املكان أو الشخص قابلة للمدح والذم، بل ذلك املدح والذم عرض لتلك الطبيعة لعلل وأسباب وشرائط خاصة، ولذا فإن هذا املدح والذم ليس أبديا

أو بعض الروايات ) ج البالغة(أن يفارق تلك الطبيعة، وعليه فإذا رأينا يف ، فلعل ذلك من هذا القبيل، فالقضية يف هذه ذما لبعض األمكنة واألفراد

)١(.الروايات تصبح قضية شخصية أو خارجية، وليست قضية حقيقيةقد جاء إثر قضايا ) ج البالغة(فذم الكوفة وأهلها والبصرة وأهلها يف

بعد فراغه من j وحوادث تارخيية خاصة، وما جاء عن أمري املؤمنني

ن القضية الحقيقية هي ما ينصب الحكم فيها على طبيعة الفرق بين القضيتين، أ ) ١(

) الجن من النار(الشيء من دون مالحظة خصوصية أفراده الخارجية، فمثال لما نقول فالحكم عليهم بالنارية ناظر إلى طبيعة وحقيقة الجن، أما القضية الخارجية، فهي ما

ن يشمل الحكم لسائر أنصب الحكم فيها على مجموعة أفراد موجودة خارجا دون أ .األفراد



١٠٤ @ وقضاياها المرأة ...قبس

عاشر الناس، إن النساء نواقص اإليمان، م«: حرب اجلمل يذم فيه النساء من هذا القبيل، إذ ليس املقصود )١ ( »..نواقص الحظوظ، نواقص العقول

منه حتقري املرأة وانتقاصها مبا هي امرأة، وليس ناظرا إىل طبيعتها وواقعيتها، بل هلذا الذم أسباب وعلل وتفسري يلزم تبينه وتوضيحه على ضوء الكتاب

ل والواقع التارخيي، وهذا ما سنقوم به ضمن اإلجابة على والسنة والعق :املواضيع التالية

ما معىن نقصان إميان املرأة؟-١ حظ املرأة من اإلرث نصف حظ الرجل؟ملاذا -٢ ما معىن نقصان عقل املرأة؟-٣ النهي عن مشاورة النساء؟ورد ملاذا -٤ ملاذا ورد النهي عن إطاعة النساء؟-٥ بأن املرأة شر؟: القولـ ما معىن٦ ما معنى نقصان إيمان المرأة؟*

قضية نقصان إميان املرأة املعلل يف الرواية بقعودها عن الصالة والصيام حرمان مؤقت قابل : أيام احليض ال يعترب يف الواقع إنتقاصا للمرأة، ألنه أوال

.ألنه حكمة إهلية: للجرب، وثانيا

، تحقيق مؤسسة نهج البالغة الطبعة الثانية ٧٢، ص٧٩الخطبة : نهج البالغة ) ١(

.ق. هـ١٤١٦



قبسات من نهج البالغة? ١٠٥

كلف اإلنسان حسب طاقته واستعداده، ولذا نرى أن اهللا قد : توضيح ذلكأن تكاليف األنبياء واألوصياء ختتلف مع تكاليف سائر الناس، فمثال أداء

، ومستحبة مؤكدة على سائر k صالة الليل واجبة على الرسول .k املسلمني، ألن هذا التكليف ال يطيقه إال الرسول األعظم

ب عليها العبادة وتكون مكلفة قبل وعلى هذا األساس فإن املرأة جتوهذا يف احلقيقة يعد شرفا هلا للحضور بني يدي اهللا عز . الرجل بست سنني

وجل، وأما قعودها عن الصالة والصيام أيام عادا فال يدل على نقصان مرتلتها، ألنه ميكن جربان ذلك، أما الصيام فيقضى، وأما الصالة فإن املرأة

ا أيام احليض أن تتوضأ وجتلس يف حمراب صالا، وتشتغل بذكر يستحب هلاهللا تعاىل مبقدار الصالة الواجبة، كما أن املسافر إذا سبح التسبيحات األربعة

أضف إىل ذلك . ثالثني أو أربعني مرة جيرب بذلك نقصان الركعتني يف السفر وال يسلب منها توفيق أن املرأة اليائسة واحلامل ال جيرى عليهما هذا احلكم

العبادة، وعليه فاأليام اليت تكون فيها املرأة يائسة أو حامال مع السنوات الست اليت تكلف فيها املرأة قبل الرجل، كل هذه جابرة لأليام اليت حرمت

.فيها من العبادةأضف إىل ذلك أنه ميكن أن تكون هناك حكمة إهلية يف عدم إلزام املرأة

: يف الشرعية، وهي مراعاة حاهلا، ألن املرأة كما جاء يف احلديثببعض التكال



١٠٦ @ وقضاياها المرأة ...قبس

فمع هذا التوجيه والتوضيح للرواية، فال . )١(»ريحانة وليست بقهرمانة«يكون نقصان عبادة املرأة وإمياا، مبعىن ذمها وانتقاصها كما يفهمه البعض،

ت اإلنسانية، املرأة تستطيع أن تنال أعلى درجات اإلميان والكماالإن بل كما حيدثنا القرآن عن أم عيسى مرمي بنت عمران حيث كانت املالئكة يف

رزقها من اهللا تعاىل، وهذا يدل على ما بلغته من وتأتيها احملراب، حتدثها الدرجات العالية حىت أن نيب زماا قد احتار يف أمرها، وأمر طعامها الغري

: الكرمي عن آسية امرأة فرعون اليت قالتاملعهود أوانه، وهكذا حيدثنا القرآن

)ا)٢فإن هذا إمنا يدل على صالبة إميا ،. أا وصلت ، وكيف j وحيدثنا التاريخ اإلسالمي عن خدجية الكربى

إىل مراتب الكمال العرفاين، وكذا حيدثنا التاريخ عن الصديقة الكربى فاطمة أا بلغت درجة من الكمال مل يبلغها أي رجل من الرجال عدا h الزهراء

ووصلت إىل مرتبة احلجية j واإلمام أمري املؤمننيk الرسول األعظم . ، ومقام االصطفاءb كسائر أبناءها املعصومني

و كان النساء كمن ذكرنافل

لفضلت النساء على الرجال فال التأنيث السم الشمس عيب

وال التذكير فخر للهالل

.١٠٧: ٦شرح نهج البالغة ) ١(

.١١: التحريم ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ١٠٧

وميكن القول بأن مقدمات السلوك اإلمياين، وقبليات الوصول إىل القرب اإلهلي واحلصول على ملكة التقوى يف كثري من النساء أقوى من الرجال،

ختزنة يف نفوسهن وسرعة تأثرهن وتغريهن وذلك لشدة العواطف املوانفعاهلن مبجالس الوعظ والعزاء والذكر والتوسل وقراءة القرآن واحملاضرات األخالقية والدينية والعقائدية، فهذه األمور يف املرأة تؤهلها وجتعلها أكثر

.وصوال إىل احلق والقرب اإلهلي، واالنقطاع إىل اهللا تعاىل الظاهر من نصوص القرآن الكرمي الذي يوجه وعلى ما ذكرناه فإن

اخلطاب إىل املرأة كالرجل بأن األفضل عند اهللا هو األتقى، كما يف قوله : تعاىل

فاألتقى هو الذي يبلغ ،مقام التكرمي سواء كان رجال أو امرأة، وهذا يكشف عن أن استعدادات املرأة لبلوغ هذه املرتبة على حد سواء مع استعدادات الرجل، وأن قعودها عن بعض العبادات ال مينع من حتقيق هذه الكرامة اإلهلية، وإال ملا ناسب مشوهلا

ذكور، ما دام هناك معوقات تسلب توفيقها هلذه الدرجة، حبيث يف اخلطاب امل .دائما يكون الرجل حمققا لألتقى

وبعد هذا البد وأن نفهم هذا البيان لنقصان إميان املرأة على ضوء هذه اآلية وسائر النصوص األخرى املتوجهة إىل اإلنسان مبعزل عن كونه رجال

:ت لفهمهاأم امرأة، وهلذا فيمكننا عرض احتماالأن يكون املقصود من نقص اإلميان جمرد ترك أفعال : االحتمال األول



١٠٨ @ وقضاياها المرأة ...قبس

اإلميان على مستوى السلوك، دومنا تأثري النقص على الكماالت اليت استحصلتها من سلوكها العبادي الذي كانت متارسه يف غري أيام عذرها، كما

ن فهم ذلك من العلة ال يؤثر هذا النقص على ملكاا اإلميانية القلبية، وميكاليت ذكرها األمري لنقص األميان، وذلك باجلمود على ألفاظها، وذا ال يكون اخلطاب لبيان انتقاص املرأة، بل لبيان حقيقتها وواقعها، وهذا املقدار من

.النقص مما ال ينكره أحد حىت املرأة نفسهان أمري املؤمنني، أن يكون املراد النظر إىل املرأة يف زم: االحتمال الثاين

وأن هذا النقص من اإلميان يؤثر عليها يف سلب الكماالت عنها، وال ينظر إىل حقيقة املرأة بشكل عام كما بينا من أن ملحوظ أمري املؤمنني احلالة

.بشكل عاماملرأة اخلارجية للمرأة دومنا النظر إىل حقيقية .وهناك احتماالت أخرى غريها

اإلرث نصف حظ الرجل؟لماذا حظ المرأة من* : قال تعاىل

)١(. والسبب يف حتديد اإلسالم سهم املرأة وجعله نصف سهم الرجل، هو الوضع اخلاص للمرأة من حيث املهر والنفقة وبعض القوانني اجلزائية وغري

.١١: النساء ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ١٠٩

سالم املهر شرطا يف العقد، وأوجب النفقة على الرجل ذلك، وملا جعل اإلورفعها عن ذمة املرأة، وفرضهما على الرجل أراد أن جيرب ذلك عن طريق اإلرث فجعل سهم الرجل ضعف سهم املرأة وهذا املعىن قريب من اجلواب

البن أيب العوجاء حني اعترض على اإلسالم، j الذي قاله اإلمام الصادقوق يف علل الشرائع بسنده عن هشام بن سامل عن األحوال، فقد روى الصد

ة الضعيفة هلا سهم واحد، وللرجل أقال يل ابن أيب العوجاء ما بال املر«: قالعلى : فقالj فذكرت ذلك للصادق: القوي املوسر سهمان؟ قال األحول

وليس هذا عليها، فلذلك : الرجال النفقة والعاقلة واجلهاد، وعد غريها وقال .»جعل له سهمان وهلا سهم

ألي علة j قلت للصادق«وروى فيه بسنده عن عبد اهللا بن سنان قال جعل لها من لما: j صار الميراث للذكر مثل حظ االنثيين؟ قال

.)١(»الصداق مبسائل j وروى فيه بسنده عن حممد بن سنان أنه كتب إىل الرضا

ء النساء نصف ما علة إعطا«: فكتب إليه فيما كتب من جواب مسائلهيعطى الرجال من الميراث، ألن المرأة إذا تزوجت أخذت، وأعطاها الرجل، فلذلك وفر عليه، وألن األنثى في عيال الذكر إن احتاجت فعليه أن يعولها وعليه نفقتها، وليس على المرأة أن تعول الرجل، وإن احتاج فال تؤخذ هي

.٣٢٧: ١٠١بحار األنوار ) ١(



١١٠ @ وقضاياها المرأة ...قبس

.)١(»بنفقته فلذلك وفر عليهملرأة ثلث الثروة املوروثة لتنفقها على نفسها، ويأخذ الرجل إذن تأخذ ا

ثلثي الثروة لينفقها أوال على زوجته، أي على املرأة، وثانيا على أسرته فأيهما يصيب أكثر من اآلخر مبنطق احلساب واألرقام؟ فهل بقيت بعد ذلك

امتياز شبهة يف القدر احلقيقي الذي تناله املرأة من جمموع الثروة، وهل هوحقيقي يف حساب االقتصاد أ يكون للرجل مثل حظ األنثيني، وهو مكلف

!مبا ال تتكلفه األنثى؟على أن هذه النسبة إمنا تكون يف املال املوروث بال تعب، فهو يقسم

» لكل حسب حاجته«: حسب أعدل قانون وصلت إليه البشرية اليوم وهورأة ألنه يتبع مقياسا آخر هو أما املال املكتسب فال فرق بني الرجل وامل

املساواة بني اجلهد واجلزاء قال تعاىل )٢(.

هذا ويف كثري من الفروض يتساوى الرجل واملرأة يف اإلرث منها أن املرأة والرجل من أقرباء األبوين يتساويان يف اإلرث وهو السدس، ومنها أن

.األم يتساويان يف اإلرث

.٩٥: ٢٦وسائل الشيعة ) ١(

.٣٢: النساء ) ٢(



قبسات من نهج البالغة? ١١١

إذن فال ينبغي أن يتوهم وجود أي ظلم وإهانة يف مسألة تقسيم اإلرث ، : بني الذكر واألنثى، وليس معىن قوله تعاىل

، أن قيمة املرأة هي نصف »النساء ناقصات الحظوظ«: j وقول اإلمام .يمة الرجل يف حساب اإلسالم، كما يفهمه العوام ويقوله أعداء اإلسالمق

ما معنى نقصان عقل المرأة؟* ، الشرعية املعتربةالنصوص ويف ضوء قراءة تارخيية للتجارب املوجودة

املتعلقة بالتاريخ املعاصر هلذه النصوص،، مجيعها ال تؤيد اعتبار أن املرأة أقل ك العقل، حيث أن شخصيات تارخيية من النساء حظا من الرجل يف امتال

استطعن إثبات عكس ذلك، وهذا حبد ذاته شهادة تارخيية على أن الظروف مؤاتية ومناسبة للمرأة لكي تثبت غري الذي ذكر، إىل جانبه توافر مناذج

أقوى دليل، على امتناع وصف املرأة ووهنسائية، هي قمة يف العقل والتعقل يف حق نقصان العقل، إصدار حكم وعدم صحةاخلصوصيةكجنس كلي ذه

كل النساء، واملسألة تبقى منحصرة يف إطار البعض، ليس باعتبارهن نساء، . سنوضحهولكن باعتبارهن موصوفات أحيانا بأوصاف خاصة، وهذا ما

إن نقصان العقل، يف حال ثبوته، ال يطرأ على املرأة كجنس من اإلنسان يف )١(لعاطفية واحلساسية، حسب تعبري السيد الطباطبائيله خصوصياته ا

.٢٤٦: ٢ زان في تفسير القرآنالمي ) ١(



١١٢ @ وقضاياها المرأة ...قبس

من ٢٤٣ إىل ٢٢٨معرض حديثه عن هذا املوضوع ويف تفسري اآليات .سورة البقرة

وال شك أن مثل هذا التقلب واالهتزاز قد حيصل بفعل وجود مسببات وعلل خاصة من شأا عرقلة عملية اإلدراك، أو اخلضوع له والرتول عنده،

مبا تتصف به يف حاالت كثرية، تتعلقألة ال تتعلق باملرأة فقط، إمنا واملستتجاوز ما يصاب به الرجل من حاالت اهليجان والثوران يف العاطفة اإلنسانية املقدسة، واألمر القابل للتبين، ليس أكثر من قبول أن أكثر النساء

ت تأثري يقعن حت)وليس كل احلاالت( يف أكثر احلاالت )وليس كل النساء(العاطفة الشديدة واإلحساس القوي وضغطهما أشد من أكثر الرجال، ألن بعض النساء قد ال يتأثرن ذا املستوى، وبعض الرجال، من جهة أخرى قد يتأثرون مبشهد عاطفي فيسقطون عنده، ويصبحون غري قادرين على أي

إن كان وهذه االستثناءات كافية لتدل على أن احلكم و... انطالق عقليغالبيا، لكنه ال عالقة بينه وبني النساء كجنس أو الرجال كجنس، إنما العالقة بني اإلحساس والعاطفة اللذين إذا اشتدا يف اإلنسان مطلقا عرقال

.العملية العقلية يف تلك اللحظات واحلاالت فحسبنقص اجلرائم الكبرية اليت يرتكبها الرجال يف حاالت كثرية، منها ما يقع ل

عقل فاعليها يف حلظة االرتكاب كسبب أساسي، فمن الطبيعي أن يتأثر اإلنسان بعواطفه، فيتعثر يف قراره، وال أظن أننا يف حاجة إىل إثبات وجود



قبسات من نهج البالغة? ١١٣

عالقة بني التصرف الالعقالئي الشاذ، وبني تالطم الوضعية العاطفية وحترك .العاطفة النفسية سلبا أو إجيابا

ية هنا؛ هي إثبات أن املسألة غري مرتبطة باملرأة؛ مبا هي والنقطة اجلوهرمما يؤثر يف لديها، الرقيق امرأة، وإنما ترتبط بشدة العاطفة واإلحساس

مما يؤخرها عن الرجل يف وهذا أخذ القرار العامل والصائب عادتا إمكانيةحلظة حرجة وصعبة تنطوي على مشاهد عاطفية كبرية، قد تسبب جتريح

طفة املرأة وخدشها، مما جيعل الرجل أكثر صالحية يف هذه احلاالت عا .الصعبة، واملقتضية للخشونة، واملواجهة والعنف، وسيطرة القدرة

ن شهوة الرجل وإعجابه بنفسه يسلبان إمكانية التعقل لديه كما أإعجاب « :j ولذا فقد جاء عن علي والتأمل، وأخذ القرار الصائب متاما

.)٢(»ال عقل مع شهوة«: ويف آخر، )١(»ه دليل على ضعف عقلهالمرء بنفسإن أكثر الرجال يف تأمني العيش واحلماية واملواجهة أشد أهلية وتالؤما من أكثر النساء، وهن أكثر إطاعة للحب والعاطفة والعشق باجتاه اخلري وأشد

وتربية ادارة البيت انسجاما يف طباعهن مع حتمل الشدائد والصعاب يف سبيل ولعل قول يسكن إليها، لالنفسية والروحية الرجل األوالد وتأمني متطلبات

.٧٢: ٢٠شرح نهج البالغة ) ١(

.٦٥: غرر الحكم ) ٢(



١١٤ @ وقضاياها المرأة ...قبس

: يقولحيث يف ج البالغة يشري إىل طبيعة هذا الدور، j اإلمام علي .)١(»المرأة ريحانة وليست بقهرمانة«

إن النساء نواقص «: منj ولعل املراد من كالم أمري املؤمنني من سورة البقرة، ٢٨٣اكرة كما يستفاد من آية ، هو نقصان الذ)٢(»العقول

لنقصان عقل النساء، j والدليل على ذلك هو التعليل الذي يذكره اإلمام: وهو كون شهادة املرأتني كشهادة رجل واحد، ولقد علل القرآن ذلك بقوله

)ل ، والضالل هنا يقاب)٣الضالل عن التذكر، يعين النسيان، كما نص عليه : التذكر، فهو خيالفه أي

الطوسي يف التبيان، والطربسي يف جممع البيان، والفخر الرازي يف التفسري .الكبري

وسواء كان نقصان عقل املرأة مبعىن قلة التعقل بسبب العاطفة، أو مبعىن ة للمرأة، بل هو بيان حلقيقة ينبغي النقصان يف الذاكرة فهو ليس انتقاصا ومذم

أن يتعرف عليها كل من الرجل واملرأة لكي يعرف كل منهما الدور الذي .ينبغي أن يقوم به يف احلياة الزوجية ويف اتمع

.١٠٧: ٦شرح نهج البالغة ) ١(

.٧٩نهج البالغة، الخطبة ) ٢(

.٢٨٢ :البقرة ) ٣(



قبسات من نهج البالغة? ١١٥

على ضوء اآليات والروايات والعلم والتجربة البد من :النتيجةف أن هذا التفاوت حيصل التسليم، بأن هناك تفاوتا بني عقل الرجل واملرأة إال

بسبب األمور العارضة هلا ال بسبب خلقتها، فليس كل امرأة فيها هذا النقص سيما يف وهذا ما حتتاجه يف حياا والتفاوت، وإن كان هو الغالب فيها

التربوية، وهذا ال يعد انتقاصا وذما للمرأة الزوجية واألمور التعليمية واألمور هو مبقتضى املصلحة اإلهلية للمرأة والرجل، وكيان كما يتصوره البعض، بل

.األسرة واتمعفالرجل حيتاج إىل عاطفة املرأة واملرأة، حتتاج إىل عقل الرجل وتدبريه،

بسبب العاطفة ) إذا صح التعبري بالنقص(وبعبارة أخرى نقصان عقل املرأة ملرأة، فكل واإلحساس، يتم بعقل الرجل، ونقصان عاطفة الرجل يتم بعاطفة ا

.وبذلك حيصل االطمئنان والسكون املطلوب يف األسرة. منهما مكمل لآلخر.)١(: قال تعاىل

لماذا ورد النهي عن مشاورة النساء؟* إن وجود النصوص من األحاديث اليت حتث على عدم مشاورة النساء يف

ال متثل ختصيص الرجل باألمر الشرعي يف آيات -شك دون –رأيهن، وهي القرآن الكرمي والسنة الشريفة باملشاورة، واملشاركة يف عقول الناس مما يعين

.١٨٧ :البقرة ) ١(



١١٦ @ وقضاياها المرأة ...قبس

بكل يقني أن ما جاء يف هذا الصدد يرمي إىل جتنيب الرأي الصائب من التأثر باحلالت العاطفية القوية القابضة على كيان املرأة وشخصيتها فيمتنع أن

! .يكون السبب فيها أن املرأة كائن إنساين ناقص يف عقله ال ينبغي مشاورتهال أشك يف أا ـ إن صحت ـ فإا تشري إىل حاالت خاصة تطرأ على املرأة كثريا لكنها غري داخلة يف اجلوهر، وال تدل على دونية املرأة يف احلالة

.العادية يف القدرة على التعقل النساء ال يعين إال عدم إدخال العواطف إن النهي عن مشاورة

واالحساسات الشخصية للمرأة يف اختاذ القرار يف املسائل احليوية واألعمال املهمة، سواء كانت مرتبطة باألسرة أو باتمع كما جيب على الرجل أيضا أن ال يسلط عواطفه وأحاسيسه على عقله وتفكريه، واملرأة ملا كانت عواطفها

ا غالبا تغلب على عقلها، فالروايات ال تنهى عن مشاورة النساء وأحاسيسه: بصورة مطلقة، ومع أي امرأة كانت، ألن هذا ينايف قوله تعاىل

)إذ يدل على عموم املشاورة مع الرجال والنساء، ومل يثبت )١ ، .التخصيص بالرجال

سن املشاورة مع بعض النساء ال أضف إىل ذلك أن هناك ما يدل على حوخصوصا يف األمور اليت ختص النساء سيما املرأة اليت جربت بكمال العقل،

.٣٨ :الشورى ) ١(



قبسات من نهج البالغة? ١١٧

والقضايا الزوجية وما يتعلق باألسرة وتربية األوالد وتدبري املرتل واملعيشة . فيهايكون للمرأة دورا ورأياأن مع الزوج وغريها من األمور اليت ينبغي

إياك ومشاورة النساء إال من «: أنه قالj مام عليروى عن اإللقد حق على العاقل أن يضيف إلى رأيه «: j ، وقال)١(»جربت بكمال عقل

، ونقل أنه كان رسول )٢(»رأي العقالء ويضم إلى علمه علوم الحكماء يأخذا بآراء النساء ويشاورهن من ذلك ففي أثناء صلح احلديبية k اهللا

عليه واتبعه فقد كانت أم k وافقها النيب األكرماقترحت أم سلمة اقتراحاسلمة ـ زوجته ـ معه يف أثناء صلح احلديبية، فدخل خيمتها وكان غاضبا

يا رسول اهللا ما بك فقال أمره «: غضبا شديدا فنهضت إليه وخاطبتهلقد أمرت الناس مرارا أن ينحروا قرابينهم، وقص شعورهم وحيلوا !! عجيب

يستجب ألمري أحد، ومل يطيعوين مع أم مسعوا قويل وهم إحرامهم فلم .»ينظرون إيل

يا رسول اهللا، قم واحنر قربانك وسيتبعك الناس «: فقالت أم سلمة السكني، وساق هديه، وحني رأي الناس ما k ، فتناول الرسول»حتما

.٢٥٣: ١٠٠بحار األنوار ) ١(

.٥٥: غرر الحكم ) ٢(



١١٨ @ وقضاياها المرأة ...قبس

أقبلوا على هديهم ينحروا، فلو كانت مشورة النساء k يفعله رسول اهللا . مبشورة زوجتهk ومة ملا قبل النيبمذم لماذا ورد النهي عن إطاعة النساء؟*

إن ما نقلناه من النهي عن ترك إطاعة املرأة يف املعروف فضال عن املنكر، وإن كان غريبا من نوعه ولكن ميكننا حله بتخفيف اجلزمية يف داللة ألفاظ

ة املعروف، مثال حيث إن احلديث، ومعرفة الوجوه املتكثرة اليت تتحملها كلماألمر باملعروف واجب شرعي دون تدخل اآلمر باملعروف يف امتثال اإلنسان له فمجرد ثبوت املعروف يوجب على العارف به، واملأمور به أن يطيع ذلك

يف j أما املعروف املطلوب خمالفته، أو عدم إطاعته يف كالم اإلمام عليق املعروف الشرعي الواجب امتثاله حالة تأكد النقل فإنه خارج عن نطا

قطعا، فاملراد من احلديث هو املعروف العريف الرائج يف اتمع فال بأس بإطاعة الرجل للمرأة فيه، ولكن ال ينبغي للرجل أن يكثر من اإلطاعة للمرأة يف هذا النوع من املعروف حبيث تستغل كثرة هذه اإلطاعة من الرجل

يف مجيع متطلباا، ولو اقتضى ذلك ارتكاب املنكر، فتطمع بإطاعة الرجل هلا ولذا نرى هناك روايات كثرية عن إطاعة املرأة، وال شك يف أن املراد من تلك الروايات إطاعتها باألمور اليت ختالف الشرع والعقل اليت يكون منشؤها غالبا العواطف واالحساسات والتعلقات اإلنسانية واليت متنع من اختاذ تصميم



قبسات من نهج البالغة? ١١٩

من أطاع امرأته « k ، منها ما جاء عن رسول اهللاسليم وصائبوقرار ....... تطلب منه: أكبه اهللا على وجهه في النار فقيل ما تلك الطاعة؟ قال

.)١(»الثياب الرقاق فيجيبها ما معنى القول بأن المرأة شر؟*

بعض ما يظهر منه نسبة الشر إىل املرأة، كما j ورد عن أمري املؤمنني وغريه، وهذه »المرأة شر وشر ما فيها أنه البد منها«: j يف قوله

لمت من االشكال يف سالروايات، البد من النظر فيها لفهم داللتها، هذا إذا وقبل ال تقف أمام البحث السندي هذه األخبار بعض سندها، حيث أن

.اخلوض يف معىن اخلري والشر وأنواعه ال بد من متهيد

:تمهید، ألن الوجود إما أنه هو اهللا عز أن الوجود كله خريإىلسالم ينظر اإل

ونستطيع أن نستكشف هذه احلقيقة من . وجل وإما أنه خملوقاته، وكلها خري: خالل اجلمع بني آيتني كرميتني، حيث يقول تعاىل

. . فما عدا اهللا سبحانه من سائر املوجودات خملوقة هللا تعاىل

.٢٥٣: ١٠٣بحار األنوار ) ١( .١٦: الرعد ٢



١٢٠ @ وقضاياها المرأة ...قبس

: ويف آية أخرى يقول تعاىلحيث تؤكد هذه اآلية الشريفة على أن كل ما خلقه اهللا فقد خلقه حسنا

.إذن كل املوجودات هي حسنة وخري. وخريا

أنواع الخير والشر :إن اخلري والشر على حنوين

أما اخلري املطلق فهو الوجود . طلق اخلري املطلق والشر امل:النحو األولوأما الشر املطلق فهو العدم . الغري متناهي، وهو وجود اهللا سبحانه وتعاىل

.املطلق، وهذا غري متحقق يف اخلارج أصالأما اخلري النسيب فهو الوجود، . اخلري النسيب والشر النسيب:النحو الثاني

مثال وجود . جود احملدوداحملدود وكذلك الشر النسيب فهو ينطبق على الواإلنسان مبا إنه حمدود فخريه نسيب وشره نسيب، ومثال الشر النسيب وجود الشيطان، فبما إنه موجود حي خمتار فهو خري، ألنه من خملوقات اهللا، ومبا أنه

والصدق أيضا كذلك فهو . قد عصى أوامر اهللا سبحانه باختياره فهو شررى يتصف بالشر كما لو كان يترتب على يتصف باخلري، ولكن يف ظروف أخ

الصدق مفسدة كبرية، مثل ما لو كان مستلزما لقتل مؤمن، كما أن الكذب يتصف بالشر، ولكن يف ظروف أخرى يتصف باخلري كما لو كان يترتب عليه

.٧: السجدة ١



قبسات من نهج البالغة? ١٢١

مصلحة معينة، كاإلصالح بني املؤمنني، أو إنقاذ حياة مؤمن، وأيضا هناك من جهة أخرى شر، كما يف احلشرات فإن موجودات هي من جهة خري و

وجودها من جهة اإلنسان شر، ولكن لنفسها خري، وهذا ما يطلق عليه املوجودات والصفات املتصفة باخلري والشر باعتبار اجلهات أو اخلري والشر

.اإلضايفواآلن هل وجود املرأة واتصافه باخلري أو الشر من النحو األول أو

ا أن املرأة كالرجل يف أن اتصافهما باخلري أو الشر الثاين؟ من الواضح جدنسيب بلحاظ الظروف واجلهات، فإذا كان وجودمها ألجل اهللا تعاىل، واتصفا باإلميان والتقوى والعطاء فوجودمها خري، وأما إذا ارتكبا املعاصي والطغيان والتمرد وخلع زي العبودية فيتصف وجودمها بالشر، من دون أدىن فرق بني

الرجل واملرأة، وأما اتصاف املرأة بالشر حمضا فليس بصحيح وال واقع، وما ورد يف بعض النصوص من وصف املرأة بالشر فهي روايات غري ناظرة إىل ذاا وواقع وجودها، بل بلحاظ االفتتان ا والتعلق ا الذي قد يصل إىل

بعض درجة تبعد اإلنسان عن ربه وعن عشق خالقه، ومن هنا عطف ؛ إذ هذه )وشر ما فيها أنه ال بد منها(: النصوص الذاكرة لشر املرأة القول

الالبدية ليست ذاتية يف املرأة، وإمنا هو وجه من وجوه التعلق واالرتباط ا، فإن كل موجود ال يستلزم بالنظر إىل ذاته أنه ال بد من احلاجة إليه بل

ـ على فرض صدوره ـ احلاجة إليه تكون من جهة عارضة عليه، فالنص



١٢٢ @ وقضاياها المرأة ...قبس

بل يف أمور ناظر إىل هذه اجلهة، ال إىل أن املرأة شر من كل اجلهاتوظروف خاصة وخصوصيات وصفات تطرأ على املرأة كسائر املوضوعات

قنا حوهلا، واهللا هو العامل حبقائق األموراليت تطر.. نس هذه الروايات ال ميكن أن يكون املقصود منها جميكن القول بأن إذن

إن اإلنسان : (املرأة وإمنا صدرت على حنو الغالب، على حنو قوله تعاىلفاملرأة اليت وهبها اهللا . أي جاحد وكافر، مع أنه ليس كل إنسان كافرا) لكفور

Jالعاطفة القوية إذا هي انساقت وراءها كما حدث لبعض زوجات النيب والفساد، فتصري شرا، ألا كابقني، فإا توردها موارد اهلالواألنبياء الس

غلبت مهها الدنيوي على مهها األخروي، فهي املقصودة يف مثل هذه .الروايات، وال تنايف بينها وبني الواقع

ولذا نرى بأن املرأة إذا كبحت مجاح عاطفتها، وسارت وفق موازين ك ولذل. عقلها، كانت مؤمنة فاضلة، بل فاقت الكثريين من الرجال يف الفضل

من األولني، يف B آمنوا امرأة فرعون والسيدة مرميضرب اهللا مثال للذين . من اآلخرينCمقابل السيدة خدجية والزهراء

وبهذا يتم ما أردنا تحريره من سلسلة هذه البحوث، وأسأل اهللا تعالى أن يوفقنا لكتابة سائر بحوث نهج البالغة، كما اسأله أن ينفع فيه االخوة

يجعله خالصا لوجه الكريم، وينفعني به يوم ال ينفع مال وال واألخوات، وأن .بنون إال من أتى اهللا بقلب سليم

.والحمد هللا رب العالمين وصلى اهللا على محمد وآله الطاهرين

هـ١٤٢٤ ذي الحجة ١٨ ذكرى عيد الغدير المبارك دمشق ـ أيوب الحائري



المصادر القرآن الكرمي مفاتيح اجلنان

ج البالغة ابن أيب احلديد/ شرح ج البالغة حممد عبده/ شرح ج البالغة

مطهري/ يف رحاب ج البالغة حسن زاده اآلملي/ اإلنسان الكامل يف ج البالغة

اآلمدي التميمي/ غرر احلكم مصطفى دراييت/ تصنيف غرر احلكم

الكليين/ أصول الكايف الشيخ الصدوق/ اخلصال



١٢٤ @ المصادر

العالمة السي/حبار األنوار حممد الريشهري/ ميزان احلكمة

حممد الريشهري/ منتخب ميزان احلكمة ابن ماجة/ سنن ابن ماجة

سيد حمسن األمني/ أعيان الشيعة الشيخ الطهراين/ الذريعة إىل تصانيف الشيعة

املسعودي/ مروج الذهب اجلاحظ/ البيان والتبيني

الطربسي/ التبيان باطبائيالعالمة الط/ امليزان

فخر الرازي/ التفسري الكبري ابن منظور/ لسان العرب

ديوان صفي الدين احللي أيوب احلائري/ عشرون سؤاال وشبهة حول املرأة



الفهرس : الدكتور الشيخ نبيل الحلباوي:تقديم

: مقدمة المؤلف ٩ عامة في نهج البالغةنظرة : المدخل

٩ :البالغة نهج كتاب :أوال ١١ :البالغة نهج مصادر :ثانيا ١٣ :البالغة نهج و الرضي السيد :ثالثا ١٦ الرضي؟ السيد قبل j المؤمنين أمير كلمات جمع من :رابعا ١٩ البالغة نهج كتاب بعد المؤمنين أمير لكالم المؤلفات :خامسا ٢٢ وترجماته البالغة نهج وشرح حفظ :سادسا ٢٣ والعلماء االدباء عند البالغة نهج :سابعا ٢٨ j علي اإلمام كلمات مميزات :ثامنا ٣٣ البالغة نهج ومباحث مواضيع أهم :تاسعا

٣٧ عالقة اإلنسان بربه. ..قبس ٣٨ وفضلها اهللا معرفة :األولى ٤١ سبحانه اهللا طاعة :الثانية



١٢٦ @ الفهرس

٤٣ وجل عز اهللا عبادة :الثالثة ٤٤ البالغة نهج في العبادة ٤٦ بالدعاء اهللا عبادة

٥١ عالقة اإلنسان بنفسه... قبس ٥٣ وإصالحها النفس جهاد ٥٥ النفس جهاد كيفية

٥٥ ومحاسبتها النفس مراقبة :أوال ٥٦ النفس مجاهدة :ثانيا ٥٨ والعبادة الطاعة على النفس تعويد :ثالثا ٥٩ البر وأعمال التقوى على النفس ترويض :رابعا ٦٠ األمل وطول الهوى اتباع ترك :خامسا ٦٠ عنها والعزوف الدنيا اجتناب :سادسا ٦١ النفس على التصعيب :سابعا ٦١ الدنيا أبناء مخالطة ترك :ثامنا ٦١ المعيشة في واالقتصاد القناعة :تاسعا ٦٢ الجوارح ترويض :عاشرا

٦٧ خرينعالقة اإلنسان مع اآل... قبس ٦٨ اإلنسانية العالقات أخالقيات ٦٩ الخاصة العالقات :األولى المرحلة

٧٠ أرحامه مع اإلنسان عالقة ٧١ العائلة أفراد بين المتبادلة العالقة ٧١ والمرأة للرجل نصائح




٧٣ وأوالدهم الوالدين بين المتبادلة الحقوق ٧٤ الصغر في والتأديب التربية

٧٥ :هامة مالحظة ٧٧ العامة االجتماعية العالقات :الثانية المرحلة

٧٧ بالجار الجار عالقة :األولى ٧٨ المسلمين بأمور ماماالهت :الثانية ٧٨ المسلمين بغير المسلم عالقة :الثالثة

٨٣ التقوى وصفات المتقين... قبس ٨٣ واصطالحا لغة التقوى ٨٤ البالغة نهج في التقوى ٨٦ واآلخرة الدنيا في التقوى آثار

٨٢ الضيق من خروج بالتقوى ٨٣ األرزاق تدر بالتقوى ٨٣ األعمال تقبل بالتقوى ٨٥ تعالى اهللا كرامة تنال بالتقوى ٨٥ اهللا رحمة تنال بالتقوى ٨٥ الجنة اإلنسان ينال بالتقوى

٩٠ المتقين صفات في المؤمنين أمير كالم ٩٧ المرأة وقضاياها... قبس

٩٧ تمهيد ٩٨ المرأة نقصان ٩٩ النساء مشورة عدم



١٢٨ @ الفهرس

١٠١ المرأة إطاعة عدم ١٠١ والشر المرأة

١٠٢ للنصوص العام المحتوى ١٠٤ المرأة؟ إيمان نقصان معنى ما

١٠٨ الرجل؟ حظ نصف اإلرث من المرأة حظ لماذا ١١١ المرأة؟ عقل نقصان معنى ما

١١٥ النساء؟ مشاورة عن النهي ورد لماذا ١١٨ النساء؟ إطاعة عن النهي ورد لماذا

١١٩ شر؟ المرأة بأن القول معنى ما ١٢٣ المصادر ١٢٥ الفهرس



Documents

قبسات من نهج البلاغة · j ( ١) ﺔـﻴﻧﺎﻤﺣﺭ ﺕﺎـﻴﻠﺠﺗ ﻦـﻣ ﹰﺎ ﻀـﻌﺑ ﺔـﻤﻳﺮﻜﻟﺍ ﺕﺎـﻳﻵﺍ ﻩﺬﻫ ﺽﺮﻌﺘﺴﻧ